المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند ابن عباس رضى الله عنه - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ٤

[أبو يعلى الموصلي]

الفصل: ‌مسند ابن عباس رضى الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مسند ابن عباس رضى الله عنه

- (*)

2328 -

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عليّ بن المثنى الموصلى، حَدَّثَنَا هدبة، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبى نضرة، قال: سمعت ابن عباس، يخطب على منبر البصرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلا وَلَهُ دَعْوةٌ يَتَنَجَّزُهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّى خَبَّأْتُ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرٌ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضَ وَلا فَخْرٌ، بِيَدِى لِوَاءُ الحمْدِ، وآدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِى وَلا فَخْرٌ، وَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ وَيَشْتَدُّ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ، فَيَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقْضِى بَيْنَنَا، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى آدَم، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ آدَمُ: لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي أُخْرِجْتُ مِنَ الجنَّةِ بِخَطِيئَتِى، وَإِنَّهُ لا يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلا نَفْسِى، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقْضِى بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي دَعَوْتُ دَعْوَةً أَغْرَقَتْ أَهْلَ الأَرْضِ، وَإِنَّهُ لا يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلا نَفْسِى، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ

(*) هو: فقيه الأمة، وحبر الأئمة، الإمام الفقيه العابد الجليل: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أحد الستة المكثرين بالرواية، الملقب بـ (ترجمان القرآن)، ومناقبه كثيرة يطول ذكرها - رضى الله عنه وأرضاه.

2328 -

صعيف بهذا التمام: أخرجه أحمد [1/ 281، 295]، والطيالسى [2711]، واللإلكائى في "شرح الاعتقاد"[3/ رقم 843]، والدارمى في "الرد على الجهمية"[ص 113]، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[رقم 266]، وابن شاهين في "جزء من حديثه"[رقم 15]، وغيرهم، نحو سياق المؤلف مطولًا.

وهو عند البيهقى في "الشعب"[2/ 1488]، مختصرًا بطرف من أوله فقط، كلهم رووه من طرق عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن أبى نضرة عن ابن عباس به

=

ص: 5

خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبرَاهِيمَ عليه السلام، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي كَذَبْتُ فِي الإِسْلامِ ثَلاثَ كَذِبَاتٍ: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ (89)} [الصافات] وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]" وَقَولهُ لِلْمَلِكِ حِينَ مَرَّ بِهِ - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ مَا أَرَادَ بِهِمْ إِلا عَزَّةً لِدَيْنِ اللَّهِ - فَإِنَّهُ لا يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلا نَفْسِى، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَكَلَّمَهُ، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا وَإِنَّهُ لا يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلا نَفْسِى، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي اتُّخِذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنَّهُ لا يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلا نَفْسِى، أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِي وِعَاءٍ مَخْتُومٍ، أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِيهِ حَتَّى يُفَضَّ الخاتَمُ؛ فَيَقُولُونَ: لا، فَيَقُولُ: فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا

= قلتُ: ومن هذا الطريق مطولًا: أخرجه الحارث في "مسنده"[2/ رقم 1135/ زوائده]، ومداره على عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف صاحب مناكير.

وقد اضطرب في إسناد على عادته، فعاد ورواه نحوه مطولًا عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى به

، وجعله من (مسند أبى سعيد) هكذا أخرجه الترمذى [3148]، من طريق ابن عيينة عن ابن جدعان به.

قلتُ: وهو من طريق ابن عيينة عند الآجرى في "الشريعة"[رقم 1060]، ولكن مختصرًا بطرف من أوله فقط.

وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه هشيم بن بشير ولكن مختصرًا أيضا ببعض من أوله فقط: عند ابن ماجه [4308]، وأحمد [3/ 2]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[رقم 1454، 1455]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 985]، وغيرهم.

لكن أكثر فقرات الحديث ثابتة في حديث الشفاعة المروى من طرق عن جماعة من الصحابة، يأتى منها حديث أنس بن مالك [برقم 2899، 3064]، وهو ضعيف بهذا التمام، ففيه فقرات ليس لها شاهد يصح، فانتبه.

ص: 6

تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونَنِى، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْض بَيْنَنا، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِى بين خَلْقهِ، نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ؛ أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ؛ فَيَجِيئُونَ، فَنَحْنُ الأَوَّلُونَ وَالآخرُونَ: آخِرُ مَن يُبْعَثُ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، فَتُفْرِج لَنَا الأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا، فَنَمْضِى غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ، فَتَقُولُ الأُمَمُ: كَادَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ أَنْبِيَاء كُلَّهَا".

2329 -

حَدَّثَنَا أحمد بن جميلٍ المروزى، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، أخبرنا رباح

2329 - صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12500]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 181]، وابن أبى عاصم في "الأوائل"[رقم 3]، وابن حبان في "روضة العقلاء"[رقم 309/ بتعليقنا]، والطبري في "تفسيره"[12/ 175]، وفى "تاريخه"[1/ 28]، والطبرانى أيضًا في "الأوائل"[رقم 1]، والدارمى في "الرد على الجهمية"[ص 142]، والبيهقى في "القصاء والقدر"[رقم 7]، وفى "الأسماء والصفات"[رقم 772]، وفى "سننه"[17482]، والفريابى في "القدر"[رقم 65]، وغيرهم من طرق عن ابن المبارك عن رباح بن زيد عن عمر بن حبيب المكى عن القاسم بن أبى بزة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

قلت: وهذا إسناد صحيح مستقيم، رجاله كلهم ثقات أثبات، قال أبو نعيم عقب روايته: "لم يروه عن سعيد إلا القاسم، ولا عنه إلا عمر، تفرد به رباح، ورواه عن ابن عباس جماعة منهم: أبو ظبيان وأبو إسحاق، ومقسم ومجاهد، منهم من وقفه، ومنهم من رفعه

".

قلتُ: وأكثر هؤلاء قد وقفه على ابن عباس، ثم رأيتُ عمر بن حبيب المكى قد خولف في رفعه، خالفه هشام الدستوائى، فرواه عن القاسم فقال: عن عروة بن عامر أنه سمع ابن عباس يقول: (أول ما خلق الله القلم؛ فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق، قال: والكتاب عنده، قال: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4]، هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[11/ 1165]، من طريق يعقوب الدورقى عن ابن علية عن هشام به

قلتُ: وهذا إسناد قوى صالح، لكن يبدو لى: أن ليس ثمَّ مخالفة، وأنهما خبران مختلفان؛ بدلالة سياقهما، وكذا الإسناد.

فالظاهر: أن الحديث، محفوظ موقوف ومرفوع؛ لا سيما وللمرفوع شاهد من حديث عبادة بن الصامت، وآخر من حديث ابن عمر.

ص: 7

ابن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبى بزة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباشٍ، أنه يحدِّث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إِنَّ أَوَّل شَىْءٍ خَلْقَهُ الله الْقَلَم، وَأَمَرَهُ فَكَتَب كُلَّ شئٍ".

2330 -

حدَّثَنا بشر بن الوليد، حَدَّثَنَا شريكٌ، عن أبى إسحاق، عن التميمى، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَقدْ أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سيَنْزِلُ علَيّ بِهِ قُرْآنٌ أَوْ وَحْىٌ".

2330 - ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 237، 307، 315، 337]، والخطيب في "الجامع"[رقم 862]، من طرق عن شريك القاضى عن أبى إسحاق عن التميمى عن ابن عباس به نحوه

قلت: قد توبع عليه شريك القاضى:

1 -

تابعه الثورفى بلفظ: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر السواك، قال: حتى ظننا أو رأينا أنه سينزل عليه) أخرجه أحمد [1/ 285]- واللفظ له - والمؤلف [2702].

2 -

شعبة بلفظ: (ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا به حتى خشينا أن ينزل عليه فيه) أخرجه الطيالسى [2739]- ومن طريقه البيهقى في "سننه"[142]، وأحمد [1/ 339].

3 -

وأبو الأحوص بلفظ: (عن ابن عباس قال: لقد كنا نؤمر بالسواك حتى ظننا أنه سينزل عليه) أخرجه ابن أبى شيبة [1793].

4 -

وإسرائيل بلفظ: (لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر به حتى ظننا أنه سينزل عليه فيه) أخرجه ابن أبى شيبة [1809].

قلتُ: فهؤلاء أربعة من الأئمة كلهم رووه عن أبى إسحاق فجعلوه من قول ابن عباس، فالظاهر أن شريكًا القاضى قد وهم في روايته مرفوعًا.

ثم إن الحديث - موقوفًا أو مرفوعًا - مداره على ذلك التميمى، واسمه أربدة، لم يرو عنه سوى رجلين، ولم يوثقه إلا من تساهل، كابن حبان والعجلى، وقد قال ابن البر في:"مجهول"، وقد ذكره أبو العرب الصقلى في "الضعفاء"، وهو من رجال أبى داود، وله حديث منكر عند الطبراني في "الصغير"[2/ رقم 956]، وأبى نعيم في "الحلية"[1/ 68]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1186]، وابن عساكر في "تاريخه"[42/ 391]، فإن سلم السند إليه؛ فالشيخ ضعيف إن شاء الله. =

ص: 8

2331 -

حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا عبد الله بن إدريس الأودى، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبى الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنهارَ الجَنَّةِ وَتَأْكل مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِى إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجنَّةِ نُرْزَقُ؛ لأَنْ لا يَنْكُلُوا عِنْدَ الحرْبِ، وَلا يَزْهَدُوا فِي الجهَادِ؛ قَالَ: فَقَالَ الله: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ

} الآية [آل عمران: 169] ".

= وللحديث شاهد نحو رواية شريك من حديث واثلة بن الأسقع عند أحمد [3/ 490]، والطبرانى في "الكبير"[22/ رقم 189]، ومداره على الليث بن أبى سليم، وهو ضعيف صاحب مناكير، وقد اضطرب في سنده كما تراه عند الطبراني في "الكبير"[22/ رقم 190]، بإسناد صحيح جدًّا إليه.

2331 -

ضعيف: بهذا السياق: أخرجه أبو داود [2520]، وأحمد [1/ 266]، والحاكم [2/ 97]، و [2/ 325]، وابن أبى شيبة [19332]، والبيهقى في "سننه"[18301]، وفى "الشعب"[4/ رقم 4240]، وفى "الدلائل"[رقم 1195]، وفى "إثبات عذاب القبر"[145]، وفى "الأسماء والصفات"[749]، وفى "البعث والنشور"[191]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[52]، و [193]، والآجرى في "الشريعة"[914]، وأبو الشيخ في "ما رواه أبو الزبير عن غير جابر"[73]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[2/ 210/ العلمية]، وغيرهم، من طرق عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبى الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وهو عندهم بعضهم نحوه

قلتُ: وهذا إسناد حسن لولا عنعنة ابن إسحاق، وأبو الزبير لا يدلس إلا عن جابر كما مضى الكلام عليه بذيل الحديث [1769]، وقد اختلف في سنده على ابن إسحاق، فرواه عنه ابن إدريس على الوجه الماضى، وخالفه جماعة رووه عن ابن إسحاق فقالوا: عن إسماعيل بن أمية عن أبى الزبير عن ابن عباس به

، ولم يذكروا بين ابن عباس وأبى الزبير أحدًا قط، ومن هؤلاء: =

ص: 9

2332 -

حدَّثنا محمد بن أبى بكرٍ المقدمى، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: جاء أعرابى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتكلم بكلامٍ بَيِّنٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنَ الْبَيَّانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا".

= 1 - إبراهيم بن سعد عند أحمد [1/ 265]، وصرح فيه ابن إسحاق بالسماع من إسماعيل.

2 -

وإسماعيل بن عياش عند الطبرى في "تفسيره"[3/ 512].

3 -

وسلمة بن الفضل عند الطبرى أيضًا [3/ 512]، لكن الطريق إليه واه.

4 -

ومحمد بن فضيل عند ابن أبى شيبة [19332]، وهناد في "الزهد"[رقم 155].

ولا شك أن قول الجماعة أقوى، إلا أن ابن إدريس قد كشف لنا عن علته بروايته، وعلمنا بها أن أبا الزبير لم يسمعه من ابن عباس أصلًا، وإنما يرويه عنه بواسطة سعيد بن جبير.

ويؤيد هذا: أن جماعة من النقاد قد جزموا بكون أبى الزبير لم يسمع من ابن عباس مطلقًا، راجع جامع التحصيل [ص 269].

وقد رأيتُ ابن إسحاق قد خولف في إسناده، عند البغوى في "تفسيره"[1/ 130]، لكن الإسناد إلى المخالف لا يثبت، وأصل الحديث ثابت من رواية ابن مسعود مرفوعًا عند مسلم [1887]، وجماعة كثيرة، لكن دون هذا السياق. واللَّه المستعان.

2332 -

صحيح: أخرجه أبو داود [5011]، وأحمد [1/ 269، 303، 309، 313، 327، 332]، وابن حبان [5780]، والبخارى في "الأدب المفرد"[رقم 872]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11758، 11761، 11763]، وأبو الشيخ في "الأمثال"[رقم 6]، وتمام في "فوائده"[733، 1491]، والخطيب في "تاريخه"[13/ 12]، والخلال في "الآمر بالمعروف"[رقم 241]، وغيرهم نحو سياق المؤلف.

وهو عند الترمذى [2845]، وابن ماجه [3756]، وابن حبان [5778]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11759، 11760، 11762]، وابن أبى شيبة [26007]، والبيهقى في "سننه"[20889، 20914]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 299]، وعبد الغنى المقدسى في "أحاديث الشعر"[رقم 13]، وأبى بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 817]، وغيرهم، بشطره الثاني فقط، كلهم من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد قوى صالح، سماك بن حرب شيخ صالح إلا أنه قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، ورواية القدماء عنه مستقيمة، ولم يذكر النقاد أحدًا من القدماء الذين كانوا يروون عنه =

ص: 10

2333 -

حَدَّثَنَا محمد بن أبى بكرٍ، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ"، فقال له رجلٌ: إنا لنأخذ الشاة الجرباء، فنطرحها في الغنم فتجرب. قال:"فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ ".

= قبل تغيره سوى شعبة والثورى وحدهما، وهذا الحديث قد رواه عنه شعبة عند الطبراني والبيهقى وعبد الغنى المقدسى والخلال وأبى الشيخ في "الطبقات"[4/ 117]، وأبى جعفر بن البخترى في "الجزء السادس من مجالسه"[رقم 98/ ضمن مجموع مؤلفاته]، وغيرهم.

نعم قد تكلم جماعة من النقاد في رواية سماك عن عكرمة، وأعلوها بالاضطراب، فقال يعقوب بن شيبة:"روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح .. " ثم قال: "قلتُ لعلى بن المدينى: رواية سماك عن عكرمة؟! قال: مضطربة، وسفيان وشعبة يجعلانها عن عكرمة - يعنى موقوفًا عليه أو مرسلًا - وغيرهما يقول: عن ابن عباس - يعنى يُجوِّدونها: إسرائيل وأبو الأحوص".

قلتُ: فيفهم من قول ابن المدينى أن رواية الثورى وشعبة عن سماك عن عكرمة مستقيمة أيضًا؛ لكونهما كانا يضبطان عنه ما سمعاه منه قبل أن يتغير حفظه بآخرة، وعليه: فمن كان معتدّا برواية سماك، فليعتد برواية شعبة والثورى عنه دون غيرهما، وسواء كانت رواية سماك عن عكرمة أو غيره، هذا التفصيل هو الذي ينبغى التعويل عليه إن شاء الله.

وقد رواه شعبة عن سماك مرة أخرى فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .... كما أخرجه الخلال في "الأمر بالمعروف"[عقب رقم 241]، بإسناد حسن إلى شعبة. وهو إسناد محفوظ.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

لكنها طرق ضعيفة، وللحديث شواهد للمرفوع منه، يأتي منه حديث ابن عمر [برقم 5639].

2333 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 269، 328]، وابن حبان [6117]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11764]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 357]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 194]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 1278]، وغيرهم، نحو سياق المؤلف.

وهو عند ابن ماجه [3539]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 280]، بالجملة الأولى منه فقط:(لا عدوى ولا صفر ولا هامة ولا طيرة)، وليس عند ابن أبى عاصم:(لا طيرة)، وهو عند ابن أبى شيبة [26394] بلفظ:(لا طيرة ولا صفر)، وكذا هو عند الطحاوى في =

ص: 11

2334 -

حدَّثَنا محمد بن أبى بكرٍ، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: ماتت شاةٌ لسودة بنت زمعة، فقالت: يا رسول الله، - ماتت فلانة - تعنى الشاة - قال:"فلوْلا أخذْتُمْ مسْكها" فقالت: نأخذ مَسْكَ شاةٍ قد ماتت؟! فقال

= "المشكل"[7/ 98] بجملة: (لا هامة)، فقط. وكلهم رووه من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناد حديث ابن عباس صحيح رجاله ثقات"، وقال الإمام في "ظلال الجنة" [1/ 106]:"إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وفى سماك كلام يسير".

قلتُ: وكلا الرجلين واهم، وأين ذهب عنهما ما قيل في تلقين سماك؟! بل كيف غاب عنهما الكلام في رواية سماك عن عكرمة خاصة؟! راجع ما ذكرناه في الحديث الماضى.

ثم قول الإمام: "وهو على شرط مسلم" فدعوى غير ناهضة البتة، ومتى احتج مسلم بهذه الترجمة؟! والإمام يكثر من تلك الدعوى كثيرًا، وكون سماك وعكرمة كلاهما من رجال مسلم، لا يلزم منه ما فهمه الإمام أصلًا.

وعلى كل حال: فالإسناد ضعيف لما علمته قبل، لكن لم ينفرد به سماك بن حرب، بل تابعه الحكم بن أبان على نحو سياق المؤلف عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11605]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 1279]، لكن بإسنادٍ ضعيف إليه.

والحكم نفسه مختلف فيه، لكن للحديث شواهد نحو هذا السياق عن جماعة من الصحابة: أشهرها حديث أبى هريرة في "الصحاح" و"المسانيد" و"السنن"، وله عنه طرق وألفاظ.

وأقربها إلى سياق المؤلف: ما أخرجه البخارى [5387، 5438]، ومسلم [2220]، وأبو داود [3911]، وأحمد [2/ 367]، وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا صفر، ولا هامة، فقال أعرابى: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيجئ البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها، قال: فمن أعدى الأول؟!). وهذا لفظ مسلم.

2334 -

صحيح: دون تلاوة الآية: أخرجه أحمد [1/ 327]، وابن حبان [1280، 1281، 5415]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11765، 11766]، والبيهقى في "سننه"[57]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ رقم 471]، وفى المشكل [8/ رقم 78]، والطبرى في =

ص: 12

النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما قَالَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآيَةُ [الأنعام: 145]، لا بَأْسَ أَنْ تَدْبُغُوهُ تَنْتَفِعُونَ بِهِ"، قالت: فأرسلتُ إليها، فسلخت مسكها، فاتخذتُ منه قربةً حتى تخرّقتْ.

= "تهذيب الآثار"[رقم 2366، 2367]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 806]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث"[رقم 160، 161] وجماعة، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

قلت: وهذا إسناد ضعيف معلول، وقد مضى أن رواية سماك عن عكرمة قد ضعفها جماعة من النقاد ووصفوها بالاضطراب، وكذا سماك قد ساء حفظه بأخرة حتى صار يتلقَّن، وله يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا كشعبة والثورى.

وقد اضطرب في إسناده ما شاء الله، فقال الطبرى في "تهذيب الآثار" بعد روايته: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيمًا غير صحيح لعلل:

إحداها: أنه خبر قد حدث به عن سماك غير مَنْ ذكرنا، فقال فيه: عنه عن عكرمة عن ابن عباس عن سودة بنت زمعة، وفى ذلك بيان بيِّن أن ابن عباس لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرى: وهى أنه قد حدث به عن سماك بعض مَنْ حدث به عنه فقال فيه: عنه عن عكرمة عن سودة بنت زمعة، ولم يدخل بينها وبين عكرمة أحدًا، وفى ذلك دليل عندهم على وهائه.

وثالثة: وهى أن بعض رواته عن عكرمة قال فيه: عن عكرمة: أن سودة ماتت لها شاة؛ فأرسل الخبر عن عكرمة، ولم يجعل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا".

قلت: ثم ساق الطبرى بأسانيده كل تلك الوجوه جميعًا، وهذا الاضطراب أكثره من سماك بن حرب؛ لما قد عرفته من تغيره وضعف روايته عن عكرمة خاصة، ثم ذكر الطبرى علة رابعة في تضعيف الإسناد فقال:"والرابعة: أن ذلك خبر عن عكرمة، وفى نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله".

قلت: وهذه العلة الأخيرة ليست بشئ على التحقيق، وعكرمة أحد أئمة المسلمين، ثقة ثبت إمام ولا كلام، ولم يتكلم فيه أحد بحجة إن شاء الله، راجع ترجمته من "التهذيب" و"ذيوله"، وكذا من "هدى السارى". ولم يقصد الطبرى الغمز من عكرمة بكلامه الماضى، وإنما ذكره على طريقة أهل الجدل، والمناظرة، وإلا فهو أحد ثلاثة من العلماء الذين ألفوا في الذب عن عكرمة، والحاصل: أن الإسناد ضعيف من هذا الوجه. =

ص: 13

2335 -

حَدَّثَنَا المعلى بن مهدىٍ، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن أبى بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: أهدت أم حُفَيْد خالتى ابنةُ الحارث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمنًا وأقطًا وأضبًا، فدعا بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكلْنَ على مائدته، وتركهن كالمتقذر لهن، ولو كن حرامًا ما أكلن على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أمر بأكلهن.

= لكن قد توبع عليه سماك مختصرًا بنحوه

تابعه الشعبى عند البخارى وجماعة كثيرة، واختلف في سنده على الشعبى أيضًا، وتوبع عليه عكرمة نحوه أيضًا - دون الآية - تابعه جماعة من الثقات، منهم: عبيد الله بن عتبة كما يأتى عند المؤلف [برقم 2419، 2593]، واختلف في إسناده أيضًا كما ترى ذلك عند المؤلف [برقم 7079]، وسيأتى بسط الكلام عليه في موضعه.

والحديث صحيح ثابت لكن دون تلاوة تلك الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا .. } [الأنعام: 145]، فاللَّه المستعان.

* فائدة: للإمام الطبرى في كتابه "تهذيب الآثار" أسلوب غريب جدًّا في نقده الأخبار، فغالبًا ما يسوق الحديث بسنده ثم يقول مقولته المشهورة:"وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد كان يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيمًا غير صحيح لعلل"، ثم يذكر تلك العلل جميعًا، ولا يكلف نفسه بعد ذلك الإجابة عن علة واحدة، مع كون بعض تلك العلل قد يكون قادحًا جدًّا في ثبوت الخبر، فكيف تجتمع الصحة مع العلة القادحة في إسناد مفرد؟!

ولا أفهم من خُطته في هذا الكتاب: إلا أنه لم يكن من نقاد الصنعة - على جلالته جدًّا - ولا من البارعين في ميدان علل الأخبار من حيث الأخذ والرد، وإلا فعرْضُه لتعليل الخبر من وجوه، يدل على معرفة جيدة يُغبط عليها بلا جدال، وهو مشكور على صنيعه، بل تأليفه، لهذا السفر الجليل - مع كونه طبع ناقصًا - شكرانًا عظيمًا، وأين مثل الطبرى في سعة المعرفة، والبراعة في فنون الشريعة، مع الاجتهاد المطلق، والدين والورع والصلابة في الحق؛! وأنا أنصح كل ناشد للمعرفة أن يطالع ترجمته من "معجم الأدباء" لياقوت الحموى، ففيها فوائد عزيزة.

2335 -

صحيح: أخرجه البخارى [2436، 5074]، ومسلم [1947]، وأبو داود [3793]، والنسائى [4318، 4319]، وأحمد [1/ 254، 322، 328، 340، 347]، وابن حبان [5221، 5223]، والطيالسى [2622]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12440، 12441]، و [25/ 413]، والبيهقى في "سننه"[19201]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 202]، =

ص: 14

2336 -

حَدَّثَنَا جعفر بن حميد الكوفى، حَدَّثَنَا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حِلْفَ فِي الإِسْلامِ، وَمَا كَانَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلامُ إِلا شِدَّةً - أَوْ - حِدَّةً".

= وفى "المشكل"[8/ 97]، وابن الجعد [1711]، وابن الجارود [894]، وأبو عوانة [6224]، وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 7275]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 420]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 221]، وجماعة، من طرق عن جعفر بن أبى وحشية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه.

قلتُ: وسنده كالشمس، وله طرق أخرى عن ابن عباس نحوه.

2336 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 317، 329]، والدارمى [2526]، وابن حبان [4370]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11740]، والحارث في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 5146]، والطبرى في "تفسيره"[4/ 52]، وغيرهم، من طرق عن شريك عنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

وليس عند الحارث: (لا حلف في الإسلام

).

قلتُ: وسنده ضعيف فيه علتان:

الأولى: شريك هو القاضى النخعى المشهور، سيئ الحفظ مع كونه قد تغير حفظه لما ولى القضاء، وكان إمامًا فقيهًا نبيلًا.

2 -

سماك بن حرب: صدوق صالح، إلا أن حفظه قد ساء أخيرًا حتى صار يتلقَّن، وتلك مصيبة، وروايته عن عكرمة خاصة قد ضعفوها، لكنّ سماكًا لم ينفرد به:

1 -

بل تابعه عطاء بن أبى مسلم الخراسانى على نحوه عند الطبراني في "مسند الشاميين"[3/ رقم 2411]، بإسناد صالح إليه، وعطاء شيخ صدوق متماسك على أوهام له.

2 -

وتابعه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة على مثله وزاد: (وما يسرنى أن لى حمر النعم وأنى نقضتُ الحلف الذي كان في دار الندوة) أخرجه الطبرى في "تفسيره"[4/ 52]، بإسناد صالح إليه، ومحمد بن عبد الرحمن ثقة مشهور.

وقد توبع عليه عكرمة أيضًا: تابعه عطاء بن أبى رباح نحوه في قصة عند ابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 1/ 527]، من طريق الحسن بن محمد بن الصباح عن حجاج الأعور عن ابن جريج وعثمان بن عطاء كلاهما عن عطاء عن ابن عباس به

=

ص: 15

2337 -

حَدَّثَنا المعلى، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن أبى بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، أن رجلا وقصه بعيره، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُغسل بماءٍ وسدرٍ، ولا يُمَسَّ طِيبًا، ولا يكفَّنَ، ولا يخمَّر رأسُهُ، وقال:"إِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقيَامَةِ مُلَبَّدًا".

2338 -

حدَّثَنَا المعلى، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن عبد الأعلى الثعلبى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقوا الحديثَ عَلَى إِلا مَا عَلمْتُمْ،

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح ثابت، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، يأتى منهم حديث أم سلمة [برقم 6902]، وحديث جبير بن مطعم [برقم 7406].

2337 -

صحيح: أخرجه البخارى [8206، 1201، 1209، 17511، 1752، 1753]، ومسلم 12061]، وأبو داود [3238]، والترمذى [951]، والنسائى [1904، 2713، 2714، 2853، 2854، 2855، 2858]، وابن ماجه [3084]، وأحمد [1/ 215] 220، 286، 328، 333، 346]، والدارمى [1852]، وابن حبان [3958، 3959، 3960]، والشافعى [1637]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 295، 296، 297]، والطيالسى [2623]، وابن أبى شيبة [14429]، والبيهقى في "سننه"[6429، 6430، 6431، 6433، 6434، 6436]، وفى "المعرفة"[رقم 2150]، والحميدى [466]، وابن الجارود [506]، وأبو عوانة [رقم 2488]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 58]، وجماعة كثيرة، من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وهو عند جماعة بنحوه

قلت: وقد زاد مسلم وجماعة مع قوله: (ولا تخمروا رأسه) قال: (ولا وجهه) وهى زيادة صحيحة ثابتة من وجوه يؤيد بعضها بعضًا، وقد بسطنا الكلام عليها في "غرس الأشجار".

وراجع "الإرواء"[4/ 198، 199، 1200].

2338 -

ضعيف: بهذا السياق: أخرجه الترمذى [2951]، وأحمد [1/ 323]، والقضاعى في الشهاب [1/ رقم 554]، وابن عساكر في "تاريخه"[51/ 95]، وغيرهم، مثل سياق المؤلف من طرق عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

قلت: وقد أخرجه أحمد أيضًا [1/ 293]، وابن حجر في العجاب [1/ 197]، بالفقرة الأولى والثانية فقط، وهو عند أحمد أيضًا [1/ 327]، بالفقرة الأولى والثالثة فقط، وكذا هو عند الطحاوى في "المشكل"[1/ 205]. =

ص: 16

فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَى الْقُرْآن بغَيْر علْمٍ فلَيَتبوَّأْ مَقْعَدَه من النَّارِ".

= وأخرجه البغوى في "شرح السنة"[1/ 110]، بالفقرة الثانية والثالثة فقط، لكن النشرة الثالثة

عنده بلفظ: (من قال في القرآن بغير علم؛ فليتبوأ مقعده من النار).

وقد أخرجه بهذا اللفظ وحده: الترمذى [2950]، وأبو داود في "سننه" من رواية ابن العبد عنه كما ذكره العراقى في "المغنى"[1/ 27]، وأحمد [1/ 233، 269]، والنسائى في "الكبرى"[8084]، وفى "فضائل القرآن"[رقم 109]، والخطيب في "الجامع"[2/ 1584]، والخليلى في "الإرشاد"[1/ 396]، والطبرى في "تفسيره"[1/ 58]، والبغوى في "شرح السنة"[1/ 111] والطبرى في "الكبير"[12/ رقم 12392]، وجماعة غيرهم.

وهو عند الدارمى [232]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12393، 12394]، وفى "طرق حديث (من كذب على متعمدًا)[رقم 55، 56، 57]، وابن أبى شيبة [26253]، وغيرهم، بالفقرة الثانية منه فقط.

ومدار الإسناد عبد عبد الأعلى الثعلبى، وقد ضعفه أحمد والنسائى وابن معين وابن سعد وجماعة، وقال العقيلى:"تركه ابن مهدى والقطان"، وقال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل":"ويحدث عن سعيد بن جبير وابن الحنيفية وأبى عبد الرحمن السلمى بأشياء لا يتابع عليها".

قلت: وهذا الحديث من روايته عن سعيد بن جبير، وقال أبو زرعة:"ضعيف الحديث ربما رفع الحديث، وربما أوقفه".

قلت: ومصداق قول أبى زرعة قد انجلى في هذا الحديث، فإنه قد اضطرب في وقفه ورفعه، فعاد ورواه موقوفًا على ابن عباس عند الطبرى في "تفسيره"[1/ 58]، بالفقرة الثالثة فقط على اللفظ المذكور قبل، وكذا هو عند ابن أبى شيبة [30101]، بإسناد صحيح إليه.

والفقرة الثانية من الحديث: ثابتة متواترة كما هو معروف، أما الأولى والثالثة فهما ضعيفتان لتفرد الثعلبى بهما من هذا الطريق، نعم قد وقفتُ للفقرة الثالثة (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) على طريق آخر عن ابن عباس به مرفوعًا، فقال ابن حبان في ترجمة (عبد الله بن شيبة الصغانى) من كتابه "الثقات" [8/ 368]: "يروى عن أبى عاصم النبيل ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" ثم ذكره وقال: "حدثنا عنه محمد بن المنذر". =

ص: 17

2339 -

حدَّثَنا محرز بن عونٍ، حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: إنما سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليرى الناس قوته.

= قلت: وهذا إسناد معلق كما ترى، ولم يذكر ابن حبان سنده إلى هذا الصغانى، بك لم أجد أحدًا قد ترجم لذلك الصغانى سوى ابن حبان وحده، وانفراده عن مثل أبى عاصم النبيل - في كثرة الأصحاب - بمثل هذا الإسناد والمتن، فما أراه ممن يُقبل عن مثله إن شاء اللَّه.

والحديث معروف مشهور بهذا المتن من رواية عبد الأعلى الثعلبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

كما مضى، فلعل هذا الصغانى قد دخل له إسناد في إسناد، ولتلك الفقرة شاهد من حديث جندب بن عبد الله البجلى مضى عند المؤلف [برقم 1520]، وسنده لا يصح.

وقد وهم حسين الأسد في تعليقه وهمًا فاحشًا، حيث أوهم أن للحديث - بسياق المؤلف - طرياقًا آخر إلى ابن عباس بسند صحيح، وقد تعقبه الإمام في "الضعيفة"[4/ 265]، وأجاد على عادته - يرحمه الله -.

والحديث قد حسنه بعضهم، كالترمذى، والحافظ في "العجاب في بيان الأسباب"، وقبله البغوى في "شرح السنة" وغيرهم، وقد عرفتَ ما فيه، فاللَّه المستعان.

23 -

صحيح: أخرجه البخارى [1566، 4010]، ومسلم [1266]، والنسائى [2979]، وأحمد [1/ 221]، وابن خزيمة [2777]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11381]، والبيهقى في "سننه"[9057، 6058]، وفى "الشعب"[3/ 4061]، والحميدى [497]، ومن طريقه أبو عوانة [رقم 2804]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد أجلُّ من أن يقال عنه: "صحيح"، لكن اختلف فيه على ابن عيينة، فرواه عنه جمهور أصحابه على هذا الوجه، وخالفهم قتيبة بن سعيد، فرواه عنه فقال: عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس به .. ، فجعل شيخ ابن دينار فيه هو (طاوس) بدل (عطاء).

هكذا أخرجه الترمذى [8632]، فإن كان قتيبة قد حفظه، فلعل لابن دينار فيه شيخين، وقد توبع عليه عمرو بن دينار عن عطاء:

1 -

تابعه عبد الملك بن أبى سليمان بلفظ: (إنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُرِىَ المشركين قوته؛ فمن شاء فعله ومن شاء تركه - يعنى الرمل) أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11288] بإسناد قوى إليه. =

ص: 18

2340 -

حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا ابن أبى زائدة، عن ابن أبى ليلى، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرةً، إلا في ذى القعدة.

2341 -

حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا هشيمٌ، عن ابن أبى ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، دفع أرضِيها، ونخلها مقاسمةً على النصف.

= 2 - وتابعه إسماعيل بن مسلم على نحو رواية عبد الملك عند الطبراني أيضًا في "الأوسط"[5/ رقم 5048]، ولكن بإسنادٍ واهٍ إليه.

وقد رواه جماعة عن ابن عباس به نحوه

2340 -

صحيح: أخرجه ابن ماجه [2996]، من طريق يحيى بن زكريا بن أبى زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عطاء عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناد حديث ابن عباس ضعيف؛ لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى".

قلتُ: وهو كما قال، لكن للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به دون هذا اللفظ والسياق، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة نحوه

منهم عائشة مثل لفظ رواية ابن عباس هنا تمامًا: عند ابن ماجه [2997]، بإسناد صححه الحافظ في "الفتح"[3/ 600]، وفيه نظر.

2341 -

صحيح: أخرجه ابن ماجه [2468]، وأحمد [1/ 250]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 37، 38]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 222]، والخطيب في "تاريخه"[11/ 33]، وأبو عبيد في "الأموال"[رقم 174، 1032]، وابن زنجويه في "الأموال"[رقم 1576]، وأبو يوسف في "الخراج"[ص 55] وغيرهم كلهم - سوى أبى يوسف - من طريق هشيم عن محمد بن عبد الرحمن، بن أبى ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم بن بجرة عن ابن عباس به ..

قلتُ: قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "في إسناده الحكم بن عتيبة، قال شعبة: لم يسمع من مقسم إلا أربعة أحاديث، وابن أبى ليلى هذا وهو محمد بن عبد الرحمن، ضعيف".

قلتُ: وهو كما قال، وهشيم قد صرح بالسماع عند أبى عبيد في "الأموال".

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة نحوه

منها حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 19

2342 -

حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا عبدة، وحميدٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: حدثتنى عائشة: أن يد سارقٍ لم تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ثمن جحفةٍ أو ترسٍ.

2343 -

حَدَّثَنَا عثمان، حدثنا حسين بن عيسى الحنفى، حدَّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليُؤَذِّنْ خيَارُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُم قُرَّاؤُكُمْ".

= شطر ثمرها) أخرجه مسلم [551]- واللفظ له - وأبو داود [3409]، والنسائى [3929]، وجماعة كثيرة.

2342 -

صحيح: هذا يأتى الكلام عليه في (مسند عائشة) عند المؤلف [4379]، فهو موضعه.

2343 -

منكر: بهذا التمام: أخرجه أبو داود [590]، وابن ماجه [726]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11603]، والبيهقى [1848]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 96]، والمزى في "تهذيبه"[6/ 464]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 355] وغيرهم، من طريقين عن حسين بن عيسى الحنفى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد منكر، وفيه علتان:

الأولى: حسين بن عيسى هذا قال عنه الذهبى في "المهذب": "هو أخو سليم القارئ، له مناكير" كما في "فيضر القدير"[5/ 347]، وقال البخارى:"مجهول، وحديثه منكر (يؤمكم أقرركم لكتاب الله) " يعنى هذا الحديث، وقال أبو زرعة:"منكر الحديث" وقال أبو حاتم: "ليس بالقوى، روى عن الحكم بن أبان أحاديث منكرة".

وضعفه سائر النقاد، اللَّهم إلا أن ابن حبان قد وهم الوهم الفاحش في تصرفه، وأدرج الحسين في كتابه "الثقات"[8/ 185]، فكأنه ما عرف الرجل.

والثانية: والحكم بن أبان مختلف فيه، لكن الحديث أنكره البخارى وغيره على حسين بن عيسى كما مضى، وقد جزم الدارقطنى بكون حسين قد تفرد بروايته عن الحكم، كما نقله عن الزيلعى في "نصب الراية"[1/ 227]، ثم نقل الزيلعى عن شيخ الإسلام تقى الدين القشيرى، أنه قال في "الإمام":"وروى إبراهيم بن أبى يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤذن لكم غلام حتى يحتلم، وليؤذن لكم خياركم" قال الزيلعى: "ولم يعزه". =

ص: 20

2344 -

حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا غسان بن مضر، عن سعيد بن يزيد، عن أبى نضرة، عن ابن عباسٍ، قال: من سره أن يحرم ما حرم الله ورسوله، فليحرم نبيذ الجرِّ.

= قلتُ: قد أخرجه ابن عدى في "الكامل"[1/ 224]، من هذا الطريق، ثم نقل الزيلعى عن عبد الحق الإشبيلى أنه قال:"إبراهيم هذا - يعنى ابن أبى يحيى - وثقه الشافعي خاصة، وضعفه الناس، وأصلح ما سمعتُ فيه من غير الشافعي: أنه ممن يكتب حديثه".

قلتُ: بل الحديث، باطل بهذا الإسناد، وابن أبى يحيى هذا ساقط تالف البتة، قد تتابعت كلمات النقاد على توهينه، بل كذبه جماعة من النقاد أيضًا، وعنه يقول أحمد:"قدرى معتزلى جهمى كل بلاء فيه" وماذا يجديه توثيق الشافعي له أصلًا؛!

وترى ابن عدى في "الكامل" ينقل توثيقه عن ابن الأصبهانى أيضًا - وهو محمد بن سعيد الحافظ - مع أن الطريق إلى ابن الأصبهانى بذلك فيه أبو العباس بن عقدة! وهو غير عمدة في نقله على سعة حفظه ومعرفته، وأيش ينفعه توثيق ابن الأصبهانى لو صح إليه؟!

بل أنا على يقين بكون من أثنى على ابن أبى يحيى لم يكن يعرف دخائله، وتجد ابن عدى يتساهل جدًّا في شأن هذا الساقط، فيجعله في عداد من يكتب حديثه، وقد نكت الكوثرى على ابن عدى في تحمُّسه دون ابن أبى يحيى، وذكره بكلام فظ غليظ تعقبناه فيه بكتابنا "المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل" أعاننا الله على إتمامه بخير.

* والحاصل: أن الحديث لا يصح بهذا السياق جميعًا، لكن لجملة (وليؤمكم قراؤكم) شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث أبى سعيد [برقم 1291، 1319].

2344 -

صحيح: أخرجه الدولابى في "الكنى"[رقم 1332]، من طريق محمد بن المثنى - هو أبو موسى الزمن - عن غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبى نضرة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم، وله طريق آخر عن ابن عباس به قريبًا من لفظه عند النسائي [5688]، وأحمد [1/ 340]، و [1/ 27]، والدارمى [2111]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 373]، وابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 248]، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"[رقم 76]، وغيرهم وسنده صحيح ثابت.

• تنبيه: وجدتُ الحديث من طريق المؤلف عند الطبراني أيضًا في "الكبير"[2/ رقم 12778].

ص: 21

2345 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسْتَقْبِلُوا، وَلا تُحَفِّلُوا، وَلَا يُنَفِّقْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ".

2346 -

حَدَّثَنَا خلف بن هشامٍ البزار، وأبو عبد الرحمن العلاف، وغيرهما، قالوا: حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعًا، وفى السفر ركعتين، وفى الخوف ركعةً.

2345 - ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه الترمذى [1268]، وأحمد [1/ 256]، وابن أبى شيبة [20816، 36250]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11774]، والبيهقى في "سننه"[10491]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 7]، وغيرهم، من طرق عن أبى الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الترمذى: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح".

قلتُ: بل فيه علة ظاهرة نصَّ عليها جماعة من النقاد، فسماك بن حرب كان ساء حفظه في آخر عمره حتى صار يتلقن كما قال النسائي وغيره، ورواية أبى الأحوص عنه قد أشار ابن المدينى إلى كونها كانت بآخرة، بل لم يسمع أحد منه قديمًا نعرفه إلا الثورى وشعبة، قال يعقوب بن شيبة:"ومن سمع من سماك قديمًا مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم ...... " ونحوه أشار ابن المدينى إلى ذلك أيضًا، فراجع الحديث الماضى [برقم 2332].

ثم إن رواية سماك عن عكرمة خاصة قد تكلم فيها جماعة وأعلوها بالاضطراب، فقال يعقوب بن شيبة:"روايته عن عكرمة خاصة مضطربة". ومثله قال شيخه ابن المدينى وغيره، نعم للحديث شواهد لكن دون هذا اللفظ جميعًا.

2346 -

صحيح؛ أخرجه مسلم [687]، وأبو داود [1247]، والنسائى [456، 1441، 1442، 1532]، وأحمد [1/ 243، 254، 355]، وابن خزيمة [304، 943، 1346]، وابن حبان [2868]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11041، 11042، 11043]، وفى "الصغير"[2/ رقم 776]، وسعيد بن منصور [2508، 2511]، وابن أبى شيبة [8282، 8283]، والبيهقى في "سننه"[5166، 5850]، وفى "المعرفة"[رقم 1856]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 309]، وأبو عوانة [رقم 1045، 1873، 1874، 1939]، =

ص: 22

2347 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر القواريرى، حَدَّثَنَا حماد بن زيدٍ، حَدَّثَنَا الجعد أبو عثمان اليشكرى، عن أبى رجاءٍ العطاردى، عن ابن عباسٍ، يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ يُفَارِقِ الجمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

2348 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنشٍ،

= والبغوى في "شرح السنة"[2/ 220]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2188، 2297] وغيرهم، من طرق عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلتُ: وسنده لا غبار عليه، وهو عند ابن ماجه [1068]، وجماعة، ولكن دون جملة (وفى الخوف ركعة) فانتبه!

2347 -

صحيح: أخرجه البخارى [6645، 6646، 6724]، ومسلم [1849]، وأحمد [1/ 197، 310]، والدارمى [2519]، والطبرانى في "الكبير"[2/ رقم 12759]، والبيهقى في "سننه"[16393]، وفى "الشعب"[6/ رقم 7497]، وأبو عوانة [رقم 5789، 5790]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 165]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 41]، وأبو عمرو الدانى في "الفتن"[2/ رقم 137]، وغيرهم من طرق عن الجعد بن دينار عن أبى رجاء العطاردى عن ابن عباس به.

قلتُ: وسنده قوى قائم، وأبو رجاء هو عمران بن ملحان الثقة العالم النبيل، والجعد بن دينار قوى الحديث صالح، وثقه جماعة منهم ابن حبان وقال:"يخطئ".

وقد وجدته قد خولف في رفعه، فقال شعبة: سمعتُ أحمر أو ابن أحمر - الشك من شعبة - يحدث عن أبى رجاء العطاردى قال: سمعتُ ابن عباس يخطب على المنبر يقول: (من فارق الجماعة شبرًا فمات؛ مات ميتة جاهلية)، هكذا وقفه على ابن عباس، رواه ابن أبى شيبة [37158]: حدثنا غندر عن شعبة به.

قلتُ: ابن أحمر أو أحمر لم أعرفه بعد، ومعلوم أن شعبة كان يخطئ في أسماء الرجال، فشكُّه في اسم شيخه لا يزيد التعريف به إلا غموضًا، وللحديث شواهد.

2348 -

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11538]، والبيهقى في "الشعب"[5/ رقم 5599]، وابن أبى الدنيا في "ذم المسكر"[رقم 4] وغيرهم، من طرق عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حسين بن قيس المعروف بحنش عن عكرمة عن ابن عباس به .. =

ص: 23

عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَرِبَ شَرَابًا حَتَّى يَذهَبَ بِعَقْلِهِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ، فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ".

2349 -

حَدَّثَنَا أبو يوسف الجيزى، حَدَّثَنَا مؤملٌ، حَدَّثَنَا حماد بن زيدٍ، حَدَّثَنَا عمرو بن مالك النكرى، عن أبى الجوزاء، عن ابن عباس - قال حمادٌ: ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال: "عُرَى الإِسْلامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الإِسْلامُ، مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ: شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَالصَّلاةُ

= قلتُ: وهذا إسناد ساقط، قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [رقم 3786]:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حنش، واسمه حسين بن قيس الرحبى"، وقال الهيثمى في "المجمع" [4/ 362]:"فيه حنش واسمه حسين بن قيس وهو متروك، وزعم أبو محصن أنه شيخ صدوق".

قلتُ: أبو محصن - واسمه محصن بن نمير - غايته أن يسلم من مثل قول أبى أحمد الحاكم عنه: "ليس بالقوى عندهم"، ومن مثل قول ابن أبى خيثمة عنه:"قلتُ لأبى: لم لا تكتب عن أبى محصن؟! قال: أتيتُه فإذا هو يحمل على عليّ، فلم أعد إليه"، وهو وإن وثقه جماعة فمثله لا يقبل منه قول ينفرد به عن أئمة أهل الصناعة، وحنش قد أسقطه النقاد بخط عريض جدًّا، فماذا ينفعه ثناء أبى حصين عليه إلا أن يزاد ضعفًا؟!

وعن حنش يقول أحمد: "متروك الحديث ضعيف الحديث"، وفى روايته عنه:"ليس حديثه بشئ، لا أروى عنه"، وقال ابن أبى حاتم عن أيبه: "ضعيف الحيث، منكر الحديث، قيل له: كان يكذب؟! قال: أسأل الله السلامة

"، وقال البخارى: "أحاديثه منكرة جدًّا، ولا يكتب حديثه". وراجع ترجمته من "التهذيب، وذيوله".

والحديث من طريق حنش: عند الحارث [1/ رقم 464/ زوائد الهيثمى]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[رقم 244]، وعندهما زيادة أخرى بمتنه.

2349 -

منكر: أخرجه اللالكائى في "شرح الاعتقاد"[4/ رقم 1576]، وابن عبد البر في "التمهيد"[16/ 162]، وفى "الاستذكار"[2/ 154، 372]، و [3/ 218]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12800]، وغيرهم من طرف عن المؤمل بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكرى عن أبى الجوزاء عن ابن عباس به

وليس عند الطبراني قول ابن عباس في آخره. =

ص: 24

المكْتُوبَةُ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ" ثم قال ابن عباسٍ: تجده كثير المال لا يزكَّى، فلا يزال بذاك كافرًا فلا يحل دمه، وتجده كثير المال لم يحج فلا يزال بذاك كافرًا، ولا يحل دمه.

= قلتُ: وهذا إسناد منكر، وفيه علتان:

الأولى: مؤمل بن إسماعيل صدوق صالح في نفسه، صُلْب في السنة، شديد على أهل البدع، لكن لم يكن الحديث صنعته، حمله الورع على أن يدفن كتبه كلها، ثم احتاج بعد ذلك إلى التحديث، فجعل يخطئ ويضطرب كثيرًا حتى وقعت تلك المناكير في روايته، لكنه لم ينفرد به، فقال ابن رجب في "جامع العلوم" [ص 44]:"ورواه قتيبة بن سعيد عن حماد بن زيد مرفوعًا مختصرًا".

قلتُ: ولم أقف على تلك المتابعة بعد، ثم ذكر ابن رجب أن حماد بن زيد قد توبع عليه أيضًا، فقال:"ورواه سعيد بن زيد - أخو حماد - عن عمرو بن مالك النكرى عن أبى الجوزاء عن ابن عباس مرفوعًا وقال فيه: من ترك منه واحدة فهو باللَّه كافر، ولا يقبل منه صرف ولا عدل، وقد حلَّ دمه وماله، ولم يذكر ما بعده".

قلتُ: ونحوه ذكر المنذرى في "الترغيب"[1/ 215]، [2/ 66]، وسعيد بن زيد هذا مختلف فيه، وقال الحافظ:"صدوق له أوهام".

والثانية: عمرو بن مالك النكرى - بضم النون - لم يوثقه أحد سوى ابن حبان وحده، ومع ذلك فقد قال:"يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه"، وقد نقل الحافظ في "تهذيبه"[8/ 96]، عن ابن حبان أيضًا أنه قال عنه:"خطئ ويغرب" وتابعه الإمام على هذا النقل في "الضعيفة"[1/ 211]، وفى "تمام المنة"[ص 138].

وهو وهْم منهما جزمًا، ومثلهما فعل البوصيرى في "الإتحاف"، أيضًا، والذى قال فيه ابن حبان:"يغرب يخطئ" إنما هو عمرو بن مالك النكرى شيخ متأخر الطبقة يروى عن الفضيل بن سليمان وعنه جماعة من شيوخ ابن حبان كما ذكر ذلك في ترجمته من كتابه "الثقات"[8/ 487].

ولم ينتبه بشار عواد لهذا أصلًا، فقال يتعقب الحافظ في تعليقه على "تهذيب الكمال"[2/ 212]، فيما نقله الحافظ عن ابن حبان من قوله عن عمرو بن مالك:"يخطئ ويغرب"، قال بشار:"ولم نجد هذا القول في المطبوع من ابن حبان، فلعله سقط".

قلتُ: بل ما سقط إلا من أعينكم جميعًا، وهذا النقل ثابت عن ابن حبان، ولكن قاله في شيخ =

ص: 25

2350 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زيادٍ، حَدَّثَنَا سليمان الأعمش، عن سالم بن أبى الجعد، عن ابن عباسٍ، قال: جاء رجلٌ من بنى عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كان يداوى ويعالج، فقال له: يا محمد، إنك تقول أشياء، فهل لك أن أداويك؟ قال: فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له:"هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيكَ آيَةً؟ " وعنده نخلٌ وشجرٌ قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقًا منها، فأقبل إليه وهو يسجد ويرفع، ويسجد ويرفع رأسه حتى انتهى إليه، فقام بين يديه ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ" فَرَجَعَ إلَى مَكانه، فقال: واللَّه لا أكذبك بشئٍ تقوله بعدها أبدًا، ثم قال: يا عامر بن صعصعة، إنى واللَّه لا أكذبه بشئٍ يقوله بعدها أبدًا قال: والعذق: النخلة.

= آخر غير عمرو بن مالك النكرى المتقدم الذي يروى عن أبى الجوزاء وطبقته، وإن اتفق هذا والذى قبله في الاسم واسم الأب والنِّسبة، فانتبه يا رعاك الله!

وفى الحديث نكارة ظاهرة تحدث عنها الإمام في "الضعيفة"[1/ 211]، وقد حسنه المنذرى والهيثمى، وقد عرفت ما فيه.

* تنبيه: شيخ المؤلف (أبو يوسف الجيزى) يقول عنه البوصيرى في "الإتحاف": "وأبو يوسف هو يعقوب بن سفيان الفسوى".

قلتُ: وهذا وهم غريب، وإنما هو يعقوب بن إسحاق الجيزى المترجم في ثقات ابن حبان [9/ 285].

2350 -

ضعيف: بهذا السياق: أخرجه ابن حبان [6523]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12595]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 362]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 2267]، وأبو نعيم في "الدلائل"[رقم 286] وغيرهم، من طرق عن عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن ابن عباس به ..

قلتُ: قال الهيثمى في المجمع [8/ 566]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح

".

قلتُ: وسنده صحيح لولا عنعنة سليمان بن مهران الأسدى! وقد اختلف عليه في سنده أيضًا، فرواه عنه عبد الواحد بن زياد على هذا الوجه، وخالفه أبو معاوية الضرير - أثبت الناس في الأعمش - فرواه عن الأعمش فقال: عن أبى ظبيان عن ابن عباس قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من بنى عامر فقال: "يا رسول أرنى الخاتم الذي بين كتفيك؛ فإنى من أطبّ الناس. =

ص: 26

2351 -

حَدَّثَنَا خلف بن هشامٍ البزار، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أبى شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحج، أفأحج عنه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، فَحُجَّ مَكَانَ أَبِيكَ".

= فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أريك آية؟! قال: بلى، قال: فنظر إلى نخلة فقال: ادع ذلك العذق، فدعاه فجاء ينقز حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع. فرجع إلى مكانه، فقال العامرى: يا آل بنى عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلًا أسحر".

هكذا أخرجه أحمد [1/ 223]- واللفظ له - والدارمى [24]، وأبو نعيم في "الدلائل"[رقم 32]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[4/ رقم 1486]، والطبرى في "تاريخه"[1/ 530]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 2264]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 363]، وفى "المعجم"[رقم 999].

وقد توبع أبو معاوية على ذلك الطريق: تابعه عبد الملك بن معن بسياق مختلف عند البيهقى في "الدلائل"[رقم 2266]، بإسناد صالح إليه.

وهذا الوجه هو المحفوظ عن الأعمش، وسنده صحيح على شرطهما لو سلم من عنعنة الأعمش أيضًا، نعم قد تابعه سماك بن حرب لكن بسباق آخر عند الترمذى [3628]، والحاكم [2/ 676]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12622]، والبخارى في "تاريخه"[3/ 3]، والبيهقى في "الاعتقاد"[ص 48]، وفى "الدلائل"[رقم 2263]، وجماعة، وسنده لا يصح إلى سماك، ثم سماك نفسه فيه كلام مضى شرحه في الحديث [رقم 2332].

* والحاصل: أن الحديث ضعيف بمثل سياق المؤلف جميعًا، وإن كان أصل القصة ثابتًا من طرق عن جماعة من الصحابة.

2351 -

صحيح: أخرجه ابن حبان [3994]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[611]، وابن أبى شيبة [15008]، وغيرهم، من طرق عن أبى الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: قد توبع عليه، أبو الأحوص:

1 -

تابعه الوليد بن أبى ثور عليه بنحوه مختصرًا مع زيادة في أوله عند الدارقطنى في "سننه"[2/ 281]، لكن الطريق إليه لا يثبت، والوليد نفسه ضعيف عندهم. =

ص: 27

2352 -

حَدَّثَنَا خلفٌ، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفًا، ثم مسح يده بمسحٍ كان تحته، ثم قام فصلى.

= 2 - وتابعه سعيد بن سماك بن حرب نحوه عند الطبراني في "الصغير"[2/ رقم 812]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[5/ 264]، والطريق إليه ضعيف أيضًا، وسعيد نفسه متروك كما قال أبو حاتم الرازى، فالعمدة على رواية أبى الأحوص.

وسنده ضعيف على كل حال، فسماك بن حرب قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، وسماع أبى الأحوص وغيرهم من هؤلاء الصغار إنما كان أخيرًا، ثم إن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة كما قاله جماعة من النقاد.

نعم: لم ينفرد سماك، فقد تابعه الحكم بن أبان بلفظ:(قال رجل: يا رسول الله إن أبى مات ولم يجج؛ فأحج عنه؟ قال: أرأيتَ لو كان على أبيك دين أكنتَ قاضيه؟! قال: نعم. قال: فدين الله أحق).

أخرجه النسائي [2639]، ومن طريقه ابن حزم في "الأحكام"[7/ 411]، بإسناد صحيح إليه، والحكم شيخ صدوق. وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه ..... يأتى بعضها [برقم 2384، 6737، 6812، 6818]، وغير ذلك.

2352 -

صحيح: أخرجه أبو داود [189]، وأحمد [1/ 326]، وابن حبان [1162]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11738، 11739]، وابن أبى شيبة [522]، وابن عبد البر في "التمهيد"[3/ 346]، والبيهقى في "الشعب"[5/ رقم 8525]، وغيرهم من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم نحوه

قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم، نعم رواية سماك عن عكرمة مضطربة، اللَّهم إلا إذا كانت من رواية الثورى أو شعبة عن سماك بن حرب؛ لكونهما قد سمعا من سماك قبل تغيره، وكذا لكونهما أضبط من غيرهما لحديث سماك كما أشار بن المدينى وغيره إلى ذلك، راجع الحديث الماضى [برقم 2332].

وله طريق آخر عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ) أخرجه مالك [48]، ومن طريقه البخارى [204]، ومسلم [354]، وأبو داود [187]، وجماعة كثيرة.

ص: 28

2353 -

حَدَّثَنَا خلف، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج في سفرٍ، قال:"اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخلِيفَة فِي الأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضُّبْنَةِ فِي السَّفَرِ، وَالْكَآبَةِ في الْمُنْقَلَبِ، اللَّهُمَّ اقْبِضْ لَنَا الأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ" فإذا أراد الرجوع، قال:"آيِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فإذا دخل أهله قال: "تَوْبًا تَوْبًا، لِرَبِّنَا أَوْبًا، لا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حُوبًا".

2353 - ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أحمد، وابنه في "الزوائد"[1/ 255] وأحمد وحده [1/ 299]، وابن حبان [2716]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11735]، وابن أبى شيبة [29606، 33622]، والبيهقى في "سننه"[15084]، والطبرى في "تهذيبه"[رقم 1398، 1397]، والمحاملى في "الدعاء"[رقم 30]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 583]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[رقم 530]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[ص 369]، والشجرى في "الأمالى"[ص 209]، وجماعة، من طرق عن أبى الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم مختصرًا.

قلتُ: قد توبع عليه أبو الأحوص، تابعه زائدة بن قدامة، عند الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1528]، من طريق محمد بن معمر البصرى عن يعقوب بن إسحاق الحضرمى عن زائدة به.

قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زائدة إلا يعقوب، والمشهور من حديث أبى الأحوص سلام بن سليم عن سماك".

قلتُ: وهذا هو المحفوظ، فلعل يعقوب الحضرمى أو مَنْ دونه قد وهم فيه، والحديث معلول باضطراب رواية سماك عن عكرمة، وقد مضى أن سماك بن حرب قد تغير بآخرة حتى صار يتلقَّن، وسماع أبى الأحوص وغيره - دون شعبة والثورى - إنما كان أخيرًا.

والحديث ضعيف بهذا السياق والتمام، لكن أكثره له شواهد ثابتة، مضى منها حديث البراء [برقم 1663]، وليس يضعف من الحديث سوى جملة:(اللَّهم إنى أعوذ بك من الضبنة في السفر)، وكذا قوله:(توبًا توبًا .... ) إلى آخره. فانتبه.

ص: 29

2354 -

حَدَّثَنَا خلف، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِى يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْم مِنَ الرَّمِيَّةِ".

2355 -

حَدَّثَنَا خلف بن هشامٍ، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِروا لِرؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ دُونَة غَيَايَةٌ فَأَكْمِلُوا ثَلاثِينَ".

2354 - صحيح: أخرجه ابن ماجه [171]، والطيالسى [2687]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11734، 11775]، وابن أبى شيبة [30194، 37919]، والفريابى في "فضائل القرآن"[175]، وغيرهم، من طرق عن أبى الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به ..

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[5/ 235]: "هذا إسناد جيد وهو على شرط مسلم".

قلتُ: الإمام وجدته كثيرًا ما يُحسِّن أو يجوِّد تلك الترجمة، مع كونه في مواضع أخرى يعلها بالاضطراب كما قاله جماعة من النقاد، فلا أدرى أيش يكون هذا التصرف!

وقال البوصيرى في "مصباح الزجاجة"[1/ 25]: "هذا إسناد ضعيف؛ والعلة فيه من سماك، قال النسائي ويعقوب بن شيبة: روايته عن عكرمة مضطربة، وروايته عن غيره صالحة، ورواه أبو داود في "سننه" من حديث الخدرى، ومن حديث على بن أبى طالب".

قلتُ: قد مضى حديث عليّ [برقم 358]، وحديث الخدرى [برقم 1193]، وشواهده كثيرة.

2355 -

صحيح: أخرجه الترمذى [688]، والنسائى [2130]، وابن حبان [3594]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11756]، وابن أبى شيبة [9019]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 35]، وأبو الفضل الزهرى في حديثه [رقم 350]، وغيرهم، من طرق عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهكذا رواه جماعة عن أبى الأحوص على هذا الوجه، وخالفهم خلف بن تميم الكوفر، فرواه عنه فقال: عن أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

، فجعل شيخ أبى الأحوص فيه:(أشعث) بدلًا من (سماك). =

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11706]، وفى "الأوسط"[6/ رقم 5740]، بإسناد صحيح إليه، وخلف بن تميم ثقة معروف، إلا أنه لا يحتمل مخالفة مَنْ هو أوثق منه؛ لا سيما إذا كانوا جماعة، فإن لم يكن هو الواهم؛ فلعل الوهم ممن دونه ولا بد، وقد توبع أبو الأحوص عليه، تابعه جماعة منهم:

1 -

زائدة بن قدامة نحوه وزاد: (ثم أفطروا والشهر تسع وعشرون).

أخرجه أبو داود [2327]، وعنه البيهقى في "سننه"[7737]- واللفظ له - وأحمد [1/ 258]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11754]، والشجرى في "الأمالى"[ص 282]، وغيرهم. وهو عند، الحربى في "الغريب"[1/ 222]، ولكن دون الزيادة.

2 -

وحاتم بن أبى صغيرة ولفظه: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب أو ظلمة أو هبوة، فأكملوا العدة، ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان).

أخرجه الحربى في "الغريب"[59/ 1 - 2]، كما في الصحيحة [4/ 549]- واللفظ له - والبغوى في "شرح السنة"[3/ 232]، وهو عند النسائي [2189]، والبيهقى في "سننه"[7736]، مثله دوان (أبو هبوة) وعندهما قصة في أوله.

وهكذا أخرجه الدارمى [1863]، لكن دون قوله:(ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان) وهو عند الطحاوى في "المشكل"[9/ 109] نحوه حتى قوله: (فأكملوا العدة) فقط. ووجدته عند ابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 36]، من طريق النسائي به بالسياق الماضى.

3 -

والوليد بن أبى ثور نحوه عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11755]، لكن بإسناد واهٍ إليه، وكذا هو عند الشجرى [ص 276].

4 -

وحازم بن إبراهيم نحو سياق المؤلف وزاد: (ثم أفطروا ولا تصوموا قبله يومًا) أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 157]، وفى أوله قصة.

5 -

والحسن بن صالح نحوه عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11757]، بإسناد صحيح إليه.

6 -

وأبو عوانة نحو سياق رواية حاتم بن أبى صغير عند الطيالسى [2671]، ومن طريقه البيهقى [7738].

ص: 31

2356 -

وَبِإِسْنَادِهِ عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ، وَلا تُحَفِّلُوا، وَلا يُنَفِّقْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ".

2357 -

وَعَنِ ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على الخُمْرَةِ.

= 7 - وشعبة بلفظ: (لا تستقبلوا الشهر استقبالًا، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبين منظره سحاب أو قترة؛ فأكملوا العدة ثلاثين).

أخرجه ابن خزيمة [1912]، وعنه ابن حبان [3590]، والحاكم [1/ 587]، وقال الحاكم:"هذا من حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ".

قلتُ: وهو كما قال إن شاء الله، وفى أوله قصة عندهم، وقد قلنا مرارًا بأن النقاد قد تكلموا في رواية سماك عن عكرمة وجزموا بكونها مضطربة، لكن إذا كانت من طريق شعبة أو الثورى عن سماك فهى مستقيمة صالحة كما أشار إليه ابن المدينى فيما نقلناه عنه في الحديث [رقم 2332]، فراجعه ثمَّ.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

انظرها في "الإرواء"[4/ 5، 6، 7]، وسيأتى بعضها [برقم 2388].

2356 -

ضعيف: مضى قريبًا [برقم 2345].

2357 -

صحيح: أخرجه الترمذى [331]، وأحمد [1/ 269، 308، 320، 358]، وابن حبان [2310، 2311]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11752]، والبيهقى في "سننه"[3999]، والعسكرى في "تصحيفات المحدثين"[ص 539] وغيرهم، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

فلتُ: قال الترمذى: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح".

قلتُ: وهو كما قال لشواهده الكثيرة، أما إسناده فضعيف؛ لما قد عرفته من حال سماك بن حرب، وكذا من حال روايته عن عكرمة خاصة، راجع [رقم 2332].

وسيأتى له شواهد مثل هذا اللفظ، منها حديث أنس [برقم 2791]، و [2795]، وحديث أم سلمة [برقم 6884]، و [رقم 7518]، وحدث ميمونة [برقم 7090]، وحديث أم حبيبة [برقم 7131].

ص: 32

2358 -

حَدَّثَنِي محمد بن منصورٍ الطوسى، حَدَّثَنَا أبو أحمد الزبيرى، حَدَّثَنَا عبد السلام بن حربٍ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لما نزلت: ({تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} [المسد: 1] جاءت امرأة أبى لهبٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكرٍ، فلما رآها أبو بكرٍ، قال: يا رسول الله، إنها امرأةٌ بذيةٌ وأخاف أن تؤذيك، فلو قمت؟ فقال:"إِنَّهَا لَنْ تَرَانِى"، فقالت: يا أبا بكرٍ، صاحبك هجانى قال: وما يقول الشعر. قالت: أنت عندى مصدَّقٌ، وانصرفتْ، فقلتُ: يا رسول الله، لم تَرَكَ! قال:"لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْتُرُنِى مِنْهَا بِجَنَاحِهِ".

2359 -

حَدَّثَنَا محمد بن منصورٍ الطوسى، حَدَّثَنَا موسى بن داود، حَدَّثَنَا محمد بن

2358 - ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 25]، فانظره ثمَّ.

2359 -

حسن لغيره: أخرجه أبو داود [2914]، وابن ماجه [2485]، والبيهقى في "سننه"[18065]، وابن الجوزى في "التحيقيق"[2/ 245]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 49]، وفى "الاستذكار"[7/ 198]، والطحاوى في المشكل [8/ 63]، وغيرهم، من طرق عن موسى بن داود عن محمد بن مسلم الطائفى عن عمرو بن دينار عن أبى الشعثاء عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد حسن في المتابعات، ومحمد بن مسلم الطائفى مختلف فيه، وأراه إلى الضعف أقرب، وبه أعله ابن حزم في "المحلى"[9/ 358]، وباقى رجاله ثقات.

وقد رأيته خولف في وصله، خالفه ابن عيينة - الإمام المتقن - فرواه عن عمرو بن دينار به نحوه مرسلًا، هكذا أخرجه سعيد بن منصور [رقم 193]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 49]، وهذا هو المحفوظ مرسلًا، وابن عيينة أثبت أهل الدنيا في عمرو بن دينار.

وقد توبع ابن عيينة على هذا الوجه المرسل: تابعه ابن جريج على نحوه عند عبد الرزاق [12637]، وهكذا وجدتُ محمد بن مسلم الطائفى نفسه قد رواه عن عمرو بن دينار نحوه مرسلًا عند عبد الرزاق [9893]، وطريق ابن عيينة عند الطحاوى أيضًا في المشكل [8/ 63].

وللحديث طريق آخر يرويه إبراهيم بن طهمان عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا بلفظ: (أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهى على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض قسمت في الإسلام فهى على قسم الإسلام). =

ص: 33

مسلمٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن أبى الشعثاء، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلامُ فَهُوَ عَلَى مَا قَسَم".

2360 -

حَدَّثَنَا زياد بن أيوب أبو هاشمٍ - يعرف بِدَلُّوَيْهِ - حَدَّثَنَا يحيى بن يمانٍ، عن

= أخرجه ابن طهمان في مشيخته [رقم 79]، ومن طريقه ابن المظفر في (غرائب مالك) ومن طريقه البيهقى في "سننه"[18066]، وسنده ظاهره الصحة، إلا أنه معلول، فقد رواه الجماعة عن مالك فقالوا: عن ثور بن زيد به مرسلًا.

هكذا أخرجه مالك في "الموطأ"[14333]، والبيهقى في "سننه"[18064]، والشافعى في "الأم"[7/ 369]، ومن طريقه البيهقى أيضًا في "المعرفة"[رقم 5687]، وهذا هو المحفوظ مرسلًا، وله طريق ثالث يرويه محمد بن الفضل بن عطية عن سالم بن الأفطس عن عطاء عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ (كل ميراث أدرك الإسلام ولم يقسم فهو على قسم الإسلام).

أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11488]، وسنده ساقط جدًّا، ومحمد بن الفضل هذا كذاب معروف.

وللحديث شاهد من رواية ابن عمر مرفوعًا بلفظ: (ما كان من ميراث قسم في الجاهية فهو على قسمة الجاهلية، وما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام) أخرجه ابن ماجه [2749]، والطبرانى في "الأوسط"[1/ 230]، و [6/ 6499]، وفى سنده ابن لهيعة، وحاله معلومة.

وفى الباب مراسيل ثابتة عن عطاء بن أبى رباح وجابر بن زيد وغيرهما، ومضى مرسل ثور بن زيد، ومرسل ابن دينار، فهذه المراسيل إذا انضمت إلى رواية ابن لهيعة فأرجو أن يُحسَّن الحديث بذلك إن شاء الله.

2360 -

صحيح: أخرجه الخطيب في "تاريخه"[5/ 9]، من طريق زياد بن أيوب عن يحيى بن اليمان عن ابن عيينة عن يزيد بن أبى زياد عن مقسم عن ابن عباس به .. وعنده:(وهو صائم محرم).

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن اليمان كثير الأوهام، لكنه توبع عليه: تابعه جماعة من أصحاب ابن عيينة عليه به

ولكن مختصرًا بلفظ (احتجم وهو صائم محرم) أو (احتجم وهو محرم). =

ص: 34

سفيان، عن يزيد بن أبى زيادٍ، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرمٌ، في الأخدعين والكاهل، وأعطى الحجَّام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه.

2361 -

حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأموى، قال: حدثنى أبى، حَدَّثَنَا ابن جريجٍ، عن عبد الله بن أبى حسينٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ جُزْءٌ - أحْسَبُهُ - قَالَ: مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

= ورواياتهم عند ابن ماجه [3081]، والشافعى في "مسنده"[3081]، وفى "سننه"[رقم 336/ رواية الطحاوى]، ومن طريقه البيهقى في "سننه الكبرى"[8085]، وفى "الصغير"[1070]، وفى "المعرفة"[2669]، والحميدى [501]، وإبراهيم بن عبد الصمد في "أماليه"[83].

وقد توبع ابن عيينة على هذا السياق المختصر: تابعه جماعة كما يأتى الكلام عليه في الطريق الآتى [2471]، ومداره على يزيد بن أبى زياد وهو ضعيف تغير حفظه بأخرة حتى صار يتلقن، وهذه مصيبة، نعم قد توبع على هذا السياق المختصر كما يأتى الكلام عليه في الموضع المشار إليه آنفًا.

ولسياق المؤلف هنا: طريق آخر يرويه جماعة عن جابر الجعفى عن الشعبى عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم إلى الأخدعين وبين الكتفين، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه).

أخرجه الترمذى في "الشمائل"[363]- واللفظ له - وأحمد [1/ 316]، وأبو نعيم في "مسانيد فراس المكتب"[16]، وغيرهم. وجابر الجعفى هالك منحط.

وللحديث طرق أخرى ثابتة عن ابن عباس به نحوه ولكن دون تعيين موضع الحجامة، منها طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال:(احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثًا لم يعطه).

أخرجه أبو داود [2423]- واللفظ له - والبخارى [2159] و [1997]، وجماعة كثيرة. وأما تعيين موضع الحجامة: فهذا ثابت من طرق عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث جابر بن عبد الله [برقم 2205]، ويأتى من حديث أنس [برقم 3048].

2361 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11627]، من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأموى، عن أبيه عن ابن جريج عن ابن أبى حسين عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 35

2362 -

حَدَّثَنَا زياد بن أيوب، عن ابن أبى غنية، عن سفيان، عن جابرٍ، عن الشعبى، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام أجره.

= قلتُ: وهذا إسناد قوى لولا عنعنة ابن جريج، وأجارك الله من تدليسه إن ثبت! وعنه يقول الدارقطنى:"شر التدليس تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح" نقله عنه الحافظ في "طبقات المدلسين"[ص 41/ رقم 83]، وباقى رجاله ثقات مشاهير.

وللحديث طريق آخر عن ابن عباس ولكن بلفظ: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة) ويأتى الكلام عليه [2598]، وله شواهد عن جماعة من الصحابة بلفظه الأول، يأتى منها حديث عبادة بن الصامت [3237]، وحديث أنس [3285، 3430، 3754، 3812].

• تنبيه: وقع في سند المؤلف في الطبعتين: (عن عمر بن أبى حسين) كذا (عن عمر) وعمر هذا لا تُعرف له رواية عن عكرمة، وكذا لا يروى ابن جريج عنه، وإن كان مكيّا معروفًا، وإنما المراد هنا هو (عبد الله بن أبى حسين) فهو المعروف بالرواية عن عكرمة وعنه ابن جريج.

وهكذا وقع على الصواب عند البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 6021]، فلعله كان قد وقع في بعض النسخ (عن ابن أبى حسين) هكذا مبهمًا؛ فظنه بعض النساخ (عمر بن أبى حسين) فلم ير بأسًا من إثباته في السند، فانتبه!

2362 -

صحيح: أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 130]، من طريق الفريابى عن الثورى عن جابر الجعفى عن الشعبى عن ابن عباس به

وزاد: (ولو كان حرامًا لم يعطه ذلك).

قلتُ: ونحوه عند الترمذى في الشمائل [363]، وأبى نعيم في "مسانيد فراس المكتب"[16]، وفى "معرفة الصحابة"[1956]، وأحمد [1/ 316، 324، 333]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12584]، وغيرهم، وزادوا فيه موضع الاحتجام بكونه في (الأخدعين وبين الكتفين)، وزاد أحمد وأبو نعيم جملة أخرى متعلقة بأجرة الحجَّام. وهو عند الطبراني في "تهذيب الآثار"[رقم 2861، 2862، 2863، 2864، 2865]، وأحمد [1/ 234]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12587]، وغيرهم، بموضع الحجامة فقط، كلهم رووه من طرق عن جابر الجعفى به.

قلتُ: ومداره على هذا الجعفى، وهو ساقط الحديث رافضى خبيث، وقد اضطرب فيه أيضًا، فعاد ورواه عن الشعبى به مرسلًا بلفظ:(احتجم وهو محرم). =

ص: 36

2363 -

حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأموى، حَدَّثَنَا أبى، حَدَّثَنَا محمد بن قيسٍ الأسدى، عن محمد بن عبيد الله الثقفى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد بنى أسد فتكلموا فأبانوا، فقالوا: يا رسول الله، قاتلتك مضر كلها ولم نقاتلك، ولسنا بأقلهم عددًا ولا أكلهم شوكةً وصلنا رحمك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأي بكرٍ وعمر حيث سمع كلامهم:"أَيَتَكَلَّمُونَ هَكَذَا؟ " قال: يا رسول الله، إن فقههم لقليلٌ، وإن الشيطان لينطق على لسانهم.

= هكذا أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 136]، وتابعه وعلى هذا الوجه المرسل: زكريا بن أبى زائدة عند ابن سعد أيضًا [8/ 136].

نعم: رواه عاصم الأحول عن الشعبى عن ابن عباس قال: (حجم النبي صلى الله عليه وسلم عبد لبنى بياضة؛ فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أجره، وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته، ولو كان سحتًا لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم).

أخرجه مسلم [1202]- واللفظ له - وأحمد [1/ 365]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12589]، والبيهقى في "سننه"[19298]، وأبو عوانة [رقم 4312]، وغيرهم. وسنده صحيح.

2363 -

ضعيف: أخرجه النسائي في "الكبرى"[11519]، والطبرانى في "الأوسط"[7/ رقم 7256]، والبزار في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير"[7/ 390/ طبعة دار طيبة]، من طريق يحيى بن سعيد الأموى عن محمد بن قيس الأسدى عن محمد بن عبيد الله أبى عون الثقفى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وزاد البزار: (ونزلت هذه الآية: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} [الحجرات: 17]).

قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبى عون إلا محمد بن قيس، تفرد به يحيى بن سعيد الأموى"، والأموى ثقة صالح من رجال الجماعة، يُغْرِب عن الأعمش وحده، وقال البزار:"لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، ولا نعلم روى أبو عون محمد بن عبيد الله عن سعيد بن جبير غير هذا الحديث".

قلت: وكأن البزار - قد أشار إلى علة الحديث على نظافة إسناده، فقد جزم أبو زرعة الرازى بكون أبى عون الثقفى حديثه عن سعيد بن جبير مرسل، كما في "تهذيب الحافظ"[9/ 322]، =

ص: 37

2364 -

حَدَّثَنَا شيبان بن فروخٍ، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: ماتت شاةٌ لسودة بنت زمعة، فقالت: يا رسول الله، ماتت فلانةٌ - تعنى الشاة - قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَهَلَّا أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا؟ " قالت: نأخذ مسك شاةٍ قد ماتت؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إِلى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145]، أَيُّكُمْ يَطْعَمُهُ"؟ أي: تدبغونه فتنتفعون به قال: فأرسلت إليها فسلختْها فدبغتْها، واتخذت منه قربةً حتى تخرقت عندها.

= فتلك علة الحديث مع ثقة رجاله، نعم لم ينفرد به أبو عون، بل تابعه عطاء بن السائب على نحوه مع ذكر الآية الماضية عند النسائي في "الكبرى"[11519]، من طريق سعيد بن يحيى الأموى عن أبيه عن محمد بن قيس عن عطاء به.

قلتُ: عطاء بن السائب هو إمام المختلطين، وسماع محمد بن قيس لا يُعرف زمنه بعد! والظاهر أنه من هؤلاء الصغار الذي أدركوا عطاء بعد أن سقط حفظه إلى الأبد، ومحمد بن قيس شيخ متقن صالح، كأنه سمع الحديث من أبى عون الثقفى، ثم من عطاء، أو العكس، وقد يكون عطاء بن السائب قد سمع الحديث من أبى عون، ثم ظن بعد ذلك أنه ربما سمعه من سعيد بن جبير، فحدَّث به على التوهم، فإن صحَّ هذا الاحتمال؛ فقد رجع الحديث إلى الطريق الأول، وقد عرفتَ ما فيه.

والحديث عزاه السيوطى في "الدر المنثور"[7/ 585]، إلى ابن مردويه في "تفسيره" فاللَّه المستعان.

• تنبيه: وقع عند النسائي والطبرانى والبزار تلك الجملة: (إن فقههم لقليل، وإن الشيطان لينطق على ألسنتهم) من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى عند المؤلف سياقه لا يتضح منه ذلك، وكذا جملة (أيتكلمون هكذا؟!) وقعت عند النسائي:(تكلموا هكذا) وهكذا وقعت في "مسند المؤلف" من الطبعة العلمية، وهى الصواب.

وفى شطره الأخير عند المؤلف خلل في الطبعتين، ولعل الصواب كان في الأصل هكذا: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر حيث سمع كلامهم: أتكلمون هكذا؟! قالا: لا يا رسول الله، قال: إن فقههم لقليل

إلى آخره) وهذا السياق شبيه بسياق النسائي، ونحوه الطبراني، وليس عند البزار ذكر أبى بكر ولا عمر، ولم أر للحديث شاهدًا نحو هذا السياق.

2364 -

صحيح: دون تلاوة الآية: مضى الكلام عليه [برقم 2334].

ص: 38

2365 -

حَدَّثَنَا يعقوب بن ماهان، حَدَّثَنَا هشيمٌ، حَدَّثَنَا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: "إِذَا أَخَذْتُ كَرِيمَتَىْ عَبْدِى، فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ، لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَابًا دُونَ الجَنَّةِ".

2366 -

حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأموى، قانا: حدثنى أبى، حَدَّثَنَا ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: اشتد غضب الله على من قتله نبى الله في سبيل الله، واشتد غضب الله على قومٍ دموا وجه نبى الله صلى الله عليه وسلم.

2365 - صحيح: أخرجه ابن حبان [2930]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12452]، والخطيب في "تاريخه"[14/ 274]، وغيرهم، من طرق عن يعقوب بن ماهان عن هشيم بن بشير عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 41]: "رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الكبير" و"الأوسط"، ورجالى أبى يعلى ثقات".

قلتُ: وسنده قوى صالح، وهشيم قد صرح بالسماع كما ترى، وقد نقل الخطيب عقب روايته عن عبد الله بن إسحاق المدائنى - كما ظنه الخطيب - أنه قال:"لم يحدث بهذا الحديث غير يعقوب بن ماهان".

قلتُ: ويعقوب هذا قوى متماسك، وثقه ابن حبان وقال:"يغرب"، ومشاه أبو حاتم والنسائى، ولم يتكلم فيه أحد بشئ، فمثله يحتمل له التفرد إن شاء الله إلا عند المخالفة، على أنه لم ينفرد به عن هشيم: بل تابعه عبد الله بن مطيع البكرى على مثله عند أبى بكر يوسف بن اليانجى الحافظ المأمون - في زوائده على "معجم أبى يعلى"[رقم 329]، من طريق أبى العباس السراج عن عبد الله بن مطبع عن هشيم بإسناده به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح ثابت. وابن مطيع ثقة مشهور من رجال مسلم والنسائى.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، يأتى منها حديث أنس [برقم 4237].

2366 -

صحيح: أخرجه البخارى [3846، 3848]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11635]، والبغوى في "تفسيره"[1/ 112]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 1127]، وغيرهم، من طريقين عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط الصحيح، ولم يذكر ابن جريج سماعه في سنده، فالمصيبة إن كان قد دلسه. =

ص: 39

2367 -

حَدَّثَنَا سعيد بن يحيي، قال: حدثنى أبى، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبى قال، أخبرنى بن عباس أنه دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم على والفضل وأسامة، قال وأخبرنى مرحب أنهم أدخلوا عبد الرحمن بن عوف، فكأنى أنظر إليهم في القبر أربعة. قال الشعبى ومن يلى الرجل إلا أهله؟!

= وللحديث طريق آخر عن ابن عباس بشطره الثاني فقط في سياق طويل لقصة معركة أحد عند أحمد [1/ 287]، والحاكم [2/ 287]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 15731]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 1138]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 1644]، وغيرهم، وسنده حسن صالح.

وللحديث شاهد نحوه من رواية أبى هريرة ولكن مرفوعًا: (اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه - يشير إلى رباعيته - اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله).

أخرجه البخارى [3845]- واللفظ له - ومسلم [1793]، وجماعة، وله طرق عن أبى هريرة به مثله ونحوه.

• تنبيه: وقع هذا الحديث مرفوعًا في رواية الطبراني، فعنده: (عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

) ثم ذكره، وهذا ما أراه إلا وهمًا، وهكذا وقع مرفوعًا في نسخة البخارى التى عليها شرح العينى [8/ 225]، كما ذكره الإمام في "الصحيحة"[3/ 444]، ثم قال:"فلا أدرى أهى زيادة من بعض النساخ أو أنها ثابتة في بعض نسخ البخارى"؟!.

قلتُ: الأمر الثاني بعيد، ولو صح، لما كان يغفله العينى نفسه في "العمدة"، وكذا الحافظ في "الفتح"[7/ 372]، فانتبه.

2367 -

ضعيف: هذا إسناد ظاهره الاستقامة، إلا أنه معلول، فسعيد بن يحيى بن سعيد شيخ صدوق صالح وقد وثقه جماعة، إلا أنه كان يغلط كما قاله صالح جزرة، وقال ابن حبان:"ربما أخطأ"، وأبو يحيى بن سعيد الأموى قريب الحال من الابن، وقد خولف الأب في وصله، خالفه جماعة، كلهم رووه عن إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى به قوله

، ومن هؤلاء:

1 -

زهير بن معاوية مثله: عند أبى داود [3259]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[6832].

2 -

وعبد الله بن إدريس عند ابن أبى شيبة [11644].

3 -

ووكيع بن الجراح عند ابن أبى شيبة أيضًا [37030]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 300].

4 -

وعبد الله بن نمير عند ابن سعد أيضًا [2/ 300]. =

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا هو المحفوظ عن الشعبى من قوله هو، أعنى قوله:(دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم عليٌّ والفضل وأسامة)، وقول مرحب - أو أبى مرحب - وارد في ذيل رواية زهير ووكيع وابن إدريس، وهكذا رواه الثورى عن إسماعيل بن أبى خالد عند أبى داود [3210]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[68331]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 350]، وأبى زرعة في "تاريخه"[ص 2]، وعبد الرزاق [6455].

نعم: للحديث طريق آخر عن ابن عباس في قصة وفيه (كان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوس بن خولى

).

أخرجه البيهقى في "سننه"[6835]، وفى "الدلائل"[رقم 3221]- واللفظ له - وابن ماجه [1628]، وغيرهما من طريق ابن إسحاق عن حسين بن عبد اللَّه عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وليس عند ابن ماجه ذكر (العباس) ومدار سنده على حسين بن عبد الله الهاشمى وهو ضعيف صاحب مناكير عندهم، بل تركه بعضهم.

وهو من هذا الطريق: عند الطبراني في "الكبير"[1/ رقم 627، 628]، و [11/ رقم 11516]، وقد مضى الحديث عند المؤلف [برقم 22]، لكن ليس فيه موضع الشاهد، نعم قد توبع عليه حسين بن عبد الله: تابعه إسماعيل السدى عن عكرمة عن ابن عباس قال: (دخل قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس وعليّ والفضل

).

أخرجه ابن الجارود [547]- واللفظ له - وابن حبان [6633]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 3220]، والطحاوى في المشكل [7/ 68]، وغيرهم، من طرق عن شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن السدى به.

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الحسن، والسدى صدوق عالم مفسِّر على أوهام له، وقد خولف في إسناده هو وحسين بن عبد. الله: خالفهما يونس بن عبيد العبدى - الإمام الحجة - رواه عن عكرمة من قوله بلفظ: (دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم عليُّ والفضل وأسامة بن زيد

) ثم ذكر معهم: (أوس بن خولى) أيضًا.

هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[2/ 300]، قال: أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن عكرمة به

=

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا إسناد نظيف جدًّا، فكأن المحفوظ فيه موقوف على عكرمة، نعم وجدتُ له طريقًا ثالثًا يرويه الثورى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال:(نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم على والفضل وشقران) أخرجه عبد الرزاق [6454]، ومن طريقه أبو نعيم في "المعرفة"[رقم 3392]، وعنده وهْم في سنده.

وهذا إسناد لا يصح؛ وصالح مولى التوأمة قد كبر وشاخ حتى اختلط وسال لُعابه، وسماع الثورى منه إنما كان أخيرًا كما نصَّ عليه ابن معين والجوزجانى وابن عدى وغيرهم.

وللحديث شاهد من رواية على بن أبى طالب من طريق ابن المسيب عنه قال: (غسلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبتُ أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئًا، وكان طيبًا حيًا وميتًا صلى الله عليه وسلم، وولى دفنه وإجنانه دون الناس أربعة: على والعباس والفضل وصالح - يعنى شقران - مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم).

أخرجه البيهقى في "سننه"[6834]، وفى "الدلائل"[رقم 3218]- واللفظ له - والحاكم [1/ 515]، من طريق الزهرى عن ابن المسيب به

وهو عند جماعة لكن دون هذا التمام.

وقد اختلف في سنده على الزهرى، فرواه عنه بعضهم فقال عن ابن المسيب: (أن عليّا - رضى الله عنه - لما غسَّل النبي صلى الله عليه وسلم

) وذكره هكذا مرسلًا، وبسْط الكلام عليه يكون في موضع آخر، على أن قوله في الحديث: (وولى دفنه

إلخ) يحتمل أن يكون من قول ابن المسيب، بل أراه الظاهر إن شاء الله. وفى الباب آثار عن جماعة من السلف كعكرمة والشعبى كما مضى، وكذا عن غيرهما.

• تنبيه: وجدتُ حديث ابن عباس عند المؤلف: قد أخرجه الدارقطنى في "الأفراد"[رقم/ 2722 أطرافه]، من طريق يحيى بن سعيد الأموى عن إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى عن ابن عباس به

ثم نقل الدارقطنى عن شيخه ابن صاعد أنه قال: "وهذا لا أعلم قال فيه أحد: (عن ابن عباس) إلا الأموى - يعنى يحيى بن سعيد - عن إسماعيل بن أبى خالد عنه" ثم قال الدارقطنى: "تفرد به يحيى الأموى".

قلتُ: قد خالفه جماعة رووه عن إسماعيل عن الشعبى به من قوله، كما مضى. وهذا هو المحفوظ.

ص: 42

2368 -

حَدَّثَنَا شيبان بن فروخ، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن عاصمٍ الأحول، وحصين بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم سافر، فأقام تسع عشرة يقصر الصلاة، قال: فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسع عشرة قصرنا الصلاة، فإذا زدنا على ذلك أتممنا.

2369 -

وَعَنْ أبى عوانة، عن أبى بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من أصحابه

2368 - صحيح: أخرجه البخارى [1030]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 387]، والبيهقى في "سننه"[5246]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2241]، وغيرهم، من طرق عن أبى عوانة عن عاصم الأحول، وحصين بن عبد الرحمن كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس به

وعند الدارقطنى: (فأقام سبع عشرة)، وعنده أيضًا:(فأقمنا سبع عشرة) بدل: (تسع عشرة) في الموضعين.

قلتُ: ليس في صحة هذا الحديث كلام، وقد توبع عليه أبو عوانة من قبل جماعة عن عاصم الأحول - وحده - بإسناده به

لكن اختلف الرواة على عاصم في عدد الأيام التى قصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال ابن عبد البر في "الاستذكار" [2/ 248]:"وهو حديث مختلف فيه، لا يثبت فيه شئ لكثرة اضطرابه" ودعوى الاضطراب فيه غير جيدة؛ لإمكان الجمع بين مختلف الروايات كما بسطناه في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" وأفضنا في بيان طرقه والكلام على أسانيده. نسأل الله أن يتمه بخير. وراجع "الإرواء"[3/ 24، 25، 26، 27]، و "التلخيص"[2/ 46]، والفتح [2/ 561، 562].

2369 -

صحيح: أخرجه البخارى [739، 4637]، ومسلم [449]، والترمذى [3323]، وأحمد [1/ 252]، والحاكم [2/ 546]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12449]، والنسائى في "الكبرى"[11624]، والبيهقى في "سننه"[2895]، وفى "الدلائل"[رقم 524]، وأبو نعيم في "الحلية"[4/ 300 - 301]، وأبو عوانة [رقم 3093، 3094]، والطحاوى في "المشكل"[6/ 31]، وأبو نعيم في "المستخرج"[رقم 995]، وابن حبان [6526]، وابن منده في "الإيمان"[رقم 710] وغيرهم، من طرق عن أبى عوانة عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم باختصار.

قلتُ: قد رواه أبو إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بسياق آخر يأتى [برقم 2502]. فاللَّه المستعان.

ص: 43

عامدين إلى سوق عكاظٍ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليها الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسل علينا الشهب، قال: وما ذاك إلا من شئٍ حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة، وهو بنخلة، عامدين إلى سوق عكاظٍ وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا، إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدى إلى الرشد فامنا به، فأوحى الله إلى نبيه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ

} [الجن: 1].

2370 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج، حَدَّثَنَا حيان بن عبيد الله بن حيان أبو زهيرٍ العدوى، حَدَّثَنَا أبو مجلزٍ، عن ابن عباسٍ - قال: وحدّثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه: أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء ولواؤه أبيض.

2370 - ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[2/ رقم 1161]، و [12/ رقم 12909]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 425]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 224]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 399]، وغيرهم، من طرق عن إبراهيم بن الحجاج عن حيان بن عبيد الله أبى زهير عن أبى مجلز عن ابن عباس به

، وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه به

قلتُ: وطريق ابن عباس وحده عند الطبراني في "الأوسط"[1/ رقم 219]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 114]، والبغوىَ في "شرح السنة"[5/ 312] وغيرهم.

ومداره على حيان بن عبيد الله هذا، وهو مختلف فيه، وثقه ابن حبان، ومشاه أبو حاتم الرازى، وقال البيهقى:"تكلموا فيه"، وذكره العقيلى في "الضعفاء"، ومثله ابن عدى في "الكامل"، وساق له الثاني هذا الحديث في عداد غرائبه، وقال عقبه:"وهذا ليس يرويه عن أبى مجلز وابن بريدة بالإسنادين جميعًا إلا حيان هذا".

ثم قال في آخر ترجمته: "ولحيان غير ما ذكرتُ من الحديث، وليس بالكثير، وعامة ما يرويه إفرادات ينفرد بها"، وراجع "اللسان"[2/ 370].

قلت: فالظاهر أنه ليس ممن يحتمل تفرده، وقد رواه عنه عباس بن طالب البصرى بلفظ:(كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء، ولؤاؤه أبيض مكتوبًا فيه: لا إله إلا الله، محمد رسول اللَّه). =

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه ابن عدى [2/ 240]، بإسناد حسن إليه، وهو منكر بهذا التمام، والعباس بن طالب ضعفه أبو زرعة ومشاه غيره، راجع "اللسان"[3/ 240].

نعم: لم ينفرد به حيان بن عبيد الله عن أبى مجلز، بل تابعه عليه يزيد بن حيان البلخى عند الترمذى [1681]، وابن ماجه [2818]، والبيهقى في "سننه"[12840]، وفى "سننه الصغير"[رقم 3016]، والخطيب في "تاريخه"[14/ 332]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 223]، والحاكم [2/ 105] وغيرهم من طرق عن يحيى بن إسحاق السيلحينى عن يزيد بن حيان البلخى عن أبى مجلز به.

قلتُ: ويؤيد هذا وإن مشاه ابن معين إلا أن البخارى قد قال عنه: "عنده غلط كثير"، وابن حبان وإن وثقه إلا أنه قال:"يخطئ ويخالف"؛ فمثله إلى الضعف أقرب منه من قول الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطئ".

وللحديث شواهد واهية الأسانيد على التحقيق، وأكثرها عند أبى الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، وقد مضى منها - حديث البراء بن عازب [برقم 1702]، فإن كنتُ قد حسَّنته هناك - فإنى قد سلمتُ الجزء الذي به (مسند البراء) إلى المطبعة - فإنى أتراجع عن ذلك هنا، أسأل الله أن يغفر لى عُجَرى وبُجَرى!

• تنبيه: قال الهيثمى في "المجمع"[5/ 579]، عن حديث المؤلف:"رواه أبو يعلى واسطبرانى، وفيه حيان بن عبيد الله، قال الذهبى: بيَّض له ابن أبى حاتم، فهو مجهول، وبقية رجال أبى يعلى ثقات".

قلتُ: الذي بيض له ابن أبى حاتم ونقل عن أبيه أنه (مجهول) إنما هو (حيان بن عبيد الله المروزى) كما تراه، في "الجرح والتعديل"[3/ 246]، أما (حبان بن عبيد الله أبو زهير) فقد ترجمه ابن أبى حاتم [3/ 246]، ونقل عن أبيه أنه قال عنه:"صدوق" وهو المراد هنا، وما أرى الهيثمى إلا قد وهم على الذهبى في ذلك النقل، كما ترى مصداق ذلك في صنيع الذهبى من كتابه "الميزان"[1/ 623]، في ترجمة الرجلين.

وللهيثمى في "المجمع" أوهام وتناقضات لو نشط لها بعض الباحثين لجاءت في مجلد وسط، وقد علمتُ أن بعضهم قد جرَّد مؤلفًا حافلًا في ذلك، لكن لم تره عيناى بعد، فاللَّه المستعان.

ص: 45

2371 -

حَدَّثَنا إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا وهيبٌ، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"أَلحِقوا الْفَرَائِض بِأَهْلها فَمَا بقِىَ فَهُو لأوْلى رَجُلٍ ذَكَرٍ".

2372 -

حدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا زيد بن الحباب، حَدَّثَنَا محمد بن

237 - صحيح: أخرجه البخارى [6351، 6354، 5356، 6365]، ومسلم [1615]، والترمذى [2098]، والدارمى [2987]، والدارقطنى في "سننه"[4/ 71]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 10901، 10903، 10904]، وفى "الأوسط"[8/ رقم 8507]، وابن أبى شيبة [31133]، والنسائى في "الكبرى"[6331]، والبيهقى في "سننه"[12116]، وفى "المعرفة"[رقم 3989]، وأبو عوانة [رقم 4528، 4530]، وابن الجارود [955]، وأحمد [1/ 292]، وجماعة كثيرة من طرق عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس به

وفى لفظ للبخارى ومسلم وغيرهما: (فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر).

قلتُ: وهو عند ابن ماجه [2740]، وأبى داود [2898]، وغيرهما بلفظ: (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب اللّه، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر

) وهو رواية مسلم، وأحمد [1/ 313]، والبيهقى وأبى "عوانة". وقد اختلف في سنده على ابن طاووس، فرواه عنه جماعة من الثقات فأرسلوه، كما تراه عند الحاكم [4/ 375]، وغيره.

وخالفهم آخرون، رووه عن ابن طاووس فأسندوه كما رأيته هنا، والمرسل والمسند كلاهما صحيح ثابت، وطاووس اليمانى فقيه مشهور؛ فتحمل رواية الإرسال على كونه كان يفتى به في بعض الأوقات، وقد مال النسائي إلى ترجيح الوجه المرسل، والأولى هو ما قلناه إن شاء الله. وراجع "الفتح"[12/ 11]، فقد مال الحافظ إلى تصحيح الرواية المسندة، بل جزم بذلك، إلا أنه قال:"وإذا تعارض الوصل والإرسال، ولم يرجح أحد الطريقين، قُدِّم الوصل".

قلتُ: وهذا على إطلاقه مُسْتكره، بل الواجب آنذاك إما التماس الجمع بينهما، أو التوقف في الجزم بترجيح أحدهما. فانتبه يا رعاك الله.

2372 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 157]، وأبو الشيخ في "التوبيخ"[رقم 10]، والحافظ في "التغليق"[1/ 51] وغيرهم، من طريق ابن أبى شيبة عن زيد بن الحباب عن محمد بن مسلم الطائفى عن عمرو بن دينار عن ابن عباس به. =

ص: 46

مسلمٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلِنَبِيِّهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمسْلِمِينَ"

= قلتُ: وهذا إسناد. ظاهره الحسن، إلا أنه معلول البتة، فهكذا رواه ابن أبى شيبة عن زيد بن الحباب على هذا الوجه، وهو عند البزار [61/ كشف]، من هذا الطريق.

وخولف ابن أبى شيبة في سنده، خالفه الإمام أحمد، فرواه عن زيد بن الحباب فقال: عن عبد الرحمن بن ثوبان سمعتُ عمرو بن دينار يقول: أخبرنى من سمع ابن عباس يقول ..... وذكره.

هكذا أخرجه في "مسنده"[1/ 351]، وتوبع عليه أحمد على هذا الوجه تابعه أيوب الوزان - الثقة المعروف - فرواه عن ابن الحباب عن ابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن رجل عن ابن عباس به

هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 2019].

قلتُ: وهذا الاختلاف أراه من زيد بن الحباب نفسه، فقد كان كثير الخطأ كما قاله أحمد، لكنه توبع على نحو اللون الثاني، تابعه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفى! فرواه عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس به

وزاد: (وعامتهم) ولم يذكر واسطة بين ابن دينار وابن عباس.

هكذا أخرجه الطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11198]، وفى "مسند الشاميين"[1/ رقم 92]، من طريقين، عن عمرو بن هشام الجزرى عن الطرائفى به ..

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إلى ذلك الطرائفى، والطرائفى وإن كان صدوقًا إلا أنه سلك مسلك التوسع في الرواية عن المجاهيل والضعفاء، وأكثر مِنْ تَطلُّب الغرائب والأفراد حتى تكلم فيه جماعة، بل ونسبه بعضهم إلى الكذب.

وقال الأزدى: "متروك"، والتحقيق أنه شيخ صدوق صالح، وإنما أتى مما ذكرناه قبل، وقد شبَّهه جماعة ببقيَّة بن الوليد في ذلك، وهو كما قالوا عند التأمل، والراوى عنه هنا ثقة معروف، فلم يبق في الإسناد سوى عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعنه يقول أحمد:"أحاديثه مناكير" وقد مشاه جماعة؛ إلا أن أكثر النقاد على تضعيفه، فالظاهر أنه كان يضطرب فيه على عمرو بن دينار، فتارة يذكره عنه عن ابن عباس بلا واسطة، وتارة يأبى إلا أن يذكر الواسطة كما مضى. =

ص: 47

2373 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا عبد الرحيم، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله - حين فرغ من بدر - عليك بالعير ليس دونها شئ. قال: فناداه العباس: لا يصلح، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لِمَ؟ " قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعدك.

= وقد خالفه ابن عيينة - أثبت أهل الأرض في عمرو بن دينار - فرواه عن عمرو فقال: عن القعقاع بن حكيم عن أبى صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الدارى به

هكذا أخرجه مسلم [55]، والنسائى [4197]، وابن حبان [4575]، والحميدى [837]، وجماعة كثيرة. وهذا هو المحفوظ عن عمرو بن دينار بلا تردد، وكذا صوَّبه أبو حاتم كما في "العلل"[رقم 2019]، وصححه البخارى في "تاريخه الكبير"[4/ 459]، ومثلهما الحافظ في "المطالب العالية" وفى "تغليق التعليق" فاللَّه المستعان.

2373 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [3080]، وأحمد [1/ 228، 314، 326]، والحاكم [2/ 357]، وعنه البيهقى في "الاعتقاد"[ص 262، 263]، وفى "الدلائل"[رقم 963]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11733]، وابن أبى شيبة [36702]، وابن عساكر في "تاريخه"[26/ 291]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 3257]، والفسوى في "المعرفة"[1/ 514]، وغيرهم، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به ..

قلتُ: وقد توبع عليه إسرائيل: تابعه إسماعيل بن أبى خالد عند الخطيب في "تاريخه"[12/ 436]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[26/ 290]، من طريق عبد الواحد بن عمرو العجلى عن عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبى خالد به.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة إلى إسماعيل، رجاله كلهم مقبولون، لكن قال أبو حاتم الرازى كما في "العلل" [رقم 918]:"وهذا خطأ، رواه أبو كريب وغيره عن عبد الرحيم عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا من حديث إسماعيل بن أبى خالد، لعله دخل له حديث في حديث".

قلت: وهو كما قال، وهكذا رواه ابن أبى شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان مثل رواية أبى كريب كما عند المؤلف؛ والضمير في قول أبى حاتم: العله دخل له حديث في حديث) عائد على عبد الواحد بن عمرو العجلى؛ فعاد الحديث مرة أخرى إلى رواية إسرائيل، ثم جاء عمرو بن ثابت ابن هرمز ورواه عن سماك فقال: عن عكرمة به مرسلًا، لم يذكر فيه ابن عباس. =

ص: 48

2374 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا محمد بن الحسن، حَدَّثَنَا إبراهيم بن طهمان، عن أبى الزبير، عن عتبة مولى ابن عباسٍ، عن ابن عباس، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة، فقسم بها الغنائم، ثم اعتمر منها، وذلك لليلتين بقيتا من شوالٍ.

= هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[26/ 292]، بإسناد حسن إليه، والأول هو المحفوظ موصولًا، وابن هرمز هذا ساقط الحديث عندهم، راجع ترجمته في "التهذيب" و"ذيوله".

فلننظر في الطريق الأول: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح"، وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

قلتُ: قد مضى الكلام مرارًا على حال سماك بن حرب، وأنه صدوق صالح إلا أنه؛ كبر وشاخ حتى تغير وصار يتلقَّن، ولم يذكروا أحدًا ممن سمع منه قديمًا سوى الثورى وشعبة فقط، ثم إن روايته عن عكرمة خاصة قد أعلها جماعة بالاضطراب، راجع ما علقناه على الحديث الماضى [برقم 2332].

ولا أعلم أحدًا قد تابعه على تلك الرواية أصلًا، فماذا يجدى بعد كل هذا تصحيح الترمذى وأضرابه؟! وابن كثير لا يرضى إلا أن يصفَّ نفسه في مصاف الحاكم في تصحيح مثل تلك الأخبار أحيانًا، فتراه يذكر الحديث في "تفسيره"[2/ 380]، ثم يقول:"إسناده جيد" فلْينظر: من أين أتته تلك الجودة؟!

2374 -

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12223]، وابن أبى شيبة [36963]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 171]، وأبو الشيخ في "ما رواه أبو الزبير عن غير جابر"[رقم 86]، وغيرهم، من طريق إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن عتبة مولى ابن عباس به.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 608]: "رواه أبو يعلى من رواية عتبة مولى ابن عباس ولم أعرفه".

قلتُ: قد جهدتُ للوقوف على ترجمة لهذا العتبة، فلم أستطع، ووقع عند الطبراني: (عن عمير مولى ابن عباس

) كذا عن (عمير) بدل: (عتبة)، فلا أدرى أهى محرفة أم لا؟!

وسواء كان هذا أو ذاك فالأمر واحد، ولم نقف لعمير هذا على ترجمة هو الآخر، والحديث ذكره ابن كثير فرع "البداية والنهاية"[4/ 367]، ثم قال:"غريب جدًّا وفى إسناده نظر"، وهو كما قال وزيادة، لأن العلماء كالمجمعين على أن عمرة الجعرانة كانت في ذى القعدة بعد غزوة الطائف

كذا قال ابن كثير في "البداية"[4/ 366]، وفى هذا الحديث أنها كانت لليلتين =

ص: 49

2375 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا عبيدة بن حميدٍ، عن يزيد بن أبى زيادٍ، عن تميم بن سلمة، عن مسروقٍ، عن ابن عباسٍ، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعرس من الليل، فرقد فلم يستيقظ إلا بالشمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا، فأذن ثم صلى ركعتين. قال ابن عباسٍ: فما يسرنى به الدنيا وما فيها - يعنى الرخصة.

= بقيتا من شوال، وتلك هي الغرابة التى عناها ابن كثير، وهو عندى منكر بهذا التمام، وإن كان لبعضه شواهد.

• تنبيه: أعل حسين الأسد هذا الحديث بعلة أخرى غير الماضية، فقال:"فيه عنعنة أبى الزبير" كذا قال، والذى عليه التحقيق: أن الإعلال بعنعنة أبى الزبير مختص فقط بروايته عن جابر وحده؛ لكونه لا يدلس عن أحد من أهل الأرض سواه، راجع ما علقناه على ذيل الحديث [رقم 1769].

2375 -

صحيح: دون قول ابن عباس: أخرجه البزار [عقب رقم 398/ كشف]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12225]، وفى "الأوسط"[5/ رقم 5556]، وغيرهما، من طريق عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبى زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق عن ابن عباس به ....

وليس عند الطبراني في "الكبير" قول ابن عباس في آخره، وهو عنده في "لأوسط" من قول مسروق، ولفظه: (وقال مسروق: ما أحب أن لى الدنيا وما فيها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس

).

قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 254 - 255]، وفى "الاستذكار"[1/ 76]، وقال الهيثمى في "المجمع" [2/ 73]:"رجال أبى يعلى ثقات".

قلتُ: هو كما قال، لكن دون يزيد بن أبى زياد المكى، فهو ضعيف الحفظ، مضطرب الحديث، وكان قد كبر وتغير حفظه حتى صار يتلقن، وقد اختلف عليه في سنده، فرواه عن عبيدة بن حميد - وهو ثقة - على الوجه الماضى.

ورواه الإمام أحمد عن عبيدة فقال: عن يزيد بن أبى زياد عن رجل عن ابن عباس به مثل سياق المؤلف، هكذا أخرجه في "مسنده"[1/ 259]، وهذا الاضطراب من يزيد بن أبى زياد بلا تردد، وقد مضى أنه مضطرب الحديث كما يظهر بجلاء لمن يسبر جملة من مروياته، وقد قال البزار عقب روايته:"لا نعلم روى مسروق عن ابن عباس غير هذا الحديث، ولا روى هذا متصلًا إلا عبيدة، ورواه غيره مرسلًا". =

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: إن ثبتت رواية الإرسال تلك، فهى لون ثالث من اضطراب يزيد فيه، وقول البزار:"ولا روى هذا متصلًا إلا عبيدة" وافقه الطبراني عليه، فقال عقب روايته:"لم يرو هذا الحديث عن مسروق إلا تميم بن سلمة، ولا عن تميم إلا يزيد بن أبى زياد، تفرد به عبيدة بن حميد".

قلتُ: وهو كما قالا، ثم وقفتُ على الرواية المرسلة التى أشار إليها البزار آنفًا، وهى ما رواه محمد بن فضيل عن يزيد بن أبى زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق قال:(ما أحب أن لى الدنيا وما فيها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس).

أخرجه (ابن أبى شبة) كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 394]، ثم وقفت عليها عند ابن أبى شيبة في "المصنف"[4888]، بلفظ مثل سياق المؤلف هنا، ولكن مرسلًا.

نعم: وجدتُ له طريقًا آخر عن ابن عباس به نحوه دون قوله هو في آخره عند البزار [398/ كشف]، وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 254]، كلاهما من طريق حرمى بن حفص عن صدقة بن عبادة بن نشيط عن أبيه عبادة عن ابن عباس به ..

قلتُ: وهذا إسناد: ضعيف، عبادة بن نشيط لم ينشط أحد من النقاد لبيان حاله، ولم يذكروا من الرواة عنه سوى ولده صدقة، وتوثيق ابن حبان له لا ينفعه أصلًا؛ لا عُرف من تساهله في توثيق تلك الطبقة، وابنه صدقة روى عنه جماعة من الثقات، ولم يتكلم فيه أحد، بل وثقه ابن حبان أيضًا، فمثله في رتبة الصدوق إن شاء الله.

وللحديث شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة دون قول ابن عباس في آخره، منهم أبو قتادة وأنس بن مالك. ومالك بن ربيعة وأبو هريرة وجبير بن مطعم وعمرو بن أمية الضمرى وغيرهم.

ثم وجدتُ له طريقًا ثالثًا عن ابن عباس يرويه حبيب بن أبى حبيب الجرمى عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: (أدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عرش فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضه! فلم يصلِّ حتى ارتفعت فصلى، وهى صلاة الوسطى).

أخرجه النسائي [625]- واللفظ له - والطيالسى [2612]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12830]، والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 12] وغيرهم، من طرق عن حبيب بن أبى حبيب

وليس عند الطيالسى ومن طريقه الخطيب جملة (وهى صلاة الوسطى).

قلتُ: وهذا إسناد: قابل للتحسين، رجاله ثقات سوى حبيب هذا، فهو مختلف فيه؛ ليَّنه القطان ومشاه غيره. =

ص: 51

2376 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن أبى حاضرة الأزدى. عن ابن عباسٍ، قال: قلَّت البُدْنُ على عهد رسول الله، فأمر الناس بالبقرة.

2377 -

حَدَّثَنَا حجاج بن يوسف، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنى أبى،

= وقوله في الحديث: (وهى صلاة الوسطى) الظاهر أنها مدرجة ممن دون ابن عباس كما احتمله الشوكانى في "نيل الأوطار"[1/ 393]، وإلا تكن، فهى جملة منكرة لعلها من أوهام حبيب.

• تنبيه: وجدتُ الحديث بالإسناد الأول مثل المؤلف: عند ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 493، 494]، ثم رأيتُ ابن أبى حاتم قد قال في "العلل" [رقم 262]: "سألتُ أبى وأبا زرعة عن حديث رواه عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبى زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق عن ابن عباس قال:

" ثم ساقه نحو لفظ المؤلف دون قول ابن عباس في آخره ثم قال: "فقالا - يعنى أباه وأبا زرعة: هذا خطأ، أخطأ فيه عبيدة، رواه جماعة فقالوا: عن تميم بن سلمة عن مسروق قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر

مرسل فقط"، ثم قال ابن أبى حاتم: "قلتُ لهما: الوهم ممن هو؟! قالا: من عبيدة".

قلتُ: لو وقف أبو حاتم وصاحبه على رواية أحمد بن عبيدة عن يزيد بن أبى زياد عن رجل عن ابن عباس به

كما مضى، لتنكَّبا عن تعصيب الجناية فيه برقبة عبيدة بن حميد الصدوق الصالح، ولعلما أن يزيد بن أبى زياد هو الذي كان يضطرب فيه على تلك الوجوه كلها، وكم يُؤْخذ الثقة بذنب الضعيف! فاللَّه المستعان.

2376 -

قوى: أخرجه ابن ماجه [3134]، وعبيد بن حميد في المنتخب [719]، من طريقين عن أبى بكر بن عياش عن عمرو بن ميمون عن أبى حاضر عن ابن عباس به

ولفظ ابن ماجه: (قلَّت الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن ينحروا البقر).

قلتُ: قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناده صحيح ورجاله ثقات، وأبو حاضر اسمه عثمان بن حاضر".

قلتُ: والأصوب أن يقال: (إسناده جيد أو قوى)؛ للكلام الذي في أبى بكر بن عياش، ومن طريقه أخرجه الطحاوى أيضًا في "المشكل"[6/ 179]، مثل لفظ المؤلف.

2377 -

صحيح: أخرجه البخارى [3365، 3728، 5573]، ومسلم [2336]، وأبو داود [4188]، والنسائى [5238]، وابن ماجه [3632]، وأحمد [1/ 246، 261، 287، 320]،=

ص: 52

عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله؛ عن ابن عباسٍ، قال: كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه موافقة أهل الكتاب في بعض ما لم يؤمر فيه، فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته، ثم فرق بعدُ.

= وابن حبان [5485]، وابن أبى شيبة [25074]، والبيهقى في "الشعب"[5/ رقم 6476]، وفى "الآداب"[رقم 566]، وفى "الدلائل"[رقم 160]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 489]، وأبو علي الأشيب في "حديثه"[رقم 47]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 80]، وأبو الفضل الزهرى في حديثه [رقم 64]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 429]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 159] ، وابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 71 ،73]، وفى "الاستذكار"[8/ 431]، وابن شبة في "تاريخ المدينة"[2/ 627]، وغيرهم، من طريقين عن الزهرى عن عبيداللّه بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به ..

قلت: هكذا رواد إبراهيم بن سعد ويونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى على هذا الوجه، وتابعهما عقيل بن خالد عند الطحاوى في "المشكل"[9/ 46]، لكن الطريق إليه مخدوش، وخالفهم زياد بن سعد الخراسانى، فرواه عن ابن شهاب به مرسلًا بلفظ:(سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء اللَّه ثم فرق بعد ذلك).

هكذا أخرجه مالك في "الموطأ"[1698]، عن زياد بن سعد به

ومن طريق مالك: أخرجه النسائي في "الكبرى"[9335]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 430]، وابن شبة في "أخبار المدينة" [2/ 627]- وزاد فيه المعلق:(عن أنس) بعد ابن شهاب، فصار مجوَّدًا، وهذا تصرف فاحش يدل على قلة دراية - وغيرهم، كلهم رووه من طرق عن مالك به.

قلت: قال ابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 69]: "هكذا رواه الرواة كلهم عن مالك مرسلًا، إلا حماد بن خالد الخياط، فإنه وصله وأسنده وجعله عن مالك عن زياد بن سعد عن الزهرى عن أنس

، فأخطأ، والصواب فيه من رواية مالك الإرسال كما في الموطأ

".

قلتُ: ثم أخرجه من طريق حماد بن خالد عن مالك به .. ، وهكذا أخرجه أحمد [3/ 215]، ومن طريقه الحاكم [2/ 663]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 376]، و [9/ 221] ، والقطيعى في "الألف دينار"[رقم 24]، تمام في "فوائده"[رقم 234]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 149]، وابن عساكر في "تاريخه"[23/ 296]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 161]، والطحاوى في "المشكل"[8/ 141]، وغيرهم.

ص: 53

2378 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا أبو خالدٍ الأحمر، عن الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان، عن كريبِ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينْظُرُ اللَّهُ إلى رجُلٍ أتى رجُلًا، أَوِ امْرَأَةً فَى دُبُرِها".

= قال أبو نعيم عقب روايته في الموضع الأول: "هذا حديث غريب من حديث مالك وزياد متصلًا، تفرد به أحمد - يعني ابن حنبل - عن حماد، ورواه روح بن عبادة عن مالك بن أنس [بالأصل:(عن أنس بن مالك) وهذا قلب] عن زياد عنه من دون أنس، والمشهور الثابت من حديث الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس

"، وقال في الموضع الثاني: "هذا من غرائب حديث مالك، تفرد به حماد، وعنه أحمد".

قلتُ: ونقل ابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 71]، عن الإمام أحمد أنه قال عن تلك الرواية:"هذا خطأ، وإنما هو عن ابن عباس" قال ابن عبد البر: "ما قاله أحمد فهو الصواب؛ كذلك رواه يونس بن يزيد وإبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس".

قلتُ: ورواية هذين قد مضت، وذكرنا أن عقيل بن خالد قد تابعهما، إلا أن الإسناد إليه مغموز، ورأيت عبد الله بن دينار الشامى قد تابع هؤلاء عند الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 3110]، وتمام في "فوائده"[رقم 235]، وابن حبان في "الثقات"[7/ 33 - 34]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 437]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 60] من طريقين ضعيفين إليه به

وعبد الله بن دينار نفسه ضعيف عندهم، فالذى يصح من ذلك: إنما هو رواية يونس بن يزيد وإبراهيم بن سعد عن الزهرى به على الوجه الأول .. ].

ولم ينفرد به زياد بن سعد عن الزهري به مرسلًا؛ بل تابعه معمر وابن عيينة على هذا الوجه المرسل، كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" [6/ 73]. ثم نقل عن الحافظ الذهلى أنه قال:"والصحيح المحفوظ: ما رواه يونس وإبراهيم بن سعد، وما أظن ابن عيينة سمعه من الزهري".

قلتُ: والقول ما قاله الذهلى في "الزهريات" فهو أعلم الناس وأعرفهم بحديث الزهري صحيحه وسقيمه، حتى لقبوه بـ (وارث علم الزهرى) وقد يكون الوجه المرسل محفوظًا أيضًا، ويُحْمل على كون الزهرى كان ربما ذاكر به فيرسله، وهذا أولى عندى من تخطئة الثقات، واللَّه المستعان.

2378 -

منكر: بهذا اللفظ: أخرجه الترمذى [1165]، والنسائى في "الكبرى"[9001]، وابن حبان [4203، 4418]، وابن أبى شيبة [16803]، وابن الجارود [729]، =

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=والخرائطى في "مساوئ الأخلاق"[رقم 421، 443]، ومن طريقه ابن الجوزى في "ذم الهوى"[1/ رقم 457/ بتخريجى]، وابن حزم في "المحلى"[10/ 69 - 70]، والسهمى في "تاريخه"[ص 327]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 282]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 2772/ أطرافه]، وغيرهم، من طريقين عن أبى خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس به

ولفظ الترمذى والنسائى وابن الجارود والسهمي: (أو امرأة في دبرها

) بدل (في الدبر).

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره السلامة، بل حسَّنه الترمذى وجماعة، إلا أنه معلول، فقال: ابن عدى عقب روايته: "لا أعلم يرويه غير أبى خالد الأحمر"، وقال الدارقطنى عقب روايته هو الآخر:"تفرد به الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عنه، وتفرد به أبو خالد الأحمر عنه مرفوعًا".

قلتُ: أبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان الإمام الحافظ الصدوق السُّنِّى الصالح، وهو على صدقه وأمانته قد اختلف فيه، فوثقه جماعة وضعفه آخرون، والتحقيق بشأنه هو قول الحافظ عنه في "التقريب":"صدوق يخطئ"، وقد احتج به صاحبا "الصحيح"، وهذا يقوِّيه أيضًا، لكنه لم يكن بقوى الحفظ، فمثله يُحسَّن حديثه ما لم يخالف، لكنه قدخولف هنا: خالفه وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ - فرواه عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس قال: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى رجل أتى بهيمة، أو امرأة في دبرها) فجعله موقوفًا، ولم يُجاوز به ابن عباس.

هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[9002]، من طريق هناد بن السرى عن وكيع به

وهذا هو المحفوظ بلا تردد، قال الحافظ في "التلخيص" [3/ 181]:"ورواه النسائي عن هناد عن وكيع عن الضحاك موقوفًا، وهو أصح عندهم من المرفوع"، وقبل ذلك نقل عن البزار أنه قال:"لا نعلمه يروى عن ابن عباس بإسناد أحسن من هذا، تفرد به أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب".

قلتُ: وليس ثمّ شكٌ في كون وكيع أحفظ وأثبت من أبى خالد عشرين مرة، فقوله هو المقبول أبدًا، نعم قد يكون الضحاك بن عثمان هو الذي اضطرب في وقفه ورفعه، فهو وإن وثقه جماعة، لكن تكلم في حفظه بعضهم، حتى قال ابن عبد البر:"كان كثير الخطأ ليس بحجة"، وضعفه أبو حاتم وغيره، لكن إيراد ابن عدى هذا الحديث في ترجمة (أبى خالد الأحمر) من كتابه "الكامل"[3/ 282]، يدل على أن الآفة منه إن شاء اللَّه. =

ص: 55

2379 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا ابن نميرٍ، عن حجاجٍ، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة أخرج على ابنة حمزة، فاختصم فيها عليٌّ، وزيدٌ، وجعفرٌ، فقال عليّ: ابنة أخى وأنا أحق بها، وقال جعفرٌ: ابنة عمى، وخالتها عندى، وقال زيدٌ: بنت أخى - لحمزة، آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يَا زَيْدٌ، أَنْتَ مَوْلاىَ وَمَوْلاهُمَا" وقال لعلىٍ: "أَنْتَ أَخِى وَصَاحِبِى" وقال لجعفرٍ: "شَبِيهُ خَلْقِى، وَخُلُقِى، وَهِىَ إِلَى خَالَتِهَا".

= وللحديث طريق آخر يرويه عمر بن يونس اليمامى عن سليمان بن أبى سليمان الزهرى اليمامى عن يحيى بن أبى كثير عن طاووس بن كيسان عن ابن عباس به مرفوعًا: (لا ينظر الله إلى من أتى امرأة في دبرها).

هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[3/ 259]، وهذا منكر جدًّا من حديث ابن أبى كثير، وقد أورده ابن عدى في ترجمة (سليمان بن أبى سليمان اليمامى) مع جملة أخرى من غرائبه ثم قال في ختام ترجمته: "وسليمان بن أبى سليمان هذا أكثر رواياته عن يحيى بن أبى كثير، ويروى عنه عمر بن يونس، وفى بعض أحاديثه ورواياته عن يحيى بعض الإنكار مما لا يروى عن يحيى غيره

". وراجع "اللسان" [3/ 95].

وللحديث شاهد عن أبى هريرة مرفوعًا: (لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها) أخرجه جماعة من طرق عن سهيل بن أبى صالح عن الحارث ابن مخلد عن أبى هريرة به .....

قلتُ: والحارث هذا شيخ مستور الحال، وقد اختلف في سنده ومتنه على ألوان، وفى الباب أحاديث كثيرة قد بسطنا الكلام عليها في كتابنا الكبير:"عصارة الأفكار حول إتيان النساء في الأدبار"، وسيأتى منها حديث أبى هريرة مرفوعًا (ملعون من أتى النساء في أدبارهن) عن المؤلف [برقم 6462]، ولا يصح في هذا الباب حديث.

2379 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 230]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 4869]، من طريق حجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[4/ 593]: "رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس".

قلتُ: وهو مع تدليسه فقد كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث، ثم إن في الحديث علة أخرى،=

ص: 56

2380 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من الإناء المخنوث.

= وهى أن الحكم لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط، كما قاله شعبة والقطان وغيرهما، وقد عدها القطان فقال:"حديث الوتر، والقنوت، وعزمة الطلاق، وجزاء الصيد، والرجل يأتى امرأته وهى حائض" راجع "تهذيب الحافظ"[2/ 434].

وللحديث طريق آخر عن ابن عباس نحوه مطولًا عند ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 2357]، وأبى جعفر بن البخترى في "جزء في ثلاثة مجالس من "أماليه" [رقم 5/ ضمن مجموع مؤلفاته]، وسنده واهٍ جدًّا.

لكن للحديث شواهد نحو هذا السياق من حديث عليّ بن أبى طالب والبراء بن عازب وغيرهما، وحديث البراء عند البخارى وجماعة، وقد مضى عند المؤلف مختصرًا جدًّا [برقم 1660] فانظره ثَمَّ، وحديث عليّ مضى مختصرًا أيضًا [برقم 405].

2380 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "المطالب"[برقم 2503]، من طريق عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به ....

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[3/ 259]: "قلتُ: وإسناده صحيح على شرط الشيخين".

قلتُ: وهذا وهْم فاحش جدًّا، بل ليس إسناده على شرط أحد من الجماعة أصلًا، وكيف يصح هذا وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع - من رجال ابن ماجه فقط - قد ضعفه النقاد جميعًا؟! ولا أعلم أحدًا مشَّاه فضلًا عن أن يوثقه، ولا أدرى كيف وقع للإمام تلك الغفلة!

والحديث منكر جدًّا من هذا الطريق، وإنما المحفوظ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: هو ما رواه أصحاب الزهرى عنه عن عبيد الله عن أبى سعيد الخدرى مرفوعًا بلفظ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية) كما مضى عند المؤلف [برقم 996، 1124]، فلعل صالح بن كيسان كان يرويه عن عبيد الله بن عتبة بواسطة الزهرى عن أبى سعيد به كما مضى؛ فجاء إبراهيم بن مجمع هذا ورواه عن صالح فوهم عليه في سنده، وأسقط منه الزهرى، ثم لجَّ في الوهم، وجعله من "مسند ابن عباس" وكان ذلك أيسر عليه لاشتهار تلك الترجمة (عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس). =

ص: 57

2381 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا الهذيل بن الحكم، عن ابن أبى داود، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ".

= وللحديث طريق آخر عن ابن عباس قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية، وإن رجلا بعدما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قام من الليل إلى سقاء فاختنثه؛ فخرجت عليه منه حية) أخرجه ابن ماجه [3419]- واللفظ له - والحاكم [4/ 156]، من طريق أبى عامر العقدى عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس به .....

قلتُ: قال الحاكم: "على شرط اليخارى" وتعقبه الذهبى قائلًا: "كذا قال"، يعنى كيف يكون على شرط البخارى، وزمعة وشيخه لم يحتج البخارى بهما أصلًا، بل ولا أخرج لهما البتة.

نعم: روى البخارى شيئًا لسلمة بن وهرام في "تاريخه الكبير"[8/ 45]، فلْيهنأ الحاكم.

ثم إن زمعة هذا ضعفه النقاد، وسلمة مختلف فيه، والحديث ثابت بجملة النهى عن (اختناث الأسقية فقط)؛ فيشهد لها حديث أبى سعيد الخدرى الماضى [برقم 996، 1124]، وهو يشهد أيضًا لحديثنا هنا (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من الإناء المخنوث) فتأمل. واللَّه المستعان.

2381 -

منكر: أخرجه ابن ماجه [1613]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11628]، والبيهقى في الشعب [7/ رقم 9892]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 201]، والآجرى في "الغرباء"[رقم 50]، وابن طولون في "الأحاديث المائة"[رقم 94]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 365]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 124]، والدولابى في "الكنى"[رقم 1408]، وأبو طاهر بن فيل في "جزئه" كما في "اللألئ المصنوعة"[2/ 111]، وغيرهم، من طرق عن الهذيل بن الحكم عن عبد العزيز بن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس به

ولفظ ابن ماجه (موت غربة شهادة).

قلتُ: وهذا إسناد منكر عَكِر، قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة":(هذا إسناد فيه الهذيل بن الحكم، قال فيه البخارى: "منكر الحديث" وقال ابن عدي: "لا يقيم الحديث" وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدًّا" وقال بن معين: "هذا الحديث منكر ليس بشئ، وقد كتبتُ عن الهذيل ولم يكن به بأس").

قلتُ: ولم أجد عبارة ابن عدى في "الكامل" وإنما هي عبارة العقيلى في "الضعفاء" ومقولة ابن معين ذكرها ابن الجنيد عنه في "سؤالاته"[رقم 236]، قد رواه محمد بن الحسين بن شهريار عن محمد بن صدران عن الهذيل بن الحكم فقال: =

ص: 58

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=عن ابن أبى رواد عن نافع عن ابن عمر به

، فجعله من (مسند ابن عمر)، هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[7/ 124]، قال ابن عدى:"كذا قال، وقد رواه أبو بكر بن أبى شيبة وعدة عن الهذيل عن ابن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس وهو الصواب، فما أدرى الخطأ من ابن صدران أو من شهريار؟! " نقله عنه الحافظ في "اللسان"[5/ 137].

وعبارة ابن عدى في "الكامل" فيها قلق، وإن كان معناها ما نقله منه الحافظ كما مضى. ومحمد بن الحسين بن شهريار قد كذبه الحافظ ابن نجية، ومشاه الدارقطنى كما في "اللسان"[5/ 137]، فلعل الخطأ منه، لكن نقل الحافظ في "التلخيص"[2/ 141]، عن الدارقطنى أنه ذكر في "علله" الاختلاف فيه على الهذيل، ثم صحَّح قول من قال:"عن الهذيل عن عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر".

قلتُ: وهذا معاكسة لقول ابن عدى الماضى، ثم جاء العقيلى وخالف الدارقطنى وابن عدى، وأخرجه في "ضعفائه"[4/ 365]، من طريق محمد بن كثير عن الهذيل عن ابن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا

ثم أخرجه من طريق معلى بن أسد عن الهذيل عن الحكم بن أبان عن وهب، عن طاووس اليمانى به مرسلًا، ثم قال العقيلى:"حديث معلى أولى".

قلتُ: والذى يظهر لى: أن هذيل بن الحكم قد اضطرب في إسناده على تلك الوجوه كلها.

ثم جاء بعض اللصوص، وسرقه من الهذيل، وهذا اللص: هو إبراهيم بن بكر الشيبانى، فرواه عن عبد العزيز بن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس به

أخرجه القضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 83]، والقاسم بن هبة الله في "تعزية المسلم"[رقم 83]، وابن عدى في "الكامل"[1/ 257]، ومن طريقه ابن الجوزى في "المتناهية"[2/ 891]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1907]، ومن طريقه ابن الجوزى أيضا في "الموضوعات"[4/ 415]، وغيرهم.

قال ابن عدى عقب روايته: "وهذا الحديث يُعرف بالهذيل بن الحكم السرخسى عن عبد العزيز بن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس

وإبراهيم بن بكر هذا هو الشيبانى، سرق هذا الحديث من الهذيل"، وقبل ذلك قال في صدر ترجمة إبراهيم: "كان ببغداد يسرق الحديث"، وترجمة إبراهيم في "اللسان" [1/ 40].

وقد رأيته قد تلوَّن في إسناده هو الآخر، فعاد هذا اللص، ورواه عن عمر بن ذر - وهو برئ =

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=منه - عن عكرمة عن ابن عباس به

، هكذا أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[5/ 119]، والسلفى في "مشيخة ابن الحطاب"[رقم 61]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 2538/ أطرافه]، ومن طريقه ابن الجوزى في "المتناهية"[2/ 890]، وقال أبو نعيم "غريب من حديث عمر - يعنى ابن ذر -، لم نكتبه إلا من هذا الوجه].

قلتُ: ونحوه قال الدارقطنى. وآفته إبراهيم بن بكر الماضى حاله قريبًا، ثم جاء عمرو بن الحصين العقيلى - كذبه الخطيب - وروى بكل وقاحة عن محمد بن علاثة عن الحكم بن أبان عن وهب بن منبه عن ابن عباس مرفوعًا قال:(موت الغريب شهادة، إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه وعن يساره لم ير إلا غريبًا، وذكر أهله وولده وتنفس، فله بكل نفس تنفَّسه يمحو الله ألفى ألف سيئة، ويكتب له ألفى ألف حسنة).

كذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11034]، وهو بهذا التمام كذب موضوع سمج، عمرو بن الحصين قد كذبه الخطيب بخط عريض، وأسقطه سائر النقاد، ونحوه شيخه ابن علاثة، كذبه الأزدى ووهَّاه غيره، وتوثيق ابن معين له يدل على عدم معرفته بحاله، والحكم بن أبان وإن تكلم فيه بعضهم، إلا أنه لا يحتمل مثل تلك الفضيحة، فلْيتقاسمها عمرو الحصين وشيخه، أو ليحملها أحدهما على عاتقه موزورًا.

ثم وجدت يحيى بن سعيد العطار قد قال: "أخبرنى عبد العزيز بن أبى رواد عن عكرمة عن ابن عباس قال: موت الغربة شهادة" هكذا ذكره موقوفًا، أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"[رقم 2000] عن يحيى به

وهذا إسناد منكر أيضًا، والحديث لا يصح موقوفًا ولا مرفوعًا ولا مرسلًا ولا معضلًا، ونعيم وشيخه العطار من مشكاه واحدة، كلاهما يأتى بالمناكير عن المشاهير، وإن كان العطار أسوأ حالًا، ونعيم عندنا في غير الراوية: إمام في السنة زاهد قدوة جليل القدر.

والحديث قد جزم ابن معين بنكارته كما حكاه عنه ابن الجنيد في "سؤالاته"، وكذا نقله ابن الجوزى في "العلل المتناهية"[2/ 892]، عن أحمد والبخارى، وكذا ضعفه الحافظ في "التلخيص"[2/ 141].

ومن الطرائف، أن الدارقطنى لما ذكر في "علله" الاختلاف في سنده على (الهذيل بن الحكم) صحَّح قول من رواه عن الهذيل وجعله من (مسند ابن عمر)، فظن عبد الحق الإشبيلى لما وقف=

ص: 60

2382 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، قال: حدثنى الزهرى، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباسٍ، قال: كنت أنا والفضل على أتانٍ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بعرفة، فمررنا على بعض الصف، فنزلنا عنها، وتركناها ترتع في الصف، فلم يقل لنا النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا.

2383 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن عبيد الله، عن ابن عباس، قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذرٍ كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال:"اقْضِهِ عَنْهَا"

= على كلام الدارقالنى: أنه قد صحَّح الحديث من رواية ابن عمر، وهذا فهمٌ غريب جدًّا، وقد تعقبه ابن القطان وأجاد كما قاله الحافظ في "التلخيص"[2/ 141]، وللحديث شواهد أخرى عن جماعة من الصحابة بأسانيد تالفة لا يُزاد بها الحديث إلا ضغثًا على إبَّالة، راجع "اللألئ المصنوعة"[2/ 111، 112]، و"المقاصد الحسنة"[ص 227]. واللَّه المستعان.

2382 -

صحيح: أخرجه مالك [366]، ومن طريقه البخارى [73، 471، 823، 1758]، ومسلم [504]، وأبو داود [7151]، والترمذى [337]، والنسائى [752]، وابن ماجه [947] ، وأحمد [1/ 219، 264، 265]، والدارمى [1415]، وابن خزيمة [833]، وابن حبان [2151، 2393]، والشافعى [818]، وابن أبى شيبة [2865، 2887]، والبيهقى في "سننه"[3314]، وفى "المعرفة"[1120]، وأبو عوانة [1129، 1130، 1131، 1132]، والحميدى [475]، وابن الجارود [168]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 459] وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به .. وهو عند جماعة بنحوه.

قلتُ: وله طرق أخرى عن ابن عباس به بنحوه

2383 -

صحيح: أخرجه مالك [1007]، ومن طريقه البخارى [2610، 6320، 6558]، ومسلم [1638]، وأبو داود [3307]، والترمذى [1546]، والنسائى [3660، 3662، 3663]، وأحمد [1/ 219، 329، 370]، وابن حبان [4393، 4394، 4395]، والطيالسى [2717]، وسعيد بن منصور [417]، وابن أبى شيبة [12080، 12596، 36120]، والبيهقى في "سننه"[12413، 19934]، وفى "المعرفة"[رقم 2659]، والحميدى [522]، وأبو عوانة [4713، 4714، 4715]، وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس، به

وهو عند بعضهم بنحوه. =

ص: 61

2384 -

حدَّثنا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا الزهرى، عن سليمان بن يسارٍ ، عن ابن عباسٍ: أن امرأةً من خثعم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة النحر، فقالت: إن فريضة الله في الحج أدركت أبى وهو شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع أن يستمسك على الرحل، أفهل ترى أن نحج عنه؟ قال:"نَعمْ".

= قلتُ: قد اختلف في هذا الحديث على الزهرى، فرواه عنه مالك والليث وبكر بن وائل وشعيب وصالح بن كيسان وابن عيينة - واختلف عليه - ومحمد بن أبى حفصة والأوزاعى - واختلف عليه - وعبيد الله الرصافى وصالح بن أبى الأخضر وزمعة بن صالح وجماعة على هذا الوجه الماضى.

وخالفهم جماعة آخرون من أصحاب الزهرى، رووه عنه فقالوا: عن عبيد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة به

، وجعلوه من (مسند سعد بن عبادة)، قال الحافظ في "الفتح"[5/ 390]، بعد أن أشار إلى هذا الاختلاف:"وقد قدمتُ أن ابن عباس لم يدرك القصة؛ فتعيَّن ترجيح رواية من زاد فيه (عن سعد بن عبادة)، ويكون ابن عباس قد أخذه عنه، ويحتمل أن يكون أخذه عن غيره، ويكون قول من قال: (عن سعد بن عبادة) لم يقصد به الرواية، وإنما أراد عن قصة سعد بن عبادة، فتتحد الروايتان .. ".

قلتُ: وهذا كلام قوى رائق. ومن الغرائب قول ابن عبد البر في "التمهيد"[9/ 24]، بعد أن ذكر الحديث:"وليس عن مالك ولا عن ابن شهاب اختلاف في إسناد هذا الحديث فيما علمت".

2384 -

صحيح: أخرجه مالك [798]، ومن طريقه البخارى [1442، 1756، 4138، 5874]، ومسلم [1334]، وأبو داود [1809]، والنسائى [2635، 2641، 2642، 5391، 5392]، وأحمد [1/ 219، 251، 329، 346، 359]، والدارمى [1833]، وابن خزيمة [3032، 3033، 3036]، وابن حبان [3989، 3995، 3996]، والشافعى [485، 487]، والبيهقى في "سننه"[8404، 8409 ، 8412، 8413، 9632 ،9633]، وفى "المعرفة"[2777، 2778]، والحميدى [507]، وابن الجارود [497]، وابن عبد البر في "التمهيد"[3/ 387، 388]، [9/ 122 - 123] وفى "الاستذكار"[4/ 163]، وجماعة كثيرة من طرق عن الزهرى عن سليمان بن يسار عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه.

وزاد مالك ومن طريقه البخارى ومسلم وغيرهما في أوله: (كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه؛ فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول=

ص: 62

2385 -

عن ابن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ".

= الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الحج

إلخ)، وفى آخره زاد:(وذلك في حجة الوداع) وهو عند جماعة بنحو هذا السياق.

وفى رواية للبخارى وغيره: (أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلًا وضيئًا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها؛ فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت رسول الله: إن فريضة الحج

إلخ).

قلت: قد اختلف على الزهرى في إسناده، فرواه عنه جمهور أصحابه على هذا الوجه، وخالفهم جماعة آخرون، منهم معمر وابن جريج والأوزاعى - واختلف عليه - وابن عيينة - واختلف عليه - وعبد الرحمن بن إسحاق وغيرهم كلهم رووه عن الزهرى فقالوا: عن سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل بن العباس به

، وجعلوه من (مسند الفضل بن العباس) هكذا أخرجه جماعة، فرواية ابن جريج عند البخارى [1755]، ومسلم [1335]، والترمذى [928]، وأحمد [1/ 213]، وغيرهم.

ورواية معمر عند آحمد [1/ 212]، والدارمى [1831]، والمؤلف [برقم 6737]، والطبرانى في "الكبير"[18/ رقم 721]، وغيرهم.

ورواية الأوزاعى عند النسائي [5389]، وابن ماجه [2909]، وغيرهما.

ورواية ابن عيينة عند الطبراني في "الكبير"[18/ رقم 732]، وغيره، ونقل الترمذى عن البخارى أنه قال:"أصح شئ في هذا الباب: ما روى ابن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله، ولم يذكر الذي سمعه منه".

قلت: وهو كما قال، وقد توبع عليه الزهرى، تابعه يحيى بن أبى إسحاق واختلف عليه هو الآخر في سنده كما يأتى بسط الكلام عليه [برقم 6717].

2385 -

صحيح: أخرجه مسلم [365]، وأبو داود [4123]، والترمذى [1728]، والنسائى [4241]، وابن ماجه [3609]، وأحمد [1/ 270]، والدارمى [1985]، =

ص: 63

2386 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، حَدَّثَنَا عبيد الله بن أبى يزيد، قال: سمعت ابن عباسٍ، يقول: كنت ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من المزدلفة إلى منًى.

2387 -

وَعَنِ ابن عيينة، قال: حدثنى سليمان بن سحيمٍ، عن إبراهيم بن عبد الله

= وابن حبان [1287، 1288]، ومالك [1063]، وعنه الشافعي [21]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 46]، وعبد الرزاق [190]، وابن أبى شيبة [24771]، والبيهقى في "سننه"[50، 68]، وفى "المعرفة"[رقم 124، 125، 126]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 2389، 2390، 2391، 2392]، وأبو عوانة [رقم 425، 426]، والبغوى في "شرح السنة"[1/ 235]، والحميدى [486]، وابن الجارود [61، 874]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 469]، وفى "المشكل"[8/ 78]، وجماعة كثيرة، من طرق عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس به .. ولفظ مسلم ومالك وأبى داود والشافعى والدارقطنى وغيرهم:(إذا دبغ الإهاب فقد طهر).

قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم، وقد توبع عليه زيد بن أسلم: تابعه أبو الخمر اليزنى عن ابن وعلة بمعناه كما ذكر البيهقى في "سننه"[1/ 16]، وكذا تابعه القعقاع بن حكيم عند الطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 2393، 2394]، بلفظ (دباغها طهورها)، والإسناد إليه لا يثبت، وهو بهذا اللفظ له شواهد عن جماعة من الصحابة.

2386 -

صحيح: أخرجه البخارى [1594]، ومسلم [1293]، والنسائى [3032]، وأبو داود [1939]، وأحمد [1/ 222]، وابن حبان [3865]، والشافعى [1709]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11260]، وابن أبى شيبة [13754]، والحميدى [463]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 257]، وأبو عوانة [رقم 2869]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 389]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابن عباس به

نحوه

قلتُ: وهذا إسناد صحيح، وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابن عباس قال: (بعثنى أو قدَّمنى النبي صلى الله عليه وسلم في الثقل من جمع بليل).

أخرجه البخارى [1757]- واللفظ له -، ومسلم [1293]، وجماعة. وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

راجع "الإرواء"[4/ 272، 273، 274، 275، 276].

2387 -

جيد: أخرجه مسلم [479]، وأبو داود:[876]، والنسائى [1045]، وأحمد [1/ 219]، والدارمى [1325، 1326]، وابن خزيمة [548، 674]، وابن حبان =

ص: 64

ابن معبد بن عباسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوفٌ خلف أبى بكرٍ، فقال:"يَا أَيّهَا النَّاسُ، إِنهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلا الرُّؤيَا الصَّالحَةَ، يَرَاهَا المسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلا وَإِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ".

2388 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن محمد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: تعجبت ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا رَأَيْتُمُوهُ، فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ"

= [1896، 1900، 6045]، والشافعى [155، 164]، وعبد الرزاق [2839]، وابن أبى شيبة [2559]، والبيهقى في "سننه"[2400]، وفى "المعرفة"[رقم 148، 892]، والحميدى [489]، وابن الجارود [203] أبو عوانة [رقم 1445]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1360، 1431]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 260]، وغيرهم، من طرق عن ابن عيينة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم نحوه باختصار، وأخرجه ابن ماجه [3899]، من هذا الفريق به دون: (ألا وإنى نهيتُ

إلخ).

قلتُ: وهذا إسناد جيد، وإبراهيم بن عبد الله روى عنه جماعة من الثقات ووثقه ابن حبان، واحتج به مسلم. وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه إسماعيل بن جعفر وابن جريج وإبراهيم بن محمد بن أبى يحيى وغيرهم، وقد اختلف في سنده على إبراهيم بن عبد الله بن معبد على ألوان، وأكثرها محفوظ إن شاء الله، مضى منها لون [برقم 276، 414، 415، 420]، ولونٌ ثانٍ [برقم 304، 417، 537، 604]، فانظرهما.

2388 -

صحيح: أخرجه الدارمى [1686]، من طريق عبيد الله بن سيعد - وهو اليشكرى - عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات مشاهير، ومحمد بن جبير هو ابن مطعم الثقة المشهور، لكن ذكر الإمام في هامش "الإرواء"[4/ 6]، أنه وقف على نسخة مخطوطة من "سنن الدرامى" فوجد فيها:(عن محمد بن حنين) بدل (عن محمد بن جبير).

قلتُ: وهكذا رواه جماعة آخرون عن ابن عيينة به

منهم: =

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 1 - الإمام أحمد في "المسند"[1/ 221].

2 -

ومحمد بن عبد الله بن يزيد عند النسائي في "الكبرى"[2435].

3 -

والحميدى في "مسنده"[513].

4 -

وإبراهيم بن بشار عند الطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 436]، وفى "المشكل"[2/ 29].

لكن وقع عنده في الموضعين (عن سفيان عن عمرو عن محمد عن ابن عباس

).

هكذا عن (محمد) غير منسوب.

5 -

ومسدد عند إبراهيم الحربى في "غريب الحديث"[2/ 742]، مقرونًا مع أحمد، لكن وقع عنده هكذا:(حدثنا مسدد وأحمد - أراه ابن حنبل - قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن محمد بن حسين: سمعتُ ابن عباس قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتموه فصوموا، فإن غم عليكم فأتموا العدة ثلاثين).

قلتُ: هكذا عنده (عن عمرو بن محمد بن حسين) وفيه تحريف، وصوابه:(عن عمرو - وهو ابن دينار - عن محمد بن حسين)، و (حسين) إما مصحفة من (جبير) أو (حنين)، وهى إلى الثانية أقرب.

6 -

والشافعى في "سننه"[رقم 326/ رواية الطحاوى]، وسنده هكذا: (أنبأنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار سمع محمد بن حنين يقول سمع ابن عباس

) وذكره.

ومن طريق الشافعي: أخرجه البيهقى في "المعرفة"[رقم 2584]، لكن وقع عنده: (عن عمرو بن دينار سمع محمد بن جبير

) هكذا، وهذا ظاهر التصحيف، فإنما هو (محمد بن حنين)، وكذا رواه الشجرى في "الأمالى"[ص 276]، من طريق الشافعي به .. لكن وقع عنده:(عن عمرو بن دينار: سمع محمد بن حسن أو حسين) وهذا تصحيف ثان، وصوابه (محمد بن حنين) كما هو في المصدر الأم [سنن الشافعي/ رواية الطحاوى]، والبيهقى والشجرى يرويانه من طريقه كما مضى.

هؤلاء سبعة من الثقات الأثبات - ومنهم رواية الدارمى كما مضى - كلهم رووه عن ابن عيينة فقالوا: (عن محمد بن حنين) وزاد الحميدى في روايته: (عن محمد بن حنين مولى آل العباس

)، فلم تبق إلا رواية زهير بن حرب عن ابن عينية عند المؤلف وحده، والتى وقع فيها:(عن محمد بن جبير)، فمن لم يتأمل ربما يجزم بكون زهير قد شذ في تلك الراوية =

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أصحاب ابْن عيينة، غير أن التحقيق يقضى بكون رواية زهير مثل رواية الجماعة تمامًا، وأن الذي وقع عند المؤلف (محمد بن جبير) ما هو إلا تصحيف وقع في (الأصل) من الناسخ أو غيره، وأن صواب الإسناد (حدثنا زهير، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو عن محمد بن حنين، عن ابن عباس به

) فهو (محمد بن حنين) وليس (محمد بن جبير).

ومعلوم أن (جبير) قريبة في الرسم من (حنين) ولعله كان في الأصل (عن محمد عن ابن عباس

) هكذا غير منسوب، فظنه الناسخ (محمد بن جبير)؛ لكونه المشهور بالرواية عن ابن عباس وعنه عمرو بن دينار، فرأى أن يُثْبت ذلك خشية الالتباس.

لكن نازع الحافظ المزى في تلك القضية، وزكم أن (محمد بن حنين) هو المصحف من (محمد بن جبير) وجعل (محمد بن حنين) وهمًا من الأوهام، وشخصًا لا وجود له في عالم الإمكان، فقال في "تهذيب الكمال" [25/ 120]:"ومن الأوهام وهْم: (محمد بن حنين) عن عبد الله بن عباس: "عجبتُ ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال فصوموا

" الحديث

وعنه عمرو بن دينار .. ".

ثم قال: "روى له النسائي، هكذا ذكره صاحب "الأطراف" - وهو ابن عساكر - اعتمادًا على ما وقع في بعض النسخ المتأخرة، وهو خطأ، والصواب (محمد بن جبير) وهو ابن مطعم، هكذا وقع في الأصول القديمة من كتاب النسائي، وكذلك هو في "مسند أحمد".

قلتُ: كذا قال، وقد تعقبه الحافظ في "التهذيب" [9/ 136] قائلًا:"وقد ذكر الدارقطنى أن (محمد بن حنين) أيضًا روى عن ابن عباس، قال: وهو أخو عبيد بن حنين، وكذا هو موجود في "السنن الكبرى" رواية بن الأحمر عن النسائي، واللَّه أعلم. وقال الحاكم: لا أعرف روى عنه غير عمرو بن دينار".

قلتُ: وهكذا أيضًا وقع في "المجتبى" رواية ابن السنى عن النسائي، فلعل ما رآه المزى في الأصول القديمة من كتاب النسائي، ما هو إلا ذلك التصحيف الذي وقع مثله عند المؤلف وغيره كما يأتى، وكلام الحاكم والدارقطنى يدلان على وجود إنسان يقال له:(عبد الله بن حنين)، وزاد الدارقطنى أنه هو (أخو عبيد بن حنين) الثقة المعروف.

ويؤيد هذا: أنى رأيت الإمام مسلم قد ترجم له في كتابه "المنفردات والوحدان"[ص 117/ رقم 194]، فقال:"ومحمد بن حنين مولى آل عباس، وليس بأخى عطاء". =

ص: 67

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم رأيتُ ابن المدينى قد قال في كتابه "من روى عنه من أولاده العشرة"[ص 107/ رقم 32/ رواية حنبل بن إسحاق]: "وعبد الله بن حنين وعبيد بن حنين ومحمد بن حنين مولى آل العباس)، فصح بذلك ما قاله الدارقطنى آنفًا، ومثله قال ابن ماكولا في "الإكمال" [2/ 27]، أيضًا، فذكره في ترجمة أخيه (عبد اللَّه بن حنين) فقال: "وأخوه محمد بن حنين مولى العباس، يروى عن ابن عباس، روى عنه عمرو بن دينار".

قلتُ: وكل ذلك يؤيد ما قلناه، وقد أحسن الحافظ حيث أفرد ترجمة لى (محمد بن حنين) من "التهذيب" و"التقريب"، في حين أغفله المزى - إلا ما سبق - ومغلطاى والذهبى والخزرجى وغيرهم ممن ذيَّلوا على "التهذيب"، والرجل من رجال النسائي كما مضى. ثم وقفتُ على الحجة الدامغة، والبرهان الساطع، فوجدتُ ابن أبى حاتم قد قال في تقدمة "الجرح والتعديل" [ص 38]:"حدثنا صالح بن أحمد - وهو ابن الإمام أحمد - نا عليّ - هو المدينى - قال: قلتُ لسفيان بن عيينة: محمد بن حنين الذي روى عنه عمرو بن دينار: "صوموا لرؤيته" فقال: إبراهيم بن عبد الله بن حنين وعبيد بن حنين ومحمد بن حنين من أهل المدينة موالى آل العباس".

قلتُ: وهذا نص قاطع لا يقبل التأويل! ولم يقف الإمام على كل هذا، فتابع المزى في زعمه بكون (محمد بن حنين) مصحفًا من (محمد بن جبير) وقال في "الإرواء" [4/ 6]:"هو الأرجح؛ لأن الإمام أحمد قد أخرجه [1/ 367]، من طريق ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن جبير يقول: كان ابن عباس .... " ثم ذكر الحديث ثم قال: "وتابعه - يعنى تابع ابن جريج - زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار به

أخرجه الطحاوى [1/ 209] ".

قلتُ: وهذا سند صحيح، فإن محمد بن جبير وهو ابن مطعم ثقة من رجال الشيخين، وكذلك سائر الرواة، وأما (محمد بن حنين) فمجهول لا يُعرف، وقد صوَّب المزى في "التهذيب" أنه (ابن جبير) وأفاد الحافظ في "تهذيبه" أن ابن حنين غير ابن جبير، وذكر في "التقريب" أنه "مقبول" ورواية ابن جريج تؤيد ما صوَّبه المزى.

قلتُ: وفى كلّ مناقشات، أما رواية ابن جريج عند (أحمد) فلم ينفرد بالإشارة إليها الإمام وحده، بل سبقه المزى كما مضى.

وعلى كل حال، فلْننظر فيها: قال الإمام أحمد في "المسند"[1/ 367]: (ثنا عبد الرزاق وابن بكر - هو البرسانى - قالا: نا ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن جبير يقول: كان ابن عباس .... ) وساق الحديث. =

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فهكذا وقع عنده (محمد بن جبير) فنظرنا: فوجدنا عبد الرزاق قد أخرجه في "المصنف"[7302]، (عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن حنين يقول: كان ابن عباس

) فثبت بهذا أن ما وقع في "المسند" ما هو إلا ذلك التصحييف الذي سئمنا منه، والحديث مشهور برواية عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس به، كما يفهم من سؤال ابن المدينى لسفيان بن عيينة فيا نقله عنهما ابن أبى حاتم في تقدمة "الجرح والتعديل"[ص 38].

وكل هذا يكاد ينادى باستحالة أن يكون ابن جريج قد اختلف عليه في سنده، هذا ما يتعلق برواية ابن جريج، أما ما ذكره الإمام من كون زكريا بن إسحاق قد تابع ابن جريج عليه عند الطحاوى [1/ 209]، فلا بأس إن نظرنا في تلك المتابعة أيضًا.

فنقول: قال الطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 436/ طبعة العلمية]: (حدثنا على بن معبد قال: ثنا روح بن عبادة قال: ثنا زكريا عن عمرو بن دينار أن محمد بن جبير أخبره أنه سمع ابن عباس يقول

) ثم ساق الحديث.

ومن هذا الطريق أخرجه الطحاوى أيضًا في "المشكل"[2/ 29]، ومن طريق روح بن عبادة: أخرجه الخطيب أيضًا في "المتفق والمفترق"[1192]، ووقع عندهما كما فضى (محمد بن جبير).

قلتُ: لو لم تأت رواية أخرى تدل على وقوع التصحيف عند الطحاوى والخطيب في تلك الطريق؛ لكان ما مضى من البراهين كافيًا على تدعيم ما نحن بسبيله، فكيف وقد رواه البيهقى في "سننه"[7735]، وفى "فضائل الأوقات"[رقم 133]، ومن طريق أبى الحسين بن بشران عن أبى جعفر بن البخترى عن الحسن بن مكرم عن روح بن عبادة قال:(ثنا زكريا بن إسحاق، ثنا عمرو بن دينار، أن محمد بن حنين أخبره، أنه سمع ابن عباس يقول .... ) ثم ساق الحديث، هكذا وقع عنده:(محمد بن حنين)، ومن نفس طريق روح بن عبادة، وهذا هو الجادة، وما سواه فليس بصحيح ولم يثبت كما مضى، ثم وقفتُ على الجزء الأول من "فوائد ابن بشران"[رقم 71/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]- وعنه رواه البيهقى، فوجدته قد وقع عنده (محمد بن جبير) أيضًا، فعلمت أن المرء إذا لم يكن متيقظًا لمثل تلك الأغاليط الواقعة في الأسانيد المبثوتة في بطون الدفاتر؛ زلَّ قدمه، وخاب سعيه، وندم على ما فاته.

وهذا الحديث مثال جيد على هذا كله، فبينما تراه صحيح الإسناد عند الإمام الألبانى في "الإرواء"[4/ 6]- لكونه لم يقف على ما وقفنا عليه - تراه عندنا ضعيف الإسناد، وربما وقع العكس في أحاديث أخر، نسأل الله اليقظة والإلهام فيما فيه مرضاته ونشر دينه، وإعزاز=

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= شريعته، ونصرة سُنَّته، والقيام بشكر بعض ما أنعم به علينا نحن الكافى بن بالنعمة، وإلا فقد خبنا وخسرنا، وضللنا وما فلحنا، فرحماك رحماك سيدى ومولاى؛ فواللَّه ما تجشَّمنا طرق هذا الباب؛ تكسُّبًا أو رياء أو سمعة، بل ما خضنا هذا السبيل إلا لرفع منار الدين، وتشييد ما اندرس من رسوم أئمة المسلمين.

نعم، ولشئ آخر: وهو بذل النصيحة للخاصة والعامة، وكم أحوجنا طلب النصيحة كل ن أقوام، فلم نر منهم إلا الفضيحة وسوء الملام! ولقد كان يحسن بهم ذلك الإقذاع، إن كنا نبغى بما نسطره منهم مالًا أو تقريظًا، وما علموا أنَّا ما أمسكنا بالقلم - أول مرة - إلا وتعهَّدنا ربنا ألا نكتب شيئًا إلا ابتغاء وجه الكريم وحسب.

وماذا يجدينا ثناء أهل الأرض علينا، إذا كان مَنْ في السماء علينا غاضبًا؛! فيما سوء حالى إن كان هذا حالى، ويا قبيح فعالى إن كنتُ بسخط ربى لا أبالى! وما لى لا أوبخ النفس وأنا الظلوم لها؟! وما لى لا أقرِّع تلك الهمة الضعيفة وأنا الجانى عليها، فإلى كم يجرُّنى الشيطان إلى إحسان الظن بنفسى دون الآخرين؛! أوما علم هذا المرذول أننى لستُ بحاجة إليه في سوء العمل؟! أم ما درى هذا المخبول أننى قد كُفِيتُ عنه بما قد اعترانى من كثرة الزلل؟! ألا فلْيبحث عن غيرى، ولْيغر - إن شاء الله - غيرى.

مسكين أنا إن لم يتغمدنى الله برحمته؛ هالك أنا إن كنتُ لست معدودًا من أهل جنَّته، ومَنْ يندب نفسى سواى، ومن يعرف دخائلها من الناس إلا إياى، ما يسرنى أن لى طلاع الأرض ذهبًا أو فضة وأنا في الملأ الأعلى لا أذكر، ما يفرحنى أن عرفنى أهل الدنيا، وأنا بعدُ لا أزال مجهول العين والصفة عند أهل السماء.

هلك واللَّه ابن آدم بحب الظهور والشهرة! هذا أويس القرنى العابد الزاهد الإمام النبيل، انظر إليه: هل كان يعرفه أحد لو لم يذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وكم في الأمة أمثال أويس في جماع الخير مع الدين والعلم والاستقامة، ولا يعرفهم كبير أحد.

وأقول لنفسى: يا نفس هَبى أنك صرت حديث الناس صباحًا ومساءً في العلم وحسن السيرة وكل شئ جميل، لكنك لم تعلمى بذلكَ. أكان يسرُّك هذا، ثم هبى أنك صرتَ حديث الناس صباحًا ومساءً في الجهل والتخبط وسوء السمعة وكل شئ قبيح، لكن لا تعلمين بذلك، أكان هذا يحزنك؟! فما لك والناس إذًا؟! =

ص: 70

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فامضى على ما أنتِ عليه من الثبات وقولة الحق وبثِّ الشريعة وبذل النصح نكل أحد، وإن حُوربتِ وشُتمتِ، وفوِّقتْ إليك سهام المقت واللوم، طالما أنك تعتقدين أنك على بصيرة من أمرك، ونور من ربك؛ وتذكَّرى أَن غيرك قد لاقى من الأهوال والشدائد ما لم تذوقى أنت منه قطرة، وليكن عزاؤكِ في هؤلاء الشرذمة من الأعلام؛ وردِّدى مع شيخ الإسلام أبى محمد الفارسى قوله في كتابه "الإحكام" [1/ 96]: "اللَّهم إنك تعلم أنا لا نحكِّم أحدًا إلا كلامك وكلام نبيك الذي صلَّيت عليه وسلَّمت في كل شئ مما شجر بيننا، وفى كل ما تنازعنا فيه، واختلفنا في حكمه، وأننا لا نجد في أنفسنا حرجًا مما قضى به نبيك، ولو أسخطنا بذلك جميع من في الأرض، وخالفناهم وصرنا دونهم حزبًا، وعليهم حربًا، وأننا مسلمون بذلك طيبة أنفسنا عليه، مبادرون نحوه لا نتردد ولا نتلكأ، عاصون لكل من خالف ذلك، موقنون أنه على الخطأ عندك، وأنَّا على صواب لديك، اللَّهم فثبِّتنا على ذلك، ولا تُخالف بنا عنه، واسلك اللَّهم بأبنائنا وإخواننا المسلمين هذه الطريقة حتى نُنْقل جميعًا ونحن متمسكون بها إلى دار الجزاء

آمين، بمنِّك يا أرحم الراحمين

).

وعود على بدء فنقول: إسناد هذا الحديث ضعيف لجهالة حال (محمد بن حنين) وليس (محمد بن جبير)، وقد اختلف في إسناده على عمرو بن دينار، فرواه عنه ابن عيينة وزكريا بن إسحاق وابن جريج على الوجه الماضى، وخالفهم حماد بن سلمة، فرواه عنه فقال: عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعًا: (صوموا لرؤيته - الهلال - وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يذكر واسطة بين عمرو وابن عباس

، هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[2434]- واللفظ له - والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 436]- ولم يسق لفظه - وابن حزم في "المحلى"[7/ 23]، وابن المقرئ في "المعجم"[233]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 352]، والحارث [رقم 317/ زوائده]، وغيرهم من طرق عن حماد بن سلمة به ....

وزاد الجميع سوى النسائي والطحاوى: (قالوا: يا رسول الله: أفلا نتقدم بين يديه بيوم أو يومين؟! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لا) هذا لفظ أبى نعيم، ثم قال أبو نعيم:"لا أعلم رواه عن عمرو غير حماد بن سلمة".

قلتُ: وهو كذلك، وقول الجماعة عن عمرو بن دينار أولى من قول حماد، وحماد قد تغير حفظه بآخرة كما هو معلوم، فلعل هذا من ذاك. =

ص: 71

2389 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرِو، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ: أمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعٍ، ونُهِىَ أن يكفَّ شَعره وثيابه.

2390 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرمٌ.

= وقد قال ابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 37]: "وروى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، ولم يسمعه من ابن عباس؛ وإنما يرويه عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

" ثم أخرجه بسنده كذلك من طريق روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس به

قلتُ: لكن للحديث طرق أخرى نحوه عن ابن عباس، قد استوفاها الإمام في "الإرواء"[4/ 5، 7،6]، ومضى بعضها [برقم 2355].

2389 -

صحيح: أخرجه البخارى [776، 777، 782]، ومسلم [490]، وأبو داود [889] و [890]، والترمذى [273]،والنسائى [1093، 1113، 1115]، وابن ماجه [883]، وأحمد [1/ 321، 255، 275، 279، 285، 286، 324]، والدارمى [1318]، وابن خزيمة [632، 633، 634، 782]، وابن حبان [1923]، والشافعى [160]، والطيالسى [2603]، وعبد الرزاق [2971، 2972، 2973]، وابن أبى شيبة [8551]، والبيهقى في "سننه"[2473، 2508]، وفى "المعرفة"[رقم 884]، والحميدى [493]، وابن الجعد [1625، 2993]، وابن الجارود [199]، والطبرى في "تهذيبه"[رقم 2215]، وأبو عوانة [رقم 1477، 1478، 1479]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس به .. وهو عند جماعة بنحوه

وفى رواية للبخارى ومسلم والبيهقى وأحمد وغيرهم: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرًا ولا ثوبًا: الجبهة واليدين والركبتين والرجلين)، لفظ البخارى، وليس عند ابن ماجه النهى عن الكف جميعًا.

قلتُ: وقد توبع عليه عمرو بن دينار: تابعه عبد الله بن طاووس كما يأتى عند المؤلف [برقم 2464]، وتوبع عليه طاووس: تابعه عليه جماعة بنحوه عن ابن عباس به

2390 -

صحيح: أخرجه البخارى [5370]، ومسلم [1202]، وأبو داود [1835]، والترمذى [839]، والنسائى [2846، 2847]، وأحمد [1/ 221، 372]، والدارمى [1821]، =

ص: 72

2391 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرٍو، سمع أبا معبد، سمع ابن عباسٍ، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلا تُسافِرِ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا ذو مَحْرَمٍ" فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إنى اكُتتِبْتُ في غزوة كذا وكذا، وانطلقت امرأتى حاجةً، قال:"فَانْطَلِقْ، فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ".

2392 -

حَدَّثنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرٍو، قال: أخبرنى بذا أبو معبد، عن ابن عباس - قال: ثم أنكره بعد عن ابن عباس - قال: كنا نعرف انقضاء صلاة رسولً الله صلى الله عليه وسلم بالتَّكبير.

= وابن خزيمة [2657]، وابن حبان [3951]، والشافعى [1052، 1677]، وابن أبى شيبة [14591]، والبيهقى في "سننه"[8929]، وفى "المعرفة"[رقم 2983، 2984]، وأبو عوانة [رقم 2967، 2968، 2969]، وعبد بن حميد في المنتخب [622]، والحميدى [50]، وابن الجارود [442]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 421]، والحاكم [1/ 623]، وجماعة كثيرة، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس به

وزاد أبو عوانة والحاكم وأحمد وأبن خزيمة: (على رأسه).

قلتُ: قد قرن عطاء بن أبى رباح مع طاووس عند البخارى ومسلم وأبى داود والترمذى والنسائى وأكثر هؤلاء.

2391 -

صحيح: أخرجه البخارى [2844، 4935]،ومسلم [1341]، وأحمد [1/ 222]، وابن خزيمة [2529]، وابن حبان [2731، 3757]، و [5589]، والشافعى [822]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12205]، والبيهقى في "سننه"[9914]، وفى "المعرفة"[رقم 3337]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 322]، والحميدى [468]، وجماعة كثيرة، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى معبد عن ابن عباس به مثل سياق المؤلف.

قلتُ: وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه حماد بن زيد وابن جريج، وأخرجه جماعة بشطره الأول فقط، وأبو معبد هو نافذ بن عباس، تابعى ثقة معروف.

2392 -

صحيح: أخرجه البخارى [806]، ومسلم [583]، وأبو داود [1002]، والنسائى [1335]، وأحمد [1/ 222]، وابن خزيمة [1706]، وابن حبان [2232]، والشافعى [184]، والطبراني في "الأوسط"[2/ 1669]، =

ص: 73

2393 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن جابرٍ، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو مُحْرِمٌ.

= والبيهقى في "سننه"[2837، 2838]، وفى "المعرفة"[رقم 988]، والحميدى [480]، وأبو عوانة [1639، 1640]، والخطيب في "الكفاية"[ص 380]، وجماعة، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه.

قلتُ: وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه ابن جريج قال: أخبرنى عمرو أن أبا مجد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس - رضى الله عنهما - أخبره: (أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: كنتُ أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته) أخرجه البخارى [805]- واللفظ له - ومسلم [583]، وأبو داود [1003]، وأحمد [1/ 367]، وابن خزيمة [1707]، وعبد الرزاق [3225]، والطبرانى في "الكبير"[11 / رقم 12212]، وأبو عوانة [رقم 1638]، وجماعة كثيرة.

• تنبيه: ورد في ذيل رواية ابن عيينة عند مسلم وأحمد والشافعى وأبى عوانة والبيهقى والحميدى وغيرهم: "قال عمرو: فذكرت ذلك لأبى معبد، فأنكره، وقال: لم أحدثك بهذا، قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل" قال الشافعي عقب هذا: "كأنه نسيه بعد ما حدَّثه إيَّاه".

قلتُ: وهذا ما يدخل في باب (مَنْ حدث ونسى) راجع فتح المغيث [1/ 340]، و"تدريب الراوى"[1/ 335]، و"توضيح الأفكار"[2/ 247]، و"تذكرة المؤتسى"[ص 19] للسيوطى. وغير ذلك من كتب المصطلح.

2393 -

صحيح: أخرجه البخارى [4824]، ومسلم [1410]، وابن ماجه [1965]، والترمذى [844]، والنسائى [2837، 3272]، وأحمد [1/ 270، 285، 324، 362]، والدارمى [1822]، وابن حبان [4131]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 263]، والطيالسى [2607، 2611]، والبيهقى في "سننه"[13143، 13979، 13981]، وفى "الدلائل"[رقم 1675]، وأبو عوانة [رقم 2484، 2486]، وابن الجارود [446، 696]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عمرو بن دينار عن أبى الشعثاء عن ابن عباس به

وبعضهم لم يذكر فيه ميمونة.

قلتُ: وإسناده كالشمس، وقد توبع عليه جابر بن زيد أبو الشعثاء: تابعه جماعة كلهم عن ابن عباس به نحوه

وستأتى رواية سعيد بن جبير [برقم 2726]. =

ص: 74

2394 -

حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرو، عن أبى الشعثاء، عن ابن عباسٍ، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا.

= والحديث حكم عليه الإمام الألبانى بالشذوذ، وهذا على إطلاقه غير مقبول؛ لأنه يُقر بصحة الإسناد بلا شك؛ فلم يبق إلا شذوذ المتن فقط، فإن سلم له فلا عليه أن يقول عنه:(شاذ المتن) أما الإطلاق، فهو غير جيد.

وقد تتابعت كلمات العلماء في توهيم ابن غباس على تلك الرواية، وأن الصواب: هو ما ثبت عن ميمونة نفسها أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو خلال غير مُحْرِمٍ، وهذا هو الصحيح عندنا دليلًا ومأخذًا، وسيأتي حديث ميمونة [برقم 7106]. ولم ينفرد ابن عباس بتلك الرواية، بل تابعه عليها جماعة من الصحابة كما بسطناه في "غرس الأشجار". فاللَّه المستعان.

2394 -

صحيح: أخرجه البخارى [518 ، 537، 1120]، ومسلم [705]، وأبو داود [1214]، والنسائى [589، 603]، وأحمد [1/ 221، 273، 285، 366]، وابن حبان [1597]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12805، 12806، 12858]، وعبد الرزاق [4436]، وابن أبى شيبة [8227، 36107]، والبيهقى في "سننه"[5336، 5340، 5341]، وفى "المعرفة"[رقم 1699]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 160]، والحميدى [470]، وابن الجعد [1628]، وابن عبد البر في "التمهيد"[13/ 217، 219 - 220]، وأبو عوانة [رقم 1932، 1933] ، وجماعة، من طرق عن عمرو بن دينار عن أبى الشعثاء عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم نحوه.

وفى رواية للبخارى ومسلم وجماعة: (صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء

) لفظ البخارى، وقد زاد مسلم والبخارى وجماعة في آخره قول عمرو بن دينار:(قلتُ: يا أبا الشعثاء أظنه أخَّر الظهر وعجَّل العصر، وعجَّل العشاء وأخَّر المغرب! قال: وأنا أظنه) لفظ البخارى أيضًا.

قلتُ: وقد رواه جماعة عن ابن عباس به نحوه

منهم سعيد بن جبير كما يأتى عند المؤلف [برقم 2401].

• تنبيه مهم: وقع عند النسائي [589]، من طريق قتيبة بن سعيد عن ابن عيينة عن عمرو عن أبى الشعثاء عن ابن عباس قال:(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا، أخَّر الظهر وعجَّل العصر، وأخَّر المغرب وعجَّل العشاء)، فقوله: (أخر الظهر

إلخ) =

ص: 75

2395 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرٍو، قال: أخبرنى أبو الشعثاء، أنه سمع ابن عباسٍ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب:"منْ لَمْ يجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنٍ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ".

= مدرج من قول عمرو بن دينار لأبى الشعثاء كما مضى، والذى أدرج ذلك هو قتيبة بن سعيد كما جزم به ابن عبد البر في "التمهيد" [12/ 219] فقال: "رواه قتيبة بن سعيد عن ابن عيينة بإسناده مثله فأقحم في الحديث قول أبى الشعثاء وعمرو بن دينار

".

ثم رواه من طريق النسائي عن قتيبة كما مضى ثم قال: "الصحيح في حديث ابن عيينة هذا غير ما قال قتيبة، حين جعل التأخير والتعجيل في الحديث، وإنما هو من ظن عمرو وأبى الشعثاء

".

قلتُ: وهكذا رواه جماعة عن ابن عيينة فلم يذكروا عنه فيه مثل ما ذكره قتيبة، وقد انخدع الشوكانى والصنعانى وجماعة بظاهر رواية النسائي الماضية، ولم يفطنوا إلى كونها مدرجة في الحديث كما أوضحناه، فانتبه.

2395 -

صحيح: أخرجه البخارى [1744، 1746، 5467]، ومسلم [1178]، وأبو داود [1829]، والترمذى [834]، والنسائى [2671، 2672، 5325]، وابن ماجه [2931]، وأحمد [1/ 215، 221، 228، 279، 285]، والدارمى [1799]، وابن خزيمة [2681]، وابن حبان [2781، 3782، 3785، 3786، 3789]، والشافعى [537]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 228، 230]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12809، 12810، 12811، 12812، 12713، 12814، 12815]، وفى "الأوسط"[8/ رقم 8521]، وابن أي شيبة [15773، 36104]، والبيهقى في "سننه"[8847، 8848، 8849،8850] والطحاوى في "شرح المعانى"[12/ 133]، وابن الجعد [1626، 3389]، وابن الجارود [417]، والطيالسى [1883]، والحميدى [469]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عمرو بن دينار عن أبى الشعثاء عن ابن عباس به.

قلتُ: قال أبو داود: "هذا حديث أهل مكة ومرجعه إلى البصرة إلى جابر بن زيد، والذى تفرد به منه ذكر السراويل ولم يذكر القطع في الخف".

قلتُ: ويفهم من هذا أن أبا الشعثاء قد تفرد به، وأصرح من هذا قول الحافظ في "الفتح" =

ص: 76

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [3/ 403]: "حديث ابن عباس لم يأت مرفوعًا إلا من رواية جابر بن زيد عنه؛ حتى قال الأصيلى: إنه شيخ بصرى لا يُعرف، كذا قال، وهو معروف موصوف بالفقه عند الأئمة".

قلتُ: أما أبو الشعثاء فهو الإمام الثقة المأمون، فقيه أهل العراق، فماذا يضيره جهالة الأصيلى به إن لم تضر الأصيلى تلك الجهالة نفسه؟! والأصيلى على علو كعبه في الحديث والعلل، إلا أنه كان ينتصر لمذهب مالك الذي نشأ عليه بالأندلس، وكم يوقع الانتصار للمذهبية جماعة في مهازل! راجع ترجمة عبد الله بن زيد أبى قلابة التابعى الجليل من "تهذيب الحافظ"[5/ 226]؛ حتى تعرف إلى أخس دركة قد وصل إليها هؤلاء المنتصرون المنافحون لغير الله ورسوله.

وأما عن انفراد جابر بن زيد بهذا الحديث عن ابن عباس: فقد تابعه عطاء بن أبى رباح عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11351]، لكن الإسناد إليه واهٍ.

وكذا تابعه سعيد بن جبير عند الطبراني أيضًا [12/ رقم 12407]، لكن الإسناد إليه لا يصح أيضًا، ورواية عطاء عند ابن عدى أيضًا في "الكامل"[4/ 113]، وقد اختلف في سنده على عمرو بن دينار، نرواه عنه بعضهم فقال: عن عطاء عن ابن عباس به

كما تراه عند الخطيب في "تاريخه"[8/ 93]، ورواه شعبة عن عمرو واختلف عليه فيه على ألوان، والمحفوظ عن شعبة وعمرو هو الطريق المشهور: (عن عمرو عن أبى الشعثاء عن ابن عباس به

).

وقد بسطنا الكلام على ذلك في "غرس الأشجار". ثم جاء أيوب السختيانى الإمام الحافظ ورواه عن عمرو بن دينار لكن اختلف عليه في متنه، فرواه عنه جماعة على الجادة مثل لفظ المؤلف، منهم إسماعيل ابن علية وعبد الوهاب الثقفى وغيرهما، وتابعهم على ذلك يزيد بن زريم لكن اختلف عليه فيه، فرواه عنه أحمد بن عبدَةَ وصالح بن حاتم ومحمد بن المنهال وغيرهم مثل لفظ المؤلف، ثم جاء إسماعيل بن مسعود البصرى وخالف الكل، ورواه عن يزيد بن زريع بإسناده به .... لكنه زاد في متنه (وليقطعهما أسفل من الكعبين).

هكذا أخرجه النسائي [2679]، وتلك الزيادة غير محفوظة أصلًا، وقد اغتر بها جماعة لنظافة الإسناد، فقال ابن التركمانى في "الجوهر النقى"[5/ 51]، بعد أن ذكر إسناد النسائي:"وهذا سند جيد، فيه أَن اشتراط القطع مذكور في حديث ابن عباس"، وكذا صحح إسناده الولى العراقى في "طرح التثريب"[5/ 311]، وقال البدر العينى في "عمدة القارى"[9/ 163]، =

ص: 77

2396 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عمرو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، وهو يقول:"إِنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلا".

2397 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حَدَّثَنَا ابن عيينة، أخبرنا عمرو، عن عطاء، عن ابن عباسٍ، قال: ليس المحصب بشئٍ، إنما هو منزلٌ نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= بعد أن ذكره: "وهذا إسناد صحيح، وإسماعيل بن مسعود الجحدرى وثقه أبو حاتم وغيره، وباقيهم رجال "الصحيح"؛ والزيادة من الثقة مقبولة على المذهب الصحيح".

قلتُ: وهذه غفلة منهم جميعًا عن مخالفة إسماعيل بن مسعود لثلاثة من الثقات في متنه، ناهيك عن أن عبد الوهاب الثقفى وابن علية وعبد الوارث وغيرهم من الأكابر قد رووه عن أيوب فلم يذكروا فيه تلك الزيادة البتة.

وهكذا رواه شعبة وحماد بن زيد وابن عيينة وهشيم والثورى وأشعث بن سوار وابن جريج وسعيد بن زيد وغيرهم عن عمرو بن دينار فلم يذكروا فيه تلك الزيادة، بل في رواية ابن جريج ما ينفى تلك الزيادة في حديث ابن عباس مطلقًا، وقد بسطنا كل ذلك في "غرس الأشجار".

* والحاصل: أن تلك الزيادة الماضية غير محفوظة من حديث ابن عباس أصلًا، وإن وقعت في رواية منكرة أخرى عنه عند ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 309]. واللَّه المستعان.

2396 -

صحيح: أخرجه البخارى [6159، 6160]، ومسلم [2860]، والنسائى [2081]، وأحمد [1/ 220]، وابن حبان [7318، 7321، 7322]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12550]، وابن أبى شيبة [34395]، والحميدى [483]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 108] و [13/ 119]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 246]، وابن عساكر في "تاريخه"[53/ 161 - 162]، والرامهرمزى في "المحدث الفاصل"[ص 472] وغيرهم، من طرق عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .....

قلتُ: قد توبع عمرو عليه: تابعه المغيرة بن النعمان ولكن بسياق أتم يأتى عند المؤلف [برقم 2578]، فاللَّه المستعان.

2397 -

صحيح: أخرجه البخارى [1677]، ومسلم [1312]، والترمذى [922]، وأحمد [1/ 221]، والدارمى [1870]، وابن خزيمة [2989]، والطبرانى في "الكبير" =

ص: 78

2398 -

وَعَنِ ابن عيينة، أخبرنا عمرُو، عن عطاء؛ وابنُ جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخَّرها حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فقال له عمر: يا رسول الله، رقد النساء والولدان، فخرج وقال:"لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لَصَلَّيْتُهَا هَذِهِ السَّاعَةَ" - يَعْنِى الْعِشَاءَ -.

= [11/ رقم 11382]، والنسائى في "الكبرى"[4259]، وابن أبى شيبة [13344]، والبيهقى في "سننه"[9519]، وفى "المعرفة"[رقم 3180]، والحميدى [498]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 1122] وغيرهم، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس به

ولفظ البخارى ومسلم وجماعة: (ليس التحصيب بشئ

إلخ).

قلتُ: وله شاهد من حديث عائشة عند جماعة نحوه

2398 -

كصحيح: هما طريقان عن عطاء به.

فالأول: طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء به

أخرجه البخارى [6812]، والنسائى [1532] وأحمد [1/ 221]، وابن خزيمة [342]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11391]، والحميدى [492]، والدارمى [1215] وغيرهم، نحو سياق المؤلف، وكلهم عندهم رواية عمرو عن عطاء مقرونة برواية ابن جريج عن عطاء مثل إسناد المؤلف.

لكن اختلف في سنده على ابن عيينة فرواه عنه جماعة على نحو سياق إسناد المؤلف: (عن عمرو بن دينار عن عطاء، وابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به

) وهذا ظاهره أنه من رواية عمرو عن عطاءه مرسل ليس موصولًا، ومن رواية ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء موصولًا.

وسياق إسناد البخارى والحميدى وغيرهما يدل على ذلك صريحًا، فعند الحميدى (ثنا سفيان ثنا عمرو بن دينار عن عطاء، وحدثناه ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال

) وعند البخارى: (حدثنا على - هو ابن المدينى - حدثنا سفيان قال عمرو: حدثنا عطاء قال: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء

) ثم ذكره مرسلًا، ثم قال ابن عيينة: (قال ابن جريج: عن عطاء عن ابن عباس

) ثم ذكره موصولًا.

وقد رواه جماعة آخرون عن ابن عيينة فلم يذكروا هذا التفصيل في سنده، وأوهموا أن روايته عن عمرو بن دينار عن عطاء موصولة بذكر ابن عباس فيها مثل رواية ابن جريج عن عطاء، ثم جاء بعضهم ورواه عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس به

، وجودوا إسناده مع تركهم لرواية ابن جريج فيه، وهذا لو اطلع عليه أحد لجزم باتصاله في وقته، =

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن من علم ما تقدم علم أن هذا الصنيع ما هو إلا وهْم من بعضهم على ابن عيينة، وأنه ما رواه عن عمرو إلا عن عطاء مرسلًا، وأن الاتصال بذكر ابن عباس فيه ما وقع إلا في رواتيه عن ابن جريج لما قرنها برواية عمرو؛ فظن بعض تلامذة سفيان أن الحديث مجوَّد من الوجهين جميعًا،:(عن عمرو عن عطاء بن ابن عباس) و (عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس).

* والصواب: أن الثاني هو المتصل دون الأول، وقد أخرجه أبو عوانة [عقب رقم 838]، من طريق إبراهيم بن بشار عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء، وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به

هكذا فصله ابن بشار عن ابن عيينة وأجاد في ذلك، ثم قال أبو عوانة:"وروى هذا الحديث ابن أبى عمر - هو العدنى - عن سفيان مجودًا، عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس، وهو عندى خطأ إن شاء الله؛ لأن إبراهيم بن بشار الرمادى كان ثقة من كبار أصحاب سفيان، وممن سمع قديمًا منه، وقد بيَّن أن ابن عيينة لم يُجاوز به عطاءً"، ثم قال أبو عوانة:"فلو كان متصلًا لأدخله أبو الحسين عندى - يعنى في وجهة نظرى - في كتابه، ولم أره أدخله".

قلتُ: وأبو الحسين هو مسلم بن الحجاج، ومراد أبى عوانة: أن الحديث لو كان موصولًا من رواية ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس، لما تركه مسلم في "صحيحه" دون رواية ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به كما تراه عنده [رقم 642]، وسيأتى.

فثبت بذلك ما قلناه آنفًا، ومثل الوهم الذي وقع فيه ابن أبى عمر عن سفيان كما مضى، وقع في مثله محمد بن منصور المكى عند النسائي [532]، ومعه عبدة بن عبد الرحيم والحسن بن عمارة كما ذكره الحافظ في "الفتح"[13/ 229]، نقلًا عن الإسماعيلى في "مستخرجه".

لكن ذكر الحمدى أن ابن عيينة كان ربما حدث بهذا الحديث فيدرجه عن ابن عباس عن عمرو وابن جريج، وما يذكر فيه تفصيلًا بين الموصول منه والمرسل، فكأن صنيعه هذا أوهم جماعة ممن سمعوه منه؛ فرووه عنه موصولًا من الوجهين، وكان ابن عيينة يمتطى هذا السبيل الموهم في كثير من رواياته، بل قال يعقوب بن شيبة فيما نقله عنه ابن رجب في شرح "العلل" [ص 360/ طبعة السامرائى]:"كان ابن عيينة ربما يحدث بحديث واحد عن اثنين [ووقع في الأصل: (عن أنس) وهى تصحيف، وهذه الطبعة مليئة بذلك، وما عندى غيرها] ويسوقه بسياق واحد منهما؛ فإذا أفرد الحديث عن الآخر، أرسله أو أوقفه".

قلتُ: وترى أمثلة لذلك في جملة من المسانيد والسنن، ولا أنشط الآن لاستخراج ذلك، فاللَّه المستعان! =

ص: 80

2399 -

وَعَنْ عمرٍو، قال: سمعت عوسجة مولى ابن عباسٍ، يحدث، عن ابن عباسٍ: أن رجلًا مات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يترك قرابةً إلا عبدًا هو أعتقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَعْطُوهُ مِيرَاثَهُ".

= نعم: قد توبع ابن عيينة عليه موصولًا، تابعه محمد بن مسلم الطائفى، فرواه عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس به

نحو

علقه البخارى [عقب رقم 6812]، ووصله عبد الرزاق [2113]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[1/ رقم 2113]، وابن أبى شيبة [3347]، والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[13/ 229].

قلتُ: والطائفى هذا قد تكلموا في حفظه، قال الحافظ في "الفتح" [13/ 229]: "وهو مخالف لتصريح سفيان بن عيينة - يعنى في المحفوظ عنه - عن عمرو برأن حديثه عن عطاء ليس فيه ابن عباس؛ فهذا يُعدُّ من أوهام الطائفى، وهو موصوف بسوء الحفظ

".

قلتُ: وهو كما قال إن شاء الله.

والثانى: طريق ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به

أخرجه كل من أخرج رواية ابن عيينة عن عمرو عن عطاء الماضية مقرونة مع تلك.

وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه عليه جماعة بنحوه

منهم عبد الرزاق في "المصنف"[2112]، ومن طريقه مسلم [642]، والبخارى [545]، وأحمد [1/ 366]، والبيهقى في "سننه"[1952]، وغيرهم. ولفظ البخارى: (أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلى بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا، فقام عمر بن الخطاب فقال: الصلاة. قال عطاء: قال ابن عباس: فخرج نبى الله صلى الله عليه وسلم كأنى أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماءً، واضعًا يده على رأسه فقال: لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم أن يصلوها هكذا

).

قلتُ: ثم ذكر البخارى ومثله مسلم والبيهقى حوارًا دار في آخره بين ابن جريج وعطاء حول صفة وضْع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليده على رأسه، وهكذا رواه جماعة آخرون عن ابن جريج به

منهم أبو عاصم وحجاج الأعور وغيرهما.

2399 -

ضيعف: أخرجه أبو داود [2905]، والترمذى [2106]، وابن ماجه [2741]، والنسائى في "الكبرى"[6410]، وأحمد [1/ 221، 358]، والحاكم [4/ 386]، والطيالسى [2738]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12209، 12210، 12211]، وسعيد بن منصور [194]، عبد الرزاق [16191، 16192]، والبيهقى [12174، 12175]، =

ص: 81

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 403]، وفى "المشكل"[9/ 165]، والحميدى [523]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 384]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 413]، وغيرهم، من طرق عن عمرو بن دينار عن عوسجة المكى عن ابن عباس به

قلتُ: هكذا رواه ابن عيينة وحماد بن سلمة ومحمد بن مسلم الطائفى، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار على هذا الوجه موصولًا، وخالفهم حماد بن زيد، فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة به مرسلًا

، لم يذكر فيه ابن عباس.

هكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[12176]، والطحاوى في "المشكل"[9/ 165]، والإسناد إليه صحيح بذلك، قال ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم 1643]: "سألتُ أبى عن حديث رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجة مولى ابن عباس أن رجلًا توفى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

" ثم ذكره مرسلًا كما ترى، ثم قال: "فقلتُ له: فإن ابن عيينة ومحمد بن مسلم الطائفى يقولان: عن عوسجة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ له: اللذان يقولان: (ابن عباس) محفوظ؟! فقال: نعم، قصَّر حماد بن زيد".

قلتُ: التقصير عندهم قد يكون عن خطأ، وقد لا يكون، فإما أن يكون حماد قد أخطأ فيه، أو يكون قد حدَّث به مذاكرة فلم ينشط لإقامة إسناده، وعلى الحالين: فلم ينفرد به حماد على هذا الوجه المرسل، بل توبع عليه مثله مرسلًا عن عوسجة به .....

1 -

فتابعه: روح بن القاسم عند البيهقى في "سننه"[12177]، بإسناد قوى إليه.

وقد وجدتُ الطحاوى في "المشكل"[9/ 165]، قد أخرجه عن حماد بن زيد - ومعه وهيب بن خالد - عن عمرو بن دينار به موصولًا بذكر ابن عباس فيه، لكن الطريق إليه لا يسلم، فيه (أيوب بن سليمان الخزاعى الأعور) ولم أقف له على ترجمة الآن.

والحديث مداره موصولًا ومرسلًا على عوسجة مولى ابن عباس هذا، وعنه يقول أبو حاتم والنسائى:"ليس بالمشهور" وقال البخارى في تاريخه الكبير [7/ 76]: "عوسجة مولى ابن عباس الهاشمى روى عنه عمرو بن دينار، ولم يصح".

قلتُ: يعنى لم يصح حديثه هذا كما بينه العقيلى في "الضعفاء"[5/ 384]، وقال العقيلى بعد أن ساق له هذا الحديث:"ولا يتابع عليه" ونقل الحافظ في "تهذيبه"[8/ 166]، عن الذهبى أنه قال عنه:"نكرة"، وذكره الذهبى أيضًا في ديوان "الضعفاء"[رقم 3258].

ص: 82

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وخالف هؤلاء جميعًا: طائفة أخرى، فحسَّن له الترمذى هذا الحديث، ووثقه أبو زرعة وابن حبان، والناهض عندى هو قول الجماعة عنه، أما تحسين الترمذى لحديثه، فالظاهر أنه يريد المتن، فإنه قال:"هذا حديث حسن"؛ فلعل للمتن ما يشهد له عند الترمذى مما لم نكتف عليه بعد، وإلا فالترمذى فيه تساهل معروف، أما توثيق ابن حبان، فلا يقبل منه أصلًا؛ لما علم من فاحش تساهله في توثيق هذه الطبقة، فلم يبق إلا توثيق أبى زرعة الرازى، وهو إمام حافظ متقن من رجالات هذا الفن بلا شك، وهو ممن لا يوثق الرواى إلا بعد استقراء جملة من حديثه ومروياته وعرضها على مرويات الثقات.

ومثل أبى زرعة لا يوصف بالتساهل ولا نوع تساهل أصلًا، لكن يقال: لعله قصَّر في نظرته لعوسجة، فصاحبه أبو حاتم يقول عنه:"ليس بالمشهور"، وشيخه أحمد يقول عن عوسجة، "لا أعرفه" كما نقله عنه الإمام في "الإرواء"[6/ 114]، من "مسائل أبى داود"[رقم 219]، وليس عوسجة من المكثرين من الرواية؛ بل ليس له منها إلا القليل جدًّا، وكلها من طريق عمرو بن دينار عنه، إذ لم يرو عنه أحد سواه، وقد وقفتُ له على رواية منكرة جدًّا يرويها عن ابن عباس مرفوعًا، راجع الكلام عليها في "الضعيفة"[2/ 158] للإمام.

ورأيته قد عاد في تلك الرواية المنكرة، ورواها عنه عمرو بن دينار مرسلة أيضًا دون ذكر ابن عباس فيها، راجع "كامل ابن عدى"[5/ 384]، ولم يتابعه أحد على تلك الرواية المنكرة؛ كما لم يتابعه أحد على حديثه هنا، وهذا كله يوهنه بلا شك، وقد قال الإمام المعلم اليمانى في حاشيته على "الفوائد المجموعة" [ص 356]:"والمجهول إذا روى خبرين لم يتابع عليهما فهو تالف" بل لعل الاضطراب في هذا الحديث وصلًا وإرسالًا إنما هو منه نفسه.

والناقد الحافظ إذا أعل حديثًا براوٍ فهو علته بلا شك، وقد مضى أن البخارى قد قال عن عوسجة:"لا يصح حديثه"، وسأل ابن أبى حاتم أباه عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 1643]، فقال له:"يصح هذا الحديث؟! قال: عوسجة ليس بالمشهور" وهذا نص في كون عوسجة ممن لا تقوم الحجة بما ينفرد به؛ لجهالته وعدم شهرته بين النقلة على قلة حديثه.

*وبالجملة: فهو آفة هذا الحديث لعدم التابع له، وكنا قد تسرعنا وحسنَّا هذا الحديث في تعليقنا على (تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة/ طبعة دار الحديث)، اعتمادًا على توثيق أبى زرعة لعوسجة، فها نحن نتراجع هنا مذعنين، وسوف نقوم بإصلاح ذلك في الطبعة القادمة من حاشيتنا الكبيرة "آمال المستغيث على صفحات تأويل مختلف الحديث". =

ص: 83

2400 -

وَعَنِ ابن عيينة، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عقبة، عن كريبٍ، عن ابن عباسٍ: أن امرأةً أخرجت صبيّا من محفةٍ لها، فقالمت: يا رسول الله، ألهذا حَجّ؟ قال:"نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ".

= فإن قيل: رويدكم رويدكم، فقد توبع عوسجة على هذا الحديث عن ابن عباس عند الحاكم [4/ 385]، فما قولكم؟!

قلنا: هذه مخالفة وليست متابعة، وبيان ذلك: أن الحاكم قد أخرجه من طريق شيخه محمد بن أحمد الخياط عن أبى قلابة عن أبى عاصم النبيل عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به

ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه".

قلتُ: وهو كما قال لو سلم الطريق إلى أبى عاصم، وأنَّى يسلم؟! وشيخه الخياط ترجمه الخطيب في "تاريخه"[1/ 283]، ثم نقل عن ابن أبى الفوارس الحافظ أنه قال:"كان فيه لين"؟!، وأبو قلابة هو عبد الملك بن محمد الضرير الحافظ، وهو على صدقه وأمانته لم يكن محمود الحفظ، حتى قال الدارقطنى:"صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه فكثرت الأوهام منه" وكان قد تغير جدًّا لما سكن بغداد حتى رماه ابن خزيمة - وهو تلميذه - بالاختلاط! فسماع البغداديين منه ليس بشئ على التحقيق، وشيخ الحاكم - الذي سمع منه - بغدادى حتى النُّخاع.

وقد خولف فيه أبو قلابة، خالفه سليمان بن سيف - الثقة المأمون - ورواه عن أبى عاصم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس به

كما أخرجه النسائي في "الكبرى"، وعنه الطحاوى في "المشكل"، وهذا هو المحفوظ بلا ريب، وهكذا رواه روح بن عبادة وعبد الرزاق ومحمد بن بكر البرسانى وغيرهم عن ابن جريج، وقد أشار البيهقى في "سننه"[6/ 242]، إلى رواية الحاكم ثم قال:"وهو غلط لا شك فيه"، والقول ما قالت حذام.

2400 -

صحيح: أخرجه مسلم [1336]، وأبو داود [1736]، والنسائى [2647]، و [2648] وأحمد [1/ 219]، وابن حبان [144]، والشافعى [482]، والطيالسى [2707]، وابن أبى شيبة [14878]، والبيهقى في "سننه"[9483] ، وفى "المعرفة"[رقم 3169]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 256]، وفى "المشكل"[6/ 158]، والحميدى [504]، وابن الجارود [411]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 324]، وابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 100]، وغيرهم، من طرق عن ابن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس به

=

ص: 84

2401 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن أبى الزبير، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيًا وسبعًا جميعًا، قيل له: لم فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.

= وزاد مسلم وأحمد وأبو داود والنسائى وجماعة في أوله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقى ركبًا بالروحاء، فقال: من القوم؟! قالوا: المسلمون، فقالوا: فمن أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيّا فقالت: ألهذا حج؟! قال: نعم، ولك أجر) لفظ مسلم.

قلتُ: هذا حديث صحيح ثابت، وإبراهيم بن عقبة ثقة مشهور، وقد توبع عليه، كما توبع عليه ابن عيينة أيضا، واختلف في وصله وإرساله اختلافًا شديدًا، حتى أعله ابن معين والبخارى وغيرهما بالإرسال، لكن الإمام أحمد قد صحَّح وصله، فقد سأله الأثرم فقاله له:"الذي يصح في هذا الحديث: حديث كريب مرسلًا أو عن ابن عباس؟ فقال: هو عن ابن عباس صحيح، قيل لأبى عبد الله - يعنى الإمام أحمد - إن الثورى ومالكًا يرسلانه، فقال: معمر وابن عيينة وغيرهما قد أسندوه" نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 102].

ولم يضبطه أصحاب الثورى عنه، بل اضطربوا عليه في وصله وإرساله، وكذا أصحاب مالك، اختلفوا على مالك في وصله وإساله، ورواه جماعة آخرون واختلف عليهم أيضًا في وصله وإرساله، ولم يختلف على ابن عيينة وبعضهم في وصله.

وقد قال ابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 100]، بعد أن ذكر شطرًا صالحًا من الاختلاف في وصله وإرساله: "ومن وصل هذا الحديث وأسنده، فقوله أولى، والحديث صحيح مسند ثابت الاتصال، لا يضره تقصير من قصَّر به؛ لأن الذين أسندوه حفاظ ثقات

".

قلتُ: وهذا هو الذي ثبت لدينا بعد أن استقصينا طرقه ورواياته في كتابنا "غرس الأشجار" على أن للحديث شاهدًا مثله من رواية ابن المنكدر عن جابر مرفوعًا عند الترمذى وابن ماجه وجماعة.

2401 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 283، 349]، وابن خزيمة [971]، والبيهقى في "سننه"[5336]، وفى "المعرفة"[رقم 1698]، والحميدى [471]، وغيرهم، من طرق عن ابن عيينة عن أبى الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وزاد الحميدى وابن خزيمة والبيهقى: (بالمدينة من غير سفر ولا خوف) لفظ الحميدى. =

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قلتُ: وهذا إسناد حسن مستقيم، لكن أعله حسين الأسد في تعليقه بعنعنة أبى الزبير، وهذا منه غفلة عن كون أبى الزبير لا يدلس إلا عن جابر وحده كما مضى بسط الكلام عليه بذيل الحديث [رقم 1769]، على أنه قد صرح بالسماع كما يأتى، وقد توبع عليه ابن عيينة، تابعه:

1 -

زهير بن معاوية بلفظ: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا: لم فعل ذلك؛! فقال: سألت ابن عباس كما سألتنى فقال: (أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته) أخرجه مسلم [705]- واللفظ له - وابن الجعد [2632]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12518]- دون سؤال أبى الزبير - والبيهقى في "سننه"[5334]، وجماعة غيرهم.

2 -

ومالك بن أنس بلفظ: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا من غير خوف ولا سفر" أخرجه في "الموطأ"[رقم 601]، ومن طريقه مسلم [705]، وأبو داود [1210]، والنسائى [601]، وابن خزيمة [972]، وابن حبان [1596]، والشافعى [1037]، والبيهقى في "سننه"[5332]، وفى "المعرفة"[رقم 1697]، وأبو عوانة [رقم 1929]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 160]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 232]، وجماعة كثيرة.

وقد رواه أبو سبرة بن محمد بن عبد الرحمن عن مطرف بن عبد الله اليسارى عن مالك فقال: عن ابن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .. ، هكذا أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك [رقم 36]، وهذا غلط بلا تردد، والوهم فيه من أبى سبرة بن محمد، راجع ترجمته من "اللسان"[7/ 50]، والمحفوظ عن مالك هو الأول.

وقد رواه جماعة آخرون عن أبى الزبير: منهم الثورى وهشام بن سعد وأشعث بن سوار وداود ابن أبى هند وقرة بن خالد وغيرهم، ولكن اختلف بينهم في بعض من ألفاظه.

وتوبع عليه أبو الزبير: تابعه حبيب بن أبى ثابت نحوه لكنه قال فيه: (من غير خوف ولا مطر) بدل (خوف ولا سفر) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وجماعة كثيرة، وتكلم ابن عبد البر في زيادة (ولا مطر) في كتابه "التمهيد"[12/ 214]، وقدم عليها رواية (ولا سفر)، وقد اختلف في سنده على حبيب بن أبى ثابت أيضًا، لكنه توبع عليه بنحوه عند الطيالسى [2614]، وغيره. =

ص: 86

2402 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن عبد الكريم الجزرى، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتنفس في الإناء أو يُنفخ فيه.

= وفيه زيادة أخرى، وقد استوفينا الكلام على طرقه وأوجه الاختلاف في سنده ومتنه مع التوفيق بين أكثر ذلك في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار"، والحديث يستحق أن يفرد بالتصنيف، وراجع "الإرواء"[3/ 34، 35]، و"نصب الراية"[2/ 131]، وسنن البيهقى [3/ 166 ،167] و"التمهيد"[12/ 209 - 215].

2402 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3728]، والترمذى [1888]، وأحمد [1/ 220]، وابن أبى شيبة [2468، 24180] ، البيهقى في "سننه"[14432]، وفى "الشعب"[5/ رقم 6004]، وابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 396]، وفى "الاستذكار"[8/ 354] وغيرهم، مثل سياق المؤلف.

وهو عند ابن ماجه [3429]، والدارمى [2134]، وغيرهما بجملة النفخ فقط، كلهم رووه من طرق عن ابن عيينة عن عبد الكريم بن مالك الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس به ..

قلتُ: وهذا إسناد صحيح جدًّا، لكن جاء شريك القاضى وخالف ابن عيينة في متنه، فرواه عن عبد الكريم بإسناده به.]. بلفظ:(لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفخ في طعام ولا شراب، ولا يتنفس في الإناء) فجعله من فعله صلى الله عليه وسلم وليس من نهيه، هكذا أخرجه ابن ماجه [3288] من طريق أبى كريب عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن المحاربى عنه به .....

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إليه، لكن خولف المحاربى في سنده ومتنه، خالفه الهيثم بن جميل، فرواه عن شريك فقال: عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس وقال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتنفس في الإناء) هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 1582]، ثم حكى عن أبيه أنه قال:"إنما يروونه عن شريك عن عبد الكريم الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

قلتُ: ولسنا نَبْعُد عن أن يكون الهيثم قد غلط على شريك في سنده ومتنه، فالهيثم وإن كان ثقة حافظًا إلا أنه كان يغلط في الشئ بعد الشئ، راجع ترجمته من "كامل ابن عدى"[7/ 103]، لكن شريكًا القاضى قد وُسِمَ عند النقاد باضطرابه في متون الأخبار وأسانيدها، وليس وهمه في هذا الحديث - إن صح - بأَول قارورة له قد كسِرتْ، وسواء كان هو الواهم أو غيره، فالحديث غير محفوظ بذاك السياق الماضى عند ابن ماجه. =

ص: 87

2403 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن سليمان، عن طاوسٍ، عن ابن عباس، قال: كان الناس ينصرفون كلَّ وجهٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ".

= نعم: وجدتُ حفص بن سليمان المقرئ قد رواه عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به مثل سياق ابن ماجه، هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 382]، بإسناد قوى إليه، لكن حفصًا - على علو كعبه في الإقراء - لم يكن يساوى فلسًا في الحديث، وشرح أحواله مع كلمات النقاد فيه: تجدها في كتابنا "النكران على من استحبَّ التكبير عند ختم القرآن" وهو مسودة بخطى لا يزال حبيسًا في أدراجى، وفيه فوائد وأبحاث، يسَّر الله الانتفاع به

وقد توبع عبد الكريم الجزرى على جملة التنفس في الإناء فقط: تابعه خالد الحذاء عند ابن ماجه [2428]، وابن حبان [5316]، والحاكم [4/ 154]، وزاد الأخير:(وأن يُشرب مِنْ فِيَّ السِّقاء)، من طرق عن يزيد بن زريع عن خالد الحذاء به

قلتُ: وهذا إسناد ثابت كالطود، وهو من هذا الطريق عند البخارى [5306]، بالزيادة الماضية عند الحاكم فقط، ورأيته عند الطبراني أيضًا في "الكبير"[11/ 11978]، من هذا الطريق مثل سياق الحاكم. وهو عند البغوى في "شرح السنة"[5/ 499]، مثل رواية البخارى. واللَّه المستعان.

2403 -

صحيح: أخرجه مسلم [1327]، وأبو داود [2002]، وابن ماجه [3070]، وأحمد [1/ 222]، والدارمى [1932]، وابن خزيمة [3000]، وابن حبان [3897]، والشافعى [618، 1704، 1732]، والطبرانى في "الكبير"[1/ 11 رقم 10986]، وابن أبى شيبة [13597]، والبيهقى في "سننه"[9525]، وفى "المعرفة"[رقم 3183]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 411]، والنسائى في "الكبرى"[4184]، والحميدى [502]، وابن الجارود [495]، وجماعة، من طرق عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس به.

قلتُ: وسنده كالشمس.

وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه زكريا بن إسحاق مثله وزاد: (ورخص للحائض) أخرجه الحاكم [1/ 649]، والدارقطنى [2/ 299]، بإسناد صحيح إليه.

ولابن عيينة فيه شيخ آخر: فرواه عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن الحائض). =

ص: 88

2404 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام يتهجد من الليل قال: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالجنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ".

= أخرجه البخارى [1668]- واللفظ له - ومسلم [1328]، وابن خزيمة [2999]، والشافعى [1732]، وابن أبى شيبة [13600]، والبيهقى في "سننه"[9527]، وفى "المعرفة"[رقم 3184]، والنسائى في "الكبرى"[4199]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 233]، والحميدى [502]، وجماعة غيرهم.

وقد توبع ابن عيينة على هذا الوجه أيضًا: تابعه وهيب بن خالد وغيره على نحوه، وكذا توبع عليه عبد اللَّه بن طاووس: تابعه الحسن بن مسلم على نحوه مع قصة في أوله عند مسلم [1328]، وأحمد [1/ 226، 348]، والبيهقى [9540]، والنسائى في "الكبرى"[4201]، والطحاوى [2/ 233]، وجماعة غيرهم. وله طرق أخرى.

2404 -

صحيح: أخرجه البخارى [6950]، و [7060]، ومسلم [769]، والنسائى [1619]، وابن ماجه [1355]، وأحمد [1/ 358]، والدارمى [1486]، وابن خزيمة [1151]، وابن حبان [2597]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 10987]، وعبد الرزاق [2364]، والبيهقى في "سننه"[4442]، وفى "الأسماء والصفات"[18، 401]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2518]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[621]، وأبو عوانة [1783]، وجماعة من طريقين (ابن عيينة، وابن جريج) عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس به مثله .. وهو عند بعضهم نحوه ..

قلتُ: وقد توبع عليه سليمان الأحول:

1 -

تابعه أبو الزبير المكى على نحوه

عند مالك [502]، ومن طريقه مسلم [769]، =

ص: 89

2405 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ عَلَى قَيْئِهِ".

2406 -

وَعَنِ ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن الشعبى، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو قائمٌ.

= وأبو داود [771]، والترمذى [3418]، وأحمد [1/ 298، 308]، وابن حبان [2598]، والبخارى في "الأدب المفرد"[رقم 697]، وابن أبى شيبة [29335]، والنسائى في "الكبرى"[7704، 10704]، وأبو عوانة [رقم 1784]، وجماعة كثيرة.

2 -

وقيس بن سعد على نحوه أيضًا: عند مسلم [769]، وأبى داود [772]، والنسائى في "الكبرى"[11364]، وابن خزيمة [1152]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11012]، وأبى عوانة [رقم 1785]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1221]، وجماعة آخرين.

2405 -

صحيح: أخرجه البخارى [2479، 6574]، والترمذى [1298]، والنسائى [3698، 3699، 3700]، وأحمد [1/ 217]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11852، 1153، 11897، 11959]، وفى "الأوسط"[4/ رقم 3722]، وعبد الرزاق [16536]، وابن أبى شيبة [21711]، والبيهقى في "سننه"[11799]، والحميدى [530]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 78]، وفى "المشكل"[13/ 23]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[7/ 235]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 4]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قد توبع عليه عكرمة: تابعه سعيد بن المسيب على نحوه عند مسلم [1622]، وأبى داود [3538]، والنسائى [3696]، وابن ماجه [2385]، وأحمد [1/ 280]، وجماعة كثيرة، وكذا رواه طاووس وسعيد بن جبير وعطاء وغيرهم عن ابن عباس.

2406 -

صحيح: أخرجه البخارى [1556، 5294]، ومسلم [2027]، والترمذى [1882]، والنسائى [2964، 2965]، وابن ماجه [3422]، وأحمد [1/ 214، 220، 243، 249، 287، 342، 369، 372]، وابن خزيمة [2945]، وابن حبان [3838، 5319، 5320]، والطيالسى [2648]، وابن أبى شيبة [24103]، والبيهقى في "سننه"[9080، 9081، 9437، 14422، 14423]، وفى "الشعب"[5/ رقم 5984]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 273]، وفى "المشكل"[5/ 154]، والحميدى [481]، وابن الجعد [2151]، وأبو عوانة [رقم 2650]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 2]، وجماعة كثيرة، =

ص: 90

2407 -

وَعَنِ ابن عيينة، حَدَّثَنَا ابن أبى نجيحٍ، عن عبد الله بن كثير، عن أبى المنهال، قال: سمعت ابن عباس يقول: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يسلفون في التمر - أو الثمر - السنتين والثلاث، فقال:"مَنْ يُسْلِفْ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَقْتٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجْلٍ مَعْلُومٍ".

= من طرق عن الشعبى، عن ابن عباس به

نحوه

وفى رواية للبخارى ومسلم وجماعة كثيرة: (سقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم؛ فشرب وهو قائم) لفظ البخارى، وفى رواية لسلم وجماعة:(سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب قائمًا، استسقى وهو عند البيت).

قلتُ: قد توبع عليه الشعبى: تابعه سعيد بن جبير على نحوه

عند الحاكم [4/ 155]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12253، 12502]، وفى "الأوسط"[2/ رقم 1790]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 193]، من طريقين عنه به .... لكن الطريقين إليه منكران، وجاء بعض الهلكى فرواه عن شعيب به كيسان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن العباس به

، فجعله من (مسند الفضل).

هكذا أخرجه العقيلى في "الضعفاء"[2/ 182]، وهذا منكر أيضًا، والمحفوظ عن ابن عباس هو ما مضى. وفى الباب عن جماعة من الصحابة.

2407 -

صحيح: أخرجه البخارى [2124، 2125، 2126، 2135]، ومسلم [1604]، وأبو داود [3464]، والترمذى [1311]، والنسائى [4616]، وابن ماجه [2280]، وأحمد [1/ 217، 222، 282، 358]، والدارمى [2583]، وابن حبان [4925]، والشافعى [660، 923]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 3، 4]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11262، 11264]، وفى "الصغير"[رقم 589]، وعبد الرزاق [14059، 14060]، وابن أبى شيبة [22303]، والبيهقى في "سننه"[10866، 10873، 10892]، وفى "المعرفة"[رقم 3630]، وأبو عوانة [رقم 4484، 4485، 4486، 4487، 4488]، والبغوى في "شرح السنة"[4/ 16]، والحميدى [510]، وابن الجارود [614، 615]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[676]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عبد الله بن أبى نجيح عن عبد الله بن كثير المقرئ عن أبى المنهال المكى عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم مختصرًا.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح غالٍ، رجاله كهم ثقات مشاهير، وابن أبى نجيح رماه النسائي بالتدليس عن مجاهد وحده! كما ذكره الحافظ في "طبقات المدلسين"[ص 39/ رقم 77]، =

ص: 91

2408 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ جِبْرِيلَ: أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَكْمَلَهُمَا وَأَتَمَّهُمَا".

= ومع ذلك فلم يكن مكثرًا منه أيضًا، وأبو المنهال هو عبد الرحمن بن مطعم البصرى المكى الثقة المشهور.

4208 -

ضعيف: أخرجه الحاكم [2/ 442]، والحميدى [535]، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 317]، والبيهقى في "سننه"[11419]، وابن عساكر في "تاريخه"[61/ 38]، والطبرى في "تفسيره"[19/ 569]، وفى "تاريخه"[1/ 238]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 17621]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 690]، وغيرهم، من طريق ابن عيينة عن إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب عن الحكم بن أبان به عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه زهير بن حرب والحميدى ومحمد بن الوليد الفحام وغيرهم على الوجه الماضى، وخالفهم أحمد بن أبان القرشى، فرواه عن ابن عيينة فقال: حدثنا سفيان حدثنا إبراهيم بن أعين عن الحكم بن أبان بإسناده به

، فجعل شيخ سفيان فيه هو (إبراهيم بن أعين) دون (إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب).

هكذا أخرجه البزار [ص 218/ زوائده]، قال: حدثنا أحمد بن أبان به ....

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[4/ 501]: "وأحمد بن أبان هذا لم أجد له ترجمة، فروايته منكرة لمخالفته الثقات، على أن إبراهيم بن أعين ضعيف أيضًا".

قلتُ: وأحمد بن أبان القرشى هذا وجدتُ الهيثمى هو الآخر، يذكره في مواضع من "المجمع"[3/ 62]، و [4/ 517]: ويقول: "لم أعرفه"، ثم رأيته قال في [1/ 570]:"وشيخ البزار فيه اسمه أحمد بن أبان وهو ثقة".

كذا قال، ولم يذكر مصدر توثيقه، ثم رأيته في [6/ 427]، قال: "رواه البزار عن شيخه أحمد بن أبان القرشى، وثقه ابن حبان

".

قلتُ: وهو كما قال: فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 32]، وقال:"من أهل البصرة يروى عن سفيان بن عيينة، ثنا عنه ابن قحطبة".

قلتُ: وتوثيق ابن حبان لهذه الطبقة معتمد على التحقيق، لاسيما وقد احتج به في "صحيحه" من رواية ابن قحطبة عنه، وقد وجدتُ جماعة من الثقات قد حدثوا عنه: =

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= منهم زكريا الساجى وابن أبى الدنيا والبزار وغيرهم. وقد أكثر عنه البزار في "مسنده"، وترجمه الذهبى أيضًا في "تاريخ الإسلام"[حوادث سنة 249 هـ]، فمثله شيخ مقبول الرواية إن شاء الله. لكن أراه وهم في سنده على ابن عيينة، ورواية ابن عيينة عن إبراهيم بن أعين مشهورة عندهم، أما روايته عن (إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب) فهى فذة لعلك لا تراها في غير هذا الحديث، فلا يبعد أن يكون أحمد بن أبان قد لزم الطريق في روايته عن ابن عيينة.

والحميدى وزهيم بن حرب ومحمد بن الوليد الفحام ثلاثتهم من مشاهير أصحاب ابن عيينة وأعلمهم بحديثه، والحميدى أثبت الناس في ابن عيينة كما قاله جماعة من النقاد، فقول هؤلاء هو المحفوظ بلا تردد، إذا عرفتَ هذا: فمن يكون "إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب"؟! قد قال عنه ابن كثير في "تفسيره"[6/ 231/ دار طيبة]: "ليس بمعروف" وقال في "البداية"[1/ 245]: "وإبراهيم هذا غير معروف إلا بهذا الحديث"، وقال الذهبى في "تلخيص المستدرك" وهو يتعقب صحيح الحاكم لهذا الحديث:"إبراهيم بن يحيى لا يُعرف"، ثم رأيته قد أورده في "الميزان" وقال:"إبراهيم بن يحيى العدنى عن الحكم بن أبان وعنه سفيان بن عيينة بخير منكر - يعنى هذا الحديث والرجل نكرة" وتعقبه الحافظ في "اللسان"[1/ 124] بكون ابن حبان قد ذكره في "الثقات"، ثم نقل عن الأزدى أنه قال عنه:"لا يتابع على حديثه".

قلتُ: وتوثيق ابن حبان له لا ينفعه؛ لكونه لا يعرفه إلا بهذه الرواية وحسب، يدلك على ذلك كلامه عنه في "ثقاته"[8/ 62]، فإنه قال:"إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب العدنى، يروى عن الحكم بن أبان، وكان رجلًا صالحًا، روى عنه سفيان بن عيينة".

قلتُ: ووصفه له بالصلاح إنما أخذه من قول ابن عيينة عن إبراهيم كما عند الحميدى وغيره: "حدثنى إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب

وكان من أسنانى، وكان رجلًا صالحًا .. ".

قلتُ: ومجرد الصلاح لا ينفع في الرواية ما لم يكن ثَمَّ حفظٌ وضبطٌ، وقد نقل المناوى في "فيض القدير"[4/ 78]، عن صاحب "المنار" أنه قال عن إبراهيم هذا:(هو رجل صالح، لكنه لا يُعرف، وليس كل صالح ثقة في الحديث، بل لم يُر الصالحون في شئ أكذب منهم في الحديث - هذا من كلام يحيى القطان - لسلامة صدورهم وحسن ظنهم عن [كذا بالأصل، ولعل الصواب: (عند)] تحدُّثِهم، وشغلهم بما هم فيه عن الضبط والحفظ".

قلتُ: وهذا كلام قوى رصين، وقد جهدتُ أن أعرف صاحب هذا الكلام، وأخبار كتابه "المنار" الذي ينقل منه المناوى كثيرًا، فلم أهتد إلى ذلك بعد. =

ص: 93

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= * والحاصل: أن هذا الحديث ضعيف الإسناد؛ لجهالة حال شيخ ابن عيينة، لكنه قد توبع عليه: تابعه حفص بن عمر العدنى على نحوه عند الحاكم [2/ 442]، وعنه البيهقى في "سننه"[11418]، بإسناد قوى إليه، لكن قال الذهبى في "تلخيصه":(قلتُ: حفص واهٍ)، وهو كما قال.

وقد خولف حفص وإبراهيم في وصله، خالفهما عمران بن عبيد الله البصرى، فرواه عن الحكم بن أبان فقال: عن عكرمة (سئل ابن عباس: أي الأجلين قضى موسى؟! قال: أتمهما وأوفاهما) فجعله موقوفًا على ابن عباس، هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[19/ 568/ الرسالة]، قال: (حدثنا ابن وكيع قال: ثنا ابن عبيدة عن الحكم

).

قلت: هذه مخالفة لا تثبت، وابن وكيع هو سفيان بن وكيع الذي أفسده وراقه إلى الأبد، وعمران بن عبيد الله نفسه مجهول الصفة، وقد تصحف اسم أبيه في سند الطبرى إلى (عبيدة) فانتبه يا رعاك الله!

لكن تلك الرواية الموقوفة أراها هي المحفوظة عن ابن عباس إن شاء الله: فهكذا رواه جماعة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه موقوفًا عليه: كما تراه عند البخارى [2538]، والطبرى في "تفسيره"[19/ 568]، والبغوى في "تفسيره"[1/ 203]، والثورى في "تفسيره"[ص 233]، وابن أبى شيبة [31847]، وغيرهم.

* وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة:

1 -

منهم: عتبة بن الندر في سياق مطولًا وفى أوله: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أبرهما وأوفاهما

) أخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 332]، وفى سنده ابن لهيعة، وحاله معلومة، وقد اختلف عليه في سنده كما تراه عند ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[3/ 1378]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 333/ دار الفكر]، ولم يروه عنه أحد من قدماء أصحابه، فاحتمال كونه ربما تلقَّنه، غير بعيد عند من عرف ابن عقبة.

2 -

ومنهم: أبو ذر الغفارى في سياق قصة، وفى أوله: (قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سئلت: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ فقل: خيرهما وأتمهما وأبرهما

) أخرجه الطبراني في الصغير [2/ رقم 815]، والبزار [رقم 2244/ زوائده]، وهو عند ابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 7620]، بنحو اللفظ الماضى فقط. =

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفى سنده عندهم: عُويد بن عبد الملك، وهو منكر الحديث كما قال البخارى، راجع ترجمته من "اللسان"[4/ 386].

3 -

ومنهم: جابر بن عبد الله بلفظ: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أوفاهما .. ) أخرجه الطبراني في "الأوسط"[8/ 8372]، من طريق موسى بن سهل عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر عن جابر به.

قلتُ: قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار".

قلتُ: وهشام صدوق في الأصل؛ لكنه لما كبر وشاخ تغير جدًّا، حتى أحدق به جماعة من سفهاء أهل الشام، وجعلوا يلقنونه ما شاء الله من المناكير والغرائب، والشيخ المسكين لا يردُّ يد لامس، حتى فعلوا معه ذلك في تلك الرواية، فقال ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 1743]،: "سألتُ أبى عن حديث رواه هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك قال: سئل رسول الله

" وساق الحديث ثم قال: "قال أبى: رأيتُ هذا الحديث قديمًا في أصل هشام بن عمار عن حاتم، هكذا مرسلًا - يعنى منقطعًا - ثم لقنوه بآخرة عن جابر، فتلقن، وكان مغفلًا".

قلتُ: ولم يذكر ابن أبى حاتم (جابر بن عبد الله) في سنده، وإنما أرسله كما ترى، فلا أدرى: أسقط ذكر جابر من مطبوعة "العلل"، كما ربما يفهم من قول أبى حاتم:"ثم لقنوه بآخرة عن جابر" أم هذا من اختلاف أذواق الملقِّنين لهشام؟!

وفى الباب مراسيل عن جماعة من التابعين لا يصح منها شئ بعد النظر، اللَّهم إلا مرسل يوسف بن سرج عند ابن أرى حاتم في "تفسيره"[17622]، بإسناد صالح إليه، ويوسف شيخ مجهول.

• تنبيه: قد سقط "إبراهيم بن يحيى بن أبى يعقوب" من سند المؤلف في الطبعتين، وقد رواه ابن عساكر في "تاريخه"[61/ 38]، من طريق المؤلف به بإثبات إبراهيم في سنده، وهذا هو الصواب الموافق لرواية الجماعة، لكن يبدو أن هذا السقط قديم، فقد راج على الهيثمى لما قال في "المجمع" [7/ 199]:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال "الصحيح" غير الحكم بن أبان وهو ثقة" ثم رأيت البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 5778]، قد ساق سند المؤلف مثل ما وقع في الطبعتين، دون ذكر (إبراهيم بن يحيى)، وهكذا وجدتُ ابن عساكر قد أخرجه أيضًا في "تاريخه"[6/ 38]، من طريق المؤلف به

=

ص: 95

2409 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: يوم الخميس وما يوم الخميس يوم اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فقال:"ائْتُونِى أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضلُّوَن بَعدَهُ" فتنازعوا - ولا ينبغى عند نبيٍّ تنازعٌ - قال: دَعُونِى فَمَا أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تُسْالُونَ عَنْهُ" قال: أمرهم بثلاثٍ، قال: "أخْرِجُوا المشْرِكِينَ مِنْ جَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَأجيزُوا الْوفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجيزُهُمْ" والثالثة لا أدرى قالها فنسيتُهَا، أو لم يقلها.

2410 -

حَدَّثَنَا أبو معمرٍ إسماعيل بن إبراهيم الهذلى، حَدَّثَنَا جريرٌ، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث، ويحيى بن سليمٍ، وإسماعيل بن عياشٍ،

= ولم يذكر فيه (إبراهيم) أيضًا، مع كونه قد ذكره على الجادة من طريق المؤلف أيضًا قبل ذلك كما مضى، ولستُ أرى ذلك إلا وهمًا ممن دون أبى يعلى إن شاء الله. واللَّه أعلم بحقيقة الحال.

2409 -

صحيح: أخرجه البخارى [2888، 2999، 4168]، ومسلم [1637]، وأحمد [1/ 222]، وعبد الرزاق [9992، 19371]، والبيهقى [18527]، والحميدى [526]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 242]، وأبو عوانة [رقم 4659]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 394]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 3108]، وفى "سننه"[18527]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وسنده مستقيم؛ وقد رواه بعضهم عن ابن عيينة فوهم عليه في إسناده، والمحفوظ عنه هو ذا، وقد توبع سليمان الأحول على نحوه مختصرًا عند مسلم [1637]، وأحمد [1/ 355]، والنسائى في "الكبرى"[5857]، وغيرهم، تابعه عندهم طلحة بن مصرف، وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

2410 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3878، 4061]، وأحمد [1/ 247، 274، 328، 355، 363]، وابن حبان [5423]، والحاكم [4/ 205]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12485، 12488، 12489، 12490، 12492، 12493]، وفى "الأوسط"[4/ رقم 3471]، وفى "الصغير"[رقم 388]، وغيرهم من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به

ص: 96

عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِالإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرِ".

2411 -

حَدَّثَنَا أبو معمرٍ، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماءُ لا يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ"

= قلتُ: وهذا إسناد جيد صالح، وابن خثيم مختلف فيه، لكنه صدوق متماسك على التحقيق.

وقد توبع عليه: تابعه حكيم بن جبير على نحو سياق المؤلف عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12427]، من طريق أبى بكر بن عياش عن نصير بن أبى الأشعث عن حكيم بن جبير به.

قلتُ: وهذه متابعة حزينة، ما برحنا نفرح بها حتى أفسدها علينا ذلك الحكيم بن جبير، وقد تركه أكثر النقاد، بل كذبه الجوزجانى بخط عريض، فالعمدة على رواية ابن خثيم.

وللحديث شواهد بشطريه جميعًا، مضى لشطره الثاني: شاهد من حديث جابر [برقم 2058].

2411 -

صحيح: أخرجه النسائي [325]، وأحمد [1/ 235، 284، 308]، وابن خزيمة [91]، و [109]، وابن حبان [1241، 1242، 1269]، والحاكم [1/ 262]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11714]، وعبد الرزاق [396]، والبيهقى في "سننه"[1185]، وفى "المعرفة"[رقم 504]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 26]، وابن راهويه [2018]، وابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 333]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 2028، 2529، 2033]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 181، 206]، وجماعة كثيرة، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

وزاد النسائي وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والطبرى وجماعة في أوله: (عن ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها، فذكرت ذلك له فقال: (إن الماء طهور لا ينجسه شئ) لفظ النسائي.

قلتُ: وسنده قوى مستقيم، ولم يخف عنَّا كلام النقاد بشأن تغير سماك بآخرة، ولا بشأن روايته عن عكرمة، لكن مضى الكلام بذيل الحديث [رقم 2332]، عن كون رواية شعبة والثورى عن سماك أصح من غيرهما؛ لكونهما قد سمعا منه قديمًا قبل أن يسوء حاله، ولكونهما أضبط لحديثه من غيره؛ ولذلك فقد قال الحافظ لما ذكر هذا الحديث في "الفتح" =

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [1/ 300]: "وقد أعله قوم بسماك بن حرب، راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم .. ".

قلتُ: ورواية شعبة عند ابن خزيمة والحاكم والبيهقى وغيرهم، ورواية الثورى عند النسائي وجماعة كثيرة، لكن اختلف في سنده عليهما.

1 -

أما شعبة: فرواه عنه محمد بن بكر البرسانى وحده على الوجه الماضى موصولًا، وخالفه جماعة من أصحاب شعبة، كلهم رووه عنه عن عكرمة به مرسلًا، وهذا هو المحفوظ عن شعبة إن شاء الله، ومن هؤلاء: محمد بن جعفر عند الطبرى في "تهذيبه"[2039].

2 -

وأما الثورى: فرواه عنه أصحابه الكبار على الوجه الماضى، وخالفهم أبو عامر العقدى، فرواه عن الثورى فقال: عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم به

، فنقله من (مسند ابن عباس) إلى (مسند بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم).

هكذا أخرجه الطبرى في "تهذيبه"[رقم 2038] بإسناد صحيح إليه.

والمحفوظ عن الثورى هو الأول بلا تردد، وأبو عامر ليس من المقدمين في الثورى، وقد خالفه ابن المبارك ووكيع وعبد الرزاق وأبو أحمد الزبيرى وغيرهم من الأكابر، كلهم رووه عن الثورى فجعلوه من (مسند ابن العباس) وقولهم هو الصواب.

نعم، قد توبع الثورى على الوجه الرجوح، تابعه شريك القاضى، فرواه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم به

، وجعله من (مسند ميمونة بنت الحارث) هكذا أخرجه الطبرى في "تهذيبه"[رقم 2034]، وأحمد [6/ 330]، والطبرانى في "الكبير"[24/ رقم 34، 37]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث"[رقم 57]، وغيرهم.

وهذا وهْم من شريك بدون شك، وقد خالفه جماعة؛ رووه عن سماك فلم يذكروا فيه (ميمونة)، وقد سئل أبو زرعة الرازىى، عن رواية شريك تلك كما في "العلل"[رقم 95]، فقال:"الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا ميمونة".

قلتُ: وقد رواه جماعة عن سماك عن عكرمة به مرسلًا

ولم يذكروا فيه ابن عباس، لكن الوصل أرجح؛ وحسبك أن الثورى قد رواه عن سماك موصولًا؛ وهو أحفظ من كل من رواه عن سماك بلا تردد حتى شعبة، قال ابن عبد البر في "التمهيد": "وقد وصله جماعة منهم الثورى، وحسبك الثورى حفظًا وإتقانًا!

" ثم قال: "وكل من أرسل هذا الحديث، فالثورى أحفظ منه، والقول فيه قول الثورى ومن تابعه على إسناده

" راجع "التمهيد" [1/ 333]. =

ص: 98

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم اعلم أيها الذكي، أن مدار كلامنا هذا كله إنما كان على ذلك اللفظ:(الماء لا ينجسه شئ)، وإلا فللحديث لفظ آخر رواه جماعة عن سماك به أيضًا: وهو قول ابن عباس مرفوعًا: (إن الماء لا يجنب) بدل (لا ينجس) أخرجه أبو داود [68]، والترمذى [65]، وابن ماجة [370]، وابن حبان [1248]، و [1261]، وابن أبى شيبة [3531]، و [1514، 36093]، والبيهقى في "سننه"[5918، 1186]، والطبرى في "تهذيبه"[2030، 2031]، وجماعة غيرهم. وفى أوله زيادة عندهم وهى:(اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه، فقالت: يا رسول الله: إنى كنتُ جنبًا، فقال: إن الماء لا يجنب) هذا سياق الترمذى.

وهو بنحو هذا السياق عند الدارمى [234]، وغيره، ولكن المرفوع منه بلفظ (ليس على الماء جنابة) وهو بهذا اللفظ عند ابن راهويه [2016]، والطبرانى في "الكبير"[23/ رقم 1030]، وابن شاهين في "الناسخ"[رقم 58]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 137]، وجماعة، من طريق شريك القاضى عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن ميمونة به

وقد مضى أن شريكًا قد وهم في سنده على سماك، والحديث محفوظ من حديث ابن عباس، وليس من حديث، ميمونة.

ومن طريق شريكًا: أخرجه ابن ماجة [372]، والطيالسى [1625]، وعنه أحمد [6/ 330]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 53]، وجماعة، ولكن مختصرًا بلفظ:(عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل غسلها من الجنابة) وله سياق آخر عند ابن ماجة [371]، وغيره، من طريق الثورى عن سماك بإسناده به عن ابن عباس بلفظ:(أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من جنابة، فتوضأ واغتسل النبي من فضل وضوئها) وله ألفاظ أخرى نحوه

وكل ذلك الاختلاف محمول على الرواية بالمعنى؛ فكلّ يؤدى معنى ما سمعه، وحفظ فيه بعضهم ما لم يحفظ الآخر، غير أنى أرى أن قوله في الحديث (إن الماء لا يجنب) هو الموافق لسياق القصة الوارد فيها؛ وأن قوله:(الماء لا ينجسه شئ) فرع من اللفظ الأول، وإن شئت فَقُلْ: هو رواية بالمعنى له.

والحديث صححه الحافظ في "الفتح"[1/ 342]، وعزاه للأربعة وابن خزيمة بلفظ:(الماء لا ينجسه شئ) وهو وهْم منه؛ لأنه ليس عند الأربعة بهذا اللفظ إلا النسائي وجده كما مضى، وإنما هو عند الثلاثة دون النسائي بلفظ (الماء لا يجنب) فانتبه! =

ص: 99

2412 -

حَدَّثَنَا أبو معمر، عن هشييم، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ، قال: قُبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمسٍ وستين.

= وللحديث باللفظ الأول: شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث أبى سعيد الخدرى [برقم 1304]، وسيأتى حديث عائشة [برقم 4765]، واللَّه المستعان.

2412 -

قوى: أخرجه أحمد [1/ 215]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12845]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 310]، وابن أبى خيثمة كما في "التمهيد"[3/ 20]، والطبرى في "تاريخه"[2/ 240]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 3194]، وغيرهم، من طرق عن هشيم عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن جدعان فقيه سيئ الحفظ مضطرب الحديث، ويوسف بن مهران هذا قد انفرد عنه ابن جدعان بالرواية وحده، وليس هو بيوسف بن ماهك كما جزم به غير واحد، وقد وثقه أبو زرعة وابن سعد وابن حبان، وقال الحافظ:"ليِّن الحديث" هكذا قال، وليس له سلف في هذا أصلًا، اللَّهم إلا قول أبى حاتم: "يكتب حديثه ويذاكر به

". وعلى كل حال: فيكفى ابن جدعان في ضعف هذا الإسناد؛ وهشيم قد صرح بالسماع عند أحمد وغيره، لكن للحديث طرق أخر عن ابن عباس به مثله.

1 -

منها طريق ابن جريج عن أبى الحويرث عن ابن عباس به

عند عبد الرزاق [6790]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[1/ رقم 36]، و [10/ رقم 10810]؛ وأبى نعيم في "المعرفة"[رقم 80]، وغيرهم.

وسنده ضعيف منقطع، ابن جريج يدلس وقد عنعنه، وأبو الحويرث لم يلق ابن عباس، بل لم يدركه أصلًا، واسمه عبد الرحمن بن معاوية الزرقى، وهو مع هذا فقد كان ضعيفًا عندهم أيضًا.

2 -

ومنها طريق العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ: (عن سعيد بن جبير: أن رجلًا أتى ابن عباس فقال: أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرًا بمكة، وعشرًا بالمدينة، فقال: من يقول ذلك؛! لقد أنزل عليه بمكة خمس عشرة، وبالمدينة عشرًا: خمسًا وستين وأكثر) أخرجه أحمد [1/ 230]، وعنده سقطٌ في متنه، لكن هذا السياق قد نقله عنه ابن كثير في "البداية"[5/ 259]، وكذا أخرجه ابن أبى شيبة [36550]، قال ابن كثير:"وهذا من أفراد أحمد إسنادًا ومتنًا". =

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: ومداره على العلاء بن صالح وهو مختلف فيه، وثقه جماعة، وتكلم في حديثه آخرون، والظاهر من حاله أنه صدوق وسط له أوهام، ويشبه أن يكون قد وهم في هذا السياق، فقد ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"[3/ 19]، ثم قال:"ولم يوافق عليه العلاء، وهو شئ لا أصل له".

قلتُ: والمحفوظ في عن ابن عباس من هذا السياق الماضى: هو ما رواه عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: (أخبرتنى عائشة وابن عباس - رضى الله عنهما - قالا: لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشر سنين) هكذا أخرجه الطبراني [4694]، وجماعة.

3 -

ومنها طريق عمار مولى بنى هاشم قال: (حدثنا ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توفى وهو ابن خمس وستين) أخرجه مسلم [2353]، وجماعة كثيرة، من طرق عنه به

وسيأتى عند المؤلف [2614] وقبله [برقم 2452].

وسنده قوى مستقيم. وهذا الطريق هو أقوى الطرق مطلقًا عن ابن عباس في هذا الحديث، لكن قال البخارى في "الأوسط" كما في "تهذيب الحافظ"[7/ 404]، بعد أن ساق تلك الرواية عن عمار:"لا يتابع عليه، وكان شعبة يتكلم فيه".

قلتُ: بل عمار شيخ مقبول، وثقه جماعة من كبار الأئمة منهم أبو حاتم الرازى، وحسبك به، وكلام شعبة فيه مبهم لا ندرى أقادح هو أم لا؟!

أما قول البخاري،:"لا يتابع عليه" يعنى لم يتابع عمار على هذا من وجه صحيح عن ابن عباس، بل إنه قد خولف فيه: خالفه عكرمة وعمرو بن دينار، ونصر بن عمران وابن سيرين وابن المسيب وكريب وأبو حصين ومقسم وأبو ظبيان وغيرهم، كلهم رووه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (توفى وهو ابن ثلاث وستين) وليس (خمسًا وستين).

وبهذا جزم الإمام بشذوذ رواية عمار بن أبى عمار في "ضعيف الترمذى"، لكن لا يلجأ إلى القول بالشذوذ مع إمكان الجمع، لاسيما ولرواية عمار شواهد مثله عن جماعة من الصحابة، مضى الكلام على بعضها في الحديث [رقم 1575]، فانظر البحث هناك.

وفى المقام بسط لا يحتمله هذا المكان، فراجع "التمهيد"[3/ 18 - 27]، و"الاستذكار"[8/ 328، 329]، والفتح [8/ 151]، و"عمدة القارى"[16/ 99]، و"البداية والنهاية"[5/ 258، 259]، وغير ذلك.

ص: 101

2413 -

حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله بن مصعبٍ، قال: حدثنى الدراوردى، عن ثور بن زيد، عن إسحاق بن جابرٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ أَفْسَدَ امرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الخيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ".

2413 - صحيح: دون (وليس منَّا من أجلب على الخيل

). أخرجه الضياء في "المختارة"[2/ 24، 64]، كما في "الصحيحة"[5/ 436]، من طريق المؤلف به .. وهو عند البخارى في "تاريخه"[11/ 395]، مختصرًا بلفظ (من أفسد امرأة على زوجها) من طريق حسين بن حريث عن عبد العزيز الدراوردى عن ثور بن زيد عن إسحاق بن جابر عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: هكذا رواه الحسين بن حريث عن الدراوردى، وتابعه مصعب الزبيرى عند المؤلف، وخالفهما ضرار بن صرد، فرواه عن الدراودى فقال: عن ثور بن زيد عكرمة عن ابن عباس به مختصرًا بجملة (من جلب على الخيل يوم الرهان فليس منا)، ولم يذكر في سنده (إسحاق بن جابر) هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 1558] بإسناد صحيح إليه.

قلتُ: وهذه مخالفة فاسدة، وضرار بن صرد كذبه ابن معين، وتركه النسائي والبخارى وجماعة، وضعفه سائر النقاد، فقول الحافظ عنه في "التقريب":"صدوق له أوهام وخطأ" فمن قبيل التساهل الذي لا يُطاق.

ثم جاء أبو ثابت محمد بن عبيد الله المدنى وخالف الجميع، ورواه عن الدراوردى فقال: عن ثور بن زيد عن إسحاق بن جابر عن عكرمة به مرسلًا، هكذا أخرجه البخارى في "تاريخه"[1/ 395]، إشارة، وأبو ثابت ثقة مشهور.

ومداره مرسلًا ومتصلًا على إسحاق بن جابر، وهو شيخ مستور الحال، ترجمه البخارى وابن أبى حاتم في (إسحاق بن عبد الله العدنى) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا نقيضه، وقال أبو حاتم:"وهو إسحاق بن عبد الله بن جابر"، وكذا ترجمه ابن حبان في "الثقات" في موضعين [8/ 107]، و [6/ 47]، وسماه في الثاني "إسحاق بن عبد الله بن جابر" ثم قال:"ومن زعم أنه إسحاق بن جابر فقد نسبه إلى جده" وزاد في الموضع الأول: أن عبد الله بن نافع الصائغ قد روى عنه أيضًا، لكن لا تنفعه رواية الصائغ عنه ولا ثور بن زيد وحدهما طالما لم يوثقه إمام =

ص: 102

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= معتمد دون ابن حبان، أو يروى عنه جماعة من الثقات بحيث يغلب على الظن كونه مشهورًا بالرواية وإن لم يوثقه أحد، مع عدم النكارة فيما ينفرد به، أو غمز بعض النقاد له.

وقد عَرِى إسحاق بن جابر عن كثير من هذا، فمكانه هو في تلك الطبقة المستورة من صغار التابعين وحسب، فقول الهيثمى في "المجمع" [5/ 482]:"رواه أبو يعلى والطبرانى باختصار، ورجال أبى يعلى ثقات" فعلى عادته في مسايرة ابن حبان في توثيق الأغمار ومن لا يُعرفون.

وقد خولف إسحاق بن جابر في سنده، خالفه عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى، فرواه عن عكرمة فقال: عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبى هريرة به نحوه

دون الفقرة الأخيرة: (وليس منا من أجلب على الخيل يوم الرهان)، هكذا أخرجه أبو داود [2175]، والنسائى في "الكبرى"[9214]، وأحمد [3/ 379]، وابن حبان [568]، والحاكم [2/ 214]، والبيهقى في "سننه"[5591]، وفى "الشعب"[7/ رقم 11115]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة بن يعمر عن أبى هريرة به.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الاستقامة، وقد صححه الحاكم وجماعة، لكن نقل المزى في "تهذيبه"[15/ 415]، من ترجمة (عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى) عن ابن البراء عن ابن المدينى أنه قال عنه:(هو عندى منكر) كذا قال، ولعله يريد:"منكر الحديث" وعبد الله بن عيسى هذا قد وثقه الجماعة.

ثم وجدت الحافظ قد نقل في "التهذيب"[5/ 352]، أن ابن عبد الهادى قد تعقب قول ابن المدينى بكونه قد قاله في (عبد الله بن عيسى الذي يروى عن عكرمة عن أبى هريرة حديث:"من خبَّب امرأة")، وأما ابن ليلى فذكره ولم يذكر فيه شيئًا

، كذا قاله ابن عبد الهادى، ولم أقف على آخر يقال له:(عبد الله بن عيسى) يروى عن عكرمة وعنه عمار رزيق، زيادة على أن (عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى) هكذا وقع اسمه ونسبه في أسانيد جماعة ممن رووا هذا الحديث.

ثم رأيتُ بن عساكر قد أخرج في "تاريخه"[31/ 397]، بالإسناد الصحيح عن كل محمد بن أحمد بن البراء أنه قال:"قال عليّ بن المدينى: عبد الله بن عيسى الذي روى عن عكرمة عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها"، قال: عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، قال: وهو عندى منكر". =

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا نصٌّ في كون ابن المدينى يقصد بما قال: (عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى)، وعليه: فقوله: (هو عندى منكر) ليس كما فهمنا آنفًا من كونه يريد بهذا الغمز من (عبد الله بن عيسى) بكونه (منكر الحديث) بل يريد أن روايته تلك منكرة، كما أشار هو وذكر الحديث.

ويؤيد إعلال الحديث: أن أبا زرعة الدمشقى قد أخرجه أيضًا في "فوائده المعللة"[رقم 95]، وإن لم يتكلم عليه بشئ، وكذا أخرجه الدارقطنى في "الغرائب والأفراد"[رقم 5411/ أطرافه]، ثم قال:"تفرد به عبد الله بن عيسى عن عكرمة، وتفرد به عمار بن رزيق عن عبد الله".

قلتُ: ومجرد التفرد لا يضر الرواية إذا كان من ثقة مشهور العدالة مثل عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى، لكن إنكار ابن المدينى لروايته تلك؛ دليل كونها خطأ متنًا أو إسنادًا، وذكِرْه لعبد الله بن عيسى في صدد إنكار تلك الرواية، دليل آخر على كونه يُعصِّب الجناية في رقبته، بمعنى أنه قد وهم فيه.

ولكن ما هذا الوهم؟! وما هي صورته؟! لم يظهر من ذلك شئ إلا أن ابن المدينى هو إمام الدنيا في علل الحديث، وما أقدِّم عليه في هذا الفن أحدًا قط، فكما نقبل قوله في الجرح والتعديل عند عدم المخالفة له من أحد من النقاد؛ كذلك يجب علينا قبول تعليله للأخبار طالما لم يخالفه أحد من أضرابه في ذلك.

أما تصحيح الحاكم وغيره للحديث، فلا يعتمد عليه بعد ما تقدم، وللحديث طريق آخر عن أبى هريرة عند ابن عدى في "الكامل"[7/ 28]، والخطيب في "تاريخه"[11/ 123]، وغيرهما. وإسناده باطل.

وقد كنا قد قوَّينا حديث أبى هريرة من طريق (عبد الله بن عيسى) الماضى فيما علقناه على "ذم الهوى" لابن الجوزى [2/ رقم 616]، اغترارًا بنظافة إسناده، ونحن نتراجع عن ذلك هنا.

وقد وجدت للحديث طريقًا آخر عن ابن عباس مرفوعًا نحو سياق المؤلف هنا، لكن دون الفقرة الأخيرة: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ 223/ 803]، من طريق عليّ بن أبى هاشم عن عثمان بن مطر عن معمر بن راشد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس به

قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن طاووس إلا معمر، ولا عن معمر إلا عثمان، تفرد به عليٌّ".

ص: 104

2414 -

حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزبيرى، قال: حدثنى المغيرة بن عبد الرحمن، وعبد العزيز بن محمدٍ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياشٍ أبى المغيرة، عن ابن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يوقع على الحبالى يوم خيبر، وَلا تسقِ زرع غيرك، وعن بيع المغانم قبل أن تقسم، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية، وعن كل ذي نابٍ من السباع.

= قلتُ: وعثمان بن مطر منكر الحديث كما قاله جماعة، وتركه آخرون، وهو من رجال ابن

ماجه، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[4/ 607]، وقد خولف في إسناده، خالفه عبد الرزاق،

فرواه عن معمر قال: أخبرنى من سمع عكرمة يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم .... ثم ذكره مرسلًا،

هكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"[20994]، وهذا هو المحفوظ عن معمر، ولعله

الأصل في حديث ابن عباس.

نعم: في الباب عن جماعة من الصحابة ما يشهد للحديث دون فقرته الأخيرة، وأقواها:

حديث بريدة عند أحمد [5/ 352]، وابن حبان [1318]، وجماعة كثيرة بإسناد قوى. وقد

صححه جماعة.

• تنبيه: قد وقع لجماعة ممن تكلموا على حديث ابن عباس، أوهام غريبة، فمن ذلك:

1 -

قول الشوكانى في "نيل الأوطار"[8/ 160]، عن هذا الحديث بعد أن ذكر الفقرة الأخيرة

منه: "ليس منا من أجلب على الخيل يوم الرهان" قال: "رواه أبو يعلى بإسناد صحيح".

قلتُ: وهذا تساهل قبيح منه، أراه تابع فيه بعضهم.

2 -

وهذه الفقرة الأخيرة قد ذكرها الحافظ في "التلخيص"[4/ 165]، وعزاها لابن أبى عاصم

والطبرانى من حديث ابن عباس ثم قال: "وإسناد ابن أبى عاصم لا بأس به".

واحتمل الإمام في "الصحيحه"[5/ 436]، أنه ربما كان سند ابن أبى عاصم هو نفسه طريق

المؤلف هنا، ثم وافق الحافظ على تمشية إسناده، فإن صح ما احتمله الإمام، فهو غفلة منهما عما

في سند المؤلف مما قد مضى شرحه كله، ويتكلف الإمام بإصلاح حال إسحاق بن جابر، ولو

سلم له أنه ثقة ثبتٌ، فلا ينفعه ذلك في صحة الإسناد، لكونه قد اختلف عليه في وصله

وإرساله، بل خواف فيه أيضًا كما مضى، فاللَّه المستعان.

2414 -

صحيح: أخرجه الحاكم [2/ 47، 49]، والطبرانى في "الكبير" [11/ رقم 11145،

11146]، والبيهقى في "سننه"[10632، 18084]، وغيرهم، من طرق عن =

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به

وهو عند الطبراني في الموضع الأول، ومثله البيهقى بجملة النهى عن بيع المغانم قبل أن تقسم فقط، وهى سياق الحاكم في الموضعين.

قلتُ: وفى إسناده نظر، عبد الرحمن بن الحارث مختلف فيه، ولكنه توبع عليه كما يأتى، وقد اختلف عليه في إسناده، فرواه عنه ابن أبى الزناد وابنه الغيرة والدراوردى وغيرهم على الوجه الماضى.

وخالفهم: يحيى بن عبد الله بن سالم، فرواه عنه فقال: عن مجاهد عن ابن عباس به مرفوعًا بالنهى عن أكل كل ذى ناب من السباع فقط، وأسقط من سنده (ابن أبى نجيح)، هكذا أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 190، 204]، من طريق يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يحيى بن سالم به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إليه، لكن يحيى هذا مختلف فيه، وثقه جماعة، وضعفه ابن معين، وقال ابن حبان:"ربما أغرب"، فلعله وهم في إسناده، والمحفوظ هو الأول، وقد يكون ذكر (ابن أبى نجيح) قد سقط من مطبوعة "شرح معانى الآثار"، فقد عهدنا منه ذلك في مواضع، ولم ينفرد به عبد الرحمن بن الحارث: بل تابعه عمرو بن شعيب على نحوه عند النسائي [4645]- وليس عنده النهى عن لحوم الحمر، ولا جملة سقى الزرع - والحاكم [2/ 64، 149]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 68]، والطبرانى في "الأوسط"[7/ 6981]، وغيرهم، من طريق حفص بن عبد الله السلمى عن إبراهيم بن طهمان عن يحيى بن سعيد القطان عن عمرو بن شعيب به

قلتُ: وهذا إسناد صالح، وقد صححه الحاكم، وقال الطبراني عقب روايته:"لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شعيب إلا يحيى بن سعيد، ولا عن يحيى إلا إبراهيم بن طهمان، تفرد به حفص بن عبد الله".

قلتُ: قد توبع عليه حفص عند الحاكم [2/ 64]، تابعه أزهر بن سليمان، والإسناد إليه صحيح.

وللحديث طريق آخر عن ابن عباس بأكثر فقراته: يأتى عند المؤلف [برقم 2491]، والكلام عليه هناك. ولجميع فقرات الحديث شواهد عن جماعة من الصحابة.

ص: 106

2415 -

حَدثَّنَا عبد الأعلى بن حماد النرسى، حدّثنا معتمر بن سليمان، عن منذر، عن وهبٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال نبى الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ مِنْ عَدَنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا يَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسولهُ، هُمْ خَيْرُ مَنْ بَيْنِى وَبَيْنَهمْ" قال المعتمر: أظنه قال: في الأعماق.

2415 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 333]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[63/ 366]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11029]، ويحيى بن معين في "الجزء الثاني من فوائد حديثه"[رقم 72]، وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل [8/ 242]، والحسن بن على الجوهرى في "فوائد منتقاة"[ق 28/ 2]، كما في "الصحيحة"[6/ 656]، والخلال في "العلل"[ص/ 65 رقم 14/ المنتخب لابن قدامة]، وغيرهم، من طرق عن المنذر بن النعمان عن وهب بن منبه عن ابن عباس به.

قلتُ: هذا إسناد صحيح مستقيم، وهكذا رواه عبد الرزاق وهشام بن يوسف والمعتمر بن سليمان عن المنذر به

وتابعهم: محمد بن الحسن بن أتش عند ابن عدى في "الكامل"[6/ 176].

ثم جاء ابن الجوزى وأخرج الحديث من طريق ابن عدى في العلل المتناهية [1/ 306].

ثم شغب على عادته وقال: "هذا حديث لا يصح" ثم أعله بمحمد بن الحسن ومن دونه في سند ابن عدى، وهذا إعلال مهجور، ولو صح أن في طريق ابن عدى عقارب ناهسة، فالحديث محفوظ على كل حال من رواية الثقات عن المنذر بن النعمان كما مضى.

وهلَّا قال ابن الجوزى: "هذا إسناد لا يصح"؟! لكنه التسرع في تضعيف صحاح الأخبار، ورجال الحديث كلهم ثقات معروفون، والمنذر بن النعمان وثقه ابن معين وابن حبان.

ثم وجدت الخلال قد نقل في "علله"[ص 65/ منتخب ابن قدامة]، عن الإمام أحمد أنه قال:"المنذر بن النعمان ثقة صنعانى، ليس في حديثه مسند غير هذا".

ثم جاء المعلَّق الفاضل على "منتخب علل الخلال"[ص 65، 66/ مكتبة التوعية]، وحاول إعلال الحديث بعلة أخرى، فقال:"لكن العلة - واللَّه أعلم - هي الانقطاع بين وهب بن منبه وابن عباس".

قلتُ: وهذه علة مخترعة، ولا أعلم أحدًا نفى سماع وهب بن منبه من ابن عباس أصلًا، وحديثه عنه عند أصحاب، السنن إلا ابن ماجه، وقد نصَّ ابن أبى حاتم وابن حبان وغيرهما عدى روايته عن ابن عباس، بل وجدت الذهبى قد قال في أول ترجمته من "سير النبلاء" [4/ 545: =

ص: 107

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "وأخذ عن ابن عباس

"، وهذا ظاهر في السماع إن شاء الله، والأخذ أخص من الرواية كما هو معلوم، ونحوه قول ابن عساكر في "تاريخه" [63/ 366]، في صدر ترجمة وهب: "لقى عبد الله بن عباس و .... "، وهذا كله إن لم يثبت السماع فلا ينفيه جزمًا، فكيف وسماعه منه ظاهر كما يأتى إيضاحه؟!.

وقد اعتمد المعلق على (منتخب علل الخلال) في نفيه السماع: قول ابن معين: "لم يسمع وهب من جابر شيئًا"، ثم قال: "فعدم سماعه من ابن عباس أولى، ذلك أن ابن عباس مات قبل جابر، فقد مات ابن عباس سنة ثمان وستين، بينما مات جابر بعد السبعين، وما زال الأئمة يستدلون بمثل هذا على انتفاء السماع

".

قلت: ولن نناقشه بشأن البتِّ بتحديد وفاة ابن عباس وجابر مع الاختلاف المعروف في ذلك، بل نعدُّ ما اختاره هو المعتمد في وفاة الإمامين جابر وابن عباس - رضى الله عنهما - فيكون بين وفاة هذا وذلك على أكثر ما قيل حوالى (12 سنة أو تزيد قليلًا)، ولا يكون هذا دليلًا ناهضًا على عدم السماع أصلًا، ومولد وهب كان سنة (34 هـ) كما قاله إسحاق بن إبراهيم الهروى، وأكثر ما قيل في وفاته أنها كانت سنة (116 هـ).

وعليه يكون وهب قد أدرك من حياة ابن عباس أربعة وثلاثون عامًا، وكان قد سكن مكة دهرًا واجتمع فيها بأماثل التابعين في ذلك الزمان طاووس وعمرو بن دينار وجماعة. وله في مكة خاصة حكايات في اجتماعه بالحسن البصرى وجماعة في الوسم، فما كان يمنعه من السماع من ابن عباس فضلًا عن رؤيته، فضلًا عن الجلوس إليه؟! وما ضاق مسلم ذرعًا في "مقدمة صحيحه" إلا من تلك المحاولات البائسة في نفس سماع مَنْ هذا حاله.

ثم قول المعلِّق النافى للسماع بعد حكايته قول ابن معين في نفس سماع وهب من جابر: "فعدم سماعه من ابن عباس أولى" دليل على كونه قد فهم قول ابن معين بما لا ينبغى لمثله أن يفهم معه ذلك الذي فهمه، فقول ابن معين كما في مراسيل ابن أبى حاتم [ص 2288]: "لم يلق وهب بن منبه جابرًا

ولكنه ينبغى أن تكون صحيفة وقعت إليه".

فليس مراد ابن معين أن وهبًا لم يدرك جابرًا، كيف وقد أدرك من حياة جابر ما ينوف على خمسة وثلاثين عامًا؟! وإنما مراد ابن معين ما أوضحه هو بقوله: "لم يلق وهب بن منبه جابرًا

" يعنى لم يجتمع به ولم يجلس إليه؛ وإنما وقعت له صحيفة جابر المشهورة؛ فجعل يحدث بها عنه، فأنَّى يتم الاستدلال بهذا على كون عدم سماعه من ابن عباس أولى؟ =

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على أن أبا الحجاج المزى قد نازع في نفى سماع وهب من جابر كما تراه في "تهذيبه"[3/ 140]، من ترجمة (إسماعيل بن عبد الكريم اليمانى)، لكن تعقبه الحافظ في "التهذيب"[1/ 316]، ثم جاء الإمام وتعقب الحافظ في "الصحيحة"[5/ 276]، وانتصر للمزى، والصواب مع الحافظ عند التحقيق كما أوضحناه في مكان آخر.

* فالحاصل: أن سماع وهب من ابن عباس لو لم يكن ظاهرًا إلا فيما تقدم، لكفى مع براءة وهب من التدليس، فكيف وقد وجد تصريح وهب بالسماع من ابن عباس في عدة أخبار؟! فمن ذلك ما تراه عند العدنى في "الإيمان"[رقم 5]، والهروى في "ذم الكلام"[4/ رقم 721]، وابن بطة في "الإبانة"[2/ رقم 1661]، والآجرى في "الشريعة"[ص 64]، والبيهقى في "الشعب"[رقم 5001]، والطبرانى في "الكبير"[رقم 10607]، وغيرها، والأسانيد في ذلك لا تخلو من مقال، لكن ليس فيها كذاب ولا متروك ولا واهٍ، بل الضعف فيها غير شديد إن نظر فيها، وقد تركنا الباطل والواهى في إثبات ذلك، والإسناد الذي ضَعْفُه محتمل إذا ضُمَّ مع مثيله قوى قليلًا، فإذا جمع مع روايات آخرى في مثل حاله؛ قوى الظن بما تضمنته تلك الطرق من أخبار في متونها؛ فكيف فيما يتعلق بسماع راو من آخر؟! بل إن طريق البيهقى في "الشعب" بإثبات سماع وهب من ابن عباس ما أراه إلا نظيفًا مقبولًا، وها هو ذا قول البيهقى [4/ 258/ رقم 5001]:(أخبرنا أبو طاهر الفقيه - هو ابن محمد الامام - أنا أبو بكر الفحام - هو محمد بن إبراهيم بن الفضل المعمرى الصدوق - نا محمد بن يحيى الذهلى - هو الإمام العلم - نا إسماعيل ابن عبد الكريم الصنعانى - الصدوق الصالح - نا إبراهيم بن عقيل - الثقة المعروف - عن أبيه - هو عقيل بن معقل - ثقة صادق - عن وهب بن منبه. قال: كان ابن عباس جالسًا في المسجد الحرام ومعه وهب بن منبه، فنهض ابن عباس يتهادى على عطاء بن أبى رباح وعكرمة، فلما دنا من باب المسجد إذا هو بقوم يتجادلون قد علت أصواتهم، فوقف ابن عباس عليهم وقال لعكرمة: ادع لى (ابن منبه) فدعاه فقال له ابن عباس: حدَّث هؤلاء حديث الفتى؟ قال: نعم)

) ثم ذكر قصة

فهذا إسناد قوى مستقيم، أصرح ما يكون في إثبات سماع راو من راوٍ، فإن قيل: قد كان إسماعيل بن عبد الكريم يغلط أحيانًا في تلك الترجمة إذا كانت عن وهب عن جابر، فكان يصرح بسماع وهب من جابر تصريحًا لا يقبل التأويل، ومع ذلك كان ابن معين يغلطه في ذلك التصريح - =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كما فهمه الحافظ في ترجمة إسماعيل من "تهذيبه" - فإذا كان إسماعيل كذلك، فلعله أخطأ أيضًا في تلك الرواية الماضية.

قلتُ: هذا غاية في التكلف وتوهيم الثقات، والذى دفع الحافظ في "تهذيبه"[1/ 316]، إلى استظهار وخطأ إسماعيل في تصريحه بالسماع بين وهب وجابر؛ إنما هو جَزْم ابن معين بكون وهب لم يلق جابرًا كما مضى، فما الذي يجعلنا نركب مثل هذا التأويل في سماع وهب من ابن عباس؛ مع كون أحد من النقاد لم ينفه أصلًا، ولو بالإشارة، وماذا تكون قيمة سعى المتأخر في الاستدراك عليهم مثل هذا؟! ثم إن في رواية البيهقى قصة يبعد معها وقوع الخطأ من ضعيف غير ضابط، فكيف فيمن يقول عنه ابن معين: "ثقة، رجل صدق

"؟!.

وبعد هذا كله: فلا أظن أن باحثًا يستريب بعد ذلك في ثبوت سماع وهب من ابن عباس أصلًا، والذى دعا هذا المعلِّق الفاضل المحقق - وتلك شهادة تناله - على "منتخب علل الخلال لابن قدامة" إلى نفى السماع، هو أنه يعمل في تحقيق كتاب في "العلل"، فكأنه ظن أن كل خبر موجود فيه لا بد أن يكون معللًا؛ وهذا هو الذي جعله يتطلَّب إعلال هذا الحديث مع سلامة إسناده، وليس كما ظن أصلًا؛ بل هم قد يوردون الصحيح في كتب "العلل" ولا يتكلمون عليه بشئ؛ لكونهم ما قصدوا إعلاله بإيراده؛ ولا اشترط أكثرهم ذلك؛ بل قد يذكرونه لمناسبة تتعلق بحديث قبله، أو بفائدة في إسناده، أو لنكتة في متنه، بل قد يوردونه ليردوا ما أعلَّ به؛ أو لينبهوا الغافل على قبولهم له بسكوتهم عليه، والأمثله على ذلك كثيرة جدًّا، تجدها في "علل أحمد":(رواية ولده عبد الله) بكثرة، وكذا في "الفوائد المعللة" لأبى زرعة الشامى.

ولماذا أذهب بالتنظير بعيدًا؟! فهذا "منتخب علل الخلال" نفسه، ذكر فيه "الخلال"[ص 217/ رقم 128]، حدث سفينة: (الخلافة بعدى ثلاثون

) ثم نقل عن الإمام أحمد تصحيحه، بل والرد بقوة على مَنْ حاول إعلاله، نعم: الغالب على الأخبار الواردة في كتب "العلل" هو الإعلال الظاهر أو الخفى، فاعلم هذا فإنه مهم، بل إنى أرى الإمام أحمد ما حدث بهذا الحديث وسكت عن إعلاله، مع توثيق بعض رجاله؛ إلا كونه كان يومئ بذلك إلى صحته عنده، وقد مضى نقل كلامه في توثيق المنذر بن النعمان من "منتخب علل الخلال"، فاللَّه المستعان.

وهنا شئ مهم جدًّا ينبغى الالتفات إليه: وهو أن بعضًا من أصحابنا يعتقدون أن كل حديث يذكره أصحاب كتب الضعفاء في كتبه: مثل "كامل ابن عدى" و"ضعفاء العقيلى" =

ص: 110

2416 -

حَدَّاثَنَا عبد الأعلى، قال: حدثنى المعتمر بن سليمان، قال: سمعت ليثًا، عن أبى فزارة، عن سعيد بن جبيرٍ، أو مقسم، عن ابن عباس، رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

= و"المجروحين" لابن حبان، وأمثالها، لا بد وأن يكون ذلك الحديث معلولًا، بل وربما يفهمون من إيراد ابن عدى مثلًا للحديث في ترجمة راوٍ ما؛ دلالة على كون هذا الراوى هو علة ذلك الحديث، وهذا على إطلاقه لا يُقبل البتة، نعم وجود تلك الأحاديث في أمثال تلك الكتب، قد يكون مظنة على كونها معللة، لكن هذا ليس مطردًا، وإن كان أمرًا أغلبيّا، وقد بسطنا الكلام في ذلك المقام في تعليق آخر. والحمد لله على كل حال.

• تنبيهان:

الأول: أن الحديث قد وقع موقوفًا عند ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"، وربما يكون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قد سقط من الناسخ، وإلا فلعل الحديث وقع مذاكرة من بعض رواته؛ فأسقط منه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لشهرته بين السامعين مرفوعًا.

والثانى: قول معتمر بن سليمان في ذيل الحديث: (أظنه قال: في الأعماق)، هكذا نقلها الهيثمى في "مجمع الزوائد"[10/ 29]، كما هي هنا؛ لكن نقلها البوصيرى في "إتحاق الخيرة"[رقم 7550]، عن المؤلف هكذا:"أظنه قال: في الآفاق "كذا (الآفاق) وليس: "الأعماق" فإحداهما محرفة من الأخرى، ولفظ البوصيرى يتناسب مع سياق الحديث.

2416 -

باطل: أخرجه ابن أبى الدنيا في "المرض والكفارات"[رقم 187]، من طريق عبد الأعلى بن حماد عن المعتمر بن سليمان: سمعتُ ليثًا يحدث عن أبى فزارة عن سعيد بن جبير أو مقسم عن ابن عباس، وقال معتمرة مرة: عن ليث عن أبى فزارة عن مقسم عن ابن عباس به

قلتُ: وعند المؤلف: (وقال معتمر مرة أخرى: عن أبى فزارة عن مقسم عن سعيد بن ابن عباس به

) وأخرجه الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 6093]، من طريق على بن الحسين الدرهمى عن المعتمر عن ليث عن أبى فزارة عن مقسم أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وكذا رواه البزار في "مسنده" كما في المطالب العالية [رقم 2443]، من طريق العباس بن الوليد عن المعتمر به

وهذا الاضطراب والشك في إسناده: إنما هو من الليث بن أبى سليم، الذي لم يكن في الحديث بالليث، وفى شرح حاله وجيعة، فقد تتابعت كلمات النقاد على تضعيفه، كان رجلًا صالحًا =

ص: 111

2417 -

وَقَالَ معتمرٌ مرةً أخرى، عن أبى فزارة، عن مقسمٍ، عن سعيد، عن ابن عباسٍ، رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"هَذِه الْكَلِمَاتُ دَوَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ: أَعُوذُ بِكَلِمَات اللَّهِ التَّامَّةِ، وَأَسْمَائِهِ كُلِّهَا عَامَّةً، مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَشَرِّ الْعَيْنِ اللامَّةِ، وَمَنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ، وَمِنْ شَرِّ أَبِي قَتَرَةَ وَمَا وَلَدَ، ثَلاثَةٌ وَثَلاثُونَ مِنَ الملائكَةِ أَتَوْا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا: وَصِبٌ، وَصِبٌ بِأَرْضنَا! فَقَالَ: خُذُوا مِنْ أَرْضِكُمْ فَامْسَحُوا بِوَصِبِكُمْ رُقْيَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، مَنْ أَخَذَ عَلَيْهَا صَفَدًا أَوْ كَتَمَهَا أَحَدًا، فَلا يُفْلِحُ أَبَدًا".

2418 -

حَدَّثَنَا الحكم بن موسى، حدّثنا هقلٌ، قال: سمعت الأوزاعى، قال:

= عابدًا، لكن لم يكن يحسن الرواية ولا كاد، ثم إنه لما كبر اختلط جدًّا، حتى كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتى عن الثقات بما ليس من حديثهم، كما يقول ابن حبان في "المجروحين"[2/ 231].

ولقد بلغ به الاختلاط مبلغًا عظيمًا، حتى إنه كان يصعد المنارة في رابعة النهار أمام الناس؛ ثم يصيح فيهم بالآذان في غير وقته، كما شاهده عيسى بن يونس، وحكى ذلك عنه ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[7/ 178]، بالإسناد صحيح إليه.

ومتن الحديث تبدو عليه علامات الوضع والتوليد، فلعل ليثًا سمعه من أحد الطرقية، ثم ركَّب له هذا الإسناد المضطرب؛ توهمًا منه وليس تعمدًا، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[5/ 110]، والبوصيرى في "الإتحاف"، وباقى رجاله ثقات مشاهير، وأبو فزارة هو راشد بن كيسان الكوفى ثقة مشهور، والباقى ثقات معرفون. واللَّه المستعان.

2417 -

باطل: انظر قبله.

2418 -

صحيح: أخرجه البخارى [208، 5286]، ومسلم [358]، وأبو داود [196]، والترمذى [89]، والنسائى [187]، وأحمد [1/ 223، 227، 329، 373]، وابن خزيمة [47]، وابن حبان [1158، 1159]، وابن أبى شيبة [629]، والبيهقى في "سننه"[720، 721]، وفى "الشعب"[5/ رقم 5823]، وفى "الآداب"[رقم 396]، وأبو عوانة [رقم 585، 586، 587]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[649]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 387]، وابن جميع في "معجمه"[رقم 378]، وجماعة، من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به. =

ص: 112

حدثنى الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا، فمضمض، ثم قال:"إِنَّ لِهَذَا دَسَمًا".

= قلتُ: هكذا رواه جماعة عن ابن شهاب: منهم عقيل ويونس وصالح وعمرو بن الحارث والأوزاعى وعبد الرحمن بن إسحاق ومعمر وغيرهم.

• لكن اختلف في سنده على معمر، واختلف على الأوزاعى في متنه:

1 -

أما معمر: وقد رواه عنه المعتمر بن سليمان على هذا الوجه الماضى عند ابن خزيمة، وأبى الفضل الزهرى في "حديثه"[رقم 54]، وخالفه عبد الرزاق، فرواه عن معمر عن الزهرى عن عبيد الله به مرسلًا، هكذا أخرجه في "المصنَّف"[683].

والوجه الموصول عنه أرجح؛ فلعل ذلك وهمٌ ممن هو دونه، وقد يكون قد حدَّث به مذاكرة فلم ينشط لتجويد إسناده، لكنه قد توبع على هذا اللون المرسل.

تابعه عبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم عند ابن أبى شيبة [628]، وعنه أبو زرعة الرازى كما في "علل ابن أبى حاتم"[193]، ولفظه:(تمضمضوا من اللبن؛ فإن له دسمًا)، وسيأتى ما يشهد لهذا السياق من طريق الأوزاعى عن الزهرى به موصولًا، لكنه غير محفوظ كما يأتى.

وليس عبد الله بن أبى بكر من المقدَّمين في أصحاب الزهرى، وقد خالفه أعلم الناس به (يونس، وعقيل، وصالح، وعمرو بن الحارث) وغيرهم، كلهم رووه عنه موصولًا، وهذا أرجح بلا تردد؛ لكن نقل العينى في "العمدة"[3/ 108]، عن الطبرى أنه قال في كتابه "تهذيب الآثار": عن هذا الحديث: "هذا خبر عندنا صحيح، وإن كان عند غيرنا فيه نظر؛ لاضطراب ناقليه في سنده، فمن ناقل عن الزهرى عن ابن عباس من غير إدخال عبيد الله بينهما، ومن قائل، عن الزهرى عن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ابن عباس".

قلتُ: والمحفوظ من هذا كله عن الزهرى هو الوجه الموصول كما مضى؛ لرواية جماعة من كبار أصحاب الزهرى عنه كذلك، ولم أقف على الوجه الأول الذي ذكره الطبرى.

أما الوجه المرسل، فقد عرفت ما فيه، على أنه قد اختلف على عبد الله بن بكر الذي رواه عن الزهرى مرسلًا كما مضى، فرواه عنه محمد بن إسحاق فقال: عن أنس بن مالك به مرفوعًا مثل سياق المؤلف، هكذا أخرجه ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 193]، بإسناد حسن إلى ابن إسحاق به

ثم نقل عن أبى زرعة أنه قال: "هذا وهمٌ،

". =

ص: 113

2419 -

وَعَنْ هقلٍ، قال: سمعت الأوزاعى، حدّثنا الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة، فقال:"أَلا اسْتَمْتَعْتُمْ بِجِلْدِهَا" فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتةٌ، قال:"إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا".

= ثم ذكر الرواية المرسلة من طريق ابن عيينة عن عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى عن عبيد الله به

، وأشار إلى أنه هو المحفوظ عنه، وهو كذلك؛ فلعل ابن إسحاق قد لزم الطريق في روايته، ثم هو قبيح التدليس، وقد عنعنه.

2 -

وأما الأوزاعى: فقد رواه عنه أبو عاصم النبيل وأيوب بن خالد ويحيى بن عبد الله البابلتى ويحيى القطان وسفيان بن العلاء ومحمد بن مصعب وهقل بن زياد وغيرهم، كلهم رووه عنه على الوجه الماضى.

ثم جاء الوليد بن مسلم وخالفهم في متنه، ورواه عنه بإسناده به مرفوعًا بلفظ:(مضمضوا من اللبن فإن له دسمًا) هكذا أخرجه ابن ماجه [498]، بإسناد صحيح إليه، قال الإمام في "الصحيحة" [3/ 348]:"وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إن سلم من تدليس الوليد، لكنه شاذ عندى بهذا اللفظ".

قلتُ: أما سلامته من تدليس الوليد، فهذا ظاهر من تصريح الوليد بالسماع من الأوزاعى في سنده، وأما شذوذ لفظه، فهذا لا امتراء فيه، وإن كان لهذا اللفظ شواهد عن جماعة من الصحابة؛ لكن ذلك لا يحول دون الجزم بكونه شاذّا من حديث الزهرى.

ثم رأيتُ زمعة بن صالح - الضعيف المشهور - قد أثقل كاهله جدًّا؛ بمخالفته أصحاب الزهرى في هذا الحديث، فرواه عن الزهرى فقال: عن أنس قال: (حلب رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وشرب من لبنها، ثم دعا بماء فمضمض فاه وقال: "إن له دسمًا")، هكذا أخرجه ابن ماجه أيضًا [501]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 312]، بإسناد صحيح إليه.

وهذا منكر جدًّا، وقد أورده ابن حبان في ترجمة (زمعة) ثم قال عقبه: "وهذا خطأ فاحش

" ثم بيَّن أن الصواب فيه: هو قول من رواه عن الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس به

2419 -

صحيح: أخرجه البخارى [1421، 2108، 2511]، ومسلم [363]، وأبو داود [4120، 4121، 4122]، ومالك [1062]، ومن طريقه النسائي [4234، 4235، 4236]، وابن ماجه [3610]، وأحمد [1/ 261، 329]، و [6/ 329]، والدارمى [1988، 1989] وابن حبان [1282]، و [1284، 1285، 1289]، والشافعى [18، 19]، =

ص: 114

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والدارقطنى في "سننه"[1/ 41]، والطبرانى في "الكبير"[23/ رقم 1036، 1037، 1038، 1039، 1040، 1041]، وابن أبى شيبة [24773]، والبيهقى في "سننه"[46، 47، 65، 66، 81، 82]، وفى "المعرفة"[رقم 122، 123]، والحميدى [315]، والطبرى في "التهذيب"[2374، 2375، 2376، 2377، 2378، 2379]، وأبو عوانة [رقم 416، 417، 418، 419، 420]، و ابن المنذر في "الأوسط"[رقم 804]، وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود عن ابن عباس به

ولفظ الحميدى وابن ماجه وهو رواية لمسلم وأبى داود والبيهقى وأبى عوانة والطبرى وأحمد وابن حبان والشافعى والطبرانى: (عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة لمولاة لميمونة قد أعْطَتْهَا من الصدقة ميتة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما على أهل هذه لو أخذوا إهابها فدبغوه وانتفعوا به؟! فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة! فقال: إنما حرم أكلها

) سياف الحميدى.

وقد زاد الدارقطنى وعنه البيهقى: (أو ليس في في الماء والقرظ ما يطهرها؟) وفى رواية الدارقطنى: (إن دباغها ذكاتها) وله أيضًا: (إنما حرم لحمها، ودباع إهابها طهورها)، وعنده أيضًا:(إنما حرم عليكم لحمها، ورخص لكم في مسكها)، وهذه الألفاظ كلها روايات للطبرى أيضًا.

قلتُ: وسنده كالشمس، وهكذا رواه أصحاب الزهرى عنه، وكان بعضهم يزيد في متنه وبعضهم ينقص، وقد ذكر الدارقطنى أكثر هذه الروايات ثم قال:"هذه أسانيد صحاح"، وذكر الدباغ فيه محفوظ من رواية ابن عيينة والزبيدى وسعيد بن عبد العزيز وحفص بن الوليد وغيرهم عن الزهرى به.

لكن ابن عيينة كان لا يضبط إسناده، فتارة يرويه عن الزهرى مثل رواية الجماعة عنه من حديث ابن عباس مرفوعًا، وتارة يخالف فيه أصحاب الزهرى جميعًا، ويرويه عنه الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة به

، فيجعله من (مسند ميمونة)، كما تراه عند مسلم والحميدى والبيهقى وأبى عوانة وأبى داود والنسائى وابن ماجه وأحمد والطبرى والطبرانى وابن حبان وغيرهم، وسيأتى عند المؤلف [برقم 7079، 7100]، قال الحميدى في "مسنده" [315] عقبه:(كان سفيان ربما لم يذكر فيه ميمونة، فإذا وقف عليه: قال فيه: ميمونة).

وقد نقل ابن عبد البر في "التمهيد"[9/ 50]، عن الحافظ الذهلى أنه قال:"لستُ أعتمد في هذا الحديث على ابن عيينة، لاضطرابه فيه". =

ص: 115

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: والمحفوظ عن الزهرى هو الأول ليس فيه ميمونة، نعم ذكر ابن عبد البر أن سليمان بن كثير قد تابع ابن عيينة على ذكر ميمونة فيه، كذا قال، ولم أقف على تلك الرواية، بل وجدتُ الدارقطنى قد أخرجه في "سننه"[1/ 43]، بإسناده الصحيح إلى سليمان بن كثير عن الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس به

، ولم يذكر فيه ميمونة، فإن كان ما قاله عنه ابن عبد البر محفوظًا، فلعله اختلف عليه في سنده، أو كان لا يضبط إسناده كابن عيينة.

وسواء كان هذا أو ذاك: فالمحفوظ عند الحفاظ في حديث الزهرى ليس فيه ميمونة، كما قاله الحافظ في الفتح [9/ 658]، ثم جاء صاحب "المستدرك"، وجعل يجازف على عادته، وقال بعد أن أخرج الحديث في معرفة "علوم الحديث" [ص 141/ الطبعة العلمية]:"هذا حديت مختلف في إسناده؛ والصحيح عن ابن عباس عن ميمونة، هكذا رواه مالك بن أنس وغيره عن الزهرى".

قلتُ: أما الصحة: فلا سبيل له إلى إقامة البرهان عليها أصلًا، بل الصحيح هو ما اختار نقيضه، أما استناده في دعوته إلى كون مالك قد رواه هكذا عن الزهرى، فهذا شئ ما وجدناه عن مالك بعد، والمشهور عن مالك أنه قد اختلف عليه في وصله وإرساله، كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"[9/ 49]، ثم صحَّح رواية الوصل.

ولو ثبت أن بعضهم رواه عن مالك فجعله من (مسند ميمونة) فهى رواية مرجوحة إن لم تكن غير محفوظة، هذا على افتراض وجودها؛ فكيف وهى في عالم الغيب؟!

وقد رواه بعضهم عن الأوزاعى عن الزهرى بإسناده به عن ابن عباس

فأخطأ فيه خطأ فاحشًا، ودخل له حديث في حديث، كما يأتى الكلام عليه عند المؤلف [برقم 2593]، ثم إن ابن عبد البر قد نقل عن الذهلى في "التمهيد"[9/ 50]، أنه ضعَّف ذكر الدباغ في هذا الحديث، وجزم بكونه غير محفوظ من - رواية الزهرى، وتابعه ابن عبد البر على ذلك، وليس كما قالا. وذكر الدباغ قد رواه جماعة عن الزهرى - منهم ابن عيينة، وزاد أبو داود:"وذكره الزبيدى وسعيد بن عبد العزيز، وحفص بن الوليد"، وزاد الذهلى معهم:(عقيل بن خالد) ولا يضر هؤلاء كون الأكثرين قد رووه عن الزهرى فلم يذكروا فيه (الدباغ)؛ لأنهم قد حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، وقد ينشط الراوى فيذكر الحديث على وجهه بحروفه، وقد لا ينشط له فتراه يذكر بعضه وحسب، ويسمع منه بعضهم الوجه الأول، وبعضهم الوجه الآخر، ولا يقتضى هذا توهيم من زاد فيه ما لم يذكره غيره؛ لاسيما والراوى للزيادة ثقة حافظ كابن عيينة مثلًا. =

ص: 116

2420 -

حَدَّثَنَا أبو صالحٍ، حدّثنا هقلٌ، قال: سمعت الأوزاعى، قال: قال عطاءٌ، عن ابن عباسٍ، أن رجلًا أصابته جراحةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابته جنابةٌ فاستفتى، فأفتى بالغسل، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَفَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السّؤَالُ؟! ".

= وينازع الذهلى في ثبوت ذلك عن ابن عقيل والزبيدى في روايتهما عن الزهرى، ثم طعن في رواية ابن عيينة بكونه قد اضطرب فيه، ولا نسلِّم باضطراب ابن عيينة في متنه، وإن سلمناه في سنده، ولم يقف الذهلى على رواية سعيد بن عبد العزيز ولا حفص بن الوليد اللتين ذكرهما أبو داود آنفًا، وكذا وقع ذكر الدباغ في رواية سليمان بن كثير أيضًا عن الزهرى، وهذه روايات - وإن كان في أكثرها مغامز - إلا أن بعضها يقوِّى رواية بعض، وقد وقع الدباغ في طرق أخرى عن ابن عباس مرفوعًا، فهو محفوظ على كل حال.

2420 -

ضعيف: أخرجه الحاكم [1/ 286]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 190]، وغيرهما، من طريقه هقل بن زياد عن الأوزاعى قال: قال عطاء .... عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد منقطع، قد اختلف على الأوزاعى فيه، فرواه عنه بشر بن بكر فقال: حدثنى الأوزاعى ثنا عطاء بن أبى رباح، أنه سمع عبد الله بن عباس .... ، هكذا صرح فيه بسماع الأوزاعى، من عطاء، أخرجه الحاكم [1/ 285]، لكن في الطريق إليه (سعيد بن عثمان التنوخى)، وقد ضعفه الدارقطنى كما في "اللسان"[4/ 47]، لكن توبع بشر بن بكر على نحو تلك الرواية:

تابعه: أيوب بن سويد: عند الدارقطنى في "سننه"[1/ 191]، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"[رقم 753]، بإسناد صحيح عن أيوب بن سويد عن الأوزاعى عن عطاء عن ابن عباس به

هكذا ذكره بالعنعنة بين عطاء والأوزاعى.

وتابعهما: محمد بن كثير المصيصى عند أبى نعيم في "الحلية"[4/ 129]، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عليّ، ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدى، ثنا محمد بن كثير به.

قلتُ: وهذه متابعة لا تثبت، وشيخ أبى نعيم هو ابن المحرم الجوهرى أحد غلمان أبى جعفر الطبرى، ترجمه الخطيب في "تاريخه"[1/ 320 - 321]، ثم نقل عن البرقانى أنه مشاه، وعن ابن أبى الفوارس أنه ضعفه، وقبل ذلك قد قال الخطيب:"كان يقال: في كتبه أحاديث مناكير، ولم يكن عندهم بذاك". =

ص: 117

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وشيخه إبراهيم بن الهيثم أورده ابن عدى في "الكامل"[1/ 274]، وزعم أن جماعة كذبوه في حديثه، لكن نافح عنه الخطيب في "تاريخه"[6/ 206].

ثم إن محمد بن كثير المصيصى هذا ضعيف مختلط، وتابعهم أيضًا: عبد، الحميد بن أبى العشرين قال: حدثنا الأوزاعى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

، فذكره بالعنعنة أيضًا بين الأوزاعى وعطاء، هكذا أخرجه ابن ماجه [572]، وابن عبد البر في "جامع البيان"[1/ رقم/ 526 طبعة التوعية]، كلاهما من طريق هشام بن عمار عن عبد الحميد به ....

قلتُ: وهذه متابعة مغموزة، هشام قد ساء حفظه حتى صار يتلقن، وابن أبى العشرين نفسه مختلف فيه، وحديثه في رتبة الحسن.

وقد وقع عند ابن عبد البر: "عن عبد الحميد نا الأوزاعى نا عطاء

" هكذا بذكر سماع الأوزاعى من عطاء، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فالإسناد لم يثبت إلى عبد الحميد كما عرفت.

وقد خولف هشام بن عمار فيه أيضًا، فقال ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم 77]:"سألتُ، أبى وأبا زرعة عن حديث رواه هقل والوليد بن مسلم وغيرهما عن الأوزاعى عن عطاء عن ابن عباس: أن رجلًا أصابته جراحة .... ".

قلتُ: فذكره مختصرًا ثم قال: "فقالا: - يعنى أباه وأبا زرعة: روى هذا الحديث ابن أبى العشرين عن الأوزاعى عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس

، وأفسد الحديث".

قلتُ: إنما أفسده ابن أبى العشرين بتلك الرواية؛ لأنه كشف سوأته بتلك الواسطة الضعيفة بين الأوزاعى وعطاء، أعنى (إسماعيل بن مسلم المكى) فإنه ضعيف عندهم، بل تركه النسائي وغيره، وهكذا رواه جماعة من ثقات أصحاب الأوزاعى عنه، فأشاروا إلى وجود واسطة بينه وبين عطاء، إلا أنهم لم يصرحوا باسمه، ومن هؤلاء:

1 -

محمد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنى الأوزاعى أنه بلغه عن عطاء

أخرجه أبو داود [337].

2 -

عبد القدوس بن الحجاج قال: ثنا الأوزاعى قال: بلغنى أن عطاء بن أبى رباح قال .... أخرجه أحمد [1/ 330]، والدارمى [752]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 192]، وغيرهم.

3 -

وهقل بن زياد قال: سمعتُ الأوزاعى قال: قال عطاء

وقد مضت روايته عند المؤلف والدارقطنى والحاكم، وهقل هو أثبت الناس في الأوزاعى. =

ص: 118

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=4 - ويحيى بن عبد الله البابلتى قال: نا الأوزاعى قال: بلغنى عن عطاء بن أبى رباح

أخرجه الدراقطنى في "سننه"[1/ 192]، والبابلتى ضعيف عندهم، لكنه متابع كما ترى.

5 -

والوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعى قال: بلغنى عن عطاء بن أبى رباح

أخرجه الدارقطنى في "سننه"[1/ 191]، والبيهقى في "سننه"[1015]، وغيرهما.

6 -

وعبد الرزاق قال: عن الأوزاعى عن رجل عن عطاء بن أبى رباح

أخرجه في المصنف [867]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[11/ 11472]، والدارقطنى في "سننه"[14/ 191].

7 -

وإسماعيل بن يزيد بن سماعة

كما ذكره الدارقطنى في "سننه"[1/ 192]، وروايته عن الأوزاعى نحو رواية من تقدمه.

قلتُ: فهؤلاء سبعة - فيهم ثقات أثبات - ذكروا فيه واسطة بين الأوزاعى وعطاء، وسماها ابن أبى العشرين في روايته:(إسماعيل بن مسلم المكى) وهو آفة الحديث المستورة، فكل من حدَّث به عن الأوزاعى عن عطاء به دون ذكر واسطة ولو بالإشارة، فقد وهم عليه فيه، أما من ذكر فيه سماعًا، فقد أتى بالوهم المضاعف، ورواية بشر بن بكر الثابت فيها سماع الأوزاعى من عطاء، لم تصح إليه كما مضى، وكذا روايه غيره.

وإسماعيل بن مسلم المكى - الواسطة بين الأوزاعى وعطاء - شيخ منكر الحديث كما قاله أحمد وغيره، بل تركه النسائي وغيره كما مضى، لكنه لم ينفرد فيه: فقد تابعه الوليد بن عبيد الله بن أبى رباح أن عطاء أخبره عن ابن عباس: أن رجلًا أجنب في شتاء؛ فسأل فأمر بالغسل، فاغتسل فمات، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما لهم قتلوه قتلهم الله؟! - ثلاثًا - قد جعل الله الصعيد - أو التيمم - طهورًا

) أخرجه ابن خزيمة [273]- واللفظ له - والحاكم [1/ 270]، والبيهقى في "سننه"[1014]، وابن الجارود [128]، وابن حبان [1314] وغيرهم، من طريق حفص بن غياث عن الوليد به ..

قلتُ: وهذا إسناد فيه نظر، والوليد وثقه ابن معين وابن حبان، لكن نقل الحافظ في "التلخيص"[1/ 148]، عن الدارقطنى أنه ضعفه، ثم قال:"وقواه من صحَّح حديثه".

قلتُ: يعنى ابن خزيمة والحاكم، وتضعيف الدارقطنى للوليد وجدته في "سننه"[3/ 72]، وأرى تضعيف الدارقطنى له هو المعتمد إن شاء الله، أما توثيق ابن حبان فعبارته في ذلك تدل على عدم معرفته بالرجل، انظر "ثقاته"[7/ 549] =

ص: 119

2421 -

قَالَ عطاءٌ: فبلغنى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال:"لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجِرَاحُ أَجْزَأَهُ".

2422 -

حَدَّثَنَا على بن الجعد، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى، فأراد أحدنا أن يمر بين يديه، فجعل يتقيه.

= وأما ابن معين فتوثيقه معارض بتضعيف الدارقطنى، نعم لو لم يأت تضعيف الدارقطنى للوليد؛ لقوينا حديثه؛ اعتمادًا على توثيق ابن معين له.

والدارقطنى: كان من أولئك القلة الذين لا يصدرون أقوالهم في الرواة جرحًا وتعديلًا؛ إلا بعد الممارسة العملية لأحاديثهم، وعرضها على أحاديث الثقات؛ وإن كان قد يتسامح أحيانًا بشأن جماعة من أغمار الطبقة الأولى من التابعين.

وقد خولف الوليد - وهو إسماعيل بن مسلم - في سنده، خالفه الزبير بن خريق، فرواه عن عطاء فقال: عن جابر به نحوه

وزاد في آخره زيادة منكرة، والزبير هذا يُستدلُّ على ضعفه بروايته تلك، فكيف وقد ضعفه أبو داود والدارقطنى أيضًا؟! وقد بسطنا الكلام على روايته مع تخريجها في "غرس الأشجار".

ثم جاء إسحاق بن أبى فروة وخالف الجميع في إسناده، ورواه عن عطاء به مرسلًا نحو سياق المؤلف دون قوله:(إنما شفاء العيِّ السؤال)، هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [1077]، بإسناد صحيح إلى إسحاق، لكن إسحاق ساقط الحديث عندهم، ولا يصح في هذا الباب شئ، وأقوى ما فيه حديث الوليد الماضى، وقد عرفتَ ما فيه، ومن حسَّنه بطرقه فما أصاب وإن كان إمَامَنا الألبانى، وقد استوفينا كل ذلك في "غرس الأشجار". واللَّه المستعان.

2421 -

ضعيف: هذا بلاغ عما لا يُدْرَى من هو! وإسناده إلى عطاء معطوف على ما قبله، وقد مضى أنه ضعيف.

2422 -

صحيح: أخرجه أبو داود [709] وأحمد [1/ 291، 341]، والطيالسى [2754]، وابن أبى شيبة [2917]، وابن الجعد [91]، وغيرهم، من طرق عن شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس به

ولفظ أحمد في الموضع الثاني: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى فجعل جَدْىٌ يريد أن يمر بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتقدم ويتأخر، قال حجاج - هو راويه عن شعبة: يعقبه ويتأخر حتى يُرى وراء الجدى

). =

ص: 120

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح لولا أنه منقطع، فنقل الحافظ في "تهذيب"[111/ 192]، عن ابن أبى خيثمة:(أن يحيى بن الجزار لم يسمع من ابن عباس)، ثم قال الحافظ:"كذا رأيتُ هذا بخط مُغَلْطاى، وفيه نظر؛ فإن ذلك إنما وقع في حديث مخصوص، وهو حديثه عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى فذهب جَدْىٌ يمر بين يديه

" الحديث؛ "فإن ابن أبى خيثمة: رواه عن عفان عن شعبة عن عمرو بن مرة عنه عن ابن عباس، قال: ولم أسمعه منه، وهو في كتاب أبى داود عن سليمان بن حرب وغيره عن شعبة عن عمرو عن يحيى عن ابن عباس، ولم يقل في سياقه:(ولم أسمعه منه)، وكذلك رواه ابن أبى شيبة كما رواه ابن أبى خيثمة".

قلتُ: ونحو رواية ابن أبى خيثمة وقع عند أحمد في الموضع الأول لكن بلفظ: (ولم يسمعه منه)، ومثله عند العقيلى في "الضعفاء"[4/ 396]، من طريق شعبة به

ولفظه في آخره: (ولم يسمعه يحيى من ابن عباس)، وأظن قائل ذلك هو شعبة، لكن ما نقله الحافظ آنفًا عن ابن أبى خيثمة أنه وقع عنده:(ولم أسمعه منه)، يدل على كون يحيى هو قائل ذلك، ولم يقع هذا النفى للسماع في رواية أبى داود ولا ابن الجعد وعنه المؤلف، ولا الطيالسى، بل ولا في رواية ابن أبى شيبة [2917]، وسياقه نحو سياق أحمد في الموضع الثاني، وإن كان الحافظ قد جزم بكون ابن أبى شيبة قد رواه مثلما رواه ابن أبى خيثمة، فلم أجد ذلك عنده، ولعله يقصد بذلك المتن أو السياق ونحوهما.

وعلى كل حال: فيحمل كل ذلك على أن يحيى بن الجزار قد صرح مرة بكونه لم يسمعه من ابن عباس كما وقع في رواية ابن أبى خيثمة، ثم بعد ذلك لم يذكره؛ فتولَّى شعبة تلك المهمة؛ وجعل يصرح في بعض الروايات بكون يحيى لم يسمعه من ابن عباس كما وقع في رواية أحمد والعقيلى، ثم ترك شعبة التنبيه على ذلك اكتفاءً بما سبق منه، وهذا الذي وقع عند الباقين.

وعليه: فليس في الحديث ما يُعل به سوى جهالة مَنْ حدث به يحيى بن الجزار عن ابن العباس، فمن يكون؟! لم يجبنى على هذا السؤال أحد سوى الإمام الحافظ يحيى بن أبى بكير وحده، فقد رواه عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: عن يحيى بن الجزار عن صهيب البصرى عن ابن عباس به مثل سياق المؤلف

هكذا أخرجه إلى البيهقى في "سننه"[3262]، قال: حدثنا أبو محمد بن يوسف، أنبا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا إبراهيم بن الحارث البغدادى، ثنا يحيى بن أبى بكير به. =

ص: 121

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد قوى إليه، شيخ البيهقى هو عبد الله بن يوسف بن أحمد الأصبهانى نزيل نيسابور وثقه الخطيب في "تاريخه"[10/ 198]، وشيخه القطان هو:(محمد بن الحسين بن الحسن بن خليل) مسند خرسان، أثنى عليه الحاكم وغيره، وترجمته في "سير النبلاء"[15/ 318]، وإبراهيم بن الحارث هو ابن إسماعيل النيسابورى الصدوق الصالح، من رجال البخارى في "صحيحه"، ويحيى بن أبى بكير ثقة حافظ مأمون.

وليست تلك الرواية مخالفة منه لمن رواه عن شعبة فلم يذكر فيه واسطة بين يحيى وابن عباس، بل ما جاء به هنا؛ هو تلك الزيادة المقبولة من الثقات أمثاله، وصهيب البصرى هو المعروف بأبى الصهباء البكرى، وثقه أبو زرعة وابن حبان، وضعفه النسائي، فمثله في رتبة الصدوق، وليس "مقبولًا" كما ذكره الحافظ في "تقريبه" على اصطلاحه، فالإسناد صالح، وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

منها:

1 -

ما رواه ابن ماجه [953]، وأحمد [1/ 247]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12696، 12704]، وغيرهم، من طريقين عن يحيى بن ميمون العطار عن الحسن العرنى قال:(ذكر ابن عباس ما يقطع الصلاة، فذكروا الكلب والحمار والمرأة، فقال: ما تقولون في الجدى؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى يومًا، فذهب جَدْىٌ يمر بين يديه؛ فبادره رسول الله صلى الله عليه وسلم القبله)، هذا لفظ ابن ماجه، ونحوه عند الطبراني في الموضعين، وهو عند أحمد مطولًا، قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة":"إسناده صحيح إلا أنه منقطع".

قلتُ: وذلك أن الحسن العرنى لم يسمع من ابن عباس كما قاله أحمد، بل قال أبو حاتم:"لم يدركه" راجع "تهذيب الحافظ"[2/ 291].

وقد توبع عليه يحيى بن ميمون العطار: تابعه سلمة بن كهيل عن الحسن العرنى عن ابن عباس: (أن جديًا سقط بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، فلم يقطع صلاته) هكذا أخرجه أحمد [1/ 343]، من طريق ابن مهدى عن الثورى عن سلمة به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إليه، لكن خولف الثورى فيه، خالفه أشعث بن سوار، فرواه عن سلمة بن كهيل فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه

بلفظ: (مرت شاة بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة بينه وبين القبلة فلم يقطع صلاته) فجعل شيخ سلمة فيه هو: (سعيد بن جبير) بدل (الحسن العرنى). =

ص: 122

2423 -

حَدَّثَنَا عليّ بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباسٍ، قال: جئت أنا وغلام من بنى هاشمٍ على حمارٍ، فمررنا بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم، هو يصلى، فنزلنا عنه، وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض - أو قال: من نبات الأرض - فدخلنا معه في الصلاة فقال رجلٌ: أكان بين يديه عَنَزَةٌ؟ قال: لا.

= هكذا أخرجه المؤلف [2652]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12451]، بإسنادٍ صحيح إليه.

وهذا منكر متنًا وإسنادًا، أما الإسناد: فأشعث بن سوار قد ضعفوه لسوء حفظه، وقد خالفه الثورى - الإمام الجبل - فرواه عن سلمة بالإسناد الأول: (عن الحسن العرنى عن ابن عباس به

) ولم يذكر ويه: (بينه وبين القبلة)، ولا أوله: (مرت شاة بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم،

) وهذا منكر كما تعرفه في الطريق الآتى:

2 -

ومنها: ما رواه ابن خزيمة [827]، وعنه ابن حبان [2371]، والحاكم [1/ 385]، وغيرهم من طريق جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم والزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى فمرت شاة بين يديه؛ فساعاها إلى القبلة حتى ألزق بطنه بالقبلة) لفظ ابن خزيمة.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه".

قلتُ: وهو كما قال، وسياقه ظاهر في نكارة اللفظ الماضى من رواية أشعث بن سوار، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة نحوه أيضًا.

• تنبيه: وقع عندا المؤلف في الطبعتين: ( .... كان يصلى فأراد أحدنا أن يمر

)، هكذا:(أحدنا) وقال حسين الأسد في تعليقه معلقًا على تلك الكلمة: (هكذا في أصولنا، ولكنه في مصادر التخريج: "جَدْىٌ" أو "شاة").

قلتُ: ما وقع عند المؤلف تصحيف بلا شك، والصواب هو:(جَدْىٌ) كذا وقع عند ابن الجعد في "مسنده"[91]، والمؤلف يرويه من طريقه. فانتبه يا رعاك الله.

2423 -

صحيح: أخرجه ابن الجعد [90]، وأحمد [1/ 250، 254]، من طرق عن شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس به

ولفظ أحمد في الموضع الأول: (عن ابن عباس قال: مررتُ أنا وغلام من بنى هاشم على حمار، وتركناه يأكل من بقل بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصرف، وجاءت جاريتان تشتدان حتى أخذتا بركبتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصرف

) ونحوه عنده في الموضع الثاني. =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم، ويحيى بن الجزار لم ينف أحد سماعه من ابن عباس أصلًا، بل صنيع أبى حاتم الرازى يقتضى إثبات السماع كما يأتى، نعم هو لم يسمع منه الحديث الماضى فقط، وذلك بقرينة دلت على عدم السماع، قد ذكرناها هناك، ثم هو ثقة صدوق مشهور، لم ينقموا عليه سوى غلوه في التشيع فقط، ولا أراه غلوّا يفضى به إلى الرفض، وهناك من النقاد من يرمى الراوى بالرفض أو بالغلو في التشيع؛ لمجرد أنه يناصر أهل البيت، أو يميل إليهم ميلًا ظاهرًا، وهذا إجحاف بغيض قد شرحنا دخائله في "أنهار الدم" وكذا في "المحارب الكفيل".

وقد خولف فيه عمرو بن مرة، خالفه الحكم بن عتيبة، فرواه عن يحيى بن الجزار عن صهيب البصرى عن ابن عباس به

نحو سياق الماضى.

هكذا أخرجه النسائي [754]، أحمد [1/ 341]، وابن خزيمة [835، 836]، والطيالسى [2762]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[3318]، والمؤلف [برقم 2548]، ومن طريقه ابن حبان [2381]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12891]، وأبو نعيم في "الحلية"[2/ 242]، وابن الجعد [159]، ومن طريقه المزى في "التهذيب"[13/ 242]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 459]، وغيرهم، من طرق عن شعبة عن الحكم بن عتيبة به.

قلتُ: وقد توبع شعبة عليه نحوه

تابعه منصور بن المعتمر عند أبى داود [716]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12892]، والمؤلف [برقم 2749]، والبيهقى في "سننه"[3317]، وأبى نعيم في "الحلية"[2/ 242]، وغيرهم، من طرق عن منصور به.

قلتُ: فقد يفهم من هذا: أن يحيى الجزار لم يسمع هذا الحديث من ابن عباس، وإنما يرويه عنه بواسطة (صهيب البصرى) كما بيَّن ذلك الحكم في روايته، وقد كدتُ أن أجزم بذلك، لولا أنى رأيتُ ابن أبى حاتم قد سأل أباه كما في "العلل"[رقم 241]، عن هذا الحديث فقال:"سألتُ أبى عن حديث رواه الحكم بن عتيبة عن يحيى بن الجزار عن صهيب أبى الصهباء عن ابن عباس قال: "كنتُ راكبًا على حمار، فممرتُ بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى"، قال أبى: رواه عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس، ولم يذكر صهيبًا، قلتُ لأبى: أيُّهما أصح؟ قال: هذا زاد رجلًا، وذاك نقص رجلًا، وكلاهما صحيح".

قلتُ: فالقول ما قاله أبو عبد الرحمن الحنظلى! وفى كلامه إشارة إلى صحة سماع يحيى بن الجزار عن ابن عباس، فتأمل أيها الذكى.

ص: 124

2424 -

حَدَّثَنَا محمد بن بكارٍ، حدّثنا ابن أبى الزناد، عن أبيه، عن القاسم بن محمدٍ، قال: سمعت ابن عباسٍ، يقول: لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوى بنى عجلان - أو بين رجلٍ وامرأةٍ - شك عبد الرحمن، قال: فقال زوجها: والله ما قربتها منذ عفرنا - والعفر: أن يُسقى النخل بعد أن يترك من السقى بعد الإبار بشهرين - قال رسول صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ، بَيِّنْ" قال: وكان زوج المرأة أصهب الشعر، حمش الذراعين والساقين، قال: وكان الذي رميت به ابن السحماء، قال: فجاءت بغلامٍ أسود، جعدٍ، قططٍ، عبل الذراعين، خدلج الساقين. فقال ابن شداد: يا أبا العباس، أهى المرأة التى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا"؟ قال: فقال ابن عباسٍ: لا، وقال: تلك امرأةٌ كانت قد أعلنت في الإسلام. قال رجل آخر: يا أبا عباس، كيف الصفة؟ فقال ابن عباسٍ: جاءت به على الوصف السيئ.

2424 - صحيح: أخرجه البخارى [6463، 6811]، ومسلم [1497]، والنسائى [2467]، وابن ماجه [2560]، وأحمد [1/ 335]، والشافعى [1253]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10712، 10713]، وسعيد بن منصور [1563]، وعبد الرزاق [12453]، والبيهقى في "سننه"[15127]، وفى "المعرفة"[4796]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 100]، وفى "المشكل"[13/ 74]، والحميدى [519]، وابن الجارود [755]، وأبو عوانة [رقم 3815، 3816]، والدولابى في "الكنى"[367]، وجماعة، من طرق عن أبى الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عباس به

وهو عند البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه والشافعى والبيهقى في "سننه" والحميدى وغيرهم مختصرًا بنحو الفقرة الأخيرة منه، من سؤال عبد الله بن شداد لابن عباس.

قلتُ: وسنده صحيح قويم، وقد توبع عليه أبو الزناد: تابعه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه به مطولًا نحو سياق المؤلف هنا باختلاف يسير في ألفاظه، ولفظه: (ذكر التلاعن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عصام بن عدى في ذلك قولًا، ثم انصرف، وأتاه رجل من قومه يشكو أنه وجد مع أهله رجلًا، فقال عاصم: ما ابتليتُ بهذا إلا لقولى، فذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالذى وجد على امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرّا قليل اللحم، سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله: آدم خدلًا كثير اللحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهم بيِّن. فوضعت شبيهًا بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لابن عباس في =

ص: 125

2425 -

حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن بن سهمٍ، حدّثنا عبد الله بن المبارك، حدّثنا خالدٌ الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى، قال:"ابْدَؤوا بِالْكَبِيرِ - أوْ قَالَ: بِالأَكَابِرِ".

2426 -

حَدَّثَنَا - محمد بن عبد الرحمن بن سهمٍ، حدّثنا أبو إسحاق الفزارى، عن

= المجلس: هي التى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو رجمتُ أحدًا بغير بينة رجمتُ هذه" فقال: لا، تلك امرأة كان تظهر في الإسلام السوء).

أخرجه البخارى [5004]، و [5010، 6464]- واللفظ له -، ومسلم [1497]، والنسائى [3470]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10715]، والبيهقى في "سننه"[15125]، وابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 204]، وأبو عوانة [رقم 3814]، وغيرهم، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عبد الرحمن بن القاسم به.

قلتُ: وقد اختلف في سنده على يحيى بن سعيد، كما تراه عند أحمد [1/ 357، 365]، والشافعى [1291]، وعبد الرزاق [12451]، والبيهقى في "سننه"[151126]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 100]، وجماعة.

2425 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[4/ رقم 3785]، من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح قائم، رجاله كلهم ثقات، وابن سهم ثقة من رجال مسلم. وقد توبع عليه: فقال الطبراني عقب روايته: (لم يرو هذا الحديث عن خالد الحذاء إلا ابن المبارك، ولا رواه عن ابن المبارك إلا الوليد بن مسلم وابن سهم).

ولم أقف على رواية الوليد، وقال الهيثمى في "المجمع" [5/ 131]:"رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الأوسط"، ورجال أبى يعلى رجال الصحيح"، وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 3691]، بعد أن ساقه بإسناد المؤلف:"هذا إسناد رجاله ثقات" ووقع عنده: (ابدؤوا بالكبراء

) بدل: "بالكبير" وقال البدر العينى في "العمدة"[12/ 192]: "أخرجه أبو يعلى بإسناد صحيح". وللَّه الحمد.

2426 -

صحيح: أخرجه أبو داود [1911]، والترمذى [880]، وأحمد [1/ 255، 296، 297، 303]، والدارمى [1871]، وابن خزيمة [2799]، والحاكم [1/ 632]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12125، 12126]، وفى "الأوسط"[1/ رقم 771]، والحربى =

ص: 126

الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم التروية بمنًى الظهر والعصر والعشاء والفجر.

= في "الغريب"[2/ 779]، وغيرهم، من طرق عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن مقسم بن بجرة عن ابن عباس به

ولفظ أبى داود: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى) ونحوه عند أحمد في الموضع الثالث، ولفظ الترمذى:(أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى الظهر والفجر)، ونحوه عند الحربى وعند أحمد في الموضع الأول:(صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم التروية الظهر)، وعنده في الموضع الثاني والرابع، وكذا الدارمى وابن خزيمة والحاكم والطبرانى في الموضع الثاني:(صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى خمس صلوات) وعند الطبراني في "الأوسط" وفى الموضع الأول من "الكبير": (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر والعصر بمنى يوم التروية).

قلتُ: قال الترمذى: "حديث مقسم عن ابن عباس، قال على بن المدينى: قال يحيى: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أشياء، وعدَّها، وليس هذا الحديث فيما عدَّ شعبة".

قلتُ: وهذه الخمسة كما عدها يحيى القطان: (حديث الوتر والقنوت، وعزمة الطلاق، وجزاء الصيد، والرجل يأتى امرأته وهى حائض .... ) أخرجه ابن أبى خيثمة في "تاريخه" كما في "تهذيب الحافظ"[2/ 434].

ثم إن في الإسناد علة أخرى، وهى عنعنة الأعمش، فهو إمام في التدليس.

وللحديث طريق آخر: أخرجه الترمذى [879]، وابن ماجه [3004]، من طريقين ضعيفين عن إسماعيل بن مسلم المكى عن عطاء عن ابن عباس قال:(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم غدا إلى عرفات) لفظ الترمذى، وقال:"وإسماعيل بن مسلم قد تكلموا فيه من قبل حفظه".

قلتُ: بل تركه النسائي وغيره، لكن يشهد للحديث: رواية جابر في سياقه الطويل لحجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى؛ فأهلُّوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر

).

أخرجه مسلم [1218]- واللفظ له - وجماعة كثيرة: وقد مضى عند المؤلف ولكن دون موضع الشاهد [برقم 1926 أو 2027 و 2028].

ص: 127

2427 -

حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن بن سهمٍ، حدّثنا عبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، عن عوف الأعرابى، عن زياد بن حصينٍ، عن أبى العالية، عن ابن عباسٍ، قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة الجمرة: "هَاتِ الْقُطْ لِي" فلقطت له حصياتٍ من حصى الخذف، فلما وضعهن في يده، قال:"نَعَمْ بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ، نَعَمْ بِأَمْثَالِ هَؤُلاء، نَعَمْ بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ، وَإيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلوُّ فِي الدِّينِ".

2427 - صحيح: أخرجه النسائي [3057]، و [3059]، وابن ماجه [3029]، وأحمد [1/ 215، 347]، وابن خزيمة [2867]، و [2868]، وابن حبان [3871]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12747]، وابن أبى شيبة [13461، 13909]، وابن الجارود [473]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 518]، وغيرهم، من طرق عن عوف بن أبى جميلة عن زياد بن الحصين عن أبى العالية عن ابن عباس به ..

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم، وأخرجه أيضًا: ابن سعد في "الطبقات"[2/ 181 - 182]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[4/ 350]، والمقدسى في "المختارة"[59/ 200/ 2]، كما في "الصحيحة"[3/ 278] وغيرهم.

وهو عند ابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 98]، والهروى في "ذم الكلام"[1/ رقم 54]، وغيرهما بجملة النهى عن الغلو فقط، وقد اختلف في سنده على عوف الأعرابى، فرواه عنه عيسى بن يونس، والنضر بن شميل، وهياج بن بسطام وابن علية والثورى وحماد بن أسامة وهشيم ويحيى القطان وابن المبارك وهوذة بن خليفة وغيرهم على هذا الوجه الماضى ..

وخالفهم جعفر بن سليمان الضبعى، فرواه عن عوف فقال: عن زياد عن أبى العالية عن ابن عباس عن الفضل بن العباس به

، فنقله جعفر من (مسند ابن عباس) إلى (مسند الفضل) هكذا أخرجه عبد الرزاق في "الأمالى"[رقم 182]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[18/ رقم 742]، والبيهقى في "سننه"[9317]، وغيرهم.

قلتُ: وهذا وهْم من جعفر إن شاء الله، وقد قال الطبراني عقب روايته:"روى هذا الحديث جماعة عن عوف: منهم سفيان الثورى، فلم يقل أحد: عن ابن عباس عن أخيه - يعنى الفضل بن عباس - إلا جعفر بن سليمان، ولا عن جعفر إلا عبد الرزاق".

قلتُ: وجعفر إلى الوهم في سنده أقرب من عبد الرزاق، والمحفوظ هو الوجه الأول: =

ص: 128

2428 -

حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن حمادٍ، حدّثنا وهيب بن خالد، حدّثنا ليثٌ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ المُحْرِمُ: الحِدَأَة، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ".

= ثم جاء أبو سلمة بن أبى صخرة، أعنى شيخ الإسلام: حماد بن سلمة، ورواه عن عوف فقال: عن زياد عن أبى العالية، أو أبى العلانية - شك حماد - عن ابن عباس به

، هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 815]، ثم نقل عن أبيه أنه قال:"أبو العالية أصح .... "، ثم قال ابن أبى حاتم:"وسئل أبو زرعة فقال نحو ما قاله أبى وقال: وهم حماد في ذلك".

قلتُ: وأبو العلانية شيخ مستور الحال. والصواب الأول.

2428 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 257]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 100]، والطبرانى في "الأوسط" والبزار في "مسنده" كما في "مجمع الزوائد"[3/ 517]، وغيرهم من طرق عن الليث بن أبى سليم عن طاووس عن ابن عباس به

وفى أوله عند أحمد: (خمس كلهن فاسقة

) وعنده (والحية) بدل: (والحدأة) وعند الخطيب في آخره: (كل هؤلاء فويسقة).

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 517]، "فيه ليث بن أبى سليم، وهو ثقة يدلس".

قلتُ: تسامح الهيثمى بشأن الرجل كعادته، مع أن الليث أحسن أحواله أن يكون ضعيفًا، ثم الهيثمى يضطرب في حال الليث في مواضع من "مجمع الزوائد" كما كان يضطرب في ابن لهيعة وغيره.

ولكن وجدتُ له طريقًا آخر نظيفًا عن ابن عباس به

فقال أحمد [/ 357]، عقب الرواية الماضية: "ثنا عثمان - هو ابن أبى شيبة - ثنا جرير - هو ابن عبد الحميد - عن حصين بن عبد الرحمن - هو السلمى - عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم، ويقتلن في المحرم

" مثله.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح ليس فيه خدشة، وله طرق ثان عن ابن عباس بنحوه

عند ابن عدى في "الكامل"[5/ 29]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[45/ 81]، ولكن بسندٍ منكر، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث أبى سعيد [1170]، ويأتى حديث عائشة [برقم 4503]، وحديث ابن عمر [برقم 5427، 5497، 5544، 5810].

ص: 129

2429 -

حَدَّثَنَا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، قال: أخبرنى عمرو بن الحارث، أن بكيرًا حدثه، عن كريبٍ مولى ابن عباسٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت وجد فيه صورة إبراهيم، وصورة مريم، وقال:"أَمَا إنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا أَنَّ الملائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبرَاهِيمُ مصَوَّرٌ فَمَا بَالُهُ يسْتَقْسِمُ؟ "

2430 -

حَدَّثَنَا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، قال: أخبرنى عمرٌو،

2429 - صحيح: أخرجه البخارى [3173]، وأحمد [1/ 277]، والنسائى في "الكبرى"[9772]، وابن حبان [5858]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12171]، والبيهقى في "سننه"[9505]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 325]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 282] وغيرهم، من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير عن كريب عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد كالشمس، لكن يقول أبو نعيم عقبه:"غريب من حديث بكير وعمرو تفرد به ابن وهب".

قلتُ: ولمثل ابن وهب خُلِق التفرد، وليتفرد بما شاء، وقتما شاء، كيفما يشاء، وهو الإمام الثقة الثبت المأمون، ومن فوقه أئمة كلهم، فأيش هذا الإسناد المتلألئ؟!.

2430 -

صحيح: أخرجه ابن حبان [2975، 2978]، والحاكم [4/ 236]، والنسائى في "الكبرى"[10882] وفى "اليوم والليلة"[1043]، وابن عدى في "الكامل"[6/ 330] وغيرهم، من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث [وسقط عبد الله بن الحارث من سند ابن حبان في الموضع الثاني] عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح موصول، رجاله ثقات مشاهير، وعبد الله بن الحارث هو ابن نوفل كما وقع في بعض طرقه عند البغوى في "شرح السنة"، وهو ثقة مشهور، والمنهال شيخ ثقة صدوق لم يغمزه أحد بحجة.

وقد اختلف في إسناده على ابن وهب، فراه عنه هارون بن معروف ووهب بن بيان وحرملة بن يحيى وبحر بن نصر وغيرهم على هذا الوجه الماضى، وخالفهم أحمد بن عيسى بن حسان المصرى، فرواه عنه فقال: عن عمرو بن الحارث بن عبد ربه بن سعيد عن المنهال عن عبد الله بن =

ص: 130

عن عبد ربه بن سعيدٍ، قال: حدثنى المنهال بن عمروٍ، ومرةً قال: أخبرنى سعيد بن جبيرٍ، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد المريض جلس عند رأسه، ثم قال سبع مرات:"أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ أَنْ يَشْفيَكَ" قال: فإن كان في أجله تأخيرٌ [عُوفِى] من وجعه ذلك

= الحارث عن ابن عباس به

فأسقط منه (سعيد بن جبير) بين المنهال وعبد الله بن الحارث، هكذا أخرجه البخارى في "الأدب المفرد"[رقم 536]، لكن أحمد بن عيسى هذا كذبه أبو زرعة بخط عريض جدًّا، وكذا رماه أهل مصر بالكذب، واتهمه جماعة بادعاء سماع ما لم يسمع، وأقل أحواله أن يكون مهجور الرواية، ودفاع الخطيب عنه لا ينفعه بعد ذلك التكذيب الصريح، ومَنْ يرد التحمس دونه فإنما يتسع عليه الخرق، ولم يُخْرِج له الشيخان إلا ما وافقه الثقات عليه؛ وكم أوقع طلبُ العلو أناسًا في الرواية عن مثل هذا الرجل! وأرانى قد بسطت الكلام عليه في مكانٍ آخر لا يحضرنى.

وقد خولف في إسناده، خالفه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فرواه عن ابن وهب فقال: عن عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .. ، فأسقط منه (عبد الله بن الحارث) وأبدله (سعيد بن جبير) هكذا أخرجه الحاكم [1/ 493].

وابن عبد الحكم ثقة إمام مأمون، غير أن رواية الجماعة عن ابن وهب أرجح، لكن قد توبع عبد ربه بن سعيد. على مثل رواية ابن عبد الحكم، تابعه يزيد أبو خالد الدالانى، فرواه عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

أخرجه أبو داود [3106]، والترمذى [2083]، وأحمد [1/ 239]، والحاكم [1/ 493]، و [4/ 237، 461]، والنسائى في "الكبرى"[10887]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 1047]، والذهبى في "التذكرة"[2/ 575]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[رقم 543]، وابن جميع في "المعجم"[رقم 217] وغيرهم، من طرق عن شعبة عن أبى خالد الدالانى به.

قلتُ: وأبو خالد ضعيف سيئ الحفظ، وقد اختلف على شعبة في إسناده، فرواه عنه وهب بن جرير وغندر والربيع بن يحيى وآدم بن أبى إياس وغيرهم على الوجه الماضى، وخالفهم حجاج بن نصير، فرواه عنه فقال: عن يزيد أبى خالد عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس به

نحوه دون أن يقل فيه (سبع مرات). =

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ 12731]، وفى "الدعاء"[1114]، من طريق أبى مسلم الكشى عن حجاج بن نصير به.

قلتُ: هذا ليس بشئ، وحجاج ضعفوه لسوء لفظه، ولكونه كان يقبل التلقين، بل تركه جماعة، وهو يغرب على شعبة كثيرًا، وقد ذكر في ذيل الحديث عن شعبة أنه قال:"رفعه مرة ولم يرفعه مرتين" ولعله يقصد أبا خالد الدالانى بهذا، لكن الإسناد إلى شعبة لا يثبت كما عرفت. ثم جاء عبيد الله الأشجعى ورواه عن شعبة فقال: عن ميسرة بن حبيب عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه.

دون أن يقول: (سبع مرات) فجعل شيخ شعبة هو (ميسرة بن حبيب) بدل (أبى خالد الدالانى) هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[10886]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 1047]، والحاكم [4/ 237]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 240]، والأشجعى ثقة إمام.

وقد توبع عليه: تابعه محمد بن شعيب بن شابور على مثله عند النسائي في "الكبرى"[10884]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 1045]، من طريق أحمد بن إبراهيم بن محمد الشامى - صدوق - عن إسحاق بن إبراهيم أبى النضر - ثقة صالح - عن محمد بن شعيب به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إليه، لكن خولف أحمد بن إبراهيم في سنده، خالفه عبد الصمد بن عبد الوهاب، فرواه عن أبى النضر عن محمد بن شعيب عن رجل عن شعبة به

مثله

، فزاد فيه ذلك الرجل المبهم بين ابن شعيب وشعبة.

هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[10885]، وفى "اليوم والليلة"[1046]، وعبد الصمد صدوق صالح، وقد يحتمل أن يكون محمد بن شعيب قد سمعه عن شعبة بواسطة هذا الرجل المبهم، ثم قابل شعبة فحدثه به

، وكذلك شعبة: لعل له في هذا الحديث شيخين، أحدهما (أبو خالد الدالانى) والآخر (ميسرة بن حبيب)، وقد توبع عليه من طريق هذين الشيخين:

1 -

تابعه عن أبى خالد: عبد الله بن نمير نحو سياق المؤلف جميعًا عند الحاكم [4/ 461]، بإسناد صحيح إليه.

2 -

وتابعه عن ميسرة: إسرائيل بن يونس على نحو سياق المؤلف: عند اللالكائى في "شرح الاعتقاد"[3/ رقم 678]، وابن منده في "التوحيد"[رقم 296]، بإسناد صحيح إليه.

وتابعه أيضًا داود بن عيسى النخعى عند الطبراني في "الصغير"[1/ رقم 35]، وابن عساكر في "تاريخه"[17/ 181]، لكن الإسناد إليه لا يثبت. =

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وميسرة بن حبيب ثقة معروف، وقد توبع ميسرة وعبد ربه بن سعيد وأبو خالد الدالانى ثلاثتهم عن المنهال بن عمرو على الوجه الماضى: تابعهم زيد بن أبى أنيسة عند الطبراني في "الدعاء"[رقم 1117]، وفى "الكبير"[11/ رقم 12277]، بإسناد قوى إليه.

وكذا تابعهم: إدريس بن يزيد الأودى على نحوه دون أن يقول: (سبع مرات) عند الغطريف في "حديثه"[رقم 40]، وعنه الشجرى في "الأمالى"[ص 485]، بإسناد صحيح إليه أيضًا، قال ابن الغطريف:(حدثنا أبو عوانة الإسفرائينى قال: حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا إدريس الأودى عن المنهال به ..... ).

قلتُ: ويزيد بن سنان هو يزيد القرشى الثقة المعروف، وزكريا بن يحيى هو كاتب العمرى الصدوق الصالح. فالإسناد صحيح كما ترى.

• تنبيه مهم: (إذا جزمنا بكون فلان قد تابع فلانًا، أو أن فلانًا قد خالف فلانًا؛ فإنما نجزم بما صحَّ عندنا وإن لم نذكر الطريق إليهم بذلك، وقد نذكرها أحيانًا).

ثم جاء الحجاج بن أرطأة وخالف هؤلاء جميعًا، ورواه عن المنهال بن عمرو فقال: عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس به

نحو سياق المؤلف، فأسقط منه (سعيد بن جبير) وأبدله (عبد الله بن الحارث بن نوفل)، فوافق أحمد بن عيسى في روايته هكذا عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن المنهال به كما مضى سابقًا.

ورواية الحجاج: أخرجها: أحمد [1/ 239، 352]، والحاكم [1/ 493]، [4/ 237]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12732]، والمؤلف [2483]، وابن أبى شيبة [23572، 29494]، والنسائى في "الكبرى"[10883]، وفى "اليوم والليلة"[1044]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[718]، وابن أبى الدنيا في "المرض والكفارات"[173]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 16]، وأبو الفضل الزهرى في "حديثه"[رقم 328]، وغيرهم.

والحجاج مشهور بسوء حفظه، وقد قال الحاكم عقب روايته:"هذا مما لى يُعدُّ خلافًا؛ فإن الحجاج بن أرطأة دون عبد ربه بن سعيد وأبى خالد الدالانى في الحفظ والإتقان، فإن ثبت حديث عبد الله بن الحارث من هذه الرواية، فإنه شاهد لسعيد بن جبير".

قلتُ: والمحفوظ هو ما رواه الجماعة عن المنهال بن عمرو كما مضى، فالحديث حديث سعيد بن جبير يرويه عن ابن عباس به

وهذا هو الذي صححه أبو حاتم الرازى كما في "العلل" =

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [رقم 2094]، وكذا أبو زرعة الرازى كما في "العلل" أيضًا [رقم 2107]، لكن مضى أن جماعة قد رووه عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس به

! فجعلوا عبد الله بن الحارث واسطة بين سعيد وابن عباس، ولم يعبأ أبو زرعة بهذا، وقال: "الحديث حديث سعيد بن جبير: رواه عنه ميسرة ويزيد أبو خالد

".

قلتُ: وهكذا رواه محمد بن عبد الله بن الحكم عن ابن هب عن عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس به

كما مضى عند الحاكم [1/ 493]، لكن عبد ربه بن سعيد ثقة مأمون؛ وروايته له على الوجهين عن المنهال إشارة إلى كونه قد حفظه هكذا، فليس عندى حرج في أن يكون الوجهان محفوظين معًا، وتحمل رواية الجماعة عن ابن وهب على كون سعيد بن جبير قد سمعه أولًا من ابن عباس بواسطة (عبد الله بن الحارث بن نوفل) ثم قابل ابن عباس بعد ذلك فحدثه به

وعبد الله بن الحارث شيخ كبير جليل القدر له رؤية، وهذا عندى أجود من توهيم الثقات.

• تنبيه: وقع في سند المؤلف في طبعة حسين الأسد: ( .... حدثنى المنهال بن عمرو - ومرة قال: أخبرنى سعيد بن جبير

) فعلَّق حسين الأسد بالهامش [4/ 319]، على قوله:(ومرة) فقال: "سقط من (فا) الواو قبل (مرة) وهذه اللفظة تدل على أن كلامًا سقط قبلها؛ لأن المنهال بن عمرو روى هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس، وهذه الرواية ستأتى برقم [2483]، ورواه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس كما هو هنا، ورواه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس كما يتبين من مصادر التخريج، وظننا أن ما سقط يُعيِّن أحد الطريقين الآخرين للحديث".

قلتُ: لكن يعكر على كل هذا أنه وقع في مسند المؤلف في طبعة دار الكتب العلمية [2/ 429]: (

حدثنى المنهال بن عمرو عن مرة قال: أخبرنى سعيد بن جبير

) هكذا: (عن مرة) بدل: (ومرة) فنظرنا فيمن روى هذا الحديث من طريق المؤلف: فلم نجد إلا رجلين:

الأول: ابن حبان [2978]، ولم يقع عنده:(ومرة) ولا: (عن مرة) كما سقط من سنده (عبد الله بن الحارث) أيضًا.

والثانى: ابن عدى في "الكامل"[6/ 330]، ووقع عنده: (

حدثنى المنهال بن عمرو مرة =

ص: 134

2431 -

حَدَّثَنَا على بن الجعد، أخبرنا أبو جعفرٍ الرازى، عن عمرو بن دينارٍ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ بِالسُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَنُهَيِتُ أَنْ أَكُفَّ ثَوْبًا أَوْ شَعْرًا".

2432 -

وَعَنْ أبى جعفرٍ، عن عبد الكريم بن أبى المخارق، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجلٍ جامع امرأته وهى حائضٌ، فقال:"إِنْ كَانَ دَمًا عَبِيطًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِن كَانَ فِيهِ صُفْرَةٌ فَنِصْفُ دِينَارٍ".

= قال:

) هكذا: (مرة) دون واو العطف أو حرف (عن)، وقد يكون ذلك الأصح، لكن في "علل ابن أبى حاتم"[رقم 2107]، قال: "وسئل أبو زرعة عن حديث رواه عبد ربه بن سعيد قال: حدثنى المنهال بن عمرو قال: حدثنى سعيد بن جبير أو - هكذا بالشك - عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس

) فذكر الحديث ثم قال: "قال عبد ربه بن سعيد: وحدثنى المنهال بن عمرو مرة أخرى عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس به

".

قلتُ: فهذا قد يكون شاهدًا لبعض ما قاله حسين الأسد، لكن لا نوافقه على دعوى السقط في إسناد المؤلف، لاحتمال أن يكون عبد ربه بن سعيد أراد أن يسوق الطريقين المنهال، لكنه أحجم وساق أحدهما، أو ساقه ولم يحفظه بعض الرواه ممن دونه، فإن لم ينهض ذلك، فرواية ابن عدى الماضية: كافية برد دعوى الإسقاط، والله ربى أعلم.

2431 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2389].

2432 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه أبو القاسم البغوى في "الجعديات"[2976]، ومن طريقه أبو محمد البغوى في "شرح السنة"[1/ 246]، وفى "تفسيره"[1/ 256]، والدارمى [1111]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 387]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12135]، وابن عساكر في "تاريخه"[36/ 451]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 558]، والطحاوى في "المشكل"[10/ 152]، وغيرهم، من طريقين عن أبى جعفر الرازى عن عبد الكريم بن أبى المخارق عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس به

قلتُ: هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ بنحو هذا السياق: إنما هو من قول ابن عباس موقوفًا عليه، أما الثابت مرفوعًا فإنما فيه الأمر لمن جامع امرأته وهى حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار - على التخيير - دون هذا التفصيل. =

ص: 135

2433 -

حَدَّثَنَا محمد بن بكارٍ، حدّثنا خالد بن عبد الله الواسطى، عن يزيد بن أبى زيادٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنث من الرجال، والمترجلات من النساء، فقلت: وما المترجلات من النساء؟ قال: المتشبهات من النساء بالرجال.

= ثم اعلم: أنه قد اختلف في إسناد هذا الحديث ومتنه اختلافًا عظيمًا، فروى موقوفًا ومرفوعًا ومرسلًا ومعضلًا ومنقطعًا، وكذا اختلف في متنه أيضًا، وشرح ذلك هنا يحتاج إلى كراستين، وقد استوفيناه في "غرس الأشجار بتخريج منتهى الأخبار".

وقد اختلف في تصحيحه وتضعيفه على أقوال، وقد بسطنا ذلك في المصدر المشار إليه

يسَّره الله

وهو عندنا ثابتٌ مرفوعًا دون ذلك التفصيل المذكور هنا، وراجع:"التلخيص"[1/ 164 - 166]، و"الجوهر النقى"[1/ 214 - 319]، و"سنن البيهقى"[1/ 314 - 319]، و"السنن الكبرى" للنسائى [5/ 346 - 350]، و"الإرواء"[1/ 217، 218]، و"صحيح سنن أبى داود"[رقم 256]، و"ضعيف سنن أبى داود"[رقم 42]، و"تعليق العلامة أحمد شاكر على سنن الترمذى"[1/ 246 - 354]، وحاشية ابن القيم على "سنن أبى داود"[1/ 306، 307]، و"تعليق الشمس بن عبد الهادى على علل ابن أبى حاتم"[ص 54 - 61]، وغير ذلك.

2433 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 254]، من طريق خلف بن الوليد عن يزيد بن أبى زياد عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: هذا إسناد ضعيف، ويزيد ضعيف مضطرب الحديث، وقد اختلف عليه في سنده، فرواه عنه خالد الواسطى كما مضى. وخالفه محمد بن فضيل، فرواه عنه فقال: عن عكرمة عن ابن عباس قال: (لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، قال: قلتُ: لعكرمة: المترجلات؟! قال: المتشبهات بالرجال) هكذا ذكره موقوفًا، أخرجه ابن أبى شيبة [26489]، ثم جاء عمران بن عيينة ورواه عنه فقال: عن مقسم عن ابن عباس قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال).

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12148]، بإسناد صحيح إليه. وأرى هذا الاضطراب من يزيد بن أبى زياد نفسه، فهو كان بارعًا جدًّا في فن الاضطراب والتخليط، لكنه توبع على الوجه الأول، مرفوعًا: تابعه: =

ص: 136

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=1 - يحيى بن أبى كثير عن عكرمة عن ابن عباس قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم، فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانًا وأخرج عمر فلانًا).

أخرجه البخاري [5547، 6445]- واللفظ له - وأبو داود [4930]، والترمذى [2785]- عنده فيه اختصار - وأحمد [1/ 225، 227، 237، 365]، والدارمى [2649]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11847،11987، 11988، 11989]، وعبد الرزاق [20433]، والبيهقى في "سننه"[16761]، وفى "الآداب"[رقم 592]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 98]، والدورقى في "مسند سعد بن أبى وقاص"[رقم 30]، وغيرهم.

2 -

وقتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) أخرجه البخارى [5546]- واللفظ له - وأبو داود [4097]، والترمذى [2784]، وابن ماجه [1904]، وأحمد [1/ 349]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11823]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7799]، وفى "الآداب"[رقم 591]، وابن الجعد [958]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 97]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 315]، وجماعة غيرهم.

3 -

وأيوب السختيانى عن عكرمة عن ابن عباس قال: (لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء) أخرجه عبد الرزاق [20433]- واللفظ له - وعنه الترمذى [2785]، وأحمد [1/ 365]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11847، 11848]، وغيرهم. ورواية أيوب وقعت عندهم مقرونة مع رواية يحيى بن أبى كثير.

4 -

وزيد أبو أسامة الحجام عن عكرمة مثل رواية قتادة: عند الترمذى في "العلل"[رقم 412]، والدولابى في "الكنى"[448]، من طريقين عن جنيد الحجام عن أستاذه أبى أسامة الحجام به.

قلتُ: وهذا إسناد حسن، وقال الترمذى عقب روايته:"سألتُ محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث؟! فقال: زيد أبو أسامة صدوق، وجنيد أبو عبد الله صدوق، وكانا حجَّامين".

قلتُ: وقد زاد الترمذى في متنه: (والواشمة والستوشمة، والواصلة والموصولة)، وهى زيادة ثابتة.

5 -

ومحمد بن عبد الرحمن أبو الأسود عن عكرمة مثل رواية قتادة وأبى أسامة وزاد في أوله: =

ص: 137

2434 -

حَدَّثَنَا محمد بن بكارٍ، حدّثنا الوليد بن أبى ثورٍ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"عَلَى كُلِّ مَنْسِمٍ مِن الإنِسَانِ صَلاةٌ" فقال رجلٌ من القوم: هذا شديدٌ، ومن يطيق هذا؟ قال:"أَمْرٌ بِالمعْرُوفِ وَنُهْىٌ عَنِ المنْكَرِ صَلاةٌ، وَإنَّ حَمْلًا عَنِ الضَّعِيفِ صَلاةٌ، وَإنَّ كُلَّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَحَدُكُمْ إلَى صَلاةٍ صَلاة".

= (لعن الواصلة والموصولة) أخرجه أحمد [1/ 251، 330]، ولكن رواه عن أبى الأسود: ابن لهيعة.

6 -

وعمرو بن دينار عن عكرمة به مثل رواية قتادة عند الطبراني في "الكبير"[11/ 11647] وفى "الأوسط"[2/ 1435]، والإسناد إليه صالح. وهو غريب من حديث عمرو بن دينار.

2434 -

صحيح: دون قوله: (صلاة) إنما المحفوظ (صدقة): أخرجه ابن خزيمة [1497]، وابن حبان [299]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11791]، وهناد في "الزهد"[2/ رقم 1084]، وابن مردويه في "الأمالى"[رقم 40] وغيرهم، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

وزاد ابن خزيمة: (وإنحاءك القذر عن الطريق صلاة .... ) ونحوها عند هنَّاد وابن مردويه.

قلتُ: وأخرجه الطبراني في الكبير أيضًا [11/ رقم 11792]، من طريق حازم بن إبراهيم عن سماك بإسناد به بلفظ:(كل مسلم عليه صلاة، وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة فهي صلاة)، وأخرجه البزار أيضًا [رقم 926]، من طريق سماك بإسناده به نحو سياق المؤلف

ولفظ ابن مردويه والطبرانى في الموضع الأول: (على كل ميسم من الإنسان

) كذا (ميسم) وهى (منسم) كما عند المؤلف وعنه ابن حبان وابن خزيمة، وهى عند هناد:(على كل مسلم)، والحديث مداره على سماك بن حرب؛ وهو صدوق، تغير حفظه بآخرة حتى صار يتلقَّن، وروايته عن عكرمة خاصة تكلم فيها النقاد؛ وأعلوها بالاضطراب، راجع ما علقناه بذيل الحديث [2332].

ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا، وعزاه أيضًا الإمام في "الضعيفة"[3/ 190]، إلى أبى الحسن محمد بن محمد البزار البغدادى في "جزء من حديثه"[ق 1/ 174]، من طريق سماك أيضًا

لكن للحديث شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة نحوه

دون قوله (صلاة

) إنما المحفوظ إنما هو (صدقة)، ففى الباب عن أبى ذر عند مسلم [720]، وأبى داود [1286]، =

ص: 138

2435 -

حَدَّثنَا أبو معمرٍ، حدَّثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَى كُلِّ مَنْسمٍ مِنِ ابْنِ آدَمَ كُلَّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ". فذكر نحو هذا الحديث.

= وأحمد [5/ 167، 168]، وجماعة كثيرة، ولفظ مسلم:(يصبح على سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحه صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى).

وفى الباب عن أبى هريرة عند البخارى [2734، 2827]، ومسلم [1009]، وجماعة كثيرة، ولفظ البخارى في الموضع الأول:(كل سلامى عليه صدقة، كل يوم يعين الرجل في دابته يحمله عليها أو يرفع متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودلُّ الطريقِ صدقة).

وفى الباب عن بريدة بن الحصيب عند أبى داود [2542]، وأحمد [5/ 354، 359]، وابن حبان [633، 1811]، وجماعة كثيرة، وفيه:(قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبى الله؟!) وله شواهد آخر بألفاظ مختلفة، ووجدتُ له طريقًا آخر عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ:(على كل سلامى من بنى آدم في كل يوم صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعة الضحى).

هكذا أخرجه الطبراني في "الصغير"[1/ 639]، من طريق ضعيف إلى سالم بن نوح عن هشام بن حسان عن قيس، بن سعد عن طاووس عن ابن عباس به

!

وهذا منكر، ورواه الليث بن أبى سليم عن طاووس عن ابن عباس به بسياق أتم عند البخارى في "الأدب المفرد"[رقم 42]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11027] وهذا منكر أيضًا، والمحفوظ هو عن طاووس به مرسلًا .. كما تراه عند الحسين بن حرب في "البر والصلة"[304]، والله المستعان.

2435 -

صحيح: انظر قبله. وقد وقع للهيثمى أوهام في الكلام على هذا الحديث في "المجمع"[3/ 104]، ونبَّه عليها الإمام في "الضعيفة"[3/ 1190]، لكن أخطأ الإمام في قوله:"ووقع في "المجمع" مسلم، بدل (ميسم) وهو خطأ مطبعى".

قلتُ: بل ليس بخطأ أصلًا، فهكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11792]، بهذا اللفظ كما مضى، ومثله عند هناد في "الزهد"، ثم رأيتُ الإمام قد أخطأ خطأ آخر، فإنه قد صحَّح إسناد المؤلف هنا في "الصحيحة"[2/ 117]، مع كونه قد ضعفه في "الضعيفة" =

ص: 139

2436 -

حَدَّثَنَا أبو همامٍ، حدّثنا حماد بن أسامة، حدّثنا هشام بن حسانٍ، عن زيد بن الحوارى، عن ابن عباسٍ، قال: قيل: يا رسول الله، أنفضى إلى نسائنا في الجنة كما نفضى إليهن في الدنيا؟ قال:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيفْضِى بِالْغَدَاةِ الْوَاحِدَةِ إلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ".

= [3/ 190]، وأعله بسماك وروايته عن عكرمة، فلعله يتراجع، وهو مأجور على كل حال. وشكر الله سعيه.

2436 -

ضعيف: أخرجه هناد في "الزهد"[1/ رقم 88]، وأبو نعيم في "صفة الجنة"[رقم 398]، وأبو الشيخ الأصبهانى كما في "حادى الأرواح"[ص 160]، لابن القيم، والحربى في "غريب الحديث"[1/ 266]- وعنده مختصرًا - والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 95/ دار المعرفة]، وابن أبى الدنيا في "صفة الجنة"[رقم 261] وغيرهم، من طرق عن أبى أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن حسان عن زيد بن الحوارى عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ وزيد بن الحوارى ضعيف الحفظ عند جمهورة النقاد، وقد مشاه بعضهم، وبه أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 7869]، فقال:"رواه أبو يعلى بسندٍ ضعيف؛ لضعف زيد العمى" أما قول ابن القيم عنه، فكأنه لم يعلم أن شعبة لعله لم يرو عن شيخ أضعف من زيد، كما يقول ابن عدى في "الكامل"[3/ 201]، بل قال عنه أبو حاتم الرازى:"كان شعبة لا يُحمد حفظه" كما في "الجرح والتعديل"[3/ 560].

ولعل شعبة قد تنكَّب عن الرواية عنه أخيرًا، وعلى كل حال: فزيد ضعيف الحفظ وإن روى عنه كل شعبة، وقد روى شعبة عن جماعة من الضعفاء والهلكى، كجابر الجعفى وأشعث بن سوار وإبراهيم الهجرى وثوير بن أبى فاختة وداود الأودى وعاصم العمرى وابن جدعان وفرقد السبخى والليث بن أبى سليم ومجالد بن سعيد ومسلم الأعور ويحيى الجابر وأبى خالد الدالانى وطائفة أخرى، وما زال هؤلاء على حالهم وما برحوا.

وقد اختلف في إسناده على أبى أسامة، فذكر الدارقطنى في "العلل"[10/ 30]، أن أبا أسامة قد رواه عن هشام بن حسان فقال: عن ابن سيرين أنه ذكر ذلك عن ابن عباس، كذا ذكره الدارقطنى، ولم يبين: هل ذكره عن ابن عباس موقوفًا أم مرفوعًا؟! وقد خولف أبو أسامة في سنده، خالفه زائدة بن قدامة، فرواه عن هشام فقال: عن ابن سرين عن أبى هريرة مرفوعًا به نحوه

، فنقله من (مسند ابن عباس) إلى (مسند أبى هريرة). =

ص: 140

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[1/ 718]، و [5/ رقم 5267]، وفى "الصغير" 21/ رقم 795]، وعنه أبو نعيم في "صفة الجنة"[397]، والضياء المقدسى أيضًا في "صفة الجنة"[82/ 2]، كما في "الصحيحة"[1/ 641]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 371]، وابن أبى الدنيا في "صفة الجنة"[261] وغيرهم، من طرق عن الحسين بن على الجعفى عن زائدة به

قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا زائدة، تفرد به حسين بن على".

قلتُ: وثلاثتهم أئمة لا يُسأل عنهم، وقد قال الضياء عقب روايته:"قلتُ: ورجاله عندى على شرط الصحيح"، قال الإمام في "الصحيحة":"وهو كما قال؛ فالسند صحيح ولا نعلم له علة".

قلتُ: علته هي المخالفة كما مضى، وقد رواه ابن أبى الدنيا كما مضى من طريق هارون الحمال عن الحسين الجعفى عن زائدة بإسناده به

ثم ذكر أن هارون الحمال قد راجع ابن الجعفى في روايته، فقال:"فقلت للحسين: إن أبا أسامة ثنا عن هشام عن زيد بن الحوارى عن ابن عباس .... قال: - يعنى حسين الجعفى: هكذا ثنا زائدة، ولم يرجع".

قلتُ: فرمى بالتبعة على زائدة، وزائدة بن قدامة جبل من جبال الحفظ والإتقان، ومثلى لا يجرؤ على توهيمه في هذا المقام، وقد رجَّح الدارقطنى في "العلل" [10/ 30] من هذا الخلاف: طريق أبى أسامة عن هشام فقال عقبه: "وهو أشبه بالصواب".

قلتُ: وهذا لا يعجبنى، وينقدح في نفسى كون حسين الجعفى قد وهم فيه، وأن الصواب هو حديث أبى أسامة عن هشام عن زيد العمى عن ابن عباس به

، لكنى لا أجزم بذلك؛ لضعف حجتى على صحة هذا.

ثم رأيتُ ابن أبى حاتم قد قال في "العلل"[رقم 2129]: "وسألت أبى وأبا زرعة عن حديث رواه الحسين الجعفى عن زائدة عن هشام عن محمد عن أبى هريرة قال: (قيل: يا رسول الله كيف نُفضى إلى نسائنا في الجنة؟!

) فقالا: هذا خطأ، إنما هو هشام بن حسان عن زيد العمى عن ابن عباس ..... قلتُ: لأبى: الوهم ممن هو؟

قال: من حسين".

قلتُ: واللَّه ما رأيت هذا الكلام إلا بعد أن ذكرنا ما انقدح في صدرنا بشأن رواية حسين الجعفى، ونشهد أن هذا العلم إلهام كما قاله ابن مهدى، فالحمد للَّه كثيرًا. =

ص: 141

2437 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن مبارك بن حسان، عن عطاءِ، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله، أي جلسائنا خيرٌ؟ قال:"مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالآخِرَةِ عَمَلُهُ".

2438 -

حَدثَّنَا عبد الله بن عمر، حدّثنا ابن المبارك، حدّثنا شريك، عن خصيف،

2437 - ضعيف: أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"[631]، ومن طريقه الحافظ في "الأمالى المطلقة"[ص 150]، والبيهقى في "الشعب"[7/ رقم 9446]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[691]، وابن سمعون في "الأمالى"[رقم 11/ طبعة دار البشاير]، وابن عدى في "الكامل"[6/ 334]، ومن طريقه البيهقى أيضًا في "الشعب"[7/ 9447]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[3/ 49 - 50/ الطبعة العلمية]، وغيرهم، من طريقين عن المبارك بن حسان عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 659]: "هذا إسناد رواته ثقات" ونحوه قال صاحبه الهيثمى في "المجمع"[10/ 389]، وفاتهما أن مبارك بن حسان هذا أحسن أحواله أن يكون ضعيفًا، وعنه يقول النسائي:"ليس بالقوى، في حديثه شئ"، وقال الأزدى:"متروك يرمى بالكذب"، وقد ساق له ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" ثم قال:"ومبارك بن حسان ذا قد روى أشياء غير محفوظة"، ونقل المزى عن أبى بكر أنه قال:(منكر الحديث)، ولم يظهر لى مَنْ أبو بكر هذا! اللَّهم إلا أن يكون ابن أبى خيثمة، فإن المزى نقل عنه أولًا توثيق ابن معين للمبارك ثم قال عقبه: "وقال أبو بكر:

إلخ".

وقال البيهقى عقب روايته: "مبارك هذا ضعيف"، ونقل الحافظ في "الأمالى"، عن أبى داود أنه قال عن المبارك:"منكر الحديث" وابن حبان مع توثيقه له فقد قال: "يخطئ ويُخالف" أما توثيق ابن معين والفسوى له، فلا يقوى أمام تلك الجروح المفسَّرة، وقد قال الحافظ في تقريبه:"لين الحديث"، وقال عن حديثه هذا في "الأمالى":"هذا حديث غريب".

نعم، للحديث شاهد لفقرته الأولى فقط من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعًا: (ألا أخبركم بخياركم؟! قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله - تعالى -

) وفى سنده شهر بن حوشب.

2438 -

ضعيف: أخرجه الطبرى في "تفسيره"[3/ 498]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12028، 12029]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 4477]، وأبو إسحاق الفزارى =

ص: 142

عن عكرمة، عن ابن عباس قال: فُقدتْ قطيفةٌ حمراءُ يوم بدر مما أصيب من المشركين، فقال أناس: لعل النبي أخذها، فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]. قال خصيف: فقلت لسعيد: ما كان لنبى أن يغل؟ فقال بل يغل ويقتل أيضًا.

= في "السير"[رقم 177، 178]، ومن طريقه الطحاوى في "المشكل"[14/ 120]، والبزار [2198]، والواحدى في "أسباب النزول"[ص 71]، وغيرهم، من طرق عن خصيف بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم نحوه، ودون قول خصيف لسعيد.

قلتُ: هكذا رواه شريك القاضى وزهير بن معاوية وعبد الواحد بن زياد والثورى وغيرهم عن خصيف به على هذا الوجه، وخالفهم عتاب بن بشير، فرواه عن خصيف فقال: عن مقسم عن ابن عباس به نحوه

، فأبدل (عكرمة) بـ (مقسم).

هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[3/ 498]، وتابعه عبد السلام بن حرب على نحوه عند الطحاوى في "المشكل"[14/ 121]، وتابعهما على هذا الوجه: عبد الواحد بن زياد - وهو قد رواه على الوجه الأول أيضًا - عند أبى داود [3971]، والترمذى [3009]، والمؤلف [برقم 2651]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12028]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 72]، والطبرى في "تفسيره"[3/ 498]، وغيرهم.

قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب، وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا، وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم ولم يذكر فيه ابن عباس".

قلتُ: يعنى مرسلًا، وهكذا رواه شريك القاضى - وهو قد رواه على الوجه الأول أيضًا - عن مقسم به مرسلًا، عند عبد بن حميد في "تفسيره" كما ذكره الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب"[2/ 776].

وهذا الاضطراب كله من خصيف بن عبد الرحمن، وعنه يقول الإمام أحمد:"خصيف شديد الاضطراب في المسند"، وقال أيضًا:"مضطرب الحديث" وقد كان سيئ الحفظ كثير الأوهام، وقد ضعفه جمهرة النقاد.

لكن للحديث طريق آخر عن ابن عباس أنه كان ينكر على من كان يقرأ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ويقول: (كيف لا يكون له أن يغُل وقد كان له أن يقتل، قال الله تعالى:{وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [النساء: 155]، ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من الغنيمة؛ فأنزل الله =

ص: 143

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عز وجل: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11/ 101 رقم 11174]، وفى "الأوسط"[5/ 5313]، وفى "الصغير"[2/ 803]- واللفظ للصغير - ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[1/ 372]، والواحدى في "أسباب النزول"[ص 71]، من طريق محمد بن أحمد بن يزيد النرسى البغدادى عن أبى عمر حفص بن عمر الدورى المقرئ [ووقع في الكبير:(المقدمى) وهذا تصحيف غريب] عن أبى محمد اليزيدى عن أبى عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد رجاله مقبولون سوى محمد بن أحمد النرسى هذا - شيخ الطبراني - فلم يترجمه - فيما أعلم - إلا الخطيب في "تاريخه"[1/ 372]، وقال: "حدث عن أبى عمر الدورى المقرئ [وقع عنده: (أبو عمرو) بالواو، وهو خطأ] روى عنه أبو القاسم الطبراني

" ثم ساق الخطيب له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحًا ولا نقيضه، فمثله غائب الحال، وقد قال الطبراني عقب روايته: "لم يروه عن أبى عمرو بن العلاء إلا اليزيدى؛ تفرد به أبو عمر".

قلتُ: وأبو عمر شيخ صدوق عالم في القراءات، واليزيدى: هو يحيى بن المبارك أبو محمد العلامة المقرئ المشهور، وثقه الخطيب وغيره، وقد خولف اليزيدى في سنده، خالفه نعيم بن يحيى السعيدى، فرواه عن أبى عمرو بن العلاء فقال: عن شهر بن حوشب وعكرمة عن ابن عباس به

هكذا أخرجه الدارقطنى في "الأفراد"[رقم 2398/ أطرافه/ العلمية]، ثم قال:"تفرد به نعيم بن يحيى".

قلتُ: وهو شيخ لم يوثقه أحد إلا ابن حبان وحده، وللحديث شاهد مرسل من رواية سعيد بن جبير بنحوه عند الطبرى في "تفسيره"[3/ 498]، وفيه قزعة بن سويد وهو ضعيف، ثم رواه الطبرى بعد ذلك [3/ 498]، بإسناد صحيح إلى الأعمش قال:"ذكر ابن عباس أنه إنما كانت - يعنى الآية الماضية - في قطيفة قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلَّتها يوم بدر، فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] ".

قلت: ولفظه ظاهر في الانقطاع، والأعمش لم يدرك أحدًا من الصحابة - إدراك سماع - إلا أنس بن مالك وحده، وقد زهد في السماع منه، والثابت عن ابن عباس إنما هو عنه بلفظ:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} قال: ما كان لنبى أن يتهمه أصحابه.

هكذا أخرجه البزار في "مسنده"[رقم 2197/ كشف] بإسناد حسن إليه. والله المستعان.

ص: 144

2439 -

حَدَّثَنَا الحسن بن حماد، حدّثنا عبدة بن سليمان، حدّثنا سعيد بن أبى عروبة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما تزوج على فاطمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَعْطِهَا شَيْئًا" قال: ما عندى شئ قال: "فَأَيْنَ دِرْعُكَ الحطَمِيَّة؟ ".

2439 - ضعيف: أخرجه أبو داود [2125]، والنسائى [3376]، وابن حبان [6945]، والبزار [رقم 462]، وابن شاهين في "فضائل فاطمة"[رقم 35]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 193]، والبيهقى في "دلائل النبوة"[1023]، والحربى في "غريب الحديث"[482] وغيرهم، من طرق عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبى عروبة عن أيوب السختيانى عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلت: هكذا رواه عبدة عن ابن أبى عروبة، وخالفه عبد الله بن إسماعيل بن أبى خالد، فرواه عن سعيد فقال: عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه مختصرًا، فجعل شيخ سعيد فيه (قتادة) وليس:(أيوب)

، هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[7/ رقم 7237] بإسناد صحيح إلى عبد الله بن إسماعيل به ....

قلت: عبد الله بن إسماعيل هذا شيخ مجهول كما جزم به أبو حاتم الرازى والذهبى وابن حجر، وهو من رجال "التهذيب"، وأراه سلك الطريق في شيخ سعيد، ورواية عبدة هي المحفوظة، لكن جاء عبد الوهاب بن عطاء وخالف الرجلين، ورواه عن سعيد فقال: عن أيوب عن عكرمة به مرسلًا، هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[8/ 22]، وقال: أخبرنا عبد الوهاب به

قلتُ: وهذا هو المحفوظ عن سعيد إن شاء الله، فإن سعيدًا كان قد اختلط بأخرة، وسماع عبد الوهاب منه إنما كان قديمًا كما نصَّ عليه أحمد فيما نقله عنه أبو داود كما في سؤالات الآجرى [ص 223/ رقم 262].

أما عبدة بن سليمان فقد اختلف في سماعه من سعيد، هل هو قبل اختلاطه أم بعده؟! راجع "التقييد والإيضاح"[ص 450، 451]، للعراقى.

والناهض عندى أنه سمع منه في الحالتين، وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال:(كان عبد الوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبى عروبة) كما في "تاريخ بغداد"[11/ 22]، ترجمة (عبد الوهاب بن عطاء).

ويؤيد هذا الوجه المرسل: هو أن سعيدًا قد توبع عليه عن أيوب عن عكرمة به مرسلًا أيضًا، تابعه: =

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 1 - حماد بن زيد على نحوه عند ابن سعد في "الطبقات"[8/ 20، 21] بإسناد صحيح إليه كما قاله الحافظ في "الإصابة"[8/ 54].

2 -

وابن علية نحوه مختصرًا عند ابن أبى شيبة [16448].

قلتُ: لكن نازع حماد بن سلمة بشأن إرساله، وأبى إلا أن يرويه عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن عليّا قال: (تزوجتُ فاطمة

) وذكره هكذا موصولًا، ثم جعله من (مسند عليّ) وليس ابن عباس.

أخرجه النسائي [3375]، والطبرانى في "الكبير"[1/ رقم 175]، والبزار [461]، والبيهقى في "سننه"[14238]، وابن شاهين في "مناقب فاطمة"[رقم 34] وغيرهم، من طرق عن هشام بن عبد الملك عن حماد بن سلمة به

قلتُ: قد خولف هشام في وصله، خالفه يزيد بن هارون، فرواه عن حماد عن أيوب عن عكرمة به مرسلًا أيضًا، هكذا أخرجه ابن شاهين في "مناقب فاطمة"[رقم 33].

وهذا الوجه هو المحفوظ من حديث أيوب بلا تردد، ولو قدمنا رواية هشام على رواية يزيد، لم نرجع عما قلناه آنفًا، والذين رووه عن أيوب مرسلًا أثبت من حماد بن سلمة عامة، وفى أيوب خاصة، وقد جزم جماعة من النقاد بكون حماد بن زيد أثبت الناس في أيوب، وقدموه على ابن علية في أيوب، وبعضهم يقدم ابن علية عليه في أيوب، وأين حماد بن سلمة في هذا الميدان؟! ولم يكن في قوة حماد بن زيد أصلًا، وإن كان ثقة إمامًا صاحب سنة بلا شك.

* والحاصل: أن الحديث لا يصح عن أيوب إلا مرسلًا، لكن خولف أيوب في إرساله، خالفه خالد الحذاء، فرواه عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

، هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11969]، من طريق هشام بن عمار عن الخليل بن موسى عن خالد الحذاء به.

قلتُ: وهذه مخالفة لا اعتبار بها، هشام كان قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، وشيخه الخليل ضعفه أبو زرعة، وغمزه غير، راجع ترجمته في "اللسان"[2/ 410].

لكن لم ينفرد به الخليل: بل تابعه عبيد الله بن تمام الطفاوى على مثله عند الخطيب في "تاريخه"[4/ 193]، لكن الطفاوى هذا كذبه الساجى، وضعفه سائر النقاد، راجع "اللسان"[4/ 97]، والطريق إليه مغموز أيضًا، وقد توبع عليه خالد الحذاء مرفوعًا، تابعه يحيى بن أبى كثير عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوَّج فاطمة قال:(يا على لا تدخل على أهلك حتى تقدم لهم شيئًا، فقال عليّ، ما لى شئ يا رسول الله، قال: أعطها درعك الحطمية). =

ص: 146

2440 -

وَعَنْ سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يلبى عن شبرمة، فقال:"أَيُّهَا المُلَبِّى عَنْ شُبرُمَةَ، مَنْ شُبْرُمَةُ؟ " قال: أخٌ لى - أو نسيبٌ لى - قال: "حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ " قال: لا، قال:"فَاحْجُجْ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شبْرُمَةَ".

= أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 12000]، وفى "الأوسط"[3/ 2870]، و [8/ 7981] من طرق عن سعد بن زنبور [ووقع في الكبير:(سعيد) وهو تصحيف، وكذا وقع مثله في الموضع الثاني من الأوسط،] عن عبد المجيد بن أبى داود عن معمر عن يحيى بن أبى كثير به.

قلتُ: عبد المجيد صدوق مشهور، لكنه لم يكن محمودًا في حفظه، وقد ضعفه جماعة، لكنه من أثبت الناس في ابن جريج، وقد خولف في وصله، خالفه عبد الرزاق اليمانى - الثقة المأمون - فرواه عن معمر عن يحيى بن أبى كثير عن عكرمة به مرسلًا، هكذا أخرجه في "المصنف"[10429].

وهذا هو المحفوظ عن عكرمة، وهكذا رواه عنه عمرو بن دينار أيضًا

مرسلًا بلفظ مختصر عند ابن سعد في "الطبقات"[8/ 20]، لكن الإسناد إليه مغموز.

وللحديث شاهد من حديث عليّ نحوه بسياق أتم من طريقين عنه به

ولا يصحان.

2440 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [1811]، وابن ماجه [2903]، وابن خزيمة [3039]، وابن حبان [3988]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 270]، والطبرانى في "الكبير"[21/ رقم 12419]، والبيهقى في "سننه"[8458]، وفى "المعرفة"[رقم 9797]، وابن الجارود [499]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 116]، وابن عبد البر في "التمهيد"[9/ 137]، وفى "الاستذكار"[4/ 169]، والطحاوى في "المشكل"[6/ 152] وجماعة، من طرق عن عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن عزرة بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه عبدة عن سعيد، وقد جزم الإمام أحمد بكون عبدة قد أخطأ في رفعه، وأن الصواب فيه هو الوقف، لكن توبع عبدة على رفعه، تابعه جماعة كلهم رووه عن سعيد بإسناده به مرفوعًا، وخالفهم آخرون، فرووه عن سعيد بإسناده به موقوفًا من قول ابن عباس، وأسقط بعضهم (عزرة بن عبد الرحمن) من سنده، وجعله عن قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

). =

ص: 147

2441 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج، حدّثنا سكينٌ، حدّثنا أبى، عن ابن عباس، قال: كان الفضل بن عباسٍ رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء، وينظر إليهن، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه بيده من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ابْنَ أَخِى، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ولِسَانَهُ غُفِرَ لَهُ".

= والصواب: هو قول مَنْ وقفه عن سعيد بن أبى عروبة، فهكذا رواه ابن أبى عروبة في "المناسك"[رقم 13] موقوفًا من قول ابن عباس به

وله طرق أخرى عن ابن عباس:

1 -

فرواه عنه أبو قلابة الجرمى: واختلف عليه في رفعه ووقفه، والصواب فيه هو الوقف أيضًا، وقد تكلم بعضهم في ثبوت سماع أبى قلابة من ابن عباس، والتحقيق هو ثبوته.

2 -

ورواه عنه عطاء بن أبى رباح، واختلف عليه في وقفه ورفعه وإرساله، والصواب فيه هو الإرسال.

3 -

ورواه عنه عكرمة، لكن الإسناد إليه لا يثبت.

4 -

ورواه عنه طاووس بن كيسان، والإسناد إليه ساقط.

والمحفوظ في هذا الحديث هو الموقوف، وبذلك جزم جماعة من الكبار، وهو الذي تقضيه الصناعة الحديثية.

نعم، للحديث شاهد عن جابر به مرفوعًا نحوه، لكنه منكر جدًّا، وله شاهد ثان من حديث عائشة يأتى عند المؤلف [برقم 4611]، وسنده منكر أيضًا.

• والصواب: أنه مرسل عن عطاء كما يأتى شرحه هناك إن شاء الله، وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث، مع تخريج طرقه وشواهده، ومناقشة من صحَّحه مرفوعًا من المتقدمين والمتأخرين في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" أعاننا الله على إكماله. واللَّه المستعان.

2441 -

منكر: بهذا اللفظ: أخرجه أحمد [1/ 339]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12974]، و [18/ 741]، والبيهقى في "الشعب"[3/ رقم 4071]، وفى "فضائل الأوقات"[رقم 183]، وابن سعد في "الطبقات"[4/ 54]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 242]، وابن عساكر في "تاريخه"[58/ 377]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[413، 414]، وابن أبى الدنيا في "الصمت"[664]، وغيرهم، من طرق عن سكين بن عبد العزيز بن قيس عن أبيه عن ابن عباس به. =

ص: 148

2442 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن العلاف، حدّثنا عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَوْلا أَنَّ الْكِلابَ أُمَّةٌ لأَمَرْتُ بِقَتْلِ كُلِّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ، فَاقْتُلُوا الْمعْيِنَةَ مِنَ الْكِلابِ، فَإِنَّهَا الملْعُونَةُ مِنَ الجنِّ".

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف ومتن منكر، وقد قال ابن خزيمة في "صحيحه" [4/ 260]: "وروى سكين بن عبد العزيز البصرى، وأنا برئ من عهدته وعهدة أبيه

" ثم أخرج له هذا الحديث [برقم 2833]، [رقم 2834].

وسكين قد ضعفه أبو داود والنسائى وقد وثقه جماعة، لكن يقول ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل" [3/ 463]: "ولسكين غير ما ذكرتُ، وليس بالكثير، وفيما يرويه بعض النُكْرة

" وأبو قيس يقول عنه أبو حاتم: "مجهول"، وتوثيق ابن حبان له لا يُجدى، وفى الحديث نكارة شديدة، والحديث ثابت عن ابن عباس دون هذا السياق، راجع الماضى [برقم 2384]، واللَّه المستعان.

2442 -

ضعيف بهذا التمام: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11979]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 12719]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 207]، من طريق العلاف عن عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة عن عمارة بن أبى حفصة عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: العلاف هذا سماه المؤلف: (أبا عبد الرحمن ابن عبد الله بن عبد الرحمن العلاف)، وهكذا ترجمه ابن حبان في "الثقات"[8/ 358]، وقال:"يروى عن عبدة بن سليمان، حدثنا عنه أحمد بن عليّ بن المثنى".

قلتُ: وهذا توثيق مقبول، لكن وقع اسمه في "كبير الطبراني" هكذا:(محمد بن عبد الرحمن العلاف) وهذا ترجمه ابن حبان أيضًا [9/ 98]، وقال:"من أهل البصرة، يروى عن محمد بن سواء وأبى عاصم، حدثنا عنه الحسن بن سفيان" وهذا توثيق مقبول أيضًا.

أما "أوسط الطبراني" فقد وقع فيه اسمه هكذا: (عبد الله بن الفضل أبو عبد الرحمن العلاف) وهكذا ترجمه ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[5/ 137]، وقال:"روى عن عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة، روى عنه أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب المروزى".

قلتُ: فهذا اختلاف غريب في اسم هذا الرجل، والتعدد عندى بعيد، وشيخه عبد الملك بن الخطاب روى عنه جماعة بعضهم ضعفاء، ووثقه ابن حبان وحده، وقد قال ابن القطان عنه: =

ص: 149

2443 -

حَدَّثَنَا بشر بن الوليد الكندى، حدّثنا شريكٌ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريبٍ، عن ابن عباسٍ، قال: جطء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا

= "حاله مجهولة" وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول" - يعنى إذا توبع - ولم أر أحدًا قد تابعه على تلك الرواية، فقول الهيثمى في "المجمع" [4/ 63]:"رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الكبير والأوسط" وإسناده حسن" فليس بحسن عندى، وللحديث شواهد ثابتة ولكن دون هذا التمام.

• تنبيه: وقع في سند المؤلف: (حدثنا أبو عبد الله بن عبد الرحمن العلاف،

) هكذا في طبعة حسين الأسد، ووقع في الطبعة العلمية:(حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن العلاف) وهذا هو الصواب، وهكذا ساقه البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 5413]، عن المؤلف؛ فالظاهر أن اسم (عبد الرحمن) قد سقط من طبعة حسين الأسد بين (حدثنا أبو) و (ابن عبد الرحمن العلاف).

• ثم تنبيه آخر: وقع في الطبعة العلمية في متن الحديث: (فاقتلوا المعينة

) وكذلك هي عند الهيثمى في "المجمع"[4/ 63]، وهكذا هي أيضًا عند المؤلف في "المعجم"، والطبرانى في "الكبير"، و"الأوسط"، لكن وقع في طبعة حسين الأسد:(فاقتلوا العين) ثم علَّق بالهامش قائلًا: "في الأصلين: (المدينة)، وهى كذلك في "مجمع الزوائد".

وشاهدنا على ما ذهبنا إليه - يعنى من تصرفه فيها - حديث عائشة عن أحمد [6/ 109]، قالت:"أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب العين".

قلتُ: وهذه جرأة سافرة من هذا الرجل، بل وتهجُّم مردود بالتصرف فيما يقر نفسه بثبوته في الأصول لديه، ومال حديث عائشة وحديثنا هنا؟! وهلَّا ضرب على متن الحديث كله، ثم أبدله بمتن حديث عائشة؟! فوالله ما رأيتُ كاليوم عجبًا قط، وقد قمنا بإصلاح ما أفسده، ولله الحمد.

2443 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أبو داود [3295]، وأحمد [1/ 310]، وابن خزيمة [3047]، والحاكم [4/ 335]، والبيهقى في "سننه"[19907]، والطحاوى في شرح المعانى" [3/ 130]، وفى "المشكل" [5/ 173]، وابن عبد البر في "الاستذكار" [5/ 177]، وغيرهم من طرق عن شريك القاضى عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس به

=

ص: 150

رسول الله، إن أختى نذرت أن تحج ماشيةً، فقال:"إِنَّ اللَّهَ لا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، لِتَحُجَّ رَاكِبَةً وَلْتُكَفِّرْ يَمِينِهَا".

2444 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهرانى، حدّثنا ابن المبارك، عن عبد الوهاب بن الورد، عن الحسن بن حبيبٍ، أو كثيرٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِى مِنْهُ، وَاللهُ يَكرَهُ أَذًى المؤْمِنِ".

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ آفته شريك القاضى؛ فهو ضعيف سيئ الحفظ على جلالته في السنة والرد على المبتدعة، وباقى رجاله ثقات معرفون.

والحديث صحيح ثابت نحوه دون الأمر بالكفارة، راجع الحديث الماضى [برقم 1753]، وله طريق آخر عن ابن عباس بسياق مختلف يأتى عند المؤلف [برقم 2737].

2444 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1986]، و [5/ رقم 4988]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[ص 244]، وابن أبى حاتم في "العلل"[2530]، وغيرهم، من طرق عن أبى الربيع الزهرانى عن ابن المبارك عن عبد الوهاب بن الورد عن الحسن بن كثير عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس به.

قلتُ: قد توبع عليه أبو الربيع: تابعه محمد بن سعيد بن الأصبهانى عند البخارى في "تاريخه"[2/ 304]، وقد سقط (عبد الوهاب بن الورد) من سند الطبراني في الموضع الأول، ووقع عند ابن أبى حاتم:(عن الحسن بن جبير)، ثم نقل عن أبى زرعة أنه قال:"إنما هو الحسن بن كثير فيما يقولون".

قلتُ: وهو كما قال، وكذا وقع التردد في اسم أبيه عند المؤلف:(عن الحسن بن حبيب أو كثير)

والصواب (كثير)، قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [رقم 5554]:"هذا إسناد رجاله ثقات، عكرمة هو ابن خالد، والحسن هو ابن كثير وثقه ابن حبان، وعبد الوهاب بن الورد اسمه وهيب بن الورد" وقال الهيثمى في "المجمع"[8/ 124]: "رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الأوسط"، ورجال أبى يعلى رجال "الصحيح"، غير الحسن بن كثير ووثقه ابن حبان، وعبد الوهاب بن الورد كما ذكر شيخ الحفاظ المزِّى".

قلتُ: أما عبد الرهاب فهو كما قالا، قال الحافظ في "تهذيبه" [6/ 401]:"وممن نصَّ على أن وهيب بن الورد اسمه عبد الوهاب: يعقوب بن سفيان في "تاريخه" والشيرازى في "الألقاب" وحكاه عن ابن المبارك وأبى العباس السراج، وكذا حكى عن يحيى بن معين". =

ص: 151

2445 -

حَدَّثَنَا محمد بن الصباح، وأبو الربيع الزهرانى، قالا: حدّثنا إسماعيل بن زكريا، عن نضر الخزاز، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على

= قلتُ: وكذا حكاه ابن حبان أيضًا في ترجمة (وهيب) من "الثقات"[71/ 559]، ووهيب ثقة مأمون، أما الحسن بن كثير فلم يوثقه أحد سوى ابن حبان وحده، وليس في ترجمته من "الثقات"[61/ 166]، ما يدل على أنه عرفه، بل قال عنه:"شيخ يروى عن عكرمة بن خالد، روى عنه عبد الوهاب بن الورد" ولم يزد على ذلك، فالظاهر أنه شيخ مستور الحال.

ثم إن في الإسناد علة أخرى، فقال البخارى في "تاريخه" بعد أن ذكره:"قال ابن المبارك بالرى: عن ابن عباس - يعنى رواه هناك موصولًا - وكان في كتابه - يعنى ابن المبارك - مرسلًا - يعنى بدون ذكر ابن عباس - والآخرون لا يسندونه عن ابن المبارك".

قلت: فهذا إعلال بالإرسال، وقد رواه ثقتان عن ابن المبارك به موصولًا كما مضى، ثم وجدت ابن المبارك قد أخرجه في "الزهد"[رقم 692]، فقال:(أخبرنا عبد الوهاب بن الورد عن خاله الحسن بن كثير عن عكرمة بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتناجيان الاثنان دون الثالث؛ فإن ذلك يؤذى المؤمن، والله يكره أذى المؤمن).

قلت: هكذا رواه مرسلًا، وكأنه المحفوظ إن شاء الله. وكتاب "الزهد" من رواية الحسين بن الحسن بن حرب المروزى عن ابن المبارك به

والحسين ثقة عالم صاحب تصانيف. وهو من ثقات أصحاب ابن المبارك، وبهذا ثبت قول البخارى الماضى:(وكان في كتابه مرسل) يقصد ابن المبارك؛ فإما أن يريد بالكتاب: كتاب "الزهد" وإما أن يريد به أصول ابن المبارك، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فالقول ما قالت حذامِ.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة ولكن دون شطره الثاني: (فإن ذلك يؤذى منه

) إلى آخره: وسيأتى حديث ابن مسعود [برقم 5132، 5220، 5255]، وحديث ابن عمر [برقم 5625، 5829].

2445 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11671]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على فضائل الصحابة"[11/ 249]، وابن أبى عاصم في "السنة"[21/ رقم 1446]، والبخارى في "تاريخه"[8/ 105]- معلقًا - وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 378]، وغيرهم، من طرق عن إسماعيل بن زكريا الخلقانى عن النضر بن عبد الرحمن الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 152

حراء فتزلزل الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اثْبتْ حِرَاءُ، مَا عَلَيْكَ إلا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ" وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ، وعمر، وعلىٌ، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوفٍ، وسعد بن أبى وقاصٍ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيلٍ. وكتبته من حديث أبى الربيع.

2446 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا شريك بن عبد الله، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبٍ قد خالف بين طرفيه متوشحًا به، يتقى يفضل الثوب حر الأرض وبردها.

= قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[21/ 79]، وقال الهيثمى في "المجمع" [91/ 236]:"رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه النضر بن عمر وهو متروك".

قلتُ: هكذا وقع عنده (النضر بن عمر) وهو تصحيف، وصوابه:(النضر أبو عمر) وهو ابن عبد الرحمن الخزاز ساقط الحديث عندهم، وقد سماه البخارى (نصرًا) بالصاد المهملة، وهكذا وقع في "زوائد فضائل الصحابة" ولعلها مصحفة، فقد ترجمه البخارى في موضع آخر باسمه الأول:(النضر) بالضاد المعجمة. وهذا هو المشهور، وهو آفة هذا الإسناد.

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة نحوه، منهم: ابن عمر، وعثمان بن عفان، وأبو هريرة، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح، وغيرهم. وهو حديث صحيح ثابت وقد مضى حديث سعيد بن زيد عند المؤلف [برقم 969، 970]، وقد رواه جماعة آخرون من الصحابة نحوه لكن دون ذكر العشرة فيه، وسيأتى منهم حديث أنس [برقم 2910، 2964، 3171، 3196]، وحديث سهل بن سعد [برقم 7518]، وراجع "الصحيحة"[2/ 558] للإمام.

2446 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أحمد [1/ 303، 320، 354]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11520]، وابن أبى شيبة [2770، 3162]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 462]، وتمام في "فوائده"[رقم 22]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 350]، وابن راهويه في "مسنده " كما في "نصب الراية"[1/ 285]، وغيرهم من طرق عن شريك القاضى عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمى عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بشطره الأخير فقط. =

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: حسين بن عبد الله هذا قد ضعفوه، بل تركه أحمد وابن المدينى، وهو من رجال الترمذى وابن ماجه؛ ووهم البوصيرى وهمًا غريبًا، فقال في "إتحاف الخيرة" [رقم 1162]:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حسين وهو ابن قيس المعروف بحنش".

قلتُ: هذه غفلة عجيبة من البوصيرى، فقد نقل هو سند المؤلف وفيه: (حسين بن عبد الله

) فكيف يكون حنشًا؟! لكن توبع عليه حسين الهاشمى، تابعه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في كساء أبيض في غداة باردة، يتقى بالكساء برد الأرض بيده ورجله).

هكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[2507]، من طريق الحارث بن أبى أسامة عن الواقدى عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن داود به.

قلت: وهذه متابعة ساقطة جدًّا، وحيثما رأيتَ الواقدى في إسناد حديث؛ فكبِّر عليه أربعًا، ثم اغسل يديك منه بماء وأشنان، ولن نذكر كلام النقاد بشأن رواية داود عن عكرمة؛ لكون الإسناد إليه لا يثبت.

والثانية: شريك القاضى: قد سارت الركبان بسوء حفظه، لكنه قد توبع عليه هو الآخر، تابعه محمد بن إسحاق صاحب "المغازى" قال:(ثنا حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس قال: لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير، وهو يتقى الطين إذا سجد بكساء عليه؛ يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد).

هكذا أخرجه أحمد [1/ 265]، والمؤلف [برقم 2470]، ولا يزال حسين بن عبد الله رابضًا في إسناده، ويقول الهيثمى في، "المجمع" [2/ 178]:"رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبرانى في "الكبير" و"الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصحيح".

وهذه غفلة مكشوفة، وحسين لم يخرج له أحد الشيخين ولا في المنام، وكثيرًا ما يجازف الهيثمى، والحديث صحيح ثابت من طرق عن جماعة من الصحابة، لكن دون شطره الثاني:(يتقى بفضل الثوب حرَّ الأرض وبردها) فهى زيادة غير ثابتة.

نعم، لها شاهد من حديث ثابت بن الصامت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يصلى في مسجد بنى عبد الأشهل، وعليه كساء ملتف به، يضع يده عليه يقيه برد الحصى) أخرجه البيهقى في "سننه" =

ص: 154

2447 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا سلام بن سليمٍ، عن زيدٍ العمى، عن أبى نضرة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد استوى، فلو صب على ظهره ماءٌ لأمسكه.

= [2506]، بإسناد ضعيف، ثم قال:(وروى بإسناد آخر ضعيف) ثم ساق رواية الواقدى الماضية، وكذا أخرجه ابن ماجه [1032]، وغيره بنحوه. واللَّه المستعان.

2447 -

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12781]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 101]، وغيرهما، من طريق أبى الربيع الزهرانى عن سلام بن سليم عن زيد بن الحوارى عن أبى نضره عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد تالف جدًّا، سلام بن سليم هو السعدى الطويل ذلك المتروك الهالك، وقد كذبه بعضهم، وزيد بن الحوارى قد ضعفوه حتى قال ابن عدى:"لعل شعبة لم يرو عن أضعف منه". والحديث ضعَّف سنده الحافظ في "التلخيص"[1/ 241]، وقال أبو نعيم عقب روايته:"غريب من حديث أبى نضرة، لم يروه عنه إلا زيد العمّى".

قلتُ: أما الهيثمى فهو في وادٍ آخر، فإنه قال في "المجمع" [2/ 305]:"رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى، ورجاله موثقون"، كذا قال، وسلام بن سليم لم يوثقه أحد فيما أعلم، اللَّهم إلا أن إسحاق بن عيسى قال:"حدثنا سلام الطويل وكان ثقة"، وهذا جهل من إسحاق، وسلام مكشوف الأمر جدًّا، والهيثمى يتعلق بأيِّ شئ حتى تروق له تلك العبارة التى يدندن بها كثيرًا "ورجاله موثقون"، ولو ظفر بتوثيق كذابٍ لكذابٍ، لما تردد في اعتباره أيضًا.

وللحديث شواهد، عن جماعة من الصحابة: منهم وابصة بن معبد، وعلى بن أبى طالب، وأنس بن مالك، وأبو برزة الأسلمى وغيرهم. ولا يصح في هذا الباب حديث قط، كما شرحناه في "الفيض الرحمانى بشرح صلاة الألبانى"، أعاننا الله عليه.

• تنبيه: وقع في طبعة حسين الأسد: (كان رسول الله إذا سجد

) هكذا: (إذا سجد)، ووقع في الطبعة العلمية [2/ 436]: (كان رسول الله إذا ركع

)، وعلق عليه المعلِّق بالهامش قائلًا:(في "س" و"ص" ومطبوعة حسين الأسد "إذا سجد" تحريف).

قلتُ: لكن يعكر عليه أنه وقع في "المقصد العلى"[رقم 281]، مثل ما في طبعة حسين الأسد، لكنها عند الطبراني (كان إذا ركع)، وهكذا ذكرها الهيثمى في "المجمع".

ص: 155

2448 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا سلام بن سليمٍ، عن زيد العمى، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على ثوبه.

2449 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا حفص بن أبى داود، عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبى ليلى، عن عطاء بن أبى رباحٍ، عن ابن عباسٍ، قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائمٌ محرمٌ فَغُشِىَ عليه، فنهى الناس يومئذٍ أن يحتجم الصائم؛ كراهية الضعف عليه.

2448 - ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11178]، من طريق أبى الربيع الزهرانى عن سلام الطويل عن زيد العمى عن مجاهد عن ابن عباس به

وعند الطبراني: (يسجد في ثوبه .. ).

قلتُ: وسنده مثل الذي قبله تمامًا، وأعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 1188]، فقال:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف زيد العمى" وسكت عن سلام الطويك، أما الهيثمى فقد جاء شيئًا إمرًا، فقال في "المجمع" [2/ 193]:"رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح"، قد حيَّرنى الهيثمى - واللَّه - ومتى كان سلام أو شيخه من رجال "الصحيح"؟! وحديث سلام عند ابن ماجه وحده، وحديث زيد عند أصحاب "السنن"، ومال هذين ورجال "الصحيح"؟! وكم يغضبنا الهيثمى؟! ولا يصح في هذا الباب حديث عنه صلى الله عليه وسلم.

2449 -

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11320]، من طريق أبى الربيع الزهرانى عن حفص بن أبى داود عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عطاء عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ساقط جدًّا، حفص بن أبى داود هو حفص بن سليمان المقرئ المشهور، وهو على علوِّ كعبه في القراءات، لم يكن يساوى خردلة في الرواية، وهو هالك عند أكثر النقاد، بل كذبه بعضهم، وَبَسْطُ الكلام على حاله تجده في كتابنا:"النكران على مَنْ استحب التكبير عند ختم القرآن".

وشيخه ابن أبى ليلى فقيه إمام مشهور، لكنه ضعيف الحفظ، مضطرب الحديث، وبه - وحده - أعله البوصيرى في "الإتحاف"[رقم 2315]، ثم قال: "لكن لم ينفرد به؛ فقد رواه أحمد بن حنبل من طريق الحكم عن مقسم عنه

".

قلتُ: يريد ما رواه أحمد في "المسند"[1/ 248]، من طريق نصر بن باب عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(احتجم صائمًا محرمًا؛ فغشى عليه، قال: فلذلك كره الحجامة للصائم). =

قال: فلذلك كره الحجامة للصائم (.

ص: 156

2450 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا سلام بن سلم الطويل، عن الفضل بن عطية، عن عطاء بن أبى رباحٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْحِدَّةُ تَعْتَرِى خِيَارَ أُمَّتِى".

= قلتُ: وهذا إسناد الحضيض، ونصر بن باب قد كسر النقاد أبوابه، وهشُّموا صرحه، وقد كذبه أبو خيثمة وغيره بخط عريض، راجع ترجمته من "تعجيل المنفعة"[1/ 420]، ولم ينفرد به، بل تابعه عمرو بن هاشم أبو مالك الكوفى بلفظ:(احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؛ فغشى عليه، ولذلك كره) هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12086]، من طريق محمد بن عثمان بن أبى شيبة عن عمار بن عمرو بن هاشم عن أبيه عمرو به.

قلتُ: وهذه متابعة لا تصح؛ وعمار قد ضعفه الحافظ الأزدى كما في "اللسان"[4/ 274]، وأبوه عمرو إلى الترك ما هو، وهو من رجال النسائي وأبى داود، راجع "تهذيب الحافظ"[8/ 112]، ثم إن الطريقين مدارهما على ابن أرطأة، وهو سيئ الحفظ مشهور بذلك، والحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط كما قاله جماعة من النقاد، وليس هذا منها، والحدث صحيح ثابت من طرق عن ابن عباس، لكن دون هذا السياق الضعيف، فانظر الماضى [برقم 2390]، والآتى [برقم 2471، 2726].

2450 -

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11471] وابن عدى في "الكامل"[3/ 301]، ومن طريقه ابن الجوزى في "العلل المتناهية"[2/ 733]، وأبو طاهر المخلِّص في "الفوائد المنتقاة"[6/ 44/ 2]، كما في "الضعيفة"[1/ 100]، وغيرهم، من طريق أبى الربيع الزهرانى عن سلام بن سليم الطويل عن الفضل بن عطية عن عطاء عن ابن عباس به.

قلتُ: هذا إسناد منقطع الأوصال، قال المخلص عقب روايته:"قال البغوى - هو أبو القاسم ابن بنت منيع - هذا حديث منكر، وسلام الطويل ضعيف الحديث جدًّا" وقال الهيثمى في "المجمع"[8/ 26]: "رواه الطبرانى وأبو يعلى، وفيه سلام بن سلم الطويل، وهو متروك".

قلتُ: وهو كما قالا، وقال ابن الجوزى "هذا حديث لا يصح، وفيه آفات، سلام الطويل قال النسائي والدارقطني: متروك ..... وقال ابن عدي: البلاء في هذا الحديث من الفضل لا من سلام".

قلتُ: وعبارة ابن عدى في "الكامل"[3/ 301]"وروى هذا محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه، وليس البلاء في هذا الحديث من سلام؛ إنما البلاء فيه من الفضل بن عطية؛ لأنه ضعيف، وابنه محمد أضعف منه". =

ص: 157

2451 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا ابن أبى داود، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى يوم بدرٍ الفرس سهمين، والرجل سهمًا.

= قلتُ: إن كان علة تعصيب الجناية برقبة الفضل بن عطية هو ما ذكره ابن عدى من ضعفه، فليس بجيد عندى؛ والفضل أفضل من سلام عشرين مرة، وإنما بلى بابن كذاب، كان يروى كثيرًا من الفضائح والموضوعات عن أبيه؛ فالتصق بعض ذلك بالفضل؛ فتكلم فيه بعضهم لذلك.

وابن عدى نفسه قد قال في ترجمة الفضل من "الكامل"[6/ 14]: "روى عنه ابنه محمد بن الفضل أحاديث مناكير، والبلاء من ابنه محمد، والفضل خير من ابنه محمد"، ورواية محمد لهذا الحديث عن أبيه عند الخطيب في "تاريخه"[14/ 73]، وأبى نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 61]، ومحمد بن الفضل هذا كذبه جماعة، فلعله سرقه من سلام الطويل، أو لعل سلامًا سرقه منه، ولسنا نُجيد الركض خلف هؤلاء اللصوص.

لكن للحديث طريق آخر يرويه الليث بن سعد عن دويد بن نافع عن أبى منصور الفارسى به مرفوعًا

عند أبى نعيم في "المعرفة"[رقم 6392]، والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 80]، وابن منده في "المعرفة"[2/ 264/ 2]، وبشر بن مطر في "حديثه"[3/ 89/ 1]، كما في "الضعيفة"[1/ 100]، والحسن بن سفيان في "مسنده" كما في "الإصابة"[7/ 388]، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1251].

وسنده صحيح إلى أبى منصور الفارسى، وقد اختلف في صحبته، قال البخارى:"حديثه مرسل" وقال ابن عبد البر: "يقال: إن حديثه مرسل، وليست له صحبة" راجع "الإصابة"[7/ 388]، وقد اختلف في سنده على الليث بن سعد كما قاله الحافظ المستغفرى في كتابه في "الصحابة" كما في "الإصابة"[6/ 673]، ترجمة (يزيد بن أبى منصور).

وللحديث شواهد أخرى كلها واهية الأسانيد، راجع "الضعيفة"[1/ 101/ 102، 103] للإمام. واللَّه المستعان.

2451 -

صحيح: دون قوله: (يوم بدر): هذا إسناد مُتَداعٍ، قال البوصيرى في "الإتحاف" [رقم 4341]:"هذا إسناد ضعيف" وقال الهيثمى في "المجمع"[5/ 616]: "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن أبى ليلى، وهو سيئ الحفظ، ويتقوى بالمتابعات".

قلتُ: وهو كما قال؛ لكن فيه علة أخرى، وهى أن الحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث فقط، كما قاله القطان وأحمد وغيرهما، وليس هذا الحديث منها. =

ص: 158

2452 -

حَدَّثَنَا هدبة، حدّثنا وهبٌ، عن يونس بن عبيدٍ، أخبرنا عمار بن أبى عمارٍ، قال: سمعت، ابن عباس يقول: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمسٍ وستين وكان الحسنً يقول: توفى - سول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستين.

2453 -

حَدَّثَنَا أبو عمر الحارث بن سريجٍ، حدّثنا يحيى بن زكريا، حدّثنا محمد بن

= وللحديث طريق آخر عن ابن عباس دون هذا اللفظ، يأتى عند المؤلف [برقم 2528]، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة دون قوله:(يوم بدر)، منها حديث ابن عمر عند البخارى [2708]، ومسلم [1762]، وجماعة كثيرة، ومضى منها حديث أبى عمرة [برقم 922]، ويأتى حديث أبى رهم أيضًا [برقم 6876].

وفى الباب شواهد ضعيفة لزيادة (يوم بدر)، والمشهور أن ذلك كان يوم خيبر؛ ولا يمنع أن يكون ذلك قد وقع يوم بدر؛ لكن يعوزه الإسناد الثابت.

2452 -

قوى: أخرجه مسلم [2353]، والترمذى [3650]، [3651]، وأحمد [1/ 223، 359]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12843]، و [12844]، وابن أبى شيبة [36547، 36549]، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"[8/ 377]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 310]، وأحمد في" العلل" أيضًا [3/ 349/ رواية عبد الله]، والبخارى في "تاريخه الأوسط"[95]- وبعضهم يجعله الصغير - معلقًا، وغيرهم، من طريقين عن عمار بن أبى عمار عن ابن عباس به

مثله.

قلتُ: وإسناده قوى، وقول الحسن بذيله عند الطبراني وحده، وقال ابن كثير في "البداية" [5/ 259]:"روينا من طريق مسدد عن هشام بن حسان عن الحسن أنه قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستين سنة". وقد غمز البخارى في حديث ابن عباس الماضى، وقال عقب روايته:"ولا يتابع عليه - يعنى عمارًا - وكان شعبة يتكلم في عمار".

قلتُ: وعمار شيخ صالح قوى الحديث من أهل الصدق، وهو عمار بن أبى عمار مولى بنى هاشم، احتج به الجماعة إلا البخارى، وقد وثقه الأئمة، وكلام شعبة فيه مبهم غير مفسر، ولم ينفرد عمار بهذا عن ابن عباس، بل قد توبع عليه كما مضى [برقم 2412]، وراجع ما ذكرناه هناك حول متن الحديث، وكذا انظر الماضى [برقم 1575].

2453 -

صحيح: أجرجه البخارى [2628]، وأبو داود [3606]، والترمذى [3060]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12509]، والبيهقى في "سننه"[20412]، والكرابيسى=

ص: 159

أبى القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبيرٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: كان تميمٌ الدارى، وعدى بن بداءٍ يختلفان إلى مكة، فصحبهما رجلٌ من قريش من بنى سهمٍ، فمات بأرض ليس بها أحدٌ من المسلمين، وأوصى إليهما بتركته، فلما قدما فدفعاها إلى أهله، وكتما جامًا كان معه من فضةٍ مخوَّصًا بالذهب، فقالا: لم نره، فَأتِىَ بهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فاستحلفهما بالله ما كتما، ولا اطلعا، وخلَّى سبيلهما، ثم إن الجام وُجد عند قومٍ من أهل مكة، قالوا: ابتعناه من تميمٍ الدارى، وعدى بن بداء، فقام أولياء السهمى، فأخذوا الجام، وحلف رجلان منهم باللَّه: إن هذا الجام جام صاحبنا، وشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا إنا إذًا لمن الظالمين. ونزلت هاتان الآيتان:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] إِلى آخر الآيتين.

= في "القضاء" كما في "الإصابة"[1/ 355]، والمزى في "تهذيبه"[18/ 312]، وابن عساكر في "تاريخه"[11/ 69]، والطبرى في "تفسيره"[5/ 113]، والجصاص في "أحكام القرآن"[4/ 160]، والواحدى في "أسباب النزول"[ص 149]، والبخارى أيضًا في "تاريخه"[1/ 215]، وأبو نعيم في "المعرفة"[4928]، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"[رقم 271]، وأبو الفضل الزهرى في "حديثه"[رقم 236]، والطحاوى في "المشكل"[11/ 150]، وغيرهم، من طرق عن يحيى بن أبى زائدة عن محمد بن أبى القاسم الطويل عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم نحوه باختصار يسير.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح ثابت، رجاله كلهم ثقات، وقول الحافظ عن عبد الملك بن سعيد:"لا بأس به" ما هو إلا تفريط سافر، والرجل قد وثقه الدارقطنى وابن حبان ومشاه أبو حاتم الرازى، واحتج به البخارى في "صحيحه"، لكن علَّم المزِّى على ترجمته علامة التعليق، إشعارًا بأن البخارى ما أخرج له إلا معلقًا، ويعنى به هذا الحديث الواحد، فإن البخارى قد قال: "وقال لى على بن عبد الله - هو ابن المدينى: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبى زائدة عن محمد بن أبى القاسم عن عبد الملك بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس به

".

فهذا الذي فهمه المزى قد تعقبه فيه الحافظ في "التهذيب"[6/ 394]، قائلًا:"الحديث الذي أخرجه له - يعنى لعبد الملك - البخارى قال فيه: "قال لى على بن عبد الله" فهذا ليس معلقًا قطعًا؛ فكان ينبغى - يعنى على المزى - أن لا يرقم عليه علامة التعليق". =

ص: 160

2454 -

حَدَّثَنَا حارث بن سريجٍ، حدّثنا معتمر، حدّثنا ليثٌ، عن أبى فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباسٍ، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّى لَمْ أُؤْمَرْ بِتَشْيِيدِ المسَاجِدِ" قال: وقال ابن عباسٍ: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.

= قلتُ: وهذا الذي قاله الحافظ مستقيم، لكنه لم يُعجب المعلق على "تهذيب الكمال"[18/ 311// الرسالة]، فتعقبه بالهامش قائلًا:"في ذلك نظر، لعدم التصريح بالحديث، والبخارى رحمه الله دقيق في تعابيره، ولو كان يريد الإشعار بوصله؛ لصرح بذلك".

قلتُ: هذا تعقُّب، ساذج للغاية، وهل قول البخارى "قال لى عليّ بن عبد الله" غير صريح في الاتصال؟! ويلزمه - على زعمه - أن يجعل كل موضع يقول فيه البخارى: "قال لى فلان

" منقطعًا غير صريح في الاتصال، وقد وجدت البخارى قد قال ذلك في مواضع من "صحيحه"، فانظر في طبعة مصطفى البغا [1/ 178]، و [2/ 658،594، 703، 767]، وغيرها.

نعم قد وقع في بعض روايات البخارى: (قال عليّ بن عبد الله

)، هكذا دون (وقال لى عليّ

) وهذا صورة التعليق، وقد كان يمكن الاعتذار عن المزِّى بكونه اطلع على تلك الرواية الماضية في بعض نسخ "صحيح البخارى" فجزم بها على أن عبد الملك بن سعيد ما أخرج له البخارى إلا معلقًا، لكن يعكر على هذا أن المزى قد نقل في "تهذيبه" [18/ 312] عبارة البخارى في صحيحه: فقال: "قال البخارى: وقال لى على بن عبد الله".

وقد وجدتُ الحافظ قد قال في "تغليق التعليق": [1/ 6]: (إذا قال البخارى: (قال لنا) أو (قال لى) أو: (زادنا) أو: (زادنى) أو: (ذكر لى) أو (ذكر لنا) فهو وإن ألحقه بعض من صنَّف في الأطراف بالتعاليق، فليس منها؛ بل هو متصل صريح في الاتصال

".

قلتُ: وإنما يعدل البخارى عن قوله: "حدثنا وأخبرنا" إلى هاتيك العبارات الماضية؛ لنكنة ومقصد دقيق نبَّه عليه الحافظ في مواضع من "الفتح" فانظر منها شرحه على هذا الحديث [5/ 410]، و"تغليق التعليق"[1/ 6].

2454 -

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13001]، من طريق المعتمر بن سليمان عن الليث بن أبى سليم عن أبى فزارة راشد بن كيسان عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به

مرفوعًا

وليس عنده قول ابن عباس في آخره

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول، الليث لم يكن في الحديث بالليث، وهو شديد التخليط في المتون والأسانيد، وكان قد اختلط جدًّا حتى شاهده عيسى بن يونس - الثقة المأمون - وهو=

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يصعد منارة المسجد الجامع في ضحوة النهار، ثم جعل ينادى في الناس بالأذان في غير ميقاته، راجع "الجرح والتعديل"[7/ 178]، لكنه لم ينفرد به؛ بل تابعه عليه:

1 -

الصباح بن يحيى المزنى مثله دون قول ابن عباس في آخره عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13000]، من طريق أبى كريب عن عبيد بن محمد بن صباح بن يحيى المزنى عن [جده] عن أبى فزارة به.

قلتُ: وهذه متابعة لا يفرح بها، وصباح بن يحيى يقول عنه الذهبى:"متروك بل متهم"، راجع ترجمته في "اللسان"[3/ 180].

وقد سقط من سند الطبراني (عن جده)، وهى زيادة لا بد منها؛ لكون الصباح بن يحيى هو الذي يروى عن أبى فزارة، ثم إن ولده وحفيده لم أستطع تمييزهما، ويبدو لى أن بالإسناد تصحيفًا، ثم ظهر لى صوابه وهو: (عن أبى كريب عن محمد بن عبيد عن الصباح بن يحيى به

) هكذا وجدته عند الطبراني في مواضع من "معاجمه"، وكذا عند غيره.

ومحمد بن عبيد هو النحاس الذي يقول عنه ابن عدى: "له أحاديث مناكير يرويها عن ابن أبى ذئب وغيره"، وضعفه الحافظ في "التقريب" وهو من رجال النسائي وحده.

2 -

وتابعه أبو حمزة السكرى كما ذكره الحافظ في "تغليق التعليق"[1/ 187]، ولم يذكر من رواه، ولا ساق إسناده إليه.

3 -

وتابعهم: الحسن بن صالح: كما ذكره الحافظ في "التغليق"[1/ 187]، ولم يعزه إلى أحد، ولا ساق إسناده إليه.

4 -

وتابعهم سفيان الثورى، واختلف عليه فيه، فرواه عنه ابن عيينة به موصولًا مثل رواية الماضين عن أبى فزارة: عند أبى داود [4481]، ومن طريقه البغوى في "شرح السنة"[1/ 352]، وابن حزم في "المحلى"[4/ 44]، والبيهقى في "سننه"[4096]، وابن حبان [1615]، وأبو نعيم في "الحلية"[7/ 313]، والحافظ في "التغليق"[1/ 187] وغيرهم، من طرق عن محمد بن الصباح عن ابن عيينة عن الثورى به

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكن يقول أبو نعيم عقب روايته:"لم يوصله إلا محمد بن الصباح، ورواه عبد الجبار وغيره فوقفه عليّ يزيد".

قلتُ: مراده أن محمد بن الصباح قد خولف في وصله، خالفه عبد الجبار - وهو ابن العلاء =

ص: 162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الثقة المعروف - وغيره، فرووه عن ابن عيينة عن الثورى عن أبى فزارة عن يزيد بن الأصم به مرسلًا

• هذا الوجه المرسل، وتوبع عليه ابن عيينة:

1 -

تابعه عبد الرزاق عن الثورى عن أبى فزارة عن يزيد به .... مرسلًا

وقال في آخره: (وقال ابن عباس: واللَّه لتزخرفنَّها) هكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"[5127].

2 -

وكذا رواه عليّ بن قادم عن الثورى مرسلًا عند الجرجانى في الثاني من "أماليه" كما ذكره الحافظ في "التغليق"[1/ 187]، وهكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[4096]، لكنه لم ينبه على كون رواية على بن قادم عن الثورى مرسلة، وصنيعه يوهم أنها موصولة، فقد ذكرها قبل رواية ابن عيينة الماضية مباشرة، ويكفى أن الحافظ قد نبَّه على هذا.

3 -

وكذلك رواه ابن مهدى عن الثورى مرسلًا

أخرجه أحمد في "الورع" كما ذكره الحافظ في التلغيق [1/ 187]، لكن اختلف فيه على ابن مهدى، فرواه عنه الإمام أحمد كما مضى مرسلًا،، وخالفه أحمد بن عبد الله بن منجوف، فرواه عنه الثورى بإسناده به موصولًا.

هكذا أخرجه الحافظ في "التغليق"[1/ 186]، بإسناد صحيح إلى عبد الله بن محمد الخطيب عن أمة السلام بنت أحمد بن كامل عن محمد بن إسماعيل بن عليّ بن النعمان عن أحمد بن عبد الله به

قلت: وهذا إسناد رجاله مقبولون معروفون سوى عبد الله بن محمد الخطيب، فلم أعرفه الآن، ومحمد بن إسماعيل وثقه الخطيب في "تاريخه"[2/ 46]، وأمة السلام أثنى عليها الأزهرى وغيره. راجع "تاريخ بغداد"[14/ 443]، فلم يبق إلا عبد الله بن محمد الخطيب، فإن ثبت كونه مقبولًا؛ فلا يقوى أحمد بن عبد الله بن منجوف - وإن كان ثقة - على مخالفة الإمام أحمد في ابن مهدى، فالظاهر أن المحفوظ من طريق الثورى هو الإرسال.

وقد رواه وكيع عن الثورى بإسناده به

فذكر قول ابن عباس وحده: (لتزخرفنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى

) هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [3147]، وأحمد في "الورع" كما في "التغليق"[1/ 187].

ثم رأيت يحيى بن سعيد الأموى قد رواه عن الثورى به موصولًا

دون قول ابن عباس في آخره

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13003]، من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد عن أبيه به. =

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وسعيد وإن كان ثقة إلا أنه ربما أخطأ كما قاله ابن حبان، وأبوه يقول عنه الحافظ في "التقريب":"صدوق يُغرب"، وقد خولف فيه يحيى بن سعيد، خالفه عبد الرحمن بن محمد المحاربى، فرواه عن الثورى فقال: عن الليث بن أبى سليم عن أبى فزارة عن يزيد الأصم عن ابن عباس به مرفوعًا، فأدرج فيه (الليث) بين الثورى وأبى فزارة.

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ 13002]، من طريق محمد بن موسى بن حماد عن عبد الرحمن بن صالح الأزدى عن المحاربى به.

قلتُ: وهذه مخالفة لا تثبت، وشيخ الطبراني ضعفه الدارقطنى كما في ترجمته من "تاريخ بغداد"[31/ 243]، وعبد الرحمن بن صالح اتهمه جماعة بالرفض، وأنه كان يلغ في دم عثمان، ويحدث بمثالب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ثبت عنه واحدة من تلك؛ فهو فاسق ساقط العدالة، ولا كرامة له عند الله والناس.

ثم إن المحاربى نفسه كان يدلس، وقد عنعنه، والمحفوظ عن الثورى هو الإرسال كما مضى، بل أرى أن ذلك هو المحفوظ في الحديث كله، ولا أدرى هل يصح ما ذكره الحافظ بشأن رواية أبى حمزة السكرى والحسن بن صالح عن أبى فزارة، وإن صحَّا، فالثورى أحفظ من كل من رواه عن أبى فزارة موصولًا، ما يشك في ذلك أحد.

وقول ابن عباس الموقوف صحيح ثابت عنه، وقد علقه البخارى في "صحيحه"[1/ 171/ طبعة البغا]، قال الحافظ في "الفتح" [1/ 540]:"وهذا التعليق وصله أبو داود وابن حبان من طريق يزيد الأصم عن ابن عباس هكذا موقوفًا، وقبله حديث مرفوع ولفظه: "ما أمرتُ بتشيد المساجد"".

ثم قال الحافظ: "وإنما لم يذكر البخارى المرفوع منه؛ للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله" ومثله قال البدر العينى في "عمدة القارى"[4/ 205]، وقد تعقبهما الإمام في "الثمر المستطاب"[14/ 459]، فقال يرد على الأول: "قلتُ: ومن وصله جاء بزيادة فيجب قبوله إذا كانت من ثقة كما هنا

إن أبا فزارة - واسمه راشد بن كيسان - ثقة كما قال الحافظ في "التقريب" وقد احتج به مسلم".

قلتُ: ولا ننازعه في هذا، بل نقول كما قال الحافظ نفسه في "التغليق" [1/ 187]:"فالحديث على شرطه - يعنى مسلمًا - لكنه معلول". واللَّه المستعان.

ص: 164

2455 -

حَدَّثَنَا وهب بن بقية، حدّثنا خالد، عن حسين بن قيسٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن امرأةً من خثعمٍ أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبى الله إنى امرأةٌ، وإنى أريد أن أتزوج، فما حق الزوج على زوجته، فإن استطعت ذلك، وإلا جلستُ أيمًا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ إذَا أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَهِىَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ لا تَمْنَعُهُ، وَمِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوجَةِ أَنْ لا تعْطِىَ مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإذْنِهِ، وَإن فَعَلَتْ ذَلِكَ كَانَ الإثْمُ عَلَيْهَا، وَالأَجْرُ لِغَيْرِهَا، وَمِنْ حَقِّ الزَّوجِ عَلَى الزَّوجَةِ أَنْ لا تَخْرُجَ مِن بَيْتِهِ إلا بِإِذْنِهِ، فَإنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَعَنَتْهَا الملائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ أَوْ تَتُوبَ".

2455 - ضعيف: بهذا السياق: أخرجه البزار [1464/ كشف]، ومسدد في "مسنده" كما في "الطالب"[رقم 1709]، وغيرهما، من طريق خالد بن عبد الله الواسطى عن حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

وزاد مسدد في آخره: (لعنتها ملائكة السماء، وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، حتى ترجع أو تتوب) وزاد البزار أيضًا في آخره: قالت: (لا جرم، لا أتزوج أبدًا).

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[4/ 563]: "رواه البزار، وفيه الحسن بن قيس المعروف بحنش، وهو ضعيف، وقد وثقه حسين بن نمير، وبقية رجاله ثقات".

قلتُ: حنش هذا متروك عندهم، وتوثيق حصين بن نمير له لم يصح عنه، وإنما زعم حصين أن حنشًا شيخُ صدق، وهل هذا يُعد توثيقًا؟! بل تحمل تلك العبارة على أن حصينا كان يريد بها: سلامةَ حنش من الكذب، وحصين نفسه بحاجة إلى من يجيب له عن قول أبى أحمد الحاكم فيه:"ليس بالقوى عندهم" وهل ينافح عن حنش مَنْ عرف قدر نفسه؟! وله طريق آخر يرويه، الليث بن أبى سليم على نحو سياق المؤلف مطولًا ومختصرًا، لكن الليث قد اضطرب فيه على ألوان:

اللون الأول: فرواه عن مجاهد عن ابن عباس قال: (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: ما حق الزوج على زوجته؟ قال: أن لا تمنع نفسها منه، ولو على قتب، فإذا فعلت كان عليها إثم. ثم قالت: ما حق الزوج على زوجته؟ قال: ألا تعطى شيئًا من بيته إلا بإذنه) هكذا أخرجه البيهقي في "سننه"[14491]، من طريق إسحاق بن عبد الله بن محمد بن رزين عن بشر بن أبى الأزهر عن هشيم عن الليث به

=

ص: 165

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قلتُ: إسحاق لم أفطن له الآن، وهشيم مدلس عريق، وقد عنعنه، والراوى عنه ذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 142].

2 -

ولون ثان: ثم رواه عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

نحو سياق المؤلف، وزاد في وسطه: (ولا تصوم يومًا تطوغا إلا بإذنه؛ فإن فعلت أثمت، ولم يقبل منها

) ثم زاد أيضًا في آخره: (قالت: لا جرم واللَّه لا يملك عليَّ أمرى رجل أبدًا).

هكذا أخرجه ابن أبى الدنيا في "العيال"[رقم 523]، وفى "مداراة الناس"[رقم 175]، بإسناد حسن إليه.

3 -

ولون ثالث،: فرواه عن عصاء فقال: عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به نحو سياق المؤلف، وزاد فيه تلك الزيادة الماضية في وسطه، ثم قال في آخره:(ولا تخرج من بيته إلا بإذنه؛ فإن فعلت لعنتها الملائكة: ملائكة الغضب، وملائكة الرحمة حتى تتوب أو تراجع، قيل: فإن كان ظالمًا لها؟! قال: وإن كان ظالمًا لها).

هكذا أخرجه البيهقي في "سننه"[14490]- والسياق له - وعبد بن حميد في "المنتخب"[813]، والطيالسي [1951]، وابن عساكر في "تاريخه"[27/ 398]، وغيرهم. وليس عند عبد بن حميد:(قيل: فإن كان ظالمًا لها؟! قال: وإن كان ظالمًا لها).

قال أبو محمد ابن حزم في "المحلى"[10/ 332]، بعد أن ذكره من طريق الليث به

: "ليث ضعيف، وحاش للَّه أن يبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم، وهى زيادة موضوعة ليست لليث أصلًا".

قلتُ: بل هي من ليث ولا بد؛ لنظافة الإسناد إلا منه، والليث قد اختلط اختلاطا شديدًا، وصدق يحيى بن سعيد القطان إذ قال:"ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث" يشير إلى قلة ضبطهم للآثار، وكثير أوهامهم عند رواية الأخبار، وكان الليث من هذا الطراز، فانظر كيف جعل الحديث من (مسند ابن عمر)؟!.

4 -

ولون رابع، ثم عاد ورواه عن عطاء مرة أخرى، ولكن بنزول درجة، وجعل عبد الملك بن أبى سليمان واسطة صدق بينه وبين عطاء، وساقه نحو السياق الماضى آنفًا: عند ابن أبى شيبة [17124]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 231]، وهو عند ابن حزم في "المحلى"[8/ 315]، من هذا الوجه، ولكن مختصرًا بلفظ:(سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق الزوج على زوجته؟! قال: لا تصدَّق إلا بإذنه؛ فإن فعلت كان له الأجر، وكان عليها الوزر). =

ص: 166

2456 -

وَبِهِ قَالَ: حدّثنا ابن عباسٍ، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ثارت ريحٌ استقبلها، وجثا على ركبتيه، وقال:"اللَّهُمَّ اجْعَلهَا رِيَاحًا، وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا".

=فانظر كيف اضطرب، الليث في هذا الحديث على تلك الألوان كلها مع نظافة الأسانيد إليه، وقد قال الحافظ في "المطالب"[رقم 1758]، بعد أن ذكر طرفًا من تلك الألوان الماضية:"وهذا الاختلاف من ليث بن أبى سليم، وهو ضعيف".

قلتُ: ولأكثر فقرات الحديث شواهد.

2456 -

باطل: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11533]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 99]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 353]، والخطابى في "غريب الحديث"[1/ 679]، وغيرهم من طريقين عن حسين بن قيس أبى عليّ الرحبى عن عكرمة عن ابن عباس به ....

قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 3244]، قال الهيثمى في "المجمع" [10/ 195]: "رواه الطبراني وفيه حسين بن قيس الرحبى أبو على الواسطى الملقب بحنش، وهو متروك

".

قلتُ: وهو كما قال. وقد جزم الطحاوى في "المشكل"[3/ 6]، بكون هذا الحديث:"مما لا أصل له" ولام أبا عبيد عليه؛ إذا أضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبيِّن وهاءه.

وقد وجدت الطبراني قد أخرجه أيضًا في "الدعاء"[رقم 977]، من هذا الطريق به

وقد زاد في أوله: (اللَّهم إنى أسألك من خير هذه الريح، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما أرسلت به .... ) وهذه الزيادة عنده أيضًا في المعجم "الكبير" وكذا عند الخطيب في "تاريخه".

وقد توبع عليه حنش، الواسطى، تابعه العلاء بن راشد عليه نحوه

عند الشافعي [361]، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة"[رقم 2096]، وفى "الآداب"[رقم 302]، والبغوى في "تفسيره"[1/ 375]، من طريق الشافعي قال: أخبرنا من لا أتهم بحديثه حديثه العلاء بن راشد عن عكرمة به

قلتُ: مَنْ لا يتهم الشافعيُّ، قد يتهمه غيره، وكثيرًا لا يبِّين الشافعي من حدَّثه في جملة من الأحاديث والأخبار، وأرى أن ذلك أحد الأسباب التى أعرض الشيخان لأجلها عن إخراج حديثه في "صحيحهما".

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والعلاء بن راشد هذا ترجمه الحسينى في "التذكرة" فقال: "العلاء بن راشد عن عكرمة وعنه إبراهيم بن أبى يحيى لا تقوم بإسناده الحجة"، وتعقبه الحافظ في "التعجيل"[1/ 323]، قائلًا:"كذا قال، وعكرمة مشهور، وحال إبراهيم معروف، فانحصر".

قلتُ: هكذا جزم الحسين بكون إبراهيم بن أبى يحيى - وهو هالك - هو الذي روى عنه الشافعي هذا الحديث، وكأنه استروح إلى ذلك بما قاله بعضهم من أنه كلما قال الشافعي:"حدثنى مَنْ لا أتهم" فإنما يريد به ابن أبى يحيى هذا، فقد كان الشافعي يوثقه، فإن كان كذلك، فسيأتى الكلام عليه. وقد بحثتُ في كتب التراجم عن (العلاء بن راشد) فلم أجده إلا عند الحسينى وابن حجر، فأين ذهب مَنْ تقدم عنه؟!

نعم: احتمل الإمام في "الضعيفة"[9/ 228]، أنه ربما كان (إبراهيم بن راشد الواسطى الجرمى، سمع حلام بن صالح الأزدى، سمع منه يزيد بن هارون) هكذا ترجمه البخارى في "تاريخه"[6/ 513]، وابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[6/ 355]، وابن حبان في "الثقات"[8/ 502]، قال الإمام: "قلتُ: فيحتمل أن يكون هو شيخ إبراهيم هذا

واللَّه أعلم".

قلتُ: إن كان الإمام يرى أن إبراهيم بن أبى يحيى هو الذي روى هذا الحديث عن العلاء بن راشد، فلا يمكن أن يكون العلاء هو ذلك الشيخ الماضى؛ لكون يزيد بن هارون - الذي ذكروا أنه يروى عن العلاء - لا أراه سمع من هذه الطبقة.

وعلى كل حال: فالعلاء هذا مجهول الحال سواء كان هذا أو ذاك، فإن صحَّ أن إبراهيم بن أبى يحيى هو الذي رواه عنه، فالإسناد لا يساوى فلسًا، وإبراهيم قد أسقطه النقاد فسقط إلى الأبد، وماذا يجديه ثناء الشافعي عليه أصلًا وهو المكشوف الأمر؟! بل وجدته قدخولف فيه، خالفه عمر بن الحكم بن رافع - الثقة المعروف - فرواه عن العلاء بن راشد فقال: عن أبى على عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

، هكذا أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"[2/ 844]، بإسناد ضعيف إليه، وأبو على في سنده هو حسين بن قيس المعروف بحنش، فعاد الحديث إليه مرة أخرى.

وقد وهم المناوى في الكلام على هذا الحديث وهمًا فاحشًا، فإنه قال في "الفيض"[5/ 165]، بعد أن أعله بحنش:"ثم رأيت الحافظ في "الفتح" عزاه لأبى يعلى وحده عن أنس رفعه وقال: "إسناده صحيح"، فكان ينبغى للمؤلف عدم إهماله". =

ص: 168

2457 -

حَدَّثَنَا وهب بن بقية، حدّثنا خالدٌ، حدّثنا حسينٌ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ قَبَضَ يَتِيمًا بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ. وَشَرَابِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ، أَوْجَبَ اللهُ لَهُ الجَنَّةَ الْبَتَّةَ، إلا أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لا يُغْفَرُ، وَمَنْ عَالَ ثَلاثَ بَنَاتٍ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ، وَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " فقام رجلٌ من الأعراب، فقال: أو اثنتين؟ قال: نعم، حتى لو قال: واحدةً لقال: نعم "وَمَا مِنْ عَبْدٍ أَذْهِبَ اللَّهُ كرِيمَتَيْهِ، إلا كانَ ثَوابُهُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الجَنَّةِ" قال: وما كريمتاه؟ قال: عيناه. قال: وكان ابن عباسٍ إذا حدث هذا الحديث قال: واللَّه هذا من كرائم الحديث وغرره.

= قلتُ: لو لم يكن المناوى يقع كثيرًا في مثل تلك الأوهام الغريبة، ما كان الغُمارى يقسو عليه تلك القسوة الشديدة في كتابه "المداوى لعلل المناوى".

والحافظ لما ذكر - حديث أنس وصحَّح إسناده؛ قد ساق لفظه أيضا، فقال في "الفتح" [2/ 520]: (ووقع عند أبى يعلى [2905]، بإسناد صحيح عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هاجت ريح شديدة قال: "اللَّهم إنى أسألك من خير ما أمرتْ به، وأعوذ بك من شر ما أمرتْ

".

قلتُ: أين هذا اللفظ من لفظ حديث ابن عباس، حتى يصح للمناوى أن يلوم السيوطى على إهماله؟! فتأمل.

2457 -

صحيح: دون الفقرة الأولى، وكذا قول ابن عباس: أخرجه الترمذى [1917]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11542]، والحارث [2/ رقم 903/ زوائده]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[615]، وابن أبى الدنيا في "العيال"[رقم 612]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 243]، والخطيب في "الجامع"[2/ رقم 1377]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم في 615] ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 5066]، وغيرهم، من طريقين عن حسين بن قيس أبى عليّ الرحبى عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند الترمذى وابن أبى الدنيا بالفقرة الأولى منه فقط.

قلتُ: وهذا إسناد واهٍ، وحسين هو حنش ذلك المتروك عندهم، وبه أعله الترمذى عقب روايته فقال:"وحنش حسين بن قيس، وهو أبو على الرحبى، وسليمان التيمى يقول. (حنش) وهو ضعيف عند أهل الحديث"، وقال الهيثمى في "المجمع" [8/ 297]:"رواه الطبراني وفيه حنش بن قيس الرحبى، وهو متروك" ونحوه أعله البوصيرى أيضًا في "الإتحاف". =

ص: 169

2458 -

حَدَّثَنَا وهبٌ، حدّثنا خالدٌ، عن حسينٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ، وَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ وَسَنَّ سُنَنًا، وَحَدَّ حُدُودًا، وَأَحَل حَلالًا، وَحَرَّمَ حَرَامًا، وَشَرَعَ الإسلامَ، وَجَعَلَهُ سَهْلًا سَمْحًا وَاسِعًا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ ضَيِّقًا. يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لا إيمَانَ لمِنْ لا أَمَانَةَ لَه، وَلا دِينَ لمِنْ لا عَهْدَ لَهُ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّةَ اللَّهِ طَلَبَهُ اللَّهُ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّتِى خَاصَمْتُهُ، وَمَنْ خَاصَمْتُهُ فَلَجْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّتِى لَمْ يَنَلْ شَفَاعَى، وَلَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الحوْضَ. أَلا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرَخِّصْ فِي الْقتْلِ إلا فِي ثَلاثٍ: مُرْتَدّ بَعْدَ إيمَانٍ، وَزانٍ بَعْدَ إحصَانٍ، أَوْ قَاتَلِ نَفْسٍ فَيُقتلُ بِهَا اللَّهُمَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ".

= ووجدتُ البغوى قد أخرجه في "شرح السنة"[6/ 285]، ثم قال:"وحسين بن قيس أبو عليّ الرحبى لقبه (حنش) ضعَّفه أهل الحديث، وله نسخة عن عكرمة عن ابن عباس أكثرها مقلوبة".

قلتُ: وهذا كأنه أخذه من قول ابن حبان في ترجمة (حنش) من "المجروحين"[1/ 243].

وللحديث شواهد صحيحة دون الفقرة الأولى منه:

1 -

فيشهد للفقرة الثانية: حديث عقبة بن عامر الماضى [برقم 1764]، وحديث أنس الآتى [برقم 3448]، وحديث جابر الماضى [برقم 2210]، وله شواهد أخرى.

2 -

والفقرة الثالثة: يشهد لها حديث أنس الآتى [برقم 4211]، وله شواهد أخرى ثابتة، نذكر بعضها هناك إن شاء الله.

أما الفقرة الأولى: فلها شواهد أيضًا لكنها غير ثابتة، وقد مضى منها حديث أبى مالك أو ابن مالك [برقم 926]، ويغنى عنها حديث (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وجمع بين السبابة والوسطى)، وسيأتى من حديث عائشة [برقم 4866]، وسهل بن سعد [برقم 7553]، ومثل تلك الفقرة في الضعف قول ابن عباس في آخره:(هذا من كرائم الحديث وغرره) فقد تفرد به حنش الرحبى، وقد عرفتَ أنه ساقط، بل نقل ابن حبان وابن الجوزى عن أحمد أنه كذبه.

وقد وقع للمنذرى في "الترغيب"[3/ 235] وهْمٌ في نقْله عن الترمذى، وقد تعقبه الإمام في "الضعيفة"[11/ 559]، فالله المستعان.

2458 -

ضعيف جدًّا: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11532]، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[127] من طريق خالد الواسطى عن حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس به

ص: 170

2459 -

وَعَنِ ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر، وكان بينه وبين أهل مكة عهدٌ أن لا يُخرج أحدًا من أهله، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرته، خرج من مكة ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة حمزة بن عبد المطلب، فقالت: يا رسول الله، إلى من تَدَعُنى؟! فلم يلتفت؛ للعهد الذي بينه وبين أهل مكة، ومر بها زيد بن حارثة، فقالت: إلى من تدعنى؟ فلم يلتفت إليها، ومر بها جعفر، فناشدته فلم يلتفت إليها، ثم مر بها على بن أبى طالب، فقالت: يا أبا حسنٍ،، إلى من تدعنى؟ فأخذها عليّ، فألقاها خلف فاطمة، فلما نزلوا أتى زيدٌ عليّا، فقال: أنا أولى بها منك، أنا مولى نبى الله صلى الله عليه وسلم، قال عليّ: أنا أولى بها منك، قال جعفرٌ: أنا أولى، بها، خالتها عندى، أسماء بنت عميسٍ الخثعمية، فلما علت أصواتهم بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتوه، قال:"أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ، فَأَنْتَ تُشْبِهُ خَلْقِى وَخُلُقِى، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ، فَأَنَا مِنْكَ وَأَنْتَ وَصِيِّى، وَأَمَّا زَيْدٌ فَمَوْلاىَ وَمَوْلاكُمْ، فَادْفَعِ الجارِيةَ إِلَى خَالَتِهَا وَهىَ أَوْلَى بِهَا".

= قلتُ: وهذا إسناد ساقط مثل سابقه، قال الهيثمى في "الجمع" [1/ 417]:"رواه الطبراني في الكبير وفيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وهو متروك الحديث".

وقال البوصيرى، في "الإتحاف": "هذا إسناد مداره على حسين بن قيس الرحبى المعروف بحنش، وقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخارى والساجى والعقيلى والدارقطنى وابن عدى وابن عبد البر وغيرهم

".

قلتُ: وبمثل هذا الحديث سقط حنش عند النقاد، ولبعض فقرات الحديث شواهد، وهو بهذا السياق منكر جدًّا، وقد نصَّ المنذرى على ضعفه في "الترغيب"[1/ 42]، بقوله: "وروى عن ابن عباس

" ثم ساقه ونسبه إلى الطبراني.

2459 -

منكر: بهذا السياق: هذا إسناد ساقط كسابقه، تفرد به حنش الرحبى وهو تالف كما مضى مرارًا، وفى سياق الحديث نكارة شديدة لاسيما في أوله، بل هو باطل بهذا اللفظ.

والحديث ثابث محفوظ دون هذا السياق جميعًا، فانظر الماضى [برقم 2379]، وأصله في "الصحيح" من حديث البراء بن عازب، وفى الترمذى وابن ماجه وغيرهما من حديث على بن أبى طالب.

ثم وجدت الحديث، بسياق المؤلف من طريق حنش: عند أبى جعفر بن البخترى في جزء فيه =

ص: 171

2460 -

وَعَنِ ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مِنْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ امْرَأَةً، وَاحِدَةٌ فِي الجنَّةِ، وَبَقِيَّتُهُنَّ فِي النَّارِ" فاشتد ذلك على من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْمُسْلِمَةَ إِذَا حَمَلَتْ كَانَ لَهَا أَجْرُ الْقَائِمِ الصائِمِ الْمُحْرِمِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا وَضَعَتْ فَإِنَّ لَهَا بِأَوَّلِ رَضْعَةٍ تُرْضِعُهُ أَجْرَ حَيَاةِ نَسَمَةٍ".

2461 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج السامى، حدّثنا محمد بن ثابتٍ العبدى، حدّثنا

جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد الله، عن ابن عباسٍ، قال: بينما رسَول الله صلى الله عليه وسلم في

= ثلاثة مجالس من "أماليه"[رقم 5/ ضمن مجموع مؤلفاته]، وكذا عند الأعرابى في "المعجم"[برقم 2357]، وقال ابن الأعرابى عقبة:"نا يحيى - هو ابن أبى طالب - نا عليّ بن عاصم - هو الواسطى - أنا غيلان بن جامع [ووقع عنده (جابر) وهو خطأ] عن أبى إسحاق - وهو الهمدانى - عن عاصم بن ضمرة قال: حدثنى هذا الحديث على مثله .... ".

قلت: وهذا إسناد واهٍ أيضًا؛ أبو إسحاق يدلس مع اختلاطه، وعلى بن عاصم ضعيف عندهم، وفى يحيى بن أبى طالب مقال مشهور، راجع ترجمته من "اللسان"[6/ 262].

2460 -

منكر: هذا إسناد تالف ومتن منكر، رجاله كلهم ثقات سوى الحسين بن قيس المعروف

بـ (حنش) ذلك الساقط المتروك، وعنه يكول أحمد:"متروك الحديث، ضعيف الحديث".

وقال أيضًا: "ليس حديثه بشئ، لا أروى عنه شيئًا"، وقال أبو حاتم:"ضعيف الحديث، منكر الحديث"، وقال البخارى:"أحاديثه منكرة جدًّا، ولا يكتب حديثه"، وكذا تركه جماعة، بل نقل ابن حبان وابن الجوزى عن الإمام أحمد أنه كذبه، وقال الساجى:"ضعيف الحديث، متروك؛ يحدث بأحاديث بواطيل .... ".

قلت: وهذا الحديث منها،! وقد أغفله الهيثمى في "المجمع"، وهو على شرطه، فاللَّه المستعان.

1461 -

صحيح: دون شطره الأول، وقوله:(هول العدو): أخرجه أحمد [1/ 99]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[8/ 234]، من طريق إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن ابن عباس به نحوه باختصار .... وليس فيه قول المرأه إلى آخره .... ، وزاد:(فذكر لهم خيرًا كثيرًا).

قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الهيثمى في "المجمع" [5/ 511]:"رواه أحمد، وفيه محمد بن ثابت العبدى، وثقه ابن معين في رواية، وكذلك النسائي، وبقية رجاله ثقات". =

ص: 172

بيتٍ من بعض بيوت نسائه إذ وضع رأسه على فخذ إحداهن فأغفى، فضحك في منامه فبعد أن رأيته سأله بعض أهل البيت، قالوا: يا رسول الله، ما أضحكك؟ فقال:"عَجِبْتُ لِنَاسٍ مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ، وَهَوْلَ الْعَدُوِّ، يُجَاهدُونَ فِي السَّبِيلِ" فذكر لهم فضلًا لم يحفظه محمدٌ. قالت امرأةٌ كانت ثمة: يا رسول اللَّه، ادع الله أن يجعلنى منهم، فدعا لها فخرج بها زوجٌ لها في غزاة، فبينما هي على ساحل البحر تسير على راحلةٍ لها، إذ وقعت فاندقت فخذها فماتت.

2462 -

حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن جابرٍ، حدّثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن عمرو بن

= قلتُ: والعبدي ضعفه أكثر النقاد لسوء حفظه، فقال أبو حاتم:"ليس هو بالمتين، يكتب حديثه"، وضعفه ابن معين في رواية، وقال ابن حبان في "المجروحين" [2/ 251]: "كان يرفع المراسيل ويُسْند الموقوفات؛ توهمًا من سوء حفظه، فلما فحش ذلك منه؛ بطل الاحتجاج به

"، وقال أبو داود: "ليس بشئ" وقد وثقه بعضهم.

وبرهان ضعفه ظاهر من تخليطه في متن الحديث، فإن الحديث محفوظ عن أنس بن مالك بنحوه كما يأتى [برقم 3675].

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نائمًا عند أم حرام بنت ملحان .... فجاء محمد بن ثابت وجعله صلى الله عليه وسلم كان نائمًا في بعض بيوت نسائه .... ، وهذا تخليط، وزاد أيضًا:(وهول العدو)، وهى زيادة غير محفوظة في حديث أنس الآتى، ويدل على كون الحديث لم يحفظه محمد بن ثابت، قوله في وسطه:(فذكر لهم فضلًا لم يحفظه محمد) يعنى محمد بن ثابت، وأصل الحديث ثابت من رواية أنس كما يأتي [برقم 3675].

22462 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [4464]، والترمذى [1455]، وأحمد [1/ 269]، والحاكم [4/ 395]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 126]، والمؤلف [برقم 2743]، والبيهقي في "سننه"[16812، 11813]، والنسائي في "الكبرى"[7340]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[575]، والطبري في "تهذيب الآثار"[رقم 2905]، والبغو ى في "شرح السنة"[5/ 270]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 41]، والطحاوى في "المشكل"[9/ 133]، وابن حزم في "المحلى"[11/ 387]، وجماعة، من طرق عن عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس به

وقد زادوا جميعًا إلا أبا داود والترمذى وأحمد والدارقطني والمؤلف هنا والبيهقي والنسائي، والبغوي والطحاوي: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل=

ص: 173

أبى عمرٍو، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى الْبَهِيمَةِ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ".

= والمفعول به

" وسيأتى الكلام على تلك الزيادة عند المؤلف [برقم 2463]- وهو الآتى - وقع عندهم جميعًا في آخره إلا المؤلف وأحمد والبيهقي في الموضع الثاني وعبد بن حميد والطبرى وابن الأعرابى: (قال: قلتُ له - يعنى لابن عباس: ما شأن البهيمة؟! قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها، وقد عُمل بها ذلك العمل).

قلتُ: وهذا إسناد يقول عنه ابن القيم في "روضة المحبين"[ص 375]: "على شرط البخارى" وهذه غفلة منه، ولم يُخْرج البخارى لعمرو بن أبى عمرو عن عكرمة شيئًا قط، بل غمز في سماعه منه كما يأتى.

نعم، عمرو وعكرمة من رجال البخارى، لكن لا تلازم بين هذا وأن يكون الإسناد على شرطه، وهنا [قاعدة مهمة] وهى أن بعضهم إذا رأى الإسناد رجاله قد احتج بهما الشيخان، جزم من فوره بكونه على شرطهما، فإن كان رجاله رجال البخارى، قال:(على شرط البخارى)، وإن كان رجاله رجال مسلم قال:(على شرط مسلم)، وهذا كله تساهل قبيح قد شرحنا غوائله في "إرضاء الناقم" وقد كان الحاكم - صاحب "المستدرك " - يفعل ذلك كثيرًا في كلامه على الأسانيد، وقد انتقده الحافظ ابن عبد الهادى في "نصب الراية"[1/ 262]، وذكر فوائد هامة في مقال له يغبط عليه عند التأمل، ومن ذلك قوله شارحًا تساهل الحاكم في "المستدرك":"وربما جاء - يعنى الحاكم - إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحبا "الصحيح" عن شيخ معين؛ لضبطه حديثه وخصوصيته به، ولم يخرجا حديثه عن غيره؛ لضعف فيه، أو لعدم ضبطه حديثه، أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه، أو لغير ذلك؛ فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ ثم يقول: "هذا على شرط الشيخين، أو البخارى أو مسلم"، وهذا أيضًا تساهل؛ لأن صاحبى "الصحيح" لم يحتجا به - أي بهذا الراوى - إلا في شيخ معين، لا في غيره، فلا يكون على شرطهما

".

قلتُ: وقد شرحنا كلام ابن عبد الهادى هذا مع التنظير عليه من أساليب الحاكم وغيره، وجماعة من المتأخرين في كتابنا "إرضاء الناقم بمحاكمة الحاكم".

والعبرة منه: أن رواية عمرو بن أبى عمرو عن عكرمة قد تكلم فيها البخارى نفسه، فكيف تكون على شرطه؟! ولم يخرج في "صحيحه" بهذه الترجمة ولو حرفًا واحدًا، وإن كان هو يحتج بعمرو وعكرمة على الانفراد، فافهم أيها الذكى. =

ص: 174

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعود على بدء فنقول: هذا الحديث قد أنكره جماعة من النقاد على عمرو بن أبي عمرو، فأخرجه الترمذي في "علله"[رقم 265]، ثم نقل عن البخاري أنه قال:"عمرو بن أبي عمرو صدوق، ولكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة .... ولا أقول بحديث عمرو بن أبي عمرو، أنه من وقع على بهيمة أنه يقتل".

وكذا أنكره عليه أبو داود والعجلى وغيرهما، وهو ظاهر تصرف الترمذى أيضًا، وقد نقل ابن القيم في الجواب الكافى [ص 124]، عن الإمام أحمد أنه ضعَّف هذا الحديث، وكذا ضعفه الطحاوي وغيره. وعمرو بن أبي عمرو مختلف فيه، والصواب أنه صدوق كما قاله البخاري وغيره؛ لكنه كان يروى مناكير عن عكرمة كما مضى من قول البخاري.

وقد وجدتُ ابن رجب قد نقل في "شرحه على العلل"[ص 346/ طبعة السامرائى]، عن الإمام أحمد أنه قال عن عمرو:"كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة"، قال ابن رجب:"لكنه - يعنى أحمد - نسب الاضطراب إلى عكرمة لا إلى عمرو".

قلتُ: عكرمة ثقه ثبت متقن، فإن كان ثمَّ اضطراب في رواية عمرو عنه، فهو من عمرو بلا تردد إن شاء الله، وقد أشار البخاري إلى هذا فيما مضى؛ لكن إن ثبت أن من أنكر هذا الحديث على عمرو إنما أنكره؛ لكونه قد صحَّ عن ابن عباس أنه أفتى بخلافه وقال:(ليس على الذي يأتى البهيمة حد) كما أخرجه أبو داود [4465]، والترمذى عقب [رقم 1455]، وجماعة بإسناد حسن إليه.

فهذا الانكار محل نظر آنذاك. وقد توبع عليه عمرو، تابعه جماعة عن عكرمة كما قاله البيهقي في "سننه"[8/ 234]، لكن لم يصح من ذلك شيء قط، بل اختلف على المتابع في سنده كما بسطناه في كتابنا "غرس الأشجار".

وللحديث شاهد عن أبي هريرة مرفوعًا بإسناد كأن لم يكن، كما يأتى عند المؤلف [برقم 5987]، واللَّه المستعان.

• تنبيه: لفظ البيهقي في الموضع الثاني: (ملعون من وقع على بهيمة. وقال: اقتلوه واقتلوها؛ لا يقال: هذه التي فُعِلَ بها كذا وكذا).

قلتُ: وهذا سياق غريب، أشمُّ منه رائحة اضطراب عمرو بن أبي عمرو فيه على عكرمة، وقد مضى عند الجماعة أن تعليل القتل إنما هو من قول ابن عباس موقوفًا عليه.=

ص: 175

2463 -

وَعَنِ ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمِلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالمفْعُولَ".

= ولفظ البيهقي في ذلك بالموضع الأول: (فقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟! فقال: ما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا، ولكن أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يؤكل من لحمها أو ينتفع بها بعد ذلك)، فتأمل قول ابن عباس:(ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا) ينجلَّ لك كيف اضطرب عمرو فيه! ثم بدا لى أن الإسناد إلى عمرو باللفظ المرفوع الماضى؛ لم يصح إليه، لكن فقرة:(ملعون من وقع على بهيمة) ثابتة بهذا اللفظ عن عمرو عند أحمد [1/ 317]، وجماعة بإسناد حسن إليه، والحديث ضعيف على كل حال.

2463 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [4462]، والترمذي [1456]، وابن ماجه [2561]، وأحمد [1/ 300]، والدارقطني في "سننه"[3/ 124] والبيهقي في "سننه"[16796]، وفى "المعرفة"[رقم 5329]، والبغوي في "شرح السنة"[5/ 269]، وابن الجارود [820]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث"[رقم 665]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 116]، وابن عساكر في "تاريخه"[6/ 7]، و [54/ 203]، والآجرى في "ذم اللواط"[رقم 26، 27]، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"[رقم 418]، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهى"[رقم 122]، ومن طريقه ابن الجوزى في "ذم الهوى"[2/ رقم 462/ بتعليقى]، وغيرهم من طرق عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف معلول، عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب قد مضى الكلام على حاله، وكذا على روايته عن عكرمة خاصة في الحديث الماضي، وقد سبق أن أنكر ابن معين هذا الحديث على عمرو، فقال كما نقله عنه ابن عدى في "الكامل" [5/ 116]:"عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب: ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به

"، وكذا استنكره النسائي كما حكاه عنه الحافظ في "التلخيص" [4/ 54] ..

وقد مضى في الحديث قبله أن البخاري قد قال عن عمرو: "روى عن عكرمة مناكير" وقال: "ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة". وقد اختلف على عمرو في متنه أيضًا، كما شرحناه في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".

وقد توبع عمرو عليه عن عكرمة: لكن لا يثبت من ذلك شيء أيضًا، وقد اختلف على المتابعين =

ص: 176

2464 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج، حدّثنا وهيبٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أُمِرْتُ أَنْ أَسجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: الجبْهَةِ - وأشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقدَمَيْنِ، وَلا أَكُفَّ الثِّيَابَ، وَلا الشَّعْرِ".

2465 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج، حدّثنا وهيبٌ، عن ابن طاووسٍ، عن عكرمة بن خالدٍ، عن ابن عباسٍ، أنه بات عند خالته ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فصلى، قال: فقمت عن يساره، فجرنى حتى أقامنى عن يمينه، قال: فصلى ثلاث عشرة ركعةً، قيامه فيهن سواءٌ.

= من أوجه، كما بسطناه في الكتاب المشار إليه، وطريق عمرو هو أنظف الطرق كلها إلى عكرمة، وقد عرفتَ ما فيه.

وفى الباب عن جابر بإسنادٍ واهٍ، ترى الكلام عليه في تعليقنا على "ذم الهوى" لابن الجوزى [2/ 465]، وقد اختلف في متنه أيضًا كما مضى عند المؤلف [برقم 2128]، وله شاهد ثانٍ عن أبي هريرة مرفوعًا بإسناد ساقط، يأتى عند المؤلف [برقم 6687]، وهو أيضًا في "ذم الهوى"[2/ رقم 466].

• تنبيه: قد اختلف على عمرو بن أبي عمرو في متن هذا الحديث على ألوان، وسيأتى منها لون آخر [برقم 2539].

2464 -

صحيح: أخرجه البخاري [776، 779]، ومسلم [230]، والنسائي [1096، 1097]، وابن ماجه [844]، وأحمد [1/ 286]، والدارمى [1319]، وابن خزيمة [636]، والشافعى [255]، والبيهقى في "سننه"[2479، 2480، 2481، 2482]، والدارمى [1319]، وابن حبان [1925]، والحميدى [494]، وعبد الرزاق [2974]، وأبو عوانة [1196، 1480، 1481]، والبغوى في "شرح السنة"[1/ 467]، وابن المنذر في "الأوسط"[1390]، وجماعة، من طرق عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس به نحوه.

قلتُ: وقد توبع عليه ابن طاووس نحوه عن أبيه: كما مضى عند المؤلف [2389، 2431].

2465 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 252]، وابن حبان [2627]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 286]، وغيرهم، من طرق عن وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاووس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس به. =

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: قد توبع عليه وهيب: تابعه معمر عن ابن طاوس عن عكرهة بن خالد عن ابن عباس قال: (كنتُ في بيت ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل؛ فقمتُ معه على يساره؛ فأخذ بيدى، فجعلنى عن يمينه، ثم صلى ثلاث عشرة ركعة، حزرتُ قيامه في كل ركعة قدر: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} [المزمل]).

هكذا أخرجه عبد الرزاق [3868، 4706]- واللفظ له - وعنه أحمد [1/ 365]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11272]، والنسائي في "الكبير"[400، 1425]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[692]، وكذا أبو داود [1365]، ومن طريقه البيهقي [4458]، وزاد (منها ركعتا الفجر

)، وهى زيادة غير محفوظة من حديث عبد الرزاق عن معمر.

ورجال الإسناد كلهم ثقات ولكن عكرمة بن خالد وهو ابن العاص المخزومى لم يسمع من ابن عباس شيئًا، إنما يحدث عن سعيد بن جبير، هكذا قاله أحمد في "العلل"[1/ 403/ رواية عبد الله].

وقد رواه مسعر أيضًا عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: (بِتُّ عند خالتى ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بثلاث، ثم اضطجع

) هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1322]، والدارقطني في "الأفراد"[رقم 2480/ أطرافه]، من طريق الحسين بن عبد الرحمن الجرجائى عن وكيع عن مسعر به.

قلتُ: قال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن مسعر إلا وكيع، تفرد به الحسين".

قلتُ: ونحوه قال الدارقطنى أيضًا. والحسين هذا روى عنه جماعة من الكبار، ووثقه ابن حبان توثيقًا معتمدًا، لكن رماه أبو حاتم بالجهالة، وقد ذكر الدارقطنى أن عامرًا الأحول قد رواه أيضًا عن عكرمة، ثم قال:"تفرد به هشام الدستوائى عنه، ولم يروه عنه غير ابنه معاذ".

قلتُ: وعلة الإسناد هي الانقطاع بين عكرمة بن خالد وابن عباس، وقد خولف فيه جميع من رواه عن عكرمة على الوجه الماضى، خالفهم عباد بن منصور الناجى فرواه عن عكرمة بن خالد فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مطولًا

وفيه: (فأخذ بأذنى فأدرانى حتى أقامنى عن يمينه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى أن عليه ليلًا ركعتين، فلما ظن أن الفجر قد دنا، قام فصلى ست ركعات أوتر بالسابعة، حتى إذا أضاء الفجر قام فصلى ركعتين

).

هكذا أخرجه أحمد [1/ 369]- واللفظ له - وابن أبي الدنيا في "التهجد" و"قيام الليل" =

ص: 178

2466 -

حَدَّثَنَا الحسن بن عمر بن شقيقٍ، حدّثنا الأسود بن حفصٍ المروزى، حدّثنا حسين بن واقدٍ، عن يزيد النحوى، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفرٍ قبل ابنته فاطمة.

= [رقم 384]، وهو مختصر من هذا الطريق دون موضع الشاهد عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12504]، أبي عبيد في "الطهور"[رقم 68، 261، 318]، وغيرهما من طريقين صحيحين عن عباد به.

قلتُ: وعباد وإن كان فيه كلام، لكن روايته هي المقبولة لما فيها من الزيادة في الإسناد، أعنى (سعيد بن جبير) بين عكرمة وابن عباس.

وقد مضى أن الإمام أحمد قد جزم بكون عكرمة بن خالد لم يسمع من ابن عباس شيئًا، لكن لسياق المؤلف طرق أخرى نحوه عن ابن عباس به

منها طريق كريب عند البخاري [666]، ومسلم [763]، وجماعة كثيرة.

2466 -

حسن: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[4/ رقم 4105]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1397]، من طريق الحسن بن عمر بن شقيق عن الأسود بن حفص عن الحشين بن واقد عن يزيد النحوى عن عكرمة عن ابن عباس به ....

قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد النحوى إلا الحسين بن واقد، ولا عن الحسين إلا الأسىود بن حفص وزيد بن الحباب" وقال الهيثمى في "المجمع"[8/ 85]: "رواه الصبرانى في "الأوسط"، ورجاله ثقات، وفى بعضهم ضعف لا يضر".

قلتُ: وسند هذا الحديث حسن مقبول، رجاله كلهم مقبولون معروفون سوى الأسود بن حفص، فلم يترجمه - فيما أعلم - سوى ابن حبان في "الثقات"[8/ 130]، فقال:"الأسود بن حفص المروزى يروى عن الحسين بن واقد، روى عنه الحسن بن عمر بن شقيق، كان يخطئ".

قلتُ: وأرى هذا منه توثيقًا مقبولًا؛ لأنه إنما يتساهل في رجال الصدر الأول؛ ثم قوله: (كان يخطئ) فيه دلالة على كونه مارس حديث الرجل فوجده يخطئ؛ فهو قد عرفه إذًا؛ ولو كان كثير الخطأ لما استجاز ابن حبان أن يدرجه في "الثقات".

فالظاهر أن الأسود شيخ مقبول حسن الحديث، على أنه لم ينفرد به؛ بل تابعه عليه زيد بن الحباب - وهو صدوق مشهور - كما مفى في كلام الطبراني.

ثم إن للحديث شواهد - بعضها ثابت - في تقبيله صلى الله عليه وسلم لفاطمة مطلقًا دون تقيد كون ذلك عند=

ص: 179

2467 -

حدّثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، حدّثنا الحسن بن عبيد الله، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس، قال: رأى عمر بن الخطاب في يدى خاتمًا من ذهب فأخذه فحذف به. وقال فلا أنا طلبته ولا هو رده عليَّ.

2468 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا عبد الرحمن بن محمدٍ المحاربى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي زيدٍ، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن عبد الرحمن بن وعلة، قال: سألت ابن عباس عن بيعٍ الخمر من أهل الذمة، فقال: أهدى رجلٌ من ثقيفٍ - أو من دوسٍ - لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية عام الفتح، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصادقه في الجاهلية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ لَقَدْ حَرَّمَهُ" فأصغى إلى غلامٍ له معه قال: اذهب بها إلى الحزورة - قريةٍ جنب المدينة - فبعها. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الذي أَمَرْتهُ؟ " قال: أمرته أن يبيعها. قال: "يَا فُلانُ، إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ ثَمَنَهَا" فأمر بها فأهريقت.

= قدوم من سفر، فاعرف هذا يا رعاك الله، ويزيد النحوى: هو يزيد بن أبي سعيد النحوى الثقة العابد المشهور.

2467 -

صحيح: هذا إسناد صحيح مستقيم، رجاله كلهم ثقال مشاهير؛ والحسن بن عبيد الله هو ابن عروة النخعى، وشيخ المؤلف هو (مشكدانة) وسالم بن أبي الجعد لم يتكلم أحد في سماعه من ابن عباس، بل هو قد أدرك وسمع ممن هو أقدم وأكبر من ابن عباسٍ، فالظاهر الاتصال حتى يظهر غير ذلك، وحديثه عن ابن عباس عند النسائي وابن ماجه. والله المستعان.

2468 -

صحيح: أخرجه الدارمى [2571]، من طريق أحمد بن خالد عن محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الرحمن بن أبي زيد [وعنده (يزيد) وهو وهْمٌ، والصواب (زيد)] عن القعقاع بن حكيم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس به

نحوه .... وفى أوله زيادة.

قلتُ: هكذا رواه أحمد بن خالد الوهبى - وهو صدوق - وعبد الرحمن بن محمد المحاربى، وخالفهما يعلى بن عبيد، فرواه عن ابن إسحاق فقال: عن القعقاع بن حكيم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس به

نحوه، فأسقط (عبد الرحمن بن أبي زيد) من وسطه.

هكذا أخرجه أحمد [1/ 230]، والدارمى [2103]. والأول هو المحفوظ. فلعل ابن إسحاق =

ص: 180

2469 -

حَدَّثنَا أبو هشام الرفاعى، حدّثنا ابن فضيلِ، حدّثنا رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اللَّهُمَّ إِنَّىَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِئُ بِهِ الرِّيحَ، وَمن شَرِّ مَا تَجئُ بِهِ الرُّسُلُ".

= قد دلَّس (عبد الرحمن) في تلك الرواية، بل هو الظاهر، وعبد الرحمن بن أبي زيد جزم ابن أبي حاتم في ترجمته من "الجرح والتعديل"[5/ 236] بكونه هو ابن البيلمانى، وهكذا قال الحافظ في "التهذرب"[6/ 163] عقب ترجمة (عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب)، وابن البيلماني هذا شيخ ضعيف، من رجال أصحاب "السنن"، وابن إسحاق قبيح التدليس، وقد عنعنه من الوجهين، فربما كان قد سمعه من شيخ عن ابن البيلمانى عن القعقاع، والمدلس قد يدلس رجلين أو أكثر كما هو معروف مشهور، وباقى رجال الإسناد ثقات، وقد توبع عليه القعقاع بن حكيم:

1 -

تابعه زيد بن سلم عن عبد الرحمن بن وعلة: أنه سأل عبد الله بن عباس عما يُعصر من العنب، فقال ابن عباس: (أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما علمتَ أن الله حرمها؟! " قال: لا. فسارَّه رجل إلى جنبه، فقال له صلى الله عليه وسلم: بما ساررته؟ فقال: أمرته أن يبيعها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي حرم شربها حرم بيعها". ففتح الرجل المزادتين، حتى ذهب ما فيهما

).

أخرجه مالك [1543]- واللفظ له - ومن طريقه مسلم [1579]، وأبو عوانة [4355، 6457]، والنسائي [4664]، وأحمد [1/ 244، 323]، و [1/ 358]، وابن حبان [4942، 4944]، والشافعي [1359]، والمؤلف [برقم 2590]، والبيهقي في "سننه"[10825]، وفى "المعرفة"[رقم 5447]، والمزى في "تهذيب الكمال"[17/ 479]، وابن عبد البر في "التمهيد"[4/ 145]، والبغوي في "شرح السنة"[3/ 463]، والطحاوي في "المشكل"[8/ 127]، وجماعة كثيرة.

2 -

ويحيى بن سعيد الأنصارى نحو السياق الماضى عند مسلم [1579]، والبيهقي في "سننه"[10826]، وأبى عوانة [عقب رقم 4355]، والطحاوي في "المشكل"[8/ 127]، وابن حزم في "المحلى"[7/ 517]، وجماعة غيرهم.

2469 -

منكر: بهذا التمام: أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"[4/ 1330]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 148]، وابن أبي الدنيا في "المطر والرعد والبرق"[رقم 129]، وغيرهم من طرق عن محمد بن يزيد أبي هشام الرفاعى عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس به. =

ص: 181

2470 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، قال: حدّثنا عبد الرحيم، عن محمد بن إسحاق، عن الحسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومٍ مطيرٍ وهو يتقى بكساءٍ عليه الطين إذا سجد.

2471 -

حَدَّثَنا أبو خيثمة، حدثنا هشيم، حدّثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائمٌ محرمٌ.

= قلتُ: وهذا إسناد منكر، وفيه علتان:

1 -

أبو هشام الرفاعى قد ضعفوه، حتى قال البخاري:"رأيتهم مجمعين على ضعفه" راجع "التهذيب"[9/ 464].

2 -

ورشدين بن كريب شيخ منكر الحديث كما قاله أحمد والبخارى وغيرهما، وهو من رجال الترمذى وابن ماجه، وبه أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[رقم 6245]، ولم يذكره الهيثمى في "المجمع"، وهو على شرطه، ولشطره الأول شواهد ثابتة، وهو منكر بهذا التمام.

2470 -

ضعيف: مضى الكلام عليه في تخريج الحديث [رقم 2446].

2471 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه أبو داود [2373]، والترمذي [777]، وابن ماجه [1682]، وأحمد [1/ 215، 222، 286]، والطيالسي [2700]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12137، 12138، 12139]، وعبد الرزاق [7541]، والبيهقي في "سننه"[8053]، والنسائي في "الكبرى"[3226]، والطحاوي في "شرح العانى"[2/ 101]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 214]، وابن الجعد [2994]، والسلفى في "مشيخة ابن الحطاب"[50]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 445]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 276]، والبغوي في "شرح السنة"[3/ 259] وغيرهم، من طرق عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس به

ولفظ الترمذى والبيهقي والدارقطني [2/ 239]، وعبد الرزاق:(أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فيما بين مكة والمدينة وهو محرم صائم) وهو رواية لأحمد والطحاوي.

قلتُ: ورواه ابن عيينة أيضًا عن يزيد بن أبي زياد مثله كما مضى تخريجه [2446]، ومداره على يزيد، وهو شيخ ضعيف الحفظ، مضطرب الحديث، وقد كان قد تغير بأخرة حتى صار يتلقَّن. =

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن تابعه الحكم بن عتيبة على مثله: عند الطيالسي [2698]، والنسائي في "الكبرى"[3227]، والبخارى في "تاريخه الصغير"[رقم 1426]- وبعضهم يجعله "الأوسط" - معلقًا، وغيرهم، من طريق شعبة عن الحكم به.

قلتُ: وهو من طريق شعبة عند أحمد [1/ 244، 344]، وابن الجعد [318]، وابن الجارود [388]، وابن الجوزي في "التحقيق"[2/ 93]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 444]، وغيرهم، بلفظ:(أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بالقاحة وهو صائم)، وهو دون لفظ:(القاحة) عند أحمد [1/ 280، 286]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12053]، وابن أبي شيبة [9314]، والنسائي في "الكبرى"[3224]، وغيرهم.

وتوبع عليه شعبة: تابعه الحجاج بن أرطأة عن الحكم بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم صائمًا محرمًا فغشى عليه، قال: فلذك كره الحجامة).

أخرجه أحمد [1/ 428]، ونحوه عند الجصاص في "أحكام القرآن"[1/ 240]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 444]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12086]، لكن دون قوله:(محرمًا) وهو عند ابن أبي شيبة [9313]، بلفظ:(احتجم وهو صائم).

والحجاج ضعيف الحفظ، وقال النسائي عقب رواية شعبة عن الحكم:"الحكم لم يسمعه من شعبة".

قلتُ: وسبقه إلى ذلك شعبة فقال: "لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة والصيام من مقسم

".

كذا أخرجه عنه البخاري في تاريخه "الأوسط"[رقم 1427]- وبعضهم يجعله الصغير - وكذا قال الحافظ في "التلخيص"[2/ 191].

وقد توبع مقسم عليه عن ابن عباس مثل لفظ المؤلف: عند الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 2434]، والنسائي في "الكبرى"[3231]، والطحاوي في "شرح المعانى"[2/ 101]، وأبى نعيم في "الحلية"[4/ 95]، والخطيب في "تاريخه"[5/ 409]، و [10/ 89]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 91]، والبيهقي في "المعرفة"[رقم 2672]، وجماعة، وهو عند الترمذي [776]، وأحمد [1/ 315]، وغيرهما، دون قوله:(محرم)، كلهم رووه من طرق عن محمد بن عبد الله، الأنصارى عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران به. =

ص: 183

2471 م - حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا هشيم، حدّثنا منصورٌ، عن عطاء، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن حلق قبل أن يذبح، ونحو ذلك، فكان يقول:"لا حرَجَ، لا حَرجَ".

= قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكن أنكره الحفاظ على الأنصارى.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به .. . مثل لفظ المؤلف، لكن أنكر الإمام أحمد والحميدى وجماعة كون النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم صائمًا محرمًا، فقال الحافظ في "التلخيص " [2/ 191]:"واستشكل كونه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصيام والإحرام؛ لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن محرمًا إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإحرام إلا في عزاة الفتح، ولم يكن حينئذٍ محرمًا"، ثم قال الحافظ:"قلتُ: وفى الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك؟! فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة، ثم ظهر لى أن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعا معًا، والأصوب رواية البخاري [1836]: "احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم" فيحمل على أن كل واحد منهما وقع في حالة مستقلة

".

قلتُ: وهذا حسن رائق لا يسع الناقد إلا قبوله؛ وبه تجتمع مفترق الأخبار في ذلك، وعليه فلفظ المؤلف - ومن رواه مثله - غير ثابت بهذا السياق، والمحفوظ أنه ثابت ولكن مفرقًا في حالتين.

الأولى: حالة الاحتجام مع الصيام.

والثانية: حالة الاحتجام مع الإحرام.

ومن جمح بينهما في سياق واحد دون التفريق؛ فقد وهم إن كان ضعيفًا، أو أوهم إن كان ثقة، فاحفظ هذا جيدًا.

2471 م - صحيح: أخرجه البخاري [1634]، وأحمد [1/ 216]، وابن حبان [3876]، والدارقطني في "سننه"[2/ 292]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11350]، وفى "الأوسط"[9/ رقم 9377]، والنسائي في "الكبرى"[4104]، والبيهقي في "سننه"[9409]، وابن عبد البر في "التمهيد"[7/ 280]، والطحاوي في "شرح المعانى"[2/ 236]، وجماعة من طرق عن هشم بن بشير عن منصور بن زاذان عن عطاء عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد كالشمس، وهشيم قد صرح بالسماع كما ترى، وقد توبع عليه منصور: تابعه جماعة عليه نحوه

ص: 184

2472 -

حَدَّثَنا أبو خيثمة، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا عوفٌ، عن زياد بن حصينٍ، عن أبي العالية، عن ابن عباسٍ، قال لى النبي صلى الله عليه وسلم:"هَلُمَ الْقُطْ لِي" قال: فالتقطت له حصياتٍ هُنَّ حصى الخذف، فلما وضعهن في يده قال:"نَعَمْ، بِمِثْلِ هَؤُلاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ".

2473 -

وَعَنْ هشيمٍ، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ: أن رجلًا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمًا، فوقصته ناقته فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوهُ بِماءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا".

2474 -

حَدَّثَنا أبو خيثمة، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا يزيد بن أبي زياد، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم مهلًا بالحج، طاف وسعى، ولم يحلّ من أجل الهدى، وأمر من لم يكن معه هدىٌ أن يطوف ويسعى ويقصِّر أو يحلق، ثم يحلّ.

2472 - صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2427].

2473 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2337].

2474 -

صحيح: أخرجه أبو داود [1792]، وأحمد [1/ 241]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11118]، وغيرهم من طرق عن هشيم بن بشير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد مغموز، وابن أبي زياد هو القرشى الذي شاخ وكبر حتى صار مَضْربَ المثل في قبول التلقين، وهو قبل شيخوخته سيئ الحفظ أيضًا.

لكن الحديث محفوظ من طرق عن ابن عباس به نحوه

وكذا له شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة، ومن طرقه عن ابن عباس: ما أخرجه البخاري [1470]، وجماعة من طريق فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة قال: أخبرنى كريب عن عبد الله بن عباس - رضى الله عنهما - قال: (انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد ما ترجَّل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء من الإردية والأزر إلا المزعفرة التى تردع على الجلد؛ فأصبح بذى الحليفة ركب راحلته حتى استوى على البيداء أهلَّ هو وأصحابه، وقلَّد بدنته، وذلك لخمس بقين من ذى القعدة، فقدم مكة لأربع ليال خلون من ذى الحجة، فطاف وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحلَّ من =

ص: 185

2475 -

وَعَنْ هشيمٍ، حدّثنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبى بالعمرة حتى يستلم الحجر.

= أجل بدنه؛ لأنه قلدها، ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون وهو مهلّ بالحج، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يقصروا من رؤوسهم، ثم يُحلِّوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلَّدها، ومن كانت معه امرأته فهى له حلال، والطيب والثياب).

2475 -

ضعيف: أخرجه الترمذي [919]، وابن خزيمة [2697]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11324]، وابن أبي شيبة [14001، 14002]، وابن الجارود [451]، وتمام في "فوائده"[رقم 694]، والبيهقي في "سننه"[9194]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 122]، وغيرهم، من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به نحوه

قلتُ: قال الترمذي: "حديث ابن عباس حسن صحيح" كذا قال الترمذي، وقد نقل المباركفوري في "التحفة"[3/ 571]، عن المنذرى أنه قال في "تهذيبه":"في إسناده محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة" ثم قال المباركفورى: "وقد عرفتَ أنه سيئ الحفظ جدًّا، ففى صحة هذا الحديث نظر".

قلتُ: بل اضطرب فيه ابن أبي ليلى على عادته، فعاد ورواه عن عطاء عن ابن عباس مرفوعًا قال:(يلبى المعتمر حتى يستلم الحجر) فجعله من قوله صلى الله عليه وسلم وليس من فعله.

هكذا أخرجه أبو داود [1817]، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة"[رقم 3099]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 122]، قال أبو داود عقبه:"رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفًا".

قلتُ: رواية عبد الملك أخرجها البيهقي في "سننه"[9192]، وابن أبي شيبة [14005]، بإسناد صحيح إليه، ولفظ ابن أبي شيبة:(كان ابن عباس يلبى في العمرة حتى يستلم الحجر).

ومثله رواه ابن أبي نجيح من رواية ابن علية عنه عن عطاء عن ابن عباس به قال: (حتى يستلم الحجر

) أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا [14006]، وهذا هو المحفوظ موقوفًا.

وقد أخرج البيهقي في "سننه"[9195]، و"المعرفة"[رقم 3098]، عن الشافعي أنه ذكر رواية ابن أبي ليلى الماضية ثم قال: "ولكنا هبنا روايته؛ لأنا وجدنا حفاظ المكيين يقفونه على ابن =

ص: 186

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عباس

"، قال البيهقي: "رفعه خطأ، وكان ابن أبي ليلى هذا كثير الوهم، وخاصة إذا روى عن عطاء، فيخطئ كثيرًا، ضعفه أهل النقل مع كبر محله في الفقه، وقد روى عن المثني بن الصباح عن عطاء مرفوعًا، وإسناده أضعف مما ذكرنا".

قلتُ: والمثنى ضعيف مختلط، والثابت هو الموقوف كما مضى، وهكذا رواه ابن جريج عن عطاء أيضًا عن ابن عباس قال:(يلبى المعتمر حتى يفتتح الطواف مستلمًا أو غير مستلم).

أخرجه الشافعي [878]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[9193]، وهكذا رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:(المعتمر يمسك عن التلبية إذا استلم الحجر، والحاج إذا رمى الجمرة)، أخرجه ابن أبي شيبة [14004]، لكن الإسناد إليه مغموز، وهو صحيح في المتابعات.

ثم جاء أحمد بن حفص السلمى، ورواه عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال:(لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبى في العمرة حتى استلم الحجر الأسود) ثم قال إبراهيم بن طهمان: (وحدثنى أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس بذلك أيضًا).

هكذا أخرجه الطبرانى في "الأوسط"[7/ رقم 6978]، بإسناد قوى إلى أحمد بن حفص به

ثم قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن أبي نجيح إلا إبراهيم بن طهمان، تفرد به حفص بن عبد الله".

قلتُ: الوهم في رفعه من أحد هؤلاء الثلاثة، أعنى (حفص بن عبد الله السلمى) أو ولده (أحمد بن حفص) أو (إبراهيم بن طهمان)، فقد خولف فيه ابن طهمان، خالفه ابن علية - وهو أثبت منه - فرواه عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس نحوه موقوفًا كما مضى عند ابن أبي شيبة [14006]، وفقد أخطأ ابن طهمان - أو من دونه - في موضعين:

الأول: في رفع الحديث.

والثانى: في شيخ ابن أبي نجيح، فهو (عطاء) وليس (مجاهدًا) على أن مجاهدًا نفسه قد رواه عن ابن عباس به موقوفًا فقال:(كان ابن عباس - رضى الله عنه - يلبى في العمرة حتى يستلم الحجر ثم يقطع) هكذا أخرجه البيهقي في "سننه"[9191]، بإسناد مقبول، بل صححه الإمام في "الإرواء"[4/ 298].

ثم رأيتُ الشافعي قد رواه في "مسنده"[879]، عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس (في المعتمر يلبى حتى يستلم الركن) ولفظه في "الأم" [2/ 254]:(يلبى المعتمر حين يفتتح الطواف مستلمًا أو غير مستلم) وهذا موقوف بإسناد على شرط الشيخين، =

ص: 187

2476 -

وَعَنْ هشيمٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ" فقال رجلٌ: والمقصِّرين، فقال:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ " قال في الثالثة أو الرابعة: "وَالْمُقَصِّرِينَ".

= وأما رواية ابن طهمان عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس

فما أراها إلا موقوفة أيضًا، ولم يسق لفظها، ولو ثبت كونها مرفوعة، فالمحفوظ عن عطاء في هذا الحديث هو الوقف كما مضى، وهكذا رواه عنه همام بن يحيى، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الله بن أبي نجيح وغيرهم. وقد سبق في كلام الشافعي أن حفاظ المكيين يقفونه على ابن عباس.

وهنا [فائدة] وهى أنى قد لحظتُ كثيرا أن أحمد بن حفص بن عبد الله السلمى يخالف الثقات إذا روى عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان بإسناده .... شيئًا، نعم ليس ذلك هو الغالب من تلك الترجمة، لكنى وقفتُ على نماذج متعددة يقوى بهذا الظن على التنبيه على هذا الأمر هنا، فانظر مثلًا "علل ابن أبي حاتم"[برقم 170، 369]، و"أفراد الدارقطني"[رقم 1645/ أطرافه]، والطبراني يكثر من إخراج تلك النسخة في "معاجمه"، وقد جمعها أبو أحمد بن عدي في مؤلف مفرد كما أشار الحافظ إلى ذلك في "الفتح"[11/ 79]، فاللَّه المستعان.

لكن يأبي الليث بن أبي سليم أن يجعلنا نغادر هذا المقام حتى يضرب فيه بسهم، فتراه يرويه عن طاووس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لبى في العمرة حتى استلم الحجر، وفي الحج حتى رمى الجمرة).

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 10967]، بإسناد مقبول إلى الليث به

، والليث قد استُبيح عرينُه؛ يوم اختلط ذلك الاختلاط الفاحش، والكلام عنه طويل الذيل، وقد استقر عملهم على رد ما انفرد به؛ فكيف بما خالف؟! فقد خالفه عبد الله بن طاووس - الثقة الثبت - فرواه عن أبيه قال:(يقطع في العمرة إذا استلم الحجر) هكذا أخرجه ابن أبي شيبة [14015]، بإسناد صحيح إليه.

فهذا مقطوع كما ترى، فانظر كيف جعله الليث مرفوعًا!

نعم: للحديث شاهد مرفوع نحوه عن عبد الله بن عمر، وآخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والمحفوظ فيهما هو الوقف أيضًا كما شرحناه في "غرس الأشجار".

2476 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 216]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12149]، من طريق هشيم بن بشير عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس به. =

ص: 188

2477 -

وَعَنْ هشيمٍ، حدّثنا خالدٌ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: مسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسى ودعا لى بالحكمة.

2478 -

حَدَّثنا أبو خيثمة، حدّثنا هشيم، عن أبي بشرٍ، عن عكرمة، قال: رأيت رجلًا عند المقام يكبر في كل رفعٍ ووضعٍ، فلقيت ابن عباس، فقلت: إنى رأيت رجلًا يكبر في كل رفعٍ ووضعٍ، قال: أو ليست تلكَ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا أم لعكرمة!.

= قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ويزيد ضعيف مختلط، وباقي رجاله ثقات، وهشيم قد صرح بالسماع عند أحمد، لكن للحديث طريق آخر عن ابن عباس به نحوه

يأتي عند المؤلف [2718]، وله طريق ثالث عند الطبراني في "الكبير"[11/ 11492]، وفي "الأوسط"[1/ 845]، و [5/ 5057].

وله شواهد مشهورة عن جماعة من الصحابة، مضى منهم حديث أبي سعيد [برقم 1263]، وراجع "الإرواء"[4/ 283 - 287].

2477 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 214]، بهذا اللفظ، وهو عند البخاري [3546]، والترمذي [3824]، وابن ماجه [166]، وابن حبان [7054]، والطبراني في "الكبير"[10/ رقم 10588]، و [11/ رقم 11961]، والنسائي في "الكبرى"[8179]، وأبو نعيم في "الحلية"[1/ 315]، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 375]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على فضائل الصحابة"[2/ رقم 1923]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 97]، والطبري في "تهذيب الآثار"[رقم 2149، 2150]، والبغوى في "شرح السنة"[7/ 135]، وجماعة كثيرة، من طرق عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ:(ضمنى النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: اللَّهم علمه الحكمة) وزاد ابن ماجه (وعلمه الكتاب

).

قلت: وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه.

2478 -

صحيح: أخرجه البخاري [754]، وابن خزيمة [577]، وابن أبي شيبة [2495]، والحربى في "غريب الحديث"[2/ 553]، والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[2/ 271]، وغيرهم، من طرق عن هشيم بن بشير عن أبي بشر جعفر بن إياس عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد صحيح موصول، وهشيم قد صرح بالسماع عند (سعيد بن منصور) كما =

ص: 189

2479 -

وعَنْ هشيمٍ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذرارى المشركين، فقال:"اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ".

2480 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالتُ: يا رسول الله، إنى أريد الحج، أفأشترط؟ قال:"نَعمْ، اشْتَرِطِى" قالت: كيف أقول؟ قال: "قُولِى: لبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، مَحِلِّى مِنَ الأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِى".

= ذكره الحافظ في "الفتح"[2/ 271]، ووقع عند ابن أبي شيبة: (رأيتُ يعلى يصلي

) هكذا: (يعلى)، قال الحافظ: (وهو تحريف، وإنما هو: رأيتُ رجلًا يصلي

) راجع "الفتح"[1/ 264]، وعند البخاري وابن خزيمة:(لا أم لك) بدل: (لا أم لعكرمة) وليست هذه ولا ذاك عند الحربى في (غريبه).

وقد توبع عليه أبو بشر بنحوه

تابعه جماعة عن عكرمة به

منهم قتادة عن عكرمة قال: (صليتُ خلف شيخ في مكة، فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلتُ: لابن عباس: إنه أحمق، فقال: ثكلتك أمك، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم).

أخرجه البخاري [755]- واللفظ له - وأحمد [1/ 218، 292، 339، 351]، وابن خزيمة [582]، وابن حبان [1765]، والبيهقي في "سننه"[2327]، والخطيب في "تاريخه"[9/ 204]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1328]، وجماعة غيرهم. وسنده كالشمس.

2479 -

صحيح: أخرجه البخاري [1317، 6224]، ومسلم [2660]، وأبو داود [4711]، والنسائى [1915]، و [1952]، وأحمد [1/ 215، 328، 340، 358]، وابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 124]، واللالكائى في شرح الاعتقاد" [4/ رقم 1090]، وابن بطة في "الإبانة" [2/ رقم 1489]، والفريابي في "القدر" [رقم 172، 173]، وجماعة، من طرق عن أبي بشر جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

2480 -

صحيح: أخرجه أبو داود [1776]، والترمذي [941]، وأحمد [3606]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11909]، و [24/ رقم 828]، وابن الجارود [419]، والبيهقي في "سننه"[9891]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1379]، وابن عبد البر في "التمهيد"[15/ 193]، وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 7089]، والدارقطني في "سننه"[2/ 219]، =

ص: 190

2481 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عبادٌ، أخبرنا الحجاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ميمونة، فجعلت أمرهما إلى العباس، فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.

= وابن أبي شيبة [14085، 14744]، وغيرهم، من طرق عن عباد بن العوام عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه.

قلتُ: وهذا إسناد جيد؛ رجاله كلهم ثقات سوى هلال بن خباب، فهو صدوق متماسك، وقد رماه بعضهم بالاختلاط، وردَّه ابن معين وأنكره، وقد توبع عليه كما نشير إليه، وعباد بن العوام ثقة رضى، وقد توبع عباد عليه: تابعه ثابت بن يزيد الأحول بنحوه

وزاد في آخره: (فإن لك على ربك ما استثنيت) أخرجه النسائي [2766]، والدارمي [1811]، والطحاوي في "المشكل"[15/ 64]، وأبو نعيم في "المستخرج"[9/ 224]، كما في "الإرواء"[4/ 186] وغيرهم.

وقد توبع عليه هلال بن خباب: تابعه يحيى بن أبي كثير وأيوب السختيانى - إن صح - وداود بن الحصين، وجعفر بن إياس، وأبو الزبير، وخالد الحذاء، وسماك بن حرب وغيرهم نحوه

وكذا توبع عليه عكرمة: تابعه جماعة عن ابن عباس نحوه.

2481 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أحمد [1/ 270]، والطبراني في "الكبير"[11/ 12093]، وابن سمعون في "ماليه"[رقم 250] وغيرهم، من طرق عن عباد بن العوام عن حجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسنادة ضعيف فيه علتان:

الأولى: ابن أرطأة ضعيف الحفظ؛ مضطرب الحديث، وكان أيضًا يدلس، وقد عنعنه.

والثانى: والحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط، كما قاله جماعة من النقاد، وليس هذا كل منها، ومن هذا الطريق: أخرجه أيضًا: أبو الفضل الزهرى في "حديثه"[154]، لكن للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

، ولا يصح من ذلك شيء قط، وأقوى هذه الطرق: هو ما أخرجه النسائي في "المجتبى"[3273]، وفي "الكبرى"[5393]، والطحارى في "المشكل"[14/ 197]، وغيرهما، من طريقين عن إبراهيم بن الحجاج عن وهيب بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به نحوه

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، بل قال النسائي عقب روايته:"هذا إسناد جيد"، لكنه قال:"وقوله "وجعلت أمرها إلى العباس، فأنكحها إياه

" كلام منكر، ويشبه أن يكون هذا الحرف من بعض من روى هذا الحديث؛ فأدرج في الحديث". =

ص: 191

2482 -

حَدَّثنَا أبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن عمر بن أبان، قالا: حدّثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صدَّق أمية بن أبي الصلت في بيتين من شعره، قال:

رجلٌ وثورٌ تحت رجل يمينه

والنسر للأخرى وليثٌ مرصد

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ" قال:

والشمس تطلع كل آخر ليلةٍ

حمراء يصبح ضوؤها يتورد

تأبى فما تطلع لنا في رسلها

إلا معذبةً، وإلا تجلد

= قلت: والقول ما قال أبو عبد الرحمن النسوي، وقد خولف فيه وهيب بن خالد، خالفه عبيد اللَّه بن موسى، فرواه عن ابن جريج - عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تزوج ميمونة وهو محرم

) ولم يذكر تلك الزيادة الماضية.

هكذا أخرجه النسائي أيضًا [3274]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 135]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 127] وغيرهم، وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس دون الزيادة السابقة، وقد أعلَّ العقيلى رواية عبيد الله بن موسى، وقال عقب روايته:"ولا يتابع عليه".

قلتُ: نعم قد اختلف على ابن جريج في إسناده على ألوان، لكن لم يأت أحد عنه بمثل ما أتى به وهيب بن خالد من رواية إبراهيم بن الحجاج عنه، ثم دعونا من ابن جريج ومن رواه عنه، فقد رواه الأوزاعي وأبان بن صالح وابن أبي نجيح ويعفوب بن عطاء وابن أرطأة وابن أبي المخارق والليث بن أبي سليم وأيوب بن عتبة ورباح بن أبي معروف وجماعة، كلهم عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (تزوج ميمنة وهو محرم) دون تلك الزيادة الماضية:(فجلعت أمرها إلى العباس، فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم).

وهكذا رواه جماعة عن ابن عباس به .... دون الزيادة أيضًا، والحديث محفوظ دونها كما مضى. فانتبه يا رعاك الله!

2482 -

منكر: أخرجه ابن أبي شيبة [26013]، وعنه أحمد وابنه في "المسند"[1/ 256]، والدرامى [2703]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11591]، وابن أبي عاصم في "السنة"[579]، وابن عساكر في "تاريخه"[9/ 270]، وابن منده في "الرد على الجهمية"[12]، وابن خزيمة في "التوحيد"[1/ 111]، والكلاباذي في "بحر الفوائد"[318]، وغيرهم، من طرق عن عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 192

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَق".

= قلتُ: وقد توبع عليه عبدة بن سليمان:

1 -

تابعه سلمة بن الفضل عند ابن خزيمة في "التوحيد"[1/ 202].

2 -

وتابعه إبراهيم بن سعد على مثله: عند عبد الله بن أحمد في "السنة"[2/ 504]، ومن طريقه ابن منده في "الرد على الجهيمة"[11]، من طريق إبراهيم بن أبي الليث عن إبراهيم بن سعد به.

قلت: وهذه متابعة ساقطة، وابن أبي الليث كذبه ابن معين وغيره، راجع "اللسان"[1/ 22]، والحديث ذكره ابن كثير في "تفسيره"[7/ 130/ طبعة دار طيبة]، ثم قال:"وهذا إسناد جيد"، وقال في "البداية" [1/ 12]: "حديث صحيح الإسناد، رجاله ثقات

".

قلتُ: وهذه منه غفلة عن كون ابن إسحاق يدلس عن الضعفاء والمجاهيل كما قاله أحمد والدارقطني وغيرهما

راجع "طبقات المدلسين"[ص 51] للحافظ، وقد عنعنه كما ترى، وبهذا أعله الهيثمي في "المجمع"[8/ 233]، فقال:"رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات، إلا أن ابن إسحاق مدلس".

فإن قيل: قد رواه يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بإسناده به

وصرح فيه بسماعه من يعقموب بن عتبة، هكذا أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"[رقم 745]، وابن عساكر في "تاريخه"[9/ 269]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 1023]، وغيرهم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير به

،

قلنا: هذا وهْم ولا بد، قال الإمام في "ظلال الجنة" [1/ 312]:"أحمد هذا - يعنى ابن عبد الجبار - ضعيف، ويونس بن بكير صدوق يخطئ".

قلتُ: أما أحمد فهو وإن كان ضعيفًا، إلا أنه صحيح السماع للسيرة من يونس بن بكير كما نبَّه عليه الحافظ في "التقريب" وراجع "التهذيب"[1/ 52]، ثم هو لم ينفرد به: بل تابعه محمد بن أبان بن الوزير البلخى - الثقة الحافظ - على مثله عند ابن خزيمة في "التوحيد"[رقم 111]، لكنه لم يذكر سماع ابن إسحاق فيه، ولو قلنا بأن ابن خزيمة - أو غيره - قد حذف السماع اختصارًا، فيونس بن بكير وإن كان مقبولًا في الجملة، إلا أن روايته عن ابن إسحاق خاصة معلولة، فقد قال الآجرى في "سؤالاته" [رقم 115]:"سمعتُ أبا داود يقول: يونس بن بكير ليس هو عندى حجة؛ يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث".

قلتُ: وقد خالفه عبدة بن سليمان وسلمة بن الفضل فروياه عن ابن إسحاق فلم يذكرا فيه سماعه من يعقوب بن عتبة، وإنما ذكراه بالعنعنة. =

ص: 193

2483 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن الحجاج، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ لَمْ تَحْضُرْ وَفَاتُهُ، قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ سَبعَ مَرَّاتٍ، شُفِىَ".

2484 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا حفصٌ، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن

= فإن قيل: قد توبع يونس بن بكير على ذكر سماع ابن إسحاق فيه من يعقوب، تابعه بكر بن سليمان الإسواري عن ابن إسحاق قال: حدثنى يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس به

، هكذا أخرجه الآجرى في "الشريعة"[رقم 1022]، من طريق أبي بكر بن أبي داود عن محمد بن عباد عن بكر به

قلنا: بكر بن سليمان هذا شيخ مستور الحال، لم يوثقه أحد إلا ابن حبان وحده، وقد قال أبو حاتم:"مجهول"، ثم الراوي عنه محمد بن عباد بن آدم يقول عنه الحافظ:"مقبول"، والصواب أنه شيخ صالح صدوق، روى عنه جماعة من الثقات الأكابر، فلو لم يوثقه أحد لكان مقبول الرواية؛ فكيف وقد وثقه ابن حبان وقال عنه:"حدثنا عنه ابن الطهراني" وهذا منه توثيق مقبول كما عُرف في موضعه؟!، لكن وصفه ابن حبان بالإغراب فقال:"يغرب"، فلو كان بكر بن سليمان الإسوارى ثقة حافظًا، لجزمنا بكون محمد بن عباد قد وهم في تصريح ابن إسحاق بالسماع من يعقوب بن عتبة.

• والحاصل: أن علة هذا الحديث هي عنعنة ابن إسحاق صاحب "المغازى"، ولم أجد أحدًا قد تابعه عليه أصلًا، بل جزم البيهقي في "الأسماء والصفات" بكونه قد تفرد بهذا الإسناد، ومتن الحديث منكر كما شرحناه في رسالتنا:"فصل المقال ببيان أحدوثة الأوعال". واللَّه المستعان.

2483 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3430].

2484 -

ضعيف: أخرجه أحمد [4/ 271]- ولم يسق لفظه -، وابن أبي شيبة [27577، 33252]، ومن طريقه أبو محمد بن حزم في "المحلى"[11/ 45]، وغيرهم، من طريق الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: ابن أرطأة إمام فقيه جليل القدر مقبول في كل شيء إلا في الرواية، لكونه سيئ الحفظ =

ص: 194

ابن عباسٍ، قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا بين المهاجرين والأنصار: أن لا يغفلوا معاقلهم، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين الناس.

2485 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا عثام بن على، عن الأعمش، عن حبيبٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ركعتين ثم يستاك.

= لا يكاد يضبط ما يسمع، وقد اضطرب فيه، فعاد ورواه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به

هكذا أخرجه أحمد [1/ 271]، وبه أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[2886]، وقال الهيثمي في "المجلاح" [4/ 373]:(رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس، ولكنه ثقة).

قلتُ: أما تدليس الحجاج فنوافقه عليه، وأما كونه ثقة، فهذا ينفرد به الهيثمي دون محققى أهل النقد، أما ابن حزم فاشتط على عادته وقال بعد روايته للحديث:"فيه الحجاج بن أرطأة وهو ساقط، وفيه مقسم وهو ضعيف".

قلتُ: مقسم لم يضعفه أحد إلا ابن سعد وحده، فلعل أبا محمد الفارسي قد تابعه على ذلك، ومقسم قد وثقه الجماعة، واحتج به البخاري في "صحيحه".

2 -

والحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط كما قاله القطان وأحمد وغيرهما

ولبعض فقرات الحديث شواهد. وهو ضعيف بهذا السياق.

2485 -

صحيح: أخرجه ابن ماجه [288]، والنسائي في "الكبرى"[405، 1343]، وأحمد [1/ 218]، والحاكم [1/ 244]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12337]، وابن أبي شيبة [1789]، وابن عساكر في "تاريخه"[43/ 560]، والسلفى في "معجم السفر"[رقم 585]، والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 7]، وغيرهم، من طرق عن عثام بن على عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وتعقبه الحافظ مُغُلْطاى فقال: "وليس كما زعم

" ثم اندفع في بيان ذلك، هكذا نقله المناوى عنه في "فيض القدير" [5/ 224]، والأمر كما قاله مغلطاى، فإن عثام بن على لم يخرج له مسلم شيئًا، ثم إن البخاري لم يحتج به في روايته عن الأعمش، فالصواب أن الحديث ليس على شرط أحد الشيخين.

وقد صحَّح إسناده الحافظ في "الفتح"[2/ 376]، وقال المنذرى في "الترغيب" [1/ 101]:"رواه ابن ماجه والنسائي ورواته ثقات". =

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: والقول قول المنذرى دون غيره؛ لأن في الإسناد علتين، لا تزول إحداهما إن زالت الأخرى.

الأولى: الأعمش إمام في التدليس وقد عنعنه.

والثانية: حبيب بن أبي ثابت مدلس أيضًا، وصفه بذلك ابن خزيمة وابن حبان، ووصفه الحافظ بكثرة التدليس في "طبقات المدلسين"[ص 37]، وكذا في "التقريب"[1/ 150]، وقد ذكر في "التهذيب"[2/ 179]، قصة تدل على ذلك، وقد عنعنه هو الآخر، وكنتُ أظنه قليل التدليس، ثم ظهر لى خلاف ذلك.

وقد اختلف في سنده على حبيب بن أبي ثابت على ألوان، ساقها النسائي في "الكبرى"[1/ 162، 163]، ولون منها عند ابن أبي حاتم في "العلل"[20]، ورواية الأكثر عن حبيب بن أبي ثابت إنما هي عنه عن محمد بن على بن عبد الله بن العباس عن أبيه عن جده ابن عباس:(أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستيقظ؛ فتسوك وتوضأ وهو يقول {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [آل عمران: 190]، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات، ست ركعات، كل ذلك "يستاك" ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث؛ فأذن المؤذن؛ فخرج إلى الصلاة وهو يقول: اللَّهم اجعل في قلبى نورًا ..... إلخ) وذكر سائر الدعاء الآتى في هذا الحديث من طريق آخر عن عليّ بن عبد الله بن العباس [برقم 2545].

هكذا أخرجه مسلم [763]- واللفظ له - وأبو داود [58، 1353]، والنسائي [1705]، وأحمد [1/ 373]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[672]، وأبو عوانة [رقم 1832]، والبغوي في "شرح السنة"[2/ 133]، وفي "تفسيره"[1/ 151]، وجماعة كثيرة، وقد صرح حبيب بن أبي ثابت بالتحديث في هذا الطريق عند أحمد.

وهكذا رواه عنه حصين بن عبد الرحمن السلمى وسفيان الثوري وهما أوثق وأضبط وأحفظ معًا من كل من رواه عن حبيب على خلاف روايتهما، ورواية الاثنين أرجح من راية الواحد عند الاختلاف عندهم.

نعم: قد تكون رواية الأعمش وغيره محفوظة عن حبيب، لكن لم يرد في شيء منها تصريح =

ص: 196

2486 -

حَدَّثَنا أبو بكرٍ، حدّثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن عجلان، عن زيدٍ بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغرف غرفةً فغسل وجهه، ثم غرف غرفةً فغسل يده اليمنى، ثم غرف غرفةً فغسل يده اليسرى، ثم غرف غرفةً فمسح برأسه وأذنيه، داخلهما بالسبابتين، وخالف إبهاميه التى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما، ثم غرف غرفةً فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفةً فغسل رجله اليسرى.

= حبيب بالسماع فيها من شيخه، اللَّهم إلا في تلك الرواية الماضية من طريق الثوري وحصين عنه.

وللحديث طريق آخر عن ابن عباس به

نحو الرواية الماضية

يرويه شريك بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس به

عند مسلم [1763] وجماعة.

ولأصل سياق المؤلف شواهد عامة، بل نقل المناوى في "الفيض"[5/ 224]، عن الولى العراقى أنه قال بعد أن تكلم على الحديث من رواية الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

قال: "وهو عند أبي نعيم بإسناد جيد من حديث ابن عباس أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل".

ووجدت العراقي قد صحَّح طريق المؤلف في "طرح التثريب"[2/ 14]، وقد عرفتَ ما فيه، واللَّه المستعان.

تنبيه: لفظ ابن ماجه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك) هكذا بتكرير (الركعتين)، وعزاه ابن القيم في "المنار المنيف"[ص 27]، إلى النسائي في "سننه" بتكرير الركعتين، وهو وهْم منه، لأنه عنده في "الكبرى" نحو سياق المؤلف دون تكرار الركعتين، فانتبه يا رعاك الله!.

2486 -

صحيح: أخرجه الترمذي [136] والنسائي [102]، وابن ماجه [1439] وابن خزيمة [148]، وابن حبان [1078، 1086]، وابن أبي شيبة [64، 172]، والبيهقي في "سننه"[256، 1321]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 382]، وغيرهم، من طرق عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن زيدٍ بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس به

وهو عند الترمذي، مختصرًا بلفظ: (مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما

) وعند ابن ماجه بلفظ: (مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه؛ فمسح ظاهرهما وباطنهما) وهذا اللفظ رواية لابن أبي شيبة في الموضع الثاني. =

ص: 197

2487 -

حدَّثنا أبو بكرٍ، حدّثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ ساجدًا وضُوءٌ حَتَى يَضْطَجِعَ، فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ".

= قلتُ: وسنده قوى مستقيم، ومن هذا الطريق: أخرجه أبو عبيد في "الطهور"[رقم 71]، مثل سياق المؤلف، وقد توبع عليه ابن عجلان مطولًا ومختصرًا: تابعه جماعة منهم الدراوردي كما يأتي [برقم 2672].

2487 -

منكر: أخرجه أبو داود [202]، والترمذي [77]، وأحمد وابنه [1/ 256]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12748]، وابن أبي شيبة [1397]، والبيهقي في "سننه"[592، 593]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[659]، والدارقطني في "سننه"[1/ 159 - 160]، والطحاوي في "المشكل"[8/ 171]، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"[195]، وابن الجوزي في "التحقيق"[1/ 168]، وابن عدي في "الكامل"[7/ 277]، وإبراهيم بن عبد الصمد في "أماليه"[رقم 22]، وجماعة، من طرق عن عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالانى عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس به

وزاد الجماعة في أوله إلا المؤلف وأحمد وابن أبي شيبة وابن شاهين وابن الجوزي: (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلى ولا يتوضأ، قال: فقلتُ له: صليتَ ولم تتوضأ وقد نمت) لفظ أبي داود، وهذه الزيادة تأتي عند المؤلف برقم [2610]، ولفظ البيهقي في الموضع الثاني: (لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا حتى يضع جنبه؛ فإنه إذا وضع استرخت مفاصله

).

قلتُ: قال أبو داود: "قوله: "الوضوء على من نام مضجعًا" هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة؛ وروى أوله جماعة عن ابن عباس، ولم يذكروا شيئًا من هذا، وقال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظًا" وقالت عائشة: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنام عيناى ولا ينام قلبى"، وقال شعبة: إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث .... ".

قلتُ: ثم ذكر الأربعة أحاديث ثم قال أبو داود: "وذكرتُ حديث يزيد الدالانى لأحمد بن حنبل فانتهرنى استعظامًا له، وقال: ما ليزيد الدالانى يدخل على أصحاب قتادة؟! ولم يعبأ بالحديث" وقال الترمذي في "العلل"[رقم 34]: "سألتُ محمدًا - يعنى البخاري - عن هذا الحديث، فقال: هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه =

ص: 198

2488 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: بينما جبريل جالسٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع نقيضًا من دوقه، فرفع رأسه، فقال له: "فُتِحَ بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا فتِحَ قَطُّ، فَأَتَاهُ

= أبا العالية، ولا أعرف لأبى العالية سماعًا من قتادة. قلتُ: أبو خالد كيف هو؟! قال: صدوق، وإنما يهم في الشيء، قال محمد - يعنى البخاري -: وعبد السلام بن حرب صدوق).

وقال البيهقى في "الخلافيات" كما في "التلخيص"[1/ 1210]: "تفرد به أبو خالد الدالاني، وأنكره عليه جميع أئمة الحديث"، وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" [1/ 149]:"وهو عند أهل الحديث منكر؛ لم يروه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي خالد الدالاني عن قتادة"، وقال ابن جزم في "المحلي" [1/ 226]: "عبد السلام ضعيف، لا يحتج به، ضعفه ابن المبارك وغيره، والدالانى ليس بالقوي، روينا عن شعبة أنه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها

".

وقال ابن عدي: "وهو بهذا الإسناد عن قتادة لا أعلم يرويه عنه غير أبي خالد، وعن أبي خالد: عبد السلام"، وقال ابن شاهين:"تفرد بهذا الحديث: عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني، لا أعله، رواه غيره".

وقال النووى في "المجموع"[2/ 20]: "وأما حديث الدالاني: فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، وممن صرح بضعفه من المتقدمين: أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود، قال أبو داود وإبراهيم الحربي: "هو حديث منكر" ونقل إمام الحرمين في كتابه "الأساليب" إجماع أهل الحديث على ضعفه، وهو كما قال، والضعف عليه بيِّن .. ".

قلتُ: ودعوى الإجماع على ضعفه، مردودة لا يرفع الباحث بها رأسًا، كيف وقد صححه الطبري، وقواه ابن الجوزي في "التحقيق"، وكذا جوَّده جماعة من الحنفية.

نعم: الحديث منكر البتة كما قاله أهل الشأن، وفيه أربع علل تكفى واحدة منها لإجهاض مساعى من يحاول النفاح دونه، وقد شرحناها ورددنا على من صححه أو قواه، في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منقى الأخبار".

2488 -

صحيح: أخرجه مسلم [806]، والنسائي في "سننه"[912]، وفي "فضائل القرآن"[رقم 39]، وابن حبان [778]، والحاكم [1/ 745]، والطبراني في "الكبير"[11/ 12255]، وابن أبي شيبة [31701]، والبيهقي في "الشعب"[2/ 2360]، وأبو نعيم في "الحلية" =

ص: 199

ملَكٌ، فقَالَ: أبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُعْطَهُمَا نَبِيٌّ كَانَ قَبْلَكَ: فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمِ سورَةِ الْبَقَرَةِ، لَمْ تَقْرَأْ مِنْهُمَا حَرْفًا إِلا أُعْطِيتَ".

2489 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا مصعب بن المقدام، عن مندل، عن ابن جريجٍ، عن عمر بن عطاءٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: فجرتْ خادمٌ لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا علِي، حُدَّهَا"، قال: فتركها حتى وضعت ما في بطنها، ثم ضربها خمسين، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك، فقال:"أَصَبْتَ".

= [4/ 306]، وأبو عوانة [رقم 3166]، والبغوي في "شرح السنة"[2/ 351]، وابن نصر في "مختصر قيام الليل"[رقم 176]، وجماعة من طريقين عن عمارة بن رزيق عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قلتُ: بل هو على شرط مسلم وحده، وليس عمار بن رزيق من رجال البخاري، بل ولا شيخه عبد الله بن عيسى أيضًا، ورجاله كلهم ثقات مشاهير، ووقع عند مسلم بعد قوله (فأتاه ملك): (فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال

) ونحوه عند النسائي في "فضائل القرآن" وفي "الكبرى"[8014]، والطبراني والبيهقي وأبى عوانة وابن نصر.

• تنبيه: وقع عند ابن حبان: (أبشر بسورتين).

قلتُ: هكذا (سورتين) وأظنه تصحيفًا؛ لأن ابن حبان قد رواه من طريق المؤلف، والذى عند المؤلف:(أبشر بنورين) وهكذا هو عند الجميع سوى أبي نعيم في "الحلية" وفي "الدلائل"[رقم 283]، وكذا ابن نصر أيضًا، فعندهما:(بسورتين) وهذا إن لم يكن تحريفًا أيضًا، فلعله من الرواية بالمعنى، فالله أعلم.

2489 -

قوى: أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 3517]، وابن عدي في "الكامل"[5/ 23]، من طريق مصعب بن المقدام عن مندل عن علي عن ابن جريج عن عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيري في "الإتحاف": "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف مندل"، وقال الهيثمي في "المجمع" [6/ 382]:"رواه أبو يعلى، وفيه مندل بن عليّ وهو ضعيف".

قلتُ: وهو كما قالا، لكنهما سكتا عن عمر بن عطاء، مع كونه ليس بأحسن حالًا من مندل، =

ص: 200

2490 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عبد الرحمن بن محمدٍ المحاربى، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يقعد، ثم يقوم ويخطب.

= وهو عمر بن عطاء بن وراز الحجازى الذي يقول عنه النسائي: "ليس بثقة"، ويقول ابن معين:"ليس هو بشئ" وقال ابن خزيمة: "يتكلم أصحابنا في حديثه لسوء حفظه"، وكذا ضعفه غيرهم، وقد اختلط على بعضهم بـ (عمر بن عطاء بن أبي الخوار المكى) وليس كذلك، والحديث أورده ابن عدي في ترجمة الأول من "الكامل".

لكنْ للحديث شاهد من (مسند على) مضى [برقم 320، 326].

2490 -

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة [5189]، وعنه أحمد وابنه [1/ 256]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12091]، وغيرهم، من طريقين عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به.

قلتُ: وهو عند البزار [640]، بلفظ:(كان يخطب يوم الجمعة خطبتين يفصل بينهما بجلسة) وفي سنده علتان:

الأولى: الحجاج بن أرطأة ضعيف الحفظ كثير التدليس، وبه أعله البوصيري في "الإتحاف" لكنه قد توبع عليه: تابعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كما يأتي عند المؤلف [برقم 2620]، مثله وزدا:(فجلس جلوسًا خفيفًا) وابن أبي ليلى سيئ الحفظ أيضًا.

والثانية: الحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط كما قاله القطان. وأحمد وغيرهما، راجع "تهذيب الحافظ"[2/ 434]، ترجمة (الحكم) وليس هذا الحديث منها.

لكنْ له طريق آخر عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة خطبتين قائمًا يجلس بينهما) أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11517]، وفي "الأوسط"[7/ رقم 6740]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 923]، وغيرهم، من طريقين عن محمد بن عجلان عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد غير صالح أيضًا، والحسين بن عبد الله إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، فما أدرى كيف استجاز الهيثمي أن يقول في "المجمع" [2/ 412]:"ورجال الطبراني ثقات"!

وعلى كل حال: فللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، سيأتي منها حديث جابر بن سمرة [برقم 7441]، وراجع "الإرواء"[3/ 71، 72]، و"نصب الراية"[2/ 136].

ص: 201

2491 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن آدم، حدّثنا شريكٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، رفَعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن أكل كل ذى نابٍ من السبع، وعن قتل الولدان، وعن بيع المغنم. قال: وأظنه قال: وعن الحبالى أن يوطأن.

2492 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا معاوية، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: رَمَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته وعمرته، وأبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، والخلفاء بعد.

2491 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 326]، والطبرانى في "الكبير"[1/ رقم 11067]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 3257]، من طريقين عن شريك القاضى عن الأعمش عن مجاهد ابن عباس به

وهو عند أحمد بالفقرة الأولى منه فقط، وزاد الطبراني في أوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية

).

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: شريك القاضى هو ابن عبد الله النخعى المشهور بسوء حفظه على علمه وفقهه وإمامته في السنة، لكنه لم ينفرد به.

بل تابعه شيبان النحوى عليه مثل سياق الطبراني عند الحاكم [2/ 149]، وعنه البيهقى في "سننه"[18083]، وهو عند ابن الجارود [732]، دون النهى عن قتل الولدان وبيع المغنم.

وفى رواية للحاكم [2/ 47]، وعنه البيهقى أيضًا في "سننه"[10631]، مثله دون النهى عن وطء الحبالى وأكل الحمر الأهلية، كلهم من طريق عبيد الله بن موسى عن شيبان النحوى عن الأعمش به.

قلتُ: وهذا سند صحيح إلى الأعمش، وقد ذكر ابن عبد البر في "التمهيد"[10/ 123]، أن عبيد الله بن موسى قد رواه أيضًا عن الثورى عن الأعمش بإسناده به

والثانية: هي عنعنة الأعمش، فهو إمام في التدليس بلا مماراة، لكن الأعمش قد توبع عليه نحوه كما مضى [برقم 2414]، ولفقرات الحديث شواهد عن جماعة من الصحابة.

2492 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 2558]، وأحمد [1/ 225]، من طريق أبى معاوية الضرير عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به ..

قلتُ: وهذا إسناد صالح إن شاء الله، وقد سكت عنه الحافظ في "التلخيص"[2/ 250]، وليس فيه ما يُمكن أن يُعلَّ به سوى عنعنة ابن جريج، وما قالوه في رواية أبى معاوية عن غير الأعمش. =

ص: 202

2493 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن أبى حاضرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قلَّت البُدْنُ زمن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأمر الناس بالبقرة.

2494 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن حجاجٍ، عن ابن أبى نجيحٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا قط حتى يدعوهم.

= أما الأولى: فنعم، ابن جريج يدلس؛ بل هو قبيح التدلس كما قاله الدارقطنى، لكن صح عنه أنه قال:"إذا قلتُ: قال عطاء؛ فأنا سمعته منه؛ وإن لم أقل: سمعتُ" أخرجه ابن أبى خيثمة في "تاريخه" كما في "التهذيب"[405/ 6]، وسنده صحيح إليه، قال الإمام في "الإرواء" [3/ 97]:"ولكن هل ذلك خاص بقوله (قال عطاء)، أم لا فرق بينه وبين ما لو قال: (عن عطاء)؟! الذي يظهر لى الثاني؛ وعلى هذا فكل روايات ابن جريج عن عطاء محمولة على السماع؛ إلا ما تبيَّن تدليسه فيه .. ".

قلتُ: ولو لم يجئ هذا الأثر المفيد لما قاله الإمام من حمل عنعنة ابن جريج عن عطاء على السماع مطلقًا؛ لكان في كثرة رواية ابن جريج عن عطاء، ما يرأب صدع عنعنته عنه خاصة، والمدلس إذا أكثر عن شيخ من الرواية؛ ثم عنعن عنه؛ اغتفرتْ له تلك العنعنة وحُملتْ على السماع، كما جزم به الحميدى - شيخ البخارى - وغيره من الأئمة، ولبسط هذا مكان آخر.

وأما عن الثاني: فكون أبى معاوية كان يضطرب في غير حديث الأعمش كما قاله جماعة، لا يفهم منه إعلال كل رواية له عن غير الأعمش، ما لم يخالف أو يأت بما ينكر، وقد أخرج له الشيخان عن هشام بن عروة وأبى بردة بن أبى موسى الأشعرى، وانفرد مسلم بإخراج حديثه عن (إسماعيل بن أبى خالد) و (داود بن أبى هند) و (سهيل بن أبى صالح) و (أبى سفيان السعدى) و (أبى العميس المسعودى) و (يحيى بن سعيد الأنصارى) و (أبى مالك الأشجعى)، فلو كان أبو معاوية ضعيفًا مطلقًا في غير الأعمش؛ لما استجاز الشيخان أن يُخْرجا له عن سواه، وللحديث شواهد ثابتة دون هذا اللفظ.

2493 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2376].

2494 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 231]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11271]، وابن أبى شية [33076]، والطحاوى في "شرح المعانى"[207/ 3]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث"[466]، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[4985]، وغيرهم، من طرق عن الحجاج بن أرطأة عن عبد الله بن أبى نجيح عن أبيه عن ابن عباس به.=

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح في المتابعات، رجاله كلهم ثقات سوى ابن أرطأة، لكنه توبع عليه:

1 -

تابعه زخر بن الهذيل عند الطبراني في "الكبير"[11/ 11269]، بإسناد صحيح إليه.

وزخر ثقة إمام فقيه جليل.

2 -

وتابعه ابن عيينة عند ابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 217]، وفى "الاستذكار"[5/ 144]، بإسناد مغموز إليه.

3 -

وتابعهم الثورى عند أحمد [1/ 236]، والدارمى [2444]، والحاكم [1/ 60]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11270]، والمؤلف [2591]، والبيهقى في "سننه"[18011]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 207]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[697]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث"[463، 464]، و [رقم 465]، وغيرهم، من طرق عن الثورى عن ابن أبى نجيح به.

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[6/ 293]: "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".

قلتُ: وهذا منه وهْم لا يخفى، وليس أبو نجيح من رجال البخارى أصلًا، والإسناد صحيح فقط، بل أعله الدارمى أيضًا، فقال عقب روايته:"سفيان لم يسمع من ابن أبى نجيح، يعنى هذا الحديث"، وتعقبه الإمام في "الصحيحة" [6/ 293] قائلًا:"وهذا إعلال غريب، فإن الثورى ثقة ثبت ورجحه كثيرون على شعبة، وهو معروف بالراوية عن عبد الله بن أبى نجيح، فدعوى عدم سماعه لهذا الحديث من عبد الله، ليس من السهل قبولها إلا بحجة ناهضة، لا بدعوى مردودة".

قلتُ: ليس أبو محمد السمرقندى مما يُستدرك عليه بمثل هذا الكلام، وقد وجدتُ ما يؤيد قول أبى محمد بن بهرام، فقال الإمام أحمد في "العلل" [3/ 74/ رواية عبد الله]: (حدثنا عبد الرحمن - هو ابن مهدى - قال: سألت سفيان - هو الثورى - عن حديث ابن أبى نجيح عن أبيه: "ما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم لا قومًا

" فقال: أشك فيه).

قلتُ: وهذا ظاهر في كون سفيان كان يشك في سماعه هذا الحديث من ابن أبى نجيح، فلعل الدارمى قد وقف على رواية جزم فيها الثورى بعدم سماعه له، أو وجده يرويه بنزول درجة عن ابن أبى نجيح؛ فعلم أنه لم يسمعه منه، وسفيان ربما دلَّس، فافهم.

4 -

وتابعهم عبد الواحد بن زياد عن ابن أبى نجيح به

أخرجه الطبراني في "الكبير"[3/ 111/ 2]، وعبد الواحد بن زياد ثقة من رجال الشيخين

=

ص: 204

2495 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا ابن نميرٍ، وعبد الأعلى، قالا: حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، عن أيوب، بن موسى، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان ثمن المجن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم.

= هكذا ذكره الإمام في "الصحيحة"[6/ 293]، والذى عند الطبراني [11/ 11159]، بإسناد صحيح إلى أبى كامل الجحدرى قال: "ثنا عبد الواحد بن زياد عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به

".

فهذه مخالفة وليست متابعة، ثم إن أبا كامل قد خولف فيه، خالفه عيسى بن إبراهيم البركى، فرواه عن عبد الواحد فقال: عن الحجاج بن أرطأة عن عبد الله بن أبى نجيح عن أبيه عن ابن عباس به

هكذا أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 207]، بإسناد صحيح إلى عيسى.

وعيسى بن إبراهيم صدوق ربما وهم كما قاله الحافظ في "التقريب"، وليس هو في قوة أبى كامل، لكن روايته هي الراجحة عندى، لكون عبد الواحد بن زياد غير معروف بالرواية عن ابن أبى نجيح، وإنما يروى عنه بواسطة، ثم إن روايته هي الموافقة لرواية الجماعة عن ابن أبى نجيح أيضًا. فاللَّه المستعان.

2495 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [4378]، ومن طريقه البيهقى في "المعرفة"[5392]، وفى "سننه"[16950]، والنسائى [4951]، والحاكم [4/ 420]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 192]، وابن أبى شيبة [28104]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 163]، والبخارى في "تاريخه"[2/ 25]، وابن عبد البر في "التمهيد"[14/ 380]، وفى "الاستذكار"[7/ 534]، وغيرهم، من طرق عن محمد بن إسحاق بن يسار عن أيوب بن موسى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

ولفظ أبى داود: (قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار وعشرة دراهم)، ولفظ ابن أبى شيبة:(لا يقطع السارق في دون ثمن المجن، وثمن المجن عشرة دراهم).

قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، وقد اختلف على ابن إسحاق في إسناده على خمسة ألوان، حتى رماه الحافظ في "الفتح"[12/ 103]، بالاضطراب، وأرى أن هذا الاضطراب أو الاختلاف في سنده إنما هو من ابن إسحاق نفسه، وقد خولف في وصله، كما توبع على إرساله.

وقد بسطنا الكلام عليه مع شواهده في "غرس الأشجار"، ولا يصح حديث في العشرة دراهم=

ص: 205

2496 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُشرب مِنْ فيِّ الإناء المخنوث.

2497 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، حدّثنا ابن أبى ذئبٍ، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الَّله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح. قال: وقال الزهرى: الإخصاء: صبرٌ شديدٌ.

= قط، والثابت عن جماعة من الصحابة إنما هو بخلافه كما أوضحناه في الموضع المشار إليه. وراجع "نصب الراية"[360/ 3]، و"فتح البارى"[12/ 103]، و"عمدة القارى"[23/ 279].

2496 -

صحيح: مضى الكلام عليه [2380].

2497 -

صحيح: أخرجه البيهقى في "سننه"[19575، 19576]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[3393]، من طريق عبيد الله بن موسى عن ابن أبى ذئب عن الزهرى عن عيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكن ذكر البيهقى عن العباس بن محمد الدورى أنه قال بعد أن رواه عن عيد الله بن موسى:"لم يروه خلْق إلا عبيد الله، وهو يستغرب عنه".

ثم قال البيهقى: "رواه غير عبيد الله عن ابن أبى ذئب مرسلًا" ثم أخرجه [19577]، بإسناده القوى عن أبى عامر العقدى قال: ثنا ابن أبى ذئب قال: سألتُ الزهرى عن الإخصاء، فقال: حدثنى عبيد الله بن عبد الله قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح

"، قال الزهرى: والإخصاء صبر شديد

ثم قال البيهقى: "وكذلك رواه يونس ومعمر عن الزهرى مرسلًا، وذكر معمر عن الزهرى الخصاء كما ذكره ابن أبى ذئب، والمحفوظ في هذا الخبر: ما رواه العقدى عن ابن أبى ذئب؛ لمتابعة معمر ويونس".

قلتُ: وقد وقفتُ على رواية معمر، وهى عند عبد الرزاق [8424]، لكنها عن الزهرى به مرسلًا.

وعلى كل حال: فالمحفوظ في هذا الطريق هو الإرسال، لكنْ للحديث طرق أخرى عن ابن عباس بمعناه مرفوعًا: منها طريق عدى بن ثابت عن سعيد بن جبير عن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا).=

ص: 206

2498 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا يحيى بن يعلى، حدّثنا أبى، حدّثنا غيلان، عن ليثٍ، عن عطاء، وطاووسٍ، ومجاهدٍ، عن جابر بن عبد الله، وابن عمر، وابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه إلا طوافًا واحدًا لعمرتهم وحجهم.

=أخرجه مسلم [1957]- واللفظ له -، والنسائى [4443، 4444]، وأحمد [1/ 274، 280، 285، 340، 345]، وابن حبان [5608]، والطيالسى [2616]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 12262، 12263، 12269]، وابن الجعد [481]، والبيهقى في "سننه"[17835]، وأبو عوانة [6265، 6266، 6267]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 411]، وجماعة كثيرة، وعلقه البخارى في "صحيحه"[5/ 210/ طبعة البغا].

2498 -

صحيح: أخرجه ابن ماجه [2972]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 258]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11026]، وتمام في فوائده [2/ رقم 1050]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1810، 1823]، وغيرهم، من طريق يحيى بن يعلى عن أبيه عن غيلان بن جامع عن الليث بن أبى سليم عن عطاء بن أبى رباح وطاووس ومجاهد عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس به. قلتُ: وهذا إسناد لا يثبت، والليث ضعيف الحفظ لم يكن في الحديث بالليث، وقد أنكروا عليه جمعه في الرواية بين عطاء وطاووس ومجاهد، كما قاله الدارقطنى في "سؤالات البرقانى" له [ص 85/ رقم 421]، وقال ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" [7/ 177 - 178]:"حدثنى أبى قال: سمعتُ أبا نعيم قال: قال شعبة لليث بن أبى سليم: كيف سألتَ عطاء وطاووس ومجاهدًا كلهم في مجلس؟! " وفى "تهذيب الكمال"[24/ 285]: "قال شعبة لليث بن أبى سليم: أين اجتمع لك هؤلاء الثلاثة: عطاء وطاووس ومجاهد وطاووس؟! ".

قلتُ: وإنما أنكروا عليه ذلك؛ لأن الراوى إذا روى عنه جماعة حديثًا وساقه سياقًا وحدًا؛ فربما كان لفظهم مختلفًا غير متفق، فإذا لم يكن هذا الراوى ثقة ثبتًا حافظًا لم يقبل منه مثل هذا الصنيع، وقد كان الزهرى وابن وهب وجماعة من الكبار ممن يجمعون الأسانيد في الحديث الواحد، لكن لم يُنْكر عليهم ذلك؛ لما وُصفوا به من الحفظ والضبط والإتقان، وكذا لمعرفتهم بمواطن الوفاق والاختلاف في أحاديث شيوخهم، وأين الليث بن أبى سليم من كل هذا؟!

بل قال ابن سعد في "الطبقات"[6/ 349]: "كان ليث رجلًا صالحًا عابدًا، وكان ضعيفًا في الحديث، يقال: كان يسأل عطاء وطاووسًا ومجاهدًا عن الشئ فيختلفون فيه، فيروى أنهم =

ص: 207

2499 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا يحيى بن يعلى، قال: حدثنى أبى، حدّثنا غيلان، عن عثمان أبى اليقظان، عن جعفر بن إياسٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لما نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ

} [التوبة: 34]، قال: كَبُرَ ذلك على المسلمين، فقالوا: ما يستطيع أحدٌ منا [أنْ يَتْرُك] لولده مالًا يبقى بعده! فقال [عُمَر]: أنا أفرِّجُ عنكم، فانطلقوا، وانطلق عمر واتبعه ثوبان، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبى الله، إنه قد كَبُرَ على أصحابك هذه الآية! فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم: " [إِنَّ الله] لَمْ يَفْرِضِ

= اتفقوا، من غير تعمد لذلك"، وكان الليث ضعيف الحفظ، مختلطًا جدًّا، وأجارك الله من حديث المختلطين، وبه أعله البوصيرى في "مصباح الزجاجة"، والهيثمى في "المجمع" [3/ 549]، لكن للحديث طرق أخرى بنحوه عن ابن عباس وابن عمر وجابر:

1 -

أما حديث جابر: فقد مضى [2012].

2 -

وأما حديث ابن عباس: فله عنه طرق: منها طريق داود بن عمرو الضبى عن منصور بن أبى الأسود عن عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف لحجته وعمرته طوافًا واحدًا).

أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 262]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11293]، وفى "الأوسط"[5/ 5580]، و [8/ 8078]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 148 - 149]، وغيرهم، قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الملك بن أبى سليمان إلا منصور ابن أبى الأسود

".

قلتُ: ومنصور صدوق صالح، وقد أعله ابن الجوزى بعبد الملك بن أبى سليمان، وقال:"ضعيف" وتعقبه ابن عبد الهادى في "التنقيح"[2/ 323/ الطبعة العلمية]، فقال:"لكن إسناده صحيح، وإن كان عبد الملك قد ضعفوه، فقد وثقه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل".

3 -

وأما حديث ابن عمر: فيأتى بسياق أتم [برقم 550].

2499 -

ضعيف: أخرجه البيهقى في "سننه"[7027]، والحاكم [2/ 363]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "المطالب"[رقم 3721]، وأبو الفضل الزهرى في، "حديثه"[رقم 489]، وابن الأعرابى في "معجمه"[1809]، وغيرهم من طرق عن يحيى بن يعلى عن أبيه عن غيلان بن جامع عن عثمان بن عمير أبى اليقظان عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس به.=

ص: 208

الزَّكَاةَ إِلا [لِيُطَيِّبَ مَا] بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، وَإِنَّمَا فَرَضَ الْمَوارِيثَ فِي الأَمْوَالِ لِتَبْقَى [لمَنْ] بَعْدَكم" قال: فكبَّر عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلا أُخْبِرُكَ بِمَا يَكْنِزُ المرْءُ؟ المرْأَةَ الصَّالحَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ".

2500 -

حَدَّثَنا عقبة بن مكرمٍ، حَدَّثَنَا يونس بن بكيرٍ، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: طلق ركانة بن عبذ يزيد أخو بنى

=قلت: هكذا رواه جماعة عن يحيى بن يعلى، وخالفهم آخرون، فرووه عنه بإسناده فلم يذكروا فيه (عثمان بن عمير) وجودوا إسناده، كما تراه عند أبى داود [1664]، والحاكم [1/ 567]، والقطيعى في "زوائده على فضائل الصحابة"[رقم 560]، وغيرهم.

قال البيهقى في"سننه"[4/ 83]، عقب إخراجه الوجه الأول:"وقصَّر به بعض الرواة عن يحيى، فلم يذكر في إسناده: عثمان أبا اليقظان".

قلتُ: وأراه كما قاله البيهقى، والذين زادوا فيه (عثمان أبا اليقظان) قد أتوا بزيادة واجبة القبول، وعثمان هذا شيخ متروك على التحقيق، وهو من رجال "التهذيب".

وبه أعله الذهبى في "المهذب" كما في "فيض القدير"[2/ 252]، وقد تصحَّف اسمه في سند الحاكم [2/ 363]، فوقع هكذا:(عن عثمان بن القطان الخزاعى) وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبى قائلًا:"عثمان لا أعرفه، والخبر عجيب".

قلت: بل عثمان يعرفه الذهبى جيدًا، وقد ترجمه في "الكاشف" و"الميزان" وغيرهما، لكنه التصحيف الذي ضل به عن تمييزه، وصوابه في سند الحاكم:(عن عثمان أبى اليقظان البحلى). ثم إن في الإسناد علة أخرى، وهى أن جعفر بن إياس لم يسمع من مجاهد شيئًا كما حكاه القطان عن شعبة، راجع "المراسيل"[ص 25]، و"جامع التحصيل"[ص 155]، وللفقرة الأخيرة شواهد دون السؤال أولها.

• تنبيه: ليس عند القطيعى الفقرة الأخيرة من الحديث.

2500 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 265]، والبيهقى في "سننه"[14764]، وابن الجوزى في "العلل المتناهية"[2/ 640]، وأبو نعيم في "المعرفة"[2461]، وغيرهم، من طريق محمد بن إسحاق بن يسار عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به

وزاد أحمد ومن طريقه ابن الجوزى: (فارجعها إن شئت. قال: فرجعها، فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر) ومثله عند البيهقى، ولفظ أبى نعيم:(فإن شئت فارجعها، وإن شئت فدعها).=

ص: 209

عبد المطلب في مجلسٍ ثلاثًا، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَمْ طَلَّقْتَهَا يا رُكَانَةُ؟ " فقال: ثلاثًا في مجلسٍ واحدٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَإِنَّهَا وَاحِدَةٌ".

=قلتُ: هذا حديث لا يصح البتة، وقد اختلفت فيه أنظار النقاد، فقواه جماعة، فحكى ابن القيم عن الإمام أحمد أنه حسَّنه، بل وصحَّحه، وانتصر له ابن القيم في "زاد المعاد"[5/ 226]، وفى "إغاثة اللَّهفان"[1/ 286، 287]، وفى "إعلام الموقعين"[3/ 31]، وفى "الصواعق المرسلة"[2/ 625]، وسبقه شيخه أبو العباس النميرى في "فتاويه"[85/ 33]، وقال:"وهذا إسناد جيد"، ومال إلى تقويته: الصنعانى والشوكانى وغيرهما، وكذا صححه العلامة أحمد شاكر أيضًا، وحسنه الإمام في "الإرواء"[7/ 144]، لغيره، بل نقل الحافظ في "الفتح"[9/ 362]، عن أبى يعلى أن صححه فقال:"وأخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه".

وهذه جرة قلم، ولا يُعرف لأبى يعلى شأن في التصحيح والتضعييف في (كتبه) ولعلَّ الضمير في (صححه) عائد على الإمام أحمد، ويكون الحافظ قد استروح في هذا بما حكاه ابن القيم عن تصحيح أحمد لهذا الحديث، وصنيع الحافظ في "الفتح" ظاهر في تقويته الحديث.

وخالف في هذا أئمة آخرون، فضعفوا إسناد الحديث ومتنه، فقال ابن عبد البر في "الاستذكار" [6/ 9]:"هذا حديث منكر خطأ"، وقال البيهقى في "سننه" [7/ 339]: "وهذا الإسناد لا تقوم به الحجة

"، وقال ابن الجوزى: "هذا حديث لا يصح، ابن إسحاق مجروح، وداود أشد منه ضعافًا"، وقد نقل الحافظ في "الفتح" [9/ 363]، عن بعضهم إعلاله بأربع علل، والصواب في هذا الحديث هو ضعفه متنًا وسندًا:

1 -

أما سنده: فالعلة الوحيدة الناهضة في إعلاله: هي أن رواية داود بن الحصين عن عكرمة منكرة كما قاله ابن المدينى وغيره، حتى نقل العقيلى عن ابن المدينى أنه قال:"مرسل الشعبى أحبُّ إليَّ من داود عن عكرمة عن ابن عباس به) كما في "التهذيب" [3/ 182]، وكون بعض النقاد قد حسَّن بعضًا من أفراد تلك الترجمة (داود عن عكرمة عن ابن عباس) لا يعنى مطلق التحسين، بل لنا وقفة في قبول تحسين بعض تلك الأفراد من هذه الترجمة باعتبار إسنادها فقط، وقد شرحنا ذلك شرحًا وافيًا في "غرس الأشجار"، وذكرنا هناك خطأ ابن القيم فيما فهمه مما نقله عن الإمام أحمد بشأن تصحيح الحديث، ومن حسَّن هذا الحديث من المتأخرين باعتبار سنده، فقد تساهل بلا تردد.

2 -

وأما تحسينه باعتبار متنه: فلا يصح أيضًا، وليس له شاهد يقوم إسناده مقام الاحتجاج بمتنه،=

ص: 210

2501 -

حَدَّثَنَا مسروق بن المرزبان، حدّثنا ابن أبى زائدة، قال: حدّثنى داود بن هند، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قالت قريشٌ ليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالت: سلوه عن الروح فسألوه، ونزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]، قالوا: لم نؤت نحن من العلم إلا قليلًا، وقد أوتينا التوراة، ومن يؤت التوراة فقد أوتى خيرًا كثيرًا؟! فنزلت:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: 109].

= وقد مضى حديث، ركانة عند المؤلف [برقم 1538]، وسنده مما لا يثبت مثله، واسيتفاء الكلام على هذا الحديث مع طرقه وشواهده في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" يسَّره الله.

2501 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه ابن حبان [99] وأبو الشيخ في "العظمة"[3/ رقم 403]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 595]، وغيرهم، من طريق مسروق بن المرزبان عن يحيى بن زكريا بن أبى زائدة عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس به

وليس عند أبى الشيخ شطره الأخير من قوله: (قالوا: لم نؤت

) إلى آخره.

قلتُ: قال الإمام في "ظلال الجنة"[1/ 322]: "رجال إسناده ثقات، رجال مسلم غير مسرور بن المرزبان فلم أعرفه".

قلت: تصحف (مسروق بن المرزبان) في سند أبى عاصم إلى (مسرور) فلم يعرفه الإمام، ومسروق هذا ضعفه أبو حاتم ومشاه غيره، وهو من رجال ابن ماجه، ولم ينفرد به، بل تابعه:

1 -

يحيى بن يحيى النيسابورى على مثله عند الحاكم [2/ 579]، وعنه البيهقى في "الدلائل"[رقم 571]، وسنده صحيح إليه.

2 -

وقتيبة بن سعيد على مثله: عند الترمذى [3140]، وأحمد [1/ 255]، والطبرانى في "الأوسط"[8/ رقم 8002]، والنسائى في "الكبرى"[11314]، وابن عساكر في "تاريخه"[45/ 125]، وغيرهم.

وزاد ابن عساكر في آخره: "قال قتيبة بن سعيد: كتب عنى هذا الحديث: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابنا أبى شيبة وأبو خيثمة وقالوا: هو غريب".

وقال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن داود بن أبى هند إلا ابن زائدة، تفرد به قتيبة"، وهذا يردُّ عليه رواية مسروق ويحيى بن يحيى كما مضى.=

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قلتُ: والحديث سنده ظاهر الصحة، لكن استغربه أكابر الأئمة كما مضى من قول قتيبة، ولعل هذا الاستغراب مردُّه إلى كون ابن أبى زائدة قد خولف في وصله، خالفه عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامى، فرواه عن داود فقال عن عكرمة به مرسلًا، لم يذكر فيه:(ابن عباس)، وزاد في آخره:(قال فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27]، قال: ما أوتيتم من علم؛ فنجاكم الله به من النار، فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل) هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[17/ 542 الرسالة]، قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: ثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا داود به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إلى عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الأعلى ثقة من رجال الجماعة، وابن أبى زائدة أوثق منه وأتقن، لكن رواية عبد الأعلى هي الراجحة عندى لأمرين:

الأول: ما مضى من كون أحمد وابن معين وابنى أبى شيبة - عبد الله ومحمد - وأبى خيثمة قد استغربوا هذا الحديث من طريق ابن أبى زائدة، ومثلهم قال الترمذى عقب روايته:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".

والثانى: أن ابن أبى زائدة وإن كان ثقة حافظًا جليل القدر إلا أنه قد غمز في حفظه أيضًا، فقال أبو زرعة:"ابن أبى زائدة قلما يخطئ، فإذا أخطأ أتى بالعظائم"، كذا في "علل ابن أبى حاتم"[رقم 257]، وعنه في "التهذيب"[11/ 209].

وأما قول أبى نعيم الملائى: (حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبى زائدة - وما هو بأهل أن يُحدَّث عنه) فتلك نفثة من مصدور.

وقد بدا لى أمر آخر: وهو أنه ربما كان هذا الاختلاف من داود بن أبى هند، فقد نقل الأثرم عن أحمد أنه قال عن داود:(كان كثير الاضطراب والخلاف) كما في "التهذيب"[3/ 204].

وشطر الحديث الأول محفوظ من حديث ابن مسعود كما يأتى [برقم 5390]، وكذا له طريق آخر عن ابن عباس بإسناد ضعيف عند الطبرى [17/ 543]، والحديث ضعيف بهذا السياق جميعًا.

• تنبيه: ذكر الحافظ هذا الحديث في "الفتح"[13/ 445]، ثم عزاه لابن أبى حاتم بسندٍ صحيح عن ابن عباس، وأغلب الظن: أنه عند (ابن أبى حاتم) من الطريق الماضى. وقد عرفتَ ما فيه، والله المستعان.

ص: 212

2502 -

حَدَّثَنَا مسروق بن المرزبان الكوفى، حَدَّثَنَا ابن أبى زائدة، قال: حدثنى أبى، عن أبى إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كانت الشياطين لهم مقاعد يستمعون فيها الوحى، فإذا سمعوا الكَلمة زادوا تسعًا، فأما الكلمة فتكون حقا وأما ما زادوا فيكون باطلًا، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، منعوا مقاعدهم، فشكوا ذلك إلى إبليس ولم تكن النجوم يُرمى بها من قبل ذلك، فقال: إن هذا لأمْرٌ قد حدث في الأرض، فاضربوا في الأرض، فانطلقوا فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين جَبَلَىْ نخلة يصلى، فأتوه فأخبروا، فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض.

2502 - صحيح: أخرجه الترمذى [3324]، وأحمد [1/ 274]، والنسائى في "الكبرى"[11626]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12431]، والطبرى في "تفسيره"[10/ 470]، وابن منده في "الإيمان"[2/ رقم 701]، والطحاوى في "المشكل"[6/ 31]، وغيرهم، من طرق عن إسرائيل بن يونس عن أبى إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد مضى لنا غير مرة أن أبا إسحاق السبيعى مدلس عريق في التدليس، وقد عنعنه كما ترى، ثم إنه قد اختلط أو تغير بآخرة، وسماع إسرائيل منه إنما كان أخيرًا كما أشار إليه القطان، وجزم به أحمد وابن معين، خلافًا لابن مهدى.

وقد توبع عليه إسرائيل: تابعه أبو يونس بن أبى إسحاق عند البيهقى في "الدلائل"[رقم 540]، والخطيب في "تاريخه"[14/ 32]، بإسناد مقبول إليه، وقد زاد الميهقى في آخره:"وإنهم ليرمون: فإذا توارى النجم عنكم، فقد أدركه، لا يخطئ أبدًا، لا يقتله، يحرق وجهه، جنبه، يده".

ويونس شيخ صدوق صالح على أوهام له، لكن ضعَّف الإمام أحمد وغيره حديثه عن أبيه أيضًا، وقد قال الترمذى عقب روايته:"هذا حديث حسن صحيح"، ولعل ذلك لطرقه وشواهده؛ توبع عليه أبو إسحاق:

1 -

تابعه: سماك بن حرب به نحو سياقه هنا: عند أحمد [1/ 323]، من طريق وكيع عن إسرائيل عن سماك به

=

ص: 213

2503 -

حَدَّثَنَا محمد بن عبادٍ المكى، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا".

= قلتُ: أخشى أن يكون ذلك اختلافًا على إسرائيل في سنده، وقد يكون محفوظًا، وإسرائيل ثقة حافظ، ووكيع - الراوى عنه: أحفظ وأوثق من إسرائيل نفسه، وكذا من رواه عن إسرائيل على الوجه الأول، فهم ثقات أيضًا، فلا مانع من قبول هذا الوجه أيضًا، ويكون لإسرائيل فيه شيخان:

الأول: جده أبو إسحاق.

الثاني: سماك بن حرب.

1 -

أما جده: فقد مضى الكلام على تدليسه وتغير حفظه.

2 -

وأما سماك: فهو قوى في نفسه، لكنه تغير جدًّا بآخرة حتى صار يتلقَّن، وتلك مصيبة، وسماع إسرائيل وأمثاله من الصغار إنما كان أخيرًا، وإنما الصحيح هو سفيان وشعبة عنه، فاحفظ هذا.

3 -

وتابعه أيضًا: جعفر بن أبى وحشية على نحوه بسياق أتم دون قول ابن عباس في أوله حتى قوله: (فيكون باطلًا) وقد مضت تلك المتابعة [برقم 2369].

وقد رواه بعضهم عن سعيد بن جبير به دون هذا السياق، وكذا له طرق أخرى عن ابن عباس بألفاظ مختلفة وسياق أتم، وللحديث شواهده أيضًا. فاللَّه المستعان.

• تنبيه: وقع في سند المؤلف في الطبعتين: (عن ابن إسحاق عن سعيد بن جبير

)، هكذا (ابن إسحاق) فقال حسين الأسد في تعليقه:"رجاله ثقات غير أن ابن إسحاق قد عنعن".

قلتُ: ما لابن إسحاق في هذا الإسناد خفٌّ ولا حافر، وإنما هو (أبو إسحاق) السبيعى كما مضى؛ تحرفت (أبى) إلى (ابن)، فانتبه أيها الذكى!.

2503 -

صحيح: أخرجه البخارى [5140]، ومسلم [2031]، وابن ماجه [3269]، وأحمد [1/ 221]، والدارمى [2026]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11380]، وابن أبى شيبة [24448]، والحميدى [490]، والنسائى في "الكبرى"[6775]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 317]، والعقيلى [3/ 186]، وأبو عوانة [رقم 6687، 6688]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 462]، وجماعة، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس به.=

ص: 214

2504 -

حَدَّثَنَا هناد بن السرى، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدثنى مطر بن ميمونٍ المحاربى، قال: حدثنى عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه إلى رجلٍ من اليهود فأمره بقتله، فقال: يا رسول الله، إنى لا أستطيع ذلك إلا أن تأذن لى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِن الحرْبَ خدْعَةٌ، فَاصْنَعْ مَا ترِيدُ".

= قلتُ: وقد توبع عليه ابن دينار:

1 -

تابعه ابن جريج على مثله: عند مسلم [2031]، وأبى داود [3847]، وأحمد [1/ 293، 346، 370]، والبيهقى في "سننه"[14392، 14393]، والنسائى في "الكبرى"[6776]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[629]، وأبى عوانة [رقم 6684، 6685، 6686]، وغيرهم. ولفظ أبى داود والنسائى:(إذا أكل أحدكم فلا يمسحنَّ يده بالمنديل حتى يَلْعقها أو يُلْعقها) وهو لفظ أحمد في الموضع الثاني، وزاد عبد بن حميد في آخره:(فإن آخر الطعام فيه بركة) وهى زيادة ثابتة من وجوه.

2 -

وطلحة بن عمرو المكى عند الحارث [2/ رقم 538/ زوائده]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[626]، وأبى بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 918]، ولفظ الحارث وابن حميد:(إذا أكل أحدكم طعامًا يُلْعق بالأصابع، فلا يمسح يده حتى يَلْعقها - أو يُلعقها)، ولفظ أبى بكر الشافعي:(إذا أكل أحدكم طعامًا تعلق منه الأيدى، فلا يمسح يده حتى يلعقها)، وطلحة واهٍ.

2504 -

منكر: بهذا التمام: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11798]، وابن عدى في "الكامل"[6/ 397]، والطبرى في "تهذيبه"[رقم 1450]، وغيرهم، مثل سياق المؤلف، وهو عند ابن ماجه [2834]، وأبى الشيخ في "الأمثال"[رقم 4]، والعقيلى [4/ 219]، وأبى عوانة [رقم 5272]، وغيرهم، بالمرفوع منه فقط:(إن الحرب خدعة) كلهم من طرق عن يونس بن بكير عن مطر بن ميمون عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد تالف، ومطر بن ميمون منكر الحديث كما قاله البخارى والنسائى وأبو حاتم والساجى، وتركه جماعة، وقد سئل عنه أبو داود فجعل بضحك، وهذا الحديث قد ذكره له ابن عدى في ترجمته من "الكامل"، والعقيلى في "الضعفاء" وقال عقبه:"لا يتابع عليه بهذا الإسناد، والحديث يروى بغير هذا الإسناد من غير طريق".

قلتُ: وهو كما قال العقيلى، والحديث محفوظ بجملة (إن الحرب خدعة) فقط، =

ص: 215

2505 -

حَدَّثَنَا إسماعيل بن موسى، حدّثنا حسين بن عيسى، عن معمرٍ، عن الزهرى، عن أبى حازمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، إذ قال:"اللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ" قيل: يا رسول الله، وما أهل اليمن؟ قال:"قَوْمٌ رقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، الإيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ".

= ولها شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث على [494، 559]، وجابر [1826، 1968، 2121]، ويأتى حديث عائشة [برقم 4559]، والحسن بن على [برقم 6760]، وعبد الله بن سلام [برقم 7495].

والحديث بهذا السياق منكر، ولفظ الطبراني:(بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه إلى رجل من اليهود ليقتله فقال: يا رسول الله، ائذن لى، فأقول، فقال: قل ما بدا لك؛ فإنما الحرب خدعة) وبهذا اللفظ ذكره الهيثمى في "المجمع"[5/ 578]، ثم أعله بمطر بن ميمون فقال:"وهو ضعيف".

2505 -

صحيح: دون التكبير في أوله: أخرجه ابن حبان [7298]، والطبرى في "تفسيره"[12/ 729]، والبزار [رقم 2837/ كشف]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 355]، من طريقين عن حسين بن عيسى الحنفى عن معمر عن الزهرى عن أبى حازم عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 7051]: "رواه أبو يعلى والبزار، ومدار إسناديهما على حسين بن عيسى بن مسلم وهو ضعيف".

قلتُ: بل هو منكر الحديث كما قال أبو زرعة وغيره، وقد قال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل" [2/ 355]:"عامة حديثه غرائب، وفى بعض حديثه مناكير"، وقد أنكروا عليه هذا الحديث، فسئل عنه أبو حاتم وأبو زرعة كما في "العلل"[رقم 1968]، فقال الأول:"هذا حديث باطل، ليس له أصل، الزهرى عن أبى حازم لا يجئ"، وقال الثاني:"هذا حديث منكر، وأبو حازم لا أظنه المدينى".

قلتُ: يعنى بالمدينى: أبا حازم سلمة بن دينار الثقة المشهور، والزهرى معروف بالرواية عنه، لكنه لم يسمع من ابن عباس باتفاقهم، والمعروف بالرواية عن ابن عباس: إنما هو (أبو حازم المعروف بنبتل)، ولا يُعرف للزهرى رواية عنه قط، فسواء كان هذا أو ذاك فهو من منكرات=

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حسين بن عيسى الحنفى، وقد قال البزار عقبه:"لا نعلم أسند الزهرى عن أبى حازم غير هذا"، وقد اضطرب حسين في إسناده أيضًا، فقال ابن عدى في "الكامل"[2/ 355]، عقب روايته:"وهذا الحديث قد روى عن الحسين أيضًا عن معمر عن الزهرى عن عكرمة عن ابن عباس به، ثناه محمد بن أحمد بن هلال الشطوى - وثقه الدارقطنى - عن إسحاق بن بهلول - حافظ إمام - عنه، وكلتا الروايتين عن معمر عن الزهرى، فسواءٌ عن عكرمة أو عن أبى حازم عن ابن عباس منكر جدًّا".

وقد خولف الحسين في سنده، خالفه عبد الرزاق، فرواه عن معمر فقال: عن أيوب عن عكرمة به نحوه مرسلًا ما هكذا أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره "[3/ 404 - 405]، لكن خولف فيه عبد الرزاق، خالفه محمد بن ثور الصنعانى، فرواه عن معمر عن عكرمة به نحوه مرسلًا أيضًا، ولم يذكر فيه (أيوب).

هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[12/ 729]، بإسنادٍ صحيح إليه، ورواية عبد الرزاق عندى أرجح؛ لما فيها من الزيادة. ثم سواء كان هذا أرجح أو ذاك؛ فالمحفوظ في الإسناد هو ذلك الوجه المرسل.

نعم، رواه هلال بن خباب عن عكرمة فجود إسناده، وجعله موصولًا: عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه .... بلفظ (لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1] إلى آخر السورة قال: نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلتْ؛ فأخذ في أشد ما كان اجتهادًا في أمر الآخرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: جاء الفتح وجاء نصر الله، وجاء أهل اليمن، فقال رجل: يا رسول الله: وما أهل اليمن؟! قال: قوم رقيقة قلوبهم، ليِّنة قلوبهم، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفقه يمان) هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[11712]- واللفظ له - والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11903]، وفى "الأوسط"[2/ رقم 1996]، والدارمى [79]، وغيرههم، ولفظ الدارمى:(لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال: قد نعيتْ إليَّ نفسى؛ فبكتْ، فقال: لا تبكى فإنك أول أهلى لحاقًا بى؛ فضحكت، فرآها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: يا فاطمة رأيناك بكيت ثم ضحكت! قالت: إنه أخبرنى أنه قد نعيتْ إليه نفسه؛ فبكيت، فقال لى: لا تبكى، فإنك أول أهلى لاحق بى؛ فضحكت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} ، وجاء أهل اليمن، هم أرق أفئدة، والإيمان يمان، والحكمة يمانية). =

ص: 217

2506 -

حَدَّثَنَا أبو سعيدٍ الأشج، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن ابن عجلان، عن أبى حازمٍ، عن أبى هريرة؛ وحجاجٍ، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَدْوَةٌ أَوْ روْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".

= وهو رواية للطبرانى في "الكبير"[22/ 1027]، وفى "الأوسط"[1/ 883]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 3093]، وأبى نعيم في "المعرفة"[6715]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ رقم 193]، وغيرهم وليس عند هؤلاء - دون ابن سعد - قوله في آخره:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} وجاء أهل اليمن

) إلى آخره، كلهم من طرق عن سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن هلال قد تغير حفظه بآخرة، وقد رماه بعضهم بالاختلاط، وأنكره ابن معين، وقد خالفه أيوب السختيانى، فرواه عن عكرمة به مرسلًا دون قصة فاطمة كما مضى عند عبد الرزاق في "تفسيره"[3/ 404 - 405].

لكن يبدو لى طريق هلال محفوظ إن شاء الله، لما فيه من قصة فاطمة - رضى الله عنها - وذلك يستدعى حفظًا وضبطًا. ولنحو سياق المؤلف شاهد من حديث أبى هريرة قال:(لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا، الإيمان يمان، الفقه يمان، الحكمة يمانية).

وسنده على شرط الشيخين، وللمرفوع منه طرق أخرى عن أبى هريرة، وشواهد عن جماعة من الصحابة. فالله المستعان.

2506 -

صحيح: أخرجه الترمذى [1649]، من طريق أبى سعيد الأشج عن أبى خالد الأحمر عن ابن عجلان عن أبى حازم عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح"، وهو كما قال. وهما حديثان:

1 -

أما حديث أبى هريرة: فأخرجه أيضًا: ابن ماجه [2755]، وابن أبى شيبة [19306]، وعنه ابن أبى عاصم في "الزهد"[رقم 238]، وفى "الجهاد"[عقب رقم 60]، وغيرهم من طريق أبى خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن أبى حازم عن أبى هريرة به.

قلتُ: وهذا إسناد جيد مستقيم، لكن سئل الدارقطنى في "علله"[11/ 179]،=

ص: 218

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن هذا الحديث وقال: "يرويه ابن عجلان عن أبى حازم عن أبى هريرة، وأما أصحاب أبى حازم الحفاظ منهم مالك بن أنس وابن أبى حازم والثورى، فرووه عن أبى حازم عن سهل بن سعد، وهو الصواب أبو حازم هذا سلمة بن دينار".

قلتُ: لا أظن أبا الحسن بن مهدى، إلا وقد وهم في هذا، وكأن الترمذى قد خشى أن يقع أحد في مثل ما وقع فيه الدارقطنى هنا؛ فقال في "سننه" عقب روايته:"أبو حازم الذي روى عن سهل بن سعد هو أبو حازم الزاهد وهو مدنى، واسمه سلمة بن دينار، وأبو حازم هذا الذي روى عن أبى هريرة هو أبو حازم الأشجعى الكوفى، واسمه سلمان، وهو مولى عزة الأشجعية".

قلتُ: لم يخف علينا كون ابن عجلان قد روى عن سلمة بن دينار أيضًا، لكنه مكثر عن أبى حازم الأشجعى، ثم إن سلمة بن دينار لم يسمع من أبى هريرة ولا أحد من الصحابة إلا سهل بن سعد وحده، وإنما جزم بذلك ابنه عبد العزيز، راجع "جامع التحصيل"[ص 187].

وهذا وغيره يؤيد قول الترمذى الماضى، من كون أبى حازم الواقع في هذا الإسناد: هو الأشجعى المتقدم، وليس المدنى المتأخر عنه، وكذا رأيتُ الحافظ المزى قد جزم بذلك في "تحفة الأشراف"[13428].

2 -

وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أيضًا: أحمد وابنه [1/ 256]، والطيالسى [2699]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12081]، وابن أبى شيبة [19303، 36965]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[654]، وابن أبى عاصم في "الزهد"[رقم 245]، وفى "الجهاد"[66]، وابن عساكر في "تاريخه"[28/ 92]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1696] وغيرهم، من طريق الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به

وفيه قصة في أوله عند الجميع سوى ابن أبى أبى عاصم وحده.

قلتُ: وسنده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن أرطأة سيئ الحفظ، مضطرب الحديث.

والثانية: الحكم لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط كما قاله جماعة من النقاد، وليس هذا منها.

وللحديث شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة، يأتى منهم حديث أنس وسهل بن سعد، ومضى حديث الزبير بن العوام [برقم 678].

ص: 219

2507 -

حَدَّثَنَا أبو كريبٍ، حدّثنا ابن المبارك، عن حجاجٍ، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة؛ وعن حجاجٍ عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ".

2507 - صحيح: هما حديثان:

الأول: حديث عائشة: وهذا يأتى الكلام عليه في (مسندها) عند المؤلف [برقم 4692، 4749، 4906].

والثانى: حديث ابن عباس، وله ثلاث طرق عنه:

الطريق الأول: رواية سعيد بن جبير عنه.

والطريق الثاني: رواية عطاء بن أبى رباح عنه.

والطريق الثالث: رواية عكرمة عنه.

ونكتفى بالكلام على طريق عكرمة وحده، أما باقى طرقه وشواهده فهى مستوفاة في "غرس الأشجار" أعاننا الله عليه، فنقول:

حديث الحجاج عن عكرمة عن ابن عباس: أخرجه ابن ماجه [1880]، والبيهقى في "سننه"[13387]، وأبو عروبة الحرانى في "حديثه"[رقم 17]، والخطيب في "الموضح"[2/ 302]، وغيرهم، من طريق ابن المبارك عن الحجاج بن أرطأة عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهو عندهم - سوى الخطيب - مقرونًا بحديث عائشة مثل المؤلف هنا، قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة":"في إسناده الحجاج وهو ابن أرطأة مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وأيضًا لم يسمع من عكرمة، وإنما يحدث عن داود بن الحصين عن عكرمة، قاله الإمام أحمد".

وقال الزيلعى في"نصب الراية"[3/ 182]: "الحجاج ضعيف، وفى سماعه من عكرمة نظر، قال في "التنقيح": قال أحمد: لم يسمع منه، ولكن روى عن داود بن الحصين عنه".

قلتُ: فالعلة تكمن في ثلاثة أشياء:

1 -

ضعف الحجاج في نفسه.

2 -

عنعنه في إسناده؛ فقد كان مدلسًا.

3 -

عدم سماعه من عكرمة كما نقل عن أحمد.

لكن قال الزيلعى بعد أن أعله بالحجاج: "لكن الطبراني رواه عن خالد الحذاء عن عكرمة به. . ." =

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: لكن هذا طريق منكر لا أصل له في الحقيقة، وإنما هو من أوهام بعضهم، قال الحافظ في "التلخيص" [3/ 156]:"وغلط بعض الرواة؛ فرواه عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة، والصواب الحجاج بدل خالد".

قلتُ: وبيان هذا: هو أن أبا كريب والمسيب بن واضح وجماعة قد رووه عن ابن المبارك عن الحجاج عن عكرمة عن ابن عباس به .... كما مضى، ثم جاء سهل بن عثمان الكندى ورواه عن ابن المبارك لكن اختلف عليه فيه، فرواه عنه الحسين بن إسحاق التسترى فقال: عن سهل عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 1924]، والحسين ثقة رحَّالة معروف، وهكذا هو عند الطبراني أيضًا في "الأوسط"[4/ رقم 3475]، من طريق الحسين به

، لكن وقع عنده: (عن سهل عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن الحجاج بن أرطأة عن عكرمة عن ابن عباس به

) كذا بزيادة (الحجاج)، وهذا عندى خطأ من الناسخ بلا شك، وذكر الحجاج في هذا الطريق مقحم) عندى، قال الطبراني:"لم يروه عن ابن المبارك عن خالد الحذاء إلا سهل بن عثمان، عن الحجاج بن أرطأة عن عكرمة، ورواه الناس عن ابن المبارك عن الحجاج بن أرطأة".

قلتُ: وقوله في المرة الأولى: (عن الحجاج بن أرطأة) مقحم أيضًا من الناسخ، ولا يروى خالد الحذاء عن الحجاج ولا في المنام، وصواب العبارة:"لم يروه عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة إلا سهل بن عثمان، ورواه الناس عن ابن المبارك .... إلخ" فانتبه.

وقد توبع الحسين بن إسحاق عليه: تابعه عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازى على مثله عن سهل بن عثمان عند أبى الشيخ في "طبقاته"[2/ 121]، والأهوازى شيخ صدوق راوى "التاريخ" والطبقات عن خليفة بن خياط، وأخذ عنه جماعة من الكبار.

وتابعه أيضًا: إبراهيم بن حرب - وراق سهل بن عثمان - على مثله عند ابن عدى في "الكامل"[3/ 291]، وإبراهيم ثقة معروف، وهو العسكرى المحدث، فهؤلاء ثلاثة من الثقات كلهم رووه عن سهل بن عثمان على الوجه الماضى، وخالفهم آخرون، فرووه عن سهل عن ابن المبارك عن الحجاج عن عكرمة مثل رواية الجماعة عن ابن المبارك، ومن هؤلاء:

1 -

أبو يحيى الرازى الحافظ في "مسنده"، وعنه أبو الشيخ في "الطبقات"[2/ 121 - 122]، وقال أبو الشيخ:"وهو الصحيح".=

ص: 221

2508 -

وَفِى حديث عروة: "وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ".

= 2 - وسعيد بن عثمان الأهوازى - ثقة مشهور - عند أحمد بن عبيد الصفار في "مسنده"، ومن طريقه البيهقى [13409].

3 -

وعبدان الأهوازى الحافظ عند ابن عدى في "الكامل"[3/ 291].

فالذى يظهر لى: أن سهل بن عثمان كان لا يضبط هذا الحديث عن ابن المبارك، وهو على ثقته وحفظه، فقد كان صاحب غرائب كثيرة كما يقول عبدان الأهوازى كما في ترجمته من "طبقات أبى الشيخ"[2/ 120]، وكان كثيرًا إذا حوقق في خطأ رمى بالتبعة فيه على من حدَّثه، وقال:(هكذا ثنا بها فلان وفلان) والمحفوظ في هذا الإسناد هو الوجه الأول، وهكذا توبع عليه ابن المبارك: تابعه:

1 -

معمر بن سليمان الرقى على مثله وزاد: (والسلطان ولى من لا ولى له) أخرجه أحمد [1/ 250]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 258]، وابن عساكر في "تاريخه"[26/ 241]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[2/ 145].

2 -

ومخشى بن معاوية مثل رواية معمر عند البخارى في "تاريخه"[8/ 71]، بسند صحيح إليه.

ومدار الإسناد على الحجاج بن أرطأة كما يقول الحافظ في" التلخيص"[3/ 156]، وبه أعله ابن الجوزى في "التحقيق" وقد مضى الكلام على الحجاج.

ثم جاء سليمان بن الفضل الزيدى ورواه عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به

، وتابع فيه سهل بن عثمان على ما أخطا فيه، هكذا ذكره ابن عدى في "الكامل"[3/ 291]، ثم قال: "وإنما هذا عند ابن المبارك عن حجاج بن أرطأة عن عكرمة

"، وقال في أول ترجمته: "ليس بمستقيم الحديث"، وقال في ختامها: "قد رأيتُ له غير حديث منكر".

وعلى كل حال: فالمحفوظ عن ابن المبارك هو ما مضى أولًا، وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس به

وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة، واستيفاء تخريجه في كتابنا "غرس الأشجار". وسيأتى له شاهد من حديث عائشة [برقم 4692، 4749، 4906]، وحديث أبى موسى الأشعرى [برقم 7227]، والحديث صحيح ثابت.

2508 -

قوى لغيره: هذا جزء من حديث عائشة، وسيأتى الكلام عليه في مسندها [برقم 4692، 4749، 4837،4750].

ص: 222

2509 -

حَدَّثَنَا أبو كريبٍ، حدّثنا يحيى بن آدم، عن قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن أبى يحيى القتات، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم.

2509 - ضعيف: أخرجه أبو دواد [2562]، والترمذى [1708]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11123]، والبيهقى في "سننه"[19567]، وفى "الشعب"[5/ 6539]، وفى "الآداب"[629]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 238]، وغيرهم، من طريق قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش عن أبى يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس به ..

قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه الترمذى أيضًا في "العلل"[317]، ثم قال:"وقال شريك: عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الثورى: عن الأعمش عن أبى يحيى عن مجاهد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو معاوية: عن الأعمش عن مجاهد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألتُ محمدًا - يعنى البخارى - فقال: الصحيح إنما هو عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا".

قلتُ: وقد اختلف في إسناده على ألوان أخرى غير هذه، كما بسطناه في "غرس الأشجار".

والمحفوظ فيه هو الإرسال كما قاله البخارى.

وطريق الثورى عن الأعمش عن أبى يحيى عن مجاهد مرسلًا قد أخرجه الترمذى أيضًا في "سننه"[1709]، ثم قال: "ويقال: هذا أصح من حديث قطبة

" وهو كما قال هذا القائل، على أنه لا يصح مرسلًا أيضًا؛ لانفراد أبى يحيى القتات به، رهو ضعيف صاحب مناكير، وترجمته في "التهذيب" [12/ 278].

ولا منافاة بين كون الحديث محفوظًا من طريق الأعمش عن أبى يحيى عن مجاهد مرسلًا مع ضعفه، ومن فهم الصحة مطلقًا من قول بعضهم (والمحفوظ فيه موقوفًا أو مرفوعًا أو مرسلًا) فقد غلط بلا شك، بلا وأساء الفهم؛ وإنزال كلام المتقدمين على مصطلحات المتأخرين ليس بجيد قط، فقول البخارى الماضى:"الصحيح إنما هو عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا" لا يعنى به الصحة المصطلح عليها أخيرًا، بل يعنى بها أن ذلك الوجه المرسل هو الراجح من تلك الوجوه الماضية المختلف فيها على الأعمش، وإن كان هذا الوجه لا يصح - من حديث إسناده - أيضًا، بل قد يكون الحديث محفوظًا من رواية بعض الضعفاء موقوفًا، فيأتى أحد الثقات؛ ويخالف هذا الضعيف، ويرويه مرفوعًا، وترى بعض النقاد يُخطِّئ هذا الثقة في رفعه، وهذا معروف مشهور في نقد جماعة من المتقدمين، وقد مضى مثال له من كلام البيهقى سابقًا في إعلال طريق لا يحضرنى الآن موضعه، ولبسط هذا مكان آخر.=

ص: 223

2510 -

حَدَّثَنَا أبو كريبٍ، حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم.

=وللحديث شواهد لا يثبت منها شئ أصلًا، وأقواها هذا الطريق، وقد عرفتَ ما فيه.

• تنبيه: قال المناوى في "الفيض"[6/ 303]، بعد أن حكى رمز السيوطى لتحسين هذا الحديث، قال:"وأصله قول الترمذى: حسن صحيح".

قلتُ: وهذا وهمٌ غريب جدًّا، وما نطق الترمذى بتحسين الحديث فضلًا عن تصحيحه، ولا ذكره المزى عنه في "التحفة" أيضًا [رقم 6431]، وإنما أخرج الترمذى - عقب حديث ابن عباس: حديث جابر بن عبد الله مرفوعًا بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوسم في الوجه)، وهذا قد مضى عند المؤلف [برقم 2235]، وقال الترمذى عقبه:"هذا حديث حسن صحيح"، فلعل نظر المناوى انتقل إلى هذا الموضع، فقال ما قال.

2510 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [عقب رقم 1709]، من طريق يحيى بن آدم عن شريك عن الأعمش عن مجاهد ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول، شريك هو القاضى النخعى المشهور بسوء الحفظ، والاضطراب في المتون والأسانيد، وقد صدَّقنَا شريكٌ فيما ظنناه فيه، فاضطرب فيه على ألوان.

1 -

فرواه مرة أخرى عن الأعمش فقال: عن مجاهد عن ابن عمر أو غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا أخرجه ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 2217]، بإسناد صحيح إليه، وهذا هو اللون الثاني.

2 -

ولون ثالث، ورواه عن الأعمش عن مجاهد فقال: عن ابن عباس أو غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم به

، هكذا ذكره ابن أبى حاتم أيضًا [رقم 2217].

3 -

ولون رابع، ثم رواه عن الأعمش فقال: عن أبى يحيى عن مجاهد عن ابن عباس به

مثل رواية قطبة الماضية، هكذا ذكره البيهقى في "سننه"[10/ 22]، عقب [رقم 19567]، والحديث ضعيف من تلك الوجوه كلها، والمحفوظ فيه عن الأعمش هو الإرسال كما مضى.

وهكذا رواه عنه الثورى وأبو معاوية وعبيد الله بن موسى وغيرهم من كبار أصحابه القدمين فيه، تارة عنه عن مجاهد به مرسلًا، وتارة عنه عن أبى يحيى القتات عن مجاهد به ..... ، والرواية الثانية هي الأرجح عندى؛ لما فيها من الزيادة، أعنى (أبا يحيى القتات) هكذا رواه الثورى عن الأعمش، والثورى مقدم عندى على أصحاب الأعمش جميعًا حتى أبى معاوية،=

ص: 224

2511 -

حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نميرٍ، حدّثنا زيد بن الحباب، حَدَّثَنَا، سيف بن سليمان، قال: حدثنى قيس بن سعدٍ، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بيمينٍ وشاهدٍ.

2512 -

حَدَّثَنَا ابن نميرٍ، حدّثنا عبد السلام، عن خصيفٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلَّ في دبر الصلاة.

= ثم الأعمش إمام في التدليس، فلعله دلَّس (أبا يحيى القتات) في الرواية الأولى، بل هذا هو المتعيَّن، وموضع بَسْطِ تخريجه في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".

2511 -

صحيح: أخرجه مسلم [1712]، وأبو داود [1608]، ومن طريقه الجصاص في "أحكام القران"[2/ 249]، وأحمد [1/ 248، 315، 323]، وابن أبى شيبة [22995، 29053، 36317]، وأبو عوانة [4877]، والبيهقى في "سننه"[20421]، وفى "المعرفة"[رقم 6083]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 144]، ابن الجارود [1006]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1582]، وجماعة، من طرق عن زيد بن الحباب عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح في المتابعات، وقد توبع عليه زيد بن الحباب: تابعه عبد الله بن الحارث المخزومى عند أبى داود وابن ماجه وأحمد وجماعة كثيرة. وتوبع عليه قيس بن سعد المكى - وهو ثقة مشهور - تابعه محمد بن مسلم الطائفى عند البيهقى وغيره، واختلف عليه في إسناده.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس، وكذا شواهد عن جماعة من الصحابة، وهو مخرج في "غرس الأشجار"، وفيه الرد مفصلًا على من أعلَّ الطريق الماضى كالطحاوى وجماعة من متأخرى متعصبة الحنفية كالكوثرى وغيره، بعلل غير نافقة في الميزان، والحديث صححه أساطين من أهل العلم.

2512 -

ضعيف: أخره الترمذى [899]، والنسائى [2754]، وأحمد [1/ 285]، والدارمى [1806]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12230]، وابن أبى شيبة [12745]، وابن عرفة في "جزئه"[27]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[8760]، وأبو عمرو بن منده في "فوائده"[12]، وابن العديم في "بغية الطلب"[3/ 322]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 1213]، وغيرهم من طرق عن عبد السلام بن حرب عن خصيف بن عبد الرحمن الجزرى =

ص: 225

2513 -

حَدَّثَنَا ابن نميرٍ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن ابن إسحاق، عن خصيفٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: ذكرت لابن عباسٍ إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحرام حين فرغ من صلاته، ثم خرج فلما ركب راحلته فاستوت به قائمًا أهل، فأدرك ذلك منه قومٌ، فقالوا: أهل حين استقلت به راحلته، وذلك أنهم لم يدركوا إلا ذلك ثم سار حتى علا البيداء فأهل، فأدرك معه رجالٌ، فقالوا: أهل حين علا البيداء.

= عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مثله

وعند بعضهم: (أحرم) وبعضهم: (لبَّى) بدل: (أهل)، والباقى سواء.

قلتُ: قال الترمذى: (هذا حدث حسن غريب لا نعرف أحدًا رواه غير عبد السلام بن حرب). قلتُ. وهو ثقة حافظ على أوهام له، وآفة الإسناد: إنما هي خصيف بن عبد الرحمن، ذلك الضعيف الحفظ عند أكثر النقاد، وكان يضطرب في الأسانيد كما قاله أحمد وغيره، وبه أعله شيخ الإسلام ابن دقيق العيد في (الإمام) كما في" نصب الراية"[3/ 20]، ومن طريق عبد السلام بن حرب: أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 123]، ولكن مطولًا بسياق أتم نحو اللفظ الآتى:

2513 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [1770]، وأحمد [1/ 260]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 120]، والبيهقى في "سننه"[8761]، وفى "المعرفة"[رقم 2906]، والحاكم [1/ 620]، وابن عبد البر في "التمهيد"[13/ 170]، وفى "الاستذكار"[4/ 50]، وابن حزم في "حجة الوداع"[رقم 494]، وغيرهم، من طريق إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق بن يسار عن خصيف بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال: قلتُ: لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس: عجبتُ لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوجب! فقال: إنى لأعلم الناس بذلك؛ إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّا، فلما صلى في مسجده بذى الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه؛ فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام، فحفظته عنه، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالًا، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهلّ، فقالوا: أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما علا على شرف البيداء أهلّ، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنما أهل حين علا على شرف البيداء، وايم الله لقد أوجب في مصلاه وأهلَّ حين استقلَّتْ به ناقته،=

ص: 226

2514 -

حَدَّثَنَا داود بن عمرو بن زهيرٍ الضبى، حدّثنا ابن أبى الزناد عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين

= وأهلّ حين علا على شرف البيداء. قال سعيد: فمن أخذ بقول ابن عباس (أهلَّ في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه) هذا لفظ أبى داود، ونحوه عند الآخرين.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم" وليس كما قال، وخصيف بن عبد الرحمن لم يخرج له مسلم شيئًا قط، وابن إسحاق مختلف في إخراج مسلم له في "الأصول"، وقال الزيلعى في "نصب الراية"[3/ 91]، يتعقب الحاكم:"وابن إسحاق وخصيف فيهما مقال".

قلتُ: وهو كما قال، لكن ابن إسحاق صدوق متماسك إمام في المغازى والسير، ولم يخف علينا كونه مدلسًا، لكنه قد صرح بالسماع عندهم جميعًا سوى المؤلف وحده، أما خصيف بن عبد الرحمن فهو آفة هذا الإسناد، وقد مضى أنه ضعيف الحفظ مضطرب الحديث على التحقيق، ومن مارس حديثه ظهر له مصداق ذلك بجلاء، وبه أعله المنذرى في "تهذيب السنن" كما في "عون المعبود"[5/ 131]، وسبقه البيهقى في ذلك، فقال في "سننه" عقب روايته:"خصيف الجزرى غير قوى، وقد رواه الواقدى بإسناد له عن ابن عباس، إلا أنه لا تنفع متابعة الواقدى" وأشار الحافظ إلى إعلاله بخصيف في "التلخيص"[2/ 238]، وقال في "الدراية" [2/ 8]:"فيه خصيف وهو لين الحديث".

قلتُ: وللحديث شواهد ولكن مختصرًا نحو اللفظ الماضى من رواية عبد السلام بن حرب عن خصيف به

منها: حديث أنس بن مالك عند الدارمى [1807]، وغيره. وهو عند أبى داود [1774]، والنسائى [2662، 2755]، وأحمد [3/ 207]، وجماعة لكن بلفظ مغاير دون لفظ الدارمى، وسنده لا يثبت.

وله شاهد آخر عن أبى داود المازنى عند ابن حزم في "المحلى"[7/ 93]، ولا يصح أيضًا، وليس في إهلاله صلى الله عليه وسلم عقب صلاته مباشرة حديث ثابت، والمحفوظ عنه من الطرق الصحاح أنه صلى الله عليه وسلم أهلَّ بعد أن استوى على راحلته، كما بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار". والله المستعان.

2514 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2424].

ص: 227

العجلانى وامرأته، وقال زوجها يومئذٍ: يا رسول الله، واللَّه ما قربتها منذ عفرنا، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ يقول:"اللَّهُمَّ بَيِّنْ"، وزوج المرأة رجلٌ أصهب الشعر حمش الذراعين والساقين، وكان الذي رُميتْ به ابن سوداء، فجاءتا بغلامٍ أسود جعدٍ قططٍ عبل الذراعين خدل الساقين. فقال له رجلٌ: يا أبا عباسٍ، كيف قلت؟ قال: قلت: جاءت به على النعت السيئ. فقال له ابن شداد بن الهاد: أهى التى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ"؟ قال: لا، تلك امرأةٌ كانت قد أعلنتْ في الإسلام.

2515 -

حَدَّثَنَا داود بن عمرٍو، حدّثنا محمد بن مسلمٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن رجلًا قال: يا رسول الله، توفيت أمى ولم توص، أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال:"نَعَمْ".

2515 - صحيح: أخرجه البخارى في "الأدب المفرد"[رقم 39]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11630]، وفى "الأوسط"[8/ رقم 8172]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[رقم 1757]، وغيرهم، من طريق محمد بن مسلم الطائفى عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به ..

قلتُ: وهذا إسناد صحيح في المتابعات، والطائفى قد تكلم بعضهم في حفظه، لكنه توبع عليه:

1 -

تابعه زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أمه توفيت؛ أينفعها إن تصدق عنها؟! قال: نعم؛ قال: فإن لى مخراقًا، وأشهدك أنى قد تصدقت به عنها).

أخرجه البخارى [2618]- واللفظ له - وأبو داود [2882]، والترمذى [669]، والنسائى [3655]، وأحمد [1/ 370]، والحاكم [1/ 581]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11631]، وفى "الأوسط"[8/ رقم 8209]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7910]، وجماعة. قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا زكريا بن إسحاق، ومحمد بن مسلم الطائفى".

قلتُ: كلا، بل تابعهما:

2 -

ابن جريج قال: أخبرنى عمرو بن دينار أن عكرمة مولى ابن عباس أخبره [أن ابن عباس، أخبره] أن رجلًا قال: يا رسول الله: .... ثم ذكره مثل رواية زكريا

=

ص: 228

2555 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا شبابة بن سوارٍ، حدّثنا يونس، عن أبى إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاثٍ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1]، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1].

2555 - صحيح: أخرجه النسائي [1702]، والترمذى [462]، وابن ماجه [1172]، وأحمد [1/ 299]، و [1/ 300، 316، 372]، والدارمى [1589،1586]، وابن أبى شيبة [6880]، و [33469]، والبيهقى في "سننه"[4635]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 287، 288]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2643]، و ابن نصر في "صلاة الوتر"[رقم 46]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 51]، وغيرهم، من طرق عن أبى إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول.

1 -

أما ضعفه: فإن أبا إسحاق إمام في التدليس، وقد عنعنه في جميع طرقه، ثم هو قد تغير حفظه بأخرة حتى رماه جماعة من النقاد بالاختلاط، ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا.

2 -

وأما كونه معلولًا: فقد اختلف في سنده على أبى إسحاق على ألوان، فرواه عنه زهير بن معاوية فأوقفه على ابن عباس، هكذا أخرجه النسائي [1703]، وتابعه أبو الأحوص عليه مختصرًا عند ابن أبى شيبة [6878]، وهكذا رواه إسرائيل أيضًا - واختلف عليه - موقوفًا عند ابن أبى شيبة [6879].

وتابعهم شريك القاضى - واختلف عليه هو الآخر - على وقفه عند النسائي في "الكبرى"[436]، فهذا لونان من الاختلاف، ولون ثالث، فرواه بعضهم عن زهير بن معاوية عن أبى إسحاق فقال: عن سعيد بن جبير عن أبى هريرة به .... ، فنقله من (مسند ابن عباس) إلى (مسند أبى هريرة)، هكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[4636].

ولون رابع، فرواه أيوب بن جابر عن أبى إسحاق فقال: عن نافع عن ابن عمر به

، وجعله من (مسند ابن عمر).

هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[7/ رقم 7312]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 1671]، وأيوب هذا شيخ ضعيف، وقد قال ابن حبان عقبه: "إنما هو أبو إسحاق عن =

ص: 229

قَالَتْ: رَبِّى وَرَبُّكَ الَّذِى فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَأُحْمِىَ لَهَا بَقَرَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِى وَعِظَامَ وَلَدِى، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ، فَأَلْقَى وَلَدَهَا فِي الْبَقَرَةِ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَكَانَ آخِرَهُمْ صَبِيٌّ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ اصْبِرِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ" قال ابن عباسٍ: فأربعةٌ تكلموا وهم صبيانٌ: ابن ماشطة بنت فرعون، وصبى جريجٍ، وعيسى ابن مريم، والرابع لا أحفظه.

= قلتُ: قال البزار: "لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ - من وجه متصل إلا بهذا الإسناد" وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وقال الذهبى عقب روايته في "العلو": "هذا حديث حسن الإسناد" وقال ابن كثير في "تفسيره"[3/ 22]: "إسناد لا بأس به"، وصحَّح إسناده السيوطى أيضًا في "الدر المنثور".

وفى كل هذا نظر لا يخفى، وعطاء بن السائب هو إمام المختلطين، وحمكاد بن سلمة ثبت سماعه منه قبل اختلاطه وبعده، فلما لم يتميز هذا من ذاك؛ سقط الاحتجاج بروايته عن عطاء، وقد أخرج العقيلى في "الضعفاء"[3/ 399]، بإسناد مستقيم عن ابن المدينى أنه قال:"قلتُ ليحيى - يعنى القطان: وكان أبو عوانة حمل عن عطاء بن السائب قبل أن يخلتط؟! فقال: كان لا يفصل هذا من هذا، وكذلك حماد بن سلمة".

قلتُ: وهذا يدل على أن أبا عوانة أيضًا قد سمع من عطاء من قبل ومن بعد، وكان لا يفصل - يعنى يميز - هذا من ذاك، يعنى ما سمعه منه قبل اختلاطه مما سمعه منه بعد ذلك، وقد صحَّ ذلك عن أبى عوانة صريحًا، أما حماد بن سلمة فهو أشهر من أبى عوانة في هذا الأمر، وقد قال الحافظ في "تهذيبه" 7 [/ 206]، بعد أن حكى كلام النقاد حول من سمع من عطاء قبل اختلاطه وبعده:"قلتُ: فيحصل لنا من مجموع كلامهم: أن سفيان الثورى، وشعبة، وزهيرًا وزائدة، وحماد بن زيد، وأيوب عنه - يعنى عن عطاء - صحيح، ومن عاداهم يتوقف فيه، إلا حماد بن سلمة فاختلف فيه قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين: مرة مع أيوب - يعنى قديمًا قبل الاختلاط - كما يومئ إليه كلام الدارقطنى، ومرة بعد ذلك - يعنى بعد الإختلاط - لما دخل إليهم البصرة وسمع منه مع جرير وذويه".

قلتُ: وهذا هو التحقيق بشأن حماد، ومن يُقَرْطِمُ نصوص النقاد، ثم يختار منها ما يوافقه في ساعته، لا يكون أمينًا في النقل، ولا على الجادة في البحث، فالذين جزموا بكون حماد قد سمع من عطاء قبل اختلاطه، وأن حديثه عنه مستقيم، أمثال يعقوب الفسوى وابن الجارود =

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطحاوى وغيرهم، قد عارضهم آخرون، وجزموا بكون سماع حماد من عطاء إنما كان بآخرة بعد اختلاطه، ومن هؤلاء: يحيى القطان وكفى به، فالواجب هو الجمع بين أقوالهم كما فعل الحافظ آنفًا، وهذا هو علة ذلك الإسناد، وإليه أشار الهيثمى في "المجمع" [1/ 233] بقوله:"وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة، ولكنه اختلط".

وقد رأيتُ حمادًا قد توبع عليه: تابعه أسباط بن نصر على نحوه دون قول ابن عباس في آخره: عند النهروانى في "الجليس الصالح"[1/ 294 - 296]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[16/ 419]، وابن العديم في "بغية الطلب"[2/ 3300]، من طريق أبى بكر بن أبى داود عن حسين بن على بن مهران عن عامر بن الفرات عن أسباط به

قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، الحسين بن عليّ لم أجد له ترجمة سوى في "الجرح والتعديل"[3/ 56]، وترجمته بيضاء نقية، ليس فيها عن حاله شئ، وعامر بن الفرات لم أجده إلا عند ابن حبان في "ثقاته"[8/ 501]، وأسباط بن نصر ضعيف على التحقيق كما أشرنا إلى ذلك في تخريج الحديث [رقم 757]، ولم يخرج له مسلم إلا فيما وافقه عليه الثقات كما ذكر مسلم نفسه، وأسباط على ضعفه لا يعرف متى سمع من عطاء بن السائب! والظاهر أنه سمع منه لما دخل عطاء البصرة وجلس إليه جرير وصَحْبه من الصغار، وسماع هؤلاء مردود عندهم، وللحديث شاهد من رواية أبى بن كعب مرفوعًا به نحوه مع زيادة في سياقه ودون قول ابن عباس في آخره: عند ابن ماجه [4030]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[4/ رقم 2733]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 371]، وأبى زرعة في "دلائل النبوة" كما في "البداية والنهاية"[1/ 326]، وابن عساكر في "تاريخه"[16/ 418]، وغيرهم من طرق عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قت ادة عن مجاهد عن ابن عباس عن أبيِّ به.

قلتُ: وهذا إسناد غير محفوظ، وسعيد ضعيف الحفظ، وهو صاحب مناكير عن قتادة كما يقوله الساجى، بل ويروى عنه ما لايتابع عليه كما قاله ابن حبان، ولو سلم الإسناد منه، لم يسلم من عنعنة قتادة، وأجارك الله من عنعنته، وهو الذي ربما دلَّس عشرة في إسناد واحد، كما كان يفعل إذا حدث، عن ابن المسيب كما كشفه الإمام أحمد، راجع "جامع الحصيل"[ص 205]، ولو سلم الإسناد من عنعنة قتادة، فهو لن يسلم من علة الانقطاع، فقتادة لم يسمع من مجاهد أصلًا كما جزم به ابن القطان وغيره، فأيش هذا الإسناد الممزَّق؟!

بل قد اختلف على الوليد بن مسلم في سنده أيضًا، كما ذكره ابن عدى في "الكامل" =

ص: 231

2518 -

حدَّثَنا أبو همامٍ، حَدَّثَنَا أبى، عن زياد بن خيثمة، عن إسماعيل السدى، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لُحِدَ له.

2519 -

حدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حَدَّثَنَا حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن

= [3/ 372]، ولم يصب من زاد في إعلال هذا الطريق: عنعنة الوليد بن مسلم؛ لكونه يدلس التسوية، لأن الوليد لا يفعلها إلا عن الأوزاعى وحده كما نبَّهنا عليه مرارًا، والحديث ضعيف لا يثبت من أيِّ الوجوه أتيته، واللَّه المستعان.

• تنبيه: عزا السيوطى هذا الحديث من الطريق الأول: في "الدر المنثور"[5/ 212]، إلى النسائي، ولم أجده في "سننه الصغرى" ولا "الكبرى"، ولا أشار إليه المزى في "التحفة"، فلعله في تصانيف له أخرى إن لم يكن السيوطى قد وهم.

ووجدتُ للحديث شاهدًا ثانيًا نحو رواية أبى بن كعب: من حديث أبى ذر الغفارى عزاه صاحب "كنز العمال"[40472]، إلى ابن مردويه! ونقل عن السيوطى قوله:"وسنده حسن" و"تفسير ابن مردويه" في عداد المفقود، بل لم يطبع له من كتبه إلا النادر، وتحسين السيوطى لا يعتمد عليه، فالحمد لله على كال حال.

2518 -

صحيح: أخرجه ابن حبان [6633]، وابن الجارود [547]، والبيهقى في "الدلائل"، [رقم 3220]، والطحاوى في "المشكل"[7/ 68] وغيرهم، من طريق شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن إسماعيل السدى عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ:(دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم العباس وعليّ والفضل وسوَّى لحده رجل من الأنصار، وهو الذي سوَّى لحود الشهداء يوم بدر) هذا سياق ابن حبان، وهو عند الباقين نحوه.

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح، ورجاله كلهم مقبولون، وفى بعضهم كلام لا يضرُّ بحديثهم؛ ولفظ المؤلف مختصر.

وللحديث طرق أخرى ضعيفة عن ابن عباس نحو المعنى المذكور هنا من لحْده صلى الله عليه وسلم وله شواهد عن جماعة من الصحابة.

2519 -

منكر: أخرجه ابن أبى شيبه في "المصنف"[32487]، وفى "مسنده" كما في "المطالب"[رقم 4252]، وعنه ابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1544]، من طريق حميد بن عبد الرحمن الرؤاسى عن عبد الله بن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس به

دون شطره الثاني، وهو بتمامه عند ابن أبى شيبة في "المسند" وعنه المؤلف.=

ص: 232

المؤمل، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فَالْحْقُّ فِي مُضَرَ، وَإِذَا عَزَّتْ، رَبِيعَةُ فَذَلِكَ ذَلُّ الإِسْلامِ".

= قلتُ: قال البوصيرى في "الإتحاف"[رقم 6971]: "رواه أبو بكر بن أبى شيبة وعنه أبو يعلى الموصلى بإسناد حسن".

قلتُ: من أين يأتيه الحسن وعبد الله بن المؤمل ضعفه أكثر النقاد حتى كاد أن يُتْرك، ولم يوثقه إلا من لم يسبر حديثه جيدًا؟! وقد قال العقيلى:"لا يتابع على كثير من حديثه"، وقال أحمد:"أحاديثه مناكير"، وقال أبو داود:"منكر الحديث"، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه الضعف عليه بيِّن".

وقد اضطرب في إسناده أيضًا، فرواه عنه حميد الرؤاسى مرة أخرى فقال: عن عبد الله بن المؤمل عن المثنى بن الصباح عن عطاء عن ابن عباس به .... ، فزاد فيه (المثنى بن الصباح) بينه وبين عطاء.

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11418]، بإسناد صحيح إلى حميد به

بنحو شطره الأول فقط، ورواه عنه سعيد بن خثيم فقال: عن عبد الله بن المؤمل عن عكرمة عن ابن عباس به

، فجعل شيخه فيه (عكرمة).

هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[4/ 136]، لكن بإسنادٍ مغموز إلى سعيد، وهو عنده بشطره الأول فقط، وعلى هذا الوجه الأخير توبع عليه ابن المؤمل: تابعه نصر بن سيار الأمير المشهور على شطره الأول فقط عند تمام في "المقلين من الأمراء والسلاطين"[رقم 13]، من طريق أحمد بن منصور عن الحسين بن محمد بن عمران عن ابن الحسن بن إسحاق بن حسنويه ثنا سلمويه بن صالح ثنا محمد بن الفضل عن نصر بن سيار به.

قلتُ: وهذه متابعة تالفة، قال الإمام في "الضعيفة"[5/ 228]، بعد أن ذكره:"قلتُ: وهذا إسناد ضعيف جدًّا، محمد بن الفضل وهو ابن عطية كذبوه، ونصر بن سيار - وهو أمير خراسان - مجهول الحال في الرواية" وهو كما قال

وللحديث شاهد من رواية شداد بن أوس مرفوعًا بشطره الأخير فقط، وزاد:"ولا يزال الله يعز الإسلام وأهله، وينقص الشرك وأهله ما عزَّت مضر واليمن" أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[64/ 303]، وسنده منكر جدًّا.

ص: 233

2520 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لِلْجَارِ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِهِ وَإِن كَرِهَ، وَالطَّرِيقُ الْمِيتَاءُ سَبْعُ أَذْرُعٍ، وَلا ضَرَرَ وَلا ضِرَار".

2520 - قوى لغيره: أخرجه الدارقطنى في "سننه"[4/ 228]، من طريق عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد قوى في الشواهد والمتابعات، وابن أبى حبيبة منكر الحديث، وداود بن الحصين تكلموا في روايته عن عكرمة، لكنه توبع عليه:

1 -

فتابعه أيوب السختيانى بلفظ [لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على حائطه، وإذا اختلفتم في الطريق الميتاء؛ فاجعلوها سبعة أذرع) وليس فيه الفقرة الأخيرة: أخرجه الخرائطى في "مساوئ الأخلاق" [رقم 391]، قال: (حدثنا أحمد بن منصور الرمادى ئنا عبد الرزاق أنبأ معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به

).

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة على شرط البخارى، لكن ذكر (أيوب) فيه أراه وهمًا من الناسخ، والمحفوظ أن الذي يرويه عن عكرمة من طريق معمر هو (جابر الجعفى) هكذا أخرجه أحمد [1/ 313]، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس به

مثل سياق المؤلف، ومن هذا الطريق أخرجه ابن ماجه [2341]، وجماعة، بالفقرة الأخيرة منه فقط.

وتوبع عبد الرزاق على هذا الوجه عن معمر: تابعه محمد بن ثور على نحو سياق المؤلف عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11806]، وفى "الأوسط"[4/ رقم 3777].

ثم رأيتُ البيهقى قد أخرجه في "سننه"[11163]، من طريق أحمد بن منصور الرمادى - وهو شيخ الخرائطى في الطريق الماضى - عن عبد الرزاق عن معمر عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس به .... دون الفقرة الأخيرة.

وهذا يؤيد ما قلناه آنفًا بشأن رواية الخرائطى الماضية، وجابر الجعفى رافضى هالك.

2 -

وتابعه سماك بن حرب من رواية الثورى عنه بنحو الفقرة الثانية فقط، ولفظه:(إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع) أخرجه ابن ماجه [2339].

وهذا إسناد مستقيم، وسماك وإن كان قد تغير حفظه حتى صار يتلقَّن، إلا أن سماع الثورى منه كان قديمًا، راجع ما علقناه على ذيل الحديث [رقم 2332].

وهو من طريق الثورى عند أحمد [1/ 235]، بلفظ: (إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع =

ص: 234

2521 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن كريبٍ، عن كريبٍ، قال: سمعت ابن عباسٍ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَلْعُونٌ مَنِ انْتَقَصَ شَيْئًا مِن تُخُومِ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ".

2522 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن حجاجٍ، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَطِئَ حُبْلَى".

= أذرع، ومن بنى بناء فليدعمه حائط جاره) وكذا هو عند عبد بن حميد في "المنتخب"[600]، وابن أبى شيبة [23034]، مثل رواية ابن ماجه، وهو عند البيهقى في "سننه"[11162]، مثل رواية أحمد.

وقد توبع عليه الثورى: تابعه شريك القاضى وأبو خالد الدالانى وجماعة، ولفقرات الحديث شواهد ثابتة، فيشهد للفقرة الأولى: حديث أبى هريرة الآتى [برقم 6249، 6309].

وفى الباب عن غيره من الصحابة، ويشهد للفقرة الثانية: حديث عبادة بن الصامت، وقد تكلمنا عليه في "غرس الأشجار"، ويشهد للفقرة الأخيرة: شواهد متكاثرة عن جماعة من الصحابة، فانظر "الإرواء"[3/ 408 - 414]، و"نصب الراية"[4/ 445].

2521 -

حسن: أخرجه ابن أبى شيبة [22021]، وعنه إبراهيم الحربى في "غريب الحديث"[2/ 556]، مثل لفظ المؤلف، وهو عند لوين في "حديثه"[31/ 1 - 2]، كما في "الضعيفة"[7/ 440]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[5/ 11]، و [40/ 217]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 283]، و [6/ 252]، وغيرهم، بزيادة في سياقه، كلهم من طرق عن محمد بن كريب عن أبيه كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد منكر، ومحمد بن كريب منكر الحديث كما قاله أحمد وغيره؛ وقد ضعفه سائر النقاد، وبه أعلمه البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 2900].

لكن للحديث طريق آخر عن ابن عباس نحوه بسياق أتم يأتى عند المؤلف [برقم 2539]، وسنده حسن كما يأتى شرحه هناك.

2522 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه أحمد [1/ 256]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12090]، والطحاوى في "المشكل"[3/ 210]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 3257]، وغيرهم من طريق أبى خالد الأحمر عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به

وفى سياق أحمد طول. =

ص: 235

2523 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبى سنان بن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميتٍ بعدما دُفِنَ.

2524 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا ابن أبى غنية، عن داود بن عيسى، عن الحسن، قال: أخبرنى ابن عباسٍ، أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"اللَّهُمَّ إِنِّي حَرَّمْتُ المدِينَةَ كَمَا حُرِّمَتْ مَكَّةُ".

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان:

الأولى: ابن أرطأة فقيه كثير الخطأ مع تدليسه، وقد عنعنه، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[444/ 500]، وقد رأيته اضطراب فيه أيضًا، فرواه عنه أبو خالد الأحمر مرة أخرى فقال: عن الحجاج عن قتادة عن أبى قلابة به مرسلًا

، هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [17458]، وهذا تخليط.

والثانية: الحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط كما قاله جماعة من النقاد، راجع ترجمة الحكم من "التهذيب"[2/ 434]، و"جامع التحصيل"[ص 167]، للعلائى.

والحديث محفوظ دون هذا اللفظ، فانظر الماضى [برقم 2414، 2491].

2523 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة [11934، 36075]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[12/ 12734] نعيم في "الحلية"[5/ 93] وأبو الشيخ في" الطبقات"[2/ 127]، وغيرهم من طريق سفيان الثورى عن أبى سنان ضرار بن مرة عن عبد الله بن الحارث الزبيدى، عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات، ولم أتحقق من ثبوت سماع عبد الله بن الحارث من ابن عباس، لكن للحديث طريق آخر رواه جماعة عن أبى إسحاق الشيبانى عن عامر الشعبى (عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن؛ فكبر عليه أربعًا).

أخرجه مسلم [954]- واللفظ له - والبخارى [1256]، والنسائى [2024]، وابن ماجه [1530]، وأبو داود [3196]، والترمذى [1037]، وجماعة كثيرة، وله شاهد عن أنس يأتى [برقم 3454].

2524 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة [36228]، من طريق يحيى بن عبد الملك بن أبى غنية عن داود بن عيسى عن الحسن البصرى عن ابن عباس به. =

ص: 236

2525 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا وكيعُ، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن امرأةً أسلمت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء زوجها بعدها، فقال: يا رسول الله، إنها قد كانت أسلمت معى، فردها عليه.

= قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، وداود بن عيسى هو النخعى الكوفى روى عنه جماعة ووثقه ابن حبان توثيقًا معتبرًا جدًّا فقال في "الثقات" [6/ 287]:"وكان متقنًا في الحديث".

وقد جعله البخارى رجلين، وترجمه في موضعين من "تاريخه"[3/ 242]، وهذا عندى من أوهامه، والحسن لا أعرفه إلا أن يكون البصرى، وهو المراد عند الإطلاق، ولذلك جزمتُ به هنا، وقد جزم بهز بن أسد وابن المدينى وأحمد وابن معين وغيرهم بكونه لم يسمع من ابن عباس شيئًا، كما ترى نصوصهم في "جامع التحصيل"[ص 163] للعلائى.

وقوله هنا: (أخبرنى ابن عباس) وهم بلا تردد، وهو ممن دون الحسن إن شاء الله، فالإسناد علته الانقطاع بين الحسن وابن عباس، لكن له شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث أبى سعيد [برقم 998، 1010]، وحديث جابر [برقم 2151].

2525 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [2238]، والترمذى [1144]، وأحمد [1/ 222]، وابن حبان [4159]، و غيرهم، من طريق إسرائيل بن أبى إسحاق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث صحيح" ومداره على سماك بن حرب، وهو صدوق صالح، لكنه تغير بآخرة حتى صار يتلقن، وسماع إسرائيل عنه إنما كان أخيرًا كما أشار إليه ابن المدينى، راجع "تهذيب المزى"[12/ 120].

ثم إن رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة كما نصَّ عليه غير واحد من النقاد، راجع ما علقناه على الحديث [رقم 2332]، ويبدو أنه قد اضطرب في متنه أيضًا، فقد عاد ورواه عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ:(أسلمت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجت، فجاء زوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنى كَنتُ أسلمتُ وعلمتَ إسلامى؛ فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها لآخر، وردها إلى زوجها الأول).

هكذا أخرجه أبو داود [2239]- واللفظ له - وابن ماجه [2008]، وأحمد [1/ 323]، والحاكم [2/ 218]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رفم 11721]، وعبد الرزاق [12645]، والبيهقى في "سننه"[13849]، وابن الجارود [757]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 55]، وغيرهم، من طريق إسرائيل أيضًا عنه به

=

ص: 237

2526 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا حسين بن محمدٍ، حدّثنا جرير بن حازمٍ، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن جارية بكرًا أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهى كارهةٌ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.

= وتابعه حفص بن جميع عند ابن ماجه؛ وتابعهما سليمان بن معاذ - وهو ضعيف - عن سماك به نحوه

وسمَّى فيه تلك المرأة: (عمة عبد الله بن الحارث)، هكذا أخرجه الطيالسى [2674]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[13851].

والإسناد ضعيف على كل حال، أما قول صاحب "المستدرك":"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" فيرده ما مضى. والله المستعان.

2526 -

صحيح: أخرجه أبو داود [2094]، وابن ماجه [1875]، وأحمد [1/ 273]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 234]، والنسائى في "الكبرى"[5387]، والبيهقى في "سننه"[13447]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 365]، وفى "العلل المتناهية"[2/ 619]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 88]، وغيرهم، من طرق عن حسين بن محمد المروذى عن جرير بن حازم عن أيوب السختيانى عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، ومَشَى أبو محمد بن حزم على ظاهره في "المحلى"[8/ 335]، وذكر قبله حديثًا ثم قال:"وهذان إسنادان في غاية الصحة"، وكذا صححه ابن القطان الفاسى كما في"نصب الراية"[3/ 182]، وانتصر له ابن القيم في "حاشيته على السنن"[6/ 85]، وكذا في زاد المعاد [5/ 87]، وكذا صحَّح إسناده جماعة من المتأخرين أيضًا.

والصواب: أن الحديث محفوظ مرسلًا كما جزم به أبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنى والبيهقى وغيرهم من نقاد الصنعة، وهكذا رواه حماد بن زيد وابن علية والناس عن أيوب عن عكرمة به مرسلًا، والوهم في وصله هو من جرير بن حازم بلا تردد كما جزم به البيهقى وغيره، أما قول ابن أبى حاتم في "العلل"[1255]، بعد أن حكى إرساله عن أبيه:"قلتُ: الوهم ممن هو؟! قال: من حسين - يعنى ابن محمد - ينبغى أن يكون؛ فإنه لم يروه عن جرير غيره" فهذا ظنٌ من أبى حاتم، وقد تعقبه الخطيب في "تاريخه"[8/ 88]، قائلًا: "قلتُ: قد رواه سليمان بن حرب عن جربر بن حازم أيضًا كما رواه حسين، فبرئتْ عهدته، وزالت تبعته

" ثم أخرجه بإسناده إلى سليمان بن حرب عن جرير به ..

وسند الخطيب إلى سليمان مستقيم كما شرحناه في "غرس الأشجار"، وكان جرير بن حازم =

ص: 238

2527 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا يحيى بن يعلى، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صام حتى أتى عسفان، ثم أفطر.

= يخطئ إذا حدث من حفظه كما قاله جماعة من النقاد، بل قال أحمد في رواية مهنأ عنه: (جرير كثير الخطأ"، وقد اختلط بآخرة، لكن حجبه أولاده حتى مات. راجع "التهذيب" [2/ 71]، فهو الواهم في وصل الحديث إن شاء الله؛ ورواه زيد بن حبان عن أيوب به موصولًا مثل رواية جرير عنه، لكن زيدًا كثير الخطأ هو الآخر، وليس هو ولا جرير في قوة حماد بن زيد وابن علية وغيرهما من الأثبات الذين رووه عن أيوب به مرسلًا.

نعم قد توبع عليه أيوب موصولًا، تابعه يحيى بن أبى كثير، لكن اختلف فيه على يحيى، والمحفوظ عنه مراسل أيضًا.

وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس لا يثبت منها شئ أصلًا، وله شاهد نحوه عن جابر بن عبد الله، والمحفوظ فيه الإرسال أيضًا، وله شواهد أخر لا تسلم أسانيدها من مقال، لكن ينهض الحديث بمجموعها على الاحتجاج بلا تردد، بل طرق حديث ابن عباس وحده مما يقوى بعضها بعضًا كما جزم به الحافظ في "الفتح"[9/ 196]، ونحوه ابن القيم في "الزاد"[5/ 87]، وقد استوفينا الكلام على طرق الحديث وشواهده في "غرس الأشجار" وأصح شئ في هذا الباب حديث، خنساء بنت خازم عند البخارى [4845]، وأبى داود [2101]، والنسائى [3268]، وابن ماجه [1873]، وجماعة كثيرة.

2527 -

صحيح: أخرجه البخارى [1846، 4029]، ومسلم [1113]، وأبو داود [2454]، والنسائى [2314،2291]، وأحمد [1/ 259، 291، 325]، وابن خزيمة [2036]، وابن حبان [3566] والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 10945]، والبيهقى في "سننه"[7949]، والطبرى في "تهذيب الاثار"[رقم 1822، 1823، 1824]، وابن عبد البر في "التمهيد"[9/ 69]، و [22/ 52]، وابن عساكر في "المعجم"[1176]، وابن بشران في "الأمالى"[870]، وجماعة، من طرق عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس به نحوه

وهو عند جماعة بسياق أتم، ولفظ البخارى ومسلم وأبى داود والنسائى وجماعة عن ابن عباس قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه؛ ليريه الناس، فأفطر حتى قدم مكة، وذلك في رمضان، فكان ابن عباس يقول: قد صام=

ص: 239

2528 -

حَدَّثَنَا أبو بكر، حدّثنا محمد بن فضيلٍ، عن حجاجٍ، عن أبى صالحٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين للفارس ثلاثة أسهمٍ، وللراجل سهمًا.

= رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر) هذا سياق البخارى في الموضع الأول.

قلتُ: قد اختلف فيه على منصور، فرواه عنه الجماعة على الوجه الماضى، وخالفهم شعبة، فرواه عن منصور فقال: عن مجاهد عن ابن عباس به

وأسقط منه (طاووسًا)، هكذا أخرجه النسائي [2290]، وأحمد [1/ 340]، وابن الجعد [820]، والطبرى في "تهذيبه"[رقم 1825، 1826، 1827]، وغيرهم.

قال الحافظ في "الفتح"[4/ 187]: "يحتمل أن يكون مجاهد أخذه عن طاووس عن ابن عباس، ثم لقى ابن عباس، فحمله عنه، أو سمعه من ابن عباس وثبَّته فيه طاووس".

قلتُ: وهذا جميع حسن جيد، وللحديث طريق آخر عن ابن عباس به نحوه.

2528 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة [3317، 36062]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 237]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 3188]، وغيرهم، من طريق محمد بن فضيل عن الحجاج عن أبى صالح عن ابن عباس به ..

ولفظ ابن أبى شيبة في الموضع الأول: (عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قسَّم للفرس سهمين وللراجل سهمًا، فكان للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم).

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه ابن راهويه في "مسنده" كما في"نصب الراية"[3/ 417]، وقد توبع محمد بن فضيل: تابعه وكيع - مقرونًا معه - عند ابن أبى شيبة في الموضع الأول؛ ورجال الإسناد كلهم ثقات سوى الحجاج، قال حسين الأسد في "تعليقه":"حجاج لم أستطع معرفته، فإن كان ابن أرطأة؛ فالإسناد ضعيف، وإن كان ابن دينار؛ فإسناده حسن إن كان سمع من أبى صالح، وإلا فهو منقطع".

قلتُ: وهو كما قال جميعًا، وإن كنتُ أميل إلى كونه ابن أرطأة؛ لكون ابن فضيل مكثرًا عنه، لكن للحديث شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة مثله، فراجع "الإرواء"[5/ 60 - 64]، و"نصب الراية"[3/ 417].

ومن تلك الشواهد: حديث ابن عمر في "الصحيحين" وغيرهما، ولفظ البخارى [3988]:(قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهما .. ، قال: فسرَّه نافع - هو راويه عن ابن عمر - فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم).

ص: 240

2529 -

حَدَّثَنَا أبو بكرٍ، حدّثنا حسين بن على، عن زائدة، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابىٌ، فقال: أبصرت الهلال الليلة، قال:"تَشَهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ "قال: نعم قال: "قُمْ يَا بِلالُ، فَنَادِ فِي النَّاسِ، فَلْيَصُومُوا غَدًا".

2529 - ضعيف: بهذا السياق: أخرجه أبو داود [2340]، والترمذى [691]، والنسائى [2113]، وابن ماجه [1652]، والدارمى [1692]، وابن خزيمة [1923]، وابن حبان [3446]، والحاكم [1/ 586]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 158]، وابن أبى شيبة [9467]، والبيهقى في "سننه"[7762، 7763، 7764]، وابن الجارود [379، 380]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 236]، والطحاوى في "المشكل"[20/ 2]، وجماعة، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الترمذى: "حديث ابن عباس فيه اختلاف، وروى سفيان الثورى وغيره عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا

".

وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا

وهذا كما قال الترمذى، والمحفوظ فيه هو الإرسال كما شرحناه في "غرس الأشجار"، وقد مضى غير مرة: أن سماك بن حرب كان قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا سوى الثورى وحده، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله.

فرواه عنه أبو عاصم النبيل - إن صح الطريق إليه - والفضل بن موسى موصولًا، وخالفهما ابن مهدى وأبو نعيم الملائى وعبد الرزاق وابن المبارك وغيرهم كلهم رووه عن الثورى عن سماك عن عكرمة به مرسلًا ....

بل وجدت شعبة أمير المؤمنين - قد رواه أيضًا عن الثورى مرسلًا عند الطحاوى في "المشكل"[2/ 21]، بإسناد صحيح إليه، وكذا هو عند الدارقطنى في "سننه"[2/ 159]، لكن الإسناد إليه مغموز، وشعبة أثبت أهل الأرض في الثورى، ولا أقدم عليه في سفيان أحدًا ولو كان ابن مهدى، فالمحفوظ عن الثورى هو الإرسال بلا تردد إن شاء الله.

لكن أصل الحديث ثابت من رواية ابن عمر عند أبى داود [2342]، وجماعة بإسناد قوى مستقيم. فالله المستعان. =

ص: 241

2530 -

حَدَّثَنَا هدبة بن خالدٍ، حدّثنا همامٌ، حدّثنا قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: {الم (1) تَنْزِيلُ} ، [السجدة]، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان].

=• تنبيه: قال الحاكم عقب روايته: "قد احتج البخارى بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب".

قلتُ: وهو يرمى بهذا إلى صحة الحديث على شرطهما، ولو كان يدرى أن هذا الكلام سوف يضر به وبكتابه ما تفوَّه به، بل هو تلفيق أنكره عليه جماعة من نقاد الصنعة؛ لأن مسلمًا وإن أخرج لسماك؛ فإنه لم يحتج بعكرمة، والبخارى وإن أخرج لعكرمة فإنه لم يحتج بسماك، فكيف يصح للحاكم أو غيره أن يصححه على شرطهما، أو شرط أحدهما؟! ويقع صاحب "المستدرك" في هذا الأمر كثيرًا، وقد بسطنا الكلام عليه مع فوائد عزيزة في كتابنا "إرضاء الناقم بمحاكمة الحاكم" أعاننا الله على الانتهاء منه.

2530 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 334]، وابن حبان [1820]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12417]، وفى "الأوسط"[8/ رقم 8514]، وغيرهم، من طريق همام عن قتادة عن عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط مسلم، لكن اختلف فيه على قتادة، فرواه عنه همام بن يحيى كما مضى، وخالفه بكير بن أبى السميط، فرواه عن قتادة عن سعيد عن ابن عباس به .... ، وأسقط منه (عزرة) هكذا أخرجه أحمد [1/ 334]، بإسناد صحيح إليه، والأول هو المحفوظ، وهمام أثبت في قتادة من ابن أبى السميط، وقد زاد فيه واسطة بين قتادة وسعيد، وهذا واجب القبول، وكان بكير صاحب أوهام على صدقه، وقد يكون قتادة دلَّس (عزرة) في رواية بكير عنه، بل لعل هذا هو الأولى من توهيم بكير في سنده.

وعلى كل حال: فالإسناد صحيح لولا عنعنة قتادة، لكن للحديث طرق أخرى عن سعيد بن جبير به.

منها طريق مسلم البطين عنه به عند مسلم [879]، وأبى داود [1074]، والنسائى [656]، وابن ماجه [821]، وأحمد [1/ 328]، وابن خزيمة [533]، وابن حبان [1821]، وعبد الرزاق [2728]، وابن أبى شيبة [5448]، والبيهقى في "سننه"[5518]، وجماعة كثيرة.

ص: 242

2531 -

حَدَّثَنَا هدبة بن خالدٍ، حدّثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنى عمران بن حديرٍ، عن عبد الله بن شقيقٍ، أن ابن عباسٍ أخَّر صلاة المغرب ذات ليلةٍ، فقال له رجلٌ: الصلاة! فسكت، فقال له الصلاة! فقال له: لا أم لك! تعلمنا بالصلاة؟! قد كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما جمع بينهما بالمدينة.

2531 - صحيح: أخرجه مسلم [705]، وأحمد [1/ 351]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12951]، وابن أبى شيبة [8231]، والبيهقى في "سننه"[5343]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 161]، وغيرهم، من طرق عن عمران بن حدير عن عبد الله بن شقيق به.

قلتُ: وسنده صحيح، ولفظ مسلم:(قال رجل لابن عباس: الصلاة، فسكت، ثم قال: الصلاة، فسكت، ثم قال: الصلاة، فسكت؟ ثم قال: لا أمُّ لك، أتعلمنا بالصلاة، وكنا نجمع بين الصلاتين علم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! .. ). ونحوه عند الطبراني وابن أبى شيبة والباقين سوى الطحاوى؛ فإن لفظه نحو لفظ المؤلف.

وزاد ابن أبى شيبة في آخره: (يعنى في السفر)، وهذه زيادة كأنها من ابن أبى شيبة نفسه، قالها على سبيل التفسير ظنّا منه، كما استظهره الإمام في الإرواء [3/ 37].

نعم، قد رواه محمد بن عبد الملك الأزدى عن عمران بن حدير بإسناده به نحو لفظ مسلم الماضى وزاد في آخره:(في السفر) هكذا أخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[601]، ومن طريقه ابن عساكر في "المعجم"[رقم 1281]، بإسنادٍ صحيح إليه.

لكنَّ محمدًا هذا ضعفه أبو حاتم الرازى ووثقه ابن حبان، راجع "اللسان"[5/ 266]، فالظاهر أنه وهم في تلك الزيادة الماضية، والحديث محفوظ دونها.

وهكذا توبع عليه عمران بن حدير: تابعه الزبير بن الخريت عن عبد الله بن شقيق قال: (خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة. قال: فجاءه رجل من بنى تميم لا يفتر ولا ينثنى: الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمنى بالسنة لا أم لك؟! ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدرى من ذلك شئ؛ فأتيتُ أبا هريرة فسألته فصدَّق مقالته).

أخرجه مسلم [705]- واللفظ له - وأحمد [251/ 1]، وأبو عوانة [رقم 1934]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12916]، والبيهقى في "سننه"[5342]، وجماعة. فالله المستعان.

ص: 243

2532 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا سفيان بن يجنة، وحماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِيِنَهُ فَاقْتُلُوهُ".

2533 -

حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا هشامٌ، عن قتادة، عن أنسٍ، أن عليّا أتِىَ بناسٍ من الزط وجدوهم يعبدون وثنًا فحرقهم، فبلغ ابن عباسٍ، فقال: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِيِنَهُ فَاقْتُلُوهُ".

2532 - صحيح: أخرجه البخارى [6524]، وأبو داود [4351]، والترمذى [1458]، والنسائى [4059، 4060، 4061]، وابن ماجه [2530]، وأحمد [2/ 217، 282]، وابن حبان [5606]، والحاكم [3/ 620]، والشافعى [1498]، والدارقطنى في "سننه"[3/ 108، 103]، والطيالسى [2689]، وابن أبى شيبة [28992، 29006، 32728، 33143، 36491]، والحميدى [533]، وابن الجارود [843]، والبيهقى في "سننه"[16597]، وفى "المعرفة"[رقم 5273]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 239]، وجماعة كثيرة، من طرق عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. . . وزاد أكثرهم في أوله قصة.

وسياق أبى داود: (عن عكرمة: أن عليًا عليه السلام أحرق ناسًا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله"، وكنت قاتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه" فبلغ ذلك عليًا عليه السلام فقال: ويح ابن عباس!).

2533 -

صحيح: أخرجه النسائي [4064، 4065]، وأحمد [1/ 322]، وابن حبان [4475]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10637]، والبيهقى في "سننه"[16637]، و [16654]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 2285/ أطرافه]، وغيرهم، من طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام الدستوائى عن قتادة عن أنس به .... وهو عند ابن حبان والنسائى في الموضع الأول، والبيهقى في الموضع الثاني والدارقطنى بالمرفوع منه فقط.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وعنعنة قتادة مجبورة بإكثاره عن أنس، وقد تفرد به عبد الصمد على هذا الوجه كما قاله الدارقطنى، وعبد الصمد ثقة حجة.

نعم: قد رواه سعيد بن أبى عروبة عن قتادة، لكن قد اختلف عليه في سنده، فرواه عنه =

ص: 244

2534 -

حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ".

= عباد بن العوام فقال: عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به بالمرفوع منه فقط، هكذا أخرجه النسائي [4062]، وخالفه محمد بن بشر العبدى، فرواه عن سعيد فقال: عن قتادة عن الحسن البصرى به مرسلًا بالمرفوع منه فقط أيضًا.

هكذا أخرجه النسائي [4063]، ثم قال عقبه:"وهذا أولى بالصواب من حديث عباد".

قلتُ: وهو كما قال؛ لأن ابن أبى عروبة كان قد اختلط أو تغير أخيرًا، وسماع محمد بن بشر منه إنما كان قديمًا كما أشار إليه أبو داود صاحب "السنن" راجع "التقييد والإيضاح"[ص 450/ طبعة دار الفكر]، للعراقى.

وإذا كان هذا الوجه محفوظ عن قتادة؛ فطريق هشام الماضى عنه محفوظ أيضًا، وهشام قد قدمه جماعة في قتادة على ابن أبى عروبة، فإن لم يكن ثَمَّ مناص من الترجيح بينهما؛ فطريق هشام أرجح لما مضى؛ ولكونه فيه قصة، وذلك من أمارات الحفظ. والحديث ثابت على كل حال.

2534 -

صحيح: هذا إسناد ضعيف واهٍ، وفيه علل:

1 -

سماك بن حرب كان قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، وروايته عن عكرمة خاصة تكلم فيها جماعة من النقاد.

2 -

وشريك هو القاضى النخعى الذي سارت الركبان بسوء حفظه، وكان شديد الاضطراب في المتون والأسانيد.

3 -

ويحيى بن عبد الحميد هو الحمانى أبو زكريا الحافظ، وهو غير عمدة على معرفته واطلاعه، ولم يكن يستطيع أن يصون نفسه عن المنكرات والغرائب حتى اتهمه بعضهم بسرقة الحديث، ولم يكن يحيى لصّا قط، وإنما أتِىَ مما ذكرنا إن شاء الله.

وقد خولف المؤلف في سنده، خالفه الحارث بن أبى أسامة، فرواه عن يحيى بن عبد الحميد فقال: عن شريك، عن عمار الدهنى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

، هكذا أخرجه الحارث في "مسنده"[1/ رقم 125/ زوائده].

ووجدتُ المؤلف قد رواه عن يحيى الحمانى هكذا أيضًا في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة"[937]، و"المطالب"[380]، وهكذا رواه محمد بن الحسين القاضى والحافظ مطيَّن، كلاهما عن يحيى بن عبد الحميد بإسناده به

عند السلفى في "معجم السفر"[972].=

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فالظاهر أن شريكًا القاضى قد اضطرب في إسناده، وقد توبع شريك على هذا الوجه الثاني: تابعه جابر الجعفى عن عمار الدهنى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: (من بنى لله مسجدًا ولو لمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتًا في الجنة).

أخرجه أحمد [1/ 241]- واللفظ له - والطيالسى [2617]، وابن أبى شيبة [3158]، والبزار [رقم 402/ كشف]، والطحاوى في "المشكل"[4/ 102]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 402]، وأبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين"[رقم 57]، وأبو الشيخ في "الطبقات"[3/ 20]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 323]، وغيرهم، من طرق عن شعبة عن جابر الجعفى به.

قلتُ: وهذه متابعة ساقطة جدًّا، وجابر الجعفى رافضى هالك بغيض، وقد كذبه جماعة، فأى شئ يجديه توثيق شعبة له؟! والكلام فيه طويل الذيل، وقال العقيلى بعد روايته:"وهذا يروى عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد صالحة".

قلتُ: وهو كما قال، وقد مضى حديث عمر بن الخطاب عند المؤلف [برقم 253]، ويأتى حديث أنس بن مالك [برقم 4018، 4298].

ولحديث ابن عباس طريق آخر نحو لفظ المؤلف مع زيادة في آخره عند الطبراني في "الأوسط"[8/ رقم 8476]، وسنده لا يصح.

• تنبيه: عزا الحافظ في "المطالب"[رقم 380]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 937]، هذا الحديث إلى المؤلف قال:(حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا شريك، عن عمار الدهنى، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .... ).

والذى وقع في الطبعتين لدى: (عن شريك، عن سماك، عن عكرمة

) وقد كدتُ أجزم بكون ما وقع في الطبعتين لعله وهمًا من الناسخ، وساعدنى على ذلك أنى لم أجد أحدًا قد أخرج هذا الحديث من ذاك الطريق قط، أعنى (سماك عن عكرمة عن ابن عباس).

وأيضًا قد رواه الحاث بن أبى أسامة في "مسنده" عن يحيى بن عبد الحميد عن شريك عن عمار الدهنى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

مثل ما عزاه الحافظ والبوصيرى إلى المؤلف، لكن أحجمنى عن ذلك، أنى قد انتبهتُ إلى أن الحافظ في "المطالب" والبوصيرى في "الإتحاف" إنما يعزيان الأحاديث لأبى يعلى في مسنده "الكبير" فقط، وهو من رواية أبى بكر بن المقرئ عنه، وقد ذكرا - يعنى الحافظ والبوصيرى - إسنادهما إلى أبى بكر بن المقرئ عن المؤلف به

الأول في مقدمة "المطالب"، والثانى ذكر إسناده في آخر "إتحاف الخيرة".=

ص: 246

2535 -

حَدَّثَنَا أبو إبراهيم الزهرى، قال: سمعت ابن بكيرٍ يحدث، قال: حدثنى الليث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، قال: حدثنى ابن حزمٍ، عن ابن عباس، وأبى حبة الأنصارى، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمَّا أُسْرِىَ بِى ظَهَرتَ لِمُسْتَوَى أَسمعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلامِ".

2536 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، حَدَّثَنَا خالد بن الحارث، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبى نهيكٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَألَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ".

= فاستظهرتُ أن المؤلف قد يكون رواه عن يحيى بن عبد الحميد - كما عزاه إليه الحافظ والبوصيرى - هكذا في (مسنده الكبير") فقط.

أما "مسنده الصغير" وهو الذي نعمل فيه: فلعله رواه عن يحيى أيضًا بذلك الإسناد الواقع في الطبعتين، واللَّه أعلم بحقيقة الحال. وقد كان لزامًا علينا ذلك التنبيه.

2535 -

صحيح: أخرجه البخارى عقب [رقم 3164]، ومسلم [عقب رقم 163]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند"[5/ 143]، وابن حبان [عقب 7406]، والحاكم [3/ 733]، والطبرانى في "الكبير"[22/ رقم 821، 822]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[4 رقم 1964]، وابن عساكر في "تاريخه"[3/ 492]، و البغوى في "شرح السنة"[6/ 498]، والبيهقى في "البعث والنشور"[رقم 172]، وابن منده في "الإيمان"[2/ رقم 714]، والدارمى في "الرد على الجهمية"[رقم 108]، والآجرى في "الشريعة"[ص 486]، وابن قانع في "المعجم"[رقم 1581]، وغيرهم، من طريقين (يونس، وعقيل) عن الزهرى عن أبى بكر بن محمد بن عمر وابن حزم عن ابن عباس وأبى حبة الأنصارى كلاهما به.

2536 -

صحيح: دون (وجه الله): أخرجه أبو داود [5108]، وأحمد [1/ 249]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[3/ رقم 726]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 258]، وابن خزيمة في "التوحيد"[1/ رقم 4]، والبيهقى في "الأسماء والصفات"[رقم 645]، والترمذى في "علله"[رقم 453]، والمزى في "تهذيبه"[34/ 355]، وغيرهم، من طرق عن خالد بن الحارث بن عبيد عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أبى نهيك [وعند الخطيب:(ابن نهيك) وهو تصحيف] عن ابن عباس به.=

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[1/ 453]: "قلتُ: وهذا سند جيد إن شاء الله - تعالى - رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبى نهيك واسمه عثمان بن نهيك كما جزم به الحافظ تبعًا لابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" [3/ 1/ 171]، وذكر أنه روى عنه جماعة من الثقات، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان: "لا يعرف"، وتناقض فيه الحافظ، فإنه في "الأسماء" قال: "مقبول"، وفى "الكنى" قال: "ثقة"، والظاهر أنه وسط حسن الحديث؛ لأنه تابعىٌ، وقد روى عنه الجماعة؛ فهو في حكم مستورى التابعين الذين يحتج بحديثهم ما لم يظهر خطؤهم فيه

".

قلتُ: وهو كما قال بشأن أبى نهيك إن شاء الله، لكن غفل الإمام عن كون الإسناد به علتان أخريان، وهما: والعلة الأولى: قتادة إمام في التدليس، وقد عنعنه كما ترى، والإمام كثيرًا ما يُعلُّ الأخبار بعنعنة قتادة، نعم قد رواه عبد الله بن أحمد في "السنة"[2/ 496 - 497]، فقال: (حدثنى عبيد الله بن عمر القوازيرى نا خالد بن الحارث، نا شعبة، عن قتادة عن أبى نهيك عن ابن عباس به

)، وقال المعلق عليه:"إسناده صحيح" وهو كما قال؛ لأن شعبة لا يروى عن شيوخه المدلسين إلا ما سمعوه ممن فوقهم، لاسيما قتادة، وقد صح عن شعبة أنه قال:"كان همتى من الدنيا: شفتى قتادة، فإذا قال: (سمعتُ) كتبتُ، وإذا قال: (قال) تركتُ" أخرجه أبو عوانة [رقم 1078]، بإسناد صحيح إليه، ورُوى عنه أنه قال: (كفيتكم تدليس ثلاثة

) وذكر منهم قتادة، نقله عنه البيهقى في مقدمة "معرفة السنن والآثار"[1/ 35].

ومع كل هذا، فإن شعبة لم يرو هذا الحديث قط عن قتادة، وما وقع عند عبد الله بن أحمد:(عن شعبة عن قتادة) ما هو إلا تصحيف يقع في الدفاتر كثيرًا.

• وصوابه: (عن سعيد عن قتادة) وسعيد هو ابن أبى عروبة، وهو صاحب هذا الحديث عن قتادة، وعنه رواه خالد بن الحارث عند الجماعة بأسرهم، وتصحيف (سعيد) بـ (شعبة) أمر معروف مشهور، وكذلك العكس، وعليه: فما زالت عنعنة قتادة تُدوِّى في أركان سند الحديث.

والعلة الثانية: هي قول الترمذى في "علله" عقب روايته: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: سعيد بن أبى عروبة يُسْنِدُ هذا الحديث عن قتادة، وغيره يقول خلاف هذا ولا يُسْنده" وهذا إعلال بالوقف أو الإرسال، ثم إنه قد اختلف على ابن أبى عروبة في إسناده أيضًا، =

ص: 248

2537 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر القواريرى، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا عبيد اللَّه بن الأخنس، قال: حدثنى ابن أبى مليكة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَأَنِّى أَنْظُر إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا" يَعْنِى الْكَعْبَةَ.

= فرواه عنه خالد بن الحارث على الوجه الماضى، وخالفه محمد بن بكر البرسانى، فرواه عن سعيد فقال: عن قتادة عن أبى سفيان عن ابن عباس به .... ، هكذا أخرجه البيهقى في "الأسماء والصفات"[عقب رقم 645]، بإسناد صحيح إلى البرسانى به

وأقول: إن لم يكن (أبى سفيان) مصحفًا من (أبى نهيك) فالمحفوظ عن سعيد هو الأول؛ والبرسانى وإن وثقه جماعة فقد غمزه آخرون، بل ضعفه النسائي، وقال الحافظ:"صدوق قد يخطئ" وليس هو من قدماء أصحاب ابن أبى عروبة الذين سمعوا منه قبل أن يتغيَّر، بخلاف خالد بن الحارث، وخالد إمام ثقة ثَبْتٌ حجة.

وللحديث شاهد عن ابن عمر مرفوعًا عند أبى داود [5109]، والنسائى [2567]، وجماعة كثيرة، وظاهر سنده الصحة على شرط الشيخين، لكنه معلول بالاختلاف فيه على الأعمش، وقفتُ من ذلك على ثلاثة ألوان من الاختلاف، ذكر منها الإمام في "الصحيحة"[1/ 454] لونًا واحدًا، لكن الأعمش لم ينفرد به.

بل تابعه عليه جماعة عن مجاهد عن ابن عمر به

ومن هؤلاء: عوام بن حوشب عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13530]، بإسناد صحيح إليه، ولفظ حديثه:(من سألكم بالله فأعطوه، ومن استعاذ باللَّه فأعيذوه .... ) ثم ذكر زيادة أخرى؛ فالحديث صحيح ثابت بهذا الشاهد، لكن دون قوله:(بوجه الله) لعدم الشاهد الثابت له، والمحفوظ هو (من سألكم بالله

).

2537 -

صحيح: أخرجه البخارى [1518]، وأحمد [1/ 228]، وابن حبان [6752]، والطبرانى في "الكبير"[11/ 11238]، والبيهقى في "سننه"[8483]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[713]، وغيرهم من طريقين عن عبد الله بن الأخنس عن ابن أبى مليكة عن ابن عباس به

وليس عند البخارى: (يعنى الكعبة).

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه الفاكهى في "أخبار مكة"[رقم 709]، وسنده قوى، وابن أبى مليكة هو عبد الله بن أبى مليكة الإمام الفقيه الرضى. وله شواهد.

ص: 249

2538 -

حَدَّثَنَا القواريرى أبو سعيدٍ، حدّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدّثنا هشامٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع، قال:"اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شىْءٍ بَعْدُ".

2538 - صحيح: أخرجه مسلم [478] والنسائى [1066]، وأحمد [1/ 276، 370]، وابن حبان [1906]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11347]، وابن أبى شيبة [2545]، والبيهقى في "سننه"[2439]، وفى "الأسماء والصفات"[رقم 280]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[628، 635]، وأبو عوانة [رقم 1462]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 92]، وابن حزم في "المحلى"[4/ 120]، والشجرى في "الأمالى"[ص 210]، وغيرهم من طرق عن هشام بن حسان عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

وزاد مسلم وجماعة في آخره: (أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).

قلتُ: وهذا إسناد مستقيم، لكن خولف فيه هشام بن حسان، خالفه حماد بن سلمة، فرواه عن قيس بن سعد المكى فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مثل سياق المؤلف، فجعل شيخ قيس فيه هو (سعيد) وليس (عطاءً).

هكذا أخرجه أحمد [1/ 270]، بإسناد صحيح إليه، والأول هو المحفوظ عن قيس، وحماد قد تغير حفظه قليلًا بآخرة، لكنه لا يزال شيخ الإسلام رغم أنف الكوثرى وأذنابه، وطريق حماد أيضًا عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12503].

وقد توبع هشام بن حسان على الوجه الأول: تابعه يزيد بن إبراهيم التسترى عن قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس به

مثل سياق المؤلف عند الطبراني في "الأوسط"[8/ رقم 8213]، بإسناد صحيح عن أبى عامر العقدى، عن يزيد به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن إبراهيم إلا أبو عامر العقدى؛ والمشهور من حديث هشام بن حسان عن قيس".

قلتُ: وهو كما قال، وقد رواه وهب بن مانوس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مثل سياق المؤلف عند النسائي [1067]، وأحمد [1/ 277، 333]، وعبد الرزاق [2908]، =

ص: 250

2539 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، عن زهير بن محمدٍ، عن عمرو بن أبى عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الأَرْضِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَمَهَ الأَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ، وَلَعَنَ اللَّهَ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ الله مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ" قالها ثلاثًا - يعنى قوم لوطٍ.

= ومن طريقه الطبراني في "الدعاء"[رقم 556]، والمؤلف [برقم 2546]، والمزى في "تهذيبه"[31/ 139]، والبخارى في "تاريخه"[8/ 168]- معلقًا - وغيرهم.

ووهب شيخ مجهول الحال كما قال ابن القطان الفاسى، لكنه توبع عليه مثله عند أحمد [1/ 275]، والطبرانى في "الدعاء"[رقم 558]، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة.

2539 -

حسن: أخرجه أحمد [1/ 217، 309، 317]، وابن حبان [4417]، والحاكم [4/ 396]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11546]، والبيهقى في "سننه"[رقم 16794، 16795]، وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 232]، والآجري في "ذم اللواط"[رقم 15]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[589]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 116]، وغيرهم، من طرق عن عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس به .....

وليس عند ابن عدى: (لعن الله من ذبح لغير الله)، ولا قوله:(ولعن الله من تولى غير مواليه)، وزاد أحمد في الموضع الثاني والثالث والحاكم والطبرانى والآجرى والبيهقى في الموضع الأول وعبد بن حميد:(ولعن الله من وقع على بهمية)، وهذه الزيادة وحدها عند النسائي في "الكبرى"[7339]، ومثله الخرائطى في "مساوئ الأخلاق"[رقم 420].

وزاد الخرائطى على النسائي: (ولعن الله من عمل عمل قوم لوط. قالها ثلاثًا) وهذه الفقرة الأخير وحدها عند ابن الجوزى في "ذم الهوى"[1/ رقم 452، 354/ بتعليقى]، وهى مكررة ثلاثًا عند المؤلف وأحمد والطبرانى والبيهقى وعبد بن حميد وابن حبان والآجرى.

قلتُ: ومداره على عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب، وهو مختلف فيه: وثقه قوم، وضعفه آخرون، والتحقيق بشأنه: أنه صدوق حسن الحديث متماسك، وقد أنكروا عليه حديث البهيمة كما مضى [برقم 2462]، وكذا حديث قتل الفاعل والمفعول به

كما مضى [برقم 2463]، فأصل حديثه على الاستقامة إلا ما أنكره عليه النقاد؛ فالإسناد حسن صالح. =

ص: 251

2540 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عفان، حدّثنا وهيبٌ، حدّثنا عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالملائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".

= وقد صححه الحاكم أيضًا، ولأكثر فقرات الحديث شواهد: فيشهد للفقرة الأولى والثانية والرابعة: حديث على الماضى [برقم 602]، ويشهد له جميعًا دون الفقرة الثالثة: حديث أبى هريرة عند الطبراني في "الأوسط" وجماعة، وسنده واهٍ، راجع الكلام عليه في "الضعيفة"[11/ 610] للإمام.

• تنبيه: قوله: (ولعن الله من غيَّر تخوم الأرض) شاهد جيد للحديث الماضى [برقم 2521]، وكذا يشهد له ما في حديث عليِّ الماضى [برقم 602]، ولفظه:(ولعن الله من غيَّر منار الأرض)، وقد أشرنا هناك [رقم 2521] إلى هذا الطريق هنا.

2540 -

صحيح: أخرجه ابن ماجه [2609]، وأحمد [1/ 328]، وابن حبان [417]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12475]، وفى "الأوسط"[1/ رقم 561]، وابن أبى شيبة [26111]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 1576]، وابن قانع في "المعجم"[رقم 783]، وغيرهم من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد جيد مستقيم، وابن خثيم صدوق متماسك على أوهام له، وقال البوصيرى في "الزوائد":"في إسناده ابن أبى الضيف، لم أر لأحد فيه كلامًا لا بجرح ولا بتوثيق، وباقى رجال الإسناد على شرط مسلم".

قلتُ: وهذا إعلال لا يضر الحديث شيئًا؛ لكون ابن أبى الضيف - روايه عن ابن خثيم - لم ينفرد به؛ بل تابعه على بن عاصم عند الطبرى، ووهيب بن خالد عند الآخرين.

وقد توبع عليه سعيد بن جبير: تابعه شهر بن حوشب عن ابن عباس به نحوه .. وزاد في آخره: (إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل) أخرجه أحمد [1/ 318]، والدارمى [2864]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 130111]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 39]، وغيرهم.

وشهر ضعيف على التحقيق، وله طريق ثالث عن ابن عباس نحوه مع زيادة في أوله عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12721]، لكن إسناده مظلم جدًّا، وله شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منهم حديث عمرو بن خارجة [برقم 1508]، وحديث جابر [برقم 2071].

ص: 252

2541 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عفان، حدّثنا أبان العطار، عن قتادة، عن أبى العالية الرياحى، عن ابن عم نبيكم: ابن عباسٍ، أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه عند الكرب:"لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الحلِيمُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".

2541 - صحيح: أخرجه البخارى [5985، 5986، 6990، 6994]، ومسلم [2730]، والترمذى [3435]، وابن ماجه [3883]، وأحمد [1/ 228، 254، 258، 280، 284، 339، 356]، والطيالسى [2651]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12750]، وابن أبى شيبة [29155]، والنسائى في "الكبرى"[7674، 7675، 10489]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[658]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 451]، و [2/ 452]، وجماعة غيرهم، من طرق عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس به

وهو عند جماعة بنحوه باختلاف يسير في كلماته.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح، لكن نقل أبو داود في "سننه"[عقب رقم 202]، عن شعبة أنه قال:(إنما سمع قتادة من أبى العالية أربعة أحاديث، حديث يونس بن متى، وحديث ابن عمر في الصلاة، وحديث "القضاة ثلاثة" وحديث ابن عباس "حدثنى رجال مرضيون منهم عمر، وأرضاهم عندى عمر").

قلتُ: ومراده أن قتادة لم يسمع من أبى العالية سوى هذه الأربعة أحاديث فقط، وهكذا رواه ابن أبى حاتم في "المراسيل"[ص 171]، عن شعبة صريحًا قال:"لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء"

فذكرها دون حديث ابن عباس، لكن ورد عن شعبة روايته هذا الحديث عن قتادة أيضًا، كما علقه عنه البخارى [عقب رقم 5986]، فقال: "وقال وهب - هو ابن جرير بن حازم: حدثنا شعبة عن قتادة مثله

".

قال الحافظ في "الفتح"[11/ 145]: "وكأن البخارى لم يعتبر بهذا الحصر - يعنى من كون قتادة لم يسمع من أبى العالية سوى أربعة أحاديث أو ثلاثة - لأن شعبة ما كان يحدِّث عن أحد من المدلسين إلا بما يكون ذلك المدلس قد سمعه من شيخه، وقد حدث شعبة بهذا الحديث عن قتادة، وهذا هو السر في إيراده له معلقًا في آخر الترجمة من رواية شعبة، وأخرجه مسلم الحديث من طريق سعيد بن أبى عروبة عن قتادة أن أبا العالية حدثه

وهذا صريح، في سماعه له منه .. ." =

ص: 253

2542 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، أخبرنا داود بن أبى هند، عن رفيعٍ أبى العالية، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادى الأزرق، فقال:"مَا هَذَا الْوَادِى؟ " قيل: وادى الأزرق، قال:"كَأَنِّى أَنْظُرُ إلَى مُوسَى مُنْهَبِطًا، وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّلْبِيَةِ"، ومر على ثنية كداء، فقال:"مَا هَذِهِ؟ " قال: ثنية كداء، قال:"كَأنِّى أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَى نَاقَةٍ جَعْدَةٍ حَمْرَاءَ، خُطَامُهَا مِنْ لِيفٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ".

= قلتُ: الذي عند مسلم: (عن قتادة أن أبا العالية حدثهم عن ابن عباس

) ومثله عند عبد بن حميد، وعند أحمد [1/ 339]، من طريقين عن ابن أبى عروبة عن قتادة قال: (ثنا أبو العالية الرياحى

).

وهذا أصرح ما يكون في السماع، فلعل ما نقله أبو داود وابن أبى حاتم عن شعبة من كون قتادة لم يسمع من أبى العالية سوى أربعة أو ثلاثة أحاديث، إنما قاله شعبة قديمًا قبل أن يتضح له خلاف ذلك؛ كما يظهر بجلاء من روايته هذا الحديث عن قتادة عن أبى العالية! وهو الذي كفانا تدليس قتادة البتة كما ورد عنه، وقد صحَّ عنه أنه قال: كان همتى من الدنيا: شَفَتَىْ قتادة؛ فما قال فيه: (سمعتُ) كتبتُ، وما قال فيه:(قال) تركتُ" كما أخرجه عنه أبو عوانة وغيره بالإسناد الصحيح، على أن ذلك لم يكن مختصّا بقتادة وحده، راجع ما علقناه على "ذيل الحديث" [رقم 1732].

ثم إن قتادة لم ينفرد به عن أبى العالية، بل تابعه يوسف بن عبد الله بن الحارث - الثقة المعروف - عند مسلم وجماعة كثيرة؛ لكن اختلف على يوسف في سنده، فالله المستعان.

• تنبيه: سقط من سند ابن أبى شيبة ذكر (أبى العالية) فصار إسناده هكذا: (حدثنا وكيع عن هشام الدستوائى عن قتادة عن ابن عباس به

).

والصواب: (عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس) وهكذا أخرجه مسلم [2730]، وأحمد [1/ 356]، من طريق ابن أبى شيبة عن وكيع عن هشام عن قتادة عن أبى العالية به

فانتبه.

2542 -

صحيح: أخرجه مسلم [166]، وابن ماجه [2891]، وأحمد [1/ 215]، وابن خزيمة [2632، 2633]، وابن حبان [3801] و [6219]، والحاكم [2/ 373]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12756]، والبيهقى في "سننه"[8796]، وفى "الشعب"[3/ 4004]، وأبو نعيم في "الحلية"[2/ 223]، و [3/ 96]، وأشيب البغدادى في "حديثه"[3]، =

ص: 254

2543 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ، قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقيناه من هذا النبيذ - يعني نبيذ السقاية - فشرب، ثم قال:"أَحْسَنْتُمْ، هَكَذَا فَاصْنَعُوا".

= وأبو عوانة [رقم 3006، 3007]، و ابن بشران في "الأمالى"[رقم 767]، وابن منده في "الإيمان"[2/ رقم 723، 724، 725]، و غيرهم، من طرق عن داود بن أبى هند عن أبى العالية الرفاعى عن ابن عباس به.

قلتُ: قال ابن منده: "رواه جماعة عن داود"، وقال أبو نعيم:"حديث داود بن أبى هند عن أبى العالية رواه عنه القدماء ..... " وقال أيضًا: "ثابت مشهور من حديث داود عن أبى العالية، رواه عنه الناس".

قلتُ: وسنده كالشمس.

2543 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 292]، والطيالسى [2691]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12934]، وابن سعد في "الطبقات"[4/ 64]، وغيرهم، من طريق حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ آفته ابن جدعان هذا؛ فقد كان ضعيف الحفظ صاحب مناكير وغرائب، ويوسف بن مهران انفرد عنه على بن زيد وحده بالرواية، وكان شعبة يغلط في اسمه وبقول:(عن يوسف بن ماهك) والصواب أنهما رجلان:

فابن ماهك ثقة مشهور روى عنه جماعة من الكبار، وأما ابن مهران فشيخ معروف أيضًا، وقد وثقه أبو زرعة الرازى وابن حبان، وابن سعد في "الطبقات"[7/ 222]، ولم يتكلم فيه أحد بشيء قط، اللَّهم إلا أن أحمد قد قال: "يوسف بن مهران لا يُعرف،

"، ولا يضره هذا؛ فقد عرفه من وثقه كما مضى.

أما قول الحافظ عنه في "التقريب": "لين الحديث" فهو قول مخترع، لم يُسْبق إليه، وليس له فيه سلف قط، وليس للمتأخر طبقة ورتبة أن يضعِّف ما وثقه المتقدم العارف إلا ببرهان بيِّن، ودون ذلك في يوسف خرط القتاد، فإن كان برهانه هو ما يقع في رواية يوسف من بعض المناكير، فالذنب فيها محمول على أكتاف ابن جدعان المتفرد عنه بالرواية، وقد كان ابن جدعان بحرًا لا ينزف في كثرة المناكير والغرائب والأفراد والمخالفة، وهو آفة هذا الإسناد كما مضى. لكنه قد توبع عليه: =

ص: 255

2544 -

حَدَّثَنَا أبو يعلى، حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلا قَدْ أَخْطَأَ، أَوْ هَمَّ، بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، وَمَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى".

=1 - فتابعه بكر بن عبد الله المزنى قال: (قال رجل لابن عباس: ما بال أهل البيت يسقون النبيذ وبنو عمهم يسقون اللبن والعسل والسويق! أبخل بهم أم حاجة؟! فقال ابن عباس: ما بنا بخل ولا بنا حاجة، ولكن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، وخلفه أسامة بن زيد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب؛ فَأتِىَ بنبيذٍ فشرب منه، ودفع فضله إلى أسامة بن زيد فشرب منه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسَنتم وأجملتم، كذلك فافعلوا، فنحن هكذا لا نريد أن نغير ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود [2021]، - واللفظ له - ومسلم [1316]، وأحمد [1/ 372]، وابن خزيمة [2947]، والطبرانى في "الكبير" [12/ 12910]، والبيهقى في "سننه" [9436]، وأبو عوانة [رقم 2684]، وابن حزم في "المحلى" [7/ 201]، وفى "حجة الوداع" [رقم 173] وغيرهم، من طرق عن حميد الطويل عن بكر المزنى به

قلتُ: وهذا إسناد قوى؛ وحميد لا يدلس إلا عن أنس وحده، وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه.

2544 -

حسن لغيره: أخرجه أحمد [1/ 254، 291، 295، 301، 320]، والحاكم [2/ 647]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12933]، وابن أبى شيبة [31909]، والبيهقى في "سننه"[20537]، و [20538]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[665]، وابن عساكر في "تاريخه"[64/ 193]، وإبراهيم الحربى في "غريب الحديث"[2/ 719]، وغيرهم، من طرق عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به .. نحوه

وليس عند الحاكم والطبرانى وابن أبى شيبة والبيهقى: شطره الآخر: (وما ينبغى لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) وهو رواية لأحمد أيضًا.

قلتُ: وسنده ضعيف مثل الذي قبله تمامًا، قال الهيثمى في "المجمع" [8/ 383]: (فيه عليّ بن زيد، وضعفه الجمهور، وقد وثِّق، وبقية رجاله رجال "الصحيح".

قلتُ: وعجز كلامه وهْم لا يخفى؛ لأن يوسف بن مهران ليس من رجال "الصحيح" =

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولا كاد، وإنما هو من رجال الترمذى وحده، ولعل الهيثمى ظنه (يوسف بن ماهك) الثقة المشهور، والصواب أنهما رجلان كما مضى الكلام عليه في الحديث الماضى.

وقال ابن كثير في "البداية"[2/ 51]، بعد أن ذكره من طريق أحمد:"عليّ بن زيد بن جدعان تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وهو منكر الحديث"، ثم قال:"وقد رواه ابن خزيمة والدارقطنى من طريق العبادانى عمن على بن زيد بن جدعان به مطولًا، ثم قال ابن خزيمة: وليس هو على شرطنا".

قلتُ: ومن طريق ابن خزيمة: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[64/ 189]، به مطولًا، ومن طريق الدارقطنى: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" أيضًا [64/ 189 - 190]، به مطولًا

ثم قال عقبه: "قال الدارقطنى: هذا حديث غريب من حديث يوسف بن مهران عن ابن عباس، تفرد به عليّ بن زيد بن جدعان".

ومن هذا الوجه المطول: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12938]، والبزار في "مسنده"[2358/ كشف]، ولفظه عندهم في آخره:(أما إنه لا ينبغى لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا، قلنا: يا رسول الله، ومن أين ذاك؟! قال: أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن؟! فقال: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)} [مريم: 12]، فقرأ حتى بلغ:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)} [آل عمران: 39]، لم يعمل سيئة قط، ولم يهم بها) هذا سياق الطبراني، وفى سياقه طول كما ذكرنا.

وقال الهيثمى في "المجمع"[8/ 382]: "رواه البزار والطبرانى، وفيه عليّ بن زيد بن جدعان، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات".

• وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به

نحوه

منها:

1 -

طريق إسماعيل بن زكريا الأسدى عن محمد بن عون الخراسانى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا قال: (ما من أحد إلا يلقى الله قد همَّ بخطيئة أو عملها إلا يحيى بن زكريا؛ فإنه لم يهم بها ولم يعملها) أخرجه ابن عدى في "الكامل"[6/ 244]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[64/ 192]، والبزار [2359/ كشف]، وغيرهم، بإسناد حسن إلى ابن عون به.

قلتُ: ومحمد بن عون الخراسانى هذا متروك واهٍ، وهو من رجال ابن ماجه وحده. =

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 2 - وطريق موسى بن إبراهيم بن جعفر بن مهران السباك عن أبيه عن سليمان بن حرب عن شعبة عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحو سياق المؤلف دون شطره الثاني: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 407]، وابن عساكر في "تاريخه"[64/ 92 - 93]، بإسناد صحيح إلى موسى بن إبراهيم به.

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[6/ 1206]: "قلتُ: وموسى بن إبراهيم السباك، وأبوه لم أعرفهما، ومن فوقه من رجال الشيخين، غير أن ابن أبى ثابت مدلس".

قلتُ: إن صح الطريق إلى ابن أبى ثابت؛ فلا عبرة آنذاك بعنعته، لكون شعبة قد رواه عنه، وهو لا يروى عن المدلسين إلا ما ثبت سماعهم له من شيوخهم، راجع ما علقناه على ذيل الحديث [رقم 1732].

ثم إن موسى بن إبراهيم لم ينفرد به؛ بل تابعه أحمد بن يحيى بن زهير - وهو ثقة حافظ - عن إبراهيم بن جعفر به .... عند ابن عدى في "الكامل"[2/ 407]، قال ابن عدى:"وهذا الحديث بهذا الإسناد غريب من حديث شعبة وغيره"، ولا يرويه إلا إبراهيم السباك هذا عن سليمان بن حرب عن شعبة، وكتبه عن عمر بن سهل الدينورى وابن عقدة".

قلتُ: فانحصرتْ العلة في إبراهيم السباك هذا، وقد جهدتُ للوقوف له على ترجمة له فلم أستطع، حتى كدتُ أسأل عنه أهل مِهْنته.

وللحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند جماعة، وقد اختلف في سنده على ألوان، مرفوعًا وموقوفًا ومرسلًا ومقطوعًا، وقد صحَّح ابن كثير وقفه في "تاريخه"[2/ 51].

وله شاهد ثان عن أبى هريرة عند جماعة، وسنده منكر على التحقيق، وله شواهد أخرى مراسيل، منها مرسل الحسن البصرى نحو سياق المؤلف دون شطره الثاني عند الحاكم [3/ 647]، وعنه البيهقى في "سننه"[20538]، وسنده صحيح إليه، ومرسل يحيى بن جعدة بلفظ:(لا ينبغى لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا، ما همَّ بخطيئة، ولا جالت في صدره امرأة) أخرجه أبو الموجه الفزارى الحافظ في "مسنده"، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[64/ 191]، بإسناد صحيح إلى ابن جعدة به

فإذ ضُمَّا هذان المرسلان إلى بعض الطرق الماضية: أرجو أن يكون الحديث - بنحو لفظ المؤلف - حسنًا إن شاء الله.=

ص: 258

2545 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا شبابة بن سوارٍ، حدّثنا يونس بن أبى إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن عليّ بن عبد الله بن عباسٍ، عن أبيه، قال: قال لى العباس: بِتْ بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحفظ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدَّمْ إلى أن لا تنام حتى تحفظَ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، وخرج من المسجد حتى لم يبق فيه أحدٌ غيرى، قال: فنظر إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"مَنْ هَذَا، عَبدُ اللهِ؟ " قال: قلت: نعم، قال:"ما لَكَ؟ " قال: قلت: أمرنى العباس أن أبيت بكم الليلة قال: "فانطلق إِذًا" قال: "افْرُشْهَا عَبْدَ اللَّهِ" قال: فأتيت بوسادةٍ من مسوحٍ حشوها ليفٌ، قال: ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم،

= ولشطره الأخير: (وما ينبغى لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى) شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة، منهم ابن عباس نفسه، فأخرجه أحمد [1/ 242]، من طريق شعبة. عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس به

وهذا إسناد صحيح جدًّا، وصرح فيه قتادة بالسماع، زيادة على رواية شعبة عنه، ومن طريق شعبة: أخرجه البخارى [3215]، ومسلم [2377]، وأبو داود [4669]، وجماعة.

2545 -

صحيح: أخرجه الحاكم [3/ 617]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10648]، وفى "الدعاء"[رقم 759]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 208]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي"[519]، والطحاوى في "المشكل"[1/ 8]- وعنده فيه اختصار - وغيرهم من طرق عن يونس بن أبى إسحاق عن المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

قلتُ: وهذه غفلة مكشوفة، وتلفيق غير مقبول، ولولاه وأمثاله ما كنا جردنا "إرضاء الناقم بمحاكمة الحاكم"، ورجال الإسناد وإن كانوا من رجال "الصحيح"، لا يلزم منه تصحيح حديثهم على شرطهما أو شرط أحدهما هكذا دون ضابط، فيونس بن أبى إسحاق وإن أخرج له مسلم، فإن البخارى لم يحتج به، والمنهال بن عمرو وإن احتج به البخارى، فلم يخرج له مسلم شيئًا، ولا يكون الإسناد - والحالة هذه - على شرط أحدهما حتى تتحقق فيه صورة الاجتماع التى كان يتجاهلها الحاكم إن لم يكن يجهلها.

وقد يكون رجال الإسناد كلهم من رجال الشيخين، ولا يكون الحديث على شرطهما أيضًا، وقد بسطنا كل ذلك في "إرضاء الناقم". =

ص: 259

فصلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم أتى فراشه حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم استيقظ فقرأ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: 164] حتى ختم السورة، ثم مسح ثلاثًا، ثم قام فبال، ثم استن بسواكه، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين ليستا بطويلتين، ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام، حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم استيقظ ثم استوى على فراشه، وفعل كما فعل في المرة الأولى، ثم مسح ثلاثًا، وقرأ الآيات من آخر سورة آل عمران:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [آل عمران: 190]، حتى ختم السورة، ثم قام فاستن بسواكه ثم توضأ، ثم صلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم استيقظ ففعل كما فعل في المرتين الأوليين، فصلى ست ركعات ثم أوتر بثلاثٍ، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، فلما فرغ من صلاته، قال:"اللَّهُمَ اجْعَل لِي فِي بَصَرِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَفِى قَلْبِى نُورًا، وَمِنْ أَمَامِى نُورًا، وَمِنْ خَلْفِى نُورًا، وَمِنْ فَوْقِى نُورًا، وَمِنْ تَحْتِى نُورًا، وَعَنْ يَمِينِى نُورًا، وَعَنْ يَسَارِى نُورًا، وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا".

2546 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يحيى بن أبى بكيرٍ، حدّثنا إبراهيم بن نافعٍ، عن وهب ابن ميناسٍ العدنى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السجدة

= والإسناد هنا: حسن صالح فقط، ويونس بن أبى إسحاق صدوق متماسك على أوهام له، والمنهال ثقة ربما وهم.

ومن طريق يونس: أخرجه أيضًا: ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"[1/ 580]، وقال أبو نعيم عقب روايته: "هذا حديث صحيح من حديث ابن عباس، روى عنه من وجوه كثيرة، وحديث يونس رواه عنه أبو أجمد الزبيرى مثله، ورواه داود بن عيسى النخعى عن منصور بن المعتمر عن علي نحوه، ورواه حبيب بن أبى ثابت عن محمد بن عليّ عن أبيه عن جده نحوه، ورراه الأحوص بن حكيم عن علي بن عبد الله عن أبيه نحوه

".

قلتُ: وهو كما قال. وللحديث طرق مشهورة عن ابن عباس به مطولًا ومختصرًا، فانظر الحديث الماضى [برقم 2465].

2546 -

صحيح: مضى الكلام عليه ضمن الماضى [برقم 2538].

ص: 260

بعد الركعة، يقول:"اللَّهُمَّ لَكَ الحمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلَءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بَعْدُ".

2547 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يحيى بن أبى بكيرٍ، حدّثنا إسرائيل، عن أبى يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ رجلٍ خارجةً، فقال:"غَطِّ فَخَذَكَ، فَإِن فَخِذَ الرَّجُلِ عَوْرَتُهُ".

2547 - حسن لغيره: أخرجه أحمد [1/ 275]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[1/ 132]، والحاكم [4/ 200]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11119]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[640]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 474]، وفى "المشكل"[4/ 187 - 188]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 425]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 89]، وغيرهم، من طرق عن إسرائيل بن يونس عن أبى يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلتُ: وهو عند الترمذى [2796]، والبيهقى في"سننه"[3048]، وغيرهما، من هذا الطريق به مختصرًا بلفظ:"الفخذ عورة".

ومداره على أبى يحيى القتات، قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" كما في "نصب الراية" [4/ 313]:"وأبو يحيى القتات اختلف في اسمه: فقيل: زاذان، وقيل: دينار، وقيل: عبد الرحمن، وقيل غير ذلك، ضعفه شريك ويحيى في رواية، ووثقه في رواية أخرى، وقال أحمد: روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدًّا، وقال النسائي: ليس بالقوى، وقال ابن حبان: فحش خطؤه، وكثر وهمه حتى سلك - غير مسلك العدول في الرويات"، ونحو هذا قاله ابن عبد الهادى في "التنقيح"[1/ 214].

وبأبى يحيى القتات: أعله ابن حزم في "المحلى"[3/ 214]، والحافظ في "التغليق"[1/ 163]، وهو كما قالوا جميعًا، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة ينهض بمجموعها على الاحتجاج به كما شرحناه في "غرس الأشجار" وقد جازف بعضهم فصحَّح بعضها على الانفراد، مع أنها كلها معلولة البتة، والحديث عندى حسن بمجموع طرقه وشواهده كما بسطناه في المصدر المشار إليه آنفًا، وراجع "نصب الراية"[4/ 313]، و"التلخيص"[1/ 279]، و"إرواء الغليل"[1/ 296 - 298]، و"الثمر المستطاب"[1/ 264 - 271].

ص: 261

2548 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يحيى بن أبى بكيرٍ، حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن صهيبٍ البصرى، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى، فجاءت جاريتان من قريشٍ، فأخذتا بركبتيه، أظنه قال: ففرع، أو ففرَّق بينهما وصلى، وجئت أنا وغلامٌ من بنى هاشمٍ على حمارٍ، فمررنا بين يديه، ثم دخلنا في الصلاة فلم ينصرف.

2549 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا إسماعيل بن أبى أويسٍ، قال: حدثنى إبراهيم بن

2548 - صحيح: مضى تخريجه [برقم 2423].

2549 -

صحيح: دون: (ولا أصحاب الصوامع): أخرجه أحمد [1/ 300]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11562]، والبيهقى في "سننه"[17933]، وابن عدى في "الكامل"[1/ 234]، وابن عبد البر في "التمهيد"[16/ 141]؛ والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 220]، وفى "المشكل"[15/ 182]، وغيرهم، من طرق عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند الطحاوى في "شرح المعانى" بجملة النهى عن قتك الولدان فقط.

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 4454، 4455]، وقال البوصيرى:"مدار هذه الطرق على إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة، وهو ضعيف".

وقال الهيثمى في "المجمع"[5/ 571]: "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى في "الكبير" و"الأوسط" إلا أنه قال فيه: "ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ولا شيخًا"، وفى رجال البزار إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة وثقه أحمد وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح".

قلتُ: لا داعى لإعلال سند البزار وحده بابن أبى حبيبة؛ لأنه رابض في إسناد الجميع، ثم إن بالإسناد علة أخرى، وهى داود بن الحصين؛ فإن روايته عن عكرمة قد تكلم فيها جماعة ورموها بالنكارة.

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث بريدة بن الحصيب عند المؤلف [برقم 1413]، فالحديث صحيح بهذه الشواهد دون جملة النهى عن قتل (أصحاب الصوامع)، فلم تأت إلا من هذا الطريق الضعيف، وقد قال البزار في "مسنده"[1677/ كشف]، عقب روايته:"لا نحفظ قوله: "أصحاب الصوامع" إلا من هذا الوجه"، =

ص: 262

إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث جيوشه، قال:"اخْرُجُوا بِاسْمِ اللَّهِ، فَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لا تَغْدِرُوا، وَلا تُمَثِّلُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ، وَلا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ".

2550 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن أبي جعفرٍ، والزهرى، عن يزيد بن هرمز، قال: كتب نجدة الحرورى إلى ابن عباسٍ يسأله، عن سهم ذى القربى لمن هو؟ وعن قتل الولدان، ويذكر في كتابه أن العالمَ صاحب موسى قد قتل الغلام، وعن النساء هل كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يضرب لهن بسهمٍ؟ قال يزيد: فأنا كتبت لابن عباسٍ كتابه، فكتب إليه:

= وقال الطحاوى في "المشكل": "لا نعلمه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهى عن قتل "أصحاب الصوامع" غير هذا الحديث، وكان مداره على إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة الأشهلى".

قلتُ: وستأتى تلك الجملة وحدها عند المؤلف [برقم 2650].

2550 -

صحيح: أخرجه أبو داود [2728]، والنسائى [4134]، وأحمد [1/ 352]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10835]، وابن أبى شيبة [33128، 33217، 33450، 33652]، والبيهقى في "سننه"[12744]، وابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 107]، وأبو عوانة [رقم /5547]، وابن شبة في "أخبار المدينة"[2/ 647]، وغيرهم، من طرق عن محمد، بن إسحاق عن الزهرى ومحمد بن عليّ أبى جعفر الباقر كلاهما عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس به. . . وهو عند أبى داود والنسائى وجماعة ببعضه مختصرًا.

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح، وابن إسحاق وإن كان مدلسًا إلا أنه صرح بالسماع عند الطبراني، وقد توبع عليه عن الزهرى وأبى جعفر مطولًا ومختصرًا:

1 -

فتابعه عن الزهرى: يونس بن يزيد كما يأتى عند المؤلف [2739]، ويأتى الكلام عليه هناك.

2 -

وتابعه عن أبى جعفر الباقر: ابنه جعفر الصادق مطولًا ومختصرًا ببعضه، مع اختلاف في ألفاظه، عند مسلم [1812]، والترمذى [1556]، وأحمد [1/ 308]، والشافعى [999]، و [1492]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10833، 10834]، والبيهقى في "سننه"[1076، 17589]، و [17629]، وأبى نعيم في "الحلية"[3/ 205]، وابن الجارود [1085]، والبغوى في "شرح السنة"[2723]، وأبى عوانة [5544]، وجماعة كثيرة.=

ص: 263

كتبت تسألنى عن سهم ذى القربى لمن هو؟ هو لنا أهل البيت، وقد كان عمر بن الخطاب دعانا إلى أن ينكح منه أيمنا، ويخدم منه عائلنا، ويقضى منه عن غارمنا، فأبينا إلا أن يسلمه إلينا، وأبى ذلك فتركناه. وكتبت تسألنى عن قتل الولدان وتذكر أن العالم صاحب موسى قتل الغلام، ولو كنت تعلم من الولدان ما يعلم ذلك العالِمُ قَتَلْتَ، ولكنك لا تعلم فاجتنبهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتلهم.

وكتبت تسألنى عن النساء هل كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يضرب لهن بسهمٍ؟ فقد كن يحضرن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أن يضرب لهن بسهمٍ فلا، قد كان يرضخ لهن.

2551 -

قَالَ محمدٌ، حدثنى بذلك من لا أتهم، عن يزيد بن هرمز، أنه كان في كتابه يسأله عن العبيد، هل كانوا يحضرون الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يضرب لهم بسهمٍ؟ وعن اليتيم متى يخرج من اليتم ويقع حقه في الفئ؟ فكتب إليه: أن العبيد قد

= وقد توبع عليه الزهرى وأبو جعفر الباقر: تابعهما جماعة عن يزيد بن هرمز: منهم سعيد المقبرى عند مسلم [1812]، وأحمد [1/ 349]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10832]، وسعيد بن منصور [2782]، والبيهقى في "سننه"[12745]، والحميدى [532]، والنسائى في "الكبرى"[8617]، وجماعة كثيرة مطولًا ومختصرًا ببعض فقراته.

وقد اختلف في سنده على سعيد المقبرى، وقد توبع عليه عن يزيد بن هرمز كما ذكرنا.

2551 -

صحيح: هذا إسناد ضعيف منقطع، لجهالة من حدَّث محمد بن إسحاق، لكن وصله ابن إسحاق عن إسماعيل بين أمية عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس به نحوه

كما يأتى عند المؤلف [برقم 2631]، وسنده ضعيف لعنعنة ابن إسحاق، وقد خولف فيه، خالفه ابن عيينة، فرواه عن إسماعيل بن أمية فقال: عن سعيد المقبرى عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس به نحوه مطولًا .. ، فزاد فيه (سعيد المقبرى) بين إسماعيل وابن هرمز.

هكذا أخرجه مسلم [1812]، والحميدى [532]، وأبو عوانة [رقم 5540]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10832]، والبيهقى في "سننه"[12745]، وجماعة، وهذا هو المحفوظ عن إسماعيل بن أمية - وإن اختلف عليه في سنده - وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه مختصرًا ببعضه.

ص: 264

كانوا يحضرون الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أن يضرب لهم بسهمٍ فلا، قد كان يرضخ لهم.

وأما اليتيم فإذا احتلم خرج من اليتم ووقع حقه في الفئ.

2552 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلةٍ في رمضان يدارسه القرآن فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيه جبريل أجود من الريح المرسلة.

2552 - صحيح: أخرجه البخارى [6، 1803، 3048، 6361]، ومسلم [2308]، و النسائي [2095]، والترمذى في "الشمائل"[رقم 354]، وأحمد [1/ 288، 363، 373]، وابن خزيمة [1889]، وابن حبان [3440، 6370]، وابن أبى شيبة [26624]، والبيهقى في "سننه"[8292]، وفى "الشعب"[2/ رقم 2246]، و [3/ رقم 3631]، وفى "الدلائل"[رقم 273]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 120]، وابن عساكر في "معجمه"[رقم 347]، وابن حزم في "المحلى"[7/ 32]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 195] وجماعة، من طرق عن الزهرى عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه جلة أصحاب الزهرى عنه على هذا الوجه، ثم جاء أبو بكر الهذلى وخالف الجميع في لفظه، ورواه عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل، والله لَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم كان أجود بالخير من الريح الهابة).

هكذا أخرجه البيهقى في "الشعب"[1/ رقم 387]- واللفظ له - وفى "فضائل الأوقات"[رقم 69]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 323]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 377]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 360]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 25]، والإسماعيلى، في "المعجم"[رقم 37]، وابن أبى الدنيا في "مكارم الأخلاق"[رقم 381]، والشجرى في "الأمالى"[ص 285]، والبزار [968/ كشف] وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 123]، وابن الجوزى في "العلل المتناهية"[2/ 39]، وجماعة.

قال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إلا أبو بكر الهذلى، ولم يكن حافظًا .... "، =

ص: 265

2553 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدثنا ورقاء بن عمر اليشكرى، قال: سمعت عبيد الله بن أبى يزيد، يحدِّث عن ابن عباسٍ، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء، فوضعت له وَضُوءًا، فلما خرج، قال: من وضع هذا؟ قالوا: ابن عباسٍ قال: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ".

2554 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا يونس، عن الزهرى، عن عبيد اللَّه بن عبد الله، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون شعورهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب، فيما لم ينزل عليه، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه.

= وقال ابن عدي: "وهذا عن الزهرى لا أعرفه [إلا] من حديث أبى بكر الهذلى"، وقال ابن الجوزى:"أبو بكر الهذلى، يروى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، قال غندر: كان يكذب".

وقد أخرجه الخطيب في "تاريخه"[9/ 225]، بسنده الصحيح إلى ابن المدينى وقد سئل عن هذا الحديث فقال:"أبو بكر ضعيف جدًّا" وقال ابن طاهر في "التذكرة"[رقم 185]: "فيه أبو بكر الهذلى متروك".

قلتُ: ولفظ حديثه عن الزهرى منكر كما جزم به أبو حاتم الرازى كما في "العلل"[رقم 661]، والمحفوظ عن الزهرى هو ما رواه أصحابه عنه كما مضى، وقد وقع عند ابن سعد في "الطبقات": (

عن ابن عباس وعائشة به

) فزاد فيه (عائشة) أيضًا، وهذا من منكرات أبى بكر الهذلى بلا شك، فاللَّه المستعان.

2553 -

صحيح: أخرجه البخارى [143]، ومسلم [2477]، والنسائى في "الكبرى"[8177]، وابن حبان [7053]، وابن أبى عاصم "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 377]، وأحمد في "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1859]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 2445]، وفى "المدخل إلى السنن الكبرى"[رقم 93]، والبغوى في "شرح السنة"[7/ 135]، وغيرهم، من طرق عن هاشم بن القاسم عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابن عباس به

وزاد البخارى والبيهقى والبغوى: (فقهه في الدين) وعند ابن أبى عاصم: (اللَّهم فهِّمه).

قلتُ: وهذا إسناد قوى، وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به.

2554 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2377].

ص: 266

2555 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا شبابة بن سوارٍ، حدّثنا يونس، عن أبى إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاثٍ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1]، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1].

2555 - صحيح: أخرجه النسائي [1702]، والترمذى [462]، وابن ماجه [1172]، وأحمد [1/ 299]، و [1/ 300، 316، 372]، والدارمى [1586، 1589]، وابن أبى شيبة [6880]، و [33469]، والبيهقى في "سننه"[4635]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 287، 288]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2643]، وابن نصر في "صلاة الوتر"[رقم 46]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 51]، وغيرهم، من طرق عن أبى إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول.

1 -

أما ضعفه: فإن أبا إسحاق إمام في التدليس، وقد عنعنه في جميع طرقه، ثم هو قد تغير حفظه بأخرة حتى رماه جماعة من النقاد بالاختلاط، ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا.

2 -

وأما كونه معلولًا: فقد اختلف في سنده على أبى إسحاق على ألوان، فرواه عنه زهير بن معاوية فأوقفه على ابن عباس، هكذا أخرجه النسائي [1703]، وتابعه أبو الأحوص عليه مختصرًا عند ابن أبى شيبة [6878]، وهكذا رواه إسرائيل أيضًا - واختلف عليه - موقوفًا عند ابن أبى شيبة [6879].

وتابعهم شريك القاضى - واختلف عليه. هو الآخر - على وقفه عند النسائي في "الكبرى"[436]، فهذا لونان من الاختلاف، ولون ثالث، فرواه بعضهم عن زهير بن معاوية عن أبى إسحاق فقال: عن سعيد بن جبير عن أبى هريرة به .... ، فنقله من (مسند ابن عباس) إلى (مسند أبى هريرة)، هكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[4636].

ولون رابع، فرواه أيوب بن جابر عن أبى إسحاق فقال: عن نافع عن ابن عمر به

، وجعله من (مسند ابن عمر).

هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[7/ رقم 7312]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 1671]، وأيوب هذا شيخ ضعيف، وقد قال ابن حبان عقبه: "إنما هو أبو إسحاق عن =

ص: 267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سعيد بن جبير"، وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبى إسحاق عن نافع إلا أيوب بن جابر، تفرد به عبد الرحمن بن واقد - هو راويه عن أيوب - ورواه الناس عن أبى إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس

".

قلتُ: يشير هو وابن حبان إلى أن المشهور هو قول من رواه عن أبى إسحاق عن سعيد عن ابن عباس به

كما هو الوجه الأول، ثم قال الطبراني: "ورواه إسرائيل عن أبى إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس

".

قلتُ: وهذا لون خامس، ولون سادس! فرواه الحسن بن عطية عن إسرائيل فقال: عن عبد الأعلى الثعلبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

، وأسقط منه (أبا إسحاق)، وأبدله بـ (عبد الأعلى).

هكذا رواه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 2129] ثم قال: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الله إلا إسرائيل، تفرد به الحسن بن عطية".

قلتُ: والحسن بن عطية ضعيف صاحب مناكير، وقد توبع إسرائيل على الوجه الذي ذكره الطبراني آنفًا عن أبى إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

: تابعه الثورى - من رواية أبى قتادة الحرانى عنه عند الطبراني في الصغير [2/ رقم 961]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[1/ 254]، قال الطبراني:"لم يروه عن سفيان إلا أبو قتادة".

قلتُ: وهو متروك واهٍ، واسمه عبد الله بن واقد. وقد توبع أبو إسحاق على هذا الوجه الأخير: تابعه مخول بن راشد عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12372]، وأحمد [1/ 305]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 287]، وغيرهم، من طريق شريك القاضى عن مخول به

قلتُ: وشريك سيئ الحفظ، وقدا اضطرب فيه أيضًا، وقد رواه مرة أخرى عن مكحول عن مسلم البطين عن سعيد عن ابن عباس به

، فصار شيخه فيه (مكحولًا) وليس (مخولًا).

هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [6881]، وهو أحد الذين رووه عن أبى إسحاق على الوجه الأول أيضًا، وقد وقفتُ له على إسناد قوى إلى سعيد بن جبير عن عباس به .... : فأخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 2172]، قال:(حدثنا أحمد - هو ابن يحيى بن زهير - قال: نا جابر بن كردى الواسطى قال: نا سعيد بن عامر قال: نا شعبة عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به). =

ص: 268

2556 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمدٍ، حدّثنا ليثٌ، عن قيس بن الحجاج، عن حنشٍ الصنعانى، عن عبد الله بن عباسٍ، أنه حدَّث أنه ركب خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَسَأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَىْءٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُف".

= قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم؛ وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا سعيد بن عامر".

قلتُ: وهو صدوق صالح من الأئمة، ومن دونه ثقات، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة.

2556 -

صحيح: أخرجه الترمذى [2516]، وأحمد [1/ 293]، و الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12988]، وأبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين"[رقم 9]، والمزى في "تهذيبه"[20/ 24]، وابن عساكر في "تاريخه"[49/ 374]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[رقم 1095]، وابن وهب في "القدر"[رقم 28]، وابن بطة في "الإبانة"[2/ رقم 1505]، و [رقم 1508]، والفريابى في "القدر"[رقم 153]، والبيهقى في "القضاء والقدر"[رقم 230]، وجماعة من طرق عن الليث بن سعد - وقرن معه ابن لهيعة عند الترمذى وابن وهب وابن بطة وغيرهم - عن قيس بن الحجاج عن حنش بن عبد الله الصنعانى عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح، وقال الترمذى عقبه:"هذا حدث حسن صحيح".

وقد توبع عليه الليث بن سعد: تابعه ابن لهيعة وهمام بن يحيى وكهمس بن الحسن ونافع بن يزيد وغيرهم، وهكذا توبع عليه قيس بن الحجاج.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به مع اختلاف في ألفاظه وسياقه، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة أيضًا، مضى منها حديث أبى سعيد [برقم 1099]، وقد جمع طرقه وشواهده الحافظ ابن رجب في جزء مفرد، وشرحه في "جامع العلوم" له [ص 184].

ص: 269

2557 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا إسماعيل بن أبى أويسٍ، حدثنى أبى، عن ثور بن زيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيّ فبايعه في المسجد ثم انصرف، فقام، ففشج فبال، فهَمَّ الناس به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تَقْطَعُوا عَلَى الرَّجُلِ بَوْلَهُ" ثم دعا به، فقال:"أَلَسْتَ بِمُسْلِمٍ؟ " قال: بلى قال: "فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ بُلْتَ فِي المسْجِدِ؟ " فقال: والذى بعثك بالحق ما ظننت إلا أنه صعيدٌ من الصعدات فبلت فيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ من ماءٍ فَصُبَّ على بوله.

2558 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق،

2557 - ضعيف بهذا السياق: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11552]، والبزار [رقم/ 409 كشف]، وغيرهما، من طرق عن إسماعيل بن أبى أويس عن أبيه عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 2551]: "هذا حديث ضعيف؛ لضعف أبى أويس، واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس؛ وإن أخرج له مسلم فإنما روى له متابعة".

قلتُ: الأب مثل الابن في الضعف، وإن كان الابن من رجال الشيخين، فإنهما ما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات كما قاله الحافظ في ترجمته من "التهذيب"[1/ 311]، وقد انفصلنا منذ زمان على ضعف إسماعيل وأبيه، كما برئنا قبل ذلك من عهدة محمد بن فليح بن بن سليمان وأبيه، وإن كانا من رجال "الصحيح" أيضًا.

والحديث صحيح ثابت عن جماعة من الصحابة دون هذا السياق الغريب، وليس فيه ما ينكر - عندى - سوى السؤال والجواب فيه، وسيأتى حديث أنس [برقم 3467، 3652، 3654]، وعبد الله بن مسعود [برقم 2626]، وأبى هريرة [برقم 5876].

2558 -

صحيح: أخرجه البخارى [844]، وأحمد [1/ 265، 330]، وابن خزيمة [1759]، وابن حبان [2782]، والبيهقى في "سننه"[1318]، و [5746]، وفى "الشعب"[3/ رقم 2990]، والنسائى في "الكبرى"[1681]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 115]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3148]، والذهبى في "التذكرة"[2/ 625]، وابن حزم في "المحلى"[2/ 19 - 20]، وأبو زرعة الدمشقى في "تاريخه"[89]، وغيرهم، من طريقين عن الزهرى عن طاووس عن ابن عباس به. =

ص: 270

حدثنى محمد بن مسلم الزهرى، عن طاووسٍ اليمانى، قال: قلت لعبد الله بن عباسٍ: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُؤوسَكُمْ إِلا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا، وَمُسُّوا مِنَ الطِّيبِ" فقال ابن عباسٍ: أما الطيب فلا أدرى، وأما الغسل فنعم.

2559 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن أبى جمرة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل بعد العشاء ثلاث عشرة ركعةً.

= قلتُ: وسنده صحيح حجة؛ ووقع عند الجميع سوى المؤلف وعنه ابن حبان: (وإن لم تكونوا جنبًا) وعند المؤلف وعنه ابن حبان: (إلا أن تكونوا جنبًا). قال الحافظ في "الفتح"[2/ 373]: "وروى ابن حبان من طريق ابن إسحاق عن الزهرى في هذا الحديث: "اغتسلوا يوم الجمعة إلا أن تكونوا جنبًا" وهذا أوضح في الدلالة على المطلوب؛ لكن رواية شعيب عن الزهرى أصح".

قلتُ: ورواية شعيب هي التى فيها: (وإن لم تكونوا جنبًا)، بل وهكذا رواه ابن إسحاق أيضًا بهذا اللفظ عند أحمد وابن خزيمة والبيهقى في "الشعب" والطحاوى؛ فالظاهر أن ما وقع عند المؤلف وعنه ابن حبان (إلا أن تكونوا جنبًا) فيه تحريف، صوابه:(وإن لم تكونوا جنبًا). وقد توبع عليه الزهرى: تابعه إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس: (أنه ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل يوم الجمعة، فقلتُ لابن عباس: أيمسُّ طيبًا أو دهنًا إن كان عند أهله؟ فقال: لا أعلمه).

أخرجه البخارى [845]- واللفظ له -، ومسلم [848]، وأحمد [1/ 367]، وعبد الرزاق [5303]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 10981]، وغيرهم.

• تنبيه: وقع عند المؤلف في طبعة حسين الأسد: (إلا أن تكون جنبًا) وفى "الطبعة العلمية"[2/ 486 رقم 2551]: (إلا أن تكونوا جنبًا)، وعلَّق عليه المصحِّح بالهامش قائلًا:(في (س) تكون) وما أثبته هو الصواب، لكون الحديث قد أخرجه ابن حبان [2782]، من طريق المؤلف به

وعنده: (إلا أن تكونوا جنبًا)، وقد مضى الكلام على ما في تلك الجملة من التحريف، وصوابها:(وإن لم تكونوا جنبًا).

2559 -

صحيح: أخرجه البخارى [1087]، ومسلم [764]، والترمذى [442]، وأحمد [1/ 228، 324، 338]، وابن خزيمة [1164]، وابن حبان [2611]، والطيالسى [2748]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12964]، وأبو عوانة [رقم 1821]، وابن المنذر في "الأوسط"[2534،2533]، وابن أبى شيبة [8478]، والنسائى في "الكبرى"[401]، =

ص: 271

2560 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدىٍ، حدّثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ولم يوص.

= وابن الجعد [رقم 1287]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 286]، وغيرهم، من طرق عن شعبة عن أبى جمرة عن ابن عباس به.

قلتُ: وسنده كالشمس، وأبو جمرة هو نصر بن عمران البصرى الثقة الثبت، وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به

مضى بعضها [برقم 2465].

2560 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 343، 357]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12634]، وابن أبى شيبة [30941]، والبيهقى في "سننه"[4857]، وفى "الدلائل"[رقم 3169]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 405]، وغيرهم، من طرق عن إسرائيل بن أبى إسحاق عن أبى إسحاق عن أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس به

وفى أوله سياق مطول عند البيهقى والطحاوى والطبرانى، وبعضه عند أحمد في الموضع الثاني، وهذا السياق وحده دون موضع الشاهد: عند ابن ماجه أيضًا [1235]، وأحمد [1/ 3561]، والطحاوى في "المشكل"[3/ 99 - 100]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 18 - 19]، وغيرهم، ووقع مختصرًا ببعضه دون موضع الشاهد أيضًا، عند أحمد [1/ 231]، وفى "فضائل الصحابة"[رقم 78]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 221]، و [3/ 183]، والمؤلف [برقم 2708]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 430]، وابن عبد البر في "التمهيد"[22/ 323]، والطبرى في "تاريخه"[2/ 235]، وغيرهم، كلهم رووه من الطريق الماضى.

قلتُ: قال الحافظ البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناده صحيح ورجاله ثقات، إلا أن أبا إسحاق اختلط بآخر عمره، وكان مدلسًا، وقد رواه بالعنعنة، وقد قال البخارى: لا نذكر لأبى إسحاق - وهو السبيعى - سماعًا من الأرقم بن شرحبيل".

قلتُ: ولفظ البخارى في ترجمة أرقم من "تاريخه"[2/ 46]: "لم يذكر أبو إسحاق سماعًا منه.

قلتُ: ففى الإسناد ثلاث علل:

الأولى: عنعنة أبى إسحاق السبيعى.

والثانية: كون أبى إسحاق قد تغير حفظه بآخرة، ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا كشعبة وسفيان. =

ص: 272

2561 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا القاسم بن مالك المزنى، عن حنظلة بن عبد الله السدوسى، عن شهر بن حوشبٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى، رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا بِأمِ الْكِتَابِ لِمْ يَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا.

= والثالثة: غمز البخارى في صحة سماع أبى إسحاق من أرقم بن شرحبيل، ومع هذه "العلل"، فقد حسَّن إسناده الحافظ في "الفتح"[2/ 154]، وصححه في [5/ 361]، وقوَّى سنده في [5/ 362]، وهذا كله غفلة منه - يرحمه الله - وقد وهم في [5/ 362]، حيث عزاه بلفظ المؤلف: (ولم يوص

) إلى ابن ماجه، وليس عند ابن ماجه تلك الجملة أصلًا كما أشرنا إليه من قبل.

وقد خولف أبو إسحاق في سنده كما سنذكره في الحديث [رقم 2708]، لكن للفظ المؤلف شواهد عن جماعة من الصحابة ثابتة، ومن أشهرها وأصرحها وأصحها حديث طلحة ابن مصرف قال: (سألتُ عبد الله بن أبى أوفى - رضى الله عنهما - هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى؟ فقال: لا

).

أخرجه البخارى [2589]، و [4191،4734]- واللفظ له - والدارمى [3180]، والطيالسى [812]، مسلم [1634]، وابن ماجه [9696]، والترمذى [2119]، وأحمد [4/ 354]، وابن حبان [6023]، والحميدى [722]، والبيهقى في "سننه"[12332]، وجماعة كثيرة.

والمراد بالوصية هنا: هي الوصية العظمى بالخلافة، وليس مجرد الوصية كما يتبادر إلى بعض الأذهان، راجع "فتح البارى"[5/ 361]، و"شرح مسلم" للنووى [11/ 88].

2516 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 243]، والبزار [490/ كشف]، وابن عدى في "الكامل" ومن طريقه البيهقى في "سننه"[عقب رقم 2301]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 13016]، وغيرهم، من طريقين عن حنظلة السدوسى عن شهر بن وحوشب عن ابن عباس به .... وعند أحمد أنها كانت صلاة عيد.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف مضطرب، وفيه ثلاث علل:

الأولى: شهر بن حوشب ضعيف الحفظ كثير المناكير.

والثانية: حنظلة السدوسى: ضعيف مختلط، وقد قال البزار عقب روايته:"لا نعدم أحدًا رفعه غير ابن عباس، ولا عنه إلا شهر، ولا عنه إلا حنظلة، وشهر تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولا نعلم أحدًا ترك حديثه". =

ص: 273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال الهيثمى في "المجمع"[2/ 292]: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى في "الكبير" والبزار، وفيه حنظلة السدوسى ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان".

قلتُ: وماذا يجدى توثيق ابن حبان لحنظلة بعد أن ضعفه الجماعة، وشهد عليه القطان وغيره بالاختلاط؟! على أن ابن حبان قد تناكد بشأن حنظلة، وعاد وذكره في "المجروحين"[1/ 266 - 267]، وقال: "اختلط بآخرة حتى كان لا يدرى ما يحدِّث؛ فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير، تركه يحيى القطان

"، ثم قال: "سمعت الحنبلى - وهو محمد بن صالح - يقول: سمعت أحمد بن زهير - هو ابن أبى خيثمة - يقول: سئل يحيى بن معين عن حنظلة السدوسى عن أنس فقال: ضعيف).

قال الحافظ في "تهذيبه"[3/ 62]، عقب هذا النقل عن ابن حبان:"قلتُ: فكأنه - يعنى حنظلة - عنده يعنى عند ابن حبان - اثنان".

قلتُ: سواءٌ كان حنظلة عند ابن حبان رجلين أو عشرة، فهو ضعيف مختلط كما مضى. وقد اضطرب فيه حنظلة أيضًا، وتلك هي العلة الثالثة:

1 -

فرواه عنه عبد الوارث بن سعيد فقال: (ثنا حنظلة قال: قلت لعكرمة: إنى أقرأ في صلاة المغرب بـ {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} وإن ناسًا يعيبون ذلك عليَّ، فقال: وما بأس بذلك؟ اقرأهما فإنهما من القرآن: ثم قال: حدثنى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فصلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب) فأسقط منه (شهر بن حوشب) وجعل شيخه فيه هو (عكرمة).

هكذا أخرجه أحمد [1/ 282]، وابن خزيمة [513]، والحارث [1/ رقم 175/ زوائده]، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 1257]، وغيرهم، بهذا السياق، وهو عند البيهقى في "سننه"[2300]، وفى "جزء القراءة خلف الإمام"[رقم 12]، بقول ابن عباس فقط دون القصة في أوله، وقد توبع عليه عبد الوارث بن سعيد دون القصة: تابعه عبد الملك بن الخطاب عن حنظلة بإسناده به

عند ابن عدى في "الكامل"[2/ 422]، والبيهقى في "سننه"، [2300]، والخطيب في "تاريخه"[11/ 424].

وقد مضى أن حنظلة ضعفه الجماعة من النقاد، كالقطان وأحمد وابن معين وأبى حاتم وغيرهم، وقد شهد عليه القطان بالاختلاط، فمثله لا ينكر عليه أن يضطرب في الحديث الواحد على =

ص: 274

2562 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبى ظبيان، قال: قال ابن عباسٍ: أي القراءتين تعدُّون قراءة الأولى؟ قالوا: قراءة عبد الله، قال: قراءتنا القراءة الأولى، وقراءة عبد الله الأخيرة، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القرآن كل

= ألوان، وأجارك الله من حديث المختلطين! بل قال أحمد وقد سئل عن حنظلة:"ذاك منكر الحديث، يحدث بأعاجيب".

وللحديث شواهد قد استوفيناها في رسالتنا "الأدلة الواضحة على وجوب قراءة ما تيسَّر من القرآن في الصلاة بعد الفاتحة"، وهى مخطوطة بيدى في قائمة أدراجى، ولعلنا نسعى في نشرها قريبًا إن شاء الله.

• تنبيه مهم: وقع في سند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13016]، تصحيف غريب، فعنده: ( ..... ثنا القاسم بن مالك عن حنظلة بن أبى سفيان عن شهر بن حوشب به

) هكذا عنده: (حنظلة بن أبى شفيان) وهذا خطأ بلا تردد، وإنما هو:(حنظلة السدوسى)، فإن لم يكن ذلك قد وقع من الناسخ، فهو وهْم ممن دون حنظلة! فانتبه.

2562 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 362]، والنسائى في "الكبرى"[4/ 799، 8258]، وفى "فضائل القرآن"[رقم 19]، والبخارى في "خلق أفعال العباد"[رقم 275]، وسعيد بن منصور في "تفسيره"[رقم 58]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 342]، وابن عساكر في "تاريخه"[140/ 33]، و [52/ 361]، والطحاوى في "المشكل"[1/ 151 - 152]، [8/ 7]، وفى "شرح المعانى"[1/ 356]، وابن حزم في "الإحكام"[6/ 266]، وغيرهم، من طرق عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط البخارى، ولولا عنعنة الأعمش لجزمنا بصحته، وأبو ظبيان هو حصين بن جندب الكوفى الثقة المشهور، وله طريق آخر عن ابن عباس به .... نحوه

فأخرج أحمد [1/ 275، 325]، والطحاوى في "المشكل"[152/ 2]، و [8/ 7]، والحاكم [2/ 250]، وغيرهم من طريق إسرائيل بن يونس عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس قال:(أي القراءتين كانت أخيرًا: قراءة عبد الله أو قراءة زيد؟! قال: قلنا. قراءة زيد. قال: لا؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل كل عام مرة، فلما كان في العام الذي قبض فيه، عرضه عليه مرتين، وكانت آخر القراءتين قراءة عبد الله) هذا لفظ أحمد في الموضع الأول.=

ص: 275

رمضان عرضةً، فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه عرضتين، فشهد عبد الله، وشهد ما نُسخ منه وما بدل.

2563 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا محمد بن خازمٍ، حدّثنا الأعمش، عن مسعود بن

= وسنده ضعيف، وابن مهاجر ضعيف على التحقيق. وله طريق ثالث عن ابن عباس به

نحو سياق المؤلف عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12602]، وسنده حسن لولا أن شريكًا القاضى قد أفسده بوجوده فيه، وقد كان شريك على جلالته سيئ الحفظ مضطرب الحديث، وهو وابن أرطأة وابن أبى ليلى وليث بن أبى سليم جميعهم من مشكاة واحدة، لكن الحديث قوى بتلك الطرق إن شاء الله، وقد رأيتُ الحافظ في "الفتح"[9/ 45]، قد صحَّح إسناد الطريق الأول، وقد عرفتَ ما فيه، فالله المستعان.

2563 -

صحيح: أخرجه مسلم [900]، وأحمد [1/ 223]، وابن أبى شيبة [31646]، والبيهقى في "سننه"[6277]، وفى "الدلائل"[رقم 1331]، والنسائى في "الكبرى"[11467، 11526، 11556]، والقضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 572]، والمزى في "تهذيبه"[27/ 476]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[عقب رقم 942]، والخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1625]، وغيرهم، من طرق عن الأعمش عن مسعود بن مالك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قد اختلف في سنده على الأعمش على ألوان، كما تراه عند الحاكم [2/ 494]، والطحاوى في "المشكل"[3/ 9]، والطبرانى في "الأوسط"[4/ رقم 3941]، وأبى الشيخ في "العظمة"[4/ 1342]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 132]، وغيرهم.

نعم، قد توبع عليه الأعمش، تابعه الثورى على مثله عن مسعود بن مالك عند أبى الشيخ في "العظمة"[4/ 1343]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 3371/ أطرافه]، ومن طريقه الخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1628]، من طريق أبى أحمد الزبيرى عن الثورى به.

قلتُ: قال الدرقطنى: "تفرد به أبو أحمد الزبيرى عن الثورى به

".

قلتُ: لم ينفرد به الزبيرى أصلًا، بل تابعه ابن مهدى على مثله عن الثورى عن مسعود بن مالك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

فقال أبو الشيخ في "العظمة"[4/ 1344]: (حدثنا ابن زهير - هو أحمد بن يحيى بن زهير الثقة الحافظ - حدثنا بندار حدثنا ابن مهدى عن سفيان

) ولم يسق لفظه؛ وإنما أحال على رواية أبى أحمد الزبيرى الماضية. =

ص: 276

مالكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَإِنَّ عَادًا أُهْلِكَتْ بِالدَّبُورِ".

2564 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا محمد بن خازمٍ أبو معاوية، عن حجاج بن أرطاة، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين.

= ثم جاء قبيصة بن عقبة ورواه عن الثورى فقال: عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

، هكذا أخرجه الحاكم [2/ 494]، والمحفوظ عن الثورى هو الأول.

وابن مهدى أوثق وأثبت أهل الدنيا - بعد شعبة - في الثورى، ومدار الإسناد على مسعود بن مالك، وقد وثقه النسائي وابن حبان وروى عنه جماعة منهم الثورى والأعمشى، واحتج به مسلم في "صحيحه"، وكذا وثقه الذهبى في "الكاشف"، فالإسناد قوى صالح؛ فقول الحافظ عن مسعود بـ"التقريب":"مقبول" مردود عليه، إلا إن أراد بها غير اصطلاحه؛ وهيهات.

وللحديث طرق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

، وكذا له طرق أخرى عن ابن عباس أيضًا، منها ما رواه شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن ابن عباس به

عند البخارى [988]، ومسلم [900]، وجماعة كثيرة، لكن اختلف في سنده على شعبة أيضًا، ولشرح هذا مكان آخر.

2564 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 223، 236، 148، 362]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12079، 12092]، وسعيد بن منصور في "سننه"[2807]، وابن أبى شيبة [33597، 3656]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 278]، وفى "المشكل"[15/ 176]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 160]، وابن عساكر في "تاريخه"[62/ 209]، والبيهقى في "المعرفة"[رقم 5784، 5785]، وفى "سننه"[18621]، والدارمى [2508]، وجماعة، من طريق الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به

وفى رواية لأحمد وغيره: (كان يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا، وقد أعتق يوم الطائف رجلين)، وله ولغيره في رواية ثانية:(حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، فخرج إليه عبدان فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق العبيد إذا خرجوا إليه). =

ص: 277

2565 -

حَدَّثنَا زهيرٌ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسينٍ، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنى رأيت ظلةً تنطف سمنًا وعسلًا، فأخذ الناس منها، فبين مستكثرٍ منها وبين مستقلٍ ومن بين ذلك، وكأن سببًا دُلِّىَ من السماء، فجئتَ فأخذت به، فعلوت فأعلاك الله، ثم جَاء رجلٌ من بعدك، فأخذ به فعلا فأعلاه الله، ثم جاء رجلٌ من بعدكما فأخذ به فعلا، ثم جاء رجلٌ من بعدكم فأخذ به، ثم قطع به ثم وصل له فعلا فأعلاه الله، فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله، ائذن لى فلأعبرها، فأذن له، فقال: أما الظلة

= وفى رواية للبيهقى في "المعرفة" والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12118]: "لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، أمر مناديًا فنادى: أيما عبد خرج فهو حر؛ فخرج إليه عبدان فأعتقهما" لفظ الطبراني، وله ألفاظ أخرى نحو ما مضى مع اختلاط يسير.

قلتُ: ومداره على الحكم بن عتيبة، وهو ثقة إمام، لكنه لم يسمع من مقسم سوى أربعة أو خمسة أحاديث فقط، كما قاله جماعة من النقاد، راجع ترجمته من "التهذيب"[2/ 434]، و"جماع التحصيل"[ص 167]، وليس هذا الحديث منها.

ثم استدركتُ فرأيت الحجاج بن أرطأة قد انفرد عن الحكم، وقد قال ابن كثير في "البداية" [4/ 347]:"ومداره على الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف"، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[4/ 245]، والحجاج مع ضعفه، فقد كان يدلس أيضًا، وقد عنعنه، نعم: قد تابعه إبراهيم بن عثمان العبسى عند الطبراني في "الكبير"، والبيهقى في "المعرفة"، وإبراهيم هذا متروك ساقط الحديث، ولعله سرقه من حجاج.

لكن للحديث شواهد متصلة ومرسلة يصح بها إن شاء الله، منها حديث أبى بكرة الثقفى، أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر أهل الطائف، بثلاثة وعشرين عبدًا؛ فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين يقال لهم:"العتقاء" أخرجه عبد الرزاق [9682، 16310]، بسند صحيح على شرط مسلم.

2565 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 236]، وابن أبى شيبة [30481]، من طريق سفيان بن حسين عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد صحيح في المتابعات، وسفيان بن حسين وإن كان ضعيفًا في الزهرى وحده، إلا أنه قد توبع عليه؛ فتابعه جماعة عن الزهرى، منهم: =

ص: 278

فالإسلام، وأما السمن والعسل فالقرآن، وأما السبب فما أنت عليه تعلو فيعليك الله، ثم يكون رجلٌ من بعدك على منهاجك فيعلو فيعليه الله، ثم يكون رجلٌ من بعدكما فيأخذ بأخْذِكُمَا فيعلو فيعليه الله، ثم يكون رجلٌ من بعدكم على منهاجكم ثم يقطع به، ثم يوصل له فيعلو فيعليه الله قال: أصبتُ يا رسول الله؟ قال: "أَصَبْتَ وأَخْطَأْتَ"، قال: أقسمت يا رسول الله، لتخبرنى قال:"لا تُقْسِمْ".

2566 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا بشر بن السرى، حدّثنا سيف بن سليمان، عن عبد الله بن يسارٍ، عن ابن عباسٍ، قال: ما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئٍ إلا وهو من البيت.

2567 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا أبى، حدّثنا

=1 - يونس بن يزيد الأيلى عند البخارى [6639]، ومسلم [2269]، والدارمى [2344]- ولم يسقه كله - وابن حبان [111]، والبيهقى في "سننه"[16970]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 270]- ولم يسقه - وفى "المشكل"[2/ 120]، وجماعة غيرهم.

2 -

وسليمان بن كثير عند مسلم [2269]، وغيره.

وهكذا رواه معمر وابن عيينة، لكن اختلف عليهما في سنده، راجع "فتح البارى"[12/ 433]، وقد بسطنا الكلام عليه في موضع آخر. فالله المستعان.

2566 -

ضعيف: قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 247]: "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن"، وقال حسين الأسد في تعليقه:"إسناده صحيح".

قلتُ: وهذه غفلة منهما معًا، والإسناد على ثقة رجاله إلا أنه منقطع، وعبد الله بن يسار هو المكى المعروف بابن أبى نجيح الثقفى، فقد ذكره المزى في شيوخ سليمان بن سيف من "التهذيب"[12/ 320]، وابن أبى نجيح قد ذكره ابن المدينى فيمن لم يلق أحدًا من الصحابة، كما في "جامع التحصيل"[ص 218]، وإنما يروى ابن أبى نجيح عن ابن عباس بواسطة أبيه يسار أبى نجيح الثقفى، فأخشى أن يكون ذكر أبيه قد سقط من الناسخ في الطبعتين، وإلا فقد عرفت ما فيه، والحديث وإن كان ضعيف الإسناد، إلا أن معناه صحيح معلوم عند الأكثرين.

2567 -

صحيح: أخرجه البخارى [3216،1900]، ومسلم [1130]، والنسائى في "الكبرى"[2835]، وأحمد [1/ 291، 310]، والبيهقى في "سننه"[8180]، وفى "الشعب"[3/ 3776]، والحميدى [515]، وأبو عوانة [2381، 2382]، وعبد الرزاق [7843]، =

ص: 279

أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبيرٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون عاشوراء، فقال:"مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى تَصُومُونَهُ؟ ". فقالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يوم نجى الله فيه بنى إسرائيل من عدوهم، قال: فصامه موسى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكمْ" فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه.

2568 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عفان بن مسلمٍ، حدّثنا همامٌ، حدّثنا الحجاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح ثم حلق.

= = وجماعة، من طرق عن أيوب السختيانى عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه جماعة عن أيوب: منهم معمر وعبد الوارث وابن عيينة وغيرهم؛ لكن اختلف في سنده على ابن عيينة، فرواه عن ثقات أصحابه على الوجه الماضى.

وخالفهم سهل بن زنجلة، فرواه عنه فقال: عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وأسقط منه (عبد الله بن سعيد) هكذا أخرجه ابن ماجه [1734]، وسهل وإن كان ثقة إلا أن رواية الجماعة عن ابن عيينة هي الأرجح، ولما فيها من الزيادة.

وقد وجدتُ الحافظ المزى في "تحفة الأشراف"[رقم 5443]، عقب رواية سهل يجزم بكون المحفوظ عن أيوب هو الوجه الأولى، ومثله جزم الحافظ في "الفتح"[4/ 247].

نعم: قد توبع سهل على هذا الوجه الماضى عن ابن عيينة، تابعه سفيان بن وكيع عند الطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 1590]، لكنها متابعة ساقطة، وابن وكيع قد أفسده ورَّاقه بما كان يدسه في حديثه بما ليس منه، فنصحه النقاد بأن يقصى ذلك الورَّاق الجاهل عن مجالس إملائه، فلم ينتصح، فسقط حديث الرجل إلى الأبد، وما نفعه مكان أبيه في قلوب النقلة وحملة الآثار.

وللحديث طرق أخرى عن سعيد بن جبير: منها طريق أبى بشر جعفر بن إياس عنه عن ابن عباس به نحوه

عند البخارى [3727]، ومسلم [1130]، وأبى داود [2444]، وأحمد [3164]، وابن خزيمة [2084]، والنسائى في "الكبرى"[2834]، وأبى عوانة [رقم 2385]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 274]، وجماعة كثيرة، وقد اختلف فيه على أبى بشرٍ أيضًا.

2568 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 250، 290]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12088]، من طرق عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به.

ص: 280

2569 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا معاوية، حدّثنا زائدة، حدّثنا سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا أَنْ تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالحنْتَمِ، وَالمزَفَّتِ، وَاشْرَبُوا فِي السِّقَاءِ، فَإِن هِبْتُمْ غِلْمَتَهُ فَمُدُّوهُ بِالماءِ".

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان:

الأولى: ابن أرطأة ضعيف الحفظ مضطرب الحديث، وكان يدلس أيضًا، وقد عنعنه عند الجميع.

والثانية: الحكم لم يسمع من مقسم سوى أحاديث معدودة فقط كما قاله شعبة والقطان وأحمد وغيرهم، وليس هذا الحديث منها، لكن يشهد له حديث أنس بن مالك عند الشيخين وجماعة، وسيأتى الكلام عليه عند المؤلف [برقم 2840] إن شاء الله.

• تنبيه مهم: وقع عند أحمد في الموضع الأول [1/ 250]: (عن الحجاج عن الحكم عن أبى القاسم عن ابن عباس به

)، فأبو القاسم هذا هو مقسم بن بجرة راوى الحديث عن ابن عباس، وهكذا أشار إليه ابن كثير في "البداية"[5/ 189]، كما ذكر سند أحمد الماضى: ( .... عن أبى القاسم

)، فقال:"يعنى مقسمًا".

أما حسين الأسد فهو في وادٍ آخر، قد جعل أبا القاسم هو (الحسين بن الحارث الجدلى) هكذا سمَّاه في تعليقه، مع أن حسينًا هذا غير معروف بالرواية عن ابن عباس، ولا ذكروا أن الحكم بن عتيبة يروى عنه.

2569 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 304]، والطبرانى في "الكبير"[1/ رقم 11769]، وغيرهما، من طريق زائدة بن قدامة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

وليس عند أحمد: (فإن هبتم غلْمته فمدوه بالماء)، وهذه الجملة عند الطبراني هكذا:(فإن رهبتم غليته فأمدوه بالماء).

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وسماك شيخ صدوق إلا أنه قد تغير حفظه بآخرة حتى صار يتلقن، وسماع الثورى وشعبة منه أصح من غيرهما، ثم إن روايته عن عكرمة خاصة قد تكلم فيها بعضهم ورماها بالاضطراب، لكنَّ سماكًا قد توبع عليه.

فرواه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

دون قوله: (فإن هبتم .... إلخ)، وزاد: (فصنعوا جلود الإبل ثم جعلوا لها أعناقًا من جلود الغنم، فبلغه ذلك فقال: لا تشربوا إلا فيما أعلاه منه

) هكذا أخرجه أحمد [1/ 287]، لكن حسينًا هذا ضعيف عندهم. =

ص: 281

2570 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا أحوص بن جوابٍ الضبى، حدّثنا عمار بن رزيق، عن الأعمش، عن سميعٍ مولى ابن عباسٍ، عن ابن عبَّاسٍ، قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن شماله، فأخذ بيدى فأقامنى عن يمينه.

= ورواه قتادة عن عكرمة وابن المسيب كلاهما عن ابن عباس في قصة قدوم وفد بنى عبد القيس

وفى آخره: (ونهاهم عن أربع: عن الشرب في الحنتم والدباء والنقير والمزفت، فقالوا: ففيم نشرب يا رسول الله؟! فقال: عليكم بأسقية الأدم التى يلاث من أفواهها).

أخرجه أحمد [1/ 361]- واللفظ له - والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10688]، والنسائى في "الكبرى"[6833]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 345]، وغيرهم. وهو معلول بعنعنة قتادة، والاختلاف في سنده على ابن المسيب كما شرحه النسائي في "الكبرى"[4/ 188]، لكن الحديث محفوظ عن ابن عباس بقصة وفد بنى عبد القيس من طرق أخرى عنه نحو اللفظ الماضى دون: (عليكم بأسقية الأدم

إلى آخره).

ومن هذه الطرق: طريق أبى جمرة الضبعى عنه عند البخارى [53]، ومسلم [17]، وأبى داود [3692]، والنسائى [5031]، وجماعة كثيرة. وهو عند الترمذى [2611]، مختصرًا دون موضع الشاهد، أما قوله في سياق المؤلف:(واشربوا في السقاء، فإن هبتم غلْمته، فمدوه بالماء) فيشهد له طريق قيس بن حبتر عن ابن عباس به

كما يأتى عند المؤلف [برقم 2729]، وفيه: (لا تشربوا في الدباء والمزفت والنقير والحنتم، واشربوا في الأسقية، قال: فصبوا عليها الماء

) وفى لفظ له عند غير المؤلف: (قالوا: فإن اشتد في الأسقية؟! قال: وإن اشتد في الأسقية فصبوا عليها الماء

) وسنده قوى، وهذه الفقرة الأخيرة هي بمعنى ما عند المؤلف: (فإن هبتم غلمته فمدوه بالماء

). وللحديث شواهد أيضًا.

2570 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 357، 365]، والدارمى [641]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12590]، وعبد الرزاق [3865]، وغيرهم، من طريق الثورى عن الأعمش عن سميع الزيات عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد قوى، وسميع الزيات هو أبو صالح الكوفى مولى ابن عباس، وثقه ابن معين كما في "الجرح والتعديل"[4/ 305]، وذكره ابن حبان في "الثقات"[4/ 342].

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

فانظر الماضى [برقم 2465].

• تنبيه: قد صرح الأعمش بالسماع من سميع عند أحمد في الموضع الأول.

ص: 282

2571 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن فطرٍ، عن شرحبيل بن سعدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ لَهُ ابْنَتَانِ، فَيُحْسِنُ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ أَوْ صَحِبَهُمَا، إِلا أَدْخَلَتَاهُ الجَنَّةَ".

2571 - قوى بشواهده: أخرجه ابن ماجه [3670]، وأحمد [1/ 235]، وابن حبان [2945]، والحاكم [4/ 196]، والبخارى في "الأدب المفرد"[رقم 77]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10836]، وابن أبى شيبة [25437]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 8683]، و [7/رقم 11024]، وابن أبى الدنيا في "العيال"[رقم 109]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[رقم 145]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 600]، والخطيب في "الموضح"[2/ 17]، والضياء في "المختارة"[1/ 266 - 2/ 367]، كما في "الصحيحة"[6/ 644] وغيرهم، من طرق عن فطر بن خليفة عن شرحبيل بن سعد [ووقع عند ابن أبى شيبة والخرائطى:(عن شرحيبل بن مسلم) وهو وهم من الناسخ أو غيره] عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه جماعة عن فطر بن خليفة، وخالفهم عطاء بن مسلم الخفاف، فرواه عن فطر فقال: عن سلمة بن شرحبيل عن ابن عباس به نحوه، .. ، هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 2013]، ثم قال:"قال أبو زرعة: هذا خطأ؛ إنما هو فطر عن شرحبيل بن سعد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا حدثنا أبو نعيم عن فطر، والخطأ من عطاء بن مسلم".

قلتُ: وهو كما قال، وعطاء هذا تكلموا في حفظه، والوجه الأول هو المحفوظ عن فطر بن خليفة؛ وقد توبع عليه: تابعه عكرمة - مولى ابن عباس - على مثله عند أحمد [1/ 363]، بإسناد صحيح إليه.

ومدار الحديث على شرحبيل بن سعد أبى سعد المدنى، قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة":"في إسناده أبو سعد، واسمه شرحبيل، وهو وإن كان ذكره ابن حبان في "الثقات" فقد ضعفه غير واحد، وقال ابن أبى ذئب كان متهمًا، ورواه الحاكم في "المستدرك" وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد".

قلتُ: وتمام قول الحاكم: "ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبى قائلًا: "شرحبيل بن سعدٍ واهٍ"، وقال الهيثمى في "المجمع" [8/ 288]:"ورواه أحمد وفيه شرحبيل بن سعد، وثقه ابن حبان وضعفه جمهور الأئمة، وبقية رجاله ثقات".=

ص: 283

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قلتُ: وشرحبيل هذا اتهمه ابن أبى ذئب كما مضى؛ وقال مالك: "ليس بثقة"، وضعفه القطان وابن سعد وابن معين وأبو زرعة والنسائى والدارقطنى وابن البرقى وغيرهم، وقال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل":"ولشرحبيل أحاديث وليس بالكثير، وفى عامة ما يرويه إنكار .... وهو إلى الضعف أقرب".

ثم إنه قد اختلط أيضًا كما نصَّ عليه ابن سعد وغيره، أما ابن حبان فإنه ذكره في "ثقاته"، بل وفى "مشاهير علماء الأمصار"[ص 77]، أيضًا، وقال في الأخير:"وكان من المتقنين"، وهذا منه مجازفة مردودة، وله تساهل عجيب في توثيق النقلة يقع منه كثيرًا في ثنايا ذلك الكتاب الأخير، "مشاهير علماء الأمصار" وهو أكثر تساهلًا منه في كتابه "الثقات" من حيث ألفاظ التعديل، وقال ابن المدينى:"سمعتُ سفيان - يعنى ابن عيينة - وقد سئل عن شرحبيل بن سعد، قال: لم يكن بالمدينة أعلم بالبدريين منه، وأصابته حاجة؛ فكانوا يخافون إذا جاء إلى الرجل يطلب منه الشئ فلم يعطه، أن يقول: لم يشهد أبوك بدرًا" كذا في "التهذيب"[4/ 321].

قلتُ: ذا ليس منه بمستبعد، وقد مضى أن ابن أبى ذئب - وهو بلدُّيه - كان يتهمه، فلعله جرب عليه ما يحكيه ابن عيينة، فالعجب أن يرتكن العلامة أحمد شاكر إلى تلك الحكاية الماضية في تقوية أمر شرحبيل، بل ويجعلها عكَّازه في تصحيح سند الحديث أيضًا، ضاربًا بأقوال النقاد في جرح شرحبيل عرض الحائط، وقد أجاد الإمام التعقب عليه بما تراه في "الصحيحة"[6/ 644]، أما قول المنذرى في "الترغيب" [3/ 46]:"رواه ابن ماجه بإسناد صحيح" فقد ردَّه عليه البرهان الناجى في "العجالة"، فراجع الصحيحة أيضًا [6/ 644].

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة مثله ونحوه

منها حديث أنس عند مسلم [2631]، والترمذى [1914]، وجماعة: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو، وضمَّ أصابعه

) وراجع "الصحيحة"[1/ 526، 527، 528، 529] للإمام. وانظر الحديث الماضى [برقم 1764].

• تنبيهان:

الأول: وقع عند أحمد [1/ 235]، في حديث ابن عباس الماضى: (من كانت له أختان فأحسن صحبتهما ما صحبتاه دخل بهما الجنة

)، ثم قال:(وقال محمد بن عبيد - هو شيخ أحمد والراوى عن فطر -: تدرك له ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه إلا أدخله الله - تعالى - الجنة).

ص: 284

2572 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمدٍ، حدّثنا داود، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: صلى نبى الله صلى الله عليه وسلم الفطر بالناس ركعتين بغير أذانٍ، وخطب بعد الصلاة ثم أخذ بيد بلالٍ ثم انطلق إلى النساء فخطبهن، ثم أمر بلالًا بعدما قفا من عندهن أن يأتيهن فيأمرهن فيتصدقن.

= قلتُ: وهذا اللفظ الأخير: (له ابنتان) هو المحفوظ في هذا الحديث، أما الأول:(له أختان) فلعله من الرواية بالمعنى، ولم أجده عند غير أحمد في طرق هذا الحديث.

والتنبيه الثاني: هو أن الهيثمى قد استدرك هذا الحديث في "المجمع"[8/ 288]، وكذا الحافظ في "المطالب"[رقم 2632]، والبوصيرى في "الإتحاف"[رقم 5062]، وهو غفلة منهم جميعًا، لكون الحديث عند ابن ماجه كما مضى، وإن وقع في لفظه اختلاف يسير فانتبه.

2572 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 242، 335]، والطبرانى في "الكبير"[1/رقم 11357]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 373]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[ص 413]، وغيرهم، من طريقين عن إبراهيم بن ميمون الصائغ عن عطاء عن ابن عباس به

وزاد أحمد في الموضع الأول والطبرانى بعد قوله: (بغير أذان): (ولا إقامة

).

قلتُ: وهذا إسناد قوى صالح، وقد توبع عليه إبراهيم بن ميمون الصائغ:

1 -

تابعه أيوب السختيانى قال: سمعتُ عطاء بن أبى رباح يقول: سمعتُ ابن عباس يقول: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبل الخطبة يوم العيد، ثم خطب، فرأى أنه لم يسمع النساء؛ فأتاهن فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهنَّ بالصدقة، ومعه بلال قائل بثوبه هكذا

قال أبو بكر - هو الحميدى - كان يتلقى بثوبه - فجعلت المرأة تلقى الخاتم والخرص والشئ).

أخرجه الحميدى [476]- واللفظ له - والبخارى [1381]، ومسلم [884]، وأبو داود [1142]، وابن ماجه [1273]، وأحمد [1/ 226]، والدارمى [1603]، والشافعى [329]، وابن أبى شيبة [9804]، والنسائى في "الكبرى"[1766، 5894]، والبيهقى في "سننه"[5995، 11111]، وفى "المعرفة"[رقم 1940]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 276]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 316]، وابن الجعد [1215]، والفريابى في "أحكام العيدين"[رقم 76، 77، 78، 79، 80]، وغيرهم. وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

ص: 285

2573 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا حجاج بن محمدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: سمعت عطاءً، يقول: سمعت ابن عباسٍ، يقول: سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالا لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ مِثْلُهُ، وَلا يَمْلأُ نَفْسَ ابْنِ آدَمَ إِلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ" قال ابن عباسٍ: فلا أدرى أمن القران هو أم لا؟.

2574 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدَّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبى الطفيل، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة، فرملوا بالبيت ثلاثًا ومشوا أربعًا.

2573 - صحيح: أخرجه البخارى [6073]، ومسلم [1049]، وابن حبان [3231]، وأبو الشيخ في "الأمثال"[رقم 77]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 1086]، وأبو عبيد في "فضائل القرآن"[عقب رقم 588]، وأبو جعفر بن البخترى في جزء فيه ستة مجالس من "أماليه"[رقم 26/ ضمن مجموع مؤلفاته]، وفى جزء فيه ثلاثة مجالس من أماليه أيضًا [رقم/ 11 ضمن مجموع مؤلفاته]، وغيرهم، من طريق الحجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به.

قلتُ: قد توبع عليه حجاج الأعور: تابعه أبو عاصم النبيل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).

أخرجه البخارى [6072]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11423]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 2544]، والبيهقى في "سننه"[6300]، وفى "الشعب"[7/ رقم 10274]، وفى "الآداب"[رقم 796]، وابن عساكر في "معجمه"[رقم 661]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[ص 328]، والشجرى في "الأمالى"[ص 167]، وجماعة غيرهم.

وللحديث شواهد كثيرة.

2574 -

صحيح: أخرجه أبو داود [1890]، وأحمد [1/ 295، 306]، وغيرهما، من طريق حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبى الطفيل عن ابن عباس به مثله.

قلتُ: وهذا إسناد جيد، وابن خثيم مستقيم الحديث على أوهام له؛ وأبو الطفيل هو عامر بن واثلة. وقد رواه حماد بهذا الإسناد نحوه بسياق أتم عند أحمد [1/ 372]، وجماعة.=

ص: 286

2575 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا وكيع بن الجراح، حدّثنا صالح بن رستمٍ، عن ابن أبى مليكة، عن ابن عباسٍ، قال: أقيمت الصلاة ولم أصلّ الركعتين، فرآنى وأنا أصليهما، فمر بى: أقيمت الصلاة، وقال:"أَترِيدُ أَنْ تُصَلِّىَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ "، فقيل لابن عباسٍ: النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

= هو عند الطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 180]، من هذا الطريق بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، فرمل بالبيت ثلاثًا، ومشى أربعة أشواط

).

وقد توبع عليه حماد بن سلمة: تابعه عليه جماعة بنحوه .... منهم يحيى بن سليم الطائفى عند البيهقى في "سننه الكبرى"[9037]، ولفظه:(اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، ورملوا ثلاثة أشواط، ومشوا أربعة) ومثله عند ابن خزيمة [2707]، وهو عند أبى داود [1889]، ومن طريقه البيهقى [9031]، بلفظ:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطبع فاستلم، وكبر ثم ورمل ثلاثة أطواف، وكانوا إذا بلغوا الركن اليمانى وتغيبوا من قريش مشوا، ثم يطلعون عليهم يرملون، تقول قريش: كأنهم الغزلان، قال ابن عباس: فكانت سنة).

وهو عند ابن حبان أيضًا [3812]، وجماعة، لكنه مطولًا بنحوه ....

ورواه أيضًا معمر عن ابن خثيم عن أبى الطفيل عن ابن عباس به بسياق أتم عند ابن ماجه [2953]، وأحمد [1/ 314]، وابن حبان [3814]، وغيرهم.

وتوبع عليه ابن خثيم: تابعه عليه جماعة نحوه مطولًا ومختصرًا. وكذا رواه جماعة عن ابن عباس أيضًا مطولًا ومختصرًا نحوه

وله شواهد أيضًا.

2575 -

ضعيف بهذا السياق: أخرجه أحمد [1/ 238، 354]، وابن خزيمة [1124]، وابن حبان [2469]، والحاكم [1/ 451]، وابن أبى شيبة [6432]، والبيهقى في "سننه"[4322]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 72]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 107]، والطيالسى [2736]، وغيرهم، من طرق عن صالح بن رستم أبى عامر الخزاز عن ابن أبى مليكة عن ابن عباس به.

ولفظه عند ابن عدى: (عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلى وقد أقيمت الصلاة صلاة الصبح، فقال: أتصلى الصبح أربعًا؟!).

قلتُ: هكذا رواه جماعة من الثقات عن صالح بن رستم به على هذا الوجه. وتابعهم يحيى القطان على ذلك عند ابن عدى في "الكامل"، لكن اختلف عليه، فرواه عنه مسدد وغيره عن صالح بن رستم عن أبى يزيد المدنى عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

=

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[8/ 386]، والبزار [518/ كشف]، وأبو يزيد المدنى هو شيخ معروف من رجال البخارى والنسائى، واسمه كنيته، وهذا الاختلاف في سنده: هو عندى من أبى عامر الخزاز نفسه، فهو مختلف فيه، ضعفه جماعة ووثقه آخرون، وقال الحافظ:"صدوق كثير الخطأ".

ويؤيد هذا: أنه قد اضطرب في متنه أيضًا، فرواه عند الأكثرين مثل سياق المؤلف جاعلًا تلك القصة لابن عباس - رضى الله عنه - لكن عند ابن عدى في "الكامل"، جعل القصة لرجل لم يسم، وقد مضى لفظ ابن عدى آنفًا، ووقع عند أبى نعيم في "الحلية": (عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أو لغيره - هكذا بالشك - ورآه يصلى

إلخ).

فالظاهر أنه كان لا يحفظ سنده ولا متنه، وليس هو ممن يقبل منه تعدد الأسانيد والألفاظ للحديث الواحد، وقول الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ليس بجيد.

أما الصحة فدعك منها البتة، وأما شرط مسلم فغير موجود أيضًا؛ لأن صالح بن رستم وإن كان من رجال مسلم، إلا أنه لم يخرج له شيئًا من روايته عن ابن أبى مليكة أصلًا، وقول الهيثمى في "المجمع" [2/ 224]:"رواه الطبراني في "الكبير" والبزار بنحوه، وأبو يعلى ورجاله ثقات" فمن ديدنه.

والحديث أيضا من الوجه الأول: عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11227]، وللحديث طريق آخر غير محفوظ عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد بعد ما أقيمت الصلاة، وأبيّ ابن القشب يصلى ركعتين، فقال: أتصلى الصبح أربعًا؟!).

أخرجه ابن منده في "المعرفة" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 928]- واللفظ له - وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 724]، وفى متنه وهم أيضًا، راجع "الإصابة"[1/ 26].

ثم رأيتُ صالح بن رستم وقد خولف في إسناد الوجه الأول: خالفه أيوب السختيانى - الإمام الجبل - فرواه عن ابن أبى مليكة (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلى والمؤذن يقيم الصبح؛ فقال: أتصلى الصبح أربعًا؟!).

هكذا أخرجه عبد الرزاق [4005]، عن معمر عن أيوب عن ابن أبى مليكة به مرسلًا، وهذا هو المحفوظ ويشهد لهذا المرسل: حديث ابن بحينة الماضى [برقم 914]، ولفظ المؤلف - ومن رواه مثله - ضعيف؛ لكون القصة غير محفوظة عن ابن عباس كما علمتَ ذلك من إسنادها.

ص: 288

2576 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا شريكٌ، عن حسين بن عبد الله؛ عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كساءٍ يتقى بفضوله حر الأرض وبردها.

2577 -

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عليّ بن المثنى الموصلى، حدّثنا زهيرٌ؛ حدّثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عوفٍ الأعرابى، عن سعيد بن أبى الحسن؛ قال: كنت عند ابن عباسٍ إذ أتاه رجلٌ، فقال: إنى إنسانٌ إنما معيشتى من صنعة يدى، وإنى أصنع هذه التصاوير، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِن اللهَ يُعَذِّبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرّوحَ، وَلَيْسَ بنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا" قال: فربا لها الرجل ربوةً شديدةً، واصفر وجهه، فقال ابن عباسٍ، ويحك! إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، وكلِّ شئٍ ليس فيه روحٌ.

2578 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس؛

2576 - ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2446].

2577 -

صحيح: أخرجه البخارى [2112]، وأحمد [1/ 360]، وابن حبان [5848]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12772]، والبيهقى في "سننه"[14356]، وفى "الشعب"[5/ رقم 6313]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 286]، وابن عبد البر في"التمهيد"[21/ 201]، وفى "الاستذكار"[8/ 488]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 11]،وغيرهم من طرق عن عوف الأعرابى عن سعيد بن أبى الحسن عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه مع اختصار.

قلتُ: وقد توبع عليه عوف الأعرابى: تابعه يحيى بن أبى إسحاق على نحوه عند مسلم [2110]، وأحمد [1/ 308]، وابن المقرئ في "المعجم"[رقم 100]، وغيرهم. وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه.

2578 -

صحيح: أخرجه البخارى [3171، 3263، 4349، 4463،6161]، ومسلم [2860]، والترمذى [2423]، والنسائى [2087]، وأحمد [1/ 253،235،223]، والدارمى [2802]، والطيالسى [2638]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12312]،=

ص: 289

فوعظهم، فقال:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا"، ثُمَّ قَرأَ:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} [الأنبياء: 104] قال: وَأُوتَى بِرِجَالٍ فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ كمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ:{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة:117، 118]" قال: "فيقال لى: إِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُذْ فَارَقْتَهُمْ" قال: "وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبرَاهِيمُ عليه السلام".

2579 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الله بن نميرٍ، عن الحجاج، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الثوب المصبوغ ما لم يكن نفضٌ أو ردعٌ للمحرم.

= والبغوى في "شرح السنة"[7/ 414]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 466]، وجماعة، من طرق عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به ..... مطولًا ومختصرًا.

قلتُ: وقد رواه عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مختصرًا بلفظ: (إنكم ملاقو الله حفاة عراة مشاة غُرلا

) كما مضى [برقم 2396]، وله طرق أخرى.

2579 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 2504]، وأحمد [1/ 362]، و [1/ 353]، والبزار [1087/ كشف]، وغيرهم، من طريق الحجاج بن أرطأة عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: ولفظ البزار: (لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل، فليس له نفض ولا ردع) وهذا اللفظ رواية للمؤلف كما يأتى [برقم 2692]، وفى سنده علتان:

الأولى: حسين بن عبد الله قد ضعفه النقاد بخط عريض، وبه أعله البوصيرى في "الإتحاف"، وكذا الهيثمى في "المجمع"[3/ 498].

والثانية: الحجاج ضعيف الحفظ مضطرب جدًّا، وقد جاء في سند الحديث بألوان، فعاد ورواه عن خصيف بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه

مرفوعًا، فجعل شيخه فيه هو (خصيفًا) وليس:(حسين بن عبد الله). =

ص: 290

2580 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هشام بن عبد الملك، حدّثنا أبو عوانة، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس، قال نبى الله صلى الله عليه وسلم لماعزٍ:"أَحَقًّا مَا بَلَغَنِى عَنْكَ؟ " قال: وما بلغك عنى؟ قال: "بَلَغَنِي أَنَّكَ وَقَعْتَ عَلَى جَارِيَةِ بَنِى فلانٍ" قال: نعم قال: فشهد أربع شهاداتٍ، فأمر به فَرُجِمَ.

2581 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هشام بن عبد الملك، حدّثنا أبو عوانة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: جاء أعرابىٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يتكلم بكلامٍ بَيِّنٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا".

= هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [12859]، بسندٍ صحيح إليه، وهذان لونان من الاضطراب، ولون ثالث، فرجع ورواه عن عطاء بن أبى رباح به نحوه من قوله موقوفًا عليه.

هكذا أخرجه أحمد [1/ 353]، وابن أبى شيبة [13123]، من طريقين صحيحين عنه، ولعل هذا هو الأشبه.

2580 -

صحيح: دون السؤال والجواب في أوله: أخرجه مسلم [1693]، وأبو داود [4425،

4426]، والترمذى [1427]، وأحمد [1/ 245، 314، 328]، والطيالسى [2627]، والطبرانى في "الكبير"[12/ 12304]، و [12305]، و [12306]، والنسائى في "الكبرى"[7171، 7172، 7173]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 142]، وأبو عوانة [5075، 5076]، وجماعة من طرق عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

قلتُ: قال الترمذى: "حديث ابن عباس حديث حسن، وروى شعبة هذا الحديث عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير مرسلًا، ولم يذكر فيه ابن عباس".

قلتُ: وهذا المرسل هو المحفوظ إن شاء الله؛ لأن سماكًا كان قد تغير بآخرة حتى صار يتلقَّن، وكل من روى عنه هذا الحديث إنما سمع منه بآخرة، أما شعبة فسماعه منه قديم كما نصَّ عليه ابن المدينى وغيره، ومثله الثورى أيضًا، راجع ما علقناه على الحديث الماضى [رقم 2333]، لكن للحديث شواهد ثابتة بقصة ماعز الأسلمى مع شهادته أربع مرات ورجمه، منها حديث جابر بن سمرة الآتى [برقم 7446]، وحديث أبى هريرة [برقم 6140]، ولم أجد ما يشهد للسؤال والجواب في سياق المؤلف.

2581 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2332].

ص: 291

2582 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هشامٌ، حدّثنا أبو عوانة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قالْ:"لا طيَرَةَ، وَلا عَدْوَى، وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ" فقال رجلٌ: يا رسول الله، إنا نأخذ الشاة الجربَاء، فنطرحها في الغنم فتجربه قال:"فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ"؟!.

2583 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن فلانٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: مرض أبو طالبٍ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، وَعند رأسه مقعد رجلٍ، فقام أبو جهلٍ فَجلس فيه فشكوه إلى أبى طالبٍ، وقالوا: يقع في آلهتنا، فقال: يا بن أخى، ما تريد إلى هذا؟ قال:"أَىْ عَمِّ، إِنَّمَا أريدُهُمْ إِلَى كَلِمَةٍ تَدِين [لَهُمْ] بِهَا الْعَرَبُ، وَتُؤَدِّى إلَيْهِمْ بِهَا الْعَجَمُ الْجزْيَةَ" قال: وما هي؟ قال: "لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فقال: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)} [ص: 5]

2582 - صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2333].

2583 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 227، 362]، والترمذى [3232]، وابن حبان [6686]، والحاكم [2/ 469]، وابن أبى شيبة [36564]، والنسائى في "الكبرى"[8769، 11436، 11437]، والبيهقى في "سننه"[18428]، وفى "الدلائل"[رقم 630]، والطبرى في "تفسيره"[10/ 550]، وابن عساكر في "تاريخه"[66/ 321، 322]، وغيرهم، من طريقين عن الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الترمذى:"هذا حديث حسن صحيح" مدار الحديث على يحيى بن عمارة، وقد اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، فقيل:(يحيى بن عمارة) وقيل: (يحيى بن عباد) وقيل: (عباد بن جعفر) وقيل: (عباد) غير منسوب، وقيل غير ذلك، وكل هذا قد وقع في طرق الحديث.

وكونه (يحيى بن عمارة) هو الذي جزم به ابن حبان والبخارى ويعقوب بن شيبة كما قاله الحافظ في "التهذيب"[11/ 227]، وكذا جزم به أبو حاتم أيضًا كما في "الجرح والتعديل"[9/ 175]، ويحيى هذا شيخ مجهول الحال، لم يرو عنه سوى رجلين، ولم يوثقه سوى ابن حبان وحده، وهو آفة هذا الحديث.

ص: 292

2584 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا وهب بن جريرٍ، حدّثنا أبى، قال: سمعت يعلى بن حكيمٍ، يحدِّث عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبًا رأسه بخرقةٍ، فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِه مِنِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ، مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ".

2585 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمد، حدّثنا أبو عوانة، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ، وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرآنِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ".

2584 - صحيح: أخرجه البخارى [455]، وأحمد [1/ 270]، والنسائى في "الكبرى"[8102]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 343]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1463]، وابن عساكر في "تاريخه"[30/ 241، 242، 243]، والبيهقى في "دلائل النبوة"[رقم 3152]، والطحاوى في "المشكل"[3/ 53]، وغيرهم، عن طرق عن وهب بن جرير عن أبيه عن يعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وله طرق ببعضه عن ابن عباس به.

2585 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أبو عمرو السمرقندى في "الفوائد المنتقاة"[رقم 41]، مثل سياق المؤلف، وهو عند الخطيب في "تاريخه"[5/ 159]، و [7/ 406]، ومن طريقه ابن الجوزى في "العلل المتناهية"[98، 1/ 97]، بشطره الأول فقط، كلهم من طرق عن أبى عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[1/ 400]: "رواه أبو يعلى والطبرانى في "الكبير" باختصار خلا قوله: (في القرآن) ورجال أبى يعلى رجال الصحيح" وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 391]: "قلتُ: رواته ثقات محتج بهم في الصحيح".

قلتُ: وقول البوصرى كأنه أخذه من قول المنذرى في "الترغيب"[1/ 70]: "رواه أبو يعلى ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح،

"، وهذا وهم من الثلاثة، وعبد الأعلى هو =

ص: 293

2586 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هاشمٌ، حدّثنا عمران بن زيدٍ التغلبى، حدثنى الحجاج بن تميمٍ، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُنْبَزُونَ الرَّافِضَةَ: يَرْفُضُونَ الإسْلامَ وَيَلْفَظُونَهُ، فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ مُشْرِكونَ".

= ابن عامر الثعلبى ذلك الضعيف المعروف، راجع الكلام عنه في الحديث الماضى [برقم 2338].

ثم هو ليس من رجال "الصحيح" أصلًا، وإنما روى له أصحاب السنن وحسب، فأيش تلك الغفلة؟! والحديث ضعيف بهذا التمام، لكنْ لشطره الأول طرق أخرى عن ابن عباس به

وشواهد عن جماعة من الصحابة لا تسلم أسانيدها من علة، لكن الحديث بمجموعها ثابت بلا ريب كما شرحناه في مكان آخر.

2586 -

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12997]، والحارث [2/ رقم / 1043 زوائده]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[698]، وأبو نعيم في "الحلية"[4/ 95]، والقطيعى في "زوائده على فضائل الصحابة"[رقم 651، 702]، وابن أبى عاصم في، "السنة"[2/ رقم 981]، وابن عدى في "الكامل"[90/ 5]، والعقيلى في "الضعفاء"[1/ 284]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 2931]، وابن الجوزى في "المتناهية"[1/ 163]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1499]، والكلاباذى في "بحر الفوائد"[رقم 127]، وغيرهم، من طرق عن عمران بن زيد عن الحجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد منكر، وفيه علتان:

الأولى: عمران بن زيد هو التغلبى - بالمثناة الفوقية - أو الثعلبى - بالثاء - الكوفى الطويل، وثقه ابن حبان وحده، وقال ابن معين:"ليس يحتج بحديثه" وقال أبو حاتم: "شيخ يكتب حديثه ليس بالقوى"، وقال الحافظ:"ليِّن". لكن عمران لم ينفرد به عن حجاج بن تميم، بل تابعه يوسف بن عدى - الثقة المعروف - ولكن بلفظ:(عن ابن عباس قال: كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عليُّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عليُّ، سيكون في أمتى قوم ينتحلون حبنا أهل البيت، لهم نبز، يسمون الرافضة، فاقتلوهم فإنهم مشركون).

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12998]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[4/ 95]، ومن طريقه ابن الجوزى في "المتناهية"[1/ 166]، وغيرهم. =

ص: 294

2587 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا وهب بن جريرٍ، حدّثنا أبى، قال: سمعت يونس بن يزيد الأيلى يحدث، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ".

= والثانية: الحجاج بن تميم لم يوثقه أحد إلا ابن حبان أيضًا، وقد قال النسائي:"ليس بثقة" وقال العقيلى: "حجاج بن تميم الجزرى عن ميمون بن مهران، روى عنه أحاديث لا يتابع على شئ منها،

" ثم ساق له حديثين - هذا أحدهما - ثم قال: "وله غير حديث لا يتابع إلا من هو مثله أو دونه"، وقال ابن عدي: "ليس بالمستقيم". فقول الهيثمى في "المجمع" [9/ 749]،: "رواه أبو يعلى والبزار والطبرانى، ورجاله وثقوا، وفى بعضهم خلاف"، فيه تسامح لا يخفى، بل وجدته قال في "المجمع" [9/ 749]، بعد أن ساق اللفظ الماضى انفًا: "رواه الطبراني وإسناده حسن"، وهكذا فليكن التساهل.

والحديث أورده ابن الجوزى في "العلل المتناهية") ثم قال: "وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

" وكذا ضعفه البوصيرى في "الإتحاف" [3461]، وقال البيهقى عقب روايته في "الدلائل": "وروى في معناه من أوجه آخر كلها ضعيفة".

وللحديث طريق آخر عن ابن عباس به نحوه مع زيادة في متنه عند ابن عدى في "الكامل"[5/ 152]، وسنده موضوع باطل.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد منكرة مظلمة.

2587 -

منكر: أخرجه أبو داود [2611]، والترمذى [1555]، وأحمد [1/ 294]، وابن خزيمة [2538]، وابن حبان [4717]، والحاكم [1/ 611]، و [2/ 110]، والبيهقى في "سننه"[18262]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[652]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 67]، وغيرهم، من طرق عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة على شرط الشيخين، إلا أنه معلول، قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روى هذا الحديث عن الزهرى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وقد رواه حبان بن عليّ العنزى عن عقيل عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الليث بن سعد عن عقيل عن الزهرى عن النبي صلى الله عليه وسلم =

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مرسلًا"، وقال أبو داود: "والصحيح أنه مرسل"، وقال البيهقى: "تفرد به جرير بن حازم وهو خطأ"، وفى "علل ابن أبى حاتم" [رقم 1024] نقل عن أبيه أنه قال: "مرسلًا أشبه، لا يحتمل هذا الكلام يكون كلام النبي صلى الله عليه وسلم

".

قلتُ: والمحفوظ في هذا الحديث هو الإرسال ولا بد، ولم يسنده عن الزهرى إلا رجلان:

1 -

يونس الأيلى من رواية جرير عنه.

2 -

وعقيل بن خالد من رواية حبان العنزى عنه.

أما رواية عقيل فالمحفوظ فيها هو الإرسال، وجرير بن حازم وإن كان ثقة مشهورًا، إلا أنه كان يخطئ إذا حدَّث من حفظه كما قاله ابن حبان وغيره، وكان يهم في الشئ بعد الشئ كما أشار إليه يحيى القطان وأحمد، ولم يصح عنه ما نسب إليه من سوء حظه الحفظ في آخر عمره، نعم كان قد اختلط بآخرة؛ لكن حجبه أولاده فلم يحدث حال اختلاطه بشئ أصلًا كما أشار إليه أبو داود.

وقد خولف جرير في وصله، خالفه عثمان بن عمر بن فارس - الثقة الثبت - فرواه عن يونس الأيلى فقال: عن عقيل بن خالد عن الزهرى به مرسلًا

".

هكذا أخرجه أبو داود في "المراسيل"[رقب رقم 292]، ثم قال أبو داود:"قد أسند هذا، ولا يصح، أسنده جرير بن حازم وهو خطأ".

قلتُ: وهذا نص من أبى داود على كون جرير هو المخطئ فيه، وأقره عليه البيهقى في "سننه" كما مضى، وأشار إلى ذلك الترمذى أيضًا فيما نقلناه عنه سابقًا، فما احتمله الإمام - تنزلًا - في "الصحيحة"[2/ 683]، من كون يونس الأيلى ربما كان هو المخطئ في وصله، فليس بجيد، والصواب في رواية يونس: أنه يرويه عن عقيل عن الزهرى به مرسلًا

كما مضى. وهو المحفوظ عن عقيل بن خالد أيضًا.

• وعلى هذا الوجه المرسل عن عقيل توبع عليه يونس الأيلى:

1 -

تابعه الليث بن سعد من رواية أبى صالح عنه عن عقيل عن ابن شهاب به مرسلًا عند الطحاوى في "المشكل"[2/ 68]، بإسناد صحيح إلى أبى صالح كاتب الليث به.

2 -

وتابعه أيضًا حيوة بن شريح عن عقيل عن الزهرى به

مرسلًا دون قوله: =

ص: 296

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (ولن يغلب اثنا عشر ألفًا من قلة) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"[2387]، وعنه أبو داود في "المراسيل"[رقم 2211]، بإسناد صحيح إلى حيوة به.

فهؤلاء ثلاثة من الثقات الحفاظ الأثبات قد رووه عن عقيل مرسلًا، فجاء حبان بن على العنزى وخلع الطاعة، ثم فارق هنا الجماعة، ورواه عن عقيل عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس به مرفوعًا.

هكذا أخرجه أحمد [1/ 299]، والقضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1239]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 427]، وابن عساكر في "تاريخه"[40/ 37]، وفى "المعجم"[رقم 1588]، ولوين في" جزء من حديثه"[رقم 10]، ومن طريقه الطحاوى في "المشكل"[2/ 67]، والمؤلف [برقم 2714]، وغيرهم، من طرق عن حبان بن على العنزى به

وزاد المؤلف والقضاعى وابن عدى وابن عساكر والطحاوى في آخره: (إذا صبروا وصدقوا) وهو عند الدارمى بالزيادة [2438]، لكنه قال: (حدثنا محمد بن الصلت ثنا حبان بن على عن يونس وعقيل، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به

) فقرن يونس الأيلى مع عقيل في الرواية، وابن الصلت ثقة صالح.

ورواه يحيى الحمانى فقال: حدثنا مندل وحبان، عن يونس بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب بإسناده به موصولًا دون الزيادة.

هكذا أخرجه الطحاوى في "المشكل"[2/ 68]، ومن طريقه القضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1237]، لكن يحيى الحمانى على حفظه ومعرفته كان كثير المناكير والغرائب حتى اتهم بسرقة الحديث، ولم يكن يحيى من اللصوص إن شاء الله، وإن كان ليس بحجة في النقل كما بسطناه في "المحارب الكفيل".

قال ابن عساكر عقب روايته في "المعجم": "هذا حديث حسن غريب".

قلتُ: بل هو منكر من هذا الوجه غير محفوظ أصلًا، وحبان بن على العنزى على صلاحه وفقهه؛ لم يكن من أهل الرواية ولا المحسنين لها، بل كان فاحش الخطأ كما يقول ابن حبان في "المجروحين"[1/ 261]، وقد ضعفه جمهرة النقاد بخط عريض، حتى قال الدارقطنى عنه وعن أخيه مندل:(متروكان)، وكذا تركه ابن المدينى أيضًا، ولم يوثقه إلا من لم يخبر أمره أو من تساهل، فغاية أمره أن يعتبر بحديثه - على مضض - في الشواهد والمتابعات، =

ص: 297

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما أن تقبل أو تقدم مخالفته للثقات عامة فضلًا عن يونس الأيلى والليث بن سعد وحيوة بن شريح في هذا الحديث خاصة، فتلك قاصمة الظهر.

فإن قيل: قد تابعه أخوه مندل كما مضى عند الطحاوى، قلنا: مندل مثل أخيه في الوهاء، فاعجب لأخوين ضعيفين، على أن الطريق إليه مخدوش كما مضى.

فإن قيل: قد أخرج تمام في "فوائده"[2/ رقم 1097]، بإسناده الصحيح إلى زهير بن معاوية قال: ثنا عباد بن كثير عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به

فهذه متابعة ثانية لحبان بن عليّ.

قلنا: نعم هي متابعة، ولكن في السقوط والحرمان، ومن يفرح بمتابعة عباد بن كثير من أهل الأرض؟! وعباد هذا هو الثقفى البصرى الذي يقول عنه أحمد:"روى أحاديثَ كَذب لم يسمعها"، وأسقطه سائر النقاد فسقط إلى الأبد.

إِذا عرفت هذا: علمت أن المحفوظ في الحديث هو الإرسال بلا جدال، وهكذا رواه معمر بن راشد عن الزهرى به مرسلًا عند عبد الرزاق [9699]، لكن أبى جماعة إلا أن يصححوا هذا الحديث موصولًا.

1 -

فقال الحاكم عقب روايته: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ لخلاف بين الناقلين فيه عن الزهرى".

قلتُ: هذا مقام الحاكم في درء الاختلاف في الأسانيد دون برهان، وقال في الموضع الأول [1/ 611]، بعد أن صححه:"والخلاف فيه على الزهرى من أربعة أوجه قد شرحتها في كتاب التلخيص".

قلتُ: قد وقفت على وجهين آخرين من الخلاف فيه على الزهرى دون ما مضى من الوجهين السابقين: الوصل والإرسال، وأرى في بسط الكلام عليهما هنا طولًا حسبنا منه الإشارة مع الجزم بكون المحفوظ عن الزهرى من كل تلك الوجوه هو الإرسال كما مضى.

2 -

ونقل المناوى في "الفيض"[3/ 474]، عقب نقل قول الترمذى بإعلال الحديث بالإرسال، عن ابن القطان الفاسى أنه قال متعقبًا من أعله بذلك:"لكن هذا ليس بعلة، فالأقرب صحته".

قلتُ: ابن القطان ماشٍ على خطة أبى محمد بن حزم في الاغترار بظواهر الأسانيد؛ وعدم النظر إلى وجه الاختلاف فيها وصلًا ووقفًا وإرسالًا وإعضالًا وغير ذلك، طالما وُجِدَ منها =

ص: 298

2588 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا زكريا بن عدى، حدّثنا عبيد الله بن عمرٍو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: خرج رجلٌ من خيبر، فاتبعه رجلان، وآخر يتلوهما، فيقول: ارجعا، ارجعا، حتى ردهما، ثم لحق الأول، فقال: إن هذان شيطانان، وإنى لم أزل بهما حتى رددتهما، فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه السلام، وأخبره أنا هاهنا في جمع صدقاتنا، ولو كانت تصلح لبعثنا بها إليه، قال: فلما قدم الرجل إلى المدينة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة.

= إسنادٌ متصل رجاله ثقات، وهذا إهمال وإهدار لعلم (علل الحديث)، وقد بسطنا ذلك في "أنهار الدم".

3 -

وقال ابن التركمانى في"الجوهر النقى"[8/ 156]، بعد أن حكى قول أبى داود الماضى:"أسنده جرير بن جازم وهو خطأ" قال ابن التركمانى: "قلتُ: هذا ممنوع؛ لأن جريرًا ثقة، وقد زاد في الإسناد؛ فيقبل قوله، كيف وقد تابعه عليه غيره؟! ".

قلتُ: ابن التركمانى في تصحيح الأخبار مثله مثل ابن القطان فيما ذكرناه عنه آنفًا، وكم كان يحمله التعصب على البيهقى إلى ركوب وجوه التكلف والتناقض والجنف في مواضع، كل ذلك انتصارًا منه للمذهب.

وللحديث شواهد تالفة الأسانيد لا يثبت منها شئ قط، ومتن الحديث أشبه بكلام من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره أبو حاتم الرازى. فالله المستعان.

• تنبيه: وقع في "علل ابن أبى حاتم"[1024]: "وسألتُ أبى عن حديث رواه وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم

"، هكذا وقع عنده:(عن وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد) ولا أدرى ما هذا، ولعله اخْتُلِف على وهب بن جرير في سنده، والمحفوظ عنه هو مما رواه الجماعة عنه عن أبيه عن يونس بن يزيد به

دون واسطة بين جرير ويونس، فانتبه.

2588 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 278، 299]، والحاكم [2/ 111]، والبيهقى في "الدلائل"[رقم 3037]، وأبو نعيم في "الدلائل"[245]، والبزار [2022/ كشف]، وغيرهم من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم بن مالك الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخارى ولم يخرجاه" وهو كما قال.

ص: 299

2589 -

حَدَّثَنَا هاشم بن الحارث، حدّثنا عبيد الله بن عمرٍو، بإسناده، نحوه.

2590 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا ربعى بن إبراهيم، حدّثنا عبد الرحمن بن إسحاق، حدّثنا زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباسٍ، أن رجلًا خرج والخمر حلالٌ، فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمرٍ، فأقبل بها يقاد بها على بعيرٍ حتى وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، فقال:"مَا هَذَا مَعَكَ؟ " قال: راويةٌ من خمرٍ أهديتها لك، قال:"هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَهَا؟ "[قال: لا] قال: "فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا" قال: فالتفت الرجل إلى قائد البعير، فكلمه بشئٍ فيما بينه وبينه، فقال:"مَاذَا قُلْتَ لَهُ؟ " قال: أمرته ببيعها، قال:"إِنَّ الَّذِى حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا" قال: فأمر بعزلاء المزادة، ففتحت، فجرت في التراب، فنظرت إليها في البطحاء ما فيها شئٌ.

2591 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا أبو سفيان، عن ابن أبى نجيحٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا قط حتى يدعوهم.

2592 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا إبراهيم أبو إسحاق، حدثنى الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند، حدثنى ثورٌ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يمينًا وشمالًا، ولا يلوى عنقه.

2589 - صحيح: انظر قبله.

2590 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2468].

2591 -

صحيح: مضى [برقم 2494].

2592 -

منكر: أخرجه الترمذى في "سننه"[587]، وفى "علله"[رقم 105]، وأبو داود في "سننه" من رواية أبى الطيب الأشنانى عنه كما في "تحفة الأشراف"[رقم 6014]، وأحمد [1/ 275، 306]، وابن خزيمة [485]، وابن حبان [2288]، والنسائى [1201]، والحاكم [1/ 632، 386]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11559]، والبيهقى في "سننه"[2084]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 83]، وفى "الأفراد"[رقم 2495/ أطرافه]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1246]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 30]، وتمام في "فوائده"[2/ رقم 1787]، والعراقى في "أماليه على المستدرك"[ص 95]، =

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 392]، والحربى في "غريب الحديث"[2/ 651]، وابن عدى في "مقدمة الكامل"[1/ 106]، وغيرهم، من طرق عن الفضل بن موسى السينانى عن عبد الله بن سعيد ابن أبى هند عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس به

ولفظه مختصر عند الحربى، وبنحوه عند بعضهم.

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث غريب، وقد خالف وكيعٌ الفضل بن موسى في روايته"، ثم أخرجه بسنده [رقم 588]، إلى وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند عن بعض أصحاب عكرمة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلحظ في الصلاة

) فذكره بنحوه

وهكذا أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 83]، وأحمد [1/ 275]، وابن أبى شيبة [4548]، والبيهقى [2085]، وغيرهم، من طريق وكيع به.

قلتُ: وهذا الوجه معضل كما قاله العراقى في "الأمالى"[ص 97]، وهكذا رواه جماعة عن وكيع به

وخالفهم هناد بن السرى، فرواه عن وكيع فقال: عن عبد الله بن سعيد عن رجل عن عكرمة به مرسلًا

هكذا أخرجه أبو داود في "سننه" رواية أبى الطيب الأشنانى عنه كما في "تحفة الأشراف"[رقم 6014]، وقال أبو داود عقبه:"وهذا أصح" يعنى أصح من رواية الفضل بن موسى الموصولة، وهكذا أشار الترمذى في "سننه"، وقال في "علله" بعد رواية الفضل بن موسى:"لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند مسندًا مثل ما رواه الفضل بن موسى".

قلتُ: وكذا جزم غير واحد من النقاد بكون الفضل قد تفرد به موصولًا، فقال الدارقطنى في "سننه":"تفرد به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد عن أبى هند متصلًا، وأرسله غيره"، ومثله قاله في "الأفراد"، ونحوه قاله البيهقى في "سننه" وهذا منهم صريح أو كالصريح في إعلال رواية الفضل بن موسى الموصولة، برواية وكيع المرسلة أو المعضلة.

والفضل وإن كان ثقة إمامًا حافظًا حجة، إلا أنه روى مناكير كما قاله ابن المدينى، راجع "التهذيب"[8/ 287].

أما وكيع فهو الجبل الراسخ، فروايته مقدمة، لاسيما مع تأييد النقاد لها وترجيحها على رواية الفضل.=

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد صح عن الإمام أحمد أنه أنكر متن الحديث جدًّا، فنقل ابن القيم في "زاد المعاد"[1/ 232]، عن الخلال أنه قال:"أخبرنى الميمونى - هو عبد اللك بن عبد الحميد الحافظ - أن أبا عبد الله - هو ابن حنبل - قيل له: إن بعض الناس أسند أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يلاحظ في الصلاة،"، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، حتى تغير وجهه، وتغير لونه، وتحرك بدنه، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها، وقال: النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة؟! يعنى أنه أنكر ذلك، وأحسبه قال: ليس له إسناد - يعنى إسنادًا محفوظًا - وقال: من روى هذا؟! إنما هذا من سعيد بن المسيب - يعنى مرسلًا - ثم قال لى بعض أصحابنا: إن أبا عبد الله وهَّن حديث سعيد هذا وضعَّف إسناده، وقال: "إنما هو عن رجل عن سعيد".

قلتُ: وأثر سعيد هذا أخرجه ابن أبى شيبة [4550]، عن هشيم قال: قال بعض أصحابنا: أخبرني عن الزهرى عن سعيد بن المسيب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلحظ في الصلاة ولا يلتفت).

وهذا لا يصح أيضًا إلى سعيد كما قاله الإمام أحمد آنفًا، وقد وجدت طريقين آخرين عن عكرمة عن ابن عباس به:

1 -

فقال عبد الرزاق [3269]: (عن إبراهيم بن أبى يحيى قال: أخبرنى شيخ من أهل المدينة يقال له أبو عليّ، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة رمى ببصره يمينًا وشمالًا.

قلتُ: وهذا سند لا يساوى سماعه فضلًا عن كتابته، وابن أبى يحيى قد كذبه جماعة، وشيخه أبو على رجل من أغمار أهل المدينة لا يُعرف له عين ولا أثر، ولعله من طراز تلميذه.

2 -

وقال ابن عدى في "الكامل"[6/ 455]: (ثنا محمد بن أحمد بن الحسين، ثنا إبراهيم بن المستمر، ثنا أبو عتاب الدلال، ثنا مندل، عن الشيبانى، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يلاحظ في الصلاة يمينًا وشمالًا.

قلتُ: وسنده مظلم جدًّا، مندل هو ابن عليّ العنزى ضعيف صاحب مناكير، وشيخ ابن عدى هو الأهوازى الذي يقول عنه عبدان:"كذاب، كتب عنى أحاديث ابن جريج وادعاها عن شيوخى"، وقال ابن عدى نفسه:"ضعيف؛ يحدث عمن لم يرهم"، راجع ترجمته من "الكامل"[6/ 299]. =

ص: 302

2593 -

حَدَّثَنا زهيرٌ، حَدَّثَنَا أبو مصعبٍ، حَدَّثَنَا الأوزاعى، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباسٍ، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ ميتةٍ قد ألقاها أهلها فقال: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَن عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا".

= وبالجملة: فأنظف طرق هذا الحديث المنكر، هو الطريق الأول:(طريق الفضل بن موسى) وقد عرفتَ أنه معلول بالإرسال، وهذا هو المحفوظ فيه.

وقد مشى ابن القطان على ظاهر إسناده، وقال في كتابه "الوهم والإيهام" كما في "نصب الراية" [2/ 58]:"هذا حديث صحيح، وإن كان غريبًا لا يعرف إلا من هذه الطريق - يعنى طريق الفضل بن موسى - فإن عبد الله بن سعيد وثور بن زيد ثقتان، وعكرمة احتج به البخارى فالحديث صحيح".

قلتُ: وهكذا فليكن الجمود والاغترار بسلامة الأسانيد، مع طرح إعلال أئمة الفن بما يصيب في مقتل، وقد سبقه الحاكم إلى تصحيح الحديث على شرط البخارى، فحسب ابن القطان أن يكون الحاكم سلفه في تصحيح هذا الطريق، وقد وقع في كلام بعض النقاد المتقدمين ما يفهم منه تقوية هذا الحديث من طريق الفضل بن موسى، كما تراه عند ابن عدى في "الكامل"[1/ 106]، ونحوه عند الخطيب في "تاريخه"[6/ 351]، ولم يصح ذا، وقد أجبنا عليه في "غرس الأشجار". واللَّه المستعان.

2593 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 329]، وابن أبى شيبة [34389]، وأبو نعيم في "الحلية"[2/ 189]، والبزار [رقم 3691/ كشف]، وابن أبى عاصم في "الزهد"[رقم 132]، وابن حبان في "المجروحين"[2/ 294]، وابن أبى الدنيا في "ذم الدنيا"[رقم 3]، والخلال في "علله"[ص 43/ 4/ المنتخب]، وغيرهم من طرق عن محمد بن مصعب القرقسانى عن الأوزاعى عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به.

قلتُ: قال المنذرى في "الترغيب"[4/ 82]: "رواه أحمد بإسناد لا بأس به

".

قلتُ: بل به كل البأس، قال أبو نعيم عقب روايته:"غريب من حديث الأوزاعي عن الزهرى ونقل الخلال في "علله" [ص 43/ رقم 4/ المنتخب]، عن الإمام أحمد أنه قال عن هذا الإسناد: "هو عندى خطأ".

قلتُ: ووجه هذا الخطأ قد شرحه ابن حبان في "المجروحين"، فقال بعد أن ساق الحديث بإسناده: "وهذا المتن بهذا الإسناد باطل، إنما الناس رووا هذا الخبر عن الزهرى عن =

ص: 303

2594 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا همام بن يحيى، حَدَّثَنَا عطاءٌ، عن ابن عباسٍ، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وفيها ست سَوَارٍ، فقام عند كل ساريةٍ ولم يُصَلِّ.

= عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم "مر بشاة ميتة، قال: أو لا انتفعتم بإهابها؟! قالوا: إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها".

قلتُ: وقد وافقه الدارقطنى على هذا في تعليقاته على "المجروحين"[2/ 294]، وقال:"وهم في متنه محمد بن مصعب".

وقد سئل أبو زرعة وأبو حاتم عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 1897]، فقالا: "هذا خطأ؛ إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة؛ فقال: ما على أهل هذه لو انتفعوا بإهابها

" قال ابن أبى حاتم: "فقلتُ لهما: الوهم ممن هو؟! قالا: من القرسانى".

قلتُ: والقرقسانى هذا كثير الخطأ، وقد ضعفه غير واحد من النقاد، فظهر من كلام النقاد الماضى: أنه قد دخل له حديث في حديث.

والحديث رواه جماعة عن الأزواعى - منهم الفرقسانى نفسه - فقالوا: عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس بقصة الشاة الميتة وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيها: "ألا استمتعتم بجلدها؟! فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها).

فهذا هو المحفوظ بهذا الإسناد الماضى. راجع [رقم 2419]، فقد أشرنا هناك إلى وهم القرقسانى في متنه هنا، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة تصح بها رواية القرقسانى هنا: منها حديث جابر نحوه عند مسلم [2957]، وأبى داود [186]- وعنده مختصرًا وأحمد [3/ 365]، والبخارى في "الأدب المفرد"[رقم 962]، والبيهقى [645]، وجماعة كثيرة، بسندٍ صحيح. وراجع شواهده في "الصحيحة"[5/ 630]، للإمام.

2594 -

صحيح: أخرجه مسلم [1331]، وأحمد [1/ 237، 311]، وابن حبان [3207]، والطبرانى في "الأوسط"[1/ 1020]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[633]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 389]، والطبرانى أيضًا في "الكبير"[11/ رقم 11339]، والطيالسى [2653]، وابن أبى شيبة [15515]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[رقم 289، 290]، وغيرهم، من طرق عن همام بن يحيى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

وزاد جماعة بعد (كل سارية) قوله: (ودعا)، وعند عبد بن حميد:(يدعو أو يستغفر). =

ص: 304

2595 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مهدى، عن نافع بن عمر، عن ابن أبى مليكة، قال: كتب إليَّ ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى نَاسٌ مِنَ النَّاسِ دِمَاءَ نَاسٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ".

2596 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا محمد بن سابقٍ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن طهمان، عن أبى الزبير، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سرَّب نساءه ليلة جمعٍ قبل الزحام.

= قلتُ: وقد توبع همام عليه: تابعه ابن جريج عن عطاء قال: سمعت ابن عباس قال: (لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل حتى خرج منه

) وذكر زيادة. أخرجه البخارى [389]- واللفظ له - وجماعة كثيرة.

2595 -

صحيح: أخرجه البخارى [2379، 2524، 4277]، ومسلم [1711]، وأبو داود [3619]، والترمذى [1342]، والنسائى [5425]، وابن ماجة [2321]، وأحمد [1/ 342، 351، 363]، وابن حبان [5082، 5583]، والشافعى [933]، والدارقطني في "سننه"[4/ 157]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11223، 11224]، وعبد الرزاق [15193]، وابن أبى شيبة [20828، 28045]، والبيهقى في "سننه"[10585، 11229، 20501، 20516، 20986]، وفى "المعرفة"[رقم 6176]، وأبو عوانة [رقم 4873، 4874، 4875، 4876]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 90]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 191]، وفى "المشكل"[11/ 84، 85]، وجماعة كثيرة، من طريقين عن ابن أبى مليكة عن ابن عباس به

وهو عند أبى داود والترمذى وجماعة مختصرًا بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه)، وهو رواية للبخارى ومسلم وأحمد والبيهقى وجماعة، وفى سياقه قصة عند جماعة أيضًا.

قلتُ: قد استوفينا طرقه وألفاظه وزياداته في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتفى الأخبار"، وللَّه الحمد.

2596 -

صحيح: أخرجه ابن طهمان في "المشيخة"[رقم 41]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11279]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 258]، وغيرهم، من طريق إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير المكى عن ابن عباس به.

قلتُ: ومن هذا الطرق أخرجه ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1177]، وسنده معلول، =

ص: 305

2597 -

حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا سعيد بن عامر، عن همام، عن عطاء، أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين ثم قام ليستلم الركن، فسبَّح به القوم فرجع فصلى ركعة، قال: فأتيت ابن عباس فأخبرته بذلك فقال: ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

2598 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا حسين بن محمدٍ، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن سماكٍ، عن

= أبو الزبير هو محمد بن مسلم المكى الصدوق الصالح الحافظ المعروف، قال ابن عيينة:"يقولون: أبو الزبير المكى الحافظ لم يسمع من ابن عباس"، وقال أبو حاتم الرازى:"رأى ابن عباس رؤية" راجع "المراسيل"[ص 193]، و"جامع التحصيل"[ص 269].

لكن للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه .... فانظر الماضى [برقم 2386].

257 -

صحيح: هذا إسناد صحيح مستقيم، وزهير بن حرب الثقة الإمام؛ وسعيد بن عامر هو الضبعى، وهمام هو ابن يحيى، وكلهم ثقات أثبات، عطاء هو ابن أبى رباح الفقيه المفتى. وقد توبع عليه همام:

1 -

تابعه: مطر الوراق على نحوه وزاد بعد قوله: (فصلى ركعة) قال: (وسجد سجدتين) أخرجه أحمد [1/ 351]، والبيهقى في "المعرفة"[رقم 1258]، من طريقين عن سعيد بن أبى عروبة عن مطر بن طهمان عن عطاء به.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط مسلم، لكن مطرًا كان كثير الخطأ، وقد ضعفه ابن معين وغيره في عطاء خاصة.

2 -

وتابعه أشعث بن سوار على نحوه مع الزيادة الماضية عند البزار [رقم 577/ كشف]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11484]، وفى "الأوسط"[6/ رقم 5674]، وابن أبى شيبة [4504]، وغيرهم بإسناد صحيح إلى أشعث عن عطاء به.

قلتُ: وأشعث قد ضعفه النقاد، لكنه متابع كما مضى، وقد قال البزار عقبه:"قد رواه عن عطاء جماعة".

قلتُ: منهم أيضًا: عسل بن سفيان وعامر الأحول وغيرهما. وقد ذكرنا رواياتهم في "غرس الأشجار".

2598 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11727]، وابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 282]، وأحمد [1/ 315]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" =

ص: 306

عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ جُزءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

2599 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال جريرٌ وغيره: لم يرفعه - قال: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، وَمَنْ تَكَلَّمْ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ".

= [رقم 6021]، وغيرهم، من طرق عن إسرائيل بن يونس عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[7/ 359]: "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى، ورجاله رجال الصحيح".

قلتُ: وهو كما قال لكنه معلول، وسماك كان قد تغير حفظه بآخرة حتى صار يتلقن، وسماع إسرائيل منه إنما كان أخيرًا، وإنما الصحيح عنه سفيان وشعبة، ثم إن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة كما قاله يعقوب بن شيبة وغيره، وراجع ما علقناه على الحديث [رقم 2332]، والحديث من هذا الطريق عند الطحاوى أيضًا في "مشكل الآثار"[5/ 180].

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث أبى سعيد [برقم 1335]، ومنها حديث ابن عمر عند مسلم [2265]، وجماعة كثيرة.

259 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [965]، والدارمى [1847]، وابن خزيمة [2739]، وابن حبان [3836]، والحاكم [1/ 630]، و [2/ 293]، والبيهقى في "سننه"[9074، 9085]، وفى "المعرفة"[رقم 3057]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 178]، وفى "المشكل"[14/ 99]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 128]، وابن الجارود [461]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 364]، وغيرهم، من طرق عن عطاء بن السائب عن طاووس عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الترمذى: "وقد روى هذا الحديث عن ابن طاووس وغيره عن طاووس عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب"، وقال البيهقى: "وكذلك رواه جرير بن عبد الحميد وموسى بن أعين وغيرهم عن عطاء بن السائب مرفوعًا، =

ص: 307

2600 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا عبد الجبار الخطابى، حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن قيس بن حبترٍ، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ" وقال: "إِذَا جَاءَكَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ، فَامْلأْ كَفَّهُ تُرَابًا".

= ورواه حماد ابن سلمة وشجاع بن الوليد عن عطاء بن السائب موقوفًا، وكذلك رواه عبد الله بن طاووس عن طاووس موقوفًا" وقال أيضًا في "المعرفة":"رفعه عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه، وروى عنه موقوفًا، والموقوف أصح".

قلتُ: مدار هذا الطريق على عطاء بن السائب وهو إمام المختلطين، ومع الاختلاف عليه زى وقفه ورفعه، فلم يروه عنه أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط، اللَّهم إلا سفيان الثورى وحده، وقد اختلف على سفيان فيه على ألوان، أشهرها الوقف والرفع، قال الحافظ في "الأربعين المتباينة" [ص 63]:"والمعروف عن الثورى موقوفًا"، وقال في "التلخيص" [1/ 130]:"وإن كان الثورى قد اختلف عليه في وقفه ورفعه، فعلى طريقتهم - يعنى طريقة الفقهاء - تقدم رواية الرفع أيضًا، والحق أنه من رواية سفيان موقوفًا، ووهم عليه من رفعه".

قلتُ: وهذا هو الصواب عن الثورى: وللحديث طرق أخرى عن طاووس عن ابن عباس مرفوعًا، إلا أن المحفوظ فيها هو الوقف أيضًا، وهو الذي جزم به جماعة من النقاد كالنسائى والدارقطنى والبيهقى وابن الصلاح والمنذر والنووى وابن عبد الهادى وغيرهم، وقد ذكرنا نصوصهم مع استيفاء طرق الحديث، ومناقشة من صححه أو قواه في كتابنا "غرس الأشجار" يسره الله.

2600 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3482]، وأحمد [1/ 278، 289، 350]، والبيهقى في "سننه"[10791]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 190]، وابن عبد البر في "التمهيد"[8/ 402]، والمزى في "تهذيب الكمال"[24/ 18]، والخطابى في "غريب الحديث"[2/ 18]، وغيرهم، من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم بن مالك الجزرى عن قيس بن حبتر عن ابن عباس به

وزاد أحمد في الموضع الثالث والثانى، والبيهقى في أوله:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الخمر ومهر البغى).

قلتُ: وهذا إسناد صحيح كما قاله الحافظ في "الفتح"[4/ 426]: وقد توبع عليه عبيد الله بن عمرو: تابعه معقل بن عبيد الله عن عبد الكريم عن قيس عن ابن عباس مرفوعًا: =

ص: 308

2601 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا أبو معاوية، عن الحجاج، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباسٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضاءٍ ليس بين يديه شيءٌ.

2602 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا محمد بن عبيدٍ، حَدَّثَنَا عثمان بن حكيمٍ، قال: سألت

= ثمن الخمر حرام، ومهر البغى حرام، وثمن الكلب حرام، وإن أتاك صاحب الكلب يلتمس ثمنه فاملأ يديه ترابًا، والكوبة حرام، والخمر حرام والميسر وكل مسكر حرام).

أَخرجه الدارقطنى في "سننه"[3/ 7]- واللفظ له - والطبرانى في "الكبير"[12/ 12601]، من طريقين عن معقل به .. ومعقل صدوق من رجال مسلم، وطريق الطبراني قوي، إليه.

2601 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 224]، والطبرانى في "الكبير"[12/ رقم 12728]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 3598]، وابن أبى شيبة [2866]، والبيهقى في "سننه"[3294]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[2/ 285]، وغيرهم، من طرق عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس به.

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه أبو جعفر بن البخترى في جزء فيه ستة مجالس من "أماليه"[رقم 1 / ضمن مجموع مؤلفاته].

ومداره على الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف مضطرب الحديث على فقهه وجلالته، وقد كان يدلس أيضًا، وقد عنعنه، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 204]، وقد خولف في إسناده، قال الطبراني في "الأوسط" عقب روايته: "ورواه هريم بن سفيان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس

ورواه إسماعيل بن مسلم عن الحكم عن مجاهد".

قلتُ: وهريم صدوق معروف، فإن صح الطريق إليه فالحكم لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث كما قاله جماعة من النقاد، وليس هذا منها، وإسماعيل بن مسلم فقيه ضعيف الحديث كما قاله الحافظ في "التقريب"، فلا عبرة بروايته، بل مخالفته، وقال البيهقى عاتب روايته: "وله شاهد بإسناد أصح من هذا عن الفضل بن عباس

".

قلتُ: وهذا الشاهد ضعيف الإسناد أيضًا، وسيأتى عند المؤلف [برقم 6726].

2602 -

صحيح: أخرجه مسلم [1157]، وأبو داود [2430]، وأحمد [1/ 231]، و [1/ 326]، وابن أبى شيبة [9748]، والبيهقى في "سننه"[8208]، وفى "الشعب"[3/ رقم 3799]، وأبو عوانة [رقم 2357]، وغيرهم، من طرق عن عثمان بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. =

ص: 309

سعيد بن جبيرٍ عن صوم رجبٍ، كيف ترى فيه؟ فقال: حدثنى ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم.

2603 -

حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا عبد الله بن جعفرٍ الرقى، حَدَّثَنَا عبيد الله - يعنى ابن عمرٍو - عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"قَومٌ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، كَحَوَاصِلِ الحمَامِ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".

= قلتُ: وقد توبع عليه عثمان بن حكيم: تابعه جعفر بن إياس عن سعيد عن ابن عباس قال: (ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا كاملًا قط غير رمضان، ويصوم حتى يقول القائل: لا واللَّه لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا واللَّه لا يصوم).

أخرجه البخارى [1870]، ومسلم [1157]- واللفظ لهما - والنسائى [2346]، وابن ماجه [1711]، وجماعة كثيرة.

2603 -

صحيح: أخرجه أبو داود [4212]، والنسائى [5075]، وأحمد [1/ 273]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 12254]، والبيهقى في "الشعب"[5/ رقم 6414]، وفى "الآداب"[رقم 550]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[رقم 618]، وأبو عمرو الدانى في "الفتن"[3/ رقم 319]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 441]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 78]، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد [4/ 18/ الطبعة العلمية] والشجرى في "الأمالى"[1/ 456]، وغيرهم، من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح قويم، لكن كدَّر ابن الجوزى مشربه، وأخرجه - بكل جرأة - في "الموضوعات"[3/ 55]، ثم قال:"هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم به عبد الكريم بن أبى المخارق أبو أمية البصرى".

ثم شرع يذكر كلمات النقاد في تضعيف عبد الكريم، وهذا منه وهم فاحش، بل ومجازفة طائشة؛ لأن عبد الكريم الواقع في سنده ليس أبا أمية البصرى أصلًا، وإنما هو عبد الكريم بن مالك أبو سعيد الجزرى الثقة الحافظ الفقيه التقن؛ وبرهان ذلك من وجهين:

الأول: أنه قد وقع منسوبًا (الجزرى) عند أبى داود والبيهقى وابن شاهين والبغوى والشجرى. =

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والثانى: أن عبيد الله الرقى كان أحفظ مَنْ روى عن عبد الكريم الجزرى كما قال، ابن سعد في "الطبقات"[7/ 484]، فلو لم يقع (عبد الكريم) منسوبًا عند أحد، لكن تعْيينه بكونه هو ابن مالك الجزرى هو المتعين؛ لما عرفته من إكثار عبيد الله بن عمر الرقى من الرواية عنه، فكيف غفل ابن الجوزى عن هذا كله؟!.

وقد تعقبه الحافظ في "القول المسدد"[ص 39]، قائلًا:"وأخطأ في ذلك - يعنى ابن الجوزى - فإن الحديث من رواية عبد الكريم الجزرى الثقة المخرج له في الصحيح"، وقال ابن عراق في "تنزيه الشريعة"[2/ 275]، بعد أن حكى كلام ابن حجر الماضى بعضه:"قلتُ: وسبق الحافظ ابن حجر إلى تخطئة ابن الجوزى في هذا الحديث: الحافظ العلائى؛ فذكر نحو ما مر لابن حجر، .... ثم قال العلائى: ولو سُلِّم أنه أبو المخارق، فقد روى عنه الإمام أحمد، ولا يروى إلا عن ثقة عنده، وأخرج له البخارى تعليقًا، ومسلم في المتابعات، ولا يجوز أن يحكم على ما انفرد به بالوضع"، ثم قال ابن عراق:"وكذلك قال الذهبى في "تلخيص الموضوعات": عبد الكريم ما هو ابن أبى المخارق، والحديث صحيح".

قلتُ: ولابن الجوزى في كتبه ألوان كثيرة من هاتيك الأوهام، وقد قال الذهبى في "سير النبلاء" [21/ 378]:"قرأتُ بخط محمد بن عبد الجليل الموقانى: أن ابن الجوزى .... كان كثير الغلط فيما يصنفه، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره"، قال الذهبى معلقًا على هذا:"قلتُ: هكذا هو له أوهام وألوان من ترك المراجعة، وأخذ العلم من صحف، وصنَّف شيئًا لو عاش عمرًا ثانيًا لما لحق أن يحرره ويتقنه".

قلتُ: وشرح أحوال ابن الجوزى وأوهامه ومجازفاته تجدها مبسوطة في كتابنا "العرف الوردى بتجريد الصحيح أو المقبول من موضوعات ابن الجوزى"، وكذا ذكرنا بعضها زى "المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل".

والحديث صححه الذهبى كما مضى نقلًا عن ابن عراق، وجوَّده العراقى في "المغنى"[1/ 92]، وقواه الحافظ في "الفتح"[6/ 499]، إلا أنه قال:"إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وعلى تقدير وقفه؛ فمثله لا يقال بالرأى؛ فحكمه الرفع".

قلتُ: قاعدة (كل ما لا يُدْركُ بالرأى فله حكم الرفع) غير نافقة عندنا، وقد نقضناها من وجوه كثيرة في موضع آخر، والحديث عندنا محفوظ مرفوعًا، ولم نجد من وقفه إلا =

ص: 311

2604 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا عبد الله بن جعفرٍ، حَدَّثَنَا عبيد الله، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال أبو جهلٍ: لئن رأيت محمدًا يصلى عند الكعبة لآتينَّه حتى أطأ على عنقه قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الملائِكَةُ عِيَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْيَهُودَ تَمَنُّوا الْموْتَ لمَاتُوا وَرَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ، وَلَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَرَجَعُوا لا يَجِدُونَ أَهْلا وَلا مَالًا".

= عبد الجبار بن عصام النسائي، فإنه رواه عن عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم الجزرى عن سعيد عن ابن عباس به

موقوفًا، هكذا أخرجه ابن شاهين في "ناسخ المنسوخ ومنسوخه"[عقب رقم 618]، وابن الجوزى في "الموضوعات"[3/ 55]، بإسناد صحيح إليه.

وعبد الجبار ثقة معروف، وثقه الدارقطنى وابن حبان وغيرهما. وترجمته مستوفاة في "تاريخ بغداد"[11/ 111]، لكن خالفه جماعة من الثقات كلهم رووه عن عبيد الله بن عمرو بإسناده به مرفوعًا كما مضى

فرواية الجماعة أرجح بلا شك، ولا مانع من أن يكون الوجهان كلاهما محفوظان. واللَّه المستعان.

2604 -

صحيح: أخرجه النسائي في "الكبرى"[11061]، وأبو سعد السمعانى في "معجم شيوخه" كما في "تاريخ قزوين"[1/ 321]، من طريق عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم بن مالك الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد توبع عليه عبيد الله بن عمرو: تابعه فرات بن سلمان على مثله عند أحمد [1/ 248]، وفرات وإن كان ضعيفًا إلا أنه قد توبع عليه: تابعه عبيد الله بن عمرو كما مضى.

وقد أخرجه الطبرى في "تفسيره"[12/ 648]، بإسناد صحيح من طريق عبيد الله الرقى بإسناده عن ابن عباس به مثله دون قوله:(ولو أن اليهود .... ) إلى آخره، ومثله عند على بن عبد العزيز البغوى في "منتخب المسند" كما في "الفتح"[8/ 724].

ثم ذكر الحافظ أن ابن مردويه قد أخرجه أيضًا من طريق عبيد الله بإسناده به مثل سياق المؤلف، لكنه زاد بعد قوله:(لماتوا): (ورأوا مقاعدهم من النار) ورواه عبد الرزاق في "تفسيره"[1/ 52]، عن معمر عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس به

نحو سياق المؤلف، لكنه جعل جملة:(ولو أن اليهود تمنوا الموت .... إلخ) من قول ابن عباس موقوفًا عليه.

ص: 312

2605 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حَدَّثَنَا يحيى بن أبى بكيرٍ، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن عبد الله بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليمانى [و] يضع خده عليه.

= ولعل ذلك هو الأشبه، وتكون تلك الجملة مدرجة في رواية عبيد الله بن عمرو الرقى، وفرات بن سلمان عن عبد الكريم الجزرى، وهو الظاهر عندى، ومن طريق عبد الرزاق: أخرجه الإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[8/ 724].

وكذا أخرجه البخارى [4675]، والترمذى [3348]، والنسائى في "الكبرى"[11685]، وأحمد [1/ 361]، ومن طريقه البيهقى في "الدلائل"[رقم 499]، وغيرهم، من طريق عبد الرزاق الماضى بإسناده به مثله دون قول ابن عباس المدرج عند المؤلف وغيره: (ولو أن اليهود تمنوا الموت

إلخ) فانتبه. واللَّه المستعان.

2605 -

منكر: أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 290]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 143]، من طريق يحيى بن أبى بكير عن إسرائيل عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قد خولف يحيى بن أبى بكير في إسناده، خالفه أبو سعيد مولى بنى هاشم وأبو نعيم الملائى، فروياه عن إسرائيل فقالا: عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس به

، فجعلا شيخ ابن هرمز فيه هو:(مجاهدًا) وليس (سعيد بن جبير)، وروايتهما عند ابن خزيمة [2727]، والحاكم [1/ 626]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[638]، والفاكهى في "أخبار مكة"[1/ 159]، وهكذا توبع عليه إسرائيل:

1 -

تابعه أبو إسماعيل المؤدب على هذا الوجه عند البيهقى في "سننه"[9018]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 157]، والخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 801]، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"[رقم 338].

2 -

ويحيى بن أبى الحجاج عند الفاكهى في "أخبار مكة"[عقب رقم 146]، والإسناد إليه ضعيف.

3 و 4 - ويونس بن أبى إسحاق وابن أبى ليلى عند ابن عدى في "الكامل"[3/ 398]، بإسناد حسن إليهما. =

ص: 313

2606 -

حَدَّثَنَا شيبان، حدّثنا همام، حَدَّثَنَا قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله عز وجل:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213]، قال: على الإسلام كلهم وقال الكلبى: يعنى على الكفر كلهم.

2607 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حَدَّثَنَا محمد بن فضيلٍ، عن الوليد بن

= كلهم رووه عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس به

وهذا هو المشهور، ومداره على ابن هرمز هذا، وقد ضعفه أحمد والنسائى وابن معين وأبو داود والنسائى وسائر النقاد، إلا رواية عن أحمد قال فيها:"صالح الحديث"، وقد قال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل":"ولعبد الله بن مسلم أحاديث ليست بالكثيرة، وأحاديثه مقدار ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال البيهقى عقب روايته:"تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف".

قلتُ: وللحديث شواهد لا يثبت منها شئ البتة، وهو منكر بهذا اللفظ، وراجع "الضعيفة"[9/ 190]، للإمام.

* تنبيه: عزا الإمام في "الضعيفة"[9/ 190]، هذا الحديث من طريق ابن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس به

إلى المؤلف، وهو وهم منه بلا ريب، إنما هو عند المؤلف من طريق ابن هرمز عن سعيد بن جبير. فانتبه.

2606 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11830]، من طريق شيبان بن فروخ عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس

دون قول الكلبى في آخره.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[7/ 34]: "رجال أبى يعلى رجال الصحيح"، وقال البوصيرى في "الإتحاف" [رقم 5626]:"هذا إسناد رجاله ثقات".

قلتُ: وهو كما قالا، وسنده صحيح لولا عنعنة قتادة، لكن رواه الحاكم [2/ 480، 596]، والطبرى في "تفسيره"[2/ 247]، وفى "تاريخه"[1/ 111، 495]، من طريقين عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال:(كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فلما اختلفوا بعث الله النبيين والمرسلين، وأنزل كتابه، فكانوا أمة واحدة)، وصرح قتادة فيه بالسماع عند الحاكم - واللفظ له - فالإسناد صحيح.

2607 -

صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 1215]، من طريق محمد بن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عمن حدثه عن ابن عباس به. =

ص: 314

جميعٍ، عمن حدثه، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَاصُّوا الصُّفُوفَ، فَإِنِّى رَأَيْتُ الشَّيَاطِينَ تَخَلَّلُكُمْ كأَنَّهَا أَوْلادُ الحذَفِ".

2608 -

حَدَّثَنَا الحسن بن محمد بن الصباح، حَدَّثَنَا معاذ بن هشامٍ، أخبرنى أبى، عن قتادة، عن أبى قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الله بن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ رَبِّى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّد، قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: رَبِّ، لا أَدْرِى، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتفَى، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا مَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ المشْرِقِ وَالمغْرِبِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ: المشْى عَلَى الأَقْدَامِ فِي الجمُعَاتِ، وَإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي المكْرُوهَاتِ، وَانْتِظَارِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ إلَى الصَّلاةِ، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ، وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ لإبهام شيخ الوليد بن جميع؛ فمن يكون؟! وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 251].

لكن يشهد له حديث أنس بن مالك مرفوعًا: (رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذى نفسى بيده إنى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف).

أخرجه أبو داود [667]- واللفظ له - والنسائى [815]، وأحمد [3/ 260، 283]، وابن خزيمة [1545]، وابن حبان [2166، 6339]، وجماعة كثيرة بإسناد صحيح كالشمس.

2608 -

ضعيف: أخرجه الآجرى في "الشريعة"[ص 495]، والترمذى [3234]، وابن خزيمة في "التوحيد"[رقم 319]، والطبرانى في "الدعاء"[رقم 1420]- ولم يسق لفظه - وابن أبى عاصم في "السنة"[رقم 469]، وابن عساكر في "تاريخه"[34/ 469]، والدارقطنى في الرؤية [ص 291/ رقم 189، 190]، وغيرهم من طريق عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أبى قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم مختصرًا، ورواه ابن أبى عاصم بالفقرة الأولى منه فقط (رأيتُ ربى في أحسن صورة).

قلتُ: قد اختلف في إسناده على قتادة على ثلاثة ألوان، وخولف في روايته هذا الوجه، خالفه أيوب السختيانى، فرواه عن أبى قلابة عن ابن عباس به .... نحوه مع زيادة في آخره

، ولم يذكر بين أبى قلابة وابن عباس أحدًا. =

ص: 315

2609 -

حَدَّثَنَا أحمد بن إبراهيم الدورقى، حَدَّثَنَا مبشرٌ، عن الأوزاعى، عن الزهرى: أراه: أخبرنى عليّ بن حسينٍ، أن ابن عباسٍ، قال: أخبرنى رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، أنهم بينما هم جلوسٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رُمِىَ بنجمٍ فاستنار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الجاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِىَ بِمِثْلِ هَذَا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجلٌ عظيمٌ، ومات الليلة رجلٌ عظيمٌ قال: "فَإِنَّهَا لا يُرْمَى بِهَا لَمِوْتِ أَحَدٍ وَلا لحِيَاتِهِ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ اللَّهُ وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْل السَّمَاءِ الَذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالُوا لِلَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ،

= هكذا أخرجه الترمذى [3233]، وأحمد [1/ 368]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[682]، وابن خزيمة في "التوحيد"[رقم 320]، وابن عساكر في "تاريخه"[34/ 471]، والدارقطنى في "الرؤية"[رقم 192]، وغيرهم، وخولف فيه أيوب، خالفه بكر بن عبد الله المزنى، فرواه عن أبى قلابة ببعضه مرسلًا، هكذا أخرجه الدارقطنى في الرؤية [رقم 193]، بإسناد صحيح إليه.

وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على ألوان كثيرة، حتى رماه الدارقطنى وابن خزيمة وابن نصر المروزى وغيرهم بالاضطراب، لكن صحَّح البخارى وغيره بعض طرفه، وهو حديث معاذ عند الترمذى [3235]، وأحمد [5/ 243]، وجماعة، وفى ذلك نظر بسطناه في غير هذا المكان، ولعلنا ننشط فنجمع طرقه والكلام عليه في جزء مفرد؛ وليس في هذا الباب حديث ثابت عند التحقيق، وهو مثال جيد - في نظرى - للحديث المضطرب، فالله المستعان.

2609 -

صحيح: أخرجه مسلم [2229]، والترمذى [3224]، وأحمد [1/ 218]، وابن حبان [6129]، والنسائى في "الكبرى"[11272]، والبيهقى في "سننه"[16289]، وفى "الدلائل"[رقم 538]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 143]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[683]، وابن منده في "الإيمان"[رقم 706]، وابن وهب في "الجامع"] رقم 672]، والدارمى في "الرد على الجهمية"[رقم 156]، والطحاوى في "المشكل"[6/ 33]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن علي بن الحسين عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه ....

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح"، وهو كما قال.

ص: 316

فَيَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الخْبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ، السَّمْعَ، فَيُلْقُونَهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْذِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ" أيَّ شكّ من مبشرٍ.

2610 -

حَدَّثَنَا ابن نميرٍ، حَدَّثَنَا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالانى، عن قتادة، عن أبى العالية، عن ابن عباسٍ، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى غط - أو نفخ - فقلت: يا رسول الله، إنك قد نمت قال:"إِنَّ الْوُضُوءَ لا يَجِبُ إِلا عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّهُ إِذَا نَامَ فضْطَجِعًا اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ".

2611 -

حَدَّثَنَا عمرو بن حصينٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن العلاء، عن صفوان بن سليمٍ،

2610 - منكر: مضى الكلام عليه [برقم 2487].

2611 -

باطل: أخرجه الطبراني في "الكبير"[10/ رقم 10766]، وفى "الدعاء"[رقم 402]، وابن حبان في "المجروحين"[3/ 116]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 61]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 497]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[رقم 163]، وغيرهم، من طريق عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس به

وهو عند أبى الشيخ وابن السنى وابن حبان والطبرانى في "الدعاء" مختصرًا بالمرفوع منه فقط، - زاد عليهم ابن حبان: (وإذا اكتحل فعل في كل عين ثنتين وواحدًا بينهما

).

قلتُ: هذا إسناد مظلم جدًّا، قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [رقم 5558]:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف يحيى بن العلاء، قال أحمد بن حنبل: كان يضع الحديث، وضعفه يحيى بن معين وأبو زرعة والفلاس وابن حبان والبخارى وأبو داود والنسائى والدارقطنى والجوزجانى وابن عدى وغيرهم، وعمرو بن الحصين كذاب، قاله الخطيب وغيره".

قلتُ: وأعله الهيثمى في "المجمع"[5/ 309]، [7/ 227]، بعمرو بن الحصين وحده، وقابله الحافظ في المطالب العالية [رقم 2671]، فأعله بيحيى بن العلاء وحده.

ولفقرات الحديث شواهد مفرقة، وأكثرها لا يثبت؛ وهو منكر جدًّا بل موضوع بهذا السياق جميعًا.

ص: 317

عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة، قال:"الحمْدُ لِلَّهِ الَّذِى حَسّنَ خلقى وَخُلُقِى، وَزَانَ مِنِّى مَا شَانَ مِنْ غَيْرِى".

وإذا اكتحل جعل في كل عينٍ اثنين، وواحدًا بينهما، وكان إذا لبس نعليه بدأ باليمين، وإذا خلع خلع اليسرى وكان إذا دخل المسجد أدخل رجله اليمنى، وكان يحب التيمن في كل شئٍ أخذًا وعطاءً.

2612 -

حَدَّثَنَا عمرو بن حصين، حَدَّثَنَا يحيى بن العلاء، حَدَّثَنَا عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبى صالح، عن ابن عباس قال: يوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الإثنين يوم السفر ويوم الثلاثاء يوم الدم، ويوم الأربعاء يوم أخذ ولا عطاء فيه ويوم الخميس يوم دخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم تزويج وباءة.

2613 -

حَدَّثَنَا عمرو بن حصين، حَدَّثَنَا حفص بن غياثٍ النخعى، حدثنى ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، وجبت عليّ بدنةٌ وقد عزت البدن، فما ترى؟ قال:"اذْبَح مَكَانَهَا سَبْعًا مِنَ الشَّاءِ".

2612 - موضوع: هذا إسناد باطل مثل سابقه، قال الهيثمى في "المجمع" [4/ 524]:"رواه أبو يعلى وفيه يحيى بن العلاء وهو متروك"، بل قال أحمد:"كذاب يضع الحديث"، ثم إن الهيثمى غفل عن عمرو بن الحصين، وحاله مثل حال شيخه يحيى تمامًا، فبعدًا للشيخ والتلميذ! ولبعضه شاهد مرفوع من حديث أبى سعيد الخدرى بإسناد تالف، راجع "اللألئ المصنوعة"[1/ 440]. واللَّه المستعان.

2613 -

ضعيف: أخرجه ابن ماجه [1/ 3136]، وأحمد [311، 312]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[3/ رقم 2329]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[5/ 201]، والطحاوى في "شرح "المعانى" [4/ 175]، وأبو داود في "المراسيل" [رقم 143]، وابن عدى في "الكامل" [5/ 150] وغيرهم من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بنحوه.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل:

الأولى: عطاء في سنده هو ابن أبى مسلم الخرسانى، وفى سماع ابن جريح منه نظر عند بعض الأئمة، كالقطان وغيره؛ ثم إن ابن جريج وحش التدليس جدًّا. =

ص: 318

2614 -

حَدَّثَنَا هدبة، حدثنا وهيبٌ، عن يونس بن عبيدٍ، عن عمار بن أبى عمارٍ، قال: سمعت ابن عباسٍ، يقول: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمسٍ وسنين، وكان الحسن يقول: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستين.

= ولم يصرح فيه بالسماع أصلًا، لكن ابن جريج لم ينفرد به: بل تابعه إسماعيل بن عياش على نحوه عن عطاء الخرسانى عن ابن عباس به

عند البيهقى في "سننه"[9573]، بإسناد صحيح إليه.

وإسماعيل وإن تكلموا في روايته عن غير أهل بلده من الشوام؛ فإن عطاء الخرسانى كان قد سكن الشام وأقام بها؛ راجع "تاريخ البخارى"[6/ 474].

والثانية: عطاء الخرسانى يقول عنه الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس" والتحقيق بشأنه أنه (ثقة عابد ربما وهم) وهو قليل التدليس إن ثبت عنه التدليس أصلًا، لكن جزم جماعة من النقاد بكونه لم يسمع من ابن عباس شيئًا، بل جزم ابن معين بكونه لم يلق أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، راجع "جامع التحصيل"[ص 338].

قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "رجال الإسناد رجال "الصحيح"؛ إلا أن عطاء الخرسانى لم يسمع من ابن عباس

قاله الإمام أحمد؛ ولكن قال شيخنا أبو زرعة - هو ابن الزين العراقى -: روايته عن ابن عباس في "صحيح البخارى" أي: فهذا يدل على السماع

".

قلتُ: وهكذا جزم الحافظ المزى في "التهذيب"[20/ 115]، وقبله أبو مسعود الدمشقى في "الأطراف" بكون البخارى قد أخرج لعطاء الخرسانى عن ابن عباس في "صحيحه"، وهذا يقتضى الاتصال، لكن نازع الحافظ في هذا بـ"التهذيب"[7/ 214]، والصواب معه كما شرحناه في "غرس الأشجار".

والثالثة: الإعلال بالوقف، فقد قال البيهقى في "سننه"[5/ 169]، عقب روايته طريق إسماعيل بن عياش عن عطاء كما مضى: قال: "وكذلك رواه ابن جريج عن عطاء الخرسانى، أورده أبو داود في "المراسيل"؛ لأن عطاء الخرسانى لم يدرك ابن عباس، وقد روى موقوفًا" فاللَّه المستعان.

2614 -

قوى: مضى الكلام عليه [برقم 2452].

ص: 319

2615 -

حَدَّثَنَا محمد بن بكارٍ، حدثنا حديج بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عباس، فقال: قد جاء حسان اللعين، فقال ابن عباسٍ. ما هو بلعينٍ، لقد جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ونفسه.

2616 -

حَدَّثَنا سويد بن سعيدٍ، حدثنا الوليد بن محمد الموقرى، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى

2615 - ضعيف: أخرجه لوين في حديثه [رقم 25]، ومن طريقه ابن بشران في "الأمالى"[رقم 27]، وابن عساكر في "تاريخه"[12/ 399، 400]، وفى "المعجم"[رقم 1111]، وغيرهم من طريقين عن حديج بن معاوية عن أبى إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه أبو الفرج الأصفهانى في "الأغانى"[4/ 152/ دار الفكر]، والمزى في "تهذيبه"[6/ 21]، وقال ابن عساكر في "المعجم" بعد روايته:"هذا حديث حسن غريب، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفى ثقة" وقال الهيثمى في "المجمع"[9/ 630]: "رواه أبو يعلى، وفيه حديج بن معاوية، وهو ضعيف وقد وثق".

قلتُ: حديج هذا هو أخو زهير ورحيل ابنى معاوية، وقد ضغفه جماعة النقاد حتى قال ابن حبان في "المجروحين" [1/ 271]: "منكر الحديث كثير الوهم على قلة روايته،

" وقول الإمام أحمد عنه: "لا أعلم إلا خيرًا" لا ينافى ما علمه عنه غيره من الجروح.

ثم إن بالإسناد علة أخرى، وهى عنعنة أبى إسحاق السبيعى؛ فهو إمام في التدليس، ثم هو قد تغير بأخرة حتى رماه جماعة بالاختلاط - ونازع الذهبى في هذا - ورواية حديج عنه متأخرة بلا تردد، فكون أبى إسحاق ثاقة كما يقول ابن عساكر بعد أن حسن الحديث في "المعجم" فليسر ينفع ذلك هنا شيئًا.

نعم قد توبع عليه أبو إسحاق، تابعه حبيب بن حسان قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: (لا تسبوا حسان بن ثابت؛ فإنه كان ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ويده) أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[12/ 401]، وهذه المتابعة مع قصورها عن الشهادة لسياق رواية أبى إسحاق، فهى لا تصح أيضًا، فإن حبيب بن حسان هذا هو ابن أبى الأشرس - جد الحافظ صالح جزرة - واه عندهم، راجع "ضعفاء العقيلى"[1/ 261]، و"كامل ابن عدى"[2/ 403]، وفى الطريق إليه أيضًا من لا أعرف.

2616 -

صحيح: هذا إسناد واه مرسل، وفيه علل: =

ص: 320

الإسلام، فبعث بكتابه مع دحية الكلبى، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بُصْرَى ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم بُصْرَى إلى قيصر، فكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس، نذر أن يمشى من حمص إلى إيلياء بما أبلاه الله في ذلك، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال حين قرأ: التمسوا هل ها هنا من قومه أحدٌ لنسألهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

= الأولى: سويد بن سعيد صدوق معروف؛ إلا أنه عمى بأخرة حتى صار يتلقن، وتلك مصيبة، ولم يخرج له مسلم من حديثه إلا ما شاركه الثقات فيه.

والثانية: والوليد بن محمد الموقرى قد تركه النقاد وأسقطوه، وليس هو في الزهرى بشئ أصلًا.

والثالثة: الإرسال، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك تلك القصة أصلًا، بل يرويها عن ابن عباس كما يأتى؛ فهكذا رواه جماعة عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس به مطولًا مع السياق الآتى [رقم 2617]، ولعل الوهم في إرساله إنما هو من الوليد بن محمد الموقرى إن لم يكن من سويد بن سعيد.

ومن طريق المؤلف هنا: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[23/ 425]، مثله مرسلًا، ثم عاد سويد بن سعيد ورواه عن الموقرى مرة أخرى، فوصله بذكر ابن عباس فيه، فقال: (نا الوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره

) ثم ساق الحديث مطولًا مع السياق الآتى بعده [برقم 2617].

هكذا أخرجه المؤلف أيضًا في "مسنده الكبير" ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[23/ 425]، وهذا هو المحفوظ موصولًا كما يأتى.

وكنت أظن أن ذكر (ابن عباس) قد سقط من سند المؤلف في "مسنده""الصغير" الذي نعمل فيه، وبذلك جزم حسين أسد في "تعليقه"، وقال في "الهامش" [5/ 6]:"سقط من الإسناد: عبد الله بن عباس" لكنه لم يثبته في المن، واكتفى بتلك الإشارة وحسب، أما المعلق على الطبعة العلمية [2/ 512]، فإنه أثبته بالنص ولكن بين معكوفتين هكذا [عن عبد الله بن عباس] ثم قال بالهامش:"ما بين المعقوفتين سقط من الأصول كلها".

وقد كنت أنخدع مثلهما، لو لا أنى رأيت الحافظ ابن عساكر قد أخرج الحديث في "تاريخه"[23/ 425]، من طريق أبى عمرو بن حمدان - وهو راوى "المسند""الصغير" =

ص: 321

2617 -

قال ابن عباس: فأخبرنى أبو سفيان بن حرب أنهم كانوا بالشام تجارًا، وذلك في المدة التى كانت بين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش قال أبو سفيان فأتانا رسول قيصر فانطلق بى وبأصحابى حتى قدمنا الإيلياء فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه عليه التاج، وإذا عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبى؟ قال أبو سفيان: أنا أقربهم، قال: فما قرابتك؟ قال: قلت: هو ابن عمى - وليس في الركب يومئذ رجل من بنى عبد مناف غيرى - قال: فقال: قيصر أدنوه

= عن المؤلف - وطريق أبى بكر بن المقرئ - راوى "المسند""الكبير" عن المؤلف - كلاهما قالا: (نا أبو يعلى نا سويد بن سعيد نا الوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود

) ثم قال ابن عساكر: (زاد ابن المقرئ: أن ابن عباس أخبره

) ثم ساقه مطولًا بالآتى [رقم 2617].

فظهر من هذا: أن الرواية المرسلة وقعت في رواية أبى عمرو بن حمدان عن المؤلف به

وأبو عمرو هو راوى "المسند الصغير" عن المؤلف، وهو هذا الذي نعمل فيه، وأن الرواية الموصولة، إنما وقعت في "مسند المؤلف الكبير" من رواية أبى بكر بن المقرئ عنه

كما يفهم ذلك من قول ابن عساكر: "زاد ابن المقرئ: أن ابن عباس أخبره

" فالحمد للَّه على توفيقه.

والحديث رواه جماعة عن الزهرى به مطولًا بالسياق الآتى بعده [برقم 2617]، ومن هؤلاء: صالح بن كيسان وروايته مطولة عند البخارى [2782]، ومسلم [1773]، والبيهقى في "سننه"[18388]، وفى "الدلائل"[رقم 1721]، وأبى عوانة [رقم 5410]، وأبى نعيم في "الدلائل"[رقم 233]، وابن عساكر في "تاريخه"[23/ 422]، وغيرهم؛ وهو عند النسائي في "الكبرى"[5858، 8845]، وابن منده في "الإيمان"[1/ رقم 119]، وابن سعد في "الطبقات"[4/ 251]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 35]، وغيرهم من طريق صالح أيضًا ولكن مختصرًا بطرف من أوله فقط، وقد توبع عليه صالح مطولًا ومختصرًا: تابعه معمر ويونس الأيلى، وشعيب وابن أخى الزهرى وغيرهم.

2617 -

صحيح: هذا موصول بالذى قبله؛ ولا أدرى: لأى شئ آثر حسين الأسد إفراده بترقيم خاص مع كون الحديث واحدًا، وقد خالفه المعلق على الطبعة العلمية، فوصل اللفظ الماضى بهذا مع إعطائهما ترقيمًا واحدًا؛ وهذا هو الصواب؛ ولا ينبغى إعادة الترقيم للحديث الواحد إلا إذا كان ثَمَّ إسناد ولو مكررًا، فانتبه يا رعاك الله!

ص: 322

مني فأمر، بأصحابى فجُعلوا خلف ظهرى ثم قال لترجمانه: إنى سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبى فإن كَذَبَ فكذِّبوه. قال أبو سفيان: لولا الاستحياء يومئذ من أن يأثر أصحابى عنى الكذب لكذبته حين سأل، ولكنى استحييت أن يأثروا عنى الكذب فصدقت عنه، ثم قال لترجمانه: قل: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال: هذا القول فيكم أحد قبله قط؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قال: قلت: لا، قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم، قال: فيزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: بل يزيدون، قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا ونحن الآن منه في مدة فنحن نخاف ذلك. قال: فقال أبو سفيان: فلم تمكنى كلمة أدخل فيها بشئ أنتقصه به لأنى أخاف أن يؤثر عن غيرها، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم، قال: كيف كانت حربكم وحربه؟ قال: قلت: كانت سجالًا، يدال علينا المرة ويدال عليه الأخرى، قال: فبماذا يأمركم؟ قلت: يأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئًا وينهانا عما كان يعبد آبأؤنا ويأمرنا بالصلاة والصدقة والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، قال: فقال لترجمانه حين فات ذلك: سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تُبعث بأنساب قومها، وسألتك هل قال هذا القول منكم أحد قبله فزعمت أن لا، فقلتُ: لو كان أحد منهم قال هذا القول قبله قلتُ: رجل يأتم بقول قيل قبله، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا، فقلت: إنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك هل كان من آبائه ملك فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلتُ: رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فزعمت أنْ ضعفاؤهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك

فذكر الحديث. والحديث في حديث سويد.

2618 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا أصبغ بن زيدٍ الجهنى،

2618 - ضعيف: أخرجه النسائي في "الكبرى"[11326]، والطبرى في "تفسيره"[8/ 413]، وفى "تاريخه"[1/ 234]، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 5760]، وبحشل في "تاريخ واسط"[ص 79/ طبعة عالم الكتب]- ولم يسقه - والطحاوى في "المشكل"[1/ 34]- وعنده مختصرًا ببعضه - وابن عدى في "الكامل"[1/ 409]- ولم يسقه - =

ص: 323

حدثنا القاسم بن أبى أيوب، حدثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، في قول الله تعالى:{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] سألته عن الفتون ما هو؟ قال: استأنف النهار يا بن جبير فإن لها حديثًا طويلا، فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباسٍ لأنتجز منه ما وعدنى من حديث الفتون، فقال: تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم من أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكًا، فقال بعضهم: إن بنى إسرائيل لينتظرون ذلك ما يشكون فيه، وقد كانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب، فلما هلك، قالوا: ليس كذلك، إن الله عز وجل وعد إبراهيم، قال فرعون: فكيف ترونه؟ فأتمروا، وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالًا معهم الشفار يطوفون في بنى إسرائيل، فلا يجدون مولودًا ذكرًا إلا ذبحوه، ففعلوا ذلك، فلما

= وابن أبى عمر في "مسنده"، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم في "تفاسيرهم" كما في "الدرر المنثور"[5/ 569]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد الجهنى عن القاسم بن أبى أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

مطولًا

وهو عند الطحاوى ببعضه مختصرًا.

قلتُ: قد توبع يزيد بن هارون عليه: تابعه جماعة عند بحشل في "تاريخه"[ص 79].

قال البوصيرى في "الإتحاف": "هذا إسناد صحيح، القاسم بن أبى أيوب وثقه ابن سعد وأبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات" وأصبغ بن زيد وثقه أحمد وابن معين والنسائى، وباقى رجال الإسناد على شرط الشيخين".

وقال الهيثمى في "المجمع"[7/ 152]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال "الصحيح" غير أصبغ بن زيد، والقاسم بن أبى أيوب وهما ثقتان) وقوَّى سنده الحافظ في "الأربعين المتباينة السماع" [ص 100]، ومداره على أصبغ بن زيد الجهنى، وقد وثقه جماعة؛ لكن ضعفه ابن سعد في "الطبقات" [7/ 312]، وقال ابن حبان في "المجروحين" [1/ 174]: "يخطئ كثيرًا؛ لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد".

وقال أبو زرعة: "شيخ" فالصواب بشأنه هو ما قاله الحافظ في "التقريب": "صدوق يغرب" وإن شئت قلتُ: "صدوق يخطئ" أو "صدوق له أوهام" فحديثه من قبيل الحسن أو فوقه قليلًا؛ لكن أورده ابن عدى في "الكامل"[1/ 409]، وساق له ثلاثة أحاديث ثم قال: "وهذه الأحاديث لأصبغ غير محفوظة؛ يرويها عنه يزيد بن هارون

" ثم ذكر أن يزيد بن هارون قد روى عنه أيضًا هذا الحديث بطوله

وساق ابن عدى سنده إليه من طريق المؤلف به

=

ص: 324

رأوا أن الكبار من بنى إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون، قالوا: يوشك أن تفنوا بنى إسرائيل، فتصيرون إلى أن تباشروا من الأعمال التى كانوا يكفونكم، فاقتلوا عامًا كل مولودٍ ذكرٍ، فيقل نباتهم، ودعوا عامًا فلا يقتل منهم أحدٌ، فينشأ الصغار مكان من يموت من الكبار، فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم، فتخافوا مكاثرتهم إياكم، ولن يفنوا بمن تقتلون، فتحتاجون إلى ذلك، فأجمعوا أمرهم على ذلك، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان، فولدته علانيةً آمنةً، فلما كان من قابلٍ حملت بموسى، فوقع في قلبها الهم والحزن، وذلك من الفتون يا بن جبيرٍ، ما دخل منه في قلب أمه مما يراد به، فأوحى الله تبارك وتعالى إليها:{وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)} [القصص: 7] وأمرها إذا ولدت أن تجعله في تابوتٍ، ثم تلقيه في اليم، فلما ولدت فعلت ذلك به، فلما توارى عنها ابنها، أتاها الشيطان، فقالت في نفسها: ما صنعت بابنٍ، لو ذبح عندى فواريته وكفنته كان أحب إليّ من أن ألقيه بيدى إلى زفرات البحر، وحيتان؟! فانتهى الماء به حتى انتهى به فرضة مستقى جوارى امرأة فرعون، فلما رأينه أخذنه، فهممن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهن: إن في هذا

= فالظاهر أن أبا أحمد الجرحانى ينكر عليه هذا الحديث مع إخوته الثلاثة، وكم قلنا غير مرة بكون طريقة ابن عدى في نقد الرجال أقوى من غيرها بكثير، كما كون الأحاديث التى يسوقها في ترجمة بعضهم: هي مظنة للضعف والوهم والنكارة، وقد قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره"[5/ 93/ طبعة دار طيبة]، بعد أن ساق الحديث بطوله: "وهو موقوف من كلام ابن عباس؛ وليس فيه مرفوع إلا القليل منه، وكأنه تلقَّاه ابن عباس - رضى الله عنه - مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره، واللَّه أعلم

وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزى يقول ذلك وقال في "البداية"[1/ 307]، بعد أن ساقه أيضًا:"والأشبه - واللَّه أعلم - أنه موقوف، وكونه مرفوعًا فيه نظر؛ وغالبه متلقى من الإسرائيليات، وفيه شئ يسير مصرح برفعه في أثناء الكلام، وفى بعض ما فيه نظر ونكارة؛ والأغلب أنه من كلام كعب الأحبار، وقد سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزى يقول ذلك".

قلتُ: وهذا عندى غير بعيد، ولعله من قول سعيد بن جبير موقوفًا عليه، والوهم فيه من أصبغ بن زيد كما مضى الإشارة إليه.

ص: 325

مالا، وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه، فحملنه بهيئته لم يحركن منها شيئًا حتى دفعنه إليها، فلما فتحته رأت فيه غلامًا، فألقى عليه منها محبةٌ لم تجد مثلها على أحدٍ من البشر قط، فأصبح فؤاد أم موسى فارغًا من ذكر كل شئٍ إلا من ذكر موسى، فلما سمع الذباحون بأمره، أقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون ليذبحوه، وذلك من الفتون يا بن جبيرٍ، فقالت لهم: اتركوه، فإن هذا الواحد لا يزيد في بنى إسرائيل، حتى آتى فرعون فأستوهبه منه، فإن وهبه لى كنتم قد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه لم ألمكم، فأتت به فرعون، فقالت: قرة عين لى ولك، قال فرعون: يكون لك، فأما لى فلا حاجة لى في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِى أَحْلِفُ بِهِ، لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ، لَهَدَاهُ اللَّهُ بِهِ كَمَا هَدَى امْرَأَتَهُ، وَلَكِنْ حَرَمَهُ ذَلِكَ"، فأرسلت إلى من حولها من كل امرأةٍ لها لبنٌ لتختار له ظئرًا، فجعل كلما أخذته امرأةٌ منهن لترضعه، لم يقبل ثديها حتى أشفقت عليه امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت، فأحزنها ذلك، فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئرًا يأخذ منها، فلم يقبل، فأصبحت أم موسى والهةً، فقالت لأخته: قصيه: قصى أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا؟ أحيٌ ابنى أم قد أكلته الدواب؟ ونسيت ما كان الله وعدها فيه، فبصرت به أخته عن جنبٍ وهم لا يشعرون، والجنب: أن يسمو بصر الإنسان إلى الشئ البعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به، فقالت من الفرح حين أعياهم الظؤار: أنا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فأخذوها فقالوا: ما يدريك ما نصحهم له؟ هل تعرفونه؟ حتى شكوا في ذلك وذلك من الفتون يا بن جبيرٍ، فقالت: نصيحتهم له، وشفقتهم عليه رغبةً في صهر الملك، ورجاء منفعته، فأرسلوها، فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر، فجاءت أمه، فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريّا، وانطلق البشير إلى امرأة فرعون يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئرًا، فأرسلت إليها، فأتت بها وبه، فلما رأت ما يصنع بها، قالت لها: امكثى عندى ترضعين ابنى هذا، فإنى لم أحب حبه شيئًا قط، فقالت أم موسى: لا أستطيع أن أدع بيتى وولدى فنضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه، فأذهب به إلى بيتى، فيكون معى لا آلوه خيرًا، وإلا فإنى غير تاركةٍ بيتى وولدى، وذكرت أم موسى ما كان الله عز وجل وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون، وأيقنت أن الله منجزٌ وعده، فرجعت إلى بيتها بابنها، [فأصبح أهل] القرية مجتمعين يمتنعون من السخرة والظلم ما

ص: 326

كان فيهم، قال: فلما ترعرع، قالت امرأة فرعون لأم موسى:[أريد] أن ترينى ابنى، فوعدتها يومًا تريها إياه، فقالت امرأة فرعون لخزانها، وقهارمتها، وظؤورتها: لا يبقين أحدٌ منكم إلا استقبل ابنى اليوم بهديةٍ وكرامةٍ لأرى ذلك فيه، وأنا باعثةٌ أمينًا يحصى كل ما يصنع كل إنسان منكم، فلم تزل الهدايا، والكرامة، والنِّحل تستقبله من حين خرج من بيتا أمه إلى أن أدخل على امرأة فرعون، فلما دخل عليها بجّلته، وأكرمته، وفرحت به، وأعجبها، وبجّلت أمه بحسن أثرها عليه، ثم قالت: لآتين به فرعون فليبجلنه، وليكرمنه، فلما دخلت به عليه جعلته في حجره، فتناول موسى لحية فرعون، فمدها إلى الأرض، فقال الغواة أعداء الله لفرعون: ألا ترى إلى ما وعد الله إبراهيم نبيه أنه يربُّك، ويعلوك، ويصرعك؟! فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه، وذلك من الفتون يا بن جبيرٍ بعد كل بلاءٍ ابتلى، وأربك به فتونًا! فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون، فقالت: ما بدا لك في هذا الغلام الذي وهبته لى؟! قال: ترينه يزعم أنه يصرعنى ويعلونى، قالت: اجعل بينى وبينك أمرًا تعرف الحق فيه: ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين، علمت أن أحدًا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل، فقرب ذلك، فتناول الجمرتين، فانتزعوهما من يده مخافة أن تحرقاه، فقالت المرأة: ألا ترى؟! فصرفه الله عنه بعدما كان قد هم به، وكان الله عز وجل بالغًا فيه أمره، فلما بلغ أشده وكان من الرجال، لم ركن أحدٌ من آل فرعون يَخْلُصُ إلى أحد من بنى إسرائيل معه بظلمٍ، ولا سُخرة حتى امتنعوا كل الامتناع، فبينما موسى في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعونىٌ والآخر إسرائيلى، فاستغاثه الإسرائيلى على الفرعونى، فغضب موسى غضبًا شديدًا لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بنى إسرائيل، وحفظه لهم، لا يعلم الناس أنما ذلك من الرضاع، إلا أم موسى، إلا أن يكون الله أطلع موسى من ذلك على ما لم يُطلع عليه غيره، فوكز موسى الفرعونى فقتله، وليس يراهما أحدٌ إلا الله والإسرائيلى، فقال موسى حين قتل الرجل:{قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15)} [القصص: 15] ثم قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)} [القصص: 16]، وأصبح في المدينة خائفًا يترقب الأخبار، فأتى فرعون، فقيل له: إن بنى

ص: 327

إسرائيل قتلوا رجلًا من آل فرعون، فخذ لنا حقنا، ولا ترخص لهم، فقال: ابغونى قاتله ومن يشهد عليه، فإن الملك وإن كان صَفْوُهُ مع قومٍ لا يستقيم له أن يقيد بغير بينة ولا ثَبْتٍ، فاطلبوا لى علم ذلك آخذ لكم بحقكم، فبينما هم يطوفون لا يجدون ثبتًا، إذًا موسى قد رأى من الغد ذلك الإسرائيلى يقاتل رجلًا من آل فرعون آخر، فاستغاثه الإسرائيلى على الفرعونى، فصادف موسى قد ندم على ما كان منه، فكره الذي رأى لغضب الإسرائيلى، وهو يريد أن يبطش بالفرعونى، فقال للإسرائيلى لما فعل أمس واليوم:{إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)} [القصص: 18]، فنظر الإسرائيلى إلى موسى حين قال له ما قال، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس، فخاف أن يكون إياه أراد وما أراد الفرعونى، ولم يكن أراده إنما أراد الفرعونى، فخاف الإسرائيلى، فحاجز الفرعونى، {قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} [القصص: 19]، وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله، وتنازعا وتطاوعا، وانطلق الفرعونى إلى قومه فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلى من الخبر حين يقول:{أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} ، فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى، فأَخذ رسل فرعون الطريق الأعظم يمشون على هيئتهم يطلبون لموسى، وهم لا يخافون أن يفوتهم، إذ جاء رجلٌ من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر طريقًا قريبًا حتى يسبقهم إلى موسى فأخبره الخبر، وذلك من الفتون يا بن جبيرٍ، فخرج موسى متوجهًا نحو مدين لم يلق بلاءً قبل ذلك، وليس له بالطريق علمٌ إلا حسن ظنه بربه عز وجل، فإنه قال:{عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 22، 23] يعنى بذلك: حابستين غنمهما، فقال لهما: ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان مع الناس؟! قالتا: ليس لنا قوةٌ نزاحم القوم، وإنما ننتظر فضول حياضهم، فسقى لهما، فجعل يغرف في الدلو ماءً كثيرًا حتى كان أول الرعاء فراغًا، فانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما، وانصرف موسى فاستظل بشجرةٍ، {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} [القصص: 24]، فاستنكر أبوهما سرعة صدورهما

ص: 328

بغنمهما حفلا بطانًا، فقال: إن لكما اليوم لشأنًا، فأخبرتاه بما صنع موسى، فأمر إحداهما تدعوه له، فأتت موسى فدعته، فلما كلمه قال:{لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)} [القصص: 25]، ليس لفرعون، ولا لقومه علينا سلطانٌ، ولسنا في مملكته، قال،:{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص: 26]، فاحتملته الغيرة على أن قال: وما يدريك ما قوته، وما أمانته؟ قالت: أما قوته، فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا، لم أر رجلًا أقوى في ذلك السقى منه، وأما أمانته، فإنه نظر إلى حين أقبلت إليه وشخصتُ له، فلما علم أنى امرأةٌ صوب، رأسه ولم يرفعه، ولم ينظر إلى حتى بلغته رسالتك، ثم قال: امشى خلفى، وانعتى لى الطريق، فلم يفعل، هذا الأمر إلا وهو أمينٌ، فَسُرِّىَ عن أبيها فصدقها وظن به الذي قالت، فقال له: هل لك {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)} [القصص: 27]، ففعل، فكانت على نبى الله موسى صلى الله عليه وسلم ثمان سنين واجبةً، وكانت سنتان عدةً منه، فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرًا.

قال سعيدٌ: فلقينى رجلٌ من أهل النصرانية من علمائهم، فقال: هل تدرى أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا - وأنا يومئذٍ لا أدرى - فلقيت ابن عباسٍ فذكرت ذلك له، فقال: أما علمت أن ثمانيًا كان على موسى واجبةً ولم يكن نبى الله لينقص منها شيئًا، ويعلم أن الله قاضٍ عن موسى عدته التى وعد، فإنه قضى عشر سنين، فلقيت، النصرانى فأخبرته ذلك، فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك؟ قال: قلت: أجل، وأولى.

فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار، والعصا، ويده ما قص الله عليك في القرآن، فشكا إلى ربه تبارك وتعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتل، وعقد لسانه، فإنه كان في لسانه عقدةٌ تمنعه من كثيرٍ من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءًا، ويتكلم عنه بكثيرٍ مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله سؤله وحل عقدةً من لسانه، فأوحى الله إلى هارون، وأمره أن يلقاه، فاندفع موسى بعصاه حتى لقى هارون، فانطلقا جميعًا إلى فرءون، فأقاما على بابه حينًا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجابٍ شديدٍ، فقالا:

ص: 329

{إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} [طه: 47]، {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (49)} [طه: 49]، فأخبره بالذى قص الله عليك في القرآن، قال: فما تريد؟ وذكّره القتيل، فاعتذر بما قد سمعت، وقال: إنى أريد أن تؤمن باللَّه وترسل معى بنى إسرائيل، فأبى عليه ذلك، وقال: ائت بآيةٍ إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه فإذا هي حيةٌ عظيمةٌ فاغرةٌ فاها، مسرعةٌ إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدةً إليه خافها، فاقتحم عن سريره، واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل، ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوءٍ، يعنى من غير برص، ثم ردها فعادت إلى لونها الأول، فاستشار الملأ حوله فيما رأى، فقالوا له:{قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)} [طه: 63] يعنى ملكهم الذي هم فيه والعيش، فأبوا أن يعطوه شيئًا مما طلب، وقالوا له: اجمع لنا السحرة، فإنهم بأرضك كثيرٌ حتى يغلب سحرهم سحرهما، فأرسل في المدينة، فحُشر له كل ساحر متعالم، فلما أتوا فرعون، قالوا: بم يعمل هذا الساحر؟ قالوا: يعمل بالحيات، قالوا: فلا واللَّه ما أحدٌ في الأرض يعمل السحر بالحيات والعصى الذي نعمل، فما أجرنا إن نحن غلبنا؟ فقال لهم: إنكم أقاربى وخاصتى، فأنا صانعٌ إليكم كل ما أحببتم، فتواعدوا يوم الزينة {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59].

قال سعيدٌ: حدثنى ابن عباسٍ أن يوم الزينة اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة، وهو يوم عاشوراء، فلما اجتمعوا في صعيدٍ، قال الناس بعضهم لبعضٍ: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر ({لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40)} [الشعراء: 40]، يعنون موسى وهارون، استهزاءً بهما، فقالوا: يا موسى - لقدرتهم بسحرهم -: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)} [الأعراف: 115]، قال بل ألقوا، {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44)} [الشعراء: 44]، فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفةً، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه:{أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [الأعراف: 117]، فلما ألقاها صارت ثعبانًا عظيمًا فاغرةً فاها، فجعلت العصيّ بدعوة موسى تلبس بالحبال حتى صارت جرزًا

ص: 330

إلى الثعبان تدخل فيه، حتى ما أبقت عصًا ولا حبلًا إلا ابتلعته، فلما عرف السحرة ذلك قالوا: لو كان هذا سحرًا لم يبلغ من سحرنا هذا، ولكنه أمرٌ من أمر الله تبارك وتعالى، آمنا بالله وبما جاء به موسى، ونتوب إلى الله عز وجل مما كنا عليه، وكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه، وأظهر الحق {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)} [الأعراف: 118، 119]، وامرأة فرعون بارزةٌ متبذلةٌ تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون، فمن رآها من آل فرعون ظن أنها ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه، وإنما كان حزنها وهمها لموسى.

فلما طال مكث موسى لمواعيد فرعون الكاذبة، كلما جاءه بآيةٍ وعده عندها أن يرسل بنى إسرائيل، فإذا مضت أخلف مواعيده، وقال: هل يستطيع ربك [أن] يصنع غير هذا؟ فأرسل الله عليه وعلى قومه الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم آياتٍ مفصلاتٍ، كل ذلك يشكو إلى موسى، ويطلب إليه أن يكفها عنه، ويوافقه أن يرسل معه بنى إسرائيل، فإذا كف ذلك عنه أخلف موعده ونكث عهده، حتى أمر بالخروج بقومه، فخرج بهم ليلًا، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا، أرسل في المدائن حاشرين، يتبعهم بجنودٍ عظيمة كثيرةٍ، فأوحى الله إلى البحر أن إذا ضربك عبدى موسى بعصاه، فانفرق اثنى عشر فرقًا حتى يجوز موسى ومن معه، ثم التق على من بقى بعده من فرعون وأشياعه، فنسى موسى أن يضرب البحر بالعصا، فانتهى إلى البحر وله قصيفٌ مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافلٌ، فيصير عاصبًا.

فلما تراءى الجمعان وتقاربا، قال قوم موسى:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)}

[الشعراء: 61]، افعل ما أمرك ربك، فإنك لن تُكذب ولن تَكذب، فقال: وعدنى إذا أتيت، البحر أن يفرق لى اثنى عشر فرقًا حتى أجاوزه، ثم ذكر بعد ذلك العصا، فضرب البحر بعصاه، فانفرق له حين دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى، فالفرق البحر كما أمره ربه، وكما وعد موسى، فلما أن جاوز موسى وأصحابه كلهم، ودخل فرعون وأصحابه، التقى عليهم كما أمر الله.

فلما أن جاوز موسى البحر، قالوا: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، فلا نؤمن بهلاكه، فدعا ربه، فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه.

ص: 331

ثم مروا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم {قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)} [الأعراف: 138، 139]، قد رأيتم من العبر، وسمعتم ما يكفيكم، ومضى فأنزلهم موسى منزلًا، ثم قال لهم: أطيعوا هارون، فإنى قد استخلفته عليكم، وإنى ذاهبٌ إلى ربى، وأجّلهم ثلاثين يومًا أن يرجع إليهم.

فلما أتى ربه أراد أن يكلمه في ثلاثين وقد صامهن: ليلهن ونهارهن، كره أن يكلم ربه ويخرج من فمه ريح فم الصائم، فتناول موسى شيئًا من نبات الأرض فمضغه، فقال له ربه حين أتاه: أفطرت؟ وهو أعلم بالذى كان، قال: رب كرهت أن أكلمك إلا وفمى طيب الريح، قال: أوما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندى من ريح المسك؟! ارجع حتى تصوم عشرًا، ثم ائتنى، ففعل موسى ما أمر به.

فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم للأجل، قال: ساءهم ذلك، وكان هارون قد خطبهم، فقال: إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عوارٍ وودائع، ولكم فيها مثل ذلك، وأنا أرى أن تحتسبوا ما لكم عندهم، ولا أحل لكم وديعة ولا عاريةً، ولسنا برادين إليهم شيئًا من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا، فحفر حفيرًا، وأمر كل قومٍ عندهم شئٌ من ذلك من متاعٍ أو حليةٍ أن يقذفوه في ذلك الحفير، ثم أوقد عليه النار فأحرقه، فقال: لا يكون لنا ولا لهم.

وكان السامرى رجلًا من قومٍ يعبدون البقر، جيران لهم ولم يكن من بنى إسرائيل، فاحتمل مع موسى وبنى إسرائيل حين احتملوا، فقضى له أن رأى أثرًا، فأخذ منه قبضةً، فمر بهارون، فقال له هارون: يا سامرى، ألا تلقى ما في يدك؟ وهو قابضٌ عليه لا يراه أحدٌ طوال ذلك، قال: هذه قبضةٌ من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر، فلا ألقيها بشئٍ، إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد، فألقاها، ودعا له هارون، وقال: أريد أن أكون عجلا، فاجتمع ما كان في الحفرة من متاعٍ، أو حليةٍ، أو نحاسٍ، أو حديدٍ، فصار عجلا أجوف ليس فيه روحٌ، له خوارٌ.

قال ابن عباسٍ: لا واللَّه ما كان له صوتٌ قط، إنما كانت الريح تدخل من دبره

ص: 332

وتخرج من فيه، وكان ذلك الصوت من ذلك، فتفرق بنو إسرائيل فرقًا: فقالت فرقةٌ: يا سامرى، ما هذا، فأنت أعلم به؛ قال: هذا ربكم، ولكن موسى أضل الطريق.

وقالت فرقةٌ: لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى، فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حين رأيناه، وإن لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى.

وقالت فرقةٌ: هذا عمل الشيطان، وليس بربنا، ولا نؤمن به، ولا نصدق.

أشرب فرقةٌ في قلوبهم التصديق بما قال السامرى في العجل، وأعلنوا التكذيب به.

فقال لهم هارون: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} [طه: 90] ليس هكذا.

قالوا: فما بال موسى وعدنا ثلاثين يومًا، "ثم أخلفنا؟! هذه أربعون قد ماضت، فقال سفاؤهم: أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه.

فلما كلم الله موسى، وقال له ما قال، أخبره بما لقى قومه من بعده، {رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف: 150]، فقال لهم ما سمعتم في القرآن:{وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150]، وألقى الألواح، ثم إنه عذر أخاه، واستغفر له، وانصرف إلى السامرى، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: قبضت قبضةً من أثر الرسول وفطنت لها، وعميت عليكم فقذفتها {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)} [طه: 96، 97] ولو كان إلهًا لم تخلص إلى ذلك منه، فاستيقن بنو إسرائيل، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأى هارون.

وقالوا جماعتهم لموسى: سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبةٍ نصنعها فتكفر ما عملنا، فاختار قومه سبعين رجلًا لذلك لإتيان الجبل ممن لم يشرك في العجل، فانطلق بهم ليسأل لهم التوبة، فرجفت بهم الأرض، فاستحيا نبى الله من قومه ووفده حين فُعل بهم ما فُعل، فقال:{رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155]، وفيهم من كان الله اطلع على ما أشرب من حب العجل إيمانًا به،

ص: 333

فلذلك رجفت بهم الأرض، فقال:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 156، 157].

فقال: رب سألتك التوبة لقومى، فقلت: إن رحمتك كتبتها لقومٍ غير قومى، فليتك أخرتنى حتى تخرجنى حيّا في أمة ذلك الرجل المرحومة، فقال الله عز وجل له: إن توبتهم أن يقتل كل رجلٍ منهم كل من لقى من والدٍ وولدٍ، فيقتله بالسيف لا يبالى من قتل في ذلك الموطن، ويأتى أولئك الذين خفى على موسى وهارون ما اطلع الله عليه من ذنوبهم، واعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا به، فغفر الله للقاتل والمقتول، ثم سار بهم موسى متوجهًا نحو الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب، فأمرهم بالذى أمر به أن يبلغهم من الوظائف، فثقل ذلك عليهم وأبوا أن يقروا بها، فنتق الله عليهم الجبل كأنه ظلةٌ، ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون إلى الجبل والأرض، والكتاب بأيديهم وهم ينظرون إلى الجبل مخافة أن يقع عليهم، ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة، فوجدوا فيها مدينةً فيها قوم جبارون، خلْقهم خلقٌ منكرٌ، وذكروا من ثمارهم أمرًا عجيبًا من عظمها، فقالوا:{يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} ، لا طاقة لنا بهم، ولا ندخلها ما داموا فيها، {فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)} [المائدة: 22]، {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [المائدة: 23] من الجبارين: آمنا بموسى، فخرجا إليه، فقالا: نحن أعلم بقومنا، إن كنتم إنما تخافون مما ترون من أجسامهم وعدتهم، فإنهم لا قلوب لهم، ولا منعة عندهم، فادخلوا عليهم الباب، {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة: 23].

ويقول ناسٌ: إنهما من قوم موسى، وزعم عن سعيد بن جبيرٍ أنهما من الجبابرة آمنا بموسى، يقول:{مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} إنما عنى بذلك الذين يخافهم بنو إسرائيل {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا

ص: 334

قَاعِدُونَ (24)} [المائدة: 24]، فأغضبوا موسى، فدعا عليهم وسماهم فاسقين، ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم، حتى كان يومئذٍ، فاستحاب الله له فسماهم كما سماهم موسى: فاسقين، وحرمها عليهم أربعين سنةً يتيهون في الأرض، يصبحون كل يومٍ فيسيرون ليس لهم قرارٌ، ثم ظلل عليهم الغمام في التيه، وأنزل عليهم المن والسلوى، وجعل لهم ثيابًا لا تبلى ولا تتسخ، وجعل بين ظهورهم حجرًا مربعًا، وأمر موسى فضربه بعصاه {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60]، في كل ناحيةٍ ثلاثة أعينٍ، وأعلم كل سبط عينهم التى يشربون منها لا يرتحلون من منقلةٍ، إلا وجد ذلك الحجر فيهم بالمكان الذي [كان فيه] بالأمس.

رفع ابن عباسٍ هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصدَّق ذلك عندى، أن معاوية، سمع ابن عباس، حدَّث هذا الحديث فأنكره عليه، أن يكون الفرعونى هذا الذي أفشى على موسى أمرًا لقتيل الذي قتل، قال: فكيف يفشى عليه ولم يكن عَلِمَ به ولا ظهر عليه إلا الإسرائيلى الذي حضر ذلك وشهده؟! فغضب ابن عباس، وأخذَ بيد معاوية فذهب به إلى سعد بن مالكٍ الزهرى، فقال: يا أبا إسحاق، هل تذكر يوم حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتيل موسى الذي قتله من آل فرعون، الإسرائيلى أفشى عليه أم الفرعونى؟ فقال: إنما أهب عليه الفرعونى بما سمع من الإسرائيلى الذي شهد ذلك وحضره.

2619 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشر بن الوليد: أخبركم أبو يوسف، عن محمد بن عبيد الله، عن عطاءٍ، عن أبى هريرة، قال: نهانى خليلى عن ثلاثٍ، وأمرنى بثلاثٍ: نهانى أن أنقر نقر الديك، وأن ألتفت التفات الثعلب، أو أقعى إقعاء السَّبُعِ، وأمرنى بالوتر قبل النوم، وصوم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، وصلاة الضحى.

2619 - ضعيف بهذا التمام: وهذا إسناد تالف، ومحمد بن عبيد الله هو العرزمى الذي تركه النقاد بخط عريض، راجع ترجمته في "التهذيب" وذيوله؛ وعطاء هو ابن أبى رباح الإمام الحجة؛ وباقى رجاله مقبولون.

وللحديث طرق أخرى عن أبى هريرة به

ولا يصح منها شئ قط، منها طريق شريك القاضى عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن أبى هريرة به

نحوه مع تقديم وتأخير عند

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد [2/ 311]، وحسنه المنذرى في "الترغيب"[1/ 208]، فقال:"وإسناد أحمد حسن" وتابعه الهيثمى على ذلك في "المجمع".

وهذا تساهل منهما أو تسامح، وشريك سيئ الحفظ مشهور بذلك، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه هدبة بن المنهال على نحوه مع تقديم وتأخير عند ابن الشجرى في "أماليه"[ص 219]، بإسناد قوى إليه، لكنه قال:"ونهانى من أن أقعى إقعاء القرد" بدل: (إقعاء السبع) وهدبة شيخ صدوق.

وقد خولف هو وشريك في سنده، خالفهما محمد بن فضيل - الثقة المشهور - فرواه عن يزيد بن أبى زياد أنه قال: (حدثنى من سمع أبا هريرة يقول

) وذكره نحو سياق هدبة بن المنهال الماضى، فأسقط منه ذكر (مجاهد).

هكذا أخرجه أحمد [2/ 265]، وقد توبع عليه ابن فضيل: تابعه أبو عوانة عند الطيالسى [2593]، ومدار الطريقين على يزيد بن أبى زياد القرشى الكوفى ذلك الضعيف المشهور، وكان قد تغير لما كبر وشاخ حتى صار يتلقن، فالظاهر أنه قد اضطرب في إسناد كعادته.

لكنه قد توبع على الوجه الأول عن مجاهد: تابعه الليث بن أبى سليم على نحو سياق المؤلف مع تقديم وتأيخر عند البيهقى في "سننه"[2574]، بإسناد صحيح إليه؛ وعنده:(وأقعى إقعاء القرد) بدل: (إقعاء السبع) وكذا أخرجه ابن أبى شيبة [2932]، والحربى في "غريب الحديث"[1/ 55]، من طريق الليث به

ولكن مختصرًا بجملة النهى عن الإقعاء مثل إقعاء القرد فقط.

لكن الليث ضعيف مختلط هو الآخر، وقد اضطرب فيه أيضًا، فعاد مرة أخرى ورواه عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن أبى هريرة به نحو سياق المؤلف مع التقديم والتأخير وزاد في أوله:(أوصانى خليلى وصفيى) وقال فيه: (وأنقر نقر الغراب) بدل: (نقر الديك) هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[5/ رقم 5275]، بإسناد قوى إليه، وهذان لونان من الاضطراب في سنده. ولون ثالث، فرواه عنه عبد الرحمن بن سليمان بن أبى الجون فقال: عن الليث عن مجاهد وشهر بن حوشب عن أبى هريرة به، نحو سياق المؤلف مع التقديم والتأخير، وفيه أيضًا:(وأن أقعى إقعاء القرد) بدل: (إقعاء السبع).

هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[6/ 355]، لكن بإسناد مغموز إلى ابن أبى الجون.

والحديث ضعيف بهذا التمام؛ ولأكثره شواهد ثابتة: فللأوامر منه طردا أخرى ثابتة عن أبى =

ص: 336

2620 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن ابن أبى ليلى، والحجاج بن أرطأة، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، فزاد ابن أبى ليلى حرفًا، قال: فجلس جلوسًا خفيفًا.

2621 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشر: أخبركم أبو يوسف، عن الحجاج، عن سماك بن حربٍ، عن جابر بن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوًا من ذلك.

2622 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، حدثنا إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن وأبى الزبير، عن جابر، أن سليكًا الغطفانى جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال:"أَصَلَّيْتَ؟ " قال: لا، قال:"فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزْ فِيهِمَا".

= هريرة به

ويأتى الكلام على بعضها في مسند أبى هريرة [برقم 6226، 6236، 6369].

وأما النواهى: فلا يثبت منها إلا الإقعاء مثل إقعاء الكلب فقط، أما نقر الديك والتفات الثعلب فله شواهد كلها تالفة الأسانيد، ويأتى منها حديث أنس [برقم 3624].

2620 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2490].

2621 -

صحيح: يأتى الكلام عليه في مسند جابر [برقم 7441].

2622 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[7/ رقم 6708]، من طريق إسماعيل بن مسلم بإسناده به

لكن دون ذكر (أبى الزبير) فيه.

قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، وإسماعيل هذا فقيه ضعيف مشهور، لكن تابعه جماعة عن الحسن به

ورواه جماعة آخرون عن الحسن فأرسلوه، وسواء كان الراجح هذا أو ذاك. فإن الحسن البصرى لم يسمع من جابر بن عبد الله كما قاله ابن المدينى وغيره، راجع "جامع التحصيل"[ص 163].

لكن للحديث طرق أخرى ثابتة عن جابر بن عبد الله به

وقد مضى الكلام على بعضها في مسنده [برقم 1830، 1946، 1969، 1970، 2117، 2186].

ص: 337

2623 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن ابن أبى ليلى، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ لأَنَّهُ وَاحِدٌ".

26 - صحيح: دون قوله: (لأنه واحد) وهذا إسناد ضعيف معلول، ابن أبى ليلى هو محمد بن عبد الرحمن الإمام الفقيه المشهور بسوء حفظه، وقد اضطرب فيه، فعاد ورواه عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدري به

نحو سياق المؤلف.

هكذا أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 83]، لكن الإسناد إليه لا يثبت، فقد رواه أبو نعيم من طريق محمد بن إبراهيم بن زياد عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن ابن أبى ليلى به.

قلتُ: وابن زياد هذا تركه الدارقطنى، كما في "تاريخ بغداد"[1/ 405]، و"اللسان"[5/ 22]، وشيخه ثقة معروف؛ وقد خولف فيه ابن زياد، خالفه حجاج بن إبراهيم الأزرق - الثقة المعروف - فرواه عن عيسى بن يونس فقال: عن الأعمش عن عطية العوفى عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به مثله

دون (لأنه واحد).

هكذا أخرجه تمام في "فوائده"[2/ رقم 1502]، بإسناد صحيح إلى حجاج به

وهذا هو المحفوظ عن عيسى بن يونس؛ لكنه خولف فيه أيضًا، خالفه محمد بن عبيد الطنافسى، فرواه عن الأعمش فقال: عن عطية العوفى عن ابن عمر به

دون الجملة الماضية أيضًا، هكذا أخرجه أحمد [2/ 155]، فأسقط منه (سعيد بن جبير) بين عطية وابن عمر، وعلى هذا الوجه توبع عليه الأعمش: تابعه مسعر عند أبى نعيم في "الحلية"[7/ 254]، بإسناد صحيح إليه به

لكن دون: (إن الله وتر يحب الوتر؛ لأنه واحد).

وكذا أخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 615].

وقد اختلف على مسعر في سنده، ومداره على عطية العوفى وهو كثير الخطأ معروف بذلك؛ فلعله اضطرب في سنده كما عهدناه عليه في مواضع، وقد رواه عنه عبيد الله بن الوليد الوصافى فقال: عن عطية عن أبى سعيد به نحوه دون قوله: (إن الله وتر

إلخ) فعنده: (إن الله واحد يحب الواحد).

هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 5636]، وقال:"لم يرو هذا الحديث عن عطية عن أبى سعيد إلا الوصافى، ولا يروى عن أبى سعيد إلا بهذا الإسناد". =

ص: 338

2624 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف عن أبى إسحاق الشيبانى، عن حبيب بن أبى ثابتٍ، عن ابن عمر، بنحوٍ من ذلك،

= قلتُ: والوصافى ضعيف عندهم، بل تركه جماعة، راجع "التهذيب"[7/ 55].

وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر به نحوه دون قوله (إنَّ الله وتر يحب الوتر؛ لأنه واحد) وسيأتى جملة من تلك الطرق في مسند ابن عمر [برقم 5431، 5494، 5618، 5620، 5635، 5770، 5809].

وجملة (إن الله وتر يحب الوتر) ثابتة عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث على [برقم 585]، وحديث أبى سعيد [برقم 1280]، ويأتى حديث ابن مسعود [برقم 4987، 5270]، وحديث أبى هريرة [برقم 6277]، ولم أجد شاهدًا ثابتًا لجملة:(لأنه واحد) بهذا اللفظ.

2624 -

صحيح: هذا إسناد ضعيف معلول، وحبيب بن أبى ثابت مع كونه يدلس كما أقر على نفسه بذلك، فهو لم يسمع من أحد من الصحابة سوى ابن عباس وعائشة وحدهما كما قاله ابن المدينى، راجع "جامع التحصيل"[ص 158].

وباقى رجاله مقبولون معرفون؛ فشيخ المؤلف: هو بشر بن الوليد الكندى الفقيه المشهور؛ وكان قد خرف بأخرة كما قاله صالح جزرة، وأبو يوسف هو يعقوب بن إبراهيم صاحب أبى حنيفة الإمام الفقيه الصدوق الصالح؛ عابوا عليه الرأى كما عابوه على شيخه، وقد وثقه، جماعة؛ ولم يسقطه أحد بحجة كما شرحناه في "المحارب الكفيل".

وأبو إسحاق الشيبانى هو سليمان بن فيروز الإمام المأمون؛ وقد خولف فيه أبو إسحاق:

أ - خالفه سفيان الثورى، فرواه عن حبيب بن أبى ثابت فقال: عن طاوس عن ابن عمر قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى؛ فإذا خفت الصبح فواحدة).

هكذا أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"[4679]، وعنه أحمد [2/ 113]، وتوبع عليه الثورى على هذا الوجه بزيادة طاوس بين حبيب وابن عمر.

2 -

فتابعه منصور بن المعتمر على نحو اللفظ الماضى عند النسائي [1667]، وأحمد [2/ 141]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 278]، وغيرهم.

3 -

وفطر بن خليفة على نحوه عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13461]، بإسناد صحيح إليه. =

ص: 339

2625 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن الحجاج، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أَدْرَكَ رَكعَةً مِنَ الجُمُعَةِ صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى".

= 4 - ومسعر على نحوه أيضًا عند أبى نعيم في "الحلية"[4/ 20]، و [5/ 66]، [7/ 235]، وأبى بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 615]، ومن طريقه الشجرى في "الأمالى"[ص 181]، من طريقين عن محمد بن سابق عن مسعر به.

قلت: وهذا إسناد حسن إلى مسعر؛ وابن سابق صدوق حسن الحديث؛ وقد توبع عليه: تابعه إسحاق الأزرق عن مسعر بإسناده به عند أبى بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 616]، وعنه ابن النجار في ذيل "تاريخ بغداد"[1/ 13]، لكن الإسناد مغموز إلى الأزرق.

وقد قال أبو نعيم عقب روايته في الموضع الثاني: "صحيح مشهور من حديث مسعر عن حبيب" وقال في الموضع الأول: "هذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، ورواه عن طاووس: عمرو بن دينار وسليمان التيمى مثله".

قلت: وكذا رواه سالم وعبد الله بن دينار وثابت بن يزيد وغيرهم عن طاوس مثله

وستأتى رواية سليمان التيمى عند المؤلف [برقم 5620]، وكذا رواية ثابت بن يزيد [برقم 5618].

• تنبيه: المحفوظ في هذا الحديث عن حبيب بن أبى ثابت هو ما رواه الجماعة عنه كما مضى عن طاوس عن ابن عمر به .... ؛ فلعل بشر بن الوليد - شيخ المؤلف - قد وهم في سنده وأسقط منه (طاووسًا) كما عند المؤلف هنا، وقد مضى أن بشرًا كان قد خرف لما كبر وطعن في السن؛ ومن دونه يبعد عليهم ذلك الوهم، ثم بدا لى أن حبيبًا كان يدلس، فالظاهر أنه قد فعلها في سند المؤلف، واللَّه المستعان.

26 -

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 10]، وفى "العلل"[9/ 224]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 228]، من طرق عن الحجاج بن أرطأة عن الزهري، عن ابن المسيب عن أبى هريرة به

قلتُ: وهذا إسناد منكر، وابن أرطأة فقيه ضعيف مضطرب الحديث، وقد تابعه جماعة من الضعفاء والهلكى على هذا الوجه عن الزهرى، وزاد بعضهم:(أبا سلمة بن عبد الرحمن) في سنده مقرونًا مع ابن المسيب، وبعصهم قال:(عن أبى سلمة أو سعيد) هكذا بالشك، وكل ذلك شبه لا شئ، والمحفوظ عن الزهرى هو ما رواه ثقات أصحابه عنه عن أبى سلمة =

ص: 340

2626 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن الحجاج، عن نافعٍ، عن ابن عمر، مثل ذلك.

= عن أبى هريرة مرفوعًا بلفظ: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) كما يأتى عند المؤلف [رقم 5962، 5966، 5967، 5988].

فهذا هو المحفوظ عن الزهرى سندًا ومتنًا؛ نعم قد اختلف بعضهم عليه في متنه وسنده؛ إلا أن الصواب عنه هو الماضى؛ وبذلك جزم جماعة من الأئمة النقاد؛ وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".

نعم: في الباب عن ابن عمر وغيره مثل سياق المؤلف هنا، ولا يصح من ذلك شيء مرفوع كما أوضحناه في المصدر المشار إليه؛ وسيأتى بعض ذلك في الكلام على الحديث الآتى من رواية ابن عمر.

والثابت في هذا الباب هو (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ونحوه؛ وهذا اللفظ يشمل صلاة الجمعة وغيرها؛ فمن زاد فيه (الجمعة) فكأنما رواه بالمعنى كما نص عليه ابن خزيمة وغيره. وراجع "التلخيص"[2/ 40]، والإرواء [3/ 82 - 90]، و"سنن البيهقي"[3/ 202 - 204].

2626 -

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 228]، من طريق عبد الله بن الأجلح عن الحجاج بن أرطأة عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر به مرفوعًا قال: (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى

).

قلتُ: وهذا منكر أيضًا، والظاهر أن الحجاج قد اضطرب في سنده كعادته، فقد مضى روايته هذا الحديث عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة به

،

وقد أخرجه ابن عدى في "الكامل" هذا الطريق للحجاج قبل روايته عن نافع عن ابن عمر، ثم قال:"وهذا لا يرويه الثقات عن الزهرى؛ ولا يذكرون الجمعة، وإنما قالوا: (من أدرك من الصلاة ركعة) وإنما ذكر الجمعة مع الحجاج قوم ضعاف عن الزهرى".

قلتُ: مضى الإشارة إلى هذا في الحديث الماضى؛ لكن الحجاج قد توبع على روايته عن نافع عن ابن عمر به

، تابعه يحيى بن سعيد الأنصارى، واختلف عليه في رفعه ووقفه، فرواه عنه عبد العزيز بن مسلم القسملى مرفوعًا.

أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 13]، والطبرانى في "الأوسط"[4/ رقم 4188]، =

ص: 341

2627 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن عبد الله بن المحرر، عن يحيى بن أبى كثيرٍ، عن أبى سلمة، عن جابرٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يتبع الميت صوتٌ، أو نارٌ.

= وفى "الصغير"[1/ رقم 562]، من طريقين عن عبد العزيز به

ولفظ الطبراني في "الأوسط": (من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك إلا أنه يقضى ما فاته).

وقد توبع عليه عبد العزيز القسملى: تابعه عبد الله بن نمير عند الدارقطنى في "سننه"[2/ 13]، لكن الإسناد إليه لا يصح أصلًا، وعبد العزيز القسملى وإن كان ثقة صالحًا إلا أنه ربما وهم فأفحش، كما يقول ابن حبان في ترجمة فروة بن نوفل من كتابه "الثقات"[3/ 331]، وقد خولف في إسناده، خالفه هشيم بن بشير، فرواه عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر به موفوفًا عليه.

هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [5334]، لكن هشيمًا يدلس وقد عنعنه، إلا أنه توبع على هذا الوجه الموقوف: تابعه جعفر بن عون - الثقة المعروف - عند البيهقى في "سننه"[3/ 203/ رقم 5528]، والحسن بن على بن عفان في "أماليه"[رقم 11]، ولفظهما مثل لفظ رواية عبد العزيز القسملى عند الطبراني في "الأوسط".

وهذا هو المحفوظ عن يحيى بن سعيد موقوفًا، وهكذا رواه أيوب السختيانى وأشعث بن سوار وغيرهما عن نافع عن ابن عمر نحوه موقوفا عليه، ورواية أشعث عند البيهقى في "سننه"[5529]، ورواية أيوب أخرجها أبو بكر الأثرم كما في "التمهيد"[7/ 70]، بإسناد كالشمس إليه.

نعم: للحديث طريق آخر من رواية ابن عمر مرفوعًا عند النسائي [557]، وابن ماجة [1123]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 12]، وجماعة؛ وهو منكر سندًا ومتنًا كما جزم به أبو حاتم الرازى وغيرهم؛ وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار" وراجع "العلل" لابن أبى حاتم [رقم 491، 519، 657]، وعلل الدارقطنى [9/ 216].

2627 -

ضعيف: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[4/ 134]، من طريق المؤلف به.

قلتُ: وهذا إسناد منكر جدًّا، وقال الهيثمى في "المجمع" [3/ 131]:"رواه أبو يعلى وفيه عبد الله بن المحرر، ولم أجد من ذكره) كذا قال الهيثمى، وقد عرفه صاحبه البوصيرى، فقال في "إتحاف الخيرة" [1992]: (رواه أبو يعلى بسند فيه عبد الله بن محرر، وهو ضعيف". =

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: تسامح الشهاب البوصيرى بشأن الرجل، وإلا فهو تالف الحديث، تركه الفلاس وأبو حاتم وابن الجنيد والدارقطنى وغيرهم، وقال البخارى وأبو حاتم أيضًا وغيرهما:"منكر الحديث".

وقد خولف في سنده، خالفه حرب بن شداد - الثقة الثبت - فرواه عن يحيى - وهو ابن أبى كثير - فقال: عن باب بن عمير عن رجل من أهل المدينة عن أبيه عن أبى هريرة به نحوه مرفوعًا وزاد: (ولا يمشى بين يديها).

هكذا أخرجه أبو داود [3171]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[6445]، وأحمد [2/ 528، 531]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[رقم 332]، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"[2/ 900]، وغيرهم.

قال ابن الجوزى: "فيه رجلان مجهولان" وقال عبد الحق الإشبيلى: "وسنده منقطع" وقال ابن القطان الفاسى: "والحديث لا يصح وإن كان متصلًا للجهل بحال ابن عمير راويه عن رجل عن أبيه عن أبى هريرة

"نقله عنهما المناوى في "فيض القدير" [6/ 387]، وقال ابن التركمانى في "الجوهر" [3/ 493]: "في الحديث ثلاثة مجاهيل:

1 -

الراوى عن أبى هريرة.

2 -

وابنه.

3 -

وباب بن عمير".

قلتُ: وباب أحسن الثلاثة حالًا، وقد غفل هؤلاء جميعًا عن علة أخرى في سنده، وهى الاختلاف على يحيى بن أبى كثير فيه، وقد مضى لونان من هذا الاختلاف؛ ولون ثالث، فرواه شيبان النحوى عن يحيى بن أبى كثير فقال: عن رجل عن أبى سعيد به مرفوعًا مع الزيادة الماضية، فنقله إلى (مسند أبى سعيد الخدرى).

هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [11180]، بسند صحيح إلى شيبان، ولون رابع، فرواه هشام الدستوائى فقال: عن يحيى عن رجل عن أبى هريرة به نحوه دون الزيادة، فأعاده هشام مرة أخرى إلى (مسند أبى هريرة).

قال الإمام في "الإرواء"[3/ 194]، بعد أن ذكر هذا الاختلاف:"والحديث ضعيف لاضطرابه وجهالة رواته". =

ص: 343

2628 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن يحيى بن أبى أنيسة، عن زبيد الأيامى، عن أبى عبد الرحمن السلمى، عن عبد الله بن مسعودٍ، قال: شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلوات: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء حشى ذهب ساعةٌ من الليل، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن وأقام، ثم صلى الظهر، ثم أمره، فأذن وأقام فصلى العصر، ثم أمره، فأذن وأقام فصلى المغرب، ثم أمره، فأذن وأقام فصلى العشاء.

= قلتُ: قد رجح الدارقطنى من هذا الاختلاف: طريق حرب بن شداد عن ابن أبى كثير، وقال في "العلل" [11/ 244]:"وقول حرب بن شداد أشبه بالصواب".

قلتُ: ولعل ذلك لما في سنده من الزيادة، فإن صح ما قال؛ فقد عرفت ما فيه، وللحديث شواهد لا يثبت منها شئ البتة، واللَّه المستعان.

26 -

ضعيف بهذا التمام: هذا إسناد مظلم، ويحيى بن أبى أنيسة قد كذبه أخوه زيد بخط عريض، وأسقطه سائر النقاد فسقط في هوة سحيقة.

لكنْ للحديث طريق آخر يرويه هشيم عن أبى الزبير المكى عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أيبه به نحوه دون ذكر الأذان لكل صلاة إلا الظهر فقط: أخرجه الترمذى [179]، والنسائى [662]، وأحمد [1/ 375]، وابن أبى شيبة [4779، 36821]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[1751]، وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 236]، وفى "الاستذكار"[2/ 408]، وابن المنذر في "الأوسط"[1141]، والمؤلف [برقم 5351]، وغيرهم، وقد توبع عليه هشيم: تابعه هشام الدستوائى على نحوه

لكن دون ذكر الأذان فيه البتة، وزاد في آخره:"ثم طاف علينا فقال: ما على الأرض عصابة يذكرون الله عز وجل غيركم".

أخرجه النسائي [622]، و [663]، وأحمد [1/ 423]، والطبرانى في "الكبير"[10/ رقم 10283]، وأبو الشيخ في "ما رواه أبو الزبير عن غير جابر"[رقم 139]، وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 237]، و"الاستذكار"[1/ 87]، وأبو الحسن بن ثرثال في "جزئه"[رقم 46]، وغيرهم.

وكذا أخرجه الطيالسى [333]، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"[4/ 207]، لكنه وقع عنده في الآذان في صلاة الظهر مثل رواية هشيم، وقد ذكر البيهقى في "سننه"[1/ 403]، أن هشامًا =

ص: 344

2629 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشر بن الوليد: أخبركم أبو يوسف، عن إسحاق بن راشدٍ، عن الزهرى، عن عبد الله بن ثعلبة العذرى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال للشهداء يوم أحدٍ:"أَنَا الشَّهِيدُ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحَاتِهِمْ وَدِمَائِهِمْ، وَلا تُغَسِّلُوهُمْ".

= الدستوائى قد اختلف عليه في الآذان، فمنهم من حفظه عنه؛ ومنهم من لم يحفظ، ثم قال البيهقى:"ورواه الأوزاعى عن أبى الزبير فقال: يتابع بعضها بعضًا بإقامة إقامة".

قلتُ: ورواه أيضًا يونس بن يزيد الأيلى عن أبى الزبير نحو رواية هشيم عنه لكن دون ذكر الأذان فيه عند أبى الشيخ فيما رواه أبو الزبير عن غير جابر [ص 140]، لكن الإسناد إليه فيه نظر.

والحديث سنده مستقيم إلا أنه منقطع، قال الترمذى عقب روايته:"حديث عبد الله - يعنى ابن مسعود - ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله" وبهذا أعله النووي في "الخلاصة" كما في "نصب الراية"[2/ 110].

وفى سماع أبى عبيدة من أبيه خلاف معروف؛ والتحقيق هو الانقطاع كما بسطناه في مكان آخر؛ وللحديث شاهد عن أبى سعيد الخدرى به نحو رواية هشيم عن أبى الزبير

مضى [برقم 1296]، وسياق حديث ابن مسعود هنا ضعيف؛ لتفرد يحيى بن أبى أنيسة بسنده؛ وكذا لزيادته الأذان عند كل صلاة؛ والمحفوظ إنما هو الأذان للصلاة الأولى فقط - وهي الظهر - نعم: وجدت لسياق المؤلف شاهدًا من حديث جابر بن عبد الله عند الطبراني في "الأوسط"[2/ 1285]، والبزار في "مسنده" كما في "البداية والنهاية"[4/ 111]، وسنده غير محفوظ.

2629 -

صحيح: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"[رقم 1025]، من طريق بشر بن الوليد عن أبى يوسف عن إسحاق بن راشد عن الزهرى عن عبد الله بن ثعلبة به.

قلتُ: إسحاق بن راشد صدوق صالح؛ لكن غمزه ابن معين في الزهرى، إلا أنه قد توبع عليه: تابعه:

1 -

معمر عن الزهرى عن عبد الله بن ثعلبة بلفظ: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتلى أحد: زملوهم بدمائهم؛ فإنه ليس كَلْمٌ يُكْلَمُ في الله إلا يأتى يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك) أخرجه النسائي [2002، 3148]، وقد اختلف في سنده على معمر.

ص: 345

2630 -

أخبرنا أبو يعلى قال: قرئ على بشر بن الوليد أخبركم أبو يوسف، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية عن عطاء بن أبى رباح، عن ابن عباس أنه قال كتب إليه نجدة يسأله هل للعبد من المغنم سهم؟ وهل كن - النساء - يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومتى يجب للصبى السهم في المغنم؟ وعن سهم ذوى القربى؟ قال: فكتب إليه ابن عباس أنه لا حق للعبد في المغنم ولكن يرضخ له، وكتب أن النساء كن يخرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم يداوين الجرحى وأنه يرضخ لهن، وأنه لا حق للصبى في المغنم حتى يحتلم، وكتب إليه في سهم ذوى القربى أن عمر عرض علينا أن يزوج منه أيمنا ويقضى منه عن مغرمنا فأبينا ذلك عليه إلا أن يسلمه كله، وأبَى ذلك.

2 - وابن عيينة بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على قتلى أحد فقال: إنى أشهد على هؤلاء، زملوهم بكلومهم ودمائهم).

أخرجه أحمد [5/ 431]- واللفظ له - والشافعى [1632]، وسعيد بن منصور [رقم 2583]، والبيهقى في [6191]، وابن عساكر في "تاريخه"[27/ 179]، وابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 229]، والضياء في "المختارة"[رقم 103]، والخطيب في "الكفاية"[2/ 42]، وغيرهم.

وهكذا رواه على هذا الوجه - مع اختلاف يسير في سياقه -: عمرو بن الحارث ومحمد بن إسحاق - واختلف عليه - وابن جريج وعقيل وعبد الرحمن بن إسحاق وشعيب وصالح بن كيسان وأبو أيوب الإفريقى وغيرهم كلهم رووه عن الزهرى عن عبد الله بن ثعلبة به

؛ وعبد الله بن ثعلبة مختلف في صحبته.

وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على الزهرى على ستة ألوان، وقد مضى الكلام على بعض هذا في الحديث [رقم 1951]، من (مسند جابر) والحديث صحيح ثابت كما بسطنا ذلك في "غرس الأشجار" واللَّه المستعان.

2630 -

صحيح: هذا إسناد ضعيف معلول، وابن إسحاق يدلس؛ وليس تدليسه بالمحمود، وقد عنعنه كما ترى، وأراه لم يضبطه أيضًا، فقد عاد ورواه مرة أخرى عن إسماعيل بن أمية فقال: عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس به

كما هو الآتى [رقم 2631].

وقد خولف فيه، خالفه ابن عيينة، فرواه عن إسماعيل بن أمية فقال: عن سعيد المقبرى عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس به نحوه مع اختلاف يسير عند مسلم [1812]، والطبرانى في "الكبير" =

ص: 346

2631 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشر: أخبركم أبو يرسف، عن محمد بن إسحاق، عن أبى جعفرٍ، والزهرى، وإسماعيل بن أمية، عن يزيد بن هرمز، أنه قال: أنا كتبت كتاب ابن عباسٍ إلى نجدة: كتبت إليّ تسألنى عن قتل الولدان، وأن عالم موسى قتل وليدًا. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان، فلو كنت تعلم في الولدان ما كان يعلم عالم موسى كان ذلك، وكتبت أن النساء هل كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرضخ لهن، ولا يضرب لهن بسهمٍ بالفئ؛ وقد كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرضخ لهن، ولا يضرب لهن بسهمٍ، زاد إسماعيل في الحديث: وكتبت تسألنى عن العبيد هل كانوا يحضرون الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل كان يضرب لهم بسهمٍ؟ فكتب إليه بالعبيد كما كتب في النساء، وكتبت تسألنى عن اليتيم متى يخرج من اليتم، فإذا احتلم خرج من اليتم، وضرب لهم بسهمٍ.

2632 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قال محمد بن أبى بكرٍ المقدمى، حدثنا معاذ بن

= [10/ رقم 10832]، والبيهقى في "سننه"[12745]، والحميدى [532]، وأبي عوانة [رقم 5540]، وغيرهم؛ وهو عند أحمد [1/ 349]، وسعيد بن منصور [2782]، والبيهقى أيضًا في "سننه"[11077]، وفى المعرفة [رقم 5576]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 3309]، وغيرهم ببعض فقراته مختصرًا.

وقد توبع عليه ابن عيينة، تابعه الثورى - إن صح ذلك - كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 108]، وهذا هو المحفوظ عن إسماعيل بن أمية، وقد رواه معمر عن إسماعيل فلم بجوده، بل أرسله عن إسماعيل به

كما تراه عند عبد الرزاق [9455]، نعم: قد توبع إسماعيل على الوجه الأول عن عطاء بن أبى رباح: تابعه الحجاج بن أرطأة به نحوه مطولًا ومختصرًا عند أحمد [1/ 224]، وابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 107]، والطبرى في "تفسيره"[6/ 248]، وابن نصر في السنة [رقم 153]، وغيرهم، والحجاج ضعيف؛ إلا أنه متابع كما علمت.

20131 -

صحيح: مضى الكلام على طريق ابن إسحاق عن الزهرى وأبى جعفر الباقر كلاهما عن يرزيد بن هرمز عند المؤلف [برقم 2550]، فانظر ما قلناه هناك.

2632 -

صحيح: هذا إسناد ظاهره الصحة؛ إلا أنه معلول، فقد خولف فيه محمد بن أبى بكر المقدمى - وهو ثقة ثبت - خالفه عبد الرحمن بن محمد الحارثى، وزهير بن حرب، كلاهما =

ص: 347

هشامٍ، عن أبيه، عن قتادة، عن أنسٍ، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

2633 -

حَدَّثَنَا أبو يعلى، قال: حدثنا عمرو بن مالكٍ، حدثنا عبد الرحمن بن عثمان أبو بحرٍ البكراوى، حدثنا بحر بن مرارٍ، عن جده عبد الرحمن بن أبى بكرة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في نعليه.

= روياه عن معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة به .. ، ورواية زهير عند مسلم [760]، ورواية الحارثى عند ابن منده في "الإيمان"[1/ رقم 225]، وهذا هو المحفوظ عن هشام الدستوائى؛ فهكذا رواه عنه مسلم بن إبراهيم وخالد بن الحارث ويحيى القطان ووهب بن جرير وأبو داود الطيالسى وعبد الله بن بكر السهمى وغيرهم، ورواياتهم عند البخارى [1852]، والنسائى [2206، 5027]، وأحمد [2/ 473]، والدارمى [1776]، والطيالسى [2360]، والبيهقى [8356]، وفى الشعب [3/ 3612، 3670]، وأبى نعيم في "الحلية"[6/ 282 - 283]، وابن منده في "الإيمان"[1/ رقم 225]، وابن نصر في "قيام الليل"[رقم 6]، والدينورى في "المجالسة"[رقم 777]، وغيرهم. وزادوا جميعًا:(ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).

وقد توبع هشام على هذا الوجه عن يحيى بن أبى كثير: تابعه عليه جماعة من الثقات: منهم ابن عيينة، وتأتى روايته [برقم 5959]، ومنهم الأوزاعى، وتأتى روايته أيضًا [برقم 5997]، وهناك يكون استيفاء تخريجه إن شاء الله.

26 -

صحيح: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 55]، من طريق عمرو بن مالك الراسبى عن عبد الرحمن بن عثمان البكراوى عن بحر بن مرار عن جده عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه أبى بكرة به.

قلتُ: وهذا إسناد هابط، قال الهيثمى في "المجمع" [2/ 189]:"رواه أبو يعلى والبزار وفيه بحر بن مرار أحد من اختلط، وقد وثقه ابن معين، وفى إسناد أبى يعلى: عبد الرحمن بن عثمان أبو بحر ضعفه أحمد وجماعة، وكان يحيى بن سعيد القطان حسن الرأى فيه، وحدث عنه".

قلتُ: هو عند البزار في "مسنده"[3631]، هكذا: (حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبرى وعمرو بن مالك قالا: حدثنا الحسن بن بويه - واللفظ لعمرو - قال حدثنا بحر بن مرار عن ابن أبى بكرة عن أبيه قال

، وقال غيره: عن مولى لأبى بكرة عن أبى بكرة

). =

ص: 348

2634 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: حَدَّثَنَا جبارة بن مغلسٍ، حَدَّثَنَا شريكٌ، وأبو شهابٍ، عن عاصمٍ، عن الشعبى، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بدلوٍ من زمزم وهو يطوف، فشرب وهو قائمٌ.

= قلتُ: وهذا عندى من تخليص بحر بن مرار، فقد اختلط بأخرة حتى ضعفه جماعة لذلك، فقال ابن حبان في "المجروحين" [1/ 194]:(اختلط بأخرة حتى كان لا يدرى ما يحدث، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز)، والحديث على كل حال صحيح ثابت عن جماعة من الصحابة؛ يأتى منهم حديث أنس [برقم 4342].

2634 -

صحيح: دون قوله: (وهو يطوف): هذا إسناد لا يباع ولا يشترى، وجبارة بن المغلس حاول بعضهم جَبْر كسره فلم يستطع، وقد كذبه ابن معين بخط عريض، وتركه جماعة، وضعفه آخرون، وشريك هو ابن عبد الله النخعى القاضى المشهور بسوء حفظه، وباقى رجاله مقبولون؛ وأبو شهاب هو عبد ربه بن نافع؛ وعاصم هو ابن سليمان الأحول الإمام الحجة.

وقد توبع عليه أبو شهاب وشريك القاضى، تابعهما جماعة من الثقات الأكابر: كلهم رووه عن عاصم عن الشعبى عن ابن عباس به نحوه دون قوله: (وهو يطوف) وقد مضى من رواية ابن عيينة عن عاصم [برقم 2406]، والجملة الماضية ضعيفة لتفرد جبارة وشيخه بها.

نعم: قد رواه عبد السلام بن حرب عن شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبى عن ابن عباس بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف) هكذا أخرجه ابن خزيمة [2750]، وابن حبان [3837]، والحاكم [1/ 631]، وعنه البيهقى في "سننه"[9079]، وفى "المعرفة"[رقم 3062]، وغيرهم. وقد سقط (شعبة) من إسناد البيهقى.

هذا إسناد ظاهره الصحة، بل جوَّده ابن التركمانى في "الجوهر"[5/ 85]، وهو شاهد جيد لما وقع عند المؤلف.

لكن أعله البيهقى في "سننه" وفى "المعرفة" فقال في الثاني: "وهذا غريب بهذا اللفظ، والمشهور عن شعبة وغيره عن عاصم: (شرب من زمزم وهو قائم) ليس فيه ذكر الطواف" وقد ناقشه ابن التركمانى في "الجوهر النقى"[5/ 85]، فقال بعد أن جود إسناده:"ولا يلزم من قول البيهقى "غريب" عدم ثبوته؛ وقد شهد له ما أخرجه ابن أبى شيبة في "مصنفه" [14629]، فقال: حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن أبى مسعود، أنه عليه السلام استسقى وهو يطوف بالبيت". =

ص: 349

2635 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: حَدَّثَنَا جبارة، حَدَّثَنَا شريكٌ، عن أبى إسحاق، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، بمثل ذلك.

= قلتُ: والصواب مع البيهقى إن شاء الله؛ ووجْه استغراب البيهقى لهذا اللفظ: هو أن عبد السلام بن حرب قد انفرد به عن شعبة، وعبد السلام وإن كان ثقة حافظًا إلا أن بعضهم قد غمزه في ضبطه، وقال الحافظ:"ثقة حافظ له مناكير".

وقد خولف في متنه، خالفه معاذ العنبرى وأبو الوليد الطيالسى ووهب بن جرير وغندر وأبو داود الطيالسى والأسود بن عامر وغيرهم، كلهم رووه عن شعبة بإسناده به نحوه

ولم يذكروا ما أتى به عبد السلام بن حرب من ذكر الطواف، وروايات هؤلاء عند مسلم [2027]، وأحمد [1/ 243، 249]، وابن حبان [5320]، والطيالسى [2648]، والبيهقى في "سننه"[9080، 9081، 14422]، وأبى عوانة [رقم 6636]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1698]، وأبى نعيم في "الحية"[3/ 304]، وغيرهم.

وهكذا رواه الثورى وابن عيينة وهشيم ومغيرة وأبو عوانة ومروان بن معاوية والحسن بن صالح وابن المبارك وعلى بن مسهر وعبدة بن سليمان وحماد بن سلمة وجماعة كلهم عن عاصم الأحول بإسناده به نحوه

دون ما ذكره عبد السلام بن حرب، والمحفوظ قول الجماعة بلا تردد أصلًا.

أما حديث أبى مسعود الذي ذكره ابن التركمانى، فسنده لا يثبت ولا كاد، وكيف وفيه يحيى بن اليمان الذي يقول عنه أحمد:"حدث عن الثوري بعجائب، لا أدرى لم يزل هكذا، أو تغير حين لقيناه، أو لم يزل الخطأ في كتبه! " وضعفه الجماعة لسوء حفظه، حتى قال ابن أبى شيبة الذي أخرج له هذا الحديث:"كان سريع الحفظ، سريع النسيان" فماذا تعلق به ابن التركمانى في اعتراضه؟! وكم كان يحمله الشَّرَه على تخطئة البيهقى بكل سبيل وفى كل خطوة من خطوات تعقباته، ودوافع ذلك قد بسطناها في غير هذا المكان. وسامح الله البيهقى والماردينى معًا!.

2635 -

صحيح: دون (وهو يطوف) هذا إسناد واه جدًّا، وقد مضى أن جبارة بن المغلس ضعيف تالف، وشريك سيئ الحفظ مضطرب الحديث، وأبو إسحاق هو السبيعى الإمام الحافظ؛ لكنه عريق في التدليس، وقد عنعنه، وكان قد اختلط بآخرة أيضًا، فأيش هذا الإسناد الممزق! وعطاء هو ابن أبى رباح؛ والحديث صحيح ثابت لكن دون قوله:(وهو يطوف) فانظر الماضى قبله.

ص: 350

2636 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشر بن الوليد: أخبركم أبو يوسف، عن عمرو بن يحيى الأنصارى، عن سعيدٍ مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ابن عمر حدّثته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى على حمارٍ وهو متوجهٌ إلى خيبر.

2637 -

أخبرنا أبو يعلى قال قرئ على بشر بن الوليد: أخبركم أبو يوسف عن ليث بن أبى سليم، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن امرأة سألتها عن الحائض تقضى الصيام ولا تقضى الصلاة؟ فقالت لها: أحرورية أنت؟! كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقضى الصيام ولا نقضى الصلاة.

2638 -

أخبرنا أبو يعنى، قال: قرئ على بشر بن الوليد: أخبركم أبو يوسف، عن عبد الله بن عليّ، عن إسحاق بن عبد الله، عن طلحة بن كيسان، عن عروة، عن عائشة، قالت: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وتركت صلاة السفر.

2636 - صحيح: هذا يأتى الكلام عليه في (مسند ابن عمر)[برقم 5664].

2637 -

صحيح: أخرجه الدارمى [986]، من طريق خالد بن عبد الله الواسطى عن الليث بن أبى سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ والليث لم يكن في الحديث بالليث، وهو واسع الخطو في الأوهام وسوء الحفظ، لكن للحديث طرق أخرى عن عائشة به

أشهرها وأصحها طريق معاذة العدوية عنها به

وله طرق عن معاذة أيضًا

منها طريق أبى قلابة عنها (أن امرأة سألت عائشة فقالت: أتقضى إحدانا الصلاة أيام محيضها؟ وقالت عائشة: أحرورية أنت؟! قد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تؤمر بقضاء).

أخرجه مسلم [335]- واللفظ له - وأبو داود [262]، والترمذى [130]، والنسائى [382]، وأحمد [6/ 32]، وجماعة كثيرة، وهو عند البخارى [315]، وابن ماجة [631]، وأحمد [6/ 94]، وجماعة كثيرة من طريق قتادة عن معاذة به نحوه.

2638 -

صحيح: هذا إسناد مشكل، ورجاله أغرب من عنقاء مُغْرب سوى المؤلف وشيخه وشيخ شيخه وعروة وعائشة، فعبد الله بن عليّ - شيخ أبى يوسف - لم أظفر له بترجمة البتة، فمن يكون هذا الغائب؟! وشيخه إسحاق بن عبد الله نكرة لا تعرف! =

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما طلحة بن كيسان فلم يترجمه سوى ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[4/ 480]، فقال: "روى عن

روى عنه إبراهيم بن إسحاق سمعت أبى يقول: هو مجهول".

قلتُ: وإبراهيم هذا ترجمه البخارى في "تاريخه"[1/ 273]، وابن أبى حاتم [2/ 86]، وابن حبان في "الثقات"[8/ 64]، ولم يزيدوا في ترجمته على كونه روى عَن طلحة بن كيسان وعنه على بن أبى بكر الأسفذنى الرازى فقط، لكن ذكر المعلمى اليمانى في تعليقه على "تاريخ البخارى" أنه وقع في نسخة الكبريلى من "التاريخ":(إبراهيم أبو إسحاق) وليس: (ابن إسحاق) وإبراهيم أبو إسحاق هذا ترجمه ابن أبى حاتم في "الجرح"[2/ 150]، فقال: (إبراهيم أبو إسحاق روى عن صالح بن كيسان روى عنه على بن أبى بكر، يعد في المدنيين، سمعت أبا زرعة يقول ذلك".

قال المعلمى في تعليقه على "الجرح"[2/ 87]: "ولعل الصواب ما قاله أبو زرعة" يعنى أن الصواب هو: (إبراهيم أبو إسحاق) و (صالح بن كيسان) ثم وجدته قد جزم بذلك، فقال في موضع آخر من تعليقه على "الجرح"[4/ 480، 481]، بعد أن ذكر الاختلاف الماضى:"وعلم من هذا أنه وقع تارة: (إبراهيم بن إسحاق) وتارة (إبر اهيم أبو إسحاق) وهكذا وقع تارة: (طلحة بن كيسان) وتارة: (صالح بن كيسان) ولم أر لطلحة بن كيسان ترجمة في "التاريخ " ولا "الثقات"، فأما صالح بن كيسان فمشهور؛ فالصواب إن شاء الله تعالى: (صالح بن كيسان) ولا وجود لطلحة بن كيسان".

قلتُ: والأمر كما قال هذا الناقد البصير؛ ووجدته قد قال نحو هذا أيضًا في تعليقه على "تاريخ البخارى"[4/ 352]، ولفظ في آخره:"فالظاهر أن (طلحة) تصحيف قديم، والصواب (صالح). واللَّه أعلم".

قلتُ: ويؤيد ما قاله: أن هذا الحديث قد رواه جماعة عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة كما يأتى؛ فالحديث حديث (صالح بن كيسان) وعلم مما مضى أن الراوى عنه هو (إبراهيم أبو إسحاق) وليس: (إبراهيم بن إسحاق) كما ذكره بعضهم، وليس أيضًا:(إسحاق بن عبد الله) كما وقع عند المؤلف، بل كل ذلك تصحيف، ومثله الراوى عن إبراهيم عند المؤلف:(عبد الله بن عليّ) فصوابه: (عليّ بن أبى بكر) وهو الأسنفذنى كما مضى؛ فنخلص من كل هذا إلى أن الصواب في إسناد المؤلف هكذا: (

عليّ بن أبى بكر عن إبراهيم أبو إسحاق =

ص: 352

2639 -

أخبرنا أبو يعلى، قال: قرئ على بشرٍ: أخبركم أبو يوسف، عن الأجلح، عن عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج، أنه قال: أخبرنى عبد الله بن مالك بن بحينة، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من الليل فلم يجلس في السجدتين الأوليين، فسجد سجدتى السهو مكانه.

= عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة به .. ) وهذا سند ضعيف؛ لجهالة إبراهيم أبى إسحاق هذا، وباقى رجاله ثقات معرفون؛ وعلى بن أبى بكر هو الأسنفذنى الرازى ثقة من رجال "التهذيب" وقد توبع عليه إبراهيم عن صالح بن كيسان: تابعه جماعة من الثقات. على مثله

منهم مالك في "الموطأ"[رقم 335]، ومن طريقه مسلم [685]، وأبو داود [1198]، والنسائى [455]، وابن حبان [2736]، وجماعة كثيرة.

وقد توبع عليه صالح بن كيسان: تابعه يحيى بن سعيد الأنصارى كما يأتى في (مسند عائشة)[برقم 4645]، واللَّه المستعان.

2639 -

صحيح: دون قوله (من الليل): أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1598]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 81]، من طريق بشر بن الوليد عن أبى يوسف عن الأجلح عن عبد الله بن ذكوان عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة به

وليس عند الطبراني: (من الليل) ولا: (مكانه).

قلتُ: وهذا إسناد ضيعف؛ والأجلح هو ابن عبد الله الكندى مختلف فيه، والتحقيق أنه ضعيف ليس يحتج بما ينفرد به

، لكن الحديث صحيح ثابت من طرق عن الأعرج عن ابن بحينة به نحوه

منها طريق الزهرى عن الأعرج عن ابن بحينة قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه؛ فلما قضى صلاته، ونظرنا تسليمه، كبر ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم).

أخرجه مالك [218]- واللفظ له - وعنه البخارى [1166، 1167]، ومسلم [570]، وأبو داود [1034]، والترمذى [391]، والنسائى [1222]، وابن ماجه [1206]، وأحمد [5/ 345، 346]، وجماعة كثيرة، وتمام تخريجه مع بيان طرقه وألفاظه في كتابنا "غرس الأشجار".

ص: 353

2640 -

أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا محمد بن جامعٍ العطار، حدّثنا حماد بن زيدٍ، حدّثنا أيوب، عن نافعٍ، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الخيْرُ".

2640 - صحيح: هذا إسناد منكر، ومحمد بن جامع العطار هذا شيخ ضعيف صاحب مناكير؛ وقد تتابعت كلمات النقاد على تضعيفه، راجع "اللسان"[5/ 99]، وذكره ابن حبان في "الثقات"[9/ 97]، غفلًا منه عن سوء حاله، وقد قال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل" [6/ 270]:"ومحمد بن جامع له عن حماد بن زيد وعن البصريين أحاديث مما لا يتابعونه عليه".

قلتُ: وقد تلوَّن في إسناده، فعاد ورواه عن حماد أيضًا بإسناده، لكنه جعله من (مسند ابن عمر) دون أبى هريرة، كما يأتى [برقم 2642]، وهذا الوجه الثانى هو المحفوظ كما يأتى.

وقد رأيت المؤلف قد أخرج حديث أبى هريرة في "المعجم"[رقم 14]، فقال: (حدثنا محمد بن جامع العطار، وكان ضعيفًا

) ثم ساقه بإسناده ومتنه؛ وقد خولف العطار في جعله من (مسند أبى هريرة) وتوبع على جعله من (مسند ابن عمر) فرواه مسدد عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به

وزاد: (إلى يوم القيامة).

هكذا أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 274]، وفى "المشكل"[1/ 1122] بإسناد صحيح إليه؛ وهذا هو المحفوظ عن حماد.

ثم رأيت الدارقطنى في "العلل"[11/ 155]، قد ذكر رواية العطار الماضية عن حماد بن زيد بإسناده به عن أبى هريرة

، وضعَّف العطار ثم قال:"وغيره يرويه عن حماد موقوفًا وهو الصواب".

قلتُ: لم يذكر الدارقطنى من رواه عن حماد موقوفًا! والثابت عنه هو ما رواه مسدد كما مضى؛ على أنه لا مانع أن يكون الحديث محفوظًا عن حماد على الوجهين، تارة يرويه بسنده موقوفًا على أبى هريرة؛ وتارة يرويه بسنده عن ابن عمر مرفوعًا

وهذا الثاني قد توبع عليه حماد: تابعه حماد بن سلمة عند أحمد [2/ 101]، هكذا رواه جماعة من الثقات الأثبات عن نافع عن ابن عمر به

منهم مالك في "الموطأ"[رقم 999]، ومن طريقه البخارى [2694]، ومسلم [1871]، وأحمد [2/ 112]، والبيهقي في [12666]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 274]، وفى "المشكل"[1/ 122]، وأبو عوانة =

ص: 354

2641 -

حَدَّثَنَا محمد بن جامعٍ، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا روح بن القاسمِ، عن سهيل بن أبى صالحٍ، عن أبيه، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخيْرُ معْقُودٌ بِنَواصِى الخيْلِ".

2642 -

حَدَّثَنَا محمد بن جامعٍ العطار، حدّثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ناف، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِى الخيْلِ".

2643 -

أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا محمد بن عقبة السدوسى، حدّثنا عليّ أبو محمد القرشى، حدّثنا أبو عبد الرحمن الغنوى، عن عبد الملك بن عمير قال: رأيت رأس الحسين بن عليّ أتىَ به عبيد الله بن زياد، ورأيت رأس عبيد الله بن زياد أتىَ به المختار بن أبى عبيد، ورأَيت رأس المختار أتىَ به مصعب بن الزبير، ورأيت رأس مصعب أتىَ به عبد الملك بن مروان. قال أبو يعلى ما كَان لهؤلاء عمل إلا الرؤوس؟!.

= [رقم 5871]، وجماعة كثيرة؛ ومنهم الليث بن سعد عند النسائي [3573]، وابن ماجه [2787]، وابن حبان [4668]، وأبو عوانة [رقم 5873]، وغيرهم.

ومنهم أسامة بن زيد وعبد الله بن عون وموسى بن عقبة وشعيب بن أبى حمزة، عبيد الله بن عمر، وعبيد الله بن الأخنس ومعلى بن إسماعيل وغيرهم، كلهم عن نافع عن ابن عمر به.

2641 -

صحيح: أخرجه مسلم [987]، والترمذى [1636]، والنسائى [3562]، وابن ماجه [2788]، وأحمد [2/ 262]، وابن خزيمة [2252]، والطيالسى [2437، 2440]، وابن أبى شيبة [33496]، والبيهقي في "سننه"[7017]، وأبو عوانة [5880، 5898] و [5899]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 261]، وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 8]، وجماعة من طرق عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة به

وفى أوله قصة عند مسلم وجماعة.

قلتُ: هكذا رواه الجماعة عن سهيل، منهم حماد بن سلمة واختلف عليه في سنده، فرواه عنه عفان بن مسلم فقال: عن سهيل عن أبيه عن ابن عمر به

، ونقله إلى (مسند ابن عمر) هكذا أخرجه أحمد [2/ 101]، والمحفوظ عن سهيل هو الأول؛ وأرى أن حمادًا قد وهم فيه، وللحديث طرق أخرى عن أبى هريرة به

يأتى منها طريق آخر عند المؤلف [برقم 6014].

2642 -

صحيح: مضى الكلام عليه آنفا [رقم 2640].

2643 -

قوى: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[58/ 245]، من طريق المؤلف به.

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وسنده واهٍ مسلسل "بالعلل":

1 -

محمد بن عقبة السدوسى وثقه ابن حبان، لكن ضعفه أبو حاتم الرازي. . . . .:"كتبت عنه ثم تركت حديثه؛ فليس نحدِّث عنه" ومثله فعل ابن خالته الإمام! راجع "الجرح والتعديل"[8/ 36].

2 -

وعليّ أبو محمد القرشى، لم أفطن له بعد.

3 -

وأبو عبد الرحمن الغنوى لا أعرفه إلا أن يكون هو النضر بن منصور الكوفى الذي ضعفه النقاد جميعًا، وهو من رجال الترمذى؛ ويقال له (نصر بن منصور) أيضًا، وبه ترجمه ابن حبان في "المجروحين"[3/ 53]، لكنْ للقصة طرق أخرى عن عبد الملك بن عمير به

منها:

1 -

ما رواه الطبراني في "الكبير"[3/ 2877] قال: (حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمى - هو الحافظ مطين - ثنا عبيد بن إسماعيل الهبارى، ثنا سعيد بن سويد، عن عبد الملك بن عمير به نحوه).

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات سوى سعيد بن سويد وهو شيخ مجهول الصفة.

2 -

ومنها ما رواه المعافى النهروانى في "الجليس الصالح"[4/ 139 - 140]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[37/ 131 - 132]، قال:(حدثنا محمد بن الحسن أستاذ الهروى [وعند ابن عساكر: (محمد بن حماد بن الحسن بن أستاذ الهروى] قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامى [وعند ابن عساكر: (السامى)] قال: حدثنا أبو النذر محمد بن المنذر قال: أخبرنى آدم ابن عتيبة [وعند ابن عساكر: (بن عنبسة)] قال: أخبرنيه رجل من بنى تميم عن عبد الملك بن عمير به نحوه بسياق أتم.

قلتُ: وهذا إسناد تالف أيضًا، فيه جهالة ذلك الرجل التميمى، وآدم بن عتيبة أو عنبسة، لم أعرفه، وأراه مصحفًا، وصوابه (آدم بن عيينة) أخو سفيان بن عيينة، وقد ضعفه أبو حاتم وقال:(يأتى بالمناكير) راجع "اللسان"[1/ 336].

وتلميذ تلميذه أراه الحافظ أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن السامى - بالشين المهملة - الهروى، وترجمته فى "تذكرة الذهبى"[2/ 697].

أما ابن المنذر فوثقه ابن حبان [9/ 94]، لكنه قال:(يخطئ أحيانًا) وشيخ المعافى إن لم يكن محمد بن الحسن أبا بكر النقاش المقرئ المفسر الهالك - فهو من شيوخ النهروانى - فلا أعرفه.=

ص: 356

2644 -

أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا محمد بن عقبة، حدّثنا يحيى بن حماد، حدّثنا أبو عوانة قال: صنعت طعامًا فدعوت سليمان الأعمش، فبلغنى عنه أنه قال: إن وضاحًا دعانا على عرق عائر ورمان حامض. قال: فلقيت رقبة بن مسقلة فشكوته إليه، فقال: أكفيك، فلقيه فقال: يا أبا محمد، دعاك أخ من إخواننا فأكرمك ثم تقول: على عرق عائر ورمان حامض؟! أما واللَّه ما علمتك إلا شرس الطبيعة دائم القطوب سريع الملل مستخفّا بحقوق الزور، كأنك تسعط الخردل إذا سئلت الحكاية.

=3 - ومنها: ما أخرجه الشجرى في "أماليه"[ص 138]، وابن عساكر في "تاريخه"[58/ 245]، كلاهما من طريق محمد بن مخلد العطار الحافظ قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازى قال: حدّثنا يحيى بن مصعب الكلبى قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الملك بن عمير به نحوه.

قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم؛ رجاله كلهم ثقات معرفون، ويحيى بن مصعب، شيخ صدوق كما قاله أبو زرعة وصاحبه، بل ووثقه ابن حبان أيضًا [9/ 255]، وقال:"روى عنه أهل الكوفة ويعقوب بن سفيان " وهذا منه توثيق مقبول كما تقرر في موضعه.

وأبو بكر بن عياش قوى الحديث على أوهام له؛ والرازى هو أبو حاتم الإمام جبل الحفظ، والراوى عنه حافظ إمام نبيل أيضًا، فهذا الطريق هو أصح طرقه كلها.

2644 -

ضعيف: قال الهيثمى في "المجمع"[8/ 329]: "رواه أبو يعلى وإسناده حسن".

قلتُ: قد كان يحسن لو لم يكن محمد بن عقبة السدوسى قاطنًا في سنده، وقد ضعفه أبو زرعة وصاحبه وتركا الرواية عنه، ولا ينفعه توثيق ابن حبان له أمام هذا الترك، على أن الحافظ قد حاول الجمع بين كلام النقاد فيه، فقال في "التقريب":"صدووا يخطئ كثيرًا" وممن كان كذلك لا يحتج به على التحقيق، ثم لو صح الإسناد إلى أبى عوانة - وهو لا يصح - لما ثبت عن الأعمش ذلك النكران للجميل.

يدلك على ذلك قول أبى عوانة "فدعوت سليمان الأعمش، فبلغنى عنه أنه قال: .. " فإذا لم يعرف هذا المبلِّغ - الساعى لإفساد الود - لم تقم الحجة لرقبة على تبكيت الأعمش أصلًا، ولم يرد في القصة أن الأعمش لما لقيه أقر له بما صدر منه إزاء أبى عوانة ذلك المضياف الكريم، فليس الخبر إلا من تخاليط ابن عقبة السدوسى، فاللَّه المستعان.

ص: 357

2645 -

حدّثنا وهب بن بقية، حدّثنا حماد بن زيد قال: لقنت سلمة بن علقمة، فحدثنى به، فرجع عنه، ثم قال: إذا أردت أن يكذَّب صاحبك فلقِّن!

2646 -

حَدَّثَنَا شعيب بن سلمة بن قاسمٍ الأنصارى من ولد رفاعة بن رافع بن خديجٍ، قال: حدّثنا أبو مصعبٍ إسماعيل بن قيس بن زيد بن ثابتٍ، حدّثنا أبو حازمٍ، عن

2645 - صحيح: أخرجه عبد الله بن أحمد في "العلل"[2/ 434/ رقم 2911]، من طريق وهب بن بقية عن حماد بن زيد به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح موصول؛ وفى القصة شاهد على يقظة سلمة بن عقبة - ذلك الثقة الحافظ - وأنه لم يكن مغفلًا يقبل التلقين بتلك السهولة، كما كان يقبله ابن لهيعة وسويد بن سعيد ويزيد بن أبى زياد وهشام بن عمار وسماك بن حرب وجماعة ممن تغيروا بآخرة حتى أصبحوا ألعوبة في أيادى سفهاء النقلة ورواة الأخبار، نسأل الله السلامة في الجسم والدين.

2646 -

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير"[6/ رقم 5828]، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"[رقم 184]، وابن عساكر في "تاريخه"[26/ 296 - 297]، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"[رقم 143]، والرويانى في "مسنده"[رقم 1044]، وابن عدى في "الكامل"[1/ 301]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 128]، وغيرهم من طرق عن شعيب بن سلمة - وتوبع عند ابن حبان - عن إسماعيل بن قيس عن أبى حازم عن سهل بن سعد به.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[19/ 436]: "رواه أبو يعلى والطبراني وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس وهو متروك" وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 6717]: "رواه أبو يعلى بسند فيه إسماعيل بن قيس بن زيد بن ثابت وهو ضعيف".

قلتُ: إسماعيل هذا منكر الحديث كما قاله البخارى وأبو حاتم والدارقطنى وغيرهم، قال أبو حاتم:"يحدث بالمناكير، لا أعلم له حديثًا قائمًا، وأتعجب من أبى زرعة حيث أدخل حديثه عن ابن عبد الملك بن شيبة في "فوائده"، ولا يعجبنى حديثه" وقال ابن حبان في "المجروحين"[1/ 127]: "في حديثه من المناكير والمقلوبات التى يعرفها من ليس الحديث صناعته" ثم ساق له هذا الحديث.

وكذا ذكره ابن عدى في "الكامل"[1/ 301]، في جملة مناكيره، ثم قال في ختام ترجمته:"ولإسماعيل بن قيس غير هذا من الحديث، وعامة ما يرويه منكر" ولإسماعيل في سياق آخر، وفيه:(يا عم، اطمئن؛ فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة؛ كما أنا خاتم النبيين في النبوة). =

ص: 358

سهل بن سعد الساعدى، قال: استأذن العباس بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له:"يَا عَمِّ، أقِمْ مَكَانَكَ الَّذِى أَنْتَ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَخْتِمُ بِكَ الْهِجْرَةَ كَمَا خَتَمَ بِىَ النُّبُوَّةَ".

2647 -

حدّثنا يعقوب، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى قال: سمعت شعبة يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن صلة الرحم فهل أنتم منتهون؟!.

2648 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا بشر، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، عن

= إخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1812، 1813]، وابن عساكر في "تاريخه"[26/ 296]، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"[رقم 643]، واللالكائي في "شرح الاعتقاد"[رقم 2244]، كلهم من طرق عن إسماعيل بن قيس بإسناده به

وأورده ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 2619]، بهذا اللفظ ثم قال:"قال أبى: هذا حديث موضوع، وإسماعيل منكر الحديث" وله شاهد مرسل من حديث ابن شهاب باللفظ الماضى عند الروياني في "مسنده" ومن طريقة ابن عساكر في "تاريخه"[26/ 197]، وسنده مغموز - أيضًا.

2647 -

صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 156]، وعبد الله بن أحمد في "العلل"[3/ رقم 5602]، وابن المقرئ في "المعجم"[رقم 1315]، وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن مهدى عن شعبة به.

قلتُ: وهذا إسناد كالذهب، وقد توبع عليه ابن مهدى: تابعه أبو الوليد الطيالسي على مثله دون قوله: (وعن صلة الرحم) عند الخطابى في "العزلة"[رقم 209]، والدورى في "تاريخه"[4/ رقم 4276]، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث"[رقم 238]، والفسوي في "المعرفة"[1/ 147]، و [2/ 284]، والدينورى في"المجالسة"[رقم 812، 3240].

وكذا رواه يحيى القطان عن شعبة به

عند ابن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم"[رقم 15012]، بإسناد صحيح إليه.

2648 -

صحيح: أخرجه أحمد في "المسند"[1/ 276، 349]، وفى "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1639]، وابن حبان [7108]، والحاكم [4/ 9]، والطبراني في "الكبير" / [10 رقم 10783]، وابن أبى الدنيا في "المختصرين"[رقم 217]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 75]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[رقم 2266]، وغيرهم من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن أبى مليكة عن ذكوان مولى عائشة به. =

ص: 359

عبيد الله بن أبى مليكة، حدثنى ذكوان، أن ابن عباسٍ جاء يستأذن على عائشة وهى في الموت، قال: فجئت وعند رأسها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكرٍ، فقلت: هذا ابن عباسٍ يستأذن عليك، قالت: دعنى من ابن عباسٍ فلا حاجة لى به ولا بتزكيته، قال: فقال عبد الله: يا أمتاه، إن عبد الله بن عباسٍ من صالحى بنيك يريد أن يسلم عليك، قالت: فَأذَنْ له إن شئت، قال: فجاء ابن عباسٍ، فقعد، فقال: أبشرى، فواللَّه ما بينك وبين أن تفارقى كل نصبٍ، وتلقى محمدًا، والأحبة إلا أن تفارق روحك جسدك، قالت: أيضًا يا ابن عباسٍ؟ قال: كنت أحب نساء رسول الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يحب، رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا طيبًا، سقطت قلادتك يوم الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنزل يلتقطها، وأصبح الناس ليس معهم ماءٌ، فأنزل الله تبارك وتعالى أن تيمموا صعيدًا طيبًا، فكان ذلك من سببك ما أنزل الله لهذه الأمة من الرخصة، ثم أنزل الله براءتك من فوق سبع

= قلتُ: وهذا إسناد جيد؛ وابن خثيم صدوق صالح فيه كلام يسير، لكنه متماسك.

وقد خولف فيه، خالفه عمر بن سعيد بن أبى حسين قال: حدثنى ابن أبى مليكة قال: (استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة

) ثم ذكره بنحوه مع اختصار؛ وأسقط منه (ذكوان).

هكذا أخرجه البخارى [4476]، وأحمد في "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1644]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 74]، وغيرهم؛ وابن أبى حسين أوثق من ابن خثيم بلا تردد؛ وروايته هي المحفوظة.

لكن احتمل الحافظ في "الفتح"[8/ 483]، أنه ربما كان ابن أبى مليكة قد حضر القصة أيضًا، قال:"ولهذا وقع في رواية ذكوان ما لم يقع في رواية ابن أبى مليكة".

قلتُ: وهو احتمال قوى؛ وقد أخطا صاحب "التوضيح" فأعل رواية ابن أبى حسين عن ابن أبى مليكة؛ برواية ابن خثيم عن ابن أبى مليكة عن ذكوان، وزعم أن الأولى مرسلة، وناقشه الحافظ في "الفتح" وراجع "عمدة القارى"[19/ 87]، وللحديث طريق آخر عن ابن عباس ذكره البخارى في "صحيحه" عقب رواية ابن أبى مليكة [4476]، الماضية فقال: (حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا ابن عون، عن القاسم أن ابن عباس - رضى الله عنه - استأذن على عائشة

نحوه

ولم يذكر: نسيًا منسيّا).

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه الإسماعيلى في (المستخرج) ومثله أبو نعيم كما في "الفتح"[8/ 484]، وسنده صحيح حجة.

ص: 360

سماواتٍ، فأصبح ليس مسجدٌ من مساجد الله يذكر فيه الله، إلا تتلى فيه براءتك آناء الليل وآناء النهار، قالت: دعنى منك يا ابن عباسٍ، فواللَّه لوددت أنى كنت نسيًا منسيًا.

2649 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا هشام بن يوسف، حدثنى القاسم ابن أخى خلاد بن عبد الرحمن، عن خلاد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، أنه سمع ابن عباسٍ، يقول: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس - يوم الجمعة، أتاه رجلٌ من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة يتخطى الناس حتى اقترب إليه، فقال: يا رسول الله، أقم على الحد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اجْلِسْ"، فجلس، ثم قام الثانية، فقال:"أجْلِسْ"، ثم قام في الثالثة، فقال مثل ذلك، فقال:"وَمَا حَدُّكَ؟ " قال: أتيت امرأةً حرامًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجالٍ من أصحابه فيهم عليّ بن أبى طالب، والعباس، وزيد بن حارثة، وعثمان بن عفان:"انْطَلِقوا بِهِ فَاجْلِدُوهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ" ولم يكن الليثى تزوج، قيل: يا

2649 - منكر: أخرجه الدارقطنى في "سننه"[3/ 169]، والطبراني في "الكبير"[10/ 10701]، والبيهقي في "سننه"[16780]، وفى "المعرفة"[5361]، والمزى في "تهذيبه"[23/ 415 - 416]، والمؤلف في "المعجم"[105]، وغيرهم مطولًا، وهو عند أبى داود [4467]، والنسائى في "الكبرى"[7348]، والحاكم [4/ 411]، وابن الجارود [851]، والبيهقي أيضًا في "سننه"[1911] وغيرهم نحوه مختصرًا بثلثه الأخير فقط، من طريق هشام بن يوسف به.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" كذا يجازف على عادته، وقد تعقبه الذهبى قائلًا:"القاسم بن فياض ضعيف".

قلتُ: القاسم هذا وثقه أبو داود، لكن ضعفه ابن معين والنسائى؛ وقال ابن المديني معلقًا على إسناد هذا الحديث:"إسناده مجهول؛ ولم يرو عنه غير هشام" وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول" وراجع "التهذيب"[8/ 33].

أما ابن حبان فإنه قد تناكد بشأنه، فقد ذكره في "الثقات"[7/ 334] وأثنى عليه في "مشاهير علماء الأمصار"[ص 192]، ثم عاد وأورده في "المجروحين"[2/ 213]، وقال:"كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير؛ فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره .. ".

قلتُ: وهذا الجرح المفسر أولى من مطلق التوثيق كما هو معلوم؛ وقد قال النسائى عقب روايته: "هذا حديث منكر" وهو كما قال.

ص: 361

رسول الله، ألا تجلد التى خبث بها؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ائْتُونِى بِهِ مَجْلُودًا"، فلما أتِىَ به، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ صَاحِبَتُكَ؟ " قال: فلانة امرأة من بنى بكرٍ، فدعا بها فسألها عن ذلك، فقالت: كذب واللَّه، ما أعرفه، وإنى مما قال لبريئةٌ، الله على ما أقول من الشاهدين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ شَهِدَ عَلَى أَنَّكَ خَبُثْتَ بِهَا؟ فَإِنَّهَا تُنْكِرُ، فَإِنَّ كَانَ لَكَ شُهَدَاءُ جَلَدْتُهَا حَدًّا، وَإِلا جَلَدْنَاكَ حَدَّ الْفِرْيَةِ"، فقال: يا رسول الله، ما لى شهداء، فأمر به، فجُلد حد الفرية ثمانين جلدةً.

2650 -

حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا حميد بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن حصينٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تَقْتُلُوا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ".

2651 -

حدّثنا إسحاق، حدّثنا عبد الواحد بن زياد، حدّثنا خصيف، حدّثنا مقسم مولى بن عباس، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]، في قطيفة حمراء فُقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، فأنزل الله عز وجل:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161].

2652 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوارٍ، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: مرت شاةٌ بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، بينه وبين القبلة، فلم يقطع صلاته.

2653 -

حَدَّثَنَا عبد الله، حدّثنا عبدة، عن أبى حيان التيمى، عن حبيب بن أبى ثابتٍ، قال: أنشد حسان بن ثابتٍ النبي صلى الله عليه وسلم أبياتًا، فقال:

2650 - ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2549].

2651 -

ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2438].

2652 -

منكر: مضى الكلام عليه في تخريج الحديث [رقم 2422].

2653 -

ضعيف: أخرجه ابن أبى شيبة [26017]، ومن طريقه الذهبى في "العلو" =

ص: 362

شهدت بإذن الله أن محمدًا

رسول الذي فوق السماوات من عل

وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما

له عملٌ في دينه متقبل

وأن أخا الأحقاف إذ قام فيهمُ

يقول بذات الله فيهم ويعدل

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَأَنَا".

2654 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا طلحة بن سنانٍ، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ من الأنصار، فأبطأ عليه، فقال:"مَا حَبَسَكَ؟ " قال: كنت حين أتانى رسولك، على المرأة، فقمت، فاغتسلت، فقال:"وَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَلَّا تَغْتَسِلَ مَا لَمْ تُنْزِلْ؟ "، قال: فكان الأنصار يفعلون ذلك.

= [ص 46/ رقم 76]، و [رقم 77]، من طريق عبدة بن سليمان عن أبى حبان التيمى عن حبيب بن أبى ثابت به.

قلتُ: قال الذهبى عقبه "وهذا مرسل" ومثله قال في "سير النبلاء"[2/ 519]، ومثله قال الهيثمى في "المجمع"[1/ 171]، وهو كما قالا، والمراد من الإرسال هنا: الانقطاع؛ فإن حبيب بن أبى ثابت لم يسمع من أحد من الصحابة سوى ابن عباس وعائشة وحدهما كما قاله ابن المدينى، راجع "جامع التحصيل"[ص 158].

ثم بدا لى أن الإرسال على ظاهره، ولفظ حبيب واضح في هذا كما ترى، فكيف ذهلت عنه؟!

وله شاهد مرسل آخر نحوه عن عبد الملك بن عمير به

عند ابن سعد في "الطبقات" كما في "العلو "[ص 48] للذهبى، وإسناده مغموز إلى عبد الملك.

26 -

صحيح لغيره: دون قوله: (فكان الأنصار يفعلون ذلك): أخرجه البزار [رقم 328/ كشف]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 384 - 385]، من طريق طلحة بن سنان عن أبى سعد عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البزار: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه" وقال الهيثمى في "المجمع"[1/ 596]: (رواه أبو يعلى والبزار وفيه أبو سعد البقال وهو ضعيف).

وهكذا أعله الحافظ في "المطالب"[رقم 208]، والبقال: هو سعيد بن المرزبان ضعيف صاحب مناكير، وقد كان يدلس أيضًا، والراوى عنه صدوق إن شاء الله.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة دون قوله: (فكان الأنصار يفعلون ذلك،) مضى منها حديث عبد الرحمن بن عوف [برقم 858]، وحديث أبى سعيد الخدرى [1236]: فانظرهما.

ص: 363

2655 -

حدَّثنا عبد الله بن عمر، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن يزيد بن أبى زياد، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلةٍ حمراء كان يلبسها، وقميصٍ.

2655 - منكر: أخرجه أبو داود [3153]، وأحمد [1/ 222]، والطبراني في "الكبير"[11/ 12145]، وابن أبى شيبة [11046]، والبيهقي في "سننه"[6467]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 286]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 163]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 276]، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين"[4/ 117]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 328]، وابن الجوزى في "العلل الواهية"[2/ 897]، وغيرهبم من طرق عن يزيد بن أبى زياد القرشى عم مقسم عن ابن عباس به نحوه

ولفظ أبى داود وجماعة: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية، ثوبان وقميصه الذي مات فيه) ولفظ ابن عدى: (كُفن في حلة حمراء وقميصه لم ينزع) وعند ابن أبى شيبة: (وجبة له نجرانية) بدل (وحلة) وعند أحمد: (وحلة نجرانية الحلة ثوبان).

قلت: قال الحافظ في "التلخيص"[2/ 108]: "تفرد به: يزيد بن أبى زياد وقد تغير، وهذا من ضعيف حديثه،) وبه أعله الزيلعى في "نصب الراية" وقبلهما قال النووى في "شرح مسلم" [7/ 8]: "حديث ضعيف، لا يصح الاحتجاج به، لأن يزيد بن أبى زياد أحد رواته مجمع على ضعفه، لاسيما وقد خالف بروايته الثقات".

وقبله قال ابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 163]: "هذا الحديث يدور على يزيد بن أبى زياد، وليس عندهم ممن يحتج به فيما خولف فيه أو انفرد به؛ ومنهم من لا يحتج به في شئ لضعفه" ونقل الولى العراقى في "طرح التثريب"[4/ 267]، عن ابن بطال أنه قال:"انفرد به يزيد بن أبى زياد ولا يحتج به لضعفه .. ".

قلت: وقد اضطرب فيه يزيد أيضًا، فعاد ورواه عن مقسم بنزول درجة، فقال: عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به

نحو لفظ أبى داود الماضى.

هكذا أخرجه ابن ماجه [1471]، ومن طريقه الذهبى في "تذكرة الحفاظ"[2/ 445]، قال الذهبى عقب روايته:"يزيد سيئ الحفظ".

قلت: وقد رماه الحاكم والدارقطنى وغيرهما بالتدليس، فلعله دلس الحكم في الإسناد الأول، لكن التحقيق عندى هو أن يزيد يرويه عن مقسم مباشرة، وأرى أن زيادة (الحكم) =

ص: 364

2656 -

حَدثنا عبد الله بن عمر، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ، قال:{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)} [النجم: 16] قال رسول الله: "رَأَيْتهَا حَتَّى اسْتَثْبَتُّها، ثُمَّ حَالَ دُونَهَا فَرَاشُ الذَّهَبِ".

= بينه وبين مقسم عند ابن ماجه ما هو إلا وهْمٌ قديم من بعضهم، ولعله من الناسخ، وبرهان ذلك قد شرحناه غير هذا المكان كما يأتى الإشارة إليه.

نعم: قد توبع يزيد على نحوه .... تابعه الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس قال: (كُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بردين أبيضين وبرد أحمر) أخرجه أحمد [1/ 313]- واللفظ له - والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12056]، وعبد الرزاق [6166]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 284]، وغيرهم من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الحكم به.

قلتُ: وهذه متابعة فاسدة، وابن أبى ليلى هو الإمام الفقيه القدوة، لكنه ممن لم تكن الرواية صناعتهم فقد كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث.

ولم ينفرد به ابن أبى ليلى، بل تابعه الحجاج بن أرطأة على مثله عند أحمد [1/ 253]، لكن ابن أرطأة ليس بأحسن حالًا من الذي قبله، وهو مع ضعفه وسوء حفظه؛ فقد كان يدلس عن ضعفاء أيضًا كما قاله النسائي وغيره، نعم قد صرح فيه بالسماع؛ لكن سوء الحفظ قد يقلب العنعنة سماعًا كما هو معروف مشهور، وقد كان ابن لهيعة يصر على سماعه من عمرو بن شعيب، مع أن النقاد قد جزموا بكونه لم يسمع منه شيئًا، ثم رأيت زهير بن معاوية قد تابع الحجاج وابن أبى ليلى على مثله عن الحكم، عند ابن سعد في "الطبقات"[2/ 284]، بإسناد صحيح إليه، وزهير ثقة إمام حجة؛ لكن لا يزال الحديث معلولًا، فإن الحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط، كما قاله جماعة من النقاد؛ وليس هذا الحديث منها.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

لكنها تالفة الأسانيد، وكذا له شواهد لا يصح منها شئ البتة كما بسطنا ذلك بسطًا موسعًا في "غرس الأشجار".

2656 -

ضعيف: أخرجه الطبرى في "تفسيره"[11/ 517]، من طريقين عن أبى خالد الأحمر عن جويبر بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف جدًّا، قال الهيثمى في "المجمع" [7/ 247]:"رواه أبو يعلى وفيه جويبر وهو ضعيف".

قلتُ: تسامح الهيثمى بشأن الرجل، وإلا فأحسن أحواله أن يكون متروكًا، وقد كان مكثرًا =

ص: 365

2657 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر، حدّثنا محمد بن فضيلٍ، عن الوليد بن جميع، عمن حدثه، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَرَاصُّوا الصُّفُوفَ، فَإِنِّى رَأَيْتُ الشَّيَاطِينَ تَخَلَّلُكُمْ كَأَنَّهَا أَوْلادُ الحذَفِ".

2658 -

حدّثنا عبد الله بن عمر، حدّثنا عبدة، عن النضر بن عربى، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله عز وجل:{فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]، قال: لم يتغير.

= من رواية المناكير عن الضحاك خاصة كما أشار إليه ابن المدينى، راجع ترجمته من "التهذيب"[2/ 124].

ثم إن بالإسناد علة أخرى، وهى أن الضحاك لم يلق ابن عباس أصلًا، كما اعترف هو بذلك على نفسه، فعدم سماعه منه أولى.

وللحديث شاهد مرسل بإسناد واهٍ عند الطبرى في "تفسيره"[11/ 517]، والثابت في هذا الباب: إنما هو من حديث ابن مسعود موقوفًا كما يأتى [برقم 5303].

2657 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2607].

2658 -

حسن: هذا إسناد حسن صالح؛ ومن طريق المؤلف: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[40/ 324]، والنضر بن عربى شيخ صدوق؛ مشاه جماعة، ووثقه آخرون، وضعفه ابن سعد وغيره، وحديثه في رتبة الحسن أو فوق ذلك بقليل.

وباقى رجاله ثقات معروفون؛ وشيخ المؤلف هو مشكدانة الصدوق الصالح، وعبدةُ هو ابن سليمان الثقة الحافظ؛ وقد خولف فيه عبدة، خالفه وكيع، فرواه عن النضر بن عربى فقال: عن عكرمة به

لم يذكر فيه ابن عباس، هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[3/ 38]، من طريق سفيان بن وكيع عن أبيه وكيع به.

قلتُ: وهذه مخالفة لا تثبت، وسفيان قد أفسده وراقه، وكمْ كان يدخل في أصول الشيخ ما ليس من حديثه، والشيخ يتلقن ذلك منه بسلامة نية، فكلموه في إقصاء وراقه واستبداله بآخر؛ فلم يقبل؛ ونصحوه فلم ينتصح، حتى سقط حديثه كله، وعز علينا وعلى النقاد أن كان وكيع ابن الجراح أباه.

والمحفوظ عن النضر بن عربى هو الأول؛ وهكذا رواه ابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 12710] من طريق آخر عن عبدة بن سليمان بإسناده به

=

ص: 366

2659 -

حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا مروان بن معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة عن مسروق، عن عبد الله، في قول الله:{زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88]، قال: زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال.

= وزعم حسين الأسد في تعليقه: أن (ابن عباس) قد سقط من مطبوعة "تفسير الطبري"، وليس له على ذلك دليل سوى الظن المجرد، وللأثر طرق أخرى منقطعة عن ابن عباس به

وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور"[2/ 30]، إلى ابن المنذر في "تفسيره" أيضًا؛ وقد وهم الهيثمى وهمًا غريبًا، فقال في "المجمع" [7/ 43]:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" كذا قال، والنضر بن عربى لم يخرج له أحد الشيخين، وإنما هو من رجال أبى داود والترمذى فقط، فاللَّه المستعان.

2659 -

صحيح: أخرجه الحاكم [2/ 387]، و [4/ 635]، والطبراني في "الكبير"[9/ رقم 9104]، وابن أبى شيبة [34138]، وهناد في "الزهد"[رقم 260]، والبيهقي في "البعث والنشور"[رقم 546]، وأسد بن موسى في "الزهد"[رقم 26]، وابن أبى الدنيا في "صفة النار"[رقم 93]، والطبري في "تفسيره"[7/ 632]، والثورى في "تفسيره"[ص 166]، وغيرهم من طرق عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ والأعمش وإن كان مدلسًا وقد عنعنه، إلا أن شعبة قد رواه عنه عند الحاكم في الموضع الثاني؛ وكذا عند الطبرى في "تفسيره"[7/ 632]، وتصحف عنده (شعبة) إلى (سعيد) وقد سقط ذكر ابن مسعود من سند الثورى في "تفسيره" فصار الأثر من قول مسروق موقوفًا عليه.

وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، وهو كما قال، لكن اختلف في سنده على الأعمش، فرواه عنه ثقات أصحابه على الوجه الماضى؛ منهم أبو معاوية الضرير؛ ورواه عن أبى معاوية هكذا: سفيان بن وكيع ومروان بن معاوية وابن أبى شيبة وهناد بن السرى وغيرهم.

وخالفهم جميعًا: سعيد بن منصور، فرواه عنه فقال: عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود به

، فسلك فيه الطريق المعهود، هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[9/ رقم 9153]، بإسناد صحيح إلى سعيد به

قلتُ: وهذا وهْمٌ من سعيد أو ممن دونه، والمحفوظ عن أبى معاوية هو الأول. =

ص: 367

2660 -

حدّثنا سريج، حدّثنا إبراهيم بن سليمان، عن الأعمش، عن الحسن، عن ابن عباس، أنه قال في قوله:{زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88]، قال: هي خمسة أنهار تحت العرش يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار.

2661 -

حَدَّثَنَا محرز بن عونٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن

= ثم جاء المسعودى وخالف الكل، ورواه عن الأعمش فقال: عن أبى وائل عن ابن مسعود به نحوه

بلفظ: (زيدوا عقارب من نار كالبغال الدهم؛ أنيابها كالنخل) هكذا أخرجه آدم بن أبى إياس في "تفسيره" كما في "التخويف بالنار"[ص 141]، لابن رجب؛ وهذا غير محفوظ أيضًا، والمسعودى قد اختلط قبل موته حتى صار لا يدرى ما يقول، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود؛ وقد قال ابن رجب عقب سياقه:"وقول من قال: عن عبد الله بن مرة عن مسروق أصح" وهو كما قال.

2660 -

ضعيف: قال الهيثمى في "المجمع"[10/ 716]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

قلتُ: هكذا يقع التساهل، وإبراهيم بن سليمان - وهو المؤدب - لم يخرج له من الستة إلا ابن ماجه وحده، فأى صحيح يريد الهيثمى؟! وباقى رجاله كما قال، إلا أن بالإسناد علتين:

الأولى: عنعنة الأعمش؛ فهو إمام في التدليس.

والثانية: هي أن الحسن البصرى لم يلق ابن عباس فضلًا عن أن يسمع منه، كما جزم بذلك جماعة من حذاق النقاد، راجع "المراسيل"[ص 33، 34]، و"جامع التحصيل"[ص 163]، للصلاح العلائى.

3661 -

صحيح: أخرجه البخارى [1270]، وأبو داود [3198]، والنسائى [1987، 1988]، والترمذى [1027]، وابن حبان [3071]، والحاكم [1/ 510]، والشافعي [1642]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[6745، 6746، 6747]، وفى "المعرفة"[رقم 2268]، وابن الجارود [534، 537]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 48]، وابن المنذر في [رقم 3091، 2092، 2094]، والطيالسى [رقم 2741]، وابن حزم في "المحلى"[5/ 129]، وفى "الإحكام"[2/ 203]، وغيرهم من طرق عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن ابن عباس به نحوه

وليس ذكر السورة بعد الفاتحة عند الجميع سوى المؤلف والنسائى في الموضع الأول، وابن الجارود في الموضع الثاني، ومثله ابن المنذر. =

ص: 368

عوفٍ، عن أبيه، عن طلحة بن عبد الله بن عوفٍ، قال: صليت خلف ابن عباسٍ على جنازةٍ، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، وجهر حتى أسمعنا، فلما انصرف أخذت بيده، فسألته عن ذلك، فقال: سنةٌ وحقٌّ.

2662 -

حَدَّثَنَا محمود بن خداشٍ، حدّثنا محمد بن عبيدٍ، عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباسٍ، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، قال:"أَمَا وَاللَّهِ لأَخْرُجُ مِنْكِ، وَإِنِّى لأَعْلَمُ أَنّكِ أَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيَّ وَأَكْرَهُهُ عَلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرُجُونِى مَا خَرَجْتُ، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، إِنَّ كُنْتمْ وُلاةَ هَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِى، فَلا تَمْنَعُوا طَائِفًا بِبَيْتِ اللَّهِ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ وَلا نَهَارٍ، وَلَوْلا أَنْ تَطْغَى قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهَا مَا لَها عِنْدَ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَهُمْ وَبَالًا، فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالًا".

= قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح" وهو كما قال، وزعم البيهقي أن ذكر السورة فيه بعد الفاتحة غير محفوظ، وقد رددناه عليه في "غرس الأشجار".

وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

ذكرناها في المصدر المشار إليه؛ وراجع "الإرواء"[3/ رقم 178، 179].

2662 -

قوى لغيره: أخرجه الحارث [1/ رقم 387/ زوائد الهيثمى]، والأزرقى في "أخبار مكة"[رقم 859]، وابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 33]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1529]، وغيرهم من طرق عن طلحة بن عمرو المكى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به

وهو عند ابن عبد البر مختصرًا بشطره الأول حتى قوله: (ما خرجت) أما ابن أبي عاصم فهو عنده بجملة: (لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بما لها عند الله) فقط.

قلت: وهذا إسناد واهٍ، وطلحة بن عمرو تركه أكثر النقاد، وضعفه الآخرون.

لكنْ للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به

مفرقًا، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة مفرقًا أيضًا، ونذكر هنا بعض ذلك:

1 -

فنقول: لشطر الحديث الأول حتى قوله: (ما خرجت) طريق آخر يرويه عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير وأبى الطفيل عن ابن عاس به نحوه

أخرجه الترمذى [3926]، وابن حبان [3709]، والحاكم [1/ 661]، =

ص: 369

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبراني في "الكبير"[10 رقم 10624، 10633]، والبيهقي في "الشعب"[3/ رقم 4013]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1181]، وغيرهم من طريقين عن ابن خثيم به.

قلتُ: وهذا إسناد جيد، وقال الترمذى:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه" وصححه الحاكم، وليس عند الحاكم في سنده (أبو الطفيل) وعنه البيهقي، ولتلك الجملة شواهد عن جماعة من الصحابة.

2 -

ويشهد لقوله: (يا بنى عبد مناف إن كنتم ولاة هذا الأمر من بعدى) مرسل حميد بن عبد الرحمن الحميرى - وهو ثقة من أوساط التابعين - عند أحمد [1/ 5]، بإسناد صحيح إليه؛ وهو مطول وفيه قول أبى بكر لسعد: "ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر

".

ومن طريق أحمد أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[30/ 272 - 273]، وكذا أخرجه الطبرى في "تاريخه"[2/ 233 - 234].

ووجدت له شاهدًا موصولًا من حديث ابن مسعود مرفوعًا بلفظ: (يا معشر قريش؛ فإنكم ولاة هذا الأمر

) أخرجه الخطيب في "تاريخه"[10/ 176]، والشاشى في "مسنده"[رقم 804]، من طريقين عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن مسعود به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح لولا أن عبيد الله لا يصح له سماع من ابن مسعود قط، راجع "جامع التحصيل"[ص 232]، وأصح من كل هذا حديث عمرو بن العاص مرفوعًا: (قريش ولاة الناس في الخير والشر

) عند الترمذى [2227]، وأحمد [4/ 203]، وجماعة، وسنده صحيح مستقيم؛ وكذا يشهد لها حديث أبى هريرة الآتى [برقم 6264]، بلفظ: (الناس تبع لقريش في هذا الشأن

).

3 -

ويشهد لقوله: (فلا تمنعوا طائفًا ببيت الله ساعة من ليل ولا نهار) حديث جبير بن مطعم الآتى [برقم 7415]، وسنده حسن على شرط مسلم.

4 -

ويشهد لقوله: (ولولا أن تطغى قريش لأخبرتها بما لها عند الله) حديث قتادة بن النعمان عند أحمد [6/ 384]، والشافعي [696]، والطبراني في "الكبير"[19/ رقم 10]، والبيهقي في "المعرفة"[رقم 36]، وسنده ضعيف، ولفظه نحو الماضى. =

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويشهد له أيضًا حديث جابر بن عبد الله مثله

ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 2591]، ثم قال: "قال أبى: هذا حديث منكر

".

وأصح من هذا حديث معاوية بن أبى سفيان مرفوعًا بلفظ: (واللَّه لولا أن تبطر قريشًا لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل أخرجه أحمد [4/ 101]، وابن أبى شيبة [32387]، وابن أبى عاصم في السنة [2/ رقم 1527]، وغيرهم؛ وسنده قوى.

وهو بهذا اللفظ له شواهد عن جماعة من الصحابة مثله

منها حديث عائشة عند أحمد [6/ 158]، بإسناد صحيح.

ووجدت لها طريقًا آخر عن ابن عباس مرفوعًا باللفظ الماضى عند البزار [465]، لكن بإسناد ضعيف غريب.

5 -

ولقوله: (اللَّهم إنك أذقت أولهم وبالًا؛ فأذق آخرهم نوالًا) طريق آخر عن ابن عباس، يرويه الأعمش عن طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه

أخرجه الترمذى [3908]، وأحمد [1/ 242]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1538]، والبخارى في "تاريخه"[1/ 25]- معلقًا - والعقيلى في "الضعفاء"[2/ 227]، غيرهم.

وسنده حسن لولا عنعنة الأعمش، وقد وقع عند أحمد: (قال الأعمش: ثنا عن طارق

) وهذا ظاهره عدم سماع الأعمش له من طارق، وطارق هو ابن عبد الرحمن الأحمسى صدوق متماسك؛ وله شاهد مرسل عن عبيد بن عمير بنحو اللفظ الماضى عند أبى شيبة [32396]، بسند صحيح إليه.

وقد وهم فيه بعضهم ووصله من حديث ابن عمر، كما تراه عند ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 275]، ومن طريقه القضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1488].

- المحفوظ فيه هو الإرسال، وقد وجدت له طريقًا آخر عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ:(اللَّهم أذقت أولها نكالًا فأذق آخرها نوالًا) أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[9/ 65]، وابن عدى في "الكامل"[1/ 284].

وسنده منكر، وله شاهد آخر بهذا اللفظ الماضى عن عدى بن حاتم في سياق طويل عند الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 201] وسنده ضعيف غريب.

وشاهد رابع عن ابن مسعود مرفوعًا مثله عند الطيالسى [309]، وأبى نعيم في =

ص: 371

2663 -

حدّثنا محمد الأحمسى، حدّثنا محمد بن فضيل، حدّثنا الكلبى، عن أبى صالح، عن ابن عباس، في قوله:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)} [النبأ: 14]، قال: المعصرات: الرياح، ثجاجا: قال: منصبا.

= "الحلية"[6/ 295]، والخطيب في "تاريخه"[2/ 60]، والعقيلى [4/ 289]، وابن عساكر في "تاريخه"[51/ 326]، وجماعة، وسنده تالف، راجع "الضعيفة"[1/ 573].

• تنبيه: سقط ذكر (عطاء) من سند المؤلف في الطبعتين، واستدركته من "المطالب"[رقم 4230]، ووقع طلحة في إسناد المؤلف مبهمًا دون نسبة، فظنه حسين الأسد في تعليقه:(طلحة بن عبد الله بن عوف)!!.

26 -

ضعيف: هذا إسناد هالك جدًّا، قال الهيثمى في "المجمع" [7/ 280]:"رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب الكلبى وهو ضعيف" ومثله قال صاحبه البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 5888].

وهذا تسامح عهدناه كثيرًا منهما، والكلبى هذا إن لم يكن كذابًا، فليس بضعيف أصلًا، كيف وقد أخرج ابن حبان في "المجروحين"[2/ 254]، والبخارى في "تاريخه""الكبير"[1/ 101]، وغيرهم بالإسناد الصحيح عن الثورى أنه قال:"قال لى الكلبى: ما سمعته منى عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب" لفظ ابن حبان، فتبًا للكلبى سائر الدهر! وله طريق آخر عن ابن عباس بتفسير المعصرات فقط عند الطبراني في "تفسيره"[12/ 398]، وسنده واه.

وله طريق ثالث عند الخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 950]، وابن أبى حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"[8/ 303/ طبعة دار طيبة]، من طريقين عن أبى داود الحفرى عن الثورى عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به دون تفسير (ثجاجًا).

قلتُ: وهذا إسناد صحيح لو سلم من عنعنة الأعمش، ولتفسير الماء الثجاج طريق آخر عن ابن عباس به

علقه البخارى [4/ 1880/ طبعة البغا]، ووصله ابن أبى حاتم في "تفسيره" كما في "الفتح"[8/ 689]، وابن جرير في "تفسيره"[12/ 398]، وسنده ضعيف ما يصح ولا كاد.

• تنبيه: قول المؤلف: (حدثنا محمد الأحمسى) علق عليه حسين الأسد في طبعته بالهامش [5/ 70]، قائلًا:"في الأصلين "أحمد" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وانظر كتب الرجال". =

ص: 372

2664 -

وعن ابن عباس في قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19] قال: الصيب: المطر.

2665 -

وعن ابن عباس في قوله: {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)} [ص: 36] قال: الرخاء: المطيعة، وأما قوله:{حَيْثُ أَصَابَ (36)} ، قال: حيث أراد.

= قلتُ: قد نظرنا في (كتب الرجال) فوجدنا هذا الأسد واهمًا، وإنما الصواب في شيخ المؤلف هو:(أحمد الأخنسى) وهو أحيحد بن عمران الكوفي أبو عبد الله، له ترجمة في "اللسان"[1/ 234]، وغيره؛ وذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 13]، وقال:"حدثنا عنه أبو يعلى؛ مستقيم الحديث".

وهو المراد في إسناد المؤلف هنا بلا تردد؛ فهكذا ذكر الحافظ في "المطالب"[رقم 3871]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة" ونقلا سند المؤلف هنا فقالا: (وقال أبو يعلى: ثنا أحمد بن عمران الأخنسى

إلخ) وقد وقع في الطبعة العلمية [2/ 539] على الصواب، لكن تصحف هناك:(الأخنسى) إلى (الأحمسى) فانتبه يا رعاك الله.

2664 -

صحيح: إسناده هالك كسابقه، لكن له طرق أخرى عن ابن عباس به

منها:

1 -

طريق محمد بن عبيد الطنافسى عن هارون بن عنترة عن أبيه عنترة بن عبد الرحمن عن ابن عباس به

أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"[2/ رقم 723]، والطبرى في "تفسيره"[1/ 182]، من طريقين عن الطنافسى به ..

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم. رجاله كلهم ثقات.

2 -

ومنها طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس به

عند الطبراني في "تفسيره"[1/ 182]، بإسناد ضعيف إلى معاوية، وابن أبى طلحة لم يدرك، ابن عباس أصلًا، راجع "جامع التحصيل"[ص 240].

3 -

ومنها طريق موسى بن هارون الهمدانى عن عمرو بن حماد القناد عن أسباط بن نصر عن السدى عن أبى مالك وأبى صالح عن ابن عباس به

عند الطبراني أيضًا [1/ 94]، وسنده صحيح في المتابعات.

2665 -

ضعيف جدًّا: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[22/ 269]، من طريق المؤلف به

مختصرًا ببعض من أوله. =

ص: 373

وفى قوله: {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} [الروم: 148] يقول: قطعًا بعضها فوق بعض {فَتَرَى الْوَدْقَ} [الروم: 48]، يعنى المطر:{يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [الروم: 48]: من بينه.

2666 -

وعن ابن عباس، في قوله:{إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266]، قال: الإعصار: الريح الشديد.

2667 -

وعن ابن عباس، في قوله:{أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} [يوسف: 144] قال: هي الأحلام الكاذبة.

= قلتُ: وسنده مظلم كما مضى؛ فيه الكلبى ذلك الساقط المتروك المكذب الخاسر، ولبعض فقراته طرق أخرى عن ابن عباس، لا يصح منها شئ قط.

2666 -

صحيح: إسناده مظلم، قال الهيثمى في "المجمع" [7/ 43]:"رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب الكلبى، وهو ضعيف جدًّا".

قلتُ: لكن له طرق أخرى عن ابن عباس به

أصحها طريق الثورى عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس به

لكنه قال: (ريح فيها سموم شديد) بدل: (الريح الشديد) أخرجه الحاكم [2/ 311]، وابن أبى الدنيا في "المطر والرعد والبرق"[161]، من طريقين عن الثوري به

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وهو كما قال، وهارون بن عنترة ثقة صالح لم يتكلم فيه أحد بحجة، أما شنشنة ابن حبان بشأنه في "المجروحين"[3/ 93]، فمما لا يلتفت إليها بعد مثل قول أبى زرعة عن هارون:"لا بأس مستقيم الحديث".

فكيف وقد وثقه أحمد وابن معين والعجلى وابن سعد وغيرهم؟! واضطرب فيه كلام الدارقطنى، لكن يد الله مع الجماعة، وللأثر طرق أخرى كما ذكرنا، تراها عند الطبرى في "تفسيره"[3/ 74].

2667 -

ضعيف جدًّا: إسناده ساقط كسابقه، قال الهيثمى في "المجمع" [7/ 122]:"رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب الكلبى، وهو متروك".

وبه أعله البوصيرى أيضًا في "إتحاف الخيرة"[رقم 5737]، لكن له طريق آخر عن ابن عباس =

ص: 374

2668 -

وَعَنِ ابن عباسٍ، في قوله عز وجل:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275]، قال: يعرفون يوم القيامة بذلك، لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المجنون المخنّق، {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وكذبوا على الله، {وَأَحَلَّ اللَّهُ

= به مثله دون قوله: (الأحلام) أخرجه الطبرى في "تفسيره"[7/ 223]، قال:(حدثنى محمد ابن سعد قال: حدثنى أبى قال: حدثنى عمى قال: حدثنى أبى عن أبيه عن ابن عباس به).

قلتُ: وهذا إسناد واه مسلسل بالضعفاء:

1 -

فمحمد بن سعد هو ابن محمد بن الحسن بن عطية العوفي مشاه الدارقطني، وضعفه الخطيب البغدادى، راجع ترجمته من "تاريخ بغداد"[5/ 322].

2 -

وأبوه هو سعد بن محمد بن الحسن بن عطية، قال عنه الإمام أحمد:"لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك" راجع "تاريخ بغداد"[9/ 126].

3 -

وعمه هو الحسين بن الحسن بن عطية وقد ضعفه النقاد دون اختلاف، وترجمته في "اللسان"[2/ 278]، وغيره.

4 -

وأبوه هو الحسن بن عطية العوفي، وحاله مثل حال ولده عند النقاد، وهو من رجال "التهذيب".

5 -

وجده هو عطية بن سعد العوفي، ذلك الضعيف المدلس المشهور، فأيش هذا الإسناد المتزلزل!.

2668 -

باطل: أخرجه الواحدى في "أسباب النزول"[ص 58 طبعة الحلبى]، من طريق المؤلف به

مختصرًا بجملة سبب نزول آية تحريم الربا حتى قوله: (فتبخسون منه).

قلتُ: وإسناده مُتَداعٍ كسابقه، قال الهيثمى في "المجمع" [4/ 214]:"رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن السائب الكلبى، وهو كذاب" وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 2818]: "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف محمد بن السائب الكلبى".

قلتُ: الكلبى يدور أمره على الكذب أو الترك، وهو إلى الأول أقرب، وقد مضى قول الثورى عند ابن حبان في "المجروحين"[2/ 254]، بالإسناد الصحيح إليه، قال:"قال لي الكلبى: ما سمعته منى عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب" وهذا الأثر من روايته عن أبى صالح.

ص: 375

الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} إلى قو له: {وَمَنْ عَادَ} فأكل الربا. {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة: 275]، وقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى آخر الآية [البقرة: 278 - 279]، فبلغنا واللَّه أعلم أن هذه الآية نزلت في بنى عمرو بن عمير بن عوف من ثقيفٍ، وفى بنى المغيرة من بنى مخزومٍ، كانت بنو المغيرة يربون لثقيفٍ، فلما أظهر الله رسوله على مكة، وضع يومئذ الربا كله، وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم، وما كان عليهم من ربًا فهو موضوع، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر صحيفتهم: أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، أن لا يأكلوا الربا ولا يؤاكلوه، فأتاهم بنو عمرو بن عميرٍ، وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسيدٍ وهو على مكة، فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟! وضع عن الناس غيرنا! فقال بنو عمرو بن عميرٍ: صولحنا على أن لنا ربانا، فكتب عتاب بن أسيدٍ في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] فعرف بنو عمرٍو أن الإيذان لهم بحربٍ من الله ورسوله بقوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة]، {لَا تَظْلِمُونَ} فتأخذون أكثر، {وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} فتبخسون منه، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} أن تذروه خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون، {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} [البقرة: 280 - 281]، فذكروا أن هذه الآية نزلت، وآخر آيةٍ من سورة النساء نزلتا آخر القرآن.

2669 -

حَدَّثَنَا عمرو بن محمدٍ الناقد، حدّثنا وكيع بن الجراح، عن شيخٍ سماه

2669 - صحيح: هذا إسناد صحيح في المتابعات؛ وفيه جهالة شيخ وكيع بن الجراح؛ وعبيد الله أو عبد الله الأزدى لم أفطن له بعد، والمحفوظ عن طاووس أنه يروى هذا الحديث =

ص: 376

وكيعٌ، قال: سمعت طاووسًا يحدِّث، عن عبد الله الأزدى، أو عبيد الله الأزدي - شك أبو عثمان، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُوحِىَ إلَيَّ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلا أَكُفَّ شَعْرًا وَلا ثَوْبًا".

2670 -

حَدَّثَنَا عمرو بن محمدٍ الناقد، حدّثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى، قال: أخبرنى زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض، واستنشق، وغسل وجهه، وغسل ذراعيه مرة، ويده مرةً، ومسح برأسه وأذنيه.

2671 -

وَأَخْبَرَنِى بعض أصحابنا، أن ابن عباسٍ، قال: وغسل رجليه.

2672 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن زيد بن أسلم، قال: حدثنى عطاءٌ، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فتمضمض، استنشق من غرفةٍ واحدةٍ.

= عن ابن عباس مباشرة دون واسطة، كما مضى [برقم 2389، 2464، 2431]، وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه.

• تنبيه: قوله: (شك أبو عثمان) فأبو عثمان هو عمرو الناقد شيخ المؤلف.

2670 -

صحيح: هذا جزء من الحديث الماضى [برقم 2486]، فراجع الكلام عليه هناك، وسنده هنا حسن على شرط مسلم؛ وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه.

2671 -

صحيح: هذه الجملة جزء من الحديث الماضى؛ كما تراه في الحديث السالف [برقم 2486]، وقوله في إسناده: (وأخبرنى بعض أصحابنا

) فقائل ذلك هو الدراوردى كما أفصحتْ عنه رواية النسائي في "سننه"[101]، فعنده بعد أن ساقه بنحو اللفظ الماضى في الرواية قبله قال:"وقال الدراوردى: وأخبرنى من سمع ابن عجلان يقول في ذلك: وغسل رجليه".

قلتُ: وابن عجلان هو أحد من رواه عن زيد بن أسلم كما مضى [برقم 2486]، ووقع في روايته غسل الرجلين، فانظر هناك.

2672 -

صحيح: انظر قبله، وقبل قبله، والماضي [برقم 2486].

ص: 377

2673 -

حَدَّثَنَا نصر بن عليّ بن نصر الجهضمى، حدّثنا موسى بن المغيرة، حدّثنا أبو موسى الصفار، قال: سألت ابن عباس - أو سئل -: أي الصدقة أفضل؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الماءُ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى أهلِ النَّارِ لمَّا اسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ الجَنَّةِ قَالُوا:{أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50].

2674 -

حَدَّثَنَا الحسن بن شبيب، حدّثنا شريكٌ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واللَّهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لأَغْزُوَنّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لأَغْزُوَن قُرَيْشًا، إِنَّ شَاءَ اللَّهُ" من حفظى هذا أو نحوه.

26 - منكر بهذا التمام: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[1/ رقم 1011]، والبيهقي في "الشعب"[3/ رقم 3380]، وابن أبى الدنيا في "صفة النار"[رقم 234]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 8560]، والذهبى في "الميزان"[4/ 224]، وغيرهم من طرق عن موسى بن المغيرة [ووقع عند البيهقي:(عن موسى بن عبد العزيز) وهو وهْم من بعضهم، أو غلط من الناسخ]، عن أبى موسى الصفار عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد مجهول، موسى بن المغيرة وشيخه شيخان مجهولان كما جزم به أبو حاتم الرازى، وأعله الهيثمى بموسى فقط في "المجمع"[3/ 322]، وهذا قصور.

وأغرب الطبراني كعادته، فإنه أخرجه في موضع آخر من "الأوسط"[6/ رقم 6192]، من طريق محمد بن موسى الحرشى عن موسى بن المغيرة بإسناده به

ثم قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به محمد بن موسى الحرشى" وليس كما قال، فقد توبع عليه الحرشى: تابعه نصر بن على الجهضمى عند ابن أبى حاتم والمؤلف؛ ومحمد بن أبى بكر المقدمى عند البيهقي والذهبى؛ وإسحاق بن إبراهيم عند ابن أبى الدنيا.

ولجملة (أفضل الصدقة الماء) شاهد من حديث سعد بن عبادة عند أبى داود وجماعة.

26 -

ضعيف: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 330]، من طريق الحسن بن شبيب عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال ابن عدى: "وهذا الحديث لا أعلم أحدًا رواه عن شريك عن سماك عن عكرمة [وقع بالأصل: هنا تكرار لشريك وسماك، ولا معنى له] عن ابن عباس موصولًا =

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إلا الحسن بن شبيب، وهذا روى عن مسعر عن سماك موصولًا ومرسلًا، والأصل في هذا الحديث مرسل".

قلتُ: الحسن بن شبيب وإن كان مختلفًا فيه - وحمل عليه ابن عدى - إلا أنه له ينفرد به عن شريك كما يظن أبو أحمد الجرجانى، بل تابعه عمرو بن عون عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11742]، والبيهقي في "سننه"[19712]، وفى "الأسماء والصفات"[رقم 356]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 277، 401]، والطحاوى في "المشكل"[5/ 78]، وغيرهم؛ وكذا تابعه محمد بن سعيد الأصبهانى عند الطحاوى في "المشكل" [5/ 79] وزاد في أوله:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى - رضى الله عنه -: ضع لى غسلًا، فوضعه، ثم قال: لِّنى ظهرك، فولاه ظهره فاغتسل ثم قال: واللَّه لأغزون .. .).

ورواه قتيبة بن سعيد عن شريك فأرسله دون الزيادة الماضية، فقال: عن شريك عن سماك عن عكرمة به

ولم يذكر فيه ابن عباس، هكذا أخرجه أبو داود [3285]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[19714]، ثم قال أبو داود:"وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك عن وسماك عن عكرمة عن ابن عباس أسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الوليد بن مسلم عن شريك: ثم لم يغزهم".

قلتُ: وقد توبع عليه شريك موصولًا ومرسلًا، تابعه مسعر، واختلف عليه في وصله وإرساله، فرواه عنه محمد بن بشر وابن عيينة - اختلف عليه - وأبو نعيم الملائى وغيرهم مرسلًا، فقالوا: عن مسعر عن سماك عن عكرمة به

، لم يذكروا فيه ابن عباس، ورواياتهم عند أبى داود [3286]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[19715]، وعبد الرزاق [11306، 16123]، والطحاوي في "المشكل"[5/ 78]، وخالفهم جماعة آخرون، رووه عن مسعر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به موصولًا، منهم:

1 -

على بن مسهر عند المؤلف في الآتى [رقم 2675]، وعنه ابن حبان [4343]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 276].

2 -

وابن عيينة - واختلف عليه كما مضى - عند الطبراني في "الأوسط"[1/ رقم 1004]، بإسناد صحيح إليه؛ وتصحف عنده (عن سفيان عن مسعر) إلى:(سفيان بن مسعود).

3 -

والحسن بن قتيبة عند أبى نعيم في "الحلية"[7/ 241]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 404]، وفي "المتفق والمفترق"[رقم 374]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1414]. =

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 4 - وابن مهدى عند الخطيب في "المتفق"[رقم 241]، لكن الإسناد إليه مغموز.

5 -

وعبد العزيز بن أبان عند أبى نعيم في "الحلية"[3/ 343]، بإسنا، صحيح إليه، لكن ابن أبان شيخ هالك متروك.

6 -

وعبد الله بن داود الخريبى عند الطحاوى في "المشكل"[5/ 77]، بإسناد صحيح إليه.

قال أبو نعيم في "الحلية"[7/ 241] عقب روايته من طريق مسعر عن سماك موصولًا: "حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس مشهور ثابت".

كذا قال، فإن كان يعنى بالثبوت ثوبته إلى سماك؛ فهو كما قال؛ وإن كان يريد بها صحة الحديث، فلا يصح ذا؛ ومداره على سماك بن حرب، وبه أعله ابن حزم في "المحلى"[8/ 48]، وقال:"سماك ضعيف يقبل التلقين".

قلتُ: أما ضعفه فلا؛ وقد وثقه جماعة؛ أما التلقين فنعم؛ وكان سماك قد تغير بأخرة وساء حفظه، حتى ربما تلقن الشئ بعد الشئ، وروايته عن عكرمة خاصة فيها اضطراب، كما قاله جماعة من النقاد وصدقوا.

ومصداق اضطرابه: هذا الحديث، فقد مضى أنه قد اختلف على شريك ومسعر في وصله وإرساله عنه، وذلك صحيح ثابت عنهما من الوجهين، قال ابن حبان في "المجروحين" [2/ 308]:"رواه مسعر وشريك عن سماك بن حرب عن ابن عباس، أرسلاه مرة، ورفعاه أخرى".

قلتُ: وهذا شاهد على كونهما قد سمعاه من سماك على الوجهين، فهو المضطرب فيه وصلًا وإرسالًا، وليس شريك ولا مسعر من قدماء أصحاب سماك الذين سمعوا منه قبل تغيره، وقد رجح جماعة من النقاد كون الوجه المرسل هو الأشبه، منهم أبو حاتم الرازى كما في "العلل"[رقم 1322]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 330].

ولفظ ابن عدى كما مضى: (والأصل في هذا الحديث مرسل) وقد ذكر الخطيب في "تاريخه"[7/ 404]، أن الثورى قد روى هذا الحديث عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس موصولًا

فإن ثبت ذلك عن الثورى فالإسناد قوى؛ والثورى ممن سمع من سماك قبل أن يتغير ذلك التغير الفاحش، فروايته عنه - هو وشعبة - أصح من رواية غيره عنه كما أشرنا إلى ذلك فيما علقناه على الحديث الماضى [برقم 2332]، لكن لا إخال ذلك يصح عن الثورى إن شاء الله.

ثم رأيت الخطيب قد ذكر في المتفق والمفترق [عقب رقم 241]، أن عبد الباقى بن قانع =

ص: 380

2675 -

حَدَّثَنَا عبد الغفار بن عبد الله، حدّثنا على بن مسهرٍ، عن مسعر بن كدامٍ، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ لأَغزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لأَغْروَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا"، ثم سكت ساعةً، فقال:"إِنْ شَاءَ اللَّهُ".

= قد روى هذا الحديث عن الحسين بن إسحاق التسترى عن أيوب بن سليمان القريش أبى يحيى السعيد - وهو شيخ مجهول الصفة - عن عبد الرحمن بن مهدى عن الثوري عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به

وقبل ذلك كان الخطيب قد أخرجه من طريق أبى بكر محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم ىن الحسين بن إسحاق عن أيوب عن سليمان عن ابن مهدى عن مسعر عن سماك بإسناده به موصولًا.

هكذا قال: (عن ابن مهدى عن مسعر) وهذا هو المحفوظ؛ والحديث حديث مسعر؛ وهو مشهور من روايته عن سماك؛ وما أرى ابن قانع إلا وقد سلك الطريق في روايته، وابن قانع - على حفظه ومعرفته - كان ممن يخطئ ويصر على الخطأ كما قاله الدارقطنى، راجع "تاريخ بغداد"[11/ 88]، والحديث لا يثبت مرسلًا ولا موصولًا.

نعم: قد توبع سماك عليه موصولًا، تابعه عبد الواحد بن صفوان عند ابن عدى في "الكامل"[5/ 298]، لكن عبد الواحد هذا وإن وثقه ابن حبان، ومشاه ابن معين في واية، إلا أن النسائي قد قال عنه:"ليس بثقة".

وقال ابن معين في الرواية الأخرى: "ليس بشئ" وقال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل" بعد أن ساق له هذا الحديث مع جملة غيره: "ولعبد الواحد ابن صفوان غير ما ذكرت من الحديث؛ وعامة ما يرويه مما لا يتابع عليه".

والحديث ذكره ابن القطان الفاسى من هذا الطريق في كتابه، "الوهم والإيهام" كما في "نصب الراية"[3/ 309]، ثم قال:"وعبد الواحد هذا ليس حديثه بشئ، والصحيح مرسل".

قلتُ: وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن حبان في "المجروحين"[2/ 307]، وسنده منكر جدًّا، ولا يصح في هذا الباب حديث.

2675 -

ضعيف: انظر قبله.

ص: 381

2676 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا معاوية بن هشام، أخبرنا سفيان، عن حبيبٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف أصبحتم؟ قال: "بِخَيْرٍ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يَعُودُوا مَرِيضًا، وَلَمْ يَشْهَدُوا جِنَازَةً".

2677 -

حَدَّثَنَا هارون بن معروف، حدّثنا ابن وهبٍ، حدثنى مخرمة بن بكيرٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: ذكرت صلاةً الليل، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"نِصْفَهُ، ثُلُثَهُ، رُبْعَهُ، فُوَاقَ حَلْبِ نَاقَةٍ، فُوَاقَ حَلْبِ شَاةٍ".

2678 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن داود بن قيسٍ، حدثنى صالحٌ

2676 - صحيح: هذا إسناد حسن كما قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 26]، ومن هذا الطريق: أخرجه البيهقي في "الشعب"[7/ رقم 9255]، و [6/ رقم 9198]، والطبراني في "الدعاء"[رقم 1936].

ثم بدا لى أن حبيب بن أبى ثابت قد ثبت عليه التدليس، وقد عنعنه كما ترى، وعطاء هو ابني أبى رباح؛ ومعاوية بن هشام صدوق يخطئ، وقد رأيته خولف فيه، خالفه وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ - فرواه عن الثورى فقال: عن عثمان الثقفى عن سالم بن أبى الجعد عن ابن عباس به

هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [25802]، وهذا هو المحفوظ عندى عن الثورى، وسنده صحيح إن كان سالم قد سمعه من ابن عباس، وعثمان الثقفى هو ابن المغيرة الكوفى؛ وللحديث شاهد عن جابر بن عبد الله مضى [برقم 1937].

2677 -

ضعيف: قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1696]: "رواه أبو يعلى بإسناد صحيح".

قلتُ: من أين أتته الصحة وبكير الأشج - والد مخرمة - لم يصح له سماع من ابن عباس باتفاقهم، بل ما لقيه ولا رآه أصلًا.

وكأن الهيثمى أدرك ذلك فقال في "المجمع"[2/ 522]: (رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" وهذا تعبير مستقيم، ومثله قال المنذرى في "الترغيب" [1/ 243]، وقد تكلموا في سماع مخرمة من أبيه، وعلة الانقطاع أقوى. وراجع "الضعيفة" [8/ 388] للإمام.

26 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 346]، والطبراني في "الكبير"[10/ رقم 10803]، وعبد الرزاق [4434]، وابن أبى شيبة [8230]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[709]، =

ص: 382

مولى التوأمة، عن ابن عباسٍ، قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في غير سفرٍ ولا مطرٍ، قال: قلت: ما أراد بذلك؟ قال: أراد التوسعة على أمته.

2679 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا عبد الرحيم، عن أشعث، عن

= وابن مردويه في "جزء فيه من أحاديث ابن حيان"[رقم 35]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 176]، والطحاوى في شرح "المعانى"[1/ 160]، وغيرهم من طرق عن داود بن قيس عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الإمام في "الإرواء"[3/ 36 - 37]: "هذا سند حسن في المتابعات والشواهد، رجاله ثقات رجال مسلم غير صالح هذا، ففيه ضعف".

قلتُ: إنما تكلم من تكلم في صالح؛ لكونه قد اختلط بأخرة حتى سال لعابه من شدة الاختلاط، وإلا فقد وثقه جماعة؛ وقال ابن معين:"ثقة وكان قد خرف قبل موته؛ فمن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت" وقد نص ابن عدى في "الكامل"[4/ 57]، على جماعة سمعوا منه قبل الاختلاط وهم:(ابن جريج، وابن أبى ذئب، وزياد بن سعد) ولم يذكر فيهم داود بن قيس راوى هذا الحديث عنه.

نعم رأيت ابن عدى قد أخرجه [4/ 57]، من طريق ابن جريج عنه بإسناد صحيح إليه لكن ابن جريج قبيح التدليس جدًّا، وقد عنعنه، وقد ذكر الإمام أحمد في "العلل"[2/ 30]، أن وكيعًا قد رواه عن ابن أبى ذئب عن صالح بإسناده به

وابن أبى ذئب ممن سمع من صالح قديمًا كما ذكر ابن عدى وغيره؛ فالإسناد قوى لولا أن الإمام أحمد قال عقب ذكره: "إنما هو حديث داود بن قيس، ليس هو من حديث ابن أبى ذئب" وهذا إعلال منه لرواية وكيع، كأنه وهم فيه وسلك الجادة، و (ابن أبى ذئب عن صالح مولى التوأمة) أشهر عندهم من (داود بن قيس عن صالح).

لكن للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

مضى بعضها [برقم 2401]، وراجع "الإرواء"[3/ 34 - 38] للإمام.

• تنبيه: وقع عند الطبراني وابن أبى شيبة وابن عدى: (من غير خوف ولا مطر) وهو عند الآخرين: (في غير سفر ولا مطر) وكلاهما له طرق ثابتة عن ابن عباس به.

2679 -

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11709]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 5923]، وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 3471] وغيرهم من طريق =

ص: 383

عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرًا، فقال لأهله: احملونى، فأخرجونى من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحى:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} حتى بلغ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النساء: 100].

= عبد الرحيم بن سليمان [ووقع عند الجميع حتى المؤلف سوى أبى نعيم: (عن عبد الرحمن) وهو تصحيف] عن أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الهثيمى في "المجمع"[7/ 69]: "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات" وكذا قال، كأنه اعتمد على توثيق بعضهم لأشعث بن سوار، وترك تضعيف سائر النقاد له، وكان أشعث فاحش الخطأ كثير الوهم كما يقول ابن جان في "المجروحين"[1/ 171]، لكنه توبع عليه: تابعه عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: (نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]، فكان بمكة رجل يقال له: ضمرة من بنى بكر وكان مريضًا، فقال لأهله: أخرجونى من مكة؛ فإنى أجد الحر، فقالوا: أين نخرجك؟! فأشار بيده، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 15] إلى آخر الآية).

أخرجه الطبرى في "تفسيره"[9/ 118/ طبعة الرسالة]، من طريق أحمد بن منصور الرمادى عن أبى أحمد الزبيرى قال حدثنا شريك عن عمرو بن دينار به.

قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات إلا شريك النخعى فهو سيئ الحفظ على جلالته، ثم رأيت ابن أبى حاتم قد أخرجه في "تفسيره"[5921]، من طريق أحمد بن منصور بإسناده به

لكنه قال: (عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار) هكذا وقع عنده: (محمد بن شريك) وأرى ذلك هو الصواب؛ لكون محمد بن شريك مكثرًا فن الرواية عن عمرو بن دينار؛ بخلاف شريك القاضى، وكذا أبو أحمد الزبيرى، روايته عن محمد بن شريك أشهر من روايته عن شريك.

فالظاهر أن (محمد بن) قد سقطت من سند الطبرى، ومحمد بن شريك هذا ثقة من رجال أبي داود؛ فالإسناد صحيح مستقيم.

وقد وجدت أبا نعيم قد نصر في "المعرفة" على أن أبا أحمد الزبيرى قد رواه عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به

، وهكذا قال له ابن منده أيضًا في "المعرفة" كما في "الإصابة"[3/ 491]. =

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد خولف محمد بن شريك في وصله، خالفه سفيان بن عيينة، فرواه عنه عبد الرزاق فقال: عن عمرو بن دينار عن عكرمة به موقوفًا عليه نحوه

، لم يذكر فيه (ابن عباس).

هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[9/ 115]، بإسناد صحيح إلى عبد الرزاق به

وقد توبع عليه عبد الرزاق: تابعه محمد بن أبى عمر العدنى ويعقوب بن حميد وسعيد بن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة به موقوفًا عليه نحوه بسياق أتم

عند الفاكهى في "أخبار مكة"[رقم 2313].

وتابعهم أبو الوليد الأزرقى عليه عن ابن عيينة عند الأزرقي في "أخبار مكة"[رقم 986]، بسياق أتم أيضًا، وخالفهم جميعًا رجاء بن عبد الله الصنعانى، فرواه عن ابن عيينة فقال: عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس نحوه بسياق أتم عند أبى نعيم في "المعرفة"[رقم 1502]، وابن منده في "المعرفة" كما في "الإصابة"[1/ 515]، كلاهما من طريق رجاء به.

قلتُ: رجاء هذا لم يُتَرْجمه سوى ابن حبان في "الثقات"[1/ 220]، ولم يزد على قوله:"يروى عن يعلى بن عبيد، روى عنه أهل بلخ "ومثله لا يقوى على مخالفة خمسة من أصحاب ابن عيينة، فالحفوظ عن سفيان هو الوجه الأول، وهو المحفوظ عن عمرو بن دينار أيضًا، فابن عيينة هو أثبت الناس في ابن دينار بلا جدال.

ويؤيد الوجه الموقوف: متابعة ابن جريج لعمرو بن دينار عن عكرمة به

نحوه عند الطبرى في "تفسيره"[9/ 117]، لكن الطريق إليه مغموز، وابن جريج نفسه يدلس وقد عنعنه، فالعمدة على رواية عمرو بن دينار.

وقد خولف فيه عمرو، خالفه الحكم بن أبان، فرواه عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه موصولا، هكذا أخرجه ابن منده في "المعرفة" كما في "الإصابة"[1/ 515].

وعلقه ابن عبد البر في "الاستيعاب"[1/ 225]، وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة"[رقم 1504]، لكنه سمى الرجل المهاجر:(ضمرة بن أبى العيص) هكذا عند أبى نعيم؛ وعند ابن عبد البر سماه: (ضمرة بن العيص) وعند ابن منده قال: (ضمرة أو ابن ضمرة) هكذا بالشك.

والحكم بن أبان صدوق صالح فيه كلام يسير؛ لكنه لا يقوى على مخالفه عمرو بن دينار أصلًا، فالمحفوظ في هذا الأثر: إنما هو من قول عكرمة موقوفًا عليه. هذا ما ظهر لى. واللَّه المستعان.

ص: 385

2680 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر، حدّثنا عبدة، عن الأعمش، عن مسعود بن مالك، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ".

2681 -

حَدَّثَنَا عمرو بن محمدٍ الناقد، حدّثنا عثام بن عليّ، أخبرنا الأعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الركعتين من الليل، ثم ينصرف فيستاك.

2682 -

حَدَّثَنِي سليمان أبو أيوب الشاذكونى، قال: حدثنى عبد الرحمن، عن سفيان، عن ابن أبى ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبى قتادة في سلبٍ سلبه:"دَعْهُ وَسَلَبَهُ".

2680 - صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2563].

2681 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2485].

2682 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 289]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12060]، من طريقين عن الثورى عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه ابن المبارك وابن مهدى عن الثورى على هذا الوجه، وخالفهما مهران بن أبى عمر العطار، فرواه عن الثورى فقال: عن أبى العلاء عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على أبى قتادة قد قتل رجلًا، فقال: دعوا أبا قتادة وسلبه)، وهذا اللفظ هو نحو لفظ أحمد والطبراني.

وقد رواه عن مهران: محمد بن حمد الرازي؛ فجعل مهران شيخ الثورى فيه هو: (أبا العلاء) بدل: (ابن أبى ليلى) هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 1006]، ثم نقل عن أبى زرعة أنه قال:(هذا خطأ؛ إنما هو سفيان عن ابن أبى ليلى).

قلتُ: وهو كما قال، ومهران هذا مختلف فيه، وقد قال العقيلى في "الضعفاء" [4/ 229]:"روى عن الثورى أحاديث لا يتابع عليها" وقال ابن معين: "كان عنده غلط كثير في حديث سفيان"، نقله عنه المزى في "تهذيبه"[28/ 597]. =

ص: 386

2683 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا عبدة بن سليمان، ممن هشام بن عروة، عن بكر بن وائلٍ، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباسٍ، قال: جاء سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمى ماتت وعليها نذرٌ، ولم تقضه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اقْضهِ عَنْهَا".

2684 -

حَدَّثَنَا معاذ بن شعبة، حدّثنا عباد بن العوام، حدّثنا هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحُدٍ، فقال:"مَا يَسُرُّني أَنَّهُ ذَهَبٌ لآل مُحَمَّدٍ أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ، وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارَانِ".

= ثم إن الراوى عنه وهو محمد بن حميد الرازى تركه جماعة وكذبه آخرون، وعلى كل حال: فالمحفوظ عن الثورى: هو الوجه الأول؛ وفيه علتان:

الأولى: ابن أبى ليلى ضعيف الحفظ مضطرب الحديث.

والثانى: الحكم بن عتيبة لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث فقط، كما نص، عليه جماعة من النقاد، راجع "جامع التحصيل"[ص 167] للعلائى؛ واللَّه المستعان.

2683 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2383].

2684 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 300، 301]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11899]، والحارث في "مسنده"[رقم 298/ زوائده]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[598]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 2450]، وحماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم[رقم 47]، وغيرهم من طرق عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس به

وزادوا جميعًا - سوى المؤلف -: (إلا دينارين أعدهما لدَيْن إن كان؛ فمات وما ترك دينارًا ولا درهمًا ولا وليدة، وترك درعه مرهونة عند يهودى على ثلاثين صاعًا من شعير) لفظ أحمد؛ وليس عند الحارث ولا الطبراني قوله: (فمات وما ترك دينارًا

إلخ) وزاد الطبري عليهم: (ثم قال ابن عباس: لقد كان يأتى على آل محمد صلى الله عليه وسلم الليالى ما يجدون فيها عشاء)

وهو بسياق الطبرى جميعًا عند أبى نعيم في "الحلية"[3/ 342]، وهو عند جماعة بالزيادة الماضية مثل لفظ أحمد فقط؛ وهكذا هو عند ابن ماجه [2439]، مختصرًا بلفظ:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه رهن عند يهودى بثلاثين صاعًا من شعير).

قلتُ: قال المنذرى في "الترغيب"[2/ 30]: "رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أحمد جيد قوى" =

ص: 387

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال: أبو نعيم عقب روايته: "هذا حديث صحيح ثابت من غير وجه، لم يروه عن عكرمة فيما أعلم إلا هلال بن خباب".

قلتُ: وهلال وثقه الجماعة؛ لكن ذكر يحيى القطان وغيره أنه قد اختلط أو تغير بآخرة - وأنكر ذلك ابن معين - فذكره ابن عدى والعقيلى وابن حبان لذلك في "الضعفاء"، وقد قال ابن عدى في ختام ترجمته من "الكامل" [7/ 121]: "أرجو أنه لا بأس به

".

أما ابن حبان فإنه قد تناكد بشأنه، فذكره في "الثقات"[7/ 574]، وقال:"يخطئ ويخالف"، ثم عاد وذكره في "المجروحين"[3/ 87]، وهوَّل على عادته وقال: "كان ممن اختلط في آخر عمره؛ فكان يحدِّث بالشئ على التوهم، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد

".

قلتُ: ابن حبان كثيرًا ما يعتمد على قول ابن معين في جرح الرواة والنقلة، وها هو ذا ابن معين يقول عن هلال:"ما اختلط ولا تغيَّر .. هو ثقة مأمون" كما في "تاريخ بغداد"[14/ 73]، بإسناد صحيح إليه؛ لكن قول من جزم بكون هلال قد تغير قبل موته هو الأولى بالقبول؛ لكونه زيادة علم ليست عند النافى.

وقد أخرج ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[9/ 75]، بإسناد صحيح عن يحيى القطان أنه قال:"أتيت هلال بن خباب وكان قد تغير قبل موته من كبر السن".

قلتُ: لكن يبدو أن عامة من روى عن هلال إنما كان قبل ذلك؛ ولم يكن تغيره بالفاحش، وإلا لما نفاه ابن معين كما مضى؛ بل هو تغير يسير، لا يرد لأجله حديث الرجل إن شاء الله؛ بل يؤخذ به عند المخالفة ووقوع النكارة في حديثه ونحو ذلك؛ وهذا هو التحقيق بشأنه.

على أنه قد توبع على نحوه بالزيادة التى في آخره، ومع زيادة في أوله عند الطبراني في "الكبير"[11/ 11697]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[8/ 127]، لكن الإسناد إلى المتابع لا يصح.

وللحديث شواهد نحو سياق المؤلف عن جماعة من الصحابة. وهو صحيح ثابت كما قال أبو نعيم.

• تنبيه: أعل حسين الأسد في "تعليقه" إسناد المؤلف بشيخه معاذ بن شعبة، فقال:"روى عنه اثنان، ولم يوثقه أحد" كذا قال، ومعاذ هذا روى عنه جماعة من الثقات الحفاظ: مثل المؤلف وأبى جعفر الطبرى والحسن بن سفيان الفسوى وموسى بن إسحاق الأنصارى وقاسم بن زكريا المطرز، وهشام بن على السيرافى وعبد الله بن الإمام أحمد وغيرهم؛ ورواية الأخير عنه تعد توثيقًا له كما شرحناه في غير هذا المكان؛ بل قد ذكره ابن حبان في "الثقات"[9/ 178] أيضًا.

ص: 388

2685 -

حدّثنا أبو كريب، حدّثنا عبيد الله الأشجعى، عن سفيان، عن حكيم بن الديلمى، عن الضحاك، عن ابن عباس {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} [النجم: 61]، قال: كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم شامخين ألم تر إلى العجل كيف يخطر شامخا؟!.

2686 -

حَدَّثَنَا منصور بن أبى مزاحمٍ، حدّثنا عبد الحميد بن بهراء، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب امرأةً من قريشٍ، يقال لها: سودة، فقال لها:"إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الإِبِلِ نِسَاءُ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ".

2685 - صعيف: أخرجه الطبرى في "تفسيره"[11/ 541]، والدارقطنى في "جزء من حديث أبى الطاهر"[رقم 108]، والدولابى في "الكنى"[رقم 611]، وغيرهم من طرق عن عبيد الله الأشجعي عن الثوري عن حكيم بن الديلم عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس به ..

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[7/ 251]: "رواه أبو يعلى وفيه الضحاك بن مزاحم، وقد وُثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات؛ لكنه لم يسمع من ابن عباس".

قلتُ: قد نص جماعة من النقاد على كون الضحاك لم يلق ابن عباس أصلًا، راجع "جامع التحصيل"[ص 199] للعلائى.

2686 -

صحيح: دون تسمية المخطوبة بكونها: (سودة) أخرجه أحمد [1/ 318]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12014]، وأبو نعيم في "الحلية"[6/ 66]، وابن منده في "المعرفة" كما في "الإصابة"[7/ 732]، والحافظ في "تغليق التعليق"[3/ 173]، وأبو نعيم أيضًا في "المعرفة"[رقم 7058]، والطبرى في "ذيل المذيل"[ص 93/ المنتخب منه]، وغيرهم من طرق عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به. .. وهو عندهم أتم سياقًا مما هنا.

قلتُ: قال الحافظ في "الفتح"[9/ 512]: "سنده حسن" وقال في "التغليق": "هذا حديث حسن، وقد قوى الإمام أحمد حديث شهر بن حوشب إذا كان من رواية عبد الحميد بن بهرام عنه، وحسن له الترمذى حديثًا غير هذا تفرد به عبد الحميد عن شهر عن ابن عباس

".

قلتُ: الكلام في شهر طويل الذيل، والتحقيق بشأنه: أنه صدوق كثير المناكير؛ ليس بحجة إذا انفرد، وعبد الحميد بن بهرام صدوق صالح؛ وروايته عن شهر أصح من غيرها؛ لكونه لازمه زمانًا، وكان من أحفظ الناس لحديثه حتى عرف بـ (صاحب شهر). =

ص: 389

2687 -

حَدَّثَنَا محرزٌ، حدّثنا شريكٌ، عن حسينٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب متوشحًا به، قد خالف بين طرفيه يتقى بفضله حر الأرض وبردها.

2688 -

حَدَّثَنَا عبد الأعلى، حدّثنا معتمرٌ، قال: سمعت ليثًا، عن أبى فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِتَشْيِيدِ المسَاجِدِ".

2689 -

حَدَّثَنَا محمد بن عليّ بن شقيق، قال: سمعت أبى، يقول: أخبرنا أبو حمزة، عن ليث، عن أبى فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَمْ أُؤمَرْ بِتَشْيِيدِ المسَاجِدِ".

2690 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حيان، حدثنا محمد بن أبى عدى، عن سعيدٍ، عن عليّ بن الحكم، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن كل ذى نابٍ من السباع، وعن كل ذى مخلبٍ من الطير.

= وللحديث طريق آخر أخرجه قاسم بن ثابت في "الدلائل" من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عند ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير من ركب الإبل: نساء قريش، أشفقه على ولد؛ وأعطفه على زوج في ذات يده) ذكره الحافظ في "التغليق"[2/ 173]، و"الفتح"[9/ 512]، وسنده حسن إن صح الطريق إلى الحكم بن أبان.

والحديث صحيح ثابت دون تسمية المخطوبة بكونها (سودة)،؛ فله شواهد منها حديث أبى هريرة كما يأتى عند المؤلف [برقم 6673]، وهو في الصحيح.

3687 -

ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2446].

2688 -

ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2454].

2689 -

ضعيف: راجع [رقم 2454].

2690 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3805]، والنسائى [4348]، وابن ماجه [3234]، وأحمد [1/ 339]، والبيهقي في "سننه"[1943]، وأبو نعيم في "الحلية"[4/ 301]، وابن الجارود [893]، وابن عبد البر في "التمهيد"[10/ 123]، وابن المنذر في "الأوسط"[872]، =

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 190]، وفى "المشكل"[8/ 196]، والخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1141]، والبزار [4999] وغيرهم من طرق عن سعيد بن أبى عروية عن علي بن الحكم المصرى عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم؛ رجاله كلهم ثقات مشاهير؛ وعلى بن الحكم وثقه الجماعة، وضعفه الأزدى بلا مستند، فلا عبرة بهذا؛ لكن خولف فيه ابن الحكم، خالفه جماعة، كلهم رروه عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به

، ولم يذكروا فيه سعيد بن جبير، منهم:

1 -

الحكم بن عتيبة عند مسلم [1934]، وأبى عوانة [رقم 7609]، وأحمد [1/ 289، 302، 373]، والطيالسي [2745]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12994]، والبيهقى في "سننه"[92، 19141]، وفى "الشعب"[5/ رقم 5626]، وأبى نعيم في "الحلية"[4/ 95]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 278]، وابن عساكر في "تاريخه"[10/ 102]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 417]، والطحاوى في "شرح المعانى" في "المشكل"[8/ 196]، وغيرهم من طرق عن الحكم بن عتيبة به

وقد اختلف في سنده على الحكم، كما شرحناه في "غرس الأشجار" لكن هذا هو المحفوظ عنه.

2 -

وأبو بشر جعفر بن أبى وحشية ووقعت روايته مقرونة مع رواية الحكم عند مسلم وأحمد والطيالسي والبيهقي وأبى نعيم والخطيب وأبى عوانة والطحاوي وكل ذلك مضى في رواية الحكم.

ووقعت روايته مفردة - وحده - عند مسلم أيضًا وبعض الماضين، وعند غيرهم كأبى داود [3803]، وأحمد [1/ 244، 327]، والدارمى [1982]، وابن حبان [5280]، وابن أبى شيبة [19868، 19870]، وابن الجارود [892]، وجماعة غيرهم.

3 -

وقتادة عند الطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3757]، وتمام في "فوائده"[2 رقم 1537]، وغيرهما من طرق عن سعيد بن بشير عن قتادة به.

قلتُ: وهذه متابعة لم تثبت، وسعيد ضعيف عندهم، وقد خولف في إسناده أيضًا كما ذكرناه في "غرس الأشجار". =

ص: 391

2691 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا محمد بن أبى عدىٍ، عن سعيدٍ، قال: سمعت النضر بن أنسٍ، قال: كنت عند ابن عباسٍ فجعلوا يستفتونه، فجعل يفتيهم ولا يذكر فيما يفتيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاء رجلٌ من أهل العراق أراه، فقال: إنى أصور هذه التصاوير، فقال: ادنه، ادنه، مرتين أو ثلاثًا، سمعت محمدًا صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ".

2692 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمدٍ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجاج، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباسٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ مَصْبُوغ بِزَعْفَرَانٍ قَدْ غُسِلَ، فَلَيْسَ لَهُ نَفْضٌ وَلا ردعٌ".

= 5 - 4 - والحجاج بن أرطأة وجعفر بن برقان كلاهما عن ميمون بن مهران به كما ذكره المزى في "التحفة"[رقم 6506].

وهذا الوجه الثاني عن ميمون بن مهران هو الذي رجحه الخطيب البغدادى والحافظ ابن حجر وغيرهما، وخالفهم ابن القطان الفاسى، فجزم بكون الوجه الأول هو المحفوظ عن ميمون، وتوسط بعض النقاد في الأمر؛ وقال بكون الوجهين كلاهما محفوظان؛ وأن الحديث من المزيد في متصل الأسانيد؛ فلا مانع من أن يكون ميمون بن مهران قد سمعه من سعيد بن جبير عن ابن عباس، ثم قابل ابن عباس فحدثه به

وهذا هو الظاهر عندى كما فصلته في "غرس الأشجار" واللَّه المستعان.

2691 -

صحيح: أخرجه البخارى [5618]، ومسلم [2110]، والنسائي [5358]، وأحمد [1/ 241، 350]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12900]، وابن أبى شيبة [25213]، والبيهقي في "سننه"[14346]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 109]، وغيرهم من طرق عن سعيد بن أبى عروبة عن النضر بن أنس عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم بالمرفوع منه فقط.

قلتُ: وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه .. ، مضى بعضها [برقم 2577].

2692 -

ضعيف بهذا اللفظ: مضى الكلام عليه [برقم 2579].

ص: 392

2693 -

حَدَّثَنَا عبد الأعلى، حدّثنا وهيبٌ، حدّثنا ليثٌ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ المُحْرِمُ: الحدَأَة، وَالْفَأْرَةُ، - الْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ".

2694 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حيان، حدّثنا يزيد، حدّثنا عباد بن منصورٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كانت للنبى صلى الله عليه وسلم مكحلةٌ يكتحل بها عند النوم ثلاثًا في كل عينٍ.

2693 - صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2428].

2694 -

ساقط: أخرجه الترمذي [1757، 2048]، وفى "الشمائل"[رقم 50، 51]، وابن ماجه [3499]، وأحمد [1/ 354]، والطيالسي [2681]، وابن أبى شيبة [23490]، و [25636]، والبيهقي في "سننه"[8046]، وفى "الشعب"[5/ رقم 6426]، وفي "الآداب"[613]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[573]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 484]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 31]، وابن حبان في "المجرحين"[2/ 166]، والعقيلى [3/ 136]، الطبرى في "تهذيبه"[رقم 2788]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 94]، وغيرهم من طرق عن عباد بن منصور الناجى عن عكرمة عن ابن عباس به

وزاد بعضهم في أوله زيادة مضت بإسناد جيد [برقم 2410]، وتأتى [برقم 2727]، وفيه زيادة ثالثة يأتى الكلام عليها.

قلتُ: قال الترمذى: "حديث ابن عباس حديث حسن غريب لا نعرفه على هذا اللفظ إلا من حديث عباد بن منصور

" ونقل في "العلل" [327]، عن البخارى أنه قال عن هذا الحديث: "هو حديث محفوظ، وعباد بن منصور صدوق" وقال الطبرى: "هذا خبر صحيح سنده

".

قلتُ: مداره على عباد بن منصور وهو ضعيف مدلس صاحب مناكير على التحقيق، وكان قد تغيير بآخرة أيضًا، وقد كان يدلس عن عكرمة بكثرة، حتى قال ابن حبان في "المجروحين" [2/ 166]: "كل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبى يحيى عن داود بن الحصين، فدلسها عن عكرمة، منها عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مكحلة

" وذكر الحديث، ثم أخرج بسنده عن يحيى القطان أنه قال: "قلت لعباد بن منصور الناجى: عمن وسمعت: "ما مررت بملأ من الملائكة" و "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالليل ثلاثًا" فقال: حدثنى ابن أبى يحيى عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس". =

ص: 393

2695 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حيان، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا هشامٌ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونةٌ عند رجلٍ من اليهود بعشرين صاعًا من شعيرٍ أخذها طعامًا لأهله.

2696 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن بن مهديٍ، عن سفيان، عن سلمة، عن

= قلتُ: وهذه القصة أخرجها العقيلى أيضًا [3/ 136]، بإسناده إلى يحيى القطان به

فظهر بهذا أن عبادًا لم يسمعه من عكرمة أصلًا، بل سمعه من إبراهيم بن أبى يحيى الأسلمى الهالك المعروف، عن داود بن الحصين عن عكرمة به

وداود قد ضعفوه في عكرمة خاصة، فقال ابن المدينى:"ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث" فالإسناد واه جدًّا.

وقد أخرجه الحاكم أيضًا [4/ 452]، بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمد ثلاثًا قبل أن ينام كل ليلة) ثم قال:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعباد لم يتكلم فيه بحجة" كذا يجازف الحاكم على عادته، وقد تعقبه الذهبى قائلًا:"ولا هو بحجة".

ولم يفعل العلامة أحمد شاكر شيئًا في تصحيحه هذا الإسناد الهابط فيما علقه على "مسند أحمد"[8331]، وقد تعقبناه خطوة خطوة في "غرس الأشجار" وقبلنا رد عليه إلإمام في "الصحيحة"[2/ 214]، وفى بعض رده نظر، ذكرناه في المصدر المشار إليه.

وقد وقع في حديث عباد زيادة ساقطة عند الترمذى وغيره في أوله: وهي (إن خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشى) ولتلك الزيادة مع سياق المؤلف: شواهد كلها تالفة لا يصح منها شئ قط، كما بسطناه في "غرس الأشجار".

2695 -

صحيح: أخرجه الترمذى [1214]، والنسائي [4651]، وأحمد [1/ 236]، و [1/ 361]، والدارمى [2582]، والطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 5863]، وابن أبى شيبة [20022]، والبيهقي في "سننه"[10974]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[581]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 488]، وغيرهم من طرق عن هشام بن حسن عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط البخارى.

2696 -

صحيح: دون شطره الأول: أخرجه النسائي [3084]، وابن ماجه [3041]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12705]، والبيهقي في "سننه"[9378، 9779]، والطحاوي في =

ص: 394

الحسن العرنى، عن ابن عباسٍ، قال: إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء، فقال رجلٌ: يا أبا العباس: الطيب؟ قال: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك، أوطيبٌ ذاك أم لا؟!.

= "شرح المعانى"[2/ 229]، وأحمد [1/ 234، 344]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 321]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرنى عن ابن عباس به.

قلتُ: نقل الشوكانى في "نيل الأوطار"[5/ 130]، عن صاحب "البدر المنير" أنه قال:"إسناده حسن كما قال المنذرى، إلا أن يحيى بن معين وغيره قالوا: يقال: إن الحسن العرنى لم يسمع من ابن عباس".

قلتُ: جزم أحمد وغيره بكون الحسن بن عبد الله العرنى لم يسمع من ابن عباس شيئًا، ونقل الحافظ في "تهذيبه"[2/ 291]، عن أبى حاتم أنه قال "لم يدركه" كذا قال، ولم أجده عن أبى حاتم بعد البحث، والذى في "مراسيل ابن أبى حاتم"[ص 46]، نقلًا عن أبيه وال:"الحسن العرنى لم يدرك عليًّا - رضى الله عنه" وكذا هو في "جامع التحصيل"[ص 166]، نقلًا عن أبى حاتم، فلعل الحافظ انتقل نظره فظن أن قول أبى حاتم متعلق بابن عباس، والصواب هو ما ذكرناه لك.

وعلة هذا الحديث هي الانقطاع بين الحسن العرنى وابن عباس، والحسن هذا ثقة مشهور، وقد رقع ذكره مبهمًا عند بعضهم؛ فظنه صاحب "التوضيح": الحسن البصرى، وأعل الحديث بكون الحسن لم يسمع من ابن عباس أيضًا، وقد تعقبه البدر العينى في "عمدة القارى"[10/ 94]، بكونه ليس بالحسن البصرى أصلًا، وإنما هو الحسن العرنى؛ ثم نقل عن ابن معين، عدم سماع الحسن العرنى من ابن عباس كما مضى، ثم قال العينى:"وغيره - يعنى غير ابن معين - قال: سمع منه، فالمثبت أولى من النافى على ما عُرف".

قلتُ: هذه مجازفة من العينى، وقد فتشت كثيرًا في بطون الدفاتر، فلم أر أحدًا من النقاد قد أثبت سماع الحسن العرنى من ابن عباس، بل نفوه كما مضى عنهم سابقًا، ويشهد لشطر الحديث الثاني: (فقد رأيت رسول الله يضمخ رأسه بالمسك

) حديث عائشة الآتى [برقم 4391، 4712، 4833].

• تنبيهان:

الأول: هذا الحديث إنما هو موقوف على ابن عباس كما مضى؛ لكن وقع عند أحمد في الموضع =

ص: 395

2697 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب بن أبى ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى لرمى الجمرة.

2698 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبيرِ، عن ابن عباس، [عن النبي صلى الله عليه وسلم]، قال:"لا يُبْغِض الأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمَ الآخِرِ - أوْ - إِلا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ".

= الأول [1/ 234]، مرفوعًا، فعنده: (عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء،

) وذكره

وهذا عندى وهْم ولا بد، وأرى أن قوله:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ما هي إلا زيادة مقحمة وقعت من الناسخ سهوًا أو وهمًا، واحتمال أن يكون ذلك اختلافًا في سنده، هو احتمال بعيد جدًّا عندى، واللَّه أعلم بحقيقة الحال.

والثانى: عزا الحافظ في "التلخيص"[2/ 260]، هذا الحديث إلى أبى داود، وهذا وهمٌ محض، فانتبه يا رعاك الله.

2697 -

صحيح: أخرج النسائي [918]، وأحمد [1/ 343]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12351]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 224]، والحربى في "غريب الحديث"[1/ 66]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ لكن المحفوظ عن ابن عباس أنه يروى هذا عن الفضل ابن عباس به

فهكذا رواه أصحاب ابن عباس عنه؛ وهكذا رواه جماعة أيضًا عن سعيد بن جبير منهم أيوب السختيانى وعبد الكريم الجزرى وخصيف بن عبد الرحمن وأبو إسحاق السبيعى وغيرهم، وستأتى رواية أبى إسحاق [برقم 6731].

2698 -

صحيح: أخرجه الترمذى [3906]، وأحمد [1/ 309]، وأبو جعفر بن البخترى في "الجزء المنتقى من السادس عشر من حديثه"[رقم 57/ ضمن مجموع مؤلفاته]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن حيبب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. =

ص: 396

2699 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبى بشيرٍ، عن عبد الله بن المساور، قال: سمعت ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيس نجسَ المُؤْمِنُ الَّذِى يَشْبَع وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ".

= قلتُ: وسنده على شرط الشيخين؛ وقال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح" وقد توبع عليه الثورى: تابعه الأعمش عند ابن الأعرابى في "المجمع"[رقم 2126]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12339]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[3/ رقم 1775]، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 477]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 370]، وغيرهم من طرق - وكلها ضعيفة إلا طريق ابن الأعرابى وحده - عن الأعمش بإسناده به

وزاد ابن الأعرابى وابن عدى والطبراني: (ولا يحب ثقيف رجل يؤمن باللَّه واليوم الآخر).

والأعمش مدلس وقد عنعنه، وله فيه شيخ آخر، فأخرجه ابن أبى شيبة [32372]، والنسائي في "الكبرى"[8333]، وأبو داود في "فضائل الأنصار" كما في "تهذيب الكمال"[20/ 60]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[3/ رقم 1774]، وابن نصر في "تعظيه قدر الصلاة"[1/ رقم 476]، وغيرهم من طرق عن الأعمش عن عدى بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

دون الزيادة الماضية.

قلتُ: وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة مثله ونحوه، مضى منها حديث أبى سعيد الخدرى [برقم 1007].

2699 -

ضعيف: أخرجه الحاكم [4/ 184]، والبخارى في "الأدب المفرد"[رقم 112]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12741]، والبيهقي في "الشعب"[3/ رقم 5389]، و [5/ رقم 5660]، و [7/ رقم 9536]، وفى "سننه"[19452]، والطحاوى في "شرح المعاني"[1/ 28]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[694]، وابن أبى الدنيا في "مكارم الأخلاق"[رقم 347]، وتمام في "فوائده"[2/ رقم 1262]، وحسين بن حرب في "البر والصلة"[239]، والمزى في "تهذيبه"[16/ 120]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 391]، ومثله البخارى أيضًا في "تاريخه"[5/ 195]، وابن عساكر في "تاريخه [28/ 216، 217]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن عبد الملك بن أبى بشير عن عبد الله بن المساور عن ابن عباس به

قلتُ: قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وهذه مجازفة منه كعادته، وعبد اللَّه بن المساور هذا شيخ مجهول كما قاله ابن المدينى؛ =

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لم يرو عنه سوى عبد الملك بن أبى بشير وحده، ولم يوثقه إمام معتمد، فهو مجهول الجهالتين، وتوثيق ابن حبان له، لا ينفعه أصلًا، لما عرف عنه من التساهل الفاحش في توثيق تلك الطبقة من أغمار التابعين، فقول الهيثمى في "المجمع" [8/ 306]:"رواه الطبراني وأبو يعلى ورجاله ثقات" ومثله قال المنذرى في "الترغيب"[3/ 243]، فغير جيد منهما؛ ومسايرة ابن حبان في توثيق هذا الطراز المجهول؛ فمما يتنكب عنها كل من له ذوق أهل الفن.

وبابن المساور قد أعله الذهبى في "المهذب" كما في "فيض القدير"[5/ 360].

وقد اختلف على سفيان الثورى في اسم "ابن المساور" على ألوان، فرواه عنه بعضهم فقال:(عن عبد الله بن المساور) كما مضى؛ ورواه بعضهم فقال: (عن عبد الله بن أبى المساور) ورواه بعضهم فقال: (عن عبد الله بن المسور).

ورجح أبو زرعة من تلك الوجوه: الوجه الأول وهو: (عبد الله بن المساور) كما في "العلل"[رقم 2507]، لابن أبى حاتم؛ ووقع عند الطبراني:(عن عبيد الله بن المساور) هكذا: (عبيد الله) بالتصغير، وأراه تصحيفًا.

• والصواب: (عبد الله) وقد وقع في أوله عند الأكثرين: (سمعت ابن عباس وهو يبخِّل ابن الزبير ويقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

) وساق الحديث؛ وهذا لفظ الحاكم.

وللحديث طريق آخر أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[28/ 218]، بإسناد صحيح إلى الليث بن أبى سليم قال:(كان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، قال: فلقيه يومًا فعيَّره؛ فقال له ابن الزبير: أكثر ما تعيرنى يا ابن عباس، إن أفعل فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع).

وسنده ساقط جدًّا، والليث على ضعفه واختلاطه وسوء حفظه؛ فبينه وبين ما يحكيه مفازة شاقة تنقطع لها عنقه، وفى سياق حكايته نكارة شديدة، ووجدت له طريقا ثالثًا عن ابن عباس مرفوعًا ولكن بلفظ:(ما آمن بى من بات شبعان وجاره طاو إلى جنبه) هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 218]، بإسناد صالح إلى الأعمش عن حكيم بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد تالف، ودعك من عنعنة الأعمش، فإن حكيمًا هذا قد أثخنوه جراحًا، وهو إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، وقد كذبه بعضهم. =

ص: 398

2700 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن عائشة، وابن عباسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل.

= وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة لا يصح منها شيء قط؛ بل أكثرها منكرة الأسانيد مظلمة، منها عن أنس وعائشة وأبى هريرة وغيرهم؛ وكل ذلك لا شيء، ولعلنا نبسط الكلام عليها في مكان آخر إن شاء الله.

وقد كنا انخدعنا ببعض تلك الشواهد، وحسَّنَّا بها هذا الحديث فيما علقناه على "البر والصلة" لابن الجوزى [ص 201/ رقم 288/ طبعة دار الحديث]، وهذا منا عجلة وتسرع، ونحن نتراجع هنا دون حياء، واللَّه المستعان.

• تنبيه: أخرج هذا الحديث أيضًا: ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 36034]، وفى الأدب [رقم 96]، وفى "المصنف"[30359]، وتصحف (عبد الله بن مساور) في "المصنف" إلى:(عبد الله بن مسعود) والحديث أيضًا عند هناد في "الزهد"[2/ رقم 1044].

2700 -

حسن: أخرجه أبو داود [2000]، والترمذى [920]، والنسائي في "الكبرى"[4169]، وأحمد [1/ 288، 309]، و [6/ 207، 215]، وابن أبى شيبة [13053]، والبيهقي في "سننه"[9418، 9419]، وأبو الشيخ في ما رواه أبو الزبير عن غير جابر [رقم 9، 10، 11]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن أبى الزبير عن ابن عباس وعائشة به

وفى رواية لأحمد: (أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى ليلًا) وفى رواية لأبى الشيخ وغيره: (أفاض النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ليلًا) ولفظ ابن أبى شيبة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلًا).

قلتُ: هكذا رواه ابن مهدى ونوح بن ميمون ووكيع وأبو حذيفة النهدى ومعاوية بن هشام وغيرهم عن الثورى؛ وخالفهم يحيى القطان، فرواه عن الثورى فقال:(حدثنى محمد بن طارق عن طاووس وأبى الزبير عن عائشة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف الزيارة إلى الليل).

هكذا أخرجه ابن ماجه [3059]، وأبو الشيخ في ما "رواه أبو الزبير عن غير جابر"[رقم 8]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 96]، والمزى في "تهذيبه"[25/ 406]، وغيرهم، وقال أبو نعيم:"غريب تفرد به يحيى عن سفيان".

قلتُ: وقول الجماعة عن سفيان أقوى بلا تردد؛ نعم قد يكون هذا الوجه محفوظًا أيضًا، =

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن محمد بن طارق - هو المكى - الثقة - يقول عنه البخارى في "تاريخه"[1/ 119]: "محمد بن طارق المكى عن طاووس، روى عنه الثورى وابن عيينة مرسلًا

" يعنى أنه لم يسمع من طاووس، ولم يتعرض لسماعه من أبى الزبير، وهو مستقيم على الجادة عندى، طالما محمد بن طارق غير مدلس؛ ولم يتكلم أحد في سماعه من أبى الزبير.

وكأن سفيان الثورى قد سمع الحديث أولًا من محمد بن طارق عن أبى الزبير، ثم لقى أبا الزبير فسمعه منه، وأنا أستبعد أن يكون الثورى قد دلس (محمد بن طارق) في الإسناد الأول، فقلبى لا يطاوعنى على ذلك، وإن لم يصرح الثورى بسماعه عن أبى الزبير في جميع طرقه.

وعلى كل حال: فسواء دلس فيه الثورى أم لم يدلس؛ فالحديث محفوظ عن أبى الزبير عن ابن عباس وعائشة به

فلننظر في هذا الإسناد:

قال الترمذى عقب روايته: "هذا حديث حسن صحيح" ثم أخرجه في "علله الكبير"[رقم 124]، وقال:"سألت محمدًا - يعنى به البخارى - عن هذا الحديث وقلت له: أبو الزبير سمع من عائشة وابن عباس؟ قال: أما ابن عباس فنعم؛ وإن في سماعه من عائشة نظرًا".

قلتُ: جزم أبو حاتم الرازى بكون أبى الزبير لم يسمع من عائشة، كما نقله عنده ولده في "المراسيل"[ص 193].

أما سماعه من ابن عباس فقد قال ابن عيينة: "يقولون: أبو الزبير المكى لم يسمع من ابن عباس" وقال أبو حاتم: "أبو الزبير رأى ابن عباس رؤية" كذا في "المراسيل" أيضًا، لكن يرد على هذا جزْمُ البخارى الماضى بكونه قد سمع من ابن عباس، وقد احتج مسلم بحديثه عنه في "صحيحه".

فالإسناد على هذا متصل عن أبى الزبير عن ابن عباس وحده دون عائشة، لكن أعله ابن حزم وابن القطان الفاسى وابن القيم والمباركفورى والألبانى وغيرهم بعنعنة أبى الزبير المكى، وهذه علة مدفوعة البتة؛ وقد ثبت لدينا بالبرهان القوى، كون أبى الزبير لا يدلس عن أحد من أهل الأرض سوى جابر بن عبد الله وحده، كما بسطنا الكلام عليه في تعليقنا على الحديث الماضى [برقم 1769]، وقد ذكرنا نصوص هؤلاء الماضين مع غيرهم؛ وتعقبناها خطوة خطوة، في كتابنا "غرس الأشجار".

والحديث عندنا: حسن الإسناد مستقيم؛ نعم: قد يمكن للناقد أن يتكلم في دلالته المخالفة لما هو أصح منه؛ أما أن يتطرق إلى سنده بغمز أو لمز دون برهان سوى ما مضى، فهذا لا يجدى شيئًا كما شرحناه في المصدر المشار إليه. واللَّه المستعان.

ص: 400

2701 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابسٍ، قال: سمعت ابن عباس يقول: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيدٍ، فصلى، ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن، وذكرهن وأمرهن بالصدقة.

2702 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبى إسحاق، عن التميمى، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر السواك حتى رأينا - أو خشينا - أنه سينزل عليه.

2703 -

حَدَّثَنَا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، حدّثنا زائدة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الخمرة.

2704 -

حَدَّثَنَا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا النضر بن كثيرٍ، قال: صلى إلى

2701 - صحيح: أخرجه البخارى [825، 934، 1495]، و [6894]، وأبو داود [1146]، والنسائي [1586]، وأحمد [1/ 353، 357، 368]، وابن حبان [2823]، البيهقي في "سننه"[6038]، وابن الجارود [258]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 1263]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 217]، وغيرهم من طرق عن الثورى عن عبد الرحمن بن عباس عن ابن عباس به نحوه

وهو عند البخارى وأبى داود والنسائي وغيرهم بسياق أتم.

قلتُ: وقد توبع عليه الثورى: تابعه عليه رقبة بن مصقلة على نحوه بسياق أتم عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12716]، بإسناد حسن إليه؛ وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

مضى منها [رقم 2572].

2702 -

صحيح: دون قوله: (حتى رأينا

إلخ) قد مضى الكلام عليه [برقم 2330].

2703 -

ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2357].

2704 -

منكر بهذا السياق: أخرجه أبو داود [740]، والنسائي [1146]، والدولابي في "الكنى"[1/ 198]، والعقيلى [4/ 292]، وابن حبان في "المجروحين"[3/ 49]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 27]، وابن حزم في "المحلى"[4/ 94]، وغيرهم من طرق عن النضر بن كثير السعدى عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس به.

قلتُ: قال أبو أحمد النيسابوري: "هذا حديث منكر من حديث ابن طاووس" نقله عنه المنذرى في "تهذيب السنن" كما في "عون المعبود"[2/ 310]، وهو كما قال أبو أحمد الحاكم. =

ص: 401

جنبى عبد الله بن طاووسٍ، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها، رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالدٍ: إن هذا يصنع شيئًا لم أر أحدًا يصنعه! قال: فقال وهيبٌ له: تصنع شيئًا لم نر أحدًا يصنعه! فقال عبد الله بن طاووسٍ: رأيت أبى يصنعه، فقال أبى: رأيت ابن عباسٍ يصنعه، قال: وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصنعه.

2705 -

حَدَّثَنَا محمد بن عبادٍ، حدّثنا سفيان، قال: حدثنى إبراهيم بن يحيى، عن

= والنضر بن كثير هذا ضعيف صاحب مناكير وغرائب، وقد قال البخارى وأبو حاتم والدارقطنى:"فيه نظر" وقال البخارى أيضًا: "عنده مناكير" وقد مشاه النسائي، فقال:"صالح" ولم يلتفت إلى هذا أحد من النقاد، وقد قال ابن حبان في "المجروحين" [3/ 49]:"كان ممن يروى الموضوعات عن الثقات، على قلة روايته؛ حتى إذا سمعها من الحديث صناعته؛ شهد أنها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال" ثم ساق له هذا الحديث؛ وكذا ساقه له ابن عدى في ترجمته من "الكامل" ومثلهما العقيلى في "الضعفاء"[4/ 292]، وقال عقبه:"ولا يتابع عليه".

ومع كل هذا: فقد نقل البدر العينى في "العمدة"[5/ 272]، عن ابن القطان الفاسى أنه صحح الحديث في "الوهم والإيهام" ولعله يريد به المرفوع منه كما يأتى.

ثم جاء عمر بن رياح العبدى ورواه عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل تكبيرة) هكذا أخرجه ابن ماجه [865]- واللفظ له - والطبراني في "الكبير"[11/ 10936]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 51]، وغيرهم؛ وسنده مظلم، وقد نقل البدر العينى في العمدة [5/ 272]، عن النووى أنه قال:"هذا الحديث باطل لا أصل له".

قلتُ: والمتهم به هو عمر بن رياح ساقط هالك، بل كذبه بعضهم، وقد قال ابن عدى:"يروى عن ابن طاووس بالبواطيل ما لا يتابعه أحد عليه؛ والضعف بيّن على حديثه" وهو من رجال ابن ماجه.

ولكن للمرفوع من الحديث - وهو رفع اليدين في السجود - شواهد عن جماعة من الصحابة.

وقد استوفينا تخريجها مع الكلام عليها في كتابنا "غرس الأشجار".

2705 -

ضعيف بهذا اللفظ: هذا إسناد يقول عنه الحافظ في "المطالب"[رقم 3948]: "فيه نظر". قلتُ: وهذا النظر متعلق بإبراهيم بن يحيى - راويه عن الحكم - وهو العدنى، الذي يقول عنه الحافظ الأزدي:"لا يتابع على حديثه" وقال الذهبى في "الميزان""الرجل نكرة" وذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 62]، راجع "اللسان"[1/ 124].

ص: 402

الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قال ابن عباسٍ: ما أمَّن [الله] من خلقه [أحدًا إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] وقال، للملائكة:{وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 29].

2706 -

حَدَّثَنَا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد السلام، عن يزيد الدالانى، عن الحسن؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس لحيته في الصلاة.

= لكن قد توبع عليه إبراهيم دون هذا اللفظ، تابعه يزيد بن أبى حكيم عن الحكم عن عكرمة عن ابن عباس قال:(إن الله فضل محمدًا صلى الله عليه وسلم على الأنبياء وعلى أهل السماء؛ فقالوا: يا ابن عباس: بما فضله على أهل السماء؟ قال: إن الله قال لأهل السماء {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)} الآية [الأنبياء: 29]

وقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر} [الفتح: 1، 2]، قالوا: فما فضله على الأنبياء؟! قال: قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، فأرسله إلى الجن والإنس) هكذا أخرجه الدارمى [46]- واللفظ له - والحاكم [2/ 381]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11610]، من طرق عن يزيد بن أبى حكيم به.

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح؛ يزيد وشيخه صدوقان؛ وقد توبع عليه يزيد بنحوه، تابعه:

1 -

حفص بن عمر العدنى عند البيهقي في "الشعب"[1/ رقم 151]، وفى "الدلائل"[رقم 2239].

حفص ضعيف مشهور، ومن طريقه أخرجه أيضًا: الكلاباذى في "بحر الفوائد"[رقم 172]، فالتعويل على رواية يزيد بن أبى حكيم.

2706 -

منكر: هذا إسناد ضعيف مع إرساله، وأبو يزيد الدالانى - مشهور بكنيت - ضعيف صاحب مناكير على التحقيق، ثم إن مراسيل الحسن هي والريح سواء، ولم يزد الهيثمى في "المجمع"[2/ 242]، على قوله:"رواه أبو يعلى وهو مرسل" وهذا منه تساهل.

وباقى رجال الإسناد ثقات معروفون، فعبد السلام هو ابن حرب الحافظ؛ وأبو معمر هو الهذلى؛ وللحديث شواهد لا يصح منها شيء البتة، وقد مضى منها حديث عمرو بن الحريث [1462].

ص: 403

2707 -

حَدَّثَنَا بندارٌ، حدّثنا عبد الرحمن بن عثمان البكراوى، عن إسماعيل المكى، عن أبى رجاءٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةِ".

2708 -

حَدَّثَنَا أبو معمرٍ، حدّثنا ابن أبى زائدة، عن أبيه، عن أبى إسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من القراءة من حيث انتهى أبو بكرٍ.

2707 - صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12771]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 296]، من طريق عبد الرحمن بن عثمان أبى بحر البكراوي عن إسماعيل بن مسلم المكي عن أبى رجاء عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: أبو بحر البكراوى ضعفه النقاد وطرحوا حديثه، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه أبو همام عند ابن عدى في "الكامل"[1/ 284]، بإسناد صحيح إليه؛ وأبو همام هو محمد بن الزبرقان الأهوازى الثقة المشهور.

والثانية: إسماعيل بن مسلم المكى ضعيف مشهور الضعف على علمه وفقهه.

لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة مثله؛ مضى منها حديث أبى بكر الصديق [رقم 85]، وأصح ما فيها حديث عدى بن حاتم عند البخارى [1351، 6195]، ومسلم [1016]، وجماعة كثيرة.

2708 -

ضعيف: أخرجه ابن ماجه [1235]، وأحمد [1/ 231، 355، 356]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12634]، وابن أبى شيبة [5896]، والبيهقي في "سننه"[4857]، والطحاوي في "شرح المعانى"[1/ 405]، وفى "المشكل"[3/ 99]، و [14/ 144]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 221]، و [3/ 183]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 430]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 18 - 19]، وابن عبد البر في "التمهيد"[12/ 322 - 323]، والطبري في "تاريخه"[2/ 230]، والإسماعيلى في "المعجم"[رقم 12]، وغيرهم من طرق عن أبى إسحاق السبيعي عن أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس به نحوه

وهو عند ابن ماجه وجماعة مطولًا في قصة استخلاف أبى بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كي يصلي بالناس؛ ثم استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وهو يصلي بالناس.

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد قواه الحافظ في "الفتح"[5/ 362]، وحسَّنه في [2/ 154 - 174]، وقبله قال ابن عبد البر عقب روايته: "هذا حديث صحيح عن ابن عباس

" وقال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناده صحيح ورجاله ثقات".

ثم استدرك البوصيرى وقال: "إلا أن أبا إسحاق اختلط بآخر عمره؛ وكان مدلسًا؛ وقد وراه بالعنعنة، وقد قال البخارى: لا نذكر لأبى إسحاق سماعًا من الأرقم بن شرحبيل).

قلتُ: فهذه علل ثلاث:

الأولى: اختلاط أبى إسحاق السبيعى، ولم يرو عنه هذا الحديث أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط على التحقيق، وإنما الصحيح عنه الثورى وشعبة.

والثانية: كون أبى إسحاق مدلسًا، وقد عنعنه في جميع طرقه.

والثالثة: هي أن أبا إسحاق مع تدليسه فقد غمز البخارى في سماعه من أرقم بن شرحبيل، وعبارته في "تاريخه الكبير" [2/ 46]:"لم يذكر أبو إسحاق سماعًا منه " يعنى من أرقم، وأجاب العلامة أحمد شاكر على هذه العلة في تعليقه على "المحلى" [3/ 69] فقال:"وتعليل البخارى ليس مما يتابع عليه؛ لأنه يشترط شرطًا معروفًا خالفه فيه عامة العلماء بالحديث".

قلتُ: مراده شرط البخارى في السماع؛ والكلام فيه طويل الذيل؛ وليس هنا موضع بسطه؛ وعلى كل حال: فلو صح أن أبا إسحاق قد سمع من أرقم بن شرحبيل مطلقًا، فهو مدلس عريق في التدليس، وقد عنعنه كما ذكرنا.

وقد خولف فيه أبو إسحاق أيضًا، خالفه عبد الله بن أبى السفر - الثقة المعروف -، فرواه عن أرقم بن شرحبيل فقال: عن ابن عباس عن العباس بن عبد المطلب به مطولًا ومختصرًا نحوه

، فجعله من (مسند العباس).

هكذا أخرجه المؤلف [برقم 6704]، وأحمد [1/ 209]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 398]، والبزار [1300]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 19]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 259، 261]، و [رقم 264]، وابن قانع في "المعجم"[رقم 1254]، وغيرهم من طرق عن قيس بن الربيع عن عبد الله بن أبى السفر به.

قلتُ: وابن أبى السفر ثقة مشهور؛ ولو سلم الإسناد إليه لكان صحيحًا، ولكن كيف يسلم وفيه قيس بن الربيع؟ والكلام فيه طويل الذيل، وليس هو ممن يساق حديثه في صدد المحتج به في دين الله إلا عند من لا يدرى ما وراء الأكمة، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله". =

ص: 405

2709 -

حدّثنا محمد بن عباد، حدّثنا سفيان قال: سمعت خصيفًا عن مقسم، عن ابن عباس قال {فَلَا رَفَثَ} قال الرفث الجماع:{وَلَا فُسُوقَ} قال: الفسوق: المعاصى {وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]، قال: المراء.

2710 -

حَدَّثَنَا هدبة، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ؛ وغير واحدٍ، عن الحسن، قالا: لما نزلت آية الدين، قال رسول

= أما قول البزار عقب روايته: "لا نعلم روى هذا الكلام إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد" فيرد عليه طريق أبى إسحاق عن أرقم

وقد مضى.

2709 -

صحيح: أخرجه سعيد بن منصور في "تفسيره"[رقم 327]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[4/ 276]، نحو سياق المؤلف؛ وكذا ابن أبى شيبة [13225]، والبيهقي في "سننه"[8952] وغيرهم من طريق خصيف بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس به نحوه.

قلتُ: قال البوصيرى في إتحاف الخيرة [رقم 2626]: "رواه أبو يعلى بإسناد حسن موقوفًا" كذا قال، وتعبير صاحبه الهيثمى أحسن من هذا، فإنه قال في "المجمع" [7/ 33]:"رواه أبو يعلى وفيه خصيف وثقه العجلى وابن معين، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح" وخصيف هذا سيئ الحفظ مضطرب الحديث، راجع ترجمته من "التهذيب" وذيوله؛ لكن للأثر طرق أخرى عن ابن عباس به مثله ونحوه

منها طريق أبى كامل الجحدرى عن أبى معشر يوسف بن يزيد عن عثمان بن غياث عن عكرمة عن ابن عباس بسياق مطول، وفى آخره:(والرفث: الجماع، والفسوق: المعاصى، والجدال: المراء).

أخرجه البخارى [1497]، معلقًا عن أبى كامل به

ووصله البيهقي في "سننه"[8671]، والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[3/ 434]، وسنده حسن.

وله طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه مفرقًا، فانظر تفسير ابن جرير [2/ 274]، وتفسير سعيد بن منصور [رقم 328].

2710 -

صحيح دون قوله: (وأكمل الله لآدم

إلخ) أخرجه أحمد [1/ 251، 298، 371]، والطيالسي [2692]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[20305]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12928]، وابن أبى شيبة في "المصنف" وفى "مسنده" وأحمد بن منيع في =

ص: 406

الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ! إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ، إِنَّ اللَّهَ لمَّا خَلَقَهُ مَسَحَ ظَهْرَهُ، فأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارِئٌ، فَجَعَلَ يَعْرِضُهُمْ عَلَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ، فَقَالَ: أَىْ رَبِّ، أَيُّ بَنِيَّ هَذَا؟ قَالَ: ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: يَا رَبِّ كَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: ستُّونَ سَنَةً، قَالَ: أَيْ، رَبِّ، زِدْهُ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لا، إلا أَنْ تَزِيدَهُ أَنْتَ مِنْ عُمْرِكَ، قَالَ: وَكانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ، فَوَهَبَ لَهُ مِنْ عُمْرِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأشْهَدَ عَلَيْهِ الملائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضرَ آدَمُ أَتَتْهُ مَلائِكَةٌ لِتَقْبِضَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِى أَرْبَعُونَ سَنَةً! قَالُوا: قَدْ وَهَبْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ، فَأَبْرَزَ اللَّهُ الْكِتَابَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الملائِكَةُ، وَأَكْمَلَ لآدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَأَكْمَلَ لِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَة - ".

= "المسند" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 4928]، وابن أبى عاصم في "الأوائل"[رقم 4]، والطبراني أيضًا في "الأوائل"[رقم 3]، وأبو الشيخ في "العظمة"[5/ 1550]، والفريابى في "القدر"[رقم 4]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 28]، وابن عساكر في "تاريخه"[7/ 391 - 392]، والطبري في "تاريخه"[1/ 98]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 2997]، وابن أبى عاصم أيضًا في "السنة"[رقم 204]، وغيرهم من طرق عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به

وهو عند ابن أبى شيبة في "المصنف" مختصرًا بجملة: (أول من جحد آدم) فقط، ومثله ابن أبى عاصم في "الأوائل" ومثلهما الطبراني في"الأوائل" وزاد عنهما:(فجحدت ذريته) ولفظ ابن أبى عاصم في "السنة" هكذا: (إن أول من جحد آدم؛ إن الله تعالى لما خلقه مسح ظهره؛ فأخرج منه ما هو من ذرارى إلى يوم القيامة؛ فعرضهم عليه) كذا مختصرًا، وليس عند الطيالسي ومن طريقه البيهقي وابن أبى حاتم في الموضع الأول والثالث قوله في آخره:(وأكمل لآدم ألف سنة، وأكمل لداود مئة سنة).

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف شائك، قال ابن كثير في "تفسيره" [1/ 446]:"هذا حديث غريب جدًّا، وعلى بن زيد بن جدعان في أحاديثه نكارة" ونحوه قال أيضًا في "البداية"[1/ 89].

وبهذا أعله الهيثمى في "المجمع"[8/ 378]، فقال:"فيه عليّ بن زيد وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات". =

ص: 407

2711 -

حَدَّثَنَا محمد بن بحر، حدّثنا سليم بن مسلم المكى، حدّثنا نضر بن عربى، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ".

= قلتُ: وابن جدعان هذا أقل ما يقال فيه أنه ضعيف صاحب مناكير، وقد وهاه جماعة، لكن للحديث شاهد بطوله من حديث أبى هريرة مرفوعًا به نحوه

دون قوله في آخره: (وأكمل لآدم ألف سنة، وأكمل لداود مئة سنة) وله طرق عن أبى هريرة به

يأتى بعضها عند المؤلف في مسند أبى هريرة [برقم 6377، 6580، 6654]، وبعضها حسنة الإسناد.

• تنبيه: وقع عند المؤلف والفريابي والطبراني في "الكبير" طريق آخر للحديث يرويه عليّ بن زيد بن جدعان عن غير واحد عن الحسن البصري به مرسلًا.

قلتُ: وهذا إسناد تالف جدًّا، ابن جدعان مضى أنه ضعيف صاحب مناكير، ومَنْ حدثه عن الحسن لا يُدْرى من يكون؟! ومرأسيل الحسن كريشة في مهب الريح، لكن الحديث ثابت لشاهده عن أبى هريرة كما مضى.

2711 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12046]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 3333]، وفى "الصغير"[1/ رقم 319]، وتمام في "فوائده"[2/ رقم 1778]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 319]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 6]، وغيرهم من طريق محمد بن بحر الهجيمى عن سليم بن مسلم الخشاب المكى عن النضر بن عربى عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الطبراني في "الأوسط والصغير": (لم يرو هذا الحديث عن النضر إلا سليم تفرد به محمد بن بحر).

ويرد على هذا قول ابن عدى: "وهذا الحديث عن النضر بن عربى، يرويه سليم؛ على أنه قد رواه غيره؛ إلا أنه ضيق عن النضر غير محفوظ".

قلتُ: فبالإسناد علتان:

الأولى: محمد بن بحر يقول عنه العقيلى: "منكر الحديث كثير الوهم"، وقال ابن حبان في "المجروحين" [2/ 30]:"يروى عن الضعفاء" أشياء لم يحدث بها غيره عنهم، حتى يقع في القلب أنه كان يقلبها عليهم؛ فلست أدرى: البلية في تلك الأحاديث منه أو منهم؟! ومن أيهم كان فهو ساقط الاحتجاج حتى تتبين عدالته بالاعتبار بروايته عن الثقات". =

ص: 408

2712 -

حدّثنا حميد بن مسعدة، حدّثنا سفيان بن حبيب عن عوف، أبي الحسن، عن ابن عباس قال: من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد الإسلام وراء ظهره.

= قلتُ: وقد تصحف اسم أبيه عند المؤلف في الطبعتين إلى (محمد بن يحيى)،كذا:(يحيى) بدل: (بحر) ووقع هكذا للهيثمى في نسخته من (مسند أبى يعلى) فظنه (محمد بن يحيى بن أبي سمينة) فقال في "المجمع"[5/ 121]: "رواه أبو يعلى والطبراني في "الثلاثة" وفيه محمد بن يحيى بن أبى سمينة، وقد وثقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما، وفيه كلام لا يضر؛ وبقية رجاله ثقات".

وقد تعقبه الإمام في "الإرواء"[1/ 69]، فقال بعد أن نقل عبارته:"لا يخلو من خطأ؛ لأن ابن أبى سمينة ليس له ذكر في "الصغير" و"الكبير" وفيهما من عرفت ضعفه

".

قلتُ: لعل التصحيف في اسم (محمد بن بحر) قد وقع أيضًا في نسخة الهيثمى من "الصغير"، و"الأوسط"، و"الكبير" للطبراني، بل هذا هو الظاهر عندى إن شاء الله، ثم قال الإمام:"فلعل ذلك الراوى في إسناد أبى يعلى فقط، فإن ثبت ذلك، فهى طريق أخرى للحديث تشهد لهذه الطريق الواهية".

قلتُ: لو وقف الإمام على ما وقفنا عليه؛ لما قال هذا الاحتمال أصلًا.

والثانية: سليم بن مسلم الخشاب تركه النقاد وأسقطوا حديثه، راجع ترجمته من "اللسان"[3/ 113]، لكن مضى من كلام ابن عدى أنه قد توبع عليه عن النضر بن عربى؟!

وعلى كل حال: فالحديث صحيح ثابت لشواهده عن جماعة من الصحابة، وسيأتي منها حديث أم سلمة [برقم 6882، 6913، 6939، 6998].

• تنبيه: نبه الإمام في "الإرواء"[1/ 69]، على أن للحديث طريقًا عن ابن عباس بلفظ:(نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرب في إناء الفضة) أخرجه أحمد [1/ 321]، من طريق خصيف بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف أيضًا، وخصيف هذا سيئ الحفظ مختلط مشهور؛ لكن الحديث صحيح كما مضى.

2712 -

صحيح: أخرجه عبد الرزاق [5169]، وابن أبى شيبة [5536]، والبيهقي في "الشعب"[3/ رقم 3006]، و [رقم 3057]، وابن عبد البر في "التمهيد"[16/ 242]، =

ص: 409

2713 -

حَدَّثَنَا بشر بن سيحان، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أَحْسَنُ مَا غَيَّرْتمْ بِهِ الشَّيْبَ: الْحنَّاءُ، وَالْكَتَمُ".

= والخلال في "السنة"[رقم 1622]، وغيرهم من طرق عن عوف بن أبى جميلة الأعرابى عن سعيد بن أبى الحسن - أخى الحسن البصرى - عن ابن عباس به

وفى لفظ للبيهقى: (من ترك أربع جمع متواليات

إلخ) ومثله عند عبد الرزاق والخلال وعند ابن أبى شيبة: (

طبع الله على قلبه) بدل: (فقد نبذ الإسلام وراء ظهره).

قلتُ: هكذا رواه ابن المبارك والثورى وهشيم وجعفر بن سليمان وسفيان بن حبيب وسعيد بن عامر وغندر وروح بن عبادة وغيرهم عن عوف بإسناده به موقوفًا كما مضى، وخالفهم جميعًا: شريك القاضى، فرواه عن عوف فجوَّد إسناد وصيّره مرفوعًا.

هكذا أخرجه ابن الحمامى الصوفي في "منتخب من مسموعاته"[ق 1/ 34]، كما في "الضعيفة"[2/ 112]، والمحفوظ هو الموقوف، وشريك سيئ الحفظ؛ مشهور بذلك.

والموقوف سنده صحيح كما قاله المنذرى في "الترغيب"[1/ 296]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 1504]، وقال الحافظ في "التلخيص" [2/ 53]:"رجاله ثقات" وقال الهيثمى في "المجمع"[2/ 422]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" وتعقبة الإمام في" الضعيفة"[2/ 112] بكون سفيان بن حبيب - شيخ شيخ أبى يعلى - لم يخرج له أحد الشيخين في "الصحيح" وهو كما قال الإمام؛ لكنه قد وقع في وهم آخر نحو ما وقع فيه الهثيمى، فإن الإمام قد قال قبل ذلك تعليقًا على إسناد أبى يعلى: "ورجاله ثقات رجال مسلم

" كذا قال، وسعيد بن أبى الحسن والرارى عنه كلاهما من رجال البخارى أيضًا، أما شيخ أبى يعلى فهو من رجال مسلم وحده؛ والإسناد صحيح على كل حال.

• تنبيه: عزا المناوى في "الفيض"[6/ 103]، هذا الأثر الموقوف إلى المؤلف مرفوعًا، وهذا من أوهامه الكثيرة.

2713 -

حسن بشواهده: أخرجه المؤلف في "المعجم"[115]، من هذا الطريق به

وسنده صحيح لولا عنعنة قتادة، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ وشيخ المؤلف وثقه ابن حبان، ومشاه أبو زرعة وأبو حاتم؛ وقد خولف ابن أبى عروبة في سنده، خالفه سعيد بن بشير، فرواه عن قتادة فقال: عن أنس به مر فوعًا به مثله وزاد في أوله: (غيروا الشيب) فجعله من (مسند أنس).=

ص: 410

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه البزار في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[عقب رقم 5620]، من طريق يحيى بن المعلى بن المنصور عن يحيى بن صالح عن سعيد بن بشير به ..

قلتُ: قال البزار: "لا نعلمه رواه عن قتادة عن أنس إلا سعيد" وتعقبه البوصيرى قائلًا: "قلتُ: إنما رواه يحيى بن المعلى ولم يتابع عليه، وهو متروك".

قلتُ: لا أدرى كيف وقع للبوصيرى هذا؟! فإن يحيى بن المعلى بن منصور شيخ ثقة صاحب حديث من رجال ابن ماجه، وترجمته عند المزى في "التهذيب" فكيف أغفل البوصيرى النظر فيه؟!

• والصواب: أن المنفرد بهذا الإسناد الذي لم يتابع عليه: هو سعيد بن بشير كما أشار البزار آنفًا، وسعيد هذا ضعيف صاحب مناكير، والمحفوظ عن قتادة هو الوجه الأول الذي عند المؤلف؛ وقد عرفت ما فيه!

وللحديث طريق آخر عن عكرمة عن ابن عباس به

أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11668]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 21]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 834]، وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن النضر بن عبد الرحمن الخراز عن عكرمة به. ..

قلتُ: وهذا إسناد ماله قائمة، والنضر هذا ساقط الرتبة؛ منحط الدرجة، وقد تركه جماعة من النقاد، وضعفه آخرون، وهو من رجال "التهذيب"؛ وقد ذكر له ابن عدي هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" مع جملة أخرى من حديثه في ترجمته من "الكامل" مع جملة أخرى من حديثه عن عكرمة ثم قال: "وهذه الأحاديث

عن النضر كلها غير محفوظ،

".

لكن للحديث شاهد عن أبى ذر مرفوعًا عند أبى داود والترمذى والنسائي وابن ماجه وجماعة؛ وقد اختلف في سنده على ألوان، والمحفوظ فيه مرسل كما شرحناه في "غرس الأشجار".

وله طريق آخر عن أبى ذر نحوه عند النسائي [5077]، بإسناد ضعيف أيضًا، وله شاهد ثان عن أبى الطفيل به مرفوعًا عند البزار في "مسنده"[رقم 2412]، لكن سنده غير محفوظ.

وله شاهد ثالث مرسل من رواية الحسن البصرى عند ابن أبى شيبة [25004]، وشاهد رابع معضل من رواية إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبى وقاص عند ابن سعد في "الطبقات"[1/ 440]، والحديث عندى حسن بشواهده كما بسطنا ذلك في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" أعاننا الله عليه. =

ص: 411

2714 -

حَدَّثَنَا حجاج بن يوسف، حدّثنا يونس بن محمدٍ، وحجين بن المثنى، قال يونس: حدّثنا حبان بن عليّ، عن عقيل، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيْرُ الأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الجيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَمَا هُزِمَ قَوْمٌ بَلَغُوا اثْنَىْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ إِذَا صَدَقُوا وَصَبَرُوا"، إلا أن حجينًا، قال: عن ابن شهابٍ، ولم يقل في آخر الحديث:"وصَبَرُوا".

2715 -

حَدَّثَنَا زهير بن حربٍ، حدّثنا يحيى بن أبى بكرٍ، حدّثنا الحسن بن صالحٍ،

2714 - منكر: مضى الكلام عليه [برقم 2587].

2715 -

ضعيف: أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار"[8/ 428]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 230]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "[رقم 764]، وأحمد [1/ 301]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 1725]، والبيهقي في "الشعب"[5/ رقم 6443]، والدينوري في "المجالسة"[رقم 3521]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[6/ 201]، وغيرهم من طرق عن الحسن بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به

ولفظ الجميع دون المؤلف وأبى الشيخ وابن عبد البر: (كان يقص شاربه، وكان أبوكم إبراهيم من قبله يقص شاربه

) سياق أحمد.

قلتُ: وقد توبع عليه الحسن بن صالح: تابعه إسرائيل بن يونس بلفظ: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص أو يأخذ من شاربه؛ وكان إبراهيم الخليل يفعله).

هكذا أخرجه الترمذى [2760]، وهو عند الطبراني أيضًا في "الكبير"[11/ رقم 11724]، ولكن بشطره الثاني فقط؛ ولفظه: (وكان إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن يوفى لحيته، ويقص شاربه

).

وهكذا رواه الحسن بن صالح وإسرائيل كلاهما عن سماك على هذا الوجه، وخالفهما طائفة منهم زائدة، فرووه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس موقوفًا، هكذا ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 63]، وعنه ابن القيم في "الزاد"[1/ 171]، وهذا الاختلاف في رفعه ووقفه، هو عندى من سماك بن حرب، وكذا الاضطراب في متنه، وسماك وإن كان صدوقًا إلا أنه قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن، ولم يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا، ثم إن روايته عن عكرمة خاصة؛ قد أعلها بعض النقاد بالاضطراب، فراجع ما علقناه على الحديث الماضى [برقم 2332]، وراجع ما علقه الإمام حول هذا الحديث في "الضعيفة"[11/ رقم 5455].

ص: 412

عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجز شاربه، وكان إبراهيم يجز شاربه.

2716 -

أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا بشر بن السرى، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"الخِنْصَرُ وَالإبْهامُ سَوَاءٌ".

2717 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حسينٌ المعلم، عن عمرو بن شعيبٍ، عن طاووسٍ، سمع ابن عمر، وابن عباسٍ يحدّثان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا

2716 - صحيح: أخرجه البخارى [6505]، وأبو داود [4558]، والترمذى [1392]، والنسائي [4847، 4848]، وابن ماجه [2652]، وابن أبى شيبة [26982]، وأحمد [1/ 227، 329]، والبيهقي في "سننه"[6813، 16043، 16054]، وفي "المعرفة"[رقم 5161]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[572]، وابن الجعد [975]، وابن الجارود [783]، وابن المبارك في "المسنده"[رقم 137]، وابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 378]، وفي "الاستذكار"[8/ 104]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 22]، وجماعة من طرق عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به

وزاد ابن الجارود: (والضرس والثنية) وهو رواية للبيهقي.

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح" وقال البغوى: "هذا حديث صحيح" وهو كما قال؛ وعنعنة قتادة مجبورة برواية شعبة عنه؛ وقد توبع شعبة عليه أيضًا.

2717 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3539]، والترمذى [2132]، والنسائي [3690، 3703]، وأحمد [1/ 237]، و [1/ 291]، و [2/ 27، 78]، والحاكم [2/ 53]، والدرقطني في "سننه"[3/ 42]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 13462]، وابن أبى شيبة [21710]، والبيهقي في "سننه"[11790]، وفي "المعرفة"[رقم 3905]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 79]، وابن الجارود [994]، وجماعة من طرق عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاووس عن ابن عمر وابن عباس به

وهو عند ابن ماجه والطحاوي بشطره الأول فقط.

قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح" وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإنى لا أعلم خلافًا في عدالة عمرو بن شعيب؛ إنما اختلفوا في سماع أبيه من جده".

قلتُ: الإسناد حسن صالح؛ لكن اختلف فيه على ثلاثة ألوان كما بسطنا ذلك في "غرس الأشجار" لكن الحديث صحيح ثابت لطرقه وشواهده.

ص: 413

يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُعْطِىَ الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، إِلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِى وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِى يَرْجِعُ فِي عَطِيَّتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فِي قَيْئِهِ".

2718 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم الحديبية:"يَرْحَمُ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "يَرْحَمُ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "يَرْحَمُ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "وَالمُقَصِّرِينَ"، قالوا: يا رسول الله، ما بال المحلقين؟ لم ظاهرت لهم بالترحم؟ قال:"إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا".

2719 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا ثابتٌ أبو زيدٍ، عن عبد الله

2718 - حسن: أخرجه ابن ماجه [3045]، وأحمد [1/ 353]، وابن أبى شيبة [13618]، و [36861]، والبيهقي في "سننه"[9857]، وفي "الدلائل"[رقم 1490]، والطحاوي في شرح المعاني" [2/ 255]، وفي "المشكل" [3/ 217]، وابن عبد البر في "التمهيد" [15/ 235]، وفي "الاستذكار" [4/ 313]، وابن حزم في "الإحكام" [4/ 449]، والطبري في "تاريخه" [2/ 124]، وغيرهم من طرق عن محمد بن إسحاق بن يسار - وهذا في "سيرته " كما ذكره البدر العينى في "عمدة القارى" [10/ 64]- عن عبد الله بن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به

وهو عند ابن ماجه وغيره باختصار.

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح؛ وابن إسحاق قد صرح بالسماع عند الجميع سوى المؤلف وابن أبى شيبة، وابن عبد البر في "الاستذكار" وقد تصحف (ابن إسحاق) عند الطحاوى في "شرح المعاني" إلى (أبو إسحاق).

والحديث صحح إسناده البوصبرى في "مصباح الزجاجة" وجوده الولى العراقى في "طرح التثريب"[5/ 408]، وحكاه عن أيبه الزين العراقى في [5/ 411]، وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس وشواهد عن جماعة من الصحابة، لكن دون قوله في آخره:(قالوا: يا رسول الله: ما بال المحلقين؟! لم ظاهرت لهم بالترحم؟! قال: إنهم لم يشكوا).

2719 -

جيد: أخرجه الترمذي [961]، وابن ماجه [2944]، والدارمى [1839]، وأحمد [11/ 247، 266، 291، 307، 371]، والدارمى [1839]، وابن خزيمة =

ص: 414

ابن عثمان بن خثيمٍ عم سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِهَذَا الحجَرِ لِسَانًا وشَفَتَيْنِ يَشْهَدَانِ لمَنِ اسْتَلَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَقٍّ".

2720 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا ثابتٌ وأبو زيدٍ، عن هلال، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: أسْرِىَ بالنبى صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره، وبعلامة بيت المقدس، وبعيرهم، قال: قال أناسٌ: نحن، لا نصدق محمدًا، فارتدوا كفارًا، فضرب الله أعناقهم مع أبى جهلٍ، قال: وقال أبو جهلٍ: يخوفنا محمدٌ بشجرة الزقوم؟ هاتوا تمرًا وزبدًا تزقموا، قال: ورأى الدجال في صورته رؤية عينٍ ليس رؤيا منامٍ، وعيسى ابن مريم، وإبراهيم، قال: فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال؟ فقال: "رَأَيتُه فَيْلَمَانِيًّا أَقْمَرَ هِجَانًا، إِحدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، كَأَنَّ شَعْرَهُ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ، وَرَأَيْتُ عِيسَى: شَابًّا أَبْيَضَ، جَعْدَ الرَّأْسِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، مُبْطَّنَ الخلْقِ،

= [2735، 2736]، وابن حبان [3711، 3712]، والحاكم [1/ 627]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12479]، والبيهقي في "سننه"[9014]، وفي "الشعب"[4035، 4036]، وأبو نعيم في "الحلية"[4/ 306]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 263]، و [4/ 161]، والأزرقي "أخبار مكة"[رقم 388]، والفاكهى في "أخبار مكة"[رقم 2]، وغيرهم من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به مثله، وهو عند جماعة نحوه؛ ولفظ الترمذي وابن ماجه والدارمى وأحمد في رواية وجماعة:(ليبعثن الله الحجر يوم القيامة، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به ويشهد على من استلمه بحق) هذا سياق الدارمي.

قلتُ: وهذا إسناد جيد؛ وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقبلهم قال، الترمذي:(هذا حديث حسن) وأعله المناوى في "فيض القدير"[5/ 345]، بعبد الله بن عثمان بن خثيم، وقد رددنا عليه في "غرس الأشجار" وذكرنا هناك طرقًا أخرى وشواهد يتقوى بها الحديث.

2720 -

قوى: أخرجه أحمد [1/ 374]، والنسائي في "الكبرى"[11283، 11484]، والحارث في "مسنده"[رقم 24/ زوائده]، والخطابى في "غريب الحديث"[1/ 486]، وغيرهم من طرق عن ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس به

وهو عند النسائي في الموضع الأول مختصرًا ببعض من أوله؛ وعنده في الموضع الثاني بقول أبى جهل.: (أيخوفنا مجمد بشجرة الزقوم؟! هاتوا تمرًا وزبدًا فتزقموا) فقط، ومثله عند الخطابى أيضًا. =

ص: 415

وَرَأَيْتُ مُوسَى: أَسْحَمَ، آدَمَ كَثِيرَ الشَّعْرِ، شَدِيدَ الحلْقِ، وَرَأَيْتُ إِبرَاهِيمَ، فَلا أَنْظُرُ إِلَى إِربٍ مِنْ آرَابِهِ إِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ صَاحِبُكُمْ، قَالَ: وَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: سَلِّمْ عَلَى أَبِيكَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ".

2721 -

أخبرنا الشيخ الجليل أبو سعد بن أبى بكر محمد بن عبد الرحمن الجنزروذى قراءة عليه فأقر به وقال: نعم أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن سنان المقرى الحيرى سنة سبعين وثلاث مئة، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلى التميمى سنة ست وثلاث مئة. حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا أبو عوانة وضاحٌ، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَقُوا الحدِيثَ عَنِّى إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

2722 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمد، حدّثنا داود بن أبى الفرات، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة

= قلتُ: وهذا إسناد قوى؛ وقد صححه ابن كثير في "تفسيره"[3/ 22]، وهلال بن خباب ثقة مشهور؛ لكن ثبت أنه تغير قبل موته، لكن لم يكن تغيره بالفاحش، حتى يصح لابن حبان هذا الشغب الذي ذكره بشأنه في "المجروحين"[3/ 87]، فراجع ما علقناه على الحديث الماضى [برقم 2684]، ولفقرات الحديث شواهد.

2721 -

ضعيف بهذا التمام: مضى الكلام عليه [برقم 2338].

2722 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 293، 316]، وابن حبان [7010]، والحاكم [2/ 539]، و [3/ 174، 204]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11928]، و [22/ رقم 1019]، و [23/ رقم 1]، والنسائي في "الكبرى"[8355، 8357، 8364]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[597]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[5/ رقم 2962]، وابن عبد البر في "الاستيعاب"[1/ 588، 613]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1339]، وابن عساكر في "تاريخه"[70/ 108]، والطحاوي في "المشكل"[1/ 83]، وغيرهم من طرق عن داود بن أبى الفرات عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 416

فقال: "أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ".

2723 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق، قال: ذكر طلحة بن نافعٍ، عن سعيدٍ، عن عبد الله بن عباسٍ، قال: تزوج رجلٌ من الأنصار امرأةً من بنى عجلان، فدخل بها، فبات عندها، فلما أصبح، قال: ما وجدتها عذراء، قال: فرفع شأنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا الجارية، فسألها، فقالت: بلى، قد كنت عذراء، قال: فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا، وأعطاها المهر.

2724 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا أحوص بن جوابٍ الضبى، حدّثنا عمار بن زريقٍ، عن

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في "الفتح"[6/ 471]، و [7/ 135]، وكذا صححه الحاكم وغيره.

2723 -

ضعيف: أخرجه ابن ماجه [2070]، وأحمد [1/ 261]، والبزار في "مسنده" كما في "المجمع"[4/ 647]، من طريق محمد بن إسحاق قال: ذكر طلحة بن نافع عن س سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناده ضعيف؛ لتدليس ابن إسحاق، وقد قال البزار: هذا الحديث لا يعرف إلا من هذا الوجه".

قلتُ: وهو كما قال، وعلته عدم تصريح ابن إسحاق بالسماع، وقول المدلس:(ذكر فلان) أو (قال فلان) أو (حكى فلان) كلها مثل قوله: (عن فلان)، ولا يقبل منه سوى (حدثنا) و (أخبرنا)، وما سوى ذلك فهو خل وبقل، واللَّه المستعان.

2724 -

صحيح: دون قوله: (المشبعة من المعصفر): أخرجه المؤلف وحده بهذا الإسناد فيما أعلم، قال الهيثمى في "المجمع" [5/ 146]:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

قلتُ: وهذا منه وهمٌ صريح، فإن محمد بن عبد الرحمن - وهو ابن أبى ليلى - لم يكن من رجال "الصحيح" يومًا من الدهر، بل هو على فقهه وعلمه كان ضعيف الحفظ؛ مضطرب الحديث، وشيخه عبد الكريم هو ابن أبى المخارق الذي ليس حاله بأحسن من حال تلميذه، وقد اضطرب فيه أحدهما.=

ص: 417

محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خواتيم الذهب، والقسية، والميثرة الحمراء المشبعة من المعصفر، وعن أن يقرأ القرآن وهو راكعٌ أو ساجدٌ.

2725 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا أحوص بن جواب الضبى، حدّثنا عمار بن رزيق، عن سليمان الأعمش، عن الحكم، عن مقسيم، عن ابن عباسٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَالْفَجْرُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى".

2726 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا محمد بن عبد الله الأسدى، حدّثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرمٌ، واحتجم وهو محرمٌ.

= فقد أخرجه أحمد [1/ 105]، بإسناد قوى إلى ابن أبى ليلى أنه قال: عن عبد الكريم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن علي به نحوه

، هكذا صار (عبد الله بن الحارث) هو راويه عن ابن عباس، دون (مجاهد) وصار الحديث من (مسند على) بعد أن كان من (مسند ابن عباس).

والحديث صحيح على كل حال؛ فله شواهد ثابتة، مضى منها حديث عليّ [603، 604] فانظره.

2725 -

صحيح: مضى الكلام عليه [2426].

• تنبيه مهم: وقع في مطبوعة حسين الأسد تصحيف غريب في متن هذا الحديث، فعنده: (عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر يوم التروية

إلخ)، هكذا وقع عنده، والصواب: (عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية

إلخ) فهكذا وقع عند جماعة ممن خرجوا هذا الحديث بهذا الطريق؛ فراجع الماضى [برقم 2426]، وكذا وقع على الصواب في الطبعة العلمية [2/ 558/ رقم 2717].

2726 -

صحيح: أخرجه الدارمى [1819]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 239]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12476، 12477]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 136]، وغيرهم من ثلاثة طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

وهو عند الدرامى والدارقطنى بشطره الثاني فقط؛ وهو عند ابن سعد بشطره الأول فقط، ولفظه:(نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم خالتى ميمونة وهو محرم).=

ص: 418

2727 -

حَدَّثَنَا زهير بن حربٍ، حدّثنا محمد بن عبد الله الأسدى، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الإثْمِدُ عِنْدَ النَّوْمِ، يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَيَجْلُو الْبَصَرَ، وَخَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبِيضُ، الْبَسُوهَا، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ".

2728 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا محمد بن عبد الله الأسدى، حدّثنا سفيان، عن ابن أبى ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباس، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقم بن أبى أرقم الزهرى على بعض الصدقة، فمر بأبى رافع فاستتبعه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"يَا أَبَا رَافِعٍ، إِنَّ الصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَى مُحمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ - أوْ - مِنْ أَنْفُسِهِمْ - ".

= قلتُ: وهذا إسناد جيد صالح؛ وله طرق أخرى عن ابن عباس به

فانظر الماضى [برقم 2393، 2362، 4490، 2449، 2471]، وسفيان في سنده هو الثوري الإمام.

2727 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2410].

2728 -

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 12059]، والبيهقي في "سننه"[13023]، والطحاوي في "شرح المعاني"[2/ 7]، و [3/ 282]، وأبو نعيم في "الحلية"[7/ 97]، وابن زنجويه في "الأموال"[رقم 1707]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 5]، ومن طريقه ابن العديم في "بغية الطلب"[4/ 327]، وغيرهم من طرق عن الثوري، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به.

قلتُ: هكذا رواه الفريابى وأبو أحمد الزبيرى ومحمد بن كثير العبدى؛ ثلاثتهم عن الثوري على الوجه الماضى، وخالفهم عبد الرزاق، فرواه عن الثوري فقال: عن ابن أبى ليلى عن الحكم عن ابن أبى رافع عن أبى رافع به نحوه .... ، فجعله من (مسند أبى رافع) وأسقط. شيخ الحكم وأبدله: بـ (ابن أبى رافع).

هكذا أخرجه أحمد [6/ 8]، وابن أبى ليلى هذا سيئ الحفظ مضطرب الحديث، وبه أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[رقم 2163]، والهيثمى في "المجمع"[3/ 248].

فالظاهر أنه قد اضطرب في إسناده، لكن الوجه الثاني هو المحفوظ في هذا الحديث؛ وهكذا توبع عليه ابن أبى ليلى: =

ص: 419

2729 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدّثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، عن قيس بن حبترٍ، قال: سألت ابن عباس عن الجر الأبيض، والأخضر، والأحمر، فقال: إن أول من سأل النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس، فقال:"لا تشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَلا تَشْرَبُوا فِي الجرِّ، وَاشْرَبُوا فِي الأَسْقِيَةِ"، قال:"فَصُبُّوا عَلَيْهَا الماء"، فقال له في الثالثة، أو في الرابعة:"أَهْرِيقُوهُ"، ثم قال:"إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ - أوْ حُرِّمَ - الخَمْرَ، وَالميْسِرَ، وَالْكُوبَةَ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" حدّثنا سفيان، قال: قلت لعليّ بن بذيمة: ما الكوبة؟ قال: الطبل.

= تابعه شعبة عند أبى داود [1650]، والترمذي [657]، والنسائي [2612]، وأحمد [6/ 10، 390]، وابن خزيمة [2344]، وابن حبان [3293]، والحاكم [1/ 561]، والطيالسي [972]، والطبراني في "الكبير"[1/ رقم 932]، وابن أبى شيبة [10707]، و [36525]، والبيهقي في "سننه"[2688، 13021]، وفي "المعرفة"[رقم 4260]، والبغوى في شرح السنة" [3/ 147]، والطحاوي في شرح المعاني"[3/ 282]، وفي "المشكل"[11/ 29]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 253]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 361]، والمحاملى في "أماليه"[رقم 353]، والرويانى في "مسنده"[رقم 670، 705]، وجماعة من طرق عن شعبة عن الحكم عن ابن أبى رافع [وسقط ابن أبى رافع من سند ابن عساكر] عن أيبه أبى رافع به نحوه

وهذا إسناد صحيح مستقيم؛ وابن أبى رافع هو عبيد الله بن أبى رافع المدنى الثقة المعروف، وشعبة هو أوثق الناس في الحكم بن عتيبة، فإذا خالفه مثل حمزة بن حبيب الزيات، ورواه عن الحكم به مرسلًا، كما عند ابن سعد في "الطبقات"[4/ 74]، بإسناد صحيح إليه، لم يكن القول إلا قول شعبة، وحمزة وإن وثقه جماعة؛ لكن يقول عنه زكريا الساجى:"صدوق سيئ الحفظ، ليس بمتقن في الحديث" كما في "التهذيب"[3/ 27]، وقد يكون الحكم كان ينشط فيروى الحديث مجودًا موصولًا؛ ثم يكسل فيرسله لمذاكرة أو فتوى أو غير ذلك، وقد خولف الحكم في سنده، لكن الحكم للحكم، كما شرحناه في "غرس الأشجار".

2729 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3696]، وأحمد [1/ 274]، وابن حبان [5365]، والطحاوي في "شرح المعاني"[4/ 221، 223]، والمزى في "تهذيبه"[24/ 18]، وابن عساكر=

ص: 420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "تاريخه"[41/ 273]، وغيرهم من طريق الثوري عن علي بن بذيمة عن قيس بن حبتر عن ابن عباس به .. وليس عند الطحاوى جملة النهي عن الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مشهور؛ لكن أعله أبو محمد ابن حزم في "المحلى"[7/ 485]، قائلًا: "قيس بن حبتر:

مجهول " كذا جازف أبو محمد الفارسى، وغفل عن توثيق أبي زرعة والنسائي وابن حبان لقيس، وقد توبع عليه الثوري نحوه، تابعه:

1 -

إسرائيل بن يونس عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12598] والبيهقي في "سننه"[17208]، والطحاوي في "شرح المعاني"[4/ 221]، بإسناد قوى إليه؛ وليس عند الطحاوي ما في آخره: (قال: إن الله حرم على

إلخ).

2 -

وتابعه أيضًا قيس بن الربيع عند الطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12599]. لكن الإسناد إليه مغموز، وقيس نفسه ليس ممن يحتج به على الانفراد.

ثم جاء موسى بن أعين وخالف الجماعة في إسناده، فرواه عنه على بن معبد فقال: عن عليّ بن بذيمة عن سعيد بن جبير عن قيس بن حبتر عن ابن عباس به مختصرًا بلفظ: (كل مسكر حرام) هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[12/ 12600]، بإسناد صحيح إلى على بن معبد به

وتوبع عليه ابن معبد: تابعه عبد الغفار بن داود الحراني من رواية أبي الأحوص محمد بن الهيثم عنه كما ذكره المزي في "التحفة"[7/ 166]، ثم قال:"قال أبو الأحوص: والصحيح عن علي بن بذيمة عن قيس بن حبتر" قال المزى: "يعني ليس فيه سعيد بن جبير".

ثم جاء عبد السلام بن عبد الحميد الحراني - وكان ممن يخطئ - ورواه عن موسى بن أعين فقال: عن عليّ بن بذيمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

ولم يذكر فيه (قيس بن حبتر) أصلًا.

هكذا ذكره المزى أيضًا في "التحفة"[7/ 166]، وموسى بن أعين ثقة مشهور، لكن قول الجماعة عن عليّ بن بذيمة هو الأولى؛ وقد نقل المزى في "التحفة" عن الخطيب البغدادى أنه قال:"كان موسى بن أعين يخلط في هذا الحديث، والصحيح عن عليّ بن بذيمة ما رواه سفيان الثوري عنه عن قيس بن حبتر عن ابن عباس، وليس لسعيد بن جبير فيه معنى".

قلتُ: وهكذا جزم أبو الأحوص محمد بن الهيثم الحافظ كما مضى آنفًا، والقول ما قالت حَذام.

ص: 421

2730 -

حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباسٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النقير، والدباء، والمزفت، وقال:"لا تَشْرَبُوا إِلَّا فِي إِنَّاءٍ"، فصنعوا جلود الإبل، وجعلوا لها أعناقًا من جلود الغنم، فبلغه ذلك، فقال:"لا تَشْرَبُوا إِلَّا فِيمَا أَعْلاهُ مِنْهُ".

2731 -

حدّثنا أبو عباد قطن بن نسير الغبرى، حدّثنا جعفر بن سليمان، حدّثنا

2730 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 287]، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر"[28]، وغيرهما من طريق ابن المبارك عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ وعلته حسين هذا فهو ساقط الحديث عند جماعة، وضعفه آخرون، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله"؛ وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[5/ 89].

لكن لشطر الحديث الأول طرق أخرى عن ابن عباس به

فانظر منها الماضى [2569]، والسابق.

2731 -

قوى: أخرجه ابن حبان [6905]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 831]، وابن عساكر في "تاريخه"[44/ 410، 411]، وغيرهم من طريق المؤلف عن قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان عن ثابت البنانى عن أبي رافع به .... وهو عند ابن الأثير مختصرًا ببعض من أوله.

قلتُ: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ وهو مستقيم لولا أن قطن بن نسير مختلف فيه، والتحقيق أنه ليس ممن يحتج به على الانفراد، وهو صاحب مناكير عن جعفر بن سليمان خاصة كما أشار أبو زرعة الرزاى، وأنكر على مسلم إخراجه لحديثه في "صحيحه"، لكن اعتذار مسلم عن هذا معروف مقبول، ولم يتفرد به قطن: بل تابعه عليه أبو داود الطيالسي به نحوه مطولًا عند الآجرى في "الشريعة"[رقم 1357]، بإسناد صحيح إليه؛ وكذا تابعه محمد بن عبيد بن حسان على نحوه حتى قوله:(إن يكن للقتل بأس فقد قتلت) عند الحاكم [3/ 97]، وعنه البيهقي في "سننه"[15794]، بإسناد صحيح إليه أيضًا، فالإسناد قوى.

وأبو رافع راوى تلك القصة: هو أبو رافع نفيع الصائغ التابعى "الكبير" المخضرم، وجعفر بن سليمان قوى الحديث؛ ويشهد لبعض فقرات تلك القصة حديث عمرو بن ميمون عند البخاري [3497]، وجماعة كثيرة.

ص: 422

ثابت البنانى، عن أبي رافع قال كان أبو لؤلؤة عبدًا للمغيرة بن شعبة وكان يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقى أبو لؤلؤة عمر فقال يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل عليّ غلتى فكلمِّه يخففْ عنى، فقال له عمر: اتق الله وأحسن إلى مولاك - ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف - فغضب العبد وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري! فأضمر على قتله فاصطنع خنجرًا له رأسان وشحذه وسمَّه ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى أنك لا تضرب بهذا أحدًا إلا قتلته قال: فتحيَّن أبو لؤلؤة فجاء في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر وكان عمر إذا أقيمت الصلاة فتكلم يقول: أقيموا صفوفكم كما كان يقول، فلما كبَّر وجأه أبو لؤلؤة في كتفه ووجأه في خاصرته فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلًا فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وجعل عمر يُذهب به إلى منزله، وصاح الناس حتى كادت تطلع الشمس، فنادى عبد الرحمن بن عوف: يا أيها الناس، الصلاةَ الصلاةَ الصلاةَ! قال: وفزعوا إلى الصلاة: فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم بأقصر سورتين من القرآن، فلما قضى صلاته توجهوا إلى عمر، فدعا بشراب لينظر ما قدر جرحه، فَأتِىَ بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يُدْرَ أنبيذ هو أم دم، فدعا بلبن فشربه فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك يا أمير المؤمنين! فقال: إن يكن للقتل بأس فقد قُتلتُ. فجعل الناس يثنون عليه، يقولون: جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، كنتَ وكنت، ثم ينصرفون ويجئ قوم آخرون فيثنون عليه، فقال عمر: أما واللَّه على ما تقولون وددت أنى خرجت منها كفافًا لا عليّ ولا لى، وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سلمتْ لى. فتكلم عبد الله بن عباس - وكان عند رأسه - وكان خليطه كأنه من أهله وكان ابن عباس يقرأ القرآن فتكلم عبد الله بن عباس، فقال: واللَّه لا تخرج منها كفافًا لقد صحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصحبتَهُ خير ما صحبه صاحبٌ، كنتَ له وكنتَ له وكنتَ له، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، ثم صحبت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليتَها يا أمير المؤمنين أنت فوليتَها بخير ما وليها والٍ، كنتَ تفعل وكنت تفعل .. فكان عمر يستريح إلى حديث ابن عباس فقال عمر: يا بن عباس، كرر عليَّ حديثك، فكرر عليه، فقال عمر: أما واللَّه على ما تقولون لو أن لى طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به اليوم من هول المطلع! قد جعلتُها شورى في ستة: في عثمان وعليّ وطلحة بن

ص: 423

عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وجعل عبد الله بن عمر معهم مشيرًا وليس منهم، وأجَّلهم ثلاثًا وأمر صهيبًا أن يصلي بالناس.

2732 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عفان، حدّثنا همام، أخبرنا أبو جمرة، أنه كان يجلس إلى ابن عباسٍ، فكان يدفع عنه الناس، قال: فاحتبست عنه أيامًا، فقال لى: ما حبسك؟ قال: قلت: الحمَّى، فقال لى:[قال] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الحمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ بِمَاءِ زَمْزَمَ".

2733 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا مخلد بن يزيد الحراني، حدّثنا ابن جريجٍ، عن محمد بن يوسف، عن سليمان بن يسارٍ، عن ابن عباسٍ أنه رأى أبا هريرة وهو يتوضأ، فقال: يا بن عباسٍ، هل تدرى مم أتوضأ؟ من أثوار أقطٍ أكلتها، قال: واللَّه ما أدرى مما توضأت؟! أما أنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خبزًا ولحمًا، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ.

2732 - صحيح: أخرجه البخارى [3088]، وأحمد [1/ 291]، وابن حبان [6068]، والحاكم [4/ 223، 447]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12967]، وابن أبي شيبة [3672]، والنسائي في "الكبرى"[7614]، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"[رقم 119]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 130]، وابن عساكر في "تاريخه"[43/ 196]، والطحاوي في "المشكل"[5/ 39]، وغيرهم من طرق عن همام عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي عن ابن عباس به نحوه.

قلتُ: قال الحاكم: "هذا صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا السياق".

قلتُ: بلى قد أخرجه البخارى بنحو سياق الحاكم، فكأنه وهم في استدراكه عليه هذا الحديث، كما أشار الحافظ في "الفتح"[10/ 176]، وقد وقع قوله:(فأطفئوها عنكم بماء زمزم) عند البخارى بالشك، هكذا:(فأبردوها بالماء، أو بماء زمزم، شك همام) وهو عند الجميع بدون شك مثل المؤلف هنا.

2733 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 366]، وعبد الرزاق [642]، وعنه الطبراني في "الكبير"[10/ رقم 10757]، والبيهقي في "سننه"[709]، وغيرهم من طرق عن ابن جريج عن محمد بن يوسف الكندى عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس به. =

ص: 424

2734 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا مخلد بن يزيد، حدّثنا ابن جريجٍ، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار، عن ابن عباسٍ، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل عِرقًا ثم أتاه المؤذن، فوضعه، ثم قام إلى الصلاة ولم يمسَّ ماءً.

2735 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفى، حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن جعفر بن تمامٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوسم في الوجه، فلما سمع العباس بذلك وسم في الجاعرتين.

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن جريج قد صرح بالسماع عند الجميع سوى المؤلف والبيهقي.

2734 -

صحيح: أخرجه عبد الرزاق [637]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11267]، وأحمد [1/ 366]، وغيرهم من طرق عن ابن جريج عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار عن ابن عباس به نحوه

وفي لفظ لأحمد: (أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم مما غيرت النار ثم صلى ولم يتوضأ).

قلتُ: وإسناده صحيح مستقيم، وابن جريج قد صرح بالسماع عند الجميع سوى المؤلف، وابن أبي الخوار مكى ثقة من رجال مسلم وأبى داود.

2735 -

صحيح: أخرجه الطيالسي في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[4475]، والبخاري في "تاريخه"[2/ 187]، وغيرهما من طريق ابن أبي ذئب عن جعفر بن تمام عن جده ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح لولا أنه منقطع، قال الهيثمى في "المجمع" [8/ 204]:"رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات، وفي بعضهم خلاف، إلا أن جعفر بن تمام بن العباس لم يسمع من جده".

قلتُ: وجعفر قد وثقه أبو زرعة وابن حبان، لكن للحديث طرق أخرى عن ابن عباس به نحوه

منها:

1 -

ما أخرجه ابن حبان [5623]، والبيهقي في "سننه"[13040]، من طريقين عن محمد بن سواء السدوسي عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة -[وقد تصحف عند ابن حبان إلى (شعبة)] عن معمر عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس - رضى الله عنه - =

ص: 425

2736 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمد، حدّثنا يعقوب القمى، حدّثنا جعفرٌ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت! قال: "وَمَا الَّذِى أَهْلَكَكَ؟! " قال: حولتُ رحلى الليلة، قال: فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، يقول:"أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ".

= أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى حمارًا قد وسم في وجهه فقال: ألم أنه عن هذا؟! فقال العباس: لا حرم ولا أسِمُ إلا في أبعد مكان من الوجه؛ فوسم في الجاعرتين. لفظ البيهقي.

وسنده صحيح موصول.

2 -

وله طريق آخر عن ابن عباس نحو السياق الماضى عند البيهقي في "سننه"[13041]، بإسناد صحيح أيضًا.

3 -

وطريق ثالثة عند مسلم [2118]، وابن حبان [5624]، و [5625]، والطبراني في "الكبير"[10822]، والبيهقي في "سننه"[13039]، وغيرهم من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن ناعم بن أجيل مولى أم سلمة عن ابن عباس قال:(رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا موسوم الوجه؛ فأنكر ذلك؛ قال: فواللَّه لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه؛ فأمر بحمار له فكُوِىَ في جاعرتيه؛ فهو أول من كوى الجاعرتين) لفظ مسلم.

والقائل: (واللَّه لا أسمه

إلخ) هو العباس كما جزم به القاضى عياض في "الإكمال" واستظهر النووى في "شرحه على مسلم"[14/ 97]، أنه هو (ابن عباس)، ثم قال:"وحينئذ يجوز أن تكون القضية جرت للعباس ولابنه".

قلتُ: والصواب هو الأول.

2736 -

ضعيف: أخرجه الترمذي [2980]، وأحمد [1/ 297]، والنسائي في "الكبرى"[8977، 11040]، والطبري في "تفسيره"[2/ 404]، والبيهقي في "سننه"[13903]، وابن أبي حاتم في "تفسيره"[رقم 2174]، وابن حبان [4202]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12317]، والطحاوي في "المشكل"[15/ 177]، وغيرهم من طريق يعقوب بن عبد الله القمى عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

ص: 426

2737 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا همامٌ، حدّثنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن أخت عقبة بن عامرٍ نذرت أن تحج ماشيةً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إِنَّ اللَّهَ عز وجل غَنِيٌّ عَنْ نَذْرِ أُخْتِكِ، لِتَرْكَبْ وَتُهْدِ بَدَنَةً".

= قلتُ: قال الترمذي: "حديث حسن غريب" وصححه الحافظ في "الفتح"[8/ 191].

وهذا فيه نظر، وجعفر بن أبي المغيرة، وإن وثقه بعضهم إلا أن الحافظ العلامة العلاء مغلطاي قد نقل في كتابه "الإكمال" عن ابن منده أنه قال عن جعفر:"ليس بالقوى في سعيد بن جبير"، وهذا من روايته عن سعيد، راجع "التهذيب"[2/ 108]، و (ابن منده) متى أطلق فهو محمد بن إسحاق أبو عبد الله الحافظ الإمام النقاد أحد أئمة هذا الشأن، ويعقوب بن عبد الله القمى مختلف فيه أيضًا.

• تنبيهان:

الأول: قوله: (يقول: أقبل .... إلخ) فالقائل هو ابن عباس كما أشار إليه ابن القيم في "حاشيته على السنن"[6/ 141].

والثانى: وقع في آخره عند الطبراني: (

واتق الدم والحيضة) كذا: (الدم) والصواب: (الدبر) كما هي عند الجميع؛ وسند الطبراني واه.

2737 -

صحيح: دون قوله: (ولتهد بدنة): أخرجه أبو داود [3296]، وأحمد [1/ 329] 252، 311]، والدارمي [2335]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11828]، و [17/ رقم 745]، وابن خزيمة [3045]، والبيهقي في "سننه"[19902]، وابن الجارود [936]، والطحاوى في "شرح المعاني"[3/ 131]، وفي "المشكل"[5/ 174]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 53]، وغيرهم من طريق همام بن يحيى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به

ووقع عند الطحاوى وأبى داود والدارمي: (ولتهد هديًا) بدل: (وتهد بدنة).

قلتُ: وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في "التلخيص"[4/ 178]، وهو على شرط البخارى أيضًا؛ وقد صرح قتادة بالسماع من عكرمة عند أبي داود.

وقد اختلف في إسناده على قتادة، بل وخولف فيه أيضًا، لكن الوجه الماضى ثابت، محفوظ؛ وكذا متنه؛ اللَّهم إلا قول:(وتهد بدنة) أو (ولتهد هديًا) فهذا مما تفرد به همام عن قتادة، وقد خالفه هشام الدستوائى، فرواه عن قتادة فلم يذكر فيه الهدى. =

ص: 427

2738 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عمرٍو، عن أبي أمية، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نُهِيتُ أَنْ أُصَلِّىَ وَرَاءَ الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ".

= هكذا أخرجه أبو داود [3297]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11829]، والبيهقي في "سننه"[19903]، والطحاوي في "المشكل"[5/ 175]، وغيرهم؛ وهذا هو المحفوظ عن قتادة؛ وهشام أثبت الناس في قتادة، لا يدانيه همام في تلك الرتبة أصلًا، وإن كان همام ثقة حافظًا؛ وقد قال ابن عبد البر في "الاستذكار"[5/ 177]، بعد أن ذكر مخالفة هشام لهمام في عدم ذكره (الهدى) في هذا الحديث:"وليس همام بحجة فيما خالفه فيه هشام عن قتادة" وهو كما قال.

نعم: قد رواه مطر الوراق عن عكرمة فذكر فيه: (ولتهد بدنة بنة) كما أخرجه البيهقي في "سننه"[19901]، وابن طهمان في "المشيخة"[رقم 27]، ومن طريقه ابن طبرزد في "جزء من حديثه"[رقم 5/ ضمن جمهرة الأجزاء]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 676]، وغيرهم؛ لكن مطرًا الوراق كثير الأوهام والأخطاء، وقد اختلف عليه في سنده على ألوان، كما تراه عند الطحاوى في "المشكل"[5/ 175]، وفي "شرح المعاني"[3/ 131]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 328]، وغيرهم.

ولعله اضطرب فيه، ولم يصح ذكر (الهدى) في شيء من طرق قصة أخت عقبة بن عامر كما شرحناه مع بسط الاختلاف في هذا الحديث على قتادة؛ وكذا بيان من خالفه في إسناده في كتابنا "غرس الأشجار".

2738 -

حسن: هذا إسناد غامض، ورجاله لم أفطن لهم سوى شيخ المؤلف وابن عباس فقط، وأبو أمية لا أكاد أميزه، نعم قد يكون هو أبا أمية عبد الكريم بن أبي المخارق الضعيف المشهور، وبهذا جزم حسين الأسد في تعليقه، ثم قال:"وهو لم يدرك ابن عباس؛ فالإسناد منقطع".

قلتُ: إن صح احتمال كون أبي أمية هو عبد الكريم؛ فالظاهر أن في إسناد المؤلف سقطًا بين عبد الكريم وابن عباس.

ويؤيده: ما أخرجه الطيالسي [2645]، قال:(حدثنا شريك عن عبد الكريم عن مجاهد أو عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا مثله).

قلتُ: وهذا إسناد تالف، شريك هو القاضى النخعى ضعيف الحفظ مضطرب الحديث على جلالته، وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق ضعفه الجمهور؛ وتركه جماعة، وقال ابن عبد البر:"مجمع على ضعفه" ثم اعتذر لمالك عن الرواية عنه، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله". =

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد خولف شريك في وصله، خالفه ابن عيينة، فرواه عن عبد الكريم عن مجاهد - بدون شك - به مرسلًا، ولم يذكر فيه ابن عباس.

هكذا أخرجه عبد الرزاق [2491]، وابن أبي شيبة [6467]، وكأن هذا الأشبه، وهو ضعيف على كل حال.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس لا يصح منها شيء أصلًا، بل جزم أبو داود وابن المنذر بكونها واهية، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة معلولة أيضًا كما بسطنا الكلام على كل ذلك في "غرس الأشجار".

نعم: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[5/ رقم 5246]، من طريق محمد بن المضل السفطى عن سهل بن صالح الأنطاكي عن شجاع بن الوليد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعًا مثل لفظ المؤلف.

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الجودة، رجاله كلهم معروفون مقبولون؛ شيخ الطبراني وثقه الخطيب في "تاريخه"[3/ 153]، وقال الدارقطني:"صدوق" كما في سؤالات الحاكم له [ص 145/ رقم 197].

وسهل بن صالح ثقة صالح من رجال "التهذيب" وشجاع بن الوليد هو الحافظ الفقيه الثقة المشهور؛ وفيه كلام يسير؛ فهو وإن ضعفه أبو حاتم الرازى - وتشدده معلوم - فإنه قال: "إلا أن عنده عن محمد بن عمرو بن علقمة أحاديث صحاح" كما في "الجرح والتعديل"[4/ 378]، وهذا الحديث من روايته عن محمد بن عمرو؛ فلم يبق إلا محمد بن عمرو.

وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 202]، فقال:"واختلف في الاحتجاج به"، والصواب بشأنه: أنه حسن الحديث ما لم يخالف، ومن حاول توهينه في أبي سلمة خاصة، فلم يفعل شيئًا، كما أوضحناه في غير هذا المكان.

ثم رأيت الحافظ قد وهى هذا الإسناد في "الفتح"[1/ 485]، وأحوال رجاله الماضية لا تساعده على ذلك أصلًا، ولو ضعف إسناده كما فعل صاحبه العينى في "العمدة"[4/ 114]، لكان عذره في ذلك أوضح مع الرفض أيضًا، فالظاهر هو القول بتحسين هذا الإسناد الماضى كما جزم بذلك الإمام في "الإرواء"[2/ 96].

لكن في القلب منه شيء، وأخشى أن يكون متنه قد انقلب على بعضهم، فإن الحديث بهذا الإسناد غريب في ذوقى؟! لكنى لست ابن المدينى حتى أجزم بذلك هنا، =

ص: 429

2739 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا يونس، عن الزهرى، عن يزيد بن هرمز، أن نجدة الحرورى حين خرج في فتنة ابن الزبير، أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذى القربى لمن يراه؟ قال: هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم،

= ونحن قد نقبل من بعض المتقدمين إعلاله للحديث وإن لم يبد حجته على ذلك، فإن هؤلاء النقاد المتقدمين من كثرة ممارستهم للعلل، ومخالطتهم للنقلة؛ صارت لهم ملكة قوية؛ وذوق عجيب؛ في نقد المتون والأسانيد؛ ولذلك فإنك تراهم لا يغترون بظواهر الأسانيد.

بل كان لهم في غربلة الأخبار جلد إلى الغاية، بل كان بعضهم يمكث الأزمان لأجل معرفة ما اعترى الحديث الواحد من وهم أو خطأ، وفي هذا يقول الخطيب في "الجامع" [2/ 257]:"من الحديث ما تخفى علته، فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومُضِيِّ الزمن البعيد" ثم أسند عن ابن المدينى - بإسناد ضعيف - أنه قال: "ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة".

فلم يكن كلامهم في هذا الفن بالمجازفة ولا التخرُّص، بل ترى ابن رجب يقول في "شرح علل الترمذي" [2/ 664/ عتر]:"ولابد في هذا العلم من طول ممارسة، وكثرة مذاكرة؛ فإذا عدم المذاكرة به؛ فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين؛ كيحيى القطان، ومن تلقى عنه كأحمد وابن المدينى وغيرهما؛ فمن رزق مطالعة ذلك وفهمه؛ وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس، وملكة، صلح له أن يتكلم فيه".

قلتُ: وأين موقع تلك الأنفاس من أغمار أهل العصر؟! وبالجملة: فنحن مع الظاهر حتى يتبين خلاف ذلك؛ وحديث أبي هريرة حديث حسن على غرابة إسناده.

أما قول الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف في جزئه في "تضعيف حديث: ما من عبد إلا وله ذنب

" [ص 174]: "إذا وجدت حديثًا في أحد "المعاجم" الثلاثة - يعنى الطبراني - رجاله كلهم ثقات أو صدوقون، فلا تتسرع بالحكم عليه بالصحة أو الثبوت؛ إذ لابد أن تجد فيه خللًا ما، من إعلال، أو شذوذ، أو عدم اشتهار بعضهم بالرواية عن بعض

".

فهذا على إطلاقه غلو بالغ، بل ودعوى لا يستطيع أحد إقامة البرهان العملى على صحتها إلا بشق الأنفس، وقد نقضناها من وجوه كثيرة في كتابنا "برهان الناقد"، واللَّه المستعان.

2739 -

صحيح: أخرجه أبو داود [2982]، والنسائي [4133]، وأحمد [1/ 320]، - الطبراني في "الكبير"[10/ 10828]، والبيهقي في "سننه"[12743]، وابن شبة في "تاريخ المدينة"[2/ 649]، وغيرهم من طريق يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن يزيد بن هرمز به

نحوه.

ص: 430

وقد كان عمر عرض علينا منه عرضًا رأيناه دون حقنا، فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله. وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم، وأن يقضى عن غارمهم، وأن يعطى فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك.

2740 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عباد بن منصورٍ، عن عكرمة،

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح موصول، وقد توبع عليه يونس:

1 -

تابعه عقيل بن خالد على نحوه عن الزهرى عند أبي عبيد في "الأموال"[رقم 708]، وابن زنجويه في "الأموال" أيضًا [رقم 976، 977].

2 -

وكذا تابعه محمد بن إسحاق مطولًا عن الزهرى كما مضى عند المؤلف [2550، 2631].

2740 -

ضعيف بهذا السياق جميعًا: أخرجه أبو داود [2256]، وأحمد [1/ 1238] والطيالسي [2667]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[15069]، وابن شبة في "تاريخ المدينة"[2/ 379]، وابن عساكر في "تاريخه"[20/ 261]، والطبري في "تفسيره"[9/ 270]، وغيرهم من طرق عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس به مطولًا

وهو عند أبي داود ببعض اختصار.

قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع"[4/ 645]: "مداره على عباد بن منصور وهو ضعيف"، وهو كما قال؛ وعباد هذا قد ضعفوه؛ لسوء حفظه وتخليطه، وقد كان يدلس أيضًا لا سيما عن عكرمة، بل قال ابن حبان في "المجروحين" [2/ 166]:"كل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى - وهو شيخ هالك - عن داود بن الحصين، فدلسها عن عكرمة".

وقد خولف في وصله، خالفه ابن علية، فرواه عن أيوب السختيانى عن عكرمة بطوله مرسلًا، هكذا أخرجه ابن جرير في "تفسيره"[9/ 270]، بإسناد صحيح إليه، وتوبع عليه ابن علية: تابعه معمر عليه باختصار عند عبد الرزاق [12444].

واختلف فيه على أيوب، فرواه عنه جرير بن حازم ببعضه مختصرًا عند الطبرى في "تفسيره"[9/ 270]، ووصله عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به

وتوبع عليه جرير على هذا الوجه الموصول، تابعه حماد بن زيد عليه مختصرًا جدًّا ببعض من أوله عند النسائي في "الكبرى"[8226]، وقد يكون الوجهان محفوظين عن أيوب معا، وليس فيهما ما في سياق عباد بن منصور هنا عن عكرمة، فسياق أيوب من الوجهين مختصر ببعض الفقرات منه فقط، فلا يكون شاهدًا لسياق عباد كله. =

ص: 431

عن ابن عباسٍ، قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} [النور: 4]، قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟! " قالوا: يا رسول الله، لا تلمه فإنه رجلٌ غيورٌ، واللَّه ما تزوج امرأةً قط إلا بكرًا، ولا طلق امرأةً قط فاجترأ رجلٌ منا على أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعدٌ: واللَّه يا رسول الله، إنى لأعلم أنها حقٌّ، وأنها من عند الله، ولكن قد تعجبت أنى لو وجدت لكاعًا قد تفخذها رجلٌ لم يكن [لي] أن أهيجه، ولا أحركه حتى آتى بأربعة شهداء؟! فواللَّه لا آتى بهم حتى يقضى حاجته، قال: فما لبثوا إلا يسيرًا حتى جاء هلال بن أمية - وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم - فجاء من أرضه عشاءً، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعينيه وسمع بأذنيه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنى جئت أهلى عشاءً، فوجدت عندها رجلًا، فرأيت بعينى، وسمعت بأذنى. وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه، واجتمعت الأنصار، فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة: إلا أن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية، ويبطل شهادته في المسلمين، فقال: واللَّه واللَّه إنى لأرجو أن يجعل الله لى منها مخرجًا، فقال هلالٌ: يا رسول الله، إنى قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به، واللَّه يعلم إنى لصادق، فواللَّه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربدُّ جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} الآية [النور: 6]، كلها، فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أَبْشرْ يا هِلالٌ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا"، فقال هلالٌ: قد كنت أرجو ذاك من ربى،

= نعم: لبعض فقرات سياق عباد طرق أخرى عن عكرمة وعن ابن عباس أيضًا؛ وكذا لها شواهد صحيحة؛ لكن الحديث ضعيف بهذا السياق جميعًا، وفيه عبارات لم تأت إلا من طريق عباد وحده، وقد عرفت ما فيه.

ص: 432

فؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرْسِلُوا إِلَيْهَا"، فأرسلوا إليها، فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكَّرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلالٌ: واللَّه يا رسول الله، لقد صدقت عليها، فقالت: كذب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لاعِنُوا بيْنَهُمَا"، فقال لهلالٍ: اشهد، فشهد أربع شهاداتٍ باللَّه إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة، قيل: يا هلالٍ، اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التى توجب العذاب، فقال: واللَّه لا يعذبنى الله عليها كما لم تجلدنى عليها، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها: اشهدى، فشهدت أربع شهاداتٍ، باللَّه إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة، قيل لها: اتقى الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التى توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعةً، ثم قالت: واللَّه لا أفضح قومى، فشهدت الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يُرمى ولدها، ومن رماها، أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاقٍ، ولا متوفًى عنها، وقال:"إِنَّ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ، أُثُيْبِجَ، أُرَيْسْحَ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلالٍ، وَإِنَّ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا، جُمَاليًّا، خَدْلَجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الأَليَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِى رُمِيَتْ بِهِ"، فجاءت به أورق جعدًا، جماليًا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْلا الأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ"، قال عكرمة: وكان بعد ذلك أميرًا على مصر وما يدعى لأبٍ.

2741 -

حدثنا أبو يعلى، حدّثنا أبي، حدّثنا يزيد بن هارون، بنحوه.

2741 - ضعيف: انظر قبله.

• تنبيه: قال حسين الأسد في تعليقه معلقًا على قول المؤلف: (حدثنا أبي .. ) قال: "لا نعرف أن أبا يعلى روى عن أبيه، ونعتقد أن في هذا السند تحريفًا".

قلت: أتى واللَّه الرجل من قلة اطلاعه، وأبو يعلى معروف بالرواية عن أبيه في "مسنده"، كما قال الذهبى في ترجمة أبيه (على بن المثنى بن يحيى) من "تاريخ الإسلام" [وفيات: سنة 227 هـ]، ولأبيه ترجمة في "التهذيب وذيوله"؛ ذكروه (تمييزًا) فاللَّه المستعان.

ص: 433

2742 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن فطرٍ، عن شرحبيل بن سعدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَكُونُ لَهُ ابْنَتَانِ فَيحْسِن إِلَيهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ - أوْ صَحِبَهُمَا - إِلَّا أَدْخَلَتَاهُ الجَنَّةَ".

2743 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا زهير بن محمدٍ، عن عمرو بن أبي عمرٍو، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن وَجَدْتمُوهُ يَأْتى البَهيمَةَ فَاقتُلُوهُ وَاقْتلُوهَا مَعَهُ، وَمَنْ وَجَدْتموهُ يَعْمَلُ عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتلُوا الفاعل والْمفعول بِهِ".

2744 -

حدَّثنا زهيرٌ، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا ابن جريجٍ، قال: حدثنى زكريا بن عمر، أن عطاءً أخبره، أن عبد الله بن عباسٍ دعا الفضل بن عباسٍ يوم عرفة إلى طعامٍ، فقال: إنى صائمٌ، فقال عبد الله: لا تصم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قُرِّبُ إليه حلابٌ فيه لبنٌ فشرب منه هذا اليوم، وإن الناس يستنون بكم.

2742 - قوى بشواهده: مضى الكلام عليه [برقم 2571].

2743 -

ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 2462، 2463].

2744 -

صحيح: أخرجه أحمد [1/ 321، 367]، والطبراني في "الأوسط"[9/ رقم 9186]، والبخاري في "تاريخه"[3/ 420]، من طريقين عن ابن جريج عن زكريا بن عمر [ووقع عند الطبراني:(عن ورقاء بن عمر) وأراه تصحيفًا، وإن لم يكن، فهو وهمٌ من بعضهم، وسند الطبراني لا يصح إلى ابن جريج] عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به

وهو عند البخاري مختصرًا.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وزكريا بن عمر شيخ مجهول الحال، راجع "تعجيل المنفعة"[1/ 138]، وقد اختلف في سنده على ابن جريج، فرواه عنه روح بن عبادة على الوجه الماضى؛ وتوبع عليه روح: تابعه موسى بن قرة عند الطبراني في "الأوسط" لكن الإسناد إليه لا يثبت، فالعمدة على رواية روح؛ لكنه خولف فيه، خالفه جماعة من حفاظ أصحاب ابن جريج، كلهم رووه عنه عطاء عن ابن عباس به مثله ونحوه

، ولم يذكروا فيه واسطة بينه وبين عطاء، منهم: =

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 1 - يحيى القطان نحو سياق المؤلف: لكنه قال في أوله: (عن ابن عباس أنه دعا أخاه عبيد الله

إلخ) هكذا: (عبيد الله) بدل: (الفضل بن عباس).

أخرجه النسائي في "الكبرى"[2821]، وأحمد [1/ 346]، والطبري في "تهذيبه"[رقم 856]، وقد وقع عند النسائي والطبري تصريح ابن جريج بسماعه من عطاء.

2 -

ويحيى بن سعيد الأموى نحو سياق المؤلف عند الطبري في "تهذيب الآثار"[رقم 853]، بإسناد قوى إليه.

3 -

وعبد الرزاق نحو سياق المؤلف أيضًا: في "المصنف"[7817]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[18/ رقم 693]، وأحمد [1/ 367].

4 -

ومحمد بن بكر البرسانى مثل سياق المؤلف عند أحمد في "مسنده"[1/ 367]، مقرونا مع عبد الرزاق.

5 -

وأبو أسامة حماد بن أسامة نحوه عند ابن أبي شيبة [13381]، والطبري في "تهذيبه"[رقم 854]، وصرح ابن جريج عند الطبري بسماعه من عطاء، لكن وقع عنده: "عن ابن جريج، حدثنا عطاء قال: دعا الفضل بن عباس عبد الله بن عباس يوم عرفة

إلخ) هكذا صار الفضل هو الداعى، وابن عباس هو المدعو، وهذا أراه قلب وقع وهفا من بعضهم، والصواب: أن الداعى هو ابن عباس، والمدعو هو الفضل أخوه.

6 -

والحجاج الأعور على مثل سياق المؤلف عند النسائي في "الكبرى"[2822].

فهؤلاء ستة من أصحاب ابن جريج قد رووه عنه فلم يذكروا فيه واسطة بينه وبين عطاء، ثم جاء حفص بن غياث وخالف الجميع، ورواه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن العباس قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب يوم عرفة)، فجعله من (مسند الفضل بن عباس).

هكذا أخرجه الطبري في "تهذيبه"[رقم 855]، والطبراني في "الكبير"[18/ رقم 694]، والمؤلف [برقم 6736، 6729]، وابن أبي شيبة [13382]، والذهبي في "التذكرة"[2/ 489]، وغيرهم، وقول الجماعة هو الأرجح إن شاء الله؛ بل هو الأصح، فالحديث محفوظ من (مسند ابن عباس).

أما رواية روح بن عبادة عن ابن جريج بزيادة: (زكريا بن عمر) بينه وبين عطاء. فأراها رواية محفوظة إن شاء الله؛ ويكون ابن جريج قد سمعه أولًا من زكريا هذا عن عطاء؛ =

ص: 435

2745 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفًا.

= ثم قابل عطاءً فحدثه به؛ فهو من المزيد، ويؤيده تصريح ابن جريج بسماعه من عطاء في رواية يحيى القطان وأبى أسامة عنه؛ ولولا ذلك؛ لاتجه الظن إلى كون ابن جريج ربما دلس (زكريا بن عمر) في رواية الجماعة عنه، لكنه ربأ بنفسه، وأظهر سماعه من عطاء؛ فالإسناد على رواية الجماعة صحيح على شرط الشيخين.

2745 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 293، 350]، والطحاوي في شرح "المعاني"[1/ 332]، والطبراني في "الدعاء"[2241]، والبيهقي في "سننه"[6134]، وفي "العرفة"[2046]، وغيرهم من طرق عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، وابن لهيعة حاله معلومة، وشرح أحواله تجدها في كتابنا "فيض السماء" وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 207]، والحافظ في "التلخيص"[2/ 92]، وفي "نتائج الأفكار"[2/ 4]، وضعف سنده في "الفتح"[2/ 555].

وقد توبع عليه ابن لهيعة، تابعه عبد الحميد بن جعفر، على نحوه عند البيهقي في "المعرفة"[رقم 2045]، وأبى نعيم في "الحلية"[3/ 344]، وأبى جعفر بن البخترى في "الجزء الرابع من حديثه"[رقم 210/ ضمن مجموع مؤلفاته] وغيرهم من طريق الواقدى عن عبد الحميد به.

قلتُ: وهذه متابعة نافقة، قال أبو نعيم:"هذا حديث غريب من حديث عكرمة ويزيد؛ تفرد به الواقدى عن عبد الحميد".

قلتُ: ما لنا في الواقدى حيلة في كونه هالكًا حتى أخمص قدميه، ونفاح ابن سيد الناس عنه في أوائل "سيرته" فمن قبيل تجاهل العارف، لكن للحديث طريق آخر عن عكرمة به نحوه

فقال الحافظ في "نتائج الأفكار"[2/ 4]: "وأخرجه الطبراني في "الأوسط" من وجه آخر عن عكرمة، وفيه حفص بن عمر العدنى، وهو أضعف من ابن لهيعة".

قلتُ: روايته في "الأوسط"[3/ رقم 2700]، و [9/ 9345]، من طريقين عن حفص بن عمر العدنى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال:(كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى الصلاة فقام مليّا ثم ركع مليّا ثم سجد ثم أعاد مثلها، قال عكرمة: قال ابن عباس: فكنت إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع القراءة). =

ص: 436

2746 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريجٍ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدىٍ، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سريةٍ.

= وحفص هذا أضعف من ابن لهيعة كما قال الحافظ، بل تركه الدارقطني - في رواية عنه - وغيره، نعم قد توبع عليه حفص عن الحكم بن أبان، تابعه موسى بن عبد العزيز اليماني على نحو قول ابن عباس الماضي عند الطبراني في "الكبير"[11/ 11612]، بإسناد مقبول إليه، لكن موسى هذا وإن مشاه جماعة؛ لكن ضعفه ابن المديني، وقال السليمانى:"منكر الحديث" وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق سيئ الحفظ".

• وبالجملة: فطرق الحديث كلها عن ابن عباس واهية كما أشار الحافظ في "الفتح"[2/ 550]، وتابعه العينى في "العمدة"[7/ 92]، لكن قال الحافظ في "النتائج" [2/ 4]:"وفي الباب عن سمرة بن جندب، وسنده قوى" كذا قال، بل سنده ضعيف أيضًا كما بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار" ورددنا على البيهقي وغيره ممن حاول تقوية حديث ابن عباس.

2746 -

صحيح: أخرجه البخارى [4308]، ومسلم [1834]، والترمذي [1672]، والنسائي [4194]، وأحمد [1/ 337]، والبيهقي في "سننه"[16379]، وفي "الشعب"[6/ رقم 7344]، وفي "الدلائل"[رقم 1651]، وفي "الاعتقاد"[رقم 229]، وأبو عوانة [رقم 5720]، وابن الجارود [1040]، والحاكم [2/ 125]، وابن عساكر في "تاريخه"[27/ 353]، والطحاوي في "المشكل"[4/ 90]، والطبري في "تفسيره"[4/ 149]، والبغوي في "تفسيره"[1/ 239]، وغيرهم من طرق عن الحجاج الأعور عن ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس به.

قلتُ: وهذا إسناد مستقيم؛ ويعلى بن مسلم هو ابن هرمز المكى الثقة المشهور؛ لكن أخرج سنيد بن داود في "تفسيره" ومن طريقه الطبري في "تفسيره"[4/ 149]، هذا احديث عن حجاج الأعور فقال: "عن ابن جريج عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به

" مثله، وعبد الله هذا شيخ ضعيف مشهور، فكأن سنيدًا وهم فيه على الحجاج، وبذلك، جزم الحافظ في كتابه العجاب في بيان الأسباب [2/ 896]، فقال: "قلتُ: وهذا من أغلاط سنيد، وإنما هو يعلى بن مسلم، أخرجه الجماعة من رواية الحجاج بن محمد كذلك

وهو الصواب".

والقول ما قالت حذام.

ص: 437

أخبرنيه يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ.

2747 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووسٍ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مِثْلُ النِّكَاحِ".

2747 - ضعيف: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"[492]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 134]، والمعافَى بن عمران كما في "روضة المحبين"[ص 84]، لابن القيم؛ وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس به مرسلًا.

قلتُ: قد اختلف في سنده على ابن عيينة كما يأتى بسط ذلك؛ لكن هذا الوجه هو المحفوظ عنه بلا تردد؛ وقد توبع عليه هكذا مرسلًا: تابعه ابن جريج ومعمر كلاهما عن إبراهيم بن ميسرة عند عبد الرزاق [10377]، ورواية ابن جريج وحدها عند ابن شيبة [15915]، والبيهقي في "سننه"[13230].

فهؤلاء ثلاثة من الثقات الأثبات رووه عن إبراهيم على هذا الوجه، وخالفهم محمد بن مسلم الطائفى، فرواه عن إبراهيم بن ميسرة فجوَّد إسناده، فقال: (عن إبراهيم عن طاوس عن ابن عباس به

) موصولًا.

هكذا أخرجه ابن ماجه [1847]، والحاكم [1/ 174]، والطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11009]، وفي "الأوسط"[3/ رقم 3153]، والبيهقي في "سننه"[13231]، وتمام في "فوائده"[رقم 816، 817، 818]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 134]، وابن عساكر في "تاريخه"[54/ 184]، و [61/ 460]، و [65/ 71]، وأبو زرعة الشامى في الفوائد المعللة [رقم 3]، وابن أبي حاتم في "العلل"[عقب رقم 2252]، وابن الجوزى في "ذم الهوى"[2/ رقم 899/ بتخريجنا]، وغيرهم من طرق عن محمد بن مسلم الطائفى به

مثل لفظ المؤلف؛ لكن وقع عند الحاكم، والطبراني في "الأوسط" وأبى زرعة والعقيلى ومن طريقه ابن الجوزي:(لم ير للمتحابين مثل التزويج) بدل (مثل النكاح) وهو رواية لتمام وابن عساكر.

قلتُ: قال البو صيرى في "مصباح الزجاجة": "إسناده صحيح ورجاله ثقات" كذا، كأن البوصيرى خدع بظاهر الإسناد، وسبقه الحاكم إلى هذا فقال: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه لأن سفيان بن عيينة ومعمر بن راشد أوقفاه عن إبراهيم بن ميسرة على ابن عباس".=

ص: 438

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: وفي كلامه نظر من وجوه،:

الأول: أن الحديث ليس صحيحًا ولا كاد، بل المحفوظ فيه هو الإرسال كما يأتى؛ ثم لو لم يخالف محمد بن مسلم الطائفى في وصله، لما كان حديثه على الانفراد صرجحًا إلا عند من تساهل، بل نهاية أمره أن يكون حسنًا فقط، فكيف والتحقيق بشأن الطائفى: أنه ضعيف الحفظ لم يكن بالضابط أصلًا، وهو كثير المخالفة للثقات في رواياته؛ حتى عددت له من هذا الطراز شيثًا كثيرًا؟!

والثانى: أننا لو تسامحنا وجزمنا بتحسين حديث محمد بن مسلم على الانفراد؛ لاسيما هذا الحديث؛ لم يكن على شرط مسلم قط؛ لأن الطائفى لم يخرج له مسلم في "صحيحه" إلا متابعة كما جزم به الحاكم نفسه، ونقله عنه الحافظ في "التهذيب"[9/ 445].

والثالث: قول الحاكم: "لأن سفيان بن عيينة ومعمر بن راشد أوقفاه عن إبراهيم بن ميسرة على ابن عباس" كذا قال: (ابن عباس) وهذا من أوهامه الكثيرة؛ لأن ابن عيينة ومعمر ومعهم ابن جريج ثلاثتهم رووه عن إبراهيم عن طاووس به مرسلًا، ليس فيه ابن عباس موقوفًا أو مرفوعًا، ولعل (طاووس) حرفت في مطبوعة المستدرك إلى:(ابن عباس) والأول عندى هو الأظهر.

ثم إن محمد بن مسلم الطائفى - مع ما قيل في حفظه - قد خالفه ابن عيينة ومعمر وابن جريج كما مضى؛ فرووه عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس به مرسلًا، وهذا هو المحفوظ بلا شك؛ ولو لم يروه هكذا إلا ابن عيينة وحده لكفى في ترجيح بل تقديم روايته على رواية الطائفى أبدًا.

وقد سئل ابن معين عن الطائفى هذا فوثقه ثم قال: "وكان ابن عيينة أثبت منه ومن أبيه ومن أهل قريته" كما في "تاريخ الدورى"[3/ 76]، وهو كما قال، وابن عيينة هو ابن عيينة.

نعم قد اختلف في سنده عليه، فرواه عنه زهير بن حرب والحميدى وسعيد بن منصور على الوجه الماضي مرسلًا؛ وخالفهم أحمد بن حرب الطائى، فرواه عن ابن عيينة فقال: عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، عندنا يتيمة قد خطبها رجلان، موسر ومعسر؛ هي تهوى المعسر، ونحن نهوى الموسر؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم: ير للمتحابين مثل النكاح) فنقله إلى مسند (جابر بن عبد الله) وأسقط منه إبراهيم بن ميسرة، وأبدل (طاوس) بـ (عمرو بن دينار) هكذا أخرجه ابن شاذان في "المشيخة الصغرى"[رقم 60]، ومن طريقه ابن الجوزى في "ذم الهوى"[2/ رقم 900]. =

ص: 439

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 480]، من طريق أبي الفوارس أحمد بن على بن عبد الله المصيصي عن أبي بشر حيان بن بشر قاضى المصيصة عن أحمد بن حرب الطائي به.

قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة"[2/ 192]: "هذا إسناد رجاله ثقات معروفون من الطائي فصاعدًا؛ وأما حيان بن بشر فذكره ابن أبي حاتم [1/ 248]، من رواية عمر بن شبة النميرى عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا".

قلتُ: هذا من أوهام الإمام، بل حيان بن بشر المترجم في "الجرح والتعديل"، وكذا في "تاريخ بغداد"[8/ 284]، و"طبقات أبي الشيخ"[2/ 128]، وغيرها، متقدم الطبقة عن (حيان بن بشر) رواى هذا الحديث عن أحمد بن حرب، وإنما صاحبنا هو (حيان بن بشر بن مخارق بن شبيب بن بشر قاضى المصيصة، حدث عن أحمد بن حرب الطائي ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، روى عنه أبو الفوارس أحمد بن عليّ المصيصي، وأبو الفضل الشيباني، ومحمد بن أحمد بن جميع الصيداوي).

هكذا ترجمه الخطيب في "المتفق والمفترق"[1/ 21/ رقم 429]، ثم ساق له هذا الحديث؛ ولم يزد على ذلك شيئًا، فهو مستور الحال، ثم قال الإمام الألبانى:"وأما أحمد بن على أبو الفوارس فلم أجد له ترجمة فيما لدى من المراجع؛ وأغلب الظن أنه في "تاريخ ابن عساكر" ولست أطوله الآن".

قلتُ: ولم أهتد إليه أنا في "تاريخ ابن عساكر"، ولا في غيره، وما أظنه إلا مثل الراوى عنه في غياب الحال، وبمثل هذا لا يثبت هذا الإسناد إلى أحمد بن حرب أصلًا، وقد رأيت الخطيب قد غمز في ثبوته، فقال عقب روايته:"هذا غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر، ومن حديث ابن عيينة عن عمرو، ولا أعلم رواه إلا أحمد بن حرب من هذا الطريق إن كان محفوظًا عنه".

فتأمل قوله: "إن كان محفوظًا عنه" ثم لو سلمنا بصحة الطريق إلى أحمد بن حرب؛ لكان ذلك من أوهام ابن حرب على ابن عيينة، كأنه قد سلك فيه الطريق، فابن حرب وإن كان صدوقًا إلا أنه لا يحتمل مخالفة الحميدى - وهو أثبت الناس في ابن عيينة - وزهير بن حرب وسعيد بن منصور وعليّ بن حرب، وكلهم رووه عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس به مرسلًا كما مضى. =

ص: 440

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم جاء بعض الهلكى وحاول وصله من رواية طاووس عن ابن عباس، أعنى إبراهيم بن يزيد الخوزى الساقط المعروف في أوساط النقلة بكل سوء، وترجمته سوداء في "التهذيب" وذيوله، فتراه يرويه بكل وقاحة عن سليمان الأحول وعمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس به مثل رواية جابر الماضية.

هكذا أخرجه أبو عبد الله بن منده في "الأمالى"[ق 46/ 11] كما في "الصحيحة"[2/ 196]، وكذا أخرجه الطبراني أيضًا في "الكبير" [11/ رقم 10895] ولكن بالمرفوع منه فقط؛ وقد وقع عنده:(عن سليمان الأحول أو عمرو بن دينار) هكذا بالشك)، وما قيمة هذا الشك أو الجزم من ذاك الخوزى التالف؟!

ثم وجدت محمد بن مسلم الطائفى قد توبع على وصله عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس به مثل لفظ المؤلف، فتابعه:

1 -

عثمان بن الأسود المكى - الثقة المعروف - عند الدارقطني في "الأفراد والغرائب"[رقم/ 2406 أطرافه]، قال الدارقطني:"تفرد به يزيد بن مروان عن عمر بن هارون عن عثمان بن الأسود المكى .. ".

قلتُ: وهذه متابعة كالماء، وعمر بن هارون حاله كحال إبراهيم الخوزى الماضي، آنفًا، بل كذبه ابن معين بخط عريض.

2 -

وتابعه سفيان الثوري على مثل لفظ المؤلف عند الخليلى في "الإرشاد"[2/ 653]، [3/ 947]، وابن جميع في "معجم شيوخه"[رقم 195]، وأبى القاسم المهرواني في "الفوائد المنتخبة"[55/ 1]، كما في "الصحيحة"[2/ 196]، من طريق عبد الصمد بن حسان عن الثوري به.

قلتُ: وقد توبع عليه عبد الصمد: تابعه مؤمل بن إسماعيل عن الثوري به

عند الخليلي في الموضع الثاني، وقال:"هذا أسنده عبد الصمد ومؤمل بن إسماعيل، وغيرهما رواه عن سفيان عن إبراهيم عن طاووس مرسلًا" وقال أبو القاسم المهرواني عقب روايته - كما نقله عنه الإمام: "لم يروه هكذا موصولًا عن الثوري إلا عبد الصمد بن حسان، وتابعه مؤمل بن إسماعيل، ورواه غيرهما عن سفيان مرسلًا؛ لم يذكر ابن عباس في سنده؛ وهو الصواب".

فتعقبه الإمام في "الصحيحة" قائلًا: "قلتُ: لم أره عن الثوري مرسلًا، وإنما عن ابن عيينة =

ص: 441

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كما تقدم؛ فرواية عبد الصمد هذه جيدة، فإنه صدوق كما قال الذهبى؛ ولم يرو ما شذ به عن الثقات، بخلاف الطائفى وغيره كما رأيت، بل تابعه مؤمل بن إسماعيل كما ذكر المهروانى؛ فهو متابع لا بأس به لعبد الصمد، فإذا ضم إلى هذا الموصول: طريق ابن عيينة الأخرى عن عمرو بن دينار؛ أخذ الحديث قوة، وارتقى إلى درجة الصحة إن شاء".

قلتُ: وهذا كلام كله مدخول، والصواب مع أبي القاسم المهروانى من كون الصواب عن الثوري هو الإرسال، وهذا يؤيده ويقويه رواية الجماعة (ابن عيينة، ومعمر، وابن جريج) عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس به مرسلًا، والموصول عن الثوري غريب جدًّا، وعبد الصمد بن حسان وإن كان شيخًا صدوقًا، بل ثقة معروفًا؛ فلم يكن من أصحاب الثوري العارفين بحديثه؛ والمشهورين بالرواية عنه كالقطان وابن مهدى وأبى عاصم وابن المبارك والأشجعى وأبى نعيم والفريابي وأضرابهم، فأين كان هؤلاء عن هذا الحديث؟! بل وجدت الخليلى قد قال في ترجمة عبد الصمد بن حسان من كتابه "الإرشاد" [3/ 947]: "

ويتفرد بأحاديث " ثم ساق له هذا الحديث.

وعادة الخليلى في "الإرشاد" قريبة من عادة ابن عدى والعقيلى وابن حبان وغيرهم ممن يذكرون في ترجمة الراوى أفراده ومناكيره وإن كان ثقة مشهورًا، وقد تتبعت ذلك في كتاب الخليلى "الإرشاد" بالاستقراء؛ ومن غربل تراجم رجاله فيه؛ علم صدق ما نقول؛ فلا يكون عبد الصمد بن حسان إلا وقد وهم على الثوري في وصله هذا الحديث.

أما متابعة مؤمل بن إسماعيل له على وصله عن سفيان؛ فلا عليك إن غسلتَ يديك منها بماء وأشنان، وقد سقط حديثه يوم أن تنسَّك ودفن كتبه، وسوء حفظه مما سارت به الركبان، وتناقلته الأزمان عبر الأزمان، وقد جمع الشيخ الناقد محمد عمرو عبد اللطيف - شفاه الله - جزءًا في أوهام المؤمل سماه:"الهجر الجميل لأوهام المؤمل بن إسماعيل" أو: "المعجم المعلل لشيوخ المؤمل" ولا أظنه مطبوعًا؛ كشف فيه الستار عن علل حديث المؤمل وأوهامه في مروياته؛ فماذا تكون قيمة روايته عن الثوري هنا؟! ولعله سمعه من الثوري مرسلًا فوصله، بل ربما يكون قد سمعه من غير الثوري رأسًا؛ ثم رواه عن الثوري؛ توهمًا أنه قد سمع منه، على عادة الضعفاء ومضطربي الحديث، وقد مضى عن الخليلى وأبى القاسم المهروانى أن عبد الصمد ومؤمل قد خولفا في وصل الحديث عن الثوري، خالفهما غيرهما، فرواه عن الثوري مرسلًا؛ ورجح المهرواني هذا الوجه الرسل عن الثوري كما مضى؛ فالقول ما قالت حذام. =

ص: 442

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما قول الإمام: "فإذا ضم إلى هذا الموصول: طريق ابن عيينة الأخرى الموصولة عن عمرو بن دينار؛ أخذ الحديث قوة، وارتقى إلى درجة الصحة إن شاء الله" فهذا ما أراه إلا من تقوية المنكر بالمنكر، ولا يصح عن ابن عيينة إلا الوجه المرسل كما مضى؛ وما عدا ذلك عنه فهو غير محفوظ البتة، والصواب في هذا الحديث هو الإرسال؛ وهذا هو الذي اختاره العقينى؛ فإنه قد ذكر رواية محمد بن مسلم الطائفى الموصولة عن إبراهيم بن ميسرة في "الضعفاء"[4/ 134]، وأعقبها برواية ابن عيينة الرسلة عن إبراهيم، ثم قال:"وهذا أولى" وهو كما قال.

• تنبيه: قال الطبراني في "الأوسط"[رقم 3153]، عقب روايته هذا الحديث موصولًا من طريق محمد بن مسلم الطائفى عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس به

قال: "لم يروه عن طاوس؛ إلا إبراهيم، ولا يروه أكذا، عن إبراهيم إلا محمد وسفيان الثورى؛ تفرد به مؤمل بن إسماعيل عن الثوري".

وهذا كلام صحيح مستقيم؛ إلا جَزْمه بتفرد مؤمل بروايته عن الثوري وحده، بل تابعه عبد الصمد بن حسان كما مضى ذلك؛ لكن أبي المحدث أبو إسحاق الحوينى إلا أن يناقش الطبراني في جميع كلامه، وتعقبه في كتابه تنبيه الهاجد [رقم 277]، قائلا: "قلتُ: رضى الله عنك، ففى هذا النقد مؤاخذات ثلاثة:

الأولى: أنه لم يتفرد به إبراهيم بن ميسرة، فقد تابعه سليمان الأحول أو عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا مثله، أخرجه

".

قلتُ: بل عفا الله عنك يا أبا إسحاق، أبمثل هذا يتعقب على أبي القاسم اللخمى؟! ألم تعلم أن هذه المتابعة لا تثبت إلا إذا تجمد الماء وسط جحيم مستعر، فواللَّه ما رواه سليمان الأحول أو عمرو بن دينار قط، كيف وراويه عنهما أو أحدهما هو إبراهيم بن يزيد الخوزى ذلك الهالك المشهور؟ وكيف لمثله أن يُصدَّق في رواية عن مثله؟! فكيف بإمام من أئمة المسلمين؟! وقد مضى الكلام على روايته سابقًا. فانظره إن شئت.

ثم قال المحدث الحوينى - حفظه الله: "والثانية: لم يتفرد به الطائفى وسفيان الثوري، فتابعهما عثمان بن الأسود المكى عن إبراهيم بن ميسرة مثله

أخرجه

".

قلتُ: لا واللَّه، ما صح هذا عن عثمان بن الأسود قط، وكيف يصح وفي الطريق إليه حية رقطاء دونها الموت الزؤام؟! أعنى عمر بن هارون البلخى الذي يقول عنه ابن معين: =

ص: 443

2748 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عبيد بن سعد، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِى فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِى، وَمِنْ سُنَّتِى النِّكَاحُ".

= "كذاب خبيث ليس بشئ"، وأسقطه سائر النقاد المهرة، راجع ترجمته في "التهذيب" وذيوله، وقد مضى الكلام على روايته أيضًا.

وكم ينزلق المحدث أبو إسحاق بقدميه هذه المزالق الوعرة فيما يتعقب به جماعة الحفاظ في كتابه "تنبيه الهاجد" كأنه لم يكن يبالى بعدم ثبوت الطريق إلى ذلك المتابع الذي يدرأ بروايته قول من نفى ذلك من الأئمة الكبار، فأنَّى يتم له التعقب، وكيف يصح له؟! وكم قلنا بأن الأئمة قد يُطْلِقُون تفرد الراوى بالرواية، ومرادهم بذلك تفرده بالسياق لا بأصل الحديث، أو تفرده بزيادة وقعَت فيه مثلًا.

وكم قلنا بأنهم قد يجزمون بكون فلان لم يروه عنه إلا فلان، ومرادهم أنه لم يصح إلا من طريق هذا عن ذلك فقط؛ لصحة الإسناد إليهما، وهم يعلمون أن ثَمَّ جماعة قد روى عنهم متابعة ذلك الراوى، لكنهم يُهْملون ذكر ذلك، لعدم ثبوت تلك المتابعات إلى أصحابها، وكذا لعدم شهرتها عندهم، وربما صحت المتابعة إلى صاحبها، لكنهم يتنكبون عنها لكون ذلك المتابع ليس بحجة عندهم، فتكون متابعته كعدمها.

وأين هؤلاء المتعقبون - إلا من رحم ربى - على هؤلاء الأماجد من جميع ما مضى؟! فكأننا ننفخ في بُوق ليس له منفذ تُصَمُّ لصوته الأسماع، حتى عزمنا على وضْع كتاب نستدرك به على ما استدركه الشيخ المحدث النبيل أبو إسحاق الحوينى على جماعة من الكبار في كتابه "تنبيه الهاجد" دون مراعاة منه لمراد بعض الأئمة في إطلاقهم التفرد ونحوه، ولعلنا نسميه:"إيقاظ العابد بما وقع من النظر في تنبيه الهاجد" نذكر في مقدمته قواعد كلية، وقوانين ثابتة شمولية؛ لمن يريد التعقب على سلف الأئمة في مختلف الفنون، ثم نذكر قبل ذلك شروط صلاحية المتعقب لأئمتنا، ومن يُقبل قوله، ومن يُرد، مع ذكر أمثلة لذلك، وفوائد نفيسة، ونكت عزيزة، ونصائح وإرشادات، ثم نعرج على موضوع الكتاب، وذكر ترجمة حسنة للمتعقَّب عليه، ثم الولوج إلى مواطن النظر في "تنبيه الهاجد" على ترتيب حسن إن شاء الله، ونحن نجمع العزم لتحقيق ذلك الإيقاظ عاجلًا غير آجل؛ واللَّه من وراء القصد، وهو أعلم بمن زرع وحصد؛ والويل لى إن لم يتقبله الله منى.

2748 -

منكر: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"[487]، ومن طريقه الجصاص في "أحكام القرآن"[5/ 178 - 179]، والبيهقي في "سننه الكبرى"[13229]، وفي "الصغرى" =

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [رقم 1835]، وفي "المعرفة"[رقم 4280]، وعبد الرزاق [10378]، وابن بطة في الإبانة [رقم 269]، وغيرهم من طريقين عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعد به.

قلتُ: قال العراقى في "المغني"[2/ 23]: "أخرجه أبو يعلى في "مسنده"

من حديث ابن عباس بسند حسن" كذا حسن سنده، وقد خالفه تلميذه البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [4/ 3]، فقال: "رجاله رجال الصحيح، إلا أنه مرسل" وقال الهيثمى في "المجمع" [4/ 462]:"رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات إن كان عبيد بن سعد صحابيّا؛ وإلا فهو مرسل".

قلتُ: الصواب أنه مرسل كما جزم بذلك البيهقي في "المعرفة" و"سننه الصغير" وهو كما قال؛ وعبيد بن سعد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين في "ثقاته"[5/ 136]، وذكر روايته عن ابن عمر وحده؛ وعنه إبراهيم بن ميسرة، وابن أبي مليكة فقط، ومثله ترجمه البخاري في "تاريخه"[5/ 448]، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"[5/ 407]، ولم يذكره أحد بصحة أصلًا، اللَّهم إلا ما ظنه أبو موسى المدينى من هذا الحديث، فأدرجه في ذيله على "معرفة الصحابة" وتابعه ابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 733]، قال الحافظ في "الإصابة" [4/ 412]: "

ويغلب على الظن أنه تابعى؛ لأنه لم يصرح بسماعه - يعنى من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أوردته في هذا القسم؛ لذكر أبي يعلى له في "مسنده" فهو على الاحتمال".

قلتُ: ولَه شاهد موصول من حديث أبي هريرة مثل لفظه هنا عند ابن عدي في "الكامل"[7/ 87]، وابن عساكر في "تاريخه"[61/ 239]، من طريقين عن مكى بن عبدان عن موسى بن يزيد الإسنفجى عن أبي حرة عن الحسن البصرى عن أبي هريرة به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، أبو حرة هو واصل بن عبد الرحمن مختلف فيه؛ وقد تكلموا في سماعه من الحسن، فقال ابن معين:"حديثه عن الحسن ضعيف؛ يقولون لم يسمعه من الحسن" راجع "كامل ابن عدي"[7/ 86]، والحسن البصرى اختلف أصحابه في سماعه من أبي هريرة، والأكثرون على أنه لم يسمع منه، بل قال يونس بن عبيد:"ما رآه قط" راجع "جامع التحصيل"[ص 164]، وموسى الإسنفجى لم أر من وثقه، وترجمته في "تاريخ ابن عساكر"[61/ 239]، ووجدت للحديث شاهدًا ثالثًا أخرجه عبد الرزاق [10379]، عن معمر عن أيوب به مرفوعًا بلفظ:"من استن بسنتى فهو منى؛ ومن سنتى النكاح".

وهذا معضل، والحديث صحيح محفوظ دون هذا اللفظ. =

ص: 445

2749 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصورٍ، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي الصهباء، قال: كنت عند ابن عباسٍ فذكرنا ما يقطع الصلاة، فقالوا: الحمار، والمرأة، فقال ابن عباسٍ: لقد جئت أنا وغلام من بنى عبد المطلب مُرْتِدَفَىْ حمارٍ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس في أرضٍ خلاء، فتركنا الحمار بين أيديهم، ثم جئنا حتى دخلنا بينهم، فما بالَى ذلك. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس فجاءت جاريتان من بنى عبد المطلب تشتدان اقتتلتا، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزع إحداهما من الأخرى وما بالَى ذلك.

2750 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا الفضل بن دكينٍ، حدّثنا سفيان، عن عبد الرحمن

= • تنبيهان:

الأول: جملة (ومن سنتى النكاح) ليست عند ابن بطة في "الإبانة" وهى عند الجميع.

والثانى: قد مضى قول العراقى في "المغنى"[2/ 23]: "أخرجه أبو يعلى في "مسنده"

من حديث ابن عباس بسند حسن" كذا قال: "من حديث ابن عباس" وهذا وهْم منه ولا بد، فليس الحديث عند المؤلف إلا من رواية عبيد بن سعد مرفوعًا، ليس فيه ابن عباس، فلعل العراقى غره سَوْق أبي يعلى لهذا الحديث ضمن (مسند ابن عباس) فظنه من روايته، فلذلك حسَّن إسناده، وهذا غفلة عن حقيقة الحال؛ وكنا قد سهونا عن تعقب العراقى لما نقلنا كلامه أول مرة، فرأينا استدراكه هنا. واللَّه المستعان.

2749 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2423].

2750 -

حسن: أخرجه أبو داود [393]، والترمذي [149]، وأحمد [1/ 333، 354]، وابن خزيمة [325]، والشافعي في "مسنده"[رقم 101]صلى الله عليه وسلم وفي "الأم"[1/ 149]، والطبراني في "الكبير"[10 / رقم 10752، 10753، 10754]، وعبد الرزاق [2028]، والبيهقي في "سننه"[1583، 1590، 1597، 1618، 1625، 1641، 1937]، وفي "المعرفة"[رقم 591]، والبغوي في "شرح السنة"[1/ 267]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 908]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[703]، وابن الجارود [149، 150]، وتمام في "فوائده"[رقم 329]، وابن عبد البر في "التمهيد"[8/ 26، 27]، والحاكم [1/ 306]، وابن أبي شيبة [3220، 36432]، والدارقطني في "سننه"[1/ 258]، وغيرهم من طرق عن =

ص: 446

ابن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن نافعِ بن جبير بن مطعمٍ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أَمَّنِى جِبْرِيلُ عِنْد البيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ عَلَى مِثْلِ قَدْرِ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْر حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ قَدْرَ ظِلِّه، ثُمَّ صَلَّى بِىَ المغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى بيَ الْعشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمًّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائم، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ مِنَ الْغَدِ حِينَ كَانَ كُلُّ شَىْءٍ قَدْرَ ظلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَىْءٍ مِثْلَىْ ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى بِىَ المغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، ثُمَ صَلَّى الْفَجْرَ - لا أدرى أي شيء قال - ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيَّ: فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ".

= عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومى عن حكيم بن حكيم عن زافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس به

وهو عند بعضهم مختصرًا.

قلتُ: وهذا إسناد حسن إن شاء الله؛ وفي عبد الرحمن وشيخه كلام لا ينزل به حديثهما عن رتبة الحسن؛ فعبد الرحمن قد وثقه ابن حبان والعجلى وابن سعد، ومشاه ابن معين وغيره؛ وحسن له الترمذي؛ وصحح له ابن خزيمة والحاكم وغيرهما؛ وقد ضعفه جماعة تضعيفًا مطلقًا، نعم نقل ابن الجوزى في "الضعفاء"[2/ 92]، عن الإمام أحمد أنه قال:"هو متروك الحديث" لكن ابن الجوزى لم يذكر مصدره عن أحمد، وهو كثير الأوهام والأخطاء، على أن عبد الرحمن بن الحارث لم ينفرد به، بل تابعه محمد بن عمرو بن علقمة على نحوه عند ابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 31]، بإسناد صحيح إليه.

أما حكيم بن حكيم فقد وثقه ابن حبان والعجلى، وصحح له الترمذي وجماعة؛ وروى عنه جماعة أيضًا؛ فقول ابن القطان عنه:"لا يعرف حاله" من تشدداته المعروفة، نعم قال ابن سعد:"كان قليل الحديث، لا يحتجون بحديثه"، وهذا من قبيل الجرح المبهم؛ ومع ذللك فلا بأس من الاعتبار بذلك؛ ويكون حكيم صدوقًا كما يقول الحافظ في "التقريب" أو حسن الحديث كما يقول الذهبى في "الكاشف".

وقد توبع عليه أيضًا، تابعه عمر بن نافع بن جبير عن أبيه عن ابن عباس به نحوه

عند عبد الرزاق [2029]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[10/ رقم 10755]، من طريق عبد الله بن عمر العمرى عن عمر بن نافع به. =

ص: 447

2751 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن حنشٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ جَمَعَ بيْنَ صَلاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنَ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ، وَمَنْ [يَعْنِى] كَتَمَ الشَّهَادَةَ اجْتَاحَ بِهَا [مَال] امْرِئٍ مُسْلِمٍ، أَوْ سَفَكَ بِهَا دَمَهُ فَقَدْ أَوْجَبَ النَّارَ"، أو كما قال.

= قلتُ: نقل الزيعلى في "نصب الراية"[1/ 191]، عن ابن دقيق العيد أنه قال عن هذه المتابعة:"وهى متابعة حسنة " وأقره الزيعلى، وكذا أقره الحافظ في "التلخيص"[1/ 173]، ومثلهما الإمام في "الإرواء"[1/ 268].

وهذا غريب منهم جميًعا، لكونها متابعة لا تثبت أصلًا، وعبد الله العمرى ضعيف عندهم، ثم ما حال (عمر بن نافع بن جبير،؟) قد بحثت عنه فلم أهتد إلى ترجمة له، وقد يكون هناك احتمال بكونه هو (محمد بن نافع بن جبير) تحرف (محمد) إلى (عمر) وهو احتمال قوى كما بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار" مع استيفاء تخريج هذا الحديث والكلام عليه.

وقد نقل الحافظ في "التلخيص"[1/ 173]، تصحيحه عن ابن عبد البر، وأبى بكر بن العربى، وقبلهما صححه ابن خزيمة والحاكم؛ وحسنه الترمذي، لكن نقل الزيلعى عن الترمذي تصحيحه، وكذا نقل تصحيحه عن ابن حبان أيضًا؛ ولأكثر فقراته شواهد؛ وهو حسن بهذا السياق؛ وتمام الكلام عليه في "غرس الأشجار".

2751 -

منكر: أخرجه الترمذي [188]، والحاكم [1/ 409]، والدارقطني في "سننه"[1/ 395]، والطبراني في "الكبير"[11/ 11540]، و [11538]، والحارث [464/ زوائد مسنده للهيثمى]، والبزار [4581/ كشف]، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر"[4]؛ وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[244، 245]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 243]، والعقيلى [1/ 247]، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"[1/ 636]، والخطيب في "الموضح"[2/ 20]، وابن الجوزى في "التحقيق"[1/ 498]، وفي "الموضوعات"[2/ 101]، والبيهقي في "سننه"[5350]، وغيرهم من طرق عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس به.

وسياق الحارث وابن شاهين في الموضع الأول مثل سياق المؤلف؛ لكنهما زادا: (ومن شرب شرابًا حتى يذهب عقله الذي أعطاه الله عز وجل فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر)، وهذه الزيادة وحدها عند ابن أبي الدنيا والطبراني في الموضع الثاني؛ وقد مضى الكلام عليها عند المؤلف [برقم 2348]، والحديث عند الآخرين بالفقرة الأولى منه فقط. =

ص: 448

2752 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا عبد ربه بن بارقٍ الحنفى، أنه سمع جده سماكًا الحنفى يحدث، عن ابن عباسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يَا عائِشَةُ، مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَانِ مِنْ أُمَّتِى دَخَلَ بِهِمَا الجَنَّةَ"، قالت: بأبى، فمن كان له فرطٌ؟ قال:"وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ يَا مُوَفَّقَةُ"، قالت: بأبى، فمن لم يكن له فرطٌ من أمتك؟ قال:"فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِى، لَمْ يُصَابوا بِمِثْلِى".

= قلتُ: وهذا إسناد منكر، قال الترمذي عقبه:"حنش هذا هو أبو عليّ الرحبى وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث؛ ضعفه أحمد وغيره"، وقال البيهقي:"تفرد به حسين بن قيس أبو عليّ الرحبى المعروف بحنش، وهو ضعيف عند أهل النقل، لا يحتج بخبره " وقال ابن الجوزى في "التحقيق": "هذا لا يصح؛ وحنش هو أبو عليّ الرحبى واسمه، حسين بن قيس؛ وإنما حنش لقبه؛ كذبه أحمد، وقال مرة: متروك الحديث؛ وكذلك قال النسائي والدارقطني، وقال يحيى: "ليس بشيء"، وقال العقيلي: و"هذا الحديث لا أصل له".

ثم جاء الحاكم وجازف على عادته، وقال عقب روايته:"حنش بن قيس الرحبي يقال له: أبو على من أهل اليمن، سكن الكوفة، ثقة" كذا يقول: "ثقة"، وقد تعقبه المنذري والذهبي وابن عبد الهادى وجماعة، وقد ذكرنا نصوص كلامهم في "غرس الأشجار" ورددنا هناك على من قوَّى هذا الحديث.

2752 -

ضعيف بهذا السياق: أخرجه الترمذي [1062]، وأحمد [1/ 334]، والطبراني في "الكبير"[12/ رقم 12880]، والبيهقي في "سننه"[6939]، وفي الشعب [7/ 9751]، وابن عدي في "الكامل"[4/ 174]، والبغوي في "شرح السنة"[3/ 106]، والترمذي أيضًا في "الشمائل"[رقم 399]، وغيرهم من طرق عن عبد ربه بن بارق عن جده لأمه سماك بن الوليد عن ابن عباس به.

قلتُ: قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد ربه بن بارق، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة

".

مداره على عبد ربه بن بارق، وهو شيخ مختلف فيه، فمشاه أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح وأثنى عليه الفلاس ووثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين والنسائي وأبو زرعة، وقال ابن معين مرة:"ليس بشئ" وذكره العقيلى وابن عدي في "الضعفاء" وقال الساجى: "سمعت الحرشى - وهو محمد بن موسى أبو عبد الله - يحدث عنه بمناكير" راجع "التهذيب وذيوله" =

ص: 449

2753 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا يحيى بن سعيد، حدّثنا عبيد الله بن الأخنس، حدثني ابن أبي مليكة، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْتَلِعُهَا حَجَرًا حَجَرًا" يَعْنِى الْكَعْبَةَ.

2754 -

حدّثنا عبيد الله بن عمر حدّثنا أبو بكر بن عبد الله البكرى، حدّثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس في قول الله عز وجل:{لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72] قال: بحياتك.

= فالظاهر أن الرجل إلى الضعف ما هو، وحديثه هذا غريب جدًّا من هذا الوجه؛ وقد مضى قول زكريا الساجى بكونه قد حدث بمناكير، ولعل هذا منها إن شاء الله؛ فإن للحديث شواهد ثابتة، لكن دون هذا السياق جميعًا. أما تحسين الترمذي له، فهو قد يطلق التحسين ويريد به الغرابة والنكارة، كما بسطناه في مكان آخر؛ وقد رأيت صاحب تسلية "أهل المصائب" [ص 1120] قد حكى عن الترمذي أنه قال: "هذا حديث غريب لا نعرفه

إلخ " ولم يذكر تحسينه، ولعل ذلك أشبه؛ ثم نقل صاحب "التسلية" عن الحافظ الضياء - صاحب المختارة - إعلاله الحديث بعبد ربه بن بارق، واللَّه المستعان.

2753 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 2537].

2754 -

حسن: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 2380]، والحارث في "مسنده"[2/ رقم 934/ زوائده]، وابن أبي حاتم في "تفسيره"[رقم 13275]، وأبو نعيم في "الدلائل"[رقم 21، 22]، وكذا البيهقي في "الدلائل"[رقم 2241]، والدينورى في "المجالسة"[رقم 2527]، والطبري في "تفسيره"[7/ 1526] وغيرهم من طرق عن عمرو بن مالك أبي يحيى النكرى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به

وسياق الطبراني وأبى نعيم في الموضع الثاني نحو سياق المؤلف، وهو عند الآخرين بسياق أتم، ولفظ الحارث:(ما خلق الله وما ذرأ نفسًا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله تبارك وتعالى أقسم بحياة أحد إلا بحياته؛ فقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)}.

قلتُ: وإسناده حسن صالح وقد جوده الهيثمى في "المجمع"[7/ 46]، وعمرو بن مالك روى عنه جماعة كثيرة؛ وذكره ابن حبان في الثقات [7/ 228]، وقال:"يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه وذكره أيضًا في كتابه "مشاهير علماء الأمصار" [ص 155]، وقال: "وقعت المناكير في حديثه من رواية ابنه عنه، وهو في نفسه صدوق اللهجة"، وقد أخرج له الأربعة؛=

ص: 450

2755 -

حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا خالد بن الحارث، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي نهيكٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذوهُ".

* * *

= وليس هو عمرو بن مالك النكرى الذي يروى عنه أبو يعلى وعليّ بن سعيد الرازي وإبراهيم بن إسحاق القاضى وهذه الطبقة؛ فإنه متأخر عن الذي قبله جزمًا؛ فانتبه يا رعاك الله حتى لا يختلط عليك هذا بذاك كما وقع لجماعة من النقاد توهمًا.

وللأثر طريق آخر بإسناد واه عند الطبري في "تفسيره"[7/ 526].

• تنبيه: شيخ شيخ المؤلف: (أبو بكر بن عبد الله البكراوى) لم أفطن له بعد، وقد جزم حسين الأسد في "تعليقه"، بكونه مجهولًا، وعلى كل حال، فقد توبع عليه، تابعه سعيد بن زيد بن درهم - من رجال مسلم - ويحيى بن عمرو بن مالك ونوح بن قيس، والحسن بن أبي جعفر وغيرهم.

2755 -

صحيح: دون كلمة (بوجه): مضى الكلام عليه [برقم 2536].

ص: 451