المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: حدة الذكاء وقوة الذاكرة: - كيف تحفظ القرآن الكريم

[عبد الرب نواب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الاول

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: فضل القرآن الكريم، وفضل حملته

- ‌أولا: نبذة من فضائل القرآن الكريم:

- ‌ثانيا: نبذة عن حفظة الكتاب في التاريخ الإسلامي:

- ‌ثالثا: حكم حفظ القرآن:

- ‌رابعا: أخلاق حملة القرآن العظيم:

- ‌خامسا: أهم فوائد حفظ القرآن:

- ‌القرآن الكريم وحفظه

- ‌المبحث الأول: تعريف حفظ القرآن، وبيان مفهومه

- ‌المبحث الثاني: العوامل الضرورية لحفظ كتاب الله

- ‌أولا: الاستعداد الشخصي والعمر المناسب

- ‌ثانيا: حدة الذكاء وقوة الذاكرة:

- ‌ثالثا: تنظيم الوقت وتحديد الدروس:

- ‌رابعا: الالتزام بنسخة واحدة من المصحف الشريف:

- ‌خامسا: ضرورة التلقي عن مقريء:

- ‌سادسا: إيجاد الحوافز والمرغبات:

- ‌المبحث الثالث: "الوسائل الإسلامية لحفظ القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌ الخطوات العامة:

- ‌ دور المقرئ:

- ‌ دور الطالب:

- ‌الطريقة الكلية:

- ‌الطريقة الجزئية:

- ‌برنامج حفظ القرآن الكريم

- ‌المبحث الرابع الوسائل الثانوية المساعدة لحفظ كتاب الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: عناصر قرآنية:

- ‌ثانيا: المناسبات التعبدية:

- ‌ثالثا: التسجيلات المسموعة والمرئية:

- ‌رابعا: المسابقات العامة والخاصة:

- ‌الفصل الثاني صيانة القرآن من النسيان

- ‌‌‌المبحث الأول: "النسيان وأسبابه، والنوع المذموم منه

- ‌المبحث الأول: "النسيان وأسبابه، والنوع المذموم منه

- ‌المبحث الثاني أساليب وقاية القرآن من النسيان

- ‌أولا: التكرار والتعاهد المنظم:

- ‌ثانيا: معاودة الحفظ:

- ‌ثالثا: السماع من الغير:

- ‌رابعا: الوقوف على المعاني والتدبر:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ثانيا: حدة الذكاء وقوة الذاكرة:

لتعليم وتدرج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها تيسيرا من الله على عباده لحفظ كتابه"1.

وإذا كان الأطفال أرسخ حفظا وأسرع استجابة، فلا جرم أن الشباب أكثر استيعابا وإتقانا، والشيوخ أكثر إدراكا ووعيا للمعاني القرآنية، ويزداد هذا الإتقان كلما ازدادت العناية بالقرآن تلاوة وتكرارا.

1 الإتقان 1/66، النوع التاسع عشر.

ص: 56

‌ثانيا: حدة الذكاء وقوة الذاكرة:

كيف يحدث الحفظ؟ وكيف تخزن الألفاظ والمعاني؟ وكيف تستحضر بمجرد الرغبة في ذلك؟ ما الذكاء؟ وما الذهن؟ وهل الذكاء وحده وراء حفظ القرآن الكريم؟؟

ليس من سبيل إلى القطع بحقيقة علمية حول ماهية الذهن وكيفية خزن الحروف والمعلومات لدى الإنسان أو الحيوان، لأن ما ظهر من نظريات وهي مختلفة ومتضاربة لا ترتقي إلى مستوى اليقين ولا تصمد أمام النقد.

الذكاء وحفظ القرآن:

قالوا إن رواء الذكاء وقوة الحافظة عوامل فسيولوجية

ص: 56

فحسب، كالغدد اللاقنوية أو الغدد الصم التي تفرز هرموناتها hormmon1 في الجسم فتزيد من نحوه الجسمي والعقلي2.

وقالوا: بل الذاكرة تعتمد على العوامل الفطرية الوراثية، وبالتالي يكون مجال "تحسين الذاكرة" محدودا3 وهذا قول لا تشهد له التجربة فكم من بليد في أعين الناس انقلب ذكيا حين غيرت بيئته، وجدد نمط حياته وفك أسره من قيد الهم ونكد الحياة..

وقالوا: بل الذكاء يرتبط ارتباطا وثيقا ببنية الجسم النحيفة، وهذا اعتقاد شائع لا صحة له4.

وقالوا: للعوامل البيئية دور فعال في الإثارة الذهنية ولا سيما عند الأطفال5.

ونقول: لئن صح شيء مما سبق من "عوامل إيقاد الذكاء ونمائه"

1 الهرمون: مادة كيماوية تفرزها الغدد الصم في الدم وتؤثر في نمو الجسم.

2 المدخل إلى علم النفس، ص97.

3 المرجع السابق، ص 255 بتصرف.

4 المرجع السابق، ص 200.

5 علم النفس، د. مصطفى فهمي، ص 285.

ص: 57

في غير مجال القرآن الكريم، فليست هذه العوامل وحدها وراء حفظ الإنسان لكامل كتاب الله..

وإلا فكيف نفسر السر في حفظ الأطفال المسلمين القرآن فيما دون العاشرة أو بعدها بقليل مع أن "الغدد" التي تثري الذكاء لا تبلغ قمة نشاطها في هذا السنن؟؟ ثم ألست ترى أن عددا كبيرا من أطفال المسلمين يحفظون كامل القرآن في هذه السن المبكرة في كل بلاد الإسلام عربيها وعجميها؟ بل وتجد رجالا من الأعاجم يحفظون القرآن كاملا ومع ذلك لا يفقهون شيئا من اللغة العربية ولا يتكلمونها بتاتا

؟

الذي أود تقريره أن القرآن الكريم يشتمل على سبعة وسبعين ألف كلمة وتسعمائة وأربع وثلاثين كلمة تنخرط في أكثر من ستة آلاف آية1.

وهو عدد لا يتيسر لكل أحد من الأذكياء حفظه عن ظهر قلب، ولا يعني كونه معجزا في حفظ الناس له أن عسير الاستظهار بل المراد إنه لا مثيل له من الكتب السماوية أو غيرها مما يقع في ضخامة مادته اللفظية والمعنوية وقد حفظه

1 الإتقان1/67و70، 72، النوع التاسع عشر.

ص: 58

الناس على وجه التواتر دون انقطاع من لدن نزوله وإلى أن يشاء الله.

قال الرافعي: "إننا لنعرف صبيان المكاتب ـ وقد كنا منهم ـ وما يسهل عليه القرآن وإظهاره ولا يمكنه في أنفسهم حتى يثبتوه إلا نظمه واتساق هذا النظم، ولو هم أخذوا في غيره من فنون المعارف أو مختار الكلام أو نحوه مما يرادون على حفظه، أي ذلك كان، لأعياهم وبلغ منهم إلى حد الانقطاع والتخاذل حتى لا يجمعوا منه قدرا في حجم القرآن إن جمعوه إلا وقد استنفدوا من العمر أضعاف ما يقطعونه في حفظ القرآن، على أنهم يبلغون من هذا بالعفو والأناة ولا يبلغون مثله من ذلك إلا بالعنت والجهد"1.

كيف يحدث الحفظ؟

انتهت الدراسات الحديثة إلى أن الذاكرة تنطوي على ثلاثة عناصر على الأقل، وهي:

1ـ التمثل assimilation ويقاس بمقدار الكمية المحتفظ بها بعد التعليم مباشرة ويرتبط بالذكاء ارتباطا وثيقا.

1 إعجاز القرآن للرافعي، ص 242.

ص: 59

2ـ والاحتفاظ retention ويقدر بالتعبير عن مقدار ما أمكن الاحتفاظ به بعد فترة محدودة، ويتأثر تأثرا كبيرا بعدد مرات استعادة المادة ذهنيا، وارتباطه بالذكاء ارتباط طفيف ويتأثر بالحالات الفسيولوجية الطارئة كالتعب وانحراف الصحة والانفعال.

3ـ والاسترجاع recall ولا بد أن يسبقه "التمثل والاحتفاظ" وصلة الاسترجاع بالذكاء واضحة1.

ولقد كان لعلماء المسلمين السبق في كشف هذه العناصر الثلاثة، فهذا علي الجرجاني المتوفى سنة816هـ يقول في تعريف "الضبط" هو: إسماع الكلام كما يحق سماعه، ثم فهم معناه الذي أريده به، ثم حفظه ببذل جهوده، والثبات عليه بمذاكرته إلى حسن أدائه إلى غيره ا. هـ2.

فهو يجمع بين: "السماع والفهم، والحفظ، والثبات، والأداء".

ويقول في تعريف الذهن: قوة للنفس تشمل الحواس

1 المدخل إلى علم النفس، ص 235ـ235.

2 التعريفات، ص179.

ص: 60