الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة المصنف:
"من قلمه في كتابه طبقات القراء"
محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري مؤلف هذا الكتاب يكنى أبا الخير. ولد فيما حقق من لفظ والده في ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة داخل خط القصاعين. وأجازه خال جده محمد بن إسماعيل الخباز وسمع منه فيما أخبره والده، ولم يقف على ذلك. وحفظ القرآن سنة أربع وستين وصلى به سنة خمس. وسمع الحديث من جماعة من أصحاب الفخر بين البخاري وغيرهم. وأفرد القراءات على الشيخ أبي محمد بن عبد الوهاب بن السلار والشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان، والشيخ أحمد بن رجب في سنة ست وسبع. وجمع للسبعة على الشيخ المجود إبراهيم الحموي، ثم جمع القراءات بمضمن كتب على الشيخ أبي المعالي بن اللبان في سنة ثمان وستين. وحج في هذه السنة فقرأه بمضمن1 والتيسير على الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح الخطيب الإمام بالمدينة الشريفة. ثم رحل إلى الديار المصرية في سنة تسع فجمع القراءات الاثنتي عشرة بمضمن كتب على الشيخ أبي بكر عبد الله بن الجندي والسبعة بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية على العلامة أبي عبد الله بن الجندي، والسبعة بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية على العلامة أبي عبد الله محمد بن الصائغ، والشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن البغدادي فتوفي ابن الجندي، وهو قد وصل إلى قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} في النحل، فاستجازه فأجزه، وأشهد عليه ثم توفي، فأكمل على الشيخين المذكورين، ثم رجع إلى دمشق ورحل رحلة ثانية فجمع على ابن الصائغ للعشرة بمضمن الكتب الثلاثة المذكورة،
وبمضمن المستنير والتذكرة والإرشادين والتجريد وعلى ابن البغدادي للأئمة الثلاثة عشروهم العشرة المشهورة وابن محيصن والأعمش والحسن البصري بمضمن الكتب التي تلا بها المذكور على شيخه ابن الصائغ وغيره.
1 كذا في الأصل.
وسمع الحديث ممن بقى من أصحاب الدمياطي والأبرقوهي. وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحيم الإسنوي، وغيره وسمع الحديث من غيرهم. ثم عاد إلى دمشق فجمع القراءات السبع في ختمة على القاضي أبي يوسف أحمد بن الحسين الكفري الحنفي، ثم رحل إلى الديار المصرية وقرأ بها الأصول والمعاني والبيان على الشيخ ضياء الدين سعد الله القزويني، وأخذ عن غيره، ورحل إلى الإسكندرية فسمع من أصحاب ابن عبد السلام وابن نصر وغيرهم، وقرأ بمضمن الإعلان وغيره على الشيخ عبد الوهاب القروي، وسمع من هؤلاء الشيوخ وغيرهم كثيرا من كتب القراءات بالسماع والإجازة، وقرأ على غير هؤلاء القراءات، ولم يكمل. وأجازه وأذن له بالإفتاء شيخ الإسلام أبو الفداء إسماعيل بن كثير سنة أربع وسبعين وكذلك أذن له الشيخ ضياء الدين سنة ثمان وسبعين، وكذلك شيخ الإسلام البلقيني سنة خمس وثمانين وجلس للإقراء تحت النسر من الجامع الأموي سنين، وولي مشيخ الإقراء الكبرى بتربة أم الصالح بعد وفاة أبي محمد عبد الوهاب بن السلار.
وقرأ عليه القراءات جماعة كثيرون، فممن كمل عليه القراءات العشر بالشام ومصر ابنه أبو بكر أحمد والشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي، والشيخ أبو بكر بن مصبح الحموي والشيخ نجيب الدين عبد الله بن قطب البيهقي والشيخ أحمد بن محمود بن أحمد الحجازي الضرير، والمحب محمد بن أحمد بن الهائم، والشيخ الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي والشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي والشيخ علي إبراهيم بن أحمد الصالحي والشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي، والشيخ موسى بن الكردي، والشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس، وأحمد بن علي بن إبراهيم الرماني.
وولي قضاء الشام سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، ثم دخل الروم لما ناله من الظلم من أخذ ماله بالديار المصرية في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، فنزل بمدينة برصة دار الملك العادل المجاهد بايزيد بن عثمان، فأكمل عليه القراءات العشر بها والشيخ عوض بن1 والشيخ سليمان بن2 والشيخ أحمد ابن الشيخ رجب والوالد الفاضل علي باشا، والإمام صفر شاه والولدان الصالحان محمود ومحمود ابنا الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين الياس بن عبد الله، والشيخ أبو سعيد بن بشلمش بن منتشا شيخ مدينة العلايا.
1 كذا بالأصل.
2 كذا بالأصل.
وممن قرأ عليه جمعا للعشرة، ولم يكمل ولده أبو الفتح محمد وأبو القسم علي بن محمد بن حمزة الحسيني والشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون البلوي الأندلسي، وصل إلى آخر الأحزاب والشيخ صدقة بن حسين بن سلامة الضرير وصل إلى آخر التوبة، والشيخ أحمد بن حسين السيواسي، وصل إلى آخر سبأ والخطيب يعقوب بن عبد الله الخطيب بمدينة العلايا إلى آخر آل عمران، والشيخ أمين الدين محمد بن التبريزي شيخ مدينة لارنده، والشيخ عبد المحسن بن التبريزي شيخ تبريز، والشيخ عبد الحميد بن أحمد بن محمد التبريزي، والشيخ علي بن قنان الرسعتي، والشيخ أحمد البرمي الضريري والشيخ موسى بن أحمد بن إسحق الشهبي، والشيخ علي بن المهتار وحافظ الدين.
ثم كانت الفتنة التمرية بالروم في أول سنة خمس وثمانمائة فأخذه أمير تمر من الروم، وحمله إلى بلاد ما وراء النهر وأنزله بمدينة كش فقرأ عليه بها، وبسمرقند جماعة منهم عبد القادر بن طلة الرومي، والحافظ بايزيد بن الكشي والحافظ المقري محمود ابن شيخ القراءات بها، وجماعة لم يكملوا. ولما توفي أمير تمر في شعبان سنة سبع، وثمانمائة خرج من كش فوصل إلى بلاد خرسان، ودخل مدينة هراة فقرأ عليه للعشر جماعة أكمل منهم الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار الهروي. ثم قفل راجعا إلى مدينة يزد فقرأ عليه للعشرة جماعة منهم المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي، وجماعة لم يكملوا. ثم دخل أصبهان فقرأ عليه بها جماعة أيضا، ولم يكملوا ثم وصل إلى شيراز في رمضان سنة ثمان وثمانمائة، فأمسكه بها جماعة كثيرون للعشرة في جمع منهم السيد محمد بن حيدر المسبحي وإمام الدين عبد الرحيم الأصبهاني، ونجم الدين الخلال وأبو بكر بن الخنجي، ثم ألزمه صاحبها بر محمد بالقضاء بها وبممالكها، وما أضيف إليها كرها فبقي فيها مدة، وتغيرت عليه الملوك، ومن أخذها لا يمكنه من الخروج منها حتى فتح الله تعالى، فخرج منها متوجها إلى البصرة، وكان قد رحل إليه المقرئ الفاضل المبرز أبو الحسن طاهر بن عربشاه الأصبهاني، فجمع عليه ختمة بالعشرة بمضمن الطيبة والنشر. ثم شرع في ختمة لقتيبة ونصير عن الكسائي، وفارقه بالبصرة وتوجه معه المولى معين الدين عبد الله بن قاضي كازرون فوصلا إلى قرية عنيزة، فنظم بها الدرة في قراءات الثلاثة حسبما تضمنه تحبير التيسير، وعرض المولى معين ختمة بقراءة أبي جعفر ختمها بالمدينة، ثم ختمة لابن كثير ختمها بمكة، وكان يقرأ عليه في أثناء الطريق وبمكة قراءة عاصم فأتمها وحفظ أكثر الطيبة
وفتح الله تعالى بالمجاورة بالمدينة، وبمكة في سنة ثلاث وعشرين بعد أخذ الأعراب له ورجوعه إلى عنيزة. وفي إقامته بالمدينة قرأ عليه شيخ الحرم الطواشي.
وألف في القراءات كتاب النشر في القراءات العشر في مجلدين ومختصره التقريب وتحبير التيسير في القراءات العشر، وهذا الكتاب وهو تاريخ القراء وطبقاتهم مختصرا من أصله. ولما أخذه أمير تيمورالي ما وراء النهر ألف شرح المصابيح في ثلاث أسفار.
وألف غير ذلك في التفسير والحديث والفقه والعربية، ونظم كثيرا في العلوم ونظم غاية المهرة في الزيادة على العشرة قديما ونظم طيبة النشر في القراءات العشر والجوهرة في النحو، والمقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه وغير ذلك في فنون شتى.
قال الفقير المغترف من بحاره: توفي شيخنا رحمه الله ضحوة الخميس لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بمدينة شيراز، ودفن بدار القرآن التي أنشأها، وكانت جنازته مشهورة تبادر الأشراف والخواص والعوام إلى حملها وتقبيلها، ومسها تبركا بها، ومن لم يمكنه الوصول إلى ذلك كان يتبرك بمن تبرك، وقد اندرس بموته كثير من مهام الإسلام رحمه الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد حمد الله تعالى الذي خلقنا على السنة نعتقد العشرة، والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وآله وصحبه الكرام البررة، فهذا "منجد المقرئين ومرشد الطالبين". قال أبو القاسم الهذلي: سأل مالك رضي الله عنه نافعا عن البسملة فقال: السنة الجهر بها. فسلم إليه وقال: كل علم يسأل عن أهله. ولا شك عند كل ذي لب أن من تكلم في علم ولو كان إماما فيه، وكان العلم يتعلق بعلم آخر وهو غير متقن لما يتعلق به داخله الوهم والغلط عند حاجته إليه. ولا ينبغي لمن وهبه الله عقلا وذهنا وعلما أن يهجم على كل ما وقع، ولكن ينظر كما نظر من قبله فالحق أحق أن يتبع. إيش أقول ألهمم القاصرة تصير سائر العلوم داثرة، والتزاحم على مناصب الدنيا زهد المشتغلين عن طلب الدرجة العليا لا حول ولا قوة إلا بالله.
آها على الأعلام كيف تغيبوا
…
وبقي الذين حياتهم لا تنفع
ما قيل ما قد قيل إلا أنه
…
خلت الديار فليس إلا بلقع
أيها الإخوان، أنى لكم أن تظنوا الظنون؟ ألم تسمعوا قوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] هبوا أنه لم يسعكم نقله كيف يسعكم جهله؟ وهذه أوراق أرسلتها العراك ونصبتها عليكم كالشباك، عسى أن يكون فيها سعيد {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] ما عصم إلا الأنبياء ولو ورثهم العلماء ولا تقليد في الاعتقاد والله أسأل السداد.
وجعلتها سبعة أبواب: الباب الأول في القراءات والمقرئ والقارئ وما يلزمهما.
الباب الثاني: في القراءة المتواترة والصحيحة والشاذة واختلاف العلماء في ذلك وإيضاح الحق منه.
الباب الثالث: في أن العشرة لا زالت مشهورة من لدن قرئ بها، وإلى اليوم لم ينكرها أحد من السلف ولا من الخلف.
الباب الرابع: في سرد مشاهير من قرأ بها وأقرأ في الأمصار إلى يومنا هذا.
الباب الخامس: في حكاية ما وقفت عليه من أقوال العلماء فيها.
الباب السادس: في أن العشرة بعض الأحرف السبعة، وأنها متواترة فرشا وأصولا حال اجتماعهم وافتراقهم وحل مشكل ذلك.
الباب السابع: في ذكر منكره من العلماء المقتصر على القراءات السبع، وأن ذلك سبب نسبتهم ابن مجاهد إلى التقصير.