المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: كتابة الصحابة بعضهم إلى بعض أو عن بعض - كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأثرها في حفظ السنة النبوية

[أحمد بن معبد عبد الكريم]

الفصل: ‌المبحث الخامس: كتابة الصحابة بعضهم إلى بعض أو عن بعض

‌المبحث الخامس: كتابة الصحابة بعضهم إلى بعض أو عن بعض

فقد كان لقدوته صلى الله عليه وسلم آثارها الفاعلة في صحابته الكرام، فكتب بعضهم إلى بعض بما تلقوه منه صلى الله عليه وسلم، تبليغا أو استدلالا أو تذكيرا، وأيضا كتب بعضهم عن بعض، ولو جمع الآن ما هو متفرق في دواوين السنة من تلك الكتابات، لظهر لنا أن كميته أكثر جدا مما جمع من كُتبه صلى الله عليه وسلم التي تقدم ذكرها في المبحث السابق، ولكن يكفينا في الدلالة على ذلك بعض الأمثلة فمن ذلك ما جاء عن القعقاع بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك، قال: فكتب إليه عبد الله: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى"(1) .

وكان لعبد الله بن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه مرة عبد الله بن عمر: أنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر فإياك أن تكتب إليَّ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر"(2) .

وعن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي: أنه كان مع عقبة بن فرقد بأذربيجان أو بالشام قال: جاءنا كتاب عمر: أما بعد يا عتبة بن فرقد

الحديث وفيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا،

(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 152- ح 6402) وإسناده حسن.

(2)

أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 9) حديث (5639) بإسناد حسن، ومن طريقه أخرجه الحاكم في المستدرك (1/84) . ومن طريق غيره أيضًا وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

ص: 36

ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه الوسطى والسبابة وضمهما (1)، قال زهير: قال عاصم: هذا في الكتاب (2) .

وفي رواية لأحمد: عن أبي عثمان النهدي أيضا، كنا مع عتبة بن فرقد، فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان فيما كتب إليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من ليس له في الآخرة من شيء، إلا هكذا وقال: بإصبعه السبابة والوسطى"(3) .

ومن ذلك ما أخرجه الحميدي بسند صحيح أن الشعبي قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي إليَّ بشيء سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتبت إليه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه من يعمل بغير طاعة الله يعود حامده من الناس ذامًّا (4) .

وأخرج البخاري في الصحيح من طريق ورَّاد -كاتب المغيرة بن شعبة- قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دُبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له " الحديث (5) .

ومن هذا يظهر أن تلك المكاتبات شارك فيها الصحابة والصحابيات، ولاسيما عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين-.

(1) إشارة إلى أنه لا يحل إلا مقدار أصبعين فقط.

(2)

رواه الإمام مسلم في صحيحه من طرق عن أبي عثمان النهدي حديث (2069) مكررًا.

(3)

المسند للإمام أحمد (1/36) حديث (243) .

(4)

أخرجه الحميدي في مسنده (1/ حديث (265) ومن طريقه أخرجه البيهقي في الزهد الكبير له حديث (886) وتنظر رواية أخرى مما كتبت به لمعاوية –رضي الله عنهما في مسند أحمد 6/ 86- 87 حديث (24566) .

(5)

صحيح البخاري مع الفتح كتاب الأذان (2/325) حديث (844) .

ص: 37