المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) - لقاء الباب المفتوح - جـ ١١٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [114]

- ‌تفسير آيات من سورة الحجرات

- ‌تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم زيارة القبور وشد الرحل إليها

- ‌منهج جماعة التبليغ

- ‌بمن يبدأ في توزيع الزكاة

- ‌حكم قول القائل: ذهبت سنين الجدب وأقبلت سنين الخصب

- ‌حكم تقديم العشاء على المغرب جهلاً

- ‌حكم من تجاوز الميقات وأحرم من بعده

- ‌حكم اختلاف المأموم مع نية الإمام

- ‌حكم بيع الشهادة الزراعية

- ‌المسح على الكندرة

- ‌دعاء حفظ القرآن

- ‌حكم الاعتكاف في مكتبة المسجد

- ‌حكم تبادل السلع غير الربوية

- ‌صلاة المسافر

- ‌حكم حجز الأماكن في المساجد وحلق العلم

- ‌حكم أخذ الفرد الأموال على عمل لم يقم به

- ‌بداية مدة المسح على الشرّاب

- ‌جواز دعاء الله والصلاة على النبي في النافلة والفريضة

- ‌معنى قوله تعالى: (أولئك الذين يدعون)

- ‌صلاة المسافر إذا أدرك التشهد الأخير خلف المقيم

- ‌حكم الجمع بين الجمعة والعصر حال المطر

- ‌بعض أنواع بيوع الربا

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم)

‌تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم)

نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على ما تيسر من تفسير قول الله تبارك وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات:7]، هذه الآية كما تعلمون جاءت بعد قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] .

وسبب ما سبق: أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه عن قوم ما ليس فيهم، فأمره الله تعالى بالتأكد من الأخبار إذا جاء بها من لا تعرف عدالته، وكأن بعض الصحابة رضي الله عنهم أرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعاقب هؤلاء الذين بلغه عنهم ما بلغه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل بعد أن نزلت عليه الآية:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] .

ولكن العبرة بعموم اللفظ، وهو قوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات:7] أي: لشق عليكم ما تطلبونه من الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا له أمثلة كثيرة: - منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأصحابه في رمضان يصلي بهم صلاة القيام، فانصرف وقد بقي من الليل ما بقي، قالوا:(يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -أي: طلبوا منه أن يقيم بهم كل الليل- ولكنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ولم يوافقهم على طلبهم، لما في ذلك من العنت والمشقة.

ومنها: أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحثوا عن عمله في السر -أي: فيما لا يظهر للناس- وهو العمل الذي يفعله في بيته من العبادات فكأنهم تقالُّوها، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر -يعني: وأما هم فلم يكن لهم ذلك- فقال أحدهم: (أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم ولا أنام، وقال الثالث: وأنا لا أتزوج النساء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فأما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) فحذرهم أن يعملوا عملاً يشق عليهم.

ومن ذلك أيضاً: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه ليصومن النهار وليقومن الليل ما عاش، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنت قلت هذا؟ قال: نعم، قال: إنك لا تطيق ذلك) ثم أرشده إلى ما هو أفضل وأهون.

والحاصل: أنه يوجد من الصحابة رضي الله عنهم من له همة عالية، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يطيعهم في كثير من الأمر، لأن ذلك يشق عليهم إذا أطاعهم.

ص: 3