الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمامة في الإسلام
ضمني وبعض الأصحاب مجلس تكلمنا فيه على العمامة وأنها سنة فقال بعض من حضر أنها ليست من السنة الشريفة فأحببت أن أنقل من السنة الشريفة ما يثبت سنيتها لعل الله ينفع به بعض الأخوان والله الهادي إلى سواء السبيل.
فأقول الحمد لله العليم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآلة وصحبه أجمعين أما بعد فإن العمامة سنة من سنن الإسلام. وقد جاء في التعمم أحاديث كثيرة منها ما أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب الجهاد قال حدثنا أبو موسى حدثنا عثمان بن عمر عن الزبير بن جوان عن رجل من الأنصار قال جاء رجل إلى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن آلعمامة سنة فقال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف اذهب فأسدل عليك ثيابك والبس سلاحك ففعل ثم أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقبض ما سدل بنفسه ثم عممه فسدل.
وروى أبو نعيم في معرفة الصحابة من حديث عبد الأعلى ابن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يوم غدير (خم) فعممه وأرخى عذبة العمامة من خلفه ثم قال هكذا فاعتموا فإن العمائم سيماء الإسلام وهي الحاجز بين المسلمين ذكر هذين الحديثين الشريفين العيني في شرحه على البخاري في باب العمائم.
وفي الجامع الصغير العمامة على القلنسوة فصل ما بيننا وبين المشركين يعطى يوم القيامة بكل كورة يدورها على رأسه نوراً أخرجه البارودي عن ركانة ونقل القسطلاني في باب العمائم أيضاً عن أبي داوود والترمذي عن ركانة رفعه فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم وعن ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه رواه الترمذي وعند ابن أبي شيبة من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمم عبد الرحمن بن عوف بعمامة سوداء من قطن وأفضل له من بين يديه مثل هذه.
وفي رواية نافع عن ابن عمر قال عمم رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف بعمامة وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع وقال هكذا فاعتم وفي حديث الحسن بن علي عند أبي داود أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه وفي الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه. وهل ترخى من الجانب الأيسر أو الأيمن قال الحافظ الزين
العراقي المشروع من الأيسر ولم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث أبي أمامة بسند قد ضعف أه منه وقال الباجوري رحمه الله تعالى في شرحه على الشمائل في باب عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمامة سنة لاسيما للصلاة وبقصد التجمل لأخبار كثيرة فيها وتحصل السنة بكونها على الرأس أو على قلنسوة تحتها أه فمن تأمل في هذه الأحاديث الشريفة وعلم أحوال النبي عليه الصلاة والسلام ومحافظته على العمامة وكيف عمم غيره وأمره بالتعمم على أن التعمم من السنة بل ربما يشعر بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم) بالوجوب ويكون لفظ السنة الوارد في كلام ابن عمر بمعنى الطريقة والله اعلم.
وأما من شب على تقليد الأوروبيين في أزيائهم وأخلاقهم المنافية لآداب الدين الإسلامي فإنهم لا يبالون بكثير من السنة بل ولا بالفروض وإذا تربعوا في المجالس تكلموا بأشياء ليست من الدين ونسبوها إليه ويستدلون كثيراً بكتب التاريخ على بعض الأحكام الشرعية والحال أنه لا يستدل على الحكم الشرعي إلا بالكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس وما مقصدهم في هذا إلا التغرير بالعامة من الناس ولذلك تراهم يرمون علماء الإسلام بعدم التمدن تارة والتعصب تارة أخرى وما ذنبهم إلا اقتفاؤهم أثر الرسول عليه الصلاة والسلام والانتصار للحق. نعم إن تعصبهم للحق لما يمدحوا عليه.
وما ضر الأمة الإسلامية إلا عدم تمسكها بالآداب الدينية وعدم اتباع أوامر الله عز وجل قال الله تعالى في كتابة العزيز (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ولكن ما العمل بمن يحب اتباع الأهواء والانقياد لأوامر نفسه ووساوس شيطانه رحم الله البوصيري حيث قال:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
…
وينكر الفم طعم الماء من سقم
على أن المسئلة لو لم يكن فيها نص كان العقل يقضي علينا باتباع عادة قومنا وبلادنا والمحافظة على أزيائنا إذ لا يخفي ما في ذلك من تقوية الرابطة القومية. هؤلاء الغربيون يأتون بلادنا ويقيمون فيها محافظين على ملابسهم وأخلاقهم وعاداتهم وكنا نستبشع ملابسهم ولم يزل البعض منا يكره ذك منهم وهم لا يغيرون عادة بلادهم وقومهم وإن كانت مستقبحة في حد ذاتها وبالعكس بعض شبابنا أليس هذا شيء عجيب؟ وحيث ثبت أن العمامة سنة من سنن الإسلام فتركها مكروه ونسئل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا لاتباع أوامره
والمحافظة على التمسك بحبل شريعته والحمد لله رب العالمين.
صلاح الدين الزعيم