الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محَاسِن الشَّرِيعَة:
للشَّيْخ: عَطِيَّة مُحَمَّد سَالم
لَيْسَ من السهل على أَي إِنْسَان أَن يبين محَاسِن الشَّرِيعَة وَلَا أَن يعدد جَوَانِب الْإِحْسَان فِيهِ لِأَنَّهَا شَرِيعَة الْإِحْسَان كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِن الله كتب الْإِحْسَان على كل شَيْء وكل شَيْء لم يخرج مِنْهُ وَلَا شَيْء حَتَّى فِي حَالَة الْقَتْل وإزهاق الرّوح فَلَا بُد من الْإِحْسَان وَفِي ذبح الْحَيَوَان وَفِي المحلات الَّتِي لَا يتَذَكَّر الْإِنْسَان فِيهَا معنى للإحسان. فَإِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة وَإِذا ذبحتم فَأحْسنُوا الذبْحَة" إِلَى آخر الحَدِيث.
ثمَّ لَو ذَهَبْنَا نتبع مرافق الْحَيَاة كلهَا لوجدنا الْإِحْسَان يتوجها بل إِن الْغَايَة من خلق الْإِنْسَان وإماتته وإحيائه لم يكن لشَيْء إِلَّا للإحسان: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلاً} . {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} .
وَفِي الحَدِيث بعد بَيَان الْإِسْلَام ثمَّ يتدرج إِلَى الْإِيمَان ثمَّ يتوج الْجَمِيع بِالْإِحْسَانِ إِنَّهَا صبغة الله {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} .
وَلَو ذَهَبْنَا نعدد جَوَانِب الْإِحْسَان وَلَو على سَبِيل الْإِجْمَال نجد ابْتِدَاء من القَوْل بِاللِّسَانِ نجد قَوْله تَعَالَى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} حَتَّى فِي الْجِدَال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ..وَفِي الدعْوَة إِلَى الله: {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ..حَتَّى مَعَ الْمُسِيء: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} . {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ..
وَفِي الْعشْرَة الزَّوْجِيَّة إِذا لم تدم: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} . .وَمَعَ الْوَالِدين: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} .. إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ.. وأخيرا وَمن الْعُمُوم: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ..
وَهَذَا أَمر من الله تَعَالَى بِعُمُوم الْإِحْسَان مَقْرُونا بِالْعَدْلِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ} . إِنَّهَا شَرِيعَة الله أنزلت فِي كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت من لدن حَكِيم خَبِير على من اصطفاه الله من خلقه وَخَاتم رسله بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم. لخير أمة أخرجت للنَّاس تَأمر بِالْمَعْرُوفِ وتنهى عَن الْمُنكر وتؤمن بِاللَّه..
إِنَّهَا الشَّرِيعَة الَّتِي ارتضاها الله فأتمها وأكملها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} ..
لقد كَانَت شرائع من قبل وَكَانَت أَدْيَان لمن قبلنَا نزلت بهَا كتب وَبعثت بهَا رسل. فَجَاءَت هَذِه الشَّرِيعَة أكملها وَهَذَا الدّين أتمهَا وَالْكتاب الَّذِي أنزل