الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير قوله تعالى: (الذي يصلى النار الكبرى)
قال تعالى: {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى:12-13] الذي يصلى النار الموصوفة بأنها الكبرى وهي: نار جهنم؛ لأن نار الدنيا صغرى بالنسبة لها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ناركم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم) أي: إن نار الآخرة فضلت على نار الدنيا بتسع وستين ضعفاً.
والمراد: نار الدنيا كلها ليست ناراً مخصوصة بل هي أشد ما يكون من نار الدنيا، فإن نار الآخرة فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، ولهذا وصفها الله بقوله:{النَّارَ الْكُبْرَى} [الأعلى:12] ثم إذا صلاها لا يموت فيها ولا يحيا، المعنى: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة سعيدة، وإلا فهم أحياء في الواقع، لكنهم أحياء معذبون {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} [النساء:56] كما قال الله عز وجل: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف:77] وهو خازن النار {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:77] أي: يهلكنا ويريحنا من هذا العذاب {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف:77] فيها العذاب المقيم، ويقال لهم:{لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف:78] .
هذا معنى قوله: {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى:13] لأنه قد يشكل على بعض الناس كيف يكون الإنسان لا حي ولا ميت؟ فيقال: لا يموت فيها ميتة يستريح بها، ولا يحيا حياة يسعد بها، فهو -والعياذ بالله- في عذاب وجحيم وشدة، يتمنى الموت ولكن لا يحصل له، هذا هو معنى قوله تعالى:{ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى:13] .