المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل التاسع: الغضب المحمود - لا تغضب

[محمد العماري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الْفَصْلُ الأَوَّلُ: لَا تَغْضَبْ

- ‌الْفَصْلُ الْثَّانِي: أَسْبَابُ الْغَضَبِ

- ‌الْفَصْلُ الْثَّالِثُ: مَعْنَى لَا تَغْضَبْ

- ‌الْفَصْلُ الْرَّابِعُ: الْدَّوَافِعُ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْغَضَبِ

- ‌الْدَّافِعُ الأَوَّلُ: الْظَّنُ بَأَنَّهُ قُوَّةٌ

- ‌الْدَّافِعُ الْثَّانِي: مُجَالَسَةُ مَنْ هُوَ كَثِيْرُ الْغَضَبِ؛ الْمُفَاخِرُ بِالْغَضَبِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ: مُسَكِّنَاتُ الْغَضَبِ

- ‌الْمُسَكِّنُ الأَوَّلُ: الْسُّكُوتُ

- ‌الْمُسَكِّنُ الْثَّانِي: أَنْ يُمْسِكَ الْغَضْبَان الْيَدَ وَاللِّسَان

- ‌الْمُسَكِّنُ الْثَّالِثُ: الاسْتِعَاذَةُ باِللهِ مِنَ الْشيطانِ

- ‌الْمُسَكِّنُ الْرَّابِعُ: مَنْ كَانَ قَائِماً فَلْيَجْلِسْ؛ فَإِنْ ذَهَبَ الْغَضَبُ وَإلا فَلْيَضْطَجِعْ

- ‌الْمُسَكِّنُ الْخَامِسُ: الْوَضُوءُ

- ‌الْمُسَكِّنُ الْسَّادِسُ: تَذَكُّرُ قُدْرَةِ اللهِ عَلَيْهِ

- ‌الْمُسَكِّنُ الْسَّابِعُ: تَذَكُّرُ ثَوَابِ الْعَفْوِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ مِنْ الْعِزَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ

- ‌الْفَصْلُ الْسَّادِسُ: مَوَانِعُ الْغَضَبِ

- ‌الْمَانِعُ الأَوَّلُ: الْعِلْمُ بِأَنَّ عِزَّ الْنَفْسِ في ذُلِّهَا، فَمَنْ نَصَرَهَا أَذَلَّهَا، وَمَنْ أَذَلَّهَا أَعَزَّهَا

- ‌الْمَانِعُ الْثَّانِي: الْحِلْمُ

- ‌الْمَانعُِ الْثَّالِثُ: الْتَّحَلُّمُ بِمُخَالَطَةِ مَنْ كَانَ حَلِيْماً لِيَتَعَلَّمَ

- ‌الْمَانِعُ الْرَّابِعُ: تَذَكُّرُ كَرَاهَةِ الْنَّاسِ لَهُ

- ‌الْمَانِعُ الْخَامِسُ: تَذَكُّرُ نِهَايةِ الْغَضَبِ؛ مِنْ القَتْلِ وَالْسِّجْنِ، وَالْنَّدَمِ والْحُزْنِ

- ‌الْمَانِعُ الْسَّادِسُ: تَذَكُّرُ آثَارِ الْغَضَبِ

- ‌الْفَصْلُ الْسَّابِعُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْغَضَبِ وَالْحُزْنِ

- ‌الْفَصْلُ الْثَّامِنُ: الْغَضَبُ الْمَذْمُوْمُ

- ‌الَفَصْلُ الْتَّاسِعُ: الْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ

الفصل: ‌الفصل التاسع: الغضب المحمود

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَا إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، فَقَالا: أَلَمْ يَقُلْ الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فَقَالَ: قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لله، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ الله رواه البخاري (1)

‌الَفَصْلُ الْتَّاسِعُ: الْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ

.

الْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ مَا كَانَ للرَّحْمَنِ وَضُبِطَ بِالْقُرَآنِ، فَلَا يُسْكَتْ عَلَى الْمُنْكَر، وَبِغَيْرِ الْوَحْي لا يُنْكَر.

قُلْتُ: لأَنَّ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ للرَّحْمَن ِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنِ الْقُرْآن؛ لأَنَّهُ خُلُقُهُ؛ فَهْوَ يُطَبِّقُهُ.

وَكَانَ مِنْ دُعائِهِ صلى الله عليه وسلم: (أَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالْرِّضَا).

وَلَمْ يَكُنْ إِذَا غَضِبَ للهِ بَذِيّاً وَلَا فَاحِشاً.

وَبَعْضُ الْنَّاسِ يَخْرُجُ عَنِ الْسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ؛ بِحُجَةِ أَنَّهُ غَضِبَ للرَّحْمَنِ؛ فَيَسْتَحِلُّ بِغَضَبِهِ للهِ مَا حَرَّمَ الله؛ مِنَ الأَنْفُسِ وَالأَمْوَال، وَالأَعْرَاضِ وَالأَقْوَال.

فَإِذَا قِيْلَ: لَهُ اتَّقِ الله، قَالَ: إِنَّمَا غَضِبْتُ لله. فَيَاللهِ الْعَجَبُ، متى كَانَ الْغَضَبُ مَصْدَراً للتَّحْلِيْلِ وَالْتَّحْرِيم؟ وَمَتَى نَسَخَ الْسُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ الْكَرِيم؟

فَالْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ هُوَ مَا كَانَ لِلْحَقِّ، لا لِلْخَلْقِ؛ وَهْوَ أَنْوَاعٌ:

الْنَّوْعُ الأَوَّلُ: الْغَضَبُ لِحِمَايَةِ الْدِّيْنِ.

(1) البخاري رقم4153 (ج 13 / ص 457)

ص: 26

بِشَرْطِ أَنْ يُضْبَطَ بِالْوَحْيَيْن؛ فَيَحِلُّ مَا أُحِلَّ فِيْهِمَا وَيُحَرِّمُ مَا حُرِّمَ فِيْهِمَا.

قَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ {14} {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {15} (التوبة 14ـ15).

وَعَنْ سَعِيْدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ الْنبَّيَّ صلى الله عليه وسلم يَقَوْلُ: (مَنْ قُتِلَ دَوْنَ دِيْنِهِ فَهْوَ شَهِيْدٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاود (1) والترمذي (2) واللفظ له وقال حديث حسن صحيح.

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُوْلُ: (مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ شَيْئاً قَطُّ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ) رواه البخاري و مسلم.

وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (وَمَا انْتَقَمَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فِي شَيءٍ قَطُّ إِلَا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ).

الْنَّوْعُ الْثَّانِي: الْغَضَبُ لِسَمَاعِ مَا يَكْرَهُ الْرَّحْمَنُ؛ إِذَا ضُبِطَ بِالْسُّنَّةِ وَالْقُرْآن؛ فَيُبَيِّنُ حُكْمَهُ بِمَا فِيْهِمَا وَلَا يَتَجَاوَزُهُمَا إِلَى الْسَّبِّ وَالْشَّتْم ِ، وَالْتَّعْييِرِ وَالْوَصْم ِوَالْقَوْلِ بَلَا عِلْمٍ.

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُوْلُ الله ِ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَة ٌمِنَ الأْنَصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ:(خُذُوْا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوْهَا فَإنَّهَا مَلْعُوْنَةٌ) رواه مسلم (3).

(1) السنن رقم4142ج12ص388

(2)

السنن رقم1341ج5ص315

(3)

صحيح مسلم رقم2595 ج4/ص2004

ص: 27

قَالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الآنَ تَمْشِي فِي الْنَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ.

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لِنَاضِحِهِ: سِرْ لَعَنَكَ الله. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (انْزِلْ عنْهُ لَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُوْنٍ) رواه مسلم (1)

الْنَّوْعُ الْثَّالِثُ: الْغَضَبُ لِرُؤْيَةِ مَا يَكْرَهُ الْرَّحْمَنُ.

إِذَا ضُبِطَ باِلْسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ فَيُبَيِّنُ حُكْمَهُ بِمَا فِيْهِمَا وَلَا يُتَجاوزهُما إِلَى الْسَّبِّ وَالْشَّتْم ِ، وَالْتَّعْيِيرِ وَالْوَصْم ِ، وَالْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، وَقَالَ:(إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ) رواه البخاري (2) ومسلم (3)

الْنَّوْعُ الْرَّابِعُ: الْغَضَبُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِمَا يُغْضِبُ الْرَّحْمَن. إِذَا ضُبِطَ بِالْسُّنَّةِ وَالْقُرْآن؛ فَيُبَيِّنُ حُكْمَهُ بِمَا فِيْهِمَا؛ وَلَا يَتَجَاوَزُهُمَا؛ إِلى الْسَبِّ وَالْشَّتْم ِ، وَالْتَّعْييِرِ وَالْوَصْم ِ، وَالْقَوْلِ بِلا عِلْمٍ.

(1) الصحيح رقم3009ج4ص2304

(2)

البخاري رقم5644 (ج 19 ص 66) باب ما يجوز من الغضب

(3)

مسلم رقم 3936 (ج11/ص16) باب تحريم تصوير صورة

ص: 28

عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى الْنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (إِنِّي لأَ تَأَخَّرُ عَنِ صَلَاةِ الْصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَا يُطِيْلُ بِنَا فُلَان. فَمَا رَأَيْتُ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدُّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئذٍ، فَقَالَ: أيُّهَا الْنَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِيْنَ فَأَ يُّكُمْ أَمَّ الْنَّاسَ فَلْيُوْجِزْ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيْرَ وَالْضَعِيْفَ وَذَا الْحَاجَةِ) رواه البخاري (1) ومسلم (2).

فَانْظُرْ كَيْفَ غَضِبَ النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْوَحِي؛ فَبَيَّنَ الْحُكْمَ؛ وَبِهِ عَمَّ؛ فَبَيَّنَ حُكَمَ الْفِعْلِ، وَتَرَكَ الْفَاعِلَ.

الْنَّوْعُ الْخَامِسُ: غَضَبٌ لِحِمَايَةِ الْنَّفْسِ؟

مِنَ الْقَتْلِ وَالْمَالِ مِنَ الْغَصْبِ، وَالْعِرْضِ مِنَ الاِنْتِهَاكِ.

عَنْ سَعِيْدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (مَنْ قُتِلَ دَوْنَ مَالِهِ فَهْوَ شَهِيْدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُوْنَ دِيْنِهِ فَهْوَ شَهِيْدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُوْنَ دَمِهِ فَهْوَ شَهِيْدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُوْنَ أَهْلِهِ فَهْوَ شَهِيْدٌ)(3) رواه أبو داود والترمذي.

وَصَلَى اللهُ عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

(1) البخاري 5769ج5ص2265باب ما يجوز من

(2)

مسلم 466ج1ص340 باب أمر الإمام بتخفيف الصلاة في تمام

(3)

سبق تخريجه.

ص: 29