المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌واحة البيان نشرت مجلة (الرسالة) في عددها رقم 120 الصادر في - مجلة البيان - جـ ٦٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ ‌واحة البيان نشرت مجلة (الرسالة) في عددها رقم 120 الصادر في

‌واحة البيان

نشرت مجلة (الرسالة) في عددها رقم 120 الصادر في 23 من رجب

1354هـ الموافق 21 من أكتوبر 1935 - قصيدة لأمير الشعراء الراحل أحمد

شوقي وجهها لمراقب الصحف في (إسطنبول) :

مراقب الصحف بالآسِتَانة

لنا رقيب كان ما أثقله

الحمد لله الذي رحَّلهْ

لو ابتلى الله به عاشقاً

مات به لا بالجوى والولهْ

لو دام للصحف ودامت له

لم تنجُ منه الصحف المُنْزلةْ

إذا رأى الباطل غالى به

وإن بدا الحق له أبطلهْ

جرائد الترك على عهده

كانت بلا شأن ولا منزلةْ

الشر بالشر فيا قوم لا

إثم إذا راقبتمو منزلهْ

فحاصروا الأبواب واستوقفوا

مَن أخرج الزاد ومن أدخلهْ

إن كان في السلة تفاحةٌ

ضعوا له موضعها حنظلةْ

أو جيء بالشرشر [1] له فاملؤوا

مكانها من علقم جردلهْ

أو اشتهى الأبيض من ملبس

قولوا له الأسود ما أجملهْ

ذلك يا قوم جزاء امرئ

كم غيَّر الحق وكم بدلهْ

***

أين تعلمت هذه الكتابة؟ !

تلقى أحد الأدباء رسالة كُتبت بخط رديء فكتب لمرسلها ساخراً: أحد حروفك

طبل ممزق، والنقطة داخله بلاطة ثقيلة، والآخر حوش انهار سقفه، فلم يبقَ إلا

عمود يسند بقاياه، قل لي: كيف استطعت أن تحمله هذا الجلمود الثقيل؟ ، كل

سطر منك يشغل صفحة كاملة، الحرف كشجرة ممتدة الأغصان، وعملت فيها

فؤوس الحطَّابين، عجيب: أين تعلمت هذه الكتابة؟ !

****

فرّ زيتون من الجبن

قال خليل بن أيبك الصفدي في (الغيث المسجم في شرح لامية العجم) : كتب

القاضي محيي الدين عبد الله بن الظاهر: لما التقى الملك الظاهر مع (زيتون

الفرنجي) قريباً من عكا، هرب زيتون وأسر غالب مَن كان معه من الفرنج فجاء

في مجلة الكتاب: (وفرَّ زيتون من الجبن) !

****

المرأة والكتب

جاء في (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) لابن أبي أصيبعة، حدثني الشيخ

شديد الدين المنطقي بمصر، قال: كان الأمير ابن فاتك محباً لتحصيل العلوم،

وكانت له خزائن كتب، فكان في أكثر أوقاته إذا نزل من الركوب لا يغادرها،

وليس له دأب إلا المطالعة والكتابة، وكانت له زوجة كبيرة القدر من أرباب الدولة، فلما توفي رحمه الله نهضت هي وجواريها إلى خزائن كتبه، وفي جُلها من

الكتب، وأنه كان يشتغل بها عنها، فجعلت تندبه، وفي أثناء ذلك ترمي الكتب في

بركة ماء كبيرة في وسط الدار هي وجواريها، ثم أبلت الكتب بعد ذلك من الماء،

وقد غرق أكثرها، فهذا سبب أن كتب المبشر بن فاتك يوجد كثير منها وهو بهذه

الحال.

****

حتى متى أرقعك؟

قالت أسماء بن خارجة لجاريته: أخضبيني.

فقالت: حتى متى أرقعك؟ فقال:

عيرتني خلقاً أبليت جدته

وهل رأيت جديداً لم يعد خلِقاً

(1) عين معدِنية، مياهها حلوة صحية.

ص: 101

مقال

هكذا تذكرهم ذاكرة الشعوب

د. عبد الله عمر سلطان

بدون مبالغة أو تهويل مرت أحداث الصومال وأهواله لتضرب لي مثلاً آخر

على الكيفية التي أنفقت عليها القوى السياسية الإقليمية ومنابرها للتصدي للمتغيرات

الخاطفة التي تكاد تصيب المنطقة بالدوار، وقد تجلَّت تلك الكيفية حينما دخل إلى

أرض الصومال 30000 جندي من أفراد (المارينز) الأمريكيين، وكانت المواقف

المتولدة عن هذا التدخل غاية في التطابق لسابقاتها من الأحداث والأهوال، فالعالم

العربي والإسلامي قرر منذ الثاني من أغسطس عام 1990 أن يكون بمثابة العضلة

الآلية الصَّمَّاء التي تُستثار فتقذف الطاقة اللازمة للانتفاض قبل التفكير في الاتجاه أو

عواقب هذا التقلص الآلي.

احتُلت دولة مستقلة عدة أشهر، وبدا أن خط سير التدخل طويل المدى

ومتعرج المسار لا كما تخيل هتافة التدخل، أو المتخوفون من (أمركة) البلد ذي

النسبة الكاملة من المسلمين السُّنَّة..

أردت أن أكتب شيئاً عن التدخل، لا سيما وأن ظلاله بدأت تطير (شمالاً)

منذرة (بمناطق آمنة) .. فأدركت أن التصدي للوضع أعقد مما يحتمل مقال سريع، وأن الماء الذي في فمي يلجمني عن الحديث عن الظاهرة، والراصدين لها

والمتأثرين بها، وقررت هذه المرة أن أبسط الحديث عن ظاهرة وإحدة صاحبت

هذا (الغزو) ، وكنت قد أعددت العدة للحديث عنها قبل سنين حينما أُثيرت كقضية

شائكة على الساحة الأمريكية..، ففي عام 1987م سافرت وفود أمريكية شعبية إلى

فيتنام في محاولة منها لحل مشكلة جيل من اليافعين أطلق عليهم اسم (أمريكيي

فيتنام) .. أولئك كانوا أطفال السِّفَاح وشاهد الجريمة التي ارتكبها الجنود الأمريكيون

خلال الحرب في الهند الصينية.. كانت الأغلبية العظمى من أولئك من أبناء الزنى، ولا يتعدى الأبناء الشرعيون بضعة آلاف بين أكثر من 35000 طفل وشاب هو

مجموع نتاج الحضارة الأمريكية الزاحفة إلى مجاهل فيتنام..، وانطلقت الصحافة

الأمريكية ووسائل الإعلام الغربية تعرض جزءاً من المشهد الكالح.. وكيف تحولت

قرى بأكملها إلى فراش عُهر، وأن القاصرات كُنَّ هدفاً جماعياً لإغراء الدولار

الأخضر..، دُمرت أسر وهتكت أعراض وظهر جيش من الجراد البشري يذكّر

صباح مساء بالجريمة ومقترفيها من خلال المعالم والقسمات التي كانت تحكي عن

قصة حزينة جاءت بأولئك الذين لا يشبهون الفيتناميين ولا الأمريكان، إنهم أولاد (البين بين) كما يسميهم السكان المحليون..

(هكذا دخل الفاتحون من اليانكي) قالها شيخ فيتنامي عجوز، وأشار (لقد

أوجدوا مدناً ليس فيها إلا شيطان للشهوة يحكم ويعربد..) ويمضي العرض

التوثيقي فيبرز لنا (مدن الرذيلة) الشرق آسيوية، فلقد كانت بانكوك مدينة صغيرة

غارقة في أحلام وهموم أبنائها، حتى أتى الدولار الأخضر تحركه آلة بشرية

متوحشة، تبحث عن اللذة، وتدمر القيم، وفي سنوات قصيرة انقلبت بانكوك إلى

أكبر ماخور آسيوي وأخطر بيت للدبابير الوبائية في العالم.. وبالطبع كانت هناك

مدن أخرى كمانيلا وسنغافورة..

ربما تتساءلون ما علاقة الصومال بذلك؟ وأجيب: العلاقة ظاهرة لمن

يتذكر حادث الاعتداء على الفتاة الصومالية التي كانت) لا ترفِّه عن الفرقة الفرنسية

في مقديشو، والتي أفلتت من الموت بعد تدخل أهل (النخوة) من الجنود

الأمريكان لإنقاذها! .. وخوفي على الصومال زاد حين طُرحت المشكلة مرة

أخرى على نمط ما يحصل في الفلبين - حيث ينسحب الجنود الأمريكان من

قواعدهم العسكرية بعد عقود من التواجد الدائم - تفجرت مشكلة مشابهة حيث هناك

الآلاف من أطفال اللذة المحرمة الذين يرفض آباؤهم الاعتراف بهم ويتركونهم

يواجهون خطر الجوع والانحراف حيث أصبحوا مادة رائجة لتجار الانحراف في

العاصمة الفلبينية، لقد تعقدت المشكلة وتفاقمت لكن الذي بقي في ذهني من النقاش

حولها كلمة قالها (وحش بشري) من المارينز وهو متجهِّم: (يكفيهم شرف وجود

الدم الأمريكي بين أطفالهم..) ! .

هكذا

هكذا.. والآن.. ماذا عن الفاتحين الغازين من جنود أمريكا في

الصومال؟ ؟ (إنهم يتجهون إلى هنالك لأداء مهمة لا يعرفون لها هدفاً ولا

يتحمسون لنتائجها..) هكذا يقول (أرنست دلسوك) المعلق الأمريكي ويضيف: (مأساة الجندي الأمريكي أنه ينفذ الأوامر دون أن يحمل قضية بل ربما حمل

تناقضات مجتمعه إلى البلد المغزوّ..) .

ماذا وجد هؤلاء في الصومال المسلم؟ :

بعض الشهادات من الجنود والمعلقين الأمريكيين تقول إنهم وجدوا:

(أناساً فقراء، لكنهم أعزة) .

(الشرف والعِرض أغلى ما يملكه الصومالي ولو كان لصا..)

(مقديشو أكثر أمناً من شوارع واشنطن، في واشنطن هناك أباطرة

المخدرات وزعماؤها، وهنا أباطرة الحرب والسلب، والفريق الثاني أقل خطراً من

الأول..) .

أحداث لوس أنجلوس والصراع العرقي الصاعد في المدن الأمريكية أثَّر بدوره

على التعايش، وفتح أعين العديد من الجنود السود على عالم يخلو من التفرقة،

ويعيش رغم مأساته في ألفة، وبعيداً عن العنصرية التي تعشعش داخل المؤسسة

العسكرية الأمريكية، كما تقول مجلة (نيوز ويك)[1] .

(نظر أحد الجنود البِيض إلى زميله في اللون (والعقلية) وقال: (سأطلق

النار على أول أسود ابن (..) أشاهده) .

ما الذي يجمع بين فيتنام والفلبين والصومال وبين جندي المارينز الأمريكي

(الغازي) غير خيط رفيع يتمثل في عنصرية وبشاعة الرجل الأبيض الذي يثير هذه

العنصرية الفجة، خيط واضح كل الوضوح يجعله مسار السخط أينما حل وأينما

ارتحل حيث يعامل الآخرين من بني البشر بتعالٍ كريه ويتفضل عليهم حينما يلقي

بفضلاته على عرضهم وأرضهم التي يستبيحها.

الصومال فيه عرق إيمان سيظل نابضاً بحول الله. وهو حينما يرفض أن

يتحول إلى (لعبة سهام) أو (ساحة قنص بشري) أو (كباريه أمريكي) فإن أول تهمة ستُوجَّه له أنه: أصولي متطرف! !

خوفي على الصومال لا تطفئه إلا ثقتي باندحار كل حضارة تقدس القوة

وتحترف الرذيلة وتهلك الحرث والنسل، وهذا الاطمئنان يتأكد كلما ذكّرت البشرية

بنماذج الفاتحين الذين أحالوا الحرب إلى نموذج أخلاقي رفيع وفن في تبليغ دعوة

ورسالة.. هنا فقط تأتي المفارقة ساطعة كشمس الصومال المنيرة حينما تنتمي

الضحية إلى حضارة - وإن كانت مطمورة - بينما لا يحارب اليانكي (في قمة

صعود حضارته المادية الصماء) إلا بعضلاته وهي التي تسوقه إلى حتفه يوماً ما

سنراه قريباً.

(1) 3/1/1993.

ص: 102

مقال

التطرف الديني:

عبارة يُراد منها الإساءة إلى عقيدتنا

سليم عبد الرحمن الزغل

(التطرف الديني) المزعوم، هذا الاصطلاح الوافد إلينا من كل الجهات

يصبح اليوم الأب الروحي لغيره من الاصطلاحات التي لا زالت تدوِّي وتجلجل

وتقرع الأسماع وتصمّ الآذان (كالتشدد والتعصب والانغلاق والأصولية

والإرهاب..) ، في أجهزة الإعلام الرسمية وغير الرسمية، ومن الجدير بالذكر أن

اصطلاحاً كهذا ينصرف على الفور إلى الإسلام والمسلمين لمجرد سماعه من غير بذل أي جهد في التحليل والتمحيص؛ ذلك لأن الإشاعة التي برمجها أعداء هذا الدين في أروقة الاستخبارات التابعة للاستعمار - الكافر في الشرق والغرب - مدعومة بالجهود اليهودية والنصرانية - جعلت من هذا الاصطلاح تعبيراً بديلاً عن النشاط الإسلامي في أية بقعة من بقاع الدنيا.

يجب أن نستبعد استعمال اصطلاح (التطرف الديني) من إعلامنا وكتاباتنا

ونشراتنا؛ لأن هذا الاصطلاح لا يدل على موجود فضلاً عن أنه لا علاقة لنا به،

وهو عندما أُطلق للمرة الأولى أُطلق على غيرنا؛ فالله - جل ذكره - يقول عنا

نحن المسلمين: [وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ

الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً] [البقرة: 143] ، إننا نقف وسط الخط من غير إفراط ولا

تفريط، وعندما يطلق العالم الكافر هذا الاصطلاح علينا فإنه لا يطلقه على فرد في

المجتمع وإنما يرمي به جماعات ومجتمعات وحركات عريضة، وعلماء أجلاء

وقادة أفاضل، ورموزاً طاهرة قادت الأمة إلى الجهاد في الليل الحالك لترفع سيف

الاستعمار الآثم والصهيونية المجرمة والشيوعية المقبورة عن رقاب الأطفال

ولتصون أعراض المسلمات في كل بقاع الدنيا من عدوان الصهاينة والشيوعيين.

لقد أصبحنا في العالم الإسلامي المنكود نردد ما يقوله الغرب والشرق عنا من

التطرف والغلو والتشدد، ونستخدم مثل هذه المصطلحات ضد إخواننا وأبنائنا ممن

ساروا مع قافلة الصحوة، وتشبثوا بأهداب هذا الدين الحنيف، وما ذلك إلا تنفيذاً

لكل ما لقنته لنا الهيئات الاستعمارية حول كون تلك الحركات والجماعات

والمنظمات متطرفة متعصبة أصولية إرهابية، فسِرْنا وراءهم بحماس يفوق

حماسهم، سرنا وراءهم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، ولو دخلوا جحر ضب لدخلناه وراءهم، كما قال رسول هذه الأمة عليه الصلاة والسلام ..

قوافل الشباب المسلم والذين ألقي بهم في سجون الطغاة، وقُطِّعوا إرباً ارباً

وذاقوا من صنوف العذاب ما لا تتوهمه الأوهام، ودفن المئات منهم وهم أحياء،

وأعدم الكثير على أعواد المشانق، وفعلت ببعضهم الفاحشة، وقضى آلاف منهم

عشرات الأعوام في الأقبية والزنازين والسراديب المظلمة.. خرجوا بعدها إلى

الحياة لكي يجدوا أن الأبناء تشردوا، وأن الأسر قد تبعثرت بعد أن عبثت بها

الأيدي الآثمة، وحِيل بينهم وبين لقمة العيش الكريمة.. كل تلك الكؤوس المترعة

تجرَّعوها حتى الثمالة لا لذنب اقترفوه وإنما لأنهم قالوا: [رَبُّنَا اللَّهُ] [الحج:

40] ، وتنفيذاً لرغبات الأسياد في الشرق والغرب حصل ما حصل.

إننا نتساءل وبكل لغات العالم: مَن هو المتطرف.. الضحية أم الجلاد؟ ؟ !

ولماذا قامت الدنيا ولم تقعد في فرنسا لأن بعض التلميذات العربيات ارتدين

اللباس الإسلامي؟ ؟ وبدأ الإعلام الآثم يمارس سياسة التحريض ضد الإسلام

والمسلمين ويصورهم على أنهم وحوش هذا العالم وصار الخطاب عن التطرف

الإسلامي والإرهاب الديني، أين هو التطرف؟ ؟ إننا لم نشاهد هذا الزخم

الإعلامي ولم نرقب مثل هذه التحذيرات المرعبة، ولا طرقت أسماعنا بالأحاديث

المفزعة عن الإرهاب والتطرف والهمجية -وسكاكين الصرب لا زالت تخوض في

بحور الدماء في البوسنة والهرسك، إدارات المدارس والوزارات والحكومات

والهيئات الشعبية هناك، كلها وقفت تنادي بطرد العرب والمسلمين، واليهود

والنصارى دقوا الطبول لأن اللحن أعجبهم، الكل صار يهتف بنغْمة متناسقة تنادي

بوقف التطرف الديني، مَن هو المتطرف - بالله عليكم - التلميذات العربيات أم

الحاقدون عليهن من أعداء الإسلام؟ !

الصليبيون عندما احتلوا مدينة القدس ذبحوا كل أهلها عن بكرة أبيهم حتى

خاضت الخيل في بحور الدماء إلى بطونها، وعندما دخلها (صلاح الدين الأيوبي)

وحررها من النصارى وأهل الصليب أعطى أهلها الأمان وعاملهم معاملة الرجال

الكرماء. إنها وسطية الإسلام وتطرف الآخرين! !

الشعب الجزائري المسلم اختار الإسلام منهاجاً للحياة بالطريقة الديمقراطية

التي يتغنى بها الغرب، ولكن العلمانيين صادروا إرادة الشعب بقوة السلاح،

وفتحوا السجون ونصبوا المشانق. وإننا نتساءل: مَن هو المتطرف؟ ؟ !

يُحتقر الإنسان الأسود في أمريكا وتصل المعاملة في بعض الأحيان إلى حد

القتل لا لذنب سوى أن لونه أسود، ذلك هو التطرف، وتلك هي الجريمة

والإرهاب والهمجية في عالم يدعي الحضارة واحترام الإنسان! أما أولئك: الذين

يحاولون جاهدين السير بقانون الله في الناس فليسوا متطرفين، وإنما هم بررة

فضلاء أطهار زكاهم ربهم وأنِس إليهم الناس رغم الجهود المبذولة لعكس

الاصطلاحات وتجريم الأبرياء وتبرئة المجرمين!

إن هتلر - لسان حال ألمانيا النازية كان يقول وبصراحة -: (الشعوب

الشرقية يجب أن لا تعيش، وإذا قُدّر لها أن تعيش فيجب أن تُدرَّب كما تدرب

الكلاب الصغار) ! !

إنه التطرف.. وإنها العنصرية والحيوانية.. والهمجية والبهيمية، إنها

صفاتهم وأما نحن المسلمون فلا نقول إلا كما قال ربنا: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم

مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ

عَلِيمٌ خَبِيرٌ] [الحجرات: 13] ، إنه اعتدال المسلمين ووسطية الإسلام.

اليهود في فلسطين، والصرب في البلقان، والبوذيون في بورما، والهندوس

في الهند وكشمير، والأرمن في قره باغ، والشيوعيون في جمهوريات آسيا

الوسطى خصوصاً في تركمانستان وطاجيكستان، كل هذه الملل وغيرها تمارس

القتل والذبح والاغتصاب والتصفية العرقية، وكل ما هو محرم إنسانياً وحيوانياً،

يمارسون ذلك ضد المسلمين في طول الأرض وعرضها لا لشيء سوى أنهم

مسلمون - تحت مظلة الحماية التي توفرها لهم الأمم المتحدة - (الأمم المتحدة ضد

كل مما يمتّ إلى الإسلام بصلة) - ممثلة بالدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس

الأمن، والتي تشكل عصابة تروج للانحراف والجريمة، والتخطيط الآثم للاعتداء

على المسلمين وإذلالهم، وهتك أعراضهم والزج بهم في أتون الفضيحة الكبرى،

فقط لأنهم مسلمون! !

إذن مَن هم المتطرفرن دينياً؟ ؟ ولماذا يسكت العالم وسدنة النظام العالمي

الجديد؟ .

إن سكوت العالم يعتبر من أنواع التطرف الديني الخطر بل يعتبر تطرفاً

سافراً وعنصرية منحطة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً قط، عندما يُطلب من المسلمين

الانصياع - وبالعصا - لمقررات صِيغت بأقلام المستعمرين، وذُيلت بختم الأمم

المتحدة يُكافَأ اليهود والنصارى والهندوس والشيوعيون على قفزهم فوق مقررات

المنظمة الدولية! !

أما العلمانيون من بني جِلدتنا فإنهم لا يرون شيئاً في الإسلام يمكن أن يطلق

عليه اعتدالاً، فالإسلام والتطرف لديهم مترادفان أبداً، ونقول لهم ولأمثالهم:

كل ما عدا الإسلام هو تطرف وشطط ومروق من الفطرة، وأما أن يعمد

بعض أفراد المسلمين إلى المغالاة في تفسير بعض أحكام الدين فذلك ليس تطرفاً

بالمعنى الصحيح وإنما هو قصور في الفهم، فقصور الفهم لدى المسلم كالعالِم إذا

كان عاجزاً، كلاهما قد يسيء إلى هذا الدين من حيث يدري أو لا يدري، ورحم

الله الشهيد عبد القادر عودة عندما كتب: (ضاع الإسلام بين جهل أبنائه وعجز

علمائه) .

[وَاللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ][الأحزاب: 4] .

ص: 106