المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الثاني«احتياجات الطفل النفسية» - محو الأمية التربوية - جـ ٨

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: ‌الدرس الثاني«احتياجات الطفل النفسية»

ص: 1

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده المصطفى وآله المستكملين الشرف أما بعد،،

فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد،

فكما ذكرنا من قبل إن التربية علم وفن والمربي الناجح هو الذي يفقه هذا العلم ويتقن مهاراته ويبدع في فنونه.

بعض الناس يعتقدون خطأ أن التعامل مع الأطفال وتربيتهم من أسهل الأمور وفي الحقيقة كما ذكرنا هي علم له قواعد وله أصول وله فن ونحن الآن في عصر كل شيء أصبح علمًا وفنًا فالعجب من أمة تأبى أن تضع قطعة من حديد وهي السيارة بيد من لا يملكون علمًا ولا خبرة ولا مهارة حينما تريد أن تصلح السيارة فإنك تعمد إلى المختص في الإصلاح في حين أنك تتساهل في أن تضع أبنائك بيد من لا يفقه في التربية حرفًا.

وقد رأينا في الواقع العملي كيف أن بعض المدارس في وقت من الأوقات كان أهم شيء ليكون المدرسة مثلاً أو المدرس ملتزمًا بالمعنى المفهوم لدينا وإن لم يكن خبيرًا في التربية فمجرد أنه جامعي فيصدرونه في تربية الأطفال وتعليمهم فبالتالي ينتج هذا مشاكل كبيرة جدًا بالنسبة لهؤلاء الأطفال مما قد يبغضهم أحيانًا في الالتزام ممكن مُدرِّسة متبرجة تربوية لا تضر الطفل مثلما تضره مدرسة ملتزمة لكن لا تفقه التربية.

مثل ما نحرص في أي مشكلة إن نذهب لأهل الاختصاص وأن لا ننازع الأمر أهله كذلك في التربية لا بد أن نهتم جدًا بالمحاضن التربوية وأولها وأهمها على الإطلاق البيت الأسرة ثم الحضانة ثم المدرسة لأن هذا كله يشارك في صناعة الأبناء.

ص: 2

الناس الآن يبذلون جهدًا كبيرًا ليتعلموا فنون التعامل مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة ومع ذلك لا يتهم إلا القليل النادر بتعلم فنون التعامل مع فلذات الأكباد ومع مستقبل الأمة لا بد أن تعطى تربية الأطفال أهمية شديدة جدًا لماذا؟ لأن هذا هو المستقبل بالفعل ليس كلام موضوعات الإنشاء لأن الأطفال هم المستقبل هذه حقيقة كبار اليوم كانوا أطفالا بالأمس وتأثروا بلا شك سواء سلبًا أو إيجابًا بكلمة من مدرس بموقف تربوي من مرب أو أب أو أم.

الكلام على قضية التأديب تأديب الأطفال أو عقوبة الأطفال أو إثابتهم في الحقيقة هي قضية تأتي في ترتيب معين ترتيب معين ليس هو ما ينبغي أن نبدأ به لكن رأيت أن من الإنصاف ومن الترقي الطبيعي في معالجة هذا الموضوع أن نتفاهم أولاً نفسية الأطفال أهم شيء نحتاجه في التعامل مع الأطفال أن نفهم ما الذي يحتاجه الأطفال ما هي الحاجات النفسية الأساسية بالنسبة للأطفال؟

لا شك أن الإسلام اهتم ببناء الإنسان بناء متكامل ومتوازن وجعل هذا البناء بأسلوب متكامل لا يضغط فيه جانب على آخر بل فيه نوع من التكامل والانسجام لأن الهدف في النهاية هو إخراج الإنسان الصالح الذي جاء فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم «وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» (1) فالإنسان الصالح هو الهدف الذي نصبوا إليه ولن يكون هكذا إلا إذا كان إنسانًا سويًا سليم العقل سليم الجسم سليم البنيان سليم النفس.

والقرآن الكريم اهتم بالنفس اهتمامًا عظيمًا جدًا يقول الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} (2) هنا يقسم بهذه النفس التي هي آية من آيات الله تبارك وتعالى، ويقول سدد خطاكم:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} (3) لذلك فالمنهج التربوي في

(1) رواه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال: هذا حديث حسن صحيح، (صححه الألباني).

(2)

الشمس: 7 - 8.

(3)

الشمس: 9 - 10.

ص: 3

الإسلام يهتم اهتمامًا شديدًا بالشخصية السوية نفسيًا تمامًا بموازاة باقي الاهتمامات سواء البدنية أو غيرها فهي كلها وحدة متكاملة مترابطة لا سبيل لإهمال جزء من أجزائها فالبناء النفسي أحد أهم المقاومات الذاتية للشخصية السوية المنشودة.

اهتمام المربي بالتربية النفسية للطفل المسلم خلال مرحلة طفولته (مرحلة التكوين والنمو وتحديد معالم الشخصية) أمر ذو أهمية لا يمكن إغفاله باعتباره أحد أهم العوامل في نمو شخصية الطفل وتقويتها.

الصحة النفسية اختلفوا في تعريفها.

بعضهم يقول هي السلامة من الأمراض وهذا تعبير غير إيجابي تعبير سلبي إن الإنسان أي نعم تعريف ليس معناها واحد سوي نفسيًا أنه لا يعاني اكتئاب ولا قلق ولا انفصام ولا وسوسة، لا ليست هذه الصحة النفسية.

الصحة النفسية لها جانب آخر بناء بحيث يعيش الإنسان بصورة تحقق له السعادة ويعيش منتجًا يعني له دور إيجابي في الحياة يؤدي دوره في هذه الحياة في حدود إمكاناته البدنية دون أن يكون مصدر إزعاج للآخرين هذا التعريف العادي المشهور.

لا شك من أهم دلالات الصحة النفسية الصحة الإيمانية لأن الإيمان من أهم الاحتياجات التي يحتاجها كل إنسان ونركز الآن على الحاجات البشرية هذه كلها الإنسان له احتياجات معينة طبعًا معروف إن فيه هرم اسمه هرم فاسلون بتاع الاحتياجات: الاحتياجات الفسيولوجية وتترقى الاحتياجات في الهرم بشكل معين معروف لكن نركز فقط الآن على الاحتياجات النفسية ما هي الاحتياجات النفسية للإنسان عمومًا وللطفل خصوصًا؟

ص: 4

فالمربي إذا كان يبني فطبعًا البناء يهتم بالأساس لازم من الأول قواعد البناء قبل أن يبني لا بد أن يكون هناك أسس والتربية النفسية تقوم على مراعاة الاحتياجات الإنسانية واعتبارها في نفس الوقت نقطة انطلاق نحو البناء الأسلم فالبناء القوي لا بد أن يتم على أساس قوي ومتين.

أما احتياجات الإنسان عمومًا:

أولاً: الحاجة إلى الأمان الإحساس بالأمان الاطمئنان والطمأنينة.

ثانيًا: الحاجة إلى الحب المتبادل بأن يحب وأن يحب حب متبادل.

ثالثًا: الحاجة إلى الانتماء الحاجة إلى الحياة الاجتماعية والاختلاط بالآخرين سواء ذلك في الحياة الاجتماعية في المجتمع أو عن طريق العشرة والروابط الأسرية عن طريق الزواج ونحو ذلك.

رابعًا: الحاجة إلى تقدير المحيط الذي يحيطه الحاجة إلى التقدير.

خامسًا: الحاجة إلى الحرية.

سادسًا: الحاجة إلى اعتراف الآخرين به.

سابعًا: الحاجة إلى سلطة ضابطة تحدد له مجال الانطلاق.

ثامنًا: الحاجة إلى النجاح.

هذه الاحتياجات ضرورة إنسانية من أجل أن ينشأ الإنسان نشأة اجتماعية سوية ويندمج اندماجًا سويًا بالمجتمع ويتكيف بحيث يحقق أو تحقق فيه شخصية سوية غير مضطربة فلا بد للمربي أن يعرف هذه الاحتياجات يعرف الطفل محتاج إلى إيه بالضبط.

مثال عابر: الطفل مثلاً مع أبيه أو أمه في السوق يشتروا شيء معين فالولد عمل بعض الإزعاج في الطريق عاند أو عمل أي تصرف غير صحيح ممكن الأم تقول له لو لم تسكت سأتركك هنا وامشي إيه رأيكم في التصرف هذا؟ أكيد خطأ يبقى هنا ليست فاهمة أنه محتاج ألا يخدش أحد شعوره بالأمان أو يقول له سأتركك في الأسانسير لوحدك وامشي وهكذا فالطفل من ضمن احتياجات أو الطفل الذي

ص: 5

يرى الأب والأم دائمًا في نزاع الأم تقول له طلقني والثاني يهدد بالطلاق معناها يهدد إحساسه بالأمان والاستقرار فإذا فهمنا أنه إلى أي شيء يحتاج؛ فلا نمارس السلوكيات التي تهدد هذه الاحتياجات الأساسية التي لا بد منها لينمو نموًا نفسيًا سويًا هذا مثال أنك ليس مقدِّر إن الطفل محتاج إلى الاطمئنان محتاج الشعور بالأمان وسيأتي من خلال تفاصيل أكثر توضح هذه الأشياء.

مثلاً من ضمن احتياجات الطفل كما ذكرنا الحاجة إلى سلطة ضابطة أي يحتاج إلى سلطة تحكمه وتوجهه لأنه لا يستطيع أن ينمو نموًا سويًا نفسيًا لا بد من سلطة ضابطة فالسلطة الضابطة التي تضبط سلوكه وتقومه هذا أيضًا من ضمن الاحتياجات إذا حصل توازن بين كل هذه الاحتياجات وإشباع لها وفق ضوابط ومعايير تحقق التوافق والتكامل لدى الطفل فهذا يترك جانب يبني في الجانب الإيجابي بدون أي أثر سلبي سنناقش أولاً الحاجة إلى الاطمئنان أو الطمأنينة أو الحاجة إلى الأمان الشعور بالأمن.

وطبعًا هذه الحاجة الله سبحانه وتعالى بينها لنا في قوله عز وجل {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} (1).

الأمن {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)} (2){وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)} (3).

(1) قريش: 3 - 4.

(2)

الأنعام: 81.

(3)

النحل: 112.

ص: 6