المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التقريظ والانتقاد الرائية الكبرى للعلامة النبهاني المؤلفون في هذا الدور من الزمن - مجلة الحقائق - جـ ١٢

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌التقريظ والانتقاد الرائية الكبرى للعلامة النبهاني المؤلفون في هذا الدور من الزمن

‌التقريظ والانتقاد

الرائية الكبرى للعلامة النبهاني

المؤلفون في هذا الدور من الزمن من أكثرهم يؤلف للتجارة ومعلوم أن التاجر يجلب ما يرى رواجه لاما يتحقق فائدته وغنائه لذلك كثرت بيننا التآليف السخيفة كالروايات والقصص الهزلية وأمثالها مما يضيع الوقت به سدى ولا يأتي بفائدة للقارئ إن لم يعد عليه بضرر كأن يعتقد أمر واقعاً وهو غير واقع ويكون من الأمور التي يترتب عليها حكم شرعي والشعب لقلة علمه ونضوب فهمه لعدم تعهد أهل العلم الحقيقيين له بالمواعظ يروج بينه هذا النوع من المؤلفات وتجار التأليف مازالوا كل يوم يتحفون هذا المجتمع بشيء جديد من هذه السخافات.

وقسم من المؤلفين وهو أقل من الأول يؤلف لينشر بدعة أو ليروج ضلالة وهذا القسم يروج عند فريق قليل من الناس وقد يدعون العامة إليه ليزحزحوهم عن الصراط السوي. وندر جداً من يؤلف ليفيد علماً ويستفيد مثوبة وأجراً من هؤلاء المؤلفين العلامة الأستاذ الفاضل الشيخ يوسف أفندي النبهاني من أجلة علماء بيروت وصالحيها ومصلحيها فهو حفظه الله مازال يؤلف ما يتحقق أن فيه فائدة للمسلمين، وتثبيتاً لإيمانهم وحفظاً لعقائدهم، وتطهيراً لقلوبهم وقد طبع له من المؤلفات ما يشهد بطول باعه وغزارة عمله وحبه للدين وأهله وبغضه للبدع ومنتحليها والضلالات ومروجيها وقد أطلعنا أخيراً على كتاب مطبوع بمصر محتوٍ على ثلاث رسائل الأولى منها الرائية الكبرى وهي تبلغ ما ينوف على السبعمائة بيت كلها غرر وفيها من حسن السبك ورقة المعاني وبلاغة الأسلوب ما يشهد للمؤلف الأستاذ حفظه الله بالتفوق على كثير من الشعراء الذين أفنوا عمرهم بنظم الشعر دون مشاركة فن غيره من الفنون وقد حوت كثيراً مما تمس إليه الحاجة من العقائد الحقة والسيرة النبوية والأخلاق الفاضلة وأحسن ترجمة لها أن ننقل للقارئ قسماً منها فليس الخبر كالخبر وماراء كمن سمعا قال أمده الله بروح منه في مطلعها:

بربك ذكرهم عسى تنفع الذكرى

فكم نعم أجدى وكم منن أجرى

وأعظمها دين النبي محمد

هو النعمة العظمى هو المنة الكبرى

* * *

ص: 24

وقال في تنزيهه تعالى:

تقدس عن أن يعلم الخلق كنهه

وأن يدركوا من علمه غير ما أجرى

ولا العرش يدريه ولا هو حله

ولكن براه مثلما برأ الذرا

عليه استوى كيف استوى ليس عرشه

بهذا درى فيه خليفته حيرى

وهل قط مصنوع بصانعه درى

لقد ضل عبد يدعيه ومابرا

وسل إن تشأ عن ناسج من نسيجه

وعمن بنى قصراً فسل ذلك القصرا

إذا كان كل حارثاً كصنيعه

ولم يدره فالله أعظم أن يدرى

وللعقل حد لا يجاوزه كما

لأبصارنا حد ترى بعده حسرى

* * *

وقال في مدح الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم:

جزى الله عنا خير ما كان جازياً

أبا القاسم المختار خير الورى طرا

فلولاه لم تبرح عقائد ديننا

ملوثة شركاً ملطخة كفرا

هدانا به والجاهلية قد طغت

وقد غمر الأقطار طوفانها غمرا

هدانا به والناس في ليل شركهم

فاطلع دين الله ما بينهم فجرا

هدانا به والناس ما بين عابد

لشمس ومن دانوا الكواكب والدهرا

هدانا به والسود كالبيض كلهم

وحوش نعم والصفر قد اشبهوا الحمرا

هدانا به والعرب ما بين شاعر

ومن عبد الأصنام أو عبد الشعرى

هدانا به والفرس بالنور وقد غووا

له نسبوا خيراً وللظلمة الشرا

وكم عبدوا كالهند ناراً تأججت

وكم عبدوا عجلاً وكم عبدوا ثورا

* * *

ومنها في مدح المجاهدين من المهاجرين والأنصار:

ولما اشترى الرحمن منه ومنهم

بجنته هاتيكم الأنفس الطهرا

غداً ربحهم أعلى وأغلى تجارة

فأعظم به ربحاً وأكرم بهم تجرا

فكم جاهدوا في نصرة الدين كافراً

وخاضوا إليه الحرب والحر والقرا

وما نفروا يوم الوغى من عدوهم

بل في سبيل الله قد نفروا نفرا

ص: 25

وبروا بغزوا البر في كل وجهة

وبالحرب خاضوا البحر واستغرقوا العمرا

ربيع خريف صيفهم كشتائهم

فلم يرهبوا بردا ولم يرهبوا حرا

وكم رمضان جاءهم ما تسحروا

وقد أطعموا أسمر القنا النحر والسحرا

وصاموا وما صاموا عن الطعن في العدا

ولكن على أرواحهم جعلوا الفطرا

وأصبح فطر الشرك عيداً لفطرهم

سعيداً ونحر المشركين غدا نحرا

وقد زهدوا في مالهم وجمالهم

ما عشقوا بيضا ولا عشقوا صفرا

أحب إليهم لثم سيف مورد

بحمر الدما من لثم وجنتها الحمرا

سل البيض والسمر العوالي عنهم

وسل عنهم الحمر المذاكي والشقرا

فكم خفضوا بالكسر رأساً لمشرك

وكم للعد أجروا كتائبهم جرا

وكم رفعوا رمحاً مهنداً

وكم نصبوا حرباً وكم فتحوا ثغراً

* * *

ومنها في مدح الآل والأصحاب:

وأصحابه لا يبلغ الناس مدهم

ولا نصفه لو أنفقوا أحداً تبرا

نجوم هدى من شمسه اقتبسوا الضيا

وقد نشروا في الناس أنواره نشرا

* * *

وقال في وجوب تأييد العقل للدين:

وكيف بلا عقل يكون تدين

إذن كلفوا المجنون والطفل والعيرا

أليس مدار الدين عقلاً مكملاً

ليدرك حكم الله والنفي والأمرا

عبارة فوق العقل سجن مضيق

لقد حصروهم في مضايقه حصرا

* * *

ومنها في ذكر مخترعات الإفرنجة وكونها حقيرة محدودة:

على يدهم أبدى القدير بفضله

من الخلق من آثار قدرته قدرا

كقطرة بحر من بحر اقتداره

إلى الناس أجراها فكانوا لها مجرى

لها افتتنوا كالخمر طاشت عقولهم

بها وبها زادوا على سكرهم سكرا

على أنها في الكون لا في مكون

. . وصلت للب بل خصت القشرا

ص: 26

بها كشفوا عن بعض ما هو كامن

من السر سر الله في خلقه سترا

وأسراره في كل شيء كثيرة

وقد تنجلي طوراً ولا تنجلي طورا

وإن أنكروا من غيهم خلق ربنا

جميع الذي فيهم وفي غيرهم أجرى

فقولوا لهم فليخلقوا لشعيرة

ومنهم أصول الخلق أو يخلقوا برا

ولن يقدروا لو أفرغوا كل وسعهم

مدى الدهر في التخليق أن يخلقوا شعرا

وكل اختراع جاء منهم فاصله

من الله مخلوق فما صنعوا غيرا

ولكنه أوصافه قد تبدلت

وخالق أصل خالق كل ما يطرأ

ومع كونهم في الطب فاقوا وخيلوا

بتصوير أمر كونه ذلك الأمرا

لو اجتمعوا من أول الدهر جملة

لما اخترعوا روحاً إذا صوروا ذرا

وقد صوروا عيناً لفاقد نورها

وما صوروا نوراً فما برحت عورا

وكم من صحيح مات إذ تم عمره

وقد حكموا أن لا يرى ميتاً دهرا

وكم من سقيم قرروا حتم موته

فعاش برغم من قواعدهم وعمرا

عجائبهم مهما تعاظم شأنها

أقل شؤون الحق يجعلها صغرى

* * *

ومنها في نصيحة المسلمين وتحذيرهم من التفرنج:

فيا أمة الإسلام في الدين مجدكم

وقد أدركت أعداؤكم ذلك السرا

عقاربهم دبت لكم فتحفظوا

ولا تحسبوا جمراً أتوكم به تمرا

وقد زعموا مع لينهم حب خيركم

فلا تخدعوا من في الأفاعي رأى خيرا

ألا انتبهوا فالقوم دسوا لدينكم

دسائس كفر قد تغو امرأ غرا

وأعظمها شراً مدارس في القرى

وفي البدو والأمصار قد نشرت نشرا

تربي لكم أطفالكم في حجورها

وقد جعلت درس الضلال لهم درا

فصار كثير منهم مثل أهلها

سوى الزي والأسماء واتحدوا كفرا

ألا فانظروا كم أخرجت من بنيكم

زنادقة جاروا على دينكم جورا

وصاروا من الأعداء لا فرق بينهم

سوى أنهم في الدين أعظمهم ضرا

وهم كل يوم بازدياد ودينكم

يزيد بهم نقصاً وربحكم خسرا

ص: 27

فكيف بمن يأتون بعد عصركم

إذا دام هذا فالعنو ذلك العصرا

وكم نادم من وضع أولاده بها

وقد سبقت أسيافها العذل والعذرا

ألا انتبهوا ما قد مضى غير عائد

وبالحزم بعد اليوم فاستقبلوا الأمرا

ومن يدعي الإسلام وهو مثابر

على الغي لم يبرح به الشهر والدهرا

وليس له أعمال خير فؤاده

بأنوارها يبيض من بعد ما اغبرا

فلا صام لا صلى ولا حج لإله

زكاة ولا أعمال بر بها برا

كمن قد تربى في مدارس شيدت

لتخريب دين الله عاش بها عمرا

فصار يحب الكافرين وشبههم

يرى لذة في قربهم ويرى فخرا

مناسبة قد الفت بين أهلها

تجر إلى الأشكال أشكالهم جرا

ويكره أهل الدين حتى قريبه

ولاسيما من كان أشعث مغبرا

وما ذنبهم إلا تمدنهم وهم

على فطرة الإسلام قد فطروا فطرا

فإسلام هذا مثل ثوب مزور

رقيق فمن يكساه في حكم من يعرى

فذلك عريان وإن كان كاسياً

وأفضل منة مؤمن من لبس الطمرا

وكم هالك في الكافرين عناده

وإن كان بين المسلمين حوى قبرا

نعم علموا أولادكم كل نافع

من العلم إن العلم أعظم أن يزرى

ولاسيما ما فيه تأييد دينكم

فأعداؤكم بالعلم قد ملكوا الأمرا

أعدوا لهم من قوة ما استطعتم

فلا يقبل المولى لإهمالكم عذرا

ومن دون علم كيف تحصل قوة

نكف بها عنا من المعتدي الضرا

فيلزمنا بالمال والحال كسبها

وبالعلم أن العلم آلتها الكبرى

ولكن حفظ الدين شرط محتم

فللأخير في الدنيا إذا ضاعت الأخرى

ولا تيأسوا من رحمة الله أنكم

متى ما أطلعتم ربكم جبر الكسرا

وهذا الذي من سخطة تشهدونه

جرائدكم ردت فجرت لكم جمرا

وكم صالح فيكم ولكن فتنة

بها كثر الأخباث عممت الشرا

وينصركم أن تنصروه بطاعة

بأن تتبعوا من شرعه النهي والأمرا

ألم تعهدوه ناصراً عند نصركم

له فبترك النصر قد ترك النصرا

ص: 28

فعودوا يعد فهو الكريم وإنه

إذا اعتذر الجاني له يقبل العذرا

والقصيدة كلها غرر. فنثني على الأستاذ الناظم أكثر الله من أمثاله، ونحث كل محب على مطالعتها، واقتباس فوائدها.

القراءة العربية في المعلومات المدنية

كتاب نشر في بيان التعاليم الاجتماعية. ترجمه من التركية إلى العربية الفاضل السيد عبد القادر أفندي المبارك معلم القسم الديني في المكتب الإعدادي الملكي في هذه الحاضرة وقد تصفحنا أكثره وجدناه حافلاً بالمسائل المفيدة. سهل العبارة حسن الأسلوب فنحض على اقتنائه. ونسدي جامعه شكراً جزيلاً. وفقنا الله جميعنا لخدمة الأمة والعمل بما يعلي شأنها.

ص: 29