المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقارنة بين الطفل وغيره: - محو الأمية التربوية - جـ ٨

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: ‌المقارنة بين الطفل وغيره:

الذي حصل حقيقة من بعض الشيوخ أنه يفرح جدًا من الطفل يكبس عليه مثلاً مثل ما قلت لكم الخطبة المشهورة للأخ مسلم بن سعيد هو بالنسبة لنا ككبار شيء جميل ومسلي ومفرح، لكن بالنسبة له فهذا عبء شديد جدًا عليه.

‌المقارنة بين الطفل وغيره:

من الأخطاء الكبيرة جدًا في هذا المجال أيضًا المقارنة بين الطفل وغيره والمقارنة دائمًا.

لم أنت لست مثل أخوك؟ هذا أخوك هادئ لم أنت لست مثل أخوك هذا أخوك يحصل على درجات كذا في الامتحان وهكذا فلا تمدح طفلاً آخر أمام ابنك حتى لو كان أخاه بطريقة فيها مبالغة في الثناء وتقعد تقارنه بالآخرين طبعًا هذا يعمل أحقاد بين الأطفال ويزرع في نفسية الطفل إحساس بعدم الكفاءة وأنه فاشل لا يستطيع أن ينجز شيئًا لكن الصحيح أن تمتدح كل طفل بالصفة التي ميز بها على غيره فواحد من الأولاد مثلاً يكون صوته في القرآن جميلاً نديًا فتمدحه لصوته والثاني تمدحه بأنه بارع في كذا والثالث تمدحه بأنه بارع في شيء آخر فكل واحد من المؤكد أن الله سبحانه وتعالى يميز كل إنسان في جانب معين يتميز فيه فامدحه بما هو متميز فيه ليس الذي أنت تقرره دائمًا بغيره حتى تشبع هذه الحاجة النفسية وهي الشعور بالاعتبار إن أنت مقدره ومعتبره أول شيء لا بد أن تمنح ابنك وقتًا يعني تخصص وقتًا للطفل حتى تشبع حاجته بلا الاعتبار.

الاعتبار يتحقق إنه لما يكلمك مثلاً تصغي إليه إصغاء جيدًا تعطيه كل اهتمامك تنظر إليه التواصل عن طريق النظر عينيك بأن تمسك يده تقترب منه تسمعه وهو يتكلم وتظهر له التقدير والاعتبار إذا كان في يدك شيء ممكن تسيبه تسيب الشيء هذا وتقبل على الطفل فلا بد من وجود نوع من التواصل عن طريق مجالسته وسماعه والتحاور معه إذا تأملنا هذه القصة حد بعت لنا رسالة مهمة جدًا في هذا الأمر إن الطفل يبقى طفل لكن واعي جدًا ويدرك إذا كانت أنت تقدره أو تهمله طفل رأى مرة أباه يلمع سيارته ويهتم جدًا ببريق السيارة فالطفل قال لأبيه يا أبتي لا بد أن سيارتك هذه تساوي الكثير

ص: 17

لا بد أن هذه السيارة ثمينة جدًا قال له بلى إنها تساوي الكثير لكنها يا بني تساوي أكثر إذا اعتنينا بها فإذا احتجنا أن نبيعها في وقت من الأوقات فإذا كنا نعتني بها فسوف تحرز ثمنًا أعلى فأطرق الصغير لحظة ثم قال أبي أعتقد أني لا أساوي كثيرًا شوف ترجم الطفل بذكائه الفطري ترجم الموقف بماذا؟ شايفه مهتم قوي بالسيارة في حين هو مهمله فأب غير متاح أو غير موجود بالخدمة مع طفله لكن مع السيارة الجماد يلمعها بنفسه فقال له أكيد السيارة هذه غالية قوي عندك قال له طبعًا أكيد بس لو اعتنينا بها ستساوي أكثر فشوف الطفل رد عليه ردًا بليغًا قال له أعتقد أنني ليس لي قيمة لأنك لا تهتم بي على الإطلاق كما تهتم بهذا الحديد أو الجماد.

فهذه رسالة أيضًا إن أنت تهتم بالشيء الذي له قيمة فمجالسة الطفل والاهتمام به تعطي له إيحاء أن له قيمة مهم جدًا موضوع الاعتبار يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خير من وطئ الحصى خير البشر على الإطلاق سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم «كان إذا مر بالصبيان سلم عليهم» هذه تعطيه الإحساس بالاعتبار إن له قيمة مثل الكبار الذين يسلم بعضهم على بعض فالسلام على الأطفال أو على الصبيان فيه نوع من الاحترام له إشعاره بأن له قيمة أيضًا لا بد المربي نفسه أن يكون شاعرًا بقيمته الذاتية لأن الذي يستعملوه دائمًا كلمة الثقة بالنفس ونحن عندنا إشكال لأن كلمة الثقة هي التوكل وكذا وهذا لا يكون إلا على الله سبحانه وتعالى لكن هو الحقيقة كواقع استعمال شائع يمكن ترجمته هي التي عملت مشكلة تقدير الذات يعبروا عنها Self esteem وتقدير الذات هذا شيء مهم جدًا الإنسان يبقى عارف قدر نفسه يدي نفسه حجمها بالضبط فينظر لنفسه ويتعامل مع الآخرين بناء على معرفته قدر نفسه بعض الناس تحسب إن هذه حاجة فيها غرور أو كبر لا هذه عادة صحية مهمة جدًا أن تعلم قدر نفسك لكن بدقة بغير إفراط أو تفريط الإفراط يبقى شيء مرضي النرجسية وتضخم الذات و «التطوس» على الفاضي لأن الطاووس نفسه المفتخر بريشه اللمعان الألوان الجميلة في ريش الطاووس ناشئة عن فقاعات هوائية ليس حقيقية قوي فالشاهد إن تضخم الذات حالة مرضية من حالات الزهو الناس الذي النجم بتاعها يبقى عالي

ص: 18

خالص في الحالة المرضية هذه يبقى شايف نفسه ليس أحد فهذا انحراف في تقدير الذات الذي هو النفخ الذاتي.

في الجهة الأخرى الذي يبقى المكتئب بيجي له ضعف تقدير لكن الثاني السوي يقدر نفسه ويضعها في موضعها اللائق وأيضًا في تعامله مع الآخرين لا بد إننا نجيب مثال الإمام مالك لما دخل على الخليفة حضر المجلس متأخرًا فمكانه الخاص به بجانب الخليفة شغل فأتى متأخرًا فوقف عند باب المكان هل الإمام مالك جلس على الباب فهو يعرف قدر نفسه فرفع صوته مخاطبًا الخليفة قال يا أمير المؤمنين أين يجلس شيخك مالك؟ قال هنا يا أبا عبد الله وأفتح له وأجلسه بجانبه هنا هذه دخلة تقدير الذات السوي تقدير الذات من طريقة سوية.

على أي الأحوال لا بد المربي نفسه يكون عنده شعور بتقدير ذاته لأن هذا سينتقل بالعدوى إلى ابنه فاحترام الإنسان لنفسه وإشعار الطفل بقيمة الأب أو المربي ينقل الاعتبار ينقل نفس هذا الشعور إلى ابنه لأن الوسائل التي تبني وتغذي الشعور بالاعتبار عند الطفل أن تمنحه الحرية لأن هذا في التربية كما ذكرنا في المرة السابقة إن الطفل ليس ملكًا لك الذي حكينا عليها بالتفصيل الأسبوع الذي فات وفيه ناس لم تتحمل الكلام وهذا شيء عادي لو قلت لكم إن لو واحد في الشارع رأيته يضرب ابنه ضربًا عنيفًا وتدخلت أنت رحمة بهذا الطفل وقلت له حرام عليك ما تكون التربية هكذا وارفق بهذا الطفل في الثقافة الخاصة بالمصريين الرد الطبيعي سيكون ابني وأنا حر فيه أو مَا لَكَ دعوة ابني وانا حر فيه يترجم عبارة ملكي هذا شيء أنا أملكه وأنا حر فيه في الحقيقة هذه النظرة خطيرة جدًا ابنك ليس ملكًا لك ليس عبدًا تشتريه بالفلوس ليس كرسيًا أو سيارة لكن الابن أمانة ائتمنك الله عليها لتقوم بتربيته تربية سوية وتهيئه لأن يواجه الحياة بطريقة ناضجة عملية ابني وأنا حر فيه؟ لا ابنك لكن لست حرًا فيه هذه أمانة وضعها الله في يدك «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ» (1) بالضبط هكذا من أجل أن نفهم الموضوع صح نلخصه في كلمتين:

(1) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

ص: 19

دور الأب مع الابن بالضبط مثل دور السهم مع القوس مهمة الأب أن يمهد الطفل بأن القوس المستقبل الطويل الأب في الغالب عمره ينحسر من أجل أن هكذا فيه نوع من الثبات مثل القوس ثابت في المكان لكن دائمًا الحياة تنحاز للي قدامه مستقبل فالطفل أو الشاب ما زال قدامه هاينطلق في فضاء الحياة فدور الأب إنه يعده أن يتحرر منه وهو الذي يعطي له الطاقة حتى يستطيع أن ينطلق بأسرع ما يكون في خضم الحياة ويتحمل مسئوليتها بنضج ليس كل شيء يعتمد فيه على الأب وهذا النمو الطبيعي في سنن الحياة كل كائن لو درسنا نبضات الحياة نجد بيوصل لمرحلة لازم يستقل.

فنفس الشيء الهدف من التربية أن تعينه على الاستقلال إنه لما يستقل يستطيع أن يواجه الحياة بدون اعتمادية على الأبوين فهذا هو التطور الصحيح إن أنت تهيئه كي يستقل عنك ليس بتربيه من أجل أن يفضل تابع لك ونسخة مكررة منك تقيده وتقهره بما تهوى لكن لازم تنمية العملية الاستقلالية فالطفل المبدع هو الطفل الحر ليس معنى حر أن نتركه ونترك الحبل على الغارب لأننا قلنا أن الطفل من ضمن احتياجاته الحاجة إلى سلطة ضابطة احتياج أساسي لا بد فيه سلطة تحكمه وتوجهه طبعًا، لكن ما معنى إننا نريد الطفل الحر الطفل الحر يعني المعنى إنك لا تتصرف عوضًا عن ابنك واحد يسأله اسمك إيه؟ لا تقول أنت اسمه كذا اتركه هو يرد يقول أنا اسمي فلان لا تتصرف عوضًا عنه.

لا تقم بالأعمال بدلاً عنه بحجة انك يريد تريحه أو بحجة أنه ليس كفأً لأن يفعلها ما دام يستطيع أن يفعل الأعمال التي تخصه كالطعام أو الملابس دعه يفعلها لا تتكلم عن لسانه دعه يتكلم ويعبر عما عنده يتصرف في أموره بكامل حريته لكن ضمن رقابة ورعاية والديه حينما تتصرف بدلاً عن الطفل تقول له نحن مستعجلون البس ملابسك وهو بيلبس النعل الخاص به فقد يتأخر في ذلك فيذهب الأب أو الأم إليه وتقول له تعالى لأنك ستأخرنا وهذا معناه أن هذا قدح فيه أو حرمان له من إشباع الاعتبار أو الكيان المستقل بالتالي كأنك تقول إنك قليل القدر قليل القدرة ونحن لا ندع لقدرتك أي اعتبار فمعناه انك فاشل لا تستطيع أن تفعل شيء رغم أنه تصرف بسيط وسازج لكن ورائه المعاني السابقة وأنك لا تستطيع

ص: 20