الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبعات السابقة
طبع الكتاب قبل أكثر من نصف قرنٍ، بتحقيق الدكتور صبحي الصالح رحمه الله، ثم بالاعتماد عليها صدرت طبعات أخرى حديثة، أشهرها طبعة دار رمادي للنشر. وفيما يلي وصف هاتين الطبعتين وما لهما وما عليهما:
1 ــ طبعة صبحي الصالح
صدرت عن دار العلم للملايين (بيروت) سنة 1961 م (= 1380 هـ). اعتمد فيها على نسخة استنسخها الدكتور محمد حميد الله من النسخة الفريدة التي بالهند، قام بنسخها له السيد محمد قدرت رحيم فاروقي من أهل العلم بمدينة حيدراباد، انتهى منه في 27 ذي الحجة 1369
(1)
، ثم عارضها الدكتور حميد الله بالأصل قاصدًا إثبات أرقام صفحات الأصل في المنسوخة حتى يتيسر الرجوع إلى الأصل إذا احتيج إليه. كما أثبت بعض الملاحظات في الهامش، لا سيما في المواضع التي فيها تصحيف أو سقط.
وكان الدكتور محمد حميد الله رحمه الله ينوي إخراج الكتاب بنفسه لولا أنه شُغل عنه بدراسات أخرى في ذلك الحين، فرغَّب صديقه الدكتور صبحي الصالح في أن يقوم به، وأرسل إليه تلك المنسوخة من الأصل.
وبالاعتماد على هذه المنسوخة حقَّق صبحي الصالح الكتاب ونشره.
(1)
. كما أثبته صبحي الصالح في آخر نشرته (2/ 873).
وكان أراد أن يجلب الأصل أو صورة منه من الهند، ولكن لغلاء التصوير لم يطلب إلا تصوير ما كان بحاجة ماسَّة إليه من الصفحات.
وقد بذل رحمه الله جهدًا مضنيًا في تصحيح العبارة بالرجوع إلى المصادر التي اعتمدها المؤلف وغيرها من كتب الفقه والحديث والتراجم، حتى تسنَّى له أن يدَّعي في مقدمته أنه «مطمئن كلَّ الاطمئنان إلى سلامة نصِّ الكتاب كلِّه من الخطأ والتحريف والتصحيف»
(1)
.
ولكن مع ذلك وقع في هذه الطبعة سقط في مواضع كثيرة، ومنشأ كثير من ذلك من ناسخ الفرع المعتمَد في إخراج هذه الطبعة. كما وقع فيه تصحيف وتحريف في كثير من الكلمات، وسيأتي ذكر الأمثلة على ذلك.
وقدَّم رحمه الله بمقدمة حافلة
(2)
عرَّف فيها بالكتاب وعرض المسائل الواردة فيه والنسخة التي اعتمدها وقصَّة الحصول عليها. ثم ألحق في آخر الكتاب ملحقَين إكمالًا للنقص الذي في آخر النسخة: الأول في تتمة الاحتجاج بالسنة على وجوب قتل السابِّ، والثاني في تلخيص القول في المسألتين الباقيتين. وقد لخَّصهما من «الصارم المسلول» ، حيث كان المؤلف صادرًا عنه في الأدلة الأربعة الأولى من السنة التي أوردها.
وفيما يلي نماذج من السقط والتحريف الذي وقع في هذه النشرة:
(1)
. (ص 65).
(2)
. انظر ما كتبه الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود في «موقف ابن تيمية من الأشاعرة» (1/ 140) في نقد بعض ما جاء فيها.
- (ص 3): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجرَّاح إلى البحرين يأتي بجِزْيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين، وأمَّرَ عليهم العلاء بن الحضرمي» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (1/ 6).
- (ص 22): «حديث بُريدة: «فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» صريحٌ في [أن حكم الله] واحدٌ». ما تحته خط سقط من النسخة الفرعية لانتقال النظر، فسقط من المطبوع إلا القدر الذي بين الحاصرتين، فإن المحقق زاده من عنده ليقيم السياق، فوافق لفظَ الأصل. انظر طبعتنا (1/ 32).
- (ص 22): «فمن قال: كل مجتهدٍ مصيبٌ بمعنى أنه يصيب حكم الله الذي حكم به في نفس الأمر فقوله خطأ، وإن أراد أنه مصيب للأجر بمعنى أنه مطيعٌ لله في أداء ما كُلِّف به، فقوله صحيح» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (1/ 32).
(ص 43): «ألا تراه إنما جعلها على الذكور المذكورين دون الإناث والأطفال» . ما تحته خط تصحيف عن «المُدرِكين» كما في الأصل وفي طبعتنا (1/ 62).
- (ص 46): «وعلى هذا استمرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه كلهم وعمل الأئمة في جميع الأعصار حتى يومنا هذا» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (1/ 67).
- (ص 80): «وهكذا حفظ أهل المغازي فقالوا: رَامَهم عمر رضي الله عنه -
على الجزية فقالوا: نحن عربٌ لا نؤدّي كما يؤدِّي العجم، ولكن خُذ منّا كما يأخذ بعضكم من بعضكم، يعنون الصدقة، فقال عمر: هذا فرض على المسلمين، فقالوا: ازدَدْ ما شئتَ بهذا الاسم لا اسم الجزية». سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (1/ 114).
- (ص 125): «ووجه الوضع أن ما لا يناله [الماء] فينتفع به في مصالح [الناس يكون بمنزلة] ما يناله الماء» . هكذا ورد النص في المطبوع، وصوابه كما في الأصل وطبعتنا (1/ 175):«ووجه الوضع أن ما لا يناله الماء تبعٌ لما يناله، فينتفع به في مصالح ما يناله الماء» . لمَّا سقط ما تحته خط من النسخة الفرعية التي كانت بين يديه، اجتهد في إقامة السياق بإضافة كلمات بين المعكوفات.
- (ص 126): «فإن نزل هو عنها أو اشتراها غيره صار الثاني أحقَّ بها» . ما تحته خط تصحيف مخالف للأصل، صوابه:«وآثَرَ بها» كما في طبعتنا (1/ 176).
- (ص 145): «ويُشبِّهه بماله ليس عليه فيه زكاةٌ إذا كان مقيمًا بين أظهُرِنا وبما شئت» . ما تحته خط تصحيف عن «وبماشيته» كما في الأصل وفي طبعتنا (1/ 205).
- (ص 159): «لو دخلوا بإماءٍ فابن حبيبٍ يمنعهم من وطئهن واستخدامهن، ويحول بينهم وبينهن، لأنه يرى المسلمين شركاءهم. وابن القاسم لا يرى المنع، ولا يحول بينهم وبينهن، إذ لا يرى الشركة» . سقط ما تحته خط لانتقال النظر. انظر طبعتنا (1/ 225).
- (ص 194): «وبالجملة فهو السلام من كل ما ينافي كلامه المقدس بوجهٍ من الوجوه» . ما تحته خط تصحيف عن «كماله» كما في طبعتنا (1/ 273).
- (ص 272): «وقال حربٌ: قلت لأحمد: رجل يدفع ماله مضاربةً إلى الذمي تكرهه؟ قال: لا» . ما تحته خط تصحيف قلب المعنى، صوابه:«فكرهه» ، أي أن الإمام أحمد كره ذلك وقال: لا. انظر طبعتنا (1/ 380).
- (ص 445): «فحكى الميموني عن أبي عبد الله في أول المسألة ما يدل من قول أبي عبد الله واحتجاجِه» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 7).
- (ص 466): «ثم لمَّا أسلموا عامَ الفتح أقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما أسلموا عليه وقال: «مَن أسلم على شيء فهو له» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 34).
- (ص 474): «وهاهنا علة الميراثِ الإنعامُ، واختلاف الدين لا يكون من علله» . ما تحته خط خطأ نشأ من تصحيفٍ في النسخة الفرعية التي كانت بين يديه، فإنه كان فيها:«من بلاله» على ما ذكره في الهامش، فأصلحه إلى المثبت. والصواب كما في الأصل وطبعتنا (2/ 43):«مزيلًا له» .
- (ص 494): «نقله الحربي» ، صوابه:«نقله الخِرَقي» كما في الأصل وطبعتنا (2/ 64).
- (ص 494): «فهناك موجِب الميراث عُلِّقَ بالموت فلم يوجبه، وهنا مانع الميراث علّق بالموت فلم يمنعه» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 64).
- (ص 524): «فأمَّا عبد الله بن المبارك فإنَّه سُئل عن تأويل هذا الحديث، فقال: تأويله الحديث الآخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أطفال المشركين» . سقط ما تحته خط فاختل السياق. انظر طبعتنا (2/ 104).
- (ص 524): «فكيف يكتم مع مذهبه في الأطفال أنهم على الإسلام بموت آبائهم» . ما تحته خط تحريف، صوابه «يلتئم» كما في الأصل وفي طبعتنا (2/ 104).
- (ص 525): «حكى أبو عبيد هذين القولين، ولم يحلَّ على نفسه في هذا قولًا ولا اختيارًا» . ما تحته خط تحريف عن: «يحكِ عن» . انظر طبعتنا (2/ 105).
- (ص 564): «فإنَّ الرسول يدعو إلى التوحيد، لكن إن لم يكن في الفطرة دليلٌ عقليٌّ يعلم به إثبات الصانع= لم يكن في مجرَّد الرسالة حجةٌ عليهم» . سقط ما تحته خط فاختل السياق. انظر طبعتنا (2/ 153).
- (ص 577): «فمن كان صغيرًا بين أبوين كافرَين أُلحِق بحكم الكفَّار، ومن كان صغيرًا بين أبوين مسلمَين أُلحِق بحكم الإسلام» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 170).
- (ص 581): «وكذلك قوله: (فقال هو والملائكة: شهدنا)، هذا خطاب قطعًا، بل هو من تمام كلامهم» ما تحته خط تصحيف في المطبوع تبعًا للأصل، صوابه:«خطأ» كما هو واضح من السياق. انظر طبعتنا (2/ 174).
- (ص 584): «وهذا الغلام الذي قتله الخضر يحتمل أنَّه كان بالغًا مطلقًا» . ما تحته خط تحريف عن: «مكلَّفًا» . انظر طبعتنا (2/ 178).
- (ص 703): «وإذا لم يكن من هدمه بدٌّ فالوجه أن يبنوا جدارًا داخل البيعة، ثم قد يُفضي هذا إلى أن يبنوا جدارًا ثالثًا إذا ارتجَّ الثاني» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 322).
- (ص 703): «وهكذا إلى أن تُبنى ساحة الكنيسة» . ما تحته خط تحريف أفسد السياق، صوابه:«تفنى» كما في الأصل وفي طبعتنا (2/ 322).
- (ص 712): «وإذا شاء المسلمون نزلوها منهم فإنَّها ملك المسلمين» . ما تحته خط تصحيف في المطبوع تبعًا للأصل، صوابه:«نزعوها» كما هو واضح من السياق. انظر طبعتنا (2/ 333).
- (ص 736): «ثم ساق من طريق العرياني: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت
…
». إنما هو «الفريابي» كما في طبعتنا (2/ 363)، ولكن لمَّا تصحَّف رسمه في الأصل (وعنه في الفرع الذي بين يديه) لم يهتد إلى صوابه. ولو راجع ترجمة عبد الرحمن بن ثابت في كتب الرجال لوجد من الرواة عنه «محمد بن يوسف الفريابي» .
(ص 766): «أنَّ المسلمة مع الكافرة كالأختين اللَّتين تنظران [ما] تدعو إليه الحاجة» . صوابه: «كالأجنبي الذي ينظر» كما في طبعتنا (2/ 402)، ومنشأ الخطأ: تحريف «كالأجنبي» إلى «كالأختين» في الأصل، فغيَّر المحقق ما بعده ليقيم السياق، فزاد التحريف تحريفًا.
- (ص 773): «وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَبدؤوهم بالسلام» ، فهو في واقعةٍ معينة؛ قال:«إني ذاهب إلى يهود فلا تبدؤوهم بالسلام» ، وهذا لمَّا ذهب إليهم ليُحارِبهم». سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 413).
- (ص 852): «أن كعبًا كان له عهدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم وأمان، وقد ذكرنا الرواية الخاصة أن كعب بن الأشرف كان معاهدًا للنبي صلى الله عليه وسلم» . سقط ما تحته خط. انظر طبعتنا (2/ 497).
* ما سبق أمثلة قليلة للتحريف والسقط الكثيرَين في هذه الطبعة، وقد يكون بعضها أو كثير منها بسبب التحريف والسقط في النسخة الفرعية التي كانت بين يديه رحمه الله. ولكن هناك مواضع عديدة كان ما في النسخة فيها صوابًا فغيَّره ظنًّا منه أنه خطأ، فمثلًا:
(ص 348): «ثنا سوَّار بن مجشر عن أيوب عن نافع» . قال في الهامش: «في الأصل (سرار بن مجشر) بالراء، وإنما هو سوَّار بالواو المشددة ـ ضبطه في القاموس المحيط» . قلنا: الصواب هو ما في الأصل، وهو من رجال النسائي، له ترجمة في «تهذيب الكمال» وفروعه، ولا ندري لماذا عدل المحقق عن كتب الرجال إلى «القاموس المحيط» !
- (ص 471): «فتثبت في حقه العصمة المُورِّثة دون المُضَمِّنة كما يقول ذلك أبو حنيفة وغيره» . كان في الأصل كما ذكر المحقق نفسه في الهامش: «العصمة المؤثِّمة» ، وهو الصواب، ولكنَّه ظنَّ أنه خطأ فغيَّره. انظر طبعتنا (2/ 39) والتعليق عليه لبيان معنى «العصمة المؤثِّمة» .
- (ص 626): «وقال الخلال: أخبرنا حفص بن عمر الرازي» . قال في الهامش: «في الأصل (حفص بن عَمرو الربالي) بدون إعجام اللفظ الأخير، وإنما هو حفص بن عمر الرازي، أبو عمران، نزيل البصرة
…
الخلاصة 75». هكذا جزم بأنه هو، مع أن الخلال (ت 311) لا يمكن أن يكون أدرك حفصًا الرازي الذي هو من صغار أتباع التابعين (الطبقة التاسعة عند الحافظ)، ولو نظر في «الخلاصة» بعده بسطرين لوجد:«حفص بن عمر (كذا) الربالي» ، وهو الذي ورد في الأصل. انظر طبعتنا (2/ 226).
- (ص 652): «فيقول الرب سبحانه: قبل أن أخلقَكم علمتُ ما أنتم عاملون، وعلى علمي خَلقتُكم، وإلى علمي تصيرون جميعكم، فتأخذهم النار» . كان في الأصل: «ضُمِّيهم» ، وهو أمر الله تعالى للنار أن تأخذهم، وهو لفظ الحديث، ولكن لم يفهم المحقق وجهه فغيَّره إلى المثبت. انظر طبعتنا (2/ 261).
- (ص 741): «واتَّخذوا الوَفْر والجُمَم» . وقال في الهامش: «في الأصل (الحمام) بالحاء المهملة، صوابه (الجُمم) كما أثبتناه
…
» إلخ. قلنا: ما في الأصل صواب محض، فإن الجُمَّة تجمع على «جِمام» أيضًا كما هو منصوص عليه في «جمهرة ابن دريد» وغيره. وكونه لم يُعجم لا يضرُّه، فكثير من الكلمات تركها الناسخ من غير إعجام.
- (ص 786): «أحدهما: ما ذكرناه من ظهور سبب الحق، لِتعذُّر الأخذِ وخفائه، فينسب إلى الجناية» . صواب العبارة كما في طبعتنا (2/ 429): «ما ذكرناه من ظهور سبب الحق فيُعذَر الآخِذُ، وخفائه فيُنسَب إلى الخيانة» . وقد
ذكر المحقق نفسه في الهامش أنه في الأصل: «فيعذر» . وهو الصواب ولكن لمَّا لم يفهم السياق غيَّره. وأما «الجناية» فتصحيف في الأصل.
(ص 837): «وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حرث وأشجار يخشى فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد صلى الله عليه وسلم» . قال في الهامش: «في الأصل (حدث واسحار) صوابه ما أثبتناه» . كلَّا، بل ما في الأصل هو الصواب، وإعجامه الصحيح:«حدث واشتجار» .
(ص 838): «حلفاء بني عوف بن الخزرج رهط ابن أبي رُهْم البطن الذي بُدئ بهم فيه هذه الصحيفة» . صوابه كما في الأصل: «رهط ابن أُبَيٍّ، وهم» . وقد ذكر المحقق في الهامش ما في الأصل، ولكنه لم يهتد إلى وجهه، فغيَّره بناءً على ما في نشرة محمد محيي الدين من «الصارم المسلول» (ص 64)، ولم يَفْطَن أن ابن أبي رُهْم رضي الله عنه قرشيٌّ من السابقين الأولين، وليس خزرجيًّا!
ومع ذلك كلِّه، فللدكتور صبحي الصالح فضل السبق في إخراج الكتاب وبذلِ الجهد في تصحيحه حسب وُسعه، وقد استفدنا من قراءته في بعض المواضع وزياداته المقترحة لإقامة النص في مواضع أخرى مع الإشارة إلى ذلك، فرحمه الله تعالى وغفر له وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا.
2 ــ طبعة دار رمادي للنشر
طُبعت سنة 1418 هـ/1997 م بتحقيق يوسف بن أحمد البكري وشاكر بن توفيق العاروري في ثلاثة مجلدات. هذه النشرة مأخوذ نصُّها من نشرة
صبحي الصالح، ولم يُعتمد فيها على الأصل الخطي، وبالتالي ففيها جلُّ ما في تلك النشرة من السقط والخطأ، وإنما استطاع المحققان استدراك بعض السقط وتصحيح بعض الأخطاء ــ لا سيما في أسماء الرواة ــ بالرجوع إلى مصادر المؤلف وكتب الحديث. وفاتهما الشيء الكثير من التصحيف والخطأ مع إمكان تصحيحه من المصادر التي وقفا عليها وعزَوا إليها، كما سيأتي الأمثلة على ذلك. وقد يكون من أسباب هذا العَوَز أن أغلب جهدهما كان منصبًّا على تخريج الأحاديث والتطويل فيها على حساب التأمل في النص وتفهُّمه على وجهه.
وأكبر ما يؤخذ على هذه الطبعة: أن المحققَين عمدا إلى زيادات صبحي الصالح التي كان قد زادها اجتهادًا منه بين المعكوفات [] تمييزًا لها عن النص المنقول من الأصل الخطي= عمدَا إلى جميع تلك الزيادات فجعلاها في النص بحذف المعكوفات مع عدم الإشارة إلى ذلك في الهامش، فاختلط ما كان في الأصل الخطي بما زاده صبحي الصالح فيه. وهذه جناية في حق المؤلف وكتابه، فإن من وقع على خطأ في الكلام المقحم سيحمِّل المؤلف تبعته طالما أنه لم يتميّز عن كلامه، والمؤلف بَراءٌ منه.
فمثلًا جاء في كلام المؤلف كما في الأصل وطبعتنا (2/ 110): «
…
وبقوله تعالى عن مؤمن آل ياسين: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ اُلَّذِي فَطَرَنِي} »، فتوهَّم صبحي الصالح رحمه الله أن في الكلام سقطًا فأصلحه هكذا: «وبقوله تعالى عن مؤمن آل [فرعون في سورة] يس
…
». وهو خطأ محض، فليس في سورة يس ذكر قصة موسى، ولا ذكر فرعون ولا مؤمن آل فرعون، إنما هو
مؤمن آل القرية المُضروب بها المَثَل في يس، فعبَّر عنه المؤلف بـ «مؤمن آل ياسين» ، ولا غُبار عليه. وكان الخطب هيِّنًا ما دامت الزيادةُ الخاطئة محصورةً ومقصورةً بين المعكوفين، ولكن جاء محققا طبعة دار رمادي فحذفا المعكوفين ليصير الإقحام من كلام المؤلف، فكان رمًّا على فسادٍ وضغثًا على إبَّالة!
* ومما يؤخذ عليها: أن فيها سقطًا في النص مما هو مثبت في نشرة صبحي الصالح. فمثلًا جاء في (ص 720 - 721): «وإنما فهم من قوله: «طلِّقْ أيتَهما شئتَ» مفارقتَها وإخراجها عنه وإمساك الأخرى، ولو كان قوله:«طلِّق أيتهما شئتَ» اختيارًا لها لنفذ الطلاق عليها» بسقط ما تحته خط مع ثبوته في نشرة صبحي الصالح (ص 361).
(ص 774) منها: «والمسلم غير ممنوع من إثبات اليد صورةً، والذي يمتنع بالإسلام إثبات الملك على ذلك أو ما هو بمعناه من إثبات اليد المعنوية، ولا يمتنع إثبات اليد الصورية» ما تحته خط ساقط من هذه الطبعة، ثابت في نشرة صبحي الصالح (ص 399).
وفي (ص 1433): «فقال لهما المشركون: نحن أهدى من محمد وأصحابه، فإنَّا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم، فقالا: أنتم أهدى من محمد وأصحابه، وهما يعلمان أنهما كاذبان» ، فما تحته خط ساقط من هذه الطبعة مع ثبوته في نشرة صبحي الصالح (ص 853).
* وفيما يلي نماذج أخرى من الأخطاء التي كان بإمكان المحققَين
تحاشيها دون الرجوع إلى الأصل الخطي:
- (ص 97): ذكر المؤلف قولًا في تفسير بعض الآيات عن «الفرَّاء» ، فظنَّ المحققان أن المقصود: القاضي أبو يعلى الفرَّاء، فترجما له في عشرة أسطر في الهامش، مع أنه من الواضح جدًّا أنه يحيى بن زياد الكوفي النحوي، صاحب «معاني القرآن» ، والنص المنقول فيه (3/ 34).
- (ص 194): «قال المزني: قد قال في كتاب النكاح: «إذا بدَّلَتْ بدينٍ يحلُّ نكاح أهله فهو حلالٌ» . وهذا عندي أشبه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} : فمن دان منهم دينَ أهل الكتاب قبلَ نزول الفرقان وبعده سواءٌ عندي في القياس».
أولًا: «فهو» خطأ، والصواب:«فهي» كما في الأصل و «المختصر» ، وقد عزوَا إلى «مختصر المزني» ولكن لم يستفيدا منه هذا التصحيح، وإن كان تأمل السياق وحدَه كفيلًا به!
وثانيًا: «في قوله تعالى» من زيادات صبحي الصالح، وليس في الأصل ولا في «مختصر المزني» الذي بين أيدي المحققَين، ومع ذلك أثبتا الزيادة بحذف المعكوفين عنها ليكتمل التحريف ويستتبّ! وهي زيادة تفسد السياق، فإن قول: «فمن دان منهم
…
» إلخ قول المزني لا ابن عباس. وابن عبَّاس إنما قرأ الآية فقط مجيبًا بها لمَّا سئل عن ذبائح من تنصَّر من العرب، كما في «تفسير الطبري» (8/ 130) وغيره.
- (ص 282): «فإن ترك أرضه فلم يَعمُرها فذلك إلى الإمام، يدفعها
إلى من يَعمُرها لا تخرب، تصير فيئًا للمسلمين». ما تحته خط لا وجود له في الأصل، ولا في نشرة صبحي الصالح (ص 124)، فلا ندري من أين أتى به المحقِّقان!
- (ص 336): «
…
لم يَدَعْني زيادٌ ولا شُريحٌ ولا السلطان حتى دخلتُ فيه». «السلطان» تصحيف «الشيطان» ، كما في «الأموال» لأبي عُبيد، وهو مصدر المؤلف. وقد عزا المحققان إليه، ولكن لم يستفيدا منه تصحيح النص، ولا أشارا إلى الفرق في الهامش.
- (ص 649): «عن يزيد بن علقمة أن عُبادة بن النعمان الثعلبي كان ناكحًا امرأةً من بني تميمٍ فأسلمت» . «الثعلبي» خطأ تابعا فيه نشرة صبحي الصالح. صوابه: «التغلبي» ، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» ، وقد عزوا إليه.
- (ص 840): «
…
من يحتج فيها يقول: الكفن من جميع المال، ثم الوصية، ثم الميراث، ويحتج فيها بقول من قال: الحامل المتوفَّى عنها زوجها نفقتُها من جميع المال؛ هذه حجةٌ لمن ورَّثه». ما تحته خط من زيادات صبحي الصالح التي حذف المحققان المعكوفات عنها لتصبح من صلب النص، مع أن هذا النص منقول من «جامع الخلال» ، وقد عزا المحققان إليه، ولم ينتبها إلى أن هذه الزيادة ليست فيه.
- (ص 1251): «حدثنا أبو بكر بن أبي بكر داود، ثنا أحمد بن صالح» . «بكر» مقحم خطأً في الأصل. والمحققان لم ينتبها إليه، مع أنهما ذكرا في الهامش أن «أحمد بن صالح» هو المصري أبو جعفر ابن الطبري. فلو رجعا
إلى ترجمته لوجدا من الرواة عنه «عبد الله بن أبي داود» ، وهو أبو بكر بن أبي داود، ابُن صاحب «السنن» .
- (ص 1235): «وقد اتَّفق المسلمون على أنَّ حكم الرِّدَّة والمُباشِر في الجهاد كذا» . ما تحته خط تصحيف عن «الردء» ، وهو على الصواب في نشرة صبحي الصالح (ص 715).
- (ص 1354): «قال شيخنا:
…
هذا أصلٌ مقرَّرٌ في عقد البيع والنكاح [والهبة] وغيرهما من العقود». هكذا زادا «والهبة» بين المعكوفين أخذًا من «الصارم المسلول» لأن المؤلف صادر عنه متجاهلَين أو متغافلَين عن ضمير التثنية في «وغيرهما» ؛ أنَّى يستقيم مع ثلاثة عقود؟!
* هذا، وقد سبقت الإشارة إلى أنهم أطالوا في تخريج الأحاديث، ولكن هذه الإطالة لم تسلم من الأوهام، مع قصور في الصناعة الحديثية، فمثلًا:
- (ص 162 - 163) ذكرا في تخريج وصية أبي بكر رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان حين وجَّهه إلى الشام: أن مالكًا وغيره رووه عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر. ثم قالا: «وهذا إسناد معضل، فإن يحيى بن سعيد هو القطان، متأخر، مات سنة (198) وله ثمان وسبعون سنة» . هذا وهم ظاهر، فيحيى بن سعيد في الإسناد هو التابعي: يحيى بن سعيد الأنصاري (ت 144)، من شيوخ مالك (ت 179) وطبقته، أكثر عنه مالك في «الموطأ» . أما القطَّان فهو من الرواة عن مالك، كما عند «البخاري» (1988) وغيره.
- (ص 294) قالا تعليقًا على أثر روي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن علي رضي الله عنه:«هذا إسناد صحيح على شرط مسلم» كذا، مع أن فيه انقطاعًا ظاهرًا ظهور الشمس بين قتادة وعلي، ولعل قتادة لم يولد إلا بعد وفاته!
- (ص 867 - 871) خرَّجا حديثَ: «ألا إن العبد قد نام» في بضعة وخمسين سطرًا، وكل ذلك ليُوردَا نصوص كبار أئمة العلل كابن المديني وأبي حاتم والترمذي وأبي داود والدارقطني على إعلاله، ثم ينقضاها بعد ذلك بذكر كلام بعض المتأخرين، فيصحِّحا الحديث في نهاية المطاف! وانظر تخريجنا عليه (2/ 42).
* * * * *