الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
تزكية النفوس
في خضم شؤون الحياة المعاصرة، وكثرة مشاغلها وتعدد متطلباتها، قد ننسى أن نتعاهد أنفسنا بالتربية والتزكية، ومن ثم تقسو القلوب، ونتثاقل عن الباقيات الصالحات، ونركن إلى متاع الدنيا وزخرفها.
ولأجل ذلك نتحدث عن تزكية النفوس من خلال ما يلي:
أ - أهمية الموضوع:
مما يوضح أهمية هذا الموضوع أن الله تعالى أقسم أقساما كثيرة ومتوالية على أن صلاح العبد وفلاحه منوط بتزكية نفسه، فقال سبحانه:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس، آية 7-1.) .
وقال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الأعلى، آية 14 -15) .
وكان الأنبياء عليهم السلام يدعون إلى تزكية النفوس، فهذا موسى عليه السلام يقول لفرعون:{هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى. وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} (النازعات، آية 18، 19) .
وقال تعالى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الجمعة، آية 2) وتزكية النفس سبب الفوز بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، كما قال عز وجل:
{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى. جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} (طه، آية 75، 76) . أي طهّر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده لا شريك له واتبع المرسلين فيما جاءوا به من خبر وطلب (11) .
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم آت نفسي تقواها. وزكِّها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها "(2) .
أ - معنى التزكية:
التزكية لغة: الطهارة والنماء والزيادة.
والمراد بها ها هنا: إصلاح النفوس وتطهيرها، عن طريق العلم النافع. والعمل الصالح، وفعل المأمورات وترك المحظورات.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم معنى تزكية النفس بقوله:" أن يعلم أن الله عز وجل معه حيث كان ".
ونسوق الحديث بتمامه، حيث قال صلى الله عليه وسلم:
" ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الإيمان. من عبد الله عز وجل وحده بأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام، ولم يعط الهرمة، ولا الدرنة، ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله عز وجل لم يسألكم خيرها، ولم يأمركم بشرها،وزكى نفسه، فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال: أن يعلم أن الله عز وجل معه حيث كان "(3)2.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم تزكية النفس إحدى الخصال الموجبة لذوق طعم الإيمان،
(1) انظر تفسير ابن كثير 3/ 156.
(2)
أخرجه مسلم. ك الذكر والدعاء ح (2722) .
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الصغير 1/ 2.1، والبيهقي في السنن 4 /95، وصححه الألباني في ((الصحيحة)) ح (1.46)