الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أغلاط لسان العرب
قرأنا في الجزء الثامن من السنة الثانية لمجلة الآثار تحت هذا العنوان مقالة بإمضاء الكاتب المحقق المجيد أحمد بك تيمور بين فيها بعض ما عثر عليه من الأغلاط في كتاب لسان العرب الطائر الصيت المعروف عند أهل العلم الذي تم طبعه في مصر بمطبعة بولاق الأميرية سنة 1308 هجرية مما سها فيه مصححو الكتاب الأفاضل مع ما بذلوه من العناية وأفرغوه من الجهد في ضبطه وتصحيحه وقد قدم بين يدي المقالة مقدمة مدح فيها الكتاب وذكر أن أول من أقدم على طبعه رجل مقدام اسمه حسين أفندي الديك ولكنه لم يأت على بعض أجزائه حتى أتت على ثروته فتولت إتمامه الحكومة الخديوية بعد أن جمعت له مختلف النسخ والمواد ما رأته وافياً بإبرازه في أتم ما يكون من وجوه الصحة والضبط.
وأنه نشر عن هذه الأغلاط فصلاً في مجلة الضياء ثم اتبعه بآخر في المؤيد ثم رأى أن يعززهما بثالث في الآثار وخدمة للكتاب وحباً بالفائدة أحببنا أن ننقل هذه المقالة في مجلتنا (الحقائق) معلقين عليها بعض تعليقات قد لا تخلو من الفائدة. والله حسبنا وهو نعم المعين.
قال الكاتب: فمن ذلك ما وري في مادة (أج أصفحة 15 سطر 8) لأبي النجم:
قد حيرته جن سلمى واجا
وجاء بعده أراد اجا فخفف تخفيفاً قياسياً الخ) وروى (أجا) الثاني بالألف آخره مخففاً غير مهموز والصواب همزة على أصله لأن المراد أنه كان كذلك فخففه الشاعر بحذف همزته وإلا فأي معنى لتخفيف المخفف.
(وفي مادة ب ر أصفحة 24 سطر 15) عند الكلام على جمع بريء وبرئ وبراء مثل ما جاء من الجموع على فعال نحو تؤام ورباء في جمع توأم ورُبَّى ورسم (رباء) بالهمز في آخره أي في موضع اللام من فعال لا يكون هذا جمعاً لرُبَّى لأن لامها باء فالصواب أن يقال في جمعها رُباب بالباء في آخره وهو الذي ذكره المصنف وصاحب القاموس وغيرهما في مادة (ر ب ب) وقال سيبويه في كتابه باب تكسير ما عدة حروفه أربعة أحرف للجمع وقالوا ربى ورباب حذفوا الألف وبنوه على هذا البناء كما ألقوا الهاء في جفرة فقالوا جفار إلا أنهم قد ضموا أول ذاكما قالوا ظئر وظوار ورخل ورخال انتهى
(تتمة) هذا الجمع من الجموع العزيزة النادرة لأن فعالاً بضم الأول وتخفيف العين ليس من أبنية جموع التكسير المعروفة وإنما سمع في ألفاظ قليلة كثني وثناء وعرق وعراق وفرير
وفرار ورذل ورذال ولهذا ذهب بعضهم إلى أنه اسم جمع وقال آخرون بل هو جمع ولكن الأصل فيه الكسر والضم بدل منه. وقد كنت تتبعت ما ورد منه فاجتمع لي اثنا عشر لفظاً ثم رأيت العلامة شهاب الدين الخفاجي زاد عليها كثيراً في شرحه لدرة الغواص فمن شاء الوقوف عليها وعلى اختلاف أقوالهم فيها فليراجع (صفحة 141 من الشرح المذكور المطبوع في الجوائب).
وفي مادة (ح س ب صفحة 306 س 20) والمحسبة الوسادة من الأدم وحسبه أجلسه على الحسبانة أو المحسبة وضبطت (المحسبة) في الموضعين بفتح الميم وكذلك جاءت مضبوطة بالقلم بالفتح في هذه المادة مت القاموس ولم ينص الشارح على ضبط فيها. ولكنها ضبطت بكسر الميم في مادة (زن ن_من اللسان صفحة 61 سطر24) وفي (ج4 صفحة74) من المخصص وهو الصواب على ما يظهر لي لأني رأيتهم نصوا على كسر الأول فيما جاء في معناها من وزنها كمرفقة ومصدغة ومخدة كأنهم عدوها من أسماء الآلات. حيث أننا لم نقف على نص صريح في هذه الكلمة ورأينا المصححين تراوحوا في ضبطها بين الكسر والفتح بغير دليل كان حملها على ما جاء من نوعها أولى.
(وفي هذه الصفحة س 22) هذا ما اشترى طلحة من فلان فتاة بخمسمائة درهم بالحسب والطيب) وضبط درهم بفتح أوله والصواب كسره ولم يحك أحد من اللغويين في الدال ضبطاً آخر وإنما نصوا على جواز الفتح والكسر على الهاء وعلى كونه أيضاً زنة محراب.
(وفي مادة د ب ب ص 358 س 21) وقال ابن الأعرابي الدبادب والجباجب الكثير الصياح والجلبة وأنشد:
إياك أن تستبدلي قرد القفا
…
حزابية وهيباناً جباجبا
الف كان الغازلات منحنه
…
من الصوف نكثاً أو لئيماً دبادبا
وكتب المصحح بالحاشية ما نصه: قوله والجباجب هكذا في الأصل والتهذيب بالجيمين وحرر. قلنا لم يظهر لنا وجه توقف المصحح في هذه الكلمة مع ورودها في مادة (ج ب ب) واستشهاد المصنف عليها بهذين البيتين منسوبين هناك لعبد الله بن حجاج التغلبي.
وفي مادة (ط ي ب ص51 س 17) قوله عز وجل طبتم فادخلوها خالدين معناه كنتم
طيبين في الدنيا فادخلوها وجاء (كتتم) هكذا بتاءين وصوابه بنون فتاء وهو ظاهر.
(وفي مادة ع ت ب ص 56 س23) والتعتب التجني تعتب عليه وتجني عليه بمعنى واحد وروي (التعتب) بالجر والصواب رفعه على أنه مبتدأ خبره التجني.
(وفي مادة ك ل ب ص 220 س12) أرض كلبة أي غليظة قف لا يكون فيها شجر ولا كلأ ولا نكون جبلاً. وروي (نكون) بالنون أوله وصوابه بالمثناة الفوقية لأن الضمير فيه يعود إلى الأرض.
(وفي مادة ف ت ت ص 369) روي لزهير
كأن فتات العهن في كل منزل
…
نزلن به حب القنى لم يحطم
ولا معنى هنا للقنى بالقاف وإنما هو الفنا بالفاء وهو عنب الثعلب أو شجر ذو حب أحمر وبه روي البيت في مادة (ف ن ي ص 25) ولم يذكر شراح المعلقات غير هذه الرواية فيه.
(وفي مادة ح ي ث ص 545 س 11) حيث ظرف مبهم من الأمكنة الخ بتنوين (حيث) والصواب بناؤها لأن كلام المصنف عنها صريح أنه يريد المبنية لا ملعربة في لغة بني فقعس التي تكلم عليها بعد ذلك.
(وفي مادة ح ر ج ص 59) روي لعنترة يصف ظليماً وقلصه:
يتبعن قلة رأسه وكأنه
…
حرج على نعش لهن مخيم
وروي (مخيم) بالرفع على أنه تعت لحرج والصواب جره على أنه نعت النعش وبه ضبط في مادة (ن ع ش ص 247) ومعناه المجعول عليه خيمة كما في شرح ابن النحاس على المعلقات. وللحرج معان أوفقها لما هنا أنه خشب يشد بعضه إلى بعض ويجعل فوق نعش الميت. ولا يخفى أن قوافي القصيدة كلها مجرورة فلا داعي لتوهم أقواء لم ينص عليه أحد.
(وفي مادة ع ر ج ص 145) روي لأبي المكعب الأسدي:
أفكان أول ما أثبت تهارشت
…
أبناء عرج عليك عند وجار
وجاء بعده يعني أبناء الضباع وترك صرف عرج لأنه جعل اسماً للقبيلة أما ابن الأعرابي فقال لم يجر عرج وهو جمع لأنه أراد التوحيد والعرجة الخ وضبط (لم يجر) بفتح فضم
مع تشديد الراء أي يجعله مضارعاً لجر والكلام هنا في منع الصرف فكان الصواب أن يضبط بضم فسكون مع تخفيف الراء من أجراه يجريه بمعنى صرفه وهو اصطلاح قديم لهم يعبر به سيبويه في الكتاب وصاحب القاموس في بعض المواضع والمعنى عليه ظاهر في سياق العبارة إذا لا خلاف في أن لفظ (عرج) في البيت مجرور للإضافة وإن كان جره بالفتحة. اللهم إلا إذا حملناه على تساهل بعض القدماء في التعبير عن ألقاب الأعراب فيكون المراد بالجر هنا الكسر غير أننا نرى ضبطه على ما ذكرناه أولى منعاً للالتباس.
(وفي مادة ع ن ج ص 154 س3) والعنج أن يجذب راكب البعير خطامه قبل رأسه حتى ربما لزم دفراه بقادمة الرحل وروي دفراه بالدال المهملة والصواب بالمعجمة وهي العظم الشاخص خلف أذن البعير والمراد حتى تحاذي أذن البعير قادمة الرحل من شدة الجذب.
(وفي مادة غ م ل ج ص 161) روي أبي نخيلة في وصف ناقة تعدو في خرق واسع
تغرقه طوراً بشد تدرجه
…
وتاره يغرقها غملجه
هكذا بضبط (غملجه) بفتح الجيم وضم الهاء والصواب ضم الجيم لرفعه على الفاعلية ليغرق وإشكان هاء الوصل.
(وفي مادة ف ر ج صفحة 166) روي للبيد:
قعدت كلا الفرجين تحسب أنه
…
مولى المخافة خلفها وأمامها
وروي (قعدت) بالقاف من القعود وهو شيء لم يروه أحد وإنما الصواب (فغدت) بالفاء والغين المعجمة من غدا يغدو أو بالمهملة من عدا يعدو وهما الروايتان المنصوص عليهما في شروح المعلقات وبالأولى ورد البيت في مادة (ول ي ص 291) إلا أنه روي بنصب خلفها وأمامها مع أن القصيدة مرفوعة الروي فالصواب رفعمها على أن الأول بدل من مولى والثاني معطوف عليه أو يكون مولى مرفوعاً بالابتداء وخلفها خبره والجملة خبران كما ذكر الإمام التبريزي في شرحه.
(لها بقية)