الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإصلاح ومنتحلوه
عود على بدء
يأسف العاقل حين يرى هذا القلب الفخيم، والنعت الكريم، (الإصلاح) وقد أصبح ينتحله حثالة الناس وطغمتهم، وشرار الناس وفسقهم، فمن جاهل عنده ولا علم، ولا عقل له ولا فهم، ولا عدة له إلا ما تعوذه من أفانين البذاءة وأنواع الشتائم وثلب أعراض الناس بالباطل، ومن عالم قد خلف الشيطان في تضليله، وناب عنه في تلبيس الباطل بصورة الحق والتلاعب بأحكام الدين، ساعد على ظهور هؤلاء السفلة بمظهر المصلحين جهل الأمة وسكوت العلماء عنهم برهة من الزمن موهوا في خلالها على عقول بسطاء الناس وانخدع بهم بعض الجهلة الأغرار فزادوا غياً على غيهم وضلالاً على ضلالهم.
دعوى الإصلاح وحب الرقي والتقدم كثيرة ولكن الدعوى الفارغة لا تقلب الباطل حقاً ولا تجعل الكذب صدقاً فإنا رأينا هؤلاء المتفرنجين الذين يسمون أنفسهم المصلحين يتلاعبون بدين الله ويفسرون كتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم بمقتضى أهوائهم وينشرون البدع والأضاليل بين العامة ويقعدون عن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم حين يعظمه المسلمون ويكفرون أهل القبلة لأنهم يتوسلون إلى الله في حاجاتهم.
رأيناهم يدعون إلى الفواحش والتياترو والتمثيل والللهو والفسق على صفحات جرائدهم ويحترفون بالسمسرة إلى المدارس الأجنبية ويرغبون الناس في الدخول إليها. رأيناهم يفرقون بين العناصر والملل ويسقطون من هيبة الحكومة بمفترياتهم ويطلبون خروج النساء المسلمات مكشوفات الرؤوس متبذلات أمام الفساق. رأيناهم تساق عليهم الدلائل الواضحة والحجج الناصعة والبراهين التي لا ينكرها إلا مكابر ولا يرفضها إلا جاهل أو متجاهل فينكرون ويستكبرون ويموهون ويدلسون وإذا ذُكروا لا يذكرون. رأيناهم ولا همَّ لهم إلا مقاومة العلماء وشتم الصلحاء وإيذاء كل من ينتمي للدين ويتمسك بشريعة سيد المرسلين وهو من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مرّوا بهم يتغامزون وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. رأيناهم والعجب ملء قلوبهم والغرور مستولٍ على أفئدتهم والتفرنج آخذ بنواصيهم يسوقهم إلى الضار من هذه المدنية الغربية حتى أن تعلقهم بما لا ينطبق على الشرع منع أشد وحرصهم عليه أكيد. رأيناهم إذا ذكر لهم قول عالم من علماء أوربا أكبروه
وأخذوه قضية مسلمة لا ريب فيها وإذا قيل لهم قال الله ورسوله طفقوا يؤولونه على حسب أغراضهم مما لا يرضاه الله ورسوله.
رأيناهم إذا ولي عليهم رجل يحب الدين وينصره ويهجر الفسق ويقاومه سلقوه بألسنة حداد وآذوه بكل أنواع الإيذاء ولقبوه بالمتدين الصالح سخرية واستهزاء. كل ذلك وأضعاف أضعافه يجنيه أولئك الذين يسمون أنفسهم (المصلحين) ثم إذا زجرهم علماء الدين الذين انقطعوا للعلم والتعليم ووقفوا أنفسهم لخدمة الدين قاموا عليهم يشتمونهم ويموهون على العامة بأنهم يتكلمون بذلك لحاجة في نفسهم أو عداء للإصلاح ورفضاً لكل جديد مع أن أولئك العلماء لم يقاوموهم بالحجة ولم يطلبوا منهم إلا أن يرجعوا إلى الحق ويعترفوا به ولكن ما دام أولئك المغرورون يعتقدون بنفسهم الإصلاح ويتبجحون بالباطل من قادتها أن يضعوا حداً لذاك الأمر الذي إذا دام على هذا النسق كان سبباً لفساد الأمور وضياع الحقيقة. من لنا بأن يعرف هؤلاء السفلة أقدارهم ويقفوا عند حدودهم ويرجعوا عن تضليل العامة والتسلط على الخاصة فإنهم لا تقنعهم الحجة ولا يردعهم البرهان. لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل.
فاللهم ألهم العلماء أن يصرفوا أوقاتهم إلى تحذير العامة من غوايتهم وأضاليلهم وأنزل على أوليائك روحاً من عندك وهبهم ثباتاً على إظهار دينك والانتصار لشرعك.
ونصيحتنا لهؤلاء الذين يغررون بالأمة في أقوالهم وأفعالهم أن يذكروا يوماً يرجعون فيه إلى الله يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ويرجعوا عن تضليل العامة وتسفيه الخاصة والتلاعب بدين الله وأن يعلموا على ما يرقي الأمة إن استطاعوا فإن تولوا فما علينا إلا البلاغ.