الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ: فِي إِعْظَامِ الْعِلْمِ
672 -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَسْوَدُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ، «كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا مَضَى، يَضَنُّونَ بِعِلْمِهِمْ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، فَيَرْغَبُ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي عِلْمِهِمْ، فَيَبْذُلُونَ لَهُمْ دُنْيَاهُمْ. وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ الْيَوْمَ بَذَلُوا عِلْمَهُمْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، فَزَهِدَ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي عِلْمِهِمْ، فَضَنُّوا عَلَيْهِمْ بِدُنْيَاهُمْ»
[تعليق المحقق]
إسناده ضعيف لانقطاعه: حجاج الأسود لم يدرك وهبا فيما نعلم والله أعلم
673 -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُوسَى، قَالَ " مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، فَقَالَ: هَلْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَدْرَكَ أَحَدًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا لَهُ: أَبُو حَازِمٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟ قَالَ: أَبُو حَازِمٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَيُّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ تَأْتِنِي، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ، مَا عَرَفْتَنِي قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، وَلَا أَنَا رَأَيْتُكَ،
⦗ص: 500⦘
قَالَ: فَالْتَفَتَ سُلَيْمَانُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: أَصَابَ الشَّيْخُ وَأَخْطَأْتُ، قَالَ: سُلَيْمَانُ يَا أَبَا حَازِمٍ مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: «لِأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمُ الْآخِرَةَ، وَعَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا، فَكَرِهْتُمْ أَنْ تُنْتقَلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ» ، قَالَ: أَصَبْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ غَدًا عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ:«أَمَّا الْمُحْسِنُ، فَكَالْغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ، فَكَالْآبِقِ يَقْدُمُ عَلَى مَوْلَاهُ» ، فَبَكَى سُلَيْمَانُ وَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «اعْرِضْ عَمَلَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ» ، قَالَ: وَأَيُّ مَكَانٍ أَجِدُهُ؟ قَالَ: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14]، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: أَبُو حَازِمٍ «رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، فَأَيُّ عِبَادِ اللَّهِ أَكْرَمُ؟ قَالَ:«أُولُو الْمُرُوءَةِ وَالنُّهَى» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ:«أَدَاءُ الْفَرَائِضِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ» ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ: «دُعَاءُ الْمُحْسَنِ إِلَيْهِ لِلْمُحْسِنِ» ، قَالَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «لِلسَّائِلِ الْبَائِسِ، وَجُهْدُ الْمُقِلِّ لَيْسَ
⦗ص: 501⦘
فِيهَا مَنٌّ وَلَا أَذًى»، قَالَ: فَأَيُّ الْقَوْلِ أَعْدَلُ؟ قَالَ: «قَوْلُ الْحَقِّ عِنْدَ مَنْ تَخَافُهُ أَوْ تَرْجُوهُ» ، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: «رَجُلٌ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَدَلَّ النَّاسَ عَلَيْهَا» ، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَحْمَقُ؟ قَالَ: «رَجُلٌ انْحَطَّ فِي هَوَى أَخِيهِ وَهُوَ ظَالِمٌ، فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَصَبْتَ، فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَ تُعْفِينِي؟ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: لَا، وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِلَيَّ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، «إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذُوا هَذَا الْمُلْكَ عَنْوَةً عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا رِضًا لَهُمْ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، فَقَدِ ارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَلَوْ شْعِرْتَ مَا قَالُوهُ، وَمَا قِيلَ لَهُمْ؟» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، قَالَ أَبُو حَاَزِمٍ:«كَذَبْتَ، إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ» . قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِحَ؟ قَالَ: «تَدَعُونَ الصَّلَفَ، وَتَمَسَّكُونَ بِالْمُرُوءَةِ وَتَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: كَيْفَ لَنَا بِالْمَأْخَذِ بِهِ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ: «تَأْخُذُهُ مِنْ حِلِّهِ،
⦗ص: 502⦘
وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ»، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا حَازِمٍ أَنْ تَصْحَبَنَا، فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْكَ؟ قَالَ:«أَعُوذُ بِاللَّهِ» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «أَخْشَى أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلًا، فَيُذِيقَنِي اللَّهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ، وَضِعْفَ الْمَمَاتِ» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ؟ قَالَ: «تُنْجِينِي مِنَ النَّارِ، وَتُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ» ، قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ:«فَمَا لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرُهَا» ، قَالَ: فَادْعُ لِي، قَالَ أَبُو حَازِمٍ:«اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ، فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ، فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى» ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: قَطُّ، قَالَ أَبُو حازمٍ:«قَدْ أَوْجَزْتُ وَأَكْثَرْتُ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ فَمَا يَنْفَعُنِي أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ؟» قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَوْصِنِي. قَالَ: " سَأُوصِيكَ وَأُوجِزُ: عَظِّمْ رَبَّكَ وَنَزِّهْهُ، أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ، أَوْ يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ ". فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، بَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَنْفِقْهَا وَلَكَ عِنْدِي مِثْلُهَا كَثِيرٌ. قَالَ: فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلًا، أَوْ رَدِّي عَلَيْكَ بَذْلًا، وَمَا أَرْضَاهَا لَكَ، فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي؟»
[تعليق المحقق]
إسناده مسلسل بالمجاهيل
وَكَتَبَ إِلَيْهِ: " إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ: لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ، وَجَدَ عَلَيْهَا رِعَاءً
⦗ص: 503⦘
يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ جَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ، فَسَأَلَهُمَا، فَقَالَتَا {لَا نَسْقِي، حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا، ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ، فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِليَّ مِنْ خيْرٍ، فَقِيرٌ} [القصص: 24]، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ جَائِعًا خَائِفًا لَا يَأْمَنُ، فَسَأَلَ رَبَّهُ، وَلَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ، فَلَمْ يَفْطِنِ الرِّعَاءُ، وَفَطِنَتِ الْجَارِيَتَانِ، فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا، أَخْبَرَتَاهُ بِالْقِصَّةِ، وَبِقَوْلِهِ، فَقَالَ أَبُوهُمَا: - وَهُوَ شُعيْبٌ - هَذَا رَجُلٌ جَائِعٌ، فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: اذْهَبِي فَادْعِيهِ، فَلَمَّا أَتَتْهُ، عَظَّمَتْهُ، وَغَطَّتْ وَجْهَهَا، وَقَالَتْ {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25] فَشَقَّ عَلَى مُوسَى حِينَ ذَكَرَتْ: أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا، وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَتْبَعَهَا، إِنَّهُ كَانَ بيْنَ الْجِبَالِ جَائِعًا مُسْتوْحِشًا، فَلَمَّا تَبِعَهَا، هَبَّتِ الرِّيحُ فَجَعَلَتْ تُصْفِقُ ثِيَابَهَا عَلَى ظَهْرِهِا، فَتَصِفُ لَهُ عِجِيزَتَهَا، وَكَانَتْ ذَاتَ عَجُزٍ، وَجَعَلَ مُوسَى يُعْرِضُ مَرَّةً، وَيَغُضُّ أُخْرَى، فَلَمَّا عِيلَ صَبْرُهُ، نَادَاهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ، كُوِني خَلْفِي، وَأَرِينِي السَّمْتَ بِقَوْلِكِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعيْبٍ، إِذْ هُوَ بِالْعَشَاءِ مُهيَّأً، فَقَالَ لَهُ شُعيْبٌ: اجْلِسْ يَا شَابُّ فَتَعَشَّ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَعُوذُ بِاللَّهِ، فَقَالَ لَهُ شُعيْبٌ: لِمَ؟ أَمَا أنْتَ جَائِعٌ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِوَضًا لِمَا سَقيْتُ لَهُمَا، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ شيْئًا مِنْ دِينَنَا بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا. فَقَالَ لَهُ شُعيْبٌ: لَا، يَا شَابُّ، وَلَكِنَّهَا عَادَتِي، وَعَادَةُ آبَائِي، نُقْرِي الضَّيْفَ، وُنطْعِمُ الطَّعَامَ، فَجَلَسَ مُوسَى، فَأَكَلَ. فَإنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ دِينَارٍ عِوَضًا لِمَا حَدَّثْتُ، فَالْمَيْتَةُ، وَالدَّمُ، وَلَحْمُ
⦗ص: 504⦘
الْخِنْزِيرِ، فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ أَحَلُّ مِنْ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَ لِحَقٍّ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَلِي فِيهَا نُظَرَاءُ، فَإنْ سَاوَيْتَ بَيْنَنَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِي فِيهَا حَاجَةٌ "
674 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيِّ، أنْبأنا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْمَلْ بِعِلْمِكَ، وَأَعْطِ فَضْلَ مَالِكَ، وَاحْبِسِ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِكَ، إِلَّا بِشَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ يَنْفَعُكَ عِنْدَ رَبِّكَ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الَّذِي عَلِمْتَ ثُمَّ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ قَاطِعٌ حُجَّتَكَ، وَمَعْذِرَتَكَ عِنْدِ رَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، إِنَّ الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، لَيَشْغَلُكَ عَمَّا نُهِيتَ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، لَا تَكُونَنَّ قَوِيًّا فِي عَمَلِ غَيْرِكَ، ضَعِيفًا فِي عَمَلِ نَفْسِكَ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، لَا يَشْغَلَنَّكَ الَّذِي لِغَيْرِكَ عَنِ الَّذِي لَكَ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، عَظِّمِ الْعُلَمَاءَ، وَزَاحِمْهُمْ وَاسْتَمِعْ مِنْهُمْ، وَدَعْ
⦗ص: 505⦘
مُنَازَعَتَهُمْ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، عظِّمِ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ، وَصَغِّرِ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ، وَلَا تُبَاعِدْهُمْ، وَقَرِّبْهُمْ وَعَلِّمْهُمْ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، لَا تُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ فِي مَجْلِسٍ، حَتَّى تَفْهَمَهُ، وَلَا تُجِبِ امْرَأً فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مَا قَالَ لَكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، لَا تَغْتَرَّ بِاللَّهِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ الْغِرَّةَ بِاللَّهِ تَرْكُ أَمْرِهِ، وَالْغِرَّةَ بِالنَّاسِ اتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ، وَاحْذَرْ مِنَ اللَّهِ، مَا حَذَّرَكَ مِنْ نَفْسِهِ، وَاحْذَرْ مِنَ النَّاسِ فِتْنَتَهُمْ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، إِنَّهُ لَا يَكْمُلُ ضَوْءُ النَّهَارِ إِلَّا بِالشَّمْسِ، كَذَلِكَ لَا تَكْمُلُ الْحِكْمَةُ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ الزَّرْعُ، إِلَّا بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ، كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ الْإِيمَانُ، إِلَّا بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، كُلُّ مُسَافِرٍ مُتَزَوِّدٌ، وَسَيَجِدُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى زَادٍ، مَا تَزَوَّدَ، وَكَذَلِكَ سَيَجِدُ كُلُّ عَامِلٍ إِذَا مَا احْتَاجَ إِلَى عَمَلِهِ فِي الْآخِرَةِ، مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيا، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَحُضَّكَ عَلَى عِبَادَتِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَكَ كَرَامَتَكَ عَلَيْهِ، فَلَا تَحَوَّلَنَّ إِلَى غَيْرِهِ، فَتَرْجِعَ مِنْ
⦗ص: 506⦘
كَرَامَتِهِ إِلَى هَوَانِهِ. يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ، إِنَّكَ إِنْ تَنْقُلِ الْحِجَارَةَ وَالْحَدِيدَ، أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لَا يَعْقِلُ حَدِيثَكَ، وَمَثَلُ الَّذِي يُحَدِّثُ مَنْ لَا يَعْقِلُ حَدِيثَهُ، كَمَثَلِ الَّذِي يُنَادِي الْمَيِّتَ، وَيَضَعُ الْمَائِدَةَ لِأَهْلِ الْقُبُورِ»