المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌في طرابلس هو النصر معقودُ برايتنا الحمرا … على أنه في - مجلة الحقائق - جـ ١٧

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌في طرابلس هو النصر معقودُ برايتنا الحمرا … على أنه في

‌في طرابلس

هو النصر معقودُ برايتنا الحمرا

على أنه في الحرب آيتنا الكبرى

حليفان من نصر مبين وراية

به وبها تعلو على غيرنا قدرا

لئن أدبر التليان عند كفاحنا

فخذ لهم من سيف سطوتنا عذرا

فإنا لقوم إن نهضنا لحادث

من الدهر أفزعنا بنهضتنا الدهرا

ندك هضاب الأرض حتى نثيرها

غباراً على أعدائنا ينثر الذعرا

ونأكل هول الموت حتى كأننا

نلوك به ما بين أضراسنا تمرا

فسل جيش (قاناوا) بنا كيف قومت

شفار مواضينا خدودهم الصعرا

وكيف دحرنا فلولواً كأننا

وإياهم أسد الشرى تطرد الحمرا

وكم قد نثرنا بالسيوف جماجماً

نظمنا بها فوق الثرى للعدى شعرا

وما جزعي للحرب يحمي وطيسها

ولكن لأرواح بها قتلت صبرا

لك الله يا قتلى طرابلس التي

بها حكم التليان أسيافهم غدرا

أداموا بها قتل النفوس نكاية

إلى أن أصاروا كل بيت بها قبرا

ولما أحاط المسلمون بجيشهم

فعاد الفضاء الرحب في عينه شبرا

تقهقر يبغي في الديار تحصناً

فقربها من خشية الموت واستذرى

وقد ظل ينكي أهلها من تغيظ

فيقتلهم صبراً ويرهقهم عسرا

فأوسعهم بالسيف ضرباً رقابهم

وآنافهم جدعاً وأجوافهم بقرا

وماضرَّ (قاناوا) اللعين لو أنه

تقحم في الهيجاء عسكرنا المجرا

أيحجم عنا هارباً بعلوجه

ويبغي بقتل الأبرياء له فخرا

وهل حسبوا قتل النساء شجاعة

وقد تركوا عند الرجال لهم ثأرا

لقد شجعوا والموت ليس له يد

ولم يشجعوا والموت يطعنهم شزرا

يعز على أسيافنا اليوم أنها

تقارع قوماً هم بقرع العصا أحرى

ولم تك لولا الحرب تعلو سيوفنا

رؤوساً نرى ملء القحوف بها عهرا

ومن مبكيات الدهر أو مضحكاته

لدى الناس حر لم يكن خصمه حرا

لئن أيها القتلى أريقت دماؤكم

فما ذهبت عند العدى بعدكم هدرا

سنثأر حتى تسأم الحرب ثأرنا

ونقتل عن كل امريء أنفساً عشرا

ص: 12

وإني ليغشاني إذا ما ذكرتكم

لواعج هم ترتمي في الحشا جمرا

على أن قرص الشمس عند غروبها

يذكرني تلك الدماء إذا احمرا

فأبكي تجاه الغرب والبدر لائح

من الشرق حتى أبكي الشمس والبدرا

ويا أهل هاتيك الديار تحية

توفيكم الشكر الذي يرأس الشكرا

فقد قمتم للحرب دون بلادكم

تذودون عن أحواضها البغي والنكرا

وثرتم أسوداً في الوغى يعربية

إذا كل سيف في براثنها ظفرا

تراها لدى الحرب العوان مشيحة

تهمهم حتى تنطق الفتكة البكرا

ولو أن كفي تستطيع تناوشاً

فتبلغ في أبعادها الأنجم الزهرا

لرتبت منها في السماء قصيدة

لكم واتخذت البدر في رأسها طغرى

وخلدتها آياً لكم سرمدية

مدائحها تستوعب الكون والدهرا

يقولون أن العصر عصر تمدن

فما باله أمسى عن الحق مزورا

إلى الله أشكو في الورى جاهلية

يعدون فيها من تمدنهم عصرا

أتتنا بثوب العلم تمشي تبخترا

فإن أظهرت حلواً فقد أبطنت مرا

لقد ملك الإفرنج أمر مراكش

وقد ملكوا من قبها تونساً قهرا

ففاجأنا التليان من أجل ملكهم

لكي يسلبونا في طرابلس الأمرا

وقالوا ألم تأت الفرنجة تونساً

وهذي جيوش الإنجليز أتت مصرا

فخلوا لنا ما بين هذي وهذه

وإلا قسرناكم على تركها قسرا

فقلنا لهم إنا أحق بملكها

فقالوا ولكن زند قوتنا أورى

أهذا هو العصر الذي يعونه

فسحقاً ودفراً له دفراً

الأستانة

معروف الرصافي

ص: 13