الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِن الْمَكْسُورَة الْخَفِيفَة
ترد على أَرْبَعَة أوجه
أَحدهَا أَن تكون شَرْطِيَّة نَحْو {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم} {وَإِن تعودوا نعد} وَقد تقترن بِلَا النافية فيظن من لَا معرفَة لَهُ أَنَّهَا إِلَّا الاستثنائية نَحْو {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله} {إِلَّا تنفرُوا يعذبكم} {وَإِلَّا تغْفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} {وَإِلَّا تصرف عني كيدهن أصب إلَيْهِنَّ} وَقد بَلغنِي أَن بعض من يَدعِي الْفضل سَأَلَ فِي {إِلَّا تفعلوه} فَقَالَ مَا هَذَا الِاسْتِثْنَاء أمتصل أم مُنْقَطع
الثَّانِي أَن تكون نَافِيَة وَتدْخل على الْجُمْلَة الاسمية نَحْو {إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور} {إِن أمهاتهم إِلَّا اللائي ولدنهم} وَمن ذَلِك {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} أَي وَمَا أحد من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن
بِهِ فَحذف الْمُبْتَدَأ وَبقيت صفته وَمثله {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} وعَلى الْجُمْلَة الفعلية نَحْو {إِن أردنَا إِلَّا الْحسنى} {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} {وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا} {إِن يَقُولُونَ إِلَّا كذبا}
وَقَول بَعضهم لَا تَأتي إِن النافية إِلَّا وَبعدهَا إِلَّا كهذه الْآيَات أَو لما الْمُشَدّدَة الَّتِي بمعناها كَقِرَاءَة بعض السَّبْعَة {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} بتَشْديد الْمِيم أَي مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ مَرْدُود بقوله تَعَالَى {إِن عنْدكُمْ من سُلْطَان بِهَذَا} {قل إِن أَدْرِي أَقَرِيب مَا توعدون} {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم}
وَخرج جمَاعَة على إِن النافية قَوْله تَعَالَى {إِن كُنَّا فاعلين} {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} وعَلى هَذَا فالوقف هُنَا وَقَوله تَعَالَى {وَلَقَد مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ}
) أَي فِي الَّذِي مَا مكناكم فِيهِ وَقيل زَائِدَة وَيُؤَيّد الأول {مكناهم فِي الأَرْض مَا لم نمكن} وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا عدل عَن مَا لِئَلَّا يتَكَرَّر فيثقل اللَّفْظ قيل وَلِهَذَا لم زادوا على مَا الشّرطِيَّة مَا قلبوا ألف مَا الأولى هَاء فَقَالُوا مهما وَقيل بل هِيَ فِي الْآيَة بِمَعْنى قد وَإِن من ذَلِك {فَذكر إِن نَفَعت الذكرى} وَقيل فِي هَذِه الْآيَة إِن التَّقْدِير وَإِن لم تَنْفَع مثل {سرابيل تقيكم الْحر} أَي وَالْبرد وَقيل إِنَّمَا قيل ذَلِك بعد أَن عمهم بالتذكير ولزمتهم الْحجَّة وَقيل ظَاهره الشَّرْط وَمَعْنَاهُ ذمهم واستبعاد لنفع التَّذْكِير فيهم كَقَوْلِك عظ الظَّالِمين إِن سمعُوا مِنْك تُرِيدُ بذلك الاستبعاد لَا الشَّرْط
وَقد اجْتمعت الشّرطِيَّة والنافية فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده} الأولى شَرْطِيَّة وَالثَّانيَِة نَافِيَة جَوَاب للقسم الَّذِي أَذِنت بِهِ اللَّام الدَّاخِلَة على الأولى وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف وجوبا
وَإِذا دخلت على الْجُمْلَة الاسمية لم تعْمل عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء وَأَجَازَ الْكسَائي والمبرد إعمالها عمل لَيْسَ وَقَرَأَ سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم}
) بنُون مُخَفّفَة مَكْسُورَة لالتقاء الساكنين وَنصب {عبادا} و {أمثالكم} وَسمع من أهل الْعَالِيَة إِن أحد خيرا من أحد إِلَّا بالعافية وَإِن ذَلِك نافعك وَلَا ضارك وَمِمَّا يتَخَرَّج على الإهمال الَّذِي هُوَ لُغَة الْأَكْثَرين قَول بَعضهم إِن قَائِم وَأَصله إِن أَنا قَائِم فحذفت همزَة أَنا اعتباطا وأدغمت نون إِن فِي نونها وحذفت ألفها فِي الْوَصْل وَسمع إِن قَائِما على الإعمال وَقَول بَعضهم نقلت حَرَكَة الْهمزَة إِلَى النُّون ثمَّ أسقطت على الْقيَاس فِي التَّخْفِيف بِالنَّقْلِ ثمَّ سكنت النُّون وأدغمت مَرْدُود لِأَن الْمَحْذُوف لعِلَّة كَالثَّابِتِ وَلِهَذَا تَقول هَذَا قَاض بِالْكَسْرِ لَا بِالرَّفْع لِأَن حذف الْيَاء لالتقاء الساكنين فَهِيَ مقدرَة الثُّبُوت وَحِينَئِذٍ فَيمْتَنع الْإِدْغَام لِأَن الْهمزَة فاصلة فِي التَّقْدِير وَمثل هَذَا الْبَحْث فِي قَوْله تَعَالَى {لَكِن هُوَ الله رَبِّي}
الثَّالِث أَن تكون مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَتدخل على الجملتين فَإِن دخلت على الاسمية جَازَ إعمالها خلافًا للكوفيين لنا قِرَاءَة الحرميين وَأبي بكر {وَإِن كلا لما ليوفينهم} وحكاية سيبوية إِن عمرا لمنطلق وَيكثر إهمالها نَحْو {وَإِن كل ذَلِك لما مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} {وَإِن كل لما جَمِيع لدينا محضرون}
وَقِرَاءَة حَفْص {إِن هَذَانِ لساحران} وَكَذَا قَرَأَ ابْن كثير إِلَّا أَنه شدد نون هَذَانِ وَمن ذَلِك {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} فِي قِرَاءَة من خفف لما وَإِن دخلت على الْفِعْل أهملت وجوبا والاكثر كَون الْفِعْل مَاضِيا نَاسِخا نَحْو {وَإِن كَانَت لكبيرة} {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} ودونه أَن يكون مضارعا نَاسِخا نَحْو {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك} {وَإِن نظنك لمن الْكَاذِبين} وَيُقَاس على النَّوْعَيْنِ اتِّفَاقًا وَدون هَذَا أَن يكون مَاضِيا غير نَاسخ نَحْو قَوْله
2 -
(شلت يَمِينك إِن قتلت لمسلما
…
حلت عَلَيْك عُقُوبَة الْمُتَعَمد)
لَا يُقَاس عَلَيْهِ خلافًا للأخفش أجَاز إِن قَامَ لأَنا وَإِن قعد لأَنْت وَدون هَذَا أَن يكون مضارعا غير نَاسخ كَقَوْل بَعضهم إِن يزينك لنَفسك وَإِن يشينك لهيه وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ إِجْمَاعًا [وَحَيْثُ وجدت إِن وَبعدهَا اللَّام المقترحة كَمَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فاحكم عَلَيْهَا بِأَن أَصْلهَا التَّشْدِيد وَفِي هَذِه اللَّام خلاف يَأْتِي فِي بَاب اللَّام] إِن شَاءَ الله تَعَالَى
الرَّابِع أَن تكون زَائِدَة كَقَوْلِه
2 -
(مَا إِن أتيت بِشَيْء أَنْت تكرههُ
…
)
وَأكْثر مَا زيدت بعد مَا النافية إِذا دخلت على جملَة فعلية كَمَا فِي الْبَيْت أَو اسمية كَقَوْلِه
23 -
(فَمَا إِن طبنا جبن وَلَكِن
…
منايانا ودولة آخرينا)
وَفِي هَذِه الْحَالة تكف عمل مَا الحجازية كَمَا فِي الْبَيْت وَأما قَوْله
24 -
(بني غُدَانَة مَا إِن أَنْتُم ذَهَبا
…
وَلَا صريفا وَلَكِن أَنْتُم الخزف)
فِي رِوَايَة من نصب ذَهَبا وصريفا فَخرج على أَنَّهَا نَافِيَة مُؤَكدَة ل مَا
وَقد تزاد بعد مَا الموصولة الاسمية كَقَوْلِه
25 -
(يرجي الْمَرْء مَا إِن لَا يرَاهُ
…
وَتعرض دون أدناه الخطوب)
وَبعد مَا المصدرية كَقَوْلِه
26 -
(ورج الْفَتى للخير مَا إِن رَأَيْته
…
على السن خيرا لَا يزَال يزِيد)
وَبعد أَلا الاستفتاحية كَقَوْلِه
27 -
(أَلا إِن سرى ليلِي فَبت كئيبا
…
أحاذر أَن تنأى النَّوَى بغضوبا)
وَقبل مُدَّة الْإِنْكَار سمع سِيبَوَيْهٍ رجلا يُقَال لَهُ أتخرج إِن أخصبت الْبَادِيَة فَقَالَ أأنا إنية مُنْكرا أَن يكون رَأْيه على خلاف ذَلِك وَزعم ابْن الْحَاجِب أَنَّهَا تزاد بعد لما الإيجابية وَهُوَ سَهْو وَإِنَّمَا تِلْكَ أَن الْمَفْتُوحَة
وَزيد على هَذِه الْمعَانِي الْأَرْبَعَة مَعْنيانِ آخرَانِ فَزعم قطرب أَنَّهَا قد تكون بِمَعْنى قد كَمَا مر فِي {إِن نَفَعت الذكرى} وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنَّهَا تكون بِمَعْنى إِذْ وَجعلُوا مِنْهُ {وَاتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين} {لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين} وَقَوله عليه الصلاة والسلام وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون وَنَحْو ذَلِك مِمَّا الْفِعْل فِيهِ مُحَقّق الْوُقُوع وَقَوله
28 -
(أتغضب إِن أذنا قُتَيْبَة حزتا
…
جهارا وَلم تغْضب لقتل ابْن خازم)
قَالُوا وَلَيْسَت شَرْطِيَّة لِأَن الشَّرْط مُسْتَقْبل وَهَذِه الْقِصَّة قد مَضَت وَأجَاب الْجُمْهُور عَن قَوْله تَعَالَى {إِن كُنْتُم مُؤمنين} بِأَنَّهُ شَرط جِيءَ بِهِ
للتهييج والإلهاب كَمَا تَقول لابنك إِن كنت ابْني فَلَا تفعل كَذَا
وَعَن آيَة الْمَشِيئَة بِأَنَّهُ تَعْلِيم للعباد كَيفَ يَتَكَلَّمُونَ إِذا أخبروا عَن الْمُسْتَقْبل أَو بِأَن أصل ذَلِك الشَّرْط ثمَّ صَار يذكر للتبرك أَو أَن الْمَعْنى لتدخلن جَمِيعًا إِن شَاءَ الله أَلا يَمُوت مِنْكُم أحد قبل الدُّخُول وَهَذَا الْجَواب لَا يدْفع السُّؤَال أَو أَن ذَلِك من كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه حِين أخْبرهُم بالمنام فَحكى الله لنا ذَلِك أَو من كَلَام الْملك الَّذِي أخبرهُ فِي الْمَنَام
وَأما الْبَيْت فَمَحْمُول على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون على إِقَامَة السَّبَب مقَام الْمُسَبّب وَالْأَصْل أتغضب إِن افتخر مفتخر بِسَبَب حز أُذُنِي قُتَيْبَة إِذْ الافتخار بذلك يكون سَببا للغضب ومسببا عَن الحز الثَّانِي أَن يكون على معنى التبين أَي أتغضب إِن تبين فِي الْمُسْتَقْبل أَن أُذُنِي قُتَيْبَة حزتا فِيمَا مضى كَمَا قَالَ الآخر
29 -
(إِذا مَا انتسبنا لم تلدني لئيمة
…
وَلم تجدي من أَن تقري بِهِ بدا)
أَي يتَبَيَّن أَنِّي لم تلدني لئيمة
وَقَالَ الْخَلِيل والمبرد الصَّوَاب أَن أذنا بِفَتْح الْهمزَة من أَن أَي لِأَن أذنا ثمَّ هِيَ عِنْد الْخَلِيل أَن الناصبة وَعند الْمبرد أَنَّهَا أَن المخففة من الثَّقِيلَة
وَيرد قَول الْخَلِيل أَن الناصبة لَا يَليهَا الِاسْم على إِضْمَار الْفِعْل وَإِنَّمَا ذَلِك لإن الْمَكْسُورَة نَحْو {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك}