المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التضامن العربي الأفريقيتجاه القضية الفلسطينية - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌التضامن العربي الأفريقيتجاه القضية الفلسطينية

‌التضامن العربي الأفريقي

تجاه القضية الفلسطينية

1367هـ - 1401هـ - 1947 - 1981م

د. عمر سالم عمر بابكور

الأستاذ المشارك بقسم التاريخ الإسلامي بكلية الشريعة جامعة أم القرى

ملخص البحث

لم يكن هناك موقف أفريقي متميز تجاه القضية الفلسطينية قبل عام 1393هـ / 1973م بل ظهرت مواقف فردية لبعض الدول الافريقية في البداية وإبان مرحلة الاستقلال مثل موقف أثيوبيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة من قراري التقسيم رقم (181) وقبول عضوية إسرائيل رقم (273) هذا الموقف المؤيد لموقف الدول العربية، وهو عكس موقف ليبريا التي أيدت القرارين. وكذلك الأمر بالنسبة لمواقف كل من غينيا - غانا - مالي في مؤتمر الدار البيضاء التي أدانت إسرائيل من خلال البيان الذي صدر عن المؤتمر، والذي وصفها بأداة الامبريالية والاستعمار ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في افريقيا أيضاً.

وهذه مواقف متميزة تعبر عن ظروف دولية واقليمية مر بها الموقف الافريقي خلال مراحل تطوره، إذا أنه تجمد بعد ذلك منذ قيام منظمة الوحدة الافريقية عام 1383هـ الموافق عام 1963هـ، حتى نشوب حرب يونيو عام 1387هـ الموافق 1967م، حيث بدأ يتحرك بإتجاه الأزمة التي نتجت عن هذه الحرب، وقد ارتكز الموقف الافريقي بعد حرب يونيو على قرارات الأمم المتحدة منذ البداية وبصورة رئيسية على تأييده لقرار مجلس الأمن رقم (242) . وكان المحرك الأول لهذا الموقف هو احتلال قوات أجنبية لأراضي إحدى الدول الأعضاء المؤسسة لمنظمة الوحدة الافريقية (مصر) .

ص: 77

وبالنسبة للموقف الافريقي داخل مؤتمرات الشعوب الافريقية والأفرو - اسيوية ومؤتمرات عدم الإنحياز، فقد كان في الأولى يعبر عن مواقف الشعوب الافريقية المتمثلة في حركات التحرير والتنظيمات الشعبية، ولهذا كان التأييد الافريقي للقضية الفلسطينية داخل هذه المؤتمرات أقوى منه في مؤتمرات عدم الانحياز التي تعكس وجهة نظر الحكومات، نظراً لتعرض هذه الأخيرة لضغوط مختلفة داخلية وخارجية من جانب القوى الدولية الحليفة للاستعمار والصهيونية.

(( (( ((

ص: 78

حينما تم التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة عام 1365هـ الموافق 1945م، كان من بين اثنين وخمسين دولة موقعة على هذا الميثاق، ثلاث دول من قارة أفريقيا هي: مصر، إثيوبيا، ليبيريا. وفي عام 1376هـ الموافق 1956م وهو العام الذي وقع فيه العدوان الثلاثي (الإسرائيلي - الفرنسي - الإنجليزي) على مصر، كان عدد الدول الأفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة قد وصل إلى سبع دول، ثم ازداد هذا العدد إلى تسع دول عام 1379هـ الموافق 1959م ثم إلى خمسة وعشرون دولة عام 1380هـ الموافق 1960م، ووصل عام 1383هـ الموافق 1963 م إلى ثلاث وثلاثون دولة أفريقية وهي الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية وفي عام 1387 هـ الموافق 1967م وصل عدد الدول الأفريقية الأعضاء في المنظمة الدولية إلى ثمان وثلاثين دولة وازداد هذا الرقم إلى واحد وأربعين دولة عام 1393هـ الموافق 1973م، ثم إلى واحد وخمسين دولة في عام 1980م، بعد حصول زيمبابوي على استقلالها، وقد كان من بين هذه الدول، (دول شمال أفريقيا) ، وكانت دولة واحدة عام 1365هـ الموافق عام 1945 م ثم وصلت إلى خمس دول عام 1376 هـ الموافق 1956 م ثم إلى ثمان دول عام 1382هـ الموافق 1962م، ست منها أعضاء في جامعة الدول العربية، وتأخر انضمام كل من موريتانيا والصومال لعضوية الجامعة حتى عام 1393هـ الموافق 1973م بالنسبة للأولى، عام 1394هـ الموافق 1974م بالنسبة للثانية.

ص: 79

إن مراجعة تاريخ مناقشة القضية الفسلطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتاريخ منح العضوية للدول الأفريقية يفيد بأن بداية مناقشة القضية كان في عام 1367هـ الموافق 1947 م، وإن الدول الأفريقية لم تعاصر هذه القضية وتطوراتها منذ البداية، وهذا يترتب عليه تباين في منظور كل دولة من هذه الدول نحو القضية، كما يفيد أيضاً في توضيح بدايات تضامن هذه الدول مع القضية الفلسطينية، إذ أن هذا التضامن بدأ في الجمعية العامة قبل بدايته في منظمة الوحدة الأفريقية، وهذا يعني إن اللقاء العربي الأفريقي للتفاهم والحوار حول هذه القضية لم يبدأ إلا في مراحل متأخره، ومن الجدير بالذكر أن هذا التضامن كان قد تم في وقت شهد فيه المناخ الدولي تصاعداً في الحرب الباردة والأستقطاب الدولي، وامتداداً واسعاً لحركة التحرر الوطني في أسيا وأفريقيا، وصراعا ضد الأحلاف العسكرية، كما شهد ظهور حركة عدم الإنحياز (1) وفيما يلي توضيح لأهم وجوه هذا التضامن:

أولاً: التضامن العربي الأفريقي على مستوى المؤتمرات:

(1) راجع دراسة عبد الملك عوده بعنوان: الدول الأفريقية والقضايا العربية ص ص 307-343.

ص: 80

في ظل الظروف السابقة انعقد مؤتمر باندونج للدول الأفريقية والآسيوية خلال عام 1375هـ الموافق إبريل 1955 م، وكان هذا هو اللقاء الأول بين الدول العربية والدول الأفريقية، حيث حضرت من الدول العربية كل من المملكة العربية السعودية، سوريا، العراق، الأردن، لبنان، واليمن من قارة آسيا، ومن الدول الأفريقية مصر، السودان، أثيوبيا، ليبيريا وغانا، كما حضره ممثلون عن حركات التحرير من كلتا القارتين بصفة مراقبين، وقد ضم هذا المؤتمر تسع وعشرين دولة ولم يشمل كل دول النطاق الذي أخذ اسمه، وقد استبعد المؤتمر دعوة كل من الكيان الصهيوني وجنوب أفريقيا، وناقش القضية الفلسطينية إلى جانب قضايا الاستقلال ومكافحة الاستعمار في كل من القارتين، واصدر قرار بشأنها جاء فيه: نظراً للتوتر القائم في الشرق الأوسط بسبب الحالة في فلسطين، ونظراً إلى ماينطوي عليه ذلك من خطر على السلام العالمي يعلن المؤتمر الآسيوي الأفريقي تأييده الكامل لحقوق شعب فلسطين العربي ويدعو إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والتي تحقق تسويه سلمية لمسألة فلسطين (1) .

كانت هذه بداية التضامن العربي الأفريقي حول قضية فلسطين ومنها امتد هذا التضامن إلى المؤتمرات الأخرى مثل مؤتمرات تضامن الشعوب الأفروآسيوية والمؤتمرات الأفريقية ومؤتمرات عدم الإنحياز.

1-

مؤتمرات تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية:

عقد المؤتمر الأول لتضامن الشعوب الأفروآسيوية في القاهرة خلال الفترة من 1378هـ الموافق 26 ديسمبر 1957م إلى أول يناير 1958م، وحضره أكثر من مائة وخمسين مندوبا يمثلون ثمان وأربعين شعباً من شعوب القارتين.

(1) شوقي الجمل، التضامن الآسيوي الأفريقي وأثره في القضايا العربية، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1964م، ص 303

ص: 81

ناقش المؤتمر القضايا التي تهم القارتين الآسيوية والأفريقية في تلك المرحلة، وكان من بينها قضية فلسطين، وقد أفرد لها المؤتمر قراراً خاصاً أعلن فيه:(إن إسرائيل قاعدة استعمارية تهدد تقدم الشرق الأوسط وسلامته وأكد حقوق عرب فلسطين في عودتهم إلى وطنهم (1) . وقد ذكر بعض الكتاب أن هذا المؤتمر كان رداً على العدوان الثلاثي على مصر 1376هـ الموافق 1956 م وتضامناً معها (2) .

- المؤتمر الثاني لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية في كوناكري 1380هـ (11-15 أبريل 1960م) .

في هذا المؤتمر احتلت القضية الفلسطينية مكانة هامة، حيث شكل لها لجنه خاصة لدراستها، لأنها كما ذكر المؤتمر في قراره - مشكلة فريده من نوعها ومأساة من أكبر المآسي الإ نسانية وقد أشار المؤتمر في قراره بشأنها إلى أن إسرائيل تنفذ سياسة استعمارية وتشترك في تحقيق أهداف الاستعمار الجديد عن طريق التسرب الاقتصادي داخل البلاد المستقلة.وتجعل من نفسها عميلاً للاحتكارات الدولية الضخمة تحت شعار إنها بلد صغير لامطمع له (3) ، كما أيد المؤتمر جميع الحقوق الشرعية لشعب فلسطين وحقه في العودة إلى وطنه (4) .

- المؤتمر الثالث لتضامن الشعوب الأفروآسيوية:

عقد في موشي بتنجانيقا في عام 1383هـ الموافق 1963م (5) .

(1) شوقي الجمل، المرجع السابق ص 70.

(2)

جون هانش، تاريخ أفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية، ترجمة عبد العليم منسي، دار الكتاب العربي، القاهر 1969م، ص 412.

(3)

المهدي بن بركة، إسرائيل وأفريقا، مجلة الطليعة، العدد الخامس، السنة الثانية، مايو 1966، ص ص 65-75

(4)

شوقي الجمل، التضامن الأسيوي الأفريقي..، ص 313.

(5)

مرسي سعد الدين، دور التضامن الأفرو أسيوي في معركة فلسطين، الطليعة، العدد العاشر، السنة 1967 م، ص ص 65-67.

ص: 82

- المؤتمر الرابع للتضامن الأفرو آسيوي عقد في (غانا) عام 1385 هـ الموافق 1965م (1) .

كما عقدت مؤتمرات داخل هذا الأطار مثل:

- مؤتمر الشباب الأفريقي الآسيوي الذي عقد في القاهرة في فبراير عام 1379هـ الموافق 1959م.

- مؤتمر تضامن المرأة الأفريقي الآسيوي، عقد في دمشق والقاهرة (الجمهورية العربية المتحدة) يناير 1381هـ الموافق 1961م.

بحثت هذه المؤتمرات قضايا النضال في سبيل الحرية في الأقطار الأفريقية والأسيوية المختلفة، وقررت مؤازرة الحركات الوطنية ومساعدة حركات الكفاح الوطني في هذه البلاد بمختلف الطرق والوسائل، وكان من ضمن هذه القضايا التي ناقشتها هذه المؤتمرات القضية الفلسطينية (2) .

2-

مؤتمرات الشعوب الأفريقية وهي (3) .

- مؤتمر الشعوب الأفريقية، عقد في أكرا عاصمة غانا في ديسمبر 1378هـ الموافق 1958م.

- مؤتمر الشعوب الأفريقية، عقد في تونس يناير 1380هـ الموافق 1960م.

- مؤتمر الشعوب الأفريقية عقد في القاهرة عام 1381 الموافق مارس 1961م.

(1) أحمد يوسف القرعي، العدوان الأسرائيل والتضامن الأفرو أسيوي، السياسية الدولية، العدد 9 أكتوبر 1967م، ص ص 67-69.

(2)

شوقي الجمل، التضامن الآسيوي الأفريقي

، ص ص 113-114.

(3)

راجع قرارات هذه المؤتمرات في:

كولين ليجوم، الجامعة الأفريقية: دليل سياسي موجز، ترجمة: أحمد محمود سليمان، مراجعة عبد الملك عودة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، ص ص 345-415.

ص: 83

جاءت مؤتمرات الشعوب الأفريقية هذه لتعبر عن آمال ومشاعر الأفريقيين في التحرر والاستقلال والسيادة دون التقيد بمواقف حكوماتهم، وقد استوحت هذه المؤتمرات قراراتها من مؤتمرات باندونج والشعوب الأفروأسيوية والتي استهدفت محاربة جميع أشكال الاستعمار القديم والجديد، وكانت الموضوعات التي تناقشها هذه المؤتمرات تخص القضايا الأفريقية فقط، ولم تتعرض للقضية الفلسطينية بصورة مباشرة، ولكن وفود الدول العربية الأفريقية بمشاركتها في هذه المؤتمرات كانت تطرح القضية للنقاش من خلال قضايا التحرير ومحاربة الاستعمار وخاصة الاستعمار الجديد، الذي اصدر بشأنه مؤتمر القاهرة قرارا خاصاً (1) اتهم فيه الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الفيدرالية وإسرائيل وبلجيكا وهولندا وجنوب أفريقيا وفرنسا بأنهم الجناة الرئيسيون للأستعمار الجديد.

(1) شوقي الجمل، التضامن الأسيوي الأفريقي..، ص 107.

ص: 84

إن أهم ما ترتب على العمل العربي في داخل هذه المؤتمرات هو أن وجهة النظر العربية والصورة العربية للصراع العربي - الأسرائيلي قد طرحت للنقاش ونما حولها التأييد، علماً بأن أعضاء هذه المؤتمرات كانوا يمثلون منظمات شعبية وغير حكومية واحيانا كان يحضرها رسميون بصفتهم الشخصية، وقد تولت وسائل الأعلام المتنوعة في العديد من الدول الأفريقية نقل أخبار وقرارات هذه المؤتمرات، الأمر الذي ساعد على وصول وجهة النظر العربية إلى المواطن الأفريقي عبر قنوات غير حكومية، ويأتي الاهتمام بهذا الاتجاه من سرعة التغييرات في شاغلي المناصب الحكومية والسياسية، وكثرة الانقلابات العسكرية التي فتحت الطريق أمام ظهور قيادات وفئات اجتماعية جديدة على مستوى السلطة، وكان من بين هؤلاء القادة الجدد كثير ممن حضروا هذه الاجتماعات، ومن ناحية اخرى نجد أن نمو صورة الصراع العربي - الإسرائيلي أخذ المسار الطبيعي، ففي المؤتمرات الأولى أبدى الأعضاء اهتماهم بالقضية واستنكروا العدوان، ثم تلا ذلك قرارات الأدانه وتأييد تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وبعد ذلك تم تبنى وجهة النظر العربية وربط إسرائيل بالاستعمار الجديد (1) .

3-

مؤتمرات الدول الأفريقية المستقلة (2) :

(1) محمود خيري عيسى، مرجع سابق، ص 316.

(2)

راجع حول مؤتمرات الدول الأفريقية: - كولين ليجوم، مرجع سابق، ص ص 17-307.

Mazrui، Ali.، A Towards a pax - Africana

University of Chicage pres، 1967، pp.207-210

ص: 85

منذ حصول غانا على استقلالها عام 1377هـ الموافق 1957م، بدأت الدول الأفريقية محاولاتها من إجل إظهار شخصيتها على المسرح الدولي خاصة في الأمم المتحدة، حيث تم تكوين المجموعة الأفريقية على إثر انعقاد مؤتمر أكر للدول الأفريقية المستقلة عام 1378هـ عام 1958م، وقد عقدت مؤتمرات عديدة للدول الأفريقية استمرت حتى قيام منظمة الوحدة الأفريقية عام 1383هـ الموافق 1963م. وفي كل هذه المؤتمرات كان الحضور العربي يتمثل في مشاركة الدول العربية الأفريقية، وبواسطتها كانت قضية فلسطين تناقش في هذه المؤتمرات، نظراً لكونها تمثل القضية الأولى بالنسبة للدول العربية عموماً.

وفيما يلي أهم مؤتمرات الدول الأفريقية المستقلة:

- مؤتمر أكرا للدول الأفريقية المستقلة 1378 هـ (15-22 إبريل 1958م) وقد حضرته وفود ثمانية دول هي: أثيوبيا، ليبريا، غانا، ومصر، السودان، ليبيا، تونس، المغرب (1) ولم تستطيع الدول العربية المشتركة استصدار قراراً خاص بفلسطين وإنما جاءت الإشارة إليها في البند التاسع من وثيقة السلام والأمن الدوليين التي اصدرها المؤتمر وفيها يعبر: عن شديد قلقه بالنسبة للمشكلة الفلسطينية التي تعتبر من العوامل التي تهدد السلام والأمن العالميين ويحث على إيجاد تسوية عادلة لها (2) .

- مؤتمر أديس أبابا عام 1380هـ الموافق 15-24 يونيو عام 1960 م حضرته الدولة التالية:

أثيوبيا، الكاميرون، غانا، ليبيريا، نيجيريا، الصومال، الجمهورية العربية المتحدة، ليبيا، تونس، المغرب والحكومة الجزائرية المؤقته (3) .

(1) - Geiss، Imanule ، The pan- African Movement ، Translated By: Ann Keep ، Methuen and Co ، London ، 1974 ، p.420

(2)

كولين ليجوم، مرجع سابق، ص 230.

- اتحدت سوريا ومصر عام 1958 في دولة واحدة تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة.

(3)

المرجع السابق، ص 57.

ص: 86

وقد أصدر المؤتمر قراره التالي بشأن فلسطين جاء فيه: (يعبر المؤتمر عن اهتمامه بعدم تنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مؤتمر باندونج وقرارات مؤتمر أكرا الخاصة بحل مشكلة فلسطين، والتي تعتبر من العوامل التي تهدد السلم والأمن الدوليين في شمال شرقي القارة الأفريقية (1) .

- مؤتمر الدار البيضاء:

عقد هذا المؤتمر في المغرب في عام 1381هـ الموافق يناير 1961م وحضره ملوك ورؤساء كل من الجمهورية العربية المتحدة، المملكة المغربية، ليبيا، الحكومة الجزائرية المؤقته - مالي - غانا - غينيا - وقد أصدر المؤتمر قراراً (2) حول القضية الفلسطينية جاء فيه:

يحذر المؤتمر من الخطر الناتج عن هذه الحالة (القضية الفلسطينية) التي تهدد السلام والأمن في الشرق الأوسط، ويحذر من خطر التوتر الدولي المترتب على ذلك.

يتمسك المؤتمر بضرورة حل هذه القضية حلاً عادلاً يتمشى مع قرارات الأمم المتحدة وقرارات المؤتمر الأفريقي الآسيوي في باندونج الخاصة بإعادة حقوق عرب فلسطين الشرعية الكاملة.

يؤكد المؤتمر على استنكاره الشديد لسياسة إسرائيل المستمرة في مناصرة الاستعمار وكلما اقتضى الأمر اتخاذ موقف إيجابي بشأن المشاكل الحيوية المتعلقة بأفريقيا وخاصة بالنسبة للجزائر والكونغو والتجارب الذرية في الصحراء الكبرى.

يندد المؤتمر بإسرائيل بوصفها أداة في خدمة الاستعمار ليس فقط في الشرق الأوسط بل في أفريقيا وآسيا.

(1) محمود خيري عيسى، مرجع سابق، ص 319.

(2)

كولين ليجوم، مرجع سابق، ص 285.

ص: 87

ومع بداية عام 1380 هـ الموافق 1960م شهدت القارة الأفريقية أحداثاً كبيرة أدت إلى ظهور انقسامات في المواقف السياسية بين الدول المستقلة، ومن هذه الأحداث أوضاع الكونغو كينشاسا (زائير) والعلاقات بين المغرب وموريتانيا وتطورات حرب الاستقلال الجزائرية، وقد اجتمعت الدول الأفريقية الناطقة باللغة الفرنسية (1) . بعد حصولها على الاستقلال في ابيدجان عاصمة ساحل العاج في أكتوبر 1960 للتنسيق بين مواقفها، ولكن الخلاف ازداد بين الدول الأفريقية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 ومن ثم تكتلت مجموعة من الدول الأفريقية في 15 ديسمبر 1960م وعقدت مؤتمر برازافيل في الكونغو، وعلى الجانب الآخر اجتمعت مجموعة أخرى من الدول الأفريقية في مؤتمر الدار البيضاء (المغرب) 1381هـ الموافق في يناير 1961م، وفي مايو من عام 1961م جرت محاولة إعادة تجميع الدول الأفريقية في مؤتمر مونروفيا (ليبيريا) ولكنه فشل في التوصل للوحدة الشاملة واعقب ذلك مؤتمر لاجوس (نيجيريا) الذي قاطعته مجموعة الدار البيضاء وبعض الدول الأخرى. وعلى الرغم من هذا الإنقسام ظلت الاتصالات تدور بين الدول الأفريقية حتى تم الإتفاق على حضور مؤتمر أديس أبابا (أثيوبيا) 1383هـ الموافق مايو 1963م وتمت دعوة أثنين وثلاثين دولة أفريقية مستقلة بالإضافة إلى الدولة صاحبة الدعوة لحضور مؤتمر على مستوى وزراء الخارجية ثم مؤتمر على مستوى رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، وفي عام 1383هـ الموافق 25 مايو 1963م صدر عن هذه الاجتماعات ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية (2) .

(1) الدولة الأفريقية الناطقة بالفرنسية التي حصلت على استقلالها عام 1960 هي: ساحل العاج، فولتا العليا، بنين (داهومي سابقا) ، النيجر، تشاد، الكاميرون، السنغال، توجو، جابون، الكونغو، أفريقيا الوسطى، موريتانيا، ما لأغاشي.

(2)

محمود خيري عيسى، مرجع سابق، ص 315.

ص: 88

لقد انعكست هذه الأحداث على مواقف الدول الأفريقية نفسها تجاه القضية الفلسطينية، فبينما كان موقف مجموعة الدار البيضاء واضحاً من خلال القرار الخاص الذي أصدره المؤتمر حول هذه القضية، كانت هذه الأخيره تثير حساسية دول مؤتمر مونروفيا وطريقة الرئيس الراحل عبد الناصر في عرضها بالصورة التي يعتبر فيها إسرائيل أداة إمبريالية ليس في الشرق الأوسط فحسب وإنما في أفريقيا أيضاً (1) وقد علق أحد المسؤولين الأفارقة (2) على النجاح الذي حققه الرئيس عبد الناصر في مؤتمر الدار البيضاء حينما ربط قضية فلسطين بقضايا الاستعمار في أفريقيا قائلاً:(إن الرئيس العربي عرض قضيته بمنتهي البراعة وقوة التأثير، فقد ربط بين مشكلة فلسطين وبين الفكرة العامة المتعلقة بالدفاع عن القارة الأفريقية وتأمين سلامتها (3) .

4-

مؤتمرات عدم الإنحياز (4) :

تلتقي الدول العربية والدول الأفريقية جميعها داخل إطار هذه الحركة، وتكون الدول الأفريقية في مؤتمراتها أكبر مجموعة من حيث عددها بالنسبة لمجموع الدول أعضاء هذه الحركة.

(1) - Akinsanya ، Odeoya، “ The Afro- Arab Alliance: Dream or Reality” ، Africain Affairs، vol.75 ، No 301، Oxford University press ، October 1976، p 511-529.

(2)

وزير خارجية السنغال السابق دودو تيام.

(3)

أحمد يوسف القرعي، ثورة 23 يوليو وقضية تصفية الاستعمار في أفريقيا سلسلة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، العدد 26 يوليو 1978م ص 28.

(4)

راجع حول حركة عدم الإنحياز (نشأتها، مبادئها، أهدافها) اللاانحيازية في ظل الاستراتيجية الدولية، قسم خاص في مجلة السياسية الدولية، مؤسسة الأهرام القاهرة، العدد 45، يوليو 1976 م،ص ص 12-48.

ص: 89

إن التضامن العربي الأفريقي حول القضية الفلسطينية في هذه الحركة بدأ منذ المؤتمر التحضيري الذي عقد في القاهرة خلال الفترة من عام 1381هـ الموافق عام 1961م وقد حضر هذا المؤتمر ممثلون عن إحدى وعشرين دولة منها 17 دولة أفروأسيوية، وكان هذا المؤتمر قد وضع أول تعريف لمفهوم عدم الإنحياز في حرية اتخاذ القرارات وحرية اختيار الحكم على كل قضية دولية.

عقدت أربعة مؤتمرات لرؤساء دول وحكومات الدول غير المنحازة خلال الفترة 1381-1393هـ الموافق 1961-1973م وهي:

المؤتمر الأول لدول عدم الإنحياز في بلجراد (يوغسلافيا) سبتمر 1381هـ الموافق 1961م. حضرة مندوبون عن خمس وعشرون دولة من بينها احدى عشر دولة أفريقية.

المؤتمر الثاني لدول عدم الإنحياز، انعقد في القاهرة في أكتوبر 1384هـ الموافق 1964 م وحضره مندوبون عن تسع وأربعين دولة من بينها تسع وعشرين دولة أفريقية.

المؤتمر الثالث لدول عدم الإنحياز في لوزاكا عاصمة زامبيا في سبتمبر عام

1390 هـ الموافق 1970م وحضرة مندوبون عن أربع وخمسين دولة بينها أربع وثلاثين دولة أفريقية.

المؤتمر الرابع لدول عدم الإنحياز في الجزائر سبتمبر 1393هـ الموافق 1973، حضره ممثلون عن ست وسبعين دولة بينها ثلاث وثلاثين دولة أفريقية غير عربية، وثمان عشر دولة عربية (1) .

ويلاحظ من دراسة هذه المؤتمرات أن المؤتمرين الأول والثاني لم يتعرضا للقضية الفلسطينية بصورة تقترب من الصورة العربية للصراع العربي الأسرائيلي (2) .

(1) يحي رجب، الرابطة التطبيقية بين جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976م، ص 79.

(2)

- Isamel.Tareq ، T.، The Middle East in World politics ، Syracuse University press 1874،p.165

ص: 90

وإنما أكد على الرغبة في أن يسود السلام في المنطقة، لكن المؤتمرين الثالث والرابع أشار في قرارتهما إلى أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، حيث طالبت هذه القرارات بتنفيذ قرار 242 الذي أصدره مجلس الأمن في 1387هـ الموافق 22 نوفمبر 1967م في أعقاب حرب يونيو 1967 م، وقد أيدت القرارات أيضاً الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى أرضه فقد جاء في الفقرة (ج) من القرار الخاص بالشرق الأوسط الذي أصدره مؤتمر لوزاكا (1) إعلان الاحترام الكامل للحقوق المشروعة لشعب فلسطين في العودة إلى أرضه، وإن صيانة هذه الحقوق شرط أساسي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وتأكيد ضرورة التمسك بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

وفي النهاية يجب التنوية إلى أن حضور الدول الأفريقية أو اشتراكها في هذه المؤتمرات لايعني بالضرورة تأييد جميع هذه الدول للقرارات التي صدرت عنها بشأن القضية الفلسطينية أو أزمة الشرق الأوسط كما تسمى، ولكن يمكن القول أن التضامن العربي الأفريقي حول هذه القضية في جميع المؤاتمرات السابقة، ساعد على خلق رأي عام دولي متفاعل معها من خلال المناقشات وتبادل الآراء حول التطورات التي مرت بها على طول جولات الصراع العربي - الأسرائيلي، وقد أدى ذلك في مراحل متقدمة إلى تطور مواقف كثير من الدول الأفريقية وذلك من خلال وقوف هذه الدول على طبيعية القضية الفلسطينية والتطورات التي مرت بها.

ثانياً: التضامن العربي الأفريقي على المستوى الثنائي:

1-

الاتصالات الثنائية بين الحكومات ورؤساء الدول:

(1) عزة وهبي وفتحي عثمان: مؤتمر عدم الإنحياز في لوزاكا، مجلة السياسة الدولية، العدد 23، يناير 1971م، ص 148-158

ص: 91

يندرج تحت هذا العنوان تبادل التمثيل الدبلوماسي وعقد الاتفاقيات الثقافية وتبادل المواد الإعلامية والبعوث الطلابية، وقد قطعت الدول العربية في هذا المجال شوطاً كبيراً، ولكن أهم ما في هذا الموضوع، الزيارات المتبادلة بين رؤساء الدول والحكومات العربية والأفريقية، والاهتمام بهذا المستوى من الاتصالات يأتي من طبيعة العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية إذ تأكدت فعاليه هذا المستوى من الاتصالات حتى بين رؤساء الدول العظمى واصبح وسيلة لحل كثير من المنازعات وأداة للتوصل لأنواع عديدة من الاتفاقات وقد اسهمت الدول العربية عامة والعربية والأفريقية خاصة في هذا المجال، فقد تم تبادل الزيارات بين العديد من رؤساء الدول العربية والأفريقية ونتج عنها كثير من الاتفاقيات في مجالات مختلفة سياسية واقتصادية وثقافية وتشير إحدى الدراسات (1)

(1) محمود خيري عيسى، مرجع سابق، ص 317.

ص: 92

في هذا الموضوع البيانات المشتركة التي صدرت في أعقاب كل زيارة من تلك الزيارات على فقرة أو أكثر تتحدث عن الموقف في الشرق الأوسط والصراع العربي - الإسرائيلي، وقرارات الأمم المتحدة الصادرة في هذا الشأن كما أشارت مصارد أخرى (1) إلى تأثير بعض الزيارات العربية الأفريقية على مواقف عدد من الدول الأفريقية تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الأسرائيلي ومن هذه الزيارات زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله لخمس دول أفريقية في نوفمبر 1392هـ الموافق 1972م وهي: أوغندا، تشاد، النيجر، السنغال، موريتانيا، وزيارة الرئيس الأوغندي السابق (عيدي أمين) إلى ليبيا في فبراير 1392هـ الموافق 1972م، والتي على أثرها قطع الرئيس الأوغندي علاقاته مع إسرائيل وطرد الخبراء والفنيين الأسرائيلين وأحل محلهم خبراء فنيين من ليبيا (2) .

جاء هذا النجاح الذي حققته الجهود الدبلوماسية على الساحة الأفريقية مواكباً للتغيرات التي طرأت على المناخ الدولي منذ بداية السبعينات حيث شهدت العلاقات بين القوتين مرحلة من الإنفراج بينهما، مما سمح للدول الصغيرة بالتحرر قليلاً في علاقاتها الدولية، كما بدأت تظهر آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وظهور دور المؤتمر للدول المصدرة للبترول في المجال الدولي. كل ذلك ساعد على تقارب الدول العربية والأفريقية مما أدى في النهاية إلى تعاطف عدد من الدول الأفريقية مع القضية العربية.

2-

التضامن التجاري والمالي بين الدول العربية والدول الأفريقية:

(1) - Gervenka Zdenek and Legum، Colin ‘ The organization of African Unity in 1972، Africa Contemporary Record 1972-1973، Africa Research Limited William Chudley، Lodon ،1973،pp.47-55

(2)

- Legum Colin “ Israel Year in Africa ، Africa Contemporary Record 1972-73 pp. 122-35

ص: 93

لم تكن المبادلات التجارية بين الدول العربية والأفريقية ذات حجم كبير خلال عقد الستينات خاصة إذا ما قورنت بعلاقات إسرائيل التجارية مع الدول الأفريقية (1) وأسباب ذلك كثيرة تعود إلى عوامل التخلف والتبعية الاقتصادية التي خلفها الاستعمار لشعوب العالم الثالث عموماً (2) والشعوب الأفريقية بصفة خاصة نظراً لارتباط معظم الدول الأفريقية باتفاقيات مختلفة ومتنوعة مع الدول المستعمرة الأم مثل فرنسا التي ربطت الدول الأفريقية التي كانت تستعمرها (باستثناء غينيا) بعد استقلالها باتفاقيات نقدية واقتصادية وفنيه وعسكرية. كما ربطتها بالسوق الأوروبية المشتركة في وضع الدول المنتسبة التي لارأي لها في رسم سياسة السوق. (3) هذه التبعية تعتبر من العوامل الرئيسية التي أثرت على مواقف هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية من خلال الارتباط بمواقف الدول الأوربية المؤيدة لاسرائيل طيلة عقد الستينات وحتى بداية السبعينات.

(1) - Akinsanya، op.cit،. p 521

(2)

عبد الملك عودة، سنوات الحسم في أفريقيا، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1969م، ص 34.

(3)

إسماعيل صبري عبد الله، نحو نظام اقتصادي عالمي جديد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1977م، ص 158.

Cervenka & Legum، op.cit ،p.53.

ص: 94

إن الأرقام الخاصة بالتجارة الداخلية الأفريقية توضح مدى أثار هذه التبعية الاقتصادية، على الرغم من ضآله حجمها بالنسبة للتجارة العالمية خاصة إذا قورنت بالتجارة الداخلية لكل من قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية، فقد بلغت نسبة التجارة الداخلية الأفريقية 6% من تجارة القارة مع العالم الخارجي عام 1390 هـ 1970م والتي بلغت نسبتها إلى التجارة العالمية 4%، بينما بلغت نسبة التجارة الداخلية لكل من قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية إلى نسبة تجارة كل منهما مع العالم الخارجي في نفس العام على التوالي 21.3% بالنسبة للأولى و 11.8% بالنسبة للثانية (1) وهذا يوضح ضالة حجم التبادل التجاري بين بلدان العالم الثالث عموماً؛ لأن معظم صادارات هذه الدول هي من المواد الخام التي تتجه إلى أسواق الدول الصناعية الرأسمالية. ومن هنا يبدو أن التبادل التجاري بين الدول العربية والدول الأفريقية كان محدود الأثر، بل أن حاجة معظم هذه الدول الماسة (خاصة الأفريقية منها) إلى الاستثمارات المالية والخبرات الفنية والتكنولوجيا الحديثة تضيف بعداً آخر لعوامل التأثير على المواقف السياسية للدول الأفريقي، نظراً لاعتمادها في جميع هذه المجالات على الدول الاستعمارية الأم والدول الغربية عموماً المعروفة بتأييدها لأسرائيل. لهذه الأسباب كانت معدلات التبادل التجاري العربي الأفريقي غير مؤثرة في مواقف الدول الأفريقية من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدول العربية التي كانت تقيم علاقات تجارية مع الدول الأفريقية كان عدداً محدودا ولايشمل كل دول المجموعة العربية في تلك المرحلة، ويكاد ينحصر في المملكة العربية السعودية والعراق من قارة أسيا ومصر والجزائر والسودان وليبيا من قارة أفريقيا وتأتي مصر

(1) محمد عبد الغني سعودي، الاقتصادي الأفريقي والتجارة الدولية مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1973م، ص 32

ص: 95

في مقدمة هذه لدول (1) .

وبالنسبة للتضامن في المجال المالي توجد بعض المؤسسات المالية العربية والأفريقية - العربية المشتركة، وقد ساهمت هذه المؤسسات في تمويل مشاريع التنمية في عدد من الدول الأفريقية وأهم هذه المؤسسات هي:

الصندوق الكويتي للتنمية تأسس عام 1381هـ الموافق 1961م برأسمال 680 مليون دولار أمريكي، وهو بنك ائتماني يقوم بتمويل المشروعات الاقتصادية في الدول النامية بشروط ميسرة.

البنك العربي الأفريقي، تأسس في القاهرة عام 1384هـ الموافق 1964م وساهمت فيه الكويت ومصر بنسبة 34% من رأسماله للأولى و33% للثانية، واشترك فيه مصرف الرافدين العراقي والبنك المركزي الجزائري ووزارة المالية الأردنية ووزارة المالية القطرية ومجموعة أفراد ومؤسسات بنسبة 33% وقدم البنك قروضاً تنموية للدول الأفريقية التالية:

- تشاد (160) ألف جنية استرليني لصناعة مواد البناء.

- أثيوبيا (193) ألف جنية استرليني لصناعة النسيج.

- كينيا (210) ألف جنية استرليني لصناعة الورق.

- زامبيا (104) ألف جنية استرليني لصناعة الجلود.

وقد بلغ رأسمال البنك عام 1974م حوالي (20) مليون جنية استرليني.

(1) راجع حول علاقات مصر التجارية مع الدول الأفريقية: محمد الحسيني مصيلحي، نحن والعالم الخارجي، السلسلة العمالية، العدد 20- المؤسسة الثقافية العمالية، القاهرة، (دون تاريخ) ص ص 125-126. فاروق جويدة: النشاط الاقتصادي المصري في أفريقيا، مجلة السياسة الدولية، العدد 21 يوليو 1970 م ص 140.

ص: 96

البنك الأفريقي للتنمية: تأسس عام 1384 هـ الموافق 1964 م على مستوى القارة الأفريقية وتساهم فيه الدول العربية بنسبة 47% من رأسماله وتمثل مصر والجزائر وليبيا المراكز الأولى من حيث مساهماتها في رأس المال (1) .

وبالإضافة إلى ذلك في عهد المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز قدمت بعض الدول العربية مساعدات لعدد من الدول الأفريقية حيث قدمت المملكة العربية السعودية للنيجر مبلغ خمسة ملايين دولار كمنحة لخطة التنمية عام 1391هـ الموافق 1971م ولأفريقيا الوسطى مليون دولار، لأوغندا مبلغ مليونين ونصف المليون دولار ولتشاد ثمانية ملايين دولار، كما ساهمت في إقامة مشاريع صناعية مختلفة في أفريقيا مثل مصفاة البترول في توجو ومصنع للألمنيوم في مالي، ويرجع البعض تغيير مواقف عدد من هذه الدول الأفريقية خلال عام 71-1972م تجاه إسرائيل إلى تاثير هذه المساعدات (2) .

إن الحقيقة المعروفة من مراجعة جميع القرارات التي صدرت عن حركة عدم الانحياز منذ قيامها عام 1381 هـ الموافق 1961م، تؤكد استمرار تأييدها للقضية الفلسطينية، ولكن ظروف الدول الأفريقية السياسية والاقتصادية وعلاقاتها الخارجية خاصة مع الدول الغربية وأسرائيل قبل 1393هـ الموافق 1973م، لم تكن تسمح لها بأتخاذ موقف واضح من هذه القضية، ولذا لايمكن القول بأن مواقف جميع الدول الأفريقية كانت متفقة مع

(1) عفاف رشيد المقصود المعونات العربية للدول الأفريقية رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة القاهرة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية،1980م ص 246

(2)

- Legum Colin “ Africa، Arabs and Middle East ، Africa contemporary Record 1975-76 ، Vol 8.، London 1976 ، pp.76-87.

ص: 97

قرارات مؤتمرات عدم الانحياز حتى انعقاد المؤتمر الرابع في الجزائر في سبتمبر 1393هـ الموافق 1973م. أما بعد هذا التاريخ وبعد ظهور التضامن بين الدول العربية والأفريقية، فإنه يبدو من الواضح أن هذا التضامن قد امتد إلى ساحة هذه الحركة، حيث يلاحظ أن قرارات مؤتمر القمة لعدم الإنيحاز الذي عقد في هافانا (كوبا) 1399هـ الموافق 3-9 سبتمبر 1979م (1) مطابقة لقرارات مجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية في ذلك العام، في تأييدها للحقوق الشرعية الثابتة للشعب الفلسطيني ولممثله الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية وفي التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي جوهر مشكلة الشرق الأوسط وأنه لايمكن إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط إلا على أساس الأنسحاب الكامل للجيوش الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية والأعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وخاصة حقه في العودة والسيادة وإقامة دولته المستقلة على أرضه وتقرير مصيره بنفسه. والتي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة وعدم الإنحياز ومنظمة الوحدة الأفريقية. ولكن يلاحظ أيضاً أن المؤتمر أدان في قراراته اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية واعتبرها اتفاقيات جزئية تجاهلت القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني التي هي جوهر ما هو معروف بمشكلة الشرق الأوسط. بينما اشارت قرارات المجلس الوزاري الأفريقي إلى هذه الاتفاقيات بصياغة غامضة، حيث جاء في الفقرة (4) من القرار رقم (725 (د -33) مايلي (2) :

(1) راجع قرارات في: Bulletin No.9-11 ، U.N، Special Unit un Palestinian Rights، September - October 1979 ، p.26

(2)

راجع القرارات في نشرة الأمم المتحدة رقم 6-7، تصدرها الوحدة الخاصة المعنية بحقوق الفلسطينين، يونيو - يوليو 1979م، ص 20.

ص: 98

" يدين المجلس بشده كل الاتفاقات الجزئية والمعاهدات المنفصلة التي تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الشعب الفلسطيني ومبادئ ميثاقي منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة والقرارات المتخذة في مختلف المحافل الدولية بشأن قضية فلسطين والتي تحول دون تحقيق أماني الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره وممارسة سيادته الكاملة على أراضيه " وقد تكررت هذه الصياغة في قرارات المنظمة في دوراتها التالية وآخرها الدورة رقم (37) للمجلس. ومن الجدير بالإشارة إلى أن هذه الصياغة تعود إلى وجود عدد قليل من الدول الأفريقية المحافظة التي أيدت مبادرة السلام المصرية ومن هذه الدول زائير وليبيريا (1)

(1) وصف الرئيس الليبيري (وليم تولبيرت) المبادرة المصرية بأنها إنجاز من انجازات السلام القائم على العدل.

سلوى محمد لبيب، مؤتمر القمة الأفريقية في الخرطوم، السياسة الدولية، العدد 54، أكتوبر 1978، ص ص 119-124، راجع أيضاً تصريح للدكتور فؤاد محي الدين حول تأييد زائير للمبادرة المصرية، صحيفة أخبار اليوم، القاهرة 20/11/1980م

ص: 99

، وتلافياً للأحراج في علاقات هذه الدول مع مصر، ولقناعتها بوجهة النظر المصرية التي ترى بأن هذه المبادرة ماهي إلا خطوة على طريق تحقيق السلام الشامل، وأنه ليس هناك ما يمنع من إعطاء الفرصة لإثبات ذلك، لذا فقد جاءت الصياغة السابقة لقرارات مجلس وزارء المنظمة غير محددة كما وردت في قرارات قمة عدم الإنيحاز، وعلى الرغم من هذا فإنه يصح القول بأن الدول الأفريقية بأغلبيتها العظمى إن لم يكن جميعها متضامنة مع الدول العربية حول الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني السابقة الذكر ومع ممثله الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، مثلما هو الحال بالنسبة لتضامن الدول العربية مع القضايا الأفريقية وخاصة بالنسبة للنظام العنصري في جنوب أفريقيا، وذلك في إطار حركة عدم الإنحياز، يؤكد ذلك الإدراك الواعي لحقيقة قضايا التحرير العربية والأفريقية التي عبر عنها مؤتمر وزراء خارجية عدم الإنحياز الذي عقد في بلغراد من 25-29 يوليو 1978، حيث جاء في قراراته (1) أن المؤتمر يؤكد من جديد أن الحكم العنصري في فلسطين المحتلة وناميبيا وجنوب أفريقيا ينبع من مصدر إمبريالي واحد، ويرتبط ارتباطاً عضوياً بالسياسات والممارسات العنصرية التي تستهدف قمع حريات الإنسان وإهدار كرامته، وإذ يعتبر الأبقاء على العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية وغيرها من العلاقات مع إسرائيل يساعدها على استمرار اغتصابها لفلسطين وعلى التمادي في تنكرها لإرادة المجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ويشجعها على الاستمرار في سياستها التوسعية الاستعمارية العنصرية القائمة أصلاً على العدوان، وإذ يعرب عن أسفه الشديد لعدم تنفيذ قراري مؤتمري القمة الرابع واالخامس لرؤساء دول وحكومات البلدان غير المنحازة اللذين دعيا الدول الأعضاء التي لاتزال تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل إلى قطع هذه

(1) الوثائق الفلسطينية لعام 1978، مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت ص 324.

ص: 100

العلاقات في مختلف المجالات وذلك طبقاً للفصل السابع من الميثاق.

ومن الواضح أن موقف حركة عدم الإنحياز تجاه القضية الفلسطينية مطابق للموقف العربي على المستوى الدولي، وهو موقف لم تسجله أي هيئة دولية أخرى غير عربية أو إسلامية. ويمكن القول أن التضامن بين الدول العربية والأفريقية وإلى جانبها الدول الإسلامية داخل إطار هذه الحركة كان وراء تمايز هذا الموقف لحركة عدم الانحيازعن مواقف هيئات ومنظمات دولية أخرى، خاصة إذا عرفنا أن مجموع الدول العربية والأفريقية فقط إلى مجموع عضوية الحركة في مؤتمر هافانا بلغ على التوالي واحد وسبعين دولة إلى أثنين وتسعين دولة، ومن هنا فإن حضور أعضاء الحركة داخل هيئة الأمم المتحدة يكسب قضايا النضال الوطني والتحرري لبلدان العالم الثالث أهمية أكبرى سجلتها محاضر التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعزلها لأصوات القوى المضادة لتحرر شعوب البلدان النامية والشعوب المستعمرة، والممثلة للامبريالية العالمية والصهيونية والعنصرية.

منظمة المؤتمر الإسلامي:

في عام 1389 هـ الموافق 1969 م وعلى أثر حريق المسجد الأقصى على أيدى الأسرائيلين، انعقد المؤتمر الإسلامي الأول في الرباط وانبثقت عنه لجنة يرأسها ملك المغرب دعيت آنذاك باسم (لجنة القدس) وقد ضم هذا المؤتمر خمسة وعشرين دولة وحضرته منظمة التحرير الفلسطينية كمراقب أكد المؤتمر قرارات الأمم المتحدة لعام 1967 م الخاصة بوضع القدس وإنسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة.

ص: 101

وفي فبراير 1394هـ الموافق 1974م عقد في لاهور (باكستان) مؤتمر القمة الإسلامي الثاني بعد نشوب حرب أكتوبر 1393هـ الموافق 1973م، وكان هذا المؤتمر أول تجمع حقيقي للزعماء العرب والمسلمين وقد تقرر فيه تقديم المساعدات الاقتصادية للبلدان النامية، وأيد في بيانه الختامي حق الشعب الفلسطيني في استعادة كافة حقوقه الوطنية معتبراً ذلك الشرط الأساسي للتوصل إلى حل دائم في الشرق الأوسط.

وعادة يعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية كل عام خارج نطاق مؤتمرات القمة الإسلامية وقد قرر مؤتمرهم عام 1390هـ الموافق 1970 م في أول اجتماع له في مارس إنشاء أمانة دائم يكون مقرها المؤقت (جدة) لحين إتمام تحرير القدس (1) .

وتضم المنظمة في عضويتها حالياً ست وثلاثين دولة إسلامية منها احدى عشر دولة أفريقية غير العربية وهي: تشاد - النيجر - جامبيا - السنغال - غنينا - مالي - غينيا بيساو - نيجيريا - الكاميرون - أوغندا - جبيوتي.

وقد عقد مؤتمر القمة الإسلامية الثالث في الطائف بالمملكة العربية السعودية وسميت هذه الدورة ب (دورة فلسطين والقدس) حيث تصدرت القضية الفلسطينية وموضوع القدس جدول الأعمال إلى جانب قضايا أخرى كالحرب الإيرانية العراقية (2) ومشكلة افغانستان. وأهم ما خرج به المؤتمر بصدد القضية الفلسطينية إضافه إلى تأكيده على الحقوق الشرعية والثابته للشعب الفلسطيني أمران أساسيان هما:

(1) سليمان إبراهيم (مؤتمر الطائف) : قضايا وقرارات، مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، العدد 112 بيروت، مارس 1981، ص ص 137-141.

(2)

اندلعت الحرب العراقية - الأيرانية في سبتمبر 1980 وقد كون المؤتمر لجنة المساعي الحميدة ضمت في عضويتها الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والسنغال وجامبيا وباكستان وبنغلاديش وتركيا وغنيا ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ص: 102

رفض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 على أساس أنه غير صالح لحل القضية الفلسطينية: وهذا ما لم تشر إليه مؤتمرات عدم الإنحياز أو غيرها، بل أن منظمة الوحدة الأفريقية على النقيض فمن ذلك تعتبره الأساس الذي يصلح لحل مشكلة الشرق الأوسط وهذا ماتؤكد عليه جميع القرارات الصادرة عنها بشأن هذا الموضوع.

رفض اتفاقايت كامب ديفيد ورفض تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل وادانه السياسة الأمريكية التي دعمت هذه الاتفاقيات، وجرى التشديد بهذا الصدد على دور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني وعلى مسؤوليتها في التفاوض باسم الشعب الفلسطيني لتأمين حقوقه وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة (1) .

والشق الأول من هذا البند لم تشر إليه قرارات المنظمة الأفريقية بهذه الصورة المحددة. وقد اتفق المؤتمرون على بذل المساعي على النطاق

الدولي لتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.

إن وجود هذا العدد المحدود من الدول الأفريقية إلى جانب الدول العربية داخل منظمة المؤتمر الإسلامي يعتبر أحد إمتدادات التضامن العرببي - الأفريقي على الساحة الدولية. وأن موافقة زعماء هذه الدول على ماجاء في قرارات مؤتمر الطائف، وهو موقف مطابق لمواقف الدول العربية التي حضرت المؤتمر، يلتقي مع مواقف مجموعة من الدول الأفريقية المتطرفة مثل: أنجولا - موزمبيق - بنين - تنزانيا - أثيوبيا - وزيمبابوي (بعد استقلالها عام 1400 هـ الموافق 1980م) وغيرها والتي تساند وتدعم القضية الفلسطينية على أساس مبدئي ينطلق من أعتبارات أيديولوجية تضعها داخل إطار حركة التحرر العالمية المناهضة لكل وجوة الاستعمار القديم والحديث وهو الأمر الذي يعتبر من الأسس القوية التي قام عليها التضامن العربي - الأفريقي.

(( (( ((

الخاتمة:

(1) راجع تقرير عن مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في The Middle East ،London ، March 1981 ، pp.6-9

ص: 103

أهم النتائج التي توصل إليها الباحث.

أولاً: لم يكن هناك موقف أفريقي متميز تجاه القضية الفلسطينية قبل عام 1393هـ 1973م بل ظهرت مواقف فرديه لبعض الدول الأفريقية في البداية وإبان مرحلة الاستقلال مثل موقف أثيوبيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة من قراري التقسيم رقم (181) وقبول عضوية إسرائيل رقم (273) هذا الموقف المؤيد لموقف الدول العربية، وهو عكس موقف ليبريا التي أيدت القرارين. وكذلك الأمر بالنسبة لمواقف كل من غينيا -غانا - مالي في مؤتمر الدار البيضاء التي أدانت إسرائيل من خلال البيان الذي صدر عن المؤتمر، والذي وصفها بأداة الأمبريالية والأستعمار ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في أفريقيا أيضاً. وهذه مواقف متميزة تعبر عن ظروف دولية وأقليمية مر بها الموقف الأفريقي خلال مراحل تطوره، إذا أنه تجمد بعد ذلك منذ قيام منظمة الوحدة الأفريقية عام 1383هـ الموافق عام 1963هـ، حتى نشوب حرب يونيو عام 1387هـ الموافق 1967 م، حيث بدأ يتحرك بإتجاه الأزمة التي نتجت عن هذه الحرب، وقد ارتكز الموقف الأفريقي بعد حرب يونيو على قرارات الأمم المتحدة منذ البداية وبصورة رئيسية على تأييده لقرار مجلس الأمن رقم (242) . وكان المحرك الأول لهذا الموقف هو

احتلال قوات أجنبية لأراضي إحدى الدول الأعضاء المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية

(مصر) .

وبالنسبة للموقف الأفريقي داخل مؤتمرات الشعوب الأفريقية والأفرو-أسيوية ومؤتمرات عدم الإنحياز، فقد كان في الأولى يعبر عن مواقف الشعوب الأفريقية المتمثلة في حركات التحرير والتنظيمات الشعبية، ولهذا كان التأييد الأفريقي للقضية الفلسطينية داخل هذه المؤتمرات أقوى منه في مؤتمرات عدم الإنحياز التي تعكس وجهة نظر

ص: 104

الحكومات، نظراً لتعرض هذه الأخيرة لضغوط مختلفة داخلية وخارجية من جانب القوى الدولية الحليفة للاستعمار والصهيونية. ولهذا فإن أهمية هذه المؤتمرات لاتأتي من كونها تكشف عن طبيعة الموقف الأفريقي باطرافه المتمايزة في مواقفها واتجاهاتها السياسية وإنما باعتبارها عوامل مؤثرة في الرأي العام الأفريقي، وذلك من خلال نقل وسائل الإعلام لأخبار هذه المؤتمرات والقضايا التي تناقشها ومنها القضية الفلسطينية والقرارات التي تصدر بشأنها، وقد ساعد ذلك على تفهم الدول الأفريقية لطبيعة القضية الفلسطينية وتطوراتها، مما أدى إلى تأثر مواقف هذه الدول تدريجياً مع تطور العلاقات العربية الأفريقية، وبصفة خاصة منذ بداية السبعينات، حيث دخلت متغيرات دولية جديدة تمثلت بالأنفراج الذي طرأ على العلاقات بين القوتين الأعظم - الولايات المتحدة والأتحاد السوفيتتي - مما سمح للدول الصغيرة بممارسة دورها في السياسية الدولية والقضايا العالمية بحرية أكبر، وتصاعد نشاط حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا، كل هذه العوامل كان لها آثارها على تطور الموقف الأفريقي تجاه أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، من السلبية التي كان عليها قبل حرب 1387 هـ الموافق 1967 م، إلى التعاطف ثم التفاعل الذي تمثل في المبادرة الأفريقية عام 1391هـ الموافق عام 1971م، والتي كان لها أثر كبير في تحول موقف منظمة الوحدة الأفريقية إلى موقف مؤيد للدول العربية ضد إسرائيل، بسب موقفها السلبي من المبادرة وجميع المبادرات السلمية التي كانت مطروحة في تلك الأونة وقد ظهر هذا التحول في موقف المنظمة عام 1393هـ الموافق 1973م، عندما أصدر مؤتمر القمة الأفريقي العاشر قراره حول الشرق الأوسط، الذي تضمن إنذاراً لإسرائيل بإتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية ضدها من جانب الدول الأعضاء، إذا ما استمرت في سياستها العدوانية ضد الشعوب العربية، ولم تنفذ قرارات - الأمم

ص: 105

المتحدة، كما تضمن القرار أيضاً اعتراف المنظمة بحقوق الشعب الفلسطيني وكانت هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا الأعتراف من جانب منظمة الوحدة الأفريقية، وكان هذا الموقف مسايراً للمكانة التي تبؤتها القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، حيث اعترفت الأمم المتحدة عام 1389 هـ الموافق عام 1969م بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وتلاها اعتراف حركة عدم الإنحياز بهذه الحقوق عام

1390 هـ الموافق 1970م.

ومن الجدير بالإشارة أن ثماني دول افريقية كانت قد بادرت خلال عام 1392-1393هـ الموافق 1972-1973م بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، بالإضافة إلى غينيا التي قطعت علاقاتها معها منذ حرب يونيو 1967م ،.

ثانياً: عندما وقعت حرب أكتوبر كان المناخ السياسي الأفريقي مهيئاً لظهور موقف أفريقي جديد، وقد عجلت هذه الحرب بظهوره حيث أخذت الدول الأفريقية - واحدة تلو الأخرى - تعرب عن تضامنها مع الدول العربية والشعب الفلسطيني في حربها مع إسرائيل، وذلك من خلال اعلانها عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وقد قطعت جميع الدول الأفريقية هذه العلاقات باستثناء ثلاث منها هي ملاوي وسولزيلاند وليسوتو، بقيت خارج إطار التضامن لإعتبارات سياسية واقتصادية وجغرافية تربطها بجنوب أفريقيا، وتجعلها خاضعة لنفوذها.

ص: 106

وكنتيجة لمبادرات الدول الأفريقية هذه، وبعد صدور قرارات الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية في نوفمبر عام 1393هـ الموافق 1973م، وقرارات القمة العربية السادسة في الجزائر التي تلت اجتماع المنظمة الأفريقية مباشرة، شهدت العلاقات العربية الأفريقية انطلاقة جديدة تطورت إلى تضامن وتعاون بين الدول العربية والأفريقية على المستويات الثنائية والجماعية والدولية، فقد تزايد على المستوى الثنائي الزيارات المتبادلة بين قيادات الدول العربية والدول الأفريقية، وعدد الاتفاقيات الثنائية، وحجم المعونات المالية المقدمة من الصناديق الوطنية التابعة للدول العربية المصدرة للبترول منها بصفة خاصة إلى الدول الأفريقية. وعلى المستوى الجماعي تكونت لجان وزارية عربية وأفريقية تابعة لجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية للحوار حول التعاون. كما أنشأت كل من المنظمتين إدارة خاصة بالتعاون، وتأسست أجهزة مالية لتقديم المعونات للدول الأفريقية كما أسفر الاتصال والتشاور على مستوى الأمانتين العامتين واللجان الوزارية إلى الاتفاق مبدئياً على عقد مؤتمر قمة عربي أفريقي بموافقة مؤتمرات القمة العربية والأفريقية يسبقه مؤتمر وزراء الخارجية المشترك للأعداد له. وقد عقد المؤتمر الوزاري المشترك في داكار عاصمة السنغال عام 1396 هـ الموافق 1976 م ووافق على أعلان وبرنامج عمل التعاون العربي الأفريقي الذي أقره مؤتمر القمة العربي الأفريقي الذي عقد في القاهرة عام 1397هـ الموافق مارس 1977م مع الوثائق الثلاث الأخرى التي أعدتها اللجنة الوزارية المشتركة في يناير من نفس العام.

ووفقاً لهذه الوثائق تم تكوين اللجنة الدائمة ولجنة التسنيق واللجان المتخصصة، إضافة إلى مؤتمر القمة وهو الجهاز الأعلى في الهيكل التنظيمي للتعاون، ويليه المجلس الوزاري المشترك مباشرة.

ص: 107

وتجدر الإشارة إلى أن المعونات المالية العربية للدول الأفريقية قد تزايدت بصورة ملحوظ منذ عام 1397 هـ الموافق 1977م، فقد بلغ إجمالي التعهدات المقدمة من البلدان العربية ومؤسسات التنمية الممولة أساساً من هذه البلدان (6) مليار دولار حتى عام 1401هـ الموافق 1981م، تستأثر الصناديق الوطنية بتوزيع الجزء الأكبر منها.

وهذا يعني أن العون المالي العربي لأفريقيا لم يتوقف على الرغم من توقف أجهزة التعاون الجماعي التي نشأت بموجب الوثائق الصادرة عن مؤتمر القمة العربي الأفريقي المشترك الذي عقد في القاهرة عام 1397هـ الموافق 1977م، إذ إن المؤسسات المالية العربية التابعة لجامعة الدول العربية، أستمرت في تقديم المعونات المالية والقروض للدول الأفريقية بالإضافة إلى مساهماتها في مشاريع التنمية في اكثر من ست وثلاثين دولة من هذه الدول. وهذه المؤسسات تتمثل حالياً في المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا والصندوق العربي لتقديم المعونة الفنية لأفريقيا، وهذا الأخير يساهم في تقديم الخبرات الفنية والثقافية للدول الأفريقية، كما أستمرت الصناديق الوطنية بتأديه دورها في مجالات التعاون المالي والمساهمة في المشاريع التنموية.

وعلى المستوى الدولي فقد ظهر التضامن والتعاون بين الدول العربية والدول الأفريقية في إطار التعاون بين الدول النامية في الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة وفي المؤتمرات الدولية المختلفة مثل مؤتمرات التجارة والتنمية أو مايطلق عليه (الحوار بين الشمال والجنوب) ومؤتمرات عدم الإنحياز ومؤتمرات منظمة المؤتمر الإسلامي

كما ساهمت الدول العربية أيضاً بأموالها في المؤسسات الدولية التي تقدم القروض للدول النامية، مثل المملكة العربية السعودية.

ص: 108

ثالثاً: أن التضامن العربي الأفريقي ليس عملية مقايضة للتأييد السياسي بالدعم المالي أو الأقتصادي، بل هو تعاون متبادل تتشابك وتتداخل فيه أوجه التعبير بين تأييد سياسي أفريقي للعرب يقابله - بل يسبقة تاريخياً - تأييد سياسي عربي لأفريقيا، وبين إمكانيات اقتصادية ومالية عربية يمكن أن تستفيد منها أفريقيا، يقابله إمكانيات اقتصادية أفريقية يمكن أن تستفيد منها العالم العربي.

رابعاً: إن الموقف الأفريقي تجاه القضية الفلسطينية - كما اتضح - موقف غير متماسك تتخلله تيارات عديدة تسير في الاتجاه المعاكس للتضامن العربي الأفريقي، وتيارات تحاول أن تستفيد مادياً من هذا الموقف، ولهذا نلاحظ تذبذب مواقف دول هذه التيارات في الأمم المتحدة أثناء التصويت على القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذه التيارات - هي التى تناولها التحليل السابق - تمثل اقلية من الدول الافريقية، ولذا فهي لا تملك القدرة في التأثير على الاتجاه العام للموقف الافريقي المؤيد للقضية الفلسطينية.

وقد اثبت البحث صحة هذه الحقيقة التى تجلت في استمرار هذا الموقف حتى بعد عملية السلام المصرية - الاسرائيلية، التى انعكست آثارها على مواقف الدول التي تسود فيها تلك التيارات وخاصة تلك المسماه بتيارات التحفظ الاستراتيجي فقد اعادت احدي هذه الدول (زائير) علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل على أثر انسحاب الجيوش الاسرائيلية من شبه جزيرة سيناء المصرية وعللت بأن قرار قطع العلاقات مع اسرائيل عام 1973 كان مبنيا على أساس التضامن مع دولة عضو في منظمة الوحدة الافريقية احتلت جزءاً من اراضيها، ولما كانت اسرائيل قد انسحبت منها فلم يعد هناك مبرر لاستمرار قطع العلاقات معها.

ص: 109

علما بأن بقية الدول الافريقية لا يزال التزامها بالتضامن مع القضية الفلسطينية قائماً على استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل لحين حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. وذلك وفقا لما نصت عليه قرارات منظمة الوحدة الافريقية منذ عام 1393هـ على الرغم من أن عدداً كبيراً من هذه الدول لا تزال تقيم علاقات تجارية وثقافية وفنية مع إسرائيل.

ومن الجدير بالذكر أن كثيراً من الدول الافريقية التى كانت لها علاقات مع اسرائيل ويعتبر بعض قادتها اصدقاء لها تتعرض من فترة لضغوط خارجية لاعادة علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل.

وبناء على ما تقدم فانه من الواضح أن التطورات التي شهدتها العلاقات العربية الافريقية منذ حرب اكتوبر 1973 ارتبطت بشكل مباشر بالتطور الذي طرأ على مواقف الدول الافريقية تجاه اسرائيل، وبالتالي على موقف منظمة الوحدة الافريقية والموقف الافريقي بصفة عامة من القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة.

وما ترتب على ذلك من قيام تضامن فعلى بين الدول العربية والدول الافريقية تجاه قضايا النضال المشترك في فلسطين وجنوب افريقيا رافقه ولازمة تعاون اقتصادي ومالي وثقافي بين الجانبين.

وهذا يعنى أن استمرار الموقف الافريقي المتضامن مع القضايا العربية يتناسب عكسيا مع الموقف العربي المتضامن مع قضايا التحرر السياسي والاقتصادي الافريقية، لان كثيرا من الدول الافريقية كانت ستعيد علاقاتها مع اسرائيل بعد ثلاث أو اربع سنوات على اكثر تقدير - خاصة بعد مبادرة السلام المصرية مع اسرائيل - لو لم تجد الدول الافريقية استجابة من الجانب العربي لموقفها هذا.

ص: 110

أي أن الموقف الافريقي يتأثر مباشرة باتجاه سير العلاقات العربية الافريقية وليس في استمرارها، وعلى هذا الاساس تصبح القضية الاولى في المستقبل هي تحديد أهداف ومستوي هذه العلاقات وما تثيره من قضايا مختلفة تتعلق بالامن القومي العربي والافريقي، والصراع الدولي المعاصر، وقضايا الاتصال والتبادل، وقضايا المصالح المشتركة.

(( (( ((

الملاحق

الملحق الأول: قرار بشأن القضية الفلسطينية (1)

(1) - CM /RES. 725 (XXXIII)

المصادر والمراجع

أولاً: الوثائق:

الوثائق الفلسطينية لعام 1978م، مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت.

قرارات مؤتمر قمة عدم الانحياز الذي عقد في هافانا عام 1979م راجع:

Bulletin No 9-10 ، un ، Special unitan Palestinian Rights ، September - October 1979

قرارات تشرة الأمم المتحدة رقم 6-7، تصدرها الوحدة الخاصة المعينة بحقوق الفلسطينيين، يونيو - يوليو 1979م.

ثانياً: المراجع العربية:

إسماعيل صبري عبد الله: نحو نظام إقتصادي عالمي جديد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1977م.

شوقي الجمل: التضامن الآسيوي الأفريقي وأثره في القضايا العربية، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1964م.

عبد الملك عودة: الدول الأفريقية والقضايا العربية، القاهرة.

عبد الملك عودة: سنوات الحسم في أفريقيا، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1969م.

محمد عبد الغني سعودي: الإقتصاد الأفريقي والتجارة الدولية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1973م.

ثالثاً: الدوريات:

أحمد يوسف القرعي: العدوان الإسرائيلي والتضامن الأفرو آسيوي، السياسة الدولية، العدد التاسع، 1967م.

أحمد يوسف القرعي: ثورة 23 يوليو وقضية تصفيتا الاستعمار في أفريقيا، سلسلة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، العدد 26 يوليو 1978م.

المهدي بن بركة: إسرائيل وأفريقيا، مجلة الطليعة، العدد الخامس، السنة الثانية مايو 1966م.

سلوي محمد لبيب: مؤتمر القمة الأفريقي في الخرطوم، السياسة الدولية، العدد 54 أكتوبر 1978م.

سليمان إبراهيم: مؤتمر الطائف، قضايا قرارات، مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، العدد112، بيروت، مارس 1981م.

عزة وهبي وفتحي عثمان: مؤتمر عدم الإنحياز في لوزاكا، مجلة السياسة الدولية، العدد 23، يناير 1971م.

عفاف رشيد المقصود: المعونات العربية للدول الأفريقية، رسالة ماجستير غير منشورة - جامعة القاهرة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، 1980م.

فاروق جويدة: النشاط الإقتصادي المصري في أفريقيا، مجلة السياسة الدولية، العدد 21، يوليو 1970م.

فؤاد محي الدين: تأييد زائير للمبادرة المصرية، صحيفة أخبار اليوم، القاهرة 20/11/1980م.

محمد الحسيني مصلحي: علاقات مصر مع الدول الأفريقية، السلسلة العمالية، العدد 20، المؤسسة الثقافية العمالية، القاهرة، دون تاريخ.

مرسي سعد الدين: دور التضامن الأفرو آسيوي في معركة فلسطين، مجلة الطليعة، العدد العاشر، السنة الثالثة 1967م.

رابعاً: المراجع الأجنبية المترجمة

جون هانش: تاريخ أفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية، ترجمة عبد العليم منسي، دار الكاتب العربي، القاهرة 1969م.

كولين ليجوم: الجامعة الأفريقية، دليل سياسي موجز، ترجمة أحمد محمود سليمان، مراجع د. عبد الملك عودة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة.

خامساً: المراجع الأجنبية:

Akinsanya ، Odeoya، “ The Afro - Arab. Alliance: Dream or reality ”، Afrciain Affairs، Vol، 75 No.، 301 ، Oxford University press، October 1976.

Cervenke، Zdenek and Legum، Colin، “ The organization of African unity in 1972 “ ، Africa Contemporary Record 1972 - 1973. Africa Research Limited William Chudley ، London، 1973.

Geiss، Imanule، The Pan - African Movement، Translated By: Ann Keep ، Methuen and Co، London، 1974.

Isamel، Tareg ، The Middle East in. World Politics، Syracuse University Press 1874.

Legum، Colin ، “ Israel Year in Africa، “ Africa Contemporary Recond 1972 - 1973.

Legum، Colin.، “ Africa، Arabs and Middle East “ ، Africa Contemporary Record 1975 - 1976، Vol. 8، London، 1976

Mazrui، A.، Towards apax - Africana، university of chicago press، 1967. The Middle East، London 1981

ص: 111

:

أن مجلس وزراء منظمة الوحدة الافريقية المنعقد في دورته العادية الثالثة والثلاثين في منروفيا - ليبريا - خلال الفترة من عام 1399هـ الموافق 6- 18 يوليو سنة 1979م.

بعد أن تدارس تقرير الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية بشأن القضية الفلسطينية.

وبعد أن استمع إلى بيانات مختلف الوفود ولا سيما بيان ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية.

لذا يذكر ايضا بتقرير اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة بشأن فلسطين وهو التقرير الذي يؤكد من جديد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني في وطنه بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والسيادة واقامة دولته المستقله على ارضه.

وأذ يسترشد بمبادئ وأهداف ميثاق منظمة الوحدة الافريقية ومنظمة الأمم المتحدة والمصير المشترك للشعوب الافريقية والعربية ونضالها المشترك ضد الصهيونية والعنصرية من أجل قضية الحرية والاستقلال والسلام.

واذ يذكر بأن قضية فلسطين هي جوهر النزاع في الشرق الاوسط وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

وأذ يدرك أن قضية فلسطين هي قضية عربية وافريقية.

وأذ يدرك خطورة الوضع السائد حالياً من جراء استمرار الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والاراضي العربية ورفض اسرائيل الالتزام بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وامعانها في بناء المستعمرات الاستيطانية وتغيير المعالم الجغرافية والثقافية والاجتماعية في فلسطين والاراضي العربية المحتلة الاخري وخاصة في مدينة القدس.

واذ يؤكد مجدداً شرعية النضال الذي يخوضه الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية لاستراداد ارضه وممارسة حقوقه الوطنية.

وإذ يؤكد من جديد أنه لا يمكن تحقيق سلام عادل ودائم إلا بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية الثابته وبشكل خاص حقه في العودة وطنه وحقه في السيادة الوطنية وتقرير مصيره بنفسه دون أي تدخل خارجي واقامة دولة مستقله على أرضه.

ص: 112

وأذ يعتبر أن جميع الاتفاقيات الجزئية والمعاهدات المنفردة تلحق ابلغ الضرر بالقضية الفلسطينية وتشكل انكاراً لحقوق الشعب الفلسطيني المعترف بها عالمياً.

وانتهاكاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الاستقلال ايضاً.

وأذ يلاحظ بقلق أن التحالف بين نظام الحكم الصهيوني في اسرائيل ونظام الحكم العنصري في جنوب افريقيا انما يهدف إلى تصعيد حرب الارهاب والابادة ضد شعوب فلسطين والجنوب الافريقي.

يؤكد مجدداً جميع القرارارت السابقة بخصوص قضية فلسطين ومساندته الكاملة والفعالة للشعب الفلسطيني بقيادة ممثله الشرعي الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية في نضاله لاسترداد حقوقه الوطنية المغتصبه وخاصة حقه في العودة إلى وطنه والسيادة - وتقرير المصير واقامة دولته المستقله على أرضه.

يشجب المحاولات الرامية إلى منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير والحيلولة دون تحقيق تطلعاته الوطنية في الحرية والسيادة الكاملة وفرض حلول تتناقض مع هذا الحق ومع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية كما يشجب سعي بعض الاطراف لاتخاذ اجراءات وابرام اتفاقيات تتجاهل تطلعات الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية وذلك على حساب حقه في تقرير مصيره بنفسه.

يدين بشدة المخططات والاطماع التوسعية الاستعمارية العنصرية التى تمارسها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الاخري وخاصة الشعب اللبناني.

يدين بشدة جميع الاتفاقيات الجزئية والمعاهدات المنفردة التى تشكل اعتداءاً خطيراً على حقوق الشعب الفلسطيني وانتهاكاً لميثاقي الامم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية والقرارات الصادرة عن مختلف المحافل الدولية بشأن قضية فلسطين كما تحول دون تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره بنفسه واستعادة السيادة الكاملة على أرضه.

ص: 113

يدين من جديد التحالف القائم بين نظام الحكم الصهيوني ونظم الحكم العنصرية في الجنوب الافريقي ويهيب بكل الدول الاعضاء التصدي لهذا التحالف ودعم الكفاح.

يناشد المجتمع الدولى أن يشدد من ضغطه على اسرائيل لارغامها على الانصياع لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقه بقضية فلسطين.

يدين بشدة امعان اسرائيل في تهديد مدينة القدس المقدسة بما يشكل انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية الخاصة بمدينة القدس والصادرة عن جميع الهيئات الدولية.

يطالب مجلس الأمن باتخاذ الاجراءات الفعالة لضمان ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية الثابتة التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يطلب إلى الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية متابعة تطورات قضية فلسطين وتقديم تقرير عنها إلى الدورة العادية القادمة لمجلس الوزراء.

الملحق الثاني: قرار بشأن قضية فلسطين:

أن مجلس وزراء منظمة الوحدة الافريقية المنعقد في دورته العادية السابعة والثلاثين في نيروبي (كينيا) عام 1401هـ في الفترة من 15 إلى 26 يوليو 1981.

اذ بحث تقرير الامين العام لمنظمة الوحدة الافريقية بشأن قضية فلسطين وثيقة مجلس الوزراء رقم 1126 (دورة - 37) .

واذ استمع إلى كلمات مختلف الوفود وخاصة كلمة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية.

واذ يذكر بالقرارات الصادرة عن الدورات السابقه لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات بشأن مشكلة الشرق الاوسط وقضية فلسطين.

واذ يذكر ايضا بتقرير اللجنة الخاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين الذي يؤكد مجدداً الحق الوطني الثابت للشعب الفلسطيني في أن يكون له وطن، بما في ذلك حقوقه في العودة إلى اراضية وفي تقرير المصير وفي السيادة وايضا في اقامة دولة مستقلة على ترابه.

ص: 114

واذ يستلهم بمبادئ واهداف ميثاقي منظمة الوحدة الافريقية ومنظمة الامم المتحدة والمصير المشترك للشعوب الافريقية والعربية في نضالها المشترك ضد الصهيونية والعنصرية من أجل قضية الحرية والاستقلال والسلام.

واذ يذكر بأن قضية فلسطين، بما في ذلك القدس، تمثل جوهر النزاع في الشرق الاوسط وبأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

واذ يؤكد من جديد على القرارات ذات الصلة الصادرة من منظمة الوحدة الافريقية والتى تعتبر القضية الفلسطينية قضية افريقية وليست قضية عربية فقط.

واذ يعي خطورة الوضع الحالي الناجم عن استمرار اسرائيل في احتلال الاراضي الفلسطينية والعربية ورفضها احترام قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعزمها الجاد على اقامة مستوطنات في الاراضي العربية المحتلة وخاصة في القدس، الامر الذي يترتب عليه تغيير المسميات الجغرافية الديموغرافية والثقافية والاجتماعية لفلسطين.

واذ يؤكد مجدداً شرعية نضال الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بغية استراداد اراضية وممارسة حقوقه الوطنية.

واذ يؤكد مرة أخري أن السلام العادل والدائم لا يمكن أن يتحقق إلا بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابته ولا سيما حقه في العودة إلى وطنه واستعادة سيادته الوطنية وحقه في تقرير المصير بدون أي تدخل اجنبي مهما كان نوعه، وحقه في اقامة دولة مستقله على اراضيه.

واذ يأخذ في الاعتبار أي اتفاق جزئي واي معاهدة منفصله تضر ضرراً بالغاً بالشعب الفلسطيني وتشكل انتهاكاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال.

واذ ينظر بعين الاعتبار إلى القرارات التى اعتمدتها الدورة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين في 15 يوليو 1980.

واذ يأخذ في الحسبان النتائج التى توصلت إليها لجنة الأمم المتحدة حول ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابته.

ص: 115

واذ يلاحظ بقلق بالغ أن التحالف القائم بين النظام الصهيوني في اسرائيل والنظام العنصري في جنوب افريقيا يستهدف تصعيداً لأعمال الارهاب والابادة التي ترتكب ضد شعبي فلسطين وجنوب افريقيا.

يؤكد مجدداً كل القرارات السالفة بشأن قضية فلسطين ويعلن مرة أخري مساندته الثابته للشعب الفلسطيني بقيادة ممثلة الشرعي الوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، كما يؤكد من جديد حق الشعب الفلسطيني في مواصلة نضاله بجميع اشكاله السياسية والعسكرية وكذلك حقه في استخدام حقوقه الوطنية الثابته وخاصة حقه في العودة إلى وطنه وممارسة حقه في تقرير المصير واقامة دولة مستقله على ارضه.

يدين بقوة مشروع الحكم الذاتي وكل المناورات والصيغ الرامية إلى الحيلولة بين الشعب الفلسطيني وبين ممارسة حقه في تقرير مصيره ومنعه من تحقيق آماله الوطنية ومن العودة إلى وطنه والتمتع بحريته وسيادته الكاملة.

يدين ايشدة مبادرات بعض الاطراف التى تتخذ تدابير وتبرم اتفاقيات لم تأخذ في اعتبارها تطلعات الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية ويري أن أية اتفاقية بشأن قضية فلسطين لا تشارك فيها منظمة التحرير الفلسطينية تكون لاغيه وكأنها لم تكن.

يشجب بقوة الاغراض التوسعية والاستعمارية والارهابية التى تستهدف فرض الامر الواقع في الاراضي المحتلة، كما يشجب سياسة التوسع واقامة المستوطنات ومصادرة الاراضي وتصفية الاهالي فرادى أو جماعات بغية دفعهم إلى الهجرة وتغيير السمات الديموغرافية وطرد قادة ومفكري ومواطني الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الاخري وخاصة الشعب اللبناني

ص: 116

يدين بقوة ايضا جميع الاتفاقيات الجزئية والمعاهدات المنفصلة التي تشكل انتهاكاً خطيراً لحق الشعب الفلسطيني ومبادئ ميثاقي منظمة الوحدة الافريقية والامم المتحدة وللقرارات الصادرة عن مختلف المحافل الدولية بشأن القضية الفلسطينية والتى تحول دون تحقيق الشعب الفلسطيني لآماله في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره وممارسة سياسته الكاملة على ارضة.

يؤكد أن اية محاولة تستهدف حل قضية فلسطين التى تمثل جوهراً مشكلة الشرق الاوسط لا سبيل لها لأن تحقق السلام بدون الاشتراك الفعلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وبدون الاعتراف بالحقوق الثابته والشمروعه للشعب الفلسطيني.

يشجب التواطؤ القائم فيما بين نظام الحكم الصهيوني ونظام الحكم العنصري في جنوب افريقيا ويناشد جميع الدول الاعضاء تكثيف جهودها بغية التصدي لهذا الخطر بتدعيم النضال المسلح ضد الصهيوينية والعنصرية والامبريالية ويطلب في هذا الصدد من الدول الافريقية الاعضاء بجامعة الدول العربية أن تدرج في جدول اعمال دورتها القادمة بنداً بعنوان " التواطؤ بين جنوب افريقيا واسرائيل ".

يوجه نداء إلى الجماعة الدولية يناشدها فيه مزيداً من تكثيف ضغوطها على اسرائيل في مختلف المجالات بغية ارغامها على الامتثال لميثاق منظمة الأمم المتحدة وللقرارات الصادرة عنها بشأن قضية فلسطين وينوه بالجهود التي تبذلها لجنة الأمم المتحدة المختصه لقضية فلسطين ويدعو مجلس الأمن إلى تطبيق توصيات هذه اللجنة التى اعتمدتها الجمعية العامة ولا سيما القرار رقم 35/169 الصادر في 15 ديسمبر 1980.

يهيب بمجلس الأمن أن يتخذ التدابير الفعالة لكفالة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية الثابته التى اعترفت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة ويري أن القرار رقم 242 الصادر عن مجلس الأمن في 22 نوفمبر سنة 1967 لا يضمن مستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابته، كما لا يوفر اساسا الحل عادل لقضية فلسطين.

ص: 117

يثني على لبنة الأمم المتحدة لممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابته على ما تبذله من جهود بغية استعادة الحقوق الثابته للشعب الفلسطيني.

يطلب إلى الامين العام لمنظمة الوحدة الافريقية تطورت قضية فلسطين وتقديم تقرير في هذا الشأن إلى الدورة العادية المقبلة لمجلس وزراء منظمة الوحدة الافريقية.

الملحق الثالث: قرار بشأن القدس:

أن مجلس وزراء منظمة الوحدة الافريقية المنعقد في دورته العادية السابعة والثلاثين في نيروبي (كينيا) عام1401هـ في الفترة من 15- 26 يونيو سنة 1981.

اذ يذكر بجميع قرارات منظمة الوحدة الافريقية ومنظمة الأمم المتحدة ومؤتمر حركة عدم الانحياز بشان القدس.

واذ يضع في الاعتبار أن منظمة الوحدة الافريقية ظلت تعارض دائماً وبشدة مطالبة اسرائيل باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني.

واذ يضع في الاعتبار أن المسألة الفلسطينية بما فيها القدس هي لب مشكلة الشرق الاوسط.

واذ يضع فى الاعتبار اصرار اسرائيل على سياستها القائمة على العدوان وضم الاراضي بصورة غير مشروعة والاستعمار الصهيوني وتغيير الطابع الثقافي والديموقرافي لمدينة القدس المقدسة.

وإذ يضع في الاعتبار إصرار إسرائيل على الاستمرار في التوسع في تهويد القدس بغية إزالة طابعها العربي منتهكة بذلك احكام اتفاقية جنيف الرابعة المبرمة في 12 أغسطس سنة 1949 والخاصة بحماية المدنتين في وقت الحرب.

يؤكد مجدداً أن مدينة القدس تعد جزءاً لا يتجزأ من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.

يؤكد مجدداً ضرورة الحفاظ على الطابع الاصلي والتاريخي لمدينة القدس.

يدين إسرائيل لرفضها المستمر احترام القرارات ذات الصلة الصادرة عن منظمة الوحدة الافريقية ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الاخري بشأن مدينة القدس المقدسة.

ملحق رقم (4) :

المعونات العربية للدول الافريقية للفترة (1973/1978)

(بملايين الدولارات)

المجموع

ص: 118

لدول غير محددة في شرق وغرب القارة

لدول شرق أفريقيا

لدول غرب أفريقيا

السنوات

159.

5

13.

5

61.

1

84.

9

1973

533.

8

26.

7

240.

2

266.

9

1974

991.

5

6.

01

531.

4

400.

0

1975

902.

9

93.

3

306.

7

502.

9

1976

592.

8

96.

5

144.

3

352.

0

1977

693.

2

111.

9

262.

5

318.

8

1978

3874

402

1546.

2

1925.

5

المجموع

المصدر: المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا / نوفمبر 1979.

أما بالنسبة لعدد البلدان المستفيدة من العون العربي فقد بلغ أحد عشر بلداً خلال عام 73، اثنان وثلاثون بلداً في عام 1974، سبعة وثلاثون بلداً في عام 1975، ثمان وثلاثون بلدا في عام 1976م، أربعون بلدا في عام 1977، أي أن العون العربي قد غطى القارة الأفريقية بنسبة 100% خلال الفترة المذكورة ومنذ دخول البلدان العربية المصدرة للبترول محفل البلدان المانحة للعون.

(( (( ((

الهوامش والتعليقات

ص: 119