المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التداخل في اللغاتدراسة لغوية قرآنية - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌التداخل في اللغاتدراسة لغوية قرآنية

‌التداخل في اللغات

دراسة لغوية قرآنية

د. منيرة بنت سليمان العلولا

أستاد النحو والصرف المساعد في قسم اللغة العربية - كلية التربية

للبنات بالرياض

ملخص البحث

يبحث موضوع الدراسة في حقيقة التداخل في اللغات العربية القديمة، وهو موضوع نحوي، صرفي، لغوي، يعني أن يأخذ متكلم بلغة ما من لغة غيره فينطق باللغتين معاً وله صور منها: التداخل في كلمتين بحيث يؤخذ الماضي من لغة والمضارع من لغة أخرى نحو: رَكَنَ يَرْكَن.

وفي ذلك لغتان هما: ركَن يَرْكُن كنَصرَ ينصرُ

وركِن يركَن كعَلِم يَعْلَم

فتداخلت اللغتان فتركب لغة ثالثة هي: ركَن يَرْكَن بالفتح فيهما. ومن صوره التداخل في كلمة واحدة نحو: “ الحٍبُك ” بكسر فضم.

وفيها لغتان فصيحتان هما: الحُبُك: بضمتين، وبها قراءة الجمهور، والحِبِك بكسرتين.

تداخلت اللغتان فتركبت لغة ثالثة قرأ بها بعض القراء هي (الحِبَك) بكسر فضم.

وقد اختلف العلماء في حكم التداخل: فمنهم من أجازه بلا قيد أو شرط، ومنهم من قيَّده فاشترط عدم استعمال لفظ مهمل البناء.

ومنهم من منعه، حمل ما جاء منه على الشذوذ، والرأي الأخير ضعيف لوجود الظاهرة في القرآن الكريم في بعض القراءات، وفي كلام العرب شعره ونثره.

• • •

مقدمة:

إنّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فهو المهتدي ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، أمّا بعد.

فممّا لا شكَّ فيه ترابطُ علومِ اللغةِ العربيةِ، ودورانُها في محيطٍ واحدٍ، وانبثاقُها من مصدرٍ فَرْدٍ أصيلٍ، وافتقارُ كلِّ فَرْعٍ منها إلى الآخرِ، فقلّما تجدُ موضوعاً نحوياً إلاّ واللغةُ في آخرِه، أو لغوياً إلا ومسائلُ التصريفِ في ثناياه، تَعْضُدُه وتُقِيمُ أمرَه.

ص: 195

ولمّا كانَ الأمرُ كذلكَ عَمِدتُ في هذا البحثِ الوجيزِ إلى تقديمِ موضوعٍ صرفيٍّ نحويٍّ لُغويٍّ ذي سَبَبٍ وثيقٍ بعلومِ العربيةِ، وهو الحديثُ عن تداخلِ اللغاتِ.

وصلتي بهذا الموضوعِ لم تكن نِتَاجَ قلمِ الساعةِ، بلِ الكتابةُ عن تركُّبِ اللغاتِ كانت قريني عندَ إعدادِ محاضراتي (في النّحوِ والتصريفِ) لطالباتي في المرحلتين؛ الجامعيةِ والدراساتِ العليا، عندَ الحديثِ عن أبنية الأفعالِ والأسماءِ، وبابِ اسمِ الفاعلِ، والهمزِ، أو المباحثِ اللغويةِ التي كنتُ أُعَرِّجُ باحثةً عنها في كتبِ اللغةِ كفعلت وأفعلت، والمقصورِ والمدودِ، أو كتبِ القراءاتِ عندَ تخريجِ قراءةٍ صحيحةٍ أو شاذةٍ

إلخ، وما استتبعَ ذلكَ من وجودِ ومضاتٍ بارقةٍ تُشِيرُ إلى موضوعِ تركُّبِ اللغاتِ هذا، وكنتُ أُحدِّثُ نفسي منذُ سنواتٍ بجمعِ متفرقاتِه ولَمِّ شَتَاتِه - رغمَ قلّةِ مادّتِه وتباعدِ معلوماتِه -، ولكنّي هِبْتُ الإقدامَ على هذا العملِ خَشْيَةَ أن أخرجَ منه مُجْهَدَةَ النَّفْسِ، مُنْهَكَةَ القوى، غيرَ ظافرةٍ بذي بالٍ، وبخاصةٍ معَ عدمِ التعرُّضِ لمثلِه في كتبِ الأقدمينَ أو المحدثينَ، باستثناءِ بابٍ مقتضبٍ أفردَه ابنُ جنِّيٍّ في كتابِه الخصائصِ بعنوان “ بابٌ في تركُّبِ اللغاتِ ” (1) ، كرَّرهُ السِّيوطيُّ في المزهرِ بعنوانِ “ معرفةُ تداخلِ اللغاتِ ” (2) ، والاقتراحِ بعنوانِ “ في تداخلِ اللغاتِ ” (3) والقِنُّوجِيُّ في البلغةِ بعنوانِ “ معرفةُ تداخلِ اللغاتِ ” (4) ، ثم جمعَ الشيخُ د. محمد عبدُ الخالقِ عضيمة رحمه الله ممّا يخصُّ الأفعالَ في كتابِه المغني في تصريفِ الأفعالِ بعنوانِ “ تداخلُ اللغاتِ ” (5) .

(1) 1 / 374 - 385.

(2)

1 / 262 - 265.

(3)

177 - 180.

(4)

172 - 173.

(5)

160 - 161.

ص: 196

وقد ظللتُ أجمعُ مادةَ هذا البابِ سنواتٍ طوالاً، أخذَتْ من وقتي وجهدي ما اللهُ بهِ عليمٌ؛ حتّى خرجْتُ بهذِه الوريقاتِ التي آملُ أن يجدَ فيها الباحثُ بغيتَه، والطالبُ حاجتَه.

وقد جعلتُ هذا البحثَ قسمين؛ أفردت الأوّلَ منهما للحديثِ عنِ التداخلِ في كلمتينِ، والثاني عن التداخلِ في كلمةٍ واحدةٍ، يتقدمه مدخل أَبَنْتُ فيه عن معنى التداخلِ، وحالِ المتلقي للغاتِ، وحكمِه ثم صوره التي هي صلبُ هذا البحثِ وقوامُه؛ أدرجْتُ فيها ما وقعَ تحتَ يدي من أمثلةٍ نصّ العلماءُ أو بعضُهم فيها على التداخلِ ذاكرةً رأيَ من خالفَ ذلك أو ادّعى شذوذَه - إن وُجِدَ - مُتْبِعَةً كلَّ مثالٍ منها بشواهدِه القرآنيةِ وقراءاتِه وتوجيهِها جاعلةً من هذا البحثِ دراسةً لغوية قرآنيةً.

وبعدُ، فهذا جُهْدُ مُقلٍّ، ونَفَسُ مُقَصِّر، لا يدّعي الكمالَ ولا الإتمامَ، بل يعترفُ بالنّقصِ ويؤمنُ بالتقصيرِ، ولو أَتْبَعْتُ نفسيَ هَواها، وتَبِعَتْ حرصَها في المراجعةِ والتدقيقِ والتمحيصِ وتتبُّعِ المعاجمِ مادّةً مادّةً وحرفاً حرفاً لما ظهرَ هذا البحثُ لأنه كما قالَ ابنُ منظورٍ: بابٌ واسعٌ جداً (1) .

واللهَ أسألْ أن ينفعَ بهذهِ الكلماتِ، ويأجرَني عليها، ويجعلَني ممَن أخلصَ النيّةَ، فتُقبِّلَ بقَبولٍ حسنٍ في الدنيا والآخرةِ، وآخرُ دعوانا أن الحمد للهِ ربِّ العالمينَ.

وصلى اللهُ وسلّمَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

التداخل في اللغات

معنى التداخل في اللغات: التداخلُ لغةً: هو تشابهُ الأمورِ والتباسُها ودخولُ بعضِها في بعضٍ (2) .

(1) انظر: لسان العرب (دوم) 12 / 213.

(2)

انظر: اللسان 11 / 243 (د خ ل) .

ص: 197

وفي اصطلاحِ النّحاةِ هو أن ((تلاقى أصحابُ اللغتينِ، فسَمِعَ هذا لغةَ هذا، وهذا لغةَ هذا، فأخذَ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبِه ما ضمّه إلى لغتِه، فتركبت لغةٌ ثالثةٌ)) (1) .

ولعلَّ الجامعَ بينَ التفسيرين اللغويِّ والاصطلاحيِّ بَيِّنٌ، فالآخذُ قد تشابهَتْ عليه اللغتانِ والتبستا حتى جمعَ بينهما في كلامِه، فأخذَ شيئاً من هذهِ وآخرَ من تلكَ.

بيانُ حالِ المُدَاخِل بينَ اللغتين: وإذا كانَ معنى التداخلِ هو إفادَةَ نَاطِقٍ بلغةٍ ما من لغةٍ أخرى، فحريٌّ بنا أن نَعْرِضَ لحالِ المتلقّي أو الآخذِ، ف ((العربُ تختلفُ أحوالُها في تلقي الواحدِ منهم لغةَ غيرِه؛ فمنهم من يخِفُّ ويُسرِعُ قَبُولَ ما يسمعُه، ومنهم من يستعصِمُ فيقيمُ على لغتِه البتّةَ، ومنهم من إذا طالَ تكرُّرُ لغةِ غيرِه عليه لَصِقَتْ بهِ، ووُجِدَت في كلامِه)) (2) .

فمن هذا النّصِّ يتبينُ أن للمنتحي لغةَ غيرِه ثلاثةَ أحوالٍ، ومن أمثلةِ الصّنفِ المستمسكِ بلغتِه ((قولُ رسولِ اللهِ (وقد قيلَ: يا نبيءَ اللهِ، فقالَ: لستُ بنبيءِ اللهِ ولكنّني نبيُّ اللهِ. وذلكَ أنّه عليه الصلاة والسلام أنكرَ الهمزَ في اسمِه فردَّه على قائله)) (3) .

ولعلَّ من أمثلةِ القبيلِ المستفيدِ من غيرِه قولَ الفرزدقِ:

فأَصْبحُوا قدْ أعادَ اللهُ نِعْمَتَهُم

إذْ هُمْ قُرَيشُ وإذْ ما مِثْلَهُم بَشَرُ (4)

(1) الخصائص 1 / 367، وانظر كذلك: الخصائص 1 / 373، 381، نزهة الطرف للميداني 100 - 101، شرح أدب الكتاب للجواليقي 238، أمالي ابن الشجري 1 / 209، شرح المفصّل 3 / 154، المزهر 1 / 263.

(2)

الخصائص 1 / 383.

(3)

الخصائص 1 / 383، وفيه أمثلة أخرى.

(4)

انظر ديوانه 2 / 223، الكاتب 1 / 60.

ص: 198

ف“ ما ” هنا حِجَازِيَّةٌ مُعْمَلةٌ، وقد أتت في لغةِ تميميٍّ، وإن كانَ قد ارتكبَ محظوراً معَ إعمالِها، وهو تقديمُ خبرِها عليها، ولعلَّ هذا يندرجُ في التداخلِ النّحويِّ، وهو إعمالُ “ ما ” على لغةِ الحجازِ، وتقديمُ الخبرِ إلماحاً إلى لغةِ بني تميمٍ.

حكم التداخل: فيه للعلماءِ قولانِ:

* إجازتُه مطلقاً، ولعلَّ ابنَ جنّيٍّ أوّلُ من أفردَ له باباً في كتابه الخصائص (1) ، وأوّلُ من أجازَه بلا قيدٍ أو شرطٍ.

* اشتراطُ عدمِ استعمالِ لفظٍ مُهْمَلٍ ك“ الحِبُك ” (2) . وسيأتي الحديثُ عن ذلك في التّداخلِ في كلمةٍ واحدةٍ.

* ومنهم من حملَ كل ما جاءَ في التداخلِ على الشذوذِ، ولهذا قالَ ابنُ جنّيٌّ صدرَ بابِ تركّبِ اللغاتِ:((اعلم أنّ هذا موضعٌ قد دعا أقواماً ضَعُفَ نظرُهم، وخفّتْ إلى تلقّي ظاهرِ هذهِ اللغةِ أفهامُهم؛ أن جمعوا أشياءَ على وجهِ الشذوذِ عندَهم وادَّعوا أنها موضوعةٌ في أصلِ اللغةِ على ما سمِعواه بأَخَرةٍ من أصحابِها، وأُنْسُوا ما كانَ ينبغي أن يذكروه، وأضاعوا ما كانَ واجباً أن يحفظوه)) (3) .

صوره: للتداخلِ صورٌ متعدّدةٌ، نَعْرِضُ في هذا البحثِ الوجيزِ إلى بعضِها، ومنها:

التداخلُ في كلمتينِ:

* بينَ الماضي والمضارعِ، وله فروعٌ.

* بينَ الفعلِ واسمِ الفاعلِ.

- التداخلُ في كلمةٍ واحدةٍ:

* استعمالُ (فِعُل) .

* التسهيلُ والتحقيقُ.

- الجمعُ بينَ اللغتينِ:

* فَعَلَ وأَفْعَلَ.

* الإشباعُ والتسكينُ.

المدُّ والقَصْرُ.

من صور التداخل بين كلمتين

- أبوابُ الأفعال الماضية والمضارعة، ومنه:

- فعَل يفعَل.

- فعِل يفعُل.

- فعِل يفعِل.

- فعُل يفعَل.

- فعَل يفعِل.

(1) انظر: 1 / 374 - 385.

(2)

انظر: الاقتراح 179 - 180.

(3)

الخصائص 1 / 374.

ص: 199

وقبل أن نَعرِضَ لأمثلةِ هذا النوعِ جديرٌ بنا أن نقدِّمَ القواعدَ القياسيةَ في أبنيةِ الأفعالِ الثلاثيّةِ وصياغةِ المضارعِ منها حتى نتوصّلَ من خلالِها إلى مواضعِ التداخلِ.

فالماضي من الثلاثيِّ على ثلاثةِ أبنيةٍ: فَعَلَ بفتحِ عينِه، وفَعِلَ بالكسرِ، وفَعُلَ بالضمِّ، ويأتي مضارعُ فَعَلَ على يَفْعِلُ ويَفْعُلُ في الصّحيحِ على حدِّ سواءٍ، واللازمُ منَ المضاعفِ على الأوّلِ منهما، والمتعدي على الثاني، والواويُّ من المعتَلِّ على يَفْعُلُ، واليائيُّ على يَفْعِلُ، ويأتي مضارعُ فَعِلَ على يَفْعَلُ فحسب، ويلزمُ مضارعُ فَعُلَ الضمِّ أيضاً (1) .

- فَعَل يفعَل: (من الصحيح) :

رَكَنَ يَرْكَنُ: الركونُ إلى الأمرِ الميلُ إليهِ والسكونُ والاطمئنانُ، والرُكْنُ: الجانبُ الأقوى من كلِّ شيءٍ (2)

(1) انظر: الكتاب 4 / 38 - 40، 4 / 5، المقتضب 1 / 71، التكملة 508، الأفعال لابن القطاع 1 / 10 - 11، شرح الملوكي 38 - 61، نزهة الطرف لابن هشام 99 - 103، شرح التصريف العزّي 31 - 34، شرح الشافية للجاربردي 53 - 57، لنقرة كار 33 - 36، المناهج الكافية 33 - 36.

(2)

انظر: العين (ركن) 5 / 354، إصلاح المنطق 211، تهذيب اللغة (ركن) 10 / 189، الصحاح (ركن) 5 / 2126، المحكم (ر ك ن) 6 / 499، المشوف المعلم (ر ك ن)

1 / 309، التاج (ركن) 18 / 242.

ص: 200

، وفيه لغتانِ (1) :

- رَكَنَ يَرْكُنُ كنصَر وخرَج، وعنِ الفرّاءِ أنّها لغةُ قيسٍ وتميمٍ (2)، وزادَ الكسائيُّ: وأهلُ نجدٍ (3) . وقيلَ: وهي اللغةُ المشهورة (4) . وقالَ الأزهريُّ: ليست بفصيحةٍ (5) . وفي العينِ ((لغةُ سُفْلَى مُضَرٍ)) (6) .

(1) انظر: معاني الأخفش 2 / 585، إصلاح المنطق 211، 218، أدب الكاتب 483، معاني الزجاج 3 / 254، إعراب النحاس 2 / 306، 436 تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15/605، المحتسب 1 / 329، الصحاح (ركن) 5 / 2126، المحكم (ر ك ن) 6 / 499، المفتاح 37، مفردات الراغب 208 نزهة الطرف للميداني 100 - 101، الرازي 18 / 72، اللسان (ركن) 13 / 185، (أبى) 14 / 4، الدر 6 / 418، شرح التصريف العزي 33 بصائر ذوي التمييز 3 / 98، شرح الشافية للجاربردي 54، شرح الشافية لنقره كار 34، التاج (ركن) 18 / 242، تدريج الأماني 21.

(2)

انظر: إعراب النحاس 2 / 306، القرطبي 9 / 108، البحر 6 / 220، الدر 6 / 418.

(3)

انظر: البحر 6 / 220، الدر 6 / 418.

(4)

انظر: تهذيب اللغة (ركن) 10 / 189، الرازي 18 / 72، اللسان (ركن) 13 / 185.

(5)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 125، لنقرة كار 34.

(6)

العين (ركن) 5 / 354، ولا إخال الضبط (رَكن يَركَن) إلا خلطاً من الضابط، وسيأتي النقل عن ابن الشجري.

ص: 201

- رَكِنَ يَرْكَنُ كعلِم وركِب، حكاه أبو زيدٍ (1) ، وهي اللغةُ الفصحى (2) والعاليةُ (3)، وقيلَ: هي لغةُ قريشٍ (4) وخصّها أبو عمروٍ بأهلِ الحجازِ (5) ، وعنِ الخليلِ أنَّها لغةُ سفلى مُضرٍ (6) .

قالَ ابنُ النّحاسِ ((ورَكِنَ يَرْكَنُ أفصحُ)) (7) .

وروى أبو عمرو الشيبانيُّ لغةً ثالثةً هي:

- رَكَنَ يَرْكَنُ (8) ، فُتِحَتْ عينُ الفعلِ ماضياً ومضارعاً، وليسَ لامُه ولا عينُه حرفَ حلقٍ. وفي المحيطِ: هي لغةُ سفلى مُضرٍ (9) .

ولم يذكرْها سيبويهِ (10) ، وخالفَه أهلُ العربيةِ؛ الفرّاءُ، وغيرُه، فلم يذكروا إلاّ اللغتينِ الأُولَيينِ (11) .

(1) انظر: الصحاح (ركن) 5 / 2126، شرح الشافية للرضي 1 / 125، لنقرة 34، التاج (ركن) 18 / 242.

(2)

انظر: البحر 6 / 220، الدر 6 / 418.

(3)

انظر: الدر 6 / 418.

(4)

انظر: البحر 6 / 220، الدر 6 / 418.

(5)

انظر: إعراب النحاس 2 / 306، القرطبي 9 / 108.

(6)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 210، وأظن هذا هو الصواب فيما نسب لسفلى مضر؛ إذ صوّره الشجري بركِبت أركب، ولا مجال للأخذ بخلاف ذلك هاهنا، وقد تقدم القول فيما ورد في العين.

(7)

إعرابه 2 / 436.

(8)

انظر: إصلاح المنطق 217، أدب الكاتب 483، ديوان الأدب 2 / 138، تهذيب اللغة

(ركن) 10 / 189، الصحاح (ركن) 5/ 2126، نزهو الطرف للميداني 100 - 101، المشوف المعلم (ر ك ن) 1 / 309، شرح الشافية للرضي 1 / 125، لنقرة 34، اللسان (ركن) 13 / 185، التاج (ركن) 18 / 242، وليست هذه في الجيم.

(9)

انظر: (ركن) 6 / 248، وقد تقدم القول بخلافه، والخلل بالضبط فحسب، ويردّه أيضاً أنّ هذه ليست لغة أصيلة لقبيلة، بل هي مركبة.

(10)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 125.

(11)

انظر: إصلاح المنطق 217 - 218، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 605، اللسان (أبى) 14 / 4.

ص: 202

ووجهُها - على القولِ بثبوتِها - على تركُّبِ اللغتينِ، فجُمِعَ بينَ ماضي اللغةِ الأولى ومضارعِ الثانيةِ، فأصبحت رَكَنَ يَرْكَنُ بفتحِ عينهما (1) .

وحملَه قومٌ على الشذوذِ (2) ، وآخرونَ على النّدرةِ (3) ، وعدّها ابنُ القطّاعِ في المختلَفِ فيها (4) .

وحكى ابنُ الشجريِّ لغةٌ أخرى مركّبةً منَ اللغتينِ أيضاً وهي:

- رَكِنَ يَرْكُنُ كفضلِ يفضلُ (5) .

قالَ: وهما لُغَيَّتَانِ نادرتانِ، وهذه الثانيةُ أدغلُ في الشذوذِ (6) .

ولم يُثبِتْ سيبويهِ هذا الحرفَ فيما جاءَ على فَعَلَ يَفْعَلُ ممّا خلا من حرفِ الحلقِ عينُه أو لامُه (7) ، وكذلكَ الفرّاءُ (8) وأثبتَها أبو عمرٍو الشيبانيِّ (9) .

(1) انظر: العين (ركن) 5 / 354، الخصائص 1 / 375، المحتسب 1 / 329، الصحاح (ركن) 5 / 2126، المفتاح 37، نزهة الطرف للميداني 100 - 101، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238، التبيان 2 / 717، 829، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41، شرح الشافية للرضي 1 / 125، للجاربردي 54، لنقرة 34، التاج (ركن) 18 / 242، تدريج الأواني 21.

(2)

انظر: المخصص 15 / 58، التبيان 2 / 717، الممتع 1 / 178، البحر 6 / 220 - 221، الدر 6 / 418، الهمع 6 / 23.

(3)

انظر: المحكم (ر ك ن) 6 / 499، اللسان (ركن) 13 / 185.

(4)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(5)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 210، الفريد 2 / 674، الدر 6 / 418.

(6)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 210.

(7)

انظر: الكتاب 4 / 105 - 106.

(8)

انظر: ديوان الأدب 2 / 138، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(9)

انظر: أدب الكاتب 482 - 483، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

ص: 203

قالَ ابنُ قتيبةَ: ((وزادَ أبو عمرٍو: رَكَنَ يَرْكَنُ، والنحويونَ منَ البصريينَ والبغداديينِ يقولونَ: رَكِنَ يَرْكَنُ ورَكَنَ يَرْكُنُ)) (1) .

وعدَّهَا ابنُ القطّاعِ في أربعةَ عشرَ حرفاً مختلَفٍ فيها (2) .

دراسةٌ قُرْآنِيّةٌ: لم يُستَعمَلْ في القرآن فعلُه الماضي، ووردَ المستقبلُ في آيتين: غير مسند في واحدةٍ هي:

1 -

{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِليهم شَيئاً قَلِيلاً} 74 / الإسراء.

ومُسنَداً إلى واوِ الجماعةِ مجزوماً في واحدةٍ أيضاً هيَ:

1 -

{وَلَا تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا} 113 / هود.

القِرَاءَاتُ الوَارِدَةُ: فيهما قراءتانِ:

- قراءةُ الجمهورِ بفتحِ الكافِ.

- قراءةُ قَتَادَةَ وطلحةُ بنِ مصرِّفٍ والأشهبِ بنِ رميلةَ العقيليّ وروايةُ هارونَ عن أبي عمرٍو وعبدِ الله بنِ أبي إسحاقَ بضمِّ الكافِ (3) .

توجيه القراءات: الفتحُ في قراءةِ العامّةِ على أنّه من رَكِنَ - بالكسر - على لغةِ أهلِ الحجازِ (4) .

- وقيلَ: ماضيه رَكَنَ - بالفتحِ - جاءَ على فَعَلَ يَفْعَلُ شذوذاً (5) .

- وقيلَ: اللغتانِ متداخلتانِ، وذلكَ أنّه سَمِعَ مَنْ لُغَتُه الفتحُ في الماضي فتحَها في المستقبلِ على لغةِ غيرِه فنطقَ بها على ذلكَ (6) .

(1) أدب الكاتب 482 - 483.

(2)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(3)

انظر: إعراب النحاس 2 / 306، تهذيب اللغة (ركن) 10 / 189، مختصر في الشواذ 61، المحتسب 1 / 329، الرازي 18 / 72 المحرر 9 / 233، 10 / 329، القرطبي 9/ 108، التبيان 2 / 717، 829، الفريد 2 / 674، 293، البحر 6 / 220 - 221، 7 / 90 الدر 6 / 418 - 419، 7 / 393، التاج (ركن) 18 / 242.

(4)

انظر: الرازي 18 / 72، التبيان 2 / 717، 829، البحر 6 / 220، الدر 6 / 418، 7 / 393.

(5)

انظر: التبيان 2 / 717.

(6)

انظر: التبيان 2 / 717، 829، الدر 7 / 393.

ص: 204

أمّا من ضمَّ الكافَ في يَرْكُنُ فماضيه رَكَنَ كقتَل، على فَعَلَ يَفْعُلُ (1) .

وقالَ بعضُهم: ماضيه رَكِنَ - بالكسرِ -، وهو منَ التداخلِ (2) .

قال السمينُ: ((وأمَّا في هذهِ اللغةِ فلا ضرورةَ بنا إلى ادِّعاءِ التداخلِ، بل ندّعي أنّ من فتحَ الكافَ أَخَذَه من رَكِنَ - بالكسرِ - ومن ضمَّها أخذَه من رَكَنَ - بالفتحِ -)) (3) .

وقالَ في موضعٍ آخرَ: ((تَرْكُنُ - بالضمِّ - مضارعُ رَكَنَ - بالفتحِ -، وهذا منَ التداخلِ)) (4) .

قلتُ: وليسَ كذلكَ، بل هو على لغةِ رَكَنَ يَرْكُنُ كقتَل.

قَنَط يَقْنَطُ:

قَنِط يَقْنِطُ: القنوطُ: الإيَاسُ من الخيرِ، وقيلَ: أشدُّ اليأسِ من الشيءِ (5) . وفيه لغات:

- قَنِطَ يَقْنَطُ كعلِم وتعِب (6) .

- قَنَطَ يَقْنِطُ كضرَب وجلَس (7) .

(1) انظر: معاني الأخفش 2 / 585، معاني الزجاج 3 / 254، إعراب النحاس 2 / 306، 436، التبيان 2 / 717، البحر 6 / 220، 7 / 90 الدر 6 / 418، 7 / 393.

(2)

انظر: الدر 6 / 418.

(3)

الدر 6 / 418.

(4)

الدر 7 / 393.

(5)

انظر: تهذيب اللغة (قنط) المستدرك / 279، المحيط (قنط) 5 / 329، الصحاح (قنط) 3 / 1155، المحكم (ق ن ط) 6 / 174، التاج (قنط) 10 / 392.

(6)

انظر: معلي الأخفش 2 / 604، إعراب النحاس 2 / 384، تهذيب اللغة (قنط) المستدرك / 280، المحيط 5 / 329، الخصائص 1 / 380 المحتسب 2 / 5، أمالي ابن الشجري 1 / 210، المحرر 10 / 137، الرازي 19 / 198، التبيان 2 / 285، شرح الشافية للرضي 1 / 125، حاشية ابن جماعة 57.

(7)

انظر: العين (قنط) 5 / 105، معاني الأخفش 2 / 603 - 604، إعراب النحاس 2 / 384، تهذيب اللغة (قنط) المستدرك / 280، المحيط (قنط) 5 / 329، الخصائص 1 / 380، المحتسب 2 / 5، المحرر 10 / 137، الرازي 19 / 189، التبيان 2 / 285، حاشية ابن جماعة 57، الدر 7 / 167.

ص: 205

وعن أبي عليٍّ: فتحُ فعلِه في الماضي وكسرُه في المستقبلِ من أعلى اللغاتِ (1) .

قالَ الزجّاجُ: ((يقالُ: قَنَطَ يَقْنِطُ، وقَنِطَ يَقْنَطُ، وهما جميعاً جائزتانِ)) (2) .

وقالَ الأزهريُّ: هما لغتانِ جيِّدتانِ (3) ، ((وأجودُ اللغتينِ قَنَطَ يَقْنِطُ)) (4) .

- قَنَطَ يَقْنُطُ كنصَر وقعَد (5) ، حكاها أبو عبيدةَ (6) وهيَ لغةُ تميمٍ (7) .

قالَ السيوطيُّ: هذهِ شاذةٌ (8)، وقالَ الرضيُّ: الأخيرتانِ مشهورتانِ (9) .

وزادَ الفيروزآباديُّ (10) والزبيديُّ (11) فيها لغةً “ ككَرُمَ ” أي: قَنُطَ يَقْنُطُ.

ووردت لغاتٌ أخرى:

- قَنَطَ يَقْنَطُ (12) ، بالفتحِ فيهما.

ووجَّههُ الأخفشُ وغيرُه على تداخلِ اللغتينِ، إذ فُتِحَتْ حركةُ العينِ في الماضي والمضارعِ وليسَ في عينِها أو لامِها حرفُ حلقٍ (13) .

(1) انظر: الرازي 19 / 189.

(2)

معانيه 3 / 181.

(3)

انظر: تهذيب اللغة (قنط) المستدرك / 280.

(4)

القراءات 1 / 298.

(5)

انظر: العين (قنط) 5 / 105، معاني الأخفش 2 / 604، إعراب النحاس 2 / 384، المحتسب 2 / 5، شرح الشافية للرضي 1 / 125، التاج (قنط) 10 / 392.

(6)

انظر: الرازي 19 / 198.

(7)

انظر: المحرر 10 / 137.

(8)

انظر: الهمع 6 / 33.

(9)

انظر: شرح الشافية 1 / 125.

(10)

القاموس 2 / 382.

(11)

التاج (قنط) 10 / 392.

(12)

انظر: الخصائص 1 / 375، 380، المحتسب 2 / 5، القرطبي 10 / 36، شرح الشافية للرضي 1 / 125، اللسان (قنط) 7 / 386، بصائر ذوي التمييز 4 / 298، القاموس 2 / 382.

(13)

انظر: الصحاح (قنط) 3 / 55، الخصائص 1 / 375، 380، القرطبي 10 / 36، شرح الشافية للرضي 1 / 125، اللسان (قنط) 7 / 386 بصائر ذوي التمييز 4 / 298، القاموس 2 / 382.

ص: 206

وقالَ قومٌ بشذوذِها (1) ، وعدَّها ابنُ القطّاعِ ممّا اختُلِفَ فيه (2) .

- قَنِطَ يَقْنِطُ كحسِب يحسِب (3) .

وتوجيهُه كذلكَ على تداخلِ اللغتينِ، إذ أُخِذَ الماضي من لغةٍ والمضارعُ من الأخرى (4) .

وذكر ابنُ خالويهِ قَنِطَ يَقْنُطُ كفضِل يفضُل (5) ، وهي مثلُها محمولةٌ على تداخل اللغتين، فأُخِذَ مضارعُ الثالثةِ معَ ماضي اللغةِ الثانيةِ فتركبت منها لغةٌ ثالثةٌ.

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيّةٌ: وفعلُه جاءَ في أربعةِ مواضعَ: بلفظِ الماضي المسندِ إلى واوِ الجماعةِ في واحدةٍ، هي:

1 -

{وَهُوَ الَّذي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} 28 / الشورى.

وبلفظِ المضارعِ في ثلاثٍ، مجرّداً في واحدةٍ:

1 -

{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّه إلاّ الضَّالُّونَ} 56 / الحجر.

ومسنداً إلى واوِ الجماعةِ في اثنتينِ، مرفوعاً:

1 -

{وَإِنْ تُصِبْهُم سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِم إِذَا هُمْ يَقْنَطُوْنَ} 36 / الروم.

ومجزوماً:

1 -

{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} 53 / الزمر.

وجاءَ اسمُ الفاعلِ منه في آيةٍ واحدةٍ، هيَ:

1 -

{قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بالحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ القَانِطِيْنَ} 55 / الحجر.

القِرِاءاتُ الوَارِدَة: {لَا تَقْنطُوا} {وَمَنْ يَقْنطُ} {هُمْ يَقْنطُونَ}

في السبعةِ قرأَ أبو عمرٍو والكسائيُّ بكسرِ عينِ المضارعِ في جميعِ القرآنِ، وقرأَها الباقونَ؛ ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ وابنُ عامرٍ ونافعٌ وحمزةُ، بالفتح في كلِّ القرآنِ.

(1) انظر: الأفعال 1 / 11.

(2)

انظر: الممتع 1 / 177، الهمع 6 / 33.

(3)

انظر: حاشية ابن جماعة 57، اللسان (قنط) 7 / 386، التاج (قنط) 10 / 392.

(4)

انظر: الصحاح (قنط) 3 / 55، شرح الشافية للرضي 1 / 125، اللسان (قنط) 7 / 386، حاشية ابن جماعة 57، القاموس 2 / 382.

(5)

انظر: ليس في كلام العرب 95.

ص: 207

وفي الشّواذِ قُرِئت بالضمِّ، وهيَ قراءةُ زيدِ بنِ علي والأشهبِ العقيليّ والحسنِ والأعمشِ ويحيى بنِ يعمرَ وأبي عمروٍ وعيسى، وأبو حيوة بالكسرِ والضمِّ. {مِنْ بَعْدِ مَا قَنطُوا}

اتّفقَ السبعةُ على قراءتِها بالفتحِ فحسب، وقرأَها الأعمشُ بالكسرِ كما قرأَ مضارعَها كذلكَ (1) . {من القانطين}

الجمهورُ على إثباتِ الألفِ فيها، وقراءةُ يحيى بنِ وثّابٍ وطلحةَ وأبي رجاء العطارديّ والأعمشِ وابنِ مصرّفٍ، وأبي عمرٍو في روايةِ الجعفيِّ والدوريِّ على إسقاطِ الألفِ ((القَنِطِين)) (2) .

تَوْجِيهُ القراءاتِ: نجدُ أنّه اجتمعَ لغتانِ من اللغاتِ الواردةِ في الفعلِ قَنطَ يَقْنطُ في قراءةِ السبعةِ، وهما:

- قَنَطَ يَقْنِطُ، في قراءةِ أبي عمرٍو والكسائيِّ.

- قَنَطَ يَقْنَطُ، في قراءةِ الباقينَ.

ولغتانِ في الشواذِّ:

- قَنِطَ يَقْنِطُ، في قراءةِ الأعمشِ.

- قَنَطَ يَقْنُطُ، في قراءةِ أبي حيوةَ وغيرِه.

قالَ السمينُ: ((والفتحُ في الماضي هو الأكثرُ، ولذلكَ أُجمِعَ عليه)) (3) .

(1) انظر في هذه القراءات: معاني الأخفش 2 / 603 - 604، السبعة 367، إعراب النحاس 2 / 384، إعراب القراءات 1 / 346، 10 / 137 مختصر في الشواذ 71، القراءات 1 / 297 - 298، المحتسب 2 / 4 - 5، المحرر 10 / 137، 12 / 262، 14 / 95، الرازي 19 / 198، التبيان 2 / 785، الفريد 3 / 204، القرطبي 10 / 36، 14 / 34، 15 / 269، البحر 9 / 213، 6 / 486، الدر 7 / 166 - 167.

(2)

انظر في هذه القراءات: إعراب النحاس 2 / 383 - 384، إعراب القراءات 1 / 346، مختصر في الشواذ 71، المحتسب 2 / 4، المحرر 10 / 137، الفريد 3 / 204، القرطبي 10 / 36، البحر 6 / 486، الدر 7 / 167.

(3)

الدر 7 / 167.

ص: 208

وقالَ أبو علي: قَنَطَ يَقْنِطُ بفتحِ النّونِ في المضارعِ وكسرِها في المستقبلِ من أعلى اللغاتِ، يدلُّ على ذلكَ اجتماعُهم في قولِهِ ((مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا)) (1) .

وقالَ العُكْبَرِيُّ: ((والكسرُ أجودُ لقولِه ((من القانطين)) )) (2) .

وقالَ السمينُ: ((ولولا أنَّ القراءةَ سُنّةٌ مُتَّبَعَةٌ لكانَ قياسُ من قرأَ “ يَقْنَطُ ” بالفتحِ أن يقرأَ ماضيَه قَنِطَ بالكسرِ لكنّهم أجمعوا على فتحِه)) (3) .

قالَ أبو جعفرٍ: ((أبو عبيدٍ القاسمُ بنُ سَلَاّمٍ يختارُ قراءةَ أبي عمرٍو والكسائيِّ في هذا، وزعمَ أنّها أصحُّ في العربيةِ وردَّ قراءةَ أهلِ الحرمينِ وعاصم وحمزةَ؛ لأنها فَعَلَ يَفْعَلُ عندَه، وكذا أنكرَ قَنَطَ يَقْنَطُ، ولو كانَ الأمرُ كما قالَ لكانَتِ القراءتانِ لحناً، وهذا شيءٌ لا يُعلَمُ أنَّهُ يُوجَدُ أن يَجتَمِعَ أهلُ الحرمينِ على شيءٍ ثمّ يكونَ لحناً، ولا سِيَّما ومعَهم عاصمٌ معَ جلالتِه ومحلِّه وعلمِه وموضعِه من اللغةِ، والقراءتانِ اللتانِ أنكرَهما جائزتانِ حسنتانِ، وتأويلُهما على خلافِ ما قالَ: يُقالُ: قَنَطَ يَقْنِطُ وَيَقْنُطُ قنوطاً فهوَ قانِطٌ، وقَنِطَ يَقْنَطَ قنَطاً فهوَ قَنِطٌ وقَانِطٌ ............

وأبو عبيدٍ ضيَّقَ ما هوَ واسعٌ منَ اللغةِ)) (4)

وقالَ ابنُ عطيّةَ: ((وردَّ أبو عبيدٍ قراءةَ الحرمينِ، وأنكرَ أن يقالَ: قَنِطَ بكسر ِالنونِ، وليسَ كما قالَ؛ لأنّهم لا يجتمعونَ إلا على قويٍّ في اللغةِ مرويٍّ عندَهم، وهيَ قراءةٌ فصيحةٌ، إذ يقالُ: قَنَطَ يَقْنِطُ وَقَنِطَ يَقْنَطُ، مثلَ نَقَمَ ونَقِمَ)) (5)

(1) انظر: الرازي 9 / 198.

(2)

التبيان 2 / 785.

(3)

الدر 7 / 167.

(4)

إعراب النحاس 2 / 384.

(5)

المحرر 10 / 137.

ص: 209

وقراءةُ أبي عمرو والكسائيُّ: قَنَطَ يَقْنِطُ لغةٌ جيّدةٌ (1)، قال الأزهريُّ:((هما لغتانِ: قَنَطَ يَقْنِطُ، وقَنِطَ يَقْنَطُ وأجودُ اللغتينِ قَنَطَ يَقْنِطُ)) (2) وقراءةُ أبي حيوةَ بالضمِّ قَنَطَ يَقْنُطُ لغةُ تميمٍ (3) .

والقراءتانِ الباقيتانِ: قَنَطِ يَقْنَطُ لباقي السبعةِ، وقَنِطَ يَقْنِطُ للأعمشِ؛ وجهُهما على تداخلِ اللغتينِ؛ لورودِ: قَنَطَ يَقْنِطُ وقَنِطَ يَقْنَطُ في اللغةِ (4) .

وقالَ ابنُ خالويهِ بشذوذِ قَنَطَ يَقْنَطُ (5) .

والقولُ في توجيهِ قراءةِ {مِنَ القَنِطِيْنَ} بأحدِ أمرينِ:

- أن يكونَ مقصوراً من “ القانطين ” والعربُ تحذفُ ألفَ فاعلٍ في نحوِ هذا تخفيفاً.

- أن يكون من قَنِطَ يَقْنَطُ بكسرِ العينِ في الماضي وفتحِها في الغابرِ، فيقالُ: قَنِطَ فهو قَنِطٌ، وقَنَطَ فهو قانِطٌ (6) .

قالَ السمينُ: ((ويُرَجِّحُ قراءةَ يَقْنَطُ بالفتح قراءةُ أبي عمرٍو في بعضِ الرواياتِ {فَلَا تَكُنْ مِنَ القَنِطِينَ} كفرِحَ يفرَحُ فهو فَرِحٌ)) (7) .

هَلَكَ يَهْلَكُ: الهلاكُ معروفٌ، والمسموعُ فيه عنِ العربِ:

- هَلَكَ يَهْلِكُ كضرَب (8) .

وزادَ الفيروزاباديُّ (9)، وتبعَه الزبيديُّ (10) لغةً أخرى:

- هَلِكَ يَهْلَكْ كعلِم.

(1) انظر: تهذيب اللغة - المستدرك / 280.

(2)

القراءات 1 / 298.

(3)

انظر: المحرر 10 / 137.

(4)

انظر: القرطبي 10 / 36.

(5)

انظر: إعراب القراءات 1 / 346.

(6)

انظر: المحتسب 2 / 4، الفريد 3 / 204، القرطبي 10 / 36.

(7)

الدر 7 / 167.

(8)

انظر: الصحاح (هلك) 4 / 1616، المحكم (هـ ل ك) 4 / 100، اللسان (هلك) 10 / 504، بصائر ذوي التمييز 5 / 338.

(9)

انظر: القاموس 3 / 324.

(10)

انظر: التاج (هلك) 13 / 670.

ص: 210

وسَمِعَ: هَلَكَ يَهْلَكَ بالفتحِ فيهما معَ خلوِّ عينهما ولامهما من حرفِ الحلقِ، وهوَ لغةٌ (1) كأبى يأبى، وللعلماءِ في توجيهِها أقوالٌ:

- أنّها شاذةٌ كأبى يأبى (2) .

- أنها لغةٌ مختلطةٌ، مأخوذةٌ من لغتينِ؛ قالَه ابنُ السرَّاجِ، وغيرُه (3) .

- أنّ ماضيَ يَهْلَكُ هَلِكَ كعطِب، فاستُغني عنه بهَلَكَ، وبقيت يَهْلَكُ دليل اًعليها؛ قالَه ابنُ جنيٍّ (4) .

دِرَاسَةٌ قُرآنِيّةٌ: وردَ فعلُها الماضي هَلَكَ مفتوحَ العينِ في أربعِ آياتٍ هيَ:

1 -

{إِنِ امرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدُ} 176 / النساء.

2 -

{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ} 42 / الأنفال.

3 -

{حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً} 34 / غافر.

4 -

هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 29 / الحاقة.

والمضارعُ “ يَهْلِكُ ” مكسورَ العينِ في آيةٍ واحدةٍ:

1 -

{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ} 42 / الأنفال.

وجاءَ المضارعُ المزيدُ بالهمزةِ “ يُهْلِكُ ” مبنياً للمعلومِ غيرَ متّصلٍ بضميرٍ في أربعِ آياتٍ:

1 -

{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ ليُفْسِدَ فِيْهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ} 205 / البقرة.

(1) انظر: المحرر 2 / 140، القرطبي 3 / 17، شرح الشافية للجاربردي 54، بصائر ذوي التمييز 5 / 338، القاموس 3 / 324، التاج (هلك) 13 / 670.

(2)

انظر: المحكم 4 / 100، حاشية ابن جماعة 55، التاج (هلك) 13 / 670.

(3)

انظر: المحتسب 1 / 121، المحكم 4 / 100، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41، اللسان (هلك) 10 / 504، حاشية ابن جماعة 55، التاج (هلك) 13 / 670.

(4)

انظر: المحتسب 1 / 121، المحكم 4 / 100، اللسان (هلك) 10 / 504، التاج (هلك) 13 / 670.

ص: 211

2 -

{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ المَسِيحَ بنَ مَرْيمَ وأُمَّهُ} 17 / المائدة.

3 -

{قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهلِكَ عَدُوُّكُم} 129 / الأعراف.

4 -

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} 117 / هود.

القِرَاءاتُ الوَارِدَة: قراءةُ الجمهورِ في الماضي والمضارعِ هَلَكَ يَهْلِكُ. {وَيُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ} .

قراءةُ الجمهورِ {وَيُهْلِكَ} بكسر اللامِ، مضارعُ الفعلِ المزيدِ “ أهْلَكَ ”، وأصلُه: يُؤَهْلِكُ، حُذِفَتْ همزتُه في هذا طرداً للبابِ على وتيرةٍ واحدةٍ، إذ حذفت تخفيفاً عندَ اجتماعِها معَ همزةِ المضارعِ للمتكلمِ، فأصبحَ “ يُهْلِكُ ” بزنةِ “ يُفْعِل" ضُمّت ياءُ مضارِعه لأخذِه من فعلٍ رباعيٍّ.

وقرأَ الحسنُ وأبو حيوةَ وابنُ أبي إسحاقَ وابنُ محيصنٍ: {وَيَهْلَكُ} بفتحِ الياءِ واللامِ مضارعاً للفعلِ الثلاثيِّ المجرّدِ “ هَلَكَ ”، على فَعَلَ يَفْعَلُ (1) .

تَوجِيهُ القِرَاءَاتِ: قراءةُ السّبعةِ جاءت على القياسِ: هَلَكَ يَهْلِكُ على فَعَلَ يَفْعِلُ.

أمّا القراءةُ الشاذّةُ فاختُلفَ في توجيهِها:

- فقالَ ابنُ مجاهدٍ: هو غلط (2) .

- وقالَ غيرَه: لغةٌ شاذةٌ؛ لأنّه لا حلقَ فيه كرَكَنَ (3) .

- وقيلَ: هيَ لغةٌ ضعيفةٌ جداً (4) .

قالَ الهمدانيُّ: وهي لُغَيَّةٌ، يسمعُ ولا يقاسُ عليه (5) .

(1) انظر: مختصر في الشواذ 13 / المحتسب 1 / 121، الكشاف 1 / 352، البيان 1 / 167، المحرر 2 / 140، الرازي 5 / 202، شرح المفصل 7 / 154، شرح الشافية للجاربردي 54، الدر 2 / 353، التاج (هلك) 13 / 670.

(2)

انظر: المحتسب 1 / 121.

(3)

انظر: المحرر 2 / 140، القرطبي 3 / 17، البحر 2 / 330، الدر 2 / 353.

(4)

انظر: البيان 1 / 167.

(5)

انظر: الفريد 1 / 442.

ص: 212

- وقيلَ: هي من بابِ تداخلِ اللغتينِ؛ قالَه ابنُ السرَّاجِ (1) .

وقالَ ابنُ جنّيٍّ: ((هذا تركٌ لما عليه اللغةُ، ولكن جاءَ له نظيرٌ

فإذا كانَ الحسنُ وابنُ أبي إسحاقَ إمامينِ في الفقهِ وفي اللغةِ فلا وجهَ لدفعِ ما قرابه لا سِيَّمَا وله نظيرٌ في السماعِ

وقد يجوزُ أن يكونَ “ يَهْلَكُ ” جاءَ على “ هَلِكَ ” بمنزلةِ “ عطِب ” غيرَ أنّه استُغنِي عن ماضيه ب“ هَلَكَ ”)) (2) .

- فَعَلَ يفعَل (من المعتل)

أَبَى يأبَى: الإباءُ: الامتناعُ عنِ الشيءِ، ويقالُ: أبى؛ إذا تركَ الطاعةَ ومالَ إلى المعصيةِ، وقيلَ: الإباءُ الكراهيةُ (3)، وفيه لغتانِ:

- أبِيَ يَأْبَى كرضِيَ يرضى.

قالَ ابنُ جماعةَ: حكاه ابنُ سيده في المحكمِ عن قومٍ من العربِ (4) .

- أَبَى يَأْبِي كأتَى يأتِي، حكاه ابنُ جنِّيٍّ (5) .

وعليها أنشدَ أبو زيدٍ للزِّفَيَانِ السعديّ:

يَا إِبِلِي مَا ذَامُهُ فَتَأْبِيَهْ

مَاءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَهْ (6)

(1) انظر: المحتسب 1 / 121، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41.

(2)

المحتسب 1 / 121.

(3)

انظر: العين (أبى) 8 / 418، تهذيب اللغة (أبى) 15 / 605، المشوف المعلم (أب ي) 1 / 50، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(4)

انظر: شرح الشافية 54، وليس في الأجزاء المحققة من المحكم.

(5)

انظر: اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(6)

الشاهد في النوادر لأبي زيد 331، الخصائص 1 / 332، اللسان (زلز) 5 / 359، (روى) 14 / 346، وبلا نسبة في النوادر لأبي مسحل 499، التنبيهات 326، التاج (أبى) 19 / 126.

ص: 213

واللغةُ المشهورةُ في ذلكَ: أَبَى يَأْبَى (1) ، وبها نزلَ القرآنُ، وهي ممّا اتَّفَقَ فيه فتحُ عيني ماضيه ومضارِعه معَ خلوِّهما من حروفِ الحلقِ.

وقد اختلفَ اللغويونَ في توجيهِها على أقوالٍ؛ منها:

- أنّهم ضارعوا ب“ أَبَى يَأْبَى ” “ حسِب يحسِب ”، ففتحوا كما كسروا؛ وهو قولُ سيبويهِ (2) .

- أنّهم أجروا الألفَ مجرى الهمزةِ؛ لأنّها أختُها ومن مخرجِها، وهي مثلُها إذا لينت، ففتحوا تشبيهاً ب“ قرَأ يقرَأ ” وهذا القولُ لسيبويهِ أيضاً (3) ، وتبعَه كثيرٌ (4) .

وردّ بأنّ الجمهورَ لم يذكروا الألفَ في حروفِ الحلقِ؛ لأنّها ليست أصليّةً، ولا تكونُ إلاّ منقلبةٌ، وألفُ “ يَأْبَى ” إنّما وُجِدَتْ بعدَ وجودِ الفتحةِ، وفتحةُ “ يقرَأ ” وُجِدتْ بعدَ وجودِ حرفِ الحلقِ (5) .

- أنّ الألفَ حلقيّةٌ، ورُدَّ - معَ التسليمِ جدلاً بذلكَ - بأنّ الفتحةَ هي سببُ الألفِ، فوجودُ الألفِ موقوفٌ على الفتحِ لأنّه في الأصلِ يائيِّ قلبت ياؤه ألفاً لتحرِّكها وانفتاحِ ما قبلَها، فلو كانَ الفتحُ بسببِها للَزِمَ الدَّوْرُ؛ لِتَوَقُّفِ الفتحِ عليها (6)

- أنّه من قبيلِ التداخلِ، وهو رأيُ محمّدِ بنِ السريّ، قالَ: وسَهّلَ ذلكَ وجودُ الألفِ في آخرِه معَ مقاربتِها الهمزةَ (7) .

(1) انظر: العين (أبى) 8 / 418، تهذيب اللغة (أبى) 15 / 604، المحيط (أبى) 10 / 449، الصحاح (أبا) 6 / 2259، اللسان (أبى) 14 / 4.

(2)

انظر: الكتاب 4 / 105، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(3)

انظر: الكتاب 4 / 105.

(4)

انظر: معاني الزجاج 1 / 362، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238، المحرر 2 / 360.

(5)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 209، شرح الشافية لنقرة كار 33.

(6)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 24، شرح التصريف العزي 33.

(7)

انظر: شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41، التاج (أبى) 19 / 126.

ص: 214

- حملاً على منَع يمنَع؛ لأنهما نظيرانِ، وهو بمعناه، فحُمِل النظيرُ على نظيرِه وإن لم يكن فيه حرفُ حلقٍ، كما حملوا يَذَرُ على يَدَعُ لاتفاقِهما في المعنى (1) .

- الفتحُ على سبيلِ الغلطِ، توهموا أنّ ماضيَه بالكسرِ، وعوّلَ أبو القاسمِ الثمانينيّ على هذا القولِ (2) .

- لمّا علموا أنّ الياءَ تنقلبُ ألفاً على تقديرِ فتحِ العينِ سوّغوا فتحَها (3) .

- هو من بابِ الاستغناءِ بمضارعِ فِعْلٍ عن مضارعِ آخرَ، فاستغنوا بالمضارعِ “ يَأْبَى ” من “ أَبِيَ ” عن المضارعِ “ يَأْبِي ” من “ أَبَى ” (4) .

- حُمِلَ على الشذوذِ لاتفاقِ الفتحِ في عينيه مع خلوِّه من حرفِ الحلقِ (5) .

- حُمِلَ على النُّدرةِ، وهو قولُ يعقوبَ والفرّاءِ (6) ، وغيرِهما (7) .

(1) انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 209، شرح الشافية للجاربردي 54، المناهج الكافية 33 - 34.

(2)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 209.

(3)

انظر: شرح الشافية للجاربردي 54.

(4)

انظر: حاشية ابن جماعة 55.

(5)

انظر: الصحاح (أبا) 6 / 2259، المفتاح 37، أمالي ابن الشجري 1 / 208، المحرر 2 / 360، 8 / 138، الممتع 1 / 178، شرح الشافية للرضي 1 / 24، للجاربردي 54، الدر 6 / 23، الهمع 6 / 33، شرح الشافية لنقرة كار 33، المناهج الكافيه 33، التاج (أبى) 19 / 126.

(6)

انظر: اصلاح النطق 217، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14/4، التاج (أبى) 19 / 126.

(7)

انظر: أدب الكاتب 482 - 483، ديوان الأدب 2 / 138.

ص: 215

وقد تباينت أقوالُ علماءِ اللغةِ فيما وردَ على “ فَعَلَ يَفْعَلُ ” وليسَ لامُه أو عينُه حرفاً حلقياً، فقالَ سيبويهِ:((ولا نعلمُ إلاّ هذا الحرفَ، وأمّا غيرُ هذا فجاءَ على القياسِ)) (1) ، وكذا الفرّاءُ أفردَه بالذكرِ (2) ، وهو رأيُ ابنِ قتيبةَ (3) وابنِ السِّكيتِ (4) ، وغيرِهم (5) ، وزادَ أبو عمرٍو رَكَنَ يَرْكَنُ خلافاً للفراءِ (6) .

قالَ ابنُ قتيبةَ: ((ولم يأتِ فَعَلَ يَفْعَلُ بالفتحِ في الماضي والمستقبلِ إذا لم يكن فيه أحدُ حروفِ الحلقِ لاماً ولا عيناً إلاّ في حرفٍ واحدٍ جاءَ نادراً، وهو أَبَى يَأْبَى، وزادَ أبو عمروٍ رَكَنَ يَرْكَنُ، والنّحويونَ منَ البصريينَ والبغداديينَ يقولونَ: ركِن يركَن وركَن يركُن)) (7) .

وقالَ الزجاجُ: ((وأَبَى يَأْبَى في اللغةِ منفردٌ، لم يأتِ مثلُه إلاّ قَلَى يقلى)) (8) .

وقالَ ثعلبُ والكوفيونَ: سُمِعَ أبى وقلى وغسى وشجى (9)، وزادَ المبردُ: جبى (10)، وحكى كراعٌ: عثا، مقلوبَ عاثَ يعيثُ إذا أفسدَ (11) .

(1) الكتاب 4 / 105 - 106.

(2)

انظر: أدب الكاتب 482 - 483، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(3)

انظر: شرح أدب الكاتب للجواليقي 238.

(4)

انظر: إصلاح المنطق 217.

(5)

انظر: ديوان الأدب 2 / 138، نزهة الطرف للميداني 100.

(6)

انظر: أدب الكاتب 482 - 483، ديوان الأدب 2 / 138، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(7)

أدب الكاتب 482 - 483.

(8)

معاني القرآن 1 / 362.

(9)

انظر: الاقتضاب 2 / 250، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(10)

انظر: اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(11)

انظر: الاقتضاب 2 / 250.

ص: 216

وقالَ ابنُ القطّاعِ: ((وليسَ في كلامِ العربِ فَعَلَ يَفْعَلُ بفتحِ الماضي والمستقبلِ ممّا ليسَ عينُه ولا لامُه حرفَ حلقٍ إلاّ حرفٌ واحدٌ لا خلافَ فيه؛ وهو أَبَى يَأبَى، وقد جاءت أربعةَ عشرَ فعلاً باختلافٍ فيها)) (1) .

وقالَ ابنُ خالويهِ: ((وليسَ في كلامِ العربِ فِعْلٌ بفتحِ الماضي والمستقبلِ فيه ممّا ليسَ فيه حرفٌ من حروفِ الحلقِ إلاّ قلى يقلى وجبى يجبى وسلى يسلى وأبى يأبى وغسى يغسى، وركَن يركَن عنِ الشيبانيِّ)) (2) .

وقد حكى سيبويهِ أبى ثم جبى وقلى، وأمسكَ عنِ الاحتجاجِ عنِ الآخرينِ لعدمِ معرفتِهما إلاّ من وجهٍ ضعيفٍ (3) .

دِرَاسَةٌ قُرْآنيّةٌ: وجاءَ الماضي “ أَبَى ” في تسعِ آياتٍ؛ مُجرداً في سبعٍ منها، هيَ:

1 -

{فَسَجَدُوا إلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاستَكْبَرَ وكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} 34 / البقرة.

2 -

{إِلَاّ إِبْلِيسَ أَبَى أن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} 31 / الحجر.

3 -

{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَاّ كُفُوراً} 89 / الإسراء.

4 -

{فَأَبَى الظَّالِمُونَ إلَاّ كُفُوراً} 99 / الإسراء.

5 -

{وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} 56 / طه.

6 -

{وَإِذَا قُلْنَا للمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَاّ إِبْلِيسَ أَبَى} 116 / طه.

7 -

{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَاّ كُفُوراً} 50 / الفرقان.

ومسنداً إلى واوِ الجماعةِ في آيةٍ واحدةٍ هيَ:

1 -

{حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} 77 / الكهف.

وإلى نونِ النسوةِ في أخرى:

1 -

{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا} 72 / الأحزاب.

(1) الأفعال 1 / 11.

(2)

إعراب ثلاثين سورة 117 - 118.

(3)

انظر: الكتاب 4 / 106.

ص: 217

وجاءَ المضارعُ “ يَأْبَى ” في أربعِ آياتٍ؛ مرفوعاً في اثنتينِ؛ هما:

1 -

{يُرْضُونَكُم بِأَفواهِهِم وَتَأْبَى قُلُوبُهُم} 8 / التوبة.

2 -

{وَيَأْبَى اللهُ إِلَاّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} 22 / التوبة.

ومجزوماً في اثنتينِ:

1 -

{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} 282 / البقرة.

2 -

{وَلَا يَأبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ} 282 / البقرة.

ومن خلالِ هذا الاستقراءِ؛ نجدُ أنّ ورودَ هذا الفعلِ في القرآنِ إنّما هو على لغةِ فتحِ العينينِ في الماضي والمضارعِ ولم ترد قراءةٌ في القراءاتِ الصحيحةِ أو الشاذةِ بخلافِ ذلكَ - فيما نعلمُ -.

وقد خرَّجَ ذلكَ مُعرِبُوا القرآنِ على أنَّه شاذٌّ كقَلَى يَقْلَى، وأنّه إنما اتفقَ فيه فتحُ عينيه؛ لأنّ ألفَه أشبهت الهمزةَ فعُومِل معاملةَ الحلقيِّ، ففُتِحَ لهذهِ العلةِ (1) .

قَلَى يَقُلَى: يقالُ: قلاه؛ إذا أبغضَه وكرهَه (2)، وقد صرفتِ العربُ منه مثالينِ (3) :

- قَلِيَ يَقْلَى: قَلِيَه يقلَاه كرضيَه يرضاه (4) .

قيلَ: وهيَ اللغةُ الفصيحةُ (5) .

- قَلَى يقلِى، قلاه يقليه كرماه يرميه (6) .

(1) انظر: معاني الزجاج 1 / 362، المحرر 2 / 360، الدر 6 / 23.

(2)

انظر: العين (قلى) 5 / 215، تهذيب اللغة (قلى) 9 / 295، المحيط (قلى) 6 / 21، اللسان (قلى) 15 / 198.

(3)

انظر: إعراب النحاس 5 / 49، أمالي ابن الشجري 3 / 207.

(4)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 210، 3 / 207، نزهة الطرف للميداني 102، شرح الشافية للرضي 1 / 25، للجاربردي 54، المزهر 1 / 263.

(5)

انظر: شرح الشافية للجاربردي 54، لنقره كار 34.

(6)

انظر: العين (قلى) 5 / 215، إعراب ثلاثين سورة 117، المحيط (قلى) 6 / 21، أمالي ابن الشجري 3 / 207، نزهة الطرف للميداني 102.

ص: 218

قيلَ: وهيَ اللغةُ المشهورةُ (1) ، والصحيحةُ (2) ، والفصيحةُ (3)، وهي من الياءِ (4) . قال ابنُ بريء: شاهدُها قولُ أبي محمّدٍ الفقعسيِّ: يَقْلِي الغَوَانِي والغَوَانِي تَقْلِيَه (5)

حكاهما ابنُ جنّيٍّ (6)، وحكى ابنُ الأعرابيّ: قَلَيته في الهجرِ، وحكى في البُغضِ قلِيته بالكسرِ أقلاه على القياسِ وكذلكَ رواه عنه ثعلبٌ (7) .

وروى أبو الفتحِ لغةً ثالثةً هيَ:

- قلاه يقلوه كرجاه يرجوه (8) .

قال ابن سيده: ((وقلا الشيء في المِقْلَى قلواً)) وقد تقدمت هذه الكلمة في الياء لأنّها يائية ووائية: ((وقلوت الرجلَ شنئته، لغةٌ في قليته)) (9) .

وسُمِعَ: قلى يقلى بالفتحِ فيهما (10) ، حكاه سيبويهِ (11) ، وهي لغةٌ ضعيفةٌ غيرُ فصيحةٍ لبني عامرٍ (12) .

(1) انظر: شرح الشافيه للرضي 1 / 25، حاشية ابن جماعة 55، التاج (قلى) 20 / 99.

(2)

انظر: شرح التصريف العزي 33.

(3)

انظر: تهذيب اللغة (قلا) 9 / 295، تدريج الأداني 20.

(4)

انظر: أمالي ابن الشجري 3 / 207.

(5)

انظر: التاج (قلى) 20 / 99.

(6)

انظر: الخصائص 1 / 376، المحكم 6 / 310، اللسان (قلى) 15 / 198، التاج (قلى) 20 / 99.

(7)

انظر الخصائص 1 / 376، المحكم 6 / 310، اللسان (قلى) 15 / 198، التاج (قلى) 20 / 99.

(8)

انظر: أمالي ابن الشجري 3 / 207.

(9)

المحكم (ق ل و) 6 / 347.

(10)

انظر: إعراب ثلاثين سورة 117، المحيط (قلى) 6 / 21، الأفعال لابن القطاع 1 / 11، نزهة الطرف للميداني 101، شرح أدب الكاتب 238 شرح الشافية للجاربردي 54.

(11)

انظر: الكتاب 4 / 105، المحكم (ق ل ي) 6 / 310، اللسان (قلى) 15 / 198.

(12)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 25، للجاربردي 54، لنقره كار 34، شرح التصريف العزي 33، المناهج الكافية 34، الهمع 6 / 33 تدريج الأداني 20.

ص: 219

قالَ الأزهريُّ: وهيَ قليلةٌ، ليست بجيدةٍ (1) .

وعزا ذلكَ ابنُ مالكٍ لطيِّئ في صورةِ دعوى أعمَّ، فقالَ: وطيِّئ تبدلُ الكسرةَ فتحةَ والياء ألفاً نحو يَقْلَى (2) .

وجاءَ في النّوادرِ (3) : ((وروى أبو حاتمٍ: حتّى أملّه بشيءٍ ولا أقلاه؛ يريدُ: أقليه، وهيَ لغةٌ، قالَ الشاعرُ: أَزْمَانَ أمِّ الغَمْرِ لا نَقْلَاهَا))

واختُلِفَ في تخريج هذه اللغةِ على أقوال:

- أنّها لغةٌ لطِّيئ، إذ تبدلُ الكسرةَ فتحةً والياءَ ألفاً، والأصلُ: قَلَى يَقْلِي، وهم يُجوِّزونَ قلبَ الياءِ ألفاً في كلِّ ما أخرُه ياءٌ مفتوحةٌ فتحةً غيرَ إعرابيةٍ مكسورٌ ما قبلَها: نحوُ: بَقَى في بَقِيَ ودُعَى في دُعِيَ، قالَه ابنُ مالكٍ (4) والجوهريُّ (5) ، وأجازَه قومٌ (6) .

- الفتحُ في عينِ مضارعِه تشبيهاً للألفِ في آخرِه بالهمزةِ التي في قرأ وشبهِه (7) .

قالَ سيبويهِ: ((وقالوا:

وقَلَى يَقْلَى، شبّهوا هذا ب“ قرَأ يقرَأ ” ونحوِه، وأتبعوه الأوّلَ، كما قالوا: وعدُّه يريدونَ وعدته)) (8) .

(1) انظر: تهذيب اللغة (قلا) 9 / 295.

(2)

انظر: حاشية ابن جماعة 54 - 55.

(3)

لأبي زيد 232.

(4)

انظر: حاشية ابن جماعة 54 - 55.

(5)

انظر: الصحاح (قلا) 6 / 2467.

(6)

انظر: نزهة الطرف للميداني 102 - 103، الفريد 4 / 688، القرطبي 20 / 94، شرح الشافية للرضي 1 / 25، البحر 10 / 496، شرح التصريف العزي 33.

(7)

انظر الخصائص 1 / 382، اللسان (قلى) 15 / 198.

(8)

الكتاب 4 / 105.

ص: 220

- أنّها ممّا تداخلت فيه اللغتانِ اللتانِ تلاقى أصحابُهما، فسمعَ هذا من ذاكَ، وذاكَ من هذا، فأخذَ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبِه ما ضمَّه إلى لغتِه، فتركبت لغةٌ ثالثةٌ؛ قالَه ابنُ السرّاجِ (1) ، وغيرُه (2) .

- حَمْلُها على الشذوذِ، وقد نصَّ ابنُ عصفورٍ على ذلكَ (3) ، وغيرُه (4) .

- القولُ بندرتِها (5) .

وقد تقدّمَ في “ أبى يأبى ” حكايةُ خلافِ اللغويينَ في إثباتِ ما جاءَ على “ فَعَلَ يَفْعَلُ ” (6) ، وأنّ الفرّاءَ لم يُثْبِتْ سوى “ أَبَى ” (7) ، وذكرَ “ قلى يقلى ” ثعلبٌ والكوفيونَ (8) وابنُ خالويهِ (9) ، وعدَّها سيبويهِ، فقالَ:((وأمّا جبى يجبى وقلى يقلى فغيرُ معروفينِ إلاّ من وُجَيْهِ ضعيفٍ، فلذلكَ أُمْسِكُ عنَ الاحتجاجِ لهما)) (10) .

وأثبتَ ابنُ القطّاعِ حرفاً واحداً لا خلافَ فيه، وعدَّ “ قلى يقلى ” ضمنَ أربعةَ عشرَ فعلاً مُخْتَلَفٍ فيها (11) .

دِرَاسةٌ قُرآنيةٌ: لم يردْ منها إلاّ الفعلُ الماضي في آيةٍ واحدةٍ هي:

1 -

{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} 3 / الضحى.

وماضيه بالفتحِ، ولم يُقرأ بغيرِه - فيما نعلمُ -.

(1) انظر: شرح المفصل 7 / 154.

(2)

انظر: الخصائص 1 / 375 - 376، نزهة الطرف للميداني 102 - 103، أمالي ابن الشجري 1 / 210، شرح الشافية للرضي 1 / 25 المزهر 1 / 263.

(3)

انظر: الممتع 1 / 178، حاشية ابن جماعة 55.

(4)

انظر: الاقتضاب 2 / 250.

(5)

انظر: المحكم (ق ل ي) 6 / 210، اللسان (قلا) 15 / 1198.

(6)

انظر: ص 15 من هذا البحث.

(7)

انظر: أدب الكاتب 482 - 483، تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 26.

(8)

انظر: الاقتضاب 2 / 250، اللسان (أبى) 14 / 4، التاج (أبى) 19 / 126.

(9)

انظر: إعراب ثلاثين سورة 117.

(10)

الكتاب 4 / 106.

(11)

انظر: الأفعال 1 / 11.

ص: 221

جَبَى يَجْبَى: يقالُ: جباه القومُ، وجبى منهم، وجبى الماءَ في الحوضِ، والخراجِ؛ كلُّ ذلكَ بمعنى جَمَعَه (1) . وفيه لغتانِ (2) :

- جبوته أجبوه كدعوته أدعوه، وهوَ المشهورُ (3) .

- جبيته أجبيه كرميته أرميه.

قالَ الأزهريُّ: ((أكثرُ العربِ عليها)) (4) .

وقالَ ابنُ جماعةَ: ((والمشهورُ يَجْبِي بالكسرِ)) (5) .

واللغتانِ حكاهما الكسائيُّ (6) وشَمِرُ (7) .

وحكى سيبويهِ:

- جَبَى يَجْبَى كأبى يأبى (8) .

وحكى أبو زيدٍ في كتابِ المصادرِ: جبوت الخراجَ أجباه وأجبوه (9) .

وحكى أبو عبيدةَ: جبوت الخراجَ أجبى (10) .

وقعت عينُ الماضي والمضارعِ مفتوحةً وليسَ ثَمةَ حرفُ حلقٍ.

واختُلِفَ في تخريجها على أقوالٍ:

- أنّ الألفَ فيها مُشَبَّهةٌ بالهمزةِ في نحوِ: قرأ وهدأ (11) .

قالَ سيبويهِ: ((وقالوا جبى يجبى

فشبهوا هذا بقرأ يقرأ ونحوه، وأتبعوه الأولَ، كما قالوا: وعدُّه؛ يريدونَ: وعدته)) (12) .

- أنّ لغةٌ لطيِّئ، والأصلُ يجبَى، فُتِحَتِ العينُ وقُلبتِ الياءُ ألفاً، وبه قالَ ابنُ مالكٍ (13) .

(1) انظر: الصحاح (جبى) 6 / 2297، التاج (جبى) 19 / 266.

(2)

انظر: المحيط (جبو) 7 / 198، الصحاح (جبو) 6 / 2297.

(3)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 24.

(4)

تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 605، وانظر: اللسان (أبى) 14 / 4.

(5)

انظر: حاشية ابن جماعة 55.

(6)

انظر: تهذيب اللغة (جبا) 11 / 214، الصحاح (جبو) 6 / 2297.

(7)

انظر: تهذيب اللغة (جبا) 11 / 214.

(8)

انظر: الكتاب 4 / 105، 106.

(9)

انظر: المخصص 14 / 211.

(10)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 123.

(11)

انظر: الخصائص 1 / 382، المحكم 7 / 391، اللسان (جبى) 14 / 128، التاج (جبى) 19 / 266.

(12)

الكتاب 4 / 105.

(13)

انظر: حاشية ابن جماعة 55.

ص: 222

- أنّها ممّا تداخلت فيه اللغتانِ (1) .

- أنّها شاذةٌ (2) ، أو نادرةً (3) ، أو ضعيفةٌ، ونسبَ هذا لسيبويهِ (4) .

وفي الكتابِ: ((وأمّا جبى يجبى وقلى يقلى فغيرُ معروفينِ إلاّ من وُجَيْهٍ ضعيفٍ)) (5) .

وقد ذكرَها سيبويهِ فيما جاءَ على فَعَلَ يَفْعَلُ، وانقطعَ عن الاحتجاجِ لها لضعفِها عندَه (6) ، وذكرَها المبردُ (7) ، وعدَّها ابنُ القطّاعِ فيما اختلفَ فيه (8) .

سَلَا يَسْلَى: سلا عنه: نسيَه وذُهِلَ عن ذكرِه، وهو في سلوةٍ من عيشِه: في رغدٍ يسليه الهم (9)، وفيه لغتانِ (10) :

- سلوت أسلو كدعوت أدعو (11) .

- سليت أسلى كرضيت أرضى.

حكاهما الأزهريُّ عن الأصمعيِّ وأبي الهيثمِ (12) .

وعلى الثانية جاءَ قولُ رؤبةَ:

لَو أَشْرَبُ السُّلوانَ ما سَلِيْتُ

ما بي غِنىً عَنك وإن غَنِيتُ (13)

(1) انظر: الخصائص 1 / 372، أمالي ابن الشجري 1 / 209.

(2)

انظر: الممتع 1 / 178.

(3)

انظر: اللسان (جبى) 14 / 128، التاج (جبى) 19 / 266.

(4)

انظر: المحكم (ج ب ي) 7 / 355، التاج (جبى) 19 / 266.

(5)

4 / 106.

(6)

انظر: الكتاب 4 / 106.

(7)

انظر: تهذيب اللغة (أبى يأبى) 15 / 604، اللسان (أبى) 14 / 4.

(8)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(9)

انظر: العين (سلو) 7 / 297، المحيط (سلو) 8 / 378، أساس البلاغة (س ل و) 218، التاج (سلو) 19 / 533.

(10)

انظر: تهذيب اللغة (سلا) 13 / 68، الخصائص 1 / 376، أمالي ابن الشجري 1/209، اللسان (سلا) 14 / 394، التاج (سلو) 19 / 533.

(11)

انظر: العين (سلو) 7 / 297، المحيط 8 / 378.

(12)

انظر: تهذيب اللغة (سلا) 13 / 68، وحكى الماضيين فحسب الخليل في العين (سلى)

7 / 299، ابن عباد في المحيط 8 / 378، الجوهري في الصحاح (سلو) 6 / 2380.

(13)

الشاهد له في تهذيب اللغة (سلا) 16 / 68، الصحاح (سلو) 6 / 2381، المخصص

15 / 60، أمالي ابن الشجري 1 / 290، اللسان (سلا) 14 / 394، التاج (سلو)

19 / 533، وغير منسوب في: العين (سلا) 7 / 297، مقاييس اللغة (سلو) 3 / 92، المخصص 13 / 141.

ص: 223

وسُمِعَ عنِ العربِ لغةٌ ثالثةٌ بالفتحِ فيهما:

- سلى يسلى كأبى يأبى (1) .

فجاءت بفتحِ عينِ الماضي والمضارعِ وليسَ لامُ الفعلِ ولا عينُه حرفَ حلقٍ، واختلفَ في توجيهِها على أقوال؛ منها:

- أنّها ممّا تداخلت فيه اللغتانِ، فأُخِذَ ماضي الأولى معَ مضارعِ الثانيةِ؛ قالَه ابنُ السرَّاجِ وغيرُه (2) .

قالَ ابنُ جنِّيٍّ: ((وكذلكَ من قالَ سلوته قالَ أسلوه؛ ومن قالَ سليته قالَ أسلاه، ثم تلاقى أصحابُ اللغتينِ فسمِعَ هذا لغةَ هذا، وهذا لغةَ هذا، فأخذَ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبِه ما ضمَّه إلى لغتِه، فتركبت هناكَ لغةٌ ثالثةٌ؛ كأنَّ من يقولُ سلا أخذَ مضارعَ من يقولُ سَلِيَ، فصارَ في لغتِه: سلا يسلى.

فإن قلتَ: فكانَ يجبُ على هذا أن يأخذَ من يقولُ سَلِي مضارعَ من يقولُ سلا، فيجيءُ من هذا أن يقالَ: سَلي يَسْلُو.

قيلَ: منعَ من ذلكَ أنَّ الفعلَ إذا أُزِيلَ ماضيه عن أصلِه سرى ذلكَ في مضارِعِه، وإذا اعْتَلَّ مضارعُه سرى ذلكَ في ماضيه؛ إذ كانت هذه المُثُلُ تجري عندَهم مجرى المثالِ الواحدِ؛ ألا تراهم لمّا أعلّوا “ شقي ” أعلّوا أيضاً مضارعَه فقالوا: يشقيانِ، ولما أعلّوا “ يُغزِي ” أعلّوا أيضاً أغزيت، ولمّا أعلّوا “ قامَ ” أعلّوا أيضاً يقومُ، فلذلكَ لم يقولوا: سَلِيت تسلو، فيعلّوا الماضيَ ويصحّحوا المضارعَ

)) (3) .

- أنّها لغةٌ لطيِّئ، فهم يجوِّزونَ قلبَ الياءِ ألفاً في كلِّ ما آخرُه ياءٌ مفتوحةٌ فتحةً غيرَ إعرابيةٍ مكسورٌ ما قبلَها (4)

(1) انظر: الخصائص 1 / 375، الأفعال لابن القطاع 1 / 11، شرح أدب الكاتب 238، شرح المفصل 7 / 154، شرح الشافية للرضي 1 / 24.

(2)

انظر: الخصائص 1 / 375 - 376، أمالي ابن الشجري 1 / 209، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41، المزهر 1 / 263.

(3)

الخصائص 1 / 375 - 376.

(4)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 24.

ص: 224

ولم يذكرْ سيبويهِ هذهِ اللغةَ فيما وردَ على فَعَلَ يَفْعَلُ، بينَما ذكرَها ابنُ خالويهِ (1) ، وعدَّها ابنُ القطَّاعِ في الأحرفِ الأربعةِ عشرَ المختلفِ فيها (2) .

غَسَا يَغْسَى: غسا الليلُ إذا أظلمَ (3) وفيه لغتانِ (4) :

- غَسَا يَغْسُو كدعا يدعو، حكاه أبو عبيدٍ عنِ الأصمعيِّ (5) .

- غَسِيَ يَغْسَى كرضِي يرضى، حكاه ابنُ السّكّيتِ (6) .

قالَ الزبيديُّ: ((والشينُ لغةٌ فيه)) (7) .

وقالَ الخليلُ: ((غَسَى الليلُ، وأغسى أصوبُ؛ إذا أظلمَ)) (8) .

وقالَ ابنُ الشجريِّ: فيه لغتانِ: غسا يغسو، وغسا يغسِي عندَ بعضِهم (9) .

وحكى ابنُ جنيٍّ لغةً ثالثةً: غسا يغسى، كأبى يأبى (10) .

وحكاها الكوفيونَ (11) .

واختلفَ في تخريجِ هذهِ اللغةِ على أقوالٍ:

- أنَّها لغةُ طيِّئٍ، ونسبَ لابنِ مالكٍ (12) .

(1) انظر: إعراب ثلاثين سورة 118.

(2)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(3)

انظر: تهذيب اللغة (غسو) 8 / 161، الصحاح (غسو) 6 / 2446، المحكم (غ س و) 6 / 25، اللسان (غسو) 15 / 125، التاج (غسو) 20 / 16.

(4)

انظر: الصحاح (غسو) 6 / 2446، المحكم 6 / 25 - 26، اللسان (غسو)

15 / 125، التاج (غسو، غسي) 20 / 16.

(5)

انظر: تهذيب اللغة (غسو) 8 / 161.

(6)

انظر: تهذيب اللغة (غسو) 8 / 161.

(7)

التاج (غسو، غسي) 20 / 16.

(8)

العين (غسو) 4 / 433.

(9)

انظر: الأمالي 1 / 210.

(10)

انظر: إعراب ثلاثين سورة 118، المحكم 6 / 25، الأفعال لابن القطاع 1 / 11، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41، شرح الشافية للرضي 1 / 24، اللسان (أبى) 14 / 4، (غسو) 15 / 125، التاج (غسو) 20 / 16.

(11)

انظر: الاقتضاب 2 / 250.

(12)

انظر: ابن جماعة 54 - 55.

ص: 225

- أنّها محمولةٌ على أبى وجبى ممّا شُبِّهَ بقرأَ؛ لإلحاقِ الألفِ بالهمزةِ (1) .

- أنّها لغةٌ مركّبةٌ من اللغتينِ الأصليتينِ، وسهّلَ ذلكَ وجودُ الألفِ في آخرِه، قالَه ابنُ السرّاجِ (2) ، وغيرُه (3) .

- أنّها شاذّةٌ (4) ، أو قليلةٌ (5) .

ولم يذكر سيبويهِ غسى يغسى فيما جاءَ على فَعَلَ يَفْعَلُ، وذكرَها ثعلبٌ والكوفيونَ (6) ، وعدَّها ابنُ القطّاعِ منَ الأحرفِ الأربعةَ عشرَ المختلفِ فيها (7) .

- فَعَل يفعَل (من المضعّف)

عَضَضْتُ أَعَضُّ: العضُّ الإمساكُ بالأسنانِ أو الكدمُ بها (8)، وفيه لغةٌ ثابتةٌ هيَ:

- عَضِضت أعَضّ فَعِلَ يَفْعَلُ كسمِع (9) .

ولغةٌ أخرى أثبتَها ابنُ القطّاعِ؛ قالَ: ((وعَضِضت الشيءَ عضاً

وفيه لغةٌ أخرى: عضَضت أعُضّ)) (10) بزنةِ فَعَلَ يَفْعُلُ.

(1) انظر: الخصائص 1 / 382، المحكم 6 / 25 - 26، شرح الملوكي 41، اللسان (غسو) 15 / 125.

(2)

انظر: شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 41.

(3)

كابن سيده (المحكم 6 / 26، اللسان (غسو) 15 / 125) .

(4)

انظر: الممتع 1 / 178.

(5)

انظر: أمالي ابن الشجري 1 / 210.

(6)

انظر: الاقتضاب 2 / 250، شرح الشافية للرضي 1 / 24، اللسان (أبى) 14 / 4.

(7)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(8)

انظر: الأفعال لابن القوطية 187، تهذيب اللغة (عضض) 1 / 74، الصحاح (عضض) 3 / 1092، أساس البلاغة (ع ض ض) 304 - 305، اللسان (عضض) 7 / 188، التاج (عضض) 10 / 99.

(9)

انظر: كنز الحفاظ 1 / 524، الأفعال لابن القوطية 187، تهذيب اللغة (عض) 1 / 74، الصحاح (عضض) 3 / 1091، الأفعال للسرقطي 1 / 254، المحكم 1 / 27، اللسان

(عضض) 7 / 188، المصباح 415، القاموس 2 / 337، التاج (عضض) 10 / 99.

(10)

الأفعال 2 / 387.

ص: 226

وثالثةٌ مختلفٌ فيها، ذكرَها الجوهريُّ؛ قالَ:((ابنُ السكيتِ: عضِضت باللقمةِ فأنا أعَضُّ، وقالَ أبو عبيدةَ: عضَضت - بالفتحِ - لغةٌ في الرِّبابِ)) (1) .

قالَ الصاغانيُّ: ((وقالَ الجوهريُّ: عضِضت باللقمةِ، والصوابُ غصِصت بالغينِ المعجمةِ وبصادينِ مُهْمَلَتينِ)) (2)

وقالَ الزبيديُّ: ((قالَ ابنُ برّيٍّ: هذا تصحيفٌ على ابنِ السكيتِ، والذي ذكرَه ابنُ السكيتِ في كتابِ الإصلاحِ: غصِصت باللقمةِ فأنا أغصُّ بها غصصاً، قالَ أبوعبيدةَ: وغصَصت لغةٌ في الرِّبابِ، بالصادِ المهملةِ لا بالضادِ المعجمةِ)) (3) .

وفي الإصلاحِ - باب ما نُطق به بفعِلت وفعَلت: ((وقد غصِصت باللقمةِ فأنا أغصُّ بها غصَصاً، قالَ أبو عبيدةَ: وغصَصت لغةٌ في الرِّبابِ)) (4) .

وقد حكى الكسائيُّ الفتحَ كذلكَ في عضّ، فيقالُ: عضَضت (5)، قالَ السمينُ: فعلى هذا يُقالُ أَعِضّ بالكسرِ في المضارعِ (6) . وذكرَها ابنُ جنّيٍّ بالفتحِ فيهما: عضَضت أعَض (7) وكذا ابنُ سيده (8) .

وأثبتَ الفيروزاباديُّ هذه اللغةَ، فقالَ:((وعليه كسمِع ومنَع)) (9)، وقالَ الفيوميُّ:((ومن بابِ نفَع لغةٌ قليلةٌ)) (10)

قالَ الزبيديُّ: ((وزنُه بمنَع وهمٌ، إذِ الشرطُ غيرُ موجودٍ كما في القاموسِ، إلاّ أن يُحملَ على تداخلِ اللغاتِ)) (11) قالَ: وهذا اتِّباعٌ من المصنّفِ إلى ما في الصحاحِ إشارةٌ إلى قولِ أبي عبيدةَ السابقِ دونَ تنبيهٍ عليه، وإن كانَ قد ذكرَه في الصّادِ على الصّوابِ (12) .

(1) الصحاح (عضض) 3 / 1091.

(2)

التكملة (ع ض ض) 4 / 79.

(3)

التاج (عضض) 10 / 99.

(4)

211.

(5)

انظر: إعراب النّحاس 3 / 158، الدرّ 8 / 478.

(6)

انظر: الدرّ 8 / 478.

(7)

انظر: المحتسب 2 / 5.

(8)

انظر: المخصص 14 / 211.

(9)

القاموس 2 / 337.

(10)

المصباح 415.

(11)

التاج (عضض) 10 / 99.

(12)

انظر: التاج (عضض) 10 / 99.

ص: 227

جاءَ في القاموسِ: ((وغصِصت بالكسرِ وبالفتحِ تغَصُّ بالفتحِ غصصاً)) (1) .

قالَ الزبيديُّ: ((فالصوابُ الذي لا محيدَ عنه أنّه من بابِ سَمِع فقط)) (2) .

قالَ الخليلُ: ((والفعلُ منه: عضَضْتُ أنا وعضَّ يعَضّ)) (3) .

ولا أُرَاهُ إلاّ خلطاً في الضبطِ؛ لأنّ كتبَ المعاجمِ المتقدمّةَ لم تذكرْه، ولو ثبتَ لغةً لكانَ ينبغي ذكرُ اللغةِ المشهورةِ معَها، وحيثُ أُفْرِدَتْ واحدةٌ بالذكرِ عُلِمَ أنها المعروفةُ، وضبطُ الحركةِ لا يُعوّلُ عليه من المحقّق، إن لم يكنْ ضبطَ عبارةٍ من المؤلّفِ.

وعلى القولِ بثبوتِ هذه اللغةِ التي ذكرَها من تقدّمَ، ففي تخريجِها قولانِ:

- أنها لغةٌ متداخلةٌ من لغتينِ:

عَضِضَ أَعَضُّ.

عَضَضَ أَعُضُّ أو أُعِضُّ.

فأُخِذَ ماضي الثانيةِ معَ مضارعِ الأولى، فقِيلَ: عَضَضَ أَعَضُّ (4) .

- أنها شاذةٌ (5) .

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيّةٌ: وردَ الماضي مسنداً إلى واوِ الجماعةِ في آيةٍ واحدةٍ فقط هيَ:

1 -

{وَإِذَا خَلَوا عَضُّوا عَلَيكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ} 119 / آل عمران.

ولم يتّضحْ وزنُه لأنّه لم يُسْنَدْ إلى إحدى ضمائرِ الرفعِ المتحرّكةِ، بل أسندَ إلى واوِ الجماعةِ، ممّا استوجبَ ضمَّ ما قبلَه.

وجاءَ الفعلُ المضارعُ مفتوحَ العينِ في آيةٍ واحدةٍ فقط هيَ:

1 -

{ويومَ يَعَضُّ الظَّالِمُ على يَدَيْهِ} 27 / الفرقان.

ولم نقف على قراءةٍ أخرى بغيرِ الفتحِ، واللهُ أعلمُ.

- فَعِل يَفْعُل: (من الصحيح) :

فَضِلَ يَفْضُلُ: الفضلةُ: البقيّةُ من كلِّ شيءٍ والزيادةُ (6) .

(1) 2 / 310.

(2)

التاج (عضض) 10 / 99.

(3)

العين (عض) 1 / 72.

(4)

انظر: التاج (عضض) 10 / 99.

(5)

انظر: المخصص 14 / 211.

(6)

انظر: تهذيب اللغة (فضل) 12 / 39 - 40، أساس البلاغة (ف ض ل) 343، اللسان (فضل) 11 / 525، التاج (فضل) 15 / 578.

ص: 228

تقدَّمَ أنّه ليسَ في أبنيةِ الأفعالِ ما كُسِرَ ماضيه وضُمَّ مضارعُه، وما وردَ من ذلكَ فهو خارجٌ عنِ القياسِ، إذ الأصلُ في “ فَعِلَ ” أن يكونَ مفتوحاً على “ يَفْعَلُ ”، و“ فَعَلَ ” يكونُ مكسوراً أو مضموماً على “ يَفْعِلُ ” أو “ يَفْعُلُ ”.

وتوجيهُ “ فَضِل يفضُل ” على تركّبِ لغتينِ مسموعتينِ واردتينِ عنِ العربِ، لا أنّ ذلكَ أصلٌ في اللغةِ وهما:

- فَضَلَ يَفْضُلُ، كنصَر وقتَل ودخَل وقعَد، وهو الأقيسُ (1) ، والمشهورُ (2) ، والأجودُ (3) .

- فَضِلَ يَفْضَلُ كسمِع وعلِم وحذِر، حكاها ابنُ السكيتِ (4) .

ثم كثُر ذلكَ، واجتمعَ أهلُ اللغتينِ، فاستضافَ هذا لغةَ ذاكَ، وذاكَ لغةَ هذا؛ بأن أُخِذَ الماضي من الثانيةِ والمضارعُ من الأولى، فتكونت لغةٌ ثالثةٌ مركّبةٌ من الاثنتينِ، وهي: فَضِلَ كعَلِمَ يَفْضُلُ كينصُر (5) .

وقد أجازَ ابنُ جنّيٍّ معَ هذا الوجهِ أن يكونَ للقبيلةِ الواحدةِ أو الحيِّ الواحدِ لغتانِ، فيسمعُ منهم ماضي إحداهما تارةً ومضارعُ الأخرى تارةً (6) .

(1) انظر: الكتاب 4 / 40، المخصص 14 / 154.

(2)

انظر: الاقتضاب 2 / 252.

(3)

انظر: أدب الكاتب 484.

(4)

انظر: إصلاح المنطق 212، أدب الكاتب 484، تهذيب اللغة (فضل) 12 / 40، شرح الشافية للرضي 1 / 136، تاج العروس (فضل) 15 / 578.

(5)

انظر: إصلاح المنطق 212، تهذيب اللغة (فضل) 12 / 40، الصحاح (فضل) 5 / 1791، الخصائص 1 / 387، النصف 1 / 256 - 257 الفرق بين الحروف الخمسة 273، شرح أدب الكاتب 238، أمالي ابن الشجري 1 / 210، شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 43، اللسان (فضل) 11 / 525، شرح الشافية للجاربردي 57، حاشية ابن جماعة 57، شرح التصريف المزي 34، المزهر 1 / 264، المناهج الكافية 36، تدريج الأداني 21، البلغة 173.

(6)

انظر: المنصف 1 / 275.

ص: 229

وممّا وردَ على ماضِي هذه اللغةِ ما أنشدَه الأصمعيُّ لأبي الأسودِ الدؤليّ:

ذَكَرْتُ ابنَ عَبّاسٍ بِبَابِ ابنِ عَامِرٍ

ومَا مَرَّ من عَيشِي ذَكَرْتُ ومَا فَضِلَ (1)

قالَ البطليوسيُّ: ((وهذهِ اللغاتُ الثلاثُ إنَّما هيَ في الفضلةِ والفضلِ اللذينِ يُرادُ بهما الزيادةُ، فأمّا الفضلُ الذي هو الشَّرَفُ فليسَ فيه إلاّ لغةٌ واحدةٌ، وهي فَضَلَ يَفْضُلُ على مثالِ قَعَدَ يَقْعُدُ)) (2) .

وفي العينِ: ((ولغةُ أهلِ الحجازِ فَضِلَ يَفْضُلُ)) (3) .

وأحسبُ الضبطَ سهواً من المحقّقِ أو الطابعِ؛ لأنَّ كسرَ الماضي وضمَّ المضارعِ كما تقدّم لغةٌ مركبةٌ وليست أصلاً.

وقد حملَ سيبويهِ هذه اللغةَ على الشذوذِ؛ قالَ: ((فَضِلَ يَفْضُلُ شاذٌّ من بابِه)) (4) ، وذكرَها ابنُ قتيبةَ كذلكَ في الشواذِّ (5) ، وكذَا ابنُ عصفور (6) .

وقالَ الجوهريُّ - بعدَ تخريجِه على التركبِ - بشذوذِه وأنَّه لا نظيرَ له، ونقلَ عن سيبويهِ قولَه:((هذا عندَ أصحابِنا إنّما يجيءُ على لغتينِ)) (7) ، وتبعَه في ذلكَ ابنُ منظورٍ (8) ، والزبيديُّ (9) ، ونقلَ الأوّلُ منهما عنِ ابنِ سيده قولَه بندرتِه وأنّ سيبويهِ جعلَه كمِتَّ تَمُوتُ، وعنِ اللحيانيِّ أنّه نادرٌ كحسِب يحسِب (10) .

(1) الشاهد في ديوانه 46، طبقات الزبيدي 25، المنصف 1 / 256، شرح الملوكي 43، الخزانة 1 / 285،، وغير منسوب في: المخصص 14 / 126، المحرر 3 / 278، شرح المفصل 7 / 154.

(2)

الفرق بين الحروف الخمسة 273.

(3)

7 / 44.

(4)

الكتاب 4 / 40.

(5)

انظر: الاقتضاب في شرح أدب الكتاب 2 / 252.

(6)

انظر: الممتع 1 / 177.

(7)

انظر: الصحاح (فضل) 5 / 1791.

(8)

انظر: اللسان (فضل) 11 / 525.

(9)

انظر: تاج العروس (فضل) 15 / 578.

(10)

انظر: اللسان (فضل) 11 / 525.

ص: 230

وقالَ ابنُ جنّيٍّ: ((وربما جاءَ منه شيءٌ على فَعِلَ يَفْعُلُ بكسرِ العينِ في الماضي وضمِّها في المستقبلِ، قالوا: فَضِلَ يَفْضُلُ، وهو قليلٌ شاذٌّ

وقد منعَ من ذلكَ أبو زيدٍ وأبو الحسنِ)) (1) .

وذكرَ ابنُ عبّادٍ في الفضلِ لغتينِ؛ فَضَلَ يَفْضُلُ، وفَضِلَ يَفْضِلُ كحسِب، حاملاً الثانيةَ منهما على النّدرة (2) .

ولا إِخَالُ ضبطَ الثانيةِ إلاّ خطأً أو سهواً، إذ لم يردّ فيها اتّفاقُ كسرِ العينِ في الماضي والمضارعِ، ولعلَّ الذي دعا المحقّقَ إلى ذلكَ تشبيهُها بحسِبَ، وإنّما وجهُ الشَّبَهِ في النّدرةِ فقط وليسَ في الحركاتِ.

وقد اختلفَ اللغويونَ في انفرادِ فَضِلَ يَفْضُلُ بهذا البابِ أو اشتراكِ غيرِه معَه؛ فقالَ سيبويهِ: ((وقد جاءَ في الكلامِ فَعِلَ يَفْعُلُ في حرفينِ، بنوه على ذلكَ كما بنوا فَعِلَ على يَفْعِلُ؛ لأنّهم قالوا: يَفْعِلُ في فَعِلَ كما قالوا في فَعَلَ، فأدخلوا الضمّةَ كما تدخلُ في فَعَلَ، وذلكَ في فَضِلَ يَفْضُلُ، ومِتَّ تموتُ، وفَضَلَ يَفْضُلُ وَمُتْ تَموتُ أقيسُ)) (3) .

(1) شرح الملوكي 43.

(2)

انظر: المحيط 8 / 22.

(3)

الكتاب 4 / 40.

ص: 231

فسيبويهِ يُثبتُ في الصحيحِ حرفاً واحداً فقط، وآخرَ في المعتلِ، ويتفقُ معَه في قولِه هذا جماعةٌ؛ منهم ابنُ السكيتِ إذ قالَ:((وليسَ في الكلامِ حرفٌ من السالمِ يشبه هذا)) (1) وابنُ قتيبةَ ((وليسَ في الكلامِ حرفٌ من السالمِ يشبهُه)) (2) وعنِ الفراءِ كذلكَ (3) ، والجواليقيُّ ((وليسَ في الكلامِ فَعِلَ يَفْعُلُ سوى هذهِ الثلاثةِ)) (4) يريدُ فَضِلَ يَفْضُلُ ومِتَّ تموتُ ودِمت تدومُ،وابنُ سيده ((وقد جاءَ حرفٌ واحدٌ منَ الصحيحِ على فَعِلَ يَفْعُلُ؛ وهوَ فَضِلَ يَفْضُلُ)) (5) .

وزادَ كراعٌ غيرَه، فقالَ:((وليسَ في السالمِ منَ الأفعالِ على مثالِ فَعِلَ يَفْعُلُ إلاّ فَضِلَ يَفْضُلُ ونَعِمَ يَنْعُمُ وحَضِرَ يَحْضُرُ فأمّا المعتلُ فمِتّ تموتُ ودِمت تدومُ، والأصلُ: مَوِتَ الرجلُ يموتُ ودَوِم يدومُ)) (6) .

وقالَ ابنُ خالويهِ: ((ليسَ في كلامِ العربِ فَعِلَ يَفْعُلُ إلاّ خمسةَ أحرفٍ؛ دِمت أدومُ ومِتُّ أموتُ وفَضِلَ يَفْضُلُ ونَعِمَ يَنْعُمُ وقَنِطَ يَقْنُطُ)) (7) .

نَعِمَ يَنْعُمُ: نعمَ الشيءُ نعومةً: صارَ ناعماً ليّناً (8) ، وهذا أيضاً ممّا خرجَ عن قياسِ بابِه، والأصلُ أن يكونَ بكسرِ الأوّلِ وفتح الثاين لا غيرَ، أو فتحِ الأوّلِ وضمِّ الثاني، أو ضمِّ عينِه ماضياً ومضارعاً.

وقد وردَ في فعلِها لغاتٌ هيَ:

(1) إصلاح المنطق 212، وانظر: تهذيب اللغة 12 / 40، اللسان 11 / 525، التاج 15 / 578.

(2)

أدب الكاتب 484.

(3)

انظر: المزهر 1 / 264، البلغة 173.

(4)

شرح أدب الكاتب 238.

(5)

المخصص 14 / 126.

(6)

المنتخب 2 / 560 - 561.

(7)

ليس في كلام العرب 95.

(8)

انظر: العين (نعم) 5 / 161، الصحاح (نعم) 5 / 2042، اللسان (نعم) 12/ 579، التاج (نعم) 17 / 691.

ص: 232

- نَعِمَ يَنْعَمُ كسمِع وحذِر، حكاها الليثُ وغيرُه (1) .

- نَعَمَ يَنْعُمُ كنصَر (2)، وقيلَ: نَعُمَ يَنْعُمُ كظرُف (3) .

- نَعَمَ يَنْعِمُ كضرَب (4) .

- نَعِمَ يَنْعِمُ كحسِب يحسِب، حكاها الأصمعيُّ (5) .

قالَ ابنُ قتيبةَ ((نَعِمَ يَنْعَمُ ويَنْعِمُ

عُليا مُضَرَ تكسرُ وسفلاها تفتحُ)) (6) وفي هذا حكى ثعلبٌ عن سلمَةَ عنِ الفراءِ قالوا: نزلوا منزلاً ينعِمهم وينعَمهم وينعُمهم ويُنْعِمُهُم عيناً، أربعُ لغاتٍ، وحكى اللحيانيُّ: نعِمك اللهُ عيناً، ونعِم اللهُ بك عيناً (7) .

ووُجِد في الكلامِ أيضاً نَعِمَ يَنْعُمُ على مثالِ فَضِلَ يَفْضُلُ، بكسرِ الماضي وضمِّ المضارعِ، وتخريجُه كما مرَّ في فَضِلَ على تداخلِ اللغاتِ؛ إذ أُخِذَ الماضِي نَعِمَ يَنْعَمُ يَنْعَمُ والمضارعُ من نَعُمَ يَنْعُمُ (8) .

(1) انظر: العين (نعم) 2 / 161، المحيط (نعم) 2 / 68، تهذيب اللغة (نعم) 3 / 9، حاشية ابن جماعة 57، تاج العروس (نعم) 17 / 691

(2)

انظر: حاشية ابن جماعة 57، التاج (نعم) 17 / 691.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 378، الصحاح (نعم) 5 / 2042، شرح الشافية للرضي 1/136، حاشية ابن جماعة 57.

(4)

انظر: حاشية ابن جماعة 57، التاج (نعم) 17 / 691.

(5)

انظر: تهذيب اللغة (نعم) 3 / 9، الصحاح (نعم) 5 / 2042، اللسان (نعم) 12 / 579، حاشية ابن جماعة 57.

(6)

أدب الكاتب 483.

(7)

انظر: تهذيب اللغة (نعم) 3 / 10، التاج (نعم) 17 / 691.

(8)

انظر: ليس في كلام العرب 95، المحيط (نعم) 2 / 67 - 68، الخصائص 1 / 375، 1 / 378، المنصف 1 / 256 - 257، الصحاح (فضل) 5 / 1791، (نعم)

5 / 2042، المحكم (نعم) 2 / 138، شرح الشافية للرضي 1 / 136، اللسان (نعم) 12 / 579، حاشية ابن جماعة 57، شرح تصريف العزي 34 شرح الشافية لنقرة كار 36، تدريج الأداني 21.

ص: 233

قالَ ابنُ جنّيٍّ: ((فإن قلتَ: فكانَ يجبُ على هذا أن يستضيفَ من يقولُ نَعُمَ مضارعَ من يقولُ نَعِمَ، فتُرَكَّبُ من هذا أيضاً لغةٌ ثالثةٌ؛ وهي: نَعُمَ يَنْعَمُ.

قيلَ: منعَ من هذا أنّ فَعُلَ لا يختلفُ مضارعُه أبداً، وليسَ كذلكَ نَعِمَ؛ لأنَّ نَعِمَ قد يأتي فيه يَنْعِمُ ويَنْعَمُ جميعاً، فاحتُملَ خلافُ مضارعِه، وفَعُلَ لا يحتملُ مضارعُه الخلافَ؛ ألا تراكَ كيفَ تحذفُ فاءَ وَعَدَ في يَعِدُ؛ لوقوعِها بينَ ياءٍ وكسرةٍ، وأنتَ معَ ذلكَ تُصَحِّحُ نحوَ وَضُؤَ ووَطُؤَ إذا قلتَ: يوضُؤُ ويوطؤُ، وإن وقعتِ الواوُ بينَ ياءٍ وضمَّةٍ، ومعلومٌ أنّ الضمّةَ أثقلُ من الكسرةِ، لكنّه لمّا كانَ مضارعُ فَعُلَ لا يجيءُ مختلفاً لم يحذفوا فاءَ وَضُؤَ ولا وَطُؤَ ولا وَضُعَ؛ لئلا يختلفَ بابٌ ليسَ من عادتِه أن يجيءَ مختلفاً)) (1) .

ولابن جِنّيٍّ أيضاً وجهٌ آخرُ في تخريجٍ نَعِمَ يَنْعُمُ؛ وهو أن يكونَ للقبيلةِ الواحدةِ أو الحيِّ الواحدِ لغتانِ نَعِمَ يَنْعَمُ ونَعُمَ يَنْعُمُ، فيُسمَعُ منهم ماضي إحداهما ومضارعُ الأخرى (2) .

وقد عدَّها بعضُ اللغويينَ في الشواذِ؛ منهمم ابنُ قتيبةَ (3) ، وابنُ عصفور (4) .

(1) الخصائص 1 / 378.

(2)

انظر: المنصف 1 / 257، وثمة فرق بين التداخل، وهو أحد رأيي ابن جنّي، وهذا الرأي الثاني، إذ يريد هنا أنّ القبيلة الواحدة قد اجتمعت لها في نعم لغتان ثنتان، فيتفق أن يسمع منها تتكلم بماضي إحدى لغتيها مع مضارع لغتها الثانية، وهذا لا يكون تداخلاً لأنها تتكلم باللغتين، والتداخل يصدق عليها فيما لو انفردت لها لغة واحدة، فنطق ناطق بماضي لغته مع مضارع لغة أخرى.

(3)

انظر: الاقتضاب 2 / 252.

(4)

انظر: الممتع 1 / 177.

ص: 234

وبهذا يتّضحُ أن فَعِلَ يَفْعُلُ مسموعةٌ عن العربِ في نَعِمَ يَنْعُمُ أيضاً، وأنّ فَضِلَ يَفْضُلُ ليست هي الحرفَ الوحيدَ في السالمِ الذي أتى من هذا البابِ، كما قالَه كثيرٌ من أئمةِ النّحوِ واللغةِ (1) ، بل يشاركُه فيه غيرُه مما سنذكرُه في موضعِه بإذنِ اللهِ تعالى.

ولهذا قالَ ابنُ خالويهِ: ((ليسَ في كلام العربِ فَعِلَ يَفْعُلُ إلاّ خمسةَ أحرفٍ؛ دِمت

أدومُ، ومِتّ أموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، ونَعِمَ يَنْعُمُ، وقَنِطَ يَقْنُطُ)) (2) .

وحكى ابنُ قتيبةَ عن سيبويهِ قولَه: ((بلغَنا أنّ بعضَ العربِ يقولُ نَعِمَ يَنْعُمَ مثلَ فَضِلَ يَفْضُلُ)) (3) والصوابُ أنّ سيبويهِ لم يحكِ هذهِ اللغةَ؛ بل نصَّ على أنّ فَعِلَ يَفْعُلُ لم يردْ إلاّ في حرفينِ فقط؛ فَضِلَ في السالمِ، ومِتّ في المعتلِ (4) .

حَضِرَ يَحْضُرُ: الحضورُ ضدُّ المغيبِ، والحضْرَةُ قربُ الشيءِ، والحاضرةُ خلافُ الباديةِ (5)، وفعلُه: حَضَرَ بزنةِ “ فَعَلَ ”، وهي اللغةُ المشهورةُ الفصيحةُ الجيدةُ (6) .

وقالَ الزبيديُّ: أثبتَها ثعلبٌ في الفصيحِ (7) وغيرُه، وأوردَها أئمةُ اللغةِ قاطبةً (8) .

وفي ماضيه لغةٌ أخرى؛ هي حَضِرَ بكسرِ العينِ، حكاها الفراءُ (9) .

(1) راجع ما ورد في (فضل) .

(2)

ليس في كلام العرب 95.

(3)

أدب الكاتب 484.

(4)

انظر: الكتاب 4 / 40.

(5)

انظر: العين (حضر) 3 / 102 - 103، تهذيب اللغة (حضر) 4 / 200، الصحاح (حضر) 2 / 632، أساس البلاغة (ح ض ر) 86، القاموس (حضر) 2 / 10، التاج (حضر) 6 / 285.

(6)

انظر: تهذيب اللغة (حضر) 4 / 201، شرح الشافية للرضي 1 / 136، التاج (حضر) 6 / 285.

(7)

انظر: الفصيح 274.

(8)

انظر: التاج (حضر) 6 / 285.

(9)

انظر: إصلاح المنطق 212، الصحاح (حضر) 2 / 633.

ص: 235

وكلُّهم يقولونَ يَحْضُرُ بالضمِّ، لا خلافَ بينهم في مضارِعِه (1) .

وحُكيَ عن الليثِ أنّهم يقولونَ: حَضَرَتِ الصلاةُ، وأهلُ المدينةِ يقولونَ حَضِرَتْ، وكلُّهم يقولون تَحْضُرُ (2) . ويقالُ: حَضِرَتِ القاضيَ اليومَ امرأةٌ، ثم يقولونَ: تَحْضُرُ (3) .

وممّا وردَ على هذهِ اللغةِ قولُ جريرٍ:

مَا مَن جَفَانا إذَا حاجاتُنا حَضِرَتْ

كمَن لنا عندَه التكريمُ واللَّطَفُ (4)

فتحصّلَ من ذلكَ في حَضَرَ لغتانِ:

- حَضَرَ يَحْضُرُ، وهيَ المشهورةُ.

- حَضِرَ يَحْضُرُ، لغةٌ فيها.

وقد حكى ابنُ يعيشَ هذهِ اللغةَ حَضِرَ يَحْضُرُ عن سيبويهِ (5) ، في حينَ أنّه حكاها في كتابٍ آخرَ عن غيره (6) ، وكذا حكاها ابنُ سيده عن غيره (7) ، والصوابُ - إن شاءَ اللهُ - الثاني؛ لأنّ سيبويهِ بنصِّه في كتابِه لم يذكرْ ممّا وردَ على فَعِلَ يَفْعُلُ سوى فَضِلَ يَفْضُلُ في السالمِ (8) .

وقالَ جماعةٌ منَ اللغويينَ بشذوذِ الثانيةِ، كابنِ عصفورٍ (9) ، وابنِ منظورٍ (10) ، والسيوطيِّ (11) .

(1) انظر: العين (حضر) 3 / 102 - 103، الصحاح (حضر) 2 / 633.

(2)

انظر: العين (حضر) 3 / 102 - 103، تهذيب اللغة (حضر) 4 / 201، التاج (حضر) 6 / 285.

(3)

انظر: إصلاح المنطق 212، تهذيب اللغة (حضر) 4 / 201، الخصائص 1 / 378، الصحاح (حضر) 2 / 633، اللسان (حضر) 11 / 525.

(4)

انظر: إصلاح المنطق 213، الصحاح (حضر) 2 / 633، المخصص 14 / 126، التاج (حضر) 6 / 285.

(5)

انظر: شرح الملوكي 43.

(6)

انظر: شرح المفصل 7 / 154.

(7)

انظر: المخصص 14 / 154.

(8)

انظر: الكتاب 4 / 40.

(9)

انظر: الممتع 1 / 176.

(10)

انظر: اللسان (حضر) 4 / 196.

(11)

انظر: الهمع 6 / 33.

ص: 236

وحملَها ابنُ يعيشَ على تداخلِ اللغاتِ (1)، وقالَ الفيوميُّ:((لكن استُعمِلَ الضمُّ معَ كسرِ الماضي شذوذاً، ويُسمَّى تداخلَ اللغتينِ)) (2) .

والقولُ بوقوعِ التداخلِ أرَاهُ مُتَعذِّراً؛ لأنَّ حَضَرَ لم يثبتْ في ماضيها ومضارِعها لغتانِ، فتكونَ بعدَ هذا حَضِرَ يَحْضُرُ ثالثةً مركبةً منهما، وهذا يستقيمُ لو كانَ فيها لغتانِ:

- حَضَرَ يَحْضُرُ.

- حَضِرَ يَحْضَرُ.

فيَأْخذُ الماضي من إحداهما والمضارعُ من الثانيةِ مكوِّنَةً لغةً ثالثةً هيَ حَضِرَ يَحْضُرُ.

قالَ البطليوسيُّ ((وحكى يعقوبُ حَضِرَ يَحْضَرُ)) (3) كذا ضَبَطَ المحقّقُ، وليسَ في إصلاحِ المنطقِ ولا تهذيبِ الألفاظِ وتقدّمَ النقلُ عنه: حَضِرَ يَحْضُرُ (4) .

وقالَ الفيروزا باديُّ ((حَضَرَ وعلِم)) (5)، وظاهرُ لفظِه يُوهِمُ أنّ في حَضَرَ لغتينِ:

- حَضِرَ يَحْضُرُ كنصَرَ ينصُر.

- حَضِرَ يَحْضَرُ كعلِمَ يعلَمُ.

قالَ الزبيديُّ: ((واللغةُ الأولى هيَ الفصيحةُ المشهورةُ، ذكرَها ثعلبٌ في الفصيحِ وغيرُه، وأوردَها أئمةُ اللغةِ قاطبةً وأمّا الثانيةُ فأنكرَها جماعةٌ وأثبتَها آخرونَ، ولا نزاعَ في ذلكَ، إنّما الكلامُ في كلامِ المصنِّفِ أو صريحِه، فإنَّه يقتضي أنَّ حَضِرَ كعلِمَ مضارعُه على قياسِ ماضيه، فيكونُ مفتوحاً كيعلَمُ، ولا قائلَ به، بل كلُّ من حكى الكسرَ صرَّحَ بأنّ المضارعَ لا يكونُ على قياسِه)) (6) .

قلتُ: وإنّما أَدْخَلْتُ حَضِرَ يَحْضُرُ في بحثِ التداخلِ هذا، وإن لم يكن منه - حسبما أرى -: لأنَّ هذا الفعلَ يردُ معَ أفعالِ التداخلِ، ولقولِ بعضِ العلماءِ بأنّه من قبيلِه، فآثرتُ عرضَ هذه الأقوالِ، وبيانَ مسلكِ الصوابِ فيها.

(1) انظر: شرح المفصل 7 / 154.

(2)

المصباح المنير 140.

(3)

الاقتضاب 2 / 252.

(4)

انظر: إصلاح المنطق 212.

(5)

القاموس (حضر) 2 / 10.

(6)

تاج العروس (حضر) 6 / 285.

ص: 237

دِراسَةٌ قُرْآنِيَّةٌ: جاءَ الفعلُ الماضي غيرَ متّصلٍ بشيءٍ في خمسِ آياتٍ:

1 -

{إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوتُ} 133 / البقرة.

2 -

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ} 180/ البقرة.

3 -

{وَإِذَا حَضَرَ القسمةَ أُولُوا القُرْبَى واليَتَامَى والمَسَاكينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنهُ} 8 / النساء.

4 -

{حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} 18 / النساء.

5 -

{شَهَادَة بَيْنكُم إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 106 / المائدة.

وجاءَ مسنداً إلى واوِ الجماعةِ في آيةٍ واحدةٍ:

1 -

{فَلَمَّا حَضَرُوه قَالُوا أَنْصِتُوا} 29 / الأحقاف.

ومضارعاً في آيةٍ واحدةٍ:

1 -

{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّي أَنْ يَحْضُرُونِ} 98 / المؤمنون.

فالفعلُ في القرآنِ لم يردْ إلاّ على فَعَلَ يَفْعُلُ وهوَ القياسُ، ولم نقفْ على غيرِ ذلكَ في قراءاتٍ آُخَرَ.

شَمِلَ يَشْمُلُ: الشَّملُ: الاجتماعُ، يقالُ: جمعَ اللهُ شملَهم، وشَمِلَهُمُ الأمرُ بمعنى عمَّهم وغشيَهم (1) .

وردَ فيها لغتانِ:

- شَمِلَ يَشْمَلُ كعلِم (2) .

- شَمَلُ يَشْمُلُ كنصَر (3) ، ويَشْمِلُ كضرَب (4) .

(1) انظر: العين (شمل) 6 / 265، الصحاح (شمل) 5 / 1738، المشوف المعلم (ش م ل)

1 / 406، اللسان شمل 11 / 367، التاج (شمل) 14 / 390.

(2)

انظر: العين (شمل) 6 / 265، المحيط (شمل) 7 / 341، الصحاح (شمل) 5 / 1738 - 1739، اللسان (شمل) 11 / 367.

(3)

انظر: الصحاح (شمل) 5 / 1738 - 1739، اللسان (شمل) 11 / 367.

(4)

عن اللحياني (التاج (شمل) 14 / 389) .

ص: 238

قالَ اللحيانيُّ: شَمَلَهم بالفتحِ لغةٌ قليلةٌ (1)، وقالَ الجوهريُّ: شَمَلَهم لغةٌ لم يعرفْها الأصمعيُّ (2) .

وسُمِع لغةٌ ثالثةٌ:

- شَمِلَ يَشْمُلُ، حكاها ابنُ درستويهِ (3) ، والأزهريُّ (4) .

وتوجيهُها على تداخلِ اللغتينِ، إذ شَمِلَ في الأصلِ ماضي يَشْمَلُ، ويَشْمُلُ في الأصلِ مضارعُ شَمَلَ، فتداخلتِ اللغتانِ فيهما، فاستضافَ من يقولُ شَمِلَ لغةَ من يقولُ يَشْمُلُ، فحدثَتْ هنالِكَ لغةٌ ثالثةَ، مركَّبَةٌ منهما (5) .

قالَ السيوطيُّ: ((وليسَ ذلك بقياسٍ، واللغتانِ الأوليانِ أجودُ)) (6) .

نَكِلَ يَنْكُلُ: النَّكْلُ الجبنُ، نكلَ عنِ الأمرِ: جَبُن عن لقائِه ونكَصَ (7)، أتَتْ على لغتينِ:

- نَكَلَ يَنْكِلُ ويَنْكُلُ كضرَبَ ونصَرَ (8) .

- نَكِلَ يَنْكَلُ كعلِمَ (9) .

والأولى أجودُ (10) .

قالَ الخليلُ: الأولى حجازيّةٌ، والثانيةُ تميميّةٌ (11) .

(1) انظر: اللسان (شمل) 11 / 368، التاج (شمل) 14 / 389 - 390.

(2)

انظر: الصحاح (شمل) 5 / 1739، التاج (شمل) 14 / 390.

(3)

انظر: الاقتضاب 2 / 252، المزهر 1 / 265.

(4)

انظر: تهذيب اللغة (شمل) 11 / 371.

(5)

انظر: المزهر 1 / 265.

(6)

المزهر 1 / 265.

(7)

انظر: تهذيب اللغة (نكل) 10 / 246، اللسان (نكل) 11 / 677، التاج (نكل) 15 / 754.

(8)

انظر: اللسان (نكل) 11 / 677، التاج (نكل) 15 / 754، ونَكل ينكُل فحسب في: تهذيب اللغة (نكل) 10 / 246، المحيط (نكل) 6 / 265، الصحاح (نكل) 5 / 1835.

(9)

انظر: العين (نكل) 5 / 371، تهذيب اللغة (نكل) 10 / 246، المحيط (نكل) 6 / 265، اللسان (نكل) 11 / 677، التاج (نكل) 15 / 754.

(10)

انظر: تهذيب اللغة (نكل) 10 / 246، اللسان (نكل) 11 / 677.

(11)

انظر: العين (نكل) 5 / 371.

ص: 239

وفي المحيطِ: نَكِلَ يَنْكَلُ حجازيةٌ (1) . ولعلَّ الضبطَ خلطٌ من المحقِّقِ، وفي التاجِ ما يؤيدُ الأولَ:((نَكِلَ عنه كضرَبَ ونصَرَ وعلِمَ، الأخيرةُ أنكرَها الأصمعيُّ، وأثبتَها غيرُه، وقيلَ: هيَ لغةُ بني تميمٍ)) (2) .

وحكى ابنُ درستويهِ فيه لغةً ثالثةً هيَ: نَكِلَ يَنْكُلُ (3) .

وتخريجُ هذهِ على تداخلِ اللغتينِ، إذ أُخِذَ الماضي منَ اللغةِ التميميةِ والمضارعُ من الحجازيةِ فتركبت منهما هذهِ اللغةُ على فَعِلَ يَفْعُلُ.

- فَعِل يفعُل من المعتل

مِتْ تَمُوتُ: الموت معروفٌ، وفعلُه جاءَ على لغتينِ (4) :

- مُتّ تموتُ كقُلت منَ المعتلِ ونصَرَ منَ السالمِ، وهيَ لغةُ سُفْلَى مُضَرَ (5) .

- مِتّ تماتُ كخِفت منَ المعتلِ وعَلِم منَ السالمِ، وهذهِ طائيّةٌ (6)، قالَ ابنُ دريدٍ: أكثرُ من يتكلمُ به طيّءٌ، وقد تكلمَ بها سائرُ العربِ (7) . وقيلَ: وهيَ لغةُ الحجازِ (8) . وعليها قالَ الراجزُ:

بُنَيَّتي سَيِّدَةَ البَنَاتِ

(1) انظر: (نكل) 6 / 265.

(2)

نكل) 15 / 754.

(3)

انظر: الاقتضاب 2 / 252.

(4)

انظر: المحيط (موت) 9 / 479، الخصائص 1 / 380 - 381، المنصف 1 / 256، الصحاح (موت) 1/ 266، الأفعال لابن القطّاع 3 / 205، نزهة الطرف للميداني 107، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238، شرح الشافية للرضي 1 / 136، البحر 3 / 406، حاشية ابن جماعة 57 المصباح (موت) 583، التاج (موت) 3 / 135، تدريج الأداني 21 - 22.

(5)

انظر: إعراب النّحاس 1 / 415، القرطبي 4 / 447، البحر 3 / 406.

(6)

انظر: التاج (موت) 3 / 135.

(7)

انظر: الجمهرة 3 / 1308.

(8)

انظر: اعراب النحاس 1 / 451، القرطبي 4 / 274، البحر 3 / 406.

ص: 240

عِيْشِي ولا نَأْمَنُ أن تَمَاتِي (1)

قالَ الأزهريُّ: ((اللغةُ الفصيحةُ: مُتّ ومُتنا)) (2) .

وقالَ ابنُ خالويهِ: ((والضمُّ أفصحُ وأشهرُ)) (3) .

وقالَ أبو حيّانَ: ((والضمُّ أقيسُ وأشهرُ والكسرُ مستعملٌ كثيراً، وهوَ شاذٌ في القياسِ)) (4) .

وحكى الفيروزاباديُّ فيها لغةً ثالثةً؛ هيَ: مات يميتُ (5) .

وقالَ الزبيديُّ: ((وظاهرُه أنّ التثليثَ في مضارعِ مات مطلقاً، وليسَ كذلكَ، فإنّ الضمَّ إنّما هوَ في الواويِّ كيقولُ من قالَ قولاً، والكسرُ إنّما هوَ في اليائيِّ كيبيعُ من باعَ، وهيَ لغةٌ مرجوحةٌ أنكرَها جماعةٌ)) (6) .

وماتَ يموتُ أصلُها مَوَتَ يَمْوُتُ على فَعَلَ يَفْعُلُ، فلمّا تحركَتِ الواوُ في الماضي وفُتِحَ ما قبلَها قُلِبَتْ ألفاً، وفي المضارعِ نُقِلت حركةُ المعتلِّ إلى الساكنِ الصحيحِ قبلَه، فلمّا أُسنِدَ الفعلُ إلى ضميرِ الرفعِ حُذِفَ حرفُ العلةِ منعاً من التقاءِ الساكنينِ.

وماتَ يماتُ أصلها مَوِتَ يَمْوَتُ على فَعِلَ يَفْعَلُ، ثم حدثَ لها من الاعتلالِ ما حدثَ لسابقتِها، معَ قلبِ الواوِ ألفاً في مضارعِه مناسبةً لحركةِ ما قبلَها.

(1) الشاهد في: الجمهرة (موت) 3 / 1307 - 1308، الصحاح (موت) 1 / 266 - 267، شرح الشافية للرضي 4 / 57، اللسان (موت) 2 / 91، الدر 3 / 458، التاج (موت) 3 / 135، بروايات متفاوتة.

(2)

القراءات 1 / 129.

(3)

الحجّة 115.

(4)

البحر 3 / 406.

(5)

انظر: القاموس (موت) 1 / 158.

(6)

التاج (موت) 3 / 135 - 136.

ص: 241

وقد حكى سيبويهِ: مِتَّ تموتُ على فَعِلَ يَفْعُلُ (1) ، وحكاها ابنُ السكيتِ عن بعضِهم (2) ، وحكاها غيرُهما (3) .

وتوجيهُ هذه اللغةِ على تركّبِ اللغتينِ بأن جيءَ بالماضي من اللغةِ الثانيةِ معَ مضارعِ الأولى (4) .

قالَ سيبويهِ: ((وأمّا مِتَّ تَمُوتُ فإنما اعتُلَّتْ من فَعِلَ يَفْعُلُ، ولم تُحَوَّلْ كما يُحَوَّلُ قُلتُ وزِدْتُ، ونظيرُها من الصّحيحِ فَضِلَ يَفْضُلُ، وكذلكَ كُدتَ تَكَادُ اعتلَّتْ من فَعُلَ يَفْعَلُ، وهيَ نظيرةُ مِتَّ في أنّها شاذةٌ، ولم يجيئا على ما كَثُرَ واطَّردَ من فَعُلَ وفَعِلَ)) (5) .

وقد خرّج هذه اللغةَ قومٌ على الشذوذِ (6)، وقالَ أبو حيّانَ:((وهوَ شاذٌ في القياسِ جعلَه المازنيُّ من فَعِلَ يَفْعُلُ نظيرُ دِمتَ تدومُ وفَضِلت تَفْضُلُ، وكذا أبو عليٍّ، فحكما عليه بالشذوذِ)) (7) ، وعدّها كراعٌ من قبيلِ النادرِ (8) .

(1) انظر: الكتاب 4 / 343.

(2)

انظر: إصلاح المنطق 212.

(3)

انظر: أدب الكاتب 484، المخصص 14 / 126، الاقتضاب 2 / 252، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238، شرح المفصل 7 / 154، الممتع 1 / 177، شرح الشافية للرضي 1 / 136، اللسان (موت) 2 / 91.

(4)

انظر: الخصائص 1 / 375، 378، 380 - 381، المنصف 1 / 256، نزهة الطرف للميداني 107، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238 شرح المفصل 7 / 154، شرح الملوكي 43، شرح الشافية للرضي 1 / 136، اللسان (فضل) 11 / 525، المصباح (موت) 583، شرح التصريف العزي 34، المزهر 1 / 264 - 265، تدريج الأداني 21 - 22.

(5)

الكتاب 4 / 343.

(6)

انظر: أدب الكاتب 484، المنصف 1 / 256، المخصص 15 / 58، المقتضب 2 / 252، الممتع 1 / 177.

(7)

البحر 3 / 406.

(8)

انظر: المنتخب 2 / 561.

ص: 242

وقد اختُلِفَ فيما وردَ على فَعِلَ يَفْعُلُ من المعتلِ، فأثبتَ سيبويهِ مِتّ تموتُ وحدَها؛ قالَ:((وقد جاءَ في الكلامِ فَعِلَ يَفْعُلُ في حرفينِ، بنوه على ذلكَ كما بنوا فَعِلَ يَفْعِلُ؛ لأنّهم قالوا: يَفْعِلُ في فَعِلَ كما قالوا في فَعَلَ، فأدخلوا الضمّةَ كما تدخلُ في فَعَلَ، وذلكَ في فَضِلَ يَفْضُلُ ومِتَّ تَمُوتُ، وفَضَلَ يَفْضُلُ ومُتّ تموتُ أقيسُ)) (1) ، وزادَ كراع (2) دِمت تدومُ، وكذا ابنُ خالويهِ (3) ، والجواليقيُّ (4) ، وحُكِي عنِ الفرّاءِ (5) .

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيّةٌ: ماضي الفعلِ المسندِ إلى ضميرِ رفعٍ جاءَ في أحدَ عشرَ موضعاً، مسنداً إلى ضميرِ المتكلمِ المفردِ في آيتين هما:

1 -

{قَالَتْ يَا لَيْتَنِي متُّ قَبلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِياً} 23 / مريم.

2 -

{وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} 66 / مريم.

ومسنداً إلى ضمير المخاطب المفرد في آية واحدة هي:

- {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ} 34 / الأنبياء.

ومُسْنداً إلى جماعةِ المخاطبينَ في ثلاثٍ أخرى؛ هيَ:

1 -

{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ في سَبِيلِ اللهِ أو مِتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 157 / آل عمران.

2 -

{وَلَئِنْ مِتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ} 158 / آل عمران.

3 -

{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} 35/ المؤمنون.

ومسنداً إلى ضميرِ المتكلمينَ في خمسِ آياتٍ هيَ:

(1) الكتاب 4 / 40.

(2)

انظر: المنتخب 2 / 561.

(3)

انظر: ليس في كلام العرب 95.

(4)

انظر: شرح أدب الكاتب 238.

(5)

انظر: المزهر 1 / 264 - 265، البلغة 173.

ص: 243

1 -

{قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُمَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} 82 / المؤمنون.

2 -

{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} 16 / الصافات.

3 -

{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِيْنُونَ} 53 / الصافات.

4 -

{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} 3 / ق.

5 -

{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} 47 / الواقعة.

ولم يأتِ مضارعُه بغيرِ الواوِ، وبغيرِ زنةِ يَفْعُلُ بالضمِّ.

فجاءَ مجردّاً مرفوعاً في عشرِ آياتٍ هيَ:

1 -

{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إلَاّ بِإِذْنِ اللهِ} 145 / آل عمران.

{وَأَقْسَمُوا باللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِم لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ} 38 / النحل.

3 -

{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} 15 / مريم.

4 -

{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياً} 33 / مريم.

5 -

{إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} 74 / طه.

6 -

{إِنْ هِيَ إِلَاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} 37 / المؤمنون.

7 -

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِيْ لَا يَمُوتُ} 58 / الفرقان.

8 -

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} 34 / لقمان.

9 -

{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَاّ حَيَاتُنا الدُّنيَا نَمُوتُ ونَحْيَا} 24 / الجاثية.

10 -

{ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} 13 / الأعلى.

ومجرداً مجزوماً في موضعينِ هما:

1 -

{اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِيْنَ مَوتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} 42 / الزمر.

ص: 244

2 -

{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِيْنِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} 217 / البقرة.

ومُسنداً إلى واوِ الجماعةِ في أربعِ آياتٍ هيَ:

1 -

{فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 132 / البقرة.

2 -

{وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 102 / آل عمران.

3 -

{وَلَا الَّذِيْنَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} 18 / النساء.

4 -

{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} 25 / الأعراف.

ومنصوباً في موضعٍ هوَ:

1 -

{لَا يُقْضَى عَلَيْهِم فَيَمُوتُوا} 36 / فاطر.

القِرَاءَاتُ الوَارِدَةُ: ((متّ)) ((متُّم)) ((متْنَا))

قرأَ نافعٌ وحمزةُ والكسائيُّ الفعلَ الماضيَ المسندَ إلى ضمائرِ الرفعِ بالكسرِ في جميعِ القرآنِ، وقرأَ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو وابنُ عامرٍ بالضمِّ في جميعِ القرآنِ، وروى أبو بكرٍ عن عاصمٍ الضمَّ في كلِّ المواضعِ، وخفض الضمَّ في موضعينِ فقط هما:

{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيْلِ اللهِ أَو مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ

} 157 / آل عمران.

{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَو قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ} 158 / آل عمران.

وما عدا ذلكَ بالكسرِ حيثما وقعت في جميعِ القرآنِ (1) .

قالَ ابنُ خالويهِ: ((والضمُّ أفصحُ وأشهرُ)) (2) .

وقالَ الأزهريُّ: ((القراءةُ العاليةُ واللغةُ الفصيحةُ: ((مُتّ)) و ((مُتنا))

والقراءةُ بكسرِ الميمِ من ((مِتّ)) فاشيةٌ وإن كانَ الضمُّ أفشى)) (3) .

(1) انظر هذه القراءات في: إعراب القراءات 1 / 121، السبعة 218، القراءات 1 / 129، المحرر 3 / 278، 11 / 212، 13 / 224، 15 / 374، البيان 1 / 288، الرازي 9 / 57، التبيان 1 / 305، البحر 3 / 405 - 406، الدر 3 / 458.

(2)

الحجة 115.

(3)

القراءات 1 / 129.

ص: 245

وقالَ ابنُ عطيّةُ: ((قالَ أبو عليٍّ: ضمُّ الميمِ هوَ الأشهرُ والأقيسُ، مُتَ تموتُ مثلُ قُلتَ تَقُولُ وطُفتَ تطُوفُ، والكسرُ شاذٌّ في القياسِ وإن كانَ قد استُعمِلَ كثيراً، وليسَ كما شذَّ قياساً واستعمالاً كشذوذِ اليُجَدَّع ونحوِه)) (1) .

وقالَ أبو حيّانَ: ((والضمُّ أقيسُ وأشهرُ، والكسرُ مستعملٌ كثيراً، وهوَ شاذٌّ في القياسِ)) (2) .

تَوْجِيْهُ القِرَاءَاتِ: من قرأَ بضمِّ ميمِ الماضي ففي قراءتِه وجهانِ: أحدُهما: أن يكونَ الأصلُ فيه مَوَتَ كقُلتَ: أصلُه قَوَلتَ، فتحرّكتِ الواوُ وانفتحَ ما قبلَها فقُلِبت ألفاً، ثمّ حُذِفت لسكونِها وسكونِ آخرِ الفعلِ عندَ اتّصالِه بالضميرِ، وضُمّتِ الميمُ للدلالةِ على أنّ الفعلَ من ذواتِ الواوِ، ووزنُه: فَعَلَ يَفْعُلُ؛ أتى على الأصلِ في الواويِّ (3) .

والثاني: أن يكونَ أصلُه مَوَتَ / فنُقِلَ من فَعَلت - بفتحِ العينِ - إلى فعُلت - بضمِّ العينِ - فنُقِلَتِ الضمّةُ من الواوِ إلى الميمِ، فبقيتِ الواوُ ساكنةً، والتاءُ ساكنةٌ؛ فحذفتِ الواوُ، فصارَ مُتّ، ووزنُه: فَعُلَ يَفْعُلُ (4) .

ووزنُه في الوجهينِ ((فُلْت)) .

ومن قالَ ((مِت)) بالكسرِ؛ فالأصلُ فيه: مَوِت بزنةِ فَعِلَ، فَعِلت كخِفت، أصلُه خَوِفت، ثمّ نُقِلَتِ الكسرةُ منَ الواوِ إلى الميمِ للدلالةِ على بِنْيَةِ الكلمةِ في الأصلِ، فالتقى ساكنانِ؛ الواوُ والتاءُ، فحُذِفَتِ الواوُ، فصارَ مِتُّ بزنةِ ((فِلْت)) (5) .

ثم اختلفوا في تخريجِه:

(1) المحرر 3 / 278.

(2)

البحر 3 / 406.

(3)

انظر: إعراب النحاس 4 / 335، إعراب القراءات 1 / 121، الحجة 115، البيان 1 / 288، الرازي 9 / 57، الدر 3 / 458.

(4)

انظر: البيان 1 / 228، الدر 3 / 458.

(5)

انظر: البيان 1 / 228، الدر 3 / 458 - 459.

ص: 246

فقيلَ: القراءةُ بالكسرِ على لغةِ من يقولُ: مات يماتُ، كخاف يخافُ على فَعِلَ يَفْعَلُ (1) ، وحُكِيَ عنِ الفرّاءِ (2) .

قالَ الرازيُّ: ((والأوّلونَ أخذوه من ماتَ يماتُ مِتّ، مثل: هابَ يهابُ هِبت، وخافَ يخافُ خِفت، وروى المبردُ هذه اللغة، فإن صحَّ فقد صحَّت هذه القراءةُ)) (3) .

قلتُ: القراءةُ ثابتةٌ، ولا مجالَ لردِّها، قرأَ بها القرّاءُ السبعةُ، وهيَ سنّةٌ متبعةٌ نتلقَّاها بالقبولِ، سواءٌ نَقلَها المبردُ أم لم ينقلْها، هذا إلى أنّ قولَ المبردِ محكيّ في لغةِ مِتّ تماتُ فَعِلَ يَفْعَلُ والقراءةُ في القرآنِ على مِتّ تموتُ فَعِلَ يَفْعُلُ.

وقالَ السمينُ: ((فالصحيحُ من قولِ أهلِ العربيةِ أنَّه من لغةِ من يقولُ: ماتَ يماتُ كخافَ يخافُ

وهذا أولى من قولِ من يقولُ: إنّ “ مِت ” بالكسرِ مأخوذٌ من لغةِ من يقولُ يموتُ بالضمِّ في المضارعِ

وإذا ثبتَ ذلك لغةً فلا معنى إلى ادِّعاءِ الشذوذِ فيه)) (4) .

قلت: ويردُّه اجتماعُهم على يموتُ في المضارعِ، والأظهرُ فيه أنَّه من بابِ التداخلِ.

ونُقِلَ عن المازنيِّ وأبي عليٍّ أنّ الكسرَ مأخوذٌ من لغةِ من يقولُ يموتُ بالضمِّ في المضارعِ، وهو شاذٌّ في القياسِ كثيرٌ في الاستعمالِ، نظيرُ دِمت تدومُ وفَضِلَ تَفْضُلُ (5) .

(1) انظر: إعراب النحاس 3 / 11، 4 / 335، إعراب القراءات 1 / 121، الحجة 115، القراءات 1 / 129، مشكل إعراب القرآن 2 / 352 - 353، البيان 1 / 228، البحر 3 / 406.

(2)

انظر: إعراب القراءات 1 / 121.

(3)

9 / 57.

(4)

الدر 3 / 458 - 459.

(5)

انظر: إعراب النحاس 3 / 11، 4 / 335، مشكل إعراب القرآن 2 / 353، البحر 3 / 406، الدر 3 / 459.

ص: 247

دِمْتَ تَدُومُ: دامَ الشيءُ: طالَ زمنُه، أو: سكنَ، والمستديمُ: المتأني في أمرِه، والمداومةُ على الأمرِ: المواظبةُ عليه (1)، وفيه لغتانِ مشهورتانِ قياسيتانِ (2) :

- دُمت تدومُ كقُلت ونصَرَ، وهيَ اللغةُ العاليةُ (3) ، لغةُ أهلِ الحجازِ (4) .

- دِمت تدامُ كخِفت وعلِمَ، وهي لغةُ أُزْدِ السَّرَاةِ ومن جاورَهم (5)، وقيلَ: لغةُ بني تميمٍ (6) .

وشاهدُ اللغةِ الأخيرةِ قولُ الراجزِ:

يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا

يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا (7)

(1) انظر: المحيط (دوم) 9 / 379، الصحاح (دوم) 5 / 1923، اللسان (دوم) 12 / 212، التاج (دوم) 16 / 252.

(2)

انظر: معاني الزجاج 1 / 433، المحيط (دوم) 9 / 379، الصحاح (دوم) 5 / 922، الخصائص 1 / 380 - 381، المنصف 1 / 256 الأفعال لابن القطّاع 3 / 205، نزهة الطرف للميداني 107، شرح أدب الكاتب للجواليقي 238، التبيان 1 / 462، الفريد

2 / 84، القرطبي 4 / 117، شرح الشافية للرضي 1 / 136، اللسان (دوم) 12 / 212، حاشية ابن جماعة 57، الدر 4 / 43، 7 / 596، التاج (دوم) 16/252، تدريج الأداني 21 - 22.

(3)

انظر: الدر 7 / 596.

(4)

انظر: الفريد 1 / 589، الدر 3 / 266.

(5)

انظر: إعراب النحاس 1 / 388، الفريد 1 / 589، القرطبي 4 / 117.

(6)

انظر: البحر 3 / 223، الدر 3 / 267.

(7)

الشاهد في الجمهرة (دوم) 3 / 1308، الخصائص 1 / 380، 2 / 264، اللسان (دوم) 12 / 212، التاج (دوم) 16 / 252، ورواية الجمهرة: ياميّ لا عذل ولا ملاما

ص: 248

((وقال السمين: قالَ الفرّاءُ: ويجتمعونَ في المضارعِ فيقولونَ: يدومُ؛ يعني أنّ الحجازيينَ والتميميينَ اتفقوا على أنَّ المضارعَ مضمومُ العينِ، وكانَ قياسُ تميمٍ أن تقولَ: يدامُ كخافَ يخافُ وماتَ يماتُ، فيكونُ وزنُها عندَ الحجازِيين “ فَعَل ”، بفتحِ العينِ، وعندَ التميميينَ “ فَعِلَ ” بكسرِها، هذا نقلُ الفرّاءِ، وأمّا غيرُه فنقلَ عن تميمٍ أنّهم

يقولونَ: دِمت أدامُ، كخِفت أخافُ، نقلَ ذلكَ أبو إسحاقَ وغيرُه كالرّاغبِ الأصفهانيِّ وأبي القاسمِ الزمخشريِّ)) (1) .

وأصلُ فعلِها دَوَمَ يَدْوُمُ، ودَوِمَ يَدْوَمُ، ثم قُلِبَت واوُ ماضيها ألفاً لتحرُّكِها وانفتاحِ ما قبلَها، ونُقِلَت حركةُ الواوِ في مضارعِه إلى الساكنِ الصحيحِ قبلَه، معَ قلبِها ألفاً في الثانيةِ منهما لمجانسةِ حركةِ ما قبلَها.

وقد حكى ابنُ السكيتِ عن بعضِ العربِ أنه يقولُ: دِمت بالكسرِ، ثم يقولُ: تدومُ، كفَضِلَ يَفْضُلُ (2) .

وتوجيهُ هذهِ اللغةِ على التداخلِ بأن أخذَ قومٌ لغةَ الذينَ كسروا الماضيَ فتكلموا بها، وأخذوا لغةَ الذينَ ضمُّوا المستقبلَ فتكلموا بها، فخرجَتْ عنِ القياسِ.

وعدَّها ابنُ قتيبةَ في الشواذِ (3) ، وكذلكَ قومٌ (4) ، وحملَها كراعٌ على النّدرةِ (5) ، والأخفشُ على القلةِ (6) .

(1) الدرّ 3 / 267.

(2)

انظر: إصلاح المنطق 212.

(3)

انظر: أدب الكاتب 484، الاقتضاب 2 / 252.

(4)

انظر: المنصف 1 / 256، المخصص 15 / 58، الممتع 1 / 177.

(5)

انظر: المنتخب 2 / 561.

(6)

انظر: معاني القرآن 1 / 411.

ص: 249

قالَ ابنُ منظورٍ: ((قالَ أبو الحسنِ: في هذهِ الكلمةِ نَظَرٌ، ذهبَ أهلُ اللغةِ في قولِهم دِمت تدومُ إلى أنها نادرةٌ كمِتّ تموتُ وفَضِلَ يَفْضُلُ وحَضِرَ يَحْضُرُ، وذهبَ أبو بكرٍ إلى أنها متركبةٌ، فقالَ: دُمت تدومُ كقُلت تقولُ، ودِمت تدام كخِفت تخافُ ثم تركبتِ اللغتانِ، فظنَّ قومٌ أنّ تدومُ على دِمت وتدامُ على دُمت، ذهاباً إلى الشذوذ وإيثاراً له، والوجهُ ما تقدَّمَ من أنّ تدامُ على دِمت، وتدومُ على دُمت، وما ذهبوا إليه من تشذيذِ دِمت تدومُ أخفُّ ممّا ذهبوا إليه من تسوّغِ دُمت تدامُ، إذ الأولى ذاتُ نظائرَ، ولم يُعْرَفْ من هذهِ الأخيرةِ إلآّ كُدت تكادُ، وتركيبُ اللغتينِ بابٌ واسعٌ، كقَنَطَ يقنَطُ وركَنَ

يركَنُ، فيحملُه جهّالُ أهلِ اللغةِ على الشذوذِ)) (1) .

ولم يذكرْ سيبويهِ هذه اللغةَ، بل أفردَ مِتّ تموتُ بالذّكرِ في بابِ المعتلِ (2)، وذكرَها كراعٌ؛ قالَ:((فأمّا المعتلُّ فمِت تموتُ ودِمت تدومُ)) (3) ، وكذلك الجواليقيُّ (4) ، وحُكِيَت عنِ الفراءِ (5) .

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيّةٌ: وردَ الفعلُ الماضي مسنداً إلى ضميرِ الرفعِ في أربعةِ مواضعَ، مفرداً في ثلاثِ آياتٍ هيَ:

1 -

{وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِيْنَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إٍلَاّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} 75 / آل عمران.

2 -

{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيْداً مَا دُمْتُ فِيْهِمْ} 117 / المائدة.

3 -

{وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياً} 31 / مريم.

ومجموعاً في آيةٍ واحدةٍ هيَ:

(1) اللسان (دوم) 12 / 213، وانظر: التاج (دوم) 16 / 252.

(2)

انظر: الكتاب 4 / 40.

(3)

المنتخب 2 / 561.

(4)

انظر: شرح أدب الكاتب 238.

(5)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 136، المزهر 1 / 264 - 264 - 265، البلغة 173.

ص: 250

1 -

{وَحرّمَ عَلَيكُم صَيد البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} 96 / المائدة.

ولم يجيءَ المضارعُ منه في موضعٍ قط.

القِرَاءَاتُ الوَارِدَةُ: في قولِه تعالى: {إلَاّ مَا دُمْتَ عَليهِ قَائِماً} 75 / آل عمرانِ قراءتانِ؛ ضمُّ الدّالِ من “ دُمْتَ ” للجمهورِ، وقراَ يحيى بنُ وثّابٍ والأعمشُ وأبو

عبدِ الرّحمنِ السّلميُّ وابنُ أبي ليلى والفياضُ بنُ غزوانَ وطلحةُ بنُ مصرّفٍ وغيرُهم بالكسرِ (1) .

وكذلكَ في قولِه تعالى: {وَحرّمَ عَلَيكُمْ صَيد البَّرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} 960 / المائدة قراءتانِ؛ الجمهورُ بالضمِّ، ويحيى بنُ وثابٍ وغيرُه بالكسرِ (2) .

قولُه تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياً} 31 / مريم.

قالَ الزجاجُ: ((ما دمت حياً - دُمت ودِمت جَمِيعاً)) (3) .

وقالَ ابنُ عطيّةَ: ((وقرأَ “ دُمت ” - بضمِّ الدالِ - عاصمٌ وجماعةٌ، وقرأَ “ دِمت ” - بكسرِها - أهلُ المدينةِ وابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو وجماعةٌ)) (4) .

قالَ أبو حيانَ: ((والذي في كتبِ القراءاتِ أنّ القراءَ السبعةَ قرءوا ((دُمت حياً)) - بضمِّ الدالِ -، وقد طالَعْنا جُمْلَةً منَ الشواذِ فلم نجدْها لا في شواذِّ السبعةِ ولا في شواذِّ غيرِهم)) (5) .

قالَ السمينُ: ((وهذا لم نَرَه لغيرِه، وليسَ موجوداً في كتبِ القراءاتِ المتواترةِ والشاذةِ التي بينَ أيدينا، فيجوزُ أن يكونَ اطَّلعَ عليه في مصحفٍ غريبٍ)) (6) .

(1) انظر: معاني الزجاج 1 / 433، إعراب النحاس 1 / 388، مختصر في الشواذ 21، المحرر 3 / 131، التبيان 1 / 273، الفريد 1 / 589 القرطبي 4 / 117، البحر 3 / 223، الدر 3 / 267.

(2)

انظر: مختصر في الشواذ 35، التبيان 1 / 462، الفريد 2 / 84، البحر 4 / 371، الدر 4 / 430.

(3)

معاني القرآن 3 / 328.

(4)

المحرر 11 / 29.

(5)

البحر 7 / 259.

(6)

الدر 7 / 596.

ص: 251

قالَ أبو جعفرٍ النّحاس: ((والضمُّ أفصحُ)) (1) .

وقالَ العكبريُّ: ((وهوَ الأصلُ)) (2) .

تَوْجِيْهُ القِرَاءَاتِ: من ضمَّ الميمَ جعلَه على فَعَلَ يَفْعُلُ كقُلت أقولُ وقُمت أقومُ، وأصلُه: دَوَمَ؛ قُلِبَتِ الواوُ ألفاً لتحركِها وانفتاحِ ما قبلَها، ثم حُذِفت منعاً منِ التقاءِ الساكنينِ، وضُمَّتِ الميمُ دلالةً على الواوِ المحذوفةِ، ومضارعُه يدومُ على يَفْعُلُ (3) .

ومن كسرَ جعلَه على فَعِلَ دَوِمَ، وحدثَ له من الاعتلالِ ما حدثَ للسابقِ (4)، واختُلِفَ في مضارعِه:

- فقيلَ: هو على فَعِلَ يَفْعُلُ كفَضِلَ يَفْضُلُ، وحُمِلَ على الشذوذِ؛ قالَه الأخفشُ (5) .

قالَ: ((ولغةٌ للعربِ: دمت، وهيَ قراءةٌ، مثلُ: مِتّ تموتُ، جعلَه على فَعِلَ يَفْعُلُ، فهذا قليلٌ)) (390) .

قالَ الهمدانيُّ: ((وهوَ عزيزٌ في القلّةِ)) (6) .

- وقيلَ: هو على لغةِ من قالَ: دِمت تدامُ كمِت تماتُ وخِفت تخافُ (7) .

- فَعِل يفعِل: (من المعتلّ) :

وَرِيَ يِرِي: وريَ الزَّنْدُ: قدحَ ناراً واتّقدَ (8)، والمسموعُ فيه:

(1) إعراب القرآن 2 / 42.

(2)

التبيان 1 / 462.

(3)

انظر: معاني الزجاج 1 / 433، مشكل إعراب القرآن 1 / 146، التبيان 1 / 273، الفريد 2 / 84، القرطبي 4 / 117، الدر 4 / 430.

(4)

انظر: إعراب النحاس 1 / 388، الفريد 1 / 589، القرطبي 4 / 117.

(5)

معاني القرآن 1 / 411.

(6)

الفريد 1 / 589.

(7)

انظر: معاني الزجاج 1 / 433، إعراب النحاس 1 / 388، مشكل إعراب القرآن 1 / 146، المحرر 3 / 131، التبيان 1 / 273، 462 الفريد 1 / 589، 2 / 84، القرطبي 4 / 117، البحر 4 / 371، الدر 4 / 430.

(8)

انظر: العين (ورى) 8 / 304، المحيط (ورى) 10 / 293، الصحاح (ورى) 6 / 2522، المشوف العلم (ورى) 2 / 824، اللسان (ورى) 15 / 388، التاج (ورى) 20 / 287.

ص: 252

- ورَى يَرِي كوعى (1) ، حكاه أبو الهيثمِ (2) .

وذكر ابنُ سيده:

- وَرِي يَوْرَى كَوَجِلَ يَوْجَل (3) .

وسُمِعَ: وَرِيَ يرِي بالكسرِ فيهما (4) ، حكاه ثعلبٌ عنِ ابنِ الأعرابيِّ (5) .

وتوجيهُه على تداخلِ اللغتينِ والاكتفاءِ بمضارعِ من قالَ ورَى الزّنْدُ بفتحِ الرّاءِ عمّن قالَ وَرِيَ بكسرِها (6) .

- فعُل يفعَل: (من المعتلِّ) :

كُدت تَكاد: كِدتُ أفعلُ: هَمَمْتُ وقارَبتُ (7) ، وأكثرُ أهلِ اللغةِ على أنَّ الماضيَ منه كادَ، وفي إسنادِه إلى ضميرِ الرفعِ لغتانِ: كِدت وكُدت، ومستقبلُه تكادُ فحسب، وأكثرُ العربِ على الكسرِ (8)، والضمُّ لغةُ بني عَدِيٍّ (9) . وقد حكى الأزهريُّ عنِ الليثِ: كادَ يكودُ (10) .

فعلى هذا تكونُ ثلاثَ لغاتٍ:

- كِدت أكادُ.

- كُدت أكادُ.

- كُدت أكودُ.

(1) انظر: العين (ورى) 8 / 304، المحيط (ورى) 10 / 293، الصحاح (ورى) 6 / 2522، اللسان (ورى) 15 / 388، التاج (ورى) 20 / 287.

(2)

انظر: تهذيب اللغة (ورى) 15 / 306.

(3)

انظر: المحكم (ورى) 10 / 293.

(4)

انظر: العين (ورى) 8 / 304، المحيط (ورى) 10 / 293، الصحاح (ورى)

6 / 2522، اللسان (ورى) 15 / 388، التاج (ورى) 20 / 287.

(5)

انظر: تهذيب اللغة (وروى) 15 / 306.

(6)

انظر: شرح لامية الأفعال 47.

(7)

انظر: اللسان (كود) 11 / 225، المصباح (كود) 583، التاج (كود) 5 / 229.

(8)

انظر: الأفعال لابن القطاع 3 / 107، التاج (كود) 5 / 229.

(9)

انظر: تهذيب اللغة (كاد) 10 / 327، التاج (كود) 5 / 229.

(10)

انظر: تهذيب اللغة (كاد) 10 / 227.

ص: 253

((وقالَ الفراءُ: أمّا الذينَ ضمّوا كُدنا فإنّهم أرادوا أن يفرِّقوا بينَ فِعْلِ الكيدِ من المكيدةِ في فَعَلَ وبين فِعْلِ الكيدِ في القربِ فقالوا: كُدنا نفعلُ ذلكَ، وقالوا: كِدنا القومَ من المكيدةِ، كما فرّقوا بينَهما في يَفْعلُ، فقالوا في الأولِ: تكادُ، وفي الثاني: تكيدُ)) (1) .

وحكى الجوهريُّ كِدت أكودُ، وقالَ ابنُ بريٍّ: والمعروفُ كِدت أكادُ (2) .

ونقلَ الفيوميُّ عن ابنِ القطاعِ مثلَه (3) ، والذي في أفعالِه كُدت تكادُ، بخلافِه (4) .

قلتُ: ولعلَّ كافَ الماضي بالضمِّ كاللغةِ التي حكاها الليثُ، وكسرُها سهوٌ من المحققِ، وإن ثبتَتْ فعلى التداخلِ.

وحكى سيبويهِ عن بعضِ العربِ لغةً أخرى هيَ:

- كُدت أكادُ، بضمِّ الماضي وفتحِ المضارعِ (5) .

وفي تخريجِ هذهِ اللغةِ أقوال:

- أنّها قياسيةٌ، على لغةِ من يقولُ في الماضي كُدت وكِدت جميعاً ومضارعُها أكادُ.

- أن يوافقَ في المضارعِ من يقولُ في الماضي كِدت.

وهذانِ لابنِ جنّيٍّ (6) .

- أنّها من بابِ تركّبِ اللغتينِ، فأُخِذَ الماضي من لغةِ من يقولُ كُدت أكودُ - على القولِ بثبوتِها كما حكاه الليثُ - والمضارعُ من كِدت أكادُ (7) ، فاستغنوا بمضارعِ كِدت عن مضارعِ كُدت.

(1) أدب الكاتب 484 - 485.

(2)

انظر: اللسان (فضل) 11 / 225.

(3)

انظر: المصباح (كود)583.

(4)

انظر: الأفعال 1 / 11.

(5)

انظر: الكتاب 4 / 40، 343، الصحاح (كود) 2 / 532، المنصف 1 / 189، المحكم (ك ي د) 7 / 79، الأفعال لابن القطاع 1 / 11 شرح المفصل 7 / 154، اللسان (كيد) 3 / 383، التاج (كود) 5 / 229.

(6)

انظر: المنصف 1 / 257.

(7)

انظر: شرح التسهيل 3 / 437، شرح المفصل 7 / 154، المساعد 2 / 587.

ص: 254

قالَ ابنُ مالكٍ: ((ورُوِيَ عن بعضِ العربِ: كُدت تكادُ، فجاءَ بماضيه على فَعُلَ وبمضارعِه على يَفْعَلُ، وهيَ عندي من تداخلِ اللغتينِ، فاستُغنِيَ بمضارعِ أحدِ المثالينِ عن مضارعِ الآخرِ، فكانَ حقُّ كُدت بالضمِّ أن يقالَ في مضارعِه تكودُ لكنِ استُغنِيَ عنه بمضارعِ المكسورِ الكافِ فإنّه على فَعِلَ، فاستحقَّ أن يكونَ مضارعُه على يَفْعَلُ بمضارعِ المكسورِ الكافِ فإنّه على فَعِلَ، فاستحقَّ أن يكونَ مضارعُه على يَفْعَلُ، فأغناهم يكادُ عن يكودُ، كما أغناهم تَرَكَ عن ماضي يذرُ ويدعُ في غير ندورٍ، معَ عدمِ اتحادِ المادةِ، بل إغناءُ يكادُ عن تكودُ معَ كونِ المادةِ واحدةً أولى بالجوازِ)) (1) .

ومنعَ ذلكَ الميدانيُّ مستبعداً إيّاه؛ لعدمِ ورودِ تكودُ في مستقبلِه (2) .

وقد عللَ سيبويهِ ورودَ ذلكَ بقولِه: ((وقد قالَ بعضُ العربِ: كُدت تكادُ، فقالَ فَعُلت تَفْعَلُ، كما قالَ فَعِلت أَفْعَلُ، وكما تركَ الكسرةَ كذلكَ تركَ الضمّةَ، وهذا قولُ الخليلِ، وهو شاذٌ من بابِه، كما أنّ فَضِلَ يَفْضُلُ شاذٌ من بابِه، فكما شرِكَتْ يَفْعِلُ يَفْعَلُ؛ كذلكَ شرِكَتْ يَفْعَلُ يَفْعُلُ، وهذهِ الحروفُ من فَعِلَ يَفْعِلُ إلى منتهى الفصلِ شواذٌ)) (3) .

وقالَ في موضعٍ آخرَ: ((وكذلكَ كُدت تكادُ اعتَلَّت من فَعُلَ يَفْعَلُ، وهيَ نظيرةُ مِتّ في أنها شاذّةٌ، ولم يجيئا على ما كثرَ واطّردَ من فَعُلَ وفَعِلَ)) (4) .

وقد وجّهَها كثيرٌ من اللغويينِ على الشذوذِ، منهم سيبويهِ في نَصَّيْهِ المتقدمينِ (5) ، وغيرُه (6) .

(1) شرح التسهيل 3 / 437.

(2)

انظر: نزهة الطرف 107.

(3)

الكتاب 4 / 40.

(4)

الكتاب 4 / 343.

(5)

انظر: 4 / 40، 343.

(6)

انظر: المنصف 1 / 189، 256، شرح الشافية للرضي 1 / 138، الهمع 6 / 33.

ص: 255

وعللَ ابنُ جنّيٍّ شذوذَه بأحدِ أمرينِ؛ فإمّا أن يكونَ اجتُرِئَ عليه فأُخرِجَ من بابِه لضَعْفِهِ باعتلالِ عينِه، أو عُوِّضَ منِ اعتلالِ عينِه فقُوِّيَ بضربٍ من التصرّفِ ليسَ لنظيرِه (1) .

وضمُّ عينِ مضارعِ “ فَعُل ” قياسٌ لا ينكسرُ، إلاّ في حرفٍ واحدٍ لم يرد سواه (2)، وهو هذا الحرفُ الذي ذكرَه سيبويهِ؛ قالَ:((وقد قالَ بعضُ العربِ: كُدت أكادُ، فقالَ فعُلت تَفْعَل)) (3)، وزادَ غيرُه: دُمت تدامُ، ومُت تمات وجُدت تجادُ (4) .

دِرَاسَةُ قُرْآنِيّةٌ: جاءَ الماضي منه مسنداً إلى تاءِ المخاطبِ في آيتينِ، هما:

1 -

{وَلَولَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَ تَرْكَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً} 74 / الإسراء.

2 -

{قَالَ تاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرِدِيْنِ} 56 / الصافات.

وهَوَ فيهما مكسورُ الكافِ على “ فَعِلَ ”، ولم تردْ قراءةٌ بالضمِّ - حسبما نعلمُ -.

وجاءَ المضارعُ مجرّداً في عشرِ آياتٍ هيَ:

1 -

{يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} 20 / البقرة.

2 -

{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} 17 / إبراهيم.

3 -

{تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} 90 / مريم.

4 -

{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 15 / طه.

5 -

{يُكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَو لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} 35 / النور.

6 -

{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} 43 / النور.

7 -

{تَكَادُ السَّمَوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} 5 / الشورى.

8 -

{وَلَا يَكَادُ يُبِيْنُ} 52 / الزخرف.

9 -

{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ} 8 / الملك.

(1) انظر: المنصف 1 / 189.

(2)

انظر: أدب الكاتب 484، الأفعال لابن القطاع 1 / 11، شرح الشافية للرضي 1 / 138.

(3)

الكتاب 4 / 40.

(4)

انظر: الأفعال لابن القطاع 1 / 11.

ص: 256

10 -

{وَإِنْ يَكَادُ الّذِيْنَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِم} 51 / القلم.

ومسنداً إلى واوِ الجماعةِ في ثلاثِ آياتٍ هيَ:

1 -

{فَمَا لِهَؤُلَاءِ القَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} 78 / النساء.

2 -

{لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ} 93 / الكهف.

3 -

{يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِيْنَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} 72 / الحج.

وجاءَ مجزوماً مجرداً في آيةٍ واحدةٍ هيَ:

1 -

{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَم يَكَدْ يَرَاهَا} 40 / النور.

والفعلُ المضارعُ في كلِّ آيةٍ سبقت جاءَ بالألفِ “ يكاد ”، وهوَ على: فَعِلَ يَفْعَلُ لا غيرَ.

- فعَل يفعِل: (من الأجوف الواوي) :

طاح يَطِيحُ:

تاه يَتِيهُ: طاحَ يطوحُ ويطيحُ: هلكَ، أو أشرفَ على الهلاكِ، أو سقطَ، وكلُّ شيءٍ ذهبَ وفَنِيَ فقط طاحَ، وكذلكَ إذا تاهَ في الأرضِ (1) . وتاهَ: هلكَ، وقيلَ: التوه: الذهابُ في الأرضِ (2)، والثابتُ المتّفقُ عليهِ في فِعْلَيهما:

طاحَ يطيحُ وتاهَ يتيهُ، واويٌّ يائيّ (3)

وحكى الخليلُ (4) ، وابنُ سيدهَ (5) ، وابنُ منظورٍ (6)، والزبيديُّ (7) : تاهَ يتوهُ.

(1) انظر: العين (طوح) 3 / 278، تهذيب اللغة (طوح) 5 / 185، الصحاح (طوح)

1 / 389، التاج (طوح) 4 / 146.

(2)

انظر: العين (توه تيه) 4 / 80، تهذيب اللغة (تاه) 6 / 396، المحيط (تيه وتوه) 4 / 50، الصحاح (توه) 6 / 2229، التاج (توه) 19 / 25.

(3)

انظر: العين (توه تيه) 4 / 80، تهذيب اللغة (تاه) 6 / 396، المحيط (تيه وتوه) 4 / 50، المخصص 14 / 126، المحكم 4 / 299 الاقتضاب 2 / 251، شرح الشافية للجاربردي 54.

(4)

انظر: العين (توه تيه) 4 / 80.

(5)

انظر: المحكم 4 / 299.

(6)

انظر: اللسان (توه) 13 / 482.

(7)

انظر: التاج (توه) 19 / 25.

ص: 257

وحكى الجوهريُّ (1)، والزبيديُّ (2) : طاحَ يطوحُ (3) .

قالَ البطليوسيُّ: ((واتفقوا على طاحَ يطيحُ، ولم يَحكِ أحدٌ منهم: طاحَ يطوحُ)) (4) .

وقالَ الرضيُّ: ((طُحت - بضمِّ الطاءِ - ويطوحُ، ولم يُسمعا، وكذَا لم يُسمعْ تُهت ويتوهُ

والذي ذكرَه الجوهريُّ من يطوحُ ليسَ بمسموعٍ)) (5) .

وقد سُمِعَ:

- طَوّحتُ؛ أي أذهبتُ وحيَّرتُ، وطيَّحت بمعناه.

- تَوّهت، وتيّهت بمعناها.

- وهوَ أطوحُ منكَ وأطيحُ.

- وهوَ أتوهُ منكَ وأتيهُ (6) .

فمن قالَ: طيّحَ وتيّهَ، وأطيحُ وأتيهُ؛ فطاحَ يطيحُ وتاهَ يتيهُ عندَه قياسٌ كباعَ يبيعُ (7) .

قالَ سيبويهِ: ((ومن قالَ: طيّحتُ وتيّهتُ فقد جاءَ بها على باعَ يبيعُ مستقيمةً)) (8) .

ولكنَّ الإشكالَ فيمن قالَ: طوَّحَ وأطوحُ وتوَّهَ وأتوه وللعلماءِ أقوالٌ وتأويلاتٌ؛ منها:

(1) انظر: الصحاح (طوح) 1 / 389.

(2)

انظر: التاج (طوح) 4 / 146.

(3)

أثبت اللغتين ابن جماعة في حاشيته 55.

(4)

الاقتضاب 2 / 252.

(5)

شرح الشافية 1 / 127.

(6)

انظر: العين (توه، تيه) 4 / 80، (طوح طيح) 3 / 278، تهذيب اللغة (طاح)

5 / 185، المحيط (تيه وتوه) 4 / 50، (طوح) 3 / 176، الصحاح (تيه) 6/2229، المحكم 4 / 299، الاقتضاب 2 / 251، شرح الشافية للرضي 1 / 127، اللسان (تيه توه) 13 / 482، شرح الشافية للجاربردي 54، التاج (طوح) 4 / 146.

(7)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 127، للجاربردي 54، لنقره كار 35، المناهج الكافية 35، التاج (طيح) 4 / 147.

(8)

الكتاب 4 / 344.

ص: 258

- أنّهما على فَعِلَ يَفْعِلُ كحسِب يحسِب، وهما واويانِ، والأصلُ فيهما: طَوِحَ وتَوِهَ يطوِحُ ويَتْوِهُ، فقُلبت واوُ الماضي ألفاً لتحركِها وانفتاحِ ما قبلَها، ونُقلت حركةُ الواوِ في المضارعِ للساكنِ الصحيحِ قبلَها، ثم قُلِب ياءً لانكسارِ ما قبلَه فأصبحَ: يطيحُ ويتيهُ (1) .

وهذا رأيُ الخليلِ، نقلَه عنه سيبويهِ، قالَ:((وأمّا طاحَ يطيحُ وتاهَ يتيهُ؛ فزعمَ الخليلُ أنهما فَعِلَ يَفْعِلُ، بمنزلةِ حسِبَ يحسِبُ، وهيَ منَ الواوِ، ويدلُّكَ على ذلكَ: طَوّحت وتوّهت، وهوَ أطوحُ منه وأتوهُ منه، فإنّما هيَ فَعِلَ يَفْعِلُ منَ الواوِ، كما كانت منه فَعِلَ يَفْعَلُ، ومِن فَعِلَ يَفْعِلُ اعتَلَّتَا.. وإنّما دعاهم إلى هذا الاعتلالِ ما ذكرتُ لكَ من كَثْرَةِ هذينِ الحرفينِ، فلو لم يفعلواَ ذلكَ وجاءَ على الأصلِ أُدْخِلَتِ الضمَةُ على الياءِ والواوِ، والكسرةُ عليهما في فَعُلت وفَعِلت ويَفْعُلُ ويَفْعِلُ، ففرّوا من أن يكثرَ هذا في كلامِهم معَ كثرةِ الياءِ والواوِ، فكانَ الحذفُ والإسكانُ أخفَّ عليهم، ومِنَ العربِ من يقولُ: ما أتيهه وتيّهت وطيّحت، وقالَ: أنَ يئينُ، فهوَ فَعِلَ يَفْعِلُ منَ الأوانِ وهوَ الحينُ)) (2) ، وصحَّحَه الرضيُّ (3) .

قال البطليوسيُّ: ((فكانَ حملُه على ما يقتضيه البابُ أولى من حملِه على الشذوذِ)) .

وقالَ: ويجوزُ أن يُقَال: إذا كانَ قولُهم طيّحَ يقتضي أن يكونَ طاحَ يطيحُ كباعَ يبيعُ، فيجبُ أن يكونَ قولُهم طوّحَ يقتضي أن يكونَ طاحَ يطيحُ كآنَ يئينُ؛ لأنهم قالوا طوّحَ وطيّحَ، واتفقوا على طاحَ يطيحُ (4) .

(1) انظر: المحكم 4 / 229، شرح الشافية للرضي 1 / 127، لنقره كار 35، التاج (طيح) 4 / 147.

(2)

الكتاب 4 / 344 - 345.

(3)

انظر: شرح الشافية 1 / 127.

(4)

انظر: الاقتضاب 2 / 251 - 252.

ص: 259

- حملُها على الشذوذِ، وبه قالَ ابنُ الحاجبِ (1) ، وغيرُه (2) بناءً على أنّ الماضيَ فَعَلَ بفتحِ العينِ، ووجهُه أنَّ الأجوفَ الواويَّ من بابِ فَعَلَ لا يكونُ مضارعُه إلاّ مضموماً. وردّه الرضيُّ؛ قالَ:((وليسَ ما قالَ المصنّفَ منَ الشذوذِ بشيءٍ، إذ لو كانَ طاحَ كقالَ لقيلَ طُحت كقُلت بضمِّ الفاءِ، ولم يُسمعْ، والأولى ألاّ تُحْمَلَ الكلمةُ على الشذوذِ ما أمكنَ)) (3)

- حملُها على التداخلِ، فيكونُ ثَمَّةَ لغتانِ:

اللغةُ المتفقُ عليها: طاحَ يطيحُ وتاهَ يتيهُ من اليائيِّ بزنةِ فَعَلَ يَفْعِلُ.

اللغةُ المختلفُ فيها: طاحَ يطوحُ وتاهَ يتوهُ منَ الواويِّ، بزنةِ فَعَلَ يَفْعُلُ.

فيكونُ أخْذُهُ مِن طاحَ يطوحُ الواويِّ الماضي، ومن طاحَ يطيحُ اليائيِّ المضارعِ، فصارَ: طاحَ يطيحُ (4) .

قالَ ابنُ جماعةَ: وسُمِعَ الماضي اليائيِّ طِحت كبِعت معَ المضارعِ الواويِّ أَطُوحُ كأقولُ، أو طُحت الماضي الواويُّ كقُلت معَ المضارعِ اليائيِّ أطيحُ كأبيعُ، وهو تداخلٌ لثبوتِ اللغتينِ فيها (5) .

وردّه الرضيُّ؛ قالَ: ((ولو ثبتَ طاحَ يطوحُ لم يكن طاحَ يطيحُ مركّباً، بل كانَ طاحَ يطيحُ كقالَ يقولُ، وطاحَ يطيحُ كباعَ يبيعُ)) (6) .

وضعّفَه الجاربرديُّ أيضاً؛ فقالَ إن ثبتَ بالياءِ فالماضي والمضارعُ منه، وإلاّ فلا يثبتُ التداخلُ (444) .

باب اسم الفاعل من “ فَعُلَ ”

(1) انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 128.

(2)

انظر: شرح الشافية للجاربردي 54، لنقره كار 34 - 35، المناهج الكافية 35.

(3)

انظر: شرح الشافية 1 / 128 - 129.

(4)

انظر: شرح الشافية للرضي 1 / 128، للجاربردي 54، لنقره كار 35، المناهج الكافيه 35، التاج (تيه) 19 / 25.

(5)

انظر: شرح الشافية 55.

(6)

انظر: شرح الشافيه 1 / 128.

ص: 260

لابُدَّ من التقديمِ - بينَ يديِ الحديثِ عن التداخلِ في هذا البابِ - بذكرِ صياغةِ اسمِ الفاعلِ من ثلاثيِّه؛ فنقولُ بأنّ القياسَ في بناءِ اسمِ الفاعلِ من “ فَعَلَ ” المفتوحِ العينِ والمتعدي من “ فَعِلَ ” المكسورِ العينِ؛ أن يكونَ بزنتِه، وأمّا “ فَعِلَ ” اللازمُ فيُصَاغُ على “ فَعِلٍ ” في الأعراضِ، و “ أَفْعَلَ ” في الألوانِ، و“ فَعْلَانَ ” في الامتلاءِ وضدِّه

أمّا “ فَعُلَ ” وبابُه اللزومُ فلا يأتي على “ فَاعِلٍ ” إلاّ في كلماتٍ معدودةٍ سنأتي عليها في حديثِ التداخلِ ثَمَّ، وإنّما هو على “ فَعِيلٍ ”؛ فيقالُ: شَرُف فهوَ شَريفٌ، وظَرُف فهوَ ظَرِيفٌ.. و “ فَعْلٍ ”، نحوُ: ضَخُمَ فهوَ ضَخْمٌ، وغيرِه (1) .

عَقُرَ فَهُو عَاقِرٌ: عقرتِ المرأةُ لم تحملْ أو انقطعَ حملُها (2) ، وسُمِعَ فِعْلُ العَقْر بالضمِّ، فقيلَ: عَقُرَ على “ فَعُلَ ” وسُمِع معَه اسمُ الفاعلِ بزنتِه، فقيلَ: عَاقِرٌ، واختُلفَ في تخريجِه:

- فحمَلَه ابنُ جنّيٍّ على تداخل اللغاتِ (3) إذ سُمِعَ في فعلِه ثلاثةُ أوجهٍ (4) :

- عَقَرَ بالفتحِ من حدِّ ضَرَبَ.

- عقُر بالضمِّ من حدِّ ضَرَبَ.

- عَقِرَ بالكسرِ من حدِّ عَلِمَ.

(1) انظر: شرح التسهيل 3 / 437، الارتشاف 1 / 233 - 234، توضيح المقاصد 3 / 37 - 38، المساعد 2 / 588 - 290، الهمع 6 / 57 - 59

(2)

انظر: الأفعال لابن القوطية 192، المحيط (عقر) 1 / 158، مجمل اللغة 3 / 393، اللسان (عقر) 4 / 591، المصباح (عقر)421.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 375، 384.

(4)

انظر: الأفعال لابن القوطية 192، المحيط (عقر) 1 / 158، المحكم 1 / 103، التاج (عقر) 7 / 247، والأوليان فقط في: اللسان (عقر) 4 / 591، المصباح (عقر)421.

ص: 261

قال الزَّبيديُّ: جاءَ في القاموسِ ((وقد عُقِرَت المرأةُ كُعِنى

هذهِ العبارةُ هكذا في سائرِ النسخِ

وضبطُه كعُنِي مخالفٌ لنصوصِهم)) (1) .

قالَ الخليلُ: ((وقد عقَرت تعقِرُ، وعُقِرت تُعْقَرُ أحسنُ؛ لأنّ ذلكَ شيءٌ ينزلُ بها وليسَ من فعلِها بنفسِها)) (2) .

وسُمِعَ في اسمِ الفاعلِ وجهانِ (3) :

- عاقرٌ بزنتِه.

- وعَقِيرٌ على فَعِيلٍ.

فيكونُ وجهُ اللغاتِ:

- عَقَرَ فهوَ عاقرٌ.

- عقُر فهوَ عَقِيرٌ.

والمُستَعمِلُ: عَقُر - بالضمِّ - معَ عاقرٍ، يكونُ قد وقعَ في كلامِه تداخلٌ بينَ اللغتينِ، إذ أخَذ اسمَ الفاعلِ منَ اللغةِ الأولى معَ الفعلِ منَ اللغةِ الثانيةِ.

- وقالَ بعضُهم: عَقُر فهوَ عاقرٌ شاذٌ، والقياسُ عَقِيرٌ (4) .

قالَ ابنُ خالويهِ: ((ليسَ في كلامِ العربِ فَعُلَ وهوُ فاعلٌ إلا حرفانِ: فَرُهَ فهوَ فارهٌ، وعقُرتِ المرأةُ فهيَ عاقرٌ)) (5) وعدّ ما سواهما تداخلاً.

قالَ ابنُ جنّيٍّ: ((وممّا عدُّوه شاذاً ما ذكروه من فَعُلَ فهوَ فاعِلٌ، نحوُ: طَهُرَ فهو طَاهِرٌ، وشَعُرَ فهوَ شَاعِرٌ وحَمُضَ فَهوَ حَامِضٌ، وعَقُرَتِ المرأةُ فهيَ عَاقِرٌ، ولذلكَ نظائرُ كثيرةٌ، واعلم أنّ أكثرَ ذلكَ وعامّتَه إنّما هوَ لغاتٌ تداخلت فتركبت

هكذا ينبغي أن يُعتَقَدَ، وهوَ أشبهُ بحكمةِ العربِ)) (6) .

(1) التاج (عقر) 7 / 247.

(2)

العين (عقر) 1 / 150.

(3)

انظر: التاج (عقر) 7 / 247.

(4)

انظر: التاج (عقر) 7 / 247.

(5)

ليس في كلام العرب 120.

(6)

الخصائص 1 / 375.

ص: 262

وقالَ: ((فأمّا قولُهم: عَقْرَت فَهيَ عَاقِرٌ؛ فليسَ عَاقِرٌ عندَنا بجارٍ على الفعلِ جريانَ قائمٍ وقاعدٍ عليه، وإنّما هو اسمٌ بمعنى النسبِ، بمنزلةِ: امرأةٌ طاهرٌ وحائضٌ وطالقٌ، وكذلكَ قولُهم: طَلُقَت فهيَ طَالِقٌ، فليسَ عاقرٌ من عَقُرَت بمنزلةِ: حامضٍ من حَمَضَ، ولا خاثرٌ من خَثُرَ، ولا طاهرٌ من طَهُرَ، ولا شَاعِرٌ من شَعُرَ؛ لأنّ كلَّ واحدٍ من هذهِ هو اسمُ الفاعلِ وهوَ جارٍ على “ فَعَلَ ”، فاستُغنِيَ به عمّا يجري على “ فَعُلَ ” وهوَ “ فَعِيلٌ ”)) (1) .

درَاسَة قُرْآنيَّة: لم يردِ الفعلُ الماضي منَ العقرِ على أيِّ بناءٍ من أبنيتِه، وجاءَ اسمُ الفاعلِ بزنتِه “ عَاقِرٌ ” مراداَ به انعدامُ الحملِ في ثلاثِ آياتٍ هيَ:

1 -

{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} 40 / آل عمران.

2 -

{وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} 5 / مريم.

3 -

{وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} 8 / مريم.

حَمُضَ فهو حَامِضٌ: الحموضةُ: ما حذا اللسانَ كطعمِ الخلِّ واللبنِ الحازرِ (2)، وسُمِع أيضاً في كلامِ العربِ فَعُلَ فَاعِلٌ: حَمُضَ حَامِضٌ، وتوجيهُه على تداخلِ لغتينِ، هما:

- حَمَضَ على “ فَعَلَ ” من حدِّ نصَرَ.

- حَمُضَ على “ فَعُلَ ” من حدِّ كرُمَ، حكاه اللحيانيُّ (3) .

وزادَ الزبيديُّ: - حُمِضَ “ فَعِلَ ” كفرِحَ (4) .

(1) الخصائص 1 / 384 - 385.

(2)

انظر: العين (حمض) 3 / 111، الصحاح (حمض) 3 / 1072، المحكم (ح م ض) 3 / 99، اللسان (حمض) 7 / 139.

(3)

انظر اللغتين في: العين (حمض) 3 / 111، المحيط (حمض) 2 / 450، الصحاح (حمض) 3 / 1072، ليس في كلام العرب 120 الخصائص 1 / 381، المحكم 3 / 99، اللسان (حمض) 7 / 139، المساعد 2 / 587، المصباح (حمض) 151، التاج (حمض) 10 / 41.

(4)

انظر: التاج (حمض) 10 / 41.

ص: 263

والذي جاءَ كلامُه: حَمُضَ فهوَ حامضٌ؛ إنّما أخذَ اسمَ الفاعلِ من لغةِ من قالَ “ حَمَضَ ” - بالفتحِ - معَ اللغةِ الثانيةِ - بالضمِّ (1) .

قالَ ابنُ خالويهِ: ((فأمّا طهُرَ فهو طاهرٌ وحمُضَ فهو حامضٌ ومَثُلَ فهو ماثلٌ فبخلافِ ذلكَ؛ يقالُ: حمَضَ أيضاً وطهَرَ ومثَلَ)) (2) .

وقالَ ابنُ جنِّيٍّ: وكذلكَ القولُ فيمن قالَ حَمُضَ فهو حامضٌ، وذلكَ أنّه يقالُ: حَمُضَ وحَمَضَ، فجاءَ حامضٌ على حَمَضَ، ثم استُغنِيَ ب“ فاعلٍ ” عن “ فعيلٍ ”، وهوَ في أنفسِهم وعلى بالٍ من تصوّرهم (3) .

وقالَ بعضُهم بشذوذِه، وردّه ابنُ جنّي؛ قالَ: ((وممّا عدّوه شاذاً ما ذكروه من فَعُلَ فهو فاعلٌ، نحوِ:

وحمُضَ فهو حامضٌ

واعلم أنّ أكثرَ ذلكَ وعامَّتَه إنّما هو لغاتٌ تداخَلَت فتركبَت

هكذا ينبغي أن يُعتقدَ، وهو أشبهُ بحكمةِ العربِ)) (4) .

ولم يجئِ اسمُ الفاعلِ ولا فعلُه على أيِّ بناءٍ في القرآنِ الكريمِ.

شَعُرَ فهُوَ شَاعِرٌ: الشِّعْرُ معروفٌ؛ شَعَرَ وشَعُرَ: قالَه، وقيلَ: شعَرَ - بالفتحِ - قالَه، و - بالضمِّ - أجادَه؛ لُمِحَ فيه دلالةُ “ فَعُل ” على السجايا (5)، وفي فعلِه لغتانِ (6) :

- شَعَرَ على “ فَعَلَ ” ككرُمَ.

وأثبتَ ابنُ عبّادٍ لغتينِ؛ قالَ: ((وشَعَرَ: قالَ الشعرَ، وشَعِرَ - بالكسرِ - صارَ شاعرًا ......

وشَعُرَ الشعيرُ صارَ شعيرًا)) (7) .

(1) انظر: ليس في كلام العرب 120، الخصائص 1 / 375، الارتشاف 1 / 233، المساعد 2 / 587.

(2)

ليس في كلام العرب 120.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 381.

(4)

الخصائص 1 / 375.

(5)

انظر: المحكم 2 / 223، اللسان (شعر) 4 / 410، التاج (شعر) 7 / 28.

(6)

انظر: تهذيب اللغة (شعر) 1 / 420، الخصائص 1 / 381، المحكم 1 / 223، اللسان (شعر) 4 / 410، التاج (شعر) 7 / 28.

(7)

المحيط (شعر) 1 / 281.

ص: 264

واسمُ الفاعلِ جاءَ بزنتِه “ شاعرٌ ” واستُعملَ معَ “ شعُر ”، وهو ممّا تداخلت فيه اللغتانِ، إذ أُخِذَ اسمُ الفاعلِ من “ شَعَرَ ” وجيءَ بهِ معَ “ شَعُرَ ” من اللغةِ الأخرى (1) .

قالَ ابنُ جنّيٍّ: ((وكذلكَ القولُ فيمن قالَ: شَعُرَ فهو شاعرٌ، وحَمُضَ فهو حامضٌ، وخَثُرَ فهو خاثرٌ؛ إنّما هي على نحوٍ من هذا.

وذلكَ أنّه يُقالُ: خثُرَ وخثَرَ، وحمُضَ وحمَضَ، وشعُرَ وشعَرَ، وطهُرَ وطهَرَ، فجاءَ شاعرٌ وحامضٌ وخاثرٌ وطاهرٌ على حمَضَ وشعَرَ وخثَرَ وطهَرَ، ثم استُغنِيَ ب“ فاعلٍ ” عن “ فعيلٍ ”، وهو في أنفسِهم وعلى بالٍ من تصوّرِهم. يدلُّ على ذلكَ تكسيرُهم لشاعرٍ شُعَرَاء، لمّا كانَ “ فاعلٌ ” هنا واقعاً موقعَ “ فعيلٍ ” كُسِّرَ تكسيرَه؛ ليكونَ ذلكَ أمارةً ودليلاً على إرادتِه، وأنّه مغنٍ عنه، وبدلٌ منه

)) (2) .

قالَ سيبويهِ: ((وقد يُكَسَّرُ على “ فُعَلَاءَ ” شُبِّهَ ب“ فعيلٍ ” منَ الصفاتِ، كما شُبِّهَ في “ فُعُل ” ب“ فَعُولٍ ” وذلكَ شاعرٌ وشعراءُ)) (3) .

وقالَ ابنُ خالويهِ: ((ليسَ في كلامِ العربِ “ فاعلٌ ” وجمعُه “ فُعَلاءُ ” إلاّ شاعرٌ وشعراءُ، قالَ: وإنّما جازَ أن يُجمعَ شاعرٌ على شعراءَ، و “ فُعَلاءُ ” جمعُ “ فعيلٍ ” لا “ فاعلِ ”؛ لأنَّ منَ العربِ من يقولُ: شَعُرَ الرجلُ إذا قالَ شِعْرًا كما يقالُ شَعَرَ.

ومن قالَ: شَعُرَ؛ فالقياسُ أن يجيءَ الوصفُ على “ فعيلٍ ”، فتجنّبوا ذلكَ لئلا يلتبسَ ب“ شعيرٍ ”، ثمّ أتوا بالجمعِ على ذلكَ الأصلِ، وهذا دقيقٌ جدًا فاعرفْه؛ لأنّي ما أعلمُ استخرَجَه أحدٌ)) (4) .

(1) انظر: الخصائص 1 / 375، 381، الزهر 1 / 263.

(2)

الخصائص 1 / 381.

(3)

الكتاب 3 / 632، انظر: المحكم 1 / 222، اللسان (شعر) 4 / 410.

(4)

ليس في كلام العرب 357.

ص: 265

وقد عدَّه بعضُهم في الشواذِ؛ أعني الجمعَ بينَ شَعُرَ وشاعرٍ، فردّه ابنُ جنّيٍّ؛ قالَ:

((وممّا عدُّوه شاذًا ما ذكروه من فَعُل فهو فاعلٌ؛ نحوِ: طَهُرَ فهو طاهرٌ، وشعُرَ فهو شاعرٌ، وحمُضَ فهو حامضٌ وعقُرتِ المرأةُ فهي عاقرٌ، ولذلكَ نظائرُ كثيرةٌ، واعلم أنّ أكثرَ ذلكَ وعامّتَه إنّما هو لغاتٌ تداخلت فتركبت

هكذا ينبغي أن يُعتقدَ وهو أشبهُ بحكمةِ العربِ)) (1) .

درَاسَةٌ قُرْآنِيَّةٌ: لم يأتِ فِعلُ الشِّعرِ في القرآنِ قط، وجاءَ اسمُ الفاعلِ بزنتِه، مفردًا في أربعةِ مواضعَ، ومجموعاً في موضعٍ واحدٍ؛ هيَ:

1 -

{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ْ 5 / الأنبياء.

2 -

{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} 36 / الصافات.

3 -

{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ} 30 / الطور.

4 -

{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيْلاً مَا تُؤْمِنُونَ} 41 / الحاقة.

5 -

{وَالشُّعَرَاءُ يَتبعُهُمُ الغَاوُونَ} 224 / الشعراء.

صَلُحَ فَهُوَ صَالِحٌ: الصّلاحُ ضدُّ الفسادِ معروفٌ (2)، وفي فعلِه لغتانِ:

- صَلَحَ “ فَعَلَ ” من بابِ قَعَدَ (3) .

- صَلُحَ “ فَعُلَ ” من بابِ كَرُم (4) ، حكاه الفرّاءُ عن أصحابِه (5) .

(1) الخصائص 1 / 375.

(2)

انظر: الأفعال لابن القوطية 84، الصحاح (صلح) 1 / 383، مجمل اللغة 3 / 236، اللسان (صلح) 2 / 516، المصباح (صلح)345.

(3)

انظر: الأفعال لابن القوطية 84، الصحاح، مجمل اللغة 3 / 236، اللسان (صلح) 2 / 516، التاج (صلح) 4 / 125، المصباح (صلح)345.

(4)

انظر: الصحاح (صلح) 1 / 383، مجمل اللغة 3 / 236، اللسان (صلح) 2 / 516، المصباح (صلح) 345، التاج (صلح) 4 / 125.

(5)

انظر: الصحاح (صلح) 1 / 383، التاج (صلح) 4 / 125.

ص: 266

وحُكِيَ عنِ ابنِ دريدٍ أنّه قالَ: ليسَ صَلُحَ بثَبَتٍ (1) .

وقالَ السمينُ: ((وهيَ لغةٌ مرجوحةٌ)) (2) .

وقالَ الهمدانيُّ: ((وهما لغتانِ غيرَ أن الفتحَ أفصحُ)) (3) .

وقال الزبيديُّ: ((وقد صَلَحَ كمنَعَ، وهيَ أفصحُ؛ لأنّها على القياس)) (4) .

وجاءَ اسمُ الفاعلِ بزنتِه: صالحٌ، وبزنةِ “ فعيلٍ ”: صليحٌ، عنِ ابنِ الأعرابيِّ (5) .

فعلى هذا يُخَرّجُ ما وردَ من صَلُحَ - بالضمِّ - فهو صالحٌ على تداخلِ اللغتينِ:

- صَلَحَ فهو صالحٌ.

- صَلُحَ فهو صليحٌ.

فأُخِذَ اسمُ الفاعلِ منَ الأولى معَ الفعلِ منَ اللغةِ الثانيةِ.

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيَّةٌ: جاءَ الفعلُ “ صلَحَ ” في آيتينِ فقط هما:

1 -

{جَنَّات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِم} 23 / الرعد.

2 -

{وَأَدْخِلهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَح مِنْ آبَائِهِمْ} 8 / غافر.

وجاءَ اسمُ الفاعلِ مفرداً (غَيْرَ عَلَمٍ)(6) بزنتِه في خمسٍ وثلاثينَ آيةً هيَ:

(1) انظر: اللسان (صلح) 2 / 516، التاج (صلح) 4 / 125.

(2)

الدر 7 / 44.

(3)

الفريد 3 / 143.

(4)

التاج (صلح) 4 / 125.

(5)

انظر: المحكم 3 / 109، اللسان (صلح) 2 / 516، المصباح 345، التاج (صلح 4 / 125.

(6)

لم نعتدّ بالأعلام لخروجها من الوصفيّة إلى العلمية.

ص: 267

120 / التوبة، 46 / هود، 10 / فاطر، 4 / التحريم، 62 / البقرة، 69 / المائدة، 189 / الأعراف، 190 / الأعراف، 102 / التوبة، 97 / النّحل، 82 / الكهف، 88 / الكهف، 110 / الكهف، 60 / مريم، 82 / طه، 51 / المؤمنون، 100 / المؤمنون، 70 / الفرقان، 71 / الفرقان، 19 / النمل، 67 / القصص، 80 / القصص، 44 / الروم، 12 / السجدة، 31 / الأحزاب، 11 / سبأ، 37 / سبأ، 37 / فاطر، 40 / غافر، 33 / فصلت، 46 / فصلت، 15 / الجاثية، 15 / الأحقاف، 9 / التغابن، 11 / الطلاق.

وجاءَ جمعَ مذكرٍ سالِمًا في تسعٍ وعشرينَ آيةً، وجمَع مؤنثٍ سالِمًا في ثنتينِ وستينَ آيةً، ومثنًّى في آيةِ واحدةٍ هيَ:

1 -

{كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَينِ} 10 / التحريم.

القِرَاءَاتُ الوَارِدَةُ: قُرِئَ الفعلُ الماضي “ صَلحَ ” بوجهينِ:

- قراءةُ الجمهورِ بفتحِ اللامِ “ صَلَحَ ” على “ فَعَلَ ”.

- وقرأَ ابنُ أبي عبلةَ “ صَلُحَ ” بضمِّ اللامِ على “ فَعُلَ ” (1) .

قالَ السمينُ: ((وهيَ لغةٌ مرجوحةٌ)) (2) .

وقالَ غيرُه: الفتحُ أفصحُ (3) .

وقراءةُ الجمهورِ: صَلَحَ فهو صالحٌ على القياسِ، أمّا قراءةُ ابنِ أبي عبلةَ صلُح فهو صالِحٌ فعلى تداخلِ اللغتينِ.

طَهُرَ فَهُوَ طَاهِرٌ: الطهارةُ ضدُّ النجاسةِ، معروفةٌ، وسُمِعَ في فعلِها لغتانِ ثنتانِ هما (4) :

- طَهَرَ كنَصَرَ على “ فَعَلَ ”.

- طَهُرَ ككرُمَ على “ فَعُلَ ”.

(1) انظر: الكشاف 2 / 358، الفريد 3 / 134، البحر 6 / 382، 9 / 239، الدر 7 / 44، 9 / 460.

(2)

الدر 7 / 44.

(3)

انظر: الكشاف 2 / 358، الفريد 3 / 134، البحر 6 / 382.

(4)

انظر: العين (طهر) 4 / 18، تهذيب اللغة (طهر) 6 / 170، المحيط (طهر) 2 / 431، الصحاح (طهر) 2 / 727، المحكم 4 / 175 اللسان (طهر) 4 / 504، المصباح 379، التاج (طهر) 7 / 149.

ص: 268

قالَ الأزهريُّ: ((وقالَ ابنُ الأعرابيِّ: طهَرتِ المرأةُ هوَ الكلامُ، ويجوزُ: طَهُرَت)) (1) .

وفعلاه عندَ ابنِ القوطيةِ بزنةِ: “ فَعِلَ ” و “ فَعُلَ ” (2) .

قالَ ابنُ سيده: ((وطهُرتِ المرأةُ وطهَرت، وطهِرت: اغتسلت منَ الحيضِ وغيرِه، والفتحُ أكثرُ عندَ ثعلبٍ)) (3) .

وقالَ الزبيديُّ: ((ونقلَ البدرُ القرافيُّ أيضاً تثليثَ الهاءِ عنِ الأسنويِّ)) (4) .

ويبدو أنّ التثليثَ مُستعملٌ في معنًى خاصٍّ بطهارةِ المرأةِ، وما سوله ممّا استُعمِلَ عامًا ففيه لغتانِ فحسب؛ كما ذكرناه آنفًا.

وسُمِعَ اسمُ الفاعلِ بزنتِه: طاهرٌ، وطَهِرٌ على “ فَعِلٍ ” ككَتِفٍ، الأخيرُ عنِ ابنِ الأعرابيِّ (5)، وعليه أنشدَ:

أَضَعْتُ المالَ للأَحْسَابِ حَتَّى

خَرَجْتُ مُبَرَّأً طَهِرَ الثيابِ (6)

وعلى هذا يكونُ المُستعمِلُ ل: طَهُرَ فهوَ طاهرٌ مُدْخِلاً في كلامِه لغتين اثنتينِ مزاوجًا بينَهما، وهما:

- طهَرَ فهو طاهرٌ.

- طهُرَ فهو طَهِرٌ.

فأخَذَ اسمَ الفاعلِ منَ الأولى معَ فعلِ الثانيةِ (7) .

قالَ ابنُ خالويهِ: ((فأمّا طَهُرَ فهوَ طاهرٌ وحَمُضَ فهو حامضٌ ومَثُلَ فهوَ ماثلٌ فبخلافِ ذلكَ؛ يقالُ حَمَضَ أيضًا وطَهَرَ ومَثَلَ)) (8) .

(1) تهذيب اللغة (طهر) 6 / 170، وانظر: التاج (طهر) 7 / 149.

(2)

انظر: الأفعال 270.

(3)

المحكم 4 / 175.

(4)

التاج (طهر) 7 / 149.

(5)

انظر: المحكم 4 / 175، اللسان (طهر) 4 / 504، التاج (طهر) 7 / 149.

(6)

الشاهد في: المحكم 4 / 175، اللسان (طهر) 4 / 504، التاج (طهر) 7 / 149.

(7)

انظر: الخصائص 1 / 375، 381، المصباح 690، المزهر 1 / 263.

(8)

ليس في كلام العرب 120.

ص: 269

وقالَ ابنُ جنّيٍّ: وكذلكَ القولُ فيمن قالَ: طهُرَ فهو طاهرٌ، وذلكَ أنّه يُقالُ: طهُرَ وطهَرَ، فجاءَ طاهرٌ على طهَرَ، ثم استُغنِيَ ب“ فاعلٍ ” عن “ فعيلٍ ” وهوَ في أنفسِهم وعلى بالٍ من تصوّرِهم (1) .

قالَ ابنُ سيده: ((قالَ أبو الحسنِ: ليسَ كما ذكرَ؛ لأنّ طهيراً قد جاءَ في شعرِ أبي ذؤيبٍ، قالَ:

فإنّ بني لِحيانَ مَا إِن ذَكَرْتهُمْ

نَثَاهُمْ إذَا أَخْنَى الِّلئَامُ طهيرُ

كذَا رواه الأصمعيُّ بالطاءِ، ويُروى ظهيرٌ بالظاءِ)) (2) .

وذهبَ بعضُهم إلى القولِ بشذوذِه، وردَّه ابنُ جنّيٍّ؛ قالَ: ((وممّا عدّوه شاذًا ما ذكروه من فعُلَ فهو فاعلٌ؛ نحوِ: طهُر فهو طاهر

واعلم أنّ أكثرَ ذلكَ وعامّتَه إنّما هو لغاتٌ تداخلت فتركبت،

هكذا ينبغي أن يُعتقدَ، وهو أشبهُ بحكمةِ العربِ)) (3) .

ولم يردْ فعلُه الماضي المجردُ ولا اسمُ الفاعلِ منه في القرآنِ الكريمِ.

خَثُرَ فَهُوَ خَاثِرٌ: الخثورةُ: نقيضُ الرّقَّةِ، وخَثارةُ الشيءِ: عكارتُه ووسَخُه، يقالُ خثرَ اللبنُ والعسلُ إذا غلظَ وذهبَ صفوُه (4) .

سُمِعَ التثليثُ في ماضيه بمعنًى واحدٍ (5)، يقالُ:

- خَثَرَ - بالفتحِ - على “ فَعَلَ ”.

- خَثِرَ - بالكسرِ - على “ فَعِلَ ”.

- خثُرَ - بالضمِ - على “ فعُلَ ”.

(1) انظر: الخصائص 1 / 381.

(2)

المحكم 4 / 175، وانظر: اللسان (طهر) 4 / 504، التاج (طهر) 7 / 149.

(3)

الخصائص 1 / 375.

(4)

انظر: تهذيب اللغة (خثر) 7 / 333، الصحاح (خثر) 2 / 642، أساس البلاغة (خ ث ر) 103، اللسان (خثر) 4 / 230، المصباح (خثر)164.

(5)

انظر: الأفعال لابن القوطية 204، تهذيب اللغة (خثر) 7 / 333، الصحاح (خثر) 2 / 642، المحكم 5 / 101، اللسان (خثر) 4 / 230 المصباح (خثر) 164، التاج (خثر) 6 / 231.

ص: 270

وعنِ الفرَاءِ: خثُرَ - بالضمِّ - لغةٌ قليلةٌ في كلامِهم (1) .

وسَمِعَ الكسائيُّ: خثِرَ - بالكسرِ (2) -.

وسُمِعَ اسمُ الفاعلِ منه بزنتِه، فإذا قالَ: خثُرَ فهو خاثِرٌ فإنّما هو على تداخلِ اللغتينِ؛ إذا أُخِذَ الماضي من “ فَعُلَ ” وأُخِذَ اسمُ الفاعلِ مِن لغةِ مَن قالَ “ فَعَلَ ” خَثَرَ.

قالَ ابنُ جنّيٍّ: وكذلكَ القولُ فيمن قالَ: خثُرَ فهو خاثرٌ، إنّما هوَ على نحوٍ من هذا، وذلكَ أنّه يقالُ: خثُرَ وخثَرَ فجاءَ خاثِرٌ على خثَرَ، ثم استُغنِيَ ب“ فاعلٍ ” عن “ فعيلٍ ”، وهوَ في أنفسِهم وعلى بالٍ من تصورِهم (3) .

من صُوَرِ التَّداخُلِ في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ

مرَّ سلفًا نماذجُ للتداخلِ بينَ لغتينِ في كلمتينِ منفصلتينِ؛ بأن تُؤخذَ إحداهما من لغةٍ والأخرى من اللغةِ الثانيةِ وسوفَ نقفُ في هذا المبحثِ على تداخلٍ من نوعٍ آحرَ، إذ يُؤخَذُ حرفٌ من حروفِ الكلمةِ الواحدةِ من لغةٍ وحرفٌ آخرُ من حروفِ الكلمةِ ذاتِها من لغةٍ أخرى، بحيثُ تجتمعُ في الكلمةِ المفردةِ لغتانِ.

والقولُ بتركبِ لغتينِ واجتماعِهما في كلمةٍ واحدةٍ أثبتَه قومٌ وأنكرَه آخرونَ، فممّن أثبتَه ابنُ جنّيٍّ وغيرُه، وممّن أنكرَه أبو عليٍّ الفارسيُّ.

وعلى القولِ بوجودِه؛ فله صورٌ، منها:

الجمعُ بينَ بناءينِ في كلمةٍ واحدةٍ، مثلُ:

= (الحِبُك) جمعٌ بينَ (فِعِلٍ وفُعُلٍ)

الجمعُ بينَ الهمزِ والتسهيلِ، مثلُ:

= (سِألتم) جمعَ بينَ كسرِ فاءِ المعتلِ (المُسَهَّلِ) وهمزِ عين المهموزِ.

= (سآيلتهم) جمعٌ بينَ الهمزةِ والياءِ التي هيَ تسهيلُها.

(1) انظر: الصحاح (خثر) 2 / 642، التاج (خثر) 6 / 231.

(2)

انظر: الصحاح (خثر) 2 / 642، اللسان (خثر) 4 / 230.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 381.

ص: 271

1 -

“ الحِبُك ”: الحُبُكُ: جمعُ حِبَاكٍ كمثالٍ ومُثُلٍ، وهو تكسُّرُ كلِّ شيءٍ، كالرملِ إذا مرت به الريحُ الساكنةُ، والماءُ القائمُ إذا مرت به الريحُ (1) .

وممّا حُمِلَ على التداخلِ قراءةُ أبي مالكٍ الغفاريِّ والحسنِ وغيرِهما:

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الحِبُكِ} (2) - بكسرِ الحاءِ وضمِّ الباءِ - ومعلومٌ أنَّ “ فِعُلاً ” بناءٌ لم يردْ في العربيةِ؛ لأنّ أبنيةَ الاسمِ الثلاثيِّ المجردّ المتفق عليها عشرةٌ فحسب، وهيَ:

فَعْلٌ فَعَلٌ فَعِلٌ فَعُلٌ

فِعْلٌ فِعَلٌ فِعِلٌ

فُعْلٌ فُعَلٌ فُعُلٌ (3) .

وإن كانتِ القسمةُ العقليةُ تقتضي اثني عشرَ بناءً، لكن أُهْمِلَ اثنانِ منها؛ وهيَ:

(1) انظر: المحيط (حبك) 2 / 385، الصحاح (حبك) 4 / 1578، التاج (حبك) 13 / 535 (515) .

(2)

7 / الذاريات وفي الآية قراءات أخرى، فقراءة الجمهور بضمّتين “ الحُبُك ”، وقرأ أبو مالك الغفاري وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبو السمال ونعيم عن أبي عمرو بإسكان الباء “ حُبْكَ ”، وهي لغة بني تميم في رُسُل وعُمَر في عَمُد، وقرأ عكرمة “ حُبَك ” مثل طرقة وطُرَق وبرقه وبُرَق، وأبو مالك الغفاري والحسن وأبي حيوة “ حِبْك ”؛ تخفيفاً، كإِبْل وإِطْل، وقرأ ابن عباس وأبو مالك “ حَبَك ”؛ تخفيفاً كإِبْل وإِطْل، وقرأ ابن عباس وأبو مالك “ حَبَك ” بفتحتين.

(المحتسب 2 / 286 - 297، غرائب التفسير 2 / 1138، المحرر 15 / 201، الفريد 4 / 360، القرطبي 17 / 32، البحر 9 / 549، تحفة الأقران 50 - 51، روح المعاني 27 - 4 - 5) .

(3)

انظر: الكتاب 4 / 242 - 244، التكملة 399، المنصف 1 / 18 - 19، شرح الملوكي 20 - 23، الممتع 1 / 60 - 65، شرح الكافية الشافية 4 / 2020، شرح الشافية للرضي 1 / 35، شرح الشافية للجابردي 29، حاشية ابن جماعة 29.

ص: 272

“ فِعُلَ ” و “ فُعِلَ ”؛ لاستثقالِ الجمعِ بينَ حركتينِ ثقيلتينِ متتاليتينِ، والثقلُ في “ فِعُلَ ” أشدُّ؛ لأنّ فيه انتقالاً من ثقيلٍ إلى أثقل (1) .

وحسبما نعلمُ لم يردْ من الكلماتِ على هذا البناءِ إلاّ ما جاءَ في هذهِ القراءةِ المعدودةِ في الشواذِّ.

وقد اختُلِفَ في توجيهِها على قولينِ اثنينِ:

- فمن قائلٍ بأنّها من بابِ تداخلِ اللغاتِ، إذ وردَ فيها لغتانِ:

- فصيحةٌ، وهيَ بضمّتينِ، كقراءةِ الجمهورِ.

- وأخرى بكسرتينِ.

والقارئُ بالكسرِ فالضمِّ تداخلَت عليه اللغتانِ، فكسرَ الحاءَ مريدًا القراءةَ ب“ الحِبِكِ ”، ثم تداركَ الضمَّ للقراءةِ ب“ الحُبُكِ ” كما تستوجبُه اللغةُ الفصيحةُ والقراءةُ الصحيحةُ، فجمعَ بينَ أوّلِ اللفظِ على لغةٍ وآخرِه على لغةٍ أخرى، وهذا ما ارتآهُ ابنُ جنّيٍّ بعدَ أن حملَه على السهوِ (2) ، وتبعَه في ذلكَ ابنُ عطيّةَ بعدَ أن قالَ بأنّها ((لغةٌ شاذةٌ غيرُ متوجهةٍ)) (3) والقرطبيُّ بعدَ حملِها على الشذوذِ (4) ، وغيرُهم (5) ، وذكرَ أبو حيانَ والألوسيُّ بأنّ مخرجَها عندَ النّحاةِ على تداخلِ اللغتينِ (6) .

(1) انظر: المنصف 1 / 20، الممتع 1 / 60 - 61، شرح الكافية الشافية 3 / 2020، شرح الشافية للرضي 1 / 35 - 36، شرح الشافية للجاربردي 29، حاشية ابن جماعة 29.

(2)

انظر: المحتسب 2 / 287.

(3)

المحرر 15 / 201.

(4)

انظر: القرطبي 17 / 33.

(5)

انظر: غرائب التفسير 2 / 1139. شرح الشافية للجاربردي 30.

(6)

انظر: البحر 9 / 549، روح المعاني 27 / 5.

ص: 273

- ومِن قائلٍ بأنّه ممّا أُتْبِعَ فيه حركةُ الحاءِ لحركةِ التاءِ في “ ذاتِ ” وهيَ الكسرةُ، ولم يعتدَّ باللامِ الساكنةِ؛ لأنّ الساكنَ حاجزٌ غيرُ حصينٍ، وهوَ رأيُ أبي حيانَ (1) ، وتبعَه الرُّعينيُّ، قالَ:((وما استحسَنَه الشيخُ حسنٌ، فما زالَ يوضِّحُ المشكلاتِ ويفكُّ المعضلاتِ)) (2) .

- ومنهم منِ اكتفى بحملِ هذهِ القراءةِ على الشذوذِ فحسب (3) .

قالَ ابنُ جماعةَ: ((فالأحسنُ الجوابُ بأنَّ كسرَ الحاءِ معَ ضمِّ الباءِ شاذٌّ)) (4) .

واعتُرضَ على قولِ ابنِ جنّيٍّ في التداخلِ بوجوهٍ:

- قالَ الرضيُّ: ((وفي تركيبِ “ حِبُك ” منَ اللغتينِ - إن ثبتَ - نظرٌ؛ لأنَّ “ الحُبُك ” جمعُ الحباكِ، وهوَ الطريقةُ في الرملِ ونحوِه، و “ الحِبِك ” بكسرتينِ - إن ثبتَ - فهوَ مفردٌ، معَ بعدِه؛ لأنّ فِعِلاً قليلٌ، حتى إنّ سيبويهِ قالَ: لم يجئْ منه إلاّ إبِلٌ (5) ، ويبعدُ تركيبُ اسمٍ من مفردٍ وجمعٍ)) (6) .

- أنّ التركيبَ إنّما يكونُ في كلمتينِ، وادّعاءُ التداخلِ هاهنا في كلمةٍ واحدةٍ، وهو مستبعدٌ؛ قالَه الفارسيُّ (7) .

(1) انظر: البحر 9 / 549.

(2)

تحفة الأقران 52.

(3)

انظر: الفريد 1 / 360.

(4)

حاشية ابن جماعة 30.

(5)

في الكتاب 4 / 244 ((ويكون فِعِلاً في الاسم نحو: إِبِل، وهو قليل، لا نعلم في الأسماء والصفات غيره)) .

وقال ابن خالويه: ((ليس في كلام العرب اسم على فِعِل إلاّ ثمانية أسماء؛ إِبِل، إِطِل، بأسنانه حِبِر؛ أي صفرة، ولعب الصبيان جِلِخ طِلِب، ووِتدِ وعن أبي عمر: ولا أفعل ذاك أبد الإِبدِ، حكاه ابن دريد، وامرأة بِلِز؛ ضخمة، والبِلِص: طائر، ويقال له: البلصوص

ولم يحك سيبويه إلا حرفاً واحداً: إِبِل وحده؛ لأنّه بلا خلاف والباقية مختلف فيهن

)) (ليس في كلام العرب 96 - 97) .

(6)

شرح الشافية 1 / 39.

(7)

انظر: حاشية ابن جماعة 30.

ص: 274

- قالَ ابنُ مالكٍ: ((وهذا التوجيهُ لو اعترفَ به من عُزِيَتِ القراءةُ إليه لدلَّ على عدمِ الضبطِ ورداءةِ التلاوةِ، ومَن هذا شأنُه لم يُعْتَمَدْ على ما يُسمَعُ منه؛ لإمكانِ عروضِ أمثالِ ذلكَ منه)) (1) .

- وقالَ ابنُ جماعةَ في الردِّ على قولِ أبي حيّانَ: ((وفيه عندي نظرٌ؛ لأنّ أداةَ التعريفِ كلمةٌ منفصلةٌ، ومن ثمّ امتنعَ القراءُ من ضمِّ أولِ الساكنينِ إتباعاً لضمِّ ثالثِه في نحوِ {إِنِ الحُكْمُ} (2) و {قُلِ الرُّوحُ} (3) و {غُلِبَتِ الرُّومُ} (4) ولم يلحقوها ب {قُلِ انظُرُوا} (5) و {إن الحُكْمُ} (6) ونحوِهما، فالساكنُ المذكورُ حاجزٌ حصينٌ لما ذُكِرَ، على أنّه لا تجري في غير الآيةِ ونحوِها)) (7) .

2 -

سِأَلْتُمْ: في قولِه تعالى: {فإنّ لَكُمْ مَا سَألْتُمْ} (8) قراءتانِ؛ قراءةُ الجمهورِ بتحقيقِ الهمزةِ وفتحِ السينِ من {سأَلْتُم} ، وقرأ إبراهيمُ النخعيُّ ويحيى بنُ وثابٍ مثلَه بكسرِ السينِ:{سِأَلتم} (9) .

(1) شرح الكافية الشافية 3 / 2021 - 2022، وانظر: حاشية ابن جماعة 30.

(2)

57 / الأنعام، 40 / يوسف، 67 / يوسف.

(3)

85 / الإسراء.

(4)

2 / الروم.

(5)

101 / يونس.

(6)

57 / الأنعام، 40، 67 / يوسف.

(7)

حاشية ابن جماعة 30.

(8)

61 / البقرة.

(9)

انظر القراءات في: مختصر في الشواذ 7، المحتسب 1 / 87، المحرر 1 / 239، الفريد 1 / 302، القرطبي 1 / 430، البحر 1 / 380.

ص: 275

قالَ ابنُ جنّيٍّ: ((فيه نظرٌ؛ وذلكَ أنّ هذهِ الكسرةَ إنّما تكونُ في أوّلِ ما عينُه معتلةٌ كبِعت وخِفت، أو في أولِ فِعْلٍ إذا كانت عينُه معتلةً أيضاً كقِيل وبِيع وحِلَّ وبِلَّ؛ أي: حُلَّ وبُلَّ، وصِعْق الرجلُ نحوُه، إلاّ أنه لا تُكْسَرُ الفاءُ في هذا البابِ إلا والعينُ ساكنةٌ أو مكسورةٌ كنِعمَ وبئسَ وصعقَ، فأمّا أن تُكسرَ الفاءُ والعينُ مفتوحةٌ في الفعلِ فلا)) (1) .

ووجّهَ العلماءُ ذلكَ على تداخلِ اللغاتِ، إذ في فعلِ المسألة لغتانِ: سَأَلَ يَسأَلُ كسَبَحَ يسبحُ بالهمزِ، وسَالَ يَسالُ كخافَ يخافُ (2)، ومن شواهدِه قولُ حسانٍ رضي الله عنه :

سَالتْ هذيلُ رسولَ اللهِ فاحشةً

ضَلَّتْ هُذَيلٌ بما سالَتْ ولَم تُصِبِ (3)

وقد قيلَ في هذا الشاهِد: تخفيفُ الهمزةِ ضرورةٌ لا لغةٌ (4) .

وقالَ المبردُ: ((وأمّا قولُ حسانَ

فليسَ من لغتِه سِلْتُ أسالُ، مثلُ خِفتُ أخافُ، وهما يتساو لان، هذا من لغةِ غيرِه)) (5) .

وعلى هذه اللغةِ جاءَ قولُ الشاعِر:

وَمُرْهَقٍ سَالَ إِمتَاعًا بِأُصْدَتِهِ

لَمْ يَسْتَعِنْ وَحَوَامِي الموتِ تَغْشَاهُ (6)

(1) المحتسب 1 / 89.

(2)

انظر: الصحاح (سأل) 5 / 1723، اللسان (سأل) 11 / 318 - 319.

(3)

الشاهد له في ديوانه 34، الكتاب 3 / 468، 554، المقاضب 1 / 167، الكامل 2 / 626، المفصل 350، شرح المفصل 9 / 114، الدر 1 / 396، شرح شواهد الشافية 4 / 339 - 340، وهو بلا نسبة في: المحتسب 1 / 90، ما يجوز للشاعر 311، الفريد 1 / 302، البحر 1 / 380.

(4)

انظر: المقتضب 1 / 1167، الكامل 2 / 626، ما يجوز للشاعر 311، شرح المفصل 9 / 114.

(5)

الكامل 2 / 627.

(6)

الشاهد في: الصحاح (سأل) 5 / 1723، اللسان (سأل) 11 / 318.

ص: 276

وعندَ إسنادِ فعلِ هذهِ اللغةِ “ سال ” إلى ضميرٍ من ضمائرِ الرفعِ المتحركةِ يُقالُ: سِلْتُ كخِفتُ، وهوَ من ذواتِ الواوِ بدليلِ ما حَكَاه أبو زيدٍ من قولِهم: هما يتساولانِ، كما تقولُ: يتجاوبانِ ويتقاولانِ ويتقاومانِ (1) .

وقراءةُ {سِأَلتم} بكسرِ السينِ وتحقيقِ الهمزِ جمعٌ بينَ اللغتينِ، إذ كسرَ القارئُ فاءَ الكلمةِ على لغةِ من يقولُ سِلْتُم كخِفتُم، ثم تنبّهَ بعدَ ذلكَ إلى الهمزةِ فهمزَ العينَ بعدما سبقَ الكسرُ في الفاءِ، فقالَ ((سِألتم)) (2) .

3 -

“ سَآيَلْتَهُمْ ”: ومن صورِ التداخلِ بينَ اللغاتِ في كلمةٍ واحدةٍ ما أنشدَه ثعلبٌ لبلالِ بنِ جريرٍ جدِّ عُمارةَ:

إذَا ضِفْتَهُمْ أوْ سَآيَلْتَهُمْ

وَجَدْتَ بِهِمْ عِلَّةً حَاضِرَة (3)

فقالَ: سآيلتهم، وفيه مآخذُ؛ تقديمُ الهمزةِ وهيَ العينُ على الألفِ، والإتيانُ بما هو بدلٌ منها؛ وهيَ الياءُ التي هيَ تسهيلٌ للهمزةِ في الحقيقةِ.

وللعلماءِ في تخريجِه أقوالٌ؛ منها:

(1) انظر: الفريد 1 / 302، اللسان (سأل) 11 / 319.

(2)

انظر: المحتسب 1 / 89، الفريد 1 / 302، البحر 1 / 380.

(3)

الشاهد له في: مجالس ثعلب 1 / 308، الخصائص 3 / 146، 280، اللسان (سأل) 11 / 319، التاج (سأل) 14 / 324، وفي المحتسب 1 / 90، 2 / 287 برواية (جئتهم) وفي البحر 1 / 380 برواية (جئتهم) غير منسوب.

ص: 277

- أن يكونَ الشاعرُ زادَ الياءَ وغيَّرَ الصورةَ، فصارَ مثالُه “ فَعَايَلْتَهُم ” (1) - أنّه أرادَ: ساءلتهم، بزنةِ “ فَاعَلْتَهم ”، إلاّ أنَّه زادَ الهمزةَ الأولى، فصارَ تقديرُه سآءلتهم بوزنِ: “ فَعَاءلتهم ” (2) ، فجفَا عليه التقاءُ الهمزتينِ ليسَ بينهما إلاّ الألفُ، وهيَ حاجزٌ غيرُ حصينٍ، فأبدلَ الثانيةَ ياءً تخفيفاً (3) .

- أن يكونَ الشاعرُ قد أرادَ: سَاءَلتهم “ فَاعَلْتَهُم ” من السؤالِ، ثمَ عَنَّ له إبدالُ الياءِ من الهمزةِ؛ أي: سَايَلتهم تسهيلاً على لغةٍ، فاضطربَ عليه الموضعُ، فجمعَ بينَ المعوِّضِ والمعوَّضِ منه؛ الهمزةُ والياءُ، على تَلَفُّتِهِ إلى اللغتينِ فلم يمكنْه أن يجمعَ بينَهما في موضعٍ واحدٍ؛ لأنّه لا يكونُ حرفانِ واقعينِ في موضعٍ واحدٍ عينينِ كانَا أو غيرَهما، فأجاءَه الوزنُ إلى تقديمِ الهمزةِ التي هيَ العينُ قبلَ ألفِ “ فَاعَلْتُ ”، ثم جاءَ بالياءِ التي هيَ بدلٌ منها بعدَها، فصار: سآيلتهم بزنةِ “ فَعَاعَلْتَهُم ” (4) .

قالَ ثعلبٌ: ((وهذا جمعٌ بينَ اللغتينِ؛ الهمزةِ والياءِ)) (5) .

وقالَ الزبيديُّ: ((وهذا مثالٌ لا نظيرَ يُعْرَفُ له في اللغةِ)) (6) .

الجَمْعُ بَيْنَ اللغتين

(1) انظر: الخصائص 3 / 146، 280.

(2)

كذا، وأُرَى أنه إذا زاد الهمزة الأولى يكون الوزن “ فأعَلْتَهُم ”.

(3)

انظر: الخصائص 3 / 146 - 147.

(4)

انظر: الخصائص 3 / 146 - 147، 280، المحتسب 1 / 90، 2 / 287، البحر 1 / 380، التاج (سأل) 14 / 324.

(5)

مجالس ثعلب 1 / 308.

(6)

التاج (سأل) 14 / 324.

ص: 278

والنّماذجُ اللاحقةُ صورٌ للجمعِ بينَ اللغتينِ؛ ترتبطُ معَ تداخلِ اللغاتِ برابطٍ، ولذلكَ أدخلتها ضمنَ هذا البحثِ، وإن كانَتْ لا توافقُه كلَّ الموافقةِ؛ ذلكَ أنّ التداخلَ في الحقيقةِ هوَ جمعٌ بينَ لغتينِ، فتُسْتَعْمَلُ كلمةٌ أو حرفٌ من لغةٍ معَ مكملِها منَ الكلمةِ أو الحرفِ من لغةٍ أخرى، فيستعملانِ جميعاً في لسانٍ واحدٍ، أمّا الجمعُ فإنّما هوَ النطقُ بالكلمةِ الواحدةِ بوجهينِ يوافقُ أحدُهما لغةً ما والآخرُ الللغةَ الأخرى، ولذا يمكنني القولُ هاهنا بأنّ الجمعَ أعمُّ من التداخلِ، فكلُّ تداخلٍ جمعٌ، وليسَ كلُّ جمعٍ تداخلاً. وقد أفردتُ هذا النوعَ بعنوانٍ مستقلٍ اتباعًا لمنهجِ أبي الفتحِ، إذ ذكرَ هذهِ الأصنافَ المندرجةَ تحتَ الجمعِ في بابٍ مستقلٍ مفردٍ عن بابِ تركّبِ اللغاتِ، ترجمَه ب“ بابٌ في الفصيحِ يجتمعُ في كلامِه لغتانِ فصاعدًا ” (1) ولكنني وضعتُه أيضًا ضمنَ مفرداتِ هذا البحثِ؛ لأنّ السيوطيَّ (2) والقنوجيَّ (3) قد أدرجاه ضمنَ حديثِهم عن تداخلِ اللغاتِ، بل صدّرا البابَ بشاهدٍ من شواهدِ الجمعِ.

وللجمعِ بينَ اللغتين؛ الذي هوَ استعمالُ الكلمةِ الواحدةِ بوجهينِ على لغتينِ مختلفتينِ؛ صورُه أيضاً، ومنها:

- الجمعُ بينَ فَعَلَ وأَفْعَلَ.

- الجمعُ بينَ المدِّ والقصرِ.

- الجمعُ بينَ الإشباعِ والإسكانِ.

الجَمْعُ بَيْنَ “ فَعَلَ و “ أَفْعَل ”

كثرَ التصنيفُ في الأفعالِ الواردةِ بصيغةِ الثلاثيِّ المجردِ والمزيدِ بالهمزةِ، والآتيةِ على بنائي “ فَعَلَ ” و “ أَفْعَلَ ” سواءٌ أكانا بمعنًى واحدٍ أم مختلفٍ، وسنتطرقُ في حديثِنا عنِ الجمعِ لما جاءَ باللفظينِ بمعنى، وأحدهما لغةٌ لقبيلةٍ والثاني لأخرى.

(1) الخصائص 1 / 370.

(2)

انظر: المزهر 1 / 262.

(3)

انظر: البلغة 172.

ص: 279

سَقى وَأَسْقَى: يرى سيبويهِ أنّ الهمزةَ مزيدةٌ لإفادةِ التعريضِ؛ قالَ: ((وتجيءُ أفعلته على تُعَرِّضَهُ لأمرٍ، وذلكَ قولُك: أقتلته؛ أي: عَرْضته للقتلِ

وتقولُ: سقيتُه فشربَ، وأسقيتُه؛ جعلتُ له ماءً وسُقيا، ألا ترى أنّك تقولُ: أسقيته نهرًا. وقالَ الخليلُ: سقيته وأسقيته أي جعلت له ماءً وسقيا، نسقيه مثلُ كسوته، وأسقيته مثلُ ألبسته)) (1) .

وقالَ الراغبُ: ((السقي والسقيا أن يعطيَه ما يشربُ، والإسقاءُ أن يجعلَ له ذلكَ حتى يتناولَه كيفَ شاءَ، فالإسقاءُ أبلغُ من السقيِ؛ لأنّ الإسقاءَ هوَ أن تجعلَ له ما يُسقى منه ويشربُ، تقولُ: أسقيته نهرًا)) (2) .

وقيلَ: سقى وأسقى لغتانِ بمعنى؛ أي أن المزيدَ استُعمِلَ بمعنى المجردِ في بعضِ اللغاتِ (3) .

وقيلَ: السقيُ مجردًا يُرَادُ به أنّه سقاه لشفتِه، وناوله الماءَ ليشربَ، والإسقاءُ لما كانَ في بطونِ الإنعامِ أو منَ السماءِ أو الأنهارِ، قاله الفراءُ وغيرُه (4) .

وقد عدَّ ابنُ جنيٍّ اجتماعَهما في لفظِ العربيِّ تداخلاً، ومما وردَ فيهما قولُ لبيدٍ:

سَقَى قَوْمِي بني مَجْدٍ وأسقى

نميرًا والقبائلَ من هلالِ (5)

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيَةٌ: جاءَ الفعلُ الماضي “ سقى ” مجردًا مبنيًا للفاعِل في ثلاثِ آياتٍ هيَ:

1 -

{فَسَقَى لَهَمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} 24 / القصص.

2 -

{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} 21 / الإنسان.

3 -

{قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} 25 / القصص.

(1) الكتاب 4 / 59.

(2)

المفردات 241.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 370.

(4)

انظر: تهذيب اللغة (سقى) 9 / 228، اللسان (سقى) 14 / 392، التاج (سقى) 19 / 530.

(5)

الشاهد له في: تهذيب اللغة (سقى) 9 / 228، الخصائص 1 / 370، اللسان (سقى) 14 / 392، التاج (سقى) 19 / 531.

ص: 280

ومبنياً لما لم يسمَّ فاعلُه في واحدةٍ هيَ:

1 -

{وَسُقُوا مَاءًا حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُم} 15 / محمّد.

وجاءَ الفعلُ المضارعُ منه في خمسِ آياتٍ هيَ:

1 -

{إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيْرُ الأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الحَرْثَ} 71 / البقرة.

2 -

{قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} 23 / القصص.

3 -

{وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} 23 / القصص.

4 -

{أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} 41 / يوسف.

5 -

{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ} 78 / الشعراء.

وجاءَ الماضي مزيدًا بالهمزةِ في ثلاثِ آياتٍ هيَ:

1 -

{وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} 27 / المرسلات.

2 -

{فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيّنَاكُمُوهُ} 22 / الحجر.

3 -

{وَأَلَّوُا اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَة لأَسْقَيْنَاهُم مَاءً غَدَقًا} 16 / الجن.

وجاءَ مضارعًا في ثلاثِ آياتٍ أيضاً:

1 -

{نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} 66 / النّحل.

2 -

{نُسْقِيكُمْ مِمَّا في بُطُونِهَا} 21 / المؤمنون.

3 -

{وَنُسْقِيْهِ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِرًا} 49 / الفرقان.

وجاءَ المضارعُ مبنيًا لما لم يسمَّ فاعلُه مجرَدًا أو مزيداً بالهمزةِ، فالصورةُ واحدةٌ فيهما؛ في خمسِ آياتٍ هيَ:

1 -

{يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحدٍ} 4 / الرعد.

2 -

{وَيُسْقَى مِن مَاءٍ صَدِيْدٍ} 16 / إبراهيم.

3 -

{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيْلاً} 17 / الإنسان.

4 -

{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} 25 / المطففين.

5 -

{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} 5 / الغاشية.

نخلصُ ممّا سبقَ عرضُه إلى أنَّ القرآنَ الكريمَ قد جمعَ في آياتِه بينَ اللغتينِ؛ “ سقى ” و “ أسقى ”

وَفَى وَأوْفَى: وردَ فعلُ الوفاءِ ثلاثيًا مجرَدَا ومزيدًا بالهمزةِ.

ص: 281

فقيلَ: هما لغتانِ (1) .

قالَ المبردُ: ((وأوفى أحسنُ اللغتينِ)) (2) .

وقالَ ابنُ جنّيٍّ: هما ((لغتانِ قويتانِ)) (3) .

وقالَ ابنُ سيده: ((وفيتُ بالعهدِ

وأوفيتُ، فأمّا في الكيلِ فبالألفِ لا غيرَ)) (4) .

وممّا جاءَ بالجمعِ بينَهما قولُ طفيلٍ الغنويِّ:

أمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمّتِه

كَمَا وَفَى بقلاص النَّجمِ حاديها (5)

وعدَّه ابنُ جنّيٍّ منَ الجمعِ بِينَ اللغتينِ (6) .

دِرَاسَةٌ قُرْآنِيَّةٌ: لم يجئِ الفعلُ الثلاثيُّ المجرّدُ “ وفى ” بأزمانِه الثلاثةِ في القرآنِ الكريمِ، وجاءَ المزيدُ ماضياً ومضارعاً وأمرًا، فوردَ الماضي المزيدُ بالهمزةِ في موضعينِ فحسب هما:

1 -

{بَلَ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى

} 76 / آل عمران.

2 -

{وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله

} 10 / الفتح.

وجاءَ المضارعُ غيرَ متصلٍ بضميرٍ مرفوعاً في آيةٍ ومجزوماً في أخرى:

1 -

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوْفِ بِعَهْدِكُمْ} 40 / البقرة.

2 -

{أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوْفِي الكَيْلَ} 59 / يوسف.

ومسندًا إلى واوِ الجماعةِ مرفوعاً في آيتينِ ومجزومًا في واحدةٍ:

1 -

{الَّذِينَ يُوْفُونَ بِعَهْدِ اللهِ

} 20 / الرعد.

2 -

يُوْفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} 7 / الإنسان.

(1) انظر: الكامل 2 / 718، فعلت وأفعلت للزجاج 93، المخصص 14 / 252، ما جاء على فعلت وأفعلت للجواليقي 73، اللسان (وفى) 15 / 398، التاج (وفى) 20 / 300.

(2)

الكامل 2 / 718.

(3)

الخصائص 3 / 316.

(4)

المخصص 14 / 252.

(5)

الشاهد له في: اللسان (وفى) 15 / 398، التاج (وفى) 20 / 300، وغير منسوب في: الكامل 2 / 718 برواية (أمّا ابن بيض) ، فعلت وأفعلت للزجاج 93، الخصائص 3/316، شرح المفصل 1 / 42.

(6)

انظر: الخصائص 3 / 316.

ص: 282

3 -

{وَليُوفُوا نُذُورَهُمْ وَليَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ} 29 / الحج.

وجاءَ الأمرُ غيرَ متصلٍ بضميرٍ في آيةٍ واحدةٍ هي:

1 -

{فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ} 88 / يوسف.

ومسندًا إلى واوِ الجماعةِ في أربعِ آياتٍ:

1 -

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوْفِ بِعَهْدِكُمْ} 40 / البقرة.

2 -

{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ} 1 / المائدة.

3 -

{وَبِعَهْدِ الله أَوْفُوا} 152 / الأنعام.

4 -

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُم} 91 / النحل.

ومن خلالِ هذا الاستقراءِ نلحظُ أنَّ القرآنَ الكريمَ استعملَ الفعلَ المزيدَ فحسب؛ اكتفاءً بأحسنِ اللغتينِ كما قالَ المبردُ.

الجَمْعُ بَيْنَ المَقْصُورِ والمَمْدُودِ:

قد يردُ الاسمُ مقصورًا في لغةٍ ممدودًا في أخرى وهما بمعنًى، ومن ذلكَ:

البُكَاءُ والبُكَى: يُمدُّ ويُقصرُ؛ فالقصرُ على “ فُعَلٍ ”، والمدُّ على “ فُعَالٍ ”؛ قالَه الفرّاءُ وغيرُه (1) .

قيلَ: المدُّ مخرجٌ مخرجَ الضغاءِ والرغاءِ، يرادُ به الصوتُ الذي يكونُ معَ البكاءِ، والقصرُ مخرجٌ مخرجَ الأنّةِ والضّنى؛ يرادُ به الدموعُ وخروجُها؛ قالَه ابنُ دريدٍ (2) وغيرُه (3) .

وقيلَ: هما لغتانِ صحيحتانِ، لا فرقَ بينَهما (4) .

وقد جَمَع حسانُ بينَ اللغتينِ بقولِه:

(1) انظر: المقصور والممدود للفراء 42 - 43، حروف الممدود والمقصور لابن السكيت 110، اللسان (بكى) 14 / 82، التاج (بكى) 19 / 212.

(2)

انظر: الجمهرة 2 / 1027، الصحاح (بكى) 6 / 2284، اللسان (بكى) 14 / 82، التاج (بكى) 19 / 212.

(3)

انظر: مفردات الراغب 56، الأفعال لابن القطاع 1 / 108.

(4)

انظر: المقصور والممدود للفراء 42 - 43، حروف الممدود والمقصور لابن السكيت 110، الجمهرة 2 / 1027، الممدود والمقصور للوشاء 33، المزهر 1 / 264، التاج (بكى) 19 / 212.

ص: 283

بَكَتْ عَيْني وحُق لَهَا بُكاها

وما يُغْنِي البُكَاءُ وَلَا العَوِيلُ (1)

الجَمْعُ بَيْنَ إِشْبَاعِ حَرَكَةِ الضَّمِيرِ وَإسكانِهِ:

اللغةُ الفصيحةُ أنّكَ إذا أتيتَ بضميرِ الغائبِ “ الهاءِ ”؛ حرّكتَه بالضمِّ أوِ الكسرِ بحسبِ ما قبلَه، وتحذفُ هذهِ الحركَة في ضرورة الشعرِ.

وممّا وردَ فيهما جميعاً؛ أعني الإشباعَ والتسكينَ قولُ يعلى بنِ الأحولِ الأزديّ يصفُ برقًا:

أَرِقْتُ لبرقٍ دُونَهُ شَدَوانِ

يمانٍ وأَهْوَى البَرْقَ كلّ يَمَانِ

فظلتُ لدى البَيتِ العَتِيقِ أُخِيْلُهُو

ومِطوَاي مُشْتَاقَان لَهْ أَرِقانِ (2)

فالشاعرُ أثبتَ الواوَ في (أُخِيْلُهُ) ، وسكّنَ “ الهاءَ ” في “ لَهْ ”، وقد قيلَ في تخريجِه:

- إِنّ الشاعرَ سكّنَ الضميرَ في “ لَهْ ” لمّا حذفَ الصلةَ للضرورةِ؛ حتى يكونَ قد أُجْرِيَ مجرى الوقفِ إجراءً كاملاً (3) .

(1) الشاهد له في: الجمهرة 2 / 1027، المزهر 1 / 264، اللسان (بكى) 14 / 82، ولابن رواحة في ديوانه 132، وله أو لكعب بن مالك في: اللسان (بكى) 6 / 43، المصباح 59.

(2)

الشاهد له في: اللسان (ها) 15 / 477، (مطا) 15 / 287، الخزانة 5 / 275 برواية

(فبت لدى البيت العتيق أشيحهو ومطواي من شوق له أرقان) ولرجل من أزد السراة في: ما يجوز للشاعر 245، اللسان (مطا) 15 / 287، الخزانة 5 / 269، 275، وبلا نسبة في: المقتضب 1 / 39، 267 برواية (أريغهو) ، الخصائص 1 / 37، 128، المحتسب 1 / 244، المنصف 3 / 84، ضرائر الشعر 124، الخزانة 4 / 436 برواية (أريغهو) ، وجزؤه (لَهْ أرقان) في الحجة للقراء السبعة 1 / 134.

(3)

انظر: المقتضب 1 / 39، 267، الخصائص 1 / 128، ما يجوز للشاعر 245، ضرائر الشعر 124.

ص: 284

- وقيلَ: إسكانُ الهاءِ في “ لَهْ ” لغةٌ لأزدِ السراةِ، وهو قولُ أبي الحسنِ فيما حُكِيَ عنه (1) .

قلتُ: ويؤيدُه أنّ قائلَه أزديٌ، ولا يسَعُنا أن نحمِلَ التسكينَ في كلامِه على الضرورةِ وهي لغتُه.

وعليه حملَه ابنُ جنّيٍّ على الجمعِ بينَ اللغتينِ؛ وهما إثباتُ الواوِ في الأولِ، وتسكينُ الهاءِ في الثاني (2) .

قالَ: ((فهما لغتانِ، وليسَ إسكانُ الهاءِ في “ له ” عن حذفٍ لحقَ بالصنعةِ الكلمةَ، لكنَّ ذاك لغةٌ)) (3) .

وجعلَه ابنُ السراجِ من قبيلِ الضرورةِ عندَهم (4) .

- وقيلَ: إسكانُه جائزٌ عندَ بني عقيلٍ وبني كلابٍ (5) .

ومثلُه كذلكَ ما رَوى قطربُ من قولِ الشاعرِ:

وأشْرَبُ المَاءَ ما بِي نَحْوَ هُو عَطَشٌ

إلاّ لأنَّ عُيونَهُ سَيلُ وَادِيها (6)

(1) انظر الحجة للقراء السبعة 1 / 134، الخصائص 1 / 128، 370، ضرائر الشعر 124، الخزانة 5 / 269، اللسان (ها) 15 / 477.

(2)

انظر: الخصائص 1 / 370، اللسان (ها) 15 / 477.

(3)

الخصائص 1 / 370.

(4)

انظر: الخزانة 5 / 269.

(5)

انظر: الخزانة 5 / 269.

(6)

الشاهد في: الخصائص 1 / 128، 371، 2 / 18، المحتسب 1 / 244، ضرائر الشعر 124، المقرب 2 / 204، اللسان (ها) 15 / 477 الاقتراح 177، المزهر 1 / 262، الخزانة 5 / 270، 6 / 450، الدرر 1 / 182، البلغة 172 برواية (سال واديها) .

ص: 285

فقالَ: ((نَحْوَ هُو)) بالواوِ مُشبعاً، وقالَ ((عيونَهُ)) بإسكانِ الهاءِ، وفي تخريجِه منَ الأقوالِ مثلُ ما في سابقِه؛ فهوَ على الضرورةِ عندَ قومٍ (1) ، ولغةٌ عندَ آخرينَ (2) ، فجمعَ الشاعرُ بينَ لغتينِ في بيتِه هذا (3) ، وصرّحَ بعضُهم بلفظِ التداخلِ الواقعِ في الشاهدِ (4) .

وقالَ السيوطيُّ: ((فينبغي أن يُتَأمّلَ حالُ كلامِه؛ فإن كانتِ اللفظتانِ في كلامِه متساويتينِ في الاستعمالِ وكثرتُهما واحدةٌ فأَخْلَقُ الأمرِ به أن تكونَ قبيلتُه تواضعت في ذلكَ المعنى على ذَيْنِكَ اللفظينِ؛ لأنّ العربَ قد تفعلُ ذلكَ للحاجةِ إليه في أوزانِ أشعارِها، وسعةِ تصرّفِ أقوالِها، ويجوزُ أن تكونَ لغتُه في الأصلِ إحداهما، ثمّ إنّه استفادَ الأخرى من قبيلةٍ أخرى، وطالَ بها عهدُه، وكثُر استعمالُه لها، فلحقت لطول المدّة واتساعِ الاستعمالِ بلغتِه الأولى، وإن كانت إحدى اللفظتينِ أكثرَ في كلامِه منَ الأخرى؛ فأَخلقُ الأمرِ به أن تكونَ القليلةُ الاستعمالِ هيَ الطارئةَ عليه، والكثيرةُ هيَ الأولى الأصليةَ، ويجوزُ أن تكونا مخالفتينِ له ولقبيلتِه، وإنّما قَلَّتْ إحداهما في استعمالِه لضعْفِها في نفسِه وشذوذِها عن قياسِه)) (5)

(1) انظر: ضرائر الشعر 124، المقرب 2 / 203 - 204.

(2)

انظر: الخصائص 1 / 371، اللسان (ها) 15 / 477، الاقتراح 177، المزهر 1/ 262، الهمع 1 / 203، البلغة 173.

(3)

انظر: الخصائص 1 / 371، اللسان (ها) 15 / 477، الاقتراح 177، المزهر 1 / 262، البلغة 173.

(4)

انظر: المزهر 1 / 262، وانظر: البلغة 173.

(5)

المزهر 1 / 262، وانظر: البلغة 173.

المصادر والمراجع

1 -

أدب الكاتب / لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت 276 هـ) - تح: الدالي - الطبعة الثانية - 1405 هـ - 1985 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

2 -

ارتشاف الضرب من لسان العرب / لأبي حيان الأندلسي (ت 745 هـ) تح: د. مصطفى النحاس - الطبعة الأولى - 1404 هـ - 1984 م - دار المدني جدة.

3 -

إصلاح المنطق / لابن السكيت (ت 244 هـ) - تح: شاكر وهارون - الطبعة الرابعة - دار المعارف - القاهرة.

4 -

إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم / لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370هـ) - 1985 م - دار ومكتبة الهلال - بيروت.

5 -

إعراب القراءات السبع وعللها / لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370 هـ) تح: د. العثيمين - الطبعة الأولى - 1413 هـ - 1992 م - مكتبة الخانجي - القاهرة.

6 -

إعراب القرآن / لأبي جعفر أحمد بن محمد إسماعيل النحاس (ت 338 هـ) - تح: د. زهير غازي زاهد - الطبعة الثانية - 1405 هـ - 1985 م - عالم الكتب.

7 -

الأفعال / لابن القوطية (ت 367 هـ) تح: علي فودة - الطبعة الثانية - 1993 م - مكتبة الخانجي - القاهرة.

8 -

الأفعال / لأبي عثمان سعيد بن المعافري السرقسطي (ت بعد 400 هـ) - تح: د. شرف ود. علام - 1395 هـ - 1975 م. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية.

9 -

الأفعال / لأبي القاسم علي بن جعفر المعروف بابن القطاع (ت 515 هـ) الطبعة الأولى - 1403 هـ - 1983 م - عالم الكتب - بيروت.

10 -

الاقتراح في أصول النحو وجدله / لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) - تح: د. محمود فجال - الطبعة الأولى - 1409 هـ - 1989 م - مطبعة الثغر.

11 -

الاقتضاب في شرح أدب الكتاب / لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (ت 521 هـ) - تح: السقاو عبد المجيد - 1981 م - الهيئة المصرية العامة للكتاب.

12 -

أمالي ابن الشجري / لهبة الله بن علي بن محمد بن حمزة (ت 542 هـ) - تح: د. الطناحي - الطبعة الأولى - مكتبة الخانجي - القاهرة.

13 -

البحر المحيط في التفسير / لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي (ت 754) الطبعة الجديدة - 1412 هـ - 1992 م - دار الفكر - بيروت - لبنان.

14 -

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز / لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزأبادي (ت 817 هـ) - تح: عبد العليم الطحاوي - المكتبة العلمية - بيروت - لبنان.

15 -

البلغة في أصول اللغة / للسيد محمد صديق حسن خان القنوجي (ت 1307 هـ) - تح: نذير مكتبي - الطبعة الأولى - 1408 هـ - 1988 م - دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان.

16 -

البيان في غريب إعراب القرآن / لأبي البركات الأنباري (ت 577 هـ) - تح: د. طه عبد الحميد - 1400 هـ - 1980 م - الهيئة المصرية العامة للكتاب.

17 -

تاج العروس من جواهر القاموس / لمحب الدين محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205 هـ) - تح: علي شيري - 1414 هـ - 1994 م - دار الفكر - بيروت - لبنان.

18 -

التبيان في إعراب القرآن / لأبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (ت 616 هـ) - تح: علي البجاوي - عيسى البابي الحلبي وشركاه.

19 -

تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن / لأبي جعفر أحمد بن يوسف الرعيني (ت 779 هـ) - تح: د. علي البواب - دار المنارة - جدة.

20 -

تدريج الأداني إلى قراءة شرح السعد على تصريف الزنجاني / للشيخ عبد الحق سبط العلامة النووي الثاني - دار إحياء الكتب العربية.

21 -

التفسير الكبير / للإمام الفخر الرازي (ت 606 هـ) - الطبعة الثالثة - دار إحياء التراث العربي - بيروت.

22 -

التكملة / لأبي علي الفارسي (ت 277 هـ) - تح: د. كاظم المرجان - 1401 هـ - 1981 م - مديرية دار الكتب - جامعة الموصل.

23 -

التكملة والذيل والصلة / للحسن بن محمد الحسن الصغاني (ت 650 هـ) - تح: عبد العليم الطحاوي وعبد الحليم حسن - 1970 - مطبعة دار الكتب - القاهرة.

24 -

تهذيب اللغة / لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370 هـ) - تح: عبد السلام هارون وجماعة - 1384 هـ - 1964 م - المؤسسة المصرية العامة - مصر.

25 -

توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك / لابن أم قاسم المرادي (ت 749 هـ) - تح: عبد الرحمن سليمان - الطبعة الثانية - مكتبة الكليات الأزهرية.

26 -

الجامع لأحكام القرآن / لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت 671 هـ) - الطبعة الثانية.

27 -

جمهرة اللغة / لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت 321 هـ) - تح: رمزي بعلبكي - الطبعة الأولى - 1987 م - دار العلم للملايين - بيروت - لبنان.

28 -

الجيم / لأبي عمرو الشيباني (ت 188 هـ) - تح: إبراهيم الأبياري ومحمد خلف الله - 1394 هـ - 1974 م - الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية - القاهرة.

29 -

حاشية ابن جماعة على شرح الشافية (ت 733 هـ) - الطبعة الثالثة - 1404هـ - 1984م - عالم الكتب.

30 -

الحجة في القراءات السبع / لابن خالويه (ت 370 هـ) - تح: د. عبد العال مكرم - الطبعة الخامسة - 1410 هـ - 1980 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

31 -

الحجة للقراء السبعة / لأبي علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي (ت 377 هـ) - تح: قهوجي وحويجاتي - الطبعة الأولى - 1404 هـ - 1984 م - دار المأمون للتراث.

32 -

حروف الممدود والمقصور / لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت (244 هـ) - تح: د. حسن شاذلي فرهود - الطبعة الأولى - 1405 هـ - 1985 م - دار العلوم - الرياض.

33 -

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب / لعبد القادر بن عمر البغدادي (1093 هـ) - تح: عبد السلام هارون - الطبعة الثانية - 1979 م - الهيئة المصرية العامة للكتاب.

34 -

الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 393 هـ) - تح: محمد علي النجار - دار الكتاب العربي - بيروت.

35 -

ديوان الأدب / لأبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابي (ت 350 هـ) - تح: د. أحمد مختار - 1394 هـ - 1974 م - الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية - القاهرة.

36 -

ديوان حسان بن ثابت الأنصاري - دار صادر - بيروت.

37 -

الدر المصون في علوم الكتاب المكنون / لأحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي (ت756هـ) - تح: د. أحمد الخراط - الطبعة الأولى - 1406 هـ - 1986 م - دار القلم - بيروت.

38 -

روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني / للألوسي البغدادي (ت 1270 هـ) الطبعة الرابعة - 1405 هـ - 1985 م - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.

39 -

السبعة في القراءات / لابن مجاهد (ت 324 هـ) - تح: د. شوقي ضيف - الطبعة الثانية - دار المعارف - القاهرة.

40 -

شرح أدب الكاتب / لأبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي - دار الكتاب العربي - بيروت.

41 -

شرح التسهيل / لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك (ت 672 هـ) - تح: د. السيد ود. المختون - الطبعة الأولى - 1410 هـ - 1990 م - دار هجر.

42 -

شرح ديوان الفرزدق / عُني بجمعه والتعليق عليه عبد الله إسماعيل الصاوي / ط الصاوي بمصر - الطبعة الأولى 1354 هـ.

43 -

شرح شافية ابن الحاجب / لرضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي (686 هـ) - تح: الحسن والزفزاف وعبد الحميد - 1395 هـ - 1975 م - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

44 -

شرح الشافية / للجاربردي (ت 746 هـ) - الطبعة الثالثة - 1404 هـ - 1984 م - عالم الكتب - بيروت.

45 -

شرح الشافية / لنقرة كار - الطبعة الثالثة - 1404 هـ - 1984 م - عالم الكتب - بيروت.

46 -

شرح شواهد الشافية / للبغدادي (ت 1093 هـ) = مع شرح الشافية للرضي.

47 -

شرح الكافية الشافية / لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك - تح: د. عبد المنعم أحمد هريدي - الطبعة الأولى - 1402 هـ - 1982 م - منشورات جامعة أم القرى - مكة.

48 -

شرح لامية الأفعال / لبدر الدين محمد بن محمد بن مالك (ت 686 هـ) - تح: محمد أديب - الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م - دار قتيبة - بيروت.

49 -

شرح مختصر التصريف العزّي في فن الصرف / لمسعود بن عمر سعد الدين التفتازاني (ت 791 هـ) - تح: د. عبد العال مكرم - الطبعة الأولى - 1402 هـ - 1982 م - ذات السلاسل - الكويت.

50 -

شرح المفصل / لموفق الدين بن يعيش (ت 643 هـ) - عالم الكتب - بيروت.

51 -

شرح الملوكي في التصريف / لابن يعيش (ت 643 هـ) - تح: د. فخر الدين قباوة - الطبعة الأولى - 1393 هـ - 1973 م - المكتبة العربية - حلب.

52 -

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية / لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393 هـ) - تح: أحمد عبد الغفور عطار - الطبعة الثالثة - 1404 هـ - 1984 م - دار العلم للملايين - بيروت.

53 -

ضرائر الشعر / لابن عصفور الاشبيلي (ت 669 هـ) - تح: السيد إبراهيم محمد - الطبعة الثانية - 1402 هـ - 1982 م - دار الأندلس - بيروت.

54 -

طبقات النحويين واللغويين / لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي (ت 379 هـ) - تح: محمد أبو الفضل إبراهيم - الطبعة الثانية - دار المعارف.

55 -

العين / لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ) - تح: د. المخزومي ود. السامرائي - الطبعة الأولى - 1408 هـ - 1988 م - مؤسسة الأعلمي - بيروت - لبنان.

56 -

غرائب التفسير وعجائب التأويل / لمحمود بن حمزة الكرماني - الطبعة الأولى - 1408 هـ - 1988 م - دار القبلة للثقافة الإسلامية - جدة.

57 -

الفرق بين الحروف الخمسة / لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (ت 521 هـ) تح: عبد الله الناصير - الطبعة الأولى - 1404 هـ - 1984 م - دار المأمون للتراث - دمشق.

58 -

الفريد في إعراب القرآن المجيد / للمنتجب حسين بن أبي العز الهمداني (ت 643 هـ) - تح: د. محمد النمر ود. فؤاد مخيمر - الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م - دار الثقافة - قطر.

59 -

فعلت وأفعلت / لأبي إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج (ت 310 هـ) - تح: ماجد الذهبي - الشركة المتحدة - دمشق.

60 -

القاموس المحيط / للفيروزأبادي (ت 817 هـ) - دار الفكر - بيروت.

61 -

القراءات وعلل النحويين فيها المسمى علل القراءات / لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري

(ت 370 هـ) - تح: نوال الحلوة - الطبعة الأولى - 1415 هـ - 1991 م.

62 -

الكامل / لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت 285 هـ) - تح: محمد أحمد الدالي - الطبعة الأولى - 1406 هـ - 1986 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

63 -

كتاب سيبويه / لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت 180 هـ) - تح: عبد السلام هارون - عالم الكتب - بيروت.

64 -

الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل / لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ) - الطبعة الأخيرة - 1392 هـ - 1972 م - شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر.

65 -

كنز الحفاظ في تهذيب الألفاظ / لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت - دار الكتاب الإسلامي - القاهرة.

66 -

لسان العرب / لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (ت 761 هـ) - دار صادر - بيروت.

67 -

ليس في كلام العرب / للحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370 هـ) - تح: أحمد عبد الغفور عطار - الطبعة الثانية - 1399 هـ - 1979 م - مكة المكرمة.

68 -

ما جاء على فعلت وأفعلت بمعنى واحد مؤلف على حروف المعجم / لأبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي (ت 540 هـ) - تح: ماجد الذهبي - 1402 هـ - 1982 م - دار الفكر - دمشق.

69 -

ما يجوز للشاعر في الضرورة / للقزاز القيرواني (ت 412 هـ) - تح: د. رمضان عبد التواب ود. صلاح الدين الهادي - مطبعة المدني - مصر.

70 -

مجالس ثعلب / لأبي العباس أحمد بن يحيى (ت 291 هـ) - تح: عبد السلام هارون - الطبعة الخامسة - دار المعارف - القاهرة.

71 -

مجمل اللغة / لأبي الحسين أحمد بن فارس (ت 395 هـ) - تح: هادي حمودي - الطبعة الأولى - 1405 هـ - 1985 م - معهد المخطوطات العربية - الكويت.

72 -

المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها / لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 393 هـ) - تح: علي النجدي ود. عبد الحليم النجار - الطبعة الثانية - 1406 هـ - 1986 م - دار سزكين.

73 -

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز / لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية (ت 546هـ) - تح: المجلس العلمي بفاس - 1395 هـ - 1975 م.

74 -

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة / لعلي بن إسماعيل بن سيده (ت 458 هـ) - تح: مصطفى السقا وحسين نصار - الطبعة الأولى 1377 هـ - 1958 م - معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.

75 -

المحيط في اللغة / لكافي الكفاة الصاحب إسماعيل بن عباد (ت 385 هـ) - تح: محمد حسن آل ياسين - الطبعة الأولى - 1414 هـ - 1994 م - عالم الكتب - بيروت.

76 -

مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع / لابن خالويه (ت 370 هـ) - نشره: ج. برجشتراسر.

77 -

المخصص / لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده (ت 458 هـ) - دار الكتاب الإسلامي - القاهرة.

78 -

المزهر في علوم اللغة وأنواعها / للسيوطي (ت 911 هـ) - تعليق: جماعة - المكتبة العصرية - بيروت.

79 -

المساعد على تسهيل الفوائد / لبهاء الدين بن عقيل (ت 769 هـ) - تح: د. محمد بركات - 1400 هـ - 1980 م - منشورات جامعة أم القرى.

80 -

مشكل إعراب القرآن / لمكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ) - تح: ياسين السواس - 1394 هـ - 1974 م - مجمع مطبوعات اللغة العربية - دمشق.

81 -

المصباح المنير في غريب الشرح الكبير / لأحمد بن محمد بن علي الفيومي (ت 770 هـ) - المكتبة العلمية - بيروت - لبنان.

82 -

معاني القرآن / لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش (ت 215 هـ) - تح: د. الورد - الطبعة الأولى - 1405 هـ - 1985 م - عالم الكتب - بيروت

83 -

معاني القرآن وإعرابه / لأبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج (ت 311 هـ) - تح: د. عبد الجليل شلبي - الطبعة الأولى - 1408 هـ - 1988 م - عالم الكتب - بيروت.

84 -

معجم مفردات ألفاظ القرآن / للراغب الأصفهاني (ت 503 هـ) - تح: نديم مرعشلي - دار الفكر - بيروت.

85 -

معجم مقاييس اللغة / لأبي الحسن أحمد بن فارس (ت 395 هـ) - تح: عبد السلام هارون - 1399 هـ - 1979 م - دار الفكر.

86 -

المغني في تصريف الأفعال / د. محمد عبد الخالق عضيمة - الطبعة الثالثة - دار الحديث.

87 -

المفتاح في الصرف / لعبد القاهر الجرجاني (ت 471 هـ) - تح: د. علي الحمد - الطبعة الأولى - 1407 هـ - 1987 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

88 -

المفصل في علم العربية / لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ) - دار الجيل - بيروت.

89 -

المقتضب / لأبي العباس محمد يزيد المبرد (ت 285 هـ) - تح: د. محمد عبد الخالق عضيمة - عالم الكتب - بيروت.

90 -

المقرب / لعلي بن مؤمن المعروف بابن عصفور (ت 669 هـ) - تح: الجواري والجبوري - الطبعة الأولى - 1391 هـ - 1971 م - دار الكتاب الإسلامي.

91 -

المقصور والممدود / لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207 هـ) - تح: ماجد الذهبي - الطبعة الأولى - 1403 هـ - 1983 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

92 -

الممتع في التصريف / لابن عصفور الإشبيلي (ت 669 هـ) - تح: د. فخر الدين قباوة. الطبعة الرابعة - 1399 هـ - 1979 م - دار الآفاق الجديدة - بيروت.

93 -

الممدود والمقصور / لأبي الطيب الوشاء (325 هـ) - تح: د. رمضان عبد التواب - مكتبة الخانجي - القاهرة.

94 -

المناهج الكافية في شرح الشافية / لأبي يحيى زكريا الأنصاري - الطبعة الثالثة - 1404 هـ - 1984 م - عالم الكتب - بيروت.

95 -

المنتخب من غريب كلام العرب - لأبي الحسن المعروف بكراع النمل (ت 310 هـ) - تح: د. محمد العمري - الطبعة الأولى 1409 هـ - 1989 م - منشورات جامعة أم القرى - مكة.

96 -

المنصف شرح كتاب التصريف / لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392 هـ) - تح: إبراهيم مصطفى البابي الحلبي - مصر.

97 -

نزهة الطرف في علم الصرف / لأحمد بن محمد الميداني (ت 518 هـ) - تح: د. السيد درويش - الطبعة الأولى - 1402 هـ - 1982 م - دار الطباعة الحديثة - مصر.

98 -

نزهة الطرف في علم الصرف / لعبد الله بن يوسف بن هشام (ت 761 هـ) - تح: د. أحمد هريدي - 1410 هـ - 1990 م - مكتبة الزهراء - القاهرة.

99 -

النوادر / لأبي مسحل الأعرابي عبد الوهاب بن حريش - تح: عزة حسن - دمشق 1380هـ.

100 -

النوادر في اللغة / لأبي زيد الأنصاري (ت 215 هـ) - تح: د. محمد عبد القادر - الطبعة الأولى - 1401 هـ - 1981 م - دار الشروق - بيروت.

101 -

همع الهوامع في شرح جمع الجوامع / لجلال الدين السيوطي - تح: عبد العال مكرم - 1413 هـ - 1993 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.

ص: 286

• • •

خلاصة البحث:

- الحديث عن تداخل اللغات موضوع نحوي صرفي لغوي، وهو يعني أخذ متكلم بلغة ما من لغة غيره، بحيث ينطق باللغتين معاً.

- التداخل بين اللغات أمر راجع إلى الاستعمال.

- اختلف في حكم التداخل، فأجازه قوم، وقيده آخرون بما لم يؤدِّ إلى استعمال لفظ مهمل.

- للتداخل صور متعددة، منها ما كان في كلمتين، مما استعمل في أبنية الأفعال، بحيث يؤخذ الماضي من لغة والمضارع من لغة أخرى، أو ما يتعلق باسم الفاعل بزنته من (فَعُلَ) ومنها ما كان في كلمة واحدة، وقد مثلنا لكل بما وقفنا عليه مدعماً بالشواهد وأقوال العلماء.

- الجمع بين اللغتين يرتبط مع التداخل بوجه ويخالفه بآخر، وقد ذكرنا بعض أمثلته.

- التداخل بين اللغتين له وجوده في القرآن أيضاً، ولذا جعلنا هذا البحث دراسة لغوية قرآنية.

والله أسأل أن يجعلني ممن عمل عملاً فحسنه وأتقنه، وصلى الله على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الهوامش والتعليقات

ص: 287