الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حين جعل القرآن عضين ولهذا يقول عليه السلام:
"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين1" وما أحوج الناس إلى الاعتبار بهذا.
ويقول علي رضي الله عنه: "
…
وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهلة، بل الحجة عليه أعظم، والحسرة له ألزم وهو عند الله ألوم"2.
ويقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، وإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا"3.
1 رواه مسلم في صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه 1/559 عن عمر رضي الله عنه.
2 نهج البلاغة ص 164، ط: بيروت1982م.
3 صحيح البخاري6/2656، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: حكم حفظ القرآن:
هل يجب حفظ القرآن على كل أفراد الأمة؟ أم يجب حفظ بعضه دون البعض
…
؟
صرح العلماء بأن حفظ القرآن واجب على الأمة، أي: ألا
ينقطع عدد التواتر فيه، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف، فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين وإلا فالكل آثم1.
هذا من حيث المبدأ، وإذا كان التاريخ الإسلامي ذا صفحات وضاءة في مجال حفظ القرآن وتحفيظه كما مر طرف منه..وإذا كان الله قد تكفل بحفظ القرآن من التحريف والتبديل فحفظ القرآن كاملا كما أنزله على قلب رسوله..فإن حفظه يصبح فرض كفاية في حق سواد الأمة وعامة المسلمين..
أما حفظ بعضه كالفاتحة ونحوها فهو فرض عين على كل فرد، إذ لا تصح الصلاة بغير الفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"2.
أما من أتم حفظ القرآن أو أتم حفظ بعضه فيجب عليه المداومة على حفظه وعدم تعريضه للنسيان، وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن قوله ـ تعالىـ:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} 3،
1 البرهان للزركشي1/456، والإتقان1/99.
2 متفق عليه: البخاري 1/263 صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ومسلم295، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
3 سورة المزمل، الآية:20.
والمراد به قراءة القرآن بعينها دون الصلاة أي دراسة القرآن ليحصل الأمن من النسيان1، وتحقيقا لقوله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
…
} 2.
أي: هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا، يحفظه العلماء، يسره الله عليهم حفظا وتلاوة وتفسيرا3.
وإذا كان الفقهاء قد قرروا الحكم الشرعي لحفظ القرآن على نحو ما سلف إلا أن حفظ القرآن اليوم ألزم، وذلك لما نلحظه في عصرنا من انصراف الهمم على حفظ القرآن المجيد، قال الرافعي "المتوفى سنة 1937م" في كلمة بليغة يصف حال شباب اليوم: "نحن نأسف أشد الأسف وأبلغه بل أحراه أن يكون هما يعتلج في الصدر ويستوقد في الضلوع إذ نرى نشء هذه الأيام قد انصرفوا عن جمع القرآن واستيعابه وأحكامه قراءة وتجويدا، فلا يحفظون منه ـ إن حفظوا ـ إلا أجزاء قليلة على أنهم ينسونها بعد ذلك، ثم يشب أحدهم كما يشب قرن الماعز نبت على سواء ولا يثبت إلا
1 تفسير الرازي15/187.
2 سورة العنكبوت، الآية:49.
3 تفسير ابن كثير3/417.