الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنّه لفلان مع إنكار الورثة.
وأمّا إن قال: أقرّ الميّت أنّ الدّين الّذي عليّ لفلان ولست مصدقه بما قال، فلا يلزمه شيء للمقرّ له به إذا أنكره الورثة ولم تقرّ به بيّنة، وإن علم الدّين أنّه للمقرّ له به لزمه تسليمه إليه، فإن طالب الوارث به فله الحلف أنّك لا تستحقّ عليّ شيئاً ما لم تقم به بيّنة للميّت، فإن قامت به بيّنة لزمه أيضاً تسليمه إلى الوارث؛ لأنّ المدين يدعي أنّ الورثة ظلموه والله أعلم.
رسائل للشيخ عبد العزيز بن عبد الجبار
…
رسالة للشّيخ عبد العزيز بن عبد الجبّار.
بسم الله الرّحمن الرّحيم.
من عبد العزيز بن عبد الجبّار إلى الأخ المكرّم محمّد بن نصر الله ـ سلّمه الله تعالى ـ.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد،
يا أخي وصل خطن وما ذكرت صار معلوماً وتذكر أنّ الشّيخ ذكر لكم أنّ شركة بيت المال ما تثبت بها الشّفعة، وهذا حقّ؛ لكونه وقفاً والوقف ما يشفع به، ولكن وقت الخصومة ما ذكرتم لي أن الّذي شافع به ابن مهيدب بيت مال، وثبت عندي بعد ذلك أنّه بيت مال فعلى هذا الحال ليس لابن مهيدب شفعة عليكم لشركة بيت المال وما أفتيت به بثبوته الشّفعة له إنا ناقضه لمخالفته نص مذهبنا ليكون لديك معلوماً والسّلام.
رسائل الشيخ حمد بن عتيق
…
رسالة الشّيخ حمد بن عتيق.
بسم الله الرّحمن الرّحيم.
قال شيخنا حمد بن عتيق في جوابه لمن ناظره في حكم أهل مكّة وما يقال في البلد نفسه.
فأجاب بقوله (سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم) جرت المذاكرة في كون مكّة بلد كفر أم بلد إسلام.
فنقول ـ وبالله التّوفيق ـ: قد بعث الله محمّداً صلى الله عليه وسلم بالتّوحيد الّذي دين جميع الرّسل، وحقيقته هو مضمون شهادة أن لا إله إلاّ الله وهو أن يكون الله معبود الخلائق فلا يتعبدون لغيره بنوع من أنواع العبادة، ومخ العبادة هو الدّعاء ومنها: الخوف والرّجاء والتّوكّل والإنابة والذّبح والصّلاة وأنواع العبادة كثيرة، وهذا الأصل العظيم الّذي هو شرط في صحّة كلّ عمل.
(والأصل الثّاني) : هو طاعة النّبي صلى الله عليه وسلم في أمره وتحكيمه في دقيق الأمور وجليلها وتعظيم شرعه ودينه والإذعان لأحكامه في أصول الدّين وفروعه:
(فالأوّل) : ينافي الشّرك ولا يصحّ مع وجوده:
(والثّاني) : ينافي البدع ولا يستقيم مع حدوثها، فإذا تحقق وجود هذين الأصلين علماً وعملاً ودعوةً، وكان هذا دين أهل البلد أيّ بلد كان بأن عملوا به ودعوا إليه وكانوا أولياء لمن دان به ومعادين لمن خالفه فهم موحدون.
وأمّا إذا كان الشّرك فاشياً مثل دعاء الكعبة والمقام والحطيم ودعاء الأنبياء والصّالحين، وإفشاء توابع الشّرك مثل الزّنا والرّبا وأنواع الظّلم ونبذ السّنن وراء الظّهر، وفشو البدع والضّلالات وصار التّحاكم إلى الأئمّة الظّلمة ونواب المشركين وصارت الدّعوة إلى غير القرآن والسّنة، وصار هذا معلوماً في أيّ بلد كان فلا يشكّ من له أدنى علم أنّ هذه البلاد محكوم عليها بأنّها بلاد كفر وشرك لاسيّما إذا كانوا معادين أهل التّوحيد وساعين في إزالة دينهم وفي تخريب بلاد الإسلام.
وإذا أردت إقامة الدّليل على ذلك وجدت القرآن كلّه فيه، وقد أجمع عليه العلماء فهو معلوم بالضّرورة عند كلّ عالم.
وأمّا قول القائل: ما ذكرتم من الشّرك إنّما هو من الأفاقية لا من أهل
البلد، فيقال له أوّلاً: هذا إمّا مكابرة وإمّا عدم علم بالواقع فمن المتقرر أنّ أهل الآفاق تبع لأهل تلك البلاد في دعاء الكعبة والمقام والحطيم كما يسمعه كلّ سامع ويعرفه كلّ موحد.
ويقال ثانياً: إذا تقرر وصار هذا معلوما فذاك كافٍ في المسألة ومن الّذي فرق في ذلك ويا لله العجب إذا كنتم تخفون توحيدكم في بلادهم ولا تقدرون أن تصرحوا بدينكم وتخافتون بصلاتكم لأنّكم علمتم عداوتهم لهذا الدّين وبغضهم لمن دان به فكيف بقع لعاقل إشكال! أرأيتم لو قال رجل منكم لمن يدعو الكعبة أو المقام أو الحطيم ويدعو الرّسول والصّحابة يا هذا لا تدعو غير الله أو أنت مشرك هل تراهم يسامحونه أم يكيدونه؟ فليعلم المجادل أنّه ليس على توحيد الله فوالله ما عرف التّوحيد ولا تحقق بدين الرّسول صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلاً عندهم قائلا لهؤلاء راجعوا دينكم أو اهدموا البناآت الّتي على القبور ولا يحلّ لكم دعاء غير الله هل ترى يكفيهم فيه فعل قريش بمحمّد صلى الله عليه وسلم؟ لا والله لا والله.
وإذا كانت الدّار دار إسلام لأيّ سيء لم تدعوهم إلى الإسلام وتأمروهم بهدم القباب واجتناب الشّرك وتوابعه، فإن يكن قد غركم أنّهم يصلّون أو يحجّون أو يصومون ويتصدّقون، فتأمّلوا الأمر من أوله وهو أنّ التّوحيد قد تقرر في مكّة بدعوة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام ومكث أهل مكّة عليه مدّة من الزّمان، ثمّ إنّه فشا فيهم الشّرك بسبب عمرو بن لحي وصاروا مشركين وصارت البلاد بلاد شرك مع أنّه قد بقي معهم أشياء من الدّين، وكما كانوا يحجّون ويتصدّقون على الحاج وغير الحاج.
ولقد بلغكم شعر عبد المطّلب الّذي أخلص فيه قصّة الفيل وغير ذلك من البقايا ولم يمنع الزّمان ذلك من تكفيرهم وعداوتهم، بل الظّاهر عندنا وعند غيرنا أنّ شركهم اليوم أعظم من ذلك الزّمان، بل قبل هذا كلّه أنّه مكث أهل الأرض بعد آدم عشرة قرون على التّوحيد حتّى حدث فيهم الغلوّ في الصّالحين فدعوهم مع الله فكفروا فبعث الله إليهم نوحا عليه السلام يدعو إلى التّوحيد.
فتأمل ما قصّ الله عنهم وكذا ما ذكر الله عن هود عليه السلام أنّه دعاهم إلى إخلاص العبادة لله لأنّهم لم ينازعوه في أصل العبادة، وكذلك إبراهيم دعا قومه إلى إخلاص التّوحيد وإلا فقد أقرّوا لله بالآلهة، وجماع الأمر أنّه إذا ظهر في بلد دعاء غير الله وتوابع ذلك واستمرّ أهلها عليه وقاتلوا عليه، وتقرّرت عندهم عداوة أهل التّوحيد وأبوا عن الانقياد للدّين، فكيف لا يحكم عليها بأنّها بلد كفر؟ ولو كانوا لا ينتسبون لأهل الكفر وأنّهم منهم بريؤون مع مسبّتهم لهم وتخطأتم لِمَن دان به والحكم عليهم بأنهم خوارج أو كفّار، فكيف إذا كانت هذه الأشياء كلّها موجودة فهذه مسألة عامّة كلّيّة؟
وأمّا القضايا الجزئية فنقول: قد دلّ القرآن والسّنة على أنّ المسلم إذا حصلت منه موالاة أهل الشّرك والانقياد لهم ارتد بذلك عن دينه.
فتأمل قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} . [محمد: 25] .
مع قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم} ، [المائدة، من الآية: 51] .وأمعن النّظر في قوله تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} ، [النّساء، من الآية: 140] .
وأدلّة هذا كثيرة ولا تنسوا ما ذكر الله في سورة التّوبة: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ، [التّوبة، من الآية: 66] .
وقوله: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْر} ، [التّوبة، من الآية: 74] .واذكر قوله تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، [آل عمران: 80] .
وتأمل قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} ، [الحجّ، من الآية: 72] ، في موضعين وقد علمت حالهم إذا دعوا إلى التّوحيد انتهى والله أعلم.
رسالة لبعض علماء المسلمين من أهل الرّياض.
بسم الله الرّحمن الرّحيم.
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على محمّد وآله وصحبه أجمعين.
قال ابن القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ في الهدي النّبوي:
(فصل) : في حكمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم حكم صلى الله عليه وسلم إنّ للفارس ثلاثة أسهم وللرّاجل سهم، هذا حكمه الثّابت عنه في مغازيه كلّها عند الجمهور العلماء، وحكم أنّ السّلب للقاتل ثمّ قال: وقال عبادة بن الصّامت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فلّما هزم الله العدوّ وتبعتهم طائفة يقتلونهم وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة استولت على المعسكر والغنيمة فلمّا رجع الّذين طلبوهم قالوا لنا النّقل ونحن طلبنا العدوّ، وقال الّذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أحقّ به لأنا أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ينال العدوّ غرّته، وقال الّذين استولوا على المعسكر هو لنا نحن حويناه، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ اْلأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [لأنفال، من الآية: 1] ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء قبل أن ينْزل {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال، من الآية: 41]، اهـ ثمّ قال ابن القيّم في الهدي:
(فصل) : في حكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالسّلب للقاتل ولم يخمسه ولم يجعله من الخمس بل من أصل الغنيمة وهذا حكمه وقضاؤه. قال البخاري في صحيحه: السّلب للقاتل إنّما هو من غير الخمس وحكم به بشهادة الواحد وحكم به بعد القتل؛ فهذه أربعة أحكام تضمّنها حكمه صلى الله عليه وسلم بالسّلب لمن قتل قتيلا ـ ثمّ قال ـ والصّحيح أنّه يكتفى في هذا بالشّاهد الواحد ولا يحتاج إلى شاهد آخر ولا يمين كما جاءت به السّنّة الصّحيحة الصّريحة الّتي لا معارض لها اهـ.
(مسألة) : قال في الشّرح الكبير"والسّلب ما كان عليه من ثياب وحلي وسلاح والدّابة بآلتها، وعنه أنّ الدّابة ليست من السّلب ونفقته وخيمته ورحله غنيمة"سلب القتيل ما كان لابسه من ثياب وعمامة وقلنسوة ومنطقة ودرع ومغفر وبيضة وتاج وأسورة وران وخف بما في ذلك من حلية لأنّ المفهوم من السّلب اللّباس، وكذلك السّلاح من السّيف والرّمح واللت والقوس ونحوه؛ لأنّه يستعين به في قتاله فهو أولى بالأخذ من اللّباس.
فأمّا المال الّذي معه في هميانه وخريطته فليس بسلب، لأنّه ليس من الملبوس ولا ممّا يستعين به في الحرب وكذلك رحله وإناؤه وما ليست يده عليه ـ ثمّ قال ـ واختلفت الرّواية عن أحمد في الدّابة فنقل عنه أنّها ليست من السّلب اختاره أبو بكر؛ لأنّ السّلب ما كان على بدنه والدّابة ليست كذلك فلا تدخل في الخبر ثمّ ـ قال ـ: ونقل عنه أنّها من السّلب وهو المذهب وبه قال الشّافعي لما روى عوف بن مالك قال: خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ووافقني مددي من أهل اليمن فلقينا جموع الرّوم وفيهم
لأنّ الكفّار ملكوه بالاستيلاء فصار غنيمة كسائر أمولهم.
ولنا ما روى ابن عمر أن غلاماً له أبق إلى العدوّ فظهر عليه المسلمون فردّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمر ولم يقسمه، وعنه قال ذهب فرس له فأخذها العدوّ فظهر عليه المسلمون فردّ عليه في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم رواهما أبو داود.
وعن رجاء بن حيوة أنّ أبا عبيدة كتب إلى عمر بن الخطّاب فيما أحرز المشركون من المسلمين ثمّ ظهر المسلمون عليهم بعد، قال من وجد ماله بعينه فهو أحقّ به مالم يقسم. رواه سعيد والأثرم، وكذلك إن علم الإمام بمال مسلم قبل قسمه فقسمه وجب ردّه وصاحبه أحقّ به بغير شيء ـ ثمّ قال ـ:
(فصل) : فإن أخذه أحد الرّعية نهبة أو سرقة أو بغير شيء فصاحبه أحقّ به بغير شيء ـ ثمّ قال ـ: ولنا ما روي أنّ قوماً أغاروا على سرح النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخذوا ناقة وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أيّاماً ثمّ خرجت في بعض اللّيل قالت فما وضعت يديّ على ناقة الأرغب قالت حتّى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثمّ توجّهت إلى المدينة ونذرت أن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلمّا قدمت المدينة إستعرفت النّاقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها فقلت يا رسول الله إنّي نذرت أن أنحرها، قال:" بئسما جازيتها لا نذر في معصية الله "وفي رواية"لا نذر لابن آدم فيما لا يملك"أخرجه مسلم، ولأنّه لم يحصل في يده بعوض فكان صاحبه أحقّ به بغير شيء كما لو أدركه في الغنيمة قبل القسمة انتهى.
وهذا عام في كلّ مال مسلم أخذ من العدوّ سواء ذهب إليهم من الغزو أو أخذه منهم أو من بلادهم ثمّ قال في الشّرح الكبير:
(مسألة) : وإذا أراد القسمة بدأ بالأسلاب فدفعها إلى أهلها فإن كان فيها مال مسلم دفعه إليه؛ لأنّ صاحبه متعين؛ ولأنّه استحقه بسبب سابق ثمّ بمؤنة الغنيمة، من أجرة النّقال والجمال والحافظ والمخزن والحاسب؛ لأنّه لمصلحة الغنيمة، ثمّ بالرّضخ في أحد الوجهين؛ لأنّه استحق بالمعاونة في تحصيل الغنيمة أشبه أجرة النّقالين والحافظين وفي الآخر يبدأ بالخمس قبله؛ لأنّه استحق بحضور الوقعة وهذا أقيس. ثمّ قال ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد والنّساء والصّبيان، ومعنى الرّضخ أن يعطوا شيئاً من الغنيمة دون السّهم ولا تقدير فيما يعطونه بل ذلك إلى اجتهاد الإمام فإن شاء التّسوية بينهم سوَّى، وإنّ رأي التّفضيل فَضَّلَ. وهذا قول أكثر العلماء ـ ثمّ قال ـ.
(مسألة) : وإن غزا العبد على فرس لسيّده قسم للفرس ورضخ للعبد ـ ثمّ قال: وقال أبو حنيفة والشّافعي: لا يسهم للفرس لأنّها تحت من لا يسهم له فلم يسهم له كما لو كانت تحت مخذل، ولنا أنّه فرس حضر الوقعة وقوتل عليه فأسهم له كما لو كان السّيّد راكبه، إذا ثبت هذا فإنّ سهم الفرس ورضخ العبد لسيّده لأنّه مالكه ومالك فرسه سواء حضر السّيّد القتال أو غاب عنه ـ ثمّ قال ـ: أجمع أهل العلم على أنّ للغانمين أربعة أخماس الغنيمة، وقد دلّ النّص على ذلك بقوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال، من الآية:41]، يفهم منه أنّ أربعة أخماسها الباقية لهم؛ لأنّه أضافها إليهم ثمّ أخذ منها سهماً لغيرهم فبقي سائرها لهم ويقسم بينهم للرّاجل سهم وللفارس ثلاث أسهم سهم له وسهمان لفرسه ـ ثمّ قال ـ: قال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ من غزا على بعير فله سهم راجل، كذلك قال الحسن ومكحول والثّوري والشّافعي وأصحاب الرّأي، وهو الصّحيح إن شاء الله
تعالى؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنّه أسهم لغير الخيل من البهائم ولو أسهم لها لنقل وكذلك بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم من خلفائه وغيرهم مع كثرة غزواتهم لم ينقل عن أحد منهم فيما علمنا أنّه أسهم لغير الخيل، قال في الشّرح الكبير وهي لمن شهد الوقمة من أهل القتال قاتل أو لم يقاتل وقال فيه أيضا ومن بعثه الإمام لمصلحة الجيش مثل الرّسول والدّليل والجاسوس وأشباههم فإنّه يسهم له وإن لم يحضر لأنّه لمصلحة الجيش أشبه السّريّة.
قال أحمد: إذا غنم المسلمون غنيمة فلحقهم العدوّ وجاء المسلمين مدد فقاتلوا العدوّ معهم حتّى سلموا الغنيمة فلا شيء لهم من الغنيمة؛ لأنّهم قاتلوا عن أصحابهم دون الغنيمة؛ لأنّ الغنيمة قد صارت في أيديهم وحووها. قيل له فإن أهل المصيصة غنموا ثمّ استنقذ منهم العدوّ فجاء أهل طرسوس فقاتلوا معهم حتّى استنقذوه؟ فقال: أحب أن يصطلحوا. أمّا في الصّورة الأولى فإنّ أهل الغنيمة قد أحرزوها وملكوها بحيازتها فكانت لهم دون من قاتل معهم. وأمّا في الصّورة الثّانية فإنّما حصلت الغنيمة بقتال الّذين استنقذوها في المرّة الثّانية فينبغي أن يشتركوا فيها؛ لأنّ الإحراز الأوّل قد زال يأخذ الكفّار لها. ويحتمل أنّ الأوّلين قد ملكوها بالحيازة الأولى ولم يزل ملكهم بأخذ الكفّار لها منهم فلهذا أحبّ أحمد أن يصطلحوا على هذا انتهى ملخصاً من الشّرح الكبير.
وقال في الشّرح الكبير أيضا: والنّفل في الغزو ينقسم ثلاثة أقسام:
(أحدها) : هذا وهو أنّ الإمام أو نائبه إذا دخل دار الحرب غازيا بعث بين يديه سريّة تغيّر على العدوّ ويجعل لهم الرّبع بعد الخمس فما قدمت به السّريّة أخرج خمسه وأعطى السّريّة ما جعل لهم وهو ربع الباقي وقسم ما بقي