المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ووجدك عائلا فأغنى) - لقاء الباب المفتوح - جـ ٧٧

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [77]

- ‌تفسير سورة الضحى

- ‌تفسير قوله تعالى: (والضحى والليل إذا سجى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما ودعك ربك وما قلى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وللآخرة خيرٌ لك من الأولى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم يجدك يتيماً فآوى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ووجدك ضالاً فهدى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ووجدك عائلاً فأغنى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأما السائل فلا تنهر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث)

- ‌الأسئلة

- ‌أفضل الأساليب والطرق لطلب العلم

- ‌حكم تارك الصلاة وما يترتب عليه

- ‌من أدرك صلاة العشاء ولم يصل المغرب

- ‌حكم التمثيل

- ‌حكم من صام عاشوراء أو عرفة وعليه قضاء

- ‌حكم الإجبار على الطلاق وما يترتب عليه

- ‌التفصيل حول مسألة اللحوم المستوردة

- ‌أحقية من ينزل المرأة القبر

- ‌من عقائد الشيعة الإمامية

- ‌بيان ضابط الطرائف وحكمها

- ‌حكم جلسة الاستراحة للمأموم

- ‌حكم رمي الكتب الدينية والأطعمة في المزبلة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ووجدك عائلا فأغنى)

‌تفسير قوله تعالى: (ووجدك عائلاً فأغنى)

قال تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى:8] أي: وجدك فقيراً لا تملك شيئاً (فأغنى) أي: أغناك وأغنى بك، قال الله تعالى:{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح:20] وما أكثر ما غنم المسلمون من الكفار تحت ظلال السيوف، غنائم عظيمة كثيرة؛ كلها بسبب هذا الرسول الكريم حين اهتدوا بهديه واتبعوا سنته فنصرهم الله تعالى به وغنموا من مشارق الأرض ومغاربها، ولو أن الأمة الإسلامية عادت إلى ما كان عليه السلف الصالح لعاد النصر إليهم والغنى والعزة والقوة، ولكن مع الأسف فإن الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر، كل منها ينظر إلى حظوظ نفسه بقطع النظر عما يكون به نصرة الإسلام أو خذلان الإسلام.

ولا يخفى على من تأمل الوقائع التي حدثت أخيراً أنها في الحقيقة إذلالٌ للمسلمين، وأنها سبب لشر عظيم كبير يترقب من وراء ما حدث، ولا سيما من اليهود والنصارى الذين بعضهم أولياء بعض، كما قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] وهم -أعني: اليهود والنصارى- متفقون على عداوة المسلمين، كل منهم لا يريد الإسلام ولا يريد أهل الإسلام ولا يريد عزة الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يقينا شر ما حدث في الآونة الأخيرة من الأمور التي يندى لها الجبين، ولكن سينصر الله تعالى دينه مهما كانت الأحوال، فالله تعالى ناصرٌ دينه وكتابه، وإن حصل على المسلمين ما حصل، فإن الله يقول:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] فربما يأتي اليوم الذي يجاهد فيه المسلمون اليهود حتى يختبأ اليهودي تحت الشجر فينادي الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، وما ذلك على الله بعزيز، ولكن المسلمين يحتاجون إلى قيادة حكيمة عليمة قبل كل شيء بأحكام الشريعة؛ لأن القيادة بغير الاستنارة بنور الشريعة عاقبتها الوبال مهما علت ولو علت إلى أعلى قمة فإنها سوف تنزل إلى أسفل قعر.

الهداية بالإسلام وبنور الإسلام، لا بالقومية ولا بالعصبية ولا بالوطنية، ولا بغير ذلك، بل بالإسلام فقط، والإسلام وحده هو الكفيل بعزة الأمة لكنها تحتاج إلى قيادة حكيمة، تضع الأشياء في مواضعها وتتأنى في الأمور ولا تستعجل، ولا يمكن أن يصلح الناس بين عشية وضحاها، من أراد ذلك فإنه قد أراد أن يغير الله سننه والله سبحانه وتعالى لا يغير السنن، فهذا نبي الله عليه الصلاة والسلام بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله ينزل عليه الوحي يدعو بالتي هي أحسن، ومع ذلك في النهاية خرج من مكة خائفاً مختفياً، لم تتم الدعوة في مكة، فلماذا نريد أن نغير الأمة التي مضى عليها قرون وهي في غفلة ونوم أن نغيرها بين عشية وضحاها؟! هذا سفه في العقل وضلال في الدين.

الأمة الآن تحتاج إلى علاج رفيق هادئ يدعو بالتي هي أحسن.

الأمة الإسلامية تحتاج بعد الفقه في دين الله والحكمة في الدعوة إلى الله إلى علم بالواقع وفطنة وخبرة، ونظر في الأمور التي تحتاج إلى نظر بعيد، لأن النتائج قد لا تتبين في شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين، لكن العاقل يصبر وينظر ويتأمل حتى يعرف الأمور.

تحتاج أيضاً إلى عزم وتصميم وصبر، لأنه لا بد منها، ولا بد من عزم يندفع به الإنسان، ولا بد من صبر يثبت به الإنسان، وإلا لفاتت الأمور أو فات كثير منها.

ص: 9