الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دحض الفضول
في الرد على من حظر القيام عند ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم
بقلم العالم العلامة الأستاذ الشيخ محمد أفندي القاسمي الحلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه أولي الصدف والوفا وبعد فيقول أضعف الخلق على الإطلاق محمد ابن العلامة المرحوم الشيخ قاسم الحلاق الدمشقي الشهير بالقاسمي وقد ورد علي كتاب من المدينة المنورة على مشرفها أفضل الصلاة والسلام بإمضاء كل من صاحبي الغيرة والحمية على الدين وعلى أخوانهما المسلمين العالمين الفاضلين والأديبين الكاملين السيد أحمد علي القادري الرامفوري والشيخ محمد كريم الله الهندي عاملهما الله بلطفه الخفي آمين وملخصه أنهما اطلعا على رسالتي الموسومة بتحقيق الكلام في وجوب القيام عند قراءة مولد المصطفى ووضع أمه له عليه الصلاة والسلام المدرجة في مجلة الحقائق الغراء في الجزء الحادي عشر من السنة الثانية فتلقياها بالقبول والاستحسان أنعم الله علينا وعليهما بكل إحسان بيد أنها كما قالا عارية عن حكم المشبهين للقيام بفعل مجوس الهند عبدة الأصنام فاستحسن مني هذان الفاضلان أن أحرر رسالة تكون ذيلاً للرسالة الأولى تتضمن رد الجواب الآتي وبيان حكم المانعين لهذا القيام ظناً منهما أني أهل لذلك وممن سلك هاتيك المسالك وما دريا أنهما استسمنا ذا ورم ونفخا في غير ضرم ولكن لظنهما الحسن بهذا العاجز كما هو شأنهما امتثلت الأمر واقتحمت صعوبة هذا الخطر وقصدت ذلك مع الاعتراف بأني لست هنالك وسميتها دحض الفضول في الرد على من حظر القيام عند ولادة الرسول سائلاً منها تعالى الإعانة والتوفيق والهداية لأقوم طريق آمين (صورة السؤال) الذي ورد من الفاضلين المذكورين.
ما قول علماء المسلمين أيد الله بهم الدين وقواهم على إزاحة شبه الملحدين في قول رجل سئل عن القيام عند ذكر الولادة الشريفة النبوية (فأجاب) وهذا نص كلامه_وأما توجيه القيام بقدوم روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم من عالم الأرواح إلى عالم الشهادة فيقومون تعظيماً له فهذا أيضاً من حماقاتهم لأن هذا الوجه يقتضي القيام عند تحقق نفس الولادة الشريفة ومتى تتكرر الولادة في هذه الأيام فهذه الإعادة للولادة الشريفة مماثلة بفعل مجوس
الهند حيث أنهم يأتون بعين حكاية معبودهم (كنهيا) أو مماثلة للروافض الذين ينقلون شهادة أهل البيت رضي الله عنهم كل سنة (أي فعله وعمله) فمعاذ الله صار هذا حكاية للولادة المنيفة الحقيقية وهذه الحركة بلا شك وشبهة حرية باللوم والحرمة والفسق بل فعلهم هذا يزيد على فعل أولئك فإنهم يفعلونه في كل عام مرة واحدة وهؤلاء يفعلون هذه المزخرفات الفرضية متى شاؤا وليس لهذا نظير في الشرع بأن يفرض أمر ويعامل معاملة الحقيقة بل هو محرم شرعاً أهـ فهل هذا الجواب صحيح أم لا أفيدونا مأجورين أهـ.
وقد جاء بحاشية صحيفة السؤال ما نصه: أنه إذا جاء يوم ولادة معبودهم المذكور يأتون بامرأة حامل متم ثم هي تحاكي امرأة عند الوضع فتأن أنيناً وتلتوي حيناً فحيناً ثم يستخرجون من تحتها صورة ولد ويرقصون ويلعبون ويصفقون ويزمرون إلى غير ذلك من ملاعبهم الخبيثة أهـ.
هذا ملخص عبارة الكتاب المتقدم_قلت وهذا الجواب كما ترى إنما ورد بحسب أوضاع المبتدعة من الاختلاق على المسلمين لإلقاء الشبه على ضعفاء العقول فلينتبه له لأن جميع ما تخرص به من أول كلامه إلى آخره مزيف بكذبه الحس والعيان ولم ينزل الله به من سلطان وكان اللائق عدم الجواب عنه لبداهة بطلانه إلا أننا نخشى من ظنه وظن أمثاله أن المسلمين عاجزون عن رد كلماته ودحض شبهاته ولئلا ينخدع بها الجهلاء ونحوهم وهو مع ما فيه من المغالطات والمشاغبات تطويل من غير طائل بل هو كسراب بقيعة يحسبه ظمآن ماء ولنتكلم بحسب العجز على هذا الجواب بكلام يسلمه ذوو العقول والألباب فنقول_أما كون القيام للتعظيم وكون التعظيم واجباً فقد بسطنا الكلام على ذلك في رسالتنا المتقدمة فليراجعها من أراد (وأما قول هذا المفتري وإما توجيه القيام الخ) فكلام مختلق منه أو من بعض الجهلاء الذين لا يعقلون الحجج والبراهين ولا يميزون بين الغث والسمين حمله على ذلك سوء ظنه بالمسلمين وحسده لرسول رب العالمين والدليل على اختلاقه هذا من وجهين (الأول) أنه ليس لما ادعاه من قدوم روحه أصل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من حجة عقل ولم يؤثر عن أحد من السلف الصالح ولا التابعين لهم بإحسان ولا عن أحد من الأئمة المجتهدين ولا غيرهم ولم ير له أثر في الصحاح ولا غيرها وما كان هكذا فهو في غاية السقوط والبعد عن الحق قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) وإذا
لم يكن ذلك بسلطان بين من الله وهو ما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم كان صاحبه متبعاً لهواه بغير هدى من الله قال تعالى: (وإن كثيراًَ ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين).
قال بعض الأفاضل ما بعضه ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن هذه الأمة تتبع سنن من قبلها حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه وجب أن يكون فيهم من يغير معنى الكتاب والسنة فيما أخبر الله ورسوله ويتبع هواه بغير علم ويبتدع في الدين ما ليس منه كما وقع للأمم السالفة إذ هذا من بعض أسباب تغيير الملل الماضية بعد موت أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام لكن هذا الدين محفوظ بحفظ الله وقدرته وعنايته من انتحال كل مبطل وتأويل كل جاهل ولا يزال فيه طائفة قائمة ظاهرة على الحق فلم ينله ما نال غيره من الأديان من تحريف كتبها وتغيير شرائعها مطلقاً إذا تبين هذا علمت أن كل الدعاوي التي ادعاها حماقات ومكابرات بلا برهان بل البرهان الواضح على بطلانه الدافع لما خرص به قوله صلى الله عليه وسلم (ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال المناوي وإسناده صحيح أهـ.
فأفصح صلى الله عليه وسلم أن روحه الشريفة ترد إلى جسده الشريف عند سلام من يسلم عليه ليرد عليه السلام صلى الله عليه وسلم ومن لوازم هذا الرد رجوع الحس والحركة الإرادية كما هو معلوم فهذا دليل جلي على أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره الشريف وأن روحه الشريفة لا تفارق جسمه الشريف أبد الآبدين حيث لا يخلو الكون من مسلم عليه عليه الصلاة والسلام كلما ذكر فكلامه هذا صلى الله عليه وسلم هو القاضي على كل كلام فليتأمل قلت والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كذلك أي أحياء في قبورهم كما هو ثابت أيضاً (الوجه الثاني) أن السائل لم يسأل إلا عن القيام عند ذكر الوضع فقط كما رأيت ولم يتعرض لذكر القدوم بتاتاً كما غالط به هذا المجيب الأفاك فتبين بذلك افتراؤه وكذبه على المسلمين قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه واللفظ له عن ابن مسعود رضي الله عنه في شق حديث له ما لفظه وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند
الله كذاباً والبخاري رأيت الليلة رجلين أتيانب فقالا لي رأيت يشق شدقيه فكذاب يكذب الكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ذلك يوم القيمة والشيخان آية المنافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وزاد مسلم في رواية وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم قال بعضهم:
لي حيلة فيمن ينم
…
وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقو
…
ل فحيلتي فيه قليلة
فليتأمل (قوله وهذا الوجه يقتضي الخ) قلت هذا نظير ما قبله من الاختلاق حيث أننا لم نعلل القيام المذكور بقدوم روحه كما مر تزييفه ولا بنفس الولادة كما غالط به ههنا بل عللناه بأنه قد صار في هذه الأزمان من شعار التعظيم الذي يعد تركه تهاوناً بل استخفافاً به ورغبة عنه حتى صار التعظيم المذكور بهذه القيود واجباً فيكون القيام واجباً حينئذ لذلك كما أوضحناه سابقاً في الرسالة المتقدم ذكرها فاحفظه (قوله فهذه الإعادة للولادة الخ) قلت من وقف على هذه الكلمات المنتحلة أيضاً وجدها كلها حماقات ومكابرات بلا برهان كما مر بل هي خارجة عن دين الإسلام محرمة فيه يجب على كل مسلم قادر على إنكارها وإزالة شبهها بالقلم والبيان واليد واللسان ليكون من جملة المرادين بقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلق عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وكما قال وذلك من أعظم ما أوجبه الله تعالى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة واضحة تدحض دعوى مثل هذا الأحمق الأخرق الذي لم ينسج ناسج على مثاله ولم يسلك سالك على منهاجه وهو كأمثاله ممن أعمى الله قلبه حتى رأى الظلمة نوراً والنور ظلمة قال الله تعالى: (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم الآية).
وقد شبه هذا الأحمق فعل الإسلام عند اجتماعهم لتلاوة قصة مولد نبيهم صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة بفعل المجوس يوم اجتماعهم لمثل ولادة آلهم من المكفرات كما سلف ولنذكر هنا على سبيل الاختصار كلاً من المولدين وما يفعل فيهما ليتبين للقارئ الفرق بين الفعلين ويظهر البون البعيد بين الاجتماعين أما فعل المجوس فكما تقدم من إتيانهم بامرأة حامل حيلة فتضع صورة ولد فيؤخذ من تحتها ويرقص له الخ هذا هو فعلهم
لمثل ولادة إلههم بزعمهم وأنت تعلم أن هذا الفعل مشتمل على محظورات ومحرمات بل على مكفرات لا تخفى منها إثباتهم لإله باطل ومنها إتيانهم بامرأة حامل كذباً وبهتاناً تحاكي امرأة عند وضعها من أنين وغيره كما مر ومنها استخراج ولد من تحتها مماثل لإلههم ومعبودهم بزعمهم ومنها رقصهم ولعبهم الخ هذه هي أعمالهم كل سنة عند اجتماعهم للولادة المذكورة وأما ما يفعله المسلمون في مولد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فمبسوط في رسالتنا المار ذكرها فلتراجع ولننقل منها شيئاً نزر المناسبة المقابلة فنقول قال في مواكب ربيع في مولد الشفيع أثناء كلام له ما لفظه جرت العادة بالعناية بأمر المولد ليلته أو يومه بحيث يقع الاجتماع وإظهار الفرح وإطعام الطعام والإحسان للفقراء وقراءة القرآن والذكر وإنشاد القصائد النبوية والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وقراءة قصة المولد الشريف وما اشتمل عليه من كراماته ومعجزاته إلى أن قال وأول من أحدثه الملك المظفر صاحب أربل فأقره عليه أفاضل العلماء وعامة الصلحاء الخ فتبين من قوله فأقره الخ أن هذا الفعل مع كونه فعلاً مستحسناً وطاعة عظيمة صار مجمعاً عليه إلى الآن بل إلى ما شاء الله فليتأمل وقوله ليلة المولد أو يومه هو على المشهور اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول ولم تزل قراءته متولية متتابعة إلى آخر الشهر المذكور وبعده إلى آخر السنة إنما يقرأ عند حادث سرور أو نحوه من كل نعمة أنعم الله بها على هذه الأمة ويتكرر ذلك كما هو معلوم ولم تزل هذه أعمالهم كلما اجتمعوا لقراءة المولد الشريف ولا يزالون كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هذا وفي أثناء قراءة القصة المذكورة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم مراراً مع أناشيد متعددة مشتملة على مدحه وحسن سيرته الخ ثم عند ذكر الوضع والولادة له صلى الله عليه وسلم ويقوم الحضور جميعاً على أقدامهم بغاية الأدب والاحترام تعظيماً لمقامه الشريف ومحبة له صلى الله عليه وسلم مكررين الصلاة الإبراهيمية ثم يختم هذا المجلس بحمده تعالى والثناء عليه بما هو أهله وبالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وبالدعاء للحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو عمل المسلمين وقت اجتماعهم في كل مجلس اجتمعوا فيه لتلاوة قصة المنيفة إذا تبين هذا علمت أن مثل هذا المجلس يعد ويحسب من جملة مجالس الذكر التي ندب الله ورسوله إليها وذلك لأن لفظ الذكر لفظ عام يتناول أفراد كثيرة من كل ما يطلق عليه لغة وشرعاً أنه طاعة وعمل صالح كقراءة القرآن
والدعاء والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأعمال المحبوبة للشارع كما هو معلوم ففي القاموس وشرحه ما لفظه الذكر والطاعة والشكر والدعاء والتسبيح وقراءة القرآن وتمجيد الله وتسبيحه وتهليله والثناء عليه بجميع محامده أهـ وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن لله ملائكة سياحين في الأرض فإذا مروا بقوم يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم وذكر الحديث وفيه وجدناهم يسبحونك ويحمدونك وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ما اجتمع قوم في مجلس فلم يذكروا الله فيه ولم يصلوا فيه علي إلا كان عليهم ترة يوم القيامة والترة النقص والحسرة فإذا كان مجلس من المجالس اشتمل على نوع واحد من أنواع الذكر يسمى مجلس ذكر فإن يسمى ما اجتمع فيه أنواع متعددة منه مجلس ذكر أولى وأحرى بل لو لم يكن فيه من الأعمال المتقدمة غلا الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام التي أوجبها كلما ذكر اسمه الشريف جمع من العلماء والتي هي من الآدميين تضرع ودعاء كما هي من الله رحمته المقرونة بالتعظيم ومن الملائكة استغفار لكفى حيث أنها من حيث ذاتها ذكر بل هي أهم الأذكار فليتأمل وبالجملة فالمجلس الذي اجتمع فيه المسلمون لقراءة مولد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات والعبادات لاشتماله على أنواع من الطاعات كما مر فما تمثيل هذا الجاهل الملحد فعل الإسلام بفعل المجوس إلا كتمثيل العلم بالجهل والحي بالميت والنور بالظلمة (قوله أو مماثلة للروافض الخ) هذا نظير ما قبله من الكذب والافتراء إذ لا يخفى على من اطلع على أحوال بعض الروافض لا سيما الغلاة من جهلائهم وشاهد أعمالهم يوم عاشوراء وما يفعلونه من تمثيل غلمان وغيرهم من البنات محاكاة لحالة بعض أهل البيت رضي الله عنهم بحالة تقشعر منها الجلود وتنفطر لها القلوب_أن فيها محرمات لا سيما التمثيل الذي هو محرم لكونه كذباً كما لا يخفى وقد بسطنا الكلام على ذلك في رسالتنا المدرجة في مجلة (الحقائق) الغراء في الجزء الثالث من السنة الثانية فارجع إليها إن شئت ويزاد على ذلك ما يفعلونه بأنفسهم من الإيذاء المحظور شرعاً وعقلاً كضرب الصدور ولطم الخدود والصياح وجرح الرؤوس والأبدان بآلات جارحة كما هو معلوم وأنت تعلم أن هذا من جنس النياحة المحرمة المجمع على تحريمها.
فتمثيل هذا الأخرق فعل المسلمين في قصة المولد النبوي بفعل غلاة الروافض كما مر
بهتان عظيم على المسلمين (قوله وهذه الحركة حرية باللوم الخ) دعواه هذه فرية بلا مرية بل هي من باب زناه فحده وتقول عليه فرده شبههم بالمجوس ليرميهم بالحماقة والفسق وغير ذلك افتراء وبهتاناً عليه ما يستحق من الله تعالى (قوله متى شاؤوا) قد علمت أن قراءة قصة المولد الشريف صارت من مجالس الذكر كما تقدم آنفاً وهي كما مر الحديث ليس لها وقت معين ولا جعل لها الشارع وقتاً مخصوصاًَ ولا عملاً مخصوصاً بل هي مطلقة وظاهر الإطلاق يشعر بعموم الأوقات والمحلات والحالات كما هو ظاهر فكلما تكرر الذكر ازداد الثواب والأجر وبما تقدم علمت أن فعل المولد الشريف نفسه صار شرعياً مثاباً على فعله مستحسناً عند جميع المسلمين وأن القيام عند الوضع الشريف من حيث ذاته شرعي أيضاً لاندراجه في عموم الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم (من سن سنة حسنة الخ) فالمسلمون سنوه واستحسنوه تعظيماً له صلى الله عليه وسلم لا سيما وقد شهد الشارع بأنه ما رأوه حسناً (فهو عند الله حسن) فهو حينئذ فرد من أفراد السنة الحسنة كما لا يخفى على من هو على طرف من علم الأصول فكيف يقول هذا الأحمق لا نظير له في الشرع فلينتبه لهذه المغالطة (قوله بأن يفرض الخ) قدمنا لك مراراً تزييف مثل هذا الكلام وبطلانه فلذا نضرب صفحاً عن التطويل في رده وبيان عاطله وباطله غير أننا لا نتركه هملاً عن بيان ما فيه من التمويه_ظن هذا المبطل أنه إذا أتى بهذه الحماقة تروج على المسلمين ولم يدر بأنه صار عندهم من الضالين المكذبين وأنه من الذين جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق.
ولا يخفى أن من حلل حراماً مجمعاً عليه أو حرم حلالاً كذلك أو كفر مسلماً بمكفر كذلك أو سمى طاعة من الطاعات مزخرفات فرضية أو شبه فعلاً من عبادة أو طاعة بفعل مكفر من المكفرات بقصد تضليل فاعله أو أنكر فعلاً مشعراً بتعظيم نبي من الأنبياء لا سيما سيد الشفعاء عليه وعليهم الصلاة والسلام بما يؤدي إلى تحقيره أو تنقيصه أو الاستخفاف أو الاستهزاء به وازدرائه أو كان السياق يدل على أحد هذه المذكورات أو نحو ذلك من كل ما يغمص مقامه أو مقامهم عليه وعليهم الصلاة والسلام فإن كان جاهلاً فيعرف ويستتاب فإن تاب ولا فإن قامت عليه الحجة فعلى أولياء الأمور أيد الله بهم الدين أن يعاملوه بما يقضي عليه الشرع قضاء يردعه وأمثاله عن مثل ذلك لأنه ضال مضل والله تعالى أعلم.