المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في أحكام المقاصة] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٥

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌[فصل في أحكام المقاصة]

(فَصْلٌ) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ

ــ

[منح الجليل]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الْمُقَاصَّةُ]

فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُقَاصَّةِ تت هَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَلَّفَهُ الْعَلَامَةُ بَهْرَامُ، قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْبَابَ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْكُرَ شَيْئًا لِيَكُونَ تَتْمِيمًا لِغَرَضِ النَّاظِرِ.

(تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِقَافٍ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُقَاصَّةُ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ مُتَارَكَةُ مُفَاعَلَةٌ مُقْتَضِيَةٌ مَطْلُوبَ فَاعِلِهَا، فَفِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ وَمَعْطُوفِهَا، وَالْأَصْلُ وَطَالِبٌ، وَقَوْلُهُ بِمُمَاثِلٍ تَنَازَعَ فِيهِ مَطْلُوبٌ وَطَالِبٌ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ حَقٍّ. وَقَوْلُهُ صِنْفٌ فَاعِلٌ مُمَاثِلٌ وَقَوْلُهُ مَا عَلَيْهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ، وَالْأَصْلُ صِنْفُهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهٌ لِعُدُولِهِ عَنْهُ مَعَ اخْتِصَارِهِ وَأَوْضَحِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ لِمَا لَهُ صِلَةُ مُمَاثِلٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى طَالِبِهِ صِلَةُ مُتَعَلِّقٍ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ مَا عَلَيْهِ وَمَا لَهُ صِلَةُ مُتَارَكَةٍ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا حَالٌ مِمَّا ذُكِرَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مُتَارَكَتِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمَا لَهُمَا.

ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُنْتَقَضُ طَرْدُهُ بِمُتَارَكَةٍ مُتَقَاذِفَيْنِ حَدَّيْهِمَا وَلَا بِمُتَارَكَةِ مُتَجَارِحَيْنِ جُرْحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عُرْفًا مَا صَحَّ قِيَامُ أَحَدِهِمَا بَدَلَ الْآخَرِ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى حَدَّيْ الْقَذْفِ وَلَا عَلَى الْجُرْحَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ بَدَلَ الْآخَرِ بِحَالٍ، وَإِلَّا زِيدَ فِي الرَّسْمِ مَالِيًّا. وَقَوْلُنَا مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ لِتَدْخُلَ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ الْمُقَاصَّةُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قُصِدَ تَعْرِيفُ الْمُقَاصَّةِ الَّتِي يُقْضَى بِهَا فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ. الثَّانِي. أَنَّ صَوَابَهُ بِمُمَاثِلٍ صَنَّفَهُ بِالضَّمِيرِ، وَيَسْقُطُ لَفْظُ مَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَتَعْبِيرُ

ص: 410

فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا، إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً، حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا، أَمْ لَا. وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ اخْتِلَافِهِ،

ــ

[منح الجليل]

الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ آخِرَ بُيُوعِ الْآجَالِ هِيَ جَائِزَةٌ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى لِطَالِبِهَا بِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ يُقْضَى بِعَدَمِهَا لِطَالِبِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْإِقْدَامِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَيْهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَى عَدَمِهَا وَهِيَ رِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُقَاصَّةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا، وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ وَإِلَّا فَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ عَلَى قَوْلِ مَنْ دَعَا مِنْهُمَا إلَيْهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَى عَدَمِهَا، رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ الثَّانِيَ وَالنِّكَاحُ الثَّانِي الْقَوْلُ الثَّانِي.

(فِي دَيْنَيْ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالنُّونِ مَثْنَى دَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (الْعَيْنِ) أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ، وَمَحَلُّ جَوَازِهَا (أَنَّهُ اتَّحِدَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (قَدْرًا) كَعَشَرَتَيْنِ (وَصِفَةً) كَمُحَمَّدِيَّيْنِ وَيَلْزَمُهَا اتِّحَادُ النَّوْعِ كَذَهَبَيْنِ سَوَاءٌ (حَلَّا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ مَعًا (أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ (أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ مَعًا بِأَجَلٍ وَاحِدٍ أَوْ بِأَجَلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، إذْ لَيْسَتْ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ، وَلَا وُضِعَا لِلتَّعْجِيلِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَحْضُ مُبَارَأَةٍ. وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْعَطْفُ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ بِلَا فَاصِلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَمْ لَا شَامِلٌ لِتَأْجِيلِهِمَا وَتَأْجِيلِ أَحَدِهِمَا فَالْأَوْلَى حَذْفٌ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ حَلَّا إلَخْ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ كِلَاهُمَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (أَوْ) مَعَ (اخْتِلَافِهِ) أَيْ النَّوْعِ كَدَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَدَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةٍ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ

ص: 411

فَكَذَلِكَ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا: كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ

وَالطَّعَامَانِ مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ، وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ؛ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ،

ــ

[منح الجليل]

وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً أَوْ نَوْعًا لَكَانَ أَخْصَرَ (فَكَذَلِكَ) أَيْ الدَّيْنَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ نَوْعًا وَصِفَةً فِي جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ فِيهِمَا لَكِنْ لَا مُطْلَقًا، بَلْ (إنْ حَلَّا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ وَهِيَ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِيهَا وَهُمَا جَائِزَانِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا بِأَنْ أَجَّلَا مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا (فَلَا) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ لِأَنَّهَا مَعَ اتِّحَادِهِ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ، وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ. فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِعَدَمِ بُعْدِ التُّهْمَةِ، فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا.

وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ إنْ حَلَّا وَالْمَنْعِ إنْ لَمْ يَحِلَّا فَقَالَ (كَأَنْ) اتَّفَقَا نَوْعًا و (اخْتَلَفَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (زِنَةً) حَالَ كَوْنِهِمَا (مِنْ بَيْعٍ) فَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا، فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَكَزِيَادَةِ الزِّنَةِ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِالْأَوْلَى فَلَا يُقَالُ الْأَوْلَى إبْدَالُ الزِّنَةِ بِالْقَدْرِ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْعَدَدِ. وَمَفْهُومٌ مِنْ بَيْعٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ وَلَوْ حَلَّا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا، وَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ دَيْنَ الْبَيْعِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَسْعَدُ بِالذَّهَبِ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا.

(وَالطَّعَامَانِ) الْمُتَرَتِّبَانِ فِي الذِّمَّتَيْنِ (مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ) أَيْ دَيْنَيْ الْعَيْنِ فِي جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ إنْ اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً سَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا، أَوْ اخْتَلَفَا صِفَةً وَاتَّحَدَ نَوْعُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ وَحَلَّا وَمَنْعُهَا فِي هَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، وَفِي اخْتِلَافِ الْقَصْرِ حَلَّا أَمْ لَا (وَمُنِعَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الطَّعَامَانِ أَيْ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مُرَتَّبِينَ فِي الذِّمَّتَيْنِ (مِنْ بَيْعٍ) إنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقَدْرِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَا (مُتَّفِقَيْنِ) نَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَسَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا لِبَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهِمَا وَالنَّسِيئَةِ فِي طَعَامٍ بِطَعَامٍ وَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ. وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا فِي الْمُتَّفِقَيْنِ

ص: 412

وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ تَجُوزُ، إنْ اتَّفَقَا وَحَلَّا؛ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا.

وَتَجُوزُ فِي الْعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا؛ إنْ اتَّحِدَا جِنْسًا وَصِفَةً كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا، وَاتَّفَقَا أَجَلًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا: مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ: جَازَتْ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ؛ وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا.

ــ

[منح الجليل]

وَ) إنْ كَانَ أَحَدُ الطَّعَامَيْنِ (مِنْ قَرْضٍ) وَالْآخَرُ مِنْ (بَيْعٍ تَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (وَحَلَّا) مَعًا (لَا) تَجُوزُ (إنْ لَمْ يَحِلَّا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ (أَوْ) لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الطَّعَامَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

(وَتَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ (فِي) الدَّيْنَيْنِ (الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَبِكَوْنِهِمَا حَالَيْنِ (إنْ اتَّحَدَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَصِفَةً) ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ اتَّفَقَتْ الْآجَالُ أَوْ اخْتَلَفَتْ حَلَّا أَوْ لَمْ يَحِلَّا.

وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَأَنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَاتَّفَقَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (أَجَلًا) وَأَوْلَى إنْ حَلَّا.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (أَجَلًا) بِأَنْ أُجِّلَا بِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (مُنِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ الْعَرْضَانِ مَعًا وَإِلَّا جَازَتْ (أَوْ) إنْ لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) فَإِنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَتْ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ بِحُلُولِ أَحَدِهِمَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنَعَهَا حِينَئِذٍ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي (فَإِنْ اتَّحَدَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ) الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ الْأَجَلُ بِأَنْ اخْتَلَفَ (فَلَا) تَجُوزُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ.

الْحَطّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ اتِّفَاقِ الْعَرْضَيْنِ فِي الصِّفَةِ فَلَا حَاجَةَ

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

إلَى إعَادَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلَانِ فَلَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الصِّفَةِ وَالْجِنْسِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ اتَّفَقَا فِي الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ. الثَّالِثُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ أَوْ حَلَّا لِأَنَّ حُكْمَ الْحُلُولِ حُكْمُ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ، وَقَدْ يُقَالُ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْحُلُولِ لِوُضُوحِهِ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ أَوْلَى.

الرَّابِعُ: شَمِلَ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا كَوْنُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْحَالُ مِنْهُمَا أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدُ وَهُوَ جَائِزٌ، إذْ لَا مَانِعَ فِيهَا لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّ فِيهَا حَطُّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك وَلَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ، وَكَانَ أَوَّلُهُمَا حُلُولًا هُوَ الْبَيْعُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ جَازَتْ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَشِيرٍ، وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِالْجَوَازِ فِي الْأُولَى، وَقَدْ سَلِمَ كَلَامُهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ الِاعْتِرَاضَيْنِ الْأَوَّلِينَ، وَنَصُّهُ وَإِنْ اتَّفَقَا جِنْسًا دُونَ صِفَةٍ جَازَ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَعِبَارَةِ الشَّامِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إذَا اتَّحَدَا فِي الْجِنْسِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَحَلَّا أَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَشِيرٍ.

الثَّانِي: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَرْضَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ إنَّمَا هُوَ إذَا اتَّفَقَ عَدَدُهُمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَكَانَا مِنْ قَرْضٍ امْتَنَعَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ الزِّيَادَةِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلَانِ فَتَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْبَيْعِ أَكْثَرَهُمَا امْتَنَعَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ: ضَابِطُهَا أَنَّ مَا حَلَّ أَوْ كَانَ أَقْرَبَ حُلُولًا فَهُوَ مَقْبُوضٌ عَمَّا لَمْ يَحِلَّ أَوْ عَمَّا هُوَ أَبْعَدُ حُلُولًا، فَإِنْ أَدَّى اقْتِضَاؤُهُ عَنْهُ إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حَطِّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَكَانَ الْحَالُ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرُ

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

أَوْ أَجْوَدُ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ حَطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَ أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ، وَإِذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ وَالْحَالُ أَوْ الْأَقْرَبُ أَدْنَى أَوْ أَقَلُّ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدُ جَازَ إذْ لَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ عَدَدًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْقَرْضِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ، أَفَادَهُ تت فِي صَغِيرِهِ، وَزَادَ فِي كَبِيرِهِ الْمُصَنِّفُ وَيَدْخُلُهَا خِلَافُ مَنْ رَدَّ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ جَرَى عَلَى الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ. قَوْلُهُ عَلَى الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ فِي اعْتِبَارِ حَطِّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك أَوْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ إلَخْ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الضَّابِطِ وَقَدْ أَدْخَلَ فِيهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَدْرِ فَيَقْتَضِي الْجَوَازَ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فِي الْقَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ يُمْنَعُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنَيْنِ مِنْ قَرْضٍ وَلَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ حَلَّا، وَكَذَا مِنْ قَرْضٍ وَبَيْعٍ وَدَيْنُ الْبَيْعِ أَكْثَرُ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ الضَّابِطَ إلَّا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ بِخِلَافِ صَنِيعِ التَّوْضِيحِ وتت.

الرَّابِعُ: ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا الدَّيْنَانِ جِنْسًا كَعُرُوضٍ فِي ذِمَّةٍ وَعَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى أَوْ عَرْضٍ وَطَعَامٍ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، حَلَّا أَمْ لَا، اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ. الْبُنَانِيُّ يَشْكُلُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ مِنْ بَيْعٍ إذْ فِيهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ إمَّا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْهُمَا، فَهَذِهِ تِسْعٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ بِسَبْعِ وَعِشْرِينَ.

الْخَامِسُ: قَسَّمَ الْمُصَنِّفُ الدَّيْنَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَيْنَيْنِ وَطَعَامَيْنِ، وَعَرْضَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ، فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ فِي تِسْعٍ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا حَالَّانِ أَوْ مُؤَجَّلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ، فَهَذِهِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَنَظَمَهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ مَيَّارَةُ فَقَالَ:

ص: 415

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

دَيْنُ الْمُقَاصَّةِ لِعَيْنٍ يَنْقَسِمُ

وَلِطَعَامٍ وَلِعَرْضٍ قَدْ عُلِمَ

وَكُلُّهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَدَ

أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا فَذِي تِسْعٌ تُعَدُّ

فِي كُلِّهَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِي

جِنْسٍ وَقَدْرٍ صِفَةٍ فَلْتَقْتَفِي

أَوْ كُلِّهَا مُخْتَلِفٌ فَهِيَ إذًا

أَرْبَعُ حَالَاتٍ فِي تِسْعٍ فَاعْلَمَا

يَخْرُجُ سِتٌّ مَعَ ثَلَاثِينَ تُضَمُّ

تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ آجَالٍ تَؤُمُّ

حَلَّا مَعًا أَوْ وَاحِدًا وَلَا مَعًا

جُمْلَتُهَا حَقُّ كَمَا قِيلَ اسْمَعَا

تَكْمِيلَ تَقْيِيدِ ابْنِ غَازِيٍّ اخْتَصَرَا

أَحْكَامَهَا فِي جَدْوَلٍ فَلْيُنْظَرَا

ص: 416