الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ.
ــ
[منح الجليل]
[فَصْلٌ الْبَيْع بِشَرْطِ الْخِيَار]
فَصْلٌ) (فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ)
(فَصْلٌ)(فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ بَيْعٌ وُقِفَ بَتُّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ قَوْلُهُ بَيْعُ جِنْسٍ شَمِلَ بَيْعَ الْخِيَارِ وَبَيْعَ الْبَتِّ. وَقَوْلُهُ وُقِفَ بَتُّهُ فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ الْبَتِّ. وَقَوْلُهُ أَوَّلًا بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا صِلَةُ وَقْفٍ، فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ خِيَارِ الْعَيْبِ. وَقَوْلُهُ يُتَوَقَّعُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ نَعْتُ إمْضَاءٍ أَيْ يُرْجَى وُقُوعُهُ. فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْعَقْدِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ لَهُ الْأَمْرُ، لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِيَكُونَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَيَنْفِي الْغَبْنَ عَنْ نَفْسِهِ. الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا جَازَ الْخِيَارُ أَصْلًا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ خِلَافٌ. الْوَانُّوغِيُّ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَعَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ فَهُوَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَةِ سَائِرِ الْبُيُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَعَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَدَلِيلُ إبَاحَتِهِ دَلِيلٌ خَاصٌّ بِهِ، وَمَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِفُلَانٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا وَالْمَشْهُورُ مَنْعُ الْجَمْعِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ بَيْعِ الْبَتِّ وَالْخِيَارِ قَالَهُ الْمُوَضِّحُ. (إنَّمَا) يَثْبُتُ (الْخِيَارُ) فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (بِشَرْطٍ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَيَشْمَلُ الْخِيَارَ الشَّرْطِيَّ وَخِيَارَ التَّرَوِّي أَيْ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ هَذَا الْقِسْمَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بَيْعُ الْخِيَارِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ وَهُوَ مَا مُوجِبُهُ ظُهُورُ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ وَيُسَمَّى خِيَارَ النَّقِيصَةِ أَيْضًا. وَسَيَأْتِي.
كَشَهْرٍ فِي دَارٍ
وَلَا يَسْكُنُ،.
ــ
[منح الجليل]
وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِالْحَصْرِ عَلَى أَنَّ خِيَارَ التَّرَوِّي إنَّمَا يَكُونُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ بِدَوَامِ اجْتِمَاعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، إلَّا ابْنَ الْمُسَيِّبِ. وَقِيلَ: لَهُ قَوْلَانِ وَوَافَقَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - "، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّإِ حَدِيثَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَالَ عُقْبَةُ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى خِلَافِهِ أَيْ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ فَيُقَدَّمُ عَلَى خَبَرِ الْآحَادِ، وَذَكَرَهُ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ وَشَرْطُهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِجَهْلِ مُدَّتِهِ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالثَّانِيَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ، وَالثَّالِثَةُ جِنْسِيَّةُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ. وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ مُدَّةَ الْمَجْلِسِ دُونَ شَرْطِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَشْهُورُ.
وَمُدَّةُ الْخِيَارِ (كَشَهْرٍ) وَدَخَلَ بِالْكَافِ سِتَّةُ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) بَيْعِ ك (دَارٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَشَهْرَيْنِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرًا وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا. وَفِي التَّوْضِيحِ الْأَرْضُ كَالدَّارِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ كَالدَّارِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى اخْتِيَارِ الدَّارِ أَكْثَرُ. وَفِي الشَّامِلِ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ: وَشَهْرَيْنِ، وَحُمِلَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَقِيلَ: وَثَلَاثَةٍ وَالرَّابِعُ وَالْأَرْضُ كَذَلِكَ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي الضَّيْعَةِ سَنَةً. .
(وَلَا يَسْكُنُ) الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ خِيَارِهِ الدَّارَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ وَلَهُ دُخُولُهَا بِنَفْسِهِ وَبَيَانُهُ بِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ التُّونُسِيُّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِالدَّارِ لَيْلًا لِخِبْرَةِ جِيرَانِهَا دُونَ سُكْنَى. " غ " ابْنُ مُحْرِزٍ قَالُوا: وَأَمَّا الدَّارُ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا بِنَفْسِهِ لِاخْتِبَارِ أَحْوَالِهَا وَمَبِيتِهَا، فَأَمَّا انْتِقَالُهُ إلَيْهَا
وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ، وَاسْتَخْدَمَهُ. .
ــ
[منح الجليل]
بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَمَتَى فَعَلَهُ أَدَّى كِرَاءَهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قَبِلَ الْمُشْتَرِي أَوْ رَدَّ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي سُكْنَاهَا بِأَهْلِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ مَجَّانًا فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُرْبَانِ. اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الدَّارُ يَسْكُنُهَا الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُ إذَا كَانَ فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ وَلَمْ يُخْلِهِ لِأَجْلِ سُكْنَاهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَمْ يُكْرِهِ لَهُ، فَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ فِي مُكْتَرًى فَأَخْلَاهُ أَوْ أَكْرَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْكُنَ بِغَيْرِ كِرَاءٍ. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ " ز " أَنَّ السُّكْنَى بِأُجْرَةٍ جَائِزَةٌ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ كَثِيرَةً كَانَتْ أَوْ يَسِيرَةً لِلِاخْتِبَارِ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَتُمْنَعُ السُّكْنَى الْكَثِيرَةُ بِلَا أُجْرَةٍ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ لِاخْتِبَارٍ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي صُورَتَيْ الشَّرْطِ وَالْيَسِيرَةُ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ، وَتَجُوزُ الْيَسِيرَةُ لِلِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا.
(وَكَجُمُعَةٍ فِي) بَيْعِ (رَقِيقٍ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يَغِيبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَمَةِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ لِلْمُبْتَاعِ لَغْوٌ وَأُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ وَخَرَاجُهُ غَلَّةٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَحِيلَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُتَبَايِعِينَ فِي زَمَنِهِ وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِخْدَامُهَا دُونَ غَيْبَةٍ عَلَيْهَا (وَاسْتَخْدَمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ اسْتِخْدَامًا يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ أَوْ تَاجِرًا فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِدُونِهِ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ. وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ رِبْحِهِ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَفِيهِ لَهُ انْتِفَاعٌ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الدَّارِ بِحَيْثُ يَسْكُنُهَا وَيَصْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ مُؤْنَةَ كِرَاءِ دَارٍ كَانَ يَسْكُنُهَا، وَإِنَّمَا يَمْضِي وَحْدَهُ فَيُقِيمُ فِيهَا لَيْلًا لِيَخْتَبِرَ أَمْرَ جِيرَانِهَا مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا وَلَا نَقْلِ فَرْشٍ إلَيْهَا وَكُلُّ أَمْرٍ مِنْ هَذَا لَهُ ثَمَنٌ وَلَهُ فِيهِ انْتِفَاعٌ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ وَلَا فِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَمَا لَا قَدْرَ لَهُ فَجَائِزٌ شَرْطُهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا يُلْزَمُ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ اهـ.
اللَّخْمِيُّ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَبْدُ: خِدْمَةٍ وَعَبْدُ صِنَاعَةٍ وَعَبْدُ خَرَاجٍ، فَعَبْدُ الْخِدْمَةِ لَهُ
وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ، وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا،.
ــ
[منح الجليل]
خِدْمَتُهُ فِيمَا لَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ خِدْمَتُهُ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ إلَّا بِعِوَضٍ، وَعَبْدُ الصَّنْعَةِ إنْ قَدَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَعْرِفَتِهَا وَهُوَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فَعَلَ وَإِلَّا جُعِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ. وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مَعْرِفَةَ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ لَهُ بَعْثُهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَمَا يَكْتَسِبُهُ لِبَائِعِهِ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ. وَإِذَا ثَبَتَ الْعِوَضُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سُكْنَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مَعْلُومًا، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَبِلَ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ ذَلِكَ الْأَمَدِ فَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ بِرَقِيقٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْخِيَارَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَ مَا أَمَدُهُ أَطْوَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ الدَّارُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ بِهِ مِنْهُمَا. ابْنُ مُحْرِزٍ لَوْ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ بِخِيَارٍ اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَكَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (فِي) بَيْعِ (دَابَّةٍ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ. " غ " يَعْنِي أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ كَالثَّوْبِ، فَإِذَا شَرَطَ رُكُوبَهَا لِلِاخْتِبَارِ فَلَهُ رُكُوبُهَا بِيَوْمٍ فَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالثَّوْبُ الَّذِي لَا يُلْبَسُ مُطْلَقًا، وَلَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الَّذِي يُسْتَخْدَمُ مُطْلَقًا، بَلْ لَهَا حَالَةٌ بَيْنَ حَالَتَيْنِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إلَى الِاخْتِبَارِ، وَبِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالدَّابَّةُ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فِي النُّكَتِ، وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُجِبْ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا أَجَابَ عَنْ أَمَدِ الرُّكُوبِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَلَمْ يَعْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ رُكُوبَ النَّهَارِ كُلِّهِ بَلْ الرُّكُوبَ الْيَسِيرُ. اهـ. وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رُكُوبَ الْيَوْمِ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى حَسَبِ رُكُوبِ النَّاسِ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَالْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَخْتَبِرُ سَيْرَهَا اهـ.
طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ
وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ. وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ،.
ــ
[منح الجليل]
بِاخْتِلَافِ مَا يُرَادُ مِنْهَا، وَبِهِ قَرَّرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا تُرْكَبُ الدَّابَّةُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَرِيدَيْنِ هَذَا فِي الرُّكُوبِ وَإِلَّا فَتَجُوزُ الثَّلَاثَةُ. اهـ. وَقَصَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِصَارَ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْكِتَابِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ. عَبْدُ الْحَقِّ يَشْتَرِطُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ لِلرُّكُوبِ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، إذْ قَالَ فِي قَوْلِهَا الْمَذْكُورِ ابْنُ حَبِيبٍ: الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " الْيَوْمَ فِي شَرْطِ رُكُوبِهَا، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ اهـ. وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ، فَأَنْتَ تَرَى أَبَا عِمْرَانَ فَهِمَ أَنَّ تَأْوِيلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ ظَرْفُ الرُّكُوبِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ.
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الدَّابَّةِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ شُيُوخِي، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَفِي آخِرِ الْكِتَابِ جَوَازُ شِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ تُخْتَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ يَقْطَعُ اخْتِلَافَ التَّأْوِيلِ لِذِكْرِ الْيَوْمِ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الدَّابَّةِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّمَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِأَمَدِ الرُّكُوبِ لَا لِأَمَدِ الْخِيَارِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِي الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَمَدُ خِيَارِهَا يَوْمًا فَقَطْ، وَأَنَّ مَا يُشْبِهُ الْيَوْمَ مِثْلُهُ. اهـ. فَانْظُرْ جَزْمَهُ بِأَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ أَمَدًا لِلْخِيَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَوْلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا أَيْ لِاشْتِرَاطِهِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ كَوْنِ كَلَامِهِ فِي تَحْدِيدِ أَمَدِ الْخِيَارِ يَبْعُدُهُ. (وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ) رُكُوبِهَا فِي (الْبَرِيدَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ (خِلَافًا) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ كَذَلِكَ أَوْ الْبَرِيدُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَفِي كَلَامِ الثَّانِي الْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي الثَّانِي عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ (تَرَدُّدٌ)
وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ. .
ــ
[منح الجليل]
حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَفَهْمُ الْخِلَافِ لِبَعْضِهِمْ (وَكَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (فِي) بَيْعِ (ثَوْبٍ) وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْمِثْلِيَّاتِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: أَتَى بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَشَهْرٍ وَمَا بَعْدَهُ لِإِدْخَالِ مَا قَارَبَهَا فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوُهَا. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْخِيَارِ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ أَوْ التَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ اسْتَوَى فِيهِ الثَّوْبُ وَالْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَكَانَ الْأَجَلُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ الْأَمَدُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دِينَارًا كَالْأَمَدِ إذَا كَانَ عِشْرِينَ، وَلَا الْعِشْرُونَ كَالْمِائَةِ، وَلَا الْمِائَةُ كَالْأَلْفِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَنَصَّهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ تَخْتَلِفُ مُدَّتُهُ بِحَسَبِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لِخِبْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ فَقَالَ التُّونُسِيُّ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، فَلَوْ شَرَطَ فِي الدَّارِ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ إلَّا ثَلَاثَةٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: التَّرَوِّي بِحَسَبِ قَدْرِ الثَّمَنِ لَيْسَ الدِّينَارُ كَالْعَشَرَةِ، وَلَا هِيَ كَالْمِائَةِ وَلَا هِيَ كَالْأَلْفِ. اهـ. وَتَعَقَّبَهُ الْحَطّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ التُّونُسِيِّ فَانْظُرْهُ. الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَشُورَةِ لَا لِلِاخْتِبَارِ هَلْ يَخْتَلِفُ أَمَدُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا، ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى اخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِهِ، وَذَهَبَ عِيَاضٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَأَنَّ أَمَدَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ فِي كُلِّ مَبِيعٍ. الرَّابِعُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ النَّاسُ يُشَاوِرُونَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ فِيهِ إلَى رَأْيِهِمْ فَلَهُمْ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِمَّا لَا يَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ وَلَا فَسَادٌ. الْخَامِسُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّارِ وَمَا بَعْدَهَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي اللُّبَابِ مُدَّتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ حَكَاهُ عِيَاضٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ
وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ، وَهَلْ إنْ نَقَدَ؟ تَأْوِيلَانِ.
وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي.
وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ،.
ــ
[منح الجليل]
مُؤَقَّتٍ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَيَطُولُ إنْ احْتَاجَ لِلطُّولِ وَيَقْصُرُ إذَا أَغْنَى فِيهِ الْقِصَرُ. .
(وَصَحَّ) أَنْ يَشْتَرِطَ (الْخِيَارَ) فِي الْبَيْعِ (بَعْدَ) عَقْدِهِ بِ (بَتٍّ) لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَجَازَ ابْتِدَاءً (وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ (إنْ) كَانَ (نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ بَشِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا يَجُوزُ لِأَخْذِ الْبَائِعِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِعَقْدِ الْبَتِّ سِلْعَةً بِخِيَارٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ، سَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ تَطْبِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ الْخِيَارُ لَهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَضَمِنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُقُوعِ شَرْطِ الْخِيَارِ بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ الشَّخْصَ (الْمُشْتَرِيَ) لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا بِخِيَارٍ. الْحَطّ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَالضَّمَانُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَفِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَرَوَى الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُغِيرَةِ. وَفِي الشَّامِلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَاتِ لِلْعُقُودِ هَلْ تُقَدَّرُ وَاقِعَةً فِيهَا أَمْ لَا. .
(وَفَسَدَ) الْبَيْعُ (بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ) شَخْصٍ غَائِبٍ بِمَحِلٍّ (بَعِيدٍ) لَا يَعْلَمُ مَا يُشِيرُ بِهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ. الْحَطّ وَكَذَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ وَرِضَاهُ مِنْ بَابِ أَحْرَى. اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ مَنْ شُرِطَ رِضَاهُ أَوْ خِيَارُهُ أَوْ مَشُورَتُهُ غَائِبًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ. فِي الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسَدَ. وَلَوْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لِيُجِيزَ الْبَيْعَ لَمْ يَصِحَّ. وَمَفْهُومُ بَعِيدٍ
أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
جَوَازُ شَرْطِ مُشَاوَرَةِ قَرِيبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي (مُدَّةٍ زَائِدَةٍ) عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الْمُقَدَّرَةِ لِلْمَبِيعِ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فِي الدَّارِ، وَعَلَى الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا فِي الرَّقِيقِ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّابَّةِ وَالْعَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ بَعِيدُ أَمَدٍ فَالنَّصُّ فَسْخُ الْبَيْعِ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَّجَ إمْضَاءَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِإِمْضَاءِ بُيُوعِ الْآجَالِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمَا اتَّهَمَا عَلَيْهِ. قَالَ: وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فَسَادَ بَيْعِ الْخِيَارِ مُعَلَّلٌ بِالْغَرَرِ، وَعَلَى الْفَسْخِ فَلَوْ أُسْقِطَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ.
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ زَادَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى مَا هُوَ أَمَدٌ لِخِيَارِهَا فِي الْعَادَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ. الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِإِسْقَاطِ مُشْتَرِطِهِ لَهُ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ السَّلَفِ إذَا أَسْقَطَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْخِيَارِ لَهُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ فَقَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الْإِمْضَاءَ إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْمَازِرِيُّ وَهَذَا إذَا أَسْقَطَهُ بِبَتِّ الْبَيْعِ وَلَوْ أَسْقَطَ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْفَسَادَ بِالْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الشَّامِلِ بِكَثْرَتِهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ وَنَصُّهُ وَبِمُدَّةٍ جُهِلَتْ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ زَادَتْ كَثِيرًا وَإِلَّا كُرِهَ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُوَضِّحُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصَّلَهُ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: الْأَجَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ، فَإِنْ كَانَ مُدَّةً تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا جَازَ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا كُرِهَ، وَلَا يُفْسَخُ وَإِنْ بَعُدَ الْأَجَلُ مُنِعَ، وَفُسِخَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رضي الله عنه " اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ وَقَعَ الْخِيَارُ فِي الرَّقِيقِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا أَفْسَخُهُ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةُ وَلَا أَفْسَخُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي (مُدَّةٍ مَجْهُولَةِ) كَإِلَى إمْطَارِ السَّمَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ مِنْ سَفَرٍ لَا يَعْلَمُ وَقْتَهُ.
فِي الْجَوَاهِرِ كَقَوْلِهِمَا إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَلَا أَمَارَةَ عِنْدَهُمَا عَلَى قُدُومِهِ أَوْ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ وَلَا حَمْلَ عِنْدَهُ أَوْ إلَى أَنْ يُنْفَقَ سُوقُ السِّلْعَةِ، وَلَا أَوْ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُرْفًا أَنَّهَا تَنْفَقُ فِيهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا
أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ،.
ــ
[منح الجليل]
عُلِمَ بِالْعُرْفِ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الطُّرْطُوشِيُّ إنْ شَرَطَ خِيَارَ بَعِيدٍ أَوْ أَجَلًا مَجْهُولًا فَسَدَ وَإِنْ أَسْقَطَهُ. (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ (غَيْبَةٍ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (عَلَى مَا) أَيْ مَبِيعٍ (لَا يُعْرَفُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (بِعَيْنِهِ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ وَمَفْهُومُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّ شَرْطَ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا. سَحْنُونٌ فِيهَا لَمَّا ذَكَرَ الْخِيَارَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ قَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَغِيبَ الْمُبْتَاعُ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا، ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ اهـ. الْحَطّ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فَسَادُ الْبَيْعِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْغَيْبَةَ وَمُرَادُهُ الْغَيْبَةُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي جَازَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا مَعَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الثَّمَنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْبَةٍ أَنَّ غَيْبَةَ الْبَائِعِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى امْتِنَاعِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، قَالَ: وَلْتُحْرَزْ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ وَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ، وَأَجَازَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بَقَاءَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ عِنْدَهُ شَيْأَهُ.
(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: فَسَادُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ وَفِيهَا لَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ. اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ فَإِنْ غَابَ دُونَهُ بِشَرْطٍ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا. اهـ. وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْخِيَارُ فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ جَائِزٌ إلَى مُدَّةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَلَا يَغِيبُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهَا أَوْ يَكُونُ الثَّمَرُ فِي شَجَرَةٍ، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا يُتَّهَمُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ هَذِهِ أَوْ مِثْلَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي
أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَرَدَّ أُجْرَتَهُ. .
وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ.
وَبِشَرْطِ نَقْدٍ.
ــ
[منح الجليل]
أَنْ يَتَسَلَّفَهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا بِيعَ بِالْخِيَارِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَمْحِ وَالزَّيْتِ فَلَا يَغِيبُ عَلَيْهِ بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَا مَضَى وَلَا يُفْسَخُ. الثَّانِي: هَلْ يُقْضَى بِتَسْلِيمِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا طَلَبَهُ. اللَّخْمِيُّ الْخِيَارُ لِثَلَاثٍ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلِعِلْمِ غَلَائِهِ مِنْ رُخْصِهِ، وَالثَّانِي لِيُؤَامِرَ نَفْسَهُ فِي الْغُرْمِ عَلَى الشِّرَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِغَلَاءِ الثَّمَنِ أَوْ رُخْصِهِ، وَالثَّالِثُ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا أَوْ لِيَخْتَبِرَ الْمَبِيعَ فَلَهُ قَبْضُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَرَادَهُ بِالْخِيَارِ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الِاخْتِبَارِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْخِيَارِ أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ، فَإِنْ قَالَ: سَلِّمْهُ لِي لِأَخْتَبِرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطٍ اهـ.
وَفِي اللُّبَابِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَهُ قَبْضُهُ اهـ. التُّونُسِيُّ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ: إنَّمَا فَهَمَّتْ عَنْهُ الْمَشُورَةُ لَا أَنْ أَدْفَعَ إلَيْهِ عَبْدِي فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ تَارَةً يَكُونُ لِلْمَشُورَةِ وَتَارَةً يَكُونُ لِلِاخْتِبَارِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الِاخْتِبَارُ إلَّا بِشَرْطٍ. (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ (لُبْسِ ثَوْبٍ) مَبِيعٍ بِخِيَارٍ لِغَيْرِ قِيَاسِهِ عَلَيْهِ مَجَّانًا (وَ) إذَا لَبِسَهُ (رَدَّ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي (أُجْرَتَهُ) أَيْ الثَّوْبِ لِلُبْسِهِ الْكَثِيرِ الْمُنْقِضِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ. .
(وَيَلْزَمُ) الْمَبِيعُ بِخِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (بِ) سَبَبِ (انْقِضَائِهِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَرَدَّ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ إنْ شَاءَ (فِي كَالْغَدِ) لِزَمَنِ الْخِيَارِ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْيَوْمَ التَّالِي لِلْغَدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ كَالْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقُرْبِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْبُعْدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. .
(وَ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ (بِشَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ تَعْجِيلٍ لِثَمَنِهِ عَلَى تَمَامِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَإِنْ لَمْ
كَغَائِبٍ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ، وَمُوَاضَعَةٍ، وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا، وَجُعْلٍ.
ــ
[منح الجليل]
يَنْقُدْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَنَزَلَ شَرْطُهُ مَنْزِلَتَهُ لِحُصُولِهِ مَعَهُ غَالِبًا، وَمَفْهُومُ بِشَرْطٍ أَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا لَا يُفْسِدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا وَالنَّقْدُ فِيمَا بَعُدَ مِنْ أَجَلِ الْخِيَارِ أَوْ قَرُبَ لَا يَحِلُّ بِشَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الْخِيَارِ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِيهِ اهـ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِضَعْفِ التُّهْمَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أُسْقِطَ شَرْطُ النَّقْدِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ إسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ. وَقِيلَ: مِثْلُهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَسَادَ بِشَرْطِ النَّقْدِ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ، وَالْفَسَادُ بِشَرْطِ السَّلَفِ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ وَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ وَضْعَ الثَّمَنِ عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَآلَ أَمْرِ الْبَيْعِ هَلْ يُتِمُّ فَيَأْخُذُهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا فَيَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، قِيلَ: اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلٌ بِإِيفَاقِهِ كَثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَهُمَا مُنْبَرِمٌ وَبَيْعَ الْخِيَارِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ.
وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ بِشَرْطِ النَّقْدِ سَبْعَ مَسَائِلَ فَقَالَ: (كَ) بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ) عَنْ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ غَيْبَةً بَعِيدَةً غَيْرِ عَقَارٍ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (وَ) بَيْعِ رَقِيقٍ (بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَ) بَيْعِ أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ وَ) كِرَاءِ (أَرْضٍ) لِزَرْعٍ (لَمْ يُؤْمَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (رِيُّهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مِنْ مَطَرٍ أَوْ بَحْرٍ (وَجُعْلٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ عَلَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ. ابْنُ يُونُسَ وَيُمْنَعُ فِي هَذَا النَّقْدِ تَطَوُّعًا أَيْضًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي لِمَا يَمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا، نَعَمْ عِبَارَاتُ الْأَئِمَّةِ تَدُلُّ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ، فَفِي الْمُنْتَقَى مَا نَصُّهُ. وَمِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ أَنْ لَا يَنْقُدَ الْجُعْلَ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتِمُّ مَا جُعِلَ لَهُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ مَا قَبَضَ، وَقَدْ يَتِمُّ فَيَصِيرُ لَهُ، فَتَارَةً يَكُونُ جُعْلًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا. ابْنُ نَاجِي قَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ: يَجُوزُ مَعَ التَّطَوُّعِ. ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَطَوَّعَ بِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ، وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا، وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ، وَكِرَاءٍ ضَمِنَ، وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ. .
وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ،.
ــ
[منح الجليل]
وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا زَايٌ أَيْ حِفْظٍ وَحِرَاسَةِ (زَرْعٍ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ بِجَائِحَةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ لُزُومِ خَلَفِهِ فَيَرُدُّهُ وَسَلَامَتِهِ فَلَا يَرُدُّهُ فَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ لِجَزِّ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ حَصْدِ. " غ " عَدَّ أَبُو إِسْحَاقَ الْغَرْنَاطِيُّ فِي وَثَائِقِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى حِرَاسَةِ الزَّرْعِ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ، وَنَقَلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْرُسُ لَهُ زَرْعًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُدَهُ الْإِجَارَةَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا تَلِفَ فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ، فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَ إجَارَةً وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ سَلَفًا. (وَ) إجَارَةُ (أَجِيرٍ) مُعَيَّنٍ عَلَى عَمَلٍ (تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ (شَهْرًا) وَكَذَا تَأَخُّرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّقْدُ بِشَرْطٍ، بَلْ (وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي) بَيْعِ أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ وَ) فِي بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ وَ) فِي (كِرَاءٍ ضُمِّنَ) بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ وَصَفَ مُتَعَلِّقَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ. " غ " خَصَّصَهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ يَعْنِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْكِرَاءَ بِكَوْنِهِ مَضْمُونًا لَكَانَ أَوْلَى لِيَجْرِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوَافَقَ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ (وَ) فِي عَقْدِ (سَلَمٍ) وَقَيَّدَ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ بِقَوْلِهِ (بِخِيَارٍ) لِتَأْدِيَتِهِ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ تَطَوُّعًا، وَاللَّازِمُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ السَّابِقَةِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ بِشَرْطٍ. .
(وَاسْتَبَدَّ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ اسْتَقَلَّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ شَخْصٌ (بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ) شَيْئًا (عَلَى) شَرْطِ (مَشُورَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُشَاوَرَةِ (غَيْرِهِ) مُشَاوَرَةً مُطْلَقَةً فَلَهُ تَرْكُ مُشَاوَرَتِهِ وَالِاسْتِقْلَالُ بِنَفْسِهِ فِي إمْضَائِهِ
لَا خِيَارِهِ وَرِضَاهُ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ، وَعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ.
ــ
[منح الجليل]
وَرَدَّهُ. وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْضَى الْبَيْعَ مَضَى وَإِلَّا فَلَا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوْقِيفَ الْبَيْعِ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ بِزِيَادَةِ الْقَيْدِ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فُلَانًا إلَخْ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ (لَا) يَسْتَبِدُّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى (عَلَى خِيَارِهِ) أَيْ غَيْرِهِ (وَرِضَاهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ، فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي نَظَرَهُ وَلِأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُوَافَقَةَ لِحَدِيثِ «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» .
(وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهَّمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فَهَمَّتْ عَلَى نَفْيِ اسْتِبْدَادِ مَنْ شَرَطَ خِيَارَ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي مُشْتَرٍ) بِشَرْطِ خِيَارِ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ، وَمَفْهُومٌ فِي مُشْتَرٍ أَنَّ الْبَائِعَ بِشَرْطِ خِيَارِهِ أَوْ رِضَاهُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَبِيعِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي) الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِشَرْطِ (الْخِيَارِ) لِغَيْرِهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ رِضَا غَيْرِهِ فَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ. طفي اُنْظُرْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَدْ أَشْبَعَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَوْفَى مَا فِيهَا مِنْ التَّأْوِيلَاتِ وَنَسَبَهَا لِقَائِلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ مِثْلُ الرِّضَا بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْخِيَارِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا. وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ تت بَيْنَ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ " س " لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ عَلَى خِيَارِ الْغَيْرِ أَوْ رِضَاهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ الْخِيَارَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَصَّلَهُ عِيَاضٌ، فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَأَنَّهُ رَأَى الْخِيَارَ رُخْصَةً
وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا، وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ
أَوْ زَوَّجَ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا.
ــ
[منح الجليل]
مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
(وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ الرِّضَا (كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِتَصَرُّفِ الثَّانِي قَبْضٌ لِقَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ بِعْت وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَصَرُّفُ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا (وَرَضِيَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ (كَاتَبَ) أَيْ أَعْتَقَ الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَكِتَابَتُهُ رِضًا مِنْهُ بِشِرَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَأَوْلَى الْعِتْقِ النَّاجِزُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ. الْحَطّ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ تَصَدَّقَ مُشْتَرٍ أَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَقِيلَ: مُطْلَقًا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ أَوْ أَعْتَقَ وَلَوْ بَعْضًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ فَهُوَ رِضًا اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ فَوَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَوْلَدَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ نَظَرَ إلَى الْفَرْجِ كَانَ رِضًا وَقَبُولًا لِلْبَيْعِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَتَقَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ مَاضٍ وَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ رَدٌّ وَمِنْ الْمُشْتَرِي قَبُولٌ. .
(أَوْ زَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا بِشِرَائِهَا اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ) زَوَّجَ (عَبْدًا) كَذَلِكَ فَهُوَ رِضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ رِضًا وَلَوْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا مُجْمَعًا عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ (أَوْ قَصَدَ) الْمُشْتَرِي بِتَجْرِيدِ الْأَمَةِ (تَلَذُّذًا) بِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَقْلِيبَهَا فَلَيْسَ رِضًا، ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ الْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَرَصَهَا أَوْ مَسَّ بَطْنَهَا أَوْ يَدَيْهَا أَوْ خَضَّبَ يَدَيْهَا بِحِنَّاءَ أَوْ ضَفَّرَ رَأْسَهَا دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا لَا فِعْلَهَا ذَلِكَ دُونَ أَمْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَطْءُ ذِي الْخِيَارِ بَائِعًا رَدٌّ وَمُبْتَاعًا بَتٌّ، فَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا عَجَّلَ الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْعِلِّيَّةُ لِلِاسْتِبْرَاءِ. اللَّخْمِيُّ اتِّفَاقًا كَبَيْعٍ بَتٍّ.
أَوْ رَهَنَ، أَوْ آجَرَ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ، أَوْ تَسَوَّقَ
أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ، أَوْ عَرَّبَ دَابَّةَ، أَوْ وَدَّجَهَا، لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ؛.
ــ
[منح الجليل]
غ " تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَدْ قَبِلَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ بِمُجَرَّدِهِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَتَّى يَرْتَفِعَ النِّزَاعُ بِسَبَبِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْقَاصِدَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي الْجَارِيَةِ فَجَرَّدَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَنَظَرَ إلَيْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ رِضًا وَقَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ لَا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ جَرَّدَهَا مُتَلَذِّذًا فَهَذَا رِضًا. .
(أَوْ رَهَنَ) الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَهُ " د "، وَبَحَثَ " ق " بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يُعَدُّ رِضًا (أَوْ آجَرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا وَلَوْ مُيَاوَمَةً (أَوْ أَسْلَمَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِعِلْمٍ (لِلصَّنْعَةِ) كَخَيَّاطٍ وَلَوْ هِينَةً أَوْ لِلْكِتَابَةِ (أَوْ تَسَوَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي فِي السُّوقِ (بِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِبَيْعِهَا وَلَوْ مَرَّةً لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سَاوَمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْبَيْعِ، وَعَبَّرَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ بِالتَّسَوُّقِ وَهُوَ مُرَادِفٌ لِلْمُسَاوَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ اقْتِضَاءَهُ لِلتَّكَرُّرِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ. .
(أَوْ جَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا (إنْ تَعَمَّدَ) هَا فَإِنْ أَخْطَأَ فَلَيْسَتْ رِضًا (أَوْ نَظَرَ) الرَّجُلُ الْمُشْتَرِي (الْفَرْجَ) لِلْأَمَةِ قَصْدًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ لِلشِّرَاءِ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَظَرُ الْمُبْتَاعِ إلَى فَرْجِ الْأَمَةِ رِضًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ فِي الشِّرَاءِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ، وَمَنْ يَحِلُّ لَهُ الْفَرْجُ (أَوْ عَرَفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ فَصَدَ الْمُشْتَرِي (دَابَّةً) فِي أَسَافِلِهَا (أَوْ وَدَّجَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَبِجِيمٍ أَيْ فَصَدَهَا فِي أَوْدَاجِهَا (لَا) يُعَدُّ رَاضِيًا (إنْ جَرَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي (جَارِيَةً) مِنْ ثِيَابِهَا لِقَصْدِ تَقْلِيبِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِتَقْلِيبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ يَكُونُ عَيْبٌ بِجِسْمِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِهِ
إلَّا الْإِجَارَةَ
وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ: أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
كَاتَبَ إلَى هُنَا (رَدَّ) لِلْبَيْعِ إذَا حَصَلَ (مِنْ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي زَمَنِهِ (إلَّا الْإِجَارَةَ) وَالْإِسْلَامَ لِتَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ فَلَيْسَتْ رَدًّا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُمَا عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ. الْحَطّ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ اسْتَثْنَاهُ لَكَانَ حَسَنًا وَهُوَ إسْلَامُهُ لِلصَّنْعَةِ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اسْتَثْنَاهُ مَعَ الْإِجَارَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ افْتَرَقَ الْجَوَابُ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَفَ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي سَقَطَ وَإِنْ رَدَّ مَضَى، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ سَقَطَ سَوَاءٌ رَدَّ الْبَائِعُ أَوْ أَمْضَى لِإِعْتَاقِهِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي ضَمَانِهِ. .
(وَلَا يُقْبَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا دَعْوَاهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ (أَنَّهُ اخْتَارَ) فِيهِ الْإِمْضَاءَ لِلْبَيْعِ (أَوْ) اخْتَارَ فِيهِ (رَدَّ) الْبَيْعِ، وَصِلَةُ لَا يَقْبَلُ (بَعْدَهُ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ وَشَمِلَ كَوْنَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا وَغَابَ الْآخَرُ وَقَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ بَائِعٌ أَنَّهُ أَمْضَى أَوْ مُشْتَرٍ أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِيهَا إنْ اخْتَارَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَدًّا أَوْ إجَازَةً وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ جَازَ عَلَى الْغَائِبِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى إشْهَادٍ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَإِنْ أَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِشْهَادٍ وَإِنْ أَرَادَ رَدَّهُ فَلْيُشْهِدْ. اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الرَّدُّ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءُ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ
وَلَا يَبِعْ مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ، أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ؟ قَوْلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِ صُوَرٍ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ. .
(وَلَا يَبِعْ) بِتَقْدِيمِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَجَزْمِ الْمُضَارِعِ بِلَا النَّاهِيَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ يَبِيعُ بِرَفْعِهِ بِالتَّجَرُّدِ وَلَا نَافِيَةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ. الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى لَا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُنْتَخَبِ تُفِيدُ الْمَنْعَ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي نُسْخَةٍ بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْإِجَارَةِ أَيْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَيْعُ مُشْتَرٍ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا، فَالْبَيْعُ أَوْلَى فَالصَّوَابُ نُسْخَةُ الْمُضَارِعِ مَجْزُومًا أَوْ مَرْفُوعًا لِمُوَافَقَتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ قَبْلَ إخْبَارِ الْبَائِعِ بِاخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ إنْ حَضَرَ أَوْ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ (فَهَلْ يُصَدَّقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ) كَانَ (اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ) وَهَذَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا) أَيْ بَائِعِ السِّلْعَةِ (نَقْضُهُ) أَيْ فَسْخُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَأَخْذِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: فَإِنْ بَاعَ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَطَرَحَ سَحْنُونٌ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ: إنَّمَا فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْت سِلْعَتِي وَمَا فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي. وَأَمَّا نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُبْتَاعِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ، فَلَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَ السِّلْعَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي " ق "، وَبِهِ شَرْحُ الْخَرَشِيِّ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ لَتَنَزَّلَ عَلَى هَذَا.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالرِّوَايَاتِ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْهَا الْبَائِعُ، وَقَيَّدَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فَقَالَا: يُرِيدُ لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: وَاحْتَرَزَا بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْمُوَضِّحُ كَانَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ رَأَى أَنَّ قَوْلَهُ، وَكَذَّبَهُ يُنَاسِبُ أَنَّهَا دَعْوَى مُحَقَّقَةٌ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: وَلَا يَبِيعُ مُشْتَرٍ قَبْلَ مُضِيِّهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ، وَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهُ بِيَمِينٍ إنْ كَذَّبَهُ رَبُّهَا لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ أَوْ لِرَبِّهَا رَدُّ الْبَيْعِ أَوْ لَهُ الرِّبْحُ فَقَطْ أَقْوَالٌ. الثَّانِي: فِي الرِّوَايَةِ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْت قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ فَالرِّبْحُ لِرَبِّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ. الثَّالِثُ: قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ. الرَّابِعُ: اللَّخْمِيُّ لَوْ فَاتَ مَبِيعُ الْمُبْتَاعِ وَالْخِيَارُ لِبَائِعِهِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَالْقِيمَةُ وَعَكْسُهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. الْخَامِسُ: إنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلِمَ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا أَخْتَارُ الْآنَ عَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ اخْتِيَارِي قَبْلُ فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا بَيْعَهُ مَنْزِلَةَ اخْتِيَارِهِ رَدَّهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَظَهَرَ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَهُ وَبَاعَهُ
وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ، وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ. .
وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ؛ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ وَلِوَارِثٍ.
وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ.
ــ
[منح الجليل]
وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَانْقَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَلَا يُعَارَضُ قَوْلُهُمْ تَلْزَمُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ لِأَنَّهَا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قَالَهُ " د ". .
(وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ مُكَاتَبٌ بِخِيَارِهِ وَعَجَزَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (انْتَقَلَ) الْخِيَارُ (لِسَيِّدِ) شَخْصٍ (مُكَاتَبٍ) بَائِعٍ أَوْ مُبْتَاعٍ بِخِيَارٍ لَهُ (عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ زَمَنَ خِيَارِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَرُقَّ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَلَا يَبْقَى بِيَدِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَفَلَّسَ أَوْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ (لِ) شَخْصٍ (غَرِيمٍ) أَيْ رَبِّ دَيْنٍ (أَحَاطَ دَيْنَهُ) بِمَالِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ. وَشَرْطُ اخْتِيَارِ الْغَرِيمِ الْأَخْذُ كَوْنُهُ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَأَوْفَرَ لِتَرِكَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، زَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَوْنَ الرِّبْحِ لِلْمَيِّتِ وَالنَّقْصِ عَلَى الْغَرِيمِ، قَالَ: فَإِنْ اخْتَارُوا الرَّدَّ وَالْأَخْذُ أَرْجَحُ فَلَا يُجْبَرُونَ.
(وَ) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَالْكَلَامُ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَ (لَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) لِلْمُشْتَرِي فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَ) الْوَارِثُ الْمَبِيعَ (بِمَالِهِ) أَيْ الْوَارِثِ بَعْدَ رَدِّ الْغُرَمَاءِ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِلْبَائِعِ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلِ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ خِيَارُ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِخِيَارِهِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِهِ (لِوَارِثٍ) وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ مُتَّفَقٍ. قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْوَصِيُّ مَعَ الْكَبِيرِ كَوَارِثٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَوْصِيَاءُ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ. .
(وَ) إنْ تَعَدَّدَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ لَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِجَازَةِ وَالرِّدَّةِ فَ (الْقِيَاسُ) عِنْدَ أَشْهَبَ وَهُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي حُكْمِهِ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عِلَّتِهِ عِنْدَ الْحَامِلِ وَإِنْ خَصَّ بِالصَّحِيحِ حَذْفَ الْأَخِيرِ قَالَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَخَبَرُ الْقِيَاسِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ (إنْ رَدَّ) بَيْعَهُ (بَعْضُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ فَيُجْبَرُ الْمُجِيزُ عَلَى الرَّدِّ مَعَ مَنْ رَدَّ لِانْتِقَالِ
إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ.
وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ؟ .
ــ
[منح الجليل]
حِصَّةِ الرَّادِّ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الرَّدِّ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْعِيضُ الصَّفْقَةِ وَلَا بَيْعُ نَصِيبِ مَنْ رَدَّ لِمَنْ أَجَازَ وَمُوَرِّثُهُمْ إنَّمَا كَانَ لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ رَدُّ الْجَمِيعِ فَقِيَاسُهُمْ عَلَيْهِ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ بِجَامِعِ ضَرَرِ التَّبْعِيضِ. وَفِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ أَشْهَبُ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ سِلْعَةً بِخِيَارٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَرُدُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَخْتَارُ الْإِمْضَاءَ فَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الَّذِي وَرِثُوا عَنْهُ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ بَعْضِ السِّلْعَةِ وَقَبُولُ بَعْضِهَا، بَلْ إذَا رَدَّ الْبَعْضُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مُوَرِّثِهِمْ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عِنْدَ رَدِّ بَعْضِهِمْ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ اهـ. (وَالِاسْتِحْسَانُ) عِنْدَهُ أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ لَا نَفْسُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَهُوَ هُنَا (أَخْذُ) الْوَارِثِ (الْمُجِيزِ) شِرَاءَ مُوَرِّثِهِ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مُوَرِّثُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ الْمُوَرِّثِ فَإِنْ أَبَى أَخْذَ الْجَمِيعِ جُبِرَ عَلَى الرَّدِّ مَنْ رَدَّ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نَصِيبِهِ فَقَطْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ. .
(وَ) إنْ بَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَأَجَازَ بَيْعَهُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ فَ (هَلْ وَرَثَةُ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ) شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِمَا فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِيهِمْ. الْحَطّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ، لَكِنْ يَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ
تَأْوِيلَانِ
وَإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ.
وَنُظِرَ الْمُغْمَى، وَإِنْ طَالَ فُسِخَ.
ــ
[منح الجليل]
وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُدْخِلٌ السِّلْعَةَ فِي مِلْكِهِ وَيَنْزِلُ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُخْرِجٌ السِّلْعَةَ مِنْ مِلْكِهِ فَيُقَالُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْمُجِيزِ، فَيَلْزَمُ الرَّادَّ الْإِجَازَةُ فِي حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ثَمَنِ نَصِيبِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ وَيَدْفَعُ لِلْمُجِيزِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ فَلَيْسَ لِمَنْ رَدَّ أَخْذُ نَصِيبِ الْمُجِيزِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْ الْمُشْتَرِي لَا لِلْوَارِثِ، بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُجِيزَ مِنْهُمْ يَقُولُ لِلْبَائِعِ: أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِكَ لِمُوَرِّثِي بِهَذَا الثَّمَنِ وَأَنَا قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي دَفْعِهِ لَكَ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا لِمَنْ صَارَ لَهُ نَصِيبُ الْمُجِيزِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. .
(وَإِنْ) بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَ (جُنَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعُلِّمَ بِعَلَامَةٍ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ يَضُرُّ بِالْعَاقِدِ الْآخَرِ (نَظَرَ، السُّلْطَانُ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ وَالْحُكْمِ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ نَائِبَهُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ. فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ جُنَّ فَأُطْبِقَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَهُ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِي الْأَخْذِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ يُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ. .
(وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (نُظِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اُنْتُظِرَ الشَّخْصُ (الْمُغْمَى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ حَتَّى يُفِيقَ وَيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ إفَاقَتُهُ عَنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ حَتَّى يَضُرَّ بِالْآخَرِ (وَإِنْ طَالَ) زَمَنُ إغْمَائِهِ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبَيْعُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ إغْمَاؤُهُ أَيَّامًا فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ، خِلَافَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنَّمَا الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ اهـ.
وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ، وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ، وَالضَّمَانُ مِنْهُ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ.
ــ
[منح الجليل]
الْبُنَانِيُّ وَلَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالطُّولِ الزَّائِدِ عَلَى أَمَدِ الْخِيَارِ لِأَنَّ أَيَّامَهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَفَاقَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اخْتَارَ فِي الْيَوْمِ الْبَاقِي وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُؤَامِرَ نَفْسَهُ ثَلَاثًا وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي زِيَادَةِ يَوْمَيْنِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِهَا إلَّا الرَّدُّ. الْحَطّ وَهَلْ الْمَفْقُودُ كَالْمُغْمَى أَوْ كَالْمَجْنُونِ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الثَّانِي. .
(وَالْمِلْكُ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (لِلْبَائِعِ) فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ مِلْكٍ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لَا تَقْرِيرٌ. وَقِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ فَالْإِمْضَاءُ تَقْرِيرٌ لَا نَقْلٌ، لَكِنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ، فَلِذَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِاتِّفَاقِهِمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ (وَمَا) أَيْ الْمَالُ الَّذِي (يُوهَبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ (لِلْعَبْدِ) الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلَهُ مَا يُوهَبُ زَمَنَهُ (وَالْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ أَيَّامَ الْخِيَارِ لِلْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْضٍ وَلَبَنٍ وَأُجْرَةِ عَمَلٍ لِلْبَائِعِ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ) عَلَى مَبِيعٍ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ (لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ، أَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ. (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) الَّذِي تَلِدُهُ الْأُنْثَى الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٌ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ (وَالضَّمَانُ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ فِيهِ (مِنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُظْهِرْ كَذِبَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَثَبَتَ تَلَفُهُ بِبَيِّنَةٍ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَائِعُهُ فِي دَعْوَاهُ (حَلَفَ) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا.
وَقِيلَ: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ بِأَنْ يَقُولَ: لَقَدْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ وَمَا فَرَّطْت، وَيَقُولُ غَيْرُ
إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ يُغَابَ عَلَيْهِ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ،
ــ
[منح الجليل]
الْمُتَّهَمِ: مَا فَرَّطْت فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى تَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ الزَّمَنِ الَّذِي ادَّعَى التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ فِيهِ، أَوْ بِإِيدَاعِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَتَكْذِيبِ مَنْ اسْتَشْهَدَهُ عَلَى مُعَايَنَةِ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى مَوْتُهُ فِيهِ سُئِلَ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، فَإِنَّ قِيَامَهَا عَلَيْهِ مُتَعَذِّرٌ إذْ الْعَبْدُ لَا يُرْصَدُ لِإِبَاقِهِ إلَّا الْخَلْوَةَ قَوْلُهُ حَلَفَ مُشْتَرٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَنَازَعَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ هَلْ هَلَكَتْ فِيهِ وَبَعْدَهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِخِيَارٍ لَهُ فَهَلَكَ فَقَالَ: هَلَكَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ وَقَالَ الْبَائِعُ: بَعْدُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ طَلَبَ نَقْضَ الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. الشَّيْخُ يَعْنِي وَاتَّفَقَا عَلَى مُضِيِّ الْأَمَدِ فَلَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: لَمْ يَنْقَضِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَرَادَ تَضْمِينَهُ.
وَعَطَفَ عَلَى يَظْهَرُ فَقَالَ: (أَوْ يُغَابُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ بِأَنْ يُمْكِنَ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ سَالِمًا كَثَوْبٍ فَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِضَيَاعِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِيهَا إنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ بِيَمِينِهِ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَضَمِنَ) الشَّخْصُ (الْمُشْتَرِي) بِخِيَارِ مَا أَتْلَفَهُ أَوْ ضَيَّعَهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (إنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الشَّخْصُ (الْبَائِعُ) أَيْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لَهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ، وَالرَّدَّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ. الْبِسَاطِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ اسْتِفْسَارُهُ قَبْلَ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَمْضَى فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ رَدَّ فَلَهُ
إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَالثَّمَنُ كَخِيَارِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ. .
وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا فَرَدٌّ، وَخَطَأً، فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ.
وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ
ــ
[منح الجليل]
الْقِيمَةُ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ (فَالثَّمَنُ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْقِيمَةِ الزَّائِدَةِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ أَوْ تَسَاوَيَا غَرِمَ الثَّمَنَ بِلَا يَمِينٍ. وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ فَقَالَ (كَ) : تَلَفِ أَوْ ضَيَاعِ مَا فِي (خِيَارِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ غَرِمَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَ فَبِدُونِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَبَعْدَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ.
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وَكَغَيْبَةِ) شَخْصٍ (بَائِعٍ) عَلَى مَبِيعِهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْبَائِعِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَضْمَنُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ أَوْ تَلِفَ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَمَفْهُومُ وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. .
(وَإِنْ جَنَى) شَخْصٌ (بَائِعٌ) عَلَى مَبِيعِهِ زَمَنَ الْخِيَارِ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ (لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَجَنَى (عَمْدًا) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَ) عَمْدُهُ (رَدٌّ) لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ رَدًّا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهِ سَالِمًا فَرَدُّهُ لِلْبَائِعِ بِوَاسِطَةِ تَعْيِيبِهِ الْمَبِيعَ لَا يَصْدُرُ مِنْ عَاقِلٍ (وَ) إنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ (خَطَأً) فَلَهُ إمْضَاءُ الْبَيْعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي لِأَنَّ جِنَايَتَهُ خَطَأً لَيْسَتْ رَدًّا لِلْبَيْعِ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهِ لِمُنَافَاةِ الْخَطَأِ لِقَصْدِ الْفَسْخِ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ (فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ) بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ زَمَنَ الْخِيَارِ كَالْقَدِيمِ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لَهُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ
فِيهِمَا، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ أَخْذُ الْجِنَايَةِ.
وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ، وَإِنْ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصًا، أَوْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ.
وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ.
ــ
[منح الجليل]
فِيهِمَا) أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَإِنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (غَيْرُهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي (وَتَعَمَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تُتْلِفْهُ (فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ) لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالنَّقِيصَةِ (أَوْ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ) وَهُوَ مَا حَدَّهُ الشَّارِعُ كَنِصْفِ عُشْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُوضِحَةِ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى وَالْعُشْرُ وَنِصْفُهُ فِي مُنَقِّلَتِهِمَا، وَالثُّلُثُ فِي الْآمَّةِ أَوْ الْجَائِفَةِ. وَإِنْ بَرِئْنَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا عَنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُسَمًّى. إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَاسْتُشْكِلَ أَخْذُ الْمُشْتَرِي أَرْشَ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ وَمَضْمُونِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ جَنَى عَلَى مَا لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ وَأَجَابَ " د بِاتِّهَامِ الْبَائِعِ عَلَى قَصْدِ الرَّدِّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ. .
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (ضَمِنَ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ لِحُجَّةِ الْمُشْتَرِي بِاخْتِيَارِ الرَّدِّ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالْقِيمَةِ إذْ لِلْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ رَدَّ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَجَازَ ضَمِنَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ (وَإِنْ أَخْطَأَ) الْبَائِعُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تَتْلَفْ وَهُوَ لِغَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ حَالَ كَوْنِهِ (نَاقِصًا) بِلَا أَخْذِ أَرْشٍ مِنْ الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ لِهَادِيهِ مَقْدِرَةٌ، وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ لِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهِ لِعُذْرِهِ بِالْخَطَأِ (أَوْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَخِيَارِ النَّقْصِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَيْهَا خَطَأً وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ. .
(وَإِنْ جَنَى) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) عَلَى شَيْءٍ مَبِيعٍ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ
وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا، وَخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَجَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ.
فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ. .
ــ
[منح الجليل]
لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (وَلَمْ يُتْلِفْهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا (عَمْدًا فَهُوَ) أَيْ فِعْلُ الْمُشْتَرِي (رِضًا) بِالشِّرَاءِ (وَ) إنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ (خَطَأً فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي (وَ) دَفَعَ أَرْشَ (مَا نَقَصَ) لِبَائِعِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي مَالِ الْغَيْرِ، وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ مَعِيبًا بِلَا أَرْشٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ، وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ. الْمُصَنِّفُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِلْبَائِعِ إنْ تَمَاسَكَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِبِنَائِهِ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ وَالْأَوْلَى وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِيَشْمَلَ أَرْشَ نَحْوِ الْمُوضِحَةِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِهِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ (وَإِنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (غَيْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (وَجَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي رَدُّ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ أَوْ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ (الثَّمَنِ) ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِيهِمَا، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ وتت وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ " ح " عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي الْخَطَأِ بَيْنَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَتَرْكِهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ. .
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ إذْ لِلْبَائِعِ إمْضَاؤُهُ الْقِيمَةَ إذْ لَهُ رَدُّهُ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَالرَّدَّ، وَإِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي غُلِّبَ جَانِبُ الْبَائِعِ. ابْنُ عَرَفَةَ جِنَايَةُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً لَغْوٌ، فَإِنْ رَدَّ غَرِمَ نَقْصَ الْقَلِيلِ وَفِي غُرْمِهِ
وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ. وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا،
ــ
[منح الجليل]
لِلْمُفْسِدِ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، ثَالِثُهَا أَقَلُّهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَوْ قِيلَ: لَكَانَ وَجْهًا، ثُمَّ قَالَ: وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً تُوجِبُ تَخْيِيرَ الْمُبْتَاعِ، وَعَمْدًا فِي كَوْنِهَا دَلِيلَ رَدِّهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، ثُمَّ قَالَ: وَجِنَايَتُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَطَأً كَأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْجِنَايَةِ وَالثَّمَنِ لَا أَعْرِفُهُ وَيَضُرُّ بِالْمُبْتَاعِ وَعَمْدًا لِلْبَائِعِ إلْزَامُهُ الْبَيْعَ أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ بِقَتْلٍ خَطَأً فَسْخٌ، وَعَمْدًا يَلْزَمُهُ فَضْلُ قِيمَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ وَبِنَقْصٍ خَطَأً لَغْوٌ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، وَعَمْدًا لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. .
(وَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) مَثَلًا غَيْرَ مُعَيِّنٍ (وَقَبَضَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ (لِيَخْتَارَ) أَيْ يُعَيِّنَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا لِلشِّرَاءِ وَيَرُدَّ الْآخَرَ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ (فَادَّعَى) الْمُشْتَرِي (ضَيَاعَهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ مَعًا بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ. الرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ ضَمَانُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (وَاحِدًا) مِنْهُمَا (بِالثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنُ الثَّمَنَ خَاصَّةً (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِوَاحِدٍ إلَّا لِقَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِإِيهَامِهِ ضَمَانَ الْآخَرِ بِالْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِإِلْزَامٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي وَلَزِمَهُ نِصْفُ التَّالِفِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يَسْأَلْ الْبَائِعَ إقْبَاضَهُمَا، بَلْ (وَلَوْ سَأَلَ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (فِي إقْبَاضِهِمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ لَهُ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِهِ الثَّانِي الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ تَطَوُّعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا لَهُ فَيَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ، وَبَيْنَ سُؤَالِ
أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي
ــ
[منح الجليل]
الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُمَا فَيَضْمَنُهُمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْبُنَانِيُّ.
وَالظَّاهِرُ عَلَى الثَّانِي ضَمَانُ الثَّانِي بِالثَّمَنِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَرْدُودَ بِوَلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي قَوْلِهِ كَخِيَارِهِ هُوَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ، وَأَنَّ الْقَائِلَ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ بَعْدَ حَلِفِهِ هُوَ أَشْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَوْ) ادَّعَى (ضَيَاعَ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (نِصْفَهُ) أَيْ الضَّائِعِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الضَّائِعِ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ فَضَمِنَ النِّصْفَ عَمَلًا بِالِاحْتِمَالَيْنِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ضَمَانَهُ إنْ كَانَ لِلتُّهْمَةِ فَكَانَ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ لِاسْتِحَالَةِ تُهْمَتِهِ فِي نِصْفِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَلَا يَضْمَنُ نِصْفَهُ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ شَرْطَ إيجَابِ تُهْمَتِهِ ضَمَانَهُ كَوْنُهَا فِي مُشْتَرًى لَهُ وَمُشْتَرَاهُ أَحَدَهُمَا مُبْهَمًا فَفُضَّ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ مُشْتَرَاهُ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَصَارَ كَثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مُشْتَرًى بِخِيَارٍ وَالْآخَرُ وَدِيعَةٌ ادَّعَى تَلَفَهُمَا (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (اخْتِيَارُ) جَمِيعِ الثَّوْبِ (الْبَاقِي) وَلَهُ رَدُّهُ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنَّمَا لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِذَا اخْتَارَ جَمِيعَ الْبَاقِي لَزِمَ كَوْنُ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، وَبِمِثْلِهِ يُقْتَنَعُ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ، وَفِي اخْتِيَارِ نِصْفِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فَلَا يُرْتَكَبُ، فَإِنْ قَالَ: اخْتَرْت الْبَاقِي ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ فَلَا يُصَدَّقُ
كَسَائِلٍ دِينَارًا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ، فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ،.
ــ
[منح الجليل]
قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَإِنْ قَالَ: اخْتَرْ التَّالِفَ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ وَأَشْعَرَ ذِكْرُهُ ثَوْبَيْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ضَيَاعِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ كَقَبْضِهِ عَبْدَيْنِ لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَخُيِّرَ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَرَدِّهِ، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ ثُمَّ أَرَادَ الِاخْتِيَارَ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّيَا فِيمَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَإِنْ مَضَتْ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا أَوْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا اهـ. أَبُو الْحَسَنِ الْقُرْبُ يَوْمَانِ وَالْبُعْدُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ، " ح " وَمَفْهُومُ ثَوْبَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ كَعَبْدَيْنِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ اهـ.
وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ فَقَالَ: (كَ) شَخْصٍ (سَائِلٍ) أَيْ طَالِبٍ مِنْ آخَرَ (دِينَارًا) قَرْضًا أَوْ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ (فَيُعْطَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ السَّائِلُ (ثَلَاثَةً) مِنْ الدَّنَانِيرِ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا لِنَفْسِهِ وَيَرُدَّ اثْنَيْنِ (فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ) مِنْ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، زَادَ سَحْنُونٌ فِي الْأُمَّهَاتِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَسْقَطَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَاعْتَرَضَهُ عَلَى سَحْنُونٍ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يُعْلَمَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لُزُومُهُ فِي الدَّنَانِيرِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
بِالْعَقْدِ وَالْمُرَتَّبُ بِاخْتِيَارِ تَعْيِينِهِ لَا لُزُومِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَحَدَهُمَا وَالدَّنَانِيرُ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَحَدُهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا لِتَوَقُّفِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْهَا عَلَى كَوْنِهِ وَازِنًا.
فَيَكُونُ شَرِيكًا. وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا، فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَهُمَا بِيَدِهِ، وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ.
ــ
[منح الجليل]
فَيَكُونُ) قَابِضُ الدَّنَانِيرِ (شَرِيكًا) فِيهَا لِدَافِعِهَا (بِالثُّلُثِ) فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفَيْنِ فَلَهُ ثُلُثُ السَّالِمِ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الدَّافِعُ فِي تَلَفِ الِاثْنَيْنِ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَضْمَنُ الثُّلُثَيْنِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُمَا فَإِنْ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ يَزِنَهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا طِيبًا وَازِنًا أَخَذَهُ وَإِلَّا رَدَّ جَمِيعَهَا وَزَعَمَ تَلَفَهَا أَوْ بَعْضِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ وَإِنْ قَبَضَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ضَمِنَهَا كُلَّهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الضَّيَاعَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ بِيَمِينٍ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ الشَّخْصُ اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارَ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا (لِيَخْتَارَهُمَا) لِلشِّرَاءِ مَعًا أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (فَكِلَاهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ (مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ) أَيْ الثَّوْبَانِ الْمُشْتَرِي (بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) لِلْخِيَارِ (وَهُمَا) أَيْ الثَّوْبَانِ (بِيَدِ) هـ أَيْ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ. وَإِنْ كَانَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَهُمَا مَعًا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُمَا بِهِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَالْمُذَاكِرِينَ لَوْ كَانَ الْهَالِكُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ.
ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهَ أَوْ التَّبَعَ لِأَنَّ ضَمَانَهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ يَحْتِمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ حَتَمْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ التَّبَعِ (وَ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ (فِي اللُّزُومِ) أَيْ بِهِ لَا بِالْخِيَارِ (لِأَحَدِهِمَا) وَمَضَتْ أَيَّامُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ أَوْ الْبَائِعِ (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَبِيعٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا وَكَذَا إنْ ضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ فَضَاعَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمَا تَلِفَ بَيْنَهُمَا وَمَا
وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. .
ــ
[منح الجليل]
بَقِيَ بَيْنَهُمَا، وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ الثَّوْبِ الْبَاقِي كُلِّهِ وَلَوْ ذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. أَبُو الْحَسَنِ شِرَاءُ الثَّوْبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا بِخِيَارٍ وَحْدَهُ أَوْ بِاخْتِيَارٍ وَحْدَهُ، وَإِمَّا بِخِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَيَمْضِي أَيَّامَ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ وَيَنْقُضُ الْبَيْعَ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ.
(أَوْ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا لِيَخْتَارَهُ وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (فِي الِاخْتِيَارِ) فَمَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَهُمَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَ (لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (شَيْءٌ) مِنْهُمَا إذْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ. الْحَطّ ابْنُ يُونُسَ بِأَثَرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَهُوَ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى غَيْرِ إلْزَامٍ، فَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَخْذٍ فَيُشَارِكُ، فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي شِرَائِهِمَا يَلْزَمَانِهِ، وَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا بِإِيجَابٍ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ، وَفِي أَخْذِهِ عَلَى الْخِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى وَفِي الِاخْتِيَارِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.
وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الثَّوْبَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ أَوْ خِيَارٌ فَقَطْ أَوْ اخْتِيَارٌ فَقَطْ، وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِي ضَيَاعِهِمَا مَعًا، وَفِي ضَيَاعِ أَحَدِهِمَا وَفِي مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَهُمَا بَاقِيَانِ بِيَدِهِ، فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ، الْأُولَى: الْخِيَارُ وَالِاخْتِيَارُ أَشَارَ إلَى حُكْمِ ضَيَاعِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهَا بِقَوْلِهِ إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي، وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فِيهَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْخِيَارُ الْمُجَرَّدُ، فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُمَا بِيَدِهِ، وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ: وَهِيَ الِاخْتِيَارُ الْمُجَرَّدُ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ
وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا.
ــ
[منح الجليل]
النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ ضَاعَا مَعًا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعْلُومُ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ لِبَائِعِهِ (بِ) سَبَبِ (عَدَمِ) وُجُودِ وَصْفٍ (مَشْرُوطٍ) وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَهُ (فِيهِ غَرَضٌ) صَحِيحٌ بِإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ سَوَاءٌ كَانَ يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ كَكَوْنِ الْأَمَةِ طَبَّاخَةً وَلَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ أَوْ لَا (كَ) شَرْطِ (ثَيِّبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَوْنِ الْأَمَةِ ثَيِّبًا (لِيَمِينٍ) مِنْ مُشْتَرِيهَا أَنَّهُ لَا يَطَأُ بِكْرًا (فَيَجِدُهَا بِكْرًا) فَلَهُ رَدُّهَا لِبَائِعِهَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْيَمِينِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ، كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً لِيُزَوِّجَهَا لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ الثَّابِتِ فَيَجِدُهَا مُؤْمِنَةً. وَالْفَرْقُ خَفَاءُ الْيَمِينِ غَالِبًا، وَفِي تَمْثِيلِ " غ " وتت بِحَلِفِهِ لَا يَمْلِكُ بِكْرًا نُظِرَ لِحِنْثِهِ بِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الثَّيِّبِ وَلَوْ فَاسِدًا وَلَوْ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ، بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لِلْحِنْثِ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّدِّ قَالَهُ عِبْ. الْبُنَانِيُّ تَعْبِيرُهُمَا بِأَنْ لَا يَمْلِكَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَصْلُهَا فِي الْبَيَانِ عَنْ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ، وَنَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ: كُتِبَ إلَيَّ مِنْ فَاسَ بِمَسَائِلَ مِنْهَا رَجُلٌ ابْتَاعَ جَارِيَةً وَشَرَطَهَا ثَيِّبًا فَأَلْفَاهَا بِكْرًا فَأَرَادَ رَدَّهَا هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَيْت إنْ كَانَ شَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ لِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ افْتِضَاضًا، وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ الظَّاهِرِ الْمَعْرُوفِ فَلَهُ رَدُّهَا وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ اهـ.
طفي فَقَوْلُ عج فِي التَّمْثِيلِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيَاسُهُ غَيْرُ صَوَابٍ. اهـ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَاشْتَرَى فَاسِدًا وُجِدَتْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الشِّرَاءِ وَحَلَفَ هُنَا أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا وَاشْتَرَى بِشَرْطِ الثُّيُوبَةِ فَحَيْثُ انْتَفَى الشَّرْطُ فَلَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ فَلَمْ يَمْلِكْ بِكْرًا حَتَّى يَحْنَثَ، وَبِهَذَا يَرُدُّ مَا اُخْتِيرَ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ الرَّدِّ جَمْعًا بَيْنَ الْمَنْصُوصِ، وَمَا لعج. وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ إنَّمَا ثَبَتَ خِيَارُهُ خَشْيَةَ حِنْثِهِ فَإِذَا حَنِثَ فَلَا مُوجِبَ لِخِيَارِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ لِوَجْهٍ
وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ.
ــ
[منح الجليل]
يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْيَمِينِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ " ح " مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي الْيَمِينِ، وَإِذَا كَانَ شَرْطُ الثُّيُوبَةِ مَعْمُولًا بِهِ فَأَوْلَى شَرْطُ الْبَكَارَةِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْبَائِعُ أَنَّهُ وَجَدَهَا بِكْرًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ، فَإِنْ قَطَعْنَ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْنَ وَرَأَيْنَ أَثَرًا قَرِيبًا حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهَا بِكْرًا إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إزَالَةَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَرَيْنَ أَثَرًا حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ بَعْدَ حَلِفِ الْبَائِعِ.
وَيُرَدُّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ إنْ شَرَطَ صَرِيحًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُصَوِّرًا (بِمُنَادَاةٍ) مِنْ الدَّلَالِ مُسْتَنِدَةٍ لِزَعْمِ الرَّقِيقِ يَأْمَنُ مَنْ يَشْتَرِي مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ مَثَلًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِعَدَمِهِ. " ح " أَشَارَ إلَى مَا فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ. قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يَبِيعُ الْمِيرَاثَ فَيَبِيعُ الْجَارِيَةَ فَيُصَاحُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ الصَّائِحُ: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا مِنْهُمْ إنَّمَا يَقُولُونَ أَنَّهَا تَزْعُمُ ثُمَّ يَجِدُهَا غَيْرَ عَذْرَاءَ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا قَالَ: أَرَى ذَلِكَ، قِيلَ: لَهُ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَمْ نَشْرِطْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِأَمْرٍ زَعَمَتْهُ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ يَكُونُوا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَأَمَّا إنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَظُنُّ ذَلِكَ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنَّهَا تَنْصِبُ الْقُدُورَ وَتَخْبِزُ وَيَقُولُونَ: إنَّهَا تَزْعُمُ وَلَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، فَإِذَا هِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَإِنِّي أَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ لَا يُخْبِرُوا شَيْئًا، فَلَا أَرَى عَلَيْهِمْ شَيْئًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ مِثْلَ هَذَا فِي رَسْمِ الْبُيُوعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ، وَفِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ سَوَاءٌ قَالَ فِي الْجَارِيَةِ: أَبِيعُهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ عَلَى أَنَّهَا رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ أَوْ وَصَفَهَا بِذَلِكَ فَقَالَ: أَبِيعُهَا مِنْكَ وَهِيَ عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ صَنَّاعَةٌ أَوْ أَبِيعُهَا مِنْك وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ ذَلِكَ كُلُّهُ كَالشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَلَى صِفَةِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ قَالَتْ عِنْدَ بَيْعِهَا: إنِّي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَا تَبْرَأُ، فَقَدْ أَوْهَمَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِيمَا زَعَمَتْ فَكَأَنَّهُ قَدْ بَاعَ ذَلِكَ وَشَرَطَهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الشَّرْطُ مِنْ الْوَصْفِ فِي النِّكَاحِ
لَا إنْ انْتَفَى
وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَعَوَرٍ وَقَطْعٍ، وَخِصَاءٍ.
ــ
[منح الجليل]
لَا) يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ (إنْ انْتَفَى) الْحَطّ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْمُقَابِلَةِ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَالضَّمِيرُ الْغَرَضُ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَرَضِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ انْتَفَيَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ، فَإِنَّهُ يُلْغَى كَشَرْطِهِ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا. وَفِي الْأَمَةِ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَيَجِدُهَا بِكْرًا وَلَا عُذْرَ لَهُ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْغَرَضُ. الْحَطّ فِي السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ بِفَاسِدٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاءِ بِهِ مَنْفَعَةٌ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا كَتَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ. .
(وَ) رُدَّ الْمَبِيعُ (بِ) وُجُودٍ (مَا) أَيْ عَيْبٍ فِيهِ (الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) مُنَقِّصٌ لِلثَّمَنِ كَإِبَاقٍ وَسَرِقَةٍ أَوْ لِلذَّاتِ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ أَوْ لِلتَّصَرُّفِ كَعُسْرٍ وَتَخَنُّثٍ أَوْ مَخُوفِ الْعَاقِبَةِ كَجُذَامِ أَصْلٍ (كَعَوَرٍ) وَأَوْلَى عَمَى وَالْمَبِيعُ غَائِبٌ أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يُبْصِرُ إنْ كَانَ ظَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ وَإِبْصَارِ مُشْتَرِيهِ وَذَهَابُ بَعْضِ نُورِ الْعَيْنِ كَذَهَابِهِ كُلِّهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِبَاقَ وَالسَّرِقَةَ وَلَوْ فِي صَغِيرٍ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي صَبِيٍّ يَأْبَقُ مِنْ الْكُتَّابِ ثُمَّ يُبَاعُ كَبِيرًا فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَيْبُ الرَّدِّ مَا نَقَصَ الثَّمَنَ كَعَوَرٍ وَبَيَاضِ عَيْنٍ وَصَمَمٍ وَخَرَسٍ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُرَدُّ صَغِيرٌ وُجِدَ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي صِغَرِهِ. (وَقَطْعٍ) لِبَعْضِ الْجَسَدِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَلَوْ لِأُصْبُعٍ. اهـ. الْحَطّ وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ لِأُصْبُعٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَطْعَ دُونَ الْأُصْبُعِ خَفِيفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ عَيْبٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَقَطْعٌ وَإِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ عَلَى الْمَنْصُوصِ. اهـ. الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ تَخْرِيجٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصٌّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (وَخِصَاءٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَالْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالرَّتْقُ
وَاسْتِحَاضَةٍ، وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَعَسَرٍ،.
ــ
[منح الجليل]
وَالْإِفْضَاءُ، زَادَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِ أَيْ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَزِيَادَةِ ثَمَنِ الْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ فَتُرَدُّ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُهَا قَالَهُ فِي الْجَلَّابِ وَالْجَبُّ كَالْخِصَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ فَحْلِ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ مُعَدٍّ لِعَمَلٍ فَلَا يُرَدُّ بِخِصَائِهِ إذْ الْعَادَةُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَّا الْخَصِيُّ. وَقِيلَ: لَحْمُ فَحْلِ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ خَصِيِّهِ وَالْحَقُّ الرُّجُوعُ فِي هَذَا لِلْعُرْفِ قَالَهُ عج (وَاسْتِحَاضَةٍ) فِي عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَفِي الشَّامِلِ وَقَيَّدَ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ حَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ وَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَلَا رَدَّ بِهَا إنْ قَبَضَهَا فِي نَقَاءٍ مِنْ حَيْضِهَا، فَإِنْ قَبَضَهَا فِي أَوَّلِهِ وَتَمَادَى اسْتِحَاضَةً فَلَهُ رَدُّهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ لِلْبَاجِيِّ رَوَى مُحَمَّدٌ مُدَّةُ الِاسْتِحَاضَةِ الَّتِي هِيَ عَيْبٌ شَهْرَانِ (وَرَفْعِ) أَيْ تَأَخُّرِ (حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) عَنْ وَقْتِ مَجِيئِهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ لِمِثْلِهِ. ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فِي الْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لَا فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْمُقَرَّبِ وَالْمُخْتَصَرِ. ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَتَّابٍ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَتَّى فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ: لَا أَصْبِرُ عَلَى ارْتِفَاعِ حَيْضَتِهَا كَمَا أَنَّ حَمْلَهَا عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ انْتَهَى، هَذَا كُلُّهُ إذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ قِدَمَهُ، فَإِنْ عَلِمَ قِدَمَهُ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا.
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ وَسِنُّهَا سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشِبْهُهَا فَعَيْبٌ فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ فَارِهَةً أَوْ دَنِيَّةً أَوْ مِنْ سَبْيِ الْعَجَمِ. وَفِي الشَّامِلِ لَا تُرَدُّ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكٌ " رضي الله عنه " شَهْرًا وَلَا شَهْرَيْنِ، وَعَنْهُ أَنَّ ارْتِفَاعَهَا شَهْرَيْنِ عَيْبٌ وَقِيلَ: شَهْرٌ وَنِصْفٌ. وَقِيلَ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى طَالَ طَوْلًا يَظُنُّ مَعَهُ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَعَيْبٌ انْتَهَى (وَعَسَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَضَعْفُ الْيُمْنَى فِي ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ
وَزِنًا، وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ، وَزَعَرٍ وَزِيَادَةِ سِنٍّ، وَظُفُرٍ، وَعُجَرٍ، وَبُجَرٍ.
ــ
[منح الجليل]
وَخْشٍ. ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَتْلُ فِي الْعَيْنَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا بِمَيْلِ إحْدَى الْحَدَقَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فِي نَظَرِهَا وَالْمَيْلُ فِي الْخَدَّيْنِ يَمِيلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَالصُّوَرُ بِمَيْلِ الْعُنُقِ عَنْ الْجَسَدِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ مَعَ اعْتِدَالِ الْجَسَدِ وَالزَّوَرُ فِي الْمَنْكِبِ بِمَيْلِهِ كُلِّهِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَالصَّدْرُ بِإِشْرَافِ وَسَطِ الصَّدْرِ كَالْحَدَبَةِ وَالْغَزْرُ فِي الظَّهْرِ أَوْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ بِإِشْرَافِهِ كَالْحَدَبَةِ وَالسَّلْعَةُ بِانْتِفَاخٍ فَاحِشٍ. (وَزِنًا) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الزِّنَا وَلَوْ فِي الْعَبْدِ الْوَخْشِ عَيْبٌ.
مُحَمَّدٌ وَوَطْؤُهَا غَصْبًا عَيْبٌ (وَشُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَشُرْبُ الْمُسْكِرِ وَأَخْذُ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ فِي شُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِهِمَا رَائِحَةٌ عَيْبٌ (وَبَخَرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا بَخَرُ الْفَمِ عَيْبٌ. ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ فِي عَبْدٍ دَنِيءٍ. وَفِي الشَّامِلِ وَبَخَرِ فَمٍ أَوْ فَرْجٍ. وَقِيلَ: بَخَرُ الْفَرْجِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ (وَزَعَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوْهَرِيُّ الزَّعَرُ قِلَّةُ الشَّعْرِ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَكَزَعَرٍ وَإِنْ بِحَاجِبَيْنِ لِتَوَقُّعٍ كَجُذَامٍ. وَقِيلَ: لَيْسَ عَيْبًا فِي غَيْرِ الْعَانَةِ وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) وَرَاءَ الْأَسْنَانِ أَوْ طُولِ إحْدَاهَا لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ بِمِقْدَامِ الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ عَلَتْ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَسْنَانِ أَمَّا زِيَادَتُهَا بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحَنَكِ لَا يَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ فَلَا (وَظَفَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ الظَّفَرُ لَحْمٌ نَابِتٌ فِي شَحْمِ الْعَيْنِ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالشَّعْرُ فِي الْعَيْنَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ. وَفِي الصِّحَاحِ الظَّفَرُ جِلْدَةٌ تَنْبُتُ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا (وَعُجَرٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْجِيمِ فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِكِبَرِ الْبَطْنِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِعُقْدَةٍ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْجَسَدِ وَالشَّارِحُ بِمَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ.
(وَبُجَرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَا يَنْعَقِدُ عَلَى ظَاهِرِ الْبَطْنِ. الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ ضَبْطُهُمَا فِي الْمَتْنِ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرَيْنِ، فَفِي الصِّحَاحِ الْبُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا وَالْعُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ الْحَجْمُ وَالنُّتُوءُ يُقَالُ رَجُلٌ أَعْجَرُ بَيْنَ الْعُجَرِ أَيْ عَظِيمُ الْبَطْنِ
وَوَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ، لَا جَدٍّ، وَلَا أَخٍ، وَجُذَامِ أَبٍ، أَوْ جُنُونِهِ بِطَبْعٍ، لَا بِمَسِّ جِنٍّ وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ وَفِي الرَّائِعَةِ الْوَاحِدَةُ، وَشَيْبٍ بِهَا فَقَطْ، وَإِنْ قَلَّ، وَجُعُودَتِهِ،.
ــ
[منح الجليل]
وَ) وُجُودِ أَحَدِ (وَالِدَيْنِ) دَنِيَّةً وَأَوْلَى وُجُودُهُمَا مَعًا، وَبِتَقْدِيرِ أَحَدٍ انْدَفَعَ تَوَهُّمُ أَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا لَا يَرُدُّ بِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِمَا ظُهُورُهُمَا بِبَلَدِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَا مَجِيئُهُمَا مِنْ بَلَدِهِمَا بَعْدَهُ (وَ) وُجُودِ (وَلَدٍ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا وُجُودُ زَوْجٍ لِأَمَةٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَزَوْجَةٍ لِلْعَبْدِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ (جَدٍّ) لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ (وَلَا) يُرَدُّ بِوُجُودِ (أَخٍ) لَهُ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ
(وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (جُذَامِ أَبٍ) لَهُ وَإِنْ عَلَا أَوْ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ لِأَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ مِنْهُمَا لِسَرَيَانِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ وَكَالْجُذَامِ الْبَرَصُ الشَّدِيدُ وَسَائِرُ مَا تَقْطَعُ الْعَادَةُ بِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ أَوْ بِ (جُنُونِهِ) أَيْ الْأَصْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بِطَبْعٍ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِبِلَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ كَانَ بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ السَّاكِنِ فِي الْإِنْسَانِ، فَمَتَى خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مَعَهُ سُكَّانَهُ فَصَرْعُهُمْ وَوَسْوَسَتُهُمْ بِالطَّبْعِ أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ عَادَةً (لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِجُنُونِ أَصْلِهِ (بِمَسِّ جِنٍّ) أَجْنَبِيٍّ عَارِضٍ لَيْسَ بِسَاكِنٍ فِيهِ وَيَعْرِضُ أَحْيَانَا وَيُفَارِقُهُ أَحْيَانَا لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ (وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (سُقُوطِ سِنَّيْنِ) بِفَتْحِ النُّونِ مُثَقَّلَةً مُثَنَّى سِنٍّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْأَضْرَاسِ فِي وَخْشٍ وَفِي غَيْرِ مُقَدَّمِ الْفَمِ (وَفِي) الْأَمَةِ (الرَّائِعَةِ) أَيْ الزَّائِدَةِ فِي الْجَمَالِ (الْوَاحِدَةُ) مِنْ الْأَسْنَانِ سُقُوطُهَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُقَدِّمِ، وَمَفْهُومُ الرَّائِعَةِ أَنَّ سُقُوطَهَا مِنْ غَيْرِهَا لَا يُرَدُّ بِهِ إلَّا الَّتِي مِنْ الْمُقَدِّمِ فَيُرَدُّ بِهِ فِي وَخْشٍ.
وَذِكْرُ ابْنِ حَبِيبٍ نَقْصُ السِّنِّ فِي الْعَبْدِ وَالْوَصِيفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِ الْفَمِ لَغْوٌ، وَنَقْصُ السِّنَّيْنِ وَزِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ عَيْبٌ مُطْلَقًا فِيهِمَا (وَ) تُرَدُّ (بِشَيْبِهَا) أَيْ الرَّائِعَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا عَادَةً (فَقَطْ) أَيْ لَا وَخْشٍ أَوْ ذَكَرٍ إلَّا الْكَثِيرَ الَّذِي يُنْقِصُ الثَّمَنَ إنْ كَثُرَ شَيْبُ الرَّائِعَةِ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) شَيْبُ الرَّائِعَةِ قَالَهُ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الشَّابَّةِ (وَ) تُرَدُّ الْأَمَةُ الْعَلِيَّةُ وَالْوَخْشُ بِظُهُورِ (جُعُودَتِهِ) أَيْ
وَصُهُوبَتِهِ، وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا وَلَوْ وَخْشًا.
وَبَوْلٍ فِي فِرَاشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ، إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا حَلَفَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ. .
ــ
[منح الجليل]
تَجْعِيدِ شَعْرِهَا بِلَفِّهِ عَلَى نَحْوِ عُودٍ ثُمَّ يَظْهَرُ مُرْسَلًا خِلْقَةً لِأَنَّهُ مِنْ عَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ لِأَنَّ جُعُودَتَهُ خِلْقَةً جَمَالٌ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ (وَ) تُرَدُّ الرَّائِعَةُ فَقَطْ (بِصُهُوبَتِهِ) أَيْ مَيْلِ لَوْنِ شَعْرِهَا إلَى الْحُمْرَةِ إنْ لَمْ يَنْظُرْهُ الْمُشْتَرِي حِينَ الشِّرَاءِ وَلَمْ تَكُنْ مِمَّنْ شَأْنُهُنَّ ذَلِكَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ سَوِدَ أَوْ جَعُدَ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ اللَّخْمِيُّ إنْ جَعُدَ شَعْرُهَا وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رَدَّ بِهِ. أَبُو الْحَسَنِ التَّجْعِيدُ كَوْنُ شَعْرِهَا أَسَبْطَ فَيُلَفُّ عَلَى عُودٍ لِأَنَّ الْجَعْدَ أَحْسَنُ مِنْ السَّبْطِ إنْ كَانَتْ رَائِعَةً لِأَنَّهُ غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ، أَوْ كَانَ عَيْبًا يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَلَدَ زِنًا) لِكَرَاهَتِهِ النُّفُوسُ إنْ كَانَ عَلِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (وَخْشًا) أَيْ خَسِيسًا دَنِيًّا. الْحَطّ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ الْجُعُودَةِ وَالصُّهُوبَةِ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا. .
(وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (بَوْلٍ) مِنْهُ (فِي فَرْشٍ) وَهُوَ نَائِمٌ (فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ نَائِمٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي تَرَعْرَعَ وَفَارَقَ حَدَّ الصِّغَرِ جِدًّا، وَأَمَّا الصَّغِيرُ جِدًّا فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ شَأْنُهُ وَيُرَدُّ الْكَبِيرُ بِهِ (إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ بَوْلُهُ فِي فَرْشِهِ (عِنْدَ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بَوْلُهُ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ (حَلَفَ) الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبُلْ عِنْدَهُ فِي فَرْشِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَحِلُّ حَلِفِهِ (إنْ أُقِرَّتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ وُضِعَتْ الذَّاتُ الرَّقِيقَةُ أَمَانَةً (عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِيَعْلَمَ هَلْ تَبُولُ فِي نَوْمِهَا أَمْ لَا وَبِاَلَّتِي عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْأَوْلَى غَيْرُهُمَا أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَمِينٍ لَهُ زَوْجَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ أَوْ الزَّوْجِ عَنْ
وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ، وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ، وَهَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَوْ التَّشَبُّهُ؟ .
ــ
[منح الجليل]
زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ لِتَقْوَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِإِخْبَارِ الْأَمِينِ. " غ " وَلَوْ قَالَ: إنْ بَالَتْ عِنْدَ أَمِينٍ لَكَانَ أَبْيَنَ وَدَلَّ قَوْلُهُ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِلَا يَمِينٍ، فَإِنْ رَجَّحُوا قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ شَكُّوا أَوْ عَدِمُوا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ. " د " مِثْلُ إقْرَارِهَا شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ بِبَوْلِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الشَّامِلِ أَوْ وَضَعَتْ عِنْدَ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ بِهَا أَوْ نَظَرَ رَجُلَانِ مَرْقَدَهَا مَبْلُولًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُحَلِّفُ الْمُبْتَاعُ بَائِعَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، بَلْ حَتَّى تُوضَعَ بِيَدِ امْرَأَةٍ أَوْ ذِي زَوْجَةٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَوْ أَتَى الْمُبْتَاعُ بِمَنْ نَظَرَ مَرْقَدَهَا بِالْغَدِ مَبْلُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ. .
(وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (تَخَنُّثِ عَبْدٍ وَ) بِ (فُحُولَةٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ تَشَبُّهِ (أَمَةٍ) بِالرَّجُلِ (إنْ اشْتَهَرَتْ) الصِّفَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْأَظْهَرُ اشْتَهَرَا بِأَلِفِ الِاثْنَيْنِ لِإِيهَامِ الْإِفْرَادِ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِخُصُوصِ الْأَمَةِ، هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ " ق " عَنْ الْوَاضِحَةِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ ق عَنْهَا أَيْضًا. أَبُو عِمْرَانَ خَصَّ الْأَمَةَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْعَبْدَ مُشَارِكًا لَهَا فِيهِ لِأَنَّ تَخَنُّثَ الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُذْهِبُ نَشَاطَهُ، وَتَذَكُّرُ الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ وَلَا يُنْقِصُهَا، فَإِنْ اشْتَهَرَتْ بِهِ كَانَ عَيْبًا لِلَعْنِهَا فِي الْحَدِيثِ، وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ الِاشْتِهَارَ عَائِدًا عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ. عِيَاضٌ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمُخْتَصِرِينَ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِفْرَادَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَنُّثِ وَالْفُحُولَةِ (الْفِعْلُ) بِأَنْ يُؤْتَى الْعَبْدُ وَتُسَاحَقُ الْأَمَةُ وَهُوَ مَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَتَأَوَّلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدَّانِ بِالتَّشَبُّهِ فِي الْكَلَامِ وَالْحَرَكَاتِ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْوَخْشِ، وَأَمَّا الْمُتَرَفِّعَةُ فَتَشَبُّهُهَا عَيْبٌ إذْ الْمُرَادُ مِنْهَا التَّأْنِيثُ وَقَالَهُ عِيَاضٌ (أَوْ) هُوَ (التَّشَبُّهُ) بِأَنْ يُؤَنِّثَ كَلَامَهُ وَحَرَكَاتِهِ وَتُذَكِّرُ الْأَمَةُ كَلَامَهَا وَحَرَكَاتِهَا وَهَذَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْفِعْلُ أَحْرَى (تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ
تَأْوِيلَانِ.
وَقَلَفِ ذَكَرٍ. وَأُنْثَى مُوَلَّدٍ، أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ، وَخَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا كَبَيْعٍ بِعُهْدَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
بِتَخْنِيثِ الْعَبْدِ وَتَذْكِيرِ الْأَمَةِ. وَصَرَّحَ فِي الْوَاضِحَةِ بِرَدِّهِمَا بِالْفِعْلِ دُونَ التَّشَبُّهِ فَجَعَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَفْسِيرًا لَهَا، وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا. وَاحْتَجَّ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. .
(وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (قَلَفٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ أَيْ عَدَمِ خَتْنٍ (ذَكَرٍ وَ) عَدَمِ خَفْضِ (أُنْثَى) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ رَفِيعَيْنِ أَوْ وَخْشَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْأُنْثَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (مُوَلَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ) بِهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ وَفَاتَ وَقْتُهُ مِنْهُمَا بِأَنْ بَلَغَا طَوْرًا يَخْشَى مَرَضَهُمَا إنْ خُتِنَا فِيهِ، فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ، إسْلَامُ الرَّقِيقِ، وَوِلَادَتُهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ طُولِ إقَامَتِهِ بِهَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، وَفَوَاتُ وَقْتِ الْخَتْنِ. (وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (خَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى خَوْفَ كَوْنِهِ رَقِيقَ مُسْلِمٍ أَبَقَ إلَيْهِمْ، وَالْخَتْنُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُفْعَلُ بِالذَّكَرِ كَثِيرًا وَبِالْأُنْثَى قَلِيلًا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ خَاتِنَةً تَخْتِنُ فَقَالَ: إذَا خَتَنْت فَلَا تُنْهِكِي» .
وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ: (كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ وَمَفْعُولُ بَيْعٍ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (اشْتَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ الرَّقِيقُ (بِ) شَرْطِ (بَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ بِهِ مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَرَاحَةً أَوْ حُكْمًا كَمَوْهُوبٍ وَمَوْرُوثٍ وَمُشْتَرِي مِنْ مِيرَاثٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ، لِقَوْلِهِ لَوْ عَلِمْت أَنَّكَ ابْتَعْتَهُ بِبَرَاءَةٍ أَوْ مَلَكْتَهُ بِهِبَةٍ أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ إرْثٍ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْكَ بِعُهْدَةٍ، إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَأَنْتَ مُفْلِسٌ أَوْ عَدِيمٌ فَلَا أَرْجِعُ عَلَى بَائِعِكَ أَوْ وَاهِبِكَ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْعُهْدَةِ بِضَمَانِ الْمَبِيعِ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ وَلَوْ اشْتَرَطَ سُقُوطَهَا، فَإِنْ شَرَطَ سُقُوطَهَا فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ بَاعَ بِشَرْطِ ثُبُوتِهَا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، إذْ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رُجُوعِهِ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ
وَكَرَهَصٍ، وَعَثَرٍ، وَحَرَنٍ، وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ
ــ
[منح الجليل]
رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِإِلْغَاءِ شَرْطِهِ سُقُوطَهَا وَلَا بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ قِيلَ: يَرُدُّ بِهِ لِأَنَّهُ دَاعٍ لِلتَّدْلِيسِ. وَظَاهِرُ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ تَرْجِيحُهُ، وَقِيلَ: يُمْضِي مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ ابْتَاعَ أَمَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي الْوَطْءِ كَأُخْتَيْنِ، فَقِيلَ: لَهُ رُدَّهُمَا لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَ أَحَدَهُمَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى وَهَذَا غَرَضٌ.
وَقِيلَ: لَا يَرُدُّهُمَا إذْ يَبْقَى لَهُ فِي الْأُخْرَى مَا سِوَى الْوَطْءِ مِنْ الْمَنَافِعِ. ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الرَّدِّ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وَ) تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِ (كَرَهَصٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ دُمَّلٍ فِي بَاطِنِ الْحَافِرِ مِنْ وَطْءِ حَجَرٍ (وَ) بِ (عَثَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَلَّثَةِ فِي الْقَامُوسِ عَثَرَ كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَكَرَمَ عَثْرًا وَعِثَارًا وَتَعَثُّرًا إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: إنَّهُ لَا يَحْدُثُ بَعْدَ بَيْعِهَا، أَوْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَثَرُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ إنْ حَقَّقَ دَعْوَاهُ وَإِلَّا رَدَّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ. (وَ) بِ (حَرَنٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ يَلِيهَا نُونٌ أَيْ عِصْيَانٌ وَعَدَمُ انْقِيَادٍ وَوُقُوفٍ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْجَرْيِ، يُقَالُ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُونًا وَحَرُنَ بِالضَّمِّ صَارَ حَرُونًا. وَفِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِيِّ حَرَنَتْ الدَّابَّةُ تَحْرُنُ حِرَانًا فَالْآتِي عَلَيْهِمَا وَحُرُونٌ أَوْ حِرَانٌ قَالَهُ " غ "، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الدُّبُرُ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ أَكْلٍ وَنُفُورٌ مُفْرَطَيْنِ. وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِالْخَوْفِ وَالنِّفَارِ الْمُفْرَطِ وَإِذَا أَفْرَطَ قِلَّةُ الْأَكْلِ فِي الدَّابَّةِ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَعَدَمُ حَرْثٍ فِي مُشْتَرٍ لَهُ أَوْ فِي إبَّانِهِ بِثَمَنِ حَارِثٍ وَحَرَثَهُ بِعُنُقِهِ وَقَدْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَحْرُثُ بِرَأْسِهِ (وَ) بِ (عَدَمِ حَمْلٍ) عَلَى ظَهْرِهَا (مُعْتَادٍ) لِمِثْلِهَا.
وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ فَتْحُونٍ مَنْ ابْتَاعَ دَابَّةً أَوْ نَاقَةً وَحَمَلَ عَلَيْهَا حَمْلَ مِثْلِهَا وَلَمْ تَنْهَضْ بِهِ وَلَا يُقْعِدُهَا عَنْهُ عَجَفٌ ظَاهِرٌ، فَلَهُ رَدُّهَا
وَلَا ضَبْطَ، وَثُيُوبَةٍ، إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا، وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ، وَكَوْنِهَا زَلَّاءَ، وَكَيٍّ لَمْ يُنَقِّصْ.
وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ.
ــ
[منح الجليل]
بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ " رضي الله عنه "(لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (ضَبَطٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَمَلُهُ بِيَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَفِي يَمِينِهِ قُوَّتُهَا الْمُعْتَادَةُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ وَمَاضِيهِ كَفَرِحَ وَالرَّجُلُ أَضْبَطُ وَالْمَرْأَةُ ضَبْطَاءُ. (وَ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ (ثُيُوبَةٍ) وَلَوْ رَائِعَةً (إلَّا فِيمَنْ) أَيْ أَمَةٍ (لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) لِصِغَرِهَا فَتُرَدُّ الرَّائِعَةُ مُطْلَقًا وَالْوَخْشُ إنْ اُشْتُرِطَتْ عَذَارَتُهَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مُتَعَقِّبًا بِهِ إطْلَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ تَبِعَهُ هُنَا (وَ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ (عَدَمِ فُحْشٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ تَفَاحُشِ (ضِيقِ قُبُلٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَحَسِّنَةِ، وَمَفْهُومُهُ رَدُّهَا بِضِيقِهِ الْمُتَفَاحِشِ إنْ كَانَتْ تُرَادُ لِلْوَطْءِ وَكَذَا بِسَعَتِهِ الْمُتَفَاحِشَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِغَرٍ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ عَيْبٌ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " وَالصَّغِيرَةُ الْقُبُلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَصِيرُ كَالنَّقْصِ. (وَ) عَدَمُ فُحْشٍ (كَوْنُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (زَلَّاءَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا مَمْدُودًا أَيْ قَلِيلَةُ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ وَتُسَمَّى الرَّسْحَاءُ بِرَاءٍ فَسِينٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَاتٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا كَوْنُهَا زَلَّاءَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ وَفِي التَّوْضِيحِ الزَّلَّاءُ بِالْمَدِّ صَغِيرَةُ الْأَلْيَةِ
وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسِيرِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ: إلَّا أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةَ الْخِلْقَةِ (وَ) لَا يُرَدُّ رَقِيقٌ وَلَا بَهِيمٌ بِ (كَيٍّ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ (لَمْ يُنْقِصْ) الْقِيمَةَ وَإِلَّا رُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ الْخِلْقَةَ وَلَا الْجَمَالَ. فِي الشَّامِلِ لَا كَيِّ خُفٍّ وَلَمْ يُنْقِصْ الثَّمَنَ. وَقِيلَ: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ لَوْنَ الْجَسَدِ أَوْ يَكُونَ مُتَفَاحِشًا فِي مَنْظَرِهِ، أَوْ كَثِيرًا مُتَفَرِّقًا، أَوْ فِي الْفَرْجِ، أَوْ مَا وَالَاهُ، أَوْ فِي الْوَجْهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ الْبَرْبَرِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ بِخِلَافِ الرُّومِ أَيْ لِأَنَّ عَادَةَ الْبَرْبَرِ الْكَيُّ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بِخِلَافِ الرُّومِ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِعِلَّةٍ. .
(وَ) لَا يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (تُهْمَةٍ) لَهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ (بِسَرِقَةٍ حُبِسَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ
فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ، وَمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ، وَمُرِّ قِثَّاءٍ، وَلَا قِيمَةَ.
وَرُدَّ الْبَيْضُ.
ــ
[منح الجليل]
الْمُوَحَّدَةِ الرَّقِيقُ (فِيهَا) أَيْ بِسَبَبِ تُهْمَتِهِ بِهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ (ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ مِنْهَا بِثُبُوتِ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، أَوْ قَوْلُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَجَدْت مَتَاعِي عِنْدَ آخَرَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ عِنْدِي، وَمَفْهُومُ ظَهَرَتْ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَظْهَرْ بَرَاءَتُهُ يُرَدُّ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ (وَ) لَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِظُهُورِ (مَا) أَيْ عَيْبٍ بَاطِنِيٍّ (لَا يُطَّلَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَيْبِ (إلَّا بِتَغْيِيرٍ) فِي ذَاتِهِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، كَغِشِّ بَطْنِ الْحَيَوَانِ وَ (كَسُوسِ الْخَشَبِ) وَقِيلَ: يُرَدُّ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَيُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ طَارِئًا كَوَضْعِهِ فِي مَكَان نَدِيٍّ، وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَازِرِيُّ، أَوْ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ تَأْوِيلَانِ وَقِيلَ: يُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ (وَ) فَسَادُ بَطْنِ (الْجَوْزِ) هِنْدِيٌّ وَغَيْرُهُ وَالْبُنْدُقِ وَالتِّينِ (وَمُرِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَرَارَةُ (قِثَّاءٍ) وَخِيَارٍ وَبَيَاضِ بِطِّيخٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الشَّامِلِ، وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا يُمْكِنُ اخْتِيَارُهُ بِالْخُضْرَةِ كَقِثَّاءَتَيْنِ أَوْ جَوْزَتَيْنِ دُونَ كَسْرٍ رَدَّ لَا مَا كَثُرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَاسِدًا أَوْ أَكْثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ يَسِيرًا فِي كَثِيرٍ فَلَا يُرَدُّ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الرَّدَّ مَعَ وُجُودِهِ مُرًّا أَوْ غَيْرَ مُسْتَوٍ يُوفَى لَهُ بِشَرْطِهِ. اهـ. وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَوْلِ الْأُمِّ وَأَهْلُ السُّوقِ يَرُدُّونَهُ إذَا وَجَدُوهُ مُرًّا وَلَا أَدْرِي بِمَ رَدُّوا ذَلِكَ إنْكَارًا لِرَدِّهِ اهـ قَالَهُ الْحَطّ (وَلَا قِيمَةَ) لِلْمُشْتَرَى فِي الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرِّ الْقِثَّاءِ. .
(وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْبَيْضُ) لِظُهُورِ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ بِدُونِ كَسْرِهِ، قَالَ فِيهَا: لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ، فَإِنْ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ مَكْسُورًا وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ قَدْ دَلَّسَ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتَيْهِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ بَيْعِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِثَمَنِهِ كُلِّهِ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ بَيْعِهِ، وَإِنْ كَسَرَهُ بَعْدَ
وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ.
ــ
[منح الجليل]
أَيَّامٍ فَلَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَمْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَلَا) رُدَّ الْبَيْعُ بِسَبَبِ وُجُودِ (عَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ) الْحَطّ عَيْبُ الدَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا فَلَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَسُقُوطِ شُرَافَةٍ وَخَلْعِ بَلَاطَةٍ وَخَطِيرٍ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ ثَمَنِهَا وَيُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُهَا فَتُرَدُّ بِهِ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعِ حَائِطٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمُتَوَسِّطَ بِدَلِيلٍ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ بِإِضَافَةِ قِيمَةٍ إلَى ضَمِيرِ الْعَيْبِ كَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرَّدِّ بِالْيَسِيرِ بِالْأَوْلَى. فِي الشَّامِلِ وَاغْتُفِرَ سُقُوطُ شُرَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَاسْتِحْقَاقُ حَمْلِ جُذُوعٍ أَوْ جِدَارٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَرْبَعَ جَدَرَاتٍ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَاسْتِحْقَاقِ أَقَلِّهَا، وَتُرَدُّ الْعُرُوض بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ، وَقِيلَ: كَالدُّورِ اهـ. وَقِيلَ: إنَّ الدُّورَ تُرَدُّ بِالْيَسِيرِ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْيَسِيرَ فِيهَا لَا يَعِيبُ إلَّا مَوْضِعُهُ وَيَصْلُحُ وَيَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَعِيبُ جَمِيعُهُ وَلَا يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْعَيْبِ، فَلَوْ رُدَّ بِالْيَسِيرِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ، وَإِنَّ الدُّورَ تُشْتَرَى لِلْقُنْيَةِ فَيُتَسَامَحُ فِي عَيْبِهَا الْيَسِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
وَعَنْ ابْنِ رِزْقٍ مَسْأَلَةُ الدُّورِ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ فِي الْعُيُوبِ وَسَمِعْتُهُ يَذْكُرُ التَّفْرِقَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَيَقُولُ مَسْأَلَةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ فَلِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى تَوْجِيهِهَا. (وَفِي قَدْرِهِ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (تَرَدُّدٌ) فَقِيلَ: بِالْعَادَةِ فَمَا قَضَتْ بِقِلَّتِهِ فَقَلِيلٌ وَمَا قَضَتْ بِكَثْرَتِهِ فَكَثِيرٌ وَهُوَ الْأَصْلُ. وَقِيلَ: مَا نَقَصَ مُعْظَمَ الثَّمَنِ فَكَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ فَيَسِيرٌ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الرُّبُعِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إيجَابِ مُطْلَقِ الْعَيْبِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ حُكْمُ الرَّدِّ وَلَوْ فِي الدُّورِ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ يَسِيرِهِ فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا، ثَالِثُهَا فِي غَيْرِهَا فَقَطْ. الْبَاجِيَّ عَنْ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَابْنِ سَهْلٍ عَنْ نَقْلِ الْكِتَابِ الْجَامِعِ أَقْوَالُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
الْمُؤَلِّفُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رِوَايَةُ زِيَادٍ مَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبٍ ابْتَاعَهُ يَسِيرُ خَرْقٍ يَخْرُجُ فِي الْقَطْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَمْ يَرُدَّ بِهِ وَوَضَعَ قَدْرَ الْعَيْبِ، وَكَذَا فِي كُلِّ
وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ؛.
ــ
[منح الجليل]
الْأَشْيَاءِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لَا يُرَدُّ إلَّا بِعَيْبٍ كَثِيرٍ تُخَافُ عَاقِبَتُهُ وَعِيَاضٌ عَنْ ابْنِ رِزْقٍ مُتَأَوِّلًا عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرَهَا مُحْتَجًّا لَهُ بِمُتَقَدَّمِ قَوْلِهَا فِي الْكَيِّ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الشَّيْخِ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عُيُوبُ الدُّورِ ثَلَاثَةٌ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ لَغْوٌ وَخَطِيرٌ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَهُ، أَوْ يُخْشَى سُقُوطُ حَائِطٍ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ، وَمُتَوَسِّطٌ يَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ، وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبُعِهِ ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ: وَرَابِعُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ بِمَا أَضَرَّ. (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ (كَصَدْعٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ شَقِّ (جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّارِ الِانْهِدَامُ (مِنْهُ) أَيْ بِسَبَبِ صَدْعِ الْجِدَارِ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ خِيفَ سُقُوطُ الْجِدَارِ مِنْ صَدْعِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا: تُرَدُّ بِهِ، وَتَأَوَّلُوا أَنَّهُ إنْ خَشِيَ هَدْمَ الْحَائِطِ مِنْ الصَّدْعِ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ. وَقِيلَ: يُرَدُّ لِخَوْفِ هَدْمِ الْحَائِطِ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الدَّارَ كَثِيرًا. عِيَاضٌ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى، وَاسْتَدَلَّ مَنْ لَمْ يَرَ لَهُ الرَّدَّ بِهَدْمِ الْحَائِطِ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ، فَكَيْفَ يَرُدُّ إذَا كَانَ بِهِ صَدْعٌ. وَفَرَّقَ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَخْذِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ صَدْعِهِ فَإِنَّهُ يَضْطَرُّهُ إلَى بِنَائِهِ وَالنَّفَقَةِ فِيهِ. وَنَصُّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا لِلصَّدْعِ فِي الْجِدَارِ، وَشِبْهِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنْ تَتَهَدَّمَ مِنْهُ رَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ عَلَى الْحَائِطِ فَلَا تُرَدُّ بِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ. الْحَطّ وَانْظُرْ مَا نَسَبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَهَا مَعَ قَوْلِهَا وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ بِهَا صَدْعًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ وُجِدَ بِالدَّارِ صَدْعٌ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا، وَتَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ اخْتِصَارَهَا. أَبُو سَعِيدٍ
إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِهَتَهَا، أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ كَمِلْحِ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ.
ــ
[منح الجليل]
يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُهَا.
قُلْت اخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ عَلَى لَفْظِهَا، وَيُؤَكِّدُ التَّعَقُّبَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الدَّارِ مِنْ الصَّدْعِ الْهَدْمَ غَرِمَ الْبَائِعُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا تَفْسِيرٌ لَهَا، وَلَوْ خِيفَ مِنْ صَدْعِ الْحَائِطِ هَدْمُهُ فَفِي رَدِّ الدَّارِ بِهِ. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ يُنْقِصُهَا كَثِيرًا وَصَدْعُ الْجِدَارِ الَّذِي لَا يَخَافُ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ مُتَوَسِّطٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْجِدَارُ الْمُنْصَدِعُ (وَاجِهَتَهَا) أَيْ الْحَائِطِ الْمُوَاجِهَةِ لِدَاخِلِ الدَّارِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ بَابُهَا وَنَقَصَ ثَمَنُهَا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَتُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ. (أَوْ) أَيْ وَتُرَدُّ الدَّارُ (بِقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ (مَنْفَعَةٍ) مِنْ مَنَافِعِهَا وَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضٍ يَقْطَعُ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتَ بِصِيغَةِ مُضَارِعٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَكُونُ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْجِدَارِ (كَمِلْحِ بِئْرِهَا) أَيْ الدَّارِ حَالَ كَوْنِهَا (بِمَحِلِّ) الْمَاءِ ذِي (الْحَلَاوَةِ) تَمْثِيلٌ لِقَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى وَتَشْبِيهٌ بِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ مِلْحِ بِئْرِهَا إلَخْ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ عَلَى قَطْعِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ عَلَى جَوَازِهِ بِأَوْ لِعَدِّهِ فِي التَّوْضِيحِ مِنْهُ. وَفِي الشَّامِلِ وَفَسَادِ أَسَاسِهَا أَوْ غَوْرِ مَائِهَا أَوْ مُلُوحَتِهِ بِمَحِلِّ الْعُذُوبَةِ أَوْ تَعْفِينِ قَوَاعِدِهَا أَوْ فَسَادِ حُفْرَةِ مِرْحَاضِهَا كَثِيرٌ.
الْوَانُّوغِيُّ الْبَقُّ عَيْبٌ وَلَوْ فِي السَّرِيرِ وَكَثْرَةُ النَّمْلِ عَيْبٌ، وَفِي سُوءِ الْجَارِ خِلَافٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَاجِعٍ إلَى أَحْوَالِهَا. الْمَشَذَّالِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْخِلَافُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ حَكَاهُ فِي الطِّرَازِ ابْنُ الْمَوَّازِ سُوءُ جَارِ الْمُكْتَرَاةِ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ: سَمِعْت مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ تُرَدُّ الدَّارُ مِنْ سُوءِ الْجِيرَانِ وَلَمْ يَأْتِ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ. الْمَشَذَّالِيُّ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجَارِ السُّوءِ فِي دَارِ إقَامَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْمِحْنَةُ بِجَارِ السُّوءِ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَدُّ الدَّارِ بِسُوءِ الْجَارِ وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ جِيرَانَهَا
وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ، لَكِنَّهُ عَيْبٌ؛ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ. .
وَتَصْرِيَةَ الْحَيَوَانِ.
ــ
[منح الجليل]
يَشْرَبُونَ فَلَهُ رَدُّهَا. الصِّقِلِّيُّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ لَهَا جِيرَانَ سُوءٍ فَذَلِكَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي الشُّؤْمِ وَالْجَانِّ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَيْبٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا عَيْبٌ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُمَا قَطْعًا وَلَا تُسْكَنُ الدَّارُ بِهِمَا غَالِبًا، وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ. ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ حَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ كَثْرَةَ الْقَمْلِ فِي االثِّيَابِ عَيْبٌ فَرْوًا كَانَتْ أَوْ صُوفًا أَوْ كَتَّانًا. .
(وَإِنْ قَالَتْ) الْأَمَةُ لِمُشْتَرِيهَا: (أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِبَائِعِي أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ وَأَوْلَى حُرَّةٌ وَكَذَا الذَّكَرُ وَثَبَتَ قَوْلُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ (لَمْ تَحْرُمْ) الْأَمَةُ بِقَوْلِهَا أُمُّ وَلَدٍ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاتِّهَامِهَا بِالْكَذِبِ لِتَرْجِعَ لِبَائِعِهَا (لَكِنَّهُ) أَيْ قَوْلَهَا أُمُّ وَلَدٍ (عَيْبٌ) فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِهِ وَ (إنْ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي (بِهِ) أَيْ عَيْبِ دَعْوَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ وَأَرَادَ بَيْعَهَا (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لِمُرِيدِ شِرَائِهَا أَنَّهَا ادَّعَتْ ذَلِكَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَدَعْوَى الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةَ يَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَلَوْ عُلِمَ كَذِبُهُمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَشْوِيشًا عَلَى مَالِكِهِمَا وَالتَّعَرُّضُ بِعَرْضِهِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: إذَا أَقَامَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ شَاهِدًا بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ لِلْمُبْتَاعِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ أَحَبَّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ، فَلَوْ قَالَ: وَلَغَا قَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ قَالَهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ وَبَيَّنَهُ إنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ وَكَانَ أَظْهَرَ وَأَبْلَغَ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا فِي الْأُمُومَةِ أَوْ فِي الْحُرِّيَّةِ كَشُهْرَةِ الْإِغَارَةِ عَلَى الْأَحْرَارِ وَسَبْيِهِمْ مَعَ شِرَائِهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ، فَقِيلَ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ: عَلَى مُشْتَرِيهَا إثْبَاتُ الرَّقَبَةِ. .
(وَتَصْرِيَةُ) أَيْ تَأْخِيرُ حَلْبِ (الْحَيَوَانِ) شَاةً كَانَ أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً أَوْ فَرَسًا أَوْ حِمَارَةً
كَالشَّرْطِ: كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ.
ــ
[منح الجليل]
أَوْ أَمَةً لِإِرْضَاعٍ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا وَيَكْثُرَ حَلْبُهَا ثُمَّ بَيْعُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ (كَالشَّرْطِ) لِكَوْنِ ذَلِكَ لَبَنَهَا فِي كُلِّ حَلْبَةٍ ثُمَّ تَظْهَرُ بِخِلَافِهِ، فَلِمُشْتَرِيهَا رَدُّهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِعْلِيٌّ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ التَّغْرِيرَ الْفِعْلِيَّ كَالشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ بِالْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالٍ فَعَلَهُ الْعَبْدُ دُونَ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ وَمِنْهُ صِبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ جَدِيدٌ، وَمِنْهُ رَقْمُ أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ عَلَيْهَا وَبَيْعُهَا بِرَقْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا شَدَّدَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَتَهُ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ، وَإِنْ فَاتَ رَدَّ قِيمَتَهُ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ يُخَيَّرُ فِي قِيَامِهَا وَفِي فَوَاتِهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا.
وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْغَرَرُ بِالْقَوْلِ لَا يَضْمَنُ بِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبِالْفِعْلِ يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ، فَالْأَوَّلُ كَصَيْرَفِيٍّ يَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ يَظْهَرُ فِيهَا زَائِفٌ، وَالْخَيَّاطُ يَقِيسُ الثَّوْبَ وَيَقُولُ: يَكْفِي فَيُفَصِّلُهُ فَيَنْقُصُ وَالدَّلِيلُ يُخَطِّئُ الطَّرِيقَ، وَالْغَارُّ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ يَقُولُ: إنَّهَا حُرَّةٌ وَمَنْ أَعَارَ شَخْصًا إنَاءً مَخْرُوقًا عَالِمًا بِهِ قَائِلًا إنَّهُ صَحِيحٌ، وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي رَمَضَانَ: فَإِنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَعَلَى الضَّمَانِ يُؤَدَّبُ وَيَتَأَكَّدُ أَدَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَاهُ يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ بِمَوْضِعِ مَا هَلَكَ، وَالثَّانِي كَمَنْ لَقَّمَ شَخْصًا بِيَدِهِ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَمَسَائِلُ التَّدْلِيسِ وَصَبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ وَتَلَطُّخُ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا فِي مَسَائِلِ أَجْوِبَةِ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْقَائِلِ بِعْ سِلْعَتَكَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ وَمَلِيءٌ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ. الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ كَالْأُتُنِ وَالْآدَمِيَّاتِ فَلِلْمُبْتَاعِ مَقَالٌ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا تَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ. ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ التَّصْرِيَةُ فِي الْآدَمِيَّاتِ كَالْأَنْعَامِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِهَا.
وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ كَالشَّرْطِ فَقَالَ: (كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) أَوْ جَعْلِ دَوَاةٍ وَقَلَمٍ بِيَدِهِ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَمَرَ بِهِ (فَيَرُدُّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُصَرَّى كَانَ مِنْ النَّعَمِ أَمْ لَا (بِصَاعٍ)
مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ.
وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ،.
ــ
[منح الجليل]
أَيْ مَعَهُ إنْ كَانَ مِنْ النَّعَمِ، وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الصَّاعِ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْحَلْبُ حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتُعَدُّ بِتَعَدُّدِهَا، وَدَلِيلُ رَدِّ الصَّاعِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا نَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ابْنُ يُونُسَ حَدِيثُ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَدَّ لِلتَّصْرِيَةِ فَفِي لَغْوِ لَبَنِهَا وَرَدِّ صَاعٍ بَدَلَهُ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِحَدِيثِ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» وَتَخْصِيصِهِ بِهِ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ. قُلْت ضَعَّفَ حَدِيثَ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» غَيْرُ وَاحِدٍ. اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ.
وَشَرْطُ الصَّاعِ كَوْنُهُ (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) لِأَهْلِ بَلَدِ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا أَوْ قَلَّ جِدًّا إنْ اخْتَلَفَ قُوتُهُمْ كَحِنْطَةٍ وَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَدَخَنٍ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْبَاجِيَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ رَدُّ التَّمْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي خَبَرِ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ» إلَخْ، هَذَا حَدِيثٌ مُتَّبَعٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَأْيٌ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ.
وَأُجِيبَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ اقْتِصَارٌ عَلَى غَالِبِ قُوتِ الْمَدِينَةِ إذْ ذَاكَ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَالْإِبِلُ مَفْعُولُهُ، هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُتْقِنِينَ قَالَهُ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ مِنْ صَرَّى رُبَاعِيًّا كَزَكَّى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] وَالرِّوَايَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ، وَصَدَّرَ بِهَا النَّوَوِيُّ مِنْ صَرَّ ثُلَاثِيًّا، وَرُوِيَ أَيْضًا بِالضَّبْطِ الْأَوَّلِ وَرَفَعَ الْإِبِلَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ مِنْ صُرَّ ثُلَاثِيًّا أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِهِمْ اللَّبَنَ فَالظَّاهِرُ رَدُّ صَاعٍ مِنْ لَبَنِ غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُوتِ غَالِبٌ فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: يَدْفَعُ صَاعًا مِمَّا شَاءَ وَقِيلَ: مِنْ الْوَسَطِ. .
(وَحَرُمَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ (رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حُلِبَ مِنْ الْمُصَرَّاةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِوُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ عِوَضَ اللَّبَنِ، وَهَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ مِنْ
لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً، أَوْ لَمْ تُصَرَّ، وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ، إلَّا إنْ قُصِدَ وَاشْتُرِيَتْ فِي وَقْتِ حِلَابِهَا، وَكَتَمَهُ.
ــ
[منح الجليل]
نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ بِالْأَوْلَى، وَاقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ رَدِّهِ إذْ الْأَصْلُ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ عَيْنُ شَيْئِهِ وَأَنَّهُ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ حَلْبِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ اللَّبَنِ مَعَ الصَّاعِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ رَدُّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِهِ. (لَا) تُرَدُّ الْمُصَرَّاةُ بِالتَّصْرِيَةِ (إنْ عَلِمَهَا) الْمُشْتَرِي (مُصَرَّاةً) اللَّخْمِيُّ إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ قَبْلَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَلَهُ رَدُّهَا قَبْلَ حِلَابِهَا وَإِمْسَاكِهَا لِيَخْتَبِرَهَا بِحِلَابِهَا، وَهَلْ نَقْصُ تَصْرِيَتِهَا يَسِيرٌ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا مَا صُرِّيَتْ بِهِ لَهُ رَدُّهَا وَإِمْسَاكُهَا حَتَّى يَحْلِبَهَا وَيَعْلَمَ عَادَتَهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ أَنْ لَا يَرُدَّهَا بَعْدَ إمْسَاكِهَا مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا أَمْسَكَهَا إلَّا لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ بِذَلِكَ قَبْلَ إمْسَاكِهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تُرَدُّ إنْ (لَمْ تُصَرَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَ) قَدْ (ظَنَّ) الْمُشْتَرِي حَالَ شِرَائِهَا (كَثْرَةَ اللَّبَنِ) لِكِبَرِ ضَرْعِهَا مَثَلًا فَتَخَلَّفُ ظَنُّهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ قُصِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ اتِّخَاذِهَا اللَّبَنُ لَا لَحْمُهَا وَلَا عَمَلُهَا (وَ) قَدْ (اُشْتُرِيَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (وَقْتَ كَثْرَةِ حِلَابِهَا) كَفَصْلِ الرَّبِيعِ أَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهَا (وَ) قَدْ (كَتَمَهُ) أَيْ الْبَائِعُ عَدَمَ كَثْرَةِ لَبَنِهَا، فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِلَا صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مُصَرَّاةً. طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ظَنُّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَقَيَّدَهُ س وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي الْقَيْدِ، لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ لَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حَلْبَ مِثْلِهَا، فَفِيهَا وَمَنْ بَاعَ شَاةً حَلُوبًا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَحْلُبُ، فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ مَا تَحْلُبُ وَكَتَمَهُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْضَاهَا أَوْ يَرُدَّهَا، كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ
وَلَا بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ.
ــ
[منح الجليل]
لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ مَا تُنُوفِسَ فِي لَبَنِهِ مِنْ بَقَرٍ وَإِبِلٍ وَلَوْ بَاعَهَا فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا ثُمَّ حَلَبَهَا الْمُبْتَاعُ حِينَ الْإِبَّانِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ كَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ حِلَابَهَا أَمْ لَا اهـ.
وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ لِكِبَرِ الضَّرْعِ فَكَانَ لَحْمًا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ بِهِ خِيَارٌ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فَوَجَدَ حِلَابَهَا قَلِيلًا فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ حِلَابِهَا فَبَاعَهَا لَهُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ مَا عَلِمَهُ مِنْهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ صَارَ كَبَائِعِ طَعَامٍ يَعْلَمُ كَيْلَهُ جُزَافًا دُونَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ مِنْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ يَرُدُّهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ زِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِمَكَانِ اللَّبَنِ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعْلِمَهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنَ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِهَا وَالْجَوَاهِرِ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ فَأَوْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ مَعَ قَيْدِ الظَّنِّ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ وَمَنْ قَلَّدَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَكَأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ مُسْتَقِلَّةٌ وَأَنَّ كَلَامَهُ فِيهَا مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حِلَابَ مِثْلِهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ خِلَافُهُ فَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ رَدُّهَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَالْعِلْمُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يَظْهَرَانِ فِي حُكْمِ التَّدْلِيسِ اهـ.
فَأَيْنَ الْعَيْبُ إذَا كَانَتْ تُحْلَبُ حَلْبَ أَمْثَالِهَا اهـ، وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ وَأَقَرَّهُ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ حَلُوبًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشُّرُوطَ فِي ظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَكَذَا قَوْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ، وَكَذَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ إلَخْ، إذْ الظَّاهِرُ رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ إلَخْ لَهُ وَلِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَتَقْيِيدُ " س " وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ لِأَنَّ نَقْصَهَا عَنْ حَلْبِ أَمْثَالِهَا عَيْبٌ الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ فَيُرَدُّ بِهِ بِدُونِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَلَا) يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بَعْدَ حَلْبِهَا (بِ) عَيْبٍ (غَيْرَ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَأْوِيلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
رَدَّ مُصَرَّاةً (وَتَعَدَّدَ) الصَّاعُ (بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْدُودَةِ بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ حَلْبِهَا (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (وَالْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَظْهَرِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَقَالَ الْأَكْثَرُ: يُكْتَفَى بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا إذْ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُشْتَرَاةِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِعَدَدِهَا اتِّفَاقًا. (وَإِنْ حُلِبَتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً (ثَالِثَةً فَإِنْ حَصَلَ) لِمُشْتَرِيهَا (الِاخْتِبَارُ) بِالْمُوَحَّدَةِ لِقَدْرِ لَبَنِهَا (بِ) الْحَلْبَةِ (الثَّانِيَةِ فَهُوَ) أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثَةً (رِضًا بِهَا) فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا. (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (ذَلِكَ) أَيْ رَدُّهَا بَعْدَ الْحَلْبَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَهَا (وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ (خِلَافًا) لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا قَوْلَانِ، وَعَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ، قَالَ: وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَحْسَنُ وَطَائِفَةٌ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِيَارُ بِالثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ (تَأْوِيلَانِ) .
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عج الْمُرَادُ بِالْحَلْبَةِ الْيَوْمُ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ " س ". طفي وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّةً لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَبَهَا الثَّانِيَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَتَّى يَحْلِبَهَا ثَانِيَةً، فَإِذَا احْتَلَبَهَا الثَّالِثَةَ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ لَهُ رَدُّهَا، فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً، وَكَذَا فِي عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالْأَيَّامِ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَلْبَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ لِأَنَّ مَالِكًا " رضي الله عنه لَمْ يَأْخُذُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذْ لَمْ تَكُنْ فِي رِوَايَتِهِ، لَكِنْ هُوَ مَعْنَى
وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ، وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ: بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ،
ــ
[منح الجليل]
الثَّلَاثِ حَلَبَاتٍ، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ. وَقَالَ فِي تَنْبِيهَاتِهِ: لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ " رضي الله عنه " بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إذْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ وَجَعَلَهَا الْمُخَالِفُونَ أَصْلًا فِي أَجَلِ الْخِيَارِ وَمَالِكٌ " رضي الله عنه لَمْ يَرَ لَهُ أَجَلًا مَحْدُودًا إلَّا بِقَدْرِ مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَقَدْ تَكُونُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ وَهُوَ نِهَايَةُ مَا تُخْتَبَرُ بِهِ الْمُصَرَّاةُ. اهـ. فَكَأَنَّ عج وَمَنْ مَعَهُ غَابَ عَنْهُمْ هَذَا كُلُّهُ الْبُنَانِيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْحَلْبِ الْمُعْتَادِ كَبُكْرَةٍ وَعَشِيَّةٍ مَثَلًا.
الثَّانِي: ابْنُ عَاشِرٍ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَجَدْتُهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ لِتَصْرِيحِهَا بِالتَّفْصِيلِ، وَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً إلَخْ إذَا حُلِبَتْ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي. وَأَمَّا إذَا حُلِبَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَهُ رَدُّهَا إذَا قَدِمَ، وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا بِصَاعٍ فَقَطْ وَمَا زَادَ خَرَاجٌ بِالضَّمَانِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَمَحِلُّهُ فِي حَلْبِهَا فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ فَحَلْبُهَا فِيهِ لَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي. .
(وَمَنَعَ مِنْهُ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ (بَيْعُ حَاكِمٍ) عَلَى مَدِينٍ مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ أَوْ غَانِمِينَ لِقِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَهُمْ (وَ) بَيْعُ (وَارِثٍ) لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمَيِّتِ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ، وَمَفْعُولُ بَيْعُ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (رَقِيقًا) وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِحَاكِمٍ وَوَارِثٍ أَيْ لَا غَيْرِهِمَا وَلِلرَّقِيقِ أَيْ لَا غَيْرِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى اعْتِبَارِ بَيْعِ الْمِيرَاثِ فَفِي كَوْنِهِ مَا بِيعَ مِنْهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ أَوْ وَمَا بِيعَ لِقَسْمِ الْوَرَثَةِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ عَنْ غَيْرِهِ (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (أَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (إرْثٌ) . الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ كَالْمُدَوَّنَةِ وَنَصَبَهَا وَبَيْعُ السُّلْطَانِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ وَالْمَغْنَمِ وَغَيْرِهِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ، وَكَذَا بَيْعُ الْمِيرَاثِ فِي الرَّقِيقِ إذْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَرَاءَةَ. اهـ. فَظَاهِرُهَا أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حَاكِمٌ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْوَارِثِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى
وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا،.
ــ
[منح الجليل]
لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى حَمْلِ الْمُصَنِّفِ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَخُيِّرَ وَمُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا إذَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مَنْ الْحَاكِمِ التَّخْيِيرُ عِنْدَ جَهْلِهِ أَنَّهُ حَاكِمٌ، فَلَوْ أَرَادَ ظَاهِرَهَا لَقَالَ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ خَاصًّا بِالْوَارِثِ، وَبَقِيَ قَوْلُهُ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلِذَا حَمَلَ " ق " وَغَيْرُهُ كَلَامَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه ": بَيْعُ الْمِيرَاثِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَحْبِسَ بِلَا عُهْدَةٍ.
ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُتَوَلِّيهِ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ مُفْلِسٍ. اهـ. فَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا، وَبِهِ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ حَقِيقَةَ الْبَيَانِ وَحُصُولَ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِمَا، إذْ الْمُرَادُ حُصُولُ الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ تت هُوَ الصَّوَابُ وَرَدُّ عج عَلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: شَرْطُ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ عَدَمُ عِلْمِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ الْعَيْبَ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ فَلَيْسَ بَيْعُهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ. الثَّانِي: مَفْهُومُ رَقِيقًا فَقَطْ أَنَّ بَيْعَهُمَا غَيْرَهُ مِنْ عَرْضٍ وَدَابَّةٍ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ وَلَوْ شَرَطَهَا فَلَا يَنْفَعُ شَرْطُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ إذَا ظَهَرَ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى الْبَرَاءَةِ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ سَبَبِ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْبَرَاءَةُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ.
(وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ (مُشْتَرٍ) رَقِيقًا مِنْ حَاكِمٍ أَوْ وَارِثٍ (ظَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (غَيْرَهُمَا) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ
وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ،.
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ. الْبُنَانِيُّ وَصَوَابُهُ مُشْتَرٍ جَهِلَهُمَا لِيَشْمَلَ عَدَمَ ظَنِّهِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَتَنْفَعُهُ دَعْوَاهُ جَهْلَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ جَهْلَ الْحُكْمِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ. (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (تَبَرِّي غَيْرِهِمَا) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ (فِي) بَيْعِ (هـ) أَيْ الرَّقِيقِ (مِمَّا) أَيْ عَيْبٍ (لَمْ يَعْلَمْ) هـ الْبَائِعُ الْمُتَبَرِّي مِنْهُ فَلَا يَرُدُّ بِهِ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ (إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ عِنْدَ بَائِعِهِ حُدَّتْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ وَجَوَّزَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا أَخْفَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى إخْفَاءِ عُيُوبِهِ وَإِظْهَارِ بَرَاءَتِهِ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ تَبَرِّيهِ مِنْ عُيُوبِهِ، وَمَتَى ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ. وَمَفْهُومٌ فِيهِ أَنَّ تَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ الْعَقْلُ وَعَدَمُهُ، فَالرَّقِيقُ يُمْكِنُهُ كَتْمُ عُيُوبِهِ لِرَغْبَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ بَعْضِ سَادَاتِهِ وَإِظْهَارُهَا لِكَرَاهَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ، فَظُهُورُ الْعَيْبِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَدْلِيسِ بَائِعِهِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيُّ لَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ إنْ أَسْلَفَ رَقِيقًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبِهِ كَانَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا اهـ. وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ التَّبَرِّي فِيهِ إلَّا إذَا وَقَعَ التَّبَرِّي فِي قَضَائِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِتُهْمَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَهِيَ تَرْجِعُ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا. وَالثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَرُدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَجَبَ حَلِفُهُ مَا عَلِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ " رضي الله عنه ". الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَفِي كَوْنِ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَنَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ أَوْ نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ مُتَعَقِّبًا قَوْلَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ فِي الْبَرَاءَةِ بِمَا عَلِمَ.
وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الثَّانِي.
وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ. .
ــ
[منح الجليل]
وَإِذَا عَلِمَهُ) أَيْ الْبَائِعُ عَيْبَ مَبِيعِهِ حَاكِمًا كَانَ أَوْ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ وُجُوبًا (أَنَّهُ) أَيْ الْعَيْبَ (بِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (وَوَصَفَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي وَصْفًا شَافِيًا بَعْدَ إعْلَامِهِ بِهِ إنْ كَانَ خَفِيًّا كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ كَاشِفًا حَقِيقَتَهُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُغْتَفَرُ وَمِنْهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ (أَوْ أَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِمَّا يُرَى كَقَطْعٍ وَكَيٍّ (وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ حِينَ بَيَانِهِ بِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَحْدَهُ مُفَصَّلًا بِأَنْ يَقُولَ: يَسْرِقُ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ يَأْبَقُ إلَى كَذَا وَيَغِيبُ كَذَا، ثُمَّ يَأْتِي بِنَفْسِهِ أَوْ يُؤْتَى بِهِ إذَا خَافَ مَثَلًا أَوْ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ يَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ مَرَّةٍ أَوْ يَزْنِي بِالْإِمَاءِ فَقَطْ أَوْ بِالْحَرَائِرِ أَوْ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَجْمَلَهُ وَحْدَهُ كَسَارِقٍ أَوْ آبِقٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَسَارِقٍ زَانٍ وَفِيهِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يَكْفِي. الْبِسَاطِيُّ نُكْتَةٌ تَمَسَّكَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِمْ إذَا أَجْمَلَ لَا يُفِيدُ فَقَالَ: لَا يُفِيدُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ سَرَقَ دِرْهَمًا وَنَازَعْتُهُ، وَقُلْت: إنَّهُ يُفِيدُ فِيمَا يَسْرِقُ عَادَةً لَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ نَقَّبَ أَوْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ بِالْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ فَلَا يُفِيدُ وَمَاتَ وَلَمْ يَرْجِعْ وَأَنَا بَاقٍ عَلَى قَوْلِي لَمْ أَرْجِعْ عَنْهُ اهـ.
الْحَطّ مَا قَالَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ، وَنَصُّهَا مَنْ بَاعَ بَعِيرًا فَتَبَرَّأَ مِنْ دَبَرَاتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُنْغَلَّةً مُفْسِدَةً لَمْ يُبَرَّأْ أَوْ إنْ أَرَاهُ إيَّاهَا حَتَّى يَذْكُرَ مَا فِيهَا مِنْ نَغَلٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا إنْ تَبَرَّأَ فِي عَبْدٍ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ وَالْمُبْتَاعُ يَظُنُّ إبَاقَ لَيْلَةٍ أَوْ إلَى مِثْلِ الْعَوَالِي أَوْ سَرِقَةَ رَغِيفٍ فَيُوجَدُ يَنْقُبُ، أَوْ أَبَقَ إلَى مِثْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ فَلَا يُبَرَّأُ حَتَّى يُبَيِّنَ أَمْرَهُ. اهـ. مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ يَأْبَقُ لَيْلَةً أَوْ يَسْرِقُ رَغِيفًا بَرِئَ، وَفِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ مِنْهُ فَاحِشٌ وَمِنْهُ خَفِيفٌ فَلَا يُبَرَّأُ مِنْ فَاحِشَةٍ حَتَّى يَصِفَ تَفَاحُشَهُ مِنْ ذَلِكَ الْإِبَاقُ أَوْ السَّرِقَةُ أَوْ الدَّبَرَةُ بِالْبَعِيرِ وَمِثْلُهُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ كَيٍّ أَوْ آثَارٍ بِالْجَسَدِ أَوْ مِنْ عُيُوبِ فَرْجٍ فَيُوجَدُ مُتَفَاحِشًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُيُوبِ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. اهـ. وَفِيهَا وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَمِنْهَا الْمُتَفَاحِشُ لَمْ يُبَرَّأْ حَتَّى يَذْكُرَ أَيَّ عَيْبٍ إلَّا مِنْ الْيَسِيرِ، فَإِنَّهُ
وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمِلَ الْعَوْدَ وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ، أَوْ بِالْمَوْتِ فَقَطْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ،.
ــ
[منح الجليل]
يُبَرَّأُ. اهـ. وَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَةً وَقَلِيلَةً وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ وَسُكَّرًا فِي مَاءٍ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا فِي شَيْءٍ، فَفِيهَا مَنْ أَكْثَرَ فِي بَرَاءَتِهِ ذِكْرَ أَسْمَاءِ الْعُيُوبِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا مِنْ عَيْبٍ يُرِيهِ إيَّاهُ وَيُوقِفُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ إنْ شَاءَ اهـ. .
(وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (زَوَالُهُ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ (إلَّا) عَيْبًا (مُحْتَمِلَ الْعَوْدِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الرُّجُوعِ بَعْدَ زَوَالِهِ، كَبَوْلٍ بِفَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ، وَسَلَسِ بَوْلٍ، وَسُعَالٍ مُفْرَطٍ، وَاسْتِحَاضَةٍ، وَنُزُولِ دَمٍ مِنْ قُبُلِ ذَكَرٍ، وَبَيَاضِ عَيْنٍ، وَنُزُولِ مَاءٍ مُسْتَمِرٍّ، وَجُذَامٍ، وَبَرَصٍ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّهُ يَعُودُ، فَإِنَّ زَوَالَهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَ حُصُولَ الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ وَإِنْ انْقَطَعَ لِأَنَّ عَوْدَتَهُ لَا تُؤْمَنُ وَابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ انْقَطَعَ الْبَوْلُ عَنْ الْجَارِيَةِ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْخُيُولُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْبَوْلِ فَإِذَا انْقَطَعَ انْقِطَاعًا بَيِّنًا مَضَى لَهُ السُّنُونَ الْكَثِيرَةُ فَمَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَأَمَّا انْقِطَاعٌ لَا يُؤْمَنُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ اهـ (وَفِي زَوَالِهِ) أَيْ عَيْبِ التَّزَوُّجِ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) لِلْعَبْدِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الزَّوْجِ لِلْأَمَةِ الَّذِي دَخَلَ بِهَا إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِيهِ أَيْضًا، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجَ لَشَمِلَهُمَا وَيَقُولُ: وَطَلَاقُهُ أَيْ الزَّوْجِ الشَّامِلُ لَهُمَا بِإِضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا عَيْبُ الزَّوْجِيَّةِ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَذْهَبُ بِارْتِفَاعِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ لَا؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ (وَطَلَاقِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَكَالطَّلَاقِ لِلْفَسْخِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوَالُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ (الْمُتَأَوَّلُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الَّذِي فَهِمْت الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ فَضْلٍ (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ فِي قَوْلِهَا وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَدَّ لَهُ بِمَا زَالَ مِنْ زَوْجِيَّةٍ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ.
(أَوْ) يَزُولُ (بِالْمَوْتِ فَقَطْ) دُونَ الطَّلَاقِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ)
أَوْ لَا، أَقْوَالٌ.
وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يُنَقِّصُ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ. .
ــ
[منح الجليل]
عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ التَّعَلُّقَ دُونَ الطَّلَاقِ. الْحَطّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا وَفِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَوْتِ دُونَ الطَّلَاقِ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً أَيْ فِي الْمَوْتِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ (أَوْ لَا) يَزُولُ عَيْبُ التَّزَوُّجِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه ". الْبِسَاطِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ هَذَا (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ فِي التَّزَوُّجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بِدُونِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ مَعَ تَسَلُّطٍ عَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ وَلَا بِإِذْنِهِ بِدُونِ تَسَلُّطٍ وَوَطْءٍ فَيَزُولُ بِأَحَدِهِمَا اتِّفَاقًا. وَأَشْعَرَ فَرْضُهَا فِي التَّزَوُّجِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ أَمَةً وَوَطِئَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ عِنْدَ بَيْعِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ التُّونُسِيُّ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَرَيَانِ عِلَّةِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ فِيهِ. .
(وَ) مَنَعَ رَدَّ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ الْمُشْتَرِي بِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ صَرَاحَةً أَوْ ظُهُورًا مِنْ قَوْلٍ كَرَضِيتُ أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِصَنْعَةٍ (إلَّا مَا) أَيْ شَيْئًا (لَا يُنَقِّصُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمَبِيعَ. الْبُنَانِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا لَا يُنَقِّصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ لَمَنَعَ الرَّدَّ، وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِ " ز " وَغَيْرِهِ أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ إمَّا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ رِضًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ رِضًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ كَانَ مُنَقِّصًا كَالرُّكُوبِ فَهُوَ رِضًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَقِّصٍ فَلَيْسَ رِضًا (كَسُكْنَى الدَّارِ) بِنَفْسِهِ أَوْ إسْكَانِهَا غَيْرَهُ عَلَى مَا يُقَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَوَقْفٍ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكِتَابِ وَاغْتِلَالَ الْحَائِطِ زَمَنَ الْخِصَامِ، أَيْ أَنَّهُ يُخَاصِمُ الْبَائِعَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَكَذَا مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّ بَعْدَهُ كَسُكْنَى دَارٍ وَاغْتِلَالِ حَائِطٍ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ
وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ، لَا كَمُسَافِرٍ اضْطَرَّ لَهَا أَوْ تَعَذَّرَ
ــ
[منح الجليل]
دَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ وَلَوْ فِي زَمَنِهِ فَرَضِيَ لِأَنَّ شَأْنَهُ التَّنْقِيصُ بِخِلَافِ السُّكْنَى وَنَحْوِهَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْفَسْخِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي غَلَّةٍ لَا تُنْقِصُ كَلَبَنٍ، وَفِي غَلَّةٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مُنَقِّصَةٍ أَمْ لَا لَا فِيمَا يُنَقِّصُ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ وَلَا فِي الَّتِي لَا تُنَقِّصُ قَبْلَ الْخِصَامِ وَبَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ. .
(وَ) إنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ شِرَائِهِ وَسَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ رِضًا بِهِ (حَلَفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّ سُكُوتَهُ لَيْسَ رِضًا (إنْ سَكَتَ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَ الْمَبِيعِ عَنْ رَدِّهِ (بِلَا عُذْرٍ) مَانِعٍ لَهُ مِنْ رَدِّهِ (فِي الْيَوْمِ) وَنَحْوِهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ نَكَلَ فَلَا، فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَضَى بَعْدَ عِلْمِهِ، وَقْتٌ يَرُدُّ فِي مِثْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ رَاضِيًا لِقُرْبِهِ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ رِضًا وَلَا كَانَ إلَّا عَلَى الْقِيَامِ، وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمِ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ زَمَنًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ فَلَا يَرُدُّ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ لِعُذْرٍ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. (لَا) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ وَنَحْوُهُ رُكُوبٌ (كَمُسَافِرٍ) وَمُكْرَهٍ (اُضْطُرَّ) الْمُسَافِرُ أَوْ نَحْوُهُ (لَهَا) أَيْ الدَّابَّةِ فِي الرُّكُوبِ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَضْطَرَّ لِرُكُوبِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا، فَفِي الشَّامِلِ وَعُذِرَ مُسَافِرٌ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ وَنُدِبَ لَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّ رُكُوبَهَا لَيْسَ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهَا. اهـ. وَالرَّقِيقُ كَالدَّابَّةِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لِلرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا مِنْ رُكُوبِهَا أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فِي سَفَرِهِ أَوْ غَزْوِهِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَرْكَبُهَا أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ مَا يَرْكَبُهُ أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ رُكُوبَ الدَّابَّةِ فِي الْحَضَرِ بَعْدَ عِلْمِ عَيْبِهَا رَدَّهَا إنْ (تَعَذَّرَ) بِفَتَحَاتٍ
قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ؛ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ
ــ
[منح الجليل]
مُثَقَّلًا (قَوْدُهَا) أَيْ الدَّابَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ لِصُعُوبَتِهَا أَوْ كَوْنِ مُشْتَرِيهَا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ (لِ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) أَيْ غَيْرِ مُسَافِرٍ رَكِبَهَا لِمَحِلِّهِ مَثَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا.
وَأَمَّا رُكُوبُهَا لِرَدِّهَا فَلَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَلَوْ تَيَسَّرَ قَوْدُهَا (فَإِنْ) عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ (غَابَ بَائِعُهُ) عَنْ الْبَلَدِ (أَشْهَدَ) الْمُشْتَرِي عَدْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ الْحَاضِرِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدِّ الْمُقَدَّرِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ لَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ (أَعْلَمَ) الْمُشْتَرِي (الْقَاضِيَ) بِشَأْنِهِ الْحَطّ نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالذَّخِيرَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ إنْ قَدِمَ رَبُّهُ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ، فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لِلْقَاضِي، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرْفَعْ لَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا قَدِمَ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ، وَنَصُّهُ وَغَيْبَةُ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُبْتَاعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِغَيْبَةِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِسُلْطَانٍ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْبِهِ، وَيُعْذَرُ بِغِيبَةِ الْبَائِعِ لِنَقْلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَلِأَنَّهُ يَرْجُو مُوَافَقَةَ الْبَائِعِ إنْ قَدِمَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ اسْتَشْهَدَ شَهِيدَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ يَمِينِهِ إنْ قَدِمَ بَائِعُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي غَيْبَتِهِ أَنَّ لَهُ عَدَمَ الْقِيَامِ.
وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ إذَا حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِالرِّضَا وَقَالَ: إنَّ مُخَبِّرًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ بِلَا كَلَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عب فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلِهِ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَرُدَّ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ إنْ هَلَكَ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ هَلَكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ إلَّا بِالرِّضَا بِرَدِّهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ إنْ حَضَرَ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ إذَا قَدِمَ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَخْبَرَنِي بِهِ مُخْبِرٌ فَيُسْتَثْنَى الْغَائِبُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا الرِّضَا إلَخْ.
فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ: كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ:
ــ
[منح الجليل]
وَعَطَفَ عَلَى أَعْلَمُ قَوْلَهُ (فَتَلَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلٍ الْوَاوُ أَيْ تَرَبَّصَ الْقَاضِي زَمَنًا يَسِيرًا (فِي) الْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى بَائِعٍ (بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) بِأَنْ كَانَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (قُدُومُهُ) أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ مِنْ غَيْبَتِهِ. " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى أَنَّ رَجَاءَ قُدُومِهِ شَرْطٌ فِي التَّلَوُّمِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، وَمَفْهُومُ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَنَّ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَالْحَاضِرِ أَفَادَهُ " غ " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا.
وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ: (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ (قُدُومُهُ) أَيْ الْغَائِبِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ أَئِمَّةِ قُرْطُبَةَ فَكَّ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَهَا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ: مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى تَزِيدَ الْبَيِّنَةُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَقُولُونَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَهَذَا مُحَالٌ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ مَنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ حَيْثُ غَابَ أَنْ يَزِيدَ مَغِيبًا بَعِيدًا، فَيُجْعَلُ عَالِمًا مَنْ قَدْ انْتَفَى مِنْ عِلْمِهِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو الْأَصْبَغِ عَلَى صِحَّةِ مَا صَوَّبَ بِمَسَائِلَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا سَمِعَهُ وَبَسَطَهَا فِي نَوَازِلِهِ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَفَادَهُ " غ ". (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِيهَا التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ الْقُدُومَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) لِمَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ.
" غ " أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُتَيْطِيُّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ قُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْهَا (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ مَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ الَّذِي سَكَتَ فِيهِ عَنْ التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ قُدُومُهُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِمَا فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ التَّلَوُّمِ لَهُ مِنْ
تَأْوِيلَانِ. ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ
ــ
[منح الجليل]
قَوْلِهِ وَأَمَّا الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ إذَا كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَيَقْضِي الْمُبْتَاعُ ثَمَنَهُ الَّذِي نَقَدَ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ: بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا، فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ، فَحَمَلَهُمَا بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ: الْمَوْضِعَانِ مُتَّفِقَانِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ إنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ضَيْعَةً، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَطْمَعْ بِقُدُومِ الْغَائِبِ بَاعَ الْعَبْدَ. اهـ. فَقَوْلُهُ نَفْيُ التَّلَوُّمِ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَيْ ذِكْرُ التَّلَوُّمِ، وَلَوْ قَالَ: وَفِيهَا أَيْضًا السُّكُوتُ عَنْ التَّلَوُّمِ لَكَانَ أَبْيَنَ أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (تَأْوِيلَانِ) الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُ مَا لِلْمُتَيْطِيِّ لِأَبِي الْحَسَنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، وَرَدَّهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ التَّصْرِيحَ بِنَفْيِ التَّلَوُّمِ، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا بِكَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ، قَالَ مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّهُ يُتَلَوَّمُ لِلْغَائِبِ إنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ: إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِيهِ وَكَتَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ، لِأَنَّ مَالِكًا " رضي الله عنه " قَالَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ: إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَزَوَّجَتْ مَكَانَهَا وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَأَسْقَطَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ التَّلَوُّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ فِي جَوَابِهِ فِي التَّلَوُّمِ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ اهـ بِلَفْظِهِ فَأَنْتَ تَرَى الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ بِعَدَمِ الِانْتِظَارِ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّلَوُّمِ، فَقَوْلُهُ وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ مَعْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَتَأَتَّى التَّوْفِيقُ مَعَهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ زَمَنِ التَّلَوُّمِ (قَضَى) الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ أَثْبَتَ)
عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً، وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا.
ــ
[منح الجليل]
الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي (عُهْدَةً) أَيْ شِرَاءَهُ الْمَبِيعَ بِهَا أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عَيْبِ الرَّقِيقِ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالنَّفْيِ لِتَعَلُّقِهِ بِمُعَيَّنٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ: وَالْعَيْبُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا لَا تَنْفَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ شِرَائِهِ عَلَيْهَا (مُؤَرَّخَةً) أَيْ الْعُهْدَةُ، وَفِي نِسْبَةِ التَّارِيخِ لَهَا تَجَوُّزٌ إذْ الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً الشِّرَاءُ لِيُعْلَمَ مِنْ تَارِيخِهَا قِدَمُ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثُهُ. (وَ) أَثْبَتَ أَيْضًا (صِحَّةَ الشِّرَاءِ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ إذَا حَضَرَ فَسَادَهُ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِصِحَّتِهِ (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِمَا بِبَيِّنَةٍ، زَادَ الْمُوَثَّقُونَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْدِمْ الرَّقِيقَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ وَأَنَّهُ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ جَمْعُ هَذِهِ الْفُصُولِ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَمَفْهُومُ عَلَيْهِمَا أَنَّ التَّارِيخَ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا مِلْكُ بَائِعِهِ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الرِّضَا إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ عَهْدَ تَشَرُّطٍ فِي قَوْلِهِ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُوجِبَاتِ. أَبُو الْحَسَنِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ وَثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ أَحَدُهَا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْتَاعَ، الثَّانِي: مِقْدَارُ الثَّمَنِ. الثَّالِثُ: نَقْدُهُ. الرَّابِعُ: أَمَدُ التَّبَايُعِ. الْخَامِسُ: ثُبُوتُ الْعَيْبِ. السَّادِسُ: أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ. السَّابِعُ: أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ. الثَّامِنُ: ثُبُوتُ الْغَيْبَةِ التَّاسِعُ: بُعْدُهَا. وَأَمَّا الْأَيْمَانُ الثَّلَاثَةُ فَحَلِفُهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ إلَيْهِ مِنْ الْعَيْبِ وَلَمْ يُبَيِّتْهُ لَهُ وَلَا أَرَاهُ إيَّاهُ فَرَضِيَهُ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عَلِمَهُ وَلَهُ جَعْلُهَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ. الثَّانِي: زَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِلْكَ بَائِعُهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الشِّرَاءِ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَمْضِ مِنْ الزَّمَنِ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ قَبْضَهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ كَعَامٍ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعِشْرِينَ عَامًا وَنَحْوِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
الرَّابِعُ: " د " لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ فِي الْفَاسِدِ أَيْضًا فَلِمَ أُلْزِمَ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ صِحَّةِ شِرَائِهِ أَوْ الْحَلِفَ عَلَيْهَا. الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قُلْت: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ وَأَرَى إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بَيْعًا حَرَامًا وَنَقَدَ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةٍ سَوْقُ حُكْمٍ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، وَإِنْ فَاتَ جَعَلَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ مَتَى الْتَقَيَا. اهـ. وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ. وَفِي النُّكَتِ إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ فَاسِدًا وَفَاتَ الْمَبِيعُ وَحُكِمَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهُ بَلْ يُبْقِيهِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي أَخْذِ دُيُونِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، أَوْ يَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ: لَا أُرِيدُ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِي. اهـ. وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ. .
وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ. .
ــ
[منح الجليل]
(وَ) مَنَعَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (فَوْتُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (حِسًّا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ السِّينِ، أَيْ فَوْتًا مَحْسُوسًا بِتَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حُكْمًا (كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) وَتَنْجِيزِ عِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَتَعَيَّنَ لَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ إذْ لَمْ يَهَبْ أَوْ يَتَصَدَّقْ إلَّا بِالْمَبِيعِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ حِسًّا بِتَلَفٍ أَوْ حُكْمًا بِعِتْقٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلُ كَوْنِهِ عَبْدًا فَيَمُوتُ أَوْ يَقْتُلُهُ الْمُشْتَرِي خَطَأً أَوْ يَغْصِبُ مِنْهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ هِبَتِهِ أَوْ عِتْقِهِ، فَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِعَقْدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَالْأَرْشُ أَيْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ فَفَوْتٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ هِبَةِ الثَّوَابِ إذْ هِيَ كَالْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَعِيسَى: الْأَرْشُ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ. وَفِي الشَّامِلِ لَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِمَرَضِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ أَوْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ صَحَّ أَوْ عَجَزَ فَاتَ اهـ. إذَا فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ (فَيُقَوَّمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا حَالَ كَوْنِهِ (سَالِمًا) مِنْ الْعَيْبِ بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَ) حَالَ كَوْنِهِ (مَعِيبًا) بِثَمَانِينَ مَثَلًا (وَيُؤْخَذُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ (بِ) مِثْلِ (النِّسْبَةِ) لِمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا (مِنْ الثَّمَنِ) وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا صَحِيحًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَدْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَالنَّظَرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ
وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ، وَرَدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ: كَعَوْدِهِ لَهُ بِعَيْبٍ.
ــ
[منح الجليل]
إذْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَ بَائِعهَا إنْ كَانَتْ لَا تَتَوَاضَعُ وَبِيعَتْ عَلَى الْقَبْضِ. .
(وَ) لَوْ عَلَّقَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ حَقًّا لِغَيْرِهِ بِرَهْنِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ إجَارَتِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ الَّذِي لَهُ رَدُّهُ بِهِ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَبِيعُ (فِي) صُورَةِ (رَهْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (وَ) فِي صُورَةِ (إجَارَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهَا كَإِخْدَامِهِ وَإِعَارَتِهِ، وَصِلَةُ وُقِفَ (لِخَلَاصِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْ الرَّهْنِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ أَوْ تَمَامِ عَمَلِ الْإِجَارَةِ أَوْ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِخْدَامِ وَالْإِعَارَةِ (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ لِبَائِعِهِ بَعْدَ خَلَاصِهِ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمَبِيعُ وَهُوَ مَرْهُونٌ أَوْ مُؤَجَّرٌ مَثَلًا، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى فِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ إلَخْ. الْحَطّ حُكْمُ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَهِبَةِ الثَّوَابِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ حَتَّى تَعُودَ لَهُ السِّلْعَةُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَالرَّهْنُ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ إذَا أَصَابَ الْعَيْبُ بَعْدَهُنَّ أَوْ أَجَّرَ فَلَا أَرَاهُ فَوْتًا، وَمَتَى رَجَعَتْ إلَيْهِ بِافْتِكَاكِ الرَّهْنِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِجَارَةِ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، فَإِنْ دَخَلَهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهَا اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُشْهِدَ الْآنَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِنَّ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ رَدٌّ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ، أَمَّا لَوْ قَامَ عَلَيْهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِيَدِهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِخُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ أُصُولِهِمْ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ قَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهَا. وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ:(كَعَوْدِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيْعِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ، وَصِلَةُ عَوْدِهِ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا مِنْ
أَوْ مِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ: كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ؛ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا،.
ــ
[منح الجليل]
عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِعُهْدَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِتَفْلِيسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (أَوْ) عَوْدُهُ لَهُ (بِمِلْكٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ (مُسْتَأْنَفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ (كَبَيْعٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ لِأَرُدَّهُ عَلَيْكَ (أَوْ هِبَةٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ (أَوْ إرْثٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ.
(فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِالْعَيْبِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِبَيْعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَبِعَدَمِ تَدْلِيسِ بَائِعِهِ مَا دَامَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهَا، وَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ بِعْتَهُ فَادَّعَيْت بَعْدَ بَيْعِهِ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ بِالْعَبْدِ عِنْدَ بَائِعِهِ مِنْكَ فَلَيْسَ لَكَ خُصُومَتُهُ الْآنَ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَمْ أُرْجِعْكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَيْكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَكَ الْقِيَامُ بِعَيْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ وَهَبَهُ لَكَ مُشْتَرِيهِ مِنْكَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَرَجَعَ عَلَيْك بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِعْت بِهِ مِنْهُ ثُمَّ لَك رَدُّهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِكَ مِنْهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُحَاسِبُكَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضْت مِنْ وَاهِبِكَ بَعْدَ الَّذِي رَدَدْت إلَيْهِ مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِك إنَّمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ. أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا كَلَامَ لَهُ، أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِثَمَنِهِ الَّذِي دَفَعَهُ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فَبَيْعُهُ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالنَّقْصُ لِحَوَالَةِ السُّوقِ لَا لِلْعَيْبِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ مِثْلَ بَيْعِهِ بِهِ ظَانًّا حُدُوثَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَبَاعَهُ وَكِيلُهُ ظَانًّا ذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْمُصَنِّفُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْجَلَّابِ عَلَى أَنَّهُ تَقْيِيدٌ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ قَوْلَ
أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ؛ فَلَا رُجُوعَ: وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ. .
وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ،.
ــ
[منح الجليل]
مُحَمَّدٍ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. (أَوْ) بَاعَهُ الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ بَائِعِهِ (بِمِثْلِ ثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْآنَ سَوَاءٌ بَاعَهُ لَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ دَلَّسَ أَمْ لَا، لَكِنَّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدَّهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ فِي بَيْعِهِ إنْ بَاعَهُ لَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِهِ عِنْدَهُ (أَوْ) بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِبَائِعِهِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ (إنْ دَلَّسَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَيْبَ عَالِمًا بِهِ حِينَ بَيْعِهِ أَوْ لَا (فَلَا رُجُوعَ) لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ الثَّانِي عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِشِرَائِهِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ حِينَ بَيْعِهِ (رَدَّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا بِشَدِّ الدَّالِ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (ثُمَّ رُدَّ) كَذَلِكَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّهُ بِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ رِضًا بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. .
(وَ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ دَلَّسَ أَمْ لَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَحُجَّةٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ لِأَجْنَبِيٍّ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي رُجُوعِ سِلْعَتِهِ لِيَدِهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ بِأَقَلَّ لِبَائِعِهِ فَلَا يُكَمِّلُ لَهُ وَلَوْ دَلَّسَ لِرِضَاهُ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِالرَّدِّ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ كَبَيْعِهِ لَهُ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ وَالشَّأْنُ اخْتِيَارُهُ الرَّدَّ إنْ
وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ؛ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ
ــ
[منح الجليل]
اشْتَرَى بِأَكْثَرَ، وَالتَّمَسُّكُ إنْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ فَلِذَا عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِالرَّدِّ وَفِي الثَّانِي بِالتَّكْمِيلِ.
(وَتَغَيُّرُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا أَمْ لَمْ يَخْرُجْ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ فِي ذَاتِهِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، أَوْ فِي حَالِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالسَّرِقَةِ (إنْ تَوَسَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْمَخْرَجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْمَبِيعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ) مِنْ الْبَائِعِ (وَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ (وَدَفْعُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْحَادِثِ) عِنْدَهُ لِبَائِعِهِ. الْحَطّ تَغَيُّرُهُ تَارَةً يَكُونُ بِنَقْصٍ وَتَارَةً بِزِيَادَةٍ وَتَارَةً بِهِمَا وَالنَّقْصُ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: التَّغَيُّرُ يُنْقِصُ فِي قِيمَتِهِ كَحَوَالَةِ سُوقِهِ وَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الثَّانِي: تَغَيُّرُ حَالِهِ دُونَ بَدَنِهِ كَزَوَاجٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ. الثَّالِثُ: نَقْصُ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا وَقَسَّمَهُ إلَى خَفِيفٍ وَمُتَوَسِّطٍ وَمُفِيتٍ. الرَّابِعُ: نَقْصُ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ مِثْلُ شِرَاءِ نَخْلٍ مُثْمِرٍ قَبْلَ إبَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَبْدٍ بِمَالِهِ فَيَذْهَبُ الْمَالُ بِتَلَفٍ أَوْ ثَمَرُ النَّخْلِ بِجَائِحَةٍ، ثُمَّ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي عَيْبَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْتَبَرُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالتَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِعِيسَى.
الْخَامِسُ: نَقْصُهُ بِجِنَايَةِ الْمُبْتَاعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ذَكَرَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَالْمُنْتَقَى وَالرَّجْرَاجِيِّ، وَصَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَأَمَّا النَّقْصُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ أَنَّ حَوَالَتَهُ لَيْسَتْ فَوْتًا فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الْمُشْتَرِي إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً لِابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَنَّهَا فَوْتٌ فِي الطَّعَامِ. اهـ. وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ إلَخْ وَالتَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ.
وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ.
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَحَلُّ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ بِلَا أَرْشٍ وَإِلَّا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ. الثَّانِي: اسْتَثْنَى مِنْ التَّغَيُّرِ الْمُتَوَسِّطِ سِمَنَ الدَّابَّةِ الْمَعِيبَةِ بِقَدِيمٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمُتَوَسِّطِ. (وَقُوِّمَا) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْعَيْبَانِ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ تَقْوِيمًا مُصَوَّرًا (بِتَقْوِيمِ) الشَّيْءِ (الْمَبِيعِ) ثَلَاثَةَ تَقْوِيمَاتٍ إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَحْدَهُ وَمَعِيبًا بِهِمَا، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَقَطْ ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِيمَتِهَا مَعًا أَوْ قِيمَةِ الْقَدِيمِ وَحْدَهُ يَوْمَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَمْسَكَ قُوِّمَ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ.
الْمُوَضِّحُ أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِالْمَعِيبِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْقَدِيمِ حَيْثُ يُخَيَّرُ فَيَكْفِي حِينَئِذٍ تَقْوِيمَانِ يُقَوِّمُ صَحِيحًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَيَأْخُذُ نِسْبَةَ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا عَشَرَةً وَمَعِيبًا ثَمَانِيَةً فَقِيمَةُ الْعَيْبِ خُمُسُ الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ بِخُمُسِهَا ثَلَاثَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ رَدَّ قَوَّمَ ثَالِثًا بِهِمَا، الْمُوَضِّحُ أَيْ وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ تَقْوِيمًا ثَالِثًا بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَمَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ نُسِبَ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى، وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الثَّمَنِ وَهَكَذَا قَالَ الْبَاجِيَّ: وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَالْقِيمَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، فَإِذَا تَقَدَّمَتَا جُعِلَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَصْلًا ثُمَّ يُقَوِّمُهَا قِيمَةً ثَالِثَةً بِالْعَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَيَرُدُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ،
يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي:.
وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ.
ــ
[منح الجليل]
فَلَوْ قِيلَ فِي مِثَالِنَا: قِيمَتُهَا بِالْعَيْبَيْنِ سِتَّةٌ عُلِمَ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الرُّبُعَ فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ فَيَرُدُّ مَعَ الْمَعِيبِ رُبُعَ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَإِنْ شِئْت قُلْت يَرُدُّ خُمُسَ الثَّمَنِ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
(تَنْبِيهٌ) الْحَطّ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنَّ الْعَيْبَ لَمَّا فَاتَ بَعْضُهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يَرُدَّهُ إلَّا بِمَا نَقَصَهُ سُومِحَ فِي إمْسَاكِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُ شَيْءٍ إذَا رَدَّ الْبَاقِي، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَا يُخَيَّرُ فِي الْمَعِيبِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِهِ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَبْلَ تَقْوِيمِهِ لَزِمَ شِرَاؤُهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ (يَوْمَ ضَمِنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْمُشْتَرِي) أَيْ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْمَبِيعِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَدَلَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يَحْتَاجُ لِمُوَاضَعَةٍ، وَعِبَارَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ تَشْمَلُهُ وَشِبْهَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ يُعْتَبَرُ وَقْتُ ضَمَانِ ذَاتِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبُ وَالْمَحْبُوسَةُ بِالثَّمَنِ وَالْفَاسِدُ اتِّفَاقًا وَاخْتِلَافًا. .
(وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إنْ زَادَ) الْبَيْعُ عِنْدَهُ (بِكَصِبْغٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَزَعْفَرَانٍ. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَاشِرٍ ضَبْطَهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَلَوْ فَعَلَ بِالثَّوْبِ مَا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ مِنْ صَبْغٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ حَبْسُهُ وَأَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ رَدُّهُ، وَيَكُونُ بِمَا زَادَتْ الصَّنْعَةُ شَرِيكًا
أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ. .
ــ
[منح الجليل]
لَهُ. اهـ. وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ بِالْكَسْرِ وَخِيَاطِهِ وَكَمَدٍ وَكُلُّ مَا أَضَافَهُ لِلْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِفَسَادٍ، وَالْمُبْتَدَأُ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَهُ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ قَوْلِهِ (أَنْ يَرُدَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِبَائِعِهِ (وَيَشْتَرِكَ) الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ (بِ) مِثْلِ نِسْبَةِ (مَا زَادَ) مِنْ قِيمَتِهِ بِصِبْغِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ كَمَدِهِ عَلَى قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ قُوِّمَ قُوِّمَ مَصْنُوعًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَغَيْرَ مَصْنُوعٍ بِعَشَرَةٍ شَارَكَهُ بِثُلُثِهِ دَلَّسَ بَائِعُهُ أَمْ لَا، أَوْ يَتَمَسَّكُ وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَمَفْهُومُ إنْ زَادَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ بِالصِّبْغِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَسُّكُ بِهِ، وَلَا أَرْشَ لِلْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ إنْ نَقَصَ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ.
وَيُعْتَبَرُ لِقِيمَةِ (يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ " غ " بَعْضُهَا بِخَطِّ تت، وَفِي خَطِّهِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْقُورِيِّ لَا الْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ زِيَادَةٌ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَزِيَادَةٌ حَالَ الْمَبِيعِ نَحْوَ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ وَتَخْرِيجٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِهِ وَهُمَا لَا يُعْتَبَرَانِ وَلَا يُوجِبَانِ خِيَارًا لِلْمُبْتَاعِ، فَفِيهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةَ سُوقٍ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا فَعَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَوْ صَنْعَةً نَفِيسَةً فَارْتَفَعَ ثَمَنُهُ أَوْ ابْتَاعَ أَمَةً وَعَلَّمَهَا الطَّبْخَ وَالْغَسْلَ أَوْ نَحْوَهُمَا فَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَوْتًا، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَرُدَّ.
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِمَا أَخْرَجَ فِي تَعْلِيمِهَا، وَاسْتَشْهَدَ بِنَقْلِ الْمَبِيعِ الْآتِي وَزِيَادَةٌ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ إحْدَاثِ شَيْءٍ فِيهِ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ وَكِبَرِ الصَّغِيرِ، وَبِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ مُضَافٍ إلَيْهِ كَوَلَدٍ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ سِمَنِهَا وَزِيَادَةٌ مُضَافَةٌ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، كَاكْتِسَابِ الرَّقِيقِ مَالًا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَإِثْمَارِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، فَهَذَا لَا يُوجِبُ خِيَارًا اتِّفَاقًا، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْعَبْدِ وَمَالِهِ وَالنَّخْلِ وَثَمَرِهِ مَا لَمْ يَطِبْ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِمْسَاكِ، وَلَا شَيْءَ
وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ،.
ــ
[منح الجليل]
لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَزِيَادَةٌ أَحْدَثَهَا الْمُشْتَرِي كَالصِّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكَمَدِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ إلَّا بِفَسَادٍ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يُوجِبُ تَخْيِيرَهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَالْمُشَارَكَةِ اهـ.
ر الْوَجْهُ الْخَامِسُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالرَّابِعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّالِثِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسِمَنِهَا " غ " وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ إذَا حَدَثَتْ زِيَادَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَاخْتَارَ التَّمَسُّكَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمَبِيعَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا وَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَهُمَا لِقِيمَتِهِ سَالِمًا وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، ثُمَّ قَوَّمَ مَصْنُوعًا وَنَسَبَ مَا زَادَتْهُ الثَّانِيَةُ إلَيْهَا وَشَارَكَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِنِسْبَتِهِ فِي الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى ثَمَانِينَ وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ شَارَكَ بِتِسْعَةٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ بَيْعِهِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. .
(وَ) إذَا حَدَّثَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ (جُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (بِهِ) أَيْ الزَّائِدِ الْعَيْبُ (الْحَادِثُ) بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، فَإِنْ سَاوَاهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ وَرَدَّهُ غَرِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ زَادَ وَتَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ شَارَكَ بِالزَّائِدِ. الْحَطّ وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يُقَوِّمُ أَرْبَعَ تَقْوِيمَاتٍ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ثُمَّ بِالْحَادِثِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِتَقْوِيمِهِ سَالِمًا وَلَا لِتَقْوِيمِهِ بِالْحَادِثِ، وَإِنَّمَا يُقَوِّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَيُشَارِكُ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَحْتَاجُ لِثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ أَمْ لَا، فَيُقَوِّمُ سَالِمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَإِنْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ زَادَ حَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَانَ كَعَيْبٍ مُسْتَقِلٍّ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَلْ جَبَرَتْ الصَّنْعَةُ الْعَيْبَ أَمْ لَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ
وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ. إنْ نَقَصَ:.
ــ
[منح الجليل]
الْعَيْبِ الْحَادِثِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَعْرِفُ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ سَالِمًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْحَادِثَ أَمْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَقْوِيمَاتٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَكْفِي ثَلَاثُ تَقْوِيمَاتٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. اهـ. وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الزِّيَادَةَ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بِأَنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَّا لِتَقْوِيمَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (وَفُرِقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا (بَيْنَ) بَائِعٍ (مُدَلِّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ كَاتِمٍ لِعَيْبِ مَبِيعِهِ عَالِمًا بِهِ ذَاكِرًا لَهُ (وَ) بَائِعٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُدَلِّسِ (إنْ نَقَصَ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ عَيْبًا قَدِيمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِصِبْغِهِ مَثَلًا بِمَا لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ، وَإِنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ رَدَّ أَعْطَى أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَسَّكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ.
الْبُنَانِيُّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ بِكَصِبْغٍ فَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِنْ حَدَثَتْ زِيَادَةٌ كَالصِّبْغِ أَخَذَ الْأَرْشَ أَوْ يَرُدُّ وَيَكُونُ شَرِيكًا إلَخْ مَا نَصُّهُ، فَلَوْ كَانَ الصِّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ رَدُّهُ بِغَيْرِ غُرْمٍ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ الْأَرْشَ. اهـ. وَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ نَقْصٍ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآنَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ وَتَفْصِيلِهَا، وَسَيَتَكَلَّمُ عَلَى التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ اُنْظُرْ طفي، قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ نَسْخُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَتَعْمِيمُ كَلَامِهِ تَخْلِيطٌ لِلْمَسَائِلِ وَإِيقَاعٌ لِلتَّدَافُعِ فِي كَلَامِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ بِلَا دَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ وَالْقَطْعِ الْمُعْتَادِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالتَّدْلِيسِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ الَّذِي هُوَ كَالْعَدَمِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِلَا شَيْءٍ وَالرَّدِّ كَذَلِكَ فَإِدْخَالُهُ هُنَا
كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ، وَأَخْذِهِ مِنْهُ بِأَكْثَرَ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ.
وَرَدُّ سِمْسَارٍ جُعْلًا،.
ــ
[منح الجليل]
يُوجِبُ التَّنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى مَا قُلْنَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّرٌ غَنِيٌّ عَنْ التَّقْيِيدِ سَالِمٌ مِنْ التَّدَافُعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَشَبَّهَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَقَالَ (كَهَلَاكِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ (مِنْ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبِ (التَّدْلِيسِ) وَبِسَبَبِ عَيْبٍ غَيْرِ التَّدْلِيسِ، فَإِنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ الْمَبِيعَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبَقَ أَوْ حَارَبَ فَهَلَكَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ فَمِنْ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ كَمَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ:(أَوْ أَخْذِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِرَاءِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ (مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِ) ثَمَنٍ (أَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ وَأَعَادَهَا لِجَمْعِهَا مَعَ نَظَائِرِهَا وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ:(وَتَبَرٍّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ مِنْ بَائِعِ رَقِيقٍ (مِمَّا) أَيْ عَيْبِ (لَمْ يَعْلَمْ) هـ (الْبَائِعُ بِحَسَبِ إخْبَارِهِ) وَقَدْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ نَفَعَتْهُ بَرَاءَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ وَكَذَبَ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ عَيْبًا فَلَا تَنْفَعُهُ بَرَاءَتُهُ وَيَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةٍ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ بِهِ حَالَ بَيْعِهِ. .
(وَرَدُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (سِمْسَارٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ دَلَّالٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمَعِيبِ وَهُوَ فَاعِلُ رَدَّ وَمَفْعُولُهُ (جُعْلًا) أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّهُ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ دَلَّسَ السِّمْسَارُ أَمْ لَا. ابْنُ يُونُسَ إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِحُكْمٍ فَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ جُعْلَهُ لَهُ كَإِقَالَتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ كَالْعَيْبِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ إنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَعِيبَ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارَ الْجُعْلَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ الْعَيْبَ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَوَاطَأَ مَعَ الْبَائِعِ
وَمَبِيعٍ لِمَحِلِّهِ إنْ رَدَّ بِعَيْبٍ، وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا فَاتَ
ــ
[منح الجليل]
عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فِي حَالِ عِلْمِهِ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ أَخَذَ الْجُعْلَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَلَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ.
وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ: (وَرَدُّ مَبِيعٍ) مَعِيبٍ نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَحِلِّهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَاخْتَارَ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ فَرَدَّهُ (لِمَحِلِّهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ (إنْ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرَى لَهُ إلَى بَيْتِهِ مَثَلًا وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إنْ سَافَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْمَبِيعُ، أَيْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (إنْ قَرُبَ) الْمَوْضِعُ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَهُوَ مَا لَا كُلْفَةَ فِي نَقْلِهِ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ (فَاتَ) الرَّدُّ وَلِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْعَيْبِ. الْحَطّ وَيَفْتَرِقُ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا إحْدَاهُمَا: تَأْدِيبُ الْمُدَلِّسِ وَعَدَمُ تَأْدِيبِ غَيْرِهِ، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً وَبِهِ عَيْبٌ غَرَّ بِهِ وَدَلَّسَهُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ غَشَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَلَّسَ لَهُ بِعَيْبٍ أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى لِتَنَاهِي النَّاسِ عَنْ حُرُمَاتِهِ تَعَالَى، وَالْآخَرُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ.
الثَّانِيَةُ: فِي اللُّبَابِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ حُكْمُ مَا يَأْخُذُهُ الْمَكَّاسُ بِأَنْ اشْتَرَى حِمَارًا وَأَدَّى مَكْسَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ وَالرُّجُوعَ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَحْضُرْنِي نَقْلٌ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ إلَى الْخِلَافِ فِي مُبْتَاعٍ أَدَّى مَكْسًا ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ دَفْعُهُ أَمْ لَا: وَأُجْرِيَ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْ لِصٍّ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ أَوْ بِهِ، وَيُمْكِنُهُ
كَعَجْفِ دَابَّةٍ، وَسِمَنِهَا،
ــ
[منح الجليل]
أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ظُلْمٌ فَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْهُ وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشُّفْعَةِ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ رَدَّ بِعَيْبٍ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا وَإِلَّا فَلَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْبَائِعُ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَقٌّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. الثَّانِي: فِيهَا وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ لَهُ فَأَنْكَرَهُ أَحْلَفَهُ، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُهُ وَأُنْسِيتُهُ حِينَ الْبَيْعِ حَلَفَ أَنَّهُ نَسِيَهُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُبْتَاعِ الرَّدَّ، إذْ لَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ إذَا اخْتَارَ التَّمَسُّكَ وَالرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ التَّدْلِيسِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَالَ:(كَعَجَفِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ إثْرُهَا فَاءٌ أَيْ هُزَالِ (دَابَّةٍ) مِنْ النَّعَمِ أَوْ غَيْرِهِ (وَسِمَنِهَا) الْحَطّ أَمَّا الْعَجَفُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِخِيَارِ الْمُبْتَاعِ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالتَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: إنَّهُ مِنْ الْمُفِيتِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هُزَالِ الدَّابَّةِ أَنَّهُ فَوْتٌ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْهُزَالُ اهـ، فَفِي هُزَالِ الدَّابَّةِ طَرِيقَتَانِ، وَأَمَّا سِمَنُهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي سِمَنِ الدَّوَابِّ فَرَآهُ مَرَّةً فَوْتًا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بِهِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَمَرَّةً لَمْ يَرَهُ فَوْتًا، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّدُّ. اهـ. وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَوْلًا ثَالِثًا إنَّهُ فَوْتٌ خَرَّجَهُ عَلَى الْكِبَرِ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي لَغْوِ السِّمَنِ وَكَوْنِهِ مِنْ الثَّالِثِ أَوْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْكِبَرِ.
وَعَمًى، وَشَلَلٍ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: يَتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ مِنْ جَمْعِ الْمُصَنِّفِ الْهُزَالَ وَالسِّمَنَ أَنَّ السِّمَنَ عَيْبٌ يَرُدُّ أَرْشَهُ مَعَ الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زِيَادَةِ الْبَدَنِ بِالسِّمَنِ: الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ صَلَاحُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ بَيْنِ السِّمَنِ لَغْوٌ. الثَّالِثُ: مَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ الرَّقِيقِ وَسِمَنَهُ لَيْسَا فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا هُزَالُ الذَّكَرِ مِنْ الرَّقِيقِ وَسِمَنُهُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَأَمَّا سِمَنُ الْجَوَارِي وَعَجَفُهُنَّ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَرَآهُ ابْنُ حَبِيبٍ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْعَيْبِ (وَعَمًى وَشَلَلٍ وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ) الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَمَةٍ، فَالْعَبْدُ كَذَلِكَ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ، وَشِبْهِهِ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ نُقْصَانٌ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا وَمَا نَقَصَهَا النِّكَاحُ أَيْ أَوْ يَمْسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ مِنْ زِنًا أَوْ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَلَيْسَ بِنَقْصٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ بِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ قَبْلَ شِرَائِهِ اهـ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَأَمَّا النَّقْصُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ مِثْلَ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ زِنَاهُ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ شِبْهِهِ مِمَّا يُنْقِصُ قِيمَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ تَزْوِيجَ الرَّقِيقِ عَيْبٌ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي زَوَالِهَا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ الْبَاقِيَةُ عَيْبًا اتِّفَاقًا وَالزَّائِلَةُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فَهِيَ فَوْتٌ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ مَعَ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ وَالتَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ. وَأَمَّا عُيُوبُ الْأَخْلَاقِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ
وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ. إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ؛.
ــ
[منح الجليل]
قَدِيمٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا عُيُوبٌ يَرُدُّ أَرْشَهَا إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُيُوبٍ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. اهـ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّزْوِيجِ تَبَعًا لَهَا وَلْيُرَتَّبْ عَلَيْهِ جَبْرُهُ بِالْوَلَدِ. .
(وَجُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ (بِالْوَلَدِ) الَّذِي وَلَدَتْهُ الْأَمَةُ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَبْرَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ عَنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَكَأَنَّهُ بِجَبْرِهِ لَمْ يَكُنْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِهِ غَيْرَ عَيْبِ النِّكَاحِ. اللَّخْمِيُّ مَوْتُ الْوَلَدِ كَعَدَمِ وِلَادَتِهِ، وَهَلْ جَبْرُ الْوَلَدِ عَيْبُ التَّرْوِيجِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ، أَوْ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ مَعَ الْوَلَدِ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ. " غ " أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ صِفَةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ: قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةٌ وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانُونَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِهِ وَبِعَيْبِ النِّكَاحِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ ثَمَانِينَ فَقَدْ جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ النِّكَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ رَدُّهَا وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَا ذُكِرَ سَبْعِينَ خُيِّرَ فِي إمْسَاكِهَا وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَهُوَ خُمُسُ ثَمَنِهَا وَرَدِّهَا وَدَفْعِ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ وَهُوَ الْعُشْرُ. اهـ. وَهُوَ مَعْنَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ.
ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ رَدُّهَا بِوَلَدِهَا وَحَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ الْبَائِعُ (بِ) الْعَيْبِ (الْحَادِثِ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِلَا أَخْذِ أَرْشِهِ (أَوْ يَقِلَّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا. فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ فِي الْيَسِيرِ فَقِيلَ: مَا أَثَّرَ نَقْصًا يَسِيرًا فِي الثَّمَنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ
فَكَالْعَدَمِ: كَوَعْكٍ، وَرَمَدٍ، وَصُدَاعٍ، وَذَهَابِ ظُفُرٍ، وَخَفِيفِ حُمَّى، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ، وَقَطْعِ مُعْتَادٍ. .
ــ
[منح الجليل]
يُؤَثِّرْ فِيهِ نَقْصًا أَصْلًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَبْهَرِيُّ، وَلَفْظُهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةُ سُوقٍ وَلَا نَمَاءٌ وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ حَدَثَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ كَرَمَدٍ وَكَيٍّ وَدُمَّلٍ وَحُمَّى وَصُدَاعٍ، وَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا انْتَهَى (فَ) هُوَ (كَالْعَدَمِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْقَلِيلِ فَقَالَ:(كَوَعْكٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَرَضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهُ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُوضِحَةُ وَنَحْوُهَا، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَرَدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَهَا.
وَأَمَّا إنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ مَعَهُ مَا شَانَهُ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَمَثَّلَهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ (وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَذَهَابِ ظُفُرٍ) فِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ ذَهَابُ الظُّفُرِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا زَوَالُ الْأُنْمُلَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي أَنَّهُ خَفِيفٌ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ (وَخَفِيفِ حُمَّى) وَهِيَ مَا لَا تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (وَوَطْءِ ثَيِّبٍ وَقَطْعِ) أَيْ تَفْصِيلٍ لِشُقَّةٍ وَنَحْوِهَا (مُعْتَادٍ) لِلْمُشْتَرَى أَوْ بِبَلَدِ التَّجْرِبَةِ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ مِنْ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُرَدُّ أَرْشُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُدَلِّسِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَفْهُومُ مُعْتَادٍ فَوْتُهُ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ قَالَ فِيهَا: فَإِنْ قَطَعَ الثِّيَابَ قُمُصًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ فَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ فِي حَبْسِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ أَوْ رَدِّهِ وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ، فَإِنْ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ إنْ رَدَّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجُلُودُ تُقْطَعُ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ الْمُشْتَرِي بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ فَسَادٌ فَإِنْ فَعَلَ فِيهِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ الْوَشِيّ خِرَقًا أَوْ تَبَابِينَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَذَلِكَ فَوْتٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ
وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ. فَالْأَرْشُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ وَهَرَمٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النَّقْصُ بِمَا أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَحْدُثَ فِي مِثْلِهِ كَصِبْغِ الثَّوْبِ وَتَقْطِيعِهِ فَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ فَهَذَا فَوْتٌ بِاتِّفَاقٍ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهِ وَدَفْعِ أَرْشِ نَقْصِهِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ أَرْشَ نَقْصِهِ. الْحَطّ إذَا عَلِمْت هَذَا فَعَدُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ بِلَا شَيْءٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فِي التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ الْمُعْتَادُ. .
(وَ) التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ (الْمُخْرِجُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَبِيعَ (عَنْ) الْغَرَضِ (الْمَقْصُودِ) مِنْهُ (مُفِيتٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لِرَدِّهِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ، وَإِذَا فَاتَ رَدَّهُ (فَالْأَرْشُ) لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ دَلَّسَ أَمْ لَا، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَتِهِ مَا نَقَصَتْهُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى، وَظَاهِرُهُ تَعَيُّنُ الْأَرْشِ وَلَوْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ الَّذِي لَمْ يُذْهِبْ عَيْنَهُ وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَسِّطِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا، وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَابِرٌ لِلْحَادِثِ عِنْدَهُ إذْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إلَّا فِي الْمُتَوَسِّطِ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفَوْتُهُ حِسًّا إلَخْ، لِأَنَّهُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَمَا هُنَا فِيمَا بَقِيَ فِيهَا وَحَدَثَ فِيهِ تَغَيُّرٌ مُفِيتٌ. وَمَثَّلَ لِلْمُخْرِجِ فَقَالَ:(كَكِبَرِ) حَيَوَانٍ (صَغِيرٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعِيرًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ جِنْسٌ وَالْكَبِيرَ جِنْسٌ. الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُتَوَسِّطٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ هَدْمَ الْعَقَارِ أَوْ بِنَاءً فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ نَفَقَةُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوْتٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ يَسِيرًا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَيْسَ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُنْفِقَ النَّفَقَةَ الْكَثِيرَةَ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْهَدْمِ فَيَرُدُّهُ بِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ (وَهَرَمٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ ضَعْفِ قُوَّةٍ عَنْ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا.
وَقِيلَ: مُتَوَسِّطٌ، وَشَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَقِيلَ: خَفِيفٌ وَأَنْكَرَ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ فَنَقَلَ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ ضَعْفُ قُوَّتِهِ وَذَهَابُ
وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ: إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَهُ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ. .
ــ
[منح الجليل]
مَنْفَعَتِهِ كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: ضَعَفَهُ ضَعْفًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ. الْبَاجِيَّ الصَّحِيحُ عِنْدِي ضَعَفَهُ عَنْ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا. (وَافْتِضَاضِ) بِالْقَافِ أَوْ الْفَاءِ وَضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ إزَالَةُ بَكَارَةِ أَمَةٍ (بِكْرٍ) عَلِيَّةٍ أَوْ وَخْشٍ. الْحَطّ عَدَّهُ فِي الْمُفِيتِ مُخَالِفًا لِلْمَنْصُوصِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ و " غ "، وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ بِالْعَلِيَّةِ، وَنَصُّ الشَّامِلِ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَكَاقْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقِيلَ: فَوْتٌ، وَقِيلَ: إلَّا فِي الْوَخْشِ فَكَالْعَدِمِ (وَقَطْعٍ) لِشُقَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَبَرَانِسَ أَوْ قِلَاعٍ لِمَرْكَبٍ أَوْ قَلَانِسَ أَوْ شُقَّةِ الْحَرِيرِ تَبَابِينَ أَيْ سَرَاوِيلَاتٍ صَغِيرَةٍ تَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَبَعْضِ الْمُخَفَّفَةِ فَقَطْ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا.
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَرْشُ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَهْلِكَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمَبِيعُ (بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ عَلِمَهُ وَقْتَ بَيْعِهِ وَكَتَمَهُ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقَتَلَ (أَوْ) يَهْلِكَ (بِ) شَيْءٍ (سَمَاوِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلسَّمَاءِ أَيْ لَا دَخْلَ لِآدَمِيٍّ فِيهِ (زَمَنَهُ) أَيْ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (كَمَوْتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ الَّذِي دَلَّسَ بَائِعُهُ بِإِبَاقِهِ فَأَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ (فِي) زَمَنِ (إبَاقِهِ) بِأَنْ اقْتَحَمَ نَهْرًا أَوْ تَرَدَّى مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ مَاتَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا أَوْ دَلَّسَ بِجُنُونِهِ فَاخْتَنَقَ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ أَوْ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنَهُ وَبِقَوْلِهِ فِي إبَاقِهِ عَنْ مَوْتِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَطْ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا دَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ نَقَصَ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ ثَمَنِهِ، كَتَدْلِيسِهِ بِمَرَضِهِ فَمَاتَ بِهِ أَوْ بِسَرِقَتِهِ فَيَسْرِقُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ فَيَمُوتُ بِهِ، أَوْ بِإِبَاقِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَوْ بِجُنُونِهِ فَيُخْنَقُ فَيَمُوتُ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُبْتَاعُ الْبَيِّنَةَ فِيمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
حَدَثَ مِنْ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ. وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا مَعَ مَا نَقَصَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَرْجِعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَا فَسَّرْنَا اهـ.
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضْمَنُهُ إذَا دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ إلَّا إذَا هَلَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَضْمَنُ إذَا أَبَقَ وَغَابَ عَرَفَ هَلَاكَهُ أَمْ لَا وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَلَفْظُهَا أَوْ أَبَقَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ فَهَلَكَ أَوْ ذَهَبَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَظَاهِرُ الْأُمَّهَاتِ ضَمَانُهُ بِنَفْسِهِ إبَاقُهُ الْحَطّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ، وَذَكَر نَصَّهُمَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ هُوَ قَوْلُهُ سَابِقًا كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ ذَكَرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُنَا لِأَنَّهُ مَحِلُّهُ. الْحَطّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ وَأَبَقَ الرِّقُّ وَمَاتَ فِي إبَاقِهِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْإِبَاقِ فَقَطْ، وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، قَالَ: رَوَى سَحْنُونٌ أَنَّ السَّبْعَةَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ قَالُوا فِيمَنْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَهَلَكَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مُبْتَاعُهُ ثَمَنَهُ كُلَّهُ. بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ دَلِيلُهُ الْمَرْأَةُ تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا فَلِزَوْجِهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّهَا مُدَلِّسَةٌ بِعَيْبِهَا فَكَذَلِكَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -
وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، وَهَلَكَ بِعَيْبِهِ: رَجَعَ عَلَى الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ فَإِنْ زَادَ: فَلِلثَّانِي، وَإِنْ نَقَصَ: فَهَلْ يُكَمِّلُهُ؟ قَوْلَانِ:. .
ــ
[منح الجليل]
: إذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ فَقَامَ الْمُبْتَاعُ بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يَأْبَقْ مِنْكَ وَقَدْ غَيَّبْتَهُ أَوْ بِعْتَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرُ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا غَيَّبَهُ وَلَا بَاعَهُ وَلَقَدْ أَبَقَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ اهـ. .
(وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (الْمُشْتَرِي) قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (وَهَلَكَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (بِعَيْبِهِ) أَيْ التَّدْلِيسِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (عَلَى) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ) رُجُوعُهُ (عَلَى بَائِعِهِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِعَدَمِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ بَعِيدًا وَلَا مَالَ لَهُ، وَصِلَةُ رَجَعَ (بِالثَّمَنِ) الْأَوَّلِ فَإِنْ سَاوَى الثَّمَنَ الثَّانِي فَوَاضِحٌ (فَإِنْ زَادَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي (فَ) الزَّائِدُ (لِ) لْبَائِعِ اَ (لثَّانِي) فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. الْمُصَنِّفُ وَفِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الزَّائِدَ عَلَى ثَمَنِهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُبَرِّئُ الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ مِنْهُ. (وَإِنْ نَقَصَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَنْ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْطِهِ الْمُدَلِّسُ غَيْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (فَهَلْ يُكَمِّلُهُ) أَيْ الثَّمَنَ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَائِعُ (الثَّانِي) لِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الزَّائِدَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا يُكَمِّلُهُ لَهُ لِرِضَاهُ بِاتِّبَاعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رُجُوعِهِ عَلَى الثَّانِي، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ. وَقَيَّدَ الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَإِلَّا كَمَّلَ لَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَنَقَصَهُ عَيْبُهُ عِشْرِينَ خُمُسَ الْمِائَةِ فَيُكَمِّلُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ أَرْشَ الْعَيْبِ بِعَشَرَةٍ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ
وَلَمْ يُحَلِّفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ.
ــ
[منح الجليل]
يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَالَهُ " د "، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ. وَقَالَ الطِّخِّيخِيُّ: يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ. .
(وَ) إنْ ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي عَيْبٌ قَدِيمٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي عِلْمَهُ بِهِ حِينَ شِرَائِهِ (لَمْ يَحْلِفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) شَيْئًا عَلِمَ عَيْبَهُ الْقَدِيمَ بَعْدَ شِرَائِهِ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَ (اُدُّعِيَتْ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (رُؤْيَتُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ حِينَ شِرَائِهِ فَأَنْكَرَهَا الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ دَعْوَى رُؤْيَتِهِ (بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ) مِنْ الْبَائِعِ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ شِرَائِهِ، أَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ، أَوْ خَفِيًّا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِتَقْلِيبِ الْمَبِيعِ وَمُعَايَنَتِهِ فَيَحْلِفُ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَهُ الرَّدُّ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا رَدَّ لَهُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا وَأَقَرَّ بِالْمُعَايَنَةِ وَالتَّقْلِيبِ وَالرِّضَا فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا اهـ عِبْ.
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ مِنْ الْحَلِفِ وَالرَّدِّ خِلَافَ مَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ، وَخِلَافُ مَا حَقَّقَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِهِ، وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَنَصُّهُ كَلَامُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الظَّاهِرَ مُشْتَرَكٌ أَوْ مُشَكَّكٌ يُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ اخْتَبَرَ الْمَبِيعَ تَقْلِيبًا، كَكَوْنِ الْعَبْدِ مُقْعَدًا أَوْ مَطْمُوسَ الْعَيْنَيْنِ، وَعَلَى مَا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَلَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ كَكَوْنِهِ أَعْمَى وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ، فَالْأَوَّلُ لَا قِيَامَ بِهِ، وَالثَّانِي يُقَامُ بِهِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ " غ " فِيهِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَرُدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَشُكُّ أَنَّهُ لَا يَخْفَى مِثْلَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْعَوَرِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَمَّا الْعَوَرُ فَإِنْ كَانَ قَائِمَ الْعَيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ نُورُهَا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَدَّ بِهِ، وَإِنْ طَالَ،
وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرٍ. .
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ كَانَ مَطْمُوسَ الْعَيْنِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَإِنْ قَرُبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ الشِّرَاءِ.
وَلَوْ قِيلَ: لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لَكَانَ وَجْهًا، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ إذَا كَانَ قَدْ قَلَبَ يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ: كَتَمَنِي الْعَبْدُ هَذِهِ الْيَدَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ وَقَطْعُ الرِّجْلِ أَبْيَنُ أَنْ لَا يُمْكِنَ مِنْ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ مَا تَصَرَّفَ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَانَ الشِّرَاءُ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَوْ ابْتَاعَ بَعْضُ النَّخَّاسِينَ عَبْدًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى ضَرَعَ وَنَقَصَ حَالُهُ فَوَجَدَ عَيْبًا لَمْ أَرَ أَنْ يُرَدَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَى، فَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَإِلَّا خَاصَمَ، فَأَرَى أَنْ يُلْزِمَ هَؤُلَاءِ فِيمَا عَلِمُوا وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَ عَيْبًا يَخْفَى أَحْلَفَ أَنَّهُ مَا رَآهُ وَرَدَّ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَزِمَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ حَلَفَ مَا رَآهُ وَرَدَّهُ إنْ أَحَبَّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ لَزِمَهُ، وَلَا رَدَّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ رَدَّهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ. .
(وَ) إنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ رَدَّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ وَأَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ رِضَاهُ بِهِ بَعْدَهُ فَ (لَا) يَحْلِفُ مُشْتَرٍ ادَّعَى عَلَيْهِ (الرِّضَا بِهِ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَأَنْكَرَهُ (إلَّا) إنْ حَقَّقَ الْبَائِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (بِدَعْوَى) الْبَائِعِ إخْبَارَ (مُخْبِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَوَّلًا أَنَّ مُخْبِرًا صَادِقًا أَخْبَرَهُ بِرِضَاهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَهُ وَلَهُ رَدُّهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ الْمُخْبِرَ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، فَإِنْ سَمَّاهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسُئِلَ الْمُخْبِرُ فَشَهِدَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ خِلَافُ مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَنَصُّهُ فَفِي حَلِفِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ أُخْبِرْت بِرِضَاكَ بِالْعَيْبِ مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ الْمُخْبِرَ وَلَوْ
وَلَا بَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ.
وهَلْ يُفْرَقُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ.
ــ
[منح الجليل]
مَسْخُوطًا أَوْ حَلَفَ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِهِ. وَرَابِعُهَا: هَذَا بِزِيَادَةِ خَبَرِ صِدْقٍ. وَخَامِسُهَا: لَا يَحْلِفُ إلَّا بِتَعْيِينِ مُخْبِرٍ مَسْتُورٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ، وَالثَّالِثُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَ) مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ فَادَّعَى قِدَمَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ قِدَمَهُ فَلَا يَحْلِفُ (بَائِعٌ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَمْ يَأْبَقْ) عِنْدَهُ (لِإِبَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ (بِالْقُرْبِ) مِنْ شِرَائِهِ إذْ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ قِدَمَهُ وَلِئَلَّا يُعَنِّتَهُ بِتَحْلِيفِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرِهَا سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ صَادِقٍ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي تَحْقِيقِ الدَّعْوَى وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي تَعْيِينِ الْمُخْبِرِ هُنَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَصْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْآبِقَ مَنْ هَرَبَ بِلَا سَبَبٍ وَالْهَارِبَ مَنْ فَرَّ لِزِيَادَةِ عَمَلٍ أَوْ شُغْلٍ، وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الْآبِقَ فِيهِمَا، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ عَبْدٍ لَهُ: يُمْكِنُ أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ عِنْدَكَ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَفِيهَا لَوْ أَبَقَ بِقُرْبِ بَيْعِهِ فَقَالَ: أَخْشَى أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ: أُخْبِرْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك وَقَدْ أَبَقَ عِنْدِي أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَكَ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ اتِّفَاقًا إنْ عَلِمَ إبَاقَهُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ: أَبَقَ عِنْدَكَ أَوْ سَرَقَ أَوْ زَنَى أَوْ جُنَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ حَلَّفَهُ خِلَافًا لِ أَشْهَبَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا اهـ. .
(وَ) إنْ بَيَّنَ الْبَائِعِ بَعْضَ عَيْبِ مَبِيعِهِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ عَيْبِهِ فَ (هَلْ يُفْرَقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (بَيْنَ) بَيَانِ (أَكْثَرِ الْعَيْبِ) بِأَنْ قَالَ: يَأْبَقُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ يَأْبَقُ عِشْرِينَ فَ (يَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي (بِ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الزَّائِدِ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ فِي الْمِثَالِ بِأَنْ يُقَوِّمَ مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ فَقَطْ ثُمَّ يُقَوِّمُ
وَأَقَلِّهِ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا.
ــ
[منح الجليل]
مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ وَالْمَكْتُومِ مَعًا، وَيَنْسِبُ نَقْصَ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى وَيَرُدُّ الْبَائِعُ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ بِالْمُبَيَّنِ وَحْدَهُ عَشَرَةٌ وَقِيمَتُهُ بِهِمَا ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ ثَمَنِهِ. (وَ) بَيَّنَ بَيَانَ (أَقَلِّهِ) أَيْ الْعَيْبِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي (بِالْجَمِيعِ) أَيْ ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ وَهَلَاكِهِ فِيمَا كَتَمَهُ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الزَّائِدِ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَيَانِ الْأَكْثَرِ وَالْهَلَاكِ فِيمَا بَيَّنَ أَوْ فِيمَا كَتَمَ، وَاعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا الثَّانِي إنَّمَا فَرَضَهُ فِي بَيَانِ النِّصْفِ قَالَهُ عِبْ. زَادَ طفي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ فِي بَيَانِ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا، وَقَدْ أَحْسَنَ فِي الشَّامِلِ مَسَاقَهُ فَقَالَ: لَوْ كَتَمَ بَعْضَ عَيْبِهِ فَقَالَ: أَبَقَ شَهْرًا وَقَدْ أَبَقَ سَنَةً، أَوْ ذَكَرَ دُونَ مَسَافَةِ إبَاقِهِ فَهَلَكَ فِي إبَاقِهِ فَقِيلَ: إنْ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ لَهُ فَالْأَرْشُ فَقَطْ، وَفِيمَا كَتَمَهُ فَالثَّمَنُ كُلُّهُ.
وَقِيلَ: إنْ قَالَ: أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ. وَقِيلَ: إنْ بَيَّنَ لَهُ الْأَكْثَرَ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ أَوْ الْأَقَلَّ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ اهـ كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَهَذَا اغْتِرَارٌ مِنْهُمَا بِأَوَّلِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَا، وَنَصُّ " ق " وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا وَنَصُّهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا قَالَ: أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ كَانَ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا كَتَمَهُ بِخِلَافِ إنْ دَلَّسَ بِجَمِيعِ الْإِبَاقِ اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إلَخْ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصْفِ مَا عَدَا الْجَمِيعِ فَيُصَدَّقُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ، فَلَمْ يَشْرُقْ بِمَا ذَكَرَ لِلِاعْتِرَاضِ، نَعَمْ فِيهِ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَنَصُّهُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي ابْنِ يُونُسَ لَيْسَتْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ خَلِيلٍ أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا بَيَّنَ بَعْضَ الْعَيْبِ فَبَعْضُهَا يَنْظُرُ لِلْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَبَعْضُهَا وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَوْ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيْنَهُ أَوْ لَا
؟ أَقْوَالٌ. .
وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ.
ــ
[منح الجليل]
أَوْ) يُفْرَقُ (بَيْنَ هَلَاكِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (فِيمَا بَيَّنَهُ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ فَقَطْ (أَوْ لَا) يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ، بَلْ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) .
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ عَيْنُ الْحُكْمِ. الثَّانِي: تت لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حُكْمَ بَيَانِ النِّصْفِ. الثَّالِثُ: عِبْ لَوْ قَالَ: بَدَلَ " أَوْ لَا "" أَوْ غَيْرَهُ " لَكَانَ أَظْهَرَ، إذْ رُبَّمَا يَسْرِي لِلذِّهْنِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا قَوْلٌ رَابِعٌ، وَأَنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ يُفْرَقُ وَلْيَسْلَمْ مِنْ عَطْفِهِ بِأَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِ حُمَيْدٍ الْهِلَالِيُّ الصَّحَابِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ
…
مَا بَيْنَ مُلْجِمٍ مُهْرَهُ أَوْ سَافِعٍ
قَالَهُ د. .
(وَ) إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي (رَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ) وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الْمَرْدُودِ مِنْ ثَمَنِ الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِتَقْوِيمِ السَّلِيمِ وَحْدَهُ، وَالْمَعِيبِ وَحْدَهُ، وَجَمْعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَنِسْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا أَوْ تَقْوِيمِهِمَا مَعًا، ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ وَنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا، وَعَلَى كُلٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ثَمَنِهِمَا مِثْلُ نِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِلْمَجْمُوعِ أَوْ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا، هَذَا إذَا
وَرُجِعَ بِالْقِيمَةِ، إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ،.
ــ
[منح الجليل]
كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا. (وَ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إذَا رَدَّ الْبَعْضَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ (بِ) حِصَّةِ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ مِنْ (الْقِيمَةِ) لِلثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ) لِلْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِهِ (سِلْعَةً) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ شَيْئًا مُقَوَّمًا فِي الشَّارِحِ وتت وَق وَالتَّوْضِيحِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لِقِيمَةِ الْمَجْمُوعِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الثَّمَنُ.
تت كَسِتَّةِ كُتُبٍ بِدَارٍ ظَهَرَ عَيْبٌ بِأَحَدِهَا وَرُدَّ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْأَصَحِّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ قُوِّمَتْ السِّتَّةُ بِسِتِّمِائَةٍ وَالْمَعِيبُ بِمِائَةٍ رَجَعَ بِسُدُسِ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِسُدُسِ الدَّارِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْبَعْضُ الْمَعِيبُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ، بَلْ إمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يَرُدُّهُ أَوْ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ التُّونُسِيِّ إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَوْ تَرُدَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ. الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ الرِّضَا بِالْجَمِيعِ، أَوْ الرِّضَا بِالسَّالِمِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَشْيَاءَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَلْفَى فِي بَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَفِيهِ رَجَاءُ الْفَضْلِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً فَوَجَدَ بِصِنْفٍ مِنْهَا عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ يَقَعَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ وَهُوَ مِائَةٌ فَلْيَرُدَّ الْجَمِيعَ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَوْقَعَ الْمَعِيبَ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ فَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَلَا يَرُدُّ إلَّا الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ وَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ فَهُوَ وَجْهُهَا، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ وَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَهُ ذَلِكَ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَالْعَيْبُ بِأَعْلَاهُ فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا فَوَجَدَ بِبَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ جَمِيعِهَا أَوْ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ.
الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالسَّالِمِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ ظَهَرَ بِأَعْلَاهُمَا عَيْبٌ فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ رَدَّ الْأَعْلَى أَوْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَحْبِسَ الْأَدْنَى لِأَنَّهُ كَشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. الرَّابِعُ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا زَادَتْ حِصَّتُهُ بِالْمَعِيبِ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ. الْخَامِسُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، فَأَمَّا إذَا انْتَقَضَ وَظَهَرَ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَلَا تَفْرِيقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا وَفَاتَ.
قَالَ فِي النُّكَتِ: إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَأَلْفَى الْآخَرَ مَعِيبًا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَدْ فَاتَ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا لَمْ يَفُتْ فَهَهُنَا يَفْتَرِقُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ عَرْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَهَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَفْتَرِقْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا لِأَنَّهُ إنْ كُلِّفَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهَا عَيْنًا وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا قَدْ فَاتَ صَارَ كَالْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ عَيْنٌ اهـ،
أَوْ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ، أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا. .
ــ
[منح الجليل]
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا فِي ذَلِكَ. السَّادِسُ: فِيهَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَصَفَاهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلِلْمُبْتَاعِ بِيَمِينِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ: الْقَوْلُ لِلْمُبْتَاعِ انْتَقَدَ أَوْ لَا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ. (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أَحَدَ) شَيْئَيْنِ (مُزْدَوِجَيْنِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَقِيقَةً كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَمِصْرَاعَيْنِ، أَوْ حُكْمًا كَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِحِصَّتِهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ إلَّا بِرِضَاهُمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرِدَّةٌ أُخْرَى يَتِمُّ بِهَا الِانْتِفَاعُ فَلَا يَلْزَمُ إضَاعَةُ الْمَالِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أُمًّا) رَقِيقَةً (وَوَلَدَهَا) الرَّقِيقَ غَيْرَ الْمُثْغِرِ الْمَبِيعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَيْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَحْدَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الْمُحَرَّمَةِ إنْ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ وَإِلَّا جَازَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ فَأَصَابَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ، فَإِمَّا رَدَّهُمَا جَمِيعًا أَوْ قَبِلَهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِأَخٍ لِصَاحِبِهِ أَوْ كَانَتْ نِعَالًا فُرَادَى فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي شِرَاءِ الْجُمْلَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ حَبْسُهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَحُكْمُ الْأُمِّ تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا فَيُوجَدُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ حُكْمُ مَا لَا يَفْتَرِقُ. ابْنُ رُشْدٍ كُلُّ زَوْجَيْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَوُجُودُ الْعَيْبِ بِأَحَدِهِمَا كَوُجُودِهِ بِهِمَا جَمِيعًا.
فِي التَّوْضِيحِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ فِيمَنْ أَتْلَفَ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُمَا، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِفْرًا مِنْ دِيوَانٍ سِفْرَيْنِ فَقِيلَ: يَرُدُّ السَّالِمَ وَمَا نَقَصَ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ كَامِلًا، فَإِنْ عِشْرُونَ قِيلَ: مَا قِيمَةُ السَّالِمِ وَحْدَهُ، فَإِنْ قِيلَ: خَمْسَةٌ رَدَّهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُمَا. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ إذَا بِيعَ الدِّيوَانُ وَظَهَرَ عَيْبٌ فِي أَحَدِ سِفْرَيْهِ رَدَّهُمَا مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَ) إنْ اشْتَرَى أَشْيَاءَ مُقَوَّمَةً كَثِيَابٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَكْثَرَهَا
وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةً بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ: فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ، وَرَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ. .
ــ
[منح الجليل]
فَ (لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِ) بَعْضٍ (أَقَلَّ) أَيْ قَلِيلٍ مِنْ مَبِيعٍ مُقَوَّمٍ مُتَعَدِّدٍ (اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِاسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَالتَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ إنْشَاءُ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، إذْ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمُسْتَحَقِّ وَالْبَاقِي وَنِسْبَةِ قِيمَةِ الْبَاقِي لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَرَأَى أَنَّهَا جَهَالَةٌ طَرَأَتْ بَعْدَ تَمَامِ الشِّرَاءِ كَالْجَهَالَةِ الطَّارِئَةِ بِظُهُورِ عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْعَيْبِ الِاسْتِحْقَاقَ وَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ. (وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ) عَطْفٌ عَلَى دِرْهَمَانِ أَوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ (تُسَاوِي) السِّلْعَةُ (عَشَرَةً) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ سِلْعَةٍ بِيعَا (بِثَوْبٍ) فَقِيمَتُهُ بِحَسَبِ تَرَاضِيهِمَا اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا (فَاسْتُحِقَّتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ ظَهَرَتْ (السِّلْعَةُ) مِلْكًا لِغَيْرِ بَائِعِهَا أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ وَرَدَّهَا مُشْتَرِيهَا فَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ، إذْ هِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا (وَ) قَدْ (فَاتَ الثَّوْبُ) الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِهِمَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَلَهُ) أَيْ مُشْتَرِيهِ السِّلْعَةُ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ وَالدِّرْهَمَانِ بِالثَّوْبِ (قِيمَةُ الثَّوْبِ) الْفَائِتِ (بِكَمَالِهِ) وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا (وَرَدُّ) مُشْتَرِي السِّلْعَةِ وَالدِّرْهَمَيْنِ وُجُوبًا (الدِّرْهَمَيْنِ) الْبَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ السِّلْعَةِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَهِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ تَمَسُّكًا بِأَقَلَّ مَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ شَرْطَ حُرْمَتِهِ عَدَمُ فَوَاتِ الثَّمَنِ وَقَدْ فَاتَ هُنَا.
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ فَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ فَيَرُدُّ الدِّرْهَمَيْنِ، وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ إنْ فَاتَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْجِعُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِقِيمَتِهَا إنْ فَاتَ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْهَا وَرَدَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ
وَرَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ.
وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةً قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَرَدَّ لَهُ سَبْعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجَعَ بِعَشَرَةٍ اتِّفَاقًا، وَيُقَاصِصُ بِالدِّرْهَمَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَمْلِكُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِ بِغَيْرِ مُقَاصَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. طفي تَفْرِيعُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ مُطْلَقٌ فَاتَ الْعِوَضُ أَمْ لَا، مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْفَسْخِ مَعَ فَوَاتِهِ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى هَذَا.
وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَسْأَلَةَ الدِّرْهَمَيْنِ هَذِهِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ: وَنَفْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَقَدَّمَا فِي الْعُيُوبِ فِيمَنْ رَدَّ أَعْلَى الْمَعِيبِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ، لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَالْمُسْتَحَقِّ وَفَوَاتُ الْأَدْنَى كَالدِّرْهَمَيْنِ اهـ. وَنَصُّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْعُيُوبِ وَإِذَا رَدَّ أَعْلَى الْمَبِيعِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ وَعِوَضُهُ عَيْنٌ أَوْ غَيْرُ مِثْلِيٍّ فَاتَ، فَفِي مُضِيِّ الْأَدْنَى بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ قِيمَتِهِ لِأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا: إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ مَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ. وَفِيهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ الْفَوَاتِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ اعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ فِيهِ. قُلْت وَالْعُذْرُ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّتُهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ دِيوَانِهِ. .
(وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ شَيْئًا مِنْ وَاحِدٍ وَوَجَدَا فِيهِ عَيْبًا جَازَ (رَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ) لِشَيْءٍ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَوْ أَبَى بَائِعُهُ وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ قَبْلَهُ: إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ مَعًا وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ شَخْصَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا جَازَ رَدُّ مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ شَيْئًا ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ (عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ) نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ نَصِيبِ
وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ أَوْ قِدَمِهِ، إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي. وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ.
ــ
[منح الجليل]
الْآخَرِ الْمَازِرِيُّ وَتُعَدُّ صَفْقَتُهُمَا صَفْقَتَيْنِ (وَ) إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا فِي الْبَيْعِ خَفِيًّا كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَ (الْقَوْلُ) لِلْبَائِعِ (فِي) نَفْيِ وُجُودِ (الْعَيْبِ) الْقَدِيمِ الْخَفِيِّ فِي الْمَبِيعِ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهِيَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ إلَّا لِضَعْفِ قَوْلِهِ، فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَوْلٍ فِي فَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرٍ (أَوْ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ (قِدَمِهِ) أَيْ الْعَيْبِ بِيَمِينٍ تَارَةً وَدُونَهَا تَارَةً كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَدِيمٌ آخَرُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ قَدِيمٌ.
وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ، وَأَمَّا إنْ صَاحَبَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي الْحَادِثِ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ وَجَبَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ نَقْصَهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ حَدَثَ عِنْدَكَ فَهُوَ مُدَّعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ سَبَقَهُ بِهِ الْبَاجِيَّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قِدَمِهِ فَقَالَ:(إلَّا بِشَهَادَةِ) أَهْلِ (عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي) بِقِدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ قَطَعَتْ بِصِدْقِهِ (وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (بِصِدْقِهِ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، فَإِنْ ظَنَّتْ قِدَمَهُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ظَنَّتْ حُدُوثَهُ أَوْ شَكَّتْ حَلَفَ الْبَائِعُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ قَطَعَتْ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَبِحُدُوثِهِ فَلِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ شَهَادَةُ أَهْلِهَا مُسْتَدِلِّينَ بِهَا وَأَوْلَى شَهَادَتُهُمْ بِالْمُعَايَنَةِ. وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ كَالْعَمَى مَعَ سَلَامَةِ الْحَدَقَةِ. وَأَمَّا الظَّاهِرُ لِلَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ قَلَّبَ الْمَبِيعَ كَالْإِقْعَادِ وَطَمْسِ الْعَيْنَيْنِ فَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي شَهَادَةُ الْعَادَةِ بِقِدَمِهِ وَلَوْ قَطَعَتْ لَحَمَلَهُ عَلَى عِلْمِهِ حِينَ شِرَائِهِ وَرِضَاهُ بِهِ.
وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ وَإِنْ مُشْتَرِكَيْنِ، وَيَمِينُهُ بِعْتُهُ وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ، وَأَقْبَضْتُهُ، وَمَا هُوَ.
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ النَّظَرِ فِي الْعَيْبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُوجِبُ الرَّدَّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُوجِبُهُ فَلِلْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَابْنِ مُزَيْنٍ وَغَيْرِهِمَا يَسْقُطَانِ لِأَنَّهُ تَكَاذُبُ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ تَكَافَآ فِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا حُكِمَ بِالْأَعْدَلِ. قُلْت: الْجَارِي عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِيهَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ لِأَنَّهَا زَادَتْ لِقَوْلِهَا الْأَصْلُ السَّلَامَةُ ثُمَّ وَجَدْت لِابْنِ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ أَفْتَى بِهَذَا قَائِلًا هُوَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. الْحَطّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا مَبِيعِي فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ مَا غَيْرُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ.
(وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي الْإِخْبَارِ بِحُدُوثِ أَوْ قِدَمِ الْعَيْبِ بِوُجُودِهِ أَوْ عَدَمِهِ (لِلتَّعَذُّرِ) مِنْ الْعُدُولِ، وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (غَيْرُ عُدُولٍ) إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، بَلْ (وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ) أَيْ كُفَّارًا لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَاجِبُ فِي قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ سَلَامَتُهُ مِنْ جُرْحَةٍ الْكَذِبِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ اتِّفَاقًا، وَيَكْفِي الْوَاحِدُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. وَمَفْهُومُ لِلتَّعَذُّرِ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ شَاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا بِدَاخِلِ جَسَدِ الْجَارِيَةِ غَيْرَ فَرْجِهَا وَالْبَقْرِ عَنْهُ وَنَظَرِ الرِّجَالِ لَهُ قَوْلَانِ، وَمَا بِفَرْجِهَا فَامْرَأَتَانِ، وَقَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ بِتَوْجِيهِ الْقَاضِي لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ عَبْدٍ حَيٍّ حَاضِرٍ، فَإِنْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَابَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ اتِّفَاقًا (وَيَمِينُهُ) أَيْ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثِهِ صِيغَتُهَا (بِعْتُهُ) وَمَا هُوَ بِهِ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ عَيْبِهِ وَشَهِدَتْ الْعَادَةُ بِحُدُوثِهِ ظَنًّا أَوْ شَكَّتْ.
(وَ) يَزِيدُ (فِي) يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبِ الْمَبِيعِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (التَّوْفِيَةِ) أَيْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ (وَأَقْبَضْتُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي (وَمَا هُوَ) أَيْ الْعَيْبُ
بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ. .
وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَمْ تُرَدَّ؛ بِخِلَافِ وَلَدٍ،.
ــ
[منح الجليل]
مَوْجُودٌ (بِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِذِي التَّوْفِيَةِ قَبْلَهَا مِنْ بَائِعِهِ، وَمِثْلُ ذِي التَّوْفِيَةِ الْغَائِبُ وَالْمُوَاضَعَةُ وَالثِّمَارُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَذُو عُهْدَةٍ الثَّلَاثَةِ وَالْخِيَارُ، وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (بَتًّا فِي) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ (الظَّاهِرِ) كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَوَرِ وَضَعْفِ الْبَصَرِ (وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ (الْخَفِيِّ) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ. فَإِنْ قِيلَ: تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ فِي عَدَمِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُفِيدُ حَلِفَهُ عَلَيْهِ قِيلَ: يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ بِهِ وَنُكُولِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ، فَرُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ قِيلَ: قَاعِدَةُ الْيَمِينِ كَوْنُهَا عَلَى نَقِيضِ الدَّعْوَى وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. قِيلَ: هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهَا وَسَكَتَ عَنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ: يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ فِيهِمَا. لِأَنَّ التَّدْلِيسَ وَصْفُ الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: كَالْبَائِعِ، وَقِيلَ: عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا. .
(وَالْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ بِلَا تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا تَنْقُصُ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ (لِلْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ إدْخَالِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ بِرِضَاهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَلَا غَلَّةَ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَغَاصِبٍ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ إنْ جَذَّهَا قَبْلَ زَهْوِهَا أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ، وَإِنْ جَذَّهَا بَعْدَ طِيبِهَا فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ. (وَلَمْ) أَيْ وَلَا (تُرَدَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْغَلَّةُ لِلْبَائِعِ مَعَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ لَهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ صَرَّحَ بِهِ لِإِفَادَةِ عَوْدِ ضَمِيرٍ لَهُ لِلْمُشْتَرِي وَلِيَخْرُجَ مِنْهُ قَوْلُهُ (بِخِلَافِ وَلَدِ) الْبَهِيمَةِ أَوْ أَمَةٍ اُشْتُرِيَتْ حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّ وَلَدَهَا
وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ، وَصُوفٍ تَمَّ:.
ــ
[منح الجليل]
مَعَهَا، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِوِلَادَتِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا أَوْ جَبَرَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا رَدَّ أَرْشَهَا مَعَهُمَا الْحَطّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ إنَاثِ الْحَيَوَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعْقِلُ أَمْ لَا ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا وَلَدَهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِيهَا إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَكَ ثُمَّ رَدَدْتهَا بِعَيْبٍ رَدَدْت وَلَدَهَا مَعَهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ، وَكَذَلِكَ مَا وَلَدَتْ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَهَا فَتَرُدُّ مَا نَقَصَهَا.
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ يَجْبُرُ النَّقْصَ جَبَرَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ فِي الْأَمَةِ تَلِدُ ثُمَّ يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ. (وَ) بِخِلَافِ (ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً حِينَ شِرَاءِ أَصْلِهَا اشْتِرَاطُهَا مَعَهُ إذْ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِهِ، فَإِنْ رَدَّ الْأَصْلَ بِعَيْبِهِ رَدَّهَا مَعَهُ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ، وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى عَدَمِ رَدِّ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي الضَّرْعِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَهُ فِيهَا. أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُصَرَّاةً يَوْمَ شِرَائِهَا فَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبِ تَصْرِيَتِهَا. اهـ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إنْ عُلِمَتْ، وَقِيمَتَهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ، وَثَمَنَهَا إنْ كَانَ بَاعَهَا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَ) بِخِلَافِ (صُوفٍ تَمَّ) وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَرُدُّهُ مَعَ الْغَنَمِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ جَزَّهُ وَفَاتَ رَدَّ وَزْنَهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ أَنَّ رَدَّ الْأَصْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِبْقَاءَ الثَّمَرَةِ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِشُرُوطٍ مُنْتَقَيَةٍ هُنَا، وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِبَيْعٍ. الْحَطّ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ تَمَّ وَجَزَّهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ.
ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ كَمُشْتَرِي ثَوْبَيْنِ يَفُوتُ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَجِدُ بِالْبَاقِي عَيْبًا. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ قِيمَتَهُ وَالْأَشْبَهُ مَا قَدَّمْنَا، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ مَنْ قَالَ: إذَا فَاتَ الْأَدْنَى مِنْ الثَّوْبَيْنِ رَدَّ قِيمَتَهُ مَعَ الْأَرْفَعِ الْمَعِيبِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
نَقَضْت صَفْقَتِي فَلَا يَلْزَمُنِي الْغَبْنُ فِي الْأَدْنَى اهـ. الْحَطّ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.
(فَرْعٌ) اللَّخْمِيُّ إنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَيْهَا الصُّوفُ وَرَدَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلصُّوفِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ هَذَا كَالْأَوَّلِ وَهُوَ أَبْيَنُ فِي هَذَا مِنْ جَبْرِ الْعَيْبِ بِالْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ فَجَبَرَهُ بِمَالِهِ، حَبْسُهُ أَوْلَى.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِيهَا إنْ رَدَدْت الثَّمَرَةَ مَعَ النَّخْلِ فَلَكَ أَجْرُ سَقْيِك وَعِلَاجِك. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى النَّخْلَ بِالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ طِيبِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا بِثَمَرَتِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ إلَّا بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إذَا جَذَّ الثَّمَرَةَ فَهِيَ غَلَّةٌ. الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ طَابَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا إذَا رَدَّ أُصُولَهَا مِنْ بَابِ أَحْرَى. وَفُهِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَمْ تُؤَبَّرْ فَلَا تُرَدُّ وَهِيَ غَلَّةٌ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ جَذَّهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ طِيبِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَيَرُدُّهَا مَعَ أَصْلِهَا، سَوَاءٌ أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ، وَيَرْجِعُ بِسَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إزْهَائِهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ تُجَذَّ.
الثَّالِثُ: لَوْ جَذَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ طِيبِهَا وَبَعْدَ تَأْبِيرِهَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَمْ أَعْلَمْ لِأَصْحَابِنَا نَصًّا فِيهِ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ فَوْتٌ لِأَنَّهُ يَعِيبُ الْأَصْلَ، وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَيَرُدُّهُ وَنَقْصَهُ، أَوْ يُمْسِكُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَكَذَا جَذُّهَا قَبْلَ إبَارِهَا. الرَّابِعُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ ثُمَّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا وَلَا صُوفَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهَا صُوفٌ غَيْرُ تَامٍّ ثُمَّ
كَشُفْعَةٍ، وَاسْتِحْقَاقٍ، وَتَفْلِيسٍ،.
ــ
[منح الجليل]
حَدَثَ الصُّوفُ عِنْدَهُ أَوْ تَمَّ فَلَا يَرُدُّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا جَزَّهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ. اللَّخْمِيُّ سَوَاءٌ جَزَّهُ فِي وَقْتِ جُزَازِهِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ جَزِّهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يَخْتَلِفُ فِيهِ هَلْ يَكُونُ غَلَّةً بِتَمَامِهِ، أَوْ حَتَّى يَتَعَسَّلَ أَوْ يُجَزَّ قِيَاسًا عَلَى الثَّمَرَةِ هَلْ هِيَ غَلَّةٌ بِطِيبِهَا أَوْ بِيُبْسِهَا أَوْ بِجُذَاذِهَا، فَالتَّمَامُ كَالطِّيبِ وَالتَّعْسِيلُ كَالْيُبْسِ وَالْجَزُّ كَالْجُذَاذِ اهـ قَالُوا: إذَا قَالَ: يَخْتَلِفُ فَهُوَ تَخْرِيجٌ مِنْهُ، وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ مَا لَمْ يَجُزَّهُ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْغَنَمِ. قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ النَّخْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْغَنَمِ غَلَّةً تَبْتَغِي مِنْهَا غَيْرَ الصُّوفِ، وَلَوْ جَزَّهُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَكَانَ رِضًا بِهِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الْحَطّ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ رَدِّ الْغَلَّةِ فَقَالَ: (كَ) مُشْتَرٍ شِقْصًا فِي أُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ يَبِسَتْ أَوْ جَذَّهَا ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ الْأُصُولُ بِ (شُفْعَةٍ) فَقَدْ فَازَ بِهَا (وَاسْتِحْقَاقٍ) أَيْ رَفْعِ مِلْكِ بَائِعٍ لِأُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ اشْتَرَطَهَا مُشْتَرِيهَا وَيَبِسَتْ عِنْدَهُ أَوْ جَذَّهَا بِثُبُوتِ مِلْكِهَا لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ فَقَدْ فَازَ الْمُشْتَرِي بِثَمَرَتِهَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إذَا ابْتَاعَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةُ مَأْبُورَةٌ أَوْ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ حِمْلَ نِصْفِهَا وَاسْتَشْفَعَ فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِ، وَعَلَيْهِ لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأَصْلِ مَا لَمْ تُجَذَّ أَوْ تَيْبَسْ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْعِلَاجِ أَيْضًا، وَإِنْ قَامَ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ الْجُذَاذِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ كَمَا لَوْ بِيعَتْ حِينَئِذٍ.
وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْهُ (وَ) مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ أُبِّرَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهَا حَتَّى فَلَّسَ وَجَذَّهَا وَأَخَذَ الْبَائِعُ النَّخْلَ لِ (تَفْلِيسٍ) لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ فَازَ بِالثَّمَرَةِ الَّتِي جَذَّهَا فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ ثُمَّ فَلَّسَ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ حَلَّ بَيْعُهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَصْلِ
وَفَسَادٍ.
ــ
[منح الجليل]
وَالثَّمَرَةِ مَا لَمْ تُجَذَّ، إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ. اهـ. وَفِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً أَوْ غَنَمًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ قَدْ وَلَدَتْ وَالْغَنَمَ قَدْ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأُمَّهَاتِ وَأَوْلَادِهَا كَرَدِّهَا بِعَيْبٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ صُوفٍ جَزَّهُ أَوْ لَبَنٍ حَلَبَهُ فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ تُجْنَى ثَمَرَتُهَا فَهِيَ كَالْغَلَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْغَنَمِ صُوفٌ قَدْ تَمَّ يَوْمَ الشِّرَاءِ، أَوْ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ وَاشْتَرَطَهُ فَلَيْسَ كَالْغَلَّةِ. (وَ) كَمَنْ اشْتَرَى أُصُولًا مُثْمِرَةً بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَأَزْهَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ فُسِخَ شِرَاؤُهُ بِ (فَسَادِ) فَالثَّمَرَةُ لَهُ. الْحَطّ وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْبُنَانِيُّ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَهِيَ الْعَيْبُ وَالشُّفْعَةُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالتَّفْلِيسُ وَالْفَسَادُ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ ثَمَرَةٍ أَوْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَجَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَفِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ يَسْتَحِقُّهَا بِمُجَرَّدِ الزَّهْوِ، وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْيُبْسِ، وَفِي التَّفْلِيسِ بِالْجَذِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ " غ " بِقَوْلِهِ:
وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا
…
يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا
قَالَ: التَّاءُ فِي تُجَذُّ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ فِي عَفَزَ لِلْعَيْبِ، وَالْفَسَادِ وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ:
الْفَائِزُونَ بِغَلَّةٍ هُمْ خَمْسَةٌ
…
لَا يُطْلَبُونَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ
مَنْ رَدَّ فِي عَيْبٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ
…
وَبِشُفْعَةٍ فَلْسٍ مَعَ اسْتِحْقَاقٍ
فَالْأَوَّلَانِ بِزَهْوِهَا فَازَا بِهَا
…
وَالْجَذُّ فِي فَلْسِ وَيُبْسِ الْبَاقِي
اهـ. وَنَصَّ " غ " أَمَّا غَيْرُ الثَّمَرَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَشَهَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا إذَا أَزْهَتْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَتُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا وَإِنْ أَزْهَتْ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَتُرَدُّ مَعَهَا، وَإِنْ يَبِسَتْ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَمْ تُجَذَّ.
قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ
وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ؛ إنْ رَضِيَ الْقَبْضَ، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ، وَلَمْ يُرَدَّ بِغَلَطٍ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ.
ــ
[منح الجليل]
أَشْيَاخِي يَرَى أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأُخْرَى، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ كُنْت نَظَمْت هَذَا الْمَعْنَى فِي رَجَزٍ مَعَ زِيَادَةِ بَعْضِ الْفَوَائِدِ فَقُلْت:
الْخَرْجُ بِالضَّمَانِ فِي التَّفْلِيسِ
…
وَالْعَيْبُ عَنْ جَهْلٍ وَعَنْ تَدْلِيسِ
وَفَاسِدٌ وَشُفْعَةٌ وَمُسْتَحِقُّ
…
ذِي عِوَضٍ وَلَوْ كَوَقْفٍ فِي الْأَحَقِّ
وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا
…
يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا
الْخَرْجُ وَالْخَرَاجُ لُغَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَمَنْ وَافَقَهُ {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِنَا كَوَقْفِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَمَعْنَى فِي الْأَحَقِّ فِي الْقَوْلِ الْأَحَقِّ تَلْوِيحًا بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَعْنَى اُنْتُقِيَ اُخْتِيرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالتَّاءُ فِي تُجَذّ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ، وَلِلْعَيْنِ وَالْفَاءِ فِي عَفْرًا لِلْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ وَاخْتَصَرْتُهَا فِي بَيْتٍ مِنْ الْمُجْتَثِّ فَقُلْت:
ضَمِنَ بِخَرْجٍ وَفِيًّا
…
تَجُذَّ عَفْزًا شِسْيَا
عَلَى أَنَّا مَسْبُوقُونَ بِهَذَا التَّرْكِيبِ الَّذِي هُوَ تَجُذُّ عَفْرًا شِسْيَا سَبَقَ إلَيْهِ الْوَانُّوغِيُّ (وَدَخَلْت) السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبِ (فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ) بَائِعُهَا (بِالْقَبْضِ) لَهَا مِنْ مُبْتَاعِهَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ قَبْضُهَا فِيهِ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا وَ (ثَبَتَ) عَيْبُهَا الْمُوجِبُ لِرَدِّهَا (عِنْدَ حَاكِمٍ) وَحَكَمَ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ) الْحَاكِمُ (بِهِ) أَيْ الرَّدِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى حَاضِرٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ.
وَمَفْهُومُ إنْ رَضِيَ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَافَقَهُ عَلَى قِدَمِ الْعَيْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ (وَلَمْ) أَيْ لَا (يُرَدَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ (بِغَلَطٍ) أَيْ جَهْلٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ بِهِ (إنْ سُمِّيَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ (بِاسْمِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَامِّ الَّذِي يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ، كَبَيْعِ حَجَرٍ مُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَتَبَيَّنَ يَاقُوتًا أَوْ زُمُرُّدًا أَوْ أَلْمَاسًا فَقَدْ فَازَ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لِبَائِعِهِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حَجَرًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَفْهُومُ بِاسْمِهِ أَنَّهُ لَوْ سُمِّيَ بِاسْمِ غَيْرِهِ يُرَدُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَبَيْعِ شَيْءٍ بِاسْمِ يَاقُوتَةٍ فَتُوجَدُ حَجَرًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَكَبَيْعِ زُجَاجَةٍ فَتُوجَدُ يَاقُوتَةً فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا.
سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ بَاعَ مُصَلَّى فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَتَدْرِي مَا هَذَا الْمُصَلَّى هُوَ وَاَللَّهِ خَزٌّ، فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا عَلِمْت أَنَّهُ خَزٌّ وَلَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ، لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مَرَوِيًّا ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ إنَّمَا ظَنَنْتُهُ كَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ مُبْتَاعُهُ: مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَّا ظَنًّا أَنَّهُ خَزٌّ وَلَيْسَ بِخَزٍّ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ ثُمَّ إذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ تَبْلُغُ مَالًا كَثِيرًا لَوْ شَاءَ اسْتَبْرَأَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ: أَخْرِجْ لِي ثَوْبًا مَرَوِيًّا بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ لَهُ ثَوْبًا أَعْطَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ هَذَا يَحْلِفُ فِيهِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ.
ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ خِلَافُ هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى يَاقُوتَةً وَهُوَ يَظُنُّهَا حَجَرًا وَلَا يَعْرِفُهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُبْتَاعُ فَيَجِدُهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ يَشْتَرِي الْقُرْطَ يَظُنُّهُ ذَهَبًا فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مِثْلَ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذَا الْحَجَرَ، أَوْ قَوْلِ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذَا الْحَجَرَ فَيَشْتَرِيهِ وَهُوَ يَظُنُّهُ يَاقُوتَةً فَيَجِدُهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَبِيعُ الْبَائِعُ يَظُنُّهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الشِّرَاءُ، وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ غَيْرُ يَاقُوتَةٍ وَالْبَائِعُ الْبَيْعَ وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلُ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا
وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ،.
ــ
[منح الجليل]
غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَيْعَ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُصَلَّى وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا الْقُرْطُ يَظُنُّهُ الْمُشْتَرِي ذَهَبًا وَلَا يَشْتَرِطُ أَنَّهُ ذَهَبٌ فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ إنْ كَانَ قَدْ صِيغَ بِصِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ، أَوْ غُسِلَ بِذَهَبٍ.
وَاخْتُلِفَ إذَا أَلْغَزَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ذَلِكَ يُوجِبُ الرَّدَّ كَالتَّصْرِيحِ، وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّهُ اُخْتُصِمَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ الصِّبْغَ الْهَرَوِيَّ فَقَالَ لَهُ: بِكَمْ هَذَا الْهَرَوِيُّ قَالَ: بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَرَوِيٍّ وَإِنَّمَا صُبِغَ صِبْغَ الْهَرَوِيِّ فَأَجَازَ بَيْعَهُ، قَالَ: وَلَوْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُزَيِّنَ ثَوْبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الزِّينَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ هَرَوِيَّ الصِّبْغِ حَتَّى يَقُولَ: هَرَوِيُّ هَرَاةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرُدُّهُ، وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنْ بَاعَهُ الْحَجَرَ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ فَوَجَدَهُ صَخْرَةً فَلِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ، وَإِنْ بَاعَهُ فِي مِيرَاثٍ أَوْ فِي غَيْرِ سُوقِ الْجَوْهَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِيَامُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ، وَهَذَا يَجْرِي عِنْدِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْأَلْغَازِ. وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ الَّذِي يَبِيعُ الْيَاقُوتَةَ جَاهِلًا بِهَا وَبَيْنَ مَنْ قَصَدَ إخْرَاجَ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ ثَوْبًا بِأَرْبَعَةٍ أَنَّ الْأَوَّلَ جَهِلَ وَقَصَّرَ إذْ لَمْ يَسْأَلْ مَنْ يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَالثَّانِي غَلِطَ، وَالْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ التَّوَقِّي مِنْهُ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ ثَوْبِهِ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ مِنْ رَسْمٍ أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى حُضُورِ مَا صَارَ بِهِ إلَيْهِ فِي مُقَاسَمَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالرُّجُوعُ بِالْغَلَطِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ. وَمَحِلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ وَكِيلًا وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ بِلَا نِزَاعٍ. .
(وَلَا) يُرَدُّ الْمَبِيعُ (بِغَبْنٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي وَنَقْصٍ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ إنْ وَافَقَ الْعَادَةَ، بَلْ (وَلَوْ خَالَفَ) الْغَبْنُ (الْعَادَةَ) ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْجَهْلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا
وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ؟ تَرَدُّدٌ. .
ــ
[منح الجليل]
غَبَنَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَقَامَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ لَهَا مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ اهـ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَارْتَهَنَ رَهْنًا وَكَانَ مُشْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفَهِ جَازَ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ بِالْغَبْنِ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ، وَتَأَوَّلَ مِنْهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ رَأَى لَهُ الرَّدَّ بِالْغَبْنِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ مَخَافَةَ الْحِنْثِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ. وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَرَاهُ ابْنَ الْقَصَّارِ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» ، وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ظُلْمَ فِي غَبْنِ غَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ «بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» ، «وَبِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» ، وَهَذَانِ لَا دَلِيلَ فِيهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَقِيقَةِ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ بِقَدْرِ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَثِيرٌ.
(وَهَلْ) لَا يَرُدُّ بِالْغَبْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْعَالِمِ بِهِ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ بِهِ (بِجَهْلِهِ) بِالثَّمَنِ وَيَقُولُ لَهُ يَعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسُ، أَوْ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ فَإِنِّي لَمْ أَعْلَمْ الثَّمَنَ فَيَغْبِنُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالنَّقْصِ فِي الشِّرَاءِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ، أَيْ أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتِئْمَانِهِ فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ، فَلَهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
رَدُّهُ أَوْ لَا يُرَدُّ بِهِ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الِاسْتِسْلَامِ (تَرَدُّدٌ)" غ " اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى طَرِيقَتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَتَرَكَ مِنْهَا طَرِيقَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ، فَلَوْ قَالَ هُنَا: وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا لِغَيْرِ عَارِفٍ أَوْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ لَاسْتَوْفَاهَا ابْنُ رُشْدٍ وَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا كَانَ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ طُرُقًا، الْأُولَى: طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِيَةُ: طَرِيقَةُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَنَصُّهُ أَبُو عُمَرَ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَسْلِمِ الْمُسْتَنْصِحِ يُوجِبُ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارَ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَةَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ، وَنَصُّهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُ سِعْرَ ذَلِكَ إذَا زَادَ الْغَبْنُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، وَالْمُتَعَارَفُ فِيهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا، بِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَصَلَ فِي التَّوْضِيحِ ثَلَاثُ طُرُقٍ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ فَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ وَاجِبٌ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ فَلَا قِيَامَ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لِلْمَازِرِيِّ فَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِقِيمَتِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: قِيمَتُهُ كَذَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِثَمَنِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ اهـ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: لِعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْغَبْنِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ. اهـ. الْحَطّ مَا عَزَاهُ الْمَعُونَةُ عَكْسُ مَا فِيهَا، وَنَصُّهَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ، أَوْ شِرَاءِ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِأَلْفٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى خِيَارَ الْمَغْبُونِ مِنْهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا خِيَارَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الرَّشَادِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، وَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ ثَلَاثَ طُرُقٍ الْأُولَى لَا قِيَامَ بِهِ وَلَوْ اسْتَسْلَمَ، وَأَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتَأْمَنَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى طَرِيقَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ الْمَعُونَةِ، وَجَعَلَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِيهَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ. الثَّانِي: الْحَطّ تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ وَالِاسْتِرْسَالِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّهُ لَا يُقَامُ بِهِ فِي غَيْرِهِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا الْمُسْتَرْسِلَ لَكَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى رَاجِحِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: فِي الشَّامِلِ الْغَبْنُ مَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، وَقِيلَ: الثُّلُثُ وَقِيلَ: مَا زَادَ عَلَيْهِ.
الرَّابِعُ: عُلِمَ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ لَا قِيَامَ بِهِ، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ إذَا قُلْنَا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي تَقْدِيرِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا حَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَوَائِدُ بَيْنَ التُّجَّارِ، فَمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ التَّغَابُنِ الَّذِي يَكْثُرُ وُقُوعُهُ بَيْنَهُمْ وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَلَا مَقَالَ فِيهِ لِلْمَغْبُونِ بِاتِّفَاقٍ، مَا خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِلْمَغْبُونِ فِيهِ الْخِيَارُ. الْخَامِسُ: اُتُّفِقَ عَلَى الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِيمَا بَاعَهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ إذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ هُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ فِيهِ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَقْصِدْ إلَيْهِ وَيَمْضِي بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَأَشْبَاهِهِمَا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ قَدْرَ الْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ كَقَدْرِهِ فِيمَنْ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: غَبْنُ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُكَ.
وَرُدَّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِكُلِّ حَادِثٍ،.
ــ
[منح الجليل]
السَّادِسُ: إذَا قُلْنَا بِالْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِمَا، فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ لِلْقَائِمِ بِهِ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ، وَأَمَّا فِي فَوَاتِهَا فَلَا نَقْضَ لَهُ وَأَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ يَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الرَّقِيقُ خَاصَّةً (فِي) بَيْعِهِ بِشَرْطِ (عُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي اللَّيَالِي (الثَّلَاثِ) بِأَيَّامِهَا مِنْ كُلِّ مَا يَحْدُثُ بِهِ فِيهَا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ (بِكُلِّ)
إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ،.
ــ
[منح الجليل]
عَيْبٍ (حَادِثٍ) بِهِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ بِدِينِهِ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ بَدَنِهِ وَلَوْ مَوْتًا أَوْ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ أَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ فِيهَا: وَمَا بِيعَ مِنْ الرَّقِيقِ لِغَيْرِ بَرَاءَةٍ فَمَاتَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَاءٌ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ أَوْ خَنَقَ نَفْسَهُ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ جُرِحَ أَوْ قُطِعَ لَهُ عُضْوٌ كَانَ أَرْشُهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ أَوْ رَدِّهِ اهـ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا حَدَثَ بِالْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِبَاقٍ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى أَوْ عَمَشٌ أَوْ بَيَاضٌ بِعَيْنِهِ وَمَا ذَهَبَ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ أَشْهَبُ أَمَّا الْحُمَّى فَلَا يَعْلَمُ ذَهَابَهَا وَلْيَتَأَنَّ بِهِ، فَإِنْ عَاوَدَتْهُ بِالْقُرْبِ رَدَّهُ وَإِنْ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّ بُدُوَّ ذَلِكَ فِيهَا وَنَصُّهَا قَبْلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا إذَا أَصَابَ الْعَبْدَ حُمَّى فِي الثَّلَاثِ أَوْ بَيَاضٌ ثُمَّ ذَهَبَ فِيهَا فَلَا يُرَدُّ.
ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ بِذَهَابِ مَالِهِ فِي الثَّلَاثِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ فَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ. (إلَّا أَنْ يَبِيعَ) الْمَالِكُ رَقِيقَهُ (بِ) شَرْطِ (بَرَاءَةٍ) مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ بَعْدَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ فَلَا يَرُدُّهُ بِحَادِثٍ فِيهَا. أَحْمَدُ بَابَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا حَدَثَ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا، وَيَرُدُّهُ بِمَا عَدَاهُ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ تت وَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ سُقُوطَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِتَبَرِّيهِ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ إذْ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لَهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِدُخُولِهِ فِي هَذَا، وَلَا عَكْسَ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ إلَخْ.
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ فِي الثَّلَاثِ فَهُوَ مِنْ بَائِعِهِ، إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ. اهـ. وَخَصَّ اللَّقَانِيُّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْعُهْدَةِ الْمُعْتَادَةِ فَقَطْ قَائِلًا أَمَّا الْبَيْعُ بِالْعُهْدَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الَّتِي حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَيَرُدُّ فِيهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ الَّذِي بَاعَ
وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَرْشُ:.
ــ
[منح الجليل]
بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، قِسْمٌ يَرُدُّ فِيهِ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ إنْ اُعْتِيدَتْ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ قَدِيمٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً وَتَبَرَّأَ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ سَقَطَ حُكْمُهَا فَلَا يَرُدُّ بِقَدِيمٍ وَلَا حَادِثٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا رَدَّ بِالْحَادِثِ فِيهَا دُونَ الْقَدِيمِ عَلَى مَا لِلَّقَانِيِّ، وَلَا رَدَّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ عِبْ. (وَدَخَلَتْ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ (فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي تُوجِبُ ضَمَانَ الْبَائِعِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا أَقَامَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَزْيَدَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الثَّلَاثِ وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ، وَالْمُوَاضَعَةُ فِي السَّنَةِ إنَّمَا تَكُونُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي شَيْءٍ فَيَبْدَأُ بِالِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ بِالسَّنَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ يُتَدَاخَلْنَ فَتُبْتَدَأُ الْمُوَاضَعَةُ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةُ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَعُهْدَةَ الثَّلَاثِ يَتَدَاخَلَانِ فَيُبْتَدَآنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ، وَعُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ تَمَامِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُهْدَتَيْنِ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةَ فِي ضَمَانِ كُلِّ حَادِثٍ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الثَّانِي: لَا يُحْسَبُ مِنْ الثَّلَاثِ الْيَوْمُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ زَمَنَهَا وَمِنْهَا الْكِسْوَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (وَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الْأَرْشُ) لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا، وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ لِلْبَائِعِ فَقَالَ
كَالْمَوْهُوبِ لَهُ، إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ. .
ــ
[منح الجليل]
كَ) الْمَالِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ زَمَنَهَا (إلَّا) الرَّقِيقَ (الْمُسْتَثْنَى) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ الْمُشْتَرَطَ (مَالُهُ) لِمُشْتَرِيهِ فَلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ زَمَنَهَا. " غ " كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ رَدِّ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَضَمِيرُ لَهُ الثَّانِي لِلْعَبْدِ، وَفِي بَعْضِهَا وَالنَّفَقَةُ وَمِنْهَا الْكُسْوَةُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ عَلَى بَائِعِهِ وَالْأَرْشُ لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا. وَشَبَّهَ فِي حُكْمِ الْأَرْشِ فَقَالَ: كَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلرَّقِيقِ زَمَنَهَا، وَخَبَرُ الْأَرْشِ لَهُ أَيْ الْبَائِعِ.
" غ " وَعَلَى هَذَا فَلَهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَضَمِيرُهُ لِلْبَائِعِ وَلَامُهُ لِلْمِلْكِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ وَالْمَوْهُوبِ، وَبِمَعْنَى عَلَى بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: 25] ، فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَالْفَصْلُ بِالْخَبَرِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَطّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ خَبَرَ النَّفَقَةِ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَرْشُ أَيْ إذَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فِي زَمَنِهَا فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارَ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَرَدَّهُ، وَقَوْلُهُ كَالْمَوْهُوبِ أَيْ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِيهَا أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَوْ نَمَا مَالُهُ بِرِبْحٍ فَهُوَ لِبَائِعِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَذَلِكَ لَهُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْسَانٌ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشُّيُوخُ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى.
(فَرْعٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَلَّةِ الرَّقِيقِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: غَلَّتُهُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَشْهُورِ. الْمُوَضِّحُ هَذَا قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ، وَفِي نَقْلِهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَا رَبِحَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنْ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ أَشَارَ إلَى ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ وَأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، قَالَ: وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ أَعْرِفْ فِي الْغَلَّةِ نَصًّا لِمَا تَقَدَّمَ وَتَجْرِي عَلَى نَمَاءِ مَالِهِ بِالْعَطِيَّةِ لِلْبَائِعِ وَلِابْنِ شَاسٍ الْغَلَّةُ لِمُبْتَاعِهِ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ. اهـ. وَفِي الشَّامِلِ وَفِي الْغَلَّةِ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ، لَا بِكَضَرْبَةٍ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا،.
ــ
[منح الجليل]
(وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ (فِي) بَيْعِهِ بِشَرْطِ (عُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي (السَّنَةِ) مِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ (بِ) حُدُوثِ (جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ) قَالَ فِيهَا: وَلَوْ جُنَّ فِي رَأْسِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ السَّنَةِ ثُمَّ لَمْ يُعَاوِدْهُ لَرُدَّ، إذْ لَا يُعْرَفُ ذَهَابُهُ، وَلَوْ جُنَّ عِنْدَهُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ، وَلَوْ أَصَابَهُ فِي السَّنَةِ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَبَرِئَ قَبْلَ عِلْمِهِ الْمُبْتَاعَ فَلَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عُودَتَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِجَرَبٍ أَوْ حُمْرَةٍ، وَإِنْ انْسَلَخَ وَوَرِمَ وَلَا بِالْبَهَقِ فِي السَّنَةِ وَلَوْ أَصَابَهُ صَمَمٌ أَوْ خَرَسٌ فَلَا يُرَدُّ إذَا كَانَ مَعَهُ عَقْلُهُ. ابْنُ شَاسٍ إنَّمَا اخْتَصَّتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا، وَيَظْهَرُ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْعَادَةِ بِاخْتِصَاصِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ السَّبَبِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ. وَقَيَّدَ الْجُنُونَ بِقَوْلِهِ (بِ) فَسَادِ (طَبْعٍ) مِنْ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعَةِ كَغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ (أَوْ) بِ (مَسِّ جِنٍّ) الرَّقِيقَ أَيْ دُخُولِهِ فِيهِ وَتَغْيِيبِهِ عَنْ إحْسَاسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ، وَإِنْ زَالَ فَالْغَالِبُ عَوْدُهُ (لَا) إنْ كَانَ الْجُنُونُ (بِكَضَرْبَةٍ) وَطَرِبَةٍ وَخَوْفٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَتِهِ وَأَمْنِ عَوْدِهِ وَقَدَّمَ رَدَّهُ بِجُنُونٍ أَصْلُهُ بِطَبْعٍ فَقَطْ لِسَرَيَانِهِ لَا بِمَسِّ جِنٍّ أَوْ ضَرْبَةٍ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ، وَذَكَرَ هُنَا رَدَّهُ بِالْأَوَّلِينَ حَيْثُ بِيعَ بِعُهْدَةِ سَنَةٍ، فَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا فَلَا يُرَدُّ بِالْحَادِثِ وَيُرَدُّ بِالْقَدِيمِ إنْ كَانَ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ لَا بِكَضَرْبَةٍ لِقَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ.
وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِالْعُهْدَتَيْنِ (إنْ شُرِطَا) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَجَرَّدَ الْفِعْلَ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْوَاجِبَةِ فِي رَافِعِ ضَمِيرِ مُؤَنَّثٍ وَلَوْ مَجَازِيَّ التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ عِنْوَانِ الضَّمَانَيْنِ (أَوْ) لَمْ تُشْتَرَطَا وَ (اُعْتِيدَا) فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ الْحَطّ يُرِيدُ أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا، وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ اُعْتِيدَ أَوْ فِي اشْتِرَاطِهِمَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا الضَّمَانُ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي
وَلِلْمُشْتَرِي: إسْقَاطُهُمَا. .
ــ
[منح الجليل]
النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَتَبَ فِي الشِّرَاءِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعُهْدَةِ وَلَهُ عُهْدَةُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ، إذْ لَمْ تَجْرِ فِيهِمْ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِمَا إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا وَلَمْ تُعْتَادَا وَلَمْ يَحْمِلْ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْكَمُ بِهَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اشْتَرَطُوهَا، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ يَجِبُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَحَبُّ حَمْلُهُمْ عَلَيْهَا.
وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُحْمَلُ أَهْلُ الْآفَاقِ عَلَيْهَا اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ بُنَانِيٌّ (وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ أَوْ إعَادَةٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِمَا يَحْدُثُ زَمَنَهُمَا لَا يُقَالُ هَذَا إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: سَبَبُ وُجُوبِهِ جَرَى وَهُوَ زَمَانُ الْعُهْدَةِ، وَلِلْبَائِعِ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا بَعْدَهُ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلُهُ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ أَيْ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِ عَدَمِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ الْحَطّ اُنْظُرْ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ إسْقَاطَهُمَا حُكِيَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَحُكِيَ بَعْدَ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى ثِيَابِ مِهْنَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ هُنَاكَ فَقَالَ: وَهَلْ يُوَفَّى بِعَدَمِهَا أَوْ لَا كَمُشْتَرَطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ إلَخْ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي تَحْرِيرِ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ، وَمُلَخَّصُ مَا فِيهَا إذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بِالْبَيْعِ عَلَى الْعُهْدَةِ وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إسْقَاطَهَا عَنْهُ فَقِيلَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَا يُوَفَّى لَهُ بِهِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ وَخَرَجَ ثَالِثًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ هَذَا فِي الشَّرْطِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ اخْتِلَافًا مَشْهُورًا فَلَا يُوجِبُ فَسَادًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قَوِيٌّ مُرَجَّحٌ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَضَعِيفٌ.
وَالْمُحْتَمِلُ بَعْدَهُمَا مِنْهُ، لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ أَوْ مُخَالَعٍ، أَوْ مُصَالَحٍ فِي دَمِ عَمْدٍ،.
ــ
[منح الجليل]
وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ
(وَ) إنْ بِيعَ رَقِيقٌ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ سَنَةٍ وَظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِمَا اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بِهِ فِي مُدَّتِهِمَا أَوْ بَعْدَهَا، فَالْعَيْبُ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِالرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِالْعُهْدَتَيْنِ بَعْدَ زَمَانِهِمَا (الْمُحْتَمِلُ) حُدُوثُهُ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ وَفِيهِمَا ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا مَعَ تَعَقُّبِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَلَمَّا اسْتَثْنَى بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَسَائِلَ لَيْسَ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَلَا سَنَةٍ، وَعَدَّهَا الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: رُدَّ بِمَا مَرَّ فِي غَيْرِ رَقِيقٍ مُنْكَحٍ بِهِ (لَا فِي) رَقِيقٍ (مُنْكَحٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ مُزَوَّجٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ (بِهِ) أَيْ مَجْعُولٌ صَدَاقًا، فَالْعُهْدَتَانِ سَاقِطَتَانِ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى نِحْلَةً وَالنِّحْلَةُ الْعَطِيَّةُ بِلَا عِوَضٍ إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا فِيهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا فِيهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا وَمَالِيَّةً قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهِ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.
قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ النِّكَاحُ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُخَالَعٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ خَالَعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُنَاجَزَةُ غَالِبًا وَلِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا كَانَتْ تَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا لَا يَتَعَقَّبُهُ رَدٌّ وَلَا فَسْخٌ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الْعِوَضَ مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُصَالَحٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ بِهِ (فِي دَمِ عَمْدٍ) فِيهِ قِصَاصٌ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِهَذَا، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ كَالْأَمَةِ أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ فَمَعْنَاهُ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ،
أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ، أَوْ بِهِ: أَوْ قَرْضٍ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَبَيْعٌ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ عُهْدَةٌ لِشَبَهِهِ الْهِبَةَ فِي حَقِّ دَافِعِهِ وَلِاقْتِضَائِهِ الْمُنَاجَزَةَ لِأَخْذِهِ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَلَا تَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ عُهْدَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ لَمَا رَجَعَ بِالْعِوَضِ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ أَوْ دَمٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِيهِ اتِّقَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ الْبُنَانِيُّ تَعْلِيلُهُ سُقُوطَهَا فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ الْعُهْدَةِ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ لَا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُسْلَمٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَدْفُوعٍ (فِيهِ) رَأْسُ سَلَمٍ إلَى نِصْفِ شَهْرٍ مَثَلًا، فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى ابْنُ رُشْدٍ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْعُهْدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرًى بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةٍ فَأَشْبَهَ الْقَرْضَ (أَوْ) رَقِيقٍ مُسْلَمٍ (بِهِ) أَيْ مَجْعُولِ رَأْسِ مِثْلِ سَلَمٍ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالٍ لَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَهَذَا قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) رَقِيقِ (قَرْضٍ) أَيْ مُقْرَضٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ رَقِيقًا سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فِي الْعُهْدَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهِ سَلِيمًا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرَضُ بِرَدِّهِ مَعِيبًا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ ابْنِ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمُقْتَرَضِ إذْ لَيْسَ مَبِيعًا، وَالْعُهْدَةُ إنَّمَا جَاءَتْ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الرَّقِيقِ (أَوْ) رَقِيقٍ مَبِيعٍ وَهُوَ غَائِبٌ (عَلَى صِفَةٍ) أَيْ وَصْفِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى عَلَى صِفَةٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِأَنَّ وَجْهَ بَيْعِهِ يَقْتَضِي إسْقَاطَهَا لِاقْتِضَائِهِ التَّنَاجُزَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الْغَائِبَ عَلَى مَا أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، فَإِنْ اشْتَرَطَ الصِّفَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ بَيْعَ الصِّفَةِ بَيْعٌ مُنَجَّزٌ قَاطِعٌ لِلضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَحَمَلَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " الْبَيْعَ عَلَى ذَلِكَ مَرَّةً، وَمَرَّةً جَعَلَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ فَيَكُونُ قَبْضُهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَبْضًا
أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٌ، أَوْ مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ وَمُشْتَرًى لِلْعِتْقِ، أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ. .
أَوْ وُرِثَ،.
ــ
[منح الجليل]
نَاجِزًا لَا عُهْدَةَ فِيهِ اهـ الْحَطّ.
مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ مِنْهُ إنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، فَإِذَا وَصَلَ لِلْمُشْتَرَى وَقَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِضَمَانِهِ وَعُهْدَتِهِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُقَاطَعٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (بِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ رَقِيقٌ (مُكَاتَبٌ) مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي أُعْتِقَ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَقَدْ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ فَسَقَطَتْ الْعُهْدَةُ وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ لِبَيْعِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ لَا عَلَى الْمُكَايَسَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ الْمُنْكَحَ بِهِ فَيَدْخُلُهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْمُنْكَحِ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعُهْدَةِ فِي الرِّقِّ الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ: فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ أَفَادَهُ الْحَطّ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَبِيعٌ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ غَالِبٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ كَزَوْجَةٍ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (لِلْعِتْقِ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى إيجَابِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلتَّشَوُّفِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَلِلتَّسَاهُلِ فِي ثَمَنِهِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ ثَابِتٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَوْ قَضَاءِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْحَقِّ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا وَأَكْثَرُ مِنْهُ عَادَةً، وَلِلْحَثِّ عَلَى حُسْنِ الِاقْتِضَاءِ، وَلِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ لِئَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنِ (أَوْ) رَقِيقٍ بِيعَ وَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لَا بَيْعٌ ثَانٍ.
(أَوْ) رَقِيقٍ (وُرِثَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ
أَوْ وُهِبَ أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا، أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ. أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ، أَوْ بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ، أَوْ مُكَاتَبٍ بِهِ، أَوْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا، وَسَقَطَتَا بِكَعِتْقٍ فِيهِمَا. . .
ــ
[منح الجليل]
الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى بَاقِيهِمْ (أَوْ) رَقِيقٍ (وُهِبَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ لِثَوَابٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ فَأَحْرَى لِغَيْرِ ثَوَابٍ (أَوْ) أَمَةٍ (اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا) فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِلْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ رَدِّهَا بِمَا يَحْدُثُ فِيهَا فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ شِرَاءَهَا لِزَوْجِهَا كَذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا يُفِيدُهُ تَخْصِيصُ الْأَمَةِ فَلَهَا الْعُهْدَةُ عَلَى بَائِعِهِ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَلَيْسَ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ) مَثَلًا وَاشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُؤَدِّي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ (أَوْ) رَقِيقٍ مُوصًى بِبَيْعِهِ (مِمَّنْ أَحَبَّ) هـ الرَّقِيقَ فَلَا عُهْدَةَ لِمُشْتَرِيهِ عَالِمًا بِهَا لِذَلِكَ (أَوْ) رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ مُوصًى (بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَفِيهِ لِلْعُهْدَةِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُكَاتَبٍ بِهِ) مُعَيَّنًا رَقِيقٌ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ (أَوْ) الرَّقِيقِ (الْمَبِيعِ) بَيْعًا (فَاسِدًا) الْمَرْدُودِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْفَسَادِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِبَائِعِهِ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِأَنَّ رَدَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ.
(تَنْبِيهٌ) جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا عِشْرُونَ مَسْأَلَةً وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ طفي وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ مِمَّا عَدَّهُ الْمُتَيْطِيُّ الْمَقَالَ مِنْهُ، وَلِذَا لَمَّا عَدَّهَا " ق " كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ قَالَ: وَمَا تَرَكَ خَلِيلٌ إلَّا الْمَقَالَ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النَّاسِخِ لِنُسْخَةِ الْمُتَيْطِيِّ (وَسَقَطَتَا) أَيْ الْعُهْدَتَانِ (بِكَعِتْقٍ) نَاجِزٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ لِلرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى بِهِمَا مِنْ مُشْتَرِيهِ (فِيهِمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ قِيَامٌ بِعَيْبٍ حَدَثَ فِيهِ بَعْدُ كَعِتْقِهِ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ
وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا بِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَكَالْقَرْضِ، وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ.
وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي
ــ
[منح الجليل]
عَلَى أَنَّهُ اشْتَهَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ قَالَهُ تت.
(وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ (بَائِعٌ) شَيْئًا (مَكِيلًا) كَحَبٍّ وَغَايَةُ ضَمَانِهِ (لِيَقْبِضَهُ) أَيْ الْمَكِيلَ مُبْتَاعُهُ (بِكَيْلٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى بَعْدُ صِلَةُ قَبْضٍ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْقَبْضُ فِي الْمَكِيلِ بِكَيْلٍ وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ:(كَ) شَيْءٍ (مَوْزُونٍ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ وَزْنِهِ (وَ) شَيْءٍ (مَعْدُودٍ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ عَدِّهِ (وَالْأُجْرَةُ) لِلْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيَةُ لِلْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ لِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، وَأُجْرَةُ كَيْلِ الثَّمَنِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَائِعُهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (وَالتَّوْلِيَةِ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ بِثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ (وَالشَّرِكَةِ) أَيْ تَرْكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا فَعَلَ مَعْرُوفًا، فَلَا يَغْرَمُ، وَلِذَا كَانَ السَّائِلُ الْمُقِيلَ: وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ لَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ.
فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ إلَخْ أَيْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى سَائِلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُقَالَ أَوْ الْمُقِيلَ: إلَخْ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا (فَ) هِيَ (كَالْقَرْضِ) لِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ الَّذِي أُجْرَةُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا يَغْرَمُ، وَالْأُجْرَةُ فِي قَضَائِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ أَيْضًا اتِّفَاقًا (وَاسْتَمَرَّ) الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ (بِمِعْيَارِهِ) أَيْ آلَةِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ إنْ تَوَلَّى كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ الْبَائِعُ،، بَلْ (وَلَوْ تَوَلَّاهُ) أَيْ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ (الْمُشْتَرِي) الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ هُنَا أَرْبَعٌ، الْأُولَى: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا وَإِلَّا فَرَاغٌ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِيُفْرِغَهُ فِي وِعَائِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ: قُلْت: قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ بَائِعِهِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ حَاصِلِ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ مُبْتَاعِهِ ثَالِثُهَا: إنْ وَلَّى مُبْتَاعُهُ كَيْلَهُ فَمِنْهُ.
الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " رضي الله عنه " مُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: مُصِيبَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى الْوَزْنَ بِنَفْسِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيُفْرِغَ قَبْضًا لِنَفْسِهِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يُحْضِرَ ظَرْفَ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا أَوْ جُلُودًا أَوْ أَزْيَارًا، فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ، وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً، فَعَلَيْكَ بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ زُبْدَةُ الْفِقْهِ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحَطّ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمِكْيَالِ إذَا امْتَلَأَ فَهَلْ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ، وَكَيْفَ لَوْ صَبَّهُ فِي الْقِمْعِ فَأُرِيقَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَأَجَابَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَصِلَ إلَى إنَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إرَاقَتِهِ مِنْ مِكْيَالِهِ أَوْ مِنْ قِمْعِهِ فَقَالَ السَّائِلُ: الْقِمْعُ مِنْ مَنَافِعِ الْمُشْتَرِي تَطَوَّعَ لَهُ الْبَائِعُ بِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِنَاءُ وَاسِعًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقِمْعِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَمَّا الْتَزَمَ صَبَّهُ لَزِمَهُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَقَالَ السَّائِلُ: لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: لَا أَصُبُّ فِي الْإِنَاءِ الضَّيِّقِ حَتَّى تَأْتِيَ بِإِنَاءٍ وَاسِعٍ أَوْ قِمْعٍ، فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَاخْتَارَهُ السَّائِلُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِمْعُ يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَالْمِكْيَالِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ سَنَدُ مَنْ بَاعَ زَيْتًا
وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ، وَغَيْرِهِ بِالْعُرْفِ.
ــ
[منح الجليل]
وَأَفْرَغَ عَلَى زَيْتٍ فِي إنَاءِ الْمُبْتَاعِ تَمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ فِيهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ الزَّيْتَيْنِ كَانَتْ حُكِمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي زَيْتِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا فِي إنَائِهِ وَقَبْضُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرُ قَبَضَ بِفَتْحِهَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (الْعَقَارِ) الْمَبِيعِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ الْمُوجِبُ لِنَقْلِ ضَمَانٍ لِلْمُبْتَاعِ، وَخَبَرُ قَبْضُ مُصَوَّرٌ (بِالتَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُمَا وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ مَفَاتِيحِهِ إنْ كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الْبَائِعُ أَمْتِعَتَهُ مِنْهُ إلَّا دَارَ سُكْنَى الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْلَائِهَا مِنْهَا (وَقَبْضُ غَيْرِهِ) أَيْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ (بِالْعُرْفِ) بَيْنَ النَّاسِ كَحِيَازَةِ الثَّوْبِ وَاسْتِلَامِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ " ق " بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا تَوْفِيَةَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ لَكَانَ مُنَاسِبًا الْحَطّ تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: نَبَّهَ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ ضَمَانَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَالِكَ الْقَبْضَ مَا هُوَ فَبَيَّنَهُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الثَّانِي: التَّمْكِينُ مِنْ الْقَبْضِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُوَثَّقِينَ أَنْزَلَهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ، فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ
وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ، إلَّا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ وَلِلْإِشْهَادِ فَكَالرَّهْنِ، وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ،.
ــ
[منح الجليل]
وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إنْزَالُ الْمُبْتَاعِ مَنْزِلَتَهُ فِي الْمَبِيعِ فَيَقُولُ أُنْزِلُهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ، فَإِنْ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أُنْزِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ أَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَحَوْزِهِ إيَّاهُ اهـ. .
(وَضُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً صَحِيحًا بِلَا خِيَارٍ وَلَا تَوْفِيَةٍ فِيهِ وَلَا عُهْدَةِ ثَلَاثٍ (بِالْعَقْدِ) الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ صَغِيرٍ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِمْ أَوْ بِخِيَارٍ إلَّا بَعْدَ إجَازَةِ الْمَالِكِ وَالسَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَبَتِّ الْبَيْعِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الضَّمَانِ بِالْعَقْدِ فَقَالَ (إلَّا) السِّلْعَةَ (الْمَحْبُوسَةَ) أَيْ الْمُؤَخَّرَةَ عِنْدَ بَائِعِهَا (لِ) قَبْضِ (الثَّمَنِ) الْحَالِّ مِنْ مُشْتَرِيهَا (أَوْ لِلْإِشْهَادِ) مِنْ بَائِعِهَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِمُبْتَاعِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ ثَمَنَهَا حَالٌّ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ مُؤَجَّلٌ (فَ) يَضْمَنُهَا بَائِعُهَا ضَمَانًا (كَ) ضَمَانِ (الرَّهْنِ) فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ وَمَا هَلَكَ بِدُونِهَا طفي الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، أَمَّا لَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَتَبِعَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمَحْبُوسَةِ لِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَقُلْ كَالرَّهْنِ، وَمُرَادُهُ الضَّمَانُ فِيهِمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، فَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا.
ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهَا أَنَّ ضَمَانَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا وَوَافَقَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي السَّلَمِ، فَإِنَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى هَذَا وَكَأَنَّهُ غَرَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ تَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ. اهـ. مَعَ أَنَّهُ حَادَ عَنْهُ فِي بَابِ السَّلَمِ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلِهِ كَوْنِهِ مَشْهُورًا (وَإِلَّا) الْمَبِيعَ (الْغَائِبَ) عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (فَبِالْقَبْضِ)
وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ،.
ــ
[منح الجليل]
يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا الْعَقَارَ الْمَبِيعَ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ جُزَافًا فَيَضْمَنُهُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى سَلَامَتِهِ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً أَوْ تَنَازَعَا فِي سَلَامَتِهِ حِينَهُ فَبِقَبْضِهِ كَغَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطِ ضَمَانِهِ مُبْتَاعَهُ أَفَادَهُ عب (وَإِلَّا) الْأَمَةَ (الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مِنْ الْحَيْضَةِ) تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهَا الْحَطّ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَقِيلَ: لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْغَائِبِ وَالْمُوَاضَعَةِ مَا نَصُّهُ ذِكْرُ الْمُوَاضَعَةِ هُنَا لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ ضَمَانَ بَائِعِهَا يَنْتَهِي إلَى خُرُوجِ الْأَمَةِ مِنْ الْحَيْضَةِ لَا إلَى قَبْضِهَا مُشْتَرِيهَا اهـ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ أَنَّ ضَمَانَهَا إلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ، قَالَ: لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَجَازَ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِمْتَاعَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الْبَاجِيَّ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَنَصُّهَا وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ فَعَلَا أَجْزَأَ إنْ قَبَضَهَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي أَوَّلِ دَمِهَا. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصُّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَالْمُوَاضَعَةَ يَرْتَفِعُ بِظُهُورِ الْحَيْضِ، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ الدَّمِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَسَقَطَتْ سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ، وَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا، وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا أَوْ لَا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ اهـ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَوَّلِ دُخُولِهَا فِي الدَّمِ صَارَتْ إلَى ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَلَّ لَهُ تَقْبِيلُهَا وَتَلَذُّذُهُ بِهَا، وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ: حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ لِإِمْكَانِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ وَاسْتِمْرَارِهِ. اهـ. فَلَمْ يَحْكِ قَوْلًا بِاسْتِمْرَارِ الضَّمَانِ إلَى خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
نَفَقَةُ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَفْهُومُ الْمُوَاضَعَةِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ
وَإِلَّا الثِّمَارَ لِلْجَائِحَةِ، وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ. .
ــ
[منح الجليل]
وَإِلَّا الثِّمَارَ) الْمَبِيعَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى رُءُوسِ شَجَرِهَا فَيَضْمَنُهَا بَائِعُهَا (لِ) وَقْتِ أَمْنِ ا (لْجَائِحَةِ) بِتَنَاهِي طِيبِهَا وَمَفْهُومُ الْجَائِحَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ غَيْرِ الْجَائِحَةِ كَغَصْبِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي " ق "، فَالْأَوْضَحُ وَإِلَّا الثِّمَارَ فَتُضْمَنُ جَائِحَتُهَا لَا مِنْهَا (وَ) إنْ بِيعَ عَرْضٌ أَوْ مِثْلِيٌّ غَيْرُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ (بُدِئَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً (الْمُشْتَرِي) بِالْجَبْرِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ النَّقْدِ (لِلتَّنَازُعِ) أَيْ عِنْدَ تُنَازِعْهُ مَعَ الْبَائِعِ لِعَرْضٍ أَوْ مِثْلِيٍّ غَيْرِ عَيْنٍ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ الْحَطّ هَذَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا فِيهِ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَنَدُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنٌ وَمُثَمَّنٌ، فَالثَّمَنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا عَدَاهُمَا مُثَمَّنٌ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَثْمَانِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَقَالَ قَبْلَهُ: إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَقْبِضَ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْآخَرِ وَقِيلَ: لَهُمَا إنْ تَرَاخَى قَبْضُكُمَا فُسِخَ الصَّرْفُ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ فَفِي الدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا وَالدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ عَلَّاقَةَ الْمِيزَانِ وَيَأْمُرُ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ صَاحِبِهِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ يُوَكِّلُ عَدْلًا يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ لَهُمَا فَيَقْبِضُ مِنْ هَذَا فِي وَقْتِ قَبْضِهِ مِنْ هَذَا، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ كَعَرْضٍ بِعَرْضٍ وَتَشَاحَّا فِي الْإِقْبَاضِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَرَاخِي الْقَبْضِ عَنْهُ وَلَا بِافْتِرَاقِهِمَا مِنْ مَجْلِسِهِ اهـ.
(فَرْعٌ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي الْمُفِيدِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً أَوْ عَرْضًا وَزَعَمَ أَنَّهُ مَعِيبٌ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ ثَمَنِهِ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي الْعَيْبِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُحَاكِمُك فِيهِ حَتَّى أَقْتَضِيَ ثَمَنَهُ، فَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَلَا
وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ: يَفْسَخُ. وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ. .
ــ
[منح الجليل]
يَنْقُدُهُ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يَتَطَاوَلُ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ ثُمَّ يَبْتَدِئَا الْخُصُومَةَ بَعْدُ عَبْدُ الْحَقِّ وَبِهَذَا قَالَ الْقَرَوِيُّونَ ابْنُ مُغِيثٍ: وَبِهِ مَضَتْ الْفُتْيَا مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَنْدَلُسِ، وَرَأَيْت أَبَا الْمُطَرِّفِ يُفْتِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحَكَاهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالِاسْتِغْنَاءِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ إنْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ جِيَادٌ وَبَعْضُهُمْ رَدِيئَةٌ فَلَا يُعْطَى إلَّا مَا اجْتَمَعُوا عَلَى جَوْدَتِهِ وَمَا لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ صَارَ مَعِيبًا بِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَعِيبًا اهـ أَفَادَهُ الْحَطّ.
(وَ) إنْ بِيعَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَيْعًا بَتًّا صَحِيحًا وَتَلِفَ وَهُوَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ فَ (التَّلَفُ) لِلْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا صَحِيحًا مُنْبَرِمًا (وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِتَوْفِيَةٍ أَوْ خَوْفِ جَائِحَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَكَانَ تَلَفُهُ (بِسَمَاوِيٍّ) ثَابِتٍ أَوْ مُتَصَادَقٍ عَلَيْهِ وَخَبَرُ التَّلَفِ (يَفْسَخُ) بَيْعَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ وَقَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ وَبَيْعِ الْخِيَارِ (وَ) إنْ لَمْ يَثْبُتْ السَّمَاوِيُّ وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَيْهِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ (الْمُشْتَرِي) بَتًّا صَحِيحًا (إنْ غَيَّبَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَخْفَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ مَبِيعِهِ وَتَمَسُّكِهِ، وَطَلَبَ بَائِعُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ تَعَيَّنَ فَسْخُهُ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ قَوْلِهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَمِنْكَ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ وَنَقَضَ السَّلَمَ وَحَلَفَ وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ فَاتَّفَقَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِيهِ، ثُمَّ إنَّ مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيمَا وُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ جَارٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً، وَلِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يُفْسَخُ.
وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ كَالرَّهْنِ فَلَا تَدْخُلُ هُنَا إذْ لَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا تَقَدَّمَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ فَلَا مُوجِبَ لِتَخْيِيرِهِ، فَإِدْخَالُ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ لَهَا هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَصَحَّ إدْخَالُهَا هُنَا، فَتَأَمَّلْ مَا قُلْنَاهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ مِمَّا لَمْ نُسْبَقْ إلَيْهِ وَشُدَّ يَدَكَ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ نَرَ مَنْ حَقَّقَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ قَالَهُ طفي الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْقِيمَةِ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَهَا كَالرَّهْنِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ هُنَا فِي قَوْلِهِ، وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ غَيَّبَ وَعَلَيْهِ مَا يَجْرِي مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ وَيُتَّفَقُ الْمَحِلَّانِ وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي تَحَصَّلَ فِي تَلَفِ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ بَائِعِهَا وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَالثَّانِي أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مِثْلَ ثَمَنِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَثَانِيهَا: تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مُبْتَاعُهَا، وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَيُثْبِتُ الْبَيْعَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ.
وَثَالِثُهَا: تَصْدِيقُ بَائِعِهَا بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ. وَرَابِعُهَا أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُبْتَاعُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهَا وَعَدَمِهِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ مُصِيبَةَ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُبْتَاعِ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَتَبَيَّنَ لَكَ بِقَوْلِهِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي
أَوْ عُيِّبَ أَوْ اُسْتُحِقَّ.
ــ
[منح الجليل]
بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمَحْبُوسَةِ كَالرَّهْنِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا يَجْرِي عَلَى مُقَابَلَةِ وَأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ يَصِحُّ إدْخَالُهَا هُنَا، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ السَّلَمِ الْآتِيَةَ تَجْرِي عَلَى مَا هُنَا أَيْضًا، لَكِنَّ التَّخْيِيرَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ نُكُولِهِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَنَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَجْرَى مَسْأَلَةَ السَّلَمِ عَلَى حُكْمِ ضَمَانِ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ فِيهَا تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نُكُولِ الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَوْ عُيِّبَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمَبِيعِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِهِ بَائِعَهُ فَيُخَيَّرُ مُبْتَاعُهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ طفي يَنْبَغِي أَوْ يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ، أَيْ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي إنْ تَغَيَّبَ الْمَبِيعُ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ ضَمَانِ بَائِعِهِ لِيُطَابِقَ مَا قَالَهُ، وَهَكَذَا فَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَنَصُّهُ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ زَمَنَ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَار، فَإِنْ أَجَازَ فَبِكُلِّ الثَّمَنِ لَا أَرْشَ لَهُ. اهـ. وَابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعٌ لَهُ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ الْبَتُّ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَتَعَيُّبُهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ. اهـ. عَلَى ضَبْطِهِ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ مُعَيَّنًا قَبْلَ ضَمَانِ مُبْتَاعِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ بَائِعِهِ كَاسْتِحْقَاقِهِ يَنْقُضُ بَيْعَهُ، وَتَغَيُّرُهُ حِينَئِذٍ بِنَقْصٍ كَعَدَمِهِ يُوجِبُ تَخْيِيرَ مُبْتَاعِهِ، وَقُلْت أَوْ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ عَيَّبَهُ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ أَيْ الْمَبِيعِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيُوجِبُ غُرْمَ الْأَرْشِ، وَكَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا، وَيَفُوتُ الْكَلَامُ عَلَى الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ اهـ عِبْ.
وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي هُنَا مَعَ أَنَّ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهَا لِانْبِرَامِ الْعَقْدِ هُنَا، فَالسِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي ضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ
شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ، وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ: كَعَيْبٍ بِهِ
وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ،.
ــ
[منح الجليل]
مُشْتَرِي جُزْءٍ (شَائِعٌ) فِيهِ إنْ كَثُرَ كَثُلُثِهِ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) الْجُزْءُ الشَّائِعُ الْمُسْتَحَقُّ كَسَبْعَ عَشَرَةَ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدَّهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَثُرَ الْمُسْتَحَقُّ كَثُلُثٍ، سَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا، كَانَ مُتَّخِذًا لِلْغَلَّةِ أَمْ لَا، كَأَنْ قَلَّ عَنْ ثُلُثٍ وَلَمْ يَنْقَسِمْ وَلَمْ يَتَّخِذْ لَهَا، فَإِنْ انْقَسَمَ أَوْ اتَّخَذَ لَهَا فَلَا يُخَيَّرُ وَيَلْزَمُهُ بَاقِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ الْخِيَارُ فِي خَمْسٍ مِنْهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الْكَثِيرُ وَهِيَ الَّتِي قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَالْخَامِسَةُ الْقَلِيلُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَلَمْ يُتَّخَذْ لَهَا وَهِيَ صُورَةُ الْمُبَالَغَةِ، وَلُزُومُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ فِي ثَلَاثٍ قَلِيلُ الْمُنْقَسِمِ اُتُّخِذَ لَهَا أَمْ لَا، وَقَلِيلُ غَيْرِهِ الْمُتَّخَذِ لَهَا تت وَاحْتَرَزَ بِشَائِعٍ عَنْ اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُ التَّمَسُّكُ بِبَاقِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحَقُّ الْأَكْثَرَ وَإِلَّا حَرُمَ (وَتَلَفُ) بِفَتْحِ اللَّام مَصْدَرُ تَلِفَ بِكَسْرِهَا مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ (أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فِي ضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (كَ) ظُهُورِ (عَيْبٍ) قَدِيمٍ بِهِ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، وَإِنْ اتَّحَدَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ.
(وَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ (حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) مِنْ نِصْفِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي تَلِفَ أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ فَالتَّمَسُّكُ بِأَقَلِّهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْشَاءُ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، وَالنِّسْبَةُ وَمَا هُنَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا يُعْرَضُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا يُعْرَضُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (إلَّا) الْمَبِيعَ (الْمِثْلِيَّ) أَيْ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ أَوْ الْمَعْدُودَ الَّذِي تَلِفَ بَعْضُهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ، فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلِّهِ فَيُخَيَّرُ
وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ: كَقَاعٍ، وَإِنْ انْفَكَّ،.
ــ
[منح الجليل]
الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فِيهِمَا الْمُوَضِّحُ أَيْ فِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ الْبَاقِي وَفِي الْفَسْخِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يَنُوبُ بَعْضُ الْمِثْلِيِّ مِنْ ثَمَنِهِ مَعْلُومٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْوِيمٍ وَنِسْبَةٍ.
(تَنْبِيهٌ) ظُهُورُ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي بَعْضِ الْمِثْلِيِّ لَيْسَ الْخِيَارُ فِيهِ كَالْخِيَارِ فِي تَلَفٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ إذْ الْخِيَارُ فِي الْعَيْبِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْجَمِيعِ وَرَدِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ، قَالَ فِيهَا: مَنْ اشْتَرَى مِائَةَ إرْدَبّ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا خَمْسُونَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَخْذِ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ، وَإِنْ أَصَابَ بِخَمْسِينَ إرْدَبًّا مِنْهَا عَيْبًا أَوْ بِثُلُثِ الطَّعَامِ أَوْ بِرُبُعِهِ فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ رَدُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَأَخْذُ الْجَيِّدِ خَاصَّةً اَ هـ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ مِنْهَا أَيْضًا أَفَادَهُ الْحَطّ (وَلَا كَلَامَ لِ) مُشْتَرٍ مِثْلِيًّا (وَاجِدٍ) عَيْبًا بِالْجِيمِ، وَفِي نُسْخَةِ الْبِسَاطِيِّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (فِي) عَيْبٍ (قَلِيلٍ) وَهُوَ الْمُعْتَادُ وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ بِحَيْثُ (لَا يَنْفَكُّ) أَيْ لَا يَخْلُو الْمَبِيعُ عَنْهُ عَادَةً لِكَوْنِهِ مِنْ طَرَاوَةِ الْأَرْضِ لَا مِنْ أَمْرٍ طَارِئٍ عَلَيْهِ (كَ) بَلَلِ طَعَامٍ (قَاعٍ) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ الَّذِي بِهِ الطَّعَامُ مِنْ طَرَاوَةِ أَرْضِهِ، فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ بِسَبَبِهِ " غ " قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ إلَخْ، اشْتَمَلَ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ شِدَّةِ اخْتِصَارِهِ عَلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ، إذْ قَالَ: الْفَسَادُ الْمَوْجُودُ فِي الطَّعَامِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا كَوْنُهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الطَّعَامُ عَنْهُ كَالْفَسَادِ الْيَسِيرِ فِي قِيعَانِ الْإِهْرَاءِ وَالْبُيُوتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، فَهَذَا لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا كَلَامَ لَهُ فِيهِ.
(وَإِنْ انْفَكَّ) الْعَيْبُ الْقَلِيلُ عَنْهُ وَلَا خَطْبَ لَهُ كَابْتِلَالِ بَعْضِهِ بِمَطَرٍ أَوْ نَدًى ابْنُ رُشْدٍ الثَّانِي: مَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الطَّعَامُ إلَّا أَنَّهُ يَسِيرٌ لَا خَطْبَ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَعِيبَ وَيُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ وَيَرُدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَرَوَى
فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ بِحِصَّتِهِ، لَا أَكْثَرَ. وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا.
ــ
[منح الجليل]
يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ (فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) الْمَعِيبِ مِنْ الْمَبِيعِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي السَّالِمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ ابْنُ رُشْدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُ مِثْلَ الْخُمُسِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَعِيبَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ رُبُعِ الطَّعَامِ أَوْ خُمُسِهِ لَا يُوجِبُ لِلْمُبْتَاعِ رَدَّ بَاقِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعَ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَيَلْتَزِمَ السَّالِمُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا (لَا أَكْثَرَ) مِنْ الرُّبُعِ ابْنُ رُشْدٍ. الرَّابِعُ كَوْنُهُ ثُلُثًا أَوْ نِصْفًا، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ إلْزَامَ الْمُشْتَرِي السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَاخْتِيَارِ سَحْنُونٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ الْتِزَامُ السَّالِمِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. الْخَامِسُ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَهُوَ الْجُلُّ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا لِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ اهـ " غ ".
فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ كَقَاعٍ، وَإِلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ انْفَكَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ الْمَعِيبِ فَمَا دُونَهُ لِنَفْسِهِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَى الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ بِقَوْلِهِ لَا أَكْثَرَ أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الرُّبُعِ كَالثُّلُثِ فَمَا فَوْقَهُ، وَانْطَبَقَ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ اهـ كَلَامُ " غ "(وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ) أَيْ الْبَعْضِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ وَرَدُّ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ عَلَى بَائِعِهِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ مُجْتَمِعًا يَحْمِلُ بَعْضُهُ بَعْضًا (وَ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشْرِ شِيَاهٍ بِمِائَةٍ كُلُّ شَاةٍ بِعَشْرَةٍ، وَاسْتُحِقَّ مِنْهَا بَعْضُهَا أَوْ
وَرُجِعَ لِلْقِيمَةِ، لَا لِلتَّسْمِيَةِ. وَصَحَّ وَلَوْ سَكَتَا لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي: قَبْضٌ، وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ،.
ــ
[منح الجليل]
ظَهَرَ مَعِيبًا وَلَيْسَ الْأَكْثَرَ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي أَوْ السَّالِمُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ (رُجِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِيمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا (لِلْقِيمَةِ) الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْعَارِفُونَ لِلْمُسْتَحَقِّ وَالْبَاقِي وَالْمَعِيبُ وَالسَّالِمُ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا لِمَجْمُوعِ قِيمَتَيْهَا وَبِمِثْلِهَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ قُوِّمَ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ الْمَعِيبُ بِعِشْرِينَ وَالْبَاقِي أَوْ السَّالِمُ بِثَلَاثِينَ رُجِعَ بِخُمُسَيْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ رُجِعَ بِنِصْفِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَالثَّانِي أَرْبَعِينَ رُجِعَ بِثُلُثِهِ.
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (لَا) يُرْجَعُ (لِلتَّسْمِيَةِ) عِنْدَ الْعَقْدِ لِكُلِّ سِلْعَةٍ لِاخْتِلَافِ السِّلَعِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَاغْتُفِرَتْ زِيَادَةُ الْمُسَمَّى لِلرَّدِيءِ لِنَقْصِ مَا سُمِّيَ لِلْجَيِّدِ وَعَكْسُهُ (وَصَحَّ) الْبَيْعُ إنْ شُرِطَ الرُّجُوعُ لِلْقِيمَةِ عَلَى تَقْدِيرِ طَرَيَان اسْتِحْقَاقٍ أَوْ ظُهُورِ عَيْبٍ لِلْبَعْضِ، بَلْ (وَلَوْ سُكِتَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِنْدَهُ عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا أَوْ لِلتَّسْمِيَةِ، وَيُرْجَعُ لِلْقِيمَةِ (لَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (إنْ شَرَطَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ إنْ خَالَفَتْ الْقِيمَةَ وَالْأَصَحُّ فَهَذَا تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ تَلَفَ الْمَبِيعِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ بَائِعِهِ يُفْسَخُ ذَكَرَ هُنَا إتْلَافَهُ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عِنْدَهُ فَقَالَ:(وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرَى) الْمَبِيعَ بَتًّا وَقْتَ ضَمَانِ بَائِعِهِ (قَبْضٌ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِمَا أَتْلَفَهُ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا، فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ هَذَا فِي إتْلَافِ كُلِّ الْمَبِيعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ إتْلَافِهِ مَبِيعَ الْخِيَارِ فِي بَابِهِ (وَ) إتْلَافُ (الْبَائِعُ) الْمَبِيعَ بَتًّا وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ أَوْ ضَمَانِ مُبْتَاعِهِ (وَ) إتْلَافِ (الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْمَبِيعَ بَتًّا بِضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (يُوجِبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (الْغُرْمَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْعِوَضَ لِلْمُتْلَفِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ.
وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، فَفِيهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِعَيْنِهِ وَفَارَقَهُ قَبْلَ اكْتِيَالِهِ فَتَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَى الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ، وَلَا خِيَارَ
وَكَذَلِكَ إتْلَافُهُ. .
وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعُ صُبْرَةً عَلَى الْكَيْلِ،.
ــ
[منح الجليل]
لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ دَنَانِيرِهِ، وَلَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ طَعَامًا مِثْلَهُ وَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ وَسُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ عَمَّنْ ابْتَاعَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَرَأَى زَيَّ الطَّعَامِ وَسَاوَمَهُ عَلَيْهِ وَدَفَعَ لَهُ عُرْيَانَهُ وَبَقِيَ الطَّعَامُ عِنْدَ بَائِعِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكْتَلْهُ حَتَّى ارْتَفَعَ سِعْرُ الطَّعَامِ وَغَلَا فَطَلَبَ الْمُبْتَاعُ الطَّعَامَ فَأَبَى الْبَائِعُ دَفْعَهُ إلَيْهِ، قَالَ: يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فِيمَا عَقَدَ مَعَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْقَبَّابِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ فَأَبَى الطَّالِبُ مِنْ قَبْضِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَمَكَّنَهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ مِرَارًا فَجَنَى جَانٍ عَلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَيْسَ لَهُ الْمَكِيلَةُ، وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَجْزِهِ عَنْ أَخْذِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا (وَكَذَلِكَ) أَيْ إتْلَافُ كُلِّ الْمَبِيعِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضًا وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ (إتْلَافُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَمِنْهُ تَعْيِيبُهُ.
فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ قَبْضٌ لِمَا أَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْجَبَ غُرْمَ عِوَضِهِ وَالْأَجْنَبِيُّ يَغْرَمُ الْعِوَضَ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ مُشْتَرِيًا أَوْ بَائِعًا، وَالْبَائِعُ يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ، فَفِي الْعَمْدِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ وَالرَّدِّ وَفِي الْخَطَأِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِلَا أَرْشٍ وَالرَّدِّ أَفَادَهُ عِبْ الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَاشِرٍ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ وَمِثْلُهُ فِي نُسْخَةِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نُسْخَةَ إتْلَافِهِ تَحْرِيفٌ، قَالَ فِي ضَيْح: أَيْ تَعْيِيبُ الْمَبِيعِ كَإِتْلَافِهِ فِي التَّفْصِيلِ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
(وَإِنْ) بَاعَ شَخْصٌ صُبْرَةً عَلَى كَيْلٍ كُلُّ إرْدَبّ بِكَذَا وَأُهْلِكَتْ قَبْلَ كَيْلِهَا فَ (أَهْلَكَ) أَيْ أَتْلَفَ عَمْدًا شَخْصٌ (بَائِعٌ) بِالتَّنْوِينِ (صُبْرَةً) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُمْلَةً فِي مِثْلِيِّ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَحِنَّاءٍ وَكَتَّانٍ وَعُصْفُرٍ تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلَكَ بَائِعٌ بِيعَتْ الصُّبْرَةُ (عَلَى الْكَيْلِ) كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ الْوَزْنِ كُلُّ رِطْلٍ (بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا أَوْ الْعَدِّ كُلُّ عَشْرَةٍ
فَالْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِيُوَفِّيَهُ وَلَا خِيَارَ لَك، أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ، إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مَا يُوَفِّي، فَإِنْ فَضَلَ فَلِلْبَائِعِ،.
ــ
[منح الجليل]
بِدِرْهَمٍ مَثَلًا وَأَهْلَكَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ كَيْلِهَا أَوْ وَزْنِهَا أَوْ عَدِّهَا (فَالْمِثْلُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلصُّبْرَةِ الْمُهْلَكَةِ (تَحَرِّيًا) لِصِيعَانِهَا أَوْ أَرْطَالِهَا أَوْ عَدَدِهَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ (لِيُوفِيَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمِثْلَ بِكَيْلِهِ أَوْ عَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي (وَلَا خِيَارَ لَكَ) يَا مُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا وَلَوْ بِرِضَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ الْمِثْلُ الَّذِي وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ وَمَفْهُومُ أَهْلَكَ بَائِعٌ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ بِسَمَاوِيٍّ فُسِخَ الْبَيْعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يَفْسَخُ، وَمِثْلُهُ هَلَاكُهَا بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ خَطَأً كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ بِأَهْلَكَ، وَجَعَلَهُ " س " كَالْعَمْدِ فِي لُزُومِ الْمِثْلِ الْبَائِعَ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَالْعَمْدِ تت فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي لَكَانَ قَبْضًا فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ كَيْلُهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ خَلِيلٌ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ بَشِيرٍ.
وَجَعَلَ الْمَازِرِيُّ هَذَا فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَإِتْلَافُهُ قَبْضٌ لِمَكِيلَتِهِ تَحَرِّيًا ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْ أَتْلَفَ طَعَامًا ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَهُ وَعُرِفَ كَيْلُهُ فَقَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْلُهُ فَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْقَدْرِ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلطَّعَامِ الْمَجْهُولِ كَيْلُهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ وَلَا يَفْسَخُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَبُولُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلَهُ إيجَابَ الْقِيمَةِ وَهْمٌ، وَتَعَقُّبُهُ عَلَيْهِ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ صَوَابٌ (أَوْ) أَيْ وَإِنْ أَهْلَكَ (أَجْنَبِيٌّ) صُبْرَةً بِيعَتْ بِكَيْلٍ قَبْلَهُ (فَالْقِيمَةُ) لِلصُّبْرَةِ يَوْمَ إتْلَافِهَا تَلْزَمُهُ (إنْ جُهِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْمَكِيلَةُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ قَدْرُ كَيْلِ الصُّبْرَةِ، فَإِنْ عُرِفَتْ الْمَكِيلَةُ لَزِمَهُ مِثْلُهَا (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ الصُّبْرَةِ (اشْتَرَى الْبَائِعُ) بِهَا (مَا) أَيْ مِثْلِيًّا (يُوفِي) قَدْرَ الصُّبْرَةِ تَحَرِّيًا لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ فَضَلَ) شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِحُدُوثِ رُخْصِ الْمِثْلِيِّ (فَ) الْفَاضِلُ (لِلْبَائِعِ) إذْ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ
وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ.
وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، وَلَوْ: كَرِزْقِ قَاضٍ.
ــ
[منح الجليل]
النَّقْصُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ (وَإِنْ نَقَصَ) مَا اشْتَرَاهُ بِهَا عَنْ قَدْرِ الصُّبْرَةِ تَحَرِّيًا لِحُدُوثِ غَلَائِهَا (فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) لِبَعْضِهَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَسُّكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ.
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرَى الْبَائِعُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ مَدْلُولُ لَفْظِ الْكِتَابِ وَقِيلَ: الْمُشْتَرِي وَقِيلَ: الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنْ أُعْدِمَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ فُقِدَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ فَسْخِهِ وَانْتِظَارِ الْأَجْنَبِيِّ ابْنُ عَرَفَةَ التُّونُسِيُّ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْمُتَعَدِّي لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْهُ لِضَرَرِهِ بِتَأَخُّرِهِ لِوُجُودِ الْمُتَعَدِّي الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْسِرًا لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْفَسْخُ وَالتَّأْخِيرُ، وَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِمَا لَزِمَ الْمُتَعَدِّي ارْتَفَعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَجَازَ) لِمُشْتَرٍ أَوْ مَوْهُوبٍ شَيْئًا (الْبَيْعُ) لِلشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهُ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ وَاهِبِهِ (إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الَّذِي مُلِكَ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، كَصَدَاقٍ وَخُلْعٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَأَرَادَ بِمُطْلَقَةٍ الرِّبَوِيَّ وَغَيْرَهُ إنْ مَلَكَ الطَّعَامَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ كَشِرَاءٍ وَقَبُولِ هِبَةِ ثَوَابٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (كَرِزْقِ) أَيْ طَعَامٍ مُرَتَّبٍ لِ (قَاضٍ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ قَضَائِهِ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ رِزْقُ إمَامِ الْمَسْجِدِ وَمُؤَذِّنِهِ وَشَيْخِ السُّوقِ وَالْقَسَّامِ وَالْكَاتِبِ وَالْجُنْدِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَالِمِ فِي نَظِيرِ التَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى، وَأَشَارَ بِلَوْ لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِ رِزْقِ الْقَاضِي قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ عَلَى فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَأَشْبَهَ الصَّدَقَةَ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَحْرِيمَ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَدِّي لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَالَ: مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» وَقِيلَ: مَعْقُولُ الْمَعْنَى لِأَنَّ أَهْلَ الْعِينَةِ كَانُوا يَتَوَصَّلُونَ
أُخِذَ بِكَيْلٍ، أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ. .
ــ
[منح الجليل]
إلَى الرِّبَا بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَنَهَى عَنْهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ.
وَقِيلَ: لِأَنَّ لِلشَّارِعِ رَغْبَةً فِي ظُهُورِهِ لِقَنَاعَةٍ بِهِ وَانْتِفَاعِ الْكَيَّالِ وَالشَّيَّالِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَتَبَايَعَهُ أَهْلُ الْأَمْوَالِ مَخْزُونًا فِي مَطَامِيرِهِ فَيَحْصُلُ الْغَلَاءُ وَالْقَحْطُ الثَّانِي: الْمُوَاعَدَةُ عَلَى بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمُوَاعَدَةِ عَلَى النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَالتَّعْرِيضُ بِهِ كَالتَّعْرِيضِ بِهِ فِيهَا، فَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ وَمَا ابْتَعْت مِنْ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَلَا تُوَاعِدْ فِيهِ أَحَدًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا تَبِعْ طَعَامًا تَنْوِي أَنْ تَقْضِيَهُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَيْت الثَّالِثُ: قَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ مُوَكِّلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِهِ قَالَهُ فِي رَسْمِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْوَكَالَاتِ مَا ظَاهِرُهُ مِنْ خِلَافِ هَذَا، وَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحِلُّ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الطَّعَامُ (بِكَيْلٍ) أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَأْخُوذِ جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِقَبْضِهِ بِنَفْسِ شِرَائِهِ لِعَدَمِ التَّوْفِيَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَعَطَفَ عَلَى أُخِذَ بِكَيْلٍ فَقَالَ:(أَوْ) كَانَ الطَّعَامُ (كَلَبَنِ) جِنْسِ (شَاةٍ) فَلَا يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَكِيلَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ جُزَافًا.
وَيَأْتِي فِي بَابِ السَّلَمِ جَوَازُ شِرَاءِ لَبَنِ شَاةٍ مِنْ شِيَاهٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً إذَا عُلِمَ قَدْرُ حَلْبِهَا تَحَرِّيًا إذَا عُيِّنَتْ وَكَثُرَتْ كَعَشَرَةٍ فِي إبَّانِ حِلَابِهَا كَفَصْلِ الرَّبِيعِ طفي لَوْ قَالَ: أَوْ كَلَبَنِ شِيَاهٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَكَانَ أَسْعَدَ بِالنَّقْلِ، أَوْ قَالَ: كَلَبَنِ غَنَمٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِمَنْعِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِ الْعَقْدِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْقَبْضُ جَائِزًا، أَوْ شِرَاءِ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ جُزَافًا غَيْرُ جَائِزٍ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ كَالْعَشَرَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالشَّاةِ الْجِنْسُ، وَقَدْ حَمَلَهُ تت عَلَى الْوَاحِدَةِ لِقَوْلِهِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ
وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ؛
ــ
[منح الجليل]
فَفِيهَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَمَنْ اشْتَرَى لَبَنَ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا جُزَافًا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً كَشَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَيْسَتْ بِمَأْمُونَةٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا كَثُرَ مِنْ الْغَنَمِ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَعَرَّفَهُ وَجْهَ حِلَابِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفَا وَجْهَهُ فَلَا يَجُوزُ اهـ عِيَاضٌ إنَّمَا جَازَ فِي الْكَثِيرَةِ وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ فِيهَا جَائِحَةُ الْمَوْتِ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا آمَنُ مِنْ الْقَلِيلَةِ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ إنْ مَاتَ بَعْضُهَا أَوْ جَفَّ لَبَنُهُ بَقِيَ بَعْضٌ، وَقَدْ يَقِلُّ لَبَنُ وَاحِدَةٍ وَيَزِيدُ لَبَنُ أُخْرَى " غ " قَوْلُهُ أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ أَوْ كَانَ كَلَبَنِ شَاةٍ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَرِزْقِ قَاضٍ لَكَانَ فِي حَيِّزِ لَوْ الْمُشْعِرَةِ بِالْخِلَافِ، وَلَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَشْتِيتٍ فِي الْكَلَامِ، وَيَفُوتُ مَعَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى مُنَاسَبَتِهِمَا فِي الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ.
(وَلَمْ يَقْبِضْ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ (مِنْ نَفْسِهِ) لِنَفْسِهِ فِي جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، فَمَنْ وُكِّلَ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ بِيَدِهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ وَقَبَضَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ لِيَبِيعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ فِيهِمَا مُكْتَفِيًا بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ، عَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَوَّاقُ كَلَامَ خَلِيلٍ النَّاصِرِ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُمَا شِرَاءَ الْوَكِيلِ الطَّعَامَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَقَالَ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَا أَخْذُهُ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ فِي كِلَا وَجْهَيْ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ، وَقَبْضُهُ فِي دَيْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فَقَبْضُهُ كَلَا قَبْضٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مُمْتَنِعَةٌ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ، وَثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
فَإِنْ قُلْت قَدْ جَعَلَ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيهَا قَبْضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْ عِلَّتَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ قُلْت هِيَ آيِلَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ قَبْضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَهَا ضَعِيفٌ فَهُوَ كَلَا قَبْضٍ، فَقَدْ وُجِدَ فِي الطَّعَامِ عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَبَحَثَ فِيهِ بِعَدَمِ وُجُودِهِمَا فِي تَوْكِيلِهِ عَلَى بَيْعِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَفَادَهُ عِبْ الْبُنَانِيُّ.
قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَفْسِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهَا وَإِنْ أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا، وَقَالَ لَكَ: اشْتَرِ بِهِ طَعَامًا وَكِلْهُ ثُمَّ اقْبِضْ حَقَّكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَيَجُوزُ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ. اهـ. وَقَدْ اعْتَمَدَ الشَّارِحُ هَذَا التَّفْسِيرَ وَتَبِعَهُ تت، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ صُوَرِهِ بَيْعٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا مَا وُكِّلَ عَلَى شِرَائِهِ فَبَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَيَدُهُ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ، وَأَمَّا مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ فَبَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ أَصْلًا، وَقَدْ عَلَّلَ الْمَنْعَ فِي ضَيْح بِكَوْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ أَبًا وَلَا وَصِيًّا طفي هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت، وَكُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ مُصَرِّحَةٌ بِجَوَازِهِ مَعَ الْإِذْنِ وَمَنْعِهِ مَعَ عَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِهَا لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ مَدِينُهُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ يُتَّهَمُ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ، وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ بِهِ الدَّيْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا هِيَ الْقَبْضُ لِنَفْسِهِ، بَلْ اتِّهَامُهُ عَلَى بَيْعِهِ مَا فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ ثَمَنٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامًا وَيَقْبِضَهُ مِنْ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا التَّفْسِيرُ الثَّانِي الَّذِي فِي ضَيْح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَهُوَ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَدِيعَةً وَشِبْهَهَا فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا تَامًّا، إذْ لَوْ أَرَادَ رَبُّهُ إزَالَتَهُ مِنْ يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضًا قَوِيًّا كَقَبْضِ
إلَّا كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ. .
وَجَازَ بِالْعَقْدِ: جُزَافٌ وَكَصَدَقَةٍ. .
وَبَيْعُ مَا عَلَى مُكَاتَبٍ مِنْهُ،.
ــ
[منح الجليل]
الْوَلَدِ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ، فَإِذَا بَاعَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ مُتَوَلِّيًا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كَانَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْعُهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَبْضًا ثَانِيًا حِسِّيًّا، وَكَذَا الْوَصِيُّ فِي مَحْجُورَيْهِ، وَالْأَبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِيَّمَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَبُّدِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا اتِّفَاقٌ فَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَهُ وَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ هُوَ ظَاهِرُ سَلَمِهَا الثَّالِثِ، وَذَكَرَ النَّاصِرُ أَنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ " ق " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِنْ نَفْسِهِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا (كَ) شَخْصٍ (وَصِيٍّ) يَتَصَرَّفُ (لِيَتِيمَيْهِ) الْمَحْجُورَيْنِ لَهُ بِإِيصَائِهِ عَلَيْهِمَا مِنْ أَبَوَيْهِمَا وَوَالِدٍ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ وَسَيِّدٍ لِرِقَّيْهِ فَإِذَا بَاعَ طَعَامَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْضًا حِسِّيًّا.
وَذَكَرَ مَفْهُومَ أُخِذَ بِكَيْلٍ فَقَالَ: (وَجَازَ) بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ (بِ) مُجَرَّدِ (الْعَقْدِ) عَلَيْهِ وَهُوَ (جُزَافٌ) لِانْتِقَالِهِ لِضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَوْفِيَةٌ، فَصَارَ كَالْمَقْبُوضِ حِسًّا فَلَا يَلْزَمُ عَلَى بَيْعِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُعَاوَضَةٍ فَقَالَ:(وَكَصَدَقَةٍ) بِطَعَامٍ وَهِبَتِهِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَيَجُوزُ لِلْمُصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ وَوَاهِبِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَوَالِي بَيْعَتَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَبْضٌ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ الْوَاهِبُ اشْتَرَاهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، فَفِي الْجَلَّابِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِكَيْلٍ ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ قَضَاهُ عَنْ قَرْضٍ لَهُ فَلَا يَبِعْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ صَارَ لَهُ الطَّعَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بَيْعُ
(وَ) جَازَ لِمَنْ كَاتَبَ رِقَّهُ بِطَعَامٍ (بَيْعُ مَا) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي (عَلَى مُكَاتَبٍ) لَهُ بِالْكِتَابَةِ
وَهَلْ إنْ عُجِّلَ الْعِتْقُ: تَأْوِيلَانِ.
وَإِقْرَاضُهُ أَوْ وَفَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ.
وَبَيْعُهُ لِمُقْتَرِضٍ
وَإِقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ،
ــ
[منح الجليل]
مِنْهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَهُمَا مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْهُ (إنْ عُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (الْعِتْقُ) لِلْمُكَاتَبِ بِأَنْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ وَعَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَهُ فَلَا يَجُوزُ قَالَهُ سَحْنُونٌ، أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَعْجِيلِهِ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُحَاصِصُ بِهِ السَّيِّدَ فِي فَلَسِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِمُؤَجَّلٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ.
(وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِكَيْلٍ (إقْرَاضُهُ) أَيْ تَسْلِيفُ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ (أَوْ وَفَاؤُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (عَنْ قَرْضٍ) عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِمَا تَوَالِي بَيْعَيْنِ بِلَا قَبْضٍ بَيْنَهُمَا وَمَفْهُومُ عَنْ قَرْضٍ امْتِنَاعُ تَوْفِيَتِهِ عَنْ بَيْعٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَوَالِيهِمَا بِلَاهُ " ق " وَأَمَّا عَكْسُ هَذَا فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُحِيلَ بِطَعَامٍ عَلَيْكَ، مِنْ بَيْعٍ عَلَى طَعَامٍ لَكَ مِنْ قَرْضٍ عَلَى شَخْصٍ، قَالَ: وَلَا يَبِيعُهُ هُوَ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْكَ إذَا أَحَلْتَهُ فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِكَ مَنْ بِيعَ بِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْك وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) مَنْ اقْتَرَضَ طَعَامًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ مُقْرِضِهِ جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الْمُقْتَرَضِ (لِمُقْتَرِضٍ) أَيْ مِنْهُ صِلَةُ بَيْعٍ، أَوْ اللَّامُ عَلَى حَقِيقَتِهَا صِلَةٌ جَازَ الْمُقَدَّرُ، وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِمُقْرِضِهِ وَلِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَوْلِ وَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ بِلَا قَبْضٍ مَا لَمْ يَقْتَرِضْهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمُقْتَرِضِهِ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَفْته رَجُلًا فَقَبَضَهُ الْمُتَسَلِّفُ فَلَا يُعْجِبنِي أَنْ تَبِيعَهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ أَوْ الْبَيْعِ (إقَالَةٌ) لِبَائِعِهِ (مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِتَرْكِهِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَصِفَةِ عَقْدِهِ لِأَنَّهُ حَلَّ لِلْبَيْعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْجَمِيعِ مِنْ الْإِقَالَةِ مِنْ بَعْضِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا تَجُوزُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ جَمَاعَةَ الْقَبَّابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُهَا عَلَى جَمِيعِ الطَّعَامِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الشَّرْطُ بِهِ، بَلْ هُوَ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ فَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثُ: وَمَنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ بَاقِي الْأَشْيَاءِ فَأَقَالَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ بَعْضِهِ، وَأَخَذَ بَعْضَهُ فَلَا تَجُوزُ، وَدَخَلَهُ فِضَّةٌ نَقْدًا بِفِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَى أَجَلٍ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. اهـ. لَكِنْ إنَّمَا تَمْنَعُ الْإِقَالَةُ مِنْ بَعْضِ الطَّعَامِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَغَابَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَإِلَّا جَازَتْ، فَفِي سَلَمِهَا الثَّانِي وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ وَغَابَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ وَنِصْفَ ثَمَنِكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ وَسَلَفُ مَا ارْتَجَعْت مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ سَلَفٌ، وَمَا أَمْضَيْت فَهُوَ بَيْعٌ، وَإِنْ لَمْ تَفْتَرِقَا جَازَ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْ بَعْضٍ وَتَتْرُكَ بَقِيَّةَ السَّلَمِ إلَى أَجَلِهِ اهـ ابْنُ يُونُسَ وَكَانَ الْبَيْعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا بَقِيَ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: فَأَمَّا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَلَا تَأْخُذُ إلَّا مَا أَسْلَفْت فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِكِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عُرُوضًا تُعْرَفُ بِأَعْيَانِهَا أَسْلَمْتهَا فِي خِلَافِهَا مِنْ عُرُوضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ وَأَقَلْته مِنْ نِصْفِ مَا أَسْلَفْت فِيهِ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِكِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ افْتِرَاقِكُمَا أَوْ قَبْلَهُ جَازَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةُ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَهِيَ رُخْصَةٌ وَعَزِيمَةٌ الْأُولَى فِيمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَشَرْطُهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ الثَّمَنِ بِمَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ غَالِبًا فِيهَا لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ وَلَا عَلَيْهِ وَأَخْذُ غَيْرِهِ وَلَا بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَلَا مَعَ تَأْخِيرِهِ وَلَوْ سَاعَةً وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ أَوْ حَوَالَةٍ. الثَّانِي: يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ لَا يُقَارِنَهَا بَيْعٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَتَعْجِيلُ الثَّمَنِ. الثَّالِثُ: فِي الْقَبَّابِ جَوَازُ الْإِقَالَةِ مِنْ بَعْضِ الطَّعَامِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِذَا جَازَتْ فِيهِ جَازَتْ فِي غَيْرِهِ بِالْأَحْرَى.
وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ
وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيِّكَ لَا بَدَنُهُ: كَسِمَنِ دَابَّةٍ، وَهُزَالِهَا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَمِثْلُ مِثْلِيِّك، إلَّا الْعَيْنَ،.
ــ
[منح الجليل]
سُوقُهُ، بَلْ (وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقٌ) أَيْ قِيمَةُ (شَيْئِكَ) يَا مُشْتَرِي الَّذِي دَفَعْته ثَمَنًا لِلطَّعَامِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَيْنُهُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ (لَا) تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْجَمِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ تَغَيَّرَ (بَدَنُهُ) أَيْ شَيْئِكَ (كَسِمَنِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (دَابَّةٍ) مَجْعُولَةٍ ثَمَنًا لِلطَّعَامِ (وَهُزَالِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ تَغَيُّرِهَا بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِتَغَيُّرِ الثَّمَنِ فِي ذَاتِهِ، فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِخِلَافِ) سِمَنِ وَهُزَالِ (الْأَمَةِ) الْمَجْعُولَةِ ثَمَنًا لِلطَّعَامِ وَأَوْلَى الْعَبْدُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يُقْصَدُ لَحْمُهَا وَشَحْمُهَا بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ أَنَّ رَقِيقَ الْخِدْمَةِ كَالدَّابَّةِ، وَقَالَ يَحْيَى: الرَّقِيقُ وَالدَّابَّةُ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمَفْهُومُ سِمَنٍ وَهُزَالٍ أَنَّ تَغَيُّرَ الرَّقِيقِ بِعَوَرٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوْ وِلَادَةِ الْأَمَةِ مَانِعٌ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ.
فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَصَحَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ بِهَا (وَ) مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِمِثْلِيٍّ ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ مِثْلِيٍّ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ الْبَائِعُ (مِثْلَ مِثْلَيْكَ) يَا مُشْتَرِي الَّذِي دَفَعْته ثَمَنًا الْحَطّ هَذَا فِي السَّلَمِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَكُلَّمَا ابْتَعْت مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ فَقَبَضْته فَأَتْلَفْته فَجَائِزٌ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْهُ وَتَرُدَّ مِثْلَهُ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ، وَبَعْدَ كَوْنِ الْمِثْلِ حَاضِرًا عِنْدَكَ وَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ مِنْهُ وَإِنْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ اهـ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَكَلَامُهَا لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَلَامُنَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَيْضًا الْمَرْدُودُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِهَا هُوَ الثَّمَنُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الثَّمَنُ اهـ وَفِي شَرْحِ شُبْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَنِ الْمِثْلِيَّ فَقَالَ:(إلَّا الْعَيْنَ) أَيْ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ
وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ وَالشُّفْعَةِ.
ــ
[منح الجليل]
الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا (فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (دَفْعُ مِثْلِهَا) أَيْ الْعَيْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ.
بَلْ (وَإِنْ كَانَتْ) الْعَيْنُ (بِيَدِهِ) أَيْ الْبَائِعِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ لِتَعَيُّنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعَدَمِ الْبَرَكَةِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ (وَالْإِقَالَةُ) أَيْ رَدُّ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (بَيْعٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهُ وَتَمْنَعُهَا مَوَانِعُهُ، وَإِنْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَهَا فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ (إلَّا) الْإِقَالَةَ (فِي الطَّعَامِ) قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ فَبَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ (وَ) إلَّا الْإِقَالَةُ فِي (الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذِ بِهَا فَلَيْسَتْ بَيْعًا مُطْلَقًا وَلَا حِلًّا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا هِيَ بَيْعٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَحِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا مُطْلَقًا لَخُيِّرَ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ حِلًّا مُطْلَقًا لَسَقَطَتْ بِهَا الشُّفْعَةُ فَهِيَ بَيْعٌ فِي الْجُمْلَةِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وَحِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ لِتَعَيُّنِ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ تَكُنْ حِلًّا حَقِيقِيًّا مُسْقِطًا لِلشُّفْعَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى التَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بِهَا قَالَهُ عج وَقَالَ " د ": ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا حِينَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ لَا تُعَدُّ بَيْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ حِينَئِذٍ بَاطِلَةٌ لَا عِبْرَةَ بِهَا. اهـ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ تت فَمَنْ ابْتَاعَ شَخْصًا لَهُ شَفِيعٌ ثُمَّ أَقَالَهُ مِنْهُ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ الْحَطّ.
اُخْتُلِفَ فِي الْإِقَالَةِ هَلْ هِيَ حِلُّ بَيْعٍ أَوْ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ، فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَإِنَّمَا هِيَ حِلٌّ لِلْبَيْعِ السَّابِقِ، وَلِذَا جَازَتْ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِلَّا فِي الشُّفْعَةِ، فَمَنْ بَاعَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ، فَلَوْ أَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُهْدَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ اللَّبِيبِ، وَقَالَ مَرَّةً: يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ
وَالْمُرَابَحَةِ، وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ
، إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك،.
ــ
[منح الجليل]
شَاءَ جَعَلَهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَقْبِلُ هُوَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ، وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا إمَّا حِلٌّ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، أَوْ بَيْعٌ فَيُخَيَّرُ كَتَعَدُّدِ الْبَيْعِ فَلَا وَجْهَ لِحَصْرِ الْعُهْدَةِ فِي الْمُشْتَرِي. وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَتَعَيَّنَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاتِّهَامِهِمَا بِالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِهَا فَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا مُلْغَاةٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهَا حِلٌّ وَلَا بَيْعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إلَّا الْإِقَالَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى (الْمُرَابَحَةِ) فَلَيْسَتْ بَيْعًا، فَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَا يَبِعْهُ بِالْمُرَابَحَةِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ إلَّا بِبَيَانِ الْإِقَالَةِ، وَيَبِيعُهُ بِهَا عَلَى عَشَرَةٍ مَعَ بَيَانِ الْإِقَالَةِ أَيْضًا لِكَرَاهَةِ النُّفُوسِ الْمُقَالُ مِنْهُ اسْتَظْهَرَهُ " د " وَأَمَّا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَلَهُ بَيْعُهَا بِالْمُرَابَحَةِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ بِلَا بَيَانٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِي الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَهُ الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةُ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْعٌ وَوَجَبَ التَّبْيِينُ لِكَرَاهَتِهَا الْمُبْتَاعَ الْحَطّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِلَفْظِهَا وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ مِنْ غَيْرِهِ فَبَيْعٌ يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَظْهَرُ هَذَا بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّيُوخِ، وَسَاقَهَا فَانْظُرْهُ، وَزَادَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَلَى الثَّلَاثِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ كَوْنِ الْإِقَالَةِ مِنْ أَمَةٍ تَتَوَاضَعُ (وَ) جَازَ (تَوْلِيَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ تَرْكِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (وَ) جَازَ (شَرِكَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ جَعْلُ جُزْءٍ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَعْرُوفِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَإِقَالَةٍ» ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الشَّرِكَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) عَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ يَنْقُدَ) مَنْ أَشْرَكْته فِي الطَّعَامِ ثَمَنَ حِصَّتِكَ مِنْهُ (عَنْكَ) فَإِنْ شَرَطْت عَلَيْهِ النَّقْدَ عَنْكَ فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ فَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ شَرْطُ النَّقْدِ، هَذَا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ وَ " ق " وَ " ح "، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لِأَنَّ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَدْفَعُهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا فَقَالَ: أَشْرَكْتُكَ
وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا فِيهِمَا، وَإِلَّا فَبَيْعٌ كَغَيْرِهِ.
وَضَمِنَ الْمُشْرَكُ الْمُعَيَّنَ،.
ــ
[منح الجليل]
عَلَى أَنْ تَنْقُدَ عَنِّي فَلَا يَجُوزُ وَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ السَّلَفُ، فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرُوا شَرِكَتِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ: اُنْقُدْ عَنِّي جَازَ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ الصَّرْفِ وَالطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ وَبَيْعِ النَّقْدِ وَالْأَجَلِ لِانْعِقَادِ الشِّرَاءِ عَلَيْهِمَا اهـ.
(وَ) إنْ (اسْتَوَى عَقْدَاهُمَا) أَيْ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَالْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ قَدْرًا وَأَجَلًا وَحُلُولًا وَرَهْنًا وَحَمِيلًا (فِيهِمَا) أَيْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا لَا مُقَوَّمًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ فَيَكُونُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، هَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَحْسَنُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ، وَقَصَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْعَيْنِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الِاخْتِلَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ (فَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ (بَيْعٌ كَغَيْرِهِ) مِنْ الْبُيُوعِ فِي اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ وَمِنْهَا عَدَمُ قَبْضِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَتُمْنَعُ الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَتَجُوزُ بِعَدَمٍ وَفِي غَيْرِ الطَّعَامِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدُ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ عَنْ الْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ وَقَالَ الْحَطّ: يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ حُكْمُهُ كَالطَّعَامِ فِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَفِي أَنَّهُ لَا تَكُونُ تَوْلِيَةٌ أَوْ شَرِكَةٌ إلَّا إذَا اسْتَوَى الْعَقْدَانِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ.
(وَ) إنْ ابْتَعْت شَيْئًا مُعَيَّنًا وَأَشْرَكْت فِيهِ غَيْرَكَ وَتَلِفَ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِ مَنْ أَشْرَكْته نَصِيبَهُ مِنْهُ (ضَمِنَ) الشَّخْصُ (الْمُشْرَكُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الشَّيْءَ (الْمُعَيَّنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ أَيْ حِصَّتَهُ مِنْهُ لَا جَمِيعَهُ " غ " هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُشْرَكُ بِلَا تَاءٍ وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْكَافِ آخِرَهُ اسْمُ مَفْعُولِ أَشْرَكَ الرُّبَاعِيُّ، وَمَا عَدَا هَذَا تَصْحِيفٌ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ابْتَعْت
وَطَعَامًا كِلْتَهُ وَصَدَّقَك. .
ــ
[منح الجليل]
سِلْعَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْت فِيهَا رَجُلًا ثُمَّ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْرَكِ أَوْ ابْتَعْت طَعَامًا فَاكْتَلْتُهُ ثُمَّ أَشْرَكْت فِيهِ رَجُلًا وَلَمْ تُقَاسِمْهُ حَتَّى ذَهَبَ الطَّعَامُ فَضَمَانُهُ مِنْكُمَا وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ نَقْدًا أَمْ لَا، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَعْرُوفٌ.
وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْهَلَاكُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافُ الْمَحْبُوسَةِ فِي الثَّمَنِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ (وَ) إنْ ابْتَعْت طَعَامًا وَاكْتَلْته ثُمَّ وَلَّيْته أَوْ أَشْرَكْت فِيهِ شَخْصًا ثُمَّ هَلَكَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ ضَمِنَ الْمُوَلَّى أَوْ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (طَعَامًا كِلْته) يَا مُوَلِّي أَوْ مُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (وَصَدَّقَكَ) يَا مُولِي أَوْ مُشْرِكُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا مَنْ أَشْرَكْته أَوْ وَلَّيْته فِي كَيْلِهِ ثُمَّ تَلِفَ " غ " تَقَدَّمَ نَصُّهَا فَوْقَهُ وَفِيهَا بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا وَاكْتَلْته ثُمَّ أَشْرَكْت رَجُلًا فِيهِ أَوْ وَلَّيْته عَلَى تَصْدِيقِكَ فِي كَيْلِهِ جَازَ وَلَهُ أَوْ عَلَيْهِ الْمُتَعَارَفُ مِنْ زِيَادَةِ الْكَيْلِ أَوْ نَقْصِهِ وَإِنْ كَثُرَ رَجَعَ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدَّ كَثِيرَ الزِّيَادَةِ اهـ الْبُنَانِيُّ جَعَلَهُ " ز " وَغَيْرُهُ خِطَابًا لَلْمَوْلَى وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ، وَجَعَلَ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّصْدِيقِ اقْتِفَاءً بِنَصِّهَا السَّابِقِ، وَلَيْسَ فِيهِ شَرْطُ التَّصْدِيقِ وَفِي الْأُمَّهَاتِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَشْرَكْته فَضَمَانُهُ مِنْكُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكِلْهُ سَحْنُونٌ يُرِيدُ وَقَدْ اكْتَلْته أَنْتَ قَبْلَ تَشْرِيكِهِ: أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ لَا مِنْكَ ابْنُ مُحْرِزٍ أَنْكَرَ سَحْنُونٌ الْمَسْأَلَةَ وَكَتَبَ عَلَيْهَا مَسْأَلَةَ سُوءٍ كَأَنَّهُ رَأَى الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ حَتَّى يَكِيلَهُ الْبَائِعُ عِيَاضٌ حَكَى فَضْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ أَنَّهَا مِنْ الْمُوَلَّى حَتَّى يَكِيلَهُ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي كَوْنُهَا مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ حَمَلَ إنْكَارَ سَحْنُونٍ الْمَسْأَلَةَ أَبُو عِمْرَانَ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا إلَّا مِنْ فَضْلٍ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مِنْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إذْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ كَمُشْتَرِي صُبْرَةٍ جُزَافًا ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ وَجَدُوا فِي الْكَيْلِ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فَلَهُمْ وَعَلَيْهِمْ اهـ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ تَصْدِيقٍ عَلَى مَذْهَبِهَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ
وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَى النِّصْفِ. .
وَإِنْ سَأَلَ ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا فَلَهُ الثُّلُثُ.
وَإِنْ وَلَّيْت مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت:
ــ
[منح الجليل]
فَإِنْ قُلْت قَوْلُهَا فِي النَّصِّ الثَّانِي السَّابِقِ ثُمَّ أَشْرَكْته أَوْ وَلَّيْته عَلَى تَصْدِيقِك يُفِيدُ شَرْطَ التَّصْدِيقِ قُلْت هُوَ إنَّمَا يَقْتَضِي شَرْطَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ لَا فِي التَّلَفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِمَا ذَكَرْنَا ظَهَرَتْ فَائِدَةُ إعَادَةِ الْمُصَنِّفِ الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ مَعَ تَقَدُّمِهِ.
(وَإِنْ أَشْرَكَهُ) أَيْ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا شَخْصًا سَأَلَهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُكَ (حُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْإِشْرَاكُ (وَإِنْ أَطْلَقَ) هـ الْمُشْرِكُ وَاوُهُ لِلْحَالِ وَسَقَطَتْ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ أَوْلَى، وَصِلَةُ حُمِلَ (عَلَى النِّصْفِ) لِلشَّيْءِ الْمُشْرَكِ فِيهِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَرْجِيحَ فِيهِ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِجُزْءٍ عُمِلَ بِمَا قَيَّدَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحَمْلِهِ عَلَى النِّصْفِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَعَلَى إرْخَاءِ الْعَنَانِ فَالْمُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا قَبْلَهَا التَّقْيِيدَ بِالنِّصْفِ.
(وَإِنْ سَأَلَ) أَيْ طَلَبَ شَخْصٌ (ثَالِثٌ) مِنْ مُشْتَرِكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِالنِّصْفِ (شَرِكَتَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِيهِ وَهُمَا بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ بِلَفْظِ إفْرَادٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ تَثْنِيَةٍ فَأَشْرَكَاهُ فِيهِ (فَلَهُ) أَيْ الثَّالِثِ (الثُّلُثُ) مِنْ الْمُشْرَكِ فِيهِ " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا ابْتَاعَ رَجُلَانِ عَبْدًا وَسَأَلَهُمَا رَجُلٌ أَنْ يُشْرِكَاهُ فِيهِ فَفَعَلَا فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ابْنُ مُحْرِزٍ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ وَجَدَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ. اهـ. وَإِنْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ إفْرَادٍ فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ، كَاخْتِلَافِ نَصِيبَيْهِمَا سَوَاءٌ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ إفْرَادٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ لَهُ الثُّلُثُ فِي ثَلَاثٍ، وَنِصْفُ مَا لِكُلٍّ فِي خَمْسٍ، فَلَهُ النِّصْفُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا وَلِكُلٍّ الرُّبُعُ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ، وَلِذِي الثُّلُثِ السُّدُسُ وَالثُّلُثَيْنِ الثُّلُثُ قَالَهُ سَنَدٌ. .
(وَإِنْ أَوْلَيْت) شَخْصًا (مَا) أَيْ شَيْئًا مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (اشْتَرَيْت) هـ لِنَفْسِك بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِلْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِمَا) أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي (اشْتَرَيْته) بِهِ وَلَمْ تُبَيِّنْهُ لَهُ
جَازَ، إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ؛ وَإِنْ رَضِيَ بِأَنَّهُ عَبْدٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَكَرِهَ، فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا ضَيِّقُ: صَرْفٌ، ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ،.
ــ
[منح الجليل]
أَيْضًا (جَازَ) عَقْدُ التَّوْلِيَةِ مَعَ جَهْلِ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ بِالْمُثَمَّنِ وَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ (إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَالْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ الْمُقَدَّرُ بِأَنْتَ لِلْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَالْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، أَيْ إنْ لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَبِيعَ لَازِمٌ لَهُ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ شَرَطْت لَهُ الْخِيَارَ إذَا عَلِمَهُمَا (وَلَهُ) أَيْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ إذَا عَلِمَهُمَا، فَإِنْ أَلْزَمْتُهُ لَمْ يَجُزْ وَفَسَدَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ " غ " أَشَارَ لِقَوْلِهَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ وَإِنْ اشْتَرَيْت سِلْعَةً ثُمَّ وَلَّيْتهَا الرَّجُلَ وَلَمْ تُسَمِّهِمَا لَهُ أَوْ سَمَّيْت أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَتْ أَلْزَمَتْهُ إيَّاهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ جَازَ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا وَعَلِمَ ثَمَنَهَا عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا، وَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الثَّمَنِ وَلَوْ مُقَوَّمًا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (وَإِنْ رَضِيَ الْمُوَلَّى) بِالْفَتْحِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ مُبْتَاعُهُ (عَبْدٌ) مَثَلًا قَبْلَ عِلْمِهِ بِثَمَنِهِ.
(ثُمَّ عَلِمَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِالثَّمَنِ) لِلْمَبِيعِ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ (فَكَرِهَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ أَخْذَ الْعَبْدِ مَثَلًا لِغَلَاءِ ثَمَنِهِ أَوْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْمُثَمَّنِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَكَرِهَ (فَذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ الْأَخْذِ اللَّازِمِ لِلْكُرْهِ (لَهُ) أَيْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ مَعْرُوفٌ فَتَلْزَمُ الْمُوَلِّيَ بِالْكَسْرِ وَلَا تَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ " غ " فِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ وَإِنْ أَعْلَمْته أَنَّهُ عَبْدٌ فَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ سَمَّيْت لَهُ الثَّمَنَ فَلَمْ يَرْضَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَهَذَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ يَلْزَمُ الْمُوَلَّى وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَلِّيَ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَأَمَّا إنْ كُنْت بِعْته عَبْدًا فِي بَيْتِكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ تَصِفْهُ لَهُ وَلَا رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا يَكُونُ الْمُبْتَاعُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَايَسَةِ (وَإِلَّا ضُيِّقَ) مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ (صَرْفٌ) أَرَادَ بِهِ بَيْعَ الْعَيْنِ بِعَيْنٍ فَشَمِلَ الصَّرْفَ وَالْمُبَادَلَةَ وَالْمُرَاطَلَةَ لِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَلَوْ قَرِيبًا أَوْ غَلَبَةً (ثُمَّ) يَلِي الصَّرْفَ فِي الضِّيقِ (إقَالَةُ أَحَدِ) الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرِ مِنْ (طَعَامٍ) قَبْلَ قَبْضِهِ
ثُمَّ تَوْلِيَةٌ؛ وَشَرِكَةٌ فِيهِ، ثُمَّ إقَالَةُ عُرُوضٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ، ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ.
ــ
[منح الجليل]
لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الذَّهَابُ لِبَيْتِهِ أَوْ قُرْبِهِ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ.
(ثُمَّ) يَلِي الْإِقَالَةَ فِي الضِّيقِ (تَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ فِيهِ) أَيْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِاغْتِفَارِ تَأْخِيرِ الثَّمَنِ فِيهِمَا قُرْبَ الْيَوْمِ، وَعِلَّةُ مَنْعِ التَّأْخِيرِ فِيهِمَا تَأْدِيَتُهُ لِبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ مَعَ بَيْعٍ لِطَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ (ثُمَّ) يَلِيهِمَا فِي الضِّيقِ (إقَالَةُ) أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ مِنْ (عُرُوضٍ) مُسْلَمٍ فِيهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِي الْيَسِيرِ بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جَازَ تَأْخِيرُهُ مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ وَلَوْ شَهْرًا قَالَهُ أَشْهَبُ، إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ " ق " يَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِمَا يَحْمِلُهُ فِيهِ وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ (ثُمَّ) يَلِي مَا تَقَدَّمَ فِي الضِّيقِ (بَيْعُ الدَّيْنِ) لِجَوَازِ تَأْخِيرِ ثَمَنِهِ لِيَوْمَيْنِ (ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي شَرْطُهَا الْمُنَاجَزَةُ بَيْعُ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَفِيهَا يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا أَجَلًا بَعِيدًا خَشْيَةَ هَلَاكِهِ قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ لِقُرْبِهِمَا اهـ الْحَطّ أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَعَنْهُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ.
وَنَصُّهُ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ الْإِقَالَةِ قُلْت وَأَضْيَقُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا فِي الْقَبْضِ أَمْرُ الصَّرْفِ ثُمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ التَّوْلِيَةُ فَفِيهِ، ثَمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ، ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ، وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ثَمَنُهُ الْيَوْمَيْنِ حَسْبَمَا يَتَأَخَّرُ رَأْسُ الْمَالِ فِي السَّلَمِ. اهـ. وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ التَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ مَعَ الْإِقَالَةِ مِنْهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمُصَنِّفُ عَطَفَهَا بِثُمَّ وَأَيْضًا فَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ، وَلَكِنَّ أَمْرَ الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَاحِدٌ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ تَبْصِرَتِهِ إلَّا أَنَّهُ عَطَفَ التَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ عَلَى الْإِقَالَةِ مِنْهُ بِالْوَاوِ كَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ فِي التَّبْصِرَةِ بِأَوْ نَقَلَهُ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
التَّوْضِيحِ بِثُمَّ كَمَا فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَقَلَ عَنْهُ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إلَّا أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ التَّوْلِيَةِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الصَّرْفَ أَضْيَقُ الْأَبْوَابِ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِقَالَةَ أَوْسَعُ مِنْ الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُفَارَقَةُ فِيهَا لِلْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْبَيْتِ وَمَا قَارَبَهُ، وَالتَّوْلِيَةُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ أَوْسَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ الْيَوْمَيْنِ، وَيَجُوزُ فِي ابْتِدَا الدَّيْنِ تَأْخِيرُ الثَّلَاثَةِ بِشَرْطٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي التَّوْلِيَةِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ اهـ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ، وَإِقَالَةِ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ فِي كَوْنِهَا بَعْضُهَا فِيهِ خِلَافٌ، وَبَعْضُهَا لَا خِلَافَ فِيهِ، نَعَمْ هَذِهِ أَخَفُّ مِنْ الصَّرْفِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ فَهُوَ أَوْسَعُ مِنْهَا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ مِنْ الطَّعَامِ أَخَفُّ مِنْ الصَّرْفِ قَوْلُهَا إذَا أَقَلْته ثُمَّ أَحَالَكَ بِالثَّمَنِ عَلَى شَخْصٍ فَدَفَعَهُ لَكَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الَّذِي أَحَالَكَ جَازَ وَإِنْ فَارَقْتُهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ مَنْ يَدْفَعُ لَك الثَّمَنَ أَوْ وَكَّلْت مَنْ يَقْبِضُهُ لَكَ وَذَهَبْت وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ مَكَانَهُ جَازَ. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ، وَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ مَالِكٌ " رضي الله عنه " إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي حِنْطَةٍ أَوْ عَرْضٍ ثُمَّ أَقَلْته أَوْ وَلَّيْته رَجُلًا أَوْ بِعْته إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَك بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ لَكَ أَنْ تُؤَخِّرَ بِالثَّمَنِ مَنْ وَلَّيْته أَوْ أَقَلْته أَوْ بِعْته يَوْمًا أَوْ سَاعَةً بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَلَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَالصَّرْفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَتُفَارِقَهُ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا أَنْ يُعْطِيَكَ بِهِ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا أَوْ يُحِيلَكَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُؤَخِّرَكَ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا فِي دَيْنٍ وَبَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَخَّرَكَ بِهِ حَتَّى طَالَ انْفَسَخَتْ الْإِقَالَةُ وَبَقِيَ الطَّعَامُ الْمَبِيعُ بَيْنَكُمَا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ نَقَدَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ.