المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌يا قدس صبرا

‌يا قُدْسُ صبرًا

طُفْ خَاطِرِي عَانِقِ الأَقْصَى وَلا تَهِمِ

وَابْكِ الْبُحُورَ دَمًا وَاذْرِفْ عَلَى الْحُرُمِ

بَلِّغْ سَلامِي وَشَوْقِي وَاعْتَذِرْ لِفَتًى

يَحْيَا أَسِيرًا فَلَمْ يَمْلِكْ سِوَى الْكَلِمِ

حَتَّى قَرِيضِي أَسِيرٌ مِثْلُ شَاعِرِهِ

لَكِنَّ يَوْمًا سَيُضْحِي فِيهِ كَالْحِمَمِ

ثَارَ الْحَنِينُ إِلَى الأَقْصَى إِلَى قُدُسِي

شَوْقِي وَوَجْدِيَ نِيرَانٌ مِنَ الأَلَمِ

قَدِ اسْتَحَالَ اللِّقَا وَالشَّوْقُ يَدْفَعُنِي

وَذِي الْحُدُودُ سُجُونٌ فَارْوَ بِالْحُلُمِ

فَقَطْرُ مَاءِ الْفَتَى فِي الْبِيدِ يُنْقِذُهُ

وَالْحُلْمُ يُسْلِيهِ فِي أَسْرٍ وَفِي الْغَمَمِ

ص: 54

فَاحْمِلْ ثَرَاهَا وَقَبِّلْ أَرْضَهَا وَقِفَا

بِالصَّخْرَةِ اذْكُرْ زَمَانَ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ

اذْكُرْ زَمَانَ صَلاحٍ وَابْكِ مِنْ زَمَنٍ

عَلا الطُّغَاةُ وَأَهْلُ البَغْيِ فِي الأُمَمِ

قَدْ وَحَّدُوا صَفَّهُمْ؛ هَلْ كَانَ بَيْنَهُمُ

إِلَاّ الْقَضَاءَ عَلَى الإِسْلامِ مِنْ ذِمَمِ؟!

وَالْعُرْبُ حُكَّامُهُمْ أُسْدٌ إِذَا وَقَفُوا

ضِدَّ الشُّعُوبِ الَّتِي أَضْحَتْ كَمَا الرِّمَمِ

قَتْلٌ وَتَعْذِيبُ أَحْرَارٍ وَبَاسُهُمُ

مَا لانَ يَوْمًا فَلا نِدٌّ لِذِي الْهِمَمِ

فَلَوْ أَتَاهُمْ صَلاحُ الدِّينِ لانْتَفَضُوا

فَصَارَ فِي الأَسْرِ أَوْ رَدُّوهُ لِلرَّجَمِ

وَصَارَ عِنْدَهُمُ رَاسَ التَّطَرُّفِ وَالْـ

ـإِرْهَابِ صَارَ عَمِيلاً بَاغِيَ الْحُكُمِ

ص: 55

أَمَّا إِذَا وُقِفُوا ضِدَّ الْيَهُودِ فَلَنْ

تَرَاهُمُ غَيْرَ قُطْعَانٍ مِنَ الْغَنَمِ!

فَالْحَرْبُ (فَرٌّ وَفَرٌّ) عِنْدَهُمْ أَبَدًا

جُيُوشُهُمْ دِرْعُهُمْ مِنْ ثَوْرَةِ الْعَمَمِ

هُمُ الطُّغَاةُ رُؤُوسُ الذُّلِّ كَيْدُهُمُ

كَيْدُ الشَّيَاطِينِ أَجْسَادٌ مِنَ الظُّلُمِ

قَدْ حَارَبُوا رَايَةَ الإِسْلامِ وَاخْتَرَعُوا

لِلْعُرْبِ رَايَاتِ طُغْيَانٍ وَذُلِّهِمِ

وَكُلَّمَا مَرَّتِ الأَيَّامُ مَا حَكَمُوا

نَهْوِي بِأَعْمَاقِ بَحْرِ الْهُونِ وَالنِّقَمِ

طُفْ خَاطِرِي عَانِقِ الآهَاتِ مِنْ دَمِهَا

آلامُهَا تَسْفِكُ الآهَاتِ مِنْ أَلَمِي

وَاجْعَلْهُمَا لَعْنَةً تُرْدِي الطُّغَاةَ وَمَنْ

خَانَ الْعُهُودَ وَمَنْ يَحْيَا كَمَا النَّعَمِ

ص: 56

تُسَطِّرُ اليَوْمَ فِي التَّارِيخِ مَلْحَمَةً

رَغْمَ الخِيَانَةِ وَالإِجْرَامِ وَالغَمَمِ

نِسَاؤُهَا قَدْ نَسَجْنَ العِزَّ أَرْدِيَةً

ثَكْلَى وَأَرْمَلَةٌ حَمَّالَةُ اليُتُمِ

غَرْقَى بِبَحْرِ الأَسَى وَلا صَرِيخَ يُرَى

صِرْنَ الْجِبَالَ مِنَ السُّلْوانِ وَالهِمَمِ

أَحْيَيْنَ عَهْدًا فَصِرْنَا اليَوْمَ نُبْصِرُهُ

وَقَبْرُهُ كَانَ بَيْنَ الْقَصِّ وَالحُلُمِ

أَضْحَيْنَ خَنْسَاءَ فِي بَذْلٍ وَتَضْحِيَةٍ

أَضْحَيْنَ هُنَّ لَنَا كَالنُّورِ فِي الغَسَمِ

أَهْدَيْنَ جِيلاً مِنَ الأَبْطَالِ أُمَّتَنَا

أَرْضَعْنَهُ عِزَّةَ الأَحْرَارِ وَالصِّمَمِ

كَمْ يَحْرِقُونَ مِنَ الأَطْفَالِ فَرْحَتَهُمْ

يُتْمٌ وَتشْرِيدٌ اوْ يَحْيَوْنَ فِي الرَّجَمِ

ص: 57

لَكِنْ أُولاءِ بَنُو الخَنْسَاءِ وَا عَجَبَا

بُكَا الرَّضِيعِ زَئِيرٌ رَاعِبُ العُجُمِ

صِبْيَانُهَا كَأَسُودٍ لا تَهَابُ رَدًى

يَا لَلْحِجَارَةِ مِنْ بَاسٍ وَمِنْ غُنُمِ!

يَا لَلأَيَادِي الَّتِي تُلْقِي بِهَا سَلِمَتْ!

كَأَنَّهَا بِالضِّيَا تُلْقِي عَلَى الدُّهُمِ

يَا لَلنُّفُوسِ الَّتِي تُشْرَى مُضَحِّيَةً!

يَا لَلصُّدُورِ الَّتِي تَعْرَى مِنَ الوَهَمِ!

يَا لَلْبَرَاءَةِ إِذْ ثَارَتْ مُفَزِّعَةً

يَا لَلْقُلُوبِ الَّتِي تَصْفُو مِنَ الهَزَمِ!

شَبَابُهَا غُرَّةٌ فِي وَجْهِ أُمَّتِنَا

كَالنَّجْمِ فِي البِيدِ أَوْ كَالْبَدْرِ فِي الْعَتَمِ

صَوْتُ القَنَابِلِ قَدْ أَضْحَى لَهُمْ طَرَبًا

يَا أُمَّةً غَرِقَتْ فِي الرَّقْصِ وَالنَّغَمِ

ص: 58

عِشْقَ الشَّهَادَةِ قَدْ فَاحَتْ قُلُوبُهُمُ

يَا أُمَّةً غَرِقَتْ فِي العِشْقِ وَالوَصَمِ

هُمْ كَالصُّقُورِ فَلَمْ تُخْطِئْ فَرَائِسَهَا

هُمْ كَالأُسُودِ فَلَمْ تَرْهَبْ مِنَ الأُمَمِ

رُهْبَانُ لَيْلٍ لِتَعْجَبْ مِنْ مَدَامِعِهِمْ

أَهُمْ حَمَائِمُ أَمْ أُسْدٌ لَدَى الأَجَمِ؟!

أَمْ هُمْ طَلائِعُ بِشْرٍ نَصْرُ أُمَّتِنَا

يَمْحُونَ عَهْدًا مِنَ الأَحْزَانِ وَالنِّقَمِ

بُشْرَى النَّبِيِّ هُمُ تَحْيَا القُلُوبُ بِهِمْ

لا يَعْبَؤُونَ بِخَوَّانٍ وَمُنْهَزِمِ

يَا قُدْسُ صَبْرًا فَذِي آهَاتُكِ اسْتَعَرَتْ

فِي نَفْسِ كُلِّ أَبِيٍّ نَاءَ بِالضَّيَمِ

دِمَاكِ أَغْلَى عَلَى الأَحْرَارِ مِنْ دَمِهِمْ

غَدًا تَثُورُ عَلَى الطُّغْيَانِ كَالْحِمَمِ

ص: 59

يَا رَبِّ مِنْ شُعَرَائِهَا عُدِدْتُ فَجُدْ

وَاجْعَلْنِ مِنْ أُسْدِهَا فِي حَرْبِهَا الحَدَمِ

يَا رَبِّ وَارْوِ ثَرَاهَا مِنْ دِمَاءِ فَتًى

يَرْجُو لِقَاها نَصِيرًا مُوفِيَ الذِّمَمِ

* * *

ص: 60