المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما جاء في الوليمة وما يكره من السماع فيها - فرح الأسماع برخص السماع

[الشاذلي التونسي]

الفصل: ‌ما جاء في الوليمة وما يكره من السماع فيها

‌الملاحق

‌رقم واحد

‌ما جاء في الوليمة وما يكره من السماع فيها

سألت يحيى بن عمر عن الرجل يدعى إلى العرس، وهي الوليمة أو الختان، أو إلى صنيع، فيسمع فيه صوت بوق أو ضرب كبر أو ضرب مزهر أو ضرب عود أو طنبور، أو يعلم أن فيه شرابا مسكرا، هل ترى له أن يجيب إذا دعي؟ قال يحيى: ليس على الناس أن يجيبوا إلا إلى الوليمة، وفيها جاء الحديث. فإن جاء إلى وليمة وكان فيها ما ذكرت، فأما الكبر والمزهر والمدور فقد سهل فيه في العرس ولا بأس أن يجيب إليها، وأما غير هذا مما ذكرت مثل البوق والطنبور والعود فلا يجيب. وسألته عمن استرعاه الله رعية إذا سمع في هذا العرس اللهو: مثل البوق والكبر والمزهر أو يسمعه في دار غير دار العرس والاختان، هل يغيره أيضا؟ وهل ترى العود والطنبور مثله؟ قال يحيى: أرى أن ينهى عن ذلك كله إلا أن يكون في عرس فقد بينته قبل هذا فيما ينهى عنه، وما سهل فيه أهل العلم.

وما تقول في هذه الرواية التي أخبرك بها عبيد الله بن معاوية التي في سماع أصبغ بن الفرج، قال أصبغ: سمعت ابن القاسم يقول: وسئل عن الرجل يدعى إلى صنيع فيجد فيه لعبا أيدخل؟ قال: إن كان الشيء الخفيف والدف والكبر والشيء الذي يلعب به النساء فلا أرى به بأسا. وذكر عن مالك في الدف والكبر أنه لا بأس بهما، قال أصبغ: يعني في العرس خاصة، للنساء وإظهار العرس به، وقد أخبرني عيسى بن يونس عن خالد بن الياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أظهروا النكاح وأضربوا عليه بالغربال. يعني الدف المدور، وقال أصبغ: لا يعجبني المزهر، وهو الدف المركن.

ص: 97

وأحب إلي أن لا يكون مع الدف غيره، وهو الذي مضت به الرخصة في الزمان الأول في العرس، وإن ضرب معه بالكبر فلا بأس به، ولا يجوز معهما غيرهما، ولا يجوز الغناء على حال فيه ولا في غيره، وقد أخبرنا ابن وهب عن الليث بن سعد، حدثه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى البلدان أن يقطع اللهو كله إلا الدف وحده في العرس. قال يحيى: هذا رأيي وبه آخذ. وسئل سحنون عن طعام الوليمة يدعى لها الرجل، أيجيب؟ قال سحنون: أما إذا كان فيها اللهو والدف فلا أرى ذلك، وإن لم يكن فيها لهو فلا بأس بذلك، فقد جاء في ذلك من الأحاديث ما جاء. قلت ليحيى: أي شيء معنى: قد جاء فيه من الأحاديث ما جاء؟ قال: معناه أنه قد أمر أن يجيب إذا دعي. قال سحنون: وسئل مالك عن الرجل يمر على الطريق يجد فيها اللهو واللعب، أيمر أم يرجع؟ قال: فليمش وإن خاف فليرجع. قلت ليحيى: وقد أخبرتنا عن الحارث بن مسكين عن أشهب قال: سألت مالكا عمن يدعى إلى الوليمة وفيها إنسان يمشي على الحبل، وآخر يجعل على جبهته خشبة كبيرة يركبها إنسان وهو على جبهته. قال: قال مالك: لا أرى أن تؤتي وأرى أن لا يكون معهم. قيل له: أرأيت إن دخل ثم علم بهذا، أترى له أن يخرج؟ فقال: نعم، لقول الله سبحانه: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم. (140 - سورة النساء) قال يحيى: ولا يجيب إذا علم أن فيها مسكرا. قلت ليحيى: فبأي قولة تقول هذا؟ وما تختار لنفسك ولنا ولعامة المسلمين أن يعملوا به؟ وقد جاء في موطأ ابن وهب قال: حدثنا سمرة بن نمير الأموي عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ هو وأصحابه ببني زريق فسمعوا غناء ولعبا فقال: ما هذا؟ قالوا: نكاح فلان يا رسول الله. فقال: كمل دينه، هذا النكاح لا السفاح، ولا نكاح حتى يسمع دف أو يرى دخان. وقال ابن وهب: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل: أن مر قومك فليضربوا عند النكاح الدفاف فانها تفرق بين النكاح والسفاح، وامنع الذين يضربون بالبرابط. قال أبو طاهر: يعني العيدان والطنابر. قال ربيعة بن أبي عبد الرحمان: إظهار العرس باللعب واللهو من الأمر الذي يتبع. قلت ليحيى بن عمر: ما معنى: فسمعوا غناء ولعبا؟ وتفسير قول ربيعة: وإظهار العرس باللعب واللهو؟ وهل يصح عندكم حديث سمرة بن نمير وقد

ص: 98

علمت أن الحارث بن مسكين كان لا يقرأ حديثه؟ قال يحيى: بهذا الحديث آخذ وقد رواه أهل العلم عن سمرة بن نمير عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، وسمرة ثقة. وإنما كان يوقف الحارث حديثه، وأما إذا حدثه سمرة بن نمير عن غير عبد الله بن ضميرة كان يقرؤه ولا يوقفه.

ص: 99