الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب وجوب التعلم والتعليم
…
وجوب التعلم والتعليم
أوجب الإسلام التعلم والتعليم وأنكر الجهالة ولم يقرها.
فعن علقمة بن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن جده. قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم. فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا. ثم قال:"ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم. ولا يعلمونهم. ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم.
وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم. ولا يتفقهون. ولا يتعظون. والله ليعلمن قوم جيرانهم. ويفقهونهم. ويعظونهم. ويأمرونهم. وينهونهم. وليتعلمن قوم من جيرانهم. ويتفقهون. ويتعظون. أو لأعاجلنهم العقوبة".
ثم نزل. فقال قوم: من ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: الأشعريين: هم قوم فقهاء ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب. فبلغ ذلك الأشعريين فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ذكرت قوما بخير وذكرتنا بشر. فما بالنا؟ فقال:"ليعلمن قوم جيرانهم. وليعظنهم. وليأمرونهم. ولينهونهم. وليتعلمن قوم من جيرانهم
ويتعظون. ويتفقهون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا". فقالوا: يا رسول صلى الله عليه وسلم. أنفطن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم. فأعادوا قولهم: أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضا. فقالوا: أمهلنا سنة. فأمهلهم سنة. ليفقهونهم. ويعلمونهم. ويعظونهم. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} 1 لآية.
وإننا لنرى في هذا الحديث من الحقائق ما يجدر التنبيه إليها:
ا- الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يقر قوما على الجهالة بجانب قوم متعلمين.
2-
واعتبر بقاء الجاهلين على جهلهم وامتناع المتعلمين عن تعليمهم عصيانا لأوامر الله وشريعته.
3-
واعتبر ذلك أيضا- عدوانا- (ومنكرا يوجبان اللعنة والعذاب) .
4-
وأعلن الحرب والعقوبة على الفريقين حتى يبادروا إلى التعلم والتعليم.
1 رواه الطبراني في الكبير عن علقمة بلفظه الموضح ونقله المنذري في الترغيب والترهيب ج1 ص 54، 55 بلفظه الموضح أيضا.
5-
وأعطاهم لذلك مهلة عام واحد للقضاء على آثار الجهالة فيما بينهم.
6-
ولئن كانت هذه الحادثة قد وردت بشأن الأشعريين - العلماء- وجيرانهم الجهلاء. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن ذلك المبدأ بصفة عامة لا بخصوص الأشعريين وحدهم، بدليل أن الأشعريين لما جاؤوا يسألونه عن سر تخصيصهم بهذا الإنكار- كما فهم الناس- لم يقل لهم أنتم المرادون بذلك، بل أعاد القول العام الذي حلف ثلاث مرات دون أن يخصصه بالأشعريين، إشعارا بأن القضية قضية مبدأ عام غير مخصوص بفئة ولا عصر.
وبذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعلن مكافحة الأمية قبل أن تعلنه الدول المتحضرة في عصرنا هذا بأربعة عشر قرنا، وان هذا لعجيب أن يصدر من نبي أمي في بيئة أمية.
لولا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال له مرسله سبحانه:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} . فكانت الإشارة في الآية بعظم الفضل إلى مكانة ما علمه من العلم الذي ما كان قبل يعلمه.