الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ من شعب الايمان وجوب التورع فِي المطاعم والمشارب والاجتناب عَمَّا لَا يحل مِنْهَا
لقَوْله تَعَالَى حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا اهل لغير الله بِهِ والمنخنقة الْآيَة الْمَائِدَة 3
وَقَوله تَعَالَى قل لَا اجد فِيمَا اوحي الي محرما على طاعم يطعمهُ الا ان يكون ميتَة اَوْ دَمًا مسفوحا اَوْ لحم خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْس اَوْ فسقا اهل لغير الله بِهِ الانعام 145
وَقَوله تَعَالَى انما الْخمر وَالْميسر والانصاب والازلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ الْآيَات الْمَائِدَة 90 92
وَقَوله تَعَالَى يسئلونك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا اثم كَبِير الْآيَة الْبَقَرَة 219 فَأثْبت فِيهَا الاثم
وَقَالَ فِي آيَة اخرى قل انما حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن والاثم والبغيي بِغَيْر الْحق الاعراف 33 فَحرم الاثم نصا
وَيُقَال ان الاثم اسْم من أَسمَاء الْخمر وينشده
…
شربت الاثم حَتَّى ضل عَقْلِي
…
كَذَاك الاثم يذهب بالعقول
…
وَلِحَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها فِي الصَّحِيحَيْنِ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن البتع فَقَالَ كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام
وَحَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما فِي صَحِيح مُسلم كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام
وَحَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا ثمَّ لم يتب مِنْهَا حرمهَا فِي الاخرة
وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه فيهمَا أُتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة اسري بِهِ بإيلياء بقدحين من خمر وَلبن فَنظر اليهما ثمَّ اخذ اللَّبن فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عليه السلام الْحَمد لله الَّذِي هداك للفطرة لَو اخذت الْخمر لغوت امتك
ولحديثه فيهمَا وَلَا يشرب الْخمر الشَّارِب حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن الحَدِيث
وَبِه انا الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن الْحسن قَالَ جَاءَ رجل بنبيذ الى
احب خلق الله إِلَيْهِ افسده يَعْنِي الْعقل
وَقيل لبَعض الْعَرَب لم لَا تشرب النَّبِيذ فَقَالَ وَالله مَا ارضى عَقْلِي صَحِيحا فَكيف أَدخل اليه مَا يُفْسِدهُ
وَعَن الحكم بن هِشَام انه قَالَ لِابْنِ لَهُ يَا بني إياك والنبيذ فَإِنَّهُ قيء فِي شدقك وسلح على عقبك وحد فِي ظهرك وَتَكون ضحكة للصبيان وأسيرا للديان
وَعَن بعض الْحُكَمَاء أَنه قَالَ لِابْنِهِ يَا بني مَا يَدْعُوك الى النَّبِيذ قَالَ يهضم طَعَامي قَالَ وَالله يَا بني هُوَ لدينك اهضم
وَعَن عبد الله بن إِدْرِيس
…
كل شراب مُسكر كَثِيره
…
من تَمْرَة اَوْ عِنَب عصيره
فَإِنَّهُ محرم يسيره
…
إِنِّي لكم من شَره نذيره
…
وَعَن ابي بكر بن ابي الدُّنْيَا أَنه انشده ابوه
…
وَإِذا النَّبِيذ على النَّبِيذ شربته
…
أزرى بِدينِك مَعَ ذهَاب الدِّرْهَم
…
وأنشدنا الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن
.. أرى كل قوم يحفظون حريمهم
…
وَلَيْسَ لاصحاب النَّبِيذ حَرِيم
إِذا جئتهم حيوك ألفا ورحبوا
…
وَإِن غبت عَنْهُم سَاعَة فذميم
أَخَاهُم إِذا مَا دارت الكأس بَينهم
…
وَكلهمْ رث الْوِصَال سؤوم
فَهَذَا ثنائي لم أقل بِجَهَالَة
…
وَلَكِن بِحَال الْفَاسِقين عليم
…
وَفِي صَحِيح مُسلم وَغَيره من حَدِيث ابي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَيهَا النَّاس إِن الله طيب لَا يقبل إِلَّا طيبا وَإِن الله تَعَالَى امْر الْمُؤمنِينَ بِمَا امْر بِهِ الْمُرْسلين فَقَالَ يَا ايها الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إنى بِمَا تَعْمَلُونَ عليم الْمُؤْمِنُونَ 51
وَقَالَ يَا أَيهَا الَّذين امنوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم واشكروا الله إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ الْبَقَرَة 172 ثمَّ ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث اغبر يمد يَدَيْهِ الى السَّمَاء يَا رب يَا رب ومطعمة حرَام وملبسه حرَام ومشربه حرَام وغذي بالحرام فَأنى يُسْتَجَاب لَهُ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير رضي الله عنه إِن الْحَلَال بَين وَإِن الْحَرَام بَين وَبَين ذَلِك مُشْتَبهَات لَا يعلمهَا كثير من النَّاس فَمن اتَّقى الشُّبُهَات فقد اسْتَبْرَأَ لعرضه وَدينه وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك ان يَقع فِيهِ أَلا وَإِن لكل ملك حمى وَحمى الله فِي الارض مَحَارمه
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابي هُرَيْرَة إِنِّي لانقلب الى أَهلِي فأجد التمرة سَاقِطَة على فِرَاشِي أَو فِي بَيْتِي فأرفعها لاكلها ثمَّ اخشى أَن تكون من الصدفة فألقيها
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ لابي بكر غُلَام يخرج لَهُ الْخراج وَكَانَ ابو بكر يَأْكُل من خراجه فجَاء يَوْمًا بِشَيْء فَأكل مِنْهُ ابو بكر فَقَالَ لَهُ الْغُلَام أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ ابو بكر رضي الله عنه وَمَا هُوَ قَالَ كنت تكهنت لإِنْسَان فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا أحسن الكهانة إِلَّا أَنِّي خدعته فلقيني فَأَعْطَانِي بذلك فَهَذَا الَّذِي أكلت مِنْهُ قَالَت فَأدْخل ابو بكر يَده فقاء كل شَيْء فِي بَطْنه
وَعَن زيد بن أسلم أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه شرب لَبَنًا فأعجبه فَقَالَ للَّذي سقَاهُ من أَيْن لَك هَذَا اللَّبن فَأخْبرهُ انه ورد على مَاء قد سَمَّاهُ فَإِذا نعم من نعم الصَّدَقَة وهم يسقون فحلبوه لي من أَلْبَانهَا فَجَعَلته فِي سقائي وَهُوَ هَذَا فَأدْخل عمر يَده فاستقاءه
وَعَن عَليّ رضي الله عنه فِي طيب مطعمه انه كَانَ يجاء بخبزه فِي جراب من الْمَدِينَة
أَنبأَنَا الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن بشر بن الْحَارِث قَالَ قَالَ يُوسُف
ابْن اسباط إِذا تعبد الشَّاب يَقُول إِبْلِيس انْظُرُوا من ايْنَ مطعمه فَإِن كَانَ مطعمه مطعم سوء قَالَ دَعوه لَا تشتغلوا بِهِ دَعوه يجْتَهد وَينصب فقد كفاكم نَفسه
وَعَن حُذَيْفَة المرعشي انه نظر الى النَّاس يتبادرون الى الصَّفّ الاول فَقَالَ يَنْبَغِي ان يتبادروا الى أكل خبز الْحَلَال
وَعَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ سُئِلَ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن فضل الصَّفّ الاول فَقَالَ انْظُر كسرتك الَّتِي تاكل من ايْنَ تأكلها وصل فِي الصَّفّ الاخير
وَعنهُ أَيْضا انْظُر درهمك من أَيْن هُوَ وصل فِي الصَّفّ الاخير
وَعَن سري السَّقطِي انه كَانَ لَا يَأْكُل من بقل السوَاد وَلَا من ثمره وَلَا من شَيْء يعلم انه مِنْهُ ويشدد فِي ذَلِك وَكَانَ غَايَة فِي الْوَرع
وَمَعَ ذَلِك قَالَ كنت بطرسوس وَكَانَ معي فِي الدَّار فتيَان يتعبدون وَكَانَ فِي الدَّار تنور يخبزون فِيهِ فانكسر التَّنور مضملت بدله من مَالِي فتورعوا أَن يخبزوا فِيهِ
وَعنهُ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُف الغسولي يلْزم الثغر ويغزو فَكَانَ إِذا غزا مَعَ النَّاس ودخلوا بِلَاد الرّوم أكل اصحابه من ذَبَائِحهم وفواكههم وَهُوَ لَا يَأْكُل فَيُقَال لَهُ يَا أَبَا يُوسُف أتشك انه حَلَال فَيَقُول لَا فَيُقَال لَهُ فَكل من الْحَلَال فَيَقُول إِنَّمَا الزّهْد فِي الْحَلَال
وَعَن السّري قَالَ رجعت من بعض الْمَغَازِي فَرَأَيْت فِي طريقي مَاء صافيا وَحَوله عشب من حشيش قد نبت فَقلت فِي نَفسِي يَا سري إِن كنت يَوْمًا أكلت أكله حَلَال وشربت شربة حَلَال فاليوم فَنزلت عَن دَابَّتي فَأكلت من ذَلِك الْحَشِيش وشربت من ذَلِك المَاء فَهَتَفَ بِي هَاتِف سَمِعت الصَّوْت وَلم أر الشَّخْص يَا سري بن الْمُغلس فالنفقة الَّتِي بلغتك الى هَا هُنَا من أَيْن هِيَ فقصر إِلَيّ نَفسِي
وَرُوِيَ عَن بَعضهم أَنه كَانَ يطْلب الْحَلَال فاستدل عَلَيْهِ فَدلَّ على الْحسن الْبَصْرِيّ بِالْبَصْرَةِ فسافر اليه من بِلَاده الْبَعِيدَة فَقَالَ لَهُ
الْحسن إِنَّنِي رجل واعظ أكل من هَدَايَا النَّاس وضيافاتهم لكنني أدلك على رجل بِبِلَاد سجستان ترَاهُ فِي مزرعته لَهُ بقرة قد جعل لَهَا فِي اُحْدُ طريقيها تبنا وشعيرا وَفِي الاخر مَاء فَإِذا وصلت الى التِّبْن وَالشعِير عرضهما عَلَيْهَا وَإِذا وصلت الى المَاء عرضه عَلَيْهَا فَقَالَ فَتوجه الرجل اليه فَوَجَدَهُ كَذَلِك فَسلم عَلَيْهِ وقص عَلَيْهِ حَاله فَبكى الرجل وَقَالَ قد صدقك الامام ابو سعيد لَكِن زَالَ ذَلِك عني بِسَبَب ان الْبَقَرَة عبرت ذَات يَوْم أَرض جاري وَقد اشتفلت عَنْهَا بعلاتي فَعَادَت الى أرضي وقوائمها ملطخة بطينها وَاخْتَلَطَ ذَلِك بطين أرضي فَصَارَت شُبْهَة عد اليه ليدلك على غَيْرِي وَبكى
وَعَن ابي عبد الله بن الْجلاء قَالَ اعرف من اقام بِمَكَّة ثَلَاثِينَ سنة لم يشرب من مَاء زَمْزَم غلا مَا استقاه بركوته ورشائه وَلم يتَنَاوَل من طَعَام جلب من مصر شَيْئا
وَعَن بشر بن الْحَارِث الحافي بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت الْمعَافى عمرَان يَقُول كَانَ عشرَة فِيمَن مضى من أهل الْعلم ينظرُونَ الْحَلَال الشَّديد لَا يدْخلُونَ بطونهم إِلَّا مَا يعْرفُونَ أَنه من الْحَلَال وَإِلَّا استفوا التُّرَاب ثمَّ عد بشر إِبْرَاهِيم بن أدهم وَسليمَان الْخَواص وَعلي بن فُضَيْل بن عِيَاض وَأَبا مُعَاوِيَة الاسود ويوسف بن أَسْبَاط
ووهيب بن الْورْد وَحُذَيْفَة شَيخا من أهل حران وَدَاوُد الطَّائِي وعد بشر عشرَة
وَعَن يحيى بن معِين الْمُحدث
…
المَال يذهب حلَّة وحرامة
…
يَوْمًا وَتبقى فِي غَد آثامه
لَيْسَ التقي بمتق لإلهه
…
حَتَّى يطيب شرابه وَطَعَامه
ويطيب مَا تحوي وتكسب كَفه
…
وَيكون فِي حسن الحَدِيث كَلَامه
نطق النَّبِي لنا بِهِ عَن ربه
…
فعلى النَّبِي صلَاته وَسَلَامه
…
وَسُئِلَ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْوَرع فَأَنْشد
…
إِنِّي وجدت فَلَا تظنوا غَيره
…
هَذَا التورع عِنْد هَذَا الدِّرْهَم
…