المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الدين مبني على أصلين: - مناسك الحج لابن تيمية ط ركائز

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ الدين مبني على أصلين:

الشَّرْعِيَّةِ مَنْ كَانَ قريبًا، ومَنِ اجتازَ بها، كمَا أنَّ مَسْجِدَ قُبَاءٍ يُزَارُ (1) مِنَ المدينةِ، وليسَ لِأَحَدٍ أنْ يُسَافِرَ إليهِ؛ لِنَهْيِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُشَدَّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى الْمَسَاجدِ الثَّلاثةِ (2).

وذَلِكَ أنَّ‌

‌ الدِّينَ مَبْنِيٌّ علَى أَصْلَيْنِ:

ألَّا يُعْبَدَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وألَّا (3) يُعْبَد (4) إلَّا بِمَا شَرَعَ، لا نعبدُهُ بالبِدَعِ، كمَا قالَ تعالَى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، ولهذَا كانَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه يقولُ في دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كلَّهُ صالِحًا، واجْعَلْهُ لِوَجْهِكَ

= هذا إنما يمكن مع السفر، لم يريدوا بذلك زيارة القريب، بل أرادوا زيارة البعيد، فعلم أنهم قالوا: يستحب السفر إلى زيارة قبره؛ لكن مرادهم بذلك هو السفر إلى مسجده).

وقال في الصارم المنكي ص 18: (وإنما تكلم -أي: شيخ الإسلام- عن مسألة شد الرحال وإعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور، وذكر في ذلك قولين للعلماء المتقدمين والمتأخرين:

أحدهما: القول بإباحة ذلك، كما يقول بعض أصحاب الشافعي وأحمد.

والثاني: أنه منهي عنه كما نص عليه إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ولم ينقل عن أحد من الأئمة الثلاثة خلافه، وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي وأحمد).

(1)

قوله: (يزار) هو في (ب): (لا يزار إلَّا).

(2)

تقدم تخريجه صفحة (135).

(3)

في (أ) و (ب) و (ج): (ولا).

(4)

في (أ): (يعبده).

ص: 145

خالصاً (1)، ولا تَجْعَلْ فيهِ لأَحَدٍ شيئًا» (2)، وقالَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ في قولِه تعالَى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [تبارك: 2]، قالَ:«أَخْلَصُهُ وأَصْوَبُهُ» . قِيلَ: يا أبَا عَلِيٍّ، ما أَخْلَصُهُ وأَصْوَبُهُ؟ (3) قالَ:«إنَّ العملَ إذا كانَ خالِصًا ولم يَكُنْ صوابًا؛ لم يُقْبَلْ، وإذَا كانَ صوابًا ولم يَكُنْ خالِصًا؛ لم يُقْبَلْ، حتَّى يكونَ خالِصًا صوابًا، والخالِصُ أنْ يكونَ للَّهِ، والصوابُ أنْ يكونَ على السُّنَّةِ» (4)، وقدْ قالَ الله تعالَى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].

والمقصودُ بجميعِ العباداتِ: أنْ يكونَ الدِّينُ كلُّهُ لِلَّهِ وحده (5)، فاللهُ هو الْمَعْبُودُ والمسؤولُ الذِي يُرْجَى ويخاف (6)، ويُسْأَلُ ويُعْبَدُ، فله الدِّينُ خالِصًا، وله أَسْلَمَ مَنْ في السماواتِ والأرضِ طَوْعًا وكَرْهًا، والقرآنُ مملوءٌ مِنْ هذَا، كمَا قالَ تعالَى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ

(1) قوله: (صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً) هو في (أ) و (ب): خالصاً لوجهك صالحاً.

(2)

أخرجه أحمد في الزهد (1/ 97).

(3)

قوله: (قِيلَ: يا أبَا عَلِيٍّ، ما أَخْلَصُهُ وأَصْوَبُهُ؟ ) سقط من (ج).

(4)

ينظر: حلية الأولياء (8/ 95).

(5)

قوله: (وحده) سقطت من (أ) و (ب).

(6)

قوله: (يرجى ويخاف): هو في (ج) و (د): (يخاف ويرجى).

ص: 146

مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}، إلى قَوْلِهِ:{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فاعبدوا ما شئتم من دونه} ، إلى قَوْلِهِ:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر: 64].

وقالَ تعالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 79].

وقالَ تعالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ولا تحويلاً أولئك الَّذين يدعون يبتغون إلى ربِّهم الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56](1)، قَالَ (2) طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ: كانَ أقوامٌ (3) يَدْعُونَ الملائكةَ والأنبياءَ كالمسيحِ والعُزَيْرِ (4)، فأنزلَ اللهُ تعالَى هذِهِ الآيةَ (5).

(1) زيد في (ج): (فصل).

(2)

في (ج) و (د): (قالت).

(3)

في (ب): (قوم).

(4)

في (ج): (وعزير).

(5)

ينظر: تفسير الطبري (14/ 627).

ص: 147

وقالَ تعالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 26، 29].

ومثلُ (1) هذَا في القرآنِ كثيرٌ، بلْ هذا (2) مقصودُ القرآنِ ولبُّه (3)، وهو مقصودُ دعوةِ الرُّسُلِ كلِّهِمْ، ولهُ خُلِقَ الخَلْقُ، كمَا قالَ تعالَى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

فيَجِبُ على المسلمِ أنْ يعلمَ أنَّ الحجَّ مِنْ جنسِ الصلاةِ ونحوِها مِنَ العباداتِ الَّتِي يُعْبَدُ اللهُ بها وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ الصلاةَ علَى الجنائِزِ وزيارةَ قُبُورِ الأمواتِ مِنْ جنسِ الدعاءِ لهم، والدعاءُ للخَلْقِ مِنْ جنسِ المعروفِ والإحسانِ الَّذِي هو مِنْ جنسِ الزكاةِ، والعباداتُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بها توحيدٌ وسُنَّةٌ (4)، وغيرُها فيها (5) شِرْكٌ وبِدْعَةٌ؛ كعباداتِ النصارَى ومَنْ أَشْبَهَهُمْ، مثلُ قَصْدِ البُقْعَةِ لغيرِ

(1) في (ب): (وأمثال).

(2)

قوله: (هذا): سقط من (ج).

(3)

في (أ) و (ب): (البتة).

(4)

قوله: (توحيد وسنَّة): هو ف (ب): (توحيده).

(5)

في (أ) و (ب): (فيه).

ص: 148

العباداتِ (1) الَّتِي أَمَرَ اللهُ بها؛ فإنَّهُ ليسَ مِنَ الدِّينِ، ولهذَا كانَ أئمةُ العُلَمَاءِ يَعُدُّونَ مِنْ جملةِ البِدَعِ المنكرَةِ: السفرَ لزيارةِ قبورِ الأنبياءِ والصالِحِينَ، وهذا في أَصَحِّ القولَيْنِ غيرُ مشروعٍ، حتَّى صَرَّحَ بعضُ مَنْ قالَ ذلكَ: أنَّ مَنْ سافَرَ هذا السَّفَرَ لا يَقْصُرُ فيهِ (2) الصلاةَ (3)؛ لأنَّهُ سَفَرُ معصيةٍ.

وكذلِكَ مَنْ يَقْصِدُ (4) بقعةً لأجلِ الطَّلب مِنْ مخلوقٍ هي منسوبةٌ إليهِ؛ كالقَبْرِ والمقامِ، أو لأجلِ الاستعاذَةِ بِهِ ونحوِ ذلِكَ؛ فهذَا شِرْكٌ

(1) قوله: (لغير العبادات): هو في (ب): (لعبادة).

(2)

قوله: (فيه): سقط من (ج) و (د).

(3)

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (27/ 184): (من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين: فهل يجوز له قصر الصلاة؟ على قولين معروفين:

أحدهما: وهو قول متقدمي العلماء الذين لا يجوزون القصر في سفر المعصية؛ كأبي عبد الله بن بطة، وأبي الوفاء بن عقيل، وطوائف كثيرة من العلماء المتقدمين: أنه لا يجوز القصر في مثل هذا السفر؛ لأنه سفر منهي عنه، ومذهب مالك والشافعي وأحمد: أن السفر المنهي عنه في الشريعة لا يقصر فيه.

والقول الثاني: أنه يقصر، وهذا يقوله من يجوِّز القصر في السفر المحرم؛ كأبي حنيفة، ويقوله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد ممن يجوز السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين؛ كأبي حامد الغزالي، وأبي الحسن بن عبدوس الحراني، وأبي محمد بن قدامة المقدسي، وهؤلاء يقولون: إن هذا السفر ليس بمحرم).

(4)

في (د): (قصد).

ص: 149

وبِدْعَةٌ، كما يفعلُ (1) النَّصارَى ومَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هذِه الأُمَّةِ، حيثُ (2) يجعلونَ الحجَّ والصلاةَ مِنْ جنسِ ما يفعلونَهُ مِنَ الشِّرْكِ والبِدَعِ، ولهذَا قالَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذَكَرَ له بعضُ أَزْوَاجِهِ كنيسةً بأرضِ الحبشةِ، وذُكِرَ له منْ حُسْنِهَا ومَا فِيهَا مِنَ التَّصَاوِيرِ، فقالَ:«أُولَئِكِ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ (3)؛ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (4).

ولهذَا نَهَى العلماءُ عَمَّا فيهِ عبادةٌ لغيرِ اللهِ، وسؤالٌ لِمَنْ ماتَ مِنَ الأنبياءِ والصالِحِينَ (5)؛ مثلُ مَنْ يكتبُ رُقْعَةً ويعلِّقُهَا عندَ قبرِ نَبِيٍّ أوْ صالِحٍ، أو يسجدُ لِقَبْره (6) أو يدعُوهُ، أو يرغبُ إليهِ، وقالُوا (7): إنَّهُ لا يجوزُ بناءُ المساجدِ على القبورِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ قبلَ أَنْ يموتَ بخمسِ ليالٍ: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»

(1) في (ج) و (د): (تفعله).

(2)

في (أ) و (ب): (بحيث).

(3)

زيد في (د): (أو العبد الصالح).

(4)

رواه البخاري (427)، ومسلم (528) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

قوله: (والصَّالحين): هو في (ج): (أو الصَّالحين).

(6)

قوله: (أو يسجد لقبره): سقط من (ج).

(7)

في (ب): (فقالوا).

ص: 150

رواهُ مسلمٌ (1)، وقالَ:«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا (2)» (3)، وهذِه الأحاديثُ في الصِّحَاحِ.

ومَا يفعلُهُ بعضُ (4) النَّاسِ مِنْ أَكْلِ التمرِ فِي المسجدِ، أو تعليقِ الشعرِ في القناديلِ؛ فبدعةٌ مكروهةٌ.

ومَنْ حَمَلَ شيئًا مِنْ ماءِ زمزمَ جازَ؛ فقدْ كانَ السلفُ يحملونَهُ (5).

وأمَّا التمرُ الصَّيْحَانِيُّ (6): فلا فضيلةَ فيهِ، بلْ غيرُهُ مِنَ التمرِ؛

(1) مسلم (532) من حديث جندب رضي الله عنه.

(2)

قوله: (خليلاً): سقط من (ب).

(3)

رواه البخاري (466)، ومسلم (2382) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

(4)

في (ب): أكثر.

(5)

عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت تحمل من ماء زمزم، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله» رواه الترمذي (963)، وصححه الألباني.

وروى البيهقي (9987) عن جابر رضي الله عنه: قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو: «أن أهْدِ لنا من ماء زمزم ولا يترك» ، قال: فبعث إليه بمزادتين. قال الألباني في الصحيحة 2/ 544: (وإسناده جيد، رجاله كلهم ثقات).

وروى ابن أبي شيبة (23722): عن عطاء، في ماء زمزم يخرج به من الحرم، فقال:«انتقل كعب بثنتي عشرة راوِيةً إلى الشام يستقون بها» .

(6)

في (د): (الصِّحافي).

الصيحاني: من تمر المدينة، قال الأزهري في تهذيب اللغة (5/ 109): =

ص: 151

كالبرْنِيِّ (1) والعَجْوَةِ، خيرٌ منه، والأحاديثُ إنَّما جاءتْ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مثلِ ذلِكَ، كمَا جاءَ في الصحيحِ (2):«مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ؛ لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ» ، ولَمْ يَجِئْ عنه فِي الصَّيْحَانِيِّ (3) شيءٌ.

وقولُ بعضِ الناسِ: إنَّهُ صاحَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ جهلٌ منهُ، بَلْ إنَّما سُمِّيَ بذلِكَ لِيُبْسِهِ؛ فإنَّهُ يُقَالُ: تَصَوَّحَ التمرُ؛ إذا يَبِسَ.

وهذَا كقولِ بعضِ الجُهَّالِ: إنَّ عَيْنَ الزرقاءِ (4) جاءتْ معه مِنْ

= (والصيحاني ضرب من التمر أسود، صلب الممضغة، شديد الحلاوة. قلت: وسمي صيحانيًّا؛ لأن صيحان اسم كبش كان يربط عند نخلة بالمدينة، فأثمرت ثمرًا صيحانيًّا، فنسب إلى صيحان).

(1)

في (ج) و (د): (البرني).

قال الأزهري في تهذيب اللغة (15/ 154): (البرني: ضرب من التمر، أحمر مشرب صفرة، كثير اللحاء، عذب الحلاوة).

(2)

رواه البخاري (5445)، ومسلم (2047) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(3)

في (د): (الصِّحافي).

(4)

عين الزرقاء، وتسمى أيضاً: عين الأزرق، وهي عين بالمدينة بنيت بأمر من الخليفة معاوية بن أبي سفيان، قام عليها مروان بن الحكم واليه بالمدينة، وأصلها من قباء، مغروفة من بئر كبيرة غربي مسجد قباء وتجري إلى المصلى، وسميت العين بالزرقاء؛ لزرقة عيني مروان بن الحكم. ينظر: خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى 1/ 456.

ص: 152

مكةَ، ولم يكنْ بالمدينةِ على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عينٌ جاريةٌ، لا (1) الزرقاءُ ولا عيونُ حمزةَ، ولا غيرُهما، بلْ كلُّ (2) هذَا مُسْتَخْرَج (3) بعده (4).

ورَفْعُ الصوتِ في المساجِدِ؛ مَنْهِيٌّ عنه، وهو في مسجد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أشدُّ (5)، وقد ثبتَ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ (6) رضي الله عنه رأَى رَجُلَيْنِ يرفعَانِ أصواتَهُمَا في المسجدِ فقالَ:«لو أعلمُ أنَّكُمَا (7) مِنْ أهلِ البلدِ لأَوْجَعْتُكُمَا ضربًا، إنَّ الأصواتَ لَا تُرْفَعُ في مسجِدِهِ» (8).

فمَا يَفْعَلُ بعضُ جُهَّالِ العامةِ مِنْ رَفْعِ الصوتِ عَقِيبَ الصلاةِ بقولِهمْ (9): السلامُ عليكَ يَا رسولَ اللهِ بأصواتٍ (10) عالِيَةٍ؛ مِنْ أقبحِ (11) المنكراتِ، ولم يكنْ أحدٌ مِنَ السلفِ يفعلُ شيئًا مِنْ ذلِكَ

(1) في (د): (إلَّا).

(2)

في (ب): (كان).

(3)

في (أ): (استخرج).

(4)

في (أ) و (ب): (بعد).

(5)

قوله: (وهو في مسجد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أشدُّ) سقط من (ج) و (د).

(6)

قوله: (ابن الخطَّاب): سقط من (ب).

(7)

في (أ) و (ب): (أنَّكم).

(8)

رواه البخاري (470).

(9)

في (ج) و (د): (من قولهم).

(10)

في (د): (بأصول).

(11)

قوله: (أقبح): سقط من (ج).

ص: 153

عَقِيبَ السلامِ، لا (1) بأصواتٍ عاليةٍ ولَا مُنْخَفِضَةٍ، بلْ مَا في الصلاةِ مِنْ قولِ المصلِّي:«السلامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ» هذا (2) هُوَ المشروعُ، كمَا أنَّ الصلاةَ عليهِ مشروعةٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.

وقدْ ثبتَ عنه (3) في الصَّحيحِ (4) أنَّه قالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» ، وفي المسندِ (5) أَنَّ رَجُلًا قالَ: يَا رسولَ اللهِ، أَجْعَلُ عَلَيْكَ ثُلُثَ صلاتِي؟ قالَ:«إذًا يَكْفِيَكَ اللَّهُ [ثُلُثَ أَمْرِكَ» ، فقَال (6): أَجْعَلُ عليكَ ثُلُثَيْ صلاتِي؟

(1) قوله: (لا): سقط من (ج).

(2)

قوله: (هذا): سقط من (ج) و (د).

(3)

قوله: (عنه): سقط من (ج) و (د).

(4)

رواه مسلم (408) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5)

رواه أحمد (21242) بلفظ: قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال:«إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك» . قال الألباني في صحيح الترغيب (1670): (إسناد هذه جيد).

ورواه الترمذي (2457) بلفظ: قال أبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت» . قال: قلت: الربع، قال:«ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» ، قلت: النصف، قال:«ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» ، قال: قلت: فالثلثين، قال:«ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» ، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذًا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك» . قال الترمذي: (حسن صحيح)، وحسنه الألباني.

(6)

في (د): (قال).

ص: 154

قالَ: «إذًا يَكْفِيَكَ اللَّهُ] (1) ثُلُثَيْ أَمْرِكَ» ، قالَ: أجعلُ صلاتِي كلَّهَا عليك؟ قالَ: «إِذًا يَكْفِيَكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ (2) وآخِرَتِكَ» .

وفي السُّنَنِ عنه أنَّهُ قالَ: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» (3)، وقدْ رأَى (4) عبدُ اللهِ بنُ حَسَنٍ (5) شيخُ [الحسنيين](6) في زَمَنِهِ رجُلًا يَنْتَابُ قبرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للدعاءِ عندَهُ، فقالَ (7): يا هذَا، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:«لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» ، فمَا أنتَ ورَجُلٌ بالأندلسِ منه (8) إلا سواءٌ (9).

(1) ما بين معقوفين سقط من (د).

(2)

زيد في (ج) و (د): (وأمر).

(3)

تقدم تخريجه صفحة (138).

(4)

في (ب): (روى).

(5)

في (د): (الحسن).

(6)

في (أ) و (ب): (الحسين). وفي (ب) و (ج): (المحسنين). ولعل الصواب: شيخ الحسنيين. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (27/ 383): (وفي سنن سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، أحد الأشراف الحسنيين بل أجلهم قدرًا في عصر تابعي التابعين في خلافة المنصور وغيره) ثم ذكر القصة.

(7)

في (ج) و (د): (قال).

(8)

قوله: (منه): سقط من (ج) و (د).

(9)

روى القصة ابن أبي شيبة (7542) عن علي بن الحسين لا عبدالله بن الحسن. =

ص: 155

ولهذَا كانَ السلفُ يُكْثِرُونَ الصلاةَ والسلامَ عليه (1) في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، ولم يكونُوا يجتمعونَ عندَ قبرِهِ؛ لَا (2) لقراءَةِ ختمةٍ، ولا إِيقَادِ (3) شمعٍ وإطعامٍ وإسقاءٍ، وإنشادِ (4) قصائدَ، ولَا نحوِ ذلِكَ، بلْ هذا مِنَ البِدَعِ، بلْ كانُوا يفعلونَ في مسجدِه ما هو المشروعُ في سائِرِ المساجِدِ مِنَ الصلاةِ، والقراءةِ، والذِّكْرِ، والدعاءِ، والاعتكافِ، وتعليمِ القرآنِ والعِلْمِ وتعلُّمِهِ، ونحوِ ذلِكَ (5)، وقدْ عَلِمُوا أنَّه (6) صلى الله عليه وسلم (7) له مثلُ (8) أَجْرِ كلِّ عملٍ صالحٍ تَعْمَلُهُ أُمَّتُهُ؛ فإنَّه

= قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (1/ 238): (وروى سعيد بن منصور في سننه أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب .. ) فذكره، ثم قال:(وروي هذا المعنى عن علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه عن علي بن أبي طالب، ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ في مختاره الذي هو أصح من صحيح الحاكم). ينظر: الأحاديث المختارة (2/ 49)، ولم أجده في سنن سعيد المطبوعة.

(1)

قوله: (عليه) سقطت من (أ) و (ب).

(2)

قوله: (لا): سقط من (ج).

(3)

قوله: (ولا إيقاد): هو في (أ) و (ب): (وإيقاد).

(4)

قوله: (وإنشاد): هو في (ج) و (د): (ولا إنشاد).

(5)

قوله: (والاعتكافِ، وتعليمِ القرآنِ والعِلْمِ وتعلُّمِهِ، ونحوِ ذلِكَ) سقط من (د).

(6)

في (ج) و (د): (أنَّ النَّبيَّ).

(7)

زيد في (ب): (قال).

(8)

قوله: (مثل): سقط من (ب).

ص: 156

صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى؛ فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» (1)، وَهُوَ الذِي دَعَا أُمَّتَهُ إلى كلِّ خيرٍ، فكلُّ خيرٍ يعملُه أحدٌ مِنَ الأمَّةِ فله مثلُ أَجْرِهِ، فلم يكنْ صلى الله عليه وسلم يحتاجُ (2) أنْ يُهْدَى إليهِ ثوابُ صلاةٍ أو صدقةٍ أو قراءةٍ مِنْ (3) أحدٍ؛ فإنَّ (4) له مثلَ أَجْرِ ما يعملونَهُ مِنْ غيرِ أنْ يَنْقُصَ من أجورِهم شيئًا.

وكلُّ مَنْ كانَ له أَطْوَعَ وأَتْبَعَ؛ كانَ أَوْلَى الناسِ به في الدُّنْيَا والآخرةِ، قالَ تعالَى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]، وقالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ (5) آل بني (6) فُلَانٍ لَيْسُوا لِي (7) بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» (8)، وهوَ أَوْلَى بكلِّ مؤمنٍ مِنْ نفسِه، وهو الواسطةُ بينَ اللهِ وبينَ خَلْقِهِ في تبليغِ أَمْرِهِ ونَهْيِهِ ووَعْدِهِ ووَعِيدِهِ، فالحلالُ (9) ما حَلَّلَهُ، والحرامُ ما حَرَّمَهُ،

(1) رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

قوله: صلى الله عليه وسلم يحتاجُ أن) سقط من (أ)، وزيد في (د):(إلى).

(3)

قوله: (من): سقط من (ب).

(4)

قوله: (من أحدٍ؛ فإنَّ) هو في (ج): (ممَّن كان).

(5)

قوله: (إنَّ): سقط من (د).

(6)

في (أ) و (ب): (بني).

(7)

قوله: (لي): سقط من (ب).

(8)

رواه البخاري (5990)، ومسلم (215) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.

(9)

في (ب): (فإنَّ الحلال).

ص: 157

والدِّينُ ما شَرَعَهُ، واللهُ هو المعبودُ الْمَسْؤُولُ الْمُسْتَعانُ بِهِ الَّذِي يُخَافُ ويُرْجَى ويُتَوَكَّلُ عليه.

قالَ تعالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52]، فجعلَ الطاعةَ للهِ والرسولِ، كمَا قالَ تعالَى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وجعلَ الخشيةَ والتَّقوَى للهِ وحدَه لا شريكَ له، فقالَ تعالَى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59]، فأضافَ الإيتاءَ إلى اللهِ والرسولِ، كمَا قالَ تعالَى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

فليسَ لأحدٍ أنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا أَبَاحَهُ له (1) الرسولُ وإنْ كانَ اللهُ آتاهُ ذلِكَ (2) مِنْ جهةِ القدرةِ والْمُلْكِ؛ فإنَّهُ يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يشاءُ، ويَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يشاءُ، ولهذَا كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في الاعتدالِ مِنَ الركوعِ وبعدَ السلامِ:«اللَّهُمَّ (3) لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» (4)، أيْ: مَن آتيتَهُ جَدًّا -وهو

(1) قوله: (له) سقط من (ج) و (د).

(2)

في (ب): (وذلك).

(3)

قوله: (اللَّهمَّ): سقط من (ب).

(4)

رواه البخاري (844)، ومسلم (593) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ص: 158

البَخْتُ والمالُ والْمُلْكُ- فإنَّهُ لا يُنَجِّيهِ منكَ إلَّا الإيمانُ والتَّقْوَى.

وأمَّا التوكُّلُ فعلَى اللهِ وحدَهُ، والرغبةُ إليه (1) وحدَه، كمَا قالَ تعالَى:{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ، ولم يَقُلْ:(ورسولُه)، وقالُوا:{إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59]، ولم يقلْ هُنَا:(ورسوله)، كمَا قالَ تعالى في الإِيتَاءِ (2)، بلْ هذا نظيرُ قولِهِ:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8].

وقالَ تعالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وفِي صحيحِ البُخَارِيِّ (3) عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّهُ قالَ:«حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوكيلُ، قالَها إبراهيمُ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، وقالَها محمدٌ صلى الله عليه وسلم حينَ قَالَ لهمُ الناسُ: إنَّ الناسَ قدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزَادَهُمْ إيمانًا، وقالُوا: حَسْبُنَا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ» .

وقدْ قالَ تعالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64]، أيِ: اللهُ وحدَهُ حَسْبُكَ وحَسْبُ المؤمِنِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ.

(1) في (أ): (عليه)، وفي (ج):(فإليه).

(2)

في (ج): (الآية).

(3)

(4563).

ص: 159

ومَنْ قالَ: إنَّ المعنى أنَّ (1) اللهَ والمؤمِنِينَ حَسْبُكَ، فقدْ ضَلَّ، بَلْ قولُهُ مِنْ جنسِ الكُفْرِ؛ فإنَّ اللهَ وحدَه هو (2) حَسْبُ كلِّ عبد مؤمن (3)، والْحَسْبُ الكافِي، كما قالَ تعالَى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36].

ولِلَّه تعالَى حقٌّ لا يَشْرَكُهُ فيه مخلوقٌ؛ كالعباداتِ، والإخلاصِ، والتوكُّلِ، والخوفِ، والرجاءِ، والحجِّ، والصلاةِ، والزكاةِ، والصيامِ، والصدقةِ.

والرسولُّ لَهُ حَقٌّ؛ كالإيمانِ بِهِ، وطاعتِه، واتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، ومُوَالَاةِ مَنْ يُوَالِيهِ، ومُعَادَاةِ مَنْ يُعَادِيهِ، وتقديمِهِ في المحبَّةِ علَى الأهلِ والمالِ والنفسِ، كمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (4).

بَلْ يَجِبُ تقديمُ الجِهَادِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ علَى هذَا كلِّه، كمَا قالَ تعالَى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ

(1) قوله: (المعنى أنَّ): سقط من (ب) و (ج) و (د).

(2)

قوله: (وحده هو): هو في (ج): (هو وحده)، وقوله:(هو): سقط من (د).

(3)

في (ب): (من المؤمنين)، وقوله:(عبد مؤمن): هو في (ج) و (د): (مؤمن به).

(4)

رواه البخاري (14)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرج البخاري (15) ومسلم (44) من حديث أنس بنحوه.

ص: 160

اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، وَقَالَ تَعالَى:{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 62].

وبَسْطُ مَا في هذَا الْمُخْتَصَرِ وشَرْحُهُ (1) مذكورٌ في غيرِ هذَا الْمَوْضِعِ.

واللهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وصلَّى اللهُ وسلم على سيدنا ونبينا (2) محمدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسلَّم (3).

(1) في (أ): (وشرحها).

(2)

قوله: (سيِّدنا ونبيِّنا) سقطت من (أ) و (ب). وهو في (ج): (سيِّدنا).

(3)

زيد في (أ): تم الكتاب المبارك يوم الخميس، أول يوم من جمادى الثاني سنة أربعة عشر بعد المائتين والألف، من الهجرة النبوية

على يد الفقير إلى الله عبدالله بن عبدالرحمن أبا بابطين غفر الله له.

زيد في (ج): والحمد لله ربِّ العالمين، كملت كتابة بأنامل محمَّد المكِّي بن عزوز في الأستانة ختام رمضان الواقعة 1327.

وزيد في (د): والحمد لله حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما ينبغي لكرم وجهه وعزِّ جلاله، وعظم سلطانه، ما حمده الحامدون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون، تمَّ بقلم العبد الفقير الحقير المسرف بالذَّنب والعجز والكسل والتَّقصير الرَّاجي عفو ربِّه اللَّطيف الخبير، عبده وابن عبده وابن أمته عبد الله بن محمَّد بن دليقان، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه، ولمن احتسب لجميع المسلمين الأحياء منهم والميِّتين، آمين، 7 ذي الحجة 1322 هـ.

ص: 161

ملحق (1)

اختيارات شيخ الإسلام في المناسك التي لم يذكرها في المنسك

كتاب المناسك

- الحج واجب على الفور عند أكثر العلماء. [اختيارات البعلي ص 170].

- والعمرة في وجوبها قولان للعلماء، هما قولان في مذهب الشافعي وأحمد، والمشهور عنهما وجوبها، والقول الآخر: لا تجب، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، وهذا القول أرجح (1). [مجموع الفتاوى 26/ 5].

- والقول بوجوب العمرة على أهل مكة؛ قول ضعيف جدًّا، مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح الطريقين عن أحمد: أن أهل مكة لا عمرة عليهم رواية واحدة، وفي غيرهم روايتان، وهي طريقة أبي محمد المقدسي.

وطريقة أبي البركات: في العمرة ثلاث روايات، ثالثها: تجب على غير أهل مكة. [اختيارات البعلي ص 170].

(1) وهي رواية عن أحمد.

والمذهب: أنها واجبة. ينظر: الإنصاف 3/ 387

ص: 163

- ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليه، فإن شق عليه ولم يضره؛ وجب، وإلا فلا.

وإنما لم يقيده أبو عبد الله؛ لسقوط الفرائض بالضرر وتحرم في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

فحينئذ ليس للأبوين منع ولدهما من الحج الواجب، لكن يستطيب أنفسهما، فإن أذنا وإلا حج. [الفروع 5/ 229، اختيارات البعلي ص 170].

- وليس للزوج منع زوجته من الحج الواجب مع ذي رحم محرم، بل عليها أن تحج وإن لم يأذن في ذلك، حتى إن كثيرًا من العلماء أو أكثرهم يوجبون لها النفقة عليه مدة الحج. [اختيارات البعلي ص 170].

- ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله، وخلَّف مالًا؛ حج عنه منه في أظهر قولي الشافعي. [اختيارات البعلي ص 171].

- والتجارة ليست محرمة، لكن ليس للإنسان أن يفعل ما يشغله عن الحج. [اختيارات البعلي ص 171].

- ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك؛ وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف؛ فيكون أعان على

ص: 164

نفسه، فلا يكون شهيدًا. [الفروع 5/ 239، اختيارات البعلي ص 171].

- وتجوز الخفارة عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا يجوز مع عدمها، كما يأخذه السلطان من الرعايا. [اختيارات البعلي ص 171].

- وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم، قال أبو العباس: وهذا متوجه في سفر كل طاعة. [الفروع 5/ 245، اختيارات البعلي ص 171].

- إن كانت من القواعد اللاتي لم يحضن وقد يئست من النكاح ولا محرم لها؛ فإنه يجوز في أحد قولي العلماء أن تحج مع من تأمنه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ومذهب مالك والشافعي (1). [مجموع الفتاوى 5/ 13].

- وصحح أبو العباس في الفتاوى المصرية: أن المرأة لا تسافر للحج إلا مع زوج أو ذي محرم. [شرح العمدة 4/ 75، اختيارات البعلي ص 172].

- والمحرم: زوج المرأة، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب، ولو كان النسب وطء شبهة (2)،

(1) والمذهب: أن المحرم من شرائط الوجوب، كالاستطاعة وغيرها. الإنصاف 3/ 140.

(2)

قال في الفروع 5/ 247: (والمراد والله أعلم بالشبهة ما جزم به جماعة: الوطء الحرام مع الشبهة؛ كالجارية المشتركة ونحوها، لكن ذكر في الانتصار في مسألة تحريم المصاهرة وذكره شيخنا: أن الوطء في نكاح فاسد كالوطء بشبهة).

ص: 165

لا زنىً (1)، وهو قول أكثر العلماء، واختاره ابن عقيل. [الفروع 5/ 247، اختيارات البعلي ص 172].

- وإماء المرأة يسافرن معها، ولا يفتقرن إلى محرم (2)؛ لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة. فأما عتقاؤها من الإماء: فقد بيض لذلك أبو العباس.

قال بعض المتأخرين - صاحب الفروع-: يتوجه احتمال أنهن كالإماء على ما قال، إذ لم يكن لهن محرم في العادة الغالبة، واحتمال عكسه؛ لانقطاع التبعية، وملك أنفسهن بالعتق، بخلاف الأَمَة. [الفروع 5/ 246، اختيارات البعلي ص 171].

- وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أمهات المؤمنين في التحريم لا المحرمية اتفاقًا. [اختيارات البعلي ص 172].

- ويجوز للرجل الحج عن المرأة باتفاق العلماء، وكذا العكس على قول الأئمة الأربعة، وخالف فيه بعض الفقهاء. [اختيارات البعلي ص 172].

(1) والمذهب: أن الوطء بشبهة أو زنى لا يحرم. الإنصاف 3/ 413.

(2)

قال في الفروع 5/ 246: (وظاهر كلامهم اعتبار المحرم للكل، وعدمه كعدم المحرم للحرة).

ص: 166

- والحج على الوجه المشروع؛ أفضل من الصدقة التي ليست واجبة.

وأما إن كان له أقارب محاويج: فالصدقة عليهم أفضل، وكذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعًا؛ فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية (1).

وكذلك الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك، لكن هذا بشرط أن يقيم الواجب في الطريق، ويترك المحرمات، ويصلي الصلوات الخمس، ويصدق الحديث، ويؤدي الأمانة، ولا يتعدى على أحد. [اختيارات البعلي ص 172].

- لو عوفي المنيب قبل فراغ النائب من الحج: يجزئ أيضًا، وهو صحيح، وهو المذهب

، وقيل: لا يجزئه، قال المصنف: الذي ينبغي أنه لا يجزئه، وهو أظهر الوجهين عند الشيخ تقي الدين. [المبدع 3/ 91، الإنصاف 3/ 405].

- ونقل ابن القاسم: لا أجر لمن غزا على فرس غصب. وقاله شيخنا وغيره في حج. [الفروع 2/ 48].

- ومن حج في مال حرام؛ لم يتقبل الله منه حجه، وهل عليه

(1) والمذهب: أن الصدقة أفضل من الحج. شرح المنتهى 1/ 236.

ص: 167

الإعادة؟ على قولين للعلماء (1). [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 478].

- من اغتصب إبلًا أو اشتراها بثمن مغصوب أو بعضه، وأراد الحج، وليس له مال يحج به غيره: فإنه يجب عليه أن يعوض أربابها إن أمكن معرفتهم، وإلا تصدق بقدر قيمة الثمن عنهم، فإن عجز عن الصدقة؛ تصدق وقت قدرته بعد ذلك، وإن عرفهم في قرية ولا يعرف أعيانهم؛ تصدق على فقراء تلك القرية، وقد طاب له الحج، والله أعلم. [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 480].

- ويجوز الحج بمال يؤخذ على وجه النيابة اتفاقًا، أما على وجه الإجارة ففيه قولان للعلماء، وهما روايتان عن أحمد:

إحداهما: يجوز، كما هو عند الشافعي.

والآخر: لا يجوز (2)، كما عند أبي حنيفة

ثم إن كان قصده الحج أو نفع الميت: كان له في ذلك أجر وثواب، وإن كان ليس له مقصد إلا أخذ الأجرة: فما له في الآخرة من خلاق. [مجموع الفتاوى 26/ 14، مختصر الفتاوى المصرية 1/ 510].

- وقال شيخنا -أي: شيخ الإسلام-: المستحب أن يأخذ

(1) المذهب: أن لو حج بمال مغصوب أو على حيوان مغصوب عالما ذاكراً؛ لم يصح حجه. شرح المنتهى 1/ 152.

(2)

وهو المذهب. الإنصاف 6/ 45.

ص: 168

ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فمن يحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح، ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلته، وعكسه، والأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق، قال: وحجه عن غير ليستفضل ما يوفي دينه الأفضل تركه، لم يفعله السلف، ويتوجه فعله لحاجة). [الفروع 7/ 154].

- ومن استطاع الحج بالزاد والراحلة: وجب عليه الحج بالإجماع، فإن خرج عقيب ذلك بحسب الإمكان، ومات في الطريق: وقع أجره على الله، ومات غير عاص.

وإن كان فرَّط ثم خرج بعد ذلك ومات قبل الحج: مات عاصيًا، وله أجر ما فعله، ولم يسقط عنه الفرض، بل يحج عنه من حيث بلغ. [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 510].

الإحرام

- وينعقد الإحرام بنية النسك مع التلبية أو سوق الهدي، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وقاله جماعة من المالكية، وحكي قولًا للشافعية (1). [الفروع 5/ 323، اختيارات البعلي ص 235].

(1) والمذهب: نية النسك كافية. الإنصاف 3/ 431.

ص: 169

- والقران أفضل من التمتع إن ساق هديًا، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (1). [زاد المعاد 2/ 133، الفروع 5/ 334].

- المختار لمن قدم في أشهر الحج أحد أمرين: إما أن يسوق الهدي، أو يتمتع تمتع قارن، أو لا يسوق الهدي ويتمتع بعمرة ويحل منها، ثم الذي ينبغي أن يقال: إن الذي اختاره الله لنبيه هو أفضل الأمرين. [مجموع الفتاوى 26/ 90 - 286].

- وأما قول عثمان رضي الله عنه في متعة الحج: إنها كانت لهم ليست لغيرهم؛ فحكمه حكم قول أبي ذر سواء، على أن المروي عن أبي ذر وعثمان يحتمل ثلاثة أمور

، الثاني: اختصاص وجوبه بالصحابة، وهو الذي كان يراه شيخنا قدس الله روحه. [زاد المعاد 2/ 179].

- فسخ الحج إلى العمرة، موافق لقياس الأصول، لا مخالف له، ولو لم يرد به النص لكان القياس يقتضي جوازه، فجاء النص به على وفق القياس، قاله شيخ الإسلام، وقرره: بأن المحرم إذا

(1) والمذهب: أن التمتع أفضل. الإنصاف 3/ 434.

وقال في زاد المعاد 2/ 133: (نقل عنه المروزي: أنه إذا ساق الهدي فالقران أفضل، فمن أصحابه من جعل هذا رواية ثانية، ومنهم من جعل المسألة رواية واحدة، وأنه إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسق فالتمتع أفضل، وهذه طريقة شيخنا).

ص: 170

التزم أكثر مما كان لزمه؛ جاز باتفاق الأئمة، فلو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج؛ جاز بلا نزاع، وإذا أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة، لم يجز عند الجمهور، وهو مذهب مالك، وأحمد، والشافعي في ظاهر مذهبه. [زاد المعاد 2/ 201].

- ولو أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة: لم يجز على الصحيح، ويجوز العكس بالاتفاق. [مجموع الفتاوى 26/ 88، اختيارات البعلي ص 174].

- ويقول: (لبيك إنَّ) بكسر الهمزة عند أحمد، قال شيخنا: هو أفضل عند أصحابنا والجمهور، فإنه حكي عن محمد بن الحسن والكسائي والفراء وغيرهم، وقاله الحنفية والشافعية، وحكى الفتح عن أبي حنيفة وآخرين، قال ثعلب: من كسر فقد عمَّ، يعني: حمد لله على كل حال، قال: ومن فتح فقد خص، أي: لأن الحمد لك، أي: لهذا السبب. [الفروع 5/ 388].

ص: 171

محظورات الإحرام

- ومن جامع بعد التحلل الأول: يعتمر مطلقًا، وعليه نصوص أحمد (1). [مجموع الفتاوى 20/ 375، الفروع 5/ 458، اختيارات البعلي ص 174].

- والأصل الذي دل عليه الكتاب والسنة: أن من فعل محظورًا ناسيًا لم يكن قد فعل منهيًّا عنه؛ فلا يبطل بذلك شيء من العبادات، ولا فرق بين الوطء وغيره، سواء كان في إحرام أو صيام.

- فأظهر الأقوال في الناسي والمخطئ إذا فعل محظورًا: ألا يضمن من ذلك إلا جزاء الصيد (2). [مجموع الفتاوى 20/ 570 - 25/ 226، الفروع 5/ 447].

(1) والمذهب: يلزمه أن يحرم من الحل، ليجمع بين الحل والحرم؛ ليطوف في إحرام صحيح. الإنصاف 3/ 500.

(2)

والمذهب: أن الجماع يستوي فيه الساهي والعامد، وأما باقي محظورات الإحرام: فما كان من قبيل الإتلاف؛ وهي المباشرة والصيد والتقليم والحلق، فيستوي العمد والجهل والسهو، وما لم يكن من قبيل الإتلاف وهي لبس المخيط والطيب وتغطية الرأس فيعذر بالجهل والنسيان ولا فدية عليه. ينظر: الإنصاف 3/ 527.

ص: 172

- ولا يجوز قتل النحل ولو بأخذ كل عسله، وإن لم يندفع ضرره إلا بقتله؛ جاز. [الفروع 5/ 515، اختيارات البعلي ص 174].

صيد حرم مكة والمدينة

- أما نفس محمد صلى الله عليه وسلم فما خلق الله خلقًا أكرم عليه منه، وأما نفس التراب -أي: تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فليس هو أفضل من الكعبة البيت الحرام، بل الكعبة أفضل منه، ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض، ولم يسبقه أحد إليه، ولا وافقه أحد عليه. [مجموع الفتاوى 27/ 38، الفروع 6/ 27، اختيارات البعلي ص 167].

- المعاصي في الأيام المفضلة والأمكنة المفضلة تغلظ، وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان. [مجموع الفتاوى 34/ 180، الفروع 6/ 30، اختيارات البعلي ص 167]

- والصلاة وغيرها من القرب بمكة أفضل، والمجاورة بمكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان (1). [مجموع الفتاوى 27/ 48، الفروع 6/ 28، اختيارات البعلي ص 167].

(1) المذهب: تستحب المجاورة بمكة. الإنصاف 3/ 563.

ص: 173

صفة الحج والعمرة

- وفي استقباله أي: الحجر الأسود- بوجهه وجهان، وعند شيخنا هو السنة. [الفروع 6/ 34، اختيارات البعلي ص 175، الإنصاف 4/ 6].

- إذا حاذى الحجر الأسود بجميع بدنه: أجزأ قولًا واحدًا، وإن حاذى بعض الحجر بكل بدنه: أجزأ أيضًا قولًا واحدًا، لكن قال في أسباب الهداية: وليمر بكل بدنه، وإن حاذى الحجر أو بعضه ببعض بدنه، فالصحيح من المذهب: أنه لا يجزئ ذلك الشوط

، وقيل: يجزئه، اختاره جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ تقي الدين. [الإنصاف 4/ 5].

- ويسن القراءة في الطواف، لا الجهر بها، فأما إن غلَّط المصلين؛ فليس له ذلك إذًا، وجنس القراءة أفضل من جنس الطواف. [الفروع 6/ 36، اختيارات البعلي ص 175].

- ومن شك في عدد الركعات: بنى على غالب ظنه، وهو رواية عن أحمد، وهو مذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهما، وعلى هذا عامة أمور الشرع، ويقال مثله في الطواف، والسعي، ورمي الجمار، وغير ذلك (1). [مجموع الفتاوى 23/ 15، الفروع 2/ 326].

(1) والمذهب: يأخذ باليقين. الإنصاف 4/ 17.

ص: 174

- وأما سائر ذوات الأسباب: مثل تحية المسجد، وسجود التلاوة، وصلاة الكسوف، ومثل ركعتي الطواف في الأوقات الثلاثة، ومثل الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة؛ فاختلف كلامه فيها -أي: كلام الإمام أحمد-، والمشهور عنه النهي

، والرواية الثانية: جواز جميع ذوات الأسباب، .. وهو الراجح. [مجموع الفتاوى 23/ 191، الإنصاف 2/ 206].

- وقال ابن بطة، وأبو حفص: وقت الوقوف من الزوال يوم عرفة، وحكِي رواية، قال في الفائق: واختاره شيخنا، يعني به: الشيخ تقي الدين (1). [الإنصاف 4/ 29].

- ويستحب وقوفه عند الصخرات وجبل الرحمة. ولا يشرع صعود جبل الرحمة إجماعًا. [الفروع 6/ 47، اختيارات البعلي ص 175].

- ويقصر من شعره، إذا حلَّ، لا من كل شعرة بعينها. [الفروع 6/ 54، اختيارات البعلي ص 175].

- والحلق أو التقصير: إما واجب (2)، أو مستحب، ومن حكى عن أحمد أنه مباح فقد غلط. [اختيارات البعلي ص 175].

- ولا يستحب للمتمتع أن يطوف طواف قدوم بعد رجوعه من

(1) والمذهب: وقت الوقوف: من طلوع الفجر يوم عرفة. الإنصاف 4/ 29.

(2)

وهو المذهب. الإنصاف 4/ 40.

ص: 175

عرفة قبل الإفاضة، هذا هو الصواب، وقاله جمهور الفقهاء، وهو أحد القولين في مذهب أحمد (1). [اختيارات البعلي ص 175].

- وقالت طائفة، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: الذي يرجح أنه -أي: النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى الظهر بمنى لوجوه. [تهذيب السنن 1/ 398].

- ويحل للمحرم بعد التحلل الأول كل شيء، حتى عقد النكاح، هذا منصوص أحمد، إلا النساء (2). [زاد المعاد، 2/ 141 الفروع 6/ 55، اختيارات البعلي ص 175].

- وطواف الوداع ليس بركن، بل هو واجب، وليس هو من تمام الحج (3)، ولكن كل من خرج من مكة عليه أن يودع، ولهذا من أقام بمكة لا يودع على الصحيح. [مجموع الفتاوى 26/ 6].

- وإن خرج إنسان غير حاج: فظاهر كلام أبي العباس: لا يودِّع. [الفروع 6/ 64، اختيارات البعلي ص 176].

- ثم - أي: بعد طواف الوداع- يشرب من ماء زمزم، ويستلم

(1) والمذهب: يطوف المتمتع للقدوم بعد رجوعه من عرفة وقبل الإفاضة. الإنصاف 4/ 17.

(2)

والمذهب: حل له كل شيء إلا النساء وعقد النكاح. الإنصاف 4/ 39.

(3)

والمذهب: أنه من واجبات الحج. الإنصاف 4/ 60.

ص: 176

الحجر الأسود. [الفروع 6/ 65].

- وذكر ابن عقيل وابن الزاغوني: لا يولي المودع البيت ظهره حتى يغيب. قال أبو العباس: هذا بدعة مكروهة. [الفروع 6/ 65، اختيارات البعلي ص 176].

- ويحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، واتفقوا أنه لا يقبله، ولا يتمسح به؛ فإنه من الشرك، والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر. [الفروع 6/ 66، اختيارات البعلي ص 176].

- وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» يدخل فيه المتمتع من حين يحرم بالعمرة، ولهذا أنكر الإمام أحمد على من قال: إن حجة المتمتع حجة مكية. [مجموع الفتاوى 26/ 52، الفروع 6/ 72، اختيارات البعلي ص 176].

- ومن اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة؛ فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلًا، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق الآدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعًا [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 480، اختيارات البعلي ص 177].

- المسألة الثانية: في الإكثار من الاعتمار والموالاة بينها: مثل أن يعتمر من يكون منزله قريبًا من الحرم كل يوم أو كل يومين، أو يعتمر القريب من المواقيت التي بينها وبين مكة يومان: في الشهر

ص: 177

خمس عمر أو ست عمر ونحو ذلك، أو يعتمر من يرى العمرة من مكة كل يوم عمرة أو عمرتين؛ فهذا مكروه باتفاق سلف الأمة، لم يفعله أحد من السلف، بل اتفقوا على كراهيته، وهو وإن كان استحبه طائفة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد؛ فليس معهم في ذلك حجة أصلًا إلا مجرد القياس العام، وهو أن هذا تكثير للعبادات، أو التمسك بالعمومات في فضل العمرة ونحو ذلك) [مجموع الفتاوى 26/ 270، الفروع 6/ 71].

- فإذا كان قد تبين بما ذكرناه من السنة واتفاق سلف الأمة: أنه لا يستحب بل تكره الموالاة بين العمرة لمن يحرم من الميقات؛ فمن المعلوم أن الذي يوالي بين العمر من مكة في شهر رمضان أو غيره أولى بالكراهة (1). [مجموع الفتاوى 26/ 290].

- وإذا ندب الإمام من يحج لخفارة من الحاج من الجند المرتبين في الديوان، وأمر الجماعة الذين لم يخرجوا أن يعطوا الذي يحج ما يحتاجه: فله أجر ذلك، وهو حلال، فإن هذا خرج بنفسه وهؤلاء بأموالهم، وهذا الذي ينبغي أن يكون عدلًا بين الجميع، وسواء شرط هذا عليهم في الإقطاع أو لا، وله أجر الحج وأجر الجهاد بالدفع عن الوفد وإقامة حرمة الحج إلى بيت الله تعالى. [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 480، الفروع 6/ 75، اختيارات البعلي 177].

(1) والمذهب: يستحب تكرارها في رمضان. شرح المنتهى 1/ 595.

ص: 178

- وشهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة، زاد شيخنا: محرمة، قال: وما يذكره الجهال في حصار تبوك كذب. [الفروع 6/ 76، اختيارات البعلي ص 177].

الفوات والإحصار

- وإن وقف الناس الثامن أو العاشر خطأ؛ أجزأ، نص عليهما، قال شيخنا: وهل هو يوم عرفة باطنًا؟ فيه خلاف في مذهب أحمد

، وذكر في موضع آخر: أن عن أحمد فيه روايتين، قال: والثاني الصواب

، فعلم أنه يوم عرفة باطنًا وظاهرًا. [الفروع 6/ 79].

- والمحصر بمرض أو ذهاب نفقة: كالمحصر بعدو، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (1). [الفروع 6/ 83، اختيارات البعلي ص 377].

ومثلهما: حائض تعذر مقامها وحرم طوافها، ورجعت ولم تطف؛ لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة (2). [مجموع الفتاوى 26/ 186 - 226، الفروع 6/ 83، اختيارات البعلي ص 177].

(1) والمذهب: أن المحصر بمرض أو ذهاب نفقة لا يتحلل حتى يقدر على البيت. ينظر: الإنصاف 4/ 71.

(2)

والمذهب: أنه من واجبات الحج. ينظر: الإنصاف 4/ 60.

ص: 179

- والمحصر يلزمه دم في أصح الروايتين، ولا يلزمه قضاء حجه إن كان تطوعًا، وهو إحدى الروايتين. [مجموع الفتاوى 26/ 186، اختيارات البعلي ص 177].

- ويصلي صلاة الخوف في الطريق إذا خاف فوات الوقوف بعرفة، وهو أحد الوجوه الثلاثة في مذهب أحمد. [الفروع 6/ 50، اختيارات البعلي ص 113].

الهدي والأضحية والعقيقة

- دم المتعة دم نسك وهدي وهو مما وسع الله فيه على المسلمين، فأباح لهم التحلل في أثناء الإحرام، وعليهم ما استيسر من الهدي؛ لما في استمرار الإحرام من المشقة، فهو بمنزلة القصر في السفر والفطر والمسح، فهو أفضل، ولأجل ذلك سُنَّ لهم الأكل منه (1)؛ فقد أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من هديه، وأطعم نساءه من الهدي الذي ذبحه عنهن وكن متمتعات، وهو كان متمتعًا التمتع العام، فدل على استحباب الأكل من هدي التمتع، ودم الجبران ليس كذلك. [مختصر الفتاوى المصرية 1/ 489].

(1) والمذهب: يباح الأكل منه. الإنصاف 4/ 104.

ص: 180

- وأما الأضحية: فالأظهر وجوبها أيضًا (1) فإنها من أعظم شعائر الإسلام،

وقد خرج وجوبها قولًا في مذهب أحمد، وهو قول أبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب مالك، أو ظاهر مذهب مالك. [مجموع الفتاوى 23/ 162].

- وإن ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته؛ أجزأ ذلك في أظهر قولي العلماء. وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما فإن الصحابة كانوا يفعلون ذلك. [مجموع الفتاوى 26/ 310].

- وتجوز الأضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلًا بالحكم (2)، ولم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية وغيرها؛ لقصة أبي بردة بن نيار، ويحمل قوله صلى الله عليه وسلم:(ولن يجزئ عن أحد بعدك) أي: بعد حالك. [اختيارات البعلي ص 177].

- والأجر في الأضحية على قدر القيمة مطلقًا (3). [الفروع 6/ 86، اختيارات البعلي ص 178].

(1) والمذهب: أنها سنة مؤكدة يكره تركها مع القدرة. شرح المنتهى 1/ 612.

(2)

والمذهب: لا يجزئ إلا جذع من الضأن. الإنصاف 4/ 74.

(3)

والمذهب: جذع الضأن أفضل من ثني المعز، وكل من الجذع والثني أفضل من سبع بعير، وسبع بقرة. الإنصاف 4/ 73.

ص: 181

- وسأله ابن منصور: بدنتان سمينتان بتسعة، وبدنة بعشرة؟ قال: ثنتان أعجب إلي. ورجح الشيخ تقي الدين تفضيل البدنة السمينة (1). [الإنصاف 4/ 74].

- والهتماء التي سقط بعض أسنانها: فيها قولان هما وجهان في مذهب أحمد، أصحهما: أنها تجزئ (2)، وأما التي ليس لها أسنان في أعلاها فهذه تجزئ باتفاق. [مجموع الفتاوى 26/ 308، الفروع 6/ 88، اختيارات البعلي ص 178].

- ولا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي. [اختيارات البعلي ص 178].

- وأما الأضحية فإنه يستقبل بها القبلة، فيضجعها على الأيسر، ويضع الذابح رجله اليمين على عنقها، ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وإذا ذبحها قال:{وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} {لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} .

ويتصدق بثلثها ويهدي ثلثها، وإن أكل أكثرها أو أهداه أو أكله أو طبخها ودعا الناس إليها: جاز.

(1) والمذهب: الأكثر عدداً أفضل. الإنصاف 4/ 73.

(2)

والمذهب: لا تجزئ الهتماء. شرح المنتهى 3/ 6.

ص: 182

ويعطي أجرة الجزار من عنده، وجلدها إن شاء انتفع به، وإن شاء تصدق به. [مجموع الفتاوى 26/ 308، الفروع 6/ 91].

- ولا يستحب أخذ شعره بعد ذبح الأضحية، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (1). [الفروع 6/ 103، اختيارات البعلي 178].

- والأضحية والعقيقة والهدي: أفضل من الصدقة بثمن ذلك. [مجموع الفتاوى 26/ 304].

- والتضحية عن الميت أفضل من الصدقة بثمنها. [الفروع 6/ 101، اختيارات البعلي ص 178].

- وآخر وقت ذبح الأضحية: آخر أيام التشريق، وهو مذهب الشافعي، وأحد القولين في مذهب أحمد (2). [الفروع 6/ 93، اختيارات البعلي ص 178].

- ولم ينسخ تحريم الادخار عام مجاعة؛ لأنه سبب التحريم، وقاله طائفة من العلماء (3). [الفروع 6/ 93، اختيارات البعلي ص 178].

(1) والمذهب: يستحب. الإنصاف 4/ 110.

(2)

والمذهب: إلى آخر يومين من أيام التشريق. الإنصاف 4/ 86.

(3)

والمذهب: تحريم الادخار من الأضاحي مطلقاً. الإنصاف 4/ 107.

ص: 183

- ومن عدم ما يضحى به أو يعق: اقترض وضحى وعق مع عدم القدرة على الوفاء (1). [اختيارات البعلي ص 178].

- والأضحية من النفقة بالمعروف، فيضحي عن اليتيم من ماله (2)، وتأخذ المرأة من مال زوجها ما تضحي به عن أهل البيت وإن لم يأذن في ذلك، ويضحي المدين إذا لم يطالب بالوفاء، ويتدين ويضحي إذا كان له وفاء. [مجموع الفتاوى 26/ 306، اختيارات البعلي 178].

- ولو نوى حال الشراء لم يتعين -أي: الهدي والأضحية- هذا المذهب، وعليه الأصحاب. وعنه: يتعين بالشراء مع النية، اختاره الشيخ تقي الدين، قاله في الفائق. [الإنصاف 4/ 89].

- ولا يعتبر التمليك في العقيقة. [الفروع 6/ 113، اختيارات البعلي ص 178].

(1) قال في الإنصاف 4/ 11: (فإن لم يكن عنده ما يغني. فقال الإمام أحمد: يقترض، وأرجو أن يخلف الله عليه. وقال الشيخ تقي الدين: يقترض مع وفاء).

(2)

وهو المذهب إن كان اليتيم موسراً. الإنصاف 5/ 330.

ص: 184