الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نص شعري
ذكرى الخليل
شعر:د. عبد الرحمن بارود
أَلهبتْ لوعَةَ القلوبِ الخليلُ
…
فهي نارٌ من المآقِي تَسيلُ
يومُ (باروخَ) والسّجاجيدُ غرقى
…
في دمِ السّاجدينَ يومٌ مَهُولُ
عُجْ على مسجدٍ حناياهُ تَدْمَى
…
وأصِخْ للوجودِ ماذا يقولُ: [1]
في جبالِ الخليلِ للنّورِ بَحْرٌ
…
فيهِ تَشْفى الأرواحُ وهو عليلُ
أمْرَضَتْهُ أفعى من الصّمِّ صِلّ [2]
…
ثمّ ألفٌ من الرؤوسِ ذيولُ
***
سَحَرتْ كلّ ساحرٍ في البرايا
…
البغيّ التي اسمُها راشيلُ
لَبِسَتْ جِلْدَ دَيَنَصُورٍ وشَبّتْ
…
فعلى نفسِها الحُواةُ تَبولُ
***
آهِ يا مسجدَ الخليلِ ومن حُمْ
…
ر النّوافيرِ فيكَ تَجري سُيولُ
شَقّ جنكيزُ في لُحومِ المصلِي
…
نَ طريقاً.. لكيْ يَمُرّ المغولُ
صُوّمٌ.. قُوّمٌ.. ضُيوفُ مليكٍ
…
بيتُه للمسافرِينَ سبيلُ
ما تَهَنّوْا برشفةٍ مِنْ رَحيقٍ
…
كلّ مالِ الوجودِ فيها قليلُ
إذ تَِفّ [3] الأرواحُ فجراً.. وكالأم
…
واجِ في الرِّيحِ يَهْدِرُ التنزيلُ
جنّةٌ حُوِّلتْ بنيرونَ ناراً
…
وحياةٌ فيها المنايا تجولُ
أطلقتْها صُهيونُ مجزرةً حَمْ
…
راء يَعْلُو صُراخُها والعويلُ
تَعْصِفُ الرِّيحُ والقلوبُ طيورٌ
…
نحو أوطانِها دعاها الرّحيلُ
تركبُ البِيدَ كلّما جَنّ ليلٌ
…
ولها من (بناتِ نعشٍ)[4] دليلُ
ثمّ بينَ الزيتونِ تهوي.. تِباعاً
…
والأحبّاءُ في الترابِ نزولُ
فهي بينَ القبورِ تمشِي الهُوَيْنَى
…
ولها كالمطوّقاتِ [5] هَدِيلُ
***
دَرَّ دُرُّ الخليل لو وزنوها
…
بالجبالِ الشّمِّ الرواسي تَميلُ
تطرحُ النومَ خَلْفَها وبَريقُ ال
…
فجرِ لمّا تنشقّ عنه السّدولُ [6]
عندما تصْدَح المآذن يَسْري
…
في شرايينها الحُداءُ الجميلُ
وبِالرَوْحِ الجِنان يَنْسابُ فيها
…
مِنْ بَساتينها النسيمُ العليلُ
تشْحَذُ السيف في انتظار (صلاح)
…
ولخيلِ الفتوحِ فيها صهيلِ
أنّ بينَ البحرينِ أرضاً حراماً
…
وطيوراً أحجارُها سِجّيلُ
في قِسِيِّ [7] الأقدارِ منّا سِهامٌ
…
من تُسَدّدْ إليهِ فهو قتيلُ
ولِسرْبِ النّسورِ فوق الثريّا
…
شَرَفٌ باذخٌ ومجْدٌ أثيِلُ
من طِراز الفتى (عمادِ بن عقلٍ)
…
الردّى تَحْتَهُ جوادٌ أصيلُ
طار ليلاً فَحَطّ نَسْرُ (ابْنِ عَيّا
…
شٍ) .. فطارتْ من اليهودِ العقولُ
في سويداءِ قَلْبِها أنْزَلَتْهُمْ
…
أمّةٌ أَطبقتْ عليها المُحولُ [8]
كبّرتْ والسّماءُ تهطلُ في القُدْ
…
سِ وقالتْ: الآنَ يَشْفى الغليلُ
ولنُمروذنا الغَشومِ ادّرَعْنا:
…
[حَسْبُنا الله وهو نِعمَ الوكيلُ]
كم مَصَصَتَ الدِّماءَ.. كالعَلَقِ الأسْ
…
ودِ.. جسمُ العملاقِ منه هزيلُ
وهتكْتَ الأعراضَ.. كلباً عقوراً
…
غابَ عنه التحريمُ والتحليلُ
وعجنتَ الترابَ بالناسِ عجناً
…
وضحايا (قانا) شهودٌ عُدولُ
أصبحَ ابْنُ المِرِّيخِ مِنْ أهلِ يافا
…
وابْنُ يافا هو الغريبُ الدّخيلُ
وجعلتَ الأذنابَ فينا رؤوساً
…
فعلى رأسِ كلِّ حُرٍّ عميلُ
أوَ هذا هو السّلامُ المرجّى؟
…
أيّ شيءٍ إذنْ هو المستحيلُ؟
سوفَ يهوي بكَ الجنونُ قريباً
…
في رحًي وَطْؤُها عليكَ ثقيلُ
***
في فلسطينَ.. يا فتى.. كلّ شِبْرٍ
…
بدماءٍ زكيةٍ مجبولُ
ولزيتونِها المباركِ.. في الأع
…
ماقِ.. عِرْقٌ بزمزمٍ موصولُ
ما إخالُ الحدودَ إلا سيوفاً
…
كلّها مِنْ قِرابِهِ مسلولُ
هلْ جبالُ الشامِ إلا ليوثٌ
…
رابضاتٌ.. بها تَحُفّ الشّبولُ؟
هل رأيتَ الجليلَ؟ كمْ أنتَ خَلا
…
ب -! ! وكمْ أنتَ شامخٌ يا جليلُ! !
يا خليلي
…
سَقْياً لحيفا ويافا
…
ولمرجِ ابن عامرٍ، يا خليلُ
يَنْثُرْ الدّرّ.. حيث شاءَ.. مَليكٌ
…
عَزّ.. في مُلكِهِ الذي لا يزولُ
وأنا ابنٌ لغزةٍ كم غَذَانِي
…
ونَمَاني.. لِبانُها المعسولُ [9] ! !
رَمْلُها يُنْبِتُ البطولةَ إنْ يَسْ
…
قُطْ رعيلٌ في الساحِ يَبْرُزْ رَعيلُ
نحنُ رحّالةٌ
…
قَصَدْنا مَليكاً
…
عَرْشُه فوقَ مُلْكِهِ محمولُ
اشترانا.. مِنّا.. فقلْنا: رَبِحْنا
…
لا نُقيلُ المولى ولا نستقيلُ [10]
وبهِ.. لا بِنا
…
نقارعُ جِنّاً
…
بَعْدَ إنسٍ لنا عليهمْ ذُحولُ [11]
نحن غُرّ محجلونَ غُزاةٌ
…
خَلْفَ غَازٍ لَهُ الجِهادُ سبيلُ
في ظِلالِ السيوفِ عَدْنٌ ورزقي
…
ها هُنا
…
تحت ظِلِّ رُمْحي يَقيلُ
***
جاء نُمروذُ راكباً.. فوق فِيل ٍ ليسَ تحميكَ يا جبانُ الفُيولُ
إنّ (عزّاً) يُحيلُ فِيلَكَ كَوْماً
…
من رمادٍ فعزّ.... عِزْرائيلُ
وإذا شَنّتِ الجماجمُ حرباً
…
فبماذا يُخَوّفُ المقتولُ؟ !
والذي خَطّهُ لكمْ ربّ موسى
…
في الكتابينِ ما له تبديلُ
(1) عُجْ: مِلْ أَصِخْ: استمع جيِداً.
(2)
الصِّلّ: حيّة من أخبث الحيات.
(3)
تَرِفّ: تُرفْرفُ.
(4)
بنات نعش: سبعة نجوم معروفة في السماء.
(5)
المطوّقات: الحَمَام.
(6)
السّدول: السّتَائر.
(7)
قَسِي: جمع قوس، وهو ما يرمى به.
(8)
المُحُول: جمع مَحْل، وهو القحط والشِّدّة.
(9)
اللِّبانُ: حليب الأم، المعْسُولُ: الممزوج بالعسل.
(10)
لا نَقِيل ولا نستقيل: لا نوافق على فسخ العقد، ولا نطلب نحن فسخه، الكلمتان من كلمات الأنصار في بيعة العقبة.
(11)
ذُحُولُ: جمع ذَحْل، وهو الثأر.