المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طبقة أخرى صغرى: - لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ

[ابن فهد]

الفصل: ‌طبقة أخرى صغرى:

‌طبقة أخرى صغرى:

ابن الحُسباني 1 أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العال الدمشقي الشافعي الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو العباس:

مولده في أواخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة بدمشق اشتغل وحصل وتفقه بجماعة منهم والده2 وأجيز بالفتوى وبرع في علم العربية أخذه عن أبي العباس العناني3 وطلب الحديث بنفسه فقرأ وسمع وكتب الكثير عن شيوخ بلده وغيرهم وتقدم على أقرانه في عدة من فنون العلم وهو شاب مع الذكاء المفرط والذهن الثاقب يستحضر كثيرا، سمع بمدمشق من عدة من أصحاب الفخر بن البخاري وغيرهم منهم ابن الهبل4 وابن أميلة والصلاح بن أبي عمر وأخذ عن الحافظين ابن كثير وابن رافع بمصر من البهاء محمد بن أبي اليسر وجويرية ابنة الهكاري ولم يزل يسمع حتى سمع ممن هو دون شيوخه ومسموعاته جمعة لا تحصر لكن غاب عنه أكثرها، وكان -رحمه الله تعالى- أحد الأئمة العلماء الأمجاد والحفاظ الجلة النقاد فقيه دمشق ومفتيها وحافظها، درس قديم بالأمينية وولي درس الحديث بالأشرفية وناب في الحكم مدة بدمشق ثم اشتغل بقضائها5، دأب في التأليف واجتهد في التصنيف خصوصا في التفسير وتكلم على الرجال بالتحرير

1 بضم الحاء وسكون السين المهملتين وفتح الباء الموحدة ثم ألف ونون نسبة إلى حسبان قاعدة البلقاء بالشام ذكره أبو الفداء في تقويم البلدان.

2 وهو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن خليفة الحسباني ثم الدمشقي "المتوفى بها سنة 778 عن نحو ستين سنة". الطهطاوي".

3 وصوابه "العنابي" بضم العين المهملة وتشديد النون وبموحدة بعد الألف كما تقدم ورأيته الآن كذلك في مواضع من إنباء الغمر مضبوطا في أحدها بما ذكرنا وكذلك رأيته في الضوء اللامع في ترجمة الشهاب بن الحسباني المذكور وترجمة الشهاب بن حجي الآتي ذكره وترجمة الشهاب أحمد بن ناصر الباعوني وترجمة الجمال أبي حامد بن ظهيرة المكي مع ضبطه في الأخيرة بما ذكرنا. "الطهطاوي".

4 بفتح الهاء والباء الموحدة كما ذكره الشمس بن الجزري في عشارياته. وهو بدر الدين أبو علي الحسن بن أحمد بن هلال بن سعيد بن فضل الله الصرخدي الأصل الدمشقي الصالحي الدقاق المعروف بابن هبل وهو لقب أبيه أحمد. ولد سنة 683 وسمع علي الفخر بن البخاري والتقي الواسطي ومن بعدهما وتوفي في ثالث عشر من صفر من سنة 779 كذا يستفاد من الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر وذيل معجمه له. "الطهطاوي".

5 والظاهر أن فيه تحريفًا مطبعيًّا وأصله "ثم استقل بقضائها" كما عبر الحافظ ابن حجر في الإنباء وعبارته في معجمه وناب في الحكم مدة ثم ولي قضاء دمشق استقلالًا. اهـ. في الضوء اللامع. "الطهطاوي".

ص: 160

كتب الكثير وحدث باليسير وجمع من الكتب والأصول في مَصره ما لم يكن عند أحد من أهل عصره لكنها في الفتنة1 بادت وكأنها ما كانت، ذكره قاضي صفد محمد بن عبد الرحمن العثماني فيمن كان بدمشق في العشر الثامن من القرن الثامن من أعيان الفقهاء الشافعية فقال في حقه شيخ دمشق وابن شيخها العلامة شهاب الدين: له حلقة بالجامع الأموي وغيره. انتهى.

ومما ألفه "جامع التفاسير" أجاد في تهذيبه وجمع فيه فأوعى و"شافي العي في تخريج أحاديث الرافعي" و"الدر المنظوم في سيرة النبي المعصوم" و"طبقات الشافعية" و"ترتيب طبقات القراء للذهبي" و"تعليق على الحاوي" و"شرح ألفية ابن مالك"، قال الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن ناصر الدين: لم يكمل فيما أعلم تأليفا ولا رأيت له تصنيفا. انتهى. قلت لعل موجب ذلك تلافها في الفتنة، سمع منه جمع من الأئمة الفضلاء والحفاظ النبلاء وكتب لي بالإجازة وكان بعد الوقعة اللنكية العظمى قد فتر عن الاشتغال وفتن بحب ولده تاج الدين فوقع في الإدبار وصرف عن الإقبال وألقاه في مهاوي المهالك حتى ضاقت عليه المسالك2 إلى أن مات بالصالحية في يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الثاني سنة خمس عشرة وثمانمائة تغمده الله برحمته.

وفيها مات بالبيت المقدس الإمام شهاب الدين أحمد بن محمد بن عماد شهر بابن الهائم المصري في جمادي الثانية، وبزبيد فقيهها القاضي شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن علي الناشري في المحرم، وبدمشق الملك بنت إبراهيم بن خليل3 بن محمود

1 فتنة تيمور الطاغية لما استولى على الشام.

2 وينقل ابن العماد عن المقريزي أن المترجم ولي قضاء القضاة بدمشق غير مرة فلم تحمد سيرته وكان لا يزال يخرج على السلطان ويترامى على الشر ويلج في مضايق الفتن حبًّا في الرياسة. اهـ. والله أعلم.

3 "جاء" وفيه تحريف من قلم ناسخ والأصل آي ملك، وآي بالمد بمعنى قمر وهي لفظة تركية وصريح كلام الحافظ ابن حجر في معجمه أنه لقب لأم عبد الله بنت إبراهيم الشرائحي المذكور فإنه قال فيه في حرف الهمزة: آي ملك بنت إبراهيم بن خليل البعلبكية أخت صاحبنا جمال الدين بن الشرائحي وكان يقال لها: عائشة، وستأتي في العين إن شاء الله تعالى. اهـ. وقال في حرف العين: عائشة بنت إبراهيم بن خليل البعلبكية أخت الشيخ جمال الدين الشرائحي ويقال لها آي ملك سمعنا منها مع أخيها بدمشق وكانت قد سمعت على ابن أميلة وأبي بكر بن المحب ويوسف ين الصيرفي ثم لقيتها بدمشق سنة ست وثلاثين وثمانمائة وسمعت عليها منتقى الذهبي من مشيخة الفخر بسماعها للمشيخة على ابن أميلة. اهـ. وقد ذكر السخاوي في الضوء اللامع أن عائشة هذه توفيت سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وهذا لا يوافق ما ذكره السخاوي في الضوء اللامع أن عائشة هذه توفيت سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وهذا لا يوافق ما ذكره المؤلف من أن آي ملك توفيت سنة 815 فالصواب ما ذكره السخاوي في الضوء من أن آي ملك ليس لقبا لعائشة المذكورة بل هو اسم أخت لها تكنى بأم الخير وتعرف أيضًا ببنت الشرائحي وإنها سمعت مع أخيها الجمال عبد الله الكثير من ابن أميلة وغيره وأنها حدثت مع أخيها وبمفردها، قال: وسمع منها شيخنا يعني الحافظ ابن حجر كما ذكره في إنبائه وأرخ وفاتها في ربيع الثاني من سنة 815 اهـ وهو موافق لما ذكره المؤلف ثم قال السخاوي: وذكرها شيخنا في معجمه وقال: هي عائشة وهو سهو بل هما أختان. اهـ. وسيأتي للمؤلف ترجمة أخيها جمال الدين عبد الله الشرائحي وسبق له ذكر أبيهم الصارم إبراهيم بن خليل الشرائحي. "الطهطاوي".

ص: 161

وعرف والدها بالشرايحي في شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الجلال جار الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبي المعالي الشيباني في أواخر ذي الحجة، وبعده بسبعة أيام ابنه جمال الدين محمد، وبطابة المسندة أم محمد رقية بنت يحيى بن العفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع في صفر ولها تسع وثمانون سنة1، وبدمشق المسند طنبغا بن عبد الله التركي2، والمسندة أم علي عائشة بنت علي بن محمد بن عبد الغني بن منصور الذهبي3 في شهر رمضان، وجمال الدين عبد الله بن محمد بن عثمان4 المصري الشافعي مقتولًا، وبمكة الشيخ نور الدين علي بن محمد بن أبي بكر الشيبي، وسراج الدين عمر الهندي الحنفي ويعرف بالفافا5 وزين الدين أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد ابن الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري في السادس عشر من شهر رمضان المكرم وله سبع وسبعون سنة، وبدمشق بهاء الدين محمد بن أحمد إمام المشهد6 الشافعي، وبمكة الأديب جمال الدين محمد بن حسين7 بن عيسى

1 والذي في معجم الحافظ ابن حجر وإنباء الغمر له وشذرات الذهب "سبع وثمانون سنة" وقال السخاوي في الضوء اللامع: ولدت سنة ست وعشرين وسبعمائة ظنًّا. اهـ. فإن صدق هذا الظن كان لها تسع وثمانون سنة كما قال المؤلف والله أعلم. "الطهطاوي".

2 وهو مولى ابن القواس. سمع على الحجار بعض صحيح البخاري وهو آخر من سمع منه من الرجال كذا في إنباء الغمر ويظهر من صنيع صاحب الضوء اللامع أنه بالمثناة التحتية لا بالنون والله أعلم. "الطهطاوي".

3 وهي زوج الحافظ شمس الدين الحسيني صاحب الذيل الأول كما في معجم الحافظ ابن حجر وغيره. "الطهطاوي".

4 وصوابه "ابن طيمان" بطاء مهملة مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة ففي إنباء الغمر والضوء اللامع جمال الدين عبد الله بن محمد بن طيمان بفتح المهملة وسكون التحتية الطيماني المصري الشافعي نزيل دمشق، مات بها مقتولًا في حصار الناصر من غير قصد من قاتله فإنه كان يلبس زي العجم قريبا من زي الترك. اهـ. ونحوه في الشذرات، والناصر هو الملك الناصر فرج بن برقوق الذي حوصر في قلعة دمشق وقتل بها في صفر من السنة المذكورة في كلام المؤلف أعني سنة 815. "الطهطاوي".

5 بفاءين لقب بذلك لكثرة نطقه بالفاء على ما في الشذرات.

6 هو بهاء الدين أبو حامد محمد بن الصدر أبي الطيب أحمد بن بهاء الدين أبي المعالي محمد بن علي بن سعيد بن سالم الأنصاري المعروف كجده بابن إمام المشهد الدمشقي الشافعي "المتوفى في السنة المذكورة عن 48 سنة". "الطهطاوي".

7 والذي في إنباء الغمر والتبر المسبوك وشذرات الذهب وموضعين من الضوء اللامع "محمد بن حسن" وكذا في أوائل شرح القاموس نقلًا عن المؤلف. "الطهطاوي".

ص: 162

شهر بابن العليف1 الحُلوي2 وبحلب قاضيها محب الدين أبو الوليد محمد بن محمد الشهير بابن الشحنة الحنفي في شهر ربيع الآخر، وبمكة شمس الدين محمد بن مسعود النحريري، وبدمشق شرف الدين محمود بن عمر بن محمود الأنطاكي3 النحوي في شعبان، وبشيراز ذو التصانيف السائرة عالمها الشريف الجرجاني واسمه علي بن محمد بن علي وقيل: علي بن علي بن حسين4 وعمره سبعة وسبعون سنة.

ابن حِجّي أحمد بن حجي- بكسر الحاء المهملة والجيم الثقيلة- ابن موسى بن أحمد بن سعد بن غشم بن غزوان بن علي بن شرف بن تركي السعدي الحسباني 5 الدمشقي الشافعي:

يقال: إنه من عطية أبي محمد السعدي6 الصحابي المشهور من بني سعد بن بكر نزل الشام وكان له أولاد بالبلقاء وقد انتسب إليه فقال فيما وجد بخطه في ترجمة والده من معجمه بعد أن ذكر نسبه إلى تركي فقال: من ولد عطية أبي محمد السعدي ظنًّا. انتهى. وهو الحافظ العلامة الإمام حافظ الشام ومؤرخ الإسلام شهاب الدين أبو العباس ولد في أوائل المحرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وسمع على محمد بن موسى بن سليمان الشيرجي وحسن بن الهبل ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد المقدسي وأحمد بن محمد بن عمر شهر بزُغْنُش7

1 بمهملة ولام وفاء مصغر علف على ما ذكره السخاوي في أنساب الضوء.

2 بفتح الحاء المهملة واللام الخفيفة نسبة إلى مدينة حلي كان منها ونزل مكة كذا في إنباء الغمر والتبر المسبوك والذي في شذرات الذهب الحلوي بفتح المهملة وسكون اللام نسبة إلى حلي كظبي مدينة باليمن. اهـ. وفي معجم البلدان حلي بوزن ظبي مدينة باليمن على ساحل البحر ويقال لها: حلية كظبية.

3 والذي في إنباء الغمر "شرف الدين مسعود بن عمر

إلخ" ومثله في بغية الوعاة وشذرات الذهب قال الشمس السخاوي في الضوء اللامع: هكذا سماه شيخنا في إنبائه وصوابه محمود قال: وسماه محمودا الحافظ ابن موسى والبدر العيني والنجم بن فهد في معجم أبيه وآخرون وسماه شيخنا مسعودا والأول أصح وكذلك هو في تاريخ ابن خطب الناصرية. "الطهطاوي".

4 نقل هذا عن ابن سبطه شمس الدين محمد بن جعفر الجرجاني ولكن الأول هو المعروف. هذا، والذي ذكره غير واحد وصححه الشمس السخاوي في الضوء اللامع أنه توفي سنة 816 وهو الذي اعتمدته في كتابي "رفع الغواشي عن معضلات المطول والحواشي" وقال البدر العيني في تاريخه: توفي سنة 814 وكل منهما مخالف لما ذكره المؤلف والله أعلم. "الطهطاوي".

5 بالضم وقد سبق ضطبه عن أبي الفداء والسخاوي.

6 أي من ولده وهو أبو محمد عطية بن عروة بن سعد بن عروة السعدي -رضي الله تعالى عنه- وهو من بني سعد بن بكر بن هوازن كما في تهذيب التهذيب. "الطهطاوي".

7 الذي ذكره الحافظ ابن حجر في معجمه وفي إنباء الغمر في ترجمة حفيده أنه زغلش قال: بفتح الزاي وسكون الغين المعجمة وكسر اللام وآخره شين معجمة. اهـ. وذكر له ترجمة في الدرر الكامنة فقال: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر بن حسين الأيكي الفارسي الأصل الصالحي المعروف بزغلش قيم المدرسة الضيائية "المتوفى في المحرم من سنة 771 وقد جاوز التسعين" قال: وهو جد شيخنا شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد المهندس سمع منه حفيده وشيخنا العراقي والشريف الحسيني. اهـ. وكان يعرف بابن مهندس الحرم وقد ضبطه صاحب الشذرات في ترجمة الجد بالأول وفي ترجمة حفيده الثاني، وقد سبق ذكر حفيده وبيناه هناك والله الهادي. "الطهطاوي".

ص: 163

وعمر بن حسن بن أميلة ويوسف بن محمد بن محمد بن علي الصيرفي ومحمد بن عبد القاهر بن عبد الرحمن الشهروزوري والصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر وقريبه أحمد بن النجم إسماعيل وزينب بنت قاسم ومحمد بن عبد الله الصفوي وابن السيوفي وابن النقي1 وعثمان بن يوسف بن غدير والحافظ تقي الدين بن رافع وعدة لا يحصون بطلبه واعتنائه، وأجاز له في سنة تسع وخمسين باستدعاء ابن سند الحافظ خلائق منهم ابن الجوخي وابن القيم وعمر بن عثمان بن سالم وإبراهيم بن محمد التونسي والحافظ أبو سيد العلائي والجمال بن نباتة والزيباوي وإسماعيل بن سنجر ومحمد بن محبوب والقاضي تقي الدين بن المجد وعبد القادر بن سبع ومحمود بن أبي بكر بن محمد وباستدعائه أيضًا في سنة إحدى وستين من مكة الشهاب أحمد بن علي بن يوسف الحنبلي2 وأم الهدي عائشة ابنة الخطيب تقي الدين عبد الله حفيدة المحب الطبري وطائفة سواهما.

وأجاز له أيضًا فيما كتب بخطه من أصحاب ابن البخاري حفيده وست العرب3 بنت محمد ومحمد بن أبي بكر الأعزازي ومحمد بن إبراهيم البياني لكن قال: يحرر هذا وإسماعيل بن محمد الأرموي، والده شيخ البلاد الشامية نحوًا من عشرين سنة وتفقه به وبغيره من ذوي العلوم المرضية كالقاضي أبي البقاء السبكي وابن قاضي شهبة محمد بن عمر وغيرهما من الأئمة فحصل فنونا من العلوم جمة ومهر في علم الحديث والفقه وأفتى ودرس مع الصيانة والديانة، ولي الخطابة بجامع بني أمية في دمشق وناب في القضاء ثم تركه ولزم بيته فجمع نفسه للإفادة والاشتغال وعرض عليه القضاء فامتنع واشتهر ذكره وبعد صيته وكان لهجا بعلم التاريخ والمواقيت، وقدم القاهرة رسولا من المؤيد شيخ في سنة ثمان وثمانمائة، وبخط صاحبنا الحافظ أبي الحرم الأقفهسي أنه سمعه يقول: رأيت في النوم4 فعرفت أنه

1 وصواب الأول "ابن السوقي" كما تقدم في الكلام على ما جاء بالصفحة "173" وصواب الثاني "ابن النقبي" وهو زين الدين عمر بن إبراهيم بن نصر الله بن إبراهيم بن عبد الله الكناني الدمشقي الصالحي المعروف بابن النقبي "المتوفى سنة 774 عن نيف وثمانين سنة". "الطهطاوي".

2 وصوابه الحنفي كما تقدم له في الصفحة "225" وهو الشهاب أبو العباس أحمد بن علي بن يوسف بن أبي بكر بن أبي الفتح بن علي السجزي الأصل المكي ولادة ووفاة الحنفي إمام مقام الحنفية بالحرم الشريف "المتوفى في أول سنة 763 عن 90 سنة وقيل في التي قبلها" وهوشيخ الزين المراغي والحافظ العراقي وغيرهما. "الطهطاوي".

3 وفيه تحريف "حفيدته ست العرب". "الطهطاوي".

4 وقد سقطت منه كلمة والأصل "رأيت أبي في النوم" كما في عبارته في تاريخه ونصها رأيت أبي في النوم في أواخر شهر رجب من سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة في الأسدية فقمت خلفه فقلت كيف أنتم؟ فتبسم وقال: طيب. إلى آخر كلامه، وكذا في عبارة الحافظ أبي الحرم خليل بن محمد الأقفهسي التي وجدها الحافظ ابن حجر بخطه ونقلها في معجمه عنه وهي التي ذكرها المؤلف ووالده هو فقيه الشام في عصره علاء الدين حجي بن موسى الحسباني ثم الدمشقي "المتوفى بها سنة 782 عن 61 سنة". "الطهطاوي".

ص: 164

ميت فقلت له: كيف أنت؟ قال: إني طيب، بعد أن تبسم، فقلت: أيما أفضل الاشتغال بالفقه أو الحديث؟ قال: الحديث بكثير، وله تآليف حسنة1 مفيدة منها تاريخ من عاصرهم وتعليق على الألغاز للإسنوي، وكان -رحمه الله تعالى- أحد مشايخ الحديث والفقه عديم المثل لطيف الشكل مع الخلق الحسن والإحسان علامة الزمان وأحد أئمة هذا الشأن معرفة وإتقانا للوقائع وتراجم الرجال والدولة وتقلب الأحوال مع فتاويه المحررة المهذبة، وحدث سمع منه عدة من الأئمة والطلبة، كتب لي خطه بالإجازة، ومات -رحمه الله تعالى- في سادس المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة بدمشق المحروسة.

وفي هذه السنة مات بها برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن خضر الحنفي والشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد المشهور بابن زُقَّاعة2 وقاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن ناصر بن خليفة الباعوني3 والقاضي أبو العباس أحمد المشهور بابن السبتية4، وبتعز الشيخ حسام الدين حسن بن علي الأَبِيَورْدي5 في جمادى الثانية، وأم عبد الهادي الصالحية ولها ثلاث وتسعون سنة، وبمكة الشيخ عبد القوي بن محمد بن عبد القوي البِجائي6 المغربي، وبالقاهرة الإمام فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن أحمد البرماوي، وبدمشق القاضي صدر الدين علي بن أمين الدين محمد بن محمد عرف بابن الأَدْمي7 الدمشقي في رمضان، وبالقاهرة القاضي نور الدين علي القرافي، وشمس الدين محمد بن أحمد بن خليل الغراقي8 -بالغين المعجمة- وبتعز قاضيها جمال الدين محمد بن عمر

1 منها كتاب "جمع المفترق" في فوائد من علوم متعددة و"الدارس في أخبار المدارس" يذكر فيه ترجمة الواقف وما شرطه وتراجم من درس بالمدرسة إلى آخر وقت.

2 بضم الزاي وفتح القاف المشددة وألف وعين مهملة وهاء ترجمه أبو المحاسن في المنهل الصافي وابن العماد في الشذرات.

3 نسبة إلى باعون قرية صغيرة قرب عجلون. أنساب الضوء اللامع.

4 وصوابه "ابن الشنبل" بشين معجمة ونون وباء موحدة ولام ففي إنباء الغمر والضوء اللامع أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن الشنبل بضم المعجمة وسكون النون بعدها موحدة مضمونة ثم لام وهو مكيال القمح بحمص الحمصي ولي قضاء بلده ثم قضاء دمشق. "الطهطاوي".

5 نسبة إلى أبيورد بفتح الهمزة والواو وسكون التحتية وكسر الباء وسكون الراء بلدة بخراسان. شذرات الذهب.

6 نسبة لبجاية بكسر أولها من المغرب. قاله السخاوي.

7 كأنه لصنعة الأدم على ما في أنساب الضوء اللامع.

8 قال السخاوي: نسبة لغراقة بمعجمة مفتوحة ثم راء مهملة مشددة بعدها قاف قرية من القرى البحرية من الشرقية بمصر. اهـ. ووهم ابن العماد حيث قال: بفتح المهمة.

ص: 165

المشهور بالعوادي1 الشافعي، وبدمشق القاضي شمس الدين محمد بن محمد الإخنائي في شهر رجب، والقاضي شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى الرمثاوي، وبطيبة قاضهيا العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغي2 العثماني في مستهل ذي الحجة وله بضع وثمانون سنة، وبعدن خطيبها رضي الدين أبو بكر بن يوسف بن أبي الفتح شهر بابن المستأذن العدني.

أنشدنا الحافظ أبو العباس أحمد بن حجي الحسباني في كتابه قال: أنشدنا الإمام العالم البارع الأديب الأوحد أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الموصلي الطرابلسي من لفظه لنفسه:

إن كان إثبات الصفات جميعها

من غير كيف موجبا لومي

وأصير تيميا بذلك عندكم

فالمسلمون جميعهم تيمي

ابن ظهيرة محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن علي بن عليان بن هاشم بن حزام بن علي بن راجح بن سليمان بن عبد الرحمن بن حرب بن إدريس بن جعفر بن هاشم بن قاسم بن الوليد بن جندب بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:

كذا نقلت هذا النسب من خط بعض أقاربه وذكر أنه نقله من خط أخيه عمر بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي الشافعي الإمام العلامة الحافظ قاضي مكة وخطيبها وناظر حرمها وأوقافها ولاحسبة بها وشخيها في الفتوى والتدريس وعليه بها دارت الفتوى على مذهب ابن إدريس حافظ الحجاز وفقيهه وشيخ الإسلام بن جمال الدين أبو حامد مولده في ليلة عيد الفطر سنة إحدى وخمسيبن وسبعمائة بمكة المشرفة فنشأ بها على عفة وصيانة ونزاهة وكان إماما علامة حافظا متقنا مفَنًّا ذا دين وعبادة وصلاح واشتغال وإفادة مع رفعة القدر والرتبة والسيادة اشتغل في صغره وطلب بنفسه فحصل فنونا من العلم وقرأ بالروايات السبع على التقي البغدادي وغيره وتفقه على فقهاء بلده كعمه العلامة قاضي القضاة شهاب الدين أحمد وشيخ الإسلام قاضي القضاة بمكة العلامة كمال الدين أبي الفضل النويري

1 بفتح المهملة وتخفيف الواو على ما في شذرات الذهب.

2 المشهور أن اسمه كنيته ويقال: اسمه عبد الله ووجد بخط الكمال الشمني وكذا وجدته في عنوان العنوان للبرهان البقاعي في ترجمة ابنه شرف الدين أبي الفتح المراغي. وكون وفاته في مستهل ذي الحجة من سنة 816 ذكر مثله التقي ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية والشمس السخاوي في الضوء اللامع وصاحب الشذرات. ورأيت في النسخة التي بيدي من معجم الحافظ ابن حجر وهي نسخة دار الكتب المصرية أنه توفي في سادس عشر من ذي الحجة من سنة 817 لكنه ذكر في إنباء الغمر أنه توفي في سادس عشر من ذي الحجة من سنة 816 وهو موافق للأول في السنة والشهر دون اليوم. "الطهطاوي".

ص: 166

وأجازه بالإفتاء والتدريس ولازمهما وانتفع بهما وسمع بها الحديث على عبدة منهم الإمام ضياء الدين أبو الفضل محمد المدعو بخليل بن عبد الرحمن المالكي وهو أقدم شيوخه سماعا والجمال محمد بن أحمد بن عبد لمعطي الأنصاري والعلامة ولي الله تعالى عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعي، وأحمد بن سالم بن ياقوت المكي المؤذن وغيره من القادمين إليها.

وارتحل إلى مصر فسمع بها من جماعة كابن القاري وابن الشيخة والبهاء بن خليل والقاضي عز الدين بن جماعة وتفقه بشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وأجازه بأربعة علوم الحديث والفقه وأصوله والعربية وبابن الملقن وأجازه بالفتوى والتدريس ولازم شيخ الإسلام بهاء الدين أبا البقاء السبكي وحضر دروسه وتفقه به وهو أجل شيوخه وصحبه إلى دمشق فسمع بها من ابن أميلة وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي عمر وقريبه الصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم وجمع وسمع بعدة من بلاد الشام كبيت المقدس وبعلبك وحلب وغيرها.

ورحل إلى الإسكندرية فسمع بها من جماعة منهم التقي بن عزام وغير ذلك من الأقطار، وشيوخه خلائق يجمع غالبهم معجمه الذي خرجه له صاحبنا الحافظ أبو الحرم خليل بن محمد الأقفهسي حدث به وبغالب مسموعاته فسمعته منه والكثير من مروياته، وقد جمعت أسانيد مسموعاته في مجلد ضخم مرتب على حروف المعجم مع تراجم أصحاب الكتب والأجزاء وقد برع في علوم عدة منها الحديث والفقه وتصدر بعد السبعين بمكة المشرفة للإفادة بضعا وأربعين عاما فازدحم عليه الطلبة منها ومن الغرباء القادمين إليها فأخذوا عنه وانتفعوا به وكثرت تلامذته، حضرت دروسه في الفقه والحديث وغير ذلك ولازمته مدة سنين من أول القرن إلى حين مات فانتفعت به وتخرجت، سمع منه الأئمة والحفاظ وانتفع به جماعة وكان -رحمه الله تعالى- منجمعا عن الناس ساكنا متواضعا صالحا دينا مع الوقار والسمت الحسن وسلامة الصدر له أوراد وعبادة لا يقطعها في طول الزمن، كتب بخطه الكثير وله تعاليق وفوائد، خرج لنسفه جزءا أوله المسلسل بالأولية وجزءا فيما يتعلق بزمزم حدث بهما غير مرة وكتب شرحا على مواضع من الحاوي الصغير وله الشعر الحسن سمعت عليه أساميه1، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة العراقي في ترجمة والده فيمن أخذ عنه فقال: والحافظ شيخ الحجاز الآن جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة انتهى وكانت وفاته تغمده الله برحمته بمكة المشرفة ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة ولم يخلف بها بعده مثله.

1 ولعل فيه تحريفًا مطبعيًّا وأصله "أشياء منه". "الطهطاوي".

ص: 167

وفي هذه السنة مات بالقدس قاضيه بدر الدين حسن بن موسى بن مكي1 الشافعي، والفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن أحمد الحصري الربعي2، وبطابة قاضيها زين الدين عبد الرحمن بن علي بن يوسف الزرندي3 الحنفي في شهر ربيع الأول، وبمكة قاضيها عفيف الدين عبد الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم الشيباني المكي الشافعي، وبالقاهرة مسندها جمال الدين عبد الرحيم4 بن علي بن محمد الكناني العسقلاني وله سبع و5 سنة، وبدمشق شمس الدين محمد بن محمد بن محمد عباس6 الخريفي 7 التاجر

1 أي المعروف بابن مكي وهو والد جده لأنه حسن بن موسى بن إبراهيم بن مكي المقدسي الشافعي وقد ولي قضاء القدس مرارا وذكره الحافظ ابن حجر في معجمه وإنبائه وتبعه المقريزي في عقوده والسخاوي في ضوئه. "الطهطاوي".

2 والذي في إنباء الغمر والضوء اللامع "عبد الرحمن بن محمد الحضرمي الزبيدي" ولعله الصواب وكانت وفاته في أول المحرم من السنة التي ذكرها المؤلف عن 83 سنة. "الطهطاوي".

3 وما ذكره من أن وفاته كانت في ربيع الأول من السنة المذكورة أعني سنة 817 ذكر مثله التقي المقريزي في عقوده والحافظ ابن حجر في إنبائه وكذا في معجمه في النسخة التي عندي منه ووقع في نسخة الشمس السخاوي منه سنة عشر وثمانمائة فحكم بأنه سهو قال: والصواب سنة سبع عشرة. "الطهطاوي".

4 وصوابه "عبد الله" كما في معجم الحافظ ابن حجر وإنباء الغمر والضوء اللامع والشذرات وطبقات الحنابلة وغير ذلك. وهو جمال الدين أبو أحمد عبد الله ابن قاضي قضاة الشام علاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله الكناني العسقلاني الأصل القاهري الحنبلي المعروف بالجندي ولد في مستهل المحرم من سنة 751 وتوفي في جمادى الثانية أو في رجب من سنة 817 وهو سبط أبي الحرم القلانسي سمع منه وعلى غيره كثيرا وسبق ذكر والده. "الطهطاوي".

5 "وجاء" في السطر العشرين منها "وله سبع و" وبعده بياض وبعده البياض كلمة "سنة" وأصله "وله سبع وستون سنة" كما يعلم مما ذكرنا. "الطهطاوي".

6 وأصله "ابن عياش" أي المعروف بابن عياش بالمثناة التحتية المشددة والشين المعجمة كما في معجم الحافظ ابن حجر وكذا في الضوء اللامع كما سترى. "الطهطاوي".

7 وصوابه "الجوخي" بالجيم والخاء المعجمة نسبة إلى بيع الجوخ فقد قال صاحب الضوء اللامع في ترجمة الشمس محمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن عياش بتحتية ثقيلة ومعجمة: الدمشقي الجوخي التاجر أخو المقرئ أبي العباس أحمد وهذا أسنّ. اهـ. ومثله في إنباء الغمر وقال في ترجمة أخيه الشهاب أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن عياش الجوخي الدمشقي المقرئ الشافعي نزيل تعز ويعرف بابن عياش تعانى بيع الجوخ فرزق فيه حظا وحصل منه دنيا طائلة. اهـ. ومثله في إنباء الغمر. هذا وما ذكره المؤلف من أن الشمس بن عياش توفي في شهر رمضان من سنة 817 مخالف لما ذكره الحافظ ابن حجر في معجمه وفي إنباء الغمر والتقي المقريزي في عقوده من أنه توفي في شهر رمضان من سنة خمس عشرة وثمانمائة وتبعهما في ذلك صاحب الضوء اللامع وكانت ولادته في سنة ثلاث أو أربع وأربعين وسبعمائة وأما أخوه الشهاب أبو العباس أحمد بن عياش المقرئ فقد ولد في أحد الربيعين من سنة ست وأربعين وسبعمائة وتوفي بتعز في ربيع الآخر من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وقد ذكره المقريزي في عقوده والشمس ابن الجزري في طبقات القراء. "الطهطاوي".

ص: 168

في شهر رمضان، وبالطور فتح الدين محمد بن محمد المخزومي المصري، وبزبيد قاضيها العلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي الشافعي مؤلف القاموس في ليلة العشرين من شوال وله بضع وثمانون سنة، وبمكة شيخ الحجبة فاتح بيت الله تعالى أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الشيبي الحجبي.

أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي سماعا عليه بالمسجد الحرام عودا على بدء قال: أخبرنا الفقيه الإمام المحدث تقي الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عزام الريغي1 الشافعي الإسكندري بقراءتي عليه بها غير مرة ح وشافهنا بعلو درجة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال: حدثنا الفقيه الإمام2 الحافظ بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي قال شيخنا في كتابه: زاد ابن عزام فقال: والفقيهان العلم محمد بن أبي بكر بن عيسى السعدي والشريف محمد بن محمد بن يوسف عرف بابن القاح الأنصاري الشافعيان قالا: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن دقيق العيد القشيري قال شيخنا ابن ظهيرة: وأخبرنا المسند شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن الحسين البعلبكي بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا الحافظ الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني ح وأخبرنا بعلو درجة عن هذا المعمر أبو إسحاق المؤذن

1 الذي في ذيل معجم الحافظ ابن حجر والدرر الكامنة له "الربعي" بالراء والباء الموحدة المفتوحتين والعين المهملة ولعله الصوب وقد قال فيهما بعد ذلك الأسواني الأصل الإسكندري وقال صاحب الطالع السعيد في ترجمة أبيه: الأسواني المحتد الإسكندري المولد، وقد عبر صاحب الطالع السعيد في ترجمة أحد أسلافه الأسوانيين بالربعي وكذا الجلال السيوطي في حسن المحاضرة في باب من كان بمصر من الشعراء والأدباء ولم يذكر الشمس السخاوي في الضوء اللامع لا في قسم الأنساب منه ولا في قسم التراجم. "الريغي" براء مكسورة ومثناة تحتية ساكنة بعدها غين معجمة نسبة للتقي ابن عرام المذكور هنا بل لم يترجم له لأنه من المائة الثامنة وإنما ذكرها في نسبة التاج أبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم بن سعيد الهلالي الريغي الإسكندري الملكي قال: ويعرف بابن الريغي نسبة إلى ريغ من المغرب الأوسط وتوفي في جمادى الثانية من سنة 881 قال: وهو من بيت شهير فمحمد الرابع في نسبه ممن أخذ عنه العراقي وابن ظهيرة وذكره في معجمه وشيخنا في درره وكذا ترجم فيها والده أحمد، والتاج المذكور آخر بيت ابن الريغي بإسكندرية. اهـ. وشتان بين من كان أسواني الأصل ومن كان مغربي الأصل والله أعلم. "الطهطاوي".

2 والصواب "قالا" أي تقي الدين بن عرام وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد. "الطهطاوي".

ص: 169

مشافهة عن عبد الله بن يوسف بن إسحاق الدلاصي وغيره قالوا واليونيني وابن دقيق العيد: أخبرنا الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي قال الدلاصي وغيره أذنا وقال ابن دقيق العيد بقراءتي عليه ح وقال ابن جماعة: أخبرنا الفقيه الإمام أبو حفص عمر بن عبد الله بن صالح السبكي المالكي بقراءتي عليه قال: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل بن علي1 المقدسي المالكي ح وأنبأنا بعلو درجة أخرى الفقيه الإمام أبو بكر الحسين بن عمر الأرموي2 وغيره عن أحمد بن طالب الصالحي أن جعفر بن علي بن أبي البركات الهمداني أنبأه: قالا: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني الشافعي: قال الهمداني أذنا إن لم يكن سماعا وقال ابن المفضل من لفظه قال: حدثنا الفقيه الإمام أبو طاهر الحسين بن علي بن محمد بن علي الطبري الشافعي من لفظه ببغداد قال: أخبرنا إمام الحرمين الفقيه أبو المعالي عبد الملك الشافعي قال: أخبرنا والدي الفقيه الإمام أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني الشافعي ح وعلا لنا بدرجتين عن هذه فيما رواه أحمد بن أبي طالب الصالحي المذكور آنفا عن أبي عبد الله الحسين بن المبارك الحنبلي إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي3 قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري4 الشافعي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال: حدثنا الإمام الشافعي محمد بن إدريس رضي الله عنه عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" صحيح متفق عليه أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن

1 والصواب "قالا" أي الحافظ المنذري وأبو حفص السبكي. "الطهطاوي".

2 وصوابه "أبو بكر بن الحسين بن عمر الأموي" كما تقدم وهو زين الدين المراغي الذي ذكره المؤلف سابقا وسيأتي ذكره على الصواب. "الطهطاوي".

3 وصوابه "الكرجي" بالجيم مع فتح الكاف والراء نسبة إلى الكرج وهي مدينة بين أصبهان وهمذان. وهو الرئيس أبو الحسن مكي بن منصور بن محمد بن علان السلار الكرجي "المتوفى بأصبهان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة عن بضع وتسعين سنة" راوي مسند الإمام الشافعي عن قاضي نيسابور أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم بسنده الذي ذكره المؤلف وهو من شيوخ الحافظ السبكي كما ذكره الحافظ الذهبي في كتاب المشتبه. "الطهطاوي".

4 كان في الأصل "الحميدي" فصححه الأستاذ العلامة المسند السيد أحمد رافع الطهطاوي في النسخة التيمورية بما أثبتناه في أعلاه وهو الصواب كما في المشتبه للذهبي.

ص: 170

يحيى وأبو داود عن القعنبي1 والنسائي عن محمد بن سلمة جميعهم عن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- به فوقع لنا بدلا لهم عاليا وقد تسلسل لنا بالفقهاء الأئمة بعضهم عن بعض ولله الحمد والمنة.

وبه قال الحافظ أبو محمد المنذري وقد روينا عن ابن المبارك أنه ليس جودة الحديث قرب الإسناد؛ جودة الحديث صحة الرجال.

وبه إلى الحافظ السلفي قال: وهذا الإسناد جليل بسبب ما اجتمع فيه من الفقهاء الأئمة بعضهم عن بعض قال: وقلت للقاضي أبي بكر المَرَندي2 المعيد وقد وقع لي هذا الحديث بعلو من حديث الأصم كأني سمعته من أبي محمد الجويني شيخ شيخ شيوخنا وهذا الطريق النازل أعز عندي من ذلك الطريق العالي إذ هو مسبك بالجوهر فبلغ إليه هذا الكلام فأعجبه وأعاده للأصحاب والفقهاء فقال: ولعمري لقد صدقت إذ ليس فيه إلا إمام أو فقيه وقلما يوجد مثله في الروايات قال: وإن الإمام أبا الحسن الكيا قال عقب هذا الحديث: إذ بدت رايات النصوص في ميادين الكفاح طاحت أعلام المقاييس في مدارج الرياح.

ابن الشرايحي عبد الله بن إبراهيم بن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام الزبيدي السحولي السنجاري الأصل البعلبكي الدمشقي الشافعي الإمام الحافظ المفيد جمال الدين أبو محمد:

ولد ببعلبك في يوم الثلاثاء التاسع من شهر رجب الفرد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ونشأ أميًّا لا يقرأ ولا يكتب وكان حافظا لا يدانى في معرفة الأجزاء والعوالي وآية في حفظ الرواة المتأخرين يذاكر فيهم مذاكرة دالة على حافظة باهرة مع حظ من معرفة الرجال المتقدمين وغريب الحديث وكان اعتماده في ذلك على حفظه، وكان يستعين بمن يقرأ له وهو بهذه المثابة أعجوبة زمانه في المحاضرة اللطيفة والنوادر الطريفة، وسمع باعتناء أبيه وشيخه إسماعيل بن بردس عليهما وعلى جمع كثير منهم إسماعيل بن السيف أبي بكر بن إسماعيل الحراني وأبو الطاهر محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الغني بن الفراء وأحمد بن محمد الجوخي ومحمد بن موسى الشيرجي ويعقوب بن يعقوب الحريري وعمر بن حسين3 بن أميلة ومحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر وزينب بنت قاسم الدمياميني ومحمود بن خليفة المنبجي ويوسف بن عبد الله الحبال وأبو

1 بفتح القاف والنون وسكون العين المهملة وآخره موحدة عبد الله بن مسلمة ذكره ابن خطيب الدهشة في مشكل الأنساب.

2 بفتح الميم والراء وسكون النون وفي آخرها الدال المهملة نسبة إلى مرند بلد بأذربيجان على ما قاله ابن السمعاني.

3 وصوابه "ابن حسن" كما تقدم في كلامه. "الطهطاوي".

ص: 171

المحاسن يوسف بن محمد بن محمد الصيرفي1 وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي عمر ومحمد بن محمد بن عوض وحسن بن علي الكلابي وخليل بن2 الحافظي ومحمد بن أحمد بن أبي راجح وأحمد بن عبد الكريم البعلي والقطب عبد اللطيف "بن عبد الكريم الحلبي"3 وعبد الرحمن بن محمد بن الأستاذ وعثمان بن حيى بن حولان وخلائق لا يحصون من أصحاب الفخر ثم من أصحاب ابن عساكر وابن القواس ثم من أصحاب القاضي سليمان ثم من أصحاب أبي العباس الحجار ثم من أصحاب ابنة الكمال زينب، وأكثر من المسموع جدا حتى سمع على أقرانه ومن هو دونه على ضعف بصره مع مشاركة أوحد الحفاظ المفيدين، قدم القاهرة بعد اللنك في سنة ثلاث وثمانمائة فاستوطنها مدة وحدث بها بجملة من مسموعاته وخرج للقِمَني4 مشيخة ولجماعة من أقرانه ومن هو دونهم5، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها زمانا منفردا إلى أن وافاه حمامه في أواخر سنة تسع عشرة وثمانمائة، وقد اتفق على ذلك الحفاظ الثلاثة ابن حجر والفاسي وابن ناصر الدين، ثم إن ابن حجر تعقب ذلك بأن قال: ثم تحرر لي أنه مات في ثالث المحرم من سنة عشرين وثمانمائة انتهى. وكان آخر ما حدث في صحيح مسلم عاش بعد ختمه يوما وليلة ومات رحمة الله تعالى عليه.

وفي سنة تسع عشرة مات بمكة المشرفة الشريف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الفاسي6 في حادي عشري من شوال، وبدمشق القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن نشوان الشافعي، وبأم القرى مكة الشيخ الصالح أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن

1 وصوابه "الصيرفي" وقد سبق ذكره على الصواب. "الطهطاوي".

2 وجاء على السطر التاسع منها "وخليل بن" وبعده بياض وبعده "الحافظي" وهو خليل بن إبراهيم الحافظي "المتوفى في ربيع الأول من سنة 792" كما في إنباء الغمر. "الطهطاوي".

3 في الكلام أنه حفيده لا ابنه والصواب عبد اللطيف بن محمد بن عبد الكريم وأن لقبه زين الدين وأما قطب الدين فهو لقب أخيه الأكبر منه عبد الكريم بن محمد ابن القطب عبد الكريم الحلبي فهذا موافق لجده في الاسم واللقب وكلاهما من شيوخ الحافظ ابن حجر الذين ذكرهم في القسم الأول من معجمه. "الطهطاوي".

4 نسبة إلى قمن بكسر أوله وفتح ثانيه وآخره نون قرية من قرى مصر نحو الصعيد. معجم البلدان ومثله في الضوء اللامع.

5 أي ولجماعة هم دون أقرانه هذا هو المراد وعبارة الحافظ ابن حجر في معجمه وخرج لجماعة من أقرانه ومن دونهم. اهـ. وكذا في الضوء اللامع. "الطهطاوي".

6 وهو والد الحافظ المؤرخ تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي المكي قاضي المالكية بها الآتية ترجمته في هذا الذيل وفي ذيل الجلال السيوطي. "الطهطاوي".

ص: 172

المشهور بالأهدل وقد عد السبعين، وبالقاهرة المحدث حميد الدين حماد بن عبد الرحيم بن علي بن عثمان بن التركماني المصري الحنفي، وبمكة المشرفة المعمر الأصيل ظهير الدين أبو بكر ظهيرة بن حسين بن علي بن أحمد بن ظهيرة في صفر، وبدمشق المسند عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان بن حمزة المقدسي الحنبلي الصالحي وله تسع وسبعون سنة، وبالقاهرة الشيخ زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن أبي أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد عرف بابن النقاش المصري، وبدمشق الواعظ زين الدين عبد الرحمن بن يوسف الكردي الدمشقي، وبالقاهرة القاضي أمين الدين عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن أبي بكر الحنفي في شهر ربيع الأول وغانم بن محمد بن محمد بن يحيى الخشبي1 وله ثمان وسبعون سنة، وبأم القرى العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر المعروف بالوانّوعي2 التونسي، وبالقاهرة العالم همام الدين محمد بن أحمد الخوارزمي3 الشافعي في شهر ربيع الأول، والقاضي شمس الدين محمد بن علي بن معبد المقدسي المدني المالكي في شهر ربيع الأول، والقاضي ناصر الدين محمد بن عمر بن إبراهيم بن العديم الحلبي في شهر ربيع الثاني، وبمكة قاضيها كمال الدين أبو البركات محمد بن أبي السعود محمد بن حسين بن ظهيرة المخزومي، وبالقاهرة فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم الباهي4 وعالمها عز الدين محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة في شهر ربيع الثاني، وبدمشق نور الدين محمد المشهور بابن قوام البالسي الصالحي، والزاهد المحدث سعد الدين مساعد بن شاري بن مسعود الهواري، وبمكة الفقيه مسعود بن هاشم بن علي بن غزوان الهاشمي في جمادى الأولى، وبالقاهرة القاضي تقي الدين أبو بكر عرف بابن الجيتي5 الحنفي.

1 بمعجمتين مفتوحتين ثم موحدة كما في الشذرات وهو أيضًا من الحنفية.

2 بتشديد النون المضمومة وسكون الواو بعدها معجمة قاله بن العماد.

3 قال الحافظ في الإنباء: رأيت بخطه همام بن أحمد الخوارزمي وقد يدعى محمدا أيضًا. اهـ. واقتصر في معجبه على الأول فقال: همام الدين همام بن أحمد الخوارزمي. اهـ. وكذا الجلال السيوطي في بغية الوعاة وحسن المحاضرة وصاحب الشذرات. "الطهطاوي".

4 إلى باهي من كورة بوش بصعيد مصر. داودي ذيل اللب.

5 وهو تقي الدين أبو بكر بن عثمان بن محمد الحموي الحنفي المعروف بابن الجيتي وله ترجمة في معجم الحافظ ابن حجر وإنباء الغمر والضوء اللامع وفي هذين ضبط الجيتي كما ضبط في التعليقات بكسر الجيم وسكون المثناة التحتية بعدها مثناة فوقية وهو نسبة إلى جبت من أعمال نابلس كما في القاموس وهي غير جيب بالموحدة من أعمال بيت المقدس. "الطهطاوي".

ص: 173

الأقفهسي خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن المصري الشافعي الإمام الأوحد الحافظ صلاح الدين وغرس الدين أبو الحرم وأبو سعد وأبو الصفاء الأشقر:

ولد في عشر السبعين سنة بضع وستين وسبعمائة، اشتغل في الفقه وجلس للتكسب يتحمل الشهادة في حانوت الشهود وحبب إليه الحديث فطلب لنفسه وجد فيه في حدود السبعين1 فسمع بمصر والقاهرة من الكتب والأجزاء الكثير على الجم الغفير كتقي الدين بن حاتم وعزيز الدين المليحي والصلاح الزفتاوي2 خاتمة أصحاب الحجار ووزيرة بديار مصر، ثم حج في سنة خمس وتسعين وجاور بمكة المشرفة في سنة ست فسمع بها من البرهان بن صديق وشمس الدين بن سكر3 وغيرهما وخرج جزء حديث لجماعة من شيوخها كالإمام أبي اليمن الطبري وأخيه المحب قراءة4 على بعضهم فلما حج في سنة ست وسبعين5 رحل منها إلى دمشق فأدرك بها جماعة من جلة مشايخها منهم المفتي شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن العز الصالحي آخر أصحاب القاضي سليمان بالسماع وعلي بن محمد بن أبي المجد وأبو هريرة عبد الرحمن ابن الحافظ أبي عبد الله الذهبي وعدة من أصحاب الحجار قرأ عليهم جملة من الكتب والأجزاء، ورحل إلى بيت المقدس في أوائل سنة ثمان وتسعين فزار المسجد الأقصى وسمع على من بالبلد من الشيوخ وتوجه منه إلى القاهرة فلازم السماع على الشيوخ، وخرج للقاضي مجد الدين الحنفي6 مشيخة في ثمانية أجزاء ثم

1 وصوابه "في حدود التسعين" كما يعلم من الضوء اللامع وهو ظاهر بعد التأمل فيما قبله وعبارة الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر سمع بنفسه قبيل التسعين. "الطهطاوي".

2 بكسر أوله نسبة لبليدة من بحري الفسطاط على ما ذكره السخاوي.

3 سبق ضبطه عند ذكر الشهاب بن سكر وهو المسند الكبير شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام البكري الحنفي المعروف بابن سكر قال ابن العماد الحنبلي: سمع ما لا يحصى ممن لا يحصى وجمع شيئا كثيرا بحيث كان لا يذكر له جزء حديثي إلا ويخرج سنده من ثبته عاليا أو نازلا وذكر أن سبب كثرة مروياته وشيوخه أنه كان إذا قدم الركب مكة طاف على الناس في رحالهم ومنازلهم يسأل من له رواية أو خط من علم فيأخذ عنه مهما استطاع، وكتب بخطه ما لا يحصى من كتب الحديث والفقه والأصول والنحو توفي سنة 801 عن ثلاث وثمانين سنة. اهـ. وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر ترجمه في المجمع المؤسس.

4 وصوابه "قرأه". "الطهطاوي".

5 وصوابه "في سنة ست وتسعين" كما في عبارة الحافظ ابن حجر في معجمه وهو الذي يفيده سياق الكلام المؤلف. "الطهطاوي".

6 وهو المسند النسابة أبو الفداء مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم البلبيسي الحنفي القاضي تخرج بمغلطاي، حدث وسمع وألف تآليف منها "مختصر أنساب الرشاطي" أجاد فيه، وأنساب ابن السمعاني وأنساب الرشاطي في كفتي الميزان، فابن السمعاني عرف بالإتقان في أنساب المشارقة والرشاطي في أنساب المغاربة، ومختصره كمختصر ابن الأثير لأنساب السمعاني المسمى بلباب الأنساب بل يرجح عليه من جهة أنه متأخر اطلع على كتب من تقدمه وانتقدها وقد تخرج بمثل مغلطاي الطائر الصيت في معرفة الأنساب، وترجمه السخاوي في الضوء اللامع وقال: ولد سنة 728 ورافق الجمال الزيلعي المحدث في الطلب فأكثر من سماع الكتب اختصرالأنساب للرشاطي مع زيادات من ابن الأثير وغيره وله عدة مؤلفات توفي سنة اثنتين وثمانمائة.

ص: 174

قصد مكة المشرفة في البحر المالح في آخر سنة تسع وتسعين فلم يدرك الحج وجاور بها سنة ثمانمائة والتي بعدها إلى أن حج فرحل منها صحبة الحاج الشامي إلى دمشق فدخلها في سنة اثنتين واستفاد فيها شيئا من المرويات والشيوخ ما لم يكن استفاده في رحلته الأولى فلما كان في أوائل سنة ثلاث توجه إلى مصر وأقام بها إلى أن سافر الحاج سنة أربع فصحبه إلى مكة فحج وجاور بها نحو سبع سنين متوالية خرج بها لحافظها العلامة أبي حامد بن ظهيرة معجمًا في مجلد أجاد فيه سمعته عليه بقراءته وهو عندي بخطه غير أنه عدم منه بعض الجزء الأول وللشيخ قاسم السملي قراءة عليه1 سمعته وكتبت منه نسخة وفي مجاورته هذه زار المدينة النوبية مرات والطائف مرة وأقبل على العبادة والخير والتخريج والإفادة مع حسن الخلق وخدمة الأصحاب بحيث إن من جالسه لا يمله، ولما حج في سنة إحدى عشرة عول عليه بعض أصحابه من التجار في أن يتوجه إلى صوب بلاد العجم في حاجة له فيما وسعه مخالفته وتوجه مع قافلة عقيل إلى المدينة الشريفة ثم إلى الحسا والقطيف وتوجه من ثم إلى هرموز وسافر منها في البحر إلى كنباية ثم عاد إليها فصار يتردد منها إلى بلاد العجم للتجارة فدخل شيراز وهراة وسمرقند.

وكان رحمة الله تعالى عليه دينا خيرا ورعا زاهدا لا تأخذه في الله لومة لائم إماما حافظا بارعا في فنون من العلم الحديث والفقه والأصول والفرائض والحساب والعربية والعروض والأدب مع المروءة والتواضع ولم يزل منذ طلبه في ازدياد، له النثر الفائق والنظم الرائق أكثر منه في غربته يتشوق إلى أصحابه ووطنه وأحبابه وكان قبل ذلك ينظم قليلا وله تعاليق حسنة وفوائد جمة خرج لنفسه أربعين حدثيًا متباينة الإسناد وأكملها خمسين

1 أي وخرج للشيخ قاسم المذكور معجما قرأه عليه إلى آخره فلفظ "قراءة عليه" محرف وصوابه "قرأه عليه" بدليل عطف ما بعده عليه وكذا كلمة "السملي" محرفة وصوابها "التيملي" بفتح المثناة الفوقية وسكون المثناة التحتية وضم الميم بعدها لام نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة وهي قبيلة من بني بكر بن وائل، والشيخ قاسم المذكور يكنى بأبي القاسم ولذا سمي الصلاح الأقفهسي المعجم المذكور تحفة القادم من فوائد الشيخ أبي القاسم، وفي معجم الحافظ ابن حجر شرف الدين أبو القاسم قاسم بن علي بن محمد بن علي التيملي الفاسي المالكي قدم حاجًّا ورأيته بعد أن رجع من الحج وذكر لي أن صاحبنا الأقفهسي صلاح الدين خرج له مشيخة وأنه حدث بها وأنها سرقت منه وهو راجع من الحج وكان يتأسف على فقدها وقد توفي بالقاهرة سنة إحدى عشرة وثمانمائة. اهـ. ومثله في إنباء الغمر وكانت ولادته بمالقة من الأندلس سنة 743 وقد ذكره المؤلف في معجمه. "الطهطاوي".

ص: 175

ثم بلغ بها السبعين1 صحبته كثيرا فانتفعت به وسمعت عليه من لفظه السيرة لابن سيد الناس وشرح ألفية العراقي في الحديث وكذا نكته على ابن الصلاح وغير ذلك وأنشدني جملة من شعره، وخلف جملة أجزاء وعدة كتب صار غالبها للحافظ شهاب الدين بن حجر فانتفع بها وبثبته لأنه كان قبل سفره من مكة أوصى بأن يسلم جميع ذلك إليه2 وكانت وفاته رحمة الله عليه غريبا بمدينة يزد من بلاد العجم فجأة بمسلخ الحمام عندما خرج منه في أواخر سنة عشرين وثمانمائة3.

وفيها مات بمصر الشيخ شهاب الدين أحمد الفراوي4، والقاضي تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله الحنفي، وبمكة المشرفة قاضيها عز الدين محمد بن أحمد العقيلي النويري الشافعي في ليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول، وبمصر الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن جعفر البلالي5 شيخ خانقاه سعيد السعداء، وبزبيد الرئيس جمال الدين محمد المصري بن أبي بكر بن علي بن يوسف الذُّروي6، وبأم القرى الشيخ موسى بن علي بن علي المناوي7 المصري في شعبان.

المراكشي محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المكي

1 ولعله "التسعين" ففي معجم الحافظ ابن حجر وخرج لنفسه أربعين متباينة ثم أراد أن يكملها مائة فرأيت بخطه تسعين. اهـ. وقال في إنبائه: خرج لنفسه المتباينات فبلغت مائة حديث. "الطهطاوي".

2 واستفاد ابن حجر جدا من فوائده المجموعة التي لم يكن نظمها في سلك كتاب مدون. وجعلها في ضمن ما ألفه وكذا كان سبط بن العجمي الحافظ سمح لابن حجر أن ينتقي من كتبه الفوائد في سفرته الحلبية، وكتب البرهان بن العجمي معروفة بكثرة الفوائد الحديثية فازدادت كتب ابن حجر رونقا وفوائد عفوا بلا تعب.

3 وقد ذكر مثله الحافظ ابن حجر في معجمه قال: ووصل الخبر بوفاته في سنة إحدى وعشرين فأرخه بعضهم فيها اهـ. ونحو ذلك في الضوء اللامع نقلا عن التقي الفاسي. "الطهطاوي".

4 وصوابه "المغراوي" كما في الضوء اللامع بالميم والغين المعجمة وهو الشهاب أحمد بن أبي أحمد محمد بن عبد الله المغراوي المالكي نزيل القاهرة "المتوفى بها في التاريخ الذي ذكره المؤلف" كان عالما في الفقه وأصوله والنحو وأخذ عن الجلال البلقيني والجمال الطيماني وكان يعارض ابن خلدون في أحكامه ويناظره وكان العز بن جماعة يعظمه كثيرا "والمغراوي" نسبة إلى مغراوة وهي بلدة من أعمال تلمسان. "الطهطاوي".

5 بكسر الموحدة وتخفيف اللام وكان نزيل القاهرة وولي مشيخة خانقاه سيعد السعداء نحو ثلاثين سنة كما في مجعم الحافظ ابن حجر وغيره وله مختصر الأحياء. "الطهطاوي".

6 بكسر أوله وسكون ثاينه نسبة إلى ذروة من صعيد مصر كذا في أنساب الضوء اللامع وهو المعروف غير أن العامَّة يقولون دروة بالدال المهملة. "الطهطاوي".

7 والذي في إنباء الغمر والضوء اللامع "موسى بن علي بن محمد" وذكره التقي الفاسي في تاريخ مكة فيمن جده موسى وقال: إنه ولد بمنية القائد من بلاد مصر. "الطهطاوي".

ص: 176

الشافعي سبط سيدي الشيخ عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي الإمام الأديب الفقيه الحافظ شمس الدين أبو عبد الله:

وُلد في ليلة الأحد الثالث من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع وثمانين1 وسبعمائة بمكة المشرفة ونشأ بها فحفظ القرآن العزيز وكتبًا عدة منها التنبيه والمنهاج في الفقه والعمدة في الحديث والألفية في النحو وكتبًا أُخر في علوم شتى وعرضها واشتغل في الحديث والفقه والعربية والعروض والأدب فظهرت نجابته واشتهرت نباهته وكان يتوقد ذكاء تفقه بشيخ الإسلام جمال الدين بن ظهيرة والشيخ شمس الدين الغراقي وغيرهما وأخذ علم العربية عن الشيخ شمس الدين المعيد والشيخ خليل بن هارون وغيرهما، وأقبل على هذا الشأن بهمة عالية فأخذه عن الحافظ أبي حامد وغيره وطلب بنفسه فسمع من جماعة بمكة المشرفة الكثير من الكتب والأجزاء على مشايخها والقادمين إليها منهم البرهان بن صديق والحافظ أبو حامد بن ظهيرة والإمام أبو اليمن الطبري ووجيه الدين وأصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي2 والقاضي رضي الدين أبو حامد المطري، ورحل إلى المدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- فقرأ بها الكثير على قاضيها العلامة أبي بكر بن الحسين العثماني وأم محمد رقية بنت يحيى بن مزروع وغيرهما ثم رحل إلى الشام في سنة خمس عشرة فأدرك بها جماعة من مشايخها الجلة كابن طولوبغا عبد الرحمن وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي وعبد القادر الأرموي وإبراهيم بن محمد القرشي وجمع، ثم رحل إلى بعلبك فسمع بها من عدة منهم محمد بن إسماعيل بن بردس وبحمص ونابلس وغزة وحماة وحلب وغيرهما ثم كر راجعا إلى دمشق، ورحل منها إلى بيت المقدس فسمع بها من إبراهيم بن أبي محمود ومحمد بن أبي بكر بن كريم وغيرهما وبالخليل من أحمد بن موسى الجبراوي وغيره وتوجه إلى مصر فسمع بها من جماعة منهم المسند أبو الطهار محمد بن أبي اليمن بن الكويك وعبد الله بن علي العسقلاني الحنبلي ومحمد بن علي الزراتيتي3 وبالإسكندرية من عبد الله بن محمد بن خير ومحمد بن محمد بن التنسي ومحمد بن عمر الدماميني وغيرهم.

1 ومثله في إنباء الغمر والشذرات ووجد في نسخة الضوء اللامع التي بيدي سنة "تسع وثمانين" وفيه تحريف والصواب ما هنا بدليل قول المؤلف فيما سيأتي: وأجاز له في سنة ثمان وثمانين

إلخ، فتنبه لذلك. "الطهطاوي".

2 وهو وجيه الدين أبو المعالي عبد الرحمن بن حيدر بن علي بن أبي بكر بن عمر الشيرازي الدهقلي ثم الدمشقي "المتوفى في جزيرة من جزائر الهند في سنة 817 عن 72 سنة، وقد تقدمت ترجمة والده الحافظ قطب الدين حيدر في ذيل الحافظ الحسيني. "الطهطاوي".

3 نسبه إلى "زراتيت" قرية بمصر على ما ذكره السخاوي. وهو إمام البرقوقية الشيخ المقرئ شمس الدين الحنفي، وبقراءته سمع البدر العيني الشاطبية على الشيخ أبي الفتح العسقلاني آخر أصحاب التقي الصائغ.

ص: 177

وأجاز له في سنة ثمان وثمانين وما بعدها -باستدعاء- المحدث شمس الدين بن سكر وكثيرون منهم القاضي ولي الدين بن خلدون والشيخ أبو عبد الله بن عرفة وعبد الله النشاوري1 وإبراهيم الأَبْناسي2 وإبراهيم بن فرحون وناصر الدين بن الميلق وأبو الفتح بن حاتم وعزيز الدين المليحي ولاعراقي والهيثمي وصدر الدين المناوي، وكان إماما حافظا يقظا ماهرا حسن الأخلاق قليل الكلام ذا مروءة وسماحة وقناعة باذلا كسبه وفوائده وكتبه، له الخلق الحسن المتقن قل أن يوجد فيه سقطة أو لحنة كتب به الكثير لنفسه ولغيره، وله تعاليق جمة وفوائد نفيسة صار غالبها إلى صاحبنا الإمام جمال الدين محمد بن أبي بكر الخياط وله اليد الطولى فيما يؤلفه ويخرجه من العبارة الحسنة وصوغ الكلام بعضه إلى بعض دخل اليمن مرارا فحصل له الحظ الوافر عند ملكها الناصر أحمد ومدحه بقصائد فائفة فأجازه بجوائز سنية وكان في كل عام يتردد إليه حتى إنه عز على الإقامة به، رحلت أنا وهو في سنة ست عشرة إليه لنسمع على القاضي مجد الدين الفيروزآبادي مشيخة خرجها له فلم يتيسر له قراءتها واجتهدت أنا حتى قرأت عليه ما فيها من الأحاديث جميعها والآثار والشعر من غير كلام مخرجها من المسودة وألبسني خرقة التصوف وحرصت على تحصيل نسخة من المشيخة فلم يتيسر لي ذلك غير أني كتبت أحاديث من أولها ولم أظفر بالمشيخة بعد موته لأنه قال: احتمل جملة كتبه إلى زبيد فلما عزم على الحج تركها عند زوجته فمات بمكة بعد قضاء نسكه واستولت الزوجة على الكتب وكان استعار مني عدة كتب فلولا حسن نيتي ما جمعها الله تعالى عليّ وذهبت سائر كتبه شذر مذر وذهب جميع ما جمعه وألفه وأتعب نفسه عليه لم ينتفع به، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وخرج لجماعة من مشايخه من ذلك العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين الأموي مشيخة سمعتها عليها بقراءته وكتبت منها نسخة وأربعين حديثا منها عشرون موافقات وعشرون أبدال لجماعة من المشايخ سمعتها على بعضهم وتراجم لجماعة من شيوخنا أجاد فيها عندي من ذلك نسخ ومشيخة للشيخ جمال الدين محمد بن إبراهيم المرشدي3 كتب له بها نسخة وقرأه عليه وهي عند بعض ورثته الآن وضاع تعبه لديه فإنه غير ما مر بعد

1 نسبة إلى "نشاور" وكانت تدعى في القديم نيسابور على ما ذكره أبو الفداء في تقويم البلدان.

2 بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها نون في آخره سين قرية صغيرة بالوجه البحري بمصر. شذرات الذهب.

3 وهو الإمام العلامة رأس المحدثين جمال الدين محمد بن إبراهيم بن أحمد المرشدي الحنفي مسند الحجاز ولد سنة 770 وتوفي سنة 833 وقد خرج له أيضًا الصلاح الأقفهسي "الأربعين من طريق أربعين من الفقهاء الحنفية" وترجمه ابن حجر والسخاوي وغيرهما فأطروه، والمرشدي بيت علم كبير من الحنفية بالحجاز.

ص: 178

وفاته شرع يتنقصه بقلة المعرفة وما ذاك إلا من سوء الطبع فالله تعالى يجازي كُلا بفعله، وقد خرج لنفسه أربعين متباينة موافقات لكنه تساهل فيها بالإجازة وقد ذهبت فيما عدم، وله النثر الفائق والنظم الرائق يغوص فيه على المعاني الدقيقة، واتفق له أنه لما توجه من اليمن إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين ضاق عليه الوقت فخرج من أبعد مرسى في السفينة1 هو وجماعة واكترى جملا مع شخص فلما تراءت لهم جبال عرفة أخذ الجمال جمله وذهب فتوجه هو وصاحب له يقال له: ابن ميمون نحو عرفة لإدراك الوقوف فكان رحمه الله يقسم أنه حصل بأرض عرفة في ليلة النحر مدركا للوقفة وعجز عن المشي فتركه ابن ميمون وجاءنا إلى منى في يوم النحر فأخبرني بخبره فتجردت في أطمار وأخذت معي أخاه لأمه عبد الهادي ومعنا دليل وتوجهنا في طلبه فوجدناه في ناحية السقيا2 قريبا من المزدلفة وهو يزحف على استه وقد تلف من الجوع والعطش وكان معنا شيء من الزاد والماء فأعطيناه إياه فاستعمل منه قليلا وردت إليه روحه فحملناه على دابة وأتينا به منى فأقام بها أيام التشريق فلما انقضت نزل إلى مكة وأقام بها متوجها فلما كان صبح يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة قضى نحبه رحمه الله تعالى فصلى عليه من يومه عند باب الكعبة خطيب المسجد الحرام كمال الدين أبو الفضل النويري بعد فراغه من الصلاة ودفن بالمعلاة على والده وكان له مشهد عظيم رحمة الله تعالى عليه وتألم لموته جمع من الأخيار وتأسفوا لفقده فنسأل الله تعالى خير هذه المصيبة.

وقد رثاه صاحبنا الأديب الإمام قطب الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي البجائي المكي بقصيدة سمعناها منه أنشدت بحضرته بالمعلاة في اليوم الثالث من وفاته في ملأ من المسلمين ثم قرأتها عليه بعد ذلك وهي هذه:

من للمحابر والأقلام والكتب

بعد ابن موسى ومن للعلم والأدب

من للرواية أو من للدراية أو

من للقراءة من للجد في الطلب

من لليراعة أو من للبراعة أو

من للوراعة من للهدى والقرب

من للعقائد أو من للقواعد أو

من للفوائد من للجمع والنسب

من للتفاسير من للفقه ينشره

من للأصول وللتدريس والنخب

من للأسانيد يرويها مصححة

من للصناعة يعريها عن الكذب

1 ولفظ السخاوي

فبرز من بعض المراسي القريبة من جدة في عاقبة الريح في يوم حار وركب وسط النهار فرسا عربيا وركضه كثيرا ليدرك الحج وكان بدنه ضعيفا فازداد ضعفا

إلخ.

2 بالضم المسيل الذي يفرغ في عرفة ومسجد إبراهيم.

ص: 179

من للفرائض أو من للحساب بها

من للتواريخ من للنحو والنسب

من للعلوم التي تعيى العقول بها

من للتناظر إذ يجثى على الركب

من للبحوث التي دقت مآخذها

من منه عنها جلاء الشك والريب

من للتصانيف يسديها محررة

من للفتاوى ومن للكشف في الكتب

من للبلاغة من للشعر ينظمه

من للغات التي تعزى إلى العرب

من للتآويل يدري حل مشكلها

من للأقاويل في الآداب والخطب

من للسكون وبل من للوقار وبل

من للحفاظ إذا ما طاش ذو شغب

من للطروس التي خطت أنامله

سلاسلا صاغها التجويد من ذهب

أين الهمام الذي في العلم همته

تعلقت بعرى الأفلاك والقطب

أين التيقظ والإتقان يطلبه

أين الذكاء الذي ينشي عن اللهب

أين الجبين الذي أثر السجود به

كأنه الشمس إذ تبدو من الحجب

أين الذي في التقى والخير منشأه

من خير أم أتى أيضًا وخير أب

لليافعي ابن موسى من خلائفه

حبرا صلاح أقرا السر في العقب

سعت إليه شعوب في كهولته

بضع الثلاثين ما في ذاك من عجب

هوت بجهبذنا طرا أكملنا

نهى وأسبقنا للفضل في القصب

إلى ضريح فسيح مونق خضل

مرونح نير مستأنس رحب

يا حافظ الوقت ضيعنا الحفاظ لما

نلنا بحفظك تحت الترب والنصب

أضحت مغانيك بعد العين مذكرة

أسنى معانيك يالله من نصب

وأصبح الفضل مذعورا عليك أسى

من بعد ما احتل في أثوابه القشب

تكدرت بعدك الدنيا وساكنها

جوى عليك فما في العيش من أرب

غيبت عنا فكاد اللحد من أسف

يبكي لطوفان نوح نوح منتحب

بلغت يا أرض بحرا ماله طرف

فأقلعي يا سماء الفضل والحسب

يا قرة العين ما للعين من حلل

تبكي عليك طوال الدهر من وصب

ما أنت في الهلك فردا يستكان له

إليك فالكل في هلك وفي عطب

فالله يعظم فيك الأجر منه كما

عظمت رزءا بذي الأيام والحقب

مثوى للحدك لا تعدو أعاديه

بمرزم نوءه يقضي على السحب

فأنت قبر بأرض في السماء غدا

مثامنا لعداد السبعة الشهب

ص: 180

ثم الصلاة على المختار من مضر

ما غرد الورق في الأفنان والقضب

وهذه مكاتبة رقمها في مرضه الذي مات فيه وقرأها علي وسألني في أن أذهب بها إلى شيخنا الإمام أبي الخير ابن الجزري الشافعي وآتيه بجوانبها فأجبت سؤاله وهذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يقول مسطرها العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المراكشي المكي خادم مقام مولانا وسيدنا شيخ الإسلام أوحد من دار عليه الفلك من الأيام في كل فصل ومقام شمس الدين قاضي قضاة ممالك المسلمين محمد بن محمد بن محمد بن الجزري الشافعي أدام الله تعالى على الوجود ظله وأعلى بل زاد في الخافقين رفعته ومحله متهجما ما نصه:

يا شمس أفق بلاد الشرق كم شهدت

بشارة بعلاها سرت في البشر

يا سابق العلما في كل مشكلة

وكل علم أمنت السبق فانتظر

مددت أبحر علم لا تطاق فمذ

جزرت رفقا دعاك الناس بالجزري

نداء ذي علة قالت على نبأ

البحر عذب هنا أغنى عن المطر

ها قد قصدتك أبغي بالإجازة تشـ

ـريفا لديك بفتوى العلم والخبر

حققتم معنيي لفظ الإجازة للـ

ـطلاب لكن بلا رد لمنتظر

وقد أسفت على تلك الفضائل لمـ

ـما كان تسليمها التوديع للسفر

طلعت عاما علينا والشموس كذا

تسير عاما فسر بالعز والظفر

آمين آمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

وكتب له مجيبا بعد أن سمعتها من لفظه ونقلتها من خطه:

يا عالما ماله في الناس من شبه

وناظما جوهرا قد زين بالدرر

ويا إماما له بالخط أي يد

فاق الألى سلفوا في غابر العصر

شرفتني بقريض لا نظير له

بسيط بحر أتي صفوا بلا كدر

نعم أجزتك ما أروي ومالي من

نظم ونثر وأن يفتي مع الحذر

وعلمنا بك يغني عن تفقده

بشرطه فارو ما تبغي بلا خطر

واعذر ضعيفا بعيد الدار مرتحلا

قد قالها وهو مختار على سفر

وأنت أصبحت فردا في الحديث وفي

أنواع فضل وأفضال بلا نظر

والله يبقيك في خير وكاتبه

محمد وهو المشهور بالجزري

ص: 181

ومولدي عام إذن1 في دمشق وذا

قد قلت عام "أضاحجي"2 على الكبر

والحمد لله ربي والصلاة على

محمد المصطفى المبعوث من مضر

وفي سنة ثلاث وعشرين سنة وفاته مات بمكة المشرفة الشيخ تغري برمش بن يوسف التركماني الحنفي3 وبالقاهرة قاضيها كمال الدين عبد الله بن مقدار الأقفهسي المالكي في جمادى الأولى، وجمال الدين بعد الله السمهودي4 وبالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام قاضيها نور الدين علي بن أبي علي يوسف الزرندي الحنفي، وبعدن قاضيها تقي الدين عمر بن محمد بن عيسى اليافعي في يوم عيد الفطر وبمكة المشرفة الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي5، وأبو الفضل محمد بن البهاءمحمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالي6 في جمادى الأولى، ومحمد المدعو بكمال بن الضياء7 محمد بن محمد بن سعيد الهندي الصاغاني الحنفي.

ابن البلقيني عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن أحمد بن محمد بن شهاب بن عبد الخالق أو عبد الحق بن محمد بن مسافر الكناني العسقلاني المصري الشافعي الإمام العلامة الأوحد شيخ الإسلام جلال الدين أبو الفضل سبط الشيخ بهاء الدين بن عقيل:

ولد في جمادى الآخرة أو في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وارتحل به

1 يعني سنة 751.

2 أي سنة 823.

3 وهو المحدث شيخ البدر العيني في معاني الآثار، ترجمه ابن حجر في المجمع المؤسس في عداد مشايخه.

4 ولعل الصواب "السمنودي" ففي معجم الحافظ ابن حجر وإنباء الغمر جمال الدين عبد الله بن محمد السمنودي الشافعي مات في سلخ رجب من سنة 823. اهـ. ومثله في الضوء اللامع وأما الجمال عبد الله بن أحمد السمهودي فهو متأخر توفي ببلده في صفر من سنة 866 كما في الضوء اللامع نقلا عن ولده نور الدين أبي الحسن علي السمهودي نزيل المدينة المنورة ومؤرخها والله أعلم. "الطهطاوي".

5 وهو محب الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير محمد ابن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الفاسي المكي المالكي وقد ذكره التقي الفاسي في تاريخه وقال: هو ابن عمي وابن ابن عم والدي، وسيأتي ذكر أخيه رضي الدين أبي حامد محمد الفاسي. "الطهطاوي".

6 وهو بفتح الدال المهملة وتشديد الكاف وبلام بعد الألف نسبة إلى دكالة وهي بلدة بالمغرب، وقد وجد في نسخة الضوء اللامع التي بيدي في ترجمة أبي الفضل المذكور "الدركالي" بزيادة راء بين الدال والكاف ولعل الصواب ما هنا. "الطهطاوي".

7 ابن الضياء بيت علم عظيم من الحنفية بمكة، وتراجم رجال هذا البيت مستوفاة في الضوء اللامع.

ص: 182

أبوه معه في سنة تسع وستين إلى الشام لما ولي قضاءها فلو وجد من يعتني به حينئذ لأدرك الإسناد العالي ولم يكن لأبيه في تسميعه عناية وإنما سمع اتفاقا شيئا من السنن الكبرى للبيهقي بنزول على الشيخ علي بن أيوب وسمع مع أبيه1 غالب الكتب الستة بغير شرط السماع لما كان يقع في غضون ذلك من كثرة اللغط في البحث المفرط المخل لصحة السماع لكن قد استجاز له الحافظ أبو العباس بن حجي جماعة منهم ابن أميلة والصلاح بن أبي عمرو الحافظ عماد الدين بن كثير والنجم أحمد بن إسماعيل النقبي وأحمد بن عبد الكريم والطبقة2، أخرج له عنهم الحافظ أبو الفضل بن حجر فهرسا بالكتب المشهورة فكان يحدث منها، وقد خرجت أربعين حديثا عن أربعين شيخا من روايته وجماعة من مشايخنا قرأتها على بعضهم، اشتغل الكثير على أبيه وعلى غيره القليل وكان قوي الحافظة لديه ذكاء وفطنة، حفظ مختصرات، وولي توقيع الدست ثم قضاء العسكر ودرس بعدة أماكن فاشتهر اسمه وطار ذكره وانتهت إليه رياسة الفتوى لا سيما بد وفاة والده وولي القضاء بالديار المصرية عدة مرات إلى أن مات وهو متولٍ.

وكان -رحمة الله تعالى عليه- عفيفا نزها حسن البشر والود محبا في العلم ماهرا في الفقه كثير المطالعة في كتب الحديث، قال الحافظ شهاب الدين بن حجر: كان يحب فنون الحديث محبة مفرطة وتأسف على ما ضيع منها ويحب أن يشغل فيها وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين في كتاب "التبيان لبديعة البيان" شرح ألفيته في الحفاظ: كان عين أعيان الأمة خلف والده في الاجتهاد والحفظ وعلوم الإسناد رايته يناظر أباه في دروسه ويناقشه فيما يلقيه من نفسه3 مع لزوم حرمة الآباء وحفظ مراتب العلماء، وله على صحيح البخاري تعليقات نفيسات ومنها بيان ما وقع فيه من المبهمات وله نظم ونثر وعدة مصنفات. قلت منها في التفسير والفقه ومجالس الوعظ وله حواش على نسخته من الروضة جردها بعض طلبته في مجلد ضخم وجمع له فتاوى أيضًا وتعليقه على البخاري سماه "الإفهام لما في البخاري من الإبهام" أجازني بما له روايته وليس هو من شرط كتابنا هذا وإنما ذكرته تبعا لشيخنا الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين فإنه ذكره في كتابه المسمى "بديعة البيان عن موت الأعيان" ومات تغمده الله تعالى برحمته مسموما فيما قيل أو بعلة

1 وصوابه "من أبيه" كما في معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع. "الطهطاوي".

2 وصوابه "والنقبي" بواو العطف وعبارة الحافظ ابن حجر في معجمه "والنجم أحمد بن إسماعيل وأحمد بن عبد الكريم والنقبي والطبق" وعبارة الضوء اللامع "والزين بن النقبي" وقد تقدم قريبا التعريف به. "الطهطاوي".

3 وعبارة الشمس بن ناصر الدين المنقول عنه هذا الكلام "من نفيسه" وهو المناسب للسجع الذي التزمه في كلامه. "الطهطاوي".

ص: 183

القولنج ثم الصرع في العاشر من شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة بالقاهرة المعزية ودفن على أبيه في مدرسته التي أنشأها.

وفي هذه السنة مات بطريق عدن الفقيه حسين بن أحمد بن ناصر1 الهندي المكي الحنفي، والقاضي شرف الدين حسين بن علي بن جراح وبدمشق قاضيها تاج الدين عبد الوهاب بن أحمد بن صالح الزهري الشافعي في ثالث من شهر ربيع الأول، وبالقاهرة شمس الدين محمد بن جامع البوصيري2، وبمكة المشرفة الشريف أبو حامد محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي3 في النصف من شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الشيخ يوسف الصفي4 المصري.

ابن العراقي أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي الإمام العلامة الفريد الحافظ ولي الدين أبو زرعة:

مولده في الثالث من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وستين وسبعمائة اعتنى به أبوه فبكر به وأحضره على أبي الحرم القلانسي ومن في عصره وأسمعه الكثير ببلده، وأول ما طعن في الثالثة رحل به إلى دمشق في سنة خمس وستين فأحضره الكثير على الجم الغفير من أصحاب الفخر بن البخاري وابن عساكر وغيرهما، ثم لما ترعرع حبب إليه السماع فطلب بالقاهرة ومصر بنفسه فأكثر عن مشايخ عصره، قرأ بنفسه عليهم الكثير، ورحل ثانيا إلى دمشق بعد موت الطبقة الأولى فسمع بها من أصحاب القاضي سليمان والمطعم وابن الشيرازي وغيرهم فشيوخه بالقاهرة ومصر: والده سمع عليه جملة من مصنفاته ومروياته، والمعمر أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي، وعلي بن إسماعيل بن فراس والقاضي ناصر الدين محمد بن محمد بن أبي القاسم التونسي، ومحمد بن إبراهيم بن أبي

1 وفي معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع زيادة محمد بن أحمد وناصر. "الطهطاوي".

2 وهو الشمس محمد بن جامع بن إبراهيم بن أحمد البوصيري ثم القاهري الشافعي وقد سمى الحافظ ابن حجر في الإنباء والده إبراهيم فقال: محمد بن إبراهيم البوصيري وتبعه صاحب الشذرات والله أعلم. "الطهطاوي".

3 وهو رضي الدين أبو حامد محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الفاسي المكي المالكي وهو أخو محب الدين أبي عبد الله محمد المتقدم في وفيات سنة 823 في الصفحة 281 وكان أخوه أسن منه. "الطهطاوي".

4 وهو جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن يوسف الصفي بتشديد الفاء نسبة إلى الصف وهي بلدة بإقليم الجيزة من البلاد المصرية قريبة من أطفح. وقد أثنى الحافظ ابن حجر وعلم الدين البلقيني على الجمال الصفي المذكور وأفرد له ولده شمس الدين أبو الغيث محمد الصفي ترجمة في كراسة. "الطهطاوي".

ص: 184

بكر البياني وأحمد بن يوسف الخلاطي وجويرية بنت أحمد بن موسى الهكاري والجمال محمد بن محمد بن محمد بن نباتة وناظر الحيش محب الدين ومحمد بن محمد بن أبي بكر العسقلاني وعبد الرحمن القاري وعبد القادر الحنفي والبهاء عبد الله بن خليل المكي والقاضي عز الدين بن جماعة والبهاء محمد بن محمد بن المفسر والقاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي والعلامة جمال الدين االإسنوي وخليل بن طرنطاي والبهاء بن عقيل والموفق الحنبلي وعبد الله بن علي الباجي وعبد الله البسيوني ومحمد بن محمد بن محمد بن الشامية والقاضي برهان الدين بن جماعة والعز إبراهيم بن محمد بن عبد الله السِّمربائي1 وإبراهيم بن محمد بن أبي بكر الأخنائي وشهاب الدين بن النقيب وأحمد بن محمد البهوتي وأحمد ابن النظام محمد بن محمد بن محمد بن القوصي ومحمد بن أحمد العسجدي ومحمد بن أحمد بن عمر السلمي ومحمد بن أحمد بن مرزوق ومحمد بن حبيب الله بن خليل ومحمد بن علي الخشاب وجمع، وبدمشق يعقوب بن يعقوب الحريري ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي وأحمد بن أبي بكر بن أبي عمر المقدسي ومحمود بن خليفة المنبجي وعمر بن حسن بن أميلة وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي مر ومحمد بن أحمد بن عبد المنعم الحراني وست العرب بنت محمد بن الفخر علي بن البخاري وحسن بن الهبل وعمر بن محمد بن أبي بكر الشحطبي ومحمد بن إسماعيل بن جهبل وعلي بن عمر بن أحمد بن عبد الرحمن الصوري ومحمد بن أبي بكر السيوفي2 ومحمد بن الحسين بن علي بن بشارة ومحمد بن محمد بن سلامة الماكسيني وعمر بن محمد بن إبراهيم بن جملة والحافظ تقي الدين بن رافع ومحمد بن إبراهيم بن علي بن المظفر الحسيني وعدة، وببيت المقدس إبراهيم بن عبد الله الزيباوي ومحمد بن حامد ومحمد بن سالم بن عبد الناصر، وبمكة المشرفة محمد بن أحمد بن عبد المعطي وأحمد بن سالم بن ياقوت وأم الحسن فاطمة بنت أحمد بن قاسم الحرازي والجمال إبراهيم بن محمد الأسيوطي3 وأحمد بن محمد بن محمد القسطلاني وأم الحسن وأم الحسين ابنتا أحمد بن الرضي إبراهيم الطبري والتقي الواسطي والكمال محمد بن عمر بن حبيب، وبالمدينة الشريفة عبد الله بن فرحون وغيرهم بعدة من البلاد.

واشتغل بالفقه وتقدم فيه على جماعة منهم البلقيني وابن الملقن والأبناسي وفي أصوله

1 نسبة إلى سمرباي بكسرتين وإسكان الراء بعدها موحدة قرية بالعربية. ذكره السخاوي.

2 وصوابه "السوقي" كما تقدم. "الطهطاوي".

3 وصوابه "الأميوطي" بالميم كما تقدم. "الطهطاوي".

ص: 185

على الشيخ ضياء الدين وكذا في المعاني والبيان وفهم العربية وظهرت نجابته واشتهرت نباهته وأجيز وهو شاب بالإفتاء والتدريس وصار يزداد فضلا مع ذكائه وتواضعه وحسن شكله وشرف نفسه وسلامة باطنة فأقبل عليه الناس وساد بجميع ذلك في حياة والده واشتهر بالفضل مع الدين المتين والانجماع وحسن الخلق والخلق قل أن ترى العيون مثله، ثم ولي جهات والده قبل موته وهو على طريقته، وجلس للإملاء في أوائل شوال سنة أربع وعشرين فسار سيرة محمودة1، باشر ذلك بعفة ونزاهة وحرمة وشهامة إلا أنه استولى عليه بعض صهورته ممن ليس سيرته كسيرته فلزق به اللوم فوثب عليه وتعصب2 حتى صرف عن القضاء في سادس من ذي الحجة سنة خمس وعشرين فاستمر على الاشتغال والتدريس والجمع في حلقته متوافر، دروسه من محاسن الدروس يجري فيها من غير تلعثم ولا تحريف3.

أكثر أيامه يستغل ويشغل ويصنف فألف جملة منها "البيان والتوضيح لمن خرج له في الصحيح وقد مس بضرب من التجريح" وهو أول ما صنف و"المستفاد من مبهمات المتن والإسناد" و"تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل" و"ذيل الكاشف" أضاف إليه رجال مسند الإمام أحمد و"ذيل على تذييل والده على ذيل العبر للذهبي" و"الأطراف بأوهام الأطراف" للمزي و"الدليل القويم على صحة جمع التقديم" و"الأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية" التي سألته عنها و"تحفة الوارد بترجمة الوالد" و"فضل الخيل وما فيها من الخير والنيل" و"شرح الصدر بذكر ليلة القدر" و"الأربعون الجهادية" محذوفة الأسانيد و"كشف المدلسين" و"جمع طرق المهدي"4، و"التحرير لما في منهاج الأصول من المنقول والمعقول" و"تحرير الفتاوى على التنبيه والمنهاج والحاوي" و"شرح البهجة الوردية" وشرح

1 وفي معجم الحافظ ابن حجر "وكان مجلس الإملاء قد انقطع بعد موت أبيه إلى أن شرع هو فيه من ابتداء شوال سنة عشر وثمانمائة فأحيى الله به نوعا من العلوم كما أحياه الله قبل ذلك بأبيه ثم قال: وقد ناب في الحكم عن قضاة الشافعية نحو عشرين سنة متوالية ثم ولي المنصب في شوال سنة أربع وعشرين بعد موت القاضي جلال الدين البلقيني فباشره بعفة ونزاهة وصرامة وشهامة. اهـ. ومثله في الضوء اللامع فيظهر أن ناسخا أسقط سهوا من عبارة المؤلف جملة بعد كلمة شوال الأولى إلى الثانية والأصل "وجلس للإملاء في أوائل شوال سنة عشر وثمانمائة وولي قضاء الديار المصرية في شوال سنة أربع وعشرين فسار سيرة محمودة

إلخ" أو نحو ذلك والله أعلم. "الطهطاوي".

2 أي وثب عليه بعض أهل الدولة وتعصب

إلخ كما في معجم الحافظ ابن حجر وكان ممن ساعد في صرفه عن القضاء علاء الدين بن المغلي قاضي الحنابلة بالديار المصرية وقد ظهرت كرامة الولي فيه وفي غيره من المتعصبين عليه كما هو مبسوط في إنباء الغمر. "الطهطاوي".

3 وعبارة المؤلف في معجمه "ولا توقف" وهو المناسب لما قبله. "الطهطاوي".

4 وقد سقطت منه كلمة والأصل "طرق حديث المهدي" كما في عبارة غيره. "الطهطاوي".

ص: 186

نظم والده المسمى "النجم الوهاج في نظم المنهاج" واختصر المهمات وأضاف إليها حواشي البلقيني على الروضة وأفرد الحواشي المذكورة في مجلدين واختصر شرح جمع الجوامع للزركشي والكشاف للزمخشري، هذا ما كمل، وتمم شرح والده على "ترتيب المسانيد وتقريب الأسانيد" وأحكاما على ترتيب السنن لأبي داود وكتب فيها مجلدا وشيئا وشرح قطعا متفرقة من نظم الاقتراح لوالده وقطعا مفرقة من كتاب "الدقائق في الرقائق" أبوابا على حروف المعجم ومواضع مفرقة على الرافعي نحو ستة مجلدات، وتفرد بغالب ما حضره وحدث بكثير من مسموعاته، ورد إلى مكة المشرفة في موسم سنة اثنتين وعشرين فسمعت عليه المجلس الأول من أماليه إملاء واستمليت عليه وقرأت أحاديث عشاريات انتقاها الإمام رضوان من أماليه، وكان حصل له طحال فتداوى بشرب الخل كل يوم فعوفي وحج، ولما عزل عاد إليه وجع فظنه الطحال فتداوى بالخل فإذا به وجع الكبد فحمي كبده وعالجه الأطباء أزيد من شهرين ثم عرض له وعك وحمى عظيمة إلى أن آل أمره إلى الإسهال فأفرطه إلى أن مات في يوم الخميس سابع عشر من شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته، وبالجملة فلم يخلف له بعده في مجموعه مثله.

وفي هذه السنة مات بالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام الشيخ خليل بن هارون المالكي1 في شهر رمضان، وقاضيها ناصر الدين عبد الرحمن بن محمد بن صالح المدني الشافعي في صفر وبدمشق مسندها المعمر الرحالة زين الدين عبد الرحمن بن المحدث محمد بن طولوبغا السيفي الناصري التنكزي الدمشقي، وبمكة المشرفة الفقيه نور الدين علي بن هاشم بن غزوان الهاشمي2 في شهر ربيع الثاني وبدمشق مدرس الأمينينة تاج الدين محمد بن أحمد بن إسماعيل الحسباني وبمكة رئيس المؤذنين بها جمال الدين محمد بن حسين بن عبد المؤمن في شهر ربيع الأول.

حدثنا الإمام الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين المصري

1 وهو أبو الخير خليل بن هارون بن مهدي بن عيسى بن محمد الصناجي الجزائري نزيل مكة صاحب كتاب تذكرة الإعداد لهول يوم المعاد.

"وجاء" في السطر الثامن منها "زين الدين عبد الرحمن بن المحدث محمد بن طولوبغا

إلخ" والذي في معجم الحافظ ابن حجر وإنباء الغمر والضوء اللامع وشذرات الذهب أنه توفي في ذي القعدة من سنة 825 وهو مخالف لما ذكره المؤلف والله أعلم بالصواب. "الطهطاوي".

2 وهو نور الدين أبو الحسن علي بن هاشم بن علي بن مسعود بن غزوان بن حسبن الهاشمي المكي الشافعي، والذي ذكره صاحب الضوء اللامع أنه توفي في جمادى الأولى من سنة 825 ثم قال: ذكره التقي بن فهد في معجمه تبعا للفاسي. اهـ. وهو مخالف لما ذكره المؤلف هنا في الشهر والسنة والله أعلم بالصواب. "الطهطاوي".

ص: 187

وقرأته عليه استملاء في يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة في المسجد الحرام لما قدم علينا حاجا قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل سماعا عليه بقراءة والدي رحمة الله تعالى عليهما قال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن العجمي بقراءتي عليه ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام عن إسحاق بن يحيى الآمدي قالا: أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي ح وأنبأنا بعلو درجة أخرى سليمان بن خالد الإسكندري منها عن علي بن أحمد بن عبد الواحد عموما قالا: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد الأصبهاني قال ابن عبد الواحد كتابة قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا عبد الله أبو جعفر بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: تذاكرنا ليلة القدر في نفر من قريش فأتيت أبا سعيد رضي الله عنه وكان لي صديقا فقال: ألا تخرج بنا إلى النخل؟ فخرجنا وعليه خميصة له فقلت: أخبرني عن ليلة القدر هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر؟ فقال: نعم اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان فخطبنا صبيحة عشرين فقال عليه الصلاة والسلام: "إني رأيت ليلة القدر وإني أُنسِيتُها أو نَسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر؛ فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع ورأيت كأني أسجد في ماء وطين" فرجعنا وما نرى في السماء قزعة وجاءت سحابة فمطرنا حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيته -صلوات الله وسلامه عليه- يسجد في ماء وطين حتى رأيت الطين في جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم" -أو قال: "أثر الطين في جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم". حديث صحيح اتفقا على إخراجه فرواه البخاري عن معاذ بن فضالة ومسلم بن إبراهيم ومسلم عن محمد بن المثنى عن أبي عامر العقدي والنسائي عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد بن الحارث أربعتهم عن هشام الدستوائي به فوقع لنا بدلا للبخاري عاليا وللآخرين في شيخي شيخيهما عاليا ولله تعالى الحمد والمنة والفضل والشكر.

الفاسي محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عبد الملك بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي بن حمزة بن 1 بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن

1 جاء في السطر التاسع منها في ترجمة التقي الفاسي "ابن علي بن حمزة بن" وبعده بياض وبعده "بن إبراهيم بن علي

إلخ" وقد رأيت في عنوان العنوان والتبر المسبوك والمنهج الأحمد بعد على الأول في هذه العبارة ما نصه "ابن حمود بن ميمون بن إبراهيم بن علي

إلخ" فحمزة في العبارة هنا محرفة عنحمود والبياض محل ميمون والله أعلم. وقد وجدت ذلك في الكتب الثلاثة المذكورة في نسب القاضي سراج الدين أبي المكارم عبد اللطيف بن أبي الفتح محمد بن أبي المكارم أحمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الفاسي المكي قاضيها الحنبلي "المتوفى سنة 853 عن 74 سنة" ويجتمع هو والتقي الفاسي المترجم هنا في أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن فهو ابن ابن عم أبيه والله أعلم. "الطهطاوي".

ص: 188

إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كذا نقلته من خط أخيه عبد اللطيف الحسني المكي المالكي سبط قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل النويري الإمام الحافظ المؤرخ قاضي المالكية بمكة المشرفة ومؤرخها تقي الدين أبو الطيب:

ولد في ليلة الأحد العشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة المشرفة، وسافر إلى المدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام صحبة أمه فحفظ بها القرآن العظيم والأربعين للنووي مع باب الإشارات ورسالة ابن أبي زيد وعرضها وسمع بها الحديث على أم الحسين فاطمة بنت أحمد قاسم الحرازي وهو أقدم سماع له وبعد ذلك على القاضي برهان الدين بن فرحون وعبد القادر الحجار وزين الدين أبي بكر بن الحسن العثماني وغيرهم، ثم عاد مع أمه إلى مكة فحفظ بها العمدة ومختصر ابن الحاجب في الفقه وعرضهما، وكان يحضر مجالس قريبه الشريف عبد الرحمن الفاسي1 في الفقه وقرأ في التنقيح للعراقي2 بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبي وحضر دروسه في العربية وغيرها وحبب إليه سماع الحديث فطلب بنفسه واعتنى بهذا الشأن، ورحل إلى الديار المصرية والشامية واليمنية مرارا وسمع جملة على عدة من المشايخ من ذلك بمكة على شيوخها والقادمين إليها منهم عم أمه القاضي نور الدين النويري وخاله القاضي محب الدين والحافظ أبو حامد بن ظهيرة قرأ عليه جملة من مسموعاته والشيخ شهاب الدين بن الناصح المصري القراني والعلامة برهان الدين الأبناسي والشيخ شمس الدين بن سكر والبرهان بن الصديق وعدة وبمصر على البرهان إبراهيم بن أحمد الشامي وابن الشيخة الزين عبد الرحمن بن أحمد وشيخ الإسلام البلقيني والسراج بن الملقن والحافظان العراقي والهيثمي وأبي المعالي عبد الله بن عمر الحلاوي والسويداوي وأحمد بن حسن3 وأم عيسى مريم بنت أحمد بن

1 وهو ابن عم أبيه فإنه ابن أبي الخير محمد وأبو الخير محمد هذا أخو أبي الحسن علي جد التقي الفاسي المترجم هنا فهنا ابنا أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن وكذا أبو المكارم أحمد جد السراج عبد اللطيف الحنبلي كما يعلم مما تقدم. "الطهطاوي".

2 وصوابه "للقرافي" بالقاف والفاء وهو الشهاب أبو العباس أحمد بن إدريش القرافي المشهور فإنه هو صاحب تنقيح الفضول في اختصار المحصول وله عليه شرح طبع بالقاهرة في سنة 1307. "الطهطاوي".

3 والصواب إسقاط الواو الثانية لأن السويداوي هو الشهاب أبو العباس أحمد بن حسن بن محمد بن محمد بن زكريا السويداوي ثم القاهري "المتوفى 804" وقد تقدم للمؤلف ذكره في وفيات السنة المذكورة. "الطهطاوي".

ص: 189

محمد بن إبراهيم الأذرعي وغيرهم، وبدمشق من علي بن أبي المجد وأبي هريرة بن الذهبي سمع عليه كثيرا وغيرهما، وببيت المقدس على الشهاب أحمد بن الحافظ صلاح الدين العلائي وغيره، وبغزة على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي وغيره، وباليمن على الشيخ أصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي، وأجاز له قديما أبو بكر بن المحب وإبراهيم بن أبي بكر بن السلار ومحمد بن محمد بن عمر بن عوض وجماعة وشيوخه بالسماع والإجازة يقاربون خمسمائة شيخ، وكان له اعتناء بالفقه وغيره وقرأ على الحافظ زين الدين العراقي شرحه على ألفيته في علم الحديث بحثا وفهما وأذن له في إقراء فن الحديث.

ووصفه بالحفظ جماعة منهم الحافظ أبو زرعة العراقي، وأجازه بالإفتاء والتدريس على مذهب الإمام مالك بن أنس جماعة منهم قريبه الشريف عبد الرحمن بن أبي الخير الحسني وخلف بن أبي بكر المخزومي وبهرام بن عبد الله الدميري1 والشيخ أبو عبد الله الوانوغي2 بعد أن أخذ عن كل منهم جانبا من الفقه، جمع وألف وخرج وصنف جملة مصنفات من ذلك عدة في أخبار بلده مكة المشرفة أكبرها "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" مجلدان جمع فيه ما ذكره الأزرقي وزاد فيه أشياء سود غالبه ثم اختصره في مجلد وسماه "تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام" ثم اختصره في مجلد لطيف وسماه "تحصيل المرام" ثم اختصره في مجلد وسماه "هادي ذوي الأفهام إلى تاريخ البلد الحرام" ثم اختصره في كراريس سماه "الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة" ثم اختصره في كراريس وسماه "ترويح الصدور بطيبات الزهور" ثم اختصره في عدة أوراق، وله تاريخ كبير في أربعة مجلدات سماه "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" يشتمل بعد الخطبة على الزهور المقتطفة ثم سيرة نبوية مختصرة من السيرة لمغلطاي مع زيادات عليها جمة مفيدة ثم تراجم على حروف المعجم لجماعة من الصحابة من قريش وحلفائها وكنانة وخزاعة وثقيف وجماعة من ولاة مكة وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وجمع من العلماء والرواة والقاطنين بها والواردين إليها ومن وسع المسجد الحرام وعمره ومن عمر بها شيئا من الأماكن المباركة كالمساجد والمواليد وغير ذلك، انتهى في تسويده إلى أثناء الياء آخر الحروف ثم ألف غالبا من تراجمه على هذا النمظ وانتهى فيه إلى حرف القاف من الكنى غير أنه لم يذكر فيه إلا قدرا يسيرا من الصحابة

1 نسبة إلى دميرة بفتح الدال المهملة وكسر الميم ومثناة تحتية ساكنة وراء مهملة قريبة كبيرة بمصر قرب دمياط.

2 بتشديد النون المضمومة وسكون الواو بعدها معجمة كما سلف.

ص: 190

ثم اختصره وكمل الكنى منه والنساء ثم اختصره ثم زاد في هذا المختصر جماعة عدة من الصحابة بلغ فيما زاد من تراجم الصحابة رضي الله عنهم إلى أثناء حرف العين المهملة ثم شرع في اختصار العقد الثمين على نمطه وسماه "عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى" لم يكمله.

وجمع ذيلا على كتاب النبلاء للذهبي مجلدين وكذا ذيل على تقييد ابن نقطة أجاد فيه ثم اختصره مختصرين كبير وصغير وكذلك على الإشارة للذهبي سماه "بغية أهل البصارة في ذيل الإشارة" وكذا على الأعلام للذهبي سماه "إرشاد ذوي الأفهام إلى تكميل كتاب الإعلام بوفيات الأعلام" وله تاريخ بسط فيه تراجم بغية أهل البصارة التي ليست مبسوطة فيه و"المقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء" ثم اختصره ثم اختصر المختصر وكتاب في الأخريات مسود غالبه1 و"تذكرة ذوي النباهات لجملة من الأذكار والدعوات" واختصر كتاب حياة الحيوان للدميري سماه "مطلب اليقظان من حياة الحيوان" وله في الفقه عدة تصانيف منها في المناسك ثلاثة أحدها "إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك على مذهب الإمامين الشافعي ومالك" وخرج في سنة ست وتسعيين لشمس الدين الحبيشي2 جزء حديث حدث به وكذا للمحدث شمس الدين محمد بن علي بن سكر البكري في سنة تسع وتسعين ولنفسه أربعين حديثا متباينة المتن والإسناد وفهرسا مشتملا على جملة مروياته بالسماع والإجازة وصارت جميعها كالعدم لأنه وقفها وشرط أن لا تعار لمكي وأسند وصيته في ذلك وغيره إلى أخيه لأمه الخطيب أبي اليمن النويري فكان من شأنه إذا قصده آفاقي لاستعارة شيء منه يعتذر له بالمعاذير التي ليست بلائقة بالجهال فكيف بمن ينسب نفسه إلى طلب العلم والورع والصلاح؟! فإذا ثقل عليه أحد في ذلك وكان ممن يخشاه أو يحترمه من ذوي الوجاهات من الغرباء أعاره بعض التصنيف وتعلل عليه في باقيه بالزور من القول فالله تعالى يهديه إلى الصواب وبالله العظيم.

لقد كان رحمة الله عليه كثيرا ما يسألني في تحصيلها وكتابتها وآخر ما كان ذلك في الشهر الذي مات فيه فالله تعالى يغفر له ويسامحه، وكان رحمة الله تعالى عليه مكثرا سماعا وشيوخا وتصانيف له اليد الطولى في الحديث والتواريخ والسير عني بهذا الشان فجمع وأفاد وكتب الكثير، أخذ الناس عنه وانتفعوا به الكبير منهم والصغير فكان يملي من حفظه المجلدات في معرفة أسماء الرجال وتراجمهم وطبقاتهم

1 ومع هذا كله يعده أبو المحاسن بن تغري بردي الظاهري - في كتابيه المنهل الصافي والنجوم الزاهرة غير متقن في التاريخ كثير الأوهام فيه إلا فيما يتعلق بالحجاز.

2 بضم ثم موحدة وآخره معجمة مصغر نسبة لبني حبيش بالقرب من تعز باليمن.

ص: 191

وأما التواريخ فإنه كان سيردها سرد الفاتحة لا يتلعثم في ذلك حدث بجملة من مسموعاته ونبذ من مؤلفاته، قرأت عليه المتباينة له كرتين و"تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام" وتراجم من "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" وكلاهما من تأليفه وحدثت معه بصحيح مسلم وبالسنن للنسائي وابن ماجه، ولي قضاء الماليكة بمكة المشرفة المعظمة في أواخر سنة سبع وثمانمائة وهو أول من وليه بها استقلالا واستمر فيه نحوا من عشرين سنة غير أنه في سنة سبع عشرة صرف عنه بقريبه الشريف أبي حامد بن عبد الرحمن قريبا من بضعة عشر يوما ثم أعيد إليه فاستمر إلى أن صرف عنه ثانيا في آخر سنة عشرين ثم ضعف بصره جدًّا فصرف في أواخر سنة ثمان وعشرين فسافر في أوائل سنة تسع وعشرين إلى القاهرة واستفتى فضلاء المالكية فأفتوه بأن العمى لا يقدح إذا طرأ على القاضي المتأهل للقضاء حتى إن بعضهم أفتى بأنه لا يضر تولية الأعمى ابتداء، واستنابه القاضي شمس الدين البِساطي1 فحكم بالصالحية فأنهى محبوه أمره إلى السلطان وأثنوا عليه فأعاده إلى منصبه فتوجه إلى بلده وأقام بها مدة فسعي عليه فصرف واستمر معزولا إلى أن مات رحمة الله تعالى عليه في النصف الثاني من ليلة الأربعاء الثالث من شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة ولم يخلف بالحجاز مثله.

وفي هذه السنة مات في ليلة الثلاثاء ثالث عشر من المحرم الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أحمد الصوفي الضرير، وفي يوم الاثنين سابع من شهر صفر أمام السلطان الأشرف الشيخ محمد بن سعيد سويدان2، وفي ليلة الأحد حادي عشر من ربيع الآخر ناصر الدين محمد بن عبد الوهاب بن محمد البارَنباري3 بدمياط، وفي يومها محمد بن عبد الله بن حسين بن الخراز4، وفي ليلة الاثنين سادس عشريه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الله الشطنوفي5 وفي يوم الخميس سادس عشر من شهر ربيع الآخر

1 بكسر أوله قرية من الغربية، وأصله الرومي "بسوط".

2 وهو الشمس محمد بن سعيد بن عبد الله القاهري ويقال له الصالحي نسبة إلى الملك الصالح صلاح الدين صالح بن الملك الناصر محمد بن قلاوون لكون والدله مولى مولاه ويلقب الشمس محمد المذكور لسواده بسويدان بالتصغير وكان إمام الملك الظاهر برقوق ثم إمام ولده الملك الناصر فرج ولعله كان بعدهما إماما للسلطان الأشرف كما جاء في كلام المؤلف والله أعلم.

3 نسبة إلى بارنبار بالباء الموحدة وألف وراء مفتوحة بليدة قرب دمياط. قال ياقوت في معجم البلدان: هكذا يتلفظ به عوام مصر وتكتب في الدواوين بيورنبارة.

4 والذي في إنباء الغمر والضوء اللامع "ابن المواز". "الطهطاوي".

5 بفتح الشيم المعجمة وتشديد الطاء المهملة المفتوحة وفتح النون نسبة إلى شطنوف بلد بكورة الغربية بمصر.

ص: 192

الأديب نور الدين علي بن عبد الله شهر بابن عامر1 وفي ليلة الأحد سابع عشري جمادى الآخرة القاضي بدر الدين محمد بن محمد بن أحمد بن مزهر الدمشقي، وفي ليلة الثلاثاء شيخ2 وكيل بيت المال نور الدين علي بن

3 السفطي4 وفي ذي الحجة أمير المدينة الشريف عجلان بن نغير بن منصور بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مقتولا، وكذا ابن عمه الشريف خشرم بن دوغان بن جعفر بن عبد الله بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني، وفي يوم الجمعة ثامن عشر من شهر رجب الواعظ البليغ المعروف بالشاب التائب أحمد بن عمر5 السفطي.

ابن الغرابيلي محمد بن محمد بن محمد بن مسلم 6 - بفتح المهملة واللام المشددة- ابن علي بن أبي الجود السالمي المصري المولد الكركي الأصل والمنشأ ثم المقدسي الشافعي سبط القاضي عماد الدين الكركي 7 الإمام الحافظ تاج الدين:

ولد في سنة ست ومدرس المدرسة الصلاحية بالقدس إلى أن توفي به في سنة 801 عن ستين سنة. وقد خرج له الوالي أبو زرعة العراقي مشيخة وحدث بها سمعها عليه الحافظ ابن حجر وغيره. "الطهطاوي".

1 والذي في الضوء اللامع والمنهل الصافي "بابن عامرية" وكان أديبا شاعرا مكثرا من المدائح النبوية وكان للناس فيه اعتقاد وهو تحريري مولدا ومنشأ ودارا ووفاة كما في المنهل الصافي. "الطهطاوي".

2 وفيه تحريف وصوابه "سلخه" أي سلخ جمادى الآخرة المذكورة وعبارة إنباء الغمر في ترجمة نور الدين على هذا ومات في ليلة الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة وعبارة الضوء اللامع في ترجمته ومات في سلخ جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وأرخه العيني في مستهل رجب بالنظر لخروج جنازته. "الطهطاوي".

3 كذا في الأصل: "نور الدين علي بن" وبعده بياض وبعده "السفطي" وهو نور الدين علي بن محمد بن ثامر القرشي الأموي السفطي ثم القاهري ولد بسفط الحناء من الشرقية ويقال له صفط بالصاد المهملة وكان أبوه خطيبها. وقد باشر هو نظر البيمارستان مدة ثم ولي وكالة بيت المال ونظر الكسوة وتوفي في سلخ جمادى الآخرة من السنة التي ذكرها المؤلف وقد جاوز الخمسين. ذكره الحافظ ابن حجر في إنبائه والبدر العيني في تاريخه وقال: إنه كان مشكور السيرة. "الطهطاوي".

4 نسبة لسفط الحنا بالشرقية، قال ابن حجر في "تبصير المنتبه في تحرير المشتبه": سفط ستة عشر موضعا كلها بمصر في قبليها وبحريها، قل فيهم من له نباهة في العلم أو الديانة.

5 ذكر المقريزي أنه أحمد بن عمر بن عبد الله وذكر الحافظ ابن حجر وغيره أنه أحمد بن عمر بن أحمد بن عيسى. وهو أنصاري مصري ولد بالقاهرة في ذي الحجة من سنة 767 وتوفي بدمشق في التاريخ الذي ذكره المؤلف. "الطهطاوي".

6 والذي في الضوء اللامع ذكر محمد أربع مرات في ترجمته وذكره ثلاث مرات في ترجمة أبيه الأمير ناصر الدين محمد الكركي المولد المقدسي الوفاة المعروف أيضًا بابن الغرابيلي المتوفى سنة 816 عن 63 سنة" وقد سكن القاهرة سنين ثم ولي نيابة قلعة الكرك ولما عزل سكن القدس إلى أن توفي به. "الطهطاوي".

7 وهو القاضي عماد الدين أبو عيسى أحمد بن الشرف عيسى بن موسى بن عيسى بن سليم بن جميل الكركي الشافعي قاضي كرك الشوبك بعد أبيه ثم قاضي قضاة الشافعية بمصر ثم خطيب المسجد الأقصى ومدرس المدرسة الصلاحية بالقدس إلى أن توفي به في سنة 801 عن ستين سنة. وقد خرج له الوالي أبو زرعة العراقي مشيخة وحدث بها سمعها عليه الحافظ ابن حجر وغيره. "الطهطاوي".

ص: 193

وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونقله أبوه إلى الكرك فنشأ بها ثم انتقل إلى القدس الشريف فاشتغل وحفظ عدة مختصرات وتخرج بجماعة منهم النظام قاضي العسكر وعمر المليجي1 وابن الديري ثم اشتغل بهذا الشأن وأقبل على طلب الحديث فسمع الكثير وبرع جدا في معرفة العالي والنازل والأسماء، وله مصنفات حسنة منها مؤلف جمع فيه بين المنقول والمعقول أبان فيه عن فضل كبير ونظر واسع ذكر فيه ما ورد في الحمام من الأخبار والآثار مع أقوال العلماء في دخوله وما يتعلق بالعورة واستعمال الماء فيه والاستياك والوضوء والغسل وقدر المكث فيه وحكم الصلاة فيه وأفضل الحمامات وأحسنها وما يتعلق بذلك من الطيب وحكم أجرة الحمام وغير ذلك وهو نهاية في الجودة وله تعاليق وفوائد وخرج لشيخنا عبد الرحمن القنائي2 جزءا من روايته.

وكان -رحمه الله تعالى- لديه فصاحة لسان وقوة جنان وشرف نفس وقاعة ومعرفة بالأمور ومروءة والتودد إلى أصحابه والقيام معهم، رحل إلى القاهرة فصحب بها الحافظ أبا الفضل بن حجر وحرر "تحرير المشتبه"3 له ولازمه إلى أن أدركه أجله بها فمات في يوم

1 والذي في معجم الحافظ ابن حجر "عمر البلخي" وعبارته وتخرج بعمر البلخي والنظام قاضي العسكر وابن الديري اهـ ومثله في إنباء الغمر والضوء اللامع وعبارتهما ولازم الشيخ عمر البلخي في العضد والمعاني والمنطق وكذا لازم نظام الدين قاضي العسكر والشمس بن الديري حتى مهر في الفنون إلا الشعر ثم أقبل على الحديث بكليته إلى آخر كلامهما. "الطهطاوي".

2 وصوابه "القبابي" بموحدتين كما في الضوء اللامع وغيره وهو زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن السراج عمر بن النجم عبد الرحمن بن حسين بن يحيى بن عمر بن عبد المحسن القبابي ثم المقدسي الحنبلي "المتوفى ببيت المقدس في شهر ربيع الثاني من سنة 838 عن 89 سنة" وسبق ذكر جده النجم عبد الرحمن في ذيل الحافظ الحسيني في الصفحة "9" وقد أخذ زين الدين عن جمع جم بالسماع وبالإجازة وخرج له الحافظ ابن الغرابيلي المترجم جزءا من روايته وهو من شيوخه الذين سمع منهم كما في الضوء اللامع وخرج له الحافظ ابن حجر مشيخة ترجم فيها شيوخه وذكر عوالي مروياته من المسانيد والأجزاء وجعل المشيخة له وللشيخة المسندة المعمرة أم الحسين فاطمة بنت صلاح الدين خليل بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله الكنانية المقدسية العسقلانية الأصل القاهرية "التي توفيت بها في جمادى الأولى من سنة 838" لكونها شاركت في الكثير من شيوخه ولذا سماها "المشيخة الباسمة للقبابي وفاطمة" وكون وفاتها سنة ثمان وثلاثين هو المذكور في إنباء الغمر والضوء اللامع والذي في المنهج الأحمد والشذرات أنها توفيت سنة ثلاث وثلاثين والله أعلم. وهي ابنة أخي قاضي القضاة ناصر الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح المقدسي ثم القاهري الحنبلي. "الطهطاوي".

3 وعبارة الحافظ في إنباء الغمر ورحل إلى القاهرة فلازمني إلى أن حرر نسخته من تحرير المشتبه غاية التحرير. "الطهطاوي".

ص: 194

السبت ثالث عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته، ودفن بتربة الصوفية الصلاحية بالقاهرة بعد أن صلى عليه حافظ العصر الحافظ أبو الفضل ابن حجر وحضر جنازته جمع وكان له مشهد حفل وعظم عليه الأسف ووقف على قبره بعد الفراغ من دفنه عدة من الأئمة منهم قاضي القضاة الشافعي ابن حجر وقاضي الحنفية سعد الدين بن الديري وقاضي الحنابلة محب الدين بن نصر الله البغدادي والشيخ تقي الدين المقريزي ساعة زمانية يسألون الله تعالى له التثبيت.

وفي هذا السنة مات السطان حسين بن جلال الدولة1 بن القان أحمد بن أويس، وعيسى بن محمد بن عيسى الأقفهسي في ليلة الجمعة سادس عشري جمادى الثانية، وأحمد بن صلاح الدين صالح بن أحمد بن عمر بن السفاح2 الحلبي في ليلة الأربعاء رابع عشر من شهر رمضان، والصاحب علم الدين أبو عمر يحيى بن

3 الأسلمي في ليلة

1 ولعل فيه تحريفا ففي إنباء الغمر "ابن علاء الدولة" ومثله في الشذرات وقد ذكره صاحب الضوء اللامع في موضعين منه فقال: ابن علاء الدولة وذكره في موضع ثالث منه فقال: "ابن علاء الدين" ثم قال: وقال المقريزي في عقوده: "ابن علاء الدولة" وهو آخر ملوك العراق في ذرية أويس كما بسطه الحافظ في الإنباء وقد حضر جده القاق أحمد بن أويس صاحب بغداد إلى مصر في مدة السلطان الظاهر برقوق قرارا منها وقت استيلاء عساكر تيمورلنك عليها ثم عاد إليها بعد خروجهم منها وسبق في أول الصفحة "108" ذكر أبيه القان أويس بن حسن المغلي ثم التبريزي صاحب بغداد وتبريز وما معهما "المتوفى سنة 776". "الطهطاوي".

2 أي المعروف بابن السفاح ومثله في معجم الحافظ ابن حجر والذي في إنبائه في ترجمته وترجمة أبيه "ابن أبي السفاح" ومثله في ثب البرهان الحلبي. وقد ولد بحلب في سنة 772 وتوفي بالقاهرة في التاريخ الذي ذكره المؤلف. "الطهطاوي".

3 كذا في الأصل "ولصاحب علم الدين أبو عمر يحيى بن" وبعده بياض وبعده "الأسلمي" وهو علم الدين يحيى بن عبد الله المصري الذي ولي الوزارة في دولةالملك الناصر فرج عوضا عن فخر الدين ماجد بن عبد الرزاق بن غراب الإسكندري كما ذكره صاحب الضوء اللامع وقال: إنه توفي في شهر رمضان من السنة التي ذكرها المؤلف إلا أنه ذكر في ترجمته وترجمة ابن أخيه الشرف يحيى بن عبد الرزاق بن عبد الله أن كنيته "أبو كم" بالكاف والميم وكذا في حرف الكاف من قسم الكنى منه فقال: أبوكم يحيى بن عبد الله. اهـ. وكذا الحافظ ابن حجر في الإنباء فقد قال في حوادث سنة 803: وفي ثالث من رجب استقر علم الدين أبوكم في الوزارة عوضا عن فخر الدين بن غراب. اهـ. وقال في التراجم: يحيى بن عبد الله علم الدين أبوكم ولي الوزارة في دولة الناصر فرج وتوفي بالقاهرة في 22 من رمضان سنة 835 وقد جاوز السبعين. اهـ. وكذا صاحب حسن المحاضرة إلا أنه سمى أباه أسعد فقد قال بعد أن ذكر أن فخر الدين ماجد بن غراب عزل من الوزارة في رجب من سنة ثلاث وثمانمائة ما نصه "ووزر علم الدين يحيى بن أسعد المعروف بأبي كم ثم صرف في ربيع الآخر من سنة أربع ثم قال: وأعيد علم الدين أبوكم في سن ست وثمانمائة. اهـ. فلعل أبا عمر هنا محرف عنه والله أعلم. وأما لفظ "الأسلمي" فالذي يظهر أنه بمعنى الذي أسلم لأن علم الدين يحيى المذكور كان قبطيًّا وأسلم وحسن إسلامه وحج وجاور بمكة غير مرة كما في إنباء الغمر والضوء اللامع واستعمال الأسلمي بالمعنى المذكور جاء في كلام الشهاب أحمد بن فضل الله العمري كما يعلم من ترجمته المذكورة في الدرر الكامنة وكذا جاء في كلام صاحب الشذرات تبعا لغيره ولا يتأتى ذلك على ما يظهر إلا بجعله نسبة إلى كلمة أسلم مقصودا بها لفظها لاتصافه بمعناها وهو الدخول في الإسلام والله أعلم. "الطهطاوي".

ص: 195

الخميس ثاني عشريه وسلطان قبرس حينوس بن ملك بن سرو بن أنكون بن حينوس والمحدث شهاب الدين أحمد بن عثمان بن محمد الكلوتاتي1 وشهاب الدين أحمد

2 ابن هشام النحوي، وشيخ النحاة زين الدين

3 البصروي بدمشق، والقاضي زين الدين عبد الرحمن بن التفهني4 في ليلة الأحد من شوال.

ابن الخياط محمد بن أبي بكر بن محمد بن صالح الهمداني الجبلي -بكسرالجيم وإسكان الباء الموحدة- التعزي 5 الشافعي الإمام العلامة الحافظ جمال الدين أبو عبد الله وكان أبوه يلقبه بالباقر:

مولده بجبلة من بلاد اليمن في سنة سبع وثمانين وسبعمائة فنشأ بها على عفة ونزاهة واشتغل فحصل فنونا من العلم وتفقه على جماعة منهم والده6 وأجازه

1 نسبة إلى عمل الكلوتات وهي قلانس كانت تلبسها الجنود في عهد الدولة الجركسية، وهو جمال الحفاظ أبو الفتح شهاب الدين أحمد بن عثمان الكلوتاتي الحنفي المعمر، شهدوا له بأنه أكثر معاصريه سماعا ملأ البلاد المصرية رواية. ولد سنة 762.

2 كذا في الأصل "وشهاب الدين أحمد" وبعده بياض وبعده "ابن هشام النحوي" وهو شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن هشام أي المعروف بابن هشام كجده الجمال عبد اله بن يوسف الأنصاري القاهري النحوي الشهير بابن هشام صاحب مغني اللبيب وغيره. وكان نحويا كجده وكانت وفاته بدمشق كما في إنباء الغمر والضوء اللمع وبغية الوعاة وغيرها. "الطهطاوي".

3 كذا في الأصل "وشيخ النحاة زين الدين" وبعده بياض وبعده "البصروي" وهو زين الدين عمر بن أبي بكر بن عسى بن عبد الحميد المغربي الأصل البصروي ثم الدمشقي النحوي قدم دمشق فاشتغل في الفقه والقراآت والعربية وفاق في النحو واشتغل الطلبة عليه فيه وتوفي بها في جمادى الآخرة من السنة التي ذكرها المؤلف أعني سنة 835 وكان خيرا دينا كذا يستفاد من إنباء الغمر وبغي الوعاة وغيرهما.

"وجاء" في التعليقات في الكلام على الشهاب الكلوتاتي "شهدوا له بأنه أكثر معاصريه سماعا" وهذه الشهادة إنما نقلت عن الأمير تغري برمش بن عبد الله الجلالي الحنفي المعروف بالفقيه وفيها مجازفة فكم من كتاب وجزء ومعجم ومشيخة قرأه أو سمعه الحافظ ابن حجر لعل الكلوتاتي ما رآه. نعم هو قد كرر سماعه للكتب الكبار كصحيح البخاري فإن قرأه أكثر من ستين مرة وشيوخه فيه نحو ذلك وكذا غيره. وكان الأمير تغري برمش المذكور محدثا فاضلا قرأ صحيح البخاري على القاضي محب الدين بن نصر الله الحنبلي وصحيح مسلم على الزين الزركشي وسنن أبي داود على الحافظ ابن حجر وسنن النسائي الصغرى على الشهاب الكلوتاتي وسنن ابن ماجه على الشمس محمد بن المصري وقرأ ما لا يحصى على من لا يحصى "وتوفي في شهر رمضان من سنة 852 عن نيف وخمسين سنة".

"الطهطاوي".

4 بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه ثم نون نسبة إلى قرية بالقرب من دمياط وهو قاضي قضاة الحنفية بمصر. الضوء.

5 نسبة إلى تعز بالفتح ثم الكسر والزاي مشددة قلعة عظيمة من قلاع اليمن. معجم البلدان.

6 وهو الفقيه رضي الدين أبو بكر بن محمد بن صالح بن محمد الجبلي ثم التعزي الشافعي المعروف بابن الخياط المتوفى بمدينة جبلة في شهر رمضان من سنة 811 كما في معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع وغيرهما. "الطهطاوي".

ص: 196

بالإفتاء والتدريس واعتنى بهذا الشأن فتيقظ ومهر فسمع ببلده على جماعة محدثها الإمام نفيس الدين أبو الربيع سليمان بن إبراهيم العلوي وقاضي الأقضية بها مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي، وورد إلى مكة المشرفة مرتين فحج وزار النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ بمكة على حافظ الحجاز العلامة أبي حامد بن ظهيرة شيئا من عواليه وعلى الإمام أبي الحسن بن سلامة المسلسل بالأولية بطرقه وما يتلوه من

1 في أول مشيخته تخريجي له وغير ذلك وسمع في طيبة مسند الدنيا العلامة زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي وغيرهم وقرأ على العلامة شمس الدين بن الجزري بعض مروياته لما ورد عليهم اليمن في سنة ثمان وعشرين وأجاز له عدة من مصر والشام والإسكندرية والحرمين وغيرهما باستدعاء صاحبنا الحافظ أبي عبد الله محمد بن موسى المراكشي وغيره منهم أبو الطاهر محمد بن أبي اليمن بن الكويك وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي ورقية بنت يحي بن مزروع وحصل له النفع التام بصحبته أعني ابن موسى لا سيما بعد موته فإن غالب كتبه وأجزائه صارت إليه، وكان له وجاهة عند صاحب اليمن الملك الناصر أحمد بن إسماعيل واتصال، ولما دخلت اليمن في سنة ست عشرة وثمانمائة قرأ علي بجبلة في خلوته من جامعها الحديث الأول من البخاري سماعي له من ابن صديق وحدثني هو به بروايته عن والده وبيني بينه صحبة وتودد ومكاتبات منها كتاب فيه تعزيه بابني أبي زرعة محمد -رحمه الله تعالى ورضي عنه- فمنه بعد صدر الكتاب: وننهي بعد تأدية واجب السلام ورحمة الله وبركاته صدورها في رابع عشر من ذي القعدة الحرام والخاطر عند سيدي والشوق إليه متوافر والمودة له متأكدة والدعاء مستمر ولسان الحال والمقال ينشد:

لست أنسى تلك الحقوق ولكن

لست أدري بأيهن أكافي

ولله تعالى يمن بتعجيل رؤيته ويتولى مكافاة صنائعه ولا يخلي من أنسه وبركاته ومن موجب تسطيرها تعريف الخاطر الكريم بما لحق من الحزن والاحتراق بما بلغنا من وفاة سيدي الولد العزيز الحبيب ابن الحبيب وما حملناه من الهم بذلك فإنا لله وإنا إليه راجعون فمما أكد ذلك ما سمعناه عنه من النجابة والإقبال على الاشتغال ولزوم مجالس أهله عوضه الله تعالى عن ذلك الرفيق الأعلى في مقعد الصدق وأحسن الخلافة لسيدي ووفر له الأجر والذخر وخير هذه الصدمة لما يتبعها من الأجر والمخدوم لا يحتاج إلى تنبيه على فضل الصبر وليفوض إلى من بيده الخلق والأمر والله سبحانه قد اختار له ما لديه وكان له خير

1 بياض في الأصل.

ص: 197

جار فاختاروا له ما اختار الله تعالى واسلوه بما تسلى به الإمام أبو الوفاء بن عقيل عن ولده فقصته في كتاب الثبات عند الملمات من تصانيف ابن الجوزي وسيدي هو الذي أفادني النظر فيه والانتفاع به ولله در القائل:

جاورت أعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري

والشعر لأبي الحسن التهامي من مراثي ولده أبي الهيجاء ويقال: إنه رئي بعد موته فقال: غفر لي بهذا الشعر فالحمد لله رب العالمين وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم ارفع درجته في عليين واخلفه في عقبه وعد عليه وعلينا بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين والله تعالى يعلم أن الحزن مشترك والعزاء واحد وأرجو أن الله سبحانه وتعالى قد أعظم لكم الأجر ووفر الذخر وأقر أعينكم له بما هو خير له إن شاء الله تعالى. ثم وقفت له على مكاتبات بليغة إلى صاحبنا الفقيه موفق الدين علي بن إبراهيم الأبي منها جواب عن كتاب كتبه إليه يذكر له مرض زوجه وأنها على خطر فكتب: قد والله عز علي ما ذكرتم من مرض الأهل حتى قلتم لم يبق تعني قول الشاعر:

لم يبق إلا نفس هافت

ومقلة إنسانها باهت

الحمد لله على هذا وإليه تصير الدنيا وأهلها على كل حال ما للإنسان بد من الله ولا فضل خير إلا من الله تعالى وما يكره الإنسان الموت إلا لمن ألف من هذه الهوى وإلا فما يكره الإنسان بالوصول إلى من لا يجد الخير إلا منه فالله تبارك وتعالى يجعل الموت راحة لنا من كل شر ويوصلنا به إلى كل خير وما أحسن الدعوة الشريفة النبوية اليوسفية حين بلغ أقصى مطالب الدنيا فأتاحت نفسه إلى المطلب الأسنى فقال عليه الصلاة والسلام: "اللهم توفني مسلما وألحقني بالصالحين" وأظنه والله سبحانه وتعالى أعلم يعني بالصالحين الرفيق الأعلى الذي سأله إياه سيد المرسلين عند انقضاء نصيبه من الدنيا وحين أصيبت به الأحياء فقال: "الرفيق الأعلى" فنسألك الله أن تلحقنا بذلك الرفيق وتجعلنا من خير فريق. ومنها كتاب يصف فيه حاله وقد زهد في صحب الملك وأعوانه لما قدموا عليه من قال فيه الطغرائي:

تقدمتني أناس كان سعيهم

وراء خطوبي إذ أمشي على مهل

وقد نالوا منه قولا من الزور وحسدوه على كثير من "عمله المبرور" ونصره الله تبارك وتعالى عليهم وجمل أحواله وصارت الرعية مراعية أقواله وأفعاله فكان من جملة مكاتبته أن قال: والله ما يسوء في ذلك لعلمي بما لي عند الله عز وجل وما الله أشك أن ذلك لما علمه الله تعالى من تقصيري فأراد الله سبحانه وتعالى إثبات حسنات لم أعملها بما سبق من إحسانه كما فعل ذلك لأوليائه هذا حالي مع من الدنيا في يده والأسباب والرياسة مع أني قنعت بلا شيء وما زاحمت على شيء من وظائفهم ولا أرزاقهم وبالله يا أخي إذا دعوت الله

ص: 198

تعالى فادع إن كان ما قالوه حقا أن يأخذ سبحانه مني أخذه من أعدائه وإن كان محض الزورأن يعوضني ما اقتضاه فضله وإحسانه فهكذا كنت أدعو على فلان وسماه هو عبد الرحمن الحداد كان يؤذيه ويسعى في أذيته عند الملك فرد الله تعالى كيده في نحره وسلط عليه جور وسمل عينيه وأحوجه الله تبارك وتعالى إليه وصار في بيته عوله عليه فسبحان المعز المذل اللهم أنت الحكم بين البرايا والعدل في القضايا إلى أن قال: ووالله ما مضى لأقل العبيد زمان أضيف من هذا الزمان بالنسبة إلى نفقة المعتاد وما مضى والله ولله الحمد وقت القلب فيه أشرح والنفس فيه أقنع من هذا الوقت فوالله ما للعبد سعادة أسعد من حاجته إلى ربه ولا حال أفضل من الحال الذي اختاره صاحب الشرع -صلوات الله وسلامه عليه- في قوله صلى الله عليه وسلم "أجوع يوما وأشبع يوما" عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله:

ملك القناعة لا يخشى عليه ولا

يحتاج فيه إلى الأنصار والخول

ولو لم يكن في ذلك إلا حصول الحرية من الحاجة إلى زيد وعمرو وإنزال الحاجة بالمخلوق الذي ليس في يده مثقال ذرة من الأمر ولله در السيد الخليل أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه حيث يقول في طلب الرجل الحاجة من أخيه فتنة؛ فإنه إن أعطي حمد من لا يعطيه وإن منع ذم إلى من لم يمنعه، إشارة إلى حقيقة التوحيد فنسأل الله تعالى أن يلحقنا به عرفه فاستغنى به وعرف الخلق فعذرهم وأعظم ما يتمحص منه الخاطر قول العدو: فعل فلان وقال فلان، وصدر منه مما لم يعلم الله سبحانه وتعالى مثقال ذرة، ووقوع الإنسان بين غدر جاهل وعاقل مضاغن وما والله يؤانسني إلا أني كلما تأثر الخاطر من عظيم ما أسمع استحضرت إطلاع الله عز وجل على البراءة من مثقال الذرة من ذلك وأستحضر قوله صلى الله عليه وسلم:"ألا تنظرون كيف يوقع الله عز وجل شتم قريش ولعنهم يلعنون مذمما ويشتمون مذمما وأنا محمد" صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن الذم يتعلق بالصفة لا بالمنسوب إليه إذا عري عن تلك الصفة.

ومنها جواب كتاب كتبه إليه يعتب على بعض أصحابه ويشكوه إليه من أمر أمر الله تعالى فيه فلم ينهض بقضائه فكمل من جملة ما كتب به أن قال: رأيت لبعض علماء الأولياء وأولياء العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: "أطيب ما أكل الرجل من كسب يده" أن كسب يده أن بيضت وجهه ويرفع يديه إلى الله عز وجل في حوائجه بشيء ثم قال: فهذا الكسب هو حاصل أموالنا ونطلب الذي لا يغيض ولا يزال يفيض إن شاء الله تعالى فاعتمدوه أكثر من عادتكم تقبل الله تعالى منكم في الدنيا والآخرة انتهى، وهو أبقاه الله تعالى من الفقهاء المعتبرين بالقطر اليماني والمنفردين بالحفظ به الآن بالإجماع والمرجع إليه به في هذا الفن عند النزاع فالله تعالى يبقيه ويكفيه الأسواء ويقيه، انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى في ليلة

ص: 199

الجمعة سابع من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة بتعز من بلاد اليمن ودفن صبيحتها في

1 بعد أن صلي عليه في

1 تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته.

وفي هذه السنة مات قاضي الحنفية بالديار المصرية2 السيد ركن الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسيني ويعرف بعرجان3 في ليلة الأحد سابع عشر من المحرم، وصاحب مدينتي آمد وماردين الأمير قرايلوك عثمان ابن4 في خامس من صفر، وسلطان تونس بلاد إفريقية المستنصر أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس في يوم الخميس حادي عشري صفر، والأمير التاج بن سبقا5 القازاني ثم الشوبكي في ليلة الجمعة حادي عشري شهر ربيع الأول، ونائب الشام الأمير قصروه في ليلة الأربعاء ثالث من شهر ربيع الآخر بدمشق، وفي هذا الشهر بكلبرجه سلطانها المظفر أحمد شاه بن

6، وزمام الدار بمصر الطواشي خشقدم في يوم الخميس عاشر من جمادى الأولى بالقاهرة، وأمير المدينة الشريفة ماتع بن علي ين عطية بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني خرج إلى

1 بياض في الأصل.

2 والذي في الضوء اللامع أنه قاضي الحنفية بالشام وفي إنباء الغمر والشذرات اشتغل بدمشق وناب في الحكم مدة ثم ولي القضاء استقلالا بعد موت ابن الكشك. اهـ. أي بعد موت قاضي الحنفية بالشام شهاب الدين أحمد بن محمود بن النجم أحمد بن إسماعيل الدمشقي الحنفي المعروف كسلفه بابن الكشك "المتوفى سنة 837" والذين كانوا قضاة الحنيفية بالديار المصرية في زمانه جماعة تولوه على التعاقب منهم الشمس الديري وزين الدين التفهني والبدر العيني وليس منهم الركن الحسيني المذكور والله أعلم. "الطهطاوي".

3 والذي في إنباء الغمر والشذرات "المعروف بالدخان" وفي الضوء اللامع في ترجمته ويعرف بابن الدخان وذكر مثل ذلك في حرف الدال المهملة من قسم الأنساب فقال: ابن الدخان الدمشقي عبد الرحمن بن علي بن محمد. اهـ. وقال في قسم الألقاب: ركن الدين الدخان عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي. اهـ. فلعل أصل عبارة المؤلف ويعرف بدخان فحرفها قلم ناسخ والله أعلم. وهو بضم الدال المهملة وتخفيف الخاء المعجمة وقد سموا به كما يعلم من كتب الأنساب وغيرها. "الطهطاوي".

4 وأصله "عثمان بن قطلوبك" كما في إنباء الغمر. "الطهطاوي".

5 والذي في الضوء اللامع "ابن سيفا" بالمثناة التحتية والفاء. وجاء بعده "الفازاني" بالقاف والزاي والنون والذي في الضوء اللامع "الفارابي" بالفاء والراء والموحدة وجاء بعده "ثم الشوبكي" بالموحدة والذي في إنباء الغمر والضوء اللامع "الشويكي" مصغرا نسبة إلى الشويكة مكان بظاهر دمشق كما فيهما. "الطهطاوي".

6 كذا في الأصل: "أحمد شاه بن" وبعده بياض والذي في إنباء الغمر والضوء اللامع "أحمد بن شاه رخ" ويقال له أحمد جوكي. اهـ. وقد مات في حياة أبيه معين الدين شاه رخ صاحب سمرقند وبخارى وغيرهما الذي توفي سنة 851 وهو ابن الطاغية تيمورلنك صاحب الأفاعيل الشنيعة ببغداد وتبريز وشيراز وحلب ودمشق وغيرها لذي هلك في شعان من سنة 807 كما في كتاب عجائب المقدور وغيره واللنك بلغة العجم الأعرج وكان هو أعرج عامله الله بما يستحق. "الطهطاوي".

ص: 200

ظاهر المدينة يتصيد فوثب عليه حيدر بن دوغان بن حعفر بن هبة بن جماز بن شيحة فقتله بدم أخيه أمير المدينة خشرم بن دوغان في عاشر من جمادى الآخرة، وفي أخريات هذا الشهر قتل الشريف كبيش بن جماز الحسيني بقرب القاهر، وابن الأمانة القاضي بدر الدين1 محمد بن أحمد بن عبد العزيز القاهري بها في ليلة الثلاثاء سابع عشر من شعبان، وحفيد تيمور أحمد جوكي بن شاه رخ2، والشيخ أبو بكر بن محمد بن علي الحافي3 ثم الهروي بالقاهرة في يوم الخميس ثالث من شهر رمضان في الوباء الحادث بها، وزوج السلطان الأشرف خوند جلبان الجركسية في يوم الجمعة ثاني شوال، وفيه صاحب مدينة تلمسان والغرب السلطان أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى التلمساني.

سبط بن العجمي إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي ثم الحلبي وجده لأمه هو عمر بن محمد بن الموفق أحمد بن هاشم بن أبي حامد عبد الله بن العجمي الإمام العلامة برهان الدين أبو الوفاء:

ولد بالجلوم من حلب في الثامن والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ومات والده وهو طفل جدا وكفلته أمه وتحولت به إلى دمشق فأقام معها وحفظ بعض القرآن العزيز بها ثم رجعت إلى حلب وهو في صحبتها فنشأ بها وأدختله مكتب الأيتام فحفظ به القرآن العظيم وصلى به بخانقاه جده لأمه الشمس أبو بكر أحمد بن العجمي والد والدته الموفق4 أحمد السابق ذكره وقرأ من أول القرآن الكريم إلى

1 وهو لقب جد أبيه عثمان فإنه بدر الدين أبو محمد محمد بن الشهاب أحمد بن عبد العزيز بن عثمان بن سند الأنصاري الأبياري ثم القاهري الشافعي. ولد بأبيار في سادس من صفر من سنة 766 كما وجد بخط والده "وتوفي بالقاهرة في التاريخ الذي ذكره المؤلف. وتوفي أبوه سنة 802 وجده في سنة 755. "الطهطاوي".

2 هو المذكور في الصفحة قبل فهو مكرر والله أعلم. "الطهطاوي".

3 وصوابه "الخافي" بالخاء المعجمة نسبة إلى خاف وهي قرية بالعجم قال الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه: منها الشيخ زين الدين الخافي صوفي من أتباع الشيخ يوسف العجمي كان بالقاهرة ثم نزح عنها ثم قدمها سنة 824 ومعه جمع من أتباعه. اهـ. قال شارح القاموس: قلت وهو أبو بكر محمد بن محمد بن علي الخافي ويقال: الخوافي. اهـ. وهو الذي ذكره المؤلف ومنه يعلم أن اسمه محمد وأن أبا بكر كنيته لا اسمه وبذلك صرح صاحب الضوء اللامع في قسم الكنى وقال: إنه ذكره في المحمدين وقال: في المحمدين الزين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن علي الخوافي ثم الهروي الحنفي ورأيت من أسقط محمدا الثالث والصواب إثباته وذكره التقي بن فهد في الكنى من معجمه. ولد في أوائل سنة 757 وتوفي في يوم السبت غرة شوال من سنة 838 ورأيت من أرخه في يوم الخميس ثالث من شهر رمضان من التي بعدها بهراة في الوباء الحادث بها. اهـ. باختصار كثير والثاني موافق لما ذكره المؤلف ولكن إذا كانت وفاته بهراة كان في قول المؤلف بالقاهرة تحريف والله أعلم. "الطهطاوي".

4 وهذه العبارة غير مستقيمة والصواب "والد والدة الموفق

إلخ" كما هي عبارة الضوء اللامع. "الطهطاوي".

ص: 201

أثناء سورة براءة لأبي عمرو علي الماجدي بعد أن كان قرأ عدة ختمات تجويدا على غيره ثم قرأ لقالون إلى أول سورة المزمل على الإمام شهاب الدين أحمد بن أبي الرضي الحموي الشافعي وقرأ ختمتين لأبي عمرو وثالثة بلغ فيها إلى أول يس لعاصم على الشيخ عبد الأحد الحراني الحنبلي ثم قرأ بعض القرآن الشريف لأبي عمرو وابن عامر ونافع وابن كثير على الإمام أبي عبد الله محمد بن ميمون البَلَوي1 الأندلسي.

وأخذ علم الحديث بدمشق عن الإمام صدر الدين سليمان بن يوسف الياسوفي الشافعي وبمصر عن الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسني العراقي وشيخ الإسلام أبي حفص مر بن رسلان البلقيني والإمام سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن الملقن وتفقه بحلب على جماعة منهم العلامة كمال الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم بن عبد الله بن العجمي الحلبي الشافعي والإمام علاء الدين علي بن عيسى البابي والإمام نور الدبن محمود بن علي العطار الحراني وابنه تقي الدين محمد وأبو البركات الأنصار والعلامة شهاب الدين بن الرضي وحضر عند الإمام شهاب الدين الأذرعي دروسا في الفقه منها في كتاب المنهاج للنواوي وكذا الشيخ شهاب الدين أحمد الحنبلي، وبالقاهرة على شيخ الإسلام البلقيني والعلامة سراج الدين بن الملقن والإمام شمس الدين محمد الصفدي وغيرهم، وأخذ علم النحو بحلب عن الإمام كمال الدين إبراهيم بن عمر الحلاوي وأبي عبد الله وأبي جعفر الأندلسيين والإمام زين الدين عمر بن أحمد بن عبد الله بن المهاجر وبالقاهرة عن الإمام زين الدين أبي بكر التاجر الحنفي، واللغة عن القاضي مجد الدين بن يعقوب الشيرازي وطرفا من البديع عن الأستاذ أبي عبد الله الأندلسي وطرفا من التصريف عن الإمام جمال الدين يوسف الملطي الحنفي، وكان طلبه للحديث بنفسه بعد أن كبر فأقدم سماع له في سنة تسع وستين وسبعمائة وكتب الحديث في جمادى الثانية من سنة سبعين فسمع وقرأ الكثير ببلدة حلب جاء على غالب مروياتها2، وشيوخه بها قريب من سبعين شيخا منهم الكمال عمر بن إبراهيم العجمي وخاله هاشيم بن محمد بن الموفق بن العجمي3 والكمال محمد بن عمر بن حبيب وأخوه بدر الدين الحسن والبدر أبو عبد الله

1 بفتح الموحدة واللام نسبة إلى بلى بن عمرو بن الحارث. شذرات الذهب.

2 ولعله سقطت منه كلمة "حتى" والأصل "حتى جاء

إلخ" كما في عبارة الضوء اللامع. "الطهطاوي".

3 هو هاشم بن عمر بن محمد بن الموفق

إلخ كما يعلم من كلام المؤلف في أول الترجمة. وقد توفي هاشم هذا في النحرارية من أعمال مصر سنة بضع وسبعين وسبعمائة عن ثمانين سنة كما في الدرر الكامنة. ووالدة المترجم أخت هاشم هذا هي عائشة بنت عمر بن العجمي المذكور "توفيت في شهر رجب من سنة 789" سمعت على العز أبي إسحق إبراهيم بن صالح بن العجمي زوج عمتها وحدثت وسمع منها ولدها. "الطهطاوي".

ص: 202

محمد بن أحمد بن بشر الحراني والظهير محمد بن عبد الله بن العجمي وسليمان بن محمد بن حمد1 بن محاسن النيربي2 وأحمد بن عبد العزيز بن المرحل ومحمد بن علي بن نبهان الجبريني وفخر الدين عثمان بن محمد بن أبي بكر بن حسن الحراني والقاضي كمال الدين الحربي والقاضي كمال الدين بن العديم وفخر الدين بن المغربل وأبو عبد الله بن جابر الضرير ورفيقه ابن مالك3 وناصر الدين بن عشائر والشهاب الأديب وابن عبد الباقي وشهاب الدين بن النصيبي وموسى بن فياض وطلحة بن المعلم وابن قطلو الحلبي والشيخ شهاب الدين الأذرعي وإبراهيم بن أمين الدولة.

ثم رحل في سنة ثمانين وسبعمائة فسمع بحماة وحمص وببعلبك ودمشق فأدرك بها خاتمة أصاحب الفخر بن البخاري الصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر ولم يسمع من أحد من أصحابه سواه وسمع بها على عدة نحو الأربعين شيخا منهم أبو الهول وابن الخباز وابن المحب الصامت وابن عوض وابن السلار وابن محبوب وابن أخي المزي ومحيي الدين الرحبي وابن عبد الغالب وابن عزار والشيخ حسن الكناني الصالح وابن الناصح وابن الفخر البلعي وأخته زينب وابن الصيرفي والفخر بن محبوب والحسباني المؤذن، ورحل منها إلى القدس الشريف فسمع به وببلد الخليل ثم رحل إلى القاهرة فسمع بها على بضع ثلاثين شيخا منهم عبد الله بن علي الباجي وابن ظافر وابن حسب الله والطنتدائي والقاضي ناصر الدين الحنبلي ومحمد بن علي الخشاب والبهوتي4 وصلاح الدين البلبيسي وجويرية، ورحل منها إلى الإسكندرية فسمع بها وقرأ على أربعة مشايخ5 ابن الدماميني والقروي وابن فتح الله6 وجماعة، ثم عاد إلى

1 والذي في معجم الحافظ ابن حجر "ابن الحميد" بالتصغير. "الطهطاوي".

2 النيرب غربي الصالحية بدمشق. ضرب الحوطة على جميع الغوطة لابن طولون.

3 هو شهاب الدين أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الأندلسي الغرناطي. وهو رفيق شمس الدين أبي عبد الله بن أحمد بن علي بن جابر الهواري الأندلسي الأديب الضرير صاحب البديعية التي سماها "الحلة السيرا في مدح خير الورى" الشهيرة ببديعية العميان وقد شرحها رفيقه أبو جعفر شرحا مفيدا وتوفي ابن جابر سنة. 78 وتوفي رفقيه أبو جعفر قبله بسنة أعني سنة 779 وكان رفيقا له في بلاد الأندلس وفي الرحلة إلى مصر وحلب وغيرهما وهما المشهوران بالأعمى والبصير وهما اللذان ذكرهما المؤلف في الصفحة "310" بقول: وأبي عبد الله وأبي جعفر الأندلسيين. "الطهطاوي".

4 بضم أوله نسبة لبهوت بالغربية. الضوء اللامع.

5 هكذا في الأصل.

6 وصوابه "وابن يفتح الله" وهو محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن يفتح الله المالكي الإسكندري المعروف بجد أبيه "المتوفى سنة 799 عن 71 سنة" كما في معجم الحافظ ابن حجر. "الطهطاوي".

ص: 203

حلب فسمع في طريقه ببلبيس ودمياط وغزة سمع بها من قاضيها علاء الدين بن خلق وغيره وببلد الخليل سمع به من الشيخ عمر المجرد وببيت المقدس سمع به من جلال الدين القادم وصلاح الدين الطوري وشمس الدين بن حامد وغيرهم ونابلس ودمشق وحمص وحماة وأقام بحلب أعواما ثم رحل ثانيا فسمع بحماة وحمص وبعلبك ودمشق ونابلس وبيت المقدس وغيره والقاهرة ومصر ودمياط وبلبيس وأكثر جدا من العالي والنازل عن خلق، وثبته بخطه الدقيق المليح في مجلد ضخم وهو كبير الفوائد، ومشايخه بالسماع قريب المائتين، ،أجازه من أصحاب الفخر بن البخاري بن أميلة وابن الهبل وجمع من غيرهم، وشيوخه بالسماع والإجازة يجمعهم معجمه الذي خرجه له ابني نجم الدين أبو القاسم محمد المدعو بعمر نفعه الله تعالى ونفع به سماه "مورد الطالب الظمي من مرويات الحافظ سبط بن العجمي" بمكة المشرفة المبجلة لما قدم من رحلته أرسل به إليه صبحة الحاج الحلبي في موسم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، عني بهذا الشأن واشتغل في علوم وجمع وصنف مع حسن السيرة والانجماع عن التردد إلى ذوي الوجاهات والتخلق بجميع الصفات والإقبال على القراءة بنفسه ودوام الإسماع والإشغال وهو إمام حافظ علامة1 ورع دين وافر العقل حسن الأخلاق جميل المعاشرة متواضع محب للحديث وأهله كثير النصح والمحبة لأصحابه كثير الإنصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء ساكن منجمع عن الناس طارح للتكلف سهل في التحديث صبور على الإسماع ربما أسمع اليوم الكامل من غير ملل ولا ضجر كثير التلاوة بكتاب الله عز وجل.

وعورض عليه قضاء الشافعية بحلب كرتين فامتنع وأصر على الامتناع فسئل عن أن يعين من يصلح فعين القاضي أبا جعفر بن العجمي فولي فسار فيهم على السنن المستقيم فلم تطق الرعية ذلك فصرف وولي عليهم زين الدين عبد الرحمن بن الكركي فسار سيرة غير حميدة فضجوا منه وشكوا فسئل الشيخ في أن يعين لهم قاضيا فأشار إلى القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية فسدد وقارب، ومن مؤلفات الشيخ أدام الله تعالى علوه "تعليق على صحيح البخاري" في مجلدين بخطه وفي أربعة مجلدات بغير خطه سماه "التنقيح لفهم قارئ الصحيح" و"نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس" في مجلدين و"حواش على سنن ابن ماجه" مجلد و"نقد النقصان في معيار الميزان" مجلد و"غاية السول في رجال الستة الأصول" و"المقتفى على ألفاظ الشفا" للقاضي عياض و"الكشف الحثيث

1 وقال ابن حجر بأنه أحق الناس بالرحلة إليه لعلو سنده حسا ومعنا ومعرفته بالعلو فنا فنا. اهـ.

ص: 204

عمن رمي بوضع الحديث" مجلد لطيف وحواش على صحيح مسلم وعلى السنن لأبي داود وعلى تجريد الصحابة للذهبي وعلى المراسيل للعلائي وعلى الكاشف للذهبي وذيل على الميزان له وحواش على تلخيص المستدرك له و"التبيين لأسماء المدلسين" كراس و"تذكرة الطالب المعلم لمن يقال: إنه مخضرم" كراس و"الاغتباط بمن رمي بالاختلاط" ولخص مبهمات ابن بَشْكُوال1 وله عدة إملاآت على البخاري كتبها عنه جمع من الطلبة، حدث بجملة من مروياته وهو الآن شيخ البلاد الحلبية والمشار إليه فيها بلا نزاع وبقية حفاظ الإسلام بالإجماع، اجتمعت به لما ورد إلى مكة المشرفة صبحة الحاج الحلبي مؤديا لحجة الإسلام بالإجماع، اجتمعت به لما ورد إلى مكة المشرفة صحبة الحاج الحلبي مؤيدا لحجة الإسلام في موسم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة كرات واستفدت منه شيئا وسمعت عليه بمنى المعظم المائة المنتقاة من مشيخة الفخر بن البخاري الظاهرية والحديث بآخرها من الذيل عليها وأجازني بماله من مروياته مشافهة وكتابة غير مرة فالله تعالى يبقيه ويمتع الإسلام ويديم النفع به الأنام بجاه المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم إنه درج بالوفاة إلى كرم الله تعالى ورحمته في سادس عشر من شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة بحلب وصلى عليه بين صلاتي الظهر والعصر في الجامع الكبير ودفن بمقبرة أهله بني العجمي بالجبيل داخل سور حلب تغمده الله تعالى وإيانا برحمته وجميع المسلمين آمين.

في هذه السنة توفي بالطاعون ناظر الخاص سعد الدين إبراهيم بن عبد الكريم بن بركة الشهير بابن كاتب جكم2 بالقاهرة يوم الاثنين سابع عشر من شهر ربيع الأول، والأمير جانبك الصوفي في يوم الجمعة خامس عشري شهر ربيع الآخر، والأمير تمراز المؤيدي في ثالث عشري جمادى الآخرة، وشمس الدين محمد بن الخضر المصري3 في خامس

1 بموحدة مفتوحة فشين معجمة ساكنة فكاف مضمومة فواو فألف فلام على ما قيده ابن خلكان وهو أحد أجداد حافظ الأندلس خلف بن عبد الملك المعروف بابن بشكوال وقد تضم الموحدة عند بعضهم.

2 وذلك لكون جده كان كاتبا عنده كما ذكره صاحب الضوء اللامع في ترجمة أخيه الجمال يوسف بن عبد الكريم وقال في قسم الأنساب: ابن كاتب جكم بفتحتين سعد الدين إبراهيم والجمال يوسف ابنا عبد الكريم وكذا أبوهما عبد الكريم بن بركة فإنه كان يعرف أيضًا بذلك فإن أباه بركة تعلق بخدمة الأمراء فكتب عند الأمير حكم فعرف به كما ذكره الحافظ ابن حجر في الإنباء. وجكم بفتح الجيم والكاف المخففة هو الأمير أبو الفرج حكم بن عبد الله الظاهرية البرقوقي "المتوفى في ذي القعدة من سنة 809". "الطهطاوي".

3 هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بهاء الدين أبي الحياة الخضر بن داود بن يعقوب بن يوسف بن أبي سعيد الحلبي المولد الشهير بابن المصري "المتوفى ببيت المقدس في التاريخ الذي ذكره المؤلف عن ثلاث وسبعين سنة" وقبل أن يتحول إلى بيت المقدس قدم القاهرة وأقام بها دهرا كما في إنباء الغمر وله ترجمة في عنوان العنوان والضوء اللامع والأنس الجليل وغيرها. "الطهطاوي".

ص: 205

عشري شهر رجب، والأمير جانبك الحاجب المجرد على المماليك إلى مكة المشرفة في حادي عشر من شعبان، والشيخ علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري1 الحنفي في خامس من شهر رمضان، وعلاء الدين علي بن موسى بن إبراهيم الرومي في يوم الأحد العشرين منه، ونائب غزة الأمير آق بردي، وناصر الدين محمد بن حسن الفاقوسي في ليلة الاثنين تاسع عشر من شوال، والأمير دولات خجا الظاهري في يوم السبت أول من ذي القعدة، وفي ليلة الأربعاء خامسها القاضي صلاح الدين محمد بن حسن بن نصر الله، وفي ليلة الاثنين عاشرها أحمد بن علي بن قرطاي، وفيها سلطان تبريز إسكندر بن قرا يوسف، وفي يوم الجمعة ثاني عشر من ذي الحجة وكيل بيت المال وناظر المارستان نور الدين علي بن مفلح، وفي يوم السبت ثالث عشرها السلطان الأشرف برسباي، وفي يوم السبت العشرين منها الأمير يودون بن عبد الرحمن وهو مسجون بدمياط.

ابن ناصر الدين محمد بن أبي بكر بن عبد الله 2 بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي القيسي الدمشقي الشافعي الإمام العلامة الأوحد الحجة الحافظ مؤرخ الديار الشامية وحافظها شمس الدين أبو عبد الله:

ولد في العشر الأول من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق طلب الحديث بنفسه فسمع وقرأ على جماعة منهم إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن عمر بن مسلم وأحمد بن أقبرص بن بلغاق الكنجكي وأبو اليسر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الصائع وأحمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الحق الحنفي وأحمد بن علي بن يحيى بن تميم والحسن بن محمد بن محمد بن أبي الفتح البعلبكي وأم محمد جميلة بنت عمر بن محمد بن الحسن بن العقاد الدمشقية وداود بن أحمد البقاعي ورسلان بن

1 وسماه بعضهم عليا وهو غلط. كذا في الضوء اللامع وممن سماه عليا الجلال السيوطي في حسن المحاضرة وبغية الوعاة. وقد ترجم له الحافظ في إنباء الغمر مرتين في السنة المذكورة وسماه في الأولى عليا وفي الثانية محمدا وذكر في الأولى أنه ولد ببلاد العجم سنة 779 ونشأ ببخارى وكان قد قدم القاهرة واستوطنها وتصدر للإقراء بها وأخذ عنه البرهان بن حجاج الأنباسي والشمسان الونائي والقاياتي والجلال المحلي والكمال بن البارزي وغيرهم وتوجه بعد ذلك إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي. "الطهطاوي".

2 وقع مثله للحافظ ابن حجر في معجمه فقال: الشمس السخاوي في الضوء اللامع هذا غلط فأبو بكر كنية عبد الله لا ابنه. اهـ. أي فحقه أن يذكر فيمن اسم أبيه عبد الله لا فيمن اسم أبيه أبو بكر كما صنع الحافظ فالصواب في عبارة المؤلف إسقاط كلمة "ابن" التي بعد أبي بكر ولذا قال الشهاب أحمد بن محمد الأسدي المكي في ذيل طبقات الشافعية في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد

إلخ. وقد عرف بابن ناصر الدين وهو لقب جده محمد كما في تنبيه الطالب. "الطهطاوي".

ص: 206

أحمد الذهبي وزينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية وزينب بنت عثمان بن لؤلؤ الحلبي وزينب بنت أبي بكر بن أحمد بن عوان1 وسعيد بن عبد الله النوبي عتيق البهاء السبكي وسوملك بنت عثمان بن غانم وشمس الملوك بنت محمد بن إبراهبم بن شادي وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي وعبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل الذهبي وعبد الرحمن بن أحمد بن هبة الله بن مقداد القيسي وعبد الرحمن بن الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي وعبد الرحمن بن محمد بن طولوبغا التنكزي2 وعبد الله بن خليل الحرستاني وعبد الله بن يوسف بن أحمد فزارة3 وعثمان بن محمد بن عثمان العبادي الأنصاري وعلي بن أحمد بن محمد بن عبد الله المرداوي وعلي بن عثمان بن لؤلؤ الحلبي الأتابكي وعلي بن غازي بن علي بن أبي بكر الكوري الملقن وعلي بن محمد بن سعيد بن زيان وعلي بن محمد بن محمد بن أبي المجد وعلي بن أبي بكر بن يوسف الداراني وشيخ الإسلام عمر بن رسلان البلقيني وعمر بن محمد بن أحمد بن عبد الهادي وعمر بن محمد بن أحمد بن عمر بن سليمان البالسي وفاطمة بنت محمد بن عبد الهادي ومحمد بن أحمد بن عبد الحميد بن غشم4 والحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن قوام ومحمد بن محمد بن عثمان المعظمي5 ومحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن قوام ومحمد بن محمد بن منيع الوراق ومحمد بن محمود بن علي

6 ومحمد بن يوسف بن عبد الحميد المقدسي وهند بنت محمد بن علي الأرموي والعماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر وأبو بكر بن أحمد بن عبد الهادي وأبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر.

1 وصوابه "ابن جعوان" كما في معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع وكما سبق للمؤلف. "الطهطاوي".

2 نسبة إلى الأمير تنكز الكبير ولاء، والأمير تنكز هذا مملكو الملك المنصور لاجين الجركسي كما ذكره الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات وغيره وتربى عنده ثم ولي نيابة السلطنة بدمشق ودام عليها ما يقرب ثلاين سنة وراح ضحية مكر حسن بن دمرداش صاحب تبريز سنة 740 على ما بسطه أبو المحاسن في المنهل الصافي.

3 وظاهر أنه قد سقطت منه كلمة "ابن" بين الاسمين. ومثل ذلك "عيسى بدران" الآتي في الصفحة "325" في السطر الخامس منها. "الطهطاوي".

4 بفتح الغين وسكون الشين المعجمتين كذا في مجم الحافظ ابن حجر. "الطهطاوي".

5 نسبة إلى المدرسة المعظمية بصالحية دمشق لأنه كان قيما بها كما في معجم الحافظ ابن حجر ويعرف بابن شيخ المعظمية وهي مدرسة منسوبة إلى الملك المعظم عيسى صاحب دمشق وقد تغيرت حالتها وصارت مدفنا. "الطهطاوي".

6 بياض في الأصل.

ص: 207

وهو أبقاه الله تعالى مكثر سماعا كبير المداراة شديد الاحتمال حسن السيرة لطيف المحاضرة والمحادثة لأهل مجالسه قليل الوقعية في الناس كثير الحياء قل أن يواجه أحدا بما يكره ولو آذاه، إمام حافظ مجيد1 وفقيه مؤرخ مفيد له الذهن السالم الصحيح والخط الجيد المليح على طريقة أهل الحديث النبوي المحاكي لخط الحافظ الذهبي كتب به الكثير وعلق وحشي وأثبت وطبق، برز على أقرانه وتقدم وأفاد كل من إليه يمم، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق في أوائل سنة سبع وثلاثين وثمانمائة فأملى بها وهو مستمر إلى الآن جمع وألف وخرج وصنف فمن ذلك "المولد النبوي" في ثلاثة أسفار و"توضيح المشتبه" و"افتتاح القاري لصحيح البخاري" و"مورد الصادي في مولد الهادي" و"منهاج السلامة في ميزان يوم القيامة" وكتاب "الأخبار بوفاة المختار" و"برد الأكباد عن فقد الأولاد" و"الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر" و"النكت الأثرية على الأحاديث الجزرية" وبديعةالبيان عن موت الأعيان" نظم وشرحها "التبيان لبديعة البيان" و"اللفظ المكرم بفضل عاشوراء المحرم" و"بواعث الفكرة في حوادث الهجرة" نظم و"عقود الدرر في علوم الأثر" وشرحه ومختصر الأصل سماه "حل عقود الدرر" أو "علوم الأثر" و"اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق" و"الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي في الأوهام" و"رفع الملام عن من خفف والد البخاري محمد بن سلام"2 و"ربع الفرع في شرح حديث أم زرع" و"السراج الوهاج في ازدواج المعراج" وخرج أربعين متباينة المتن والإسناد له أناشيد رائقة وأمال جمة فائقة منها مجلس يسمى "الإتحاف لحديث فضل الإنصاف" وآخر "تنوير الفكرة لحديث بهز بن حكيم في حسن العشرة" وآخر "الترجيح لحديث صلاة التسبيح" وغير ذلك مما لا يحصى كثرة3 وقد أجاز لي غير مرة فالله تعالى يبقيه في خير

1 وقد سئل الحافظ الشهاب ابن حجر عنه وعن البرهان سبط ابن العجمي فقال: البرهان مقتصر النظر على كتبه وابن ناصرالدين يحوش. اهـ.

2 ولعل صوابه "والد شيخ البخاري" وهو محدث ما وراء النهر الحافظ أبو عبد الله محمد بن سلام البيكندي "المتوفى سنة 227 أو قبلها" وهو شيخ البخاري صاحب الصحيح وقد ضبط الخطيب البغدادي وغيره اسم والده بالتخفيف وهو الراجح خلافا لمن ضبطه بالتشديد. فإن ادعى أن اسم الكتاب كما في عبارة المؤلف كان فيه تقديم الصفة على الموصوف فإن محمد بن سلام البيكندي المذكور بخارىّ كما في تهذيب التهذيب ولا أصل عمن خفف والد محمد بن سلام البخاري والله أعلم. "الطهطاوي".

3 ككتاب "إتحاف السالك برواة الموطأ عن مالك" وأوصلهم فيه إلى نحو ثلاثة وثمانين راويا منهم ذو النون المصري وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي بينا ترى ابن طولون إنما يرويه عن طرق أربعة وعشرين راويا والسيوطي قبله عن ستة عشر راويا فقط. و"الانتصار لسماع الحجار" وسيأتيك ملخصه لما فيه من الفوائد لمن يعني بأسانيد الصحاح. و"إطفاء حرقة الحوبة بإلباس خرقة التوبة" وكان له شغف بإلباس خرقة التصوف.

ص: 208

ونعمة شاملة وأفراح بلا كدر كاملة بمحمد وآله، ثم أتاه حمامه في صبيحة يوم الجمعة سابع عشري من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بدمشق شهيدا في بعض قراها عند خروجه مع جماعة لقسمها1 وصلي عليه "في جامع التوبة" ودفن بمقبرة باب الفراديس عند والده برد الله تعالى مثواه وجعل الجنة مأواه وإيانا وجميع المسلمين.

وفي هذه السنة مات السيد الشريف شهاب الدين أحمد بن حسن بن عجلان الحسني بزبيد ووصل خبره لمكة في تاسع عشر من جمادى الأولى فيها، وفي يوم الأربعاء عشري جمادى الأولى الزمام جوهر الطواشي، وفي يوم الاثنين ثاني عشر من جمادى الثانية ضربت عنق الأمير قرقماس الشعباني الظاهري بالإسكندرية، وفي سابع من شهر رمضان قاضي عدن جمال الدين محمد بن سعيد كنن2، وفي عاشره قاضي الأقضية ببلاد اليمن جمال الدين محمد بن علي الطيب الناشري3 بزبيد، وفي يوم الأربعاء خامس عشريه نائب الحكم بالقاهرة القاضي علم الدين أحمد بن التاج محمد بن العلم محمد بن الكمال محمد4 بن العلم محمد بن أبي بكر بن عيسى بدران الأخنائي المالكي، وفي شوال موفق الدين علي بن محمد بن فخر5 بزبيد، وفي يوم الأربعاء حادي عشر من ذي القعدة قاضي المالكية

1 ولفظ البخاري في الضوء اللامع أنه مات بدمشق مسموما فإنه خرج مع جماعة لقسم قرية من قرى دمشق فسمه أهلها وحصلت له الشهادة. اهـ.

2 غير منقوط في الأصل. وصحته "كبن" بكاف وباء موحدة مشددة ونون ففي إنباء الغمر جمال الدين محمد بن سعيد بن كبن بفتح الكاف والموحدة الثقيلة بعدها نون. اهـ. وفي الضوء اللامع الجمال محمد بن سعيد بن علي بن محمد بن كبن بفتح الكاف ثم موحدة مشددة وآخره نون القرشي الطبري الأصل اليماني العدني الشافعي القاضي ويعرف بابن كبن ولي قضاء عدن نحو أربعين سنة. ولد بها في ذي الحجة من سنة 776 وتوفي بها في شهر رمضان من سنة 1842. اهـ. باختصار. وفي قسم الأنساب منه ابن كبن بفتح أوله كما ضبطه شيخنا في إنبائه محمد بن سعيد بن علي بن محمد بن كبن. اهـ. ومثله في ذيل طبقات الشافعية للشهاب أحمد الأسدي المكي وفي شذرات الذهب وضبطه شارح القاموس بكسر الكاف فقال: محمد بن سعيد بن علي بن كبن الطبري بكسر فتشديد موحدة مفتوحة. اهـ. والله أعلم. "الطهطاوي".

3 بنون ومعجمة بيت علم كبير بزبيد لهم تاريخ خاص.

4 والذي ذكره صاحب الضوء اللامع أنه علم الدين أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عيسى

إلخ وسبق للؤلف في الصفحة "109" ما يوافقه حيث ذكر هناك فيمن توفوا سنة 776 جد المذكور هنا فقال: وبالقاهرة القاضي علم الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر الأخنائي. اهـ. وأحمد هذا يلقب بالكمال فكان على المؤلف أن يقول هنا ابن الكمال أحمد ثم قال صاحب الضوء: وعند المقريزي إبدال أحمد في نسبه بمحمد فصار أربعة على الولاء والصواب ما قدمته. اهـ. ثم نبه على ذلك في موضع آخر فما هنا موافق لما للمقريزي وفي الإنباء للحافظ ما يوافقه وفي الشذارت في موضع ما يوفق هذا وفي آخر ما يوافق ذاك والله أعلم. "الطهطاوي".

5 وصوابه "ابن قحر" بالقاف المضمومة والحاء المهملة الساكنة نبه على ذلك الحافظ في الإنباء وصاحب الشذرات وكذا صاحب الضوء اللامع فقال: موفق الدين علي بن محمد بن عبد العليم بن قحر بضم القاف وسكون المهملة بعدها راء الزبيدي الشافعي مفتي زبيد وفقيهها ثم قال: واقتصر بعض المؤرخين في إيراده على اسم أبيه فقال: علي بن محمد بن قحر وقال بعضهم: علي بن محمد بن فخر الدين وهو تحريف وزيادة. اهـ. وكانت ولادته سنة 758 ووفاته وفي التاريخ الذي ذكره المؤلف وله ترجمة في إنباء الحافظ وعقود المقريزي والمنهل الصافي وشذرات الذهب. "الطهطاوي".

ص: 209

بدمشق محيي الدين يحيى بن حسن بن محمد الحيحاني المغربي، وفي يوم الجمعة ثالث عشرها قتلت عامة دمشق شيخ كرك نوح1 محمد بلبان وولده، وفي يوم الثلاثاء سابع عشرها قاضي المالكية بمكة ولي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد النويري2 وفي ليلة الاثنين ثالث عشريها قتل بدمشق الأمير إينال الجكمي، وفي يوم الجمعة ثامن من ذي الحجة قتل بالإسكندرية الأمير يخشى بك المؤيدي3 وفي يوم الأحد سابع عشرها قتل بحلب الأمير تغري برمش واسمه حسين، وفي شهر رجب صاحب اليمن الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل4 بن العباس الشهير بابن رسول، وفي شعبان الشرف موسى بن علي بن يحيى بن جميع العدني رئيس التجار بها.

1 وقد ذكر صاحب معجم البلدان أن هذا ككرك الشويك بفتح الكاف والراء قال: وهي قرية كبيرة قرب بعلبك بها قبر طويل يزعم أهل تلك النواحي أنه قبر نوح عليه السلام. اهـ. وذكر الحافظ الذهبي في كتاب المشتبه أن هذه بسكون الراء بخلاف كرك الشوبك وتبعه الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه. "الطهطاوي".

2 وهو أخو القاضي كمال الدين أبي البركات محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزبز النويري المكي الآتي ذكره في الصفحة "219" في وفيات سنة 852 وأبوهما هو نور الدبن أبو الحسن علي بن الشهاب أحمد بن الكمال عبد العزيز بن القاسم بن الشيهد الناطق النويري المكي إمام مقام المالكية بها "المتوفى سنة 799 عن 75 سنة" وهو أخو قاضي مكة وخطيبها كمال الدين أبي الفضل محمد بن الشهاب أحمد بن الكمال عبد العزيز النويري المكي الشافعي السابق ذكره في الصفحة "111" في وفيات سنة 786. ولهذا البيت أفراد آخرون متقدمون ومتأخرون ذكرتهم في كتابي الذي وضعته للتعريف بكثير من رجال الأسانيد وفقني الله تعالى بمنه وكرمه لإتمامه وتبييضه. "الطهطاوي".

3 وسبب قتله أنه سب شريفا من أهل منفلوط وهو حسام الدين محمد بن خريز قاضيها وثبت ذلك عليه كذا في إنباء الغمر والشريف المذكور وهو حسام الدين أبو عبد الله محمد بن مجد الدين أبي بكر بن شمس الدين محمد بن زين الدين أبي المعالي حريز الطهطاوي الأصل المنفلوطي قاضيها ثم قاضي قضاة المالكية بالديار المصرية "المتوفى بالقاهرة سنة 873 عن 69 سنة" وله ترجمة في الضوء اللامع وذيل رفع الأصر في قضاة مصر وغيرهما وفي كتابي "الثغر الباسم في مناقب سيدي أبي القاسم" المطبوع بالقاهرة في سنة 1333. "الطهطاوي".

4 والذي في إنباء الغمر أنه الملك الظاهر يحيى بن الملك الناصر أحمد بن الأشرف إسماعيل

إلخ وعليه يكون سقط من عبارة المؤلف اسم أبيه أحمد قال صاحب الضوء اللامع: قلت وأحمد في نسبه زيادة وهو عبد الله بن الأشرف إسماعيل ولقبه الظاهر ويسمى فيما قبل يحيى. اهـ. وقال صاحب الشذرات: الملك الظاهر عبد الله وقيل يحيى بن الأشرف إسماعيل صاحب اليمن توفي في سلخ رجب من سنة 842. اهـ. وعلى كلامهما يكون الناصر توفي في سلخ رجب من سنة 842. اهـ. وعلى كلامهما يكون الناصر أحمد الذي استقر في مملكة اليمن بعد أبيه الأشرف إسماعيل سنة 803 وتوفي في جمادى الآخرة من سنة 827 على ما في إنباء الغمر والشذرات أخا للظاهر يحيى الذي ذكره المؤلف لا أباه وتكون عبارة المؤلف مستقيمة والله أعلم. "الطهطاوي".

ص: 210

ابن حجر أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد بن العسقلاني المصري الشافعي الإمام العلامة الحافظ فريد الوقت مفخر الزمان بقية الحافظ علم الأئمة الأعلام عمدة المحققين خاتمة الحفاظ المبرزين والقضاة المشهورين أبو الفضل شهاب الدين:

ولد في مصر ثالث عشر من شعبان المكرم سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، مات عنه والده وهو طفل في شهر رجب سنة سبع وسبعين فأدخل الكتاب بعد إكمال خمس سنين وكان لديه ذكاء وسرعة حافظة بحيث إنه حفظ سورة مريم في يوم واحد وكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير من مرتين الأولى تصحيحا والثانية قراءة في نفسه ثم يعرضها حفظا في الثالثة، وحج في أواخر سنة أربع وثمانين وجاور بمكة في السنة التي بعدها وهي سنة خمس فسمع بها اتفاقا على العفيف الشوري1 صحيح البخاري وهو أول شيخ سمع عليه الحديث وبحث في عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي وعلى عالم الحجاز الحافظ أبي حامد2 محمد بن ظهيرة وصلى التروايح بالمسجد الحرام بالقرآن العظيم في هذه السنة ثم في سنة ست سمع صحيح البخاري بمصر على عبد الرحيم بن رزين وسمع بها بعد التسعين فطلبه من جماعة من شيوخها والقادمين إليها من ذوي الإسناد العالي كابن أبي المجد والبرهان الشامي وعبد الرحمن بن الشيخة والحلاوي والسويداوي ومريم بنت الأذرعي، ورحل إلى دمشق في سنة اثنتين وثمانمائة فأدرك بها بعض أصحاب القسم ابن عساكر والحجار ومن أجاز له التقى سليمان بن حمزة وأشباهه ومن قرب منهم، وحج مرات وسمع بعدة من البلاد كالحرمين والإسكندرية وبيت المقدس والخليل ونابلس والرملة وغزة وبلاد اليمن وغيرهما على جمع من الشيوخ، ومسموعاته ومشايخه كثيرة جدا لا توصف ولا تدخل تحت الحصر وقد أفرد جملة من مروياته في مؤلف وكذا غالب

1 هو الشيخ عفيف الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري الأصل ثم المكي المعروف بالنشاوري ولد سنة 705 وسمع من الرضى الطبري وحدث بالكثير وتفرد

وقد ذهب في أواخر عمره إلى القاهرة وحدث ثم رجع إلى مكة وبقي قليلا ومات بها في ذي الحجة سنة 890. إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر الحافظ. قال الطهطاوي: وفيه تحريف مطبعي وصوابه سنة 790 كما في إنباء الغمر وغيره.

2 والصواب إسقاط الواو منه لأن البحث في عمدة الأحكام كان عليه لا على العفيف النشاوري كما يفيده إثبات الواو فيه ويدل لذلك عبارة المترجم في معجمه في ترجمة الحافظ أبي حامد بن ظهيرة المذكور ونصها: وهو أول من بحثت عليه في فقه الحديث وذلك في مجاورتنا بمكة سنة خمس وثمانين وسبعمائة وأنا ابن اثنتي عشرة سنة كنت أقرأ عليه في عمدة الأحكام. "الطهطاوي".

ص: 211

شيوخه، اشتغل ودأب فحصل فنونا من العلم وأول ما كان نظره في الأدب والتاريخ ففاق في فنونهما وقال: الشعر الحسن الذي هو أرق من النسيم وطارح الأدباء أخذ علم الحديث عن شيخنا الحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الحرمين بن الحسين العراقي وانتفع به وهو أول من أذن له في إقرائه، وتفقه على جماعة منهم شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان البلقيني وهو أول من أذن له بالإفتاء والتدريس والشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن الملقن والشيخ برهان الدين إبراهيم بن موسى الأبناسي وأخذ الأصول عن نصرة الإسلام العز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن جماعة1، وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى، ولي مشيخة الحديث وتدريس الفقه بأماكن من الديار المصرية وولي بها نيابة القضاء مدة ثم أعرض عنه وفوض إليه الملك المؤيد القضاء بالمملكة الشامية مرارا فأبى وأصر على الامتناع، فلما كان في المحرم سنة سبع وعشرين فوض إليه الملك الأشرف برسباي القضاء بالقاهرة وما معها فباشر ذلك بعفة ونزاهة فلما كان في ذي القعدة من السنة صرف نفسه ولو استمر على ذلك لكان خيرا له في دينه ودنياه ففي أول من رجب من سنة ثمان وعشرين أعيد للقضاء واستمر إلى صفر من سنة ثلاث وثلاثين فصرف ثم أعيد في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين ثم صرف في خامس من شوال سنة أربعين ثم أعيد في سادس من شوال سنة إحدى وأربعين ثم عزل عنه في تاسع من ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين بحضرة السلطان لكلام جرى بينه وبين قاضي القضاة سعد الدين الديري الحنفي فأعاده السلطان إلى وظيفة القضاء وجدد له ولاية ثانية وأضاف إليه ما خرج عنه في الأيام الأشرفية من نظر الأوقاف ثم صرف.

وكان يتخلله في غضون ذلك من الملك قلة رضى ويشاع صرفه فيهدي إليه ما يليق به من المال فيرده في المنصب فلو تنزه عنه ولزم الاشتغال بالعلم ليلا ونهارا وحج إلى البيت

1 والذي ذكره الحافظ السخاوي وغيره أنه أخذ الأصول عن العلامة المتفنن عز الدين أبي عبد الله محمد بن الشرف أبي بكر بن قاضي القضاة العز أبي عمر عبد العزيز بن جماعة الحموي الأصل المصري "المتوفى في ربيع الآخر من سنة 819" الذي تقدم ذكره في كلام المؤلف وقد ترجمه الحافظ ابن حجر في معجمه وفي إنباء الغمر وقال في الأول: أخذت عنه في شرح منهاج الأصول وفي جمع الجوامع وفي مختصر ابن الحاجب وفي المطول لسعد الدين. اهـ. وقال في الثاني: أخذت عنه العضد وجمع الجوامع ولازمته من سنة تسعين إلى أن مات. اهـ. ولم يذكر في معجمه ولا في غيره شيخا له اسمه العز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن جماعة على أني بحثت عن المعروفين بابن جماعة فعرفت منهم جمعا جما ذكرتهم في كتابي الذي وضعته للتعريف بكثير من رجال الأسانيد ولم أظفر لعمر بن العز عبد العزيز بن جماعة بولد يقال له العز عبد العزيز فكان على المؤلف أن يقول "وأخذ الأصول عن العز محمد ابن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة" والله أعلم بحقيقة الحال. "الطهطاوي".

ص: 212

الله وزار قبر نبيه صلى الله عليه وسلم وجاور بالحرمين الشريفين لازداد بذلك رفعة ووجاهة عند الله تعالى والمسلمين لكنه عجن قلبه بمحبة ذلك وفتن فيه بولده فأوقعه في المهالك فالله تعالى يلهمه طريقة الخير ويصرف عنه كل ضير ويديم تقاه ويحفظه من جميع الأسواء ويتولاه وكان أحسن الله تعالى إليه في حال طلبه مفيدا في زي مستفيد إلى أن انفرد في الشبوبية بين علماء زمانه بمعرفة فنون الحديث لا سيما رجاله وما يتعلق بهم فألف التآليف المفيدة المليحة الجليلة السائرة الشاهدة له بكل فضيلة الدالة على غزارة فوائده والمعربة عن حسن مقاصده جمع فيها فأوعى وفاق أقرانه جنسا ونوعا، التي تشنفت بسماعها الأسماع وانعقد على كمالها لسان الأجماع فرزق فيها الحظ السامي عن اللمس وسارت بها الركبان سير الشمس فأولاها بالتعظيم وأولها في التقديم "فتح الباري في شرح البخاري" في بضعة عشر مجلدا ومقدمته في مجلد ضخم أو مجلدين تشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حدفت وسماها "هدي الساري لمقدمة فتح الباري" وكتاب "تعليق التعليق" وصل فيه ما ذكره البخاري في صحيحه معلقا ولم يفته من ذلك إلا القليل وقد كمل في حياة كبار الشيوخ وشهدوا بأنه لم يسبق إلى أمثاله وهو له مفخرة وقدره كقدر المقدمة ثم اختصره وسماه "التشويق إلى وصل المهم من التعليق" في مجلد لطيف ثم اختصره واقتصر فيه على ذكر الأحاديث التي لم تقع في الأصل إلا معلقة ثم توصل في مكان منه آخر وسماه "التوفيق بتعليق التعليق" في مجلد لطيف و"تهذيب التهذيب" وهو يشتمل على اختصار تهذيب الكمال للمزي مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر دمجتها مع زيادات الذهبي في تذهيبه وما زدته في التهذيب في كتاب "نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب"1 وخرج كله أعني التهذيب مع ذلك في قدر ثلث الأصل في ستة مجلدات ولخصه في مجلد سماه "تقريب التهذيب" و"الإصابة في تمييز الصحابة" أربعة مجلدات و"إتحاف المهرة بأطراف العشرة2" وهي الموطأ ومسند الشافعي وأحمد والدارمي وابن خزيمة ومنتقى ابن الجارود وابن حسان والمستخرج لأبي عوانة والمستدرك للحاكم وشرح معاني الآثار للطحاوي والسنن للدارقطني ثمانية أسفار مسودة وإنما زاد العدد واحدا لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد سوى قدر ربعه وأفرد منه أطراف مسند أحمد وسمي "المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي" في مجلدين و"المطالب العالية في زوائد الثمانية" وهي

1 هذا كتاب المصنف في الرجال. قال السخاوي: جمع فيه بين تهذيب الكمال ومختصريه للذهبي وشخينا "يعني ابن حجر" وغيرهما وهو كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الرواي والآخذين عنه لكنه لم يصل إلى مكة إذ ذاك. اهـ.

2 توجد نسخة خطية منه في المكتبة المرادية بالآستانة.

ص: 213

مسند الطيالسي ومسدد والحميدي وإسحاق بن راهويه وابن أبي عمر وأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع وعبد بن حميد والحارث بن أبي أسامة وأبي يعلى الموصلي، وإنما زاد في العدد اثنين لأن مسند إسحاق بن راهويه لا يوجد منه إلا النصف ومسند أبي يعلى لم يخرج إلا رواية ابن المقري.

وأما رواية ابن حمدان فقد أفرد زوائدها الحافظ نور الدين الهيثمي، "لسان الميزان" في مجلدين و"تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" مجلد ضخم و"نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" في نصف كراس وشرحها في مجلد لطيف سماه "نزهة الفكر في توضيح نخبة الفكر"1 و"المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس" و"فهرست مروياته" وغير ذلك وقد جمعها أبقاه الله تعالى في كراس، وأملى من حفظه أربعين حديثًا متباينة الأسانيد بشرط السماع وكثيرًا من عشاريات الأشياخ وجمع المجاميع واختصر وانتقى وخرج لجماعة من شيوخه مشيخات وأجزاء وأربعينات وانتفع به كثير من الشيوخ والأقران وتخرج به عد من الطلبة الحديثة الأسنان، حدث بجملة من مسموعاته ومؤلفاته، سمعت من لفظه المسلسل بالأولية بطرق علية وقرأته عليه بطرق أكثر منها ومجلسًا من أماليه وقصيدة من نظمه أولها:

ما زلت في سفن الهوى تجري بي

لا نافعي عقلي ولا تجريبي

وشيئًا من ترجمة البخاري من المقدمة وجزءًا في الحج تخريجه و"نخبة الفكر" و"تخريج أحاديث الأربعين للنووي" والكلام على حديث القضاة، الجميع من تخريجه وقرأن عليه "الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع" وهو متعه الله تعالى بطول بقائه إمام علامة حافظ محقق متين الديانة حسن الأخلاق لطيف المحاضرة حسن التعبير عديم النظير لم تر العيون مثله ولا رأى هو مثل نفسه جد في طلب العلوم وبلغ -كان الله تعالى له- الغاية القصوى في الكتابة والكشف والقراءة فمن ذلك أنه قرأ البخاري في عشرة مجالس من بعد صلاة الظهر إلى العصر ومسلم في خمسة مجالس في نحو يومين وشطر يوم والنسائي الكبير في عشرة مجالس كل مجلس منها قريب من أربع ساعات، وأغرب ما وقع له في الإسراع أنه قرأ في رحلته الشامية المعجم الصغير للطبراني في مجلس واحد فيما بين صلاة الظهر والعصر.

وفي مدة إقامته بدمشق -وكانت شهران وثلث شهر- قرأ فيها قريبًا من مائة مجلد مع ما يعلقه ويقضيه من أشغاله، وأملى أبقاه الله تعالى قريبًا من نحو مائة مجلس أو أزيد ثم إن

1 والذي في كلام غيره أنه سماه "نزهة النظر

إلخ" ولكنه لم يذكر في ديباجته أنه سماه بهذا ولا بذاك. "الطهطاوي".

ص: 214

عزمه فتر عن ذلك فلما كان في صفر سنة سبع وعشرين عاد إلى الإملاء فأكمل في إملائه "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" الأصلي في مجلدين وشرع في "تخريج أحاديث الأذكار للنووي" وهو مستمر إلى الآن فيه فالله تبارك وتعالى يبقيه في خير وعافية ونعم عن الأكدار صافية، فلما كان في أثناء ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة حصل له إسهال مع رمي دم واستمر به ذلك إلى أن وافاه حمامه بعيد صلاة العشاء الآخرة من ليلة السبت المسفرة عن اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة الحرام من السنة وصُلي عليه قبيل صلاة الظهر بمصلى المؤمنين بالرميلة خارج القاهرة وكان له مشهد عظيم حضر الصلاة عليه السلطان الملك الظاهر جقمق وأتباعه1 ونقل نعشه إلى القرافة الصغرى فدفن فيها بتربة بني الخروبي2 بين تربة الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- والشيخ مسلم السلمي -رحمه الله تعالى- وهي مقابلة الجامع الديلمي. وكان ممن حمل نعشه السلطان فمن دونه من الرؤساء والعلماء ولم يخلف بعده مثله في الحفظ والإتقان -رحمه الله تعالى رحمة واسعة وغفر له مغفرة جامعة.

وفي أواخر مرضه بأيام يسيرة عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله فأنشده أربعة أبيات من قصيدة للإمام أبي القاسم الزمخشري وهي:

قرب الرحيل إلى ديار الآخره

فاجعل إلهي خير عمري آخره

وارحم مبيتي في القبور ووحدتي

وارحم عظامي حين تبقى ناخره

فأنا المسيكين الذي أيامه

ولت بأوزار غدت متواتره

فلئن رحمت فأنت أكرم راحم

فبحار جودك يا إلهي زاخره

وقد رثاه جماعة من الفضلاء والأدباء النبلاء منهم الأديب شهاب الدين أبو الطيب أحمد بن محمد بن علي بن حسن عرف بالحجازي الأنصاري وضمن مرثيته هذه الأبيات فقال:

كل البرية للمنية صائره

وقفولها شيئًا فشيئًا سائره

والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن

لم ترض كانت عند ذلك خاسره

وأنا الذي راضٍ بأحكام مضت

عن ربنا البر المهيمن صادره

1 صلى عليه العلم البلقيني بإذن الخليفة وكان الخليفة لابسًا فرجيًّا أخضر والسلطان فرجيًًّا أبيض على ما ذكره ابن طولون.

2 بالقرافة بالقرب من الليث بن سعد الإمام.

ص: 215

لكن سئمت العيض من بعد الذي

قد خلف الأفكار منا حائره

هو شيخ الإسلام المعظم قدره

من كان أوحد عصره والنادره

قاضي القضاة العسقلاني الذي

لم ترفع الدنيا خصيمًا ناظره

وشهاب الدين الله ذي الفضل الذي

أربى على عدد النجوم مكاثره

لا تعجبو لعلوه فأبوه من

قبل علا في الدنا والآخره

هو كيمياء العلم كم من طالب

بالكسر جاء له فأضحى جابره

لا بدع إن عادت علوم الكيميا

من بعد ذا الحجر المكرم بائره

لهفي على من أورثتني حسرة

رأس الرءوس عليه إذ هي حاسره

لهفي على المدح استحال إلى الرثا

وقصور أبياتي غدت متقاصره

لهفي عليه عالمًا بوفاته

درست دروس والمدارس داثره

لهفي على الإملاء عطل بعده

ومعاهد الإسماع إذ هي شاغره

لهفي عليه حافظ العصر الذي

قد كان معدودًا لكل مناظره

لهفي على الفقه المهذب والمحر

رحاوي المقصود عند محاضره

لهفي على النحو الذي تسهيله

مغني اللبيب مساعد لمذاكره

لهفي على اللغة الغريبة كم أرا

نا معربًا بصحاحها المتظاهره

لهفي على علم العروض تقطعت

أنسابه بفواصل متغايره

لهفي عليه خزانة العلم التي

كانت بها كل الأفاضل ماهره

لهفي على شيخي الذي سعدت به

صحب وأوجه ناظريه ناضره

لهفي على التقصير مني حيث لم

أملأ النواحي بالنواح مبادره

لهفي على عذري عن استيفاء ما

يحوي وعدزي ان أعد مآثره

لهفي على لهفي وهل ذا مسعدي

أو كان ينفعني شديد محاذره

لهفي على من كل عام للهنا

تأتي الوفود إلى حماه مبادره

والآن في ذا العام جاءوا للعزا

فيه وعادوا بالدموع الهامره

قد خلف الدنيا خرابًا بعده

لكنما الأخرى لديه عامره

وبموته شعر الفؤاد وأعلم الـ

ـعين انثنت في حالتيها شاعره

ولي المحاجر طابقت إذ للرثا

أنا ناظم وهي المدامع ناثره

فكأنه في قبره سر غدا

في الصدر والأفهام عنه قاصره

ص: 216

وكأنه في اللحد منه ذخيرة

أعظم بها درر العلوم الفاخره

وكأنه في رمسه سيف ثوى

في الغمد مخبوءًا ليوم مآثره

وكأنه سبق القضاء له فإن

قربت منيته أفاض محاجره

وغدا بأبيات الدنا متمثلا

وحبا بها بعض الصحاب وسارره

ونعى بها من قبل ذلك نفسه

أكرم بها يا صاح نفسًا طاهره

ولصاحب الكشاف يعزي نظمها

والعد منها أربع متفاخره

وأنا الذي ضمنتها مرثيتي

جهرًا وأولها بغير مفاكره

قرب الرحيل إلى ديار الآخره

فاجعل إلهي خير عمري آخره

وارحم مبيتي في القبور ووحدتي

وارحم عظامي حين تبقى ناخره

فأنا المسيكين الذي أيامه

ولت بأوزار غدت متواتره

فلئن رحمت فأنت أكرم راحم

فبحار جودك يا إلهي زاخره

هذا لعمري آخر الأبيات إذ

هي أربع كلمت تراها باهره

وأنا أعود إلى رثائي عودة

تحلو لسامعها بغير منافره

غرتني الأيام فيه فليتني

في مصر مت وما رأيت القاهره

هجرتني الأحلام بعدك سيدي

واحر قلبي قد رمي بالهاجره

من شاء بعدك فليمت أنت الذي

كانت عليك النفس قدمًا حاذره

وسهرت مذ صدح النعي بزجره

فإذا هم من مقلتي بالساهره

عزيت فيه فليت أني لم أكن

أو ليت أني قد سكنت مقابره

فعزا جميع الناس فيه واحد

طوبى لنفس عند ذلك صابره

يا نوم عني لا تُلمّ بمقلتي

فالنوم لا يأوي لعين ساهره

يا دمع واسقي تربة ولو أنها

بعلومه جرت البحار الزاخره

يا صبري ارحل ليس قلبي فارغا

سكنته أحزان غدت متكاثره

يا نار شوقي بالفراق تأججي

يا أدمعي بالمزن كوني ساجره

يا قبر طب قد صرت بيت العلم أو

عينًا به إنسان قطب الدائره

يا موت إنك قد نزلت بذي الندى

ومذ استضفت حباك نفسًا حاضره

يا رب فارحمه واسق ضريحه

بسحائب من فيض فضلك غامره

يا نفس صبرًا فالتأسي لائق

بوفاة أعظم شافع في الآخره

ص: 217

المصطفى زين النبيين الذي

حاز العلا والمعجزات الباهره

صلى عليه الله ما جال الردى

فينا وجرد للبرية باتره

وعلى عشيرته الكرام وآله

وعلى صحابته النجوم الزاهره

وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين وخمسين توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن فتح الدين صدقة بن إبراهيم بن إسماعيل المقري1: القاهري وعرف والده بالصائغ البزار، والقاضي برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم ابن المحدث جمال الدين عبد الله ابن الحافظ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم2 بن صالح بن هاشم الفُرِّياني3 والإمام الأوحد المفيد زين الدين أبو النعيم رضوان4 بن محمد بن يوسف بن سلامة بن البهاء بن سعيد العقبي –بضم العين المهملة وسكون القاف بعدها موحدة- والإمام زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن تاج الدين محمد بن محمد بن يحيى السنديسي5 الشافعي، والقاضي كمال الدين أبو البركات محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد العزيز6 بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق بن القاسم بن عبد الله.

1 ولعله "المقدسي" فقد قالوا في ترجمته المقدسي الأصل الصالحي نسبة إلى صالحية دمشق القاهري المولد والمنشأ والوفاة المعروف هو بالصالحي ووالده بالصائغ بصاد مهملة وهمزة وغين معجمة وبالبزاز بزاي مكررة ولم يقولوا أنه كان مقرئًا والله أعلم. "الطهطاوي".

2 والذي في عنوان العنوان والضوء اللامع والتبر المسبوك "ابن القاسم" وكذا في معجم الحافظ ابن حجر والشذرات في ترجمة والد البرهان أبي الوفاء المذكور. "الطهطاوي".

3 وصوابه "العرياني" بضم العين المهملة وسكون الراء بعدها مثناة تحتية وبعد الألف نون كما في عنوان العنوان في ترجمة البرهان أبي الوفاء إبراهيم المذكور. وهو مصري ولد بالقاهرة وتوفي بها وشافعي المذهب كأبيه الجمال عبد الله بن أحمد العرياني وقد ذكره البرهان البقاعي في حرف العين المهملة من قسم الأنساب من عنوانه وذكره ووالده الشمس السخاوي في حرف العين المهملة من قسم الأنساب من ضوئه. وأما الفرياني بالفاء وبالضبط المذكور في التعليقات فهي نسبة جماعة من المغاربة منهم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن اللخمي التونسي الفرياني المالكي "المتوفى بثغر اللاذقية من بلاد طرابلس الشام سنة 859 أو بعدها كما ذكره البقاعي في العنوان والسخاوي في الضوء قالا: والفرياني بضم الفاء وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتية وآخره نون نسبة إلى فريانة إحدى مدائن إفريقية. اهـ. أي تونس وهو مذكور في حرف الفاء من قسم الأنساب من كل منهما فتنبه لذلك. "الطهطاوي".

4 يروي شرح معاني الآثار للطحاوي وجامع المسانيد لأبي حنيفة سماعًا وسمعهما السخاوي عليه وأسمعهما الجماعة.

5 وصوابه "السندبيسي" كما في عنوان العنوان والضوء اللامع والتبر المسبوك وبغية الوعاة وشذرات الذهب في ترجمته نسبة إلى سندبيس بباء موحدة مكسورة بعد الدال المهملة المفتوحة وقبل المثناة التحتية الساكنة وهي بلدة مصرية بإقليم القليوبية. "الطهطاوي".

6 والذي في الضوء اللامع والتبر المسبوك في ترجمة الكمال أبي البركات المذكور "ابن أحمد بن عبد =

ص: 218

العقيلي الهاشمي النويري، والأديب شاعر مكة خير الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي بن محمد بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن علي بن معمر بن سليمان بن عبد العزيز بن أيوب بن علي البجائي ثم المكي المالكي الضرير ذي الحجة وقد جاوز السبعين ووزير المغرب أبو زكريا يحيى بن زيان1 الوطاسي المريني2 الفاسي وكان عادلاً وجماعة آخرون.

= العزيز" بدون ذكر علي بينهما وكذا في مواضع من معجم الحافظ ابن حجر ومعجم الجلال السيوطي والضوء اللامع والتبر المسبوك وشذرات الذهب في تراجم جماعة من سلفه وأقاربه، وسبق مثله للمؤلف في الصفحة "111" عند ذكر عم الكمال أبي البركات المذكور هنا في وفيات سنة 786 فقد قال هناك وبمكة قاضيها كما الدين أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي النويري إلى آخر كلامه. هذا وقد نقل الجلال السيوطي في معجمه عن السراج البلقيني سبب اشتهار جدهم الأعلى عبد الرحمن بالشهيد الناطق فليراجع.

وجاء في السطر السابع منها "خير الدين أبو الخير" وصوابه قطب الدين أبو الخير كما في عنوان العنوان والضوء اللامع والتبر المسبوك وغيرها وقد سبق للمؤلف ذكره على الصواب في الصفحة "179" ولقدم ذكر أبيه عبد القوي البجائي ثم المكي فيمن توفوا سنة 816. "الطهطاوي".

1 وجاء، وفي الضوء اللامع والتبر المسبوك وغيرهما "يحيى بن زياد بن عمر" وفي جذوة الاقتباس فيمن حل من الأعلام مدينة فاس للشهاب ابن القاضي "يحيى بن عمر بن زيان" والظاهر أن في عبارته تقديمًا وتأخيرًا فقد ذكر في ترجمة ابنه ما يوافق الأول وكذا صاحب كتاب الاستقصا لأخبار دولة المغرب الأقصى والله أعلم. "الطهطاوي".

2 الأول بتشديد الطاء المهملة والثاني بفتح الميم وكسر الراء مخففة بعدها مثناة تحتية ساكنة ونون من بني مرين قبيلة من البربر وقد كانوا أمراء المغرب الأقصى، وبنو وطاس فخذ منهم. "الطهطاوي".

ص: 219