المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كشميرأليس لهذا الليل من آخر؟ !(2) - مجلة البيان - جـ ٦٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌كشميرأليس لهذا الليل من آخر؟ !(2)

المسلمون والعالم

‌كشمير

أليس لهذا الليل من آخر؟ !

(2)

د.يوسف الصغير

المسلمون والأمم المتحدة:

أصدر مجلس الأمن القرارات الكثيرة التي تدعو إلى إعطاء شعب كشمير

حرية الاختيار [1] ووافقت باكستان وكذلك أظهرت الهند موافقتها وادعت أنها

ستقوم بإجراء استفتاء عند استتباب الأمن، وأن ضمها لكشمير إنما هو ضم مؤقت، ولكن أفعال الهند تناقض أقوالها، فقد استمرت في تدعيم وجودها في الجزء

المحتل من كشمير، وتم تعيين الشيخ عبد الله في منصب رئيس الوزراء في الولاية

من جديد بدعم من صديقه نهرو، وتم إجراء انتخابات صورية سنة 1952م؛ حيث

جرى لاقتراع اثنين فقط من بين 75 مقعداً أما الباقون فقد فازوا بالتزكية من حزب

الشيخ عبد الله (المؤتمر الوطني لعموم جامو وكشمير) وقام هؤلاء العملاء بإعلان

انضمامهم للهند بصورة هزلية، وهنا بدأ الخطاب الهندي يتغير حتى أعلن وزير

الداخلية الهندي عام 1965م أن ضم كشمير (أمر نهائي وكامل ولا عودة عنه) ؛

فقامت الثورة وقام الجيش الهندي باتخاذ ذلك ذريعة للهجوم على باكستان. واشتعلت

الحرب الثانية بين الهند وباكستان، وتمت هزيمة الجيش الهندي، وتدخلت روسيا

بالوساطة وعُقد مؤتمر في طشقند تم فيه تحويل انتصار باكستان العسكري إلى

هزيمة ديبلوماسية بتثبيت الأوضاع كما كانت عليه قبل الأحداث الأخيرة، وبدأت

الهند باتباع سياسة جديدة في كشمير قائمة على تقوية مركزها العسكري في الولاية

إضافة إلى محاولة طمس الإسلام، ومن أهم أساليبهم ما يلي:

1 -

تغيير المنهج التعليمي في المدارس الحكومية وإيقاف تدريس القرآن

الكريم والحديث الشريف وإدخال اللغة الهندية كلغة إجبارية.

2-

نشر الإباحية والفساد الخلقي في المعاهد والكليات والجامعات..

3-

محاربة الحجاب والدعوة إلى الاختلاط.

4-

تشجيع الزواج بين المسلمين والهندوس.

5-

منع ذبح البقر.

6-

إباحة الخمر.

7-

تأسيس دور السينما والملاهي الليلية.

8-

منع تعدد الزوجات وتنفيذ برامج تحديد النسل.

9-

تشجيع الهندوس على الاستيطان في كشمير في سبيل تغيير تركيبة

السكان.

وهكذا مرت السنون ومجلس الأمن يصدر القرارات بينما الهند مستمرة في

فرض الأمر الواقع وتعرض المسلمين للبطش والتنكيل بصورة دورية، وإزاء ذلك

كانت ردة الفعل - إضافة للانتفاضات المستمرة - بتكوين جمعيات إسلامية تعليمية

تربوية تمثل نشاطها في الآتي:

1-

إنشاء المدارس والكليات الإسلامية والتي تخرج منها جيل جديد يحمل

عقيدة التوحيد، ومنها الكلية السلفية في وسط العاصمة التي أقامتها جمعية أهل

الحديث عام 1397هـ.

2-

نشر الدعوة الإسلامية من خلال الندوات والمؤتمرات والاجتماعات

وإصدار المجلات.

وكان عام 1988م بداية عهد جديد من الجهاد فقد بدأت انتفاضة تحولت في

عام 1990م إلى حركة جماهيرية برزت فيها الجماعات الإسلامية.

التنظيمات والأحزاب:

ذكرنا سابقاً أن هناك حزبين رئيسيين أولهما: حزب (المؤتمر الإسلامي)

والذي كان يؤيد الانضمام إلى باكستان وكان له دور في تكوين كشمير الحرة التي

تمثل ثلث مساحة كشمير الأصلية وترتبط بباكستان مع حكم ذاتي وتشكل الآن

القاعدة الرئيسية لتدريب وتسليح المجاهدين.

أما الثاني: فهو حزب (المؤتمر الوطني) بقيادة الشيخ عبد الله الملقب بأسد

كشمير، وكان شعار الحزب (اخرجوا من كشمير) ويبدو من تصرفات زعيم

الحزب أنه يريد أن يكون زعيم كشمير المستقلة، وإذا لم يحصل ذلك فلا مانع عنده

من أن يتولى إدارة كشمير بالتعاون مع الهند أما الأمر المرفوض لديه فهو الانضمام

إلى باكستان ولهذا نجد أنه تارة يُظهر العداء لحكم الهندوس ويدخل السجن ولكن

عندما يثور المسلمون فإنه يتعاون مع الهندوس ويتولى الحكم باسمهم ولكنهم لا

يثقون به ولهذا فإنه يتعرض للسجن والإبعاد عندما تستقر الأمور ثم يخرج من

السجن ليتولى رئاسة الحكومة من جديد في الحالات الطارئة، وقد حصل هذا عدة

مرات ومات الرجل في السبعينيات وهو رئيس للوزاء وقد تجاوز السبعين عاماً،

ولكنه كان حريصاً على إبعاد كشمير عن باكستان، وقد استغلت الهند أباه كما

حاولت استغلال ابنه فاروق ولكن المجاهدين أمروه بمغادرة كشمير وإلا سيكون

مصيره الاغتيال فهرب واستقر في أوربا.

تتنازع الساحة الكشميرية الآن ثلاثة تيارات هي:

أولاً: تيار علماني صغير يدعو للانضمام إلى الهند.

ثانياً: تيار يدعو للاستقلال التام والانفصال عن الهند وباكستان ومن هذا

الاتجاه حركة تحرير جامو وكشمير J. K. L. F. وهي حركة وطنية تهدف

إلى إقامة دولة مستقلة وعلمانية، وكانت في السابق تنفرد في المقاومة العسكرية

للوجود الهندي، وبالتالي هي التي حظيت بالدعم من باكستان حتى أواخر

الثمانينيات حيث خف تأييد باكستان نظراً لظهور الأحزاب الإسلامية على الساحة،

وكما يقول مؤسس الجبهة أمان الله خان: (حين أوجد الباكستانيون بدائل مثل حزب

المجاهدين أداروا ظهورهم لنا) ، وفي الفترة الأخيرة قام مقاتلو الجبهة بمهاجمة

قواعد المجاهدين في المدينة القديمة من سريناغار واستمر القتال عدة أيام ثم ساروا

بمظاهرات في الشوارع وهم يصرخون (الموت لباكستان) ! وقد وقفت القوات

الهندية موقف المتفرج.

ثالثاً: حزب المجاهدين وهو أكبر القوى العسكرية على الساحة وينضوي مع

تجمعات إسلامية أخرى في الاتحاد الإسلامي لمجاهدي كشمير ويدعو الحزب إلى

خروج الهنود والانضمام إلى باكستان وقد بدأ نشاط الحزب بقوة منذ عام 1990م،

ويحظى بدعم الحركة الإسلامية في كشمير الحرة وقد استعد الحزب للعمليات عن

طريق إرسال الآلاف من الشباب إلى كشمير الحرة بالإضافة إلى أعداد كبيرة

شاركت في الجهاد في أفغانستان؛ حيث إن الجهاد الأفغاني هو أكبر عوامل انطلاق

الجهاد في كشمير، حيث إنه إذا كان طرد الروس ممكناً فَلِمَ يكون طرد الهندوس

مستحيلاً. ومنذ يناير 1990م اشتعلت الانتفاضة في كشمير ونزل مئات الآلاف من

المسلمين إلى شوارع العاصمة مطالبين بالحرية فقابلهم الهنود بالرصاص، وفي

الأشهر التالية اعتقل الآلاف وكانت عمليات القتل والاغتصاب وحرق المنازل

والمتاجر من قِبَل قوات الهندوس من الأمور الروتينية، وفر الآلاف من الشباب إلى

كشمير الحرة سعياً وراء السلاح والتدريب، وكما يذكر الأستاذ غلام صفي أمير

حزب المجاهدين فإن هناك تنسيقاً تاماً بين الحركة الإسلامية في ولاية جامو

وكشمير الحرة وبين الاتحاد الإسلامي لمجاهدي كشمير حيث إن الاتحاد الإسلامي

يقوم بترشيح الشباب المسلم للتدريب العسكري بينما تقوم الحركة الإسلامية بتدريبهم

عسكرياً، وتزويدهم بالسلاح، ويذكر أن حوالي خمسين ألفاً من الشباب وصلوا إلى

كشمير الحرة خلال السنتين الماضيتين عابرين الحدود سراً عبر الجبال الثلجية وقد

استشهد منهم حوالي 3000 وجرح 400، وتم تدريب حوالي 40000 شاب ويوجد

هناك مراكز تدريب داخل كشمير.

مراحل الجهاد:

لقد ركز المجاهدون من البداية على محو آثار الاستعمار الهندي فتم إغلاق

مراكز الفاحشة والمخدرات ومحلات بيع الخمور والملاهي الليلية، وجميع مراكز

الفساد الخلقي، وعادت النساء إلى ارتداء الحجاب، ثم تواصل الجهاد ضد الجيش

الهندي وبلغت خسائر الجيش الهندي حوالي أحد عشر ألف قتيل، وتمت ملاحقة

وتصفية عملاء الهندوس، وسارع الكثير ممن بقي منهم إلى إعلان قطع علاقاتهم

مع الاستعمار على صفحات الجرائد، أما تضحيات الشعب المسلم فبلغت حتى الآن

ثلاثين ألف شهيد، وأكثر من تسعين ألف معتقل، وحتى نتصور جهود الهندوس

في مواجهة المجاهدين فإن تعداد الجيش الهندي المرابط في كشمير يزيد على 400

ألف عدا قوات الشرطة والقوات الحدودية، مع ذلك فإن الحكومة الهندية فشلت في

تكوين حكومة في الولاية فهي تجد الحكم المباشر من دلهي ولا يوجد سلطة مدنية في

الولاية، وقد نصحت الاستخبارات الهندية الحكومة أن تنقل الإدارات العسكرية

والمراكز التقنية من الولاية؛ لأن الحركة قد تعدت مرحلة إمكانية التحكم. فالذي

يحكم هو الاتحاد الإسلامي للمجاهدين، ففي مدينة بارامولله شمالي سريناغار يقسم

نهر جيلوم المدينة نصفين، فعلى الضفة الجنوبية يوجد البازار الجديد (السوق)

والمباني الإدراية ومواقع عسكرية، أما المدينة القديمة على الضفة الشمالية،

فيسيطر عليها المجاهدون، ولا يدخلها الجيش إلا في حملات تفتيش دورية، أما ما

عدا ذلك فإن قوات الأمن تبقى خارج المنطقة تماماً.

مستقبل الجهاد:

إن ما يجري في كشمير هو حلقة من حلقات الصراع الدامي بين المسلمين

والهندوس، وقد حرص الإنجليز على تسليم السلطة للهندوس، ولما تبينت استحالة

ذلك تم تقسيم الهند إلى قسمين هما هندوستان (الهند) وباكستان، وخرجت الهند

بنصيب الأسد من الجيش والصناعات والموارد، أما باكستان فقد ولدت ضعيفة

مشتتة حيث إنها كانت جزئين: الأول باكستان الغربية والثاني باكستان الشرقية،

وكان هدف الهند منذ البداية تدمير باكستان؛ فدارت رحى الحرب بينهما عام

1947م وعام 1965م وعام 1971م؛ حيث تمكنت من تقسيم باكستان إلى جزئين

هما باكستان وبنغلاديش وذلك هو أكبر انتصار للهند، حيث إنه تم استبعاد

بنغلاديش من خارطة القوى المؤثرة، وبقيت باكستان الغربية وحدها تواجه التحدي

الهندوسي وخلال الصراع نلاحظ الآتي:

1-

أنتج الحكم في باكستان سياسة موالية للغرب ومع ذلك فإنه يتعرض

لضغوط شديدة لعرقلة تقدم باكستان في المجال العسكري وخاصة النووي.

2-

كانت الهند تدعي عدم الانحياز (الحياد الإيجابي) ؛ فاستفادت من تنافس

الغرب والشرق على كسب وُدها، فأقام الروس صناعات عسكرية متطورة،

وأمدت كندا الهند بالتقنية النووية حتى أتمت بنجاح تفجير قنبلة ذرية في أوائل

السبعينات، وهي تحاول الآن تطوير نظام صواريخ بعيدة المدى، ومع ذلك لا

نسمع الغرب يتحدث عن البرنامج النووي الهندي.

3-

كان الغرب ينتهز أية فرصة لتقوية الهند، فمثلاً قامت أميركا وبريطانيا

بتزويد الهند بكميات كبيرة من السلاح أيام أزمة الحدود مع الصين على الرغم من

أن هذه الأسلحة استُعملت أساساً ضد باكستان فيما بعد.

4-

العلاقات المتميزة بين الهند و (إسرائيل) ، وقد تمكن المجاهدون في

كشمير من أسْر مجموعة من عملاء الموساد الإسرائيليين، كما تم في بيشاور

اعتقال ثلاثة من اليهود المغاربة الذين يحملون جوازات فرنسية لقيامهم بنشاط

تجسسي.

5-

تجاهل الغرب لمأساة المسلمين في كشمير، أما روسيا فقد استعملت الفيتو

في مجلس الأمن لمنع إدانة الهند.

6-

تخوف الغرب والشرق من البُعد الإسلامي في الصراع، فبينما كانت

أمريكا تتبنى عملية تسليح وتدريب المجاهدين في أفغانستان، سارعت أمريكا إلى

وضع حليفتها باكستان في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب نظراً لوجود المجاهدين

العرب في أراضيها، وتخوفها من انتقالهم إلى كشمير خاصة، وقد استشهد أحد

المجاهدين العرب في إحدى عمليات المجاهدين في عاصمة كشمير.

7-

الحرص على عدم إقامة دولة إسلامية في باكستان، وهذا كان واضحاً في

أول يوم؛ فقد حُكم على أبي الأعلى المودودي رحمه الله بالإعدام وسجن مراراً

لمطالبته بإقامة الدولة الإسلامية التي بذلت في سبيلها مئات الألوف من الأنفس،

وتتابع على الحكم الإسماعيلية والرافضة. ولا يغيب عنا دعم الغرب القوي لبي

نظير بوتو (الرافضية) والظروف الغامضة التي قُتل فيها ضياء الحق.

8-

إبراز الهند كقوة إقليمية رئيسية والسماح لها بالتدخل في محيطها مثل

تدخلها في سري لانكا وموريشيوس.

ويمكن تصور ثلاثة مواقف محتملة للهند في سبيل حل مشكلة كشمير:

الأول: محاولة تكوين حكومة مرتبطة بدلهي مع تمتعها بالحكم الذاتي

وإشراف دلهي على الأمن والدفاع والخارجية، ويقابل هذا بالرفض من قِبَل

المجاهدين.

الثاني: إلقاء تبعة الصراع على باكستان، وبالتالي التحرش بها ومحاولة

غزوها، وهذا احتمال وارد ولكن نتائجه غير مضمونة نظراً لاحتمال وجود ترسانة

نووية لدى باكستان.

الثالث: السماح باستقلال كشمير بشرط عدم الانضمام إلى باكستان وهو

احتمال وارد.

ولكن تزايد موجة التطرف الهندوسي في الهند قد يرجِّح الاحتمالين الأول أو

الثاني خاصة بالنظر إلى مطالبة السيخ بالاستقلال. والذي يبدو أن استقرار الحكم

الهندي في كشمير أمر مستبعد، والهند غير قادرة على حرب استنزاف طويلة الأمد، وستحاول بقدر جهدها إثارة القلاقل والنزعات الانفصالية في باكستان حتى يخف

تأييد باكستان للمجاهدين، فهل تصمد باكستان في وجه الضغوط، وتعرف أن

كشمير هي أكبر ورقة رابحة لها في صراعها مع الهند، وأن الهند معرضة للتشرذم

إذا حلت باكستان راية الإسلام؛ حيث إن حوالي مئة مليون مسلم في الهند يمكن أن

يقلبوا الموازين رأساً على عقب. أما إذا استمرت سياسة الملاينة فإن الهند ستمضي

في خطتها لاستكمال تحطيم باكستان وبالتالي القضاء على آمال المسلمين في كشمير.

(1) * 21 من نيسان سنة 1948م: (تود كل من الهند وباكستان أن يتقرر مصير جامو وكشمير بإجراء استفتاء حر نزيه فيها) * 23 من آب سنة 1948م: " من المؤكد أن تقرير ولايتي جامو وكثممير لا يتم إلا وفق رغبة الشعب الكشميري الحر " * 5 من كانون الثاني سنة 1949م: " إن كلتا الحكومتين تعترف بوجوب تقرير مصير كشمير بإجراء استفتاء حر محايد بطريق ديمقراطية سلمية " * 13 من كانون الأول 1952م: " وإن مجلس الأمن ليعيد قراره السابق الذي وافقت عليه كل من الهند وباكستان والذي يقضي باجراء الاستفتاء العام الحر المحايد في كشمير " * 16 من تشرين الثاني 1957م: " تسلم الحكومتان - الهند وباكستان - بما اتُّخذ في 13 من آب 1948م و5 من كانون الثاني 1949 من قرارات بشأن إجراء الاستفتاء الحر والمحايد في ولايتي جامو وكشمير ".

ص: 76

مقابلة

أمين مكتب الإعلام

في حركة الجهاد الإسلامي الإريتري

يتحدث إلى (البيان)

د. مالك الأحمد

أجرى الدكتور مالك الأحمد مندوب مجلة (البيان) مقابلة مع الأخ آدم

إسماعيل أمين مكتب الإعلام في حركة الجهاد الإسلامي الإريتري ودارت المقابلة

حول الوضع العام على الساحة الإريترية.

* حبذا لو عرفتم قراء مجلة (البيان) بإريتريا وأهميتها وسكانها؟ .

تقع إريتريا في أقصى الساحل الغربي للبحر الأحمر جنوباً، وتعتبر بوابته

الرئيسية، ويحدها السودان غرباً وأثيوبيا جنوباً. ولهذا الموقع أهمية بالغة لأنها

تعتبر جزءاً من القرن الإفريقي وبوابة شرق إفريقية، فضلاً عن قربها من

المقدسات الإسلامية ومنابع البترول، وأغلب السكان مسلمون، واللغة العربية

أساسية عندهم، وهناك قلة من النصارى والوثنيين. وقد دخلها الإسلام مبكراً من

الهجرات الأولى للصحابة، وكانت منطلقاً لنشر الإسلام في إفريقية.

* كيف وقعت إريتريا فريسة للاستعمار وأصبحت جزءاً من الإمبراطورية

الحبشية؟

كانت إريتريا جزءاً من الخلافة الإسلامية حتى نهاية القرن التاسع عشر حيث

ضعفت الخلافة فوقعت البلاد بأيدي الاستعمار الإيطالي الذي سعى لنشر النصرانية

في البلاد، وبعد الحرب العالمية الثانية وانهزام إيطاليا حل الاستعمار البريطاني

محله وفرضت الدول الغربية في عام 1950م الفيدرالية؛ حتى ضُمَّتْ إريتريا

المسلمة لأثيوبيا النصرانية، وقام هيلاسيلاسي باضطهاد المسلمين وإلحاق البلاد

بأثيوبيا متعاوناً مع نصارى إريتريا الذين كان لهم دور هام في ذلك مما أثمر

انتفاضات شعبية إريترية أعقبها قيام جبهة التحرير الإريترية التي تسعى لاستقلال

إريتريا.

* كيف برزت الجبهة الشعبية وسيطرت على مقاليد الأمور في البلاد؟ .

في بداية السبعينيات طغت الصراعات الحزبية، وانحرفت جبهة التحرير عن

مسارها، ودخل العلمانيون فيها مما أثمر عدة تنظيمات أبرزها وأقواها الجبهة

الشعبية التي انفردت بالساحة بعد تصفيات ومعارك مع التنظيمات الأخرى،

وسيطر النصارى على مقاليد الجبهة الشعبية وعلى رأسها أسياس أفورقي، وسعى

لتخريب البلاد وإفسادها وإذلال المسلمين ومحاربة دينهم وتجنيد الفتيات ونشر

الرذيلة.

* كيف تأسست حركة الجهاد الإسلامي الإريتري؟ .

بعد أن خلت الساحة للجبهة الشعبية الصليبية التوجه، والتي أصبحت رديفاً

للعدو الأثيوبي في معاناة الشعب الأثيوبي - سعى المسلمون ووحدوا صفوفهم

وأعلنوا ميلاد حركة الجهاد عام 1409هـ لحماية المسلمين وأعراضهم ورد الظلم

عنهم، ومواجهة الجبهة الشعبية ابتداءً ثم العدو الأثيوبي لاحقاً، وبحمد الله فقد

حققت الحركة الكثير من الإنجازات خلال الأعوام السابقة سواء في الجوانب

الدعوية أو الجهادية ضد الجبهة الشعبية.

* ما هو منهج حركة الجهاد؟

تتبع حركة الجهاد المنهج الإسلامي كما هو في الكتاب والسنة، وعلى فهم

السلف الصالح وعقيدتها سلفية بحمد الله، وتؤمن بأهمية التربية الشاملة للمسلم كي

يؤدي دوره في الحياة وتسعى الحركة لإقامة دين الله مستخدمة الوسائل الممكنة ومنها

الجهاد في سبيل الله.

* ما هي أوضاع إريتريا الحالية وهل استقلت؟ .

عندما ضعف (منغستو هيلا مريام) وفشل في تنفيذ الدور المطلوب،

ضغطت الدول الغربية والعرَّابان: كارتر وكوهين، وتم الاتفاق على تنازله عن

السلطة (1991م) . وتسلمت الجبهة الشعبية السلطة في إريتريا والجبهة المتسلطة

في أثيوبيا، وهما جبهتان نصرانيتان متحالفتان ضد المسلمين، وأعلنت الجبهة

الشعبية أنها ستقوم باستفتاء شعبي حول الاستقلال (رغم أن هدف الجبهة المعلن هو

الاستقلال) .

* ما هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحالي في البلد بعد سيطرة الجبهة

الشعبية؟ .

الوضع متدهور على كافة الأصعدة، فاقتصادياً هناك فقر شديد بسبب سياسات

الجبهة وإقصائها للتجار، كذلك الوضع سيء للغاية اجتماعيا؛ فالفساد الإداري

يضرب أطنابه في البلاد، وهياكل الدولة مهترئة مما شجع اللاجئين على عدم

العودة إلى بلادهم، بل اضطر بعض الناس للهجرة ثانية بعدما رأوا سوء الأوضاع.

* هناك أخبار عن دور خبيث للجبهة ضد المسلمين داخل البلاد؟ .

هذا الأمر واضح للعيان، فمحاربة الجبهة للإسلام تتم على كافة الأصعدة في

الإعلام، والمدارس، والقوانين، وكذلك نشر الفساد الأخلاقي كالبارات وبيوت

الدعارة، وإثارة النعرات القبلية، وتوزيع أراضي المسلمين على النصارى

لاستثمارها، وتسهيل تجنيس النصارى من (التغراي) وأثيوبيا لتغيير التركيبة

السكانية بحيث تتحول الأكثرية إلى نصارى فضلاً عن إحلال (اللغة التغرانية) محل

العربية كلغة رسمية في البلاد.

* ما هو الوضع السياسي العام في إريتريا الآن؟ .

الحاكم الآن في البلاد هو الجبهة الشعبية بمشاركة بسيطة وغير مؤثرة من

التنظيمات العلمانية الأخرى، وعلقت استقلال البلاد باستفتاء شعبي، وربطت البلد

بأثيوبيا تماماً وأطلقت لها حرية التصرف في ميناء مصوِّع الحيوي لإمدادها

بحاجاتها.

* على الصعيد العربى والإسلامي ما هي علاقات النظام الحاكم الآن بهذه

الدول؟ .

تنكرت الجبهة الشعبية للدول العربية التي ساندتها سنين طويلة وأمدتها بالدعم، بل وأصبحت تعاديها جهاراً وتسبها بالإذاعة وتنفي صلة البلد بالعروبة والإسلام

كاشفة وجه الجبهة الشعبية الصليبي..

* هل لكم أن تحدثونا عن العلاقات اليهودية مع نظام الجبهة الشعبية؟ .

علاقات الجبهة مع اليهود أصبحت معلومة ومكشوفة، وهي تبررها بأن وجود

علاقات طبيعية بين بعض الدول العربية (مصر) مع كيان (إسرائيل) مبرر كافٍ

لأن تقوم هي بذلك، والحقيقة أن مبعث هذه العلاقة هو الخطر الإسلامى المشترك،

وإريتريا مدخل البحر الأحمر وبالتالي تحولها إلى منطقة إسلامية صرفة يهدد أمن

دويلة (إسرائيل) ؛ لذلك قامت دويلة (إسرائيل) باستئجار جزر (دهلك) في مدخل البحر الأحمر حيث موقعها الاستراتيجي، وبدأت في إقامة مطار عسكري على أعلى هضبة تطل على البحر الأحمر؛ حيث الموقع الحساس والخطير، وزارها أسياس أفورقي بدعوى العلاج للتمويه والتضليل واستقبلت مجموعة كبيرة من المتدربين وأرسلت خبراء لمعاونة الجبهة في قمع (الإرهاب) .

* هل للجبهة الحاكمة توجه صليبي بارز في المنطقة؟ .

نعم وهي تعمل جاهدة لتوطيد النصرانية في المنطقة، وفتحت الباب على

مصراعيه للمنظمات التبشيرية التنصيرية (80 منظمة) في الوقت الذي منعت جهود

منظمات الإغاثة الإسلامية، وتقوم باستقدام النصارى من المناطق المجاورة

وتعطيهم الأراضي والقروض لتوطينهم، كذلك تقوم باعطاء المناصب الحساسة

للنصارى، وتضغط على المسلمين كي تضطرهم لترك البلاد، وتنسق بقوة مع

نصارى أثيوبيا؛ حيث العمق الصليبي وتتعاون مع أجهزة الاستخبارات الغربية

وتقدم لهم المعلومات وتحصل منهم على المساعدات الاقتصادية للتمكن من السيطرة

على البلد بالقوة.

* علاقة الجبهة مع السودان محل تساؤل واستغراب فما تفسيركم لهذه

العلاقة؟.

العلاقة بين السودان والجبهة الشعبية - في الأساس - علاقة مصالح مشتركة، فالسودان يعاني من ضغوط (قرنق) والذي استفاد كثيراً من أثيوبيا وكذلك إريتريا

كمنطلق لتحركاته العسكرية، فاتفق السوادن مع إريتريا وأثيوبيا بعدم تقديم أي من

الجهات دعماً لجهات معارضة، ومن هذا المنطق ضغط السودان على حركة الجهاد

كي تخرج من السودان تنفيذاً لهذا الاتفاق، ولا شك أن الإخوة في السودان أخطؤوا

التقدير، فبينما لا يرتدع النصارى عن نقض الاتفاقات يقع الظلم على المسلمين

الإريتريين، ويظهر أن تقدير السودان في أن يحتوي الجبهة وينشر الإسلام في

إريتريا سلمياً كان في غير محله، حيث كشرت الجبهة عن أنيابها الصليبية وقاومت

كل الجهود الإسلامية، بل حدث أنها طردت سفير السودان لأنه أقام مآدب إفطار

للمسلمين.

* ما هو الوضع العسكري لحركة الجهاد؟ .

الحمد لله الوضع العسكري جيد، ولقد تغيرت الاستراتيجية السابقة المعتمدة

على الحرب الشاملة وتحولنا إلى حرب العصابات؛ حيث أثبتت الأيام جدواها

خصوصاً لوضعنا، وكان ضغط السودان علينا للخروج - وإن كان محل سخط -

فقد كان له أثر طيب فأصبحنا نعتمد - بعد الله - على أنفسنا وطاقاتنا واستطعنا

الوصول إلى الشعب في الداخل، وسيطرنا على مناطق كثيرة من الريف (6

محافظات من أصل 8 محافظات) ، بل استطعنا الوصول إلى الساحل الشمالي للبحر

الأحمر؛ حيث أهميته كبيرة. وحققنا انتصارات طيبة في الفترة الأخيرة، ومنها

انتصارات هامة في رمضان، ومعنويات مقاتلينا - بحمد الله - عالية بعكس مقاتلي

الجبهة الشعبية حيث بدؤوا الفرار من جيشهم، وإذا سمعوا بقرب وصول قوات

الحركة يفرون من المنطقة؛ لأنهم يقاتلون من أجل الدنيا ونحن نقاتل من أجل

الآخرة. وبدأ الشعب يلتف حول الحركة في الداخل، وازدادت قوافل المجاهدين

الذين ينضمون للحركة.

* هل لكم جهود دعوية خلاف جهودكم العسكرية؟ .

جهودنا في ميدان الدعوة هي الأساس وآثارنا ملموسة في أوساط اللاجئين

الإريتريين في السودان؛ حيث نقوم بتعليمهم وتربيتهم وإعدادهم للجهاد، وانطلقنا

أخيراً في قوافل لنشر الدعوة في أوساط الشعب في داخل البلاد ووجدنا - بحمد الله

- قبولاً من الناس.

* هل لكم مكاتب تمثيلية في الخارج؟ .

نعم لنا مكاتب في بعض دول الخليج، وكذلك في بعض الدول الأوريية

وأمريكا وكندا وأستراليا، وحيث يوجد مهاجرون إريتريون فلنا وجود معهم إعلامياً

ودعوياً بفضل الله.

* أخيراً ما هو مستقبل الأوضاع - في نظركم - في إريتريا؟ .

المنطقة بأكملها مقبلة على أوضاع صعبة وخطيرة؛ فالمد الإسلامي في

المنطقة من الصومال جنوباً إلى السودان غرباً يقضّ مضاجع اليهود والنصارى،

لذلك سارعت دولهم إلى إيجاد موطئ قدم لهم في الصومال وأثيوبيا وإريتريا فضلاً

عن المناطق ذات الوجود الغربي الكثيف سابقاً مثل كينيا، وأرسلت مجموعات من

الخبراء والباحثين لدراسة الظاهرة الإسلامية في المنطقة، واقتراح أفضل السبل

لمقاومتها وتحجيمها. كذلك من وسائلهم إثارة الفتنة والقلاقل كمبرر مستقبلي للتدخل

المباشر في شؤون المنطقة، وإثارة ما يسمى حقوق الإنسان عندما تستدعي الأمور

ذلك.

أما مستقبل الأوضاع داخل البلاد - في ظني والله أعلم - أن التعددية

السياسية مرفوضة من الجبهة الشعبية نظراً للثقل الإسلامي في البلد ونظام الجبهة لا

يمتلك مقومات البقاء؛ فالتصدع داخل الجبهة بارز والعجز الإداري وغياب

الأرضية الشعبية فضلاً عن صحوة الشعب والتفافه حول حركة الجهاد، والعاقبة

أخيراً للمتقين إن هم ساروا على المنهج وصبروا عليه؛ [ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا

المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ] [الصافات: 171-

173] .

* هل من كلمة أخيرة؟ .

أدعو من خلال مجلتنا (البيان) إخواننا المسلمين لدعمنا ودعم الجهاد؛ قال

تعالى: [وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ

واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] [الأنفال: 72]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من

جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله فقد غزا» متفق عليه، وأملنا كبير بدعم إخواننا بالدعاء والنصح والمال، وفق الله الجميع لما يحبه

ويرضاه.

ص: 84