الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ)
ــ
[منح الجليل]
إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ) لِلْمَبِيعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَوْمَ قَبْضِهِ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْأَصَحِّ وَبَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فُسِخَ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فُسِخَا بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ. .
[فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام مَسَائِل بَيْع العينة]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلِ بَيْعِ الْعِينَةِ وَأَصْلُهَا عَوْنَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْنِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا عَقِبَ كَسْرٍ سُمِّيَ بِهَا لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ أَوْ لِحُصُولِ الْعَيْنِ أَيْ النَّقْدِ لِبَائِعِهَا. أَبُو عُمَرَ بَيْعُ الْعِينَةِ هُوَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرَ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ عَلَى دَفْعِ عَيْنٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا. عِيَاضٌ هُوَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ شِرَاؤُهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا أَوْ شِرَاؤُهَا بِحَضْرَةِ طَالِبِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَيْعُهُمَا لِطَالِبِهَا بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ بَيْعُهَا هَذَا الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ لِبَائِعِهَا الْأَوَّلِ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ. وَخَفَّفَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْوَجْهَ وَرَآهُ أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ.
وَقَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْعَ الْعِينَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَائِزٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَمْنُوعٍ، وَزَادَ فِي التَّنْبِيهَاتِ رَابِعًا وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، فَالْجَائِزُ: أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ عِنْدَك سِلْعَةُ كَذَا أَبْتَاعُهَا مِنْك فَيَقُولُ: لَا فَيَنْقَلِبُ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا مُوَاعَدَةٍ فَيَشْتَرِي الْمَسْئُولُ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ فَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا فَيَبِيعُهَا مِنْهُ بِمَا شَاءَ مِنْ نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَعَرُّضٌ أَوْ مُوَاعَدَةٌ أَوْ عَادَةٌ. قَالَ: وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَهُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ كَالِئٍ وَلَا يُوَاعِدُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ وَلَا يَبِيعُهُ لَهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي سِلْعَةً لِحَاجَتِهِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَبِيعُهَا أَوْ يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ ثُمَّ تَشُقُّ عَلَيْهِ النَّقْلَةُ مِنْهَا فَيَشْتَرِيهَا أَوْ لِجَارِيَةٍ ثُمَّ تَتْبَعُهَا نَفْسُهُ، فَهَؤُلَاءِ إنْ اسْتَقَالُوا أَوْ زَادُوا فِي الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَالْمَكْرُوهُ: أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةً وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضُهُ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَكِنْ يَعْرِضُ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ.
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صُرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّذِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ كَذَا. ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا حَرَامٌ اهـ. وَالرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي زَادَهُ عِيَاضٌ: مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضِهِ مُؤَجَّلٍ وَبَعْضِهِ مُعَجَّلٍ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ اهـ، وَفِيهَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ لَا يَرَى فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ذَهَبَ فَكَانَتْ مُوَاسَاةُ السَّلَفِ ثُمَّ ذَهَبَتْ فَكَانَتْ الْعِينَةُ. ابْنُ رُشْدٍ يَشْهَدُ لَهُ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا تَبَايَعَ النَّاسُ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بَلَاءً فَلَا يَرْفَعُهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ» . وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مُدْخِلًا مَا زَادَ عِيَاضٌ فِي الْجَائِزِ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ
جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ،. .
ــ
[منح الجليل]
وَالْأُمَّهَاتِ مُبْتَدِئًا بِالْجَائِزِ فَقَالَ (جَازَ لِ) شَخْصٍ (مَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ) لِيَشْتَرِيَهَا طَالِبُهَا وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ وَفَاعِلُ جَازَ (أَنْ يَشْتَرِيَهَا) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ (لِيَبِيعَهَا) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ لِطَالِبِهَا مِنْهُ (بِثَمَنٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَالٍ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ صِلَةُ يَشْتَرِي لَا يَبِيعُ إنْ اشْتَرَاهَا الْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِثَمَنٍ كُلِّهِ حَالٍّ أَوْ كُلِّهِ مُؤَجَّلٍ اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ بِ) ثَمَنٍ (مُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٍ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ كَمَا قَدْ يُوهِمُهُ لَفْظُ عِيَاضٍ، إذْ قَدْ قَالَ: الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ اهـ، فَقَدْ يَسْبِقُ لِلْوَهْمِ أَنَّ قَوْلَهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِيُبَاعَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ إذْ لَمْ يَفْرِضُوهَا هَكَذَا، بَلْ زَادَ عِيَاضٌ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهُ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِبَيْعِهِ كُلِّهِ لِحَاجَتِهِ لِثَمَنِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ، قَالَ لَهُ: خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ بِمَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ هَذَا أَهْلُ الْعِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرُوجِعَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: أَنَا قُلْتُهُ قَالَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ قَبْلِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ يَعْنِي بِغَيْرِهِ ابْنُ هُرْمُزَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَنَزَلَ ابْنُ لُبَابَةَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ، فَجَوَّزَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَمَنَعَ فِي حَقِّهِمْ. وَفِي رَسْمِ تَسَلُّفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَسْت أَوَّلَ مِنْ كَرِهَهُ فَقَدْ كَرِهَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ بَيْعَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ فِي ظَاهِرِهَا إذْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ بَيْعُ سِلْعَتِهِ بِدِينَارِ نَقْدٍ أَوْ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا يُتَّهَمُ بِالْفَسَادِ فِيهَا إلَّا مَنْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ سِيرَتِهِ وَهُمْ
وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ، أَوْ اشْتَرِهَا وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ.
ــ
[منح الجليل]
أَهْلُ الْعِينَةِ، وَاَلَّذِي يَخْشَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَرَاوَضَا عَلَيْهِ وَقَصَدَا إلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا بَاعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ أَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُصْلِحُهُ دَفْعُهُ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يُفْسِدُهُ نَقْدُهُ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ. اهـ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ النُّقُولَ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَا اُشْتُرِيَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ لِيُبَاعَ، فَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِ اُشْتُرِيَ لَا بِ يُبَاعَ فَهِيَ إذًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مُفَرَّعَةٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ، وَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ عِيَاضٍ وَلَمْ يَزِدْ مَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ الْبَيَانُ لِمَا قَرَّرْنَا وَالظَّنُّ بِالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فَهَذَا عَجِيبٌ فَتَدَبَّرْهُ، وَقَدْ نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ.
الْبُنَانِيُّ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكًا مِنْ وَجْهَيْنِ تَفْرِيعِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ مُفَرَّعَةً عَلَيْهَا وَأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَوْلُ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سَلَفُ ثَمَانِينَ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا (خُذْ) أَيْ اشْتَرِ مِنِّي (بِمِائَةٍ) إلَيْهِ (مَا) أَيْ شَيْئًا يُبَاعُ (بِثَمَانِينَ) نَقْدًا (أَوْ) قَوْلُ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (اشْتَرِهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ (وَيُومِئُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُشِيرُ الطَّالِبُ (لِتَرْبِيحِهِ) أَيْ شِرَائِهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ بِرِبْحٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: أَعِنْدَك كَذَا، وَكَذَا تَبِيعُهُ مِنِّي بِدَيْنٍ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: ابْتَعْ ذَلِكَ وَأَنَا أَبْتَاعُهُ مِنْك بِدَيْنٍ وَأُرْبِحُك فِيهِ فَيَشْتَرِي ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا تَوَاعَدَا عَلَيْهِ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا: أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ اهـ.
وَلَمْ يُفْسَخْ.
بِخِلَافِ. اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ.
ــ
[منح الجليل]
وَ) إنْ وَقَعَ الْمَكْرُوهُ (لَمْ يُفْسَخْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ حُكْمِهِ بِالْكَرَاهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّحْرِيمُ لِلتَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهِمَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَا تَصْرِيحٍ بِهِ وَلَكِنْ يُعَرِّضُ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، قَالَ: وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ. وَقَالَ فَضْلٌ: يَجِبُ الْفَسْخُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ. .
(بِخِلَافِ) قَوْلِ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ شَخْصٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ (اشْتَرِهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ (بِعَشَرَةٍ وَ) أَنَا (آخُذُهَا) أَيْ أَشْتَرِيهَا مِنْك (بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِخِلَافِ كَذَا فَيُمْنَعُ وَأَنَّهُ أَرَادَ فَيُفْسَخُ ح وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْمَمْنُوعُ، وَقَدْ ذَكَرُوا سِتَّ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا يُفْسَخُ وَمِنْهَا مَا لَا يُفْسَخُ عَلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ بَعْضَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا، وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا، وَنَحْوِهِ فِي الْبَيَانِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صَرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا، أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا حَرَامٌ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سِتُّ مَسَائِلَ مُفْتَرِقَةِ الْأَحْكَامِ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ لِي وَثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ لِنَفْسِك، أَوْ قَوْلِهِ: اشْتَرِ وَلَا يَقُولُ: لِي وَلَا لِنَفْسِك، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ سَوَاءٌ قَالَ: اشْتَرِهَا لِي أَوْ لِنَفْسِك أَوْ لَمْ
وَلَزِمَتْ الْآمِرَ، إنْ قَالَ: لِي. .
وَفِي الْفَسْخِ أَوْ إمْضَائِهَا وَلُزُومِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ: قَوْلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك، فَهَذَا مَمْنُوعٌ وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ يَخُصُّهُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ) السِّلْعَةُ الشَّخْصَ (الْآمِرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بِشِرَائِهَا بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّائِدَانِ عَلَيْهَا (إنْ قَالَ) الْآمِرُ: اشْتَرِهَا (لِي) بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَهَلْ الْمَأْمُورُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ خِلَافٌ يَأْتِي فِي الْمَتْنِ. .
(وَفِي الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ الثَّانِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ (لِي) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِهَا لِنَفْسِك أَوْ قَالَ: اشْتَرِ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا أَوْ أَشْتَرِيهَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ فَيُفْسَخُ الثَّانِي فِي كُلِّ حَالٍ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) تَلْزَمُ الْآمِرَ لِلْمَأْمُورِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ قَبْضِ الْآمِرِ حَالَّةً، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَسْخِهِ مُطْلَقًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ رُدَّتْ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا فَلَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ قَالَ بَدَلَهُ مُطْلَقًا كَانَ أَبْيَنَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَفُتْ تُرَدُّ عَيْنُهَا وَإِنْ فَاتَتْ تُرَدُّ قِيمَتُهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ إمْضَائِهَا) أَيْ الْبَيْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ. (وَلُزُومِهِ) أَيْ الْآمِرِ (الِاثْنَيْ عَشَرَ) أَيْ دَفْعِهَا لِلْمَأْمُورِ إذَا حَلَّ أَجَلُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ قَبْلَ بَيْعِهَا لِلْآمِرِ وَلَوْ أَرَادَ الْآمِرُ عَدَمَ شِرَائِهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُورِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ التَّوَرُّعُ عَنْ أَخْذِ الزَّائِدِ عَلَى مَا نَقَدَ وَضَمَانُهَا قَبْلَ أَخْذِهَا الْآمِرُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ تَرْكُهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ إلْزَامُهُ بِهَا إنْ أَبَى أَخْذَهَا (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمُنَاسِبُ وَإِمْضَائِهَا بِالْوَاوِ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا فِي أَحَدِهِمَا كَمَا تُفِيدُهُ أَوْ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ. .
وَبِخِلَافِ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا) فَيَمْتَنِعُ (إنْ نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ (الْمَأْمُورُ) بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ الْعَشَرَةِ لِبَائِعِهَا (بِشَرْطٍ) مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ لِلْعَشَرَةِ وَتَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ يَصِحُّ وَأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ حَالَّةً لِقَوْلِهِ لِي وَيُفْسَخُ بَيْعُهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لَهُ، وَقَوْلُهُ أَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك لَغْوٌ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ لَهُ وَبِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ مِنْ عِنْدِ الْآمِرِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَلَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ) فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ (أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ) اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا لَهُ وَالْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ بِالْوَاوِ وَلِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَأْمُورِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَ السَّلَفَ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَلِلْمَأْمُورِ هُنَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أُعْطِيَ الْأُجْرَةَ كَانَتْ ثَمَنًا لِلتَّسْلِيفِ وَتَتْمِيمًا لِلرِّبَا، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ إذَا عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بِحِدْثَانِهِ وَرُدَّ السَّلَفُ إلَى الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْآمِرُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُمَا كَانَا قَصَدَاهُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمَأْمُورِ إجَارَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ وَقَبْلَ نَقْدِ الْمَأْمُورِ الثَّمَنَ لَكَانَ النَّقْدُ مِنْ الْآمِرِ، وَلَكَانَ فِيمَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: إجَارَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ
فِيهِمَا وَالْأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ: كَنَقْدِ الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي، فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ: قَوْلَانِ.
وَبِخِلَافِ: اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى، وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ،.
ــ
[منح الجليل]
مِثْلِهِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ اهـ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ (فِيهِمَا) أَيْ اشْتَرِ لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَاشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا. (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ زَرْقُونٍ مِنْ الْخِلَافِ (لَا جُعْلَ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ. الشَّارِحُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ (وَجَازَ) نَقْدُ الْمَأْمُورِ الْعَشَرَةَ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الشَّرْطِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ: (كَنَقْدِ الْآمِرِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْعَشَرَةَ لِلْمَأْمُورِ لِيَنْقُدَهَا الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الَّتِي أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا وَلِلْمَأْمُورِ الدِّرْهَمَانِ.
(وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (لِي) بِأَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا (فَفِي الْجَوَازِ) أَيْ لِشِرَائِهَا مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا (وَالْكَرَاهَةِ) لِذَلِكَ (قَوْلَانِ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَكَرِهَهُ مَرَّةً لِلْمُرَاوِضَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا فِي السِّلْعَةِ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْمَأْمُورِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ، فَفِي إطْلَاقِ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَسَمُّحٌ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ، مَحَلُّهُمَا إذَا نَقَدَ الْآمِرُ أَوْ الْمَأْمُورُ بِلَا شَرْطٍ. .
(وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا) مِنْك (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا) فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ اشْتَرِهَا لِي وَقَوْلِهِ وَأَشْتَرِيهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى: اشْتَرِهَا لِنَفْسِك لِأَجْلِ بَيْعِهَا لِي وَإِنْ وَقَعَ (فَتَلْزَمُ) السِّلْعَةُ الْآمِرَ (بِ) الثَّمَنِ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ الِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ (وَلَا تُعَجَّلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً (الْعَشَرَةُ) لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى شِرَاءِ
وَإِنْ عُجِّلَتْ: أُخِذَتْ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
السِّلْعَةِ لَهُ بِتَسْلِيفِهِ عَشَرَةً يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ وَيَقْضِي عَنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ تَعْجِيلِهَا الْبَائِعَ الْأَصْلِيَّ وَلِلْمَأْمُورِ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ الِاثْنَيْ عَشَرَ يَدْفَعُهَا الْآمِرُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَنَا أَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَهَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَيْهِ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَتَعَجَّلُ الْمَأْمُورُ الْعَشَرَةَ مِنْهُ وَإِنْ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَدَّهَا إلَيْهِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ اهـ.
(وَإِنْ عُجِّلَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الْعَشَرَةُ لِلْمَأْمُورِ (أَخَذَهَا) أَيْ الْآمِرُ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِتَعْجِيلِهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُسْتَقِلٌّ بَعْدَ بَيْعٍ صَحِيحٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (جُعْلُ مِثْلِهِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ لِأَنَّ الْمُسْلِفَ هُنَا وَهُوَ الْآمِرُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِنْ) قَالَ: اشْتَرِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَآخُذُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ (لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ (لِي) سَوَاءٌ قَالَ لِنَفْسِك أَوْ لَا وَاشْتَرَاهَا الْمَأْمُورُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَبَاعَهَا لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (فَهَلْ لَا يُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ لَا يُفْسَخُ (الْبَيْعُ) الثَّانِي مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (إذَا فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ (وَلَيْسَ عَلَى) الشَّخْصِ (الْآمِرِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (إلَّا الْعَشَرَةُ) الَّتِي اشْتَرَى بِهَا السِّلْعَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَزِيدَهُ الدِّينَارَيْنِ وَمَفْهُومُ إذَا فَاتَ فَسْخُ الْبَيْعِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَفُتْ. (أَوْ يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ (الثَّانِي) مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَسْخًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَتُرَدُّ عَيْنُهَا (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) السِّلْعَةُ بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) لَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الْآمِرُ يَرُدُّهَا بَدَلَهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَآخُذُهَا وَفِي الثَّالِثِ وَأَشْتَرِيهَا يَجُوزُ فِيهِ النَّصْبُ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وُجُوبًا بَعْدَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَالرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أَيْ وَأَنَا. الثَّانِي: مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الْحِيَلِ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُتَسَلِّفِ نَقْدًا وَيَقُولَ اشْتَرِ بِهِ سِلْعَةً لِي وَأَبِيعُهَا لَك بِرِبْحٍ لِأَجَلِ كَذَا، وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِهِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ أَبْضَعَ مَعَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ طَعَامًا ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ طَعَامًا وَاكْتَالَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّهُ وَمَا يُعْجِبُنِي. ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ ابْتِيَاعَهُ وَاكْتِيَالَهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَلَوْ تَحَقَّقَهُ مَا كَرِهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُبْتَاعُ لِلطَّعَامِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ قَبْضُهُ، وَلَا بِدَنَانِيرَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ، وَلَا بِدَرَاهِمَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَنَانِيرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَخْسُ فِي الْعُرْفِ عَلَى رَبِّ الطَّعَامِ فَتَرْتَفِعُ التُّهْمَةُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي الرَّجُلِ يُبْضِعُ مَعَ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ لَهُ طَعَامًا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ فَعَلَ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ اهـ.
وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ابْتَعْتَهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ جُزَافًا أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَضْمُونًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ جُزَافٍ مِنْ عِطْرٍ أَوْ زِئْبَقٍ أَوْ مِسْكٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَوَى وَشِبْهِهِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِك أَوْ غَيْرِهِ وَتُحِيلُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَلَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ابْتَعْت، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ