الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
الإسلام وأصول الحكم
بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام
بل دعوة جديدة إلى نسف بنائها، وتضليل أبنائها
(تمهيد) ما زال أعداء الإسلام الطامعون في ثل عرشه والقضاء على ملكه
وإبطال تشريعه، واستعباد الشعوب التي تدين الله به، يجاهدونه بالسيف والنار،
وبالكيد والدهاء، وبالآراء والأفكار، وبإفساد العقائد والأخلاق، وبالطعن في جميع
مقومات هذه الأمة ومشخصاتها، وتقطيع جميع الروابط التي ترتبط بها شعوبها
وأفرادها، ليسهل جعلها طعمة للطامعين، وفريسة لوحوش المستعمرين، وقد كانت
هذه الحرب السياسية العلمية للإسلام والمسلمين أضر وأنكى من الحروب الصليبية
باسم الدين ، فالحرب الصليبية كانت تجمع كلمة المسلمين للدفاع عن حقيقتهم
والمدافعة عن سلطتهم، وهذه الحرب المعنوية فرقت كلمتهم وشقت عصاهم،
ومزقت شمل شعوبهم، وأذاقت بعضهم بأس بعض، فصاروا عونًا لأعدائهم على
أنفسهم ، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي خصومهم {فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} (الحشر: 2) .
قد كان آخر فوز لهذه الحرب على المسلمين محو اسم السلطنة العثمانية
الإسلامية من لوح الوجود، وإلغاء الترك لمنصب الخلافة من دولتهم الصغيرة،
التي أمكنهم استبقاؤها من تلك السلطنة العظيمة ، وتأليفهم حكومة جمهورية غير
مقيدة بالشرع الإسلامي في أصول أحكامه ولا فروعها ، وتصريحهم بالفصل التام
بين الدولة والدين؛ فذعر العالم الإسلامي وزلزل بعملهم هذا زلزالاً شديدًا،
وطرب له الإفرنج ومروجو سياستهم من نصارى الشرق وملاحدة المتفرنجين
المارقين من الإسلام، ورفع هؤلاء عقائرهم في مصر، هاتفين لعمل الترك،
وكذلك فعل أمثالهم في سائر البلاد، إلا أن هؤلاء نشطوا لجعل الحكومة المصرية
حكومة لا دينية كحكومة أنقرة فهزئ العالم الإسلامي بدعوتهم وسخر منهم ، وراجت
في مقابلتها الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي عام؛ لإحياء منصب الخلافة بقدر ما
تستطيعه قوى الإسلام في هذا الزمان.
بينا نحن معشر المسلمين على هذا إذا نحن بنبأة جديدة في شكلها، تؤيد تلك
النزعة الإفرنجية النصرانية في موضوعها، وتلك الفعلة الإلحادية في مشروعها.
بينا نحن كذلك إذا نحن ببدعة حديثة ، لم يقل بمثلها أحد انتمى إلى الإسلام
صادقًا ولا كاذبًا، بدعة شيطانية لم تخطر في بال سني ولا شيعي ولا خارجي ولا
جهمي ولا معتزلي، بل لم تخطر على بال أولئك الزنادقة الذين زعموا أن للإسلام
باطنًا غير ظاهره، فظاهره للعوام الجاهلين، وباطنه للخواص العارفين، وأرادوا
هدم سلطان الإسلام بالإسلام؛ لإعادة سلطان المجوسية الكسروية التي قضى عليها
المسلمون القضاء الأبدي، وإنما سبق الناعق بها اليوم ناعق آخر من متفرنجة هذه
البلاد ومن رجال القانون والقضاء الأهلي ، قيل: إنه انضوى إلى دين البابية
البهائية آخر فرق الباطنية ، نعق بها هذا الرجل في مجمع عقده لها في الإسكندرية
منذ بضع سنين بخطاب (محاضرة) ألقاه على كثير من رجال القانون ، ثم طبعه
ووزعه بالمجان فرددنا عليه ردًّا أعجزه فلم يستطع أن يدافع عن نفسه ولا دافع عنه
أحد من أعداء الإسلام ، لا من البهائية ولا من رجال قوانينهم الوضعية الذين
يريدون أن ينسخوا بها الشريعة الإسلامية.
وأما الناعق بهذه البدعة اليوم فمن العلماء المتخرجين في الأزهر ومن قضاة
المحاكم الشرعية {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5) ، ومن بيت كريم في هذه
البلاد عُرف أهله بالآداب العالية والأخلاق وبالدين أيضًا ، خلاصة هذه البدعة:
أنه ليس للإسلام خلافة ولا إمامة ولا حكومة ولا تشريع سياسي ولا قضائي ،
وأنه دين روحاني محض كدين النصارى بالمعنى الذي فهمته شيعة البروتستانت
منهم دون من قبلهم ، وأن ما ادعاه المسلمون من عهد أبي بكر الصديق رضي الله
عنه إلى يومنا هذا من أمر الإمامة والخلافة باطل من القول وضلال من العمل،
وفساد في الأرض، لما جعلوه للخليفة من السلطان الديني الإلهي، وإنما أضل
جماعة المسلمين في ذلك الملوك؛ لتوطيد سلطانهم فيهم، وأن أبا بكر كان ملكًا
للعرب أراد أن يحقق وحدتهم. ويجعل السلطان لقريش وحدهم فيهم، وليس له ولا
لمؤيديه حجة من الدين، ولم يكن جميع الخارجين عليه والمانعين أداء الزكاة له
مرتدين عن الإسلام، وأن قتالهم لم يكن دينيًّا بل سياسيًّا للدفاع عن دولة العرب
ووحدتهم، والدين نفسه لم يوجب أن تكون للعرب ولا لغيرهم من المسلمين دولة
ولا وحدة ، بل لكل فريق من المسلمين عربهم وعجمهم أن يقيموا لأنفسهم حكومة
يرضونها، ودين الإسلام لم يقيدهم في ذلك بقيد ما ، بل هو بريء من كل ما
عزوه إليه من ذلك.
هذه خلاصة البدعة الجديدة التي قام ببثها اليوم في العالم الإسلامي الشيخ علي
عبد الرازق (من علماء الجامع الأزهر وقضاة المحاكم الشرعية) المصرية بكتاب
ألفه فيها جاوزت صفحاته المائة، وهو يوزعه في الأقطار الإسلامية - على ما
بلغنا - بغير ثمن، وما كان لدعاة الأديان والمذاهب والأحزاب السياسية
والاجتماعية أن يستغلوا دعايتهم ويتجروا بالمال فيها فحسب الديني منهم ثواب الله
في الآخرة، والدنيوي عظمة الدنيا وجاهها والانتظام في سلك مؤسسي الانقلابات
الكبرى فيها.
ولا ينبغي لنا أن نكتفي في بيان ملخص هذه البدعة بما فهمناه من الكتاب من
غير نقل عبارته في النتيجة المرادة منه، وإن كان هذا الملخص مقدمة وتمهيدًا لرد
طويل مفصل نبطل به نصوصه المختلبة، ومقاصده المختبلة، قال في الصفحة
الأخيرة منه (ص103) ما نصه:
(والحق أن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون
وبريء من كل ما هيَّأوا حولها من رغبة ورهبة، ومن عزة وقوة، والخلافة ليست
في شيء من الخطط الدينية. كلا ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم
ومراكز الدولة، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة، لا شأن للدين بها، فهو لم
يعرفها ولم ينكرها ولا أمر بها، ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى
أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة) ، ثم قال إيضاحًا لهذا:
(لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم
الاجتماع والسياسة كلها ، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه [1]
وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجت العقول البشرية وأمتن
ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم) .
أقول: القضية الأولى من هذا الإيضاح حق أريد به باطل وهو ما بعده،
فنظام الخلافة الإسلامية أفضل نظام عرفه البشر ، وكان المسلمون أعز الأمم عندما
أقاموه ، وما ذلوا واستكانوا لغير ربهم إلا عندما تركوه، وما كان لأمة عاقلة مستقلة
أن تبني قواعد ملكها ونظام حكومتها على أحدث تجارب غيرها من الأمم فتكون
كقدح الراكب لا تستقر على حال من القلق والاضطراب، ومن ذا الذي يحكم لها
بالخيرية بين الجمهورية والملكية، وبين الاشتراكية والبلشفية والرأسمالية مثلاً؟
وإذ كان يقول: هذا حكم الإسلام في المسألة عنده فماذا يقول فيما في القرآن
والسنة من الأحكام السياسية: كالمعاهدات والمعاهدين وأحكام الحرب ، والأحكام
القضائية الشخصية كالمواريث والزواج والطلاق والعدة ، والأحكام المدنية كتحريم
الربا وأكل أموال الناس بالباطل، وأحكام العقوبات من حدود وتعزيزات؛ هل
ينكرها من أصلها كما أنكر أحاديث الخلافة والإجماع على نصب الخليفة؟ أم يقول:
إن طاعة الله ورسوله لا تجب فيها، وإنها مستثناة من حكم قوله تعالى:
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (النساء: 59) ويستدِلُّ على
ذلك ببعض الشعر الذي يحفظه من الأغاني والعقد الفريد ودواوين الشعراء كما فعل
فيما سنذكره من دلائله في بحث الخلافة.
أم يقول فيها كما قال سلفه والسابق له إلى اقتراح هدم حكومة الإسلام من
أساسها ، ونسف أصولها الأربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس أحمد صفوت
أفندي الذي أشرنا إلى بدعته آنفًا ، تلك البدعة التي كانت سببًا فيما نرى لندب
الإنكليز إياه لإصلاح القضاء في فلسطين! ! وملخصها: أن النبي (صلى الله
عليه وسلم) كان حاكمًا للمسلمين ، وكانت طاعته واجبة كما تجب طاعة كل حاكم
في زمن حكمه، وأن أحكامه لا يجب أن تتبع من بعده، وأن لكل حاكم في كل
زمن مثلما كان له من ذلك وله بمقتضاه أن يلغي كل حكم كان قبله، لا فرق بين
الرسول وغيره، وكذلك إجماع المتقدمين وأقيستهم لا يجب أن يؤخذ بها من بعدهم
فإجماعنا في هذا العصر خير لنا من إجماعهم، وأقيستنا خير لنا من أقيستهم.
وأما أحكام القرآن فقد صرح بأنها هي التي فرضها الله على المسلمين في كل
زمان دون غيرها ، ثم جعل ما عدا المبادئ العامة منها (أي كالأمر بالعدل) ثلاثة
أقسام: ما حرمه الله وما أوجبه وما جوزه - فحكم الأول عنده - وقد مثل له بتحريم
الأمهات والبنات - أن لا يتعرض له ولا يحكم بشيء يخالفه في مرماه! ! وحكم
الثاني عنده - وقد مثل له بالعدة والإشهاد على عقد الزواج - أن يبقى منه ما تتحقق
به الحكمة المقصودة منه ، فيستغنى بها عن التزام الحكم نفسه......... [2] حكومة أن
تحرم بالقوانين الوضعية ما تشاء منه ، ثم قال ما نصه: (وبذلك ينقض وجوب
التقيد بالمعاني الحرفية للألفاظ الواردة في القرآن) .
فخلاصة رأيه أن كل ما ثبت بالسنة أو الإجماع أو القياس من الأحكام
الشرعية لا يجب على أحد من المسلمين العمل به، وأن أحكام القرآن نفسها لا
يجب العمل بنصوصها ومدلول ألفاظها، وإنما يبحث المسلمون ما داموا يدَّعون
الإسلام عن مرمى المحرمات منها فيراعونه، وعن حكمة الواجبات فيراعونها ، وأما
الجائزات فلهم أن يحرموا منها ما أحله الله أو يوجبوه بحسب ما يتراءى لحكوماتهم
في كل زمان.
ولكن ظاهر عبارة عالم الأزهر وقاضي الشرع الذي جاء خلفًا لهذا السلف
القانوني في هدم التشريع الإسلامي أن أحكام القرآن كغيرها لا توجب على المسلمين
التقيد في حكومتهم بها ، ولا تمنعهم أن يأخذوا بأحدث تجارب الأمم فيها حتى إذا
فرضنا أن أحدثها وهي البلشفية نجحت فلا حرج عليهم في الأخذ بها.
أول ما يقال في وصف هذا الكتاب لا في الرد عليه: إنه هدم لحكم الإسلام
وشرعه من أساسه، وتفريق لجماعته، وإباحة مطلقة لعصيان الله ورسوله في
جميع الأحكام الشرعية الدنيوية، من شخصية وسياسية ومدنية وجنائية ، وتجهيل
للمسلمين كافة من الصحابة والتابعين، والأئمة المجتهدين والمحدثين والمتكلمين،
وبالجملة هو اتباع لغير سبيل المؤمنين ، فالإسلام بريء منه بحسب ما فهمه
المسلمون من العصر الأول إلى عصرنا هذا ، وإننا سنرد على جميع أبوابه
وفصوله ردًّا مفصلاً جريًا على خطتنا في الدفاع عن ديننا وملتنا، ولكننا لا نقول
في شخص صاحبه شيئًا فحسابه على الله تعالى ، وإنما نقول: إنه لا يجوز لمشيخة
الأزهر أن تسكت عنه كما سكتت عن أحمد صفوت وأمثاله، فإن هذا المؤلف
الجديد رجل منهم ، فيجب عليهم أن يعلنوا حكم الإسلام في كتابه لئلا يقول هو
وأنصاره: إن سكوتهم عنه إجازة له أو عجز عن الرد عليه، فإن كان ردنا عليه
ودحضنا لشبهاته يرفع عنهم إثم الإنكار عليه وتحذير الناس من ضلالته - لأن
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات - فإن للأئمة التي توجه
إليهم بالسكوت عن مثل هذا لا ترتفع بردنا وحدنا، بل يحط من أقدارهم في نظر
الأمة كلها، وحاشاهم الله من ذلك.
((يتبع بمقال تالٍ))
_________
(1)
الاستكانة: الذل والخضوع تتعدى باللام لا بـ (إلى) قال تعالى: [فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ](المؤمنون: 76) .
(2)
يوجد هنا بياض بالأصل لم نقف عليه بعد البحث عنه.
الكاتب: أحمد بن تيمية
مناظرة ابن تيمية العلنية
لدجاجلة البطائحية الرفاعية
(وهي من أعظم ما تصدى له ، وقام به شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن
تيمية - قدس الله روحه - من إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وإحياء السنة، ومحاربة البدعة، بعد أن أهمل ذلك الحكام ، فالعلماء ، ففشت البدع
وصار كثير منها يُعد من شعائر الدين، أو خصائص الصالحين، فكان رحمه الله
من أعظم المجددين) قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله رب السموات والأرضين،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
تسليمًا دائمًا إلى يوم الدين.
(أما بعد) فقد كتبت ما حضرني ذِكْره في المشهد الكبير بقصر الإمارة
والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكُتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم ، في
أمر البطائحية يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس؛ لتشوُّف الهمم إلى معرفة
ذلك ، وحرص الناس على الاطلاع عليه، فإن من كان غائبًا عن ذلك قد يسمع
بعض أطراف الواقعة ، ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع، ومن
الحاضرين من سمع ورأى ما لم يسمع غيره ويَرَه لانتشار هذه الواقعة العظيمة،
ولما حصل بها من عز الدين وظهور كلمته العليا وقهر الناس على متابعة الكتاب
والسنة، وظهور زيف من خرج عن ذلك من أهل البدع المضلة، والأحوال الفاسدة
والتلبيس على المسلمين.
وقد كتبت في غير هذا الموضع صفة حال هؤلاء البطائحية وطريقهم وطريق
الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وحاله وما وافقوا منه المسلمين وما خالفوهم؛ ليتبين ما
دخلوا فيه من دين الإسلام وما خرجوا فيه عن دين الإسلام، فإن ذلك يطول وصفه
في هذا الموضع، وإنما كتبت هنا ما حضرني ذكره من حكاية هذه الواقعة
المشهورة في مناظرتهم ومقابلتهم، وذلك أني كنت أعلم من حالهم بما قد ذكرته في
غير هذا الموضع ، وهو أنهم وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام وطريقة الفقر
والسلوك، ويوجد في بعضهم التعبد والتألُّه والوجد والمحبة والزهد والفقر
والتواضع ولين الجانب والملاطفة في المخاطبة والمعاشرة والكشف والتصرف
ونحو ذلك ما يوجد ، فيوجد أيضًا في بعضهم من الشرك وغيره من أنواع الكفر،
ومن الغلو والبدع في الإسلام والإعراض عن كثير مما جاء به الرسول والاستخفاف
بشريعة الإسلام والكذب والتلبيس، وإظهار المخارق [1] الباطلة ، وأكل أموال
الناس بالباطل والصد عن سبيل الله ما يوجد.
وقد تقدمت لي معهم وقائع متعددة ، بيَّنت فيها لمن خاطبته منهم ومن غيرهم
بعض ما فيهم من حق وباطل، وأحوالهم التي يسمونها الإشارات، وتاب منهم
جماعة، وأدب منهم جماعة من شيوخهم، وبينت صورة ما يظهرونه من المخاريق
مثل ملابسة النار والحيات ، وإظهار الدم واللاذن والزعفران وماء الورد والعسل
والسكر وغير ذلك، وأن عامة ذلك عن حيل معروفة وأسباب مصنوعة، وأراد
غير مرة منهم قوم إظهار ذلك ، فلما رأوا معارضتي لهم رجعوا ودخلوا على أن
أسترهم ، فأجبتهم إلى ذلك بشرط التوبة، حتى قال لي شيخ منهم في مجلس عام
فيه جماعة كثيرة ببعض البساتين لما عارضتهم بأني أدخل معكم النار بعد أن
نغتسل بما يذهب الحيلة ، ومن احترق كان مغلوبًا، فلما رأوا الصدق أمسكوا عن
ذلك.
وحكى ذلك الشيخ أنه كان مرة عند بعض أمراء التَّتَر بالمشرق ، وكان له
صنم يعبده قال: فقال لي: هذا الصنم يأكل من هذا الطعام كل يوم ، ويبقى أثر
الأكل في الطعام بيِّنًا يُرَى فيه، فأنكرت ذلك، فقال لي: إن كان يأكل أنت تموت؟
فقلت: نعم، قال: فأقمت عنده إلى نصف النهار ولم يظهر في الطعام أثر،
فاستعظم ذلك التتري ذلك ، وأقسم بأيمان مغلظة أنه كل يوم يرى فيه أثر الأكل لكن
اليوم بحضورك لم يظهر ذلك ، فقلت لهذا الشيخ: أنا أبين لك سبب ذلك ، ذلك
التتري كافر مشرك ، ولصنمه شيطان يغويه بما يظهره من الأثر في الطعام ، وأنت
كان معك من نور الإسلام وتأييد الله تعالى ما أوجب انصراف الشيطان عن أن يفعل
ذلك بحضورك [2] ، وأنت وأمثالك بالنسبة إلى أهل الإسلام الخالص كالتتري
بالنسبة إلى أمثالك، فالتتري وأمثاله سود، وأهل الإسلام المحض بيض، وأنتم
بُلْق فيكم سواد وبياض ، فأعجب هذا المثل من كان حاضرًا.
وقلت لهم في مجلس آخر لمَّا قالوا: تريد أن نظهر هذه الإشارات؟ قلت: إن
عملتموها بحضور من ليس من أهل الشأن من الأعراب والفلاحين أو الأتراك أو
العامة أو جمهور المتفقهة والمتفقرة والمتصوفة ، لم يُحسب لكم ذلك ، فمن معه
ذهب فليأت به إلى سوق الصرف إلى عند الجهابذة الذين يعرفون الذهب الخالص
من المغشوش من الصُّفر، لا يذهب إلى عند أهل الجهل بذلك ، فقالوا لي: لا
نعمل هذا إلا أن تكون همتك معنا [3]، فقلت: همتي ليست معكم بل أنا معارض
لكم مانع لكم؛ لأنكم تقصدون بذلك إبطال شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فإن كان لكم قدرة على إظهار ذلك فافعلوا ، فانقلبوا صاغرين.
فلما كان قبل هذه الواقعة بمدة كان يدخل منهم جماعة مع شيخ لهم من شيوخ
البر مُطوَّقين بأغلال الحديد في أعناقهم [4] ، وهو وأتباعه معروفون بأمور ، وكان
يحضر عندي مرات فأخاطبه بالتي هي أحسن ، فلما ذكر الناس ما يظهرونه من
الشعار المبتدع الذي يتميزون به عن المسلمين، ويتخذونه عبادة ودينًا ، يوهمون به
الناس أن هذا لله سر من أسرارهم، وأنه سِيماء أهل الموهبة الإلهية السالكين
طريقهم: أعني طريق ذلك الشيخ وأتباعه - خاطبته في ذلك بالمسجد الجامع وقلت:
هذا بدعة لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله ولا فعل ذلك أحد من سلف هذه الأمة
ولا من المشايخ الذين يقتدي بهم [5] ، ولا يجوز التعبد بذلك ولا التقرب به إلى الله
تعالى؛ لأن عبادة الله بما لم يشرعه ضلالة، ولباس الحديد على غير وجه التعبد قد
كرهه من كرهه من العلماء للحديث المروي في ذلك ، وهو أن النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم رأى على رجل خاتمًا من حديد فقال: (ما لي أرى عليك حلية
أهل النار) [6] ، وقد وصف الله تعالى أهل النار بأن في أعناقهم الأغلال، فالتشبه
بأهل النار من المنكرات ، وقال بعض الناس: قد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في حديث الرؤيا قال في آخره: (أحب القيد
وأكره الغل القيد ثبات في الدين) فإذا كان مكروهًا في المنام فكيف في اليقظة [7] .
فقلت له في ذلك المجلس ما تقدم من الكلام أو نحوًا منه مع زيادة ، وخوفته
من عاقبة الإصرار على البدعة ، وأن ذلك يوجب عقوبة فاعله ، ونحو ذلك من
الكلام الذي نسيت أكثره لبعد عهدي به ، وذلك أن الأمور التي ليست مستحبة في
الشرع لا يجوز التعبد بها باتفاق المسلمين، ولا التقرب بها إلى الله ، ولا اتخاذها
طريقًا إلى الله وسببًا لأن يكون الرجل من أولياء الله وأحبائه، ولا اعتقاد أن الله
يحبها أو يحب أصحابها كذلك، أو أن اتخاذها يزداد به الرجل خيرًا عند الله وقربة
إليه، ولا أن يجعل شعارًا للتائبين المريدين وجه الله، الذين هم أفضل ممن ليس
مثلهم.
فهذا أصل عظيم تجب معرفته والاعتناء به ، وهو أن المباحات إنما تكون
مباحة إذا جعلت مباحات ، فأما إذا اتخذت واجبات أو مستحبات كان ذلك دينًا لم
يشرعه الله، وجعْل ما ليس من الواجبات والمستحبات منها بمنزلة جعْل ما ليس من
المحرمات منها، فلا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه الله، ولهذا عظم
ذم الله في القرآن لمن شرَّع دينًا لم يأذن الله به، ولمن حرم ما لم يأذن الله
بتحريمه [8] فإذا كان هذا في المباحات فكيف بالمكروهات أو المحرمات؟ ولهذا
كانت هذه الأمور لا تلزم بالنذر، فلو نذر الرجل فعْل مباح أو مكروه أو محرم ، لم
يجب عليه فعله كما يجب عليه إذا نذر طاعة الله أن يطيعه، بل عليه كفارة يمين
إذا لم يفعل عند أحمد وغيره، وعند آخرين لا شيء عليه، فلا يصير بالنذر ما
ليس بطاعة ولا عبادة [9] .
ونحو ذلك العهود التي تتخذ على الناس لالتزام طريقة شيخ معين وعهود أهل
الفتوة ورماة البندق ونحو ذلك ، ليس على الرجل أن يلتزم من ذلك على وجه الدين
والطاعة لله إلا ما كان دينًا وطاعة لله ورسوله في شرع الله ، لكن قد يكون عليه
كفارة عند الحنث في ذلك ، ولهذا أمرت غير واحد أن يعدل عما أخذ عليه من العهد
بالتزامه طريقة مرجوحة أو مشتملة على أنواع من البدع إلى ما هو خير منها من
طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، واتباع الكتاب والسنة إذ كان المسلمون
متفقين على أنه لا يجوز لأحد أن يعتقد أو يقول عن عمل: إنه قربة وطاعة وبر
وطريق إلى الله واجب أو مستحب إلا أن يكون مما أمر الله به ورسوله صلى الله
عليه وسلم ، وذلك يعلم بالأدلة المنصوبة على ذلك، وما عُلم باتفاق الأمة أنه ليس
بواجب ولا مستحب ولا قربة ، لم يجُزْ أن يُعتقَد أو يقال: إنه قربة وطاعة، فكذلك
هم متفقون على أنه لا يجوز قصد التقرب به إلى الله، ولا التعبد به ولا اتخاذه دينًا
ولا عمله من الحسنات، فلا يجوز جعله من الدين لا باعتقاد وقول، ولا بإرادة
وعمل، وبإهمال هذا الأصل غلط خلق كثير من العلماء والعباد يرون الشيء إذا لم
يكن محرمًا لا ينهى عنه ، بل يقال: إنه جائز [10] ولا يفرقون بين اتخاذه دينًا
وطاعة وبرًّا وبين استعماله كما تستعمل المباحات المحضة، ومعلوم أن اتخاذه دينًا
بالاعتقاد أو الاقتصاد أو بهما وبالقول أو بالعمل أو بهما من أعظم المحرمات وأكبر
السيئات، وهذا من البدع المنكرات التي هي أعظم من المعاصي التي يعلم أنها
معاصي سيئات.
***
فصل
فلما نهيتهم عن ذلك أظهروا الموافقة والطاعة ، ومضت على ذلك مدة والناس
يذكرون عنهم الإصرار على الابتداع في الدين، وإظهار ما يخالف شرعة المسلمين،
ويطلبون الإيقاع بهم، وأنا أسلك مسلك الرفق والأناة، وأنتظر الرجوع والفيئة،
وأؤخر الخطاب إلى أن يحضر (ذلك الشيخ) لمسجد الجامع ، وكان قد كتب إليّ
كتابًا بعد كتاب فيه احتجاج واعتذار، وعتب وآثار ، وهو كلام باطل لا تقوم به
حجة، بل إما أحاديث موضوعة أو إسرائيليات غير مشروعة، وحقيقة الأمر الصد
عن سبيل الله وأكل أموال الناس بالباطل ، فقلت لهم: الجواب يكون بالخطاب ،
فإن جواب مثل هذا الكتاب لا يتم إلا بذلك، وحضر عندنا منهم شخص ، فنزعنا
الغل من عنقه، وهؤلاء هم من أهل الأهواء الذين يتعبدون في كثير من الأمور
بأهوائهم لا بما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ
اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} (القصص: 50) ؛
ولهذا غالب وَجْدِهم هوًى مطلق لا يدرون مَن يعبدون ، وفيهم شَبَه قوي من
النصارى الذين قال الله تعالى فيهم: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ
وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ} (المائدة: 77) ؛ ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع أهل الأهواء.
فحملهم هواهم على أن تجمَّعوا تجمع الأحزاب، ودخلوا إلى المسجد الجامع
مستعدين للحراب، بالأحوال التي يعدونها للغلاب ، فلما قضيت صلاة الجمعة
أرسلت إلى شيخهم؛ لنخاطبه بأمر الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ونتفق
على اتباع سبيله، فخرجوا من المسجد الجامع في جموعهم إلى قصر الإمارة وكأنهم
اتفقوا مع بعض الأكابر على مطلوبهم ، ثم رجعوا إلى مسجد الشاغو على ما ذكر
لي وهم من الصياح والاضطراب، على أمر من أعجب العجاب، فأرسلت إليهم
مرة ثانية لإقامة الحجة والمعذرة، وطلبًا للبيان والتبصرة، ورجاء المنفعة والتذكرة ،
فعمدوا إلى القصر مرة ثانية، وذكر لي أنهم قدموا من الناحية الغربية مظهرين
الضجيج والعجيج، والإزباد والإرعاد، واضطراب الرءوس والأعضاء، والتقلب
في نهر بَرَدى، وإظهار التوله الذي يخيلوا [11] به على الردى، وإبراز ما يدعونه
من الحال والمحال، الذي يسلِّمه إليهم مَن أضلوا مِن الجهال.
فلما رأى الأمير ذلك هاله ذلك المنظر، وسأل عنهم فقيل له: هم مشتكون،
فقال: ليدخل بعضهم، فدخل شيخهم وأظهر من الشكوى عليّ ودعوى الاعتداء مني
عليهم كلامًا كثيرًا لم يبلغني جميعه، لكن حدثني من كان حاضرًا أن الأمير قال لهم:
فهذا الذي يقوله من عنده أو يقوله عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا:
بل يقوله عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال: فأي شيء يقال له؟ قالوا:
نحن لنا أحوال وطريق يسلم إلينا [12]، قال: فنسمع كلامه فمن كان الحق معه
نصرناه، قالوا: نريد أن تشد منا، قال: لا ولكن أشد من الحق سواء كان معكم أو
معه، قالوا: ولا بد من حضوره؟ قال: نعم، فكرروا ذلك فأمر بإخراجهم، فأرسل
إليّ بعض خواصه من أهل الصدق والدين ممن يعرف ضلالهم ، عرفني بصورة
الحال ، وأنه يريد كشف أمر هؤلاء.
فلما علمت ذلك أُلقي في قلبي أن ذلك لأمر يريده الله من إظهار الدين،
وكشف حال أهل النفاق المبتدعين؛ لانتشارهم في أقطار الأرضين، وما أحببت
البغي عليهم والعدوان، ولا أن أسلك معهم إلا أبلغ ما يمكن من الإحسان، فأرسلت
إليهم من عرفهم بصورة الحال، وأني إذا حضرت كان ذلك عليكم من الوبال،
وكثر فيكم القيل والقال ، وأن من قعد أو قام قدام رماح أهل الإيمان ، فهو الذي
أوقع نفسه في الهوان ، فجاء الرسول وأخبر أنهم اجتمعوا بشيوخهم الكبار، الذين
يعرفون حقيقة الأسرار، وأشاروا عليهم بموافقة ما أمروا به من اتباع الشريعة،
والخروج عما ينكر عليهم من البدع الشنيعة ، وقال شيخهم الذي يسيح بأقطار
الأرض كبلاد الترك ومصر وغيرها: أحوالنا تظهر عند التتار لا تظهر عند شرع
محمد بن عبد الله ، وأنهم نزعوا الأغلال من الأعناق، وأجابوا إلى الوفاق.
ثم ذكر لي أنه جاءهم بعض أكابر غلمان المطاع [13] ، وذكر أنه لا بد من
حضورهم لموعد الاجتماع؛ فاستخرت الله تعالى تلك الليلة واستعنته، واستنصرته
واستهديته، وسلكت سبيل عباد الله في مثل هذه المسالك، حتى ألقي في قلبي أن
أدخل النار عند الحاجة إلى ذلك ، وأنها تكون بردًا وسلامًا على من اتبع ملة الخليل،
وأنها تحرق أشباه الصابئة أهل الخروج عن هذه السبيل ، وقد كان بقايا الصابئة
أعداء إبراهيم إمام الحنفاء بنواحي البطائح منضمين إلى من يضاهيهم من نصارى
الدهماء ، وبين الصابئة ومن ضل من العباد المنتسبين إلى هذا الدين، نسب يعرفه
من عرف الحق المبين، فالغالية من القرامطة والباطنية كالنصيرية والإسماعيلية ،
يخرجون إلى مشابهة الصابئة الفلاسفة ، ثم إلى الإشراك ، ثم إلى جحود الحق
تعالى ، ومِن شِرْكهم الغلو في البشر، والابتداع في العبادات، والخروج عن
الشريعة له نصيب من ذلك بحسب ما هو به لائق كالملحدين من أهل الاتحاد ،
والغالية من أصناف العباد ، فلما أصبحنا ذهبت للميعاد، وما أحببت أن أستصحب
أحدًا للإسعاد، لكن ذهب أيضًا بعض من كان حاضرًا من الأصحاب، والله هو
المسبب لجميع الأسباب ، وبلغني بعد ذلك أنهم طافوا على عدد من أكابر الأمراء،
وقالوا أنواعًا مما جرت به عادتهم من التلبيس والافتراء، الذي استحوذوا به
على أكثر أهل الأرض من الأكابر والرؤساء، مثل زعمهم أن لهم أحوالاً لا
يقاومهم فيها أحد من الأولياء، وأن لهم طريقًا لا يعرفها أحد من العلماء ، وأن شيخهم
هو في المشايخ كالخليفة، وأنهم يتقدمون على الخلق بهذه الأخبار المنيفة، وأن
المنكِر عليهم ما هو آخذ بالشرع الظاهر، غير واصل إلى الحقائق والسرائر ،
وأن لهم طريقًا وله طريق ، وهم الواصلون إلى كنه التحقيق، وأشباه هذه الدعاوى
ذات الزخرف والتزويق ، وكانوا لفرط انتشارهم في البلاد، واستحواذهم على
الملوك والأمراء والأجناد، لخفاء نور الإسلام، واستبدال أكثر الناس بالنور
الظلام، وطموس آثار الرسول في أكثر الأمصار، ودروس حقيقة الإسلام في
دولة التتار، لهم في القلوب موقع هائل، ولهم فيهم من الاعتقاد ما لا يزول بقول
قائل.
(له بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________
(1)
أطلقوا اسم المخارق والمخاريق على الخوارق المفتعلة بالحيل والتلبيس والشعوذة ، وهي في أصل اللغة ضرب من لعب الصبيان.
(2)
لعل ذلك الشيطان من شياطين الإنس كأن يأكل من الطعام في غفلة من ذلك الأمير الخرافي ، ويوهمه أن الصنم أكله لمصلحة له في التلبيس عليه.
(3)
أراد بهذا رشوة شيخ الإسلام بمشاركته في هذا الجاه الباطل على حد [وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ](القلم: 9) .
(4)
رأيت مثل هؤلاء في الهند من متصوفة الشرك.
(5)
أي يقتدي بسيرتهم لموافقتها الكتاب والسنة كالجنيد.
(6)
رواه النسائي وله تتمة.
(7)
أصل الحديث في الصحيحين وهذا لفظ مسلم وبعده: فلا أدري هو هو في الحديث أم قاله ابن سيرين اهـ؛ أي رواية عن أبي هريرة ، وفي رواية له إسناده إلى أبي هريرة وليس في رواية البخاري له شيء من الشك المذكور.
(8)
بل جعله من الشرك أو الكفر المتعدي الذي هو أضر من الشرك كما بيناه في تفسير [وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ](الأعراف: 33) وغيره راجع ص398-404 من جزء التفسير الثامن ، وكذا ص143 و147 و164 و181 منه.
(9)
لعله سقط من هنا: طاعة وعبادة، منصوبين.
(10)
سقط جواب (إذا) من الناسخ ، ومعناه أنهم يرون جواز جعله قربة وعبادة ، وهذا مثار كثير من البدع المحدثة ، وذكر لي بعض علماء الأزهر في هذه الأيام أن بعض كبار علمائه كانوا يتكلمون فيما يتكره الوهابية من بدع القبور وغيرها ، ويستحسنون ذلك ، فقال بعضهم منكرًا: ولكنهم منعوا أن يستشفع بأصحابها الصالحين ، فقال له شيخ الأزهر (الأستاذ أبو الفضل الجيزاوي) : هذا هو الشرع فقال المنكر: ما دليله؟ فقال الشيخ: إنما يطلب الدليل على الإذن به لا على المنع، فدل هذا على أن الشيخ - أيد الله به السنة - أعلمهم.
(11)
كذا ولعل أصله تحيلوا أي اتخذوا الحيل وسيلة للجاه فساقتهم إلى الردى ، ذلك بأن أفعالهم التي ذكرها ولباسهم وأغلالهم لها تأثير عظيم في قلوب العوام وأصحاب الأوهام.
(12)
هذه كلمة باطلة قالها بعض الفقهاء المغرورين بالدجل ، فاتخذها الدجاجلة أصلاً شرعيًّا وحكمًا إلهيًّا.
(13)
لعل أصله الأمير المطاع.