الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطوة الثانية: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى:
وهذه الخطوة تتعلق غالبا في مرتكب المنكر العارف بحكمه في الشرع بخلاف الخطوة الأولى، فهي في الغالب تستعمل للجاهل في الحكم.
وأما العارف بالحكم فيستعمل معه أسلوب الوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى، ويذكر له بعض النصوص من القرآن والسنة المشتملة على الترهيب والوعيد، كما يذكر له بعض أقوال السلف في ذلك، ويكون بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة.. وحتى لو كان عارفا لهذه النصوص فلها تأثيرها، لأن ذلك من قبل الذكرى، والله تعالى يقول:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (1) .
ويبين له ما أعده الله للطائعين من عباده، ويذكره بالموت، وأنه ليس لمجيئه وقت محدد، بل يأتي بغتة، وربما يأتي إلى الإنسان وهو واقع في المعصية، فتكون خاتمته سيئة والعياذ بالله.
يا مَنْ بدنياهُ اشتغلْ
…
وغرَّه طولُ الأمل
الموتُ يأتي بغتةً
…
والقبرُ صندوقُ العملْ
(1) سورة الذاريات، الآية 55.
ويبين له أن هدفه من نصحه وإرشاده إنما هو من أجل حبه له، وخوفه عليه من العقاب، وأنه ما فعل ذلك إلا شفقة عليه ورحمة به، وليحرص كل الحرص، أن تكون الموعظة سرا بينه وبين المنصوح، حتى لا تأخذه العزة بالإثم فيرفض قبولها، وحتى يطمئن له وتتقبل نفسه لسماع النصيحة، وحتى يعلم بحق أنه ليس للناهي هدف سوى النصيحة وإرادة الخير له (1) .
قال سليمان الخواص: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما فضحه.
وعن عبد الله بن المبارك قال: (كان الرجل إذا رأى من أخيه ما يكره أمره في ستر، ونهاه في ستر، فيُؤجر في ستره ويُؤجر في نهيه، فأما اليوم فإذا رأى أحد من أحد ما يكره استغضب أخاه، وهتك ستره)(2) .
ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول:
تَعمدني بنصحكَ في انفرادٍ
…
وجنبني النصيحةَ في الجماعةْْ
فإنَّ النصحَ بينَ الناسِ نوعٌ
…
من التوبيخِ لا أرضى استَماعه
فإنْ خَالفتني وعصيتَ أمْري
…
فلا تجزعْ إذا لم ُتعطَ طاعةْ
(3)
(1) أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد حسن، انظر كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ص 99، تحقيق صلاح الشلاحي مكتبة الغرباء الأثرية، بالمدينة النبوية، ط 1، 1418 هـ.
(2)
روضة العقلاء، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي، 158.
(3)
ديوان الإمام الشافعي، ص 96.