المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الزنا وأنصاره سبق لنا أن قدمنا للحكومة النصائح المتعددة وبينا الفوئد - مجلة الحقائق - جـ ٢٨

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌الزنا وأنصاره سبق لنا أن قدمنا للحكومة النصائح المتعددة وبينا الفوئد

‌الزنا وأنصاره

سبق لنا أن قدمنا للحكومة النصائح المتعددة وبينا الفوئد التي نجمت عن إبطال محل المومسات (المرقص) وطلبنا إليها أن تحسم هذا الأمر حسماً باتاً باستابتهن أو نفيهن ولكن كل هذه النصائح لم تؤثر التأثير المطلوبة فإنا لا وزال نسمع أن الحكومة تفكر في إيجاد محل لهن وذلك بإيعاز بعض المفسدين المتفرنجين الذي يصدق عليهم قول الله سبحانه (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) وشبهتهم في ذلك أن إبطال المرقص قد أضر بالحرائر من وجهين الأول اختلاط المومسات بينهن وما ينشأ عنهن من إفساد أخلاقهن والثاني تحرش الزناة بالحرائر فإنهم لما لم يجدوا محلاً يذهبون إليه يأتوا إلى الحرائر فيراودوهن عن أنفسهن وقلنا أن كلا الوجهين خطأ ظاهر وليس إلا من الوهم ووساوس الشيطان.

أما اختلاطهن بالحرائر فليس له محل إلا الأسواق ومن كان يمنع المومسات عن النزول إلى الأسواق والاختلاط بالحرائر من قبل؟ بل كان الاختلاط أكثر لأن المومسات كن أضعاف ما عليه الآن لأن أكثرهن قد سافرن لعدم رواج فحشهن بسبب عدم وجود المحل فكن ينزلن إلى الأسواق ويغازلن الرجال وإذا سنحت لهن الفرصة بالاجتماع بالحرائر سهلن لهن سبيل الخروج على ازواجهن وتواعدن على الاجتماع في محلهن المرقص. أما الآن فليس محل يتواعدن للقاء فيه. أما تحرش الزناة بالحرائر فإن الزاني إذا كان له محل خاص يقدر أن يؤوي فيه الزانية فلا يؤثر فيه وجود المرقص أو عدمه فهو يتعرض لمن يقدر على استمالتها إليه فهذا يجب علينا أن نطالب الحكومة بتعقيبه لأن القانون يمنع مثل هذا العمل. وإن كان الزاني لا محل له فلا يراود امرأة عن نفسها سواء أكانت حرة أو زانية لأن عدم المحل له تأثير كبير في تقليل الزنا فترى الرجل الفاجر يضيق ذرعاً ويتمزق غيظاً حينما يشاهد الزانية تطاوعه على قضاء شهوته ولا يجدان محلاً يلجآن إليه فلا هو يقدر أن يدخلها بيته لأن عائلته وجيرانه يقيمون النكير عليه وليس لها بيت تأخذه إليه للسبب نفسه فلا يلبثان أن يتفارقا وقد كاد أن ينقطع أملهما من العودة إلى مثل هذا العمل فظهر مما تقدم أن هذه الشبه لا يصح التمسك بها بل هي حجة عليهم لا لهم.

بقي الذين تربوا على الزنا وفشت فيهم هذه الفاحشة وقد منعوا منها بسبب إبطال المرقص فيظهر أن هؤلاء هم الذين يعجزون الحكومة ويطالبونها بإرجاعه ويصورون لها ضرر

ص: 18

إبطاله بما توحيه إليهم شياطينهم فالواجب على الحكومة أن تبعدهم وتقصيهم وأن تسمع لأهل الدين والعرض وتعمل بآرائهم في مثل هذه المسائل. الم يكفنا ما حل بنا من البلايا وما انتابنا من الرزايا؟ ألم يردعنا ما نشاهده من انكسارنا واستيلاء العدو على بلادنا؟ أم يأن لنا أن تخشع قلوبنا ونرجع إلى ديننا؟ أما حان للحكومة أن تنبذ هؤلاء المتفرنجين فإنهم سبب الضعف وجرثومة الفساد وهم يقومون بمثل هذه المسائل لينفروا الرعية من الحكومة ويجعلونها حانقة عليه أما آن لها أن تعلم نواياهم وأميالهم فإنهم والله ينصبون لها المكائد ويتربصون بها الدوائر ألم تعلم أنه لا نصير لها إلا أهل الدين وأنه لا اعتماد لها في المستقبل إلا عليهم. فإنهم هم الذين يقدرون الخلافة الإسلامية حق قدرها وهم الذين ينصرونها ويشدون إزرها. أليست الخلافة إسلامية؟ أليس الدين الإسلامي هو دين الحكومة الرسمي؟ فبأي حجة يطلب هؤلاء المتفرنجون فتح محلات للزنا في هذه البلاد الإسلامية أما يجب على الحكومة أن تلاحظ عواطف أهل الدين والعرض وأميالهم وهم القوم الأكثر في دمشق؟ إذا كان لم يبق (لا قدر الله) للدين سلطة على القلوب فلينظروا إلى الإنكليز فإنهم ليس عندهم محال عمومية للمومسات كما ذكرنا ذلك في المجلد الأول ص 432 من هذه المجلة فليراجع.

هذا وقد بلغنا أن أطباء العسكرية قدموا تقريراً لمجلس الإدارة بلزوم إرجاع المرقص قائلين أن الجند (العسكر) يتضررون من عدم قضاء شهواتهم إلى غير ذلك من الأوهام التي يتمسك بها الأطباء ويعدونها حججاً.

فنقول لهؤلاء إذا كان الجند يتضررون على زعمكم من عدم قضاء شهواتهم فلم لا تحملون معكم إلى ساحة الحرب الزانيات وكيف يعيش الجيش الإنكليزي الذي لا محل للمومسات عنده من غير أن يلحقه هذا الضرر الذي تتخرصون به. نعم سمعنا من بعض أطباء الخستخانة في دمشق أن الداء الإفرنجي الذي كان فاشياً بين الجنود قد قل قلة تذكر بسبب إبطال المرقص.

فنلفت أنظار مجلس الإدارة إلى هذا الأمر فإن رجاله هم وحدهم المسؤولون عنه فهل تقبل ذمتهم ودينهم أن يتحملوا تبعة هذا الأمر فإن الله معاقبهم على كل زنية تفعل في هذا المحل الذي يراد إنشاؤه كأنهم هم الفاعلون قال صلى الله عليه وسلم من حديث أخرجه مسلم من

ص: 19

سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

هذا ما أردنا بيانه قياماً بواجب التذكير والخير أردنا ولكل امريء ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أين منقلب ينقلبون.

ص: 20