الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسائل والتوجيهات النَّبويَّة للحيلولة دون انتقال الأمراض وتفشيها:
• وما الوضوء أيها الأحبة؟ ! أليس هو وجوب غسل اليدين، وقد علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً أن نغسل أيدينا لا في الإناء، ولكن في ماءٍ منتزعٍ من الإناء، فقال صلوات الله عليه: «إذا اسْتَيْقَظَ أحدُكم من نومه فلا يَغْمِسْ يدَه في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يَدري: أين بَاتَتْ يدُه؟
(1)
» (رواه البخاري) فإذا كان في الأيدي جراثيم، لا ينتقل هذا الجرثوم إلى ماء الإناء، ألم يعلمنا النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ هذه المنافذ الأربعة التي ينفد منها الجرثوم إلى الجسم، كالأنف، والفم، والأذنان، ينبغي غسلها في اليوم والليلة خمس مرات؟ ! .
أليس الوضوء -أيها الأحبة- أكبر وقايةٍ من العدوى؟ ! ، الوضوء وحده، الذي فيه المضمضة، والاستنثار، وغسل الوجه، واليدين، والرجلين.
• وإذا كانت العدوى تنتقل عن طريق جهاز التنفس، فقد قال لنا النبي عليه الصلاة والسلام مرشداً ومعلماً: «أَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ-أي أزله عنه-، ثُمَّ تَنَفَّسْ
(2)
» (مالك والترمذي). ثم قَالَ للذي نفخ في الشراب: «إِنِّي أَرَى الْقَذَى فِيه، قَالَ: فَأَهْرِقْهُ
(3)
» (المرجع السابق). إنه كلام من لا ينطق عن الهوى؛ إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى.
(1)
رواه البخاري 1/ 229 - 231 في الوضوء، باب الاستجمار وتراً، ومسلم رقم (278) في الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً. ا. هـ (جامع الأصول)
(2)
رواه مالك في الموطأ 2/ 925 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، باب النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب، والترمذي رقم (1888) في الأشربة، باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب، وأبو داود رقم (3722) في الأشربة، باب الشرب من ثلمة القدح، ورواه ابن ماجة بمعناه من حديث أبي هريرة رقم (3427) في الأشربة، باب التنفس في الاناء، وهو حديث حسن. ا. هـ (جامع الأصول)
(3)
المرجع السابق.
• أمر آخر .. كان من وصية رسوله الله ومن سننه المحافظة على السواك خمس مرات باليوم، وعلماء الجراثيم عندما يتحدثون عن وسائل الوقاية يقولون: بضرورة أن يبقى الفم واللسان رطباً لا جافاً
…
، إنه كلام من لا ينطق عن الهوى .. قال صلوات الله عليه: «السِّواكُ مَطهَرةٌ للفَمِ، مَرْضاةٌ للرَّبِّ
(1)
» (أخرجه النسائي وغيره) دققوا في اختيار رسول الله لهذا التعبير المعجز "مطهرة للفم" .. ! وقال: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ
(2)
» (متفق عليه). والسواك كل ما يُستاك به في اللغة العربية .. ففرشاة الأسنان سواك
…
وعود الأراك سواك ..
• وكان من وصيته صلى الله عليه وسلم استعمال ما يمنعُ وصولَ رذاذ العطاس إلى الآخرين. قال أبو هُرَيْرة رضي الله عنه: "كَانَ- صلى الله عليه وسلم إِذَا عَطَسَ غَضَّ صَوَتهُ، وَاسْتَتَر بِثَوْبِه أَوْ يدهِ
(3)
" (البيهقي في شعب).
(1)
أخرجه النسائي 1/ 10 في الطهارة، باب الترغيب في السواك، ورواه أيضاً أحمد في " المسند "، والدارمي في " سننه "، وإسناده صحيح. ا. هـ (جامع الأصول)
(2)
رواه البخاري 2/ 311 و 312 في الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، وفي التمني، باب ما يجوز من اللو، ومسلم رقم (252) في الطهارة، باب السواك. ا. هـ (جامع الأصول)
(3)
البيهقي في شعب الإيمان باب: في تشميت العاطس باب: في خفض الصوت بالعطاس 7/ 31، 32 برقم:9354.
• وقد أرشدتنا شريعتنا الغراء إلى استحباب غسل اليدين قبل الطعام؛ ليأكل بهما وهما نظيفتان من كل فيروس أو أذى، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بركة الطعام الوُضُوء قبلَه، والوضوء بعدَه
(1)
» (الترمذي وغيره). ولا يخفى أنّ وضوءَ الطعامِ هو غسلُ اليدين والفمِ قبل الطعام وبعده. فهي تقِي مِن انتقالِ كثيرٍ مِنَ الأمراضِ المُعْدِيةِ، التي تنتقلُ بتلوُّثِ الأيدِي، كالكوليرا، والزحارِ، والالتهابِ المعويِّ .. وغير ذلك مما هو معلوم في الطب، ومن الإحصاءاتِ الطريفةِ والخطيرةِ التي أَجْرَتْهَا إحدى المؤسساتِ العلميةِ المعنيةِ بشؤونِ الصحةِ على مستوى العالَمِ كلِّه أنّ أمراضَ القذارةِ التي تنتقلُ عن طريقِ تلوُّثِ اليدينِ والماءِ والطعامِ، بلغ ضحيتها ثلاثة ملايين إنسانٍ، يموتون كلَّ عامٍ بسببِ قذارتِهم، وبسببِ مخالفتِهم لاتِّباعِ السنةِ، ونصفُ هؤلاءِ من الأطفالِ؛ نتيجةَ عدمِ الاهتمامِ بنظافةِ اليدينِ، وغسلِهما قبلَ الطعامَ، هذه السنة التي هملها بعضنا ولا يوليها أدنى اهتمام.
• ألم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على نظافة أدوات الأكل والشرب وصيانتها عن التلوث الذي يؤدي إلى نقل الأمراض المعدية والأوبئة الممرضة، فقال صلى الله عليه وسلم: «غَطُّوا الإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ - أي شدوا رأس السقاء بالوكاء وهو الخيط لئلا يسقط فيه شئ - وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ
(2)
» (مسلم).
(1)
رواه الترمذي رقم (1847) في الأطعمة، باب ما جاء في الوضوء قبل الطعام وبعده، وأبو داود رقم (3761) في الأطعمة، باب غسل اليد قبل الطعام.
(2)
أخرجه مسلم برقم: (2012) في الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء. ا. هـ (جامع الأصول)
• بل إن من التدابير والتوجيهات الإسلامية في مواجهة الأوبئة نهيه عن دخول المريض على الأصحاء، فمن علم أنه مريض مرضاً يعدي من حوله ويؤذيهم فلا يجوز له مخالطة الناس دون اتخاذ التدابير الوقائية التي تمنع نقل العدوى لهم؛ لأن ذلك إضرار بالمجتمع وهو أمر محرم شرعاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ -وفي رواية: ولا إِضْرَارَ
(1)
» (مالك وغيره)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَنّ مُمْرِض على مُصِحّ
(2)
» (البخاري).
ومما ينبغي علينا ترك الاجتماعات التي قد تؤذي إلى تفشي الوباء حتى لو كان هذا الاجتماع للدعاء والعبادة، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:"ووقع هذا في زماننا، حيث وقع أول الطاعون بالقاهرة، في السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر، سنة 833 هـ، فكان عدد من يموت بها دون الاربعين، فخرجوا إلى الصحراء، في الرابع من جمادى الأولى، بعد أن نودي فيهم بصيام ثلاثة ايام، كما في الاستسقاء، واجتمعوا ودعوا وأقاموا ساعة ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يوم بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد ". (كنوز الذهب في تاريخ حلب 2/ 212)
(1)
أخرجه مالك في الموطأ 2/ 745 مرسلاً في الأقضية، باب القضاء في المرفق. ورواه الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، قال النووي في " الأربعين ": وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
(2)
أخرجه البخاري 7/ 197.