المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قضية الهوية.. صراع الهويات وحقيقته - مجلة البيان - جـ ١٠٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌قضية الهوية.. صراع الهويات وحقيقته

في دائرة الضوء

‌قضية الهوية.. صراع الهويات وحقيقته

بقلم: د. محمد يحيى

يُبْرِزُ المسلم تحديداً هويته بأنه: مسلم، فإنه يواجه في المناخ الراهن من قبل

التوجهات (اللادينية) بعدة طروحات مضادة، تبدأ بمواجهة الهوية الإسلامية بعدة

هويات أخرى، وتنتهي برفض قضية الهوية والذاتية نفسها؛ باعتبارها تنتمي في

زعمهم إلى عهد غابر من الفكر.

والهويات المضادة التي تطرح في مواجهة الهوية الإسلامية ورفضاً لها

تتراوح بين الانتماء الجغرافي (إفريقي آسيوي، شرق أوسطي، بحر متوسطي،

أوروبي) ، والانتماء العرقي (عربي، تركي، إيراني، زنجي، أبيض) ، والانتماء

الزماني: إلى الحاضر (في دعاوى العصرية) ، وإلى الماضي في دعاوى

(كالفرعونية، والفينيقية، والبابلية، والطورانية

وغيرها) ، وقبل كل شيء:

الانتماء الثقافي (اللاديني) (كاتخاذ المذاهب الفلسفية والوضعية المختلفة ذات الأصل

الغربي مثل: الماركسية، والليبرالية، والعلمانية محكّاً للهوية) .

وفي الواقع تزدحم الساحة في البلاد الإسلامية والعربية بدعوات إلى هويات

مضادة للهوية الإسلامية، تتخذ شتى الأشكال والمظاهر نفسها، لكنها تتفنن في أنها

تزعم لنفسها الأولوية على الهوية الإسلامية، إن لم تنفها وتلغها كلية، وعلى هذا

المستوى تزعم هذه الدعوات لنفسها أنها: هي الأصل الذي يسبق الإسلام في

الزمان والمكان واللغة والثقافة، والذي يتسع لجوانب شاملة من الخبرة الإنسانية

يضيق عنها الإسلام، وبجانب مزاعم الأسبقية في الأصل والسعة في الانطباق

توجد مزاعم بأن الهوية الإسلامية هي هوية طفيلية مفروضة على هويات أصلية،

وأنها على أفضل الأحوال لا تعدو أن تكون هوية ثانوية هامشية لها مجال محدود

جدّاً تنطبق فيه، وهو مجال لا يتعدى ما يسمى بعلاقة الفرد بربه.

إن قسماً كبيراً من الصراع والمحاجّة الفكرية الدائرين الآن على الساحة

العربية الإسلامية يدور حول محور القضية التي نحن بصددها؛ حيث تتخذ

التيارات المضادة للإسلام من الهويات المضادة سلاحاً تحارب به الهوية والذاتية

الإسلامية؛ وأصبح من المألوف الآن أن يسمع المرء صيحات من نوعية (إننا

مصريون، أو عرب، أو أوروبيون.. قبل أن نكون مسلمين) أو (الديموقراطية،

والاشتراكية، والحرية، قبل الإسلام) أو (نعم للحضارة العالمية، ولا للانغلاق

الإسلامي) !

وكل هذه التطورات مألوفة على مر السنوات أو حتى العقود الماضية، لكن

الجديد في الأمر في الفترة القريبة هو نفي قضية الهوية عندما تطرح من الوجهة

الإسلامية في مواجهة الطروحات المتغربة العلمانية، والحجة التي تتكرر كثيراً في

كتابات من يطلق عليهم الآن ممثلو النخبة الثقافية والفكرية العربية هي: أن قضية

الهوية والذاتية والانتماء الديني قد أصبحت جزءاً من ماضٍ بائد، وأن التمسك بهذه

المفاهيم والتأكيد عليها لا محل ولا معنى له في عالم تسيطر عليه مفاهيم العالمية

الثقافية والاندماج الدولي والتعددية الثقافية والحضارية والتقرب من (الآخر)

واحترامه.

وفي إطار هذه المفاهيم يصبح الحديث عن الهوية والذاتية (لاسيما الإسلامية) : نوعاً من الأنانية والتقوقع والعزلة، بل وضرباً من التخلف المتعمد عن مواكبة

العصر، ونوعاً من إعلان الحرب العدوانية غير المبررة على (العالم) .

والواقع: أن هذه الصيحات لا تسمع إلا عندما يرفع شعار الهوية الإسلامية

وحده، ولكن عندما ترفع الدعوة إلى تأكيد هويات أخرى دينية وعرقية وثقافية:

فإننا نسمع صيحات الترحيب والتحبيذ والدفاع؛ فعندما يتحدث بعضهم عن هوية

مسيحية أصلية لبعض الأقليات في بلدان عربية، أو عن هوية عرقية لزنوج في

بعض البلدان العربية الإفريقية: نجد أصوات النخب العلمانية نفسها التي تهاجم

شعار الهوية الإسلامية بضراوة تدافع بالضراوة نفسها عن تلك الهويات الأخرى

حتى المستندة منها إلى مزاعم دينية غير إسلامية، والغريب أن الهجوم في الحالة

الأولى والدفاع في الحالة الثانية يجريان وفق حجة واحدة، هي مثلاً: مناصرة

حقوق الإنسان؛ فرفع لواء الهوية الإسلامية في البلدان ذات الغالبية المسلمة يوصف

عند أهل النخبة العلمانية بأنه انتهاك لحقوق غير المسلمين وافتئات عليها، أما رفع

شعار الهويات المسيحية أو البهائية أو الآشورية أو الزنجية

إلى آخره،

فيوصف بأنه تحقيق وتجسيد لمبادئ حقوق الإنسان، حتى وإن صاحبته دعاوى

انفصالية أو لجوء إلى العنف والإرهاب. فلماذا التناقض؟ !

إن سبب هذا التناقض الذي لا يكاد يلاحظه أحد في طروحات الفكر الثقافي

اللاديني الراهن هو أن الرغبة الحقيقية التي تحرك هذا الفكر لا تكمن في إلغاء

مفهوم الهوية ذاته كما يزعمون الآن لصالح مفاهيم العالمية والاندماج الحضاري،

وإنما تكمن في إلغاء مفهوم الهوية الإسلامية وحده، وتأكيد سائر الهويات والذاتيات

على حساب هذه الهوية الإسلامية، المطلوب الحقيقي كان ولا يزال إلغاء التمسك

بالهوية الإسلامية وحدها، مع تأكيد الهويات الدينية والثقافية الأخرى المخالفة لها

ورفعها في وجهها، لكن الذي حدث هو أن أصحاب الدعوة (اللادينية) الآن، وفي

مواجهة الصحوة الإسلامية في بلدان عدة، لا يستطيعون طرح هذا الأمر بشكل

مباشر وواضح؛ لذا: فقد لجؤوا كحيلة في المحاججة إلى نفي واستبعاد مفهوم

الذاتية والهوية كله وفي حد ذاته، وذلك على المستوى الإعلامي الظاهري؛ حتى

يخدعوا جمهور القراء والمتابعين من المسلمين بتصوير الأمر لهم: وكأن هذا

المفهوم قد انتهت صلاحيته أو (موضته) على الساحة الفكرية، وأن السائد أو

العصري الآن هو مفاهيم العالمية وتمازج وذوبان الحضارات والتفاعل مع الآخر

إلى آخره، ولكن حينما يتصور المخدوعون أن قضية الهوية قد أصبحت بالفعل

من التراث الغابر يأتي أهل النخبة اللادينية ومن باب خلفي بطروحات جديدة أو

متسربلة بأقنعة مختلفة، تبرر تأكيد الهويات الدينية والثقافية غير الإسلامية،

ويكتشف بعض المخدوعين أنه في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات بنبذ مفاهيم

الهوية والذاتية الإسلامية وحدها، بحجة الاندماج في العالمية الثقافية والتعددية

الحضارية، فإن الهويات (اللاإسلامية) دينية كانت أم ثقافية تطرح بشدة، وتجد

(لا دينيين) مستميتين في الدفاع عنها، ليس تحت شعار الذاتية والهوية وحده، ولكن

(على سبيل التعمية) تحت شعارات حقوق الإنسان (التعددية والديموقراطية) ، وهي

الشعارات نفسها التي يجري رفض الهوية الإسلامية بالاستناد إليها.

ويلاحظ المتتبع لمجريات الأمور أن هذه الخدعة العلمانية قد نجحت إلى حد

كبير في دهاليز سياسات بعض المؤسسات الدينية في عالمنا الإسلامي، فالندوات

والمؤتمرات يكثر عقدها هذه الأيام من جانب هذه المؤسسات والمرتبطين بها حول

(الحوار الحضاري) و (تقارب الأديان) و (لقاء الثقافات) .. وغير ذلك، ويخفت في

الوقت نفسه الحديث عند أهل هذه المؤسسات عن الهوية والذاتية الإسلامية؛ بحجة

أن ترديد هذا الحديث أصبح ضرباً من التطرف والمغالاة والتعصب واحتقار مشاعر

الغير، بل وتحقيرهم، ولكن بينما نجد من أصحاب الفكر الإسلامي (أو من يفترض

أنهم كذلك) من ينساق وراء هذا التصور ويلفظ الحديث عن الهوية الإسلامية، نجد

في المقابل بل وفي المؤتمرات نفسها والتجمعات ذاتها من يرفعون شعار الهويات

والذاتيات المضادة أو المخالفة، بل ويتهمون المسلمين بأنهم إن تكلموا عن هويتهم

فهم عدوانيون متسلطون.

إن الموضوع برمته لا يعدو أن يكون حيلة بارعة من حيل الحجاج الفكري،

وأصحاب هذه الحيلة يرفعون في وجه المنادين بالهوية الإسلامية دعوة (تذويب

(اختفاء الهويات الخاصة في الهوية العالمية الحضارية الجديدة (في زعمهم) ، التي

تتشكل من تفاعل وتمازج وتغير الهويات الخاصة، ولكن عندما يقبل المرء على

التعرف على هذه الهوية العالمية الجديدة يجد بالتحليل أنها ليست سوى الهويات

الغربية المعروفة من دينية (مسيحية يهودية) وثقافية (وثنية) وفكرية (علمانية

المذاهب المتعددة) ، وقد ضخمت وحولت إلى (عالمية) تفرض وتطبق على الجميع.

إن الهوية العالمية الجديدة التي يقال إنها قد نسخت كل الهويات الخاصة

(وبالتحديد الهوية الإسلامية) ليست في الواقع سوى هوية خاصة (غربية علمانية

مسيحية) اتخذت لها قناع التمويه والتدليس لكي تفرض على الجميع وتبرر سحق

الهوية الإسلامية التي ينكرون عليه الاتساع والشمولية، ويحولونها إلى مجرد (هوية

خاصة) أو (ذاتية محدودة) ، ولكن هذا الموضوع يتصل بما يسمى (السياسات

الثقافية) ، وله مجال آخر في البلاد الإسلامية والعربية.

ص: 94

سياسة شرعية

القانون الدولي الإسلامي.. (علم السير)

مفهومه تدوينه خصائصه

بقلم: عثمان جمعة ضميرية

أخذ الكاتب في الحلقة الأولى في تعريف (القانون الدولي الإسلامي) (علم

السير) شارحاً ومحللاً، ومتطرقاً لبعض المسائل العلمية، وفي الحلقة الثانية عالج

بعض خصائص القانون الدولي الإسلامي، ويواصل في هذه الحلقة معالجة بعضها

الآخر.

...

...

...

...

... - البيان -

أحكام السير والعلاقات الدولية في الإسلام تخاطب الفرد والدولة:

إن الشريعة الإسلامية خطاب عام للمكلفين، أفراداً وجماعات، وهم محل

للتكليف بوصفهم أفراداً وبوصفهم جماعات، وقد قال الله (تعالى) : [لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ

وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِياً وَلا

نَصِيراً] [النساء: 123] .

وفي كثير من الآيات القرآنية الكريمة يتوجه الخطاب مباشرة إلى الإنسان

الفرد، كما يتوجه إلى الجماعة والأمة، وهذا أمر واضح في القرآن الكريم:

[يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ]

[المائدة: 67] ، فالخطاب هنا موجه للفرد، ثم يتوجه إلى الجماعة بمثل قوله (تعالى) :[وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَاًمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ][آل عمران: 104] .

وينبني على ذلك: أنه إذا أخذنا الخطاب المباشر معياراً للشخصية القانونية

وجب علينا أن نرت،، ب على ذلك نتيجة حتمية، وهي: أن الإنسان بوصفه

إنساناً هو محل التكليف في الشريعة الإسلامية؛ لأن النصوص الشرعية تخاطبه

خطاباً مباشراً، فتلزمه بالتكليف، وتكسبه الحقوق، وتبشره بالثواب، وتوقع عليه

الجزاء بطريق مباشر [1] . فليست أحكام العلاقات الدولية قاصرة على الدول، بل

هي مفتوحة عامة شاملة، تقوم أصلاً على الكيان الفردي، سواء أكان الفرد منفرداً، أو في جماعة، أو في تشكيل سياسي باسم (دولة) .

يقول الدكتور محمد طلعت الغنيمي: (وهكذا نجد أن النظرية الإسلامية أكثر

تقبلاً للفرد كشخص من أشخاص القانون الدولي، بيد أنها لا تحصر الشخصية

القانونية الدولية فيه، وإنما تقر إلى جانب ذلك بالشخصية القانونية الدولية للدولة.

ومن ثم: فإن الرأي المعاصر الذي يعترف لكل من الدولة والفرد بالشخصية

القانونية الدولية إنما يتفق مع النظرية الإسلامية في تحديد أشخاص القانون

الدولي) [2] .

ولذلك: يصح مثلاً أن يعقد مسلم معاهدة أمان لغير مسلم [3] ، ولا يشترط أن

يكون ذلك من خلال كيان الدولة، وبهذا: أصبح للفرد شخصية دولية معترف بها،

فعقد الأمان الذي عقده المسلم للأجنبي ملزم للدولة كما تلزم المعاهدة بين دار الإسلام

ودار الحرب كدولتين مستقلتين، ولا يقدح في ذلك أن هناك أحكاماً تتطلب أن

يمارسها الإمام (رئيس الدولة) أو تتطلب إذنه [4] ، فإن هذا توزيع للاختصاص؛

لأن للمسلم الفرد أحوالاً يمثل فيها المجتمع الإسلامي كله، ولا تعني هذه

الاختصاصات الخاصة للإمام الإذن بالجهاد، وعقد الذمة

ونحوها أن الشكل

الرسمي للدولة حجاب دون الأصل السابق ذكره، وهو أن الجماعة الدولية جماعة

أفراد، وأن الكيان الرسمي أمر غير لازم ولا مشترط في كثير من الأحيان، وأن

اشتراطه هو استثناء من الأصل [5] .

بينما يثير مركز الفرد في القانون الدولي الوضعي جدلاً كبيراً، حيث يصر

الشراح التقليديون على أن القانون الدولي هو قانون الدول فحسب، ولايرتبون للفرد

حقوقاً أو واجبات دولية بصفة مباشرة، وإنما اعتبروه مجرد محل لهذه القواعد، أما

الإسلام فقد اعترف للفرد بالشخصية القانونية الدولية منذ خمسة عشر قرناً، دون

تفريق بين الرجال والنساء، ودون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الإقليم [6] .

ومن هنا: فإن الرأي المعاصر الذي يعترف لكل من الدولة والفرد بالشخصية

القانونية، إنما يتفق مع الأحكام الإسلامية في تحديد أشخاص القانون الدولي.

والشريعة ليست نظاماً قانونيّاً داخليّاً فحسب أدمجت فيه الأحكام والقواعد

الدولية، وليست نظاماً دوليّاً فحسب أدمجت فيه الأحكام والقواعد القانونية الداخلية.

وإنما هي نظام وشريعة عالمية تنتظم العلاقات الداخلية والدولية معاً، ويسري الفرع

الداخلي منها في النطاق الإقليمي للدولة الإسلامية العالمية، بينما تسري أحكام الفرع

الدولي منها على العلاقات ما بين الدولة الإسلامية، وغيرها من الدول الأخرى [7] .

ويذهب الدكتور حسني جابر إلي أن الشريعة الإسلامية قد قررت قاعدة: أن القانون الدولي له الأولوية على القانون الداخلي عند التعارض، والأصل في ذلك قوله (تعالى) :[وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ][الأنفال: 72] ، فمناصرة الأقليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية إذا تعرضوا لاضطهاد ديني هو واجب، بناء على تشريع داخلي إسلامي يندرج في عموميات الجهاد، إلا أن ذلك يمتنع إذا كان بين الدولة الإسلامية وبين إحدى تلك الدول معاهدة لا تمكن المسلمين من تلك المناصرة، كمعاهدة عدم اعتداء أو نحوها [8] .

إلا أننا نلاحظ: أنه حتى في هذه الحالة، فإن ذلك لا يعني أولوية في قانون

ثنائي، وإنما هو سريان لحكم شرعي في العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم

في الفرع الدولي من القانون أو الفقه الإسلامي.

وهذه الوحدة في النظام القانوني الإسلامي ليست مماثلة تماماً لنظرية وحدة

القانون عند الغربيين؛ لأنهم لا يكتفون بأن النظم القانونية المختلفة يربطها رباط

الوحدة، بل يبحثون بعد ذلك عن القاعدة الأساسية في البناء القانوني، وعن مكان

وجودها، وذلك لكي يعترفوا للفرع القانوني الذي توجد فيه بالصدارة أو التفوق

القانوني لأحكامه على سائر الأحكام في الفروع الأخرى. أما الأحكام في الشريعة

الإسلامية: فهي كلها متساوية ما دام أن مصدرها واحد، فالأحكام الواردة في القرآن

الكريم كلها متساوية من حيث طبيعتها القانونية، وكذلك الأحكام الواردة في السنة

النبوية، غير أن الاختلاف في القوة القانونية قائم على أساس التدرج في قوة

المصدر، كما جاء ذلك في حديث معاذ رضي الله عنه [9] من ترتيب المصادر،

بحيث يكون القرآن أولاً، ثم السنة، ثم الاجتهاد [10] .

كما أن النظر إلى مقاصد الشريعة الإسلامية من حيث قصد الشارع في وضع

الشريعة ابتداءً إنما يقوم على حفظ مقاصدها، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تكون ضرورية، والثاني: أن تكون حاجية، والثالث: أن تكون

تحسينية، والمقاصد الضرورية في الشريعة أصل للحاجية والتحسينية.

فالضروريات أهم هذه المقاصد؛ لأنه يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة،

وشيوع الفوضى بين الناس، وضياع مصالحهم، وتليها الحاجيات؛ لأنه يترتب

على فقدها وقوع الناس في الحرج والعسر، واحتمال المشقات، وتليها التحسينيات؛ لأنه لا يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة ولا الوقوع في الحرج، ولكن

يترتب على فقدها خروج الناس عن مقتضى الكمال الإنساني والمروءة وما

تستحسنه العقول.

وعلى هذا: فالأحكام التي شرعت لحفظ الضروريات أهم الأحكام وأحقها

بالمراعاة، ثم الأحكام التي شرعت لتتوفير الحاجيات، ثم الأحكام التي شرعت

للتحسينيات، فهي مرتبة من الأعلى إلى الأدنى [11] .

وتأسيساً على هذه الخاصية؛ فإن أحكام العلاقات الدولية في الإسلام تستمد من

مصادر التشريع الإسلامي كأي فرع من فروع الفقه، وهي المصادر الأصلية:

(الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس) ، ثم المصادر التبعية الأخرى [12] .

ففي القرآن الكريم نجد: أصول العلاقات الدولية في حالي السلم والحرب،

وطريقة معاملة المسلمين لغير المسلمين في دار الإسلام وفي دار الحرب، فكل ما

يتعلق بأصل العلاقات وطبيعتها والمعاهدات والوفاء بها، والجهاد وما يترتب عليه

من آثار

كل هذا نجد قواعده في كليّ الشريعة وعمدة الملة، وهو القرآن الكريم، ثم تأتي السنة النبوية القولية والعملية والتقريرية، فتبين هذه القواعد والأصول

خير بيان، وترسي قواعد وأصولاً جديدة، وقد ألمعنا فيما سبق إلى أبواب الجهاد

والسير والمغازي والأمان والجزية في كتب الحديث والسنة، بل إن (علم السير) ،

إنما سمي بهذا الاسم أخذاً من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في معاملاته

للآخرين.

وأما الإجماع والقياس: فإنهما يستندان إلى المصدرين السابقين، فالإجماع

لا بد أن يكون مستنداً إلى دليل شرعي من الكتاب أو السنة يسمى (مستند

الإجماع) [13] ، وإذا لم يكن في الواقعة نص فاجتهادهم لايتعدى استنباط حكمه بواسطة قياسه على ما فيه نص أو تطبيق قواعدالشريعة ومبادئها العامة أو بالاستدلال بما أقامته الشريعة من دلائل، كالاستحسان والاستصحاب أو مراعاة العرف والاستصلاح أو المصالح المرسلة [14] .

فإذا استعملنا التعبيرات التي يعرفها القانون المعاصر، أمكننا أن نقول: إن

مصادر القانون الدولي في الإسلام هي:

أولاً: سلطة، ونقصد بها سلطة العقيدة باعتبارها مصدر الالتزام بالأحكام

التي وردت في الكتاب والسنة.

ثانياً: المعاهدات والمواثيق التي تبرم بين الدولة الإسلامية وبين غيرها من

الدول، ثم: الفقه، ويندرج تحته الفتاوى والتعليقات والآراء المستنبطة بالاجتهاد

أو القياس.

وأخيراً: العرف، وهو في القانون الدولي الوضعي من أكبر المصادر

وأغزرها، مع أنه في الإسلام مصدر ثانوي، إلا أن له أهميته وقيمته [15] .

والأحكام الإسلامية في ذلك تتلافى الخلاف القائم بين القانونيين في طبيعة

القواعد القانونية الدولية والمذاهب التي تفرقت وتعددت في تحديد الصلة بين القانون

الدولي والقانون الداخلي، وما يترتب على ذلك من آثار ومشكلات، وإن كان

يجمعها مدرستان اثنتان: مدرسة ثنائية القانون، ومدرسة وحدة القانون، وإن كان

ما جرى عليه العمل في علاقات الدول لا يؤدي إلى اعتماد نظرية منهما وكلتاهما

تعرضت لنقد شديد واعتراضات [16] .

أساس الإلزام في القانون الدولي الإسلامي:

يقوم النظام الإسلامي على الالتزام الذاتي بقواعد العلاقات الدولية كجزء من

قانونها الداخلي، أي ولو بدون معاهدة أو عرف دولي، وبصرف النظر عن قوة

الدولة الإسلامية وسيادتها وقدرتها على الدول الأخرى، فالقانون الدولي الإسلامي

يستند إلى إرادة الدولة الإسلامية، شأنه في ذلك شأن أي قانون إسلامي آخر في

البلاد، وحتى الالتزامات المفروضة بمقتضى معاهدات ثنائية أو متعددة الأطراف

(دولية) فإن لها الأساس نفسه، وهي ما لم تنل التصديق والنشر من جانب الدولة

الإسلامية فإنها تغدو غير ملزمة، فهو التزام ذاتي سببه التكليف الشرعي، باعتبار

أن أحكام الشريعة الإسلامية خطاب ملزم للمسلم في ذاته، فهو يطبق أحكام وقواعد

السِّيَر في مجالها، كما تطبق أي قاعدة شرعية أخرى في مجالها، وكلها على وجه

الالتزام، وعلى وجه حكمها الشرعي من الوجوب أو الندب أو الإباحة أو الكراهة

أو التحريم؛ فإنه على سبيل المثال إذا طلب العدو الأمان أو الهدنة أو الذمة، فيجب

إجابته إلى ذلك فرضاً بنص القرآن الكريم على ذلك [وَإنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ

اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَاًمَنَهُ] [التوبة: 6] .

وفي الحديث الصحيح عن سليمان بن بريدة عن أبيه في الدعوة إلى الإسلام

قبل القتال: (.. فإن هم أبوا الإسلام) فاسألهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم

وكفّ عنهم) [17] ؛ وكذلك: اعتبار عقد الأمن ملزم لنا وحدنا دون من يعقد معهم

من المشركين، وكذلك: ولا ننتهز فرصة ضعف للإجهاز عليه، ولا يجوز

للمسلمين قتل الصبي أو المرأة في الحرب إلا في أحوال خاصة كما سيأتي ولا

يجوز الغدر بهم حتى ولو غدروا هم [18] .

وهذا الالتزام الخاص منشؤه: أننا مخاطبون بأحكام الشريعة دونهم، وهم

ليسوا مخاطبين بفروعها ولايلتزمونها [19] ، فالتزامنا بها التزام أصيل وناشيء

عن خضوعنا لله (تعالى) في كل أعمالنا، وقد كانت الدولة الإسلامية في أوج قوتها

وعنفوان سيادتها تلزم نفسها بنفسها بأدق آداب الإسلام في القتال والمعاهدات [20] ، ولو لم يلتزمها من تحاربهم، إلا إذا ساغ في الشرع رد العدوان بمثله [21] .

وأساس الإلزام بهذه الأحكام وسائر الأحكام أنها أوامر الله سبحانه وتعالى

لعباده، فهو وحده الحاكم الآمر الواجب الطاعة، وهذا مقتضى الإيمان بالله وتوحيده

وعبادته؛ ولذلك: اتفق العلماء على أن الحاكم هو الله سبحانه وتعالى ، وأنه لا

أحد يستحق أن ينفذ حكمه على الخلق إلا من كان له الخلق والأمر سبحانه وتعالى .

وقد أوسع العز بن عبد السلام رحمه الله هذا المعنى شرحاً في كتابه (قواعد

الأحكام في مصالح الأنام) حيث قال في قاعدة: من تجب طاعته، ومن تجوز ومن

لا تجوز طاعته: (لا طاعة لأحد من المخلوقين إلا لمن أذن الله في طاعته،

كالرسل، والعلماء، والأئمة، والقضاة، والولاة، والآباء، والأمهات، والسادات، والأزواج، والمستأجرين على الأعمال والصناعات، ولا طاعة لأحد في معصية

الله عز وجل لما فيها من المفسدة الموبقة في الدارين أو في إحداهما، فمن أمر

بمعصية فلا سمع ولا طاعة له، إلا أن يكره إنساناً على أمر يبيحه الإكراه، فلا إثم

على مطيعه) [22] .

وعلى هذا: فما يوجد عند الدول الأخرى من قواعد في العلاقات الدولية لا

يلزم الدولة الإسلامية، ولا يعتبر من قواعد قانونها الدولي إلا إذا أرادته ورضيته

صراحة كما في المعاهدات، أو ضمناً كما في العرف. ومن البدهي: أن إرادتها

مقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية، فلا تملك الخروج عليها، فإذا اختارت ورضيت

بما هو خارج عن هذه الحدود كان رضاها باطلاً لا يلزمها بشيء، حتى لو كان ما

رضيت به مشروطاً عليها في معاهدة هي طرف فيها، وعلى هذا: فلو عقدت

معاهدة بين المسلمين والكفار على ما لا يجوز كمنع فك أسرى المسلمين وردّ مسلم

أسروه وأفلت منهم، وترك ما لنا عندهم من مسلم أو غيره، وعقد ذمة لهم بدون

جزية، أو أن يقيموا ببلاد الحجاز، أو يظهروا الخمر بدار الإسلام

: فسد

الشرط؛ لأنه أحل حراماً، وفسد العقد؛ لاقترانه بشرط مفسد [23] .

قال الإمام محمد بن الحسن: (وما يتعذر الوفاء به شرعاً لا يجوز إعطاء

العهد عليه، فإن فعلوا ذلك فلينقضوا هذا العهد

لأن هذا شرط مخالف لحكم

الشرع، وقد قال: (ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة

شرط) ..) [24] .

أما في القانون الدولي فقد نشأت مدارس متعددة لتفسير طبيعة القانون الدولي

ومصادره وأساس الإلزام بقواعده، (ويمكن أن تجمع النظريات المختلفة في إطار

مدرستين رئيستين؛ المدرسة الأولى هي: المدرسة الإرادية، أو الوضعية،

والمدرسة الثانية هي: المدرسة الموضوعية) [25] .

وبالمقارنة بين الأحكام الإسلامية والقانون الوضعي في ذلك نلمح شبهاً بين

أفكار نظرية القانون الطبيعي التي تنتمي إلى المدرسة الموضوعية والأصول التي

تقوم عليها الشريعة الإسلامية، فهناك إطار ثابت من القواعد الشرعية، هو الذي

وردت فيه النصوص القطعية أو المحكمة [26] ، وهو ما يتفق مع فكرة وجود

قواعد أبدية سرمدية ثابتة وخالدة مع الزمن التي يقوم عليها القانون الطبيعي.

يبقى خلاف جوهري بين أفكار شرّاح القانون الطبيعي في جملتهم والشريعة،

تصل بمصدر هذه القواعد؛ ففي الشريعة: المصدر هو إرادة الله (تعالى) ، أما في

القانون الطبيعي: فهو طبيعة الأشياء، أو مقتضيات العقل، إلى غير ذلك من

الأفكار [27] ، وهذا الشبه بين القانون والشريعة إنما جاء نتيجة التأثير الإسلامي

على أصحاب هذا الاتجاه، الذين درسوا الثقافة الإسلامية وعلوم الإسلام، وكانت

فكرة القانون الطبيعي قد ملكت أفئدة رجال الدين والفلسفة والقانون في أوروبا

العصور الوسطى، وكلهم نشؤوا في بيئة إسلامية الثقافة، ودرسوا الثقافة الإسلامية، وكان رائدهم الأول (توما الإكويني)، ثم أمثال:(سوارز) و (إيالا) و (فتيوريا) ،

ويكفي للكشف عن ثقافتهم الإسلامية أنهم ما بين علماء في الفلسفة والتاريخ والقانون، وأنهم من بيئة إسلامية الثقافة من أسبانيا، إحدى مراكز الإشعاع الإسلامي.

ثم جاء من هولندا عالمها الشهير (جروسيوس) الذي تأثر بكتابات المسلمين،

وعلى الأخص الإمام محمد بن الحسن الشيباني، وإن كانوا يخفون مصادر تأثرهم

خشية الإرهاب الديني الذي كانت تعيشه أوروبا في تلك العصور [28] .

(1)(أحكام القانون الدولي في الشريعة) ، د حامد سلطان، ص 180 181.

(2)

(قانون السلام في الإسلام) ، د محمد طلعت الغنيمي، ص 318.

(3)

انظر: (شرح السير الكبير) ، 1/252، وما بعدها، 2/576 577.

(4)

وذلك أن بعض الفقهاء يميزون بين تصرف النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء وتصرفه بالفتوى وهي التلبيغ وتصرفه بالإمامة فما كان من هذا النوع الأخير لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإمام اقتداء به عليه الصلاة والسلام ، ولأن سبب تصرفه فيه بوصف الإمامة دون التبليغ يقتضي ذلك انظر بالتفصيل:(الفروق) للقرافي: 1/205 209، ثم خص هذا بكتاب كامل اسمه (الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام) .

(5)

انظر: (مصنفة النظم الإسلامية) د مصطفى وصفي، ص 180 183، 293.

(6)

انظر: (القانون الدولي العام) د حامد سلطان، ص 65 66.

(7)

(أحكام القانون الدولي في الشريعة) ، د حامد سلطان، ص 182 183، وانظر أيضاً:(الشخصية الدولية) د كامل ياقوت، ص 238 وما بعدها.

(8)

انظر: (القانون الدولي) ، د حسني جابر، ص 39.

(9)

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: (كيف تقضي إذا عرض عليك قضاء،؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله (تعالى) ؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله) أخرجه أبو داود في الأقضية: 5/212 213، والترمذي في الأحكام: 4/556 557، والإمام أحمد: 5/230، وصححه عدد من العلماء، وتلقوه بالقبول، انظر بالتفصيل:(المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر) للزركشي: ص 63 65، (تلخيص الحبير) لابن حجر: 4/182 183.

(10)

انظر: (أحكام القانون الدولي) ، ص183.

(11)

انظر: (الموافقات) للشاطبي: 2/8 25.

(12)

في الشريعة الإسلامية علم قائم بذاته تدرس فيه مصادر التشريع ومناهج الاستنباط، وهوعلم أصول الفقه، مما تضاهي به الشريعة الإسلامية؛ لما فيه من دقة ومنهجية وقواعد، ولذلك لا نرى محلاً هنا لدراسة مصادر القانون الدولي بالتفصيل، لأنها هي نفسها مصادر التشريع الإسلامي التي أومأت إليها.

(13)

انظر: (الإحكام في أصول الأحكام) للآمدي: 1/236 238، (أصول الفقه) للشيخ محمد أبو زهرة، ص 208 211.

(14)

هذه المصادر التشريعية خصص لها الشيخ عبد الوهاب خلاف رحمه الله كتاباً قائماً بذاته فصل فيه القول في مدى حجيتها وهو (مصادر التشريع فيما لا نص فيه) ، وللدكتور عبد العزيز الربيعة كتاب (دلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها) .

(15)

(ميثاق الأمم والشعوب) ، ص5، وانظر:(دولة الإسلام والعالم) د حميد الله، ص 42 61، وجدير بالملاحظة: أن بعض الكتاب قابل مصادر القانون الدولي الإسلامي بمصادر القانون الدولي الحديث، ولحظ تشابهاً بين النصوص كمصدر للقانون الدولي الحديث ومصادر التشريع الإسلامي الأصلية وهي القرآن والسنة وجعل بعضهم السنة النبوية مرادفة للأعراف العربية والعادات القبلية، وهذا منهج خطير وخلط كبير؛ حيث جعلوا السنة والنصوص الشرعية بمستوى العادات وأقوال البشر وأحكامهم ومواثيقهم الدولية، وقدسبق آنفاً في الكلام على خصائص مصادر الأحكام الدولية في الإسلام ما يرد على ذلك وانظر:(الحرب والسلم في شرعة الإسلام) د مجيد خدوري، ص 72.

(16)

انظر: (القانون الدولي) د حامد سلطان، ص 19 23.

(17)

أخرجه الإمام محمد بن الحسن الشيباني في (السير) من كتاب الأصل، ص 93، وفي (السير الكبير) : 1/38 39 بشرح السرخسي، والحديث أخرجه الإمام مسلم في الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم.

(18)

لحديث (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) أخرجه أبو داود في البيوع، باب الرجل يأخذ حقه: 5/185، والترمذي في البيوع، وانظر:(سلسلة الأحاديث الصحيحة) للألباني: 1/708 709.

(19)

أجمع العلماء على أن الكفار مخاطبون بالإيمان وأصول الدين، واختلفوا في تكليفهم بالفروع على مذاهب.

(20)

انظر: حكم القاضي (جُميع بن حاضر) بخروج الجيش المسلم من (سمرقند) ؛ لأنه فاجأ أهل البلدة وفتحها دون إنذار ودعوة في (فتوح البلدان) للبلاذري: 3/519، (تاريخ الطبري) : 6/567 568، (الكامل في التاريخ) لابن الأثير: 4/126 163.

(21)

انظر: (مصنفة النظم الإسلامية) ، ص 282 321.

(22)

قواعد الأحكام، 2/157 158.

(23)

(مجموعة بحوث فقهية) ، ص 19، (حاشية الشرقاوي على التحرير) : 2/468، وانظر:(الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام) للقرافي، ص 36 337.

(24)

أخرجه البخاري في الشروط، باب الشروط في الولاء: 8/326 وفي مواضع أخرى، وانظر:(شرح السير الكبير) ، 3/788.

(25)

(قواعد العلاقات الدولية) د جعفر عبد السلام، ص 91.

(26)

المحكم في اصطلاح الأصوليين: هو ما أحكم المراد به قطعاً، فلا يحتمل إلا وجهاً واحداً، أو هو ما دل على معناه الذي لا يقبل إبطالاً ولا تبديلاً بنفسه دلالة واضحة لايبقي معه احتمالاً للتأويل؛ كالآيات الدالة على وجود الخالق (سبحانه)، وكقوله:(الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة)(أخرجه أبو داود في الجهاد 3/ 380)، انظر:(الفصول في الأصول) للجصاص 3/73، و (أصول السرخسي) 1/165.

(27)

(قواعد العلاقات الدولية) ، ص 130.

(28)

انظر: (الشخصية الدولية) د محمد كامل ياقوت، ص 271 273، وراجع (القانون بين الأمم) فان دوجلان: 1/45، وما بعدها.

ص: 100

بريد البيان

وفاة (داعية) جليل:

أبو بكر بن عبده بن أبي بكر

لسان الصدق للدعاة الصالحين هو من علامات حسن الخاتمة، والشيخ

محمد بن عمر أحمد العمودي الذي توفي في 12 من رجب 1416هـ من الدعاة الذين كانت خاتمتهم بمذهب السلف الصالح، فقد كان في بداياته صوفيّاً لكنه اهتدى إلى المنهج الحق بعد قراءته لرسالة (كشف الشبهات) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله . درس (الشيخ) القرآن على معلمه أحمد المخزومي، والعلوم الشرعية على الشيخ محمد بن أمين العبيدي، وخلفه في التدريس، بالإضافة إلى الإمامة وإلقاء المواعظ.

كان يركز في تدريسه للأطفال على اللغة والنحو، وألف رسالتين، هما:

1-

دليل الصبيان إلى التعبير بلغة القرآن.

2-

قارب نقل الركاب إلى سفن الإعراب.

كما كان من آثاره:

1-

مدرسة الهدى في (شيلا) .

2-

مدرسة التوحيد في (متوندوفي) .

كما أوصى ببناء مركز لأهل السنة والجماعة على المنهج السلفي في (لامو)

بكينيا.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

ص: 110