الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ال
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيعد علم الحديث النبوي من العلوم التي كثر فيها التصنيف، وتنوَّعت فيها طرائق العلماء بالكتابة في شتى جوانبه؛ وذلك لما تميز به من البحث في أحاديث الرسول (وبيانها، وتوضيح مقاصدها وكشف أسرارها؛ وكونها مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي العظيم.
ولذا اهتم علماء الإسلام في شتى العصور بجمع الأحاديث النبوية وروايتها، ودراسة ما اشتملت عليه من العلوم الشرعية المتعددة.
وقد اخترت الكتابة عن التصنيف في السنة النبوية في القرن الخامس الهجري (1) للأسباب الآتية:
أولاً: عدم اطلاعي ـ فيما وقفت عليه ـ على من أفرد هذا الجانب من جوانب القرن الخامس بالتأليف.
ثانياً: إبراز جهود علماء القرن الخامس في التصنيف في مجال السنة النبوية.
(1) كتب عن السنة النبوية في القرن الرابع الهجري الدكتور/ أحمد بن عبد الله الباتلي بحثا منشورا في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية /العدد الثامن عشر/ عام 1418 هـ مشتملا على المحدثين بين عامي 301 ـ 400 هـ.
ثالثاً: التنويه بكثرة علماء هذا القرن ممن صَنَّفوا في السنة النبوية، والتعريف بهم.
رابعاً: بيان كثرة المؤلفات والمصنفات في السنة النبوية في هذا القرن وقد كان لها أثر واضح فيما بعده من القرون إلى يومنا الحاضر.
وتشتمل خطة البحث على مقدمة، ومدخل، وخمسة مباحث، وخاتمة، وفهرس للمصادر والمراجع، وفهرس للموضوعات، وهي على النحو الآتي:
أولاً: المقدمة، وذكرت فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وخطة البحث، والفترة الزمنية التي يتناولها البحث.
ثانياً: المدخل، وأشرت فيه إلى الحالة السياسية والعلمية للعالم الإسلامي في القرن الخامس الهجري.
ثالثاً: التصنيف في السنة النبوية وعلومها في القرن الخامس، وجعلته في خمسة مباحث:
المبحث الأول: التصنيف في علوم الحديث. وفيه واحد وعشرون نوعاً.
المبحث الثاني: التصنيف للحديث النبوي. وفيه أربعة عشر نوعا.
المبحث الثالث: تصنيف الأمالي، والمجالس، والأجزاء، والفوائد الحديثية وفيه نوعان.
المبحث الرابع: التصنيف في التواريخ والتراجم والسير. وفيه اثنا عشر نوعاً.
المبحث الخامس: مصنفات المحدثين العامة.
رابعاً: الخاتمة، وفيها أهم ما توصلت إليه من نتائج.
خامساً: فهرس المصادر والمراجع.
سادساً: فهرس الموضوعات.
وتجدر الإشارة هاهنا إلى أن البحث سيتناول ـ بإذن الله تعالى ـ جهود التصنيف في السنة النبوية في القرن الخامس الهجري، ويشمل ذلك من عاش من المحدثين بين سنتي: 401 ـ 500 من الهجرة، مع ما حدث في هذا القرن من ضعف للخلافة العباسية، وتفرق البلاد الإسلامية إلى دويلات صغيرة، إلا أن ذلك لم يقلل من عناية أهل هذا القرن بالسنة النبوية في مجالي الرواية والدراية.
فيجد المطلع على أحوالهم عناية فائقة بتحصيل الحديث وروايته والرحلة في سبيل ذلك، كما ظهرت مصنفات كثيرة تُنْبئ عن جهودهم العظيمة في خدمة السنة النبوية في هذه الحقبة من الزمن، كما يتضح ذلك في ثنايا هذا البحث إن شاء الله تعالى.
ويُذكر في هذا الصدد الخطيب البغدادي حافظ المشرق، وابن عبد البر حافظ المغرب وقد توفيا في هذا القرن في سنة واحدة (1) . ولذا لم يكن دقيقا من قال:((ما كاد ينتهي القرن الرابع حتى أصبح عمل العلماء قاصرا على الجمع والترتيب أو التهذيب لكتب السابقين (2)) ) .
وإذا علمنا أن صاحب هذا القول قصر في كتابته ورصده للحديث والمحدثين في القرن الخامس حيث تحدث عنه وعن القرن السادس في نحو خمس
(1) انظر: الرسالة المستطرفة (ص: 53) .
(2)
الحديث والمحدثون (ص: 429) .
صفحات فقط من (429 ـ 434) أدركنا بيقين أن قوله هذا صدر عن غير تروّ وسعة اطلاع على محدثي القرن الخامس وجهودهم في خدمة السنة النبوية. ويعد هذا البحث إشارة يسيرة إلى بعض أهم أعمالهم في هذا المجال.
ولذا تشتد الحاجة اليوم إلى التركيز على إبراز جهود المسلمين في مختلف القرون الماضية في مجال السنة النبوية وغيرها من العلوم الإسلامية؛ حتى يظهر بجلاء ما كان عليه أسلافنا الصالحون من عناية تامة بالعلم الشرعي: تعلما، وتعليما، وتصنيفا، مما كان له الأثر البالغ في رقيهم وسعادتهم وسيرهم على الصراط المستقيم.
وهذه الندوة المباركة التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ما هي إلا خطوة مباركة في السير على هذا المنهاج الذي يبين للأمة الإسلامية اليوم بعض ما كان عليه أسلافهم من عنايتهم بالعلم الشرعي، وتفانيهم في تحصيله ونشره بين طلابه، حتى يقتدي بهم شباب الإسلام اليوم ويسيروا على منهاجهم.
ومن الله تعالى أستمد العون والسداد، وأسأله التوفيق لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.