المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الشهادات الشهادة: الإخبار عما شوهد وعلم، فهي مأخوذة من ((الشهود)) - كفاية النبيه في شرح التنبيه - جـ ١٩

[ابن الرفعة]

الفصل: ‌ ‌كتاب الشهادات الشهادة: الإخبار عما شوهد وعلم، فهي مأخوذة من ((الشهود))

‌كتاب الشهادات

الشهادة: الإخبار عما شوهد وعلم، فهي مأخوذة من ((الشهود)) والحضور.

والشاهد: حامل الشهادة، سمي بذلك، لأنه مشاهد لما غاب عن غيره.

وقيل: إنها مأخوذة من الإعلان والإعلام، قال الله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} الآية: [آل عمران:18]، أي: أعلم وبين.

وجمع الشاهد- كما قال الجوهري- شهد، كصاحب وصحب.

قال: وبعضهم ينكره، وجمع ((الشهد)): شهود، وأشهاد.

والشهيد: الشاهد، وجمعه: شهداء، وأشهدته على كذا وبكذا، يشهد عليه وبه، أي:[صار] شاهدًا عليه وبه.

وشهد: بفتح الشين وكسر الهاء، وشد: بكسرهما، وشهد وشهد بفتح الشين وكسرهما مع إسكان الهاء فيهما- فهذه أربعة أوجه جائرة في ((شهد)).

والأصل في الشهادة قبل الإجماع من الكتاب آيات، منها قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة:282]، والأمر فيها محمول على الإرشاد والاستحباب، دون الحتم والوجوب، يدل عليه قوله تعالى:{إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:282].

والدين المؤجل لا يثبت إلا في البيوع، وقد قال ابن عباس: أشهد أن الدين إلى أجل مسمى هو السلم، والكتابة تكون للشهادة، ثم قال تعالى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة:283].

ولأن الله تعالى قد جعل بدلها الرهن، وهو غير واجب، فكذلك هي.

ولأنها وثيقة في البيع، فلم تجب، كالرهن والإجارة.

ص: 79

قال الشافعي: وإنما ندب الله تعالى إلى الإشهاد وحرض عليه، لما في الإشهاد من منع التظالم بالجحود أو بالنسيان، وبراءة الذمم بعد الموت، لا غير.

قال القاضي الحسين: وأراد بذلك أن الإشهاد فيه حظ لصاحب الحق، وهو أن يصل إلى حقه، ولمن عليه الحق، لأنه يمتنع عن الجحود إذا كان عليه شهود، ولو نسي ذكروه، ولو اخترمته المنية، أرضي صاحب الحق من تركته بشهادتهم، ولا تبقى ذمته مرتهنة بالحق، وكل ما ندب إليه [صاحب] الشرع فهو الخير الذي لا يعتاض عنه من تركه.

ومن السنة أخبار، منها: ما روى عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة، فقال:)) ترى الشمس؟ فقال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد أو دع))، وسنذكر غير هذا الخبر في الباب عند الحاجة إليه.

ولأنها نوع وثيقة، فوجب أن تصح، كالرهن والضمان.

قال الأصحاب: وهي أعم منهما، لجوازهما فيما لا يجوز فيه الرهن والضمان.

* * *

ص: 80