الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
163-
كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} (الاسراء: من الآية44) .
164-
والتوحيد يقتضي نفي كل ند ومثل ونظير، وهو كمال التحميد وتحقيقه، ذاك إثباته بغاية الكمال ونفي النقص، وهذا نفي أن يكون له مثل أو ند.
تفسير قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}
165-
وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (طه: من الآية130) .
قد فسرها كثير من المفسرين: أي فصلّ بحمد ربك والثناء عليه لم يذكر ابن الجوزي غير هذا القول، قال:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} : أي صلّ له بالحمد له والثناء عليه (1) .
تفسير التسبح بالصلاة
166-
وتفسير "التسبيح" بالصلاة فيها أحاديث صحيحة وآثار كثيرة، مثل حديث جرير المتقدم (2) .
167-
وأما قوله: {بِحَمْدِ رَبِّكَ} فقد فسروه -كما تقدم- أي: بحمد ربك، وشكر ربك، وطاعة ربك، وعبادة ربك.
أي: بذكرك ربك، وشكرك ربك، وطاعتك ربك، وعبادتك ربك.
(1)"زاد المسير"(5/333) .
(2)
تقدم تخريجه ص (18) .
168-
ولا ريب أن حمد الرب والثناء عليه ركن في الصلاة، فإنها لا تتم إلا بالفاتحة التي نصفها الأول حمد لله وثناء عليه وتحميد له، وقد شرع قبل ذلك الاستفتاح، وشرع الحمد عند الرفع من الركوع، وهو متضمن لحمدٍ لله تعالى.
169-
وذكر طائفة من المفسرين كالثعلبي وغيره قولين:
- قالوا؛ واللفظ للبغوي: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صلّ بأمر ربك (1) .
- وقيل: صل له بالحمد له والثناء عليه.
فهذا القول الأول الذي ذكره البغوي هو مأثور عن أبي مالك أحد التابعين الذين أخذ عنهم السدي التفسير من أصحاب ابن عباس.
170-
وروى ابن أبي حاتم عن أسباط عن السدي عن أبي مالك: قوله: {بِحَمْدِ} يعني: بأمر (2) .
وتوجيه هذا: أن قوله {بِحَمْدِهِ} أي بكونه محمودا، كما قد قيل في قول القائل:"سبحان الله وبحمده" قيل: سبحان الله ومع حمده أسبحه، أو أسبحه بحمدي له.
(1)"تفسير البغوي"(3/236، 4/475) .
(2)
"تفسير البغوي"(3/60) .
171-
وقيل: "سبحان الله وبحمده" سبحناه، أي: هو المحمود على ذلك، كما تقول: فعلت هذا بحمد الله وصلينا بحمد الله، أي: بفضله وإحسانه الذي يستحق الحمد عليه، وهو يرجع إلى الأول، كأنه قال: تحمدنا لله، فإنه المستحق لأن نحمده على ذلك، وإذا كان ذلك بكونه المحمود على ذلك، فهو المحمود على ذلك؛ حيث كان هو الذي أمر بذلك وشرعه، فإذا سبّحنا سبّحنا بحمده.
172-
كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (آل عمران: من الآية164) .
173-
وقد يكون القائل الذي قال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: بأمره، أراد المأمور به، أي: سبحه بما أمرك أن تسبحه به.
174-
فيكون المعنى: سبح التسبيح الذي أمرك به، كالصلاة التي أمرك بها.
175-
وقولنا "صليت بأمر الله" و"سبحت بأمر الله" يتناول هذا وهذا، يتناول أنه أمر بذلك ففعلته بأمره لم أبتدعه، وإني فعلت بما أمرني به لم أبتدع.
176-
فأما هذه الآية: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
غُرُوبِهَا} (طه: من الآية130) . فلم يذكر البغوي وابن الجوزي إلا أنه الصلاة كما ذكرنا.
177-
وكذلك آية "ق".
قال ابن الجوزي: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صل بالثناء على ربك والتنزيه عما يقول المبطلون، فذكر الثناء والتنزيه عما يقول المبطلون تفسيرا للحمد (1) .
178-
فأما البغوي فإنه قال: "فصل حمدا لله"(2) ، وهو ينقل ما ذكره الثعلبي في "تفسيره" في مثل هذه المواضع، والثعلبي يذكر ما قاله غيره، سواء قاله ذاكرا أو آثرا، ما يكاد هو ينشئ من عنده عبارة.
179-
وهذه عبارة طائفة، قالوا:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} : صل حمدا لله، جعل نفس الصلاة حمدا، كما يقال: أفعل هذا حمدا لله، أي: شكرا.
180-
وهذا بني على قول من قال: {بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي بكونه محمودا، ثم جعل المصدر يضاف إلى المفعول، وليس
(1)"زاد المسير"(5/333) .
(2)
"تفسير البغوي"(7/364) .