الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
نماذج النسخ الخطية
النسخة (أ)
النسخة (ب)
النسخة (ج)
النسخة (د)
مناسك الحج
لشيخ الإسلام
أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية الحراني رحمه الله
(ت 728 هـ)
قوبل على أربع نسخ خطية
ومعه ملحق باختيارات شيخ الإسلام في المناسك مما لم ترد في المنسك
تحقيق:
د. أنس بن عادل اليتامى
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
[وبه نستعين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين، قال شيخ الإسلام](2):
الحمدُ للهِ، نحمدُه، ونستعينُه، ونستهديه (3)، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا، ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلَا مُضِلَّ لهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فلَا هادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللَّهُ عليهِ، وعلَى آلِه وصحبِه (4)، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ:
فقدْ تكرَّرَ السؤالُ مِنْ كثيرٍ منَ المسلمينَ أنْ أَكْتُبَ في بيانِ
(1) زيد في (د): قال الشيخ العالم العلامة ناصر السنة وماحي البدعة، تقي الدين أبو العباس ابن الإمام شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام مجدد الدين عبد السلام بن عبد الله بن تيمية رحمه الله تعالى.
(2)
ما بين معقوفين سقط من (ج) و (د).
(3)
قوله: (نحمده ونستعينه ونستهديه) هو في (أ): نستعينه.
(4)
قوله: (وصحبه) سقطت من (أ).
مناسكِ الحجِّ ما يحتاجُ إليهُ غالِبُ الْحُجَّاجِ في غالِبِ الأوقاتِ على سبيل الاختصار (1)؛ فإنِّي كنتُ (2) كتبتُ مَنْسَكًا في أوائلِ عُمُرِي، وذكرتُ (3) فيه أدعيةً كثيرةً، وقلَّدتُ في الأحكامِ مَنِ اتَّبَعْتُهُ قبلي مِنَ العلماءِ، وكتبتُ في هذا ما تبيَّنَ لي مِنْ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مختصَرًا مبيَّنًا، ولَا حولَ ولَا قوَّةَ إلَّا باللهِ. (4)
(1) قوله: (على سبيل الاختصار) سقط من (ج) و (د).
(2)
زيد في (ج) و (د): قد.
(3)
في (ج) و (د): فذكرت.
(4)
زيد في (د): العلي العظيم.
فصلٌ
أولُ (1) ما يفعلُه قاصِدُ الحجِّ أو العمرةِ (2) إذَا أرادَ الدخولَ فيهما: [أنْ يُحْرِمَ بذلكَ، وقبلَ ذلكَ فهو قاصِدٌ الحجَّ أوِ العمرةَ ولم يدخلْ فيهما](3)، بمنزلةِ الذي يخرجُ إلى صلاةِ الجمعةِ؛ فله أجرُ السَّعْيِ، ولا يدخلُ في الصلاةِ حتى يُحْرِمَ بها، وعليه إذا وصلَ إلى (4) الميقاتِ أنْ يُحْرِمَ.
والمواقيتُ خمسةٌ (5): ذُو الْحُلَيْفَةِ (6)،
(1) من هنا تبدأ النسخة (ب).
(2)
في (ج) و (د): والعمرة.
(3)
ما بين معقوفين سقط من (أ).
(4)
قوله: (إلى) سقط من (د).
(5)
قال شيخ الإسلام في شرح العمدة 5/ 178: (هذه المواقيت الخمسة منصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند جمهور أصحابنا، وهو المنصوص عن أبي عبد الله،
…
وذهب أبو الفرج بن الجوزي وغيره من أصحابنا: إلى أن ذات عرق إنما ثبتت بتوقيت عمر رضي الله عنه اجتهادًا، ثم انعقد الإجماع على ذلك .... ، والأول هو الصواب لما ذكرناه من الأحاديث المرفوعة الجياد الحسان التي يجب العمل بمثلها مع تعددها، ومجيئها مسندة، ومرسلة من وجوه شتى).
(6)
قال في المطلع (ص 200): (ذو الحُليفة: بضم الحاء وفتح اللام، موضع معروف مشهور، بينه وبين المدينة ستة أميال، وقيل سبعة، قاله عياض وغيره).
قال في تيسير العلام (1/ 359): (وتسمى الآن آبار علي، ويكاد عمران =
والْجُحْفَةُ (1)، وقَرْنُ المنازلِ (2)، ويَلَمْلَمُ (3)،
= المدينة المنورة الآن يصل إليها، وتبلغ المسافة من ضفة وادي الحليفة إلى المسجد النبوي: ثلاثة عشر كيلًا، ومن تلك الضفة إلى مكة المكرمة عن طريق وادي الجموم: أربعمائة وثمانية وعشرين كيلًا).
(1)
قال في المطلع (ص 201): (الجُحْفَةُ - بجيم مضمومة ثم حاء مهملةٍ ساكِنَةٍ-: قال صاحب المطالع: هي قرية جامعةٌ بمنبَرٍ على طريق المدينة من مكة، وهي مَهْيَعةُ، وسميت الجُحْفَة؛ لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها، وهي على ستة أميالٍ من البحر، وثماني مراحل من المدينة، وقيل: نحو سبع مراحل من المدينة، وثلاث من مكة).
قال في توضيح الأحكام (4/ 43): (كانت قرية عامرة محطة من محطات الحاج بين الحرمين، ثم جحفتها السيول، فصار الإحرام من قرية رابغ، الواقعة عنها غربًا ببعد (22) ميلًا، ويحاذي الجحفة من خط الهجرة: الخط السريع من المدينة باتجاه مكة، وتبعد عن مكة (208) كيلو).
(2)
قال في المطلع (ص 202): (قَرْنٌ: بسكون الراء بلا خلاف، قال صاحب المطالع: وهو ميقاتُ نجدٍ، على يوم وليلة من مكة، ويقال له: قرنُ المنازل وقرنُ الثعالب، ورواه بعضهم بفتح الراء، وهو غلط، إنما قَرَن -بفتح الراء- قبيلة من اليمن).
قال في تيسير العلام (1/ 360): (وهذا الميقات اشتهر اسمه الآن: بالسيل الكبير، ومسافته من بطن الوادي إلى مكة المكرمة: (78) كيلًا).
(3)
قال في المطلع (ص 202): (يلملم: قال صاحب المطالع: أَلَمْلَم، ويقال: يلملم، وهو جبل من جبال تهامة، على ليلتين من مكة، والياء فيه بدلٌ من الهمزة، وليست بمزيدة، وحكى اللغتين فيه الجوهري وغيره).
قال في توضيح الأحكام (4/ 44): (يلملم وادٍ عظيم، ينحدر من جبال السراة إلى تهامة، ثم يصب في البحر الأحمر عند ساحل يمسى "المجيرمة"، والاسم لهذا الوادي من فروعه حتى مصبه، ومكان الإحرام منه الذي يمر =
وذاتُ عِرْقٍ (1)، ولَمَّا وَقَّتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المواقيتَ قالَ:«هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ (2)، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ (3) يُرِيدُ الْحَجَّ أو الْعُمْرَةَ (4)، وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْ مَكَّةَ» (5).
فذُو الحُلَيْفَةِ: هي أبعدُ المواقيتِ، بينها وبين مكةَ عَشْرُ (6) مراحِلَ (7)، أو أقلُّ، أو أكثرُ، بحسبِ اختلافِ الطُّرُقِ؛ فإنَّ منها إلى مكةَ عدةَ طُرُقٍ، وتسمَّى (8) وادِيَ العَقِيقِ، ومسجدُها يسمَّى مسجدَ الشجرةِ.
= طريق تهامة المملكة العربية السعودية، وتهامة من ضفته الجنوبية تبعد عن مكة مسافة (120) كيلو متر).
(1)
قال في توضيح الأحكام (4/ 47): (ويسمى الضريبة - بفتح الضاد بعدها راء مكسورة ثم ياء ساكنة-، واحدة الضراب، وهي الجبال الصغار، ويقع عن مكة شرقًا بمسافة قدرها (100) كيلو متر، والآن مهجور لعدم وجود الطرق عليه).
(2)
في (ب): (لهن).
(3)
في (ج) و (د): (لمن).
(4)
في (ج) و (د): (والعمرة).
(5)
رواه البخاري (1526)، ومسلم (1181) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(6)
في (أ) و (ب): عشرة.
(7)
المراحل: جمع المرحلة، وهي المسافة التي يقطعها السائر في نحو يوم، أو ما بين المنزلين، والمرحلة الواحدة تساوي (38.4) كيلو متر تقريباً. ينظر: لسان العرب 11/ 280، الدلائل والإشارات شرح أخصر المختصرات 2/ 39.
(8)
في (ب): (ويسمى).
وفيها بئرٌ تسمِّيها جُهَّالُ (1) العامةِ: «بئرَ عَلِيٍّ» ؛ لظنِّهم أنَّ عَلِيًّا قاتَلَ الجنَّ بها، وهو كَذِبٌ؛ فإنَّ الجنَّ لم يقاتِلْهم أحدٌ مِنَ الصحابةِ، وعَلِيٌّ أرفعُ قَدْرًا مِنْ (2) أنْ يَثْبُتَ الجنُّ لقتالِه.
ولا فضيلةَ لهذا البئرِ ولا مَذَمَّةَ، ولَا يُسْتَحَبُّ أنْ يَرْمِيَ بها حجرًا ولا غيرَهُ.
وأمَّا الْجُحْفَةُ: فبَيْنَها وبين مكةَ نحوُ ثلاثِ مراحلَ، وهي قريةٌ كانتْ قديمةً معمورةً، وكانتْ تسمَّى: مَهْيَعَةَ، وهِيَ اليومَ خرابٌ، ولهذا صارَ (3) الناسُ يُحْرِمُونَ قَبْلَها؛ مِنَ المكانِ الذي يسمَّى: رَابِغًا.
وهذا ميقاتٌ لِمَنْ حجَّ مِنْ ناحيةِ الْمَغْرِبِ؛ كأهلِ الشامِ، ومصرَ، وسائرِ المغربِ.
لكنْ أهلُ الشامِ (4) إذا اجتازُوا بالمدينةِ النبويةِ - كما يفعلونَهُ في هذه الأوقاتِ - أَحْرَمُوا مِنْ ميقاتِ أهلِ (5) المدينةِ؛ فإنَّ هذا هو المستحبُّ لهم بالاتفاقِ، فإنْ أَخَّرُوا (6) الإحرامَ إلى الْجُحْفَةِ؛
(1) قوله: (تسميها جهال) هو في (د): (تسميه).
(2)
قوله: (من) سقط من (د).
(3)
في (ب): (كان).
(4)
قوله: (لكن أهل الشام) سقط من (ج) و (د).
(5)
قوله: (أهل) سقط من (أ).
(6)
في (د): (أخر).
ففيهِ نِزَاعٌ (1).
وأمَّا المواقيتُ الثلاثةُ (2): فبَيْنَ كلِّ واحدٍ منها وبينَ مكةَ نحوٌ (3) من (4) مرحلتَيْنِ.
وليسَ لأحدٍ أنْ يُجَاوِزَ الميقاتَ إذا أرادَ الحجَّ أوِ العمرةَ إلَّا بإحرامٍ (5).
وإنْ قصدَ مكةَ لتجارةٍ أوِ لزيارةٍ (6)؛ فينبغي له أنْ يُحْرِمَ، وفي الوجوبِ نزاعٌ (7).
(1) ذهب الحنابلة، والشافعية: أنه يلزمهم الإحرام من ذي الحليفة.
وذهب الحنفية، والمالكية، واختاره شيخ الإسلام: أن لهم مجاوزة ذي الحليفة، والإحرام من الجحفة.
قال شيخ الإسلام في الاختيارات (ص 174): (ومن ميقاته الجحفة؛ كأهل مصر والشام، إذا مروا على المدينة؛ فلهم تأخير الإحرام إلى الجحفة، ولا يجب عليهم الإحرام من ذي الحليفة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك). ينظر: بدائع الصنائع 2/ 164، مواهب الجليل 3/ 53، المجموع 7/ 206، الإنصاف 3/ 425.
(2)
أي: قرن المنازل، ويلملم، وذات عرق.
(3)
قوله: (نحو) سقط من (ب).
(4)
قوله: (من) زيادة من (أ).
(5)
في (أ) و (ب): (بالإحرام).
(6)
في (ب): (زيارة).
(7)
ذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة: إلى وجوب الإحرام. =
ومَنْ وَافَى الميقاتَ في أَشْهُرِ الحجِّ فهو مُخَيَّرٌ بينَ ثلاثةِ أنواعٍ، وهي التي يقالُ لها: التمتُّعُ، والإفرادُ، والقِرَانُ:
- إنْ شاءَ أَحرم (1) بعمرةٍ، فإذا حَلَّ (2) منها أَهَلَّ بالحجِّ، وهذا الذي يَختَصُّ (3) باسمِ التمتُّعِ.
- وإنْ شاءَ أَحْرَمَ بهما جميعًا، أو أَحْرَمَ بالعمرةِ ثم أَدْخَلَ عليها الحجَّ قبلَ الطوافِ؛ وهو القِرَانُ، وهو داخِلٌ في اسمِ (4) التمتُّعِ في الكتابِ، والسُّنَّةِ، وكلامِ الصحابةِ رضي الله عنهم.
- وإنْ شاءَ أَحْرَمَ بالحجِّ مُفْرِدًا، وهو الإفرادُ.
= واستثنى المالكية والحنابلة ثلاث مسائل لا يجب فيها الإحرام: إذا كان دخول مكة لقتال مباح، أو كان لخوف، أو كان لحاجة متكررة.
وذهب الشافعية، وأحمد في رواية، واختاره ابن القيم: إلى عدم وجوب الإحرام. ينظر: مجمع الأنهر 1/ 266، ومواهب الجليل 3/ 43، والمجموع 7/ 10، الإنصاف 3/ 427، زاد المعاد 3/ 337.
(1)
في (ج) و (د): (أهلَّ).
(2)
في (أ) و (ب): (أحلَّ).
(3)
قوله: (وهذا الذي يختص) هو في (ب) و (ج) و (د): (وهو يخص).
(4)
في (ب): (باسم).
فصل في (1) الأفضلِ منْ ذلكَ
فالتحقيقُ في ذلك: أنَّهُ يتنوَّعُ باختلافِ حالِ الحاجِّ (2).
- فإنْ كانَ يسافِرُ سَفْرَةً للعمرةِ (3) وسَفْرَةً أخرى للحَجِّ (4)(5)، أو
(1) قوله: (فصل في) هو في (أ): (وأمَّا).
(2)
والمذهب: أفضلها التمتع ثم الإفراد. ينظر: مجموع الفتاوى 27/ 79 - 85، الفروع 5/ 334، اختيارات البعلي ص 173، الإنصاف 3/ 434.
(3)
في (ب): (إلى العمرة).
(4)
في (ج): (وللحج سفرة أخرى).
(5)
أي: كون العمرة في سفرة والحج في سفرة أفضل من جمعهما بالتمتع في سفرة واحدة فقط، لا أن ذلك أفضل من التمتع مطلقاً، ولذا قال في مجموع الفتاوى (26/ 276):(لو أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة فهو أفضل من المتعة المجردة).
ويدل لذلك ما نقله ابن القيم في زاد المعاد (2/ 194) عن شيخ الإسلام أنه قال: (إن عمر رضي الله عنه لم ينه عن المتعة البتة، وإنما قال: " إنه أتم لحجكم وعمرتكم أن تفصلوا بينهما "، فاختار عمر لهم أفضل الأمور، وهو إفراد كل واحد منهما بسفر ينشئه له من بلده، وهذا أفضل من القران والتمتع الخاص بدون سفرة أخرى)، ثم قال ابن القيم:(فهذا الذي اختاره عمر للناس، فظن من غلط منهم أنه نهى عن المتعة).
وأما لو اعتمر قبل ذلك ثم أراد الحج في سفرة أخرى؛ فالتمتع أفضل من الإفراد، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (26/ 88): (من سافر سفرة واحدة واعتمر فيها، ثم أراد أن يسافر أخرى للحج، فتمتعه أيضًا أفضل له من =