الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ) تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ: الْأَرْضَ، وَتَنَاوَلَتْهُمَا، لَا الزَّرْعَ
ــ
[منح الجليل]
كَغَيْرِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ، لَكِنْ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَتَى فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا اُنْظُرْهُ فِي " ق " ابْنُ يُونُسَ تَفْتَرِقُ الْمُرَابَحَةُ مِنْ غَيْرِهَا فِي هَلَاكِ السِّلْعَةِ فِي الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ يُرِيدُ أَوْ الْغِشِّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ فِيهَا لِشَبَهِ الْمُرَابَحَةِ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي بَيَان مَا يَتَنَاوَلهُ الْبَيْع وَمَا لَا يَتَنَاوَلهُ]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ وَمَا لَا يَتَنَاوَلُهُ وَحُكْمُ بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا وَالْجَائِحَةِ ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ يَحْضُرْنِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ كَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْفَصْلِ لِمَا قَبْلَهُ " س " وعب وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ تَارَةً وَنَقْصٌ مِنْهُ أُخْرَى، وَالتَّنَاوُلُ زِيَادَةٌ فِي الْمُثَمَّنِ وَعَدَمُهُ نَقْصٌ مِنْهُ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَجْمُوعَةِ فِيهِ أَنَّ مِمَّا يَتَنَاوَلُ أَوَّلًا الثَّمَرَ، وَمُنَاسَبَتَهُ لِبَيْعِهِ ظَاهِرٌ كَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ وَالْجَائِحَةِ لِتَعَلُّقِ الْجَمِيعِ بِالثِّمَارِ (تَنَاوَلَ) تَنَاوُلًا شَرْعِيًّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ (الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا بَيْعًا كَانَ أَوْ رَهْنًا أَوْ وَصِيَّةً قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً قَالَهُ " د "، أَوْ تَحْبِيسًا قَالَهُ عب (الْأَرْضَ) الَّتِي بِهَا الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ قَالَهُ " س " وتت وَخِضْرٌ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ تَنَاوُلِهِمَا حَرِيمَهُمَا وَاسْتَظْهَرَ " د " تَنَاوُلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ يَتَنَاوَلُ لَفْظُ الشَّجَرِ الْأَغْصَانَ وَالْأَوْرَاقَ وَالْعُرُوقَ وَاسْتِحْقَاقَ الْبَقَاءِ مَغْرُوسًا. اهـ. وَمَعْلُومٌ سَرَيَانُ عُرُوقِ بَعْضِ الشَّجَرِ إلَى بَعِيدٍ مِنْ أَصْلِهِ (وَتَنَاوَلَتْهُمَا) أَيْ الْعَقْدَ عَلَى الْأَرْضِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ الَّذِي بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا (لَا) تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ (الزَّرْعَ) الَّذِي بِهَا (وَ) تَنَاوَلَتْ
وَالْبَذْرَ، وَمَدْفُونًا: كَلَوْ جُهِلَ
وَلَا الشَّجَرَ: الثَّمَرَ الْمُوَبَّرَ، أَوْ أَكْثَرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ كَالْمُنْعَقِدِ
وَمَالِ الْعَبْدِ،
ــ
[منح الجليل]
الْأَرْضُ (الْبَذْرَ) الْمُغَيَّبَ فِيهَا فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا الزَّرْعَ (وَ) لَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ شَيْئًا (مَدْفُونًا) فِيهَا الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُبْتَاعِ فِيمَا وَجَدَ تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ جُبٍّ أَوْ رُخَامٍ أَوْ حِجَارَةٍ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهُ، وَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ اللُّقَطَةِ، وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ وَالْجُبِّ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ أَرْضِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ فَقَالَ:(كَلَوْ جَهِلَ) رَبُّ الْمَدْفُونِ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْأَرْضُ، وَيَكُونُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ اللُّقَطَةِ فِي أَنَّ مَحِلَّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مَدْفُونًا بِقَصْدِ دَفْنِهِ فَيَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَالْحِجَارَةِ الْمَخْلُوقَةِ فِي الْأَرْضِ وَالْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ، أَيْ الْقَدِيمَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِعَادٍ، وَكُلُّ قَدِيمٍ يُسَمَّى عَادِيًّا.
(وَلَا) يَتَنَاوَلُ (الشَّجَرَ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ الثَّمَرَ (الْمُؤَبَّرَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً هُوَ كُلُّهُ (أَوْ أَكْثَرَهُ) وَتَأْبِيرُ النَّخْلِ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى ثَمَرِ الْأُنْثَى لِئَلَّا يَسْقُطَ وَيُسَمَّى لِقَاحًا أَيْضًا الْبَاجِيَّ وَهُوَ فِي التِّينِ وَمَا لَا زَهْرَ لَهُ بُرُوزُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ عَنْ أَصْلِهَا، وَفِي الزَّرْعِ بُرُوزُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الشَّجَرِ صَرِيحًا أَوْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَلَّابِ وَمَفْهُومُ أَكْثَرِهِ شَيْئَانِ النِّصْفِ، وَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ، وَالْأَقَلُّ وَهُوَ يَتَّبِعُ الْأَكْثَرَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ فِي تَنَاوُلِهِ الشَّجَرَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي شُفْعَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَصَحَّحَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ لِلْمُبْتَاعِ: (إلَّا بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُبْتَاعِ تَنَاوَلَ الْمُؤَبَّرَ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَنَاوُلِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصْدٌ لِبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلِذَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِ الْمُزْهِيِّ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ إلَّا بِشَرْطٍ فَقَالَ:(كَ) ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ (الْمُنْعَقِدِ) أَيْ الْبَارِزِ عَنْ مَوْضِعِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ عَلَى أَصْلِهِ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ.
(وَ) كَ (مَالِ الْعَبْدِ) الْكَامِلِ الرِّقِّ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ
وَخِلْفَةِ الْفَصِيلِ
ــ
[منح الجليل]
عَلَى الْعَبْدِ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ مُبْتَاعِهِ، سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ، وَيَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي وَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ لِلْمُبْتَاعِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا لَهُ، وَكَوْنِ ثَمَنِهِ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ مَالُهُ وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ هَذَا فَإِنْ أَبْهَمَ فِي اشْتِرَاطِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُوَ لَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ فُسِخَ بَيْعُهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَعْضِهِ لِلْعَبْدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، كَبَعْضِ صُبْرَةٍ وَبَعْضِ زَرْعٍ وَبَعْضِ حِلْيَةِ سَيْفٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاسْتَثْنَى مَالَهُ وَهُوَ دَنَانِيرُ دَرَاهِمَ وَدَيْنٌ وَعُرُوضٌ وَرَقِيقٌ بِدَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَهُ وَلَوْ عَيْنًا وَسَمَّاهُ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ وَلَوْ لِأَجَلٍ لِأَنَّهُ لِلْعَبْدِ لَا لِلْمُبْتَاعِ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ اشْتَرَطَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مَا لَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْعَبْدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ الْإِبْهَامِ ابْنُ رُشْدٍ إذَا بَاعَ مَا لَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ شَرِيكِهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ، اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَا لَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ لِبَائِعِهِ فَكَانَ ذَلِكَ مُقَاسَمَةً لَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ.
وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ فَقِيلَ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَقِيلَ: يَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ مَالَهُ لِمُبْتَاعِهِ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ كُتُبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا بِيعَ بَعْضُهُ الرَّقِيقُ وَلَهُ مَالٌ، فَإِنَّ مَالَهُ يَبْقَى بِيَدِهِ لَا يَنْتَزِعُهُ بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ يَوْمَ حُرِّيَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَخَذَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ:(وَ) كَ (خِلْفَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ أَيْ مَا يُخْلَفُ بَعْدَ جَزِّ (الْفَصِيلِ) بِالْقَافِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ أَيْ الَّذِي يُفْصَلُ وَيُجَزُّ مِنْ الزَّرْعِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ خِلْفَتَهُ، فَلَيْسَ لِمُشْتَرِيهِ إلَّا الْجِزَّةُ الْأُولَى الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إلَّا بِشَرْطٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ، بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً بِأَنْ كَانَتْ بِأَرْضِ
وَإِنْ أَبَّرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ: حُكْمُهُ، وَلِكِلَيْهِمَا. السَّقْيُ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ؛
وَالدَّارُ: الثَّابِتَ: كَبَابٍ، وَرَفٍّ،
ــ
[منح الجليل]
سَقْيٍ بِغَيْرِ مَطَرٍ، وَاشْتِرَاطِ جَمِيعِهَا وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْأَصْلِ حَتَّى يُحَبِّبَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا خِلْفَةَ لَهُ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَبِّ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْخِلْفَةِ إلَى أَنْ تُحَبِّبَ، وَأَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْخِلْفَةَ بَعْدَ شِرَاءِ أَصْلِهَا اُشْتُرِطَ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ.
(وَإِنْ أُبِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً (النِّصْفُ) أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ يُؤَبَّرْ نِصْفُهَا الْآخَرُ (فَلِكُلٍّ) مِنْ النِّصْفِ الْمُؤَبَّرِ وَالنِّصْفِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ (حُكْمُهُ) فَالْمُؤَبَّرُ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ وَغَيْرُهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُؤَبَّرُ فِي نَخَلَاتٍ وَغَيْرُهُ فِي نَخَلَاتٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَا شَائِعَيْنِ فَهَلْ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُبْتَاعِ، أَوْ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي تَسْلِيمِ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِلْمُبْتَاعِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ رِضَا أَحَدِهِمَا بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ لِلْآخَرِ (وَلِكِلَيْهِمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّمَرُ لِلْآخَرِ، أَوْ بَيْنَهُمَا (السَّقْيُ) إلَى وَقْتِ جَذِّ الثَّمَرَةِ عَادَةً (مَا لَمْ يَضُرَّ) سَقْيُ أَصْلِ الْمُشْتَرِي (بَ) ثَمَرِ (الْآخَرِ) أَيْ الْبَائِعِ.
(وَ) تَنَاوَلَتْ (الدَّارُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا الشَّيْءَ (الثَّابِتَ) فِيهَا بِالْفِعْلِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الثُّبُوتَ (كَبَابٍ) مُرَكَّبٍ فِي مَحِلِّهِ (وَرَفٍّ) كَذَلِكَ لَا مَخْلُوعٍ وَلَا مُهَيَّأٍ لِلتَّرْكِيبِ بِدَارٍ جَدِيدَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا مَا يُنْقَلُ كَدَلْوٍ وَبَكْرَةٍ وَصَخْرٍ وَتُرَابٍ مُعَدٍّ لِإِصْلَاحِهَا، وَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَسِوَارٍ وَأَزْيَارٍ وَحَيَوَانٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْ بَابِهَا إلَّا بِهَدْمِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يُقْضَى عَلَى الْمُبْتَاعِ بِهِ، وَيَكْسِرُ الْبَائِعُ جِرَارَهُ وَيَذْبَحُ حَيَوَانَهُ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الِاسْتِحْسَانُ هَدْمُهُ وَبِنَاؤُهُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ لَا يَبْقَى بِهِ عَيْبٌ مُنْقِصٌ لِقِيمَةِ الدَّارِ بَعْدَ بِنَائِهِ، وَإِلَّا قِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ أَعْطِهِ قِيمَةَ مَتَاعِهِ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ: لِلْبَائِعِ اهْدِمْ وَابْنِ وَأَعْطِ قِيمَةَ الْعَيْبِ، فَإِنْ أَبَى تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنْ عَلِمَهُ
وَرَحًا مَبْنِيَّةٍ بِفَوْقَانِيَّتِهَا
ــ
[منح الجليل]
الْمُبْتَاعُ حَالَ الْعَقْدِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْهَدْمُ يَسِيرًا فَعَلَهُ الْبَائِعُ وَأَصْلَحَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: جَوَابُ أَبِي عِمْرَانَ أَكْمَلُ وَأَبْيَنُ وَلِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي ثَوْرٍ أَدْخَلَ قَرْنَيْهِ بَيْنَ غُصْنَيْ شَجَرَةٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُمَا إلَّا بِقَطْعِهِمَا فَإِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ وَيُؤَدِّي رَبُّ الثَّوْرِ قِيمَتَهَا.
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ وَتَسَاوَيَا فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا يَفْعَلُ الْحَاكِمُ مَا يُزِيلُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا وَإِذَا حُدَّتْ الدَّارُ أَوْ الْأَرْضُ بِشَجَرَةٍ شَرْقِيَّةٍ مَثَلًا دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَمِهِ كَشَجَرَةِ فُلَانٍ، وَإِنْ وَقَعَ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ حُكِمَ بِالْعُمُومِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ كَبِعْته جَمِيعَ أَمْلَاكِي بِقَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ الدَّارُ وَالْحَانُوتُ مَثَلًا وَلَهُ غَيْرُهُمَا فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ مَقْرُونًا بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ، إذْ شَرْطُ التَّخْصِيصِ مُنَافَاةُ الْحُكْمِ فِي الْإِرْشَادِ يَتْبَعُ الْعَقَارَ مَا هُوَ ثَابِتٌ مِنْ مَرَافِقِهِ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسَّلَالِمِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالْأَخْصَاصِ وَالْمَيَازِيبِ، لَا مَا هُوَ مَنْقُولٌ إلَّا الْمَفَاتِيحَ الْبُرْزُلِيُّ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أَعْطِنِي عَقْدَ شِرَائِك لَزِمَهُ دَفْعُهُ لَهُ، وَفَائِدَتُهُ إذَا طَرَأَ الِاسْتِحْقَاقُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهُمَا لِئَلَّا يُنْكِرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْبَيْعَ، وَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعُ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ، وَكَذَا فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَالْعَمَلُ الْيَوْمُ عَلَى أَخْذِ النُّسْخَةِ وَهُوَ الْحَزْمُ وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مَنْ ابْتَاعَ مِلْكًا فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ دَفْعُ وَثَائِقِهِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَوْ نَسْخُهَا بِخُطُوطِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي فِيهَا، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى وَظَهَرَتْ الْوَثَائِقُ جَبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا أَوْ نَسْخِهَا وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فَلِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ لِتَرْتِيبِ الْعُهْدَةِ، وَإِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ اشْتَرَى فُلَانٌ جَمِيعَ مُوَرَّثِ فُلَانٍ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ الْخُمُسُ، فَظَهَرَ أَنَّهُ الرُّبُعُ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا فِي ظَنِّهِ فَإِذَا هُوَ خَمِيسٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ إلَى غُرُوبِ الْخَمِيسِ حَنِثَ أَفَادَهُ الْحَطّ.
(وَ) تَنَاوَلَتْ الدَّارُ (رَحًى) أَيْ آلَةَ الطَّحْنِ سَوَاءٌ الْمُسَمَّاةُ عُرْفًا طَاحُونًا أَوْ مُجَرَّدُ الرَّحَى الَّتِي تَدُورُ بِالْيَدِ (مَبْنِيَّةٍ) سُفْلَاهَا (بِفَوْقَانِيَّتِهَا) الَّتِي تَدُورُ وَتَطْحَنُ (وَ) تَنَاوَلَتْ
وَسُلَّمًا سُمِّرَ، وَفِي غَيْرِهِ: قَوْلَانِ
وَالْعَبْدُ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ، وَهَلْ يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ أَوْ لَا:
ــ
[منح الجليل]
الدَّارُ (سُلَّمًا) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً (سُمِّرَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً (وَفِي) تَنَاوُلِ سُلَّمٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُسَمَّرِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ زَرِبٍ وَابْنِ الْعَطَّارِ، وَالثَّانِي لِابْنِ عَتَّابٍ، وَمَحِلُّهُمَا إذَا كَانَ السُّلَّمُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِرُقِيِّ غُرَفِهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ.
(وَ) تَنَاوَلَ (الْعَبْدُ) أَيْ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (ثِيَابَ مَهْنَتِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ الْخِدْمَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَثِيَابُ الزِّينَةِ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثِيَابُ مَهْنَةٍ فَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَكْسُوَهُ ثِيَابَ مِهْنَةِ مِثْلِهِ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابٌ لَمْ يَشْتَرِطْهَا بَائِعٌ وَلَا مُبْتَاعٌ فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَا تَتَزَيَّنُ بِهِ فَهُوَ لَهَا ابْنُ رُشْدٍ إذَا كَانَ الْحُلِيُّ وَالثِّيَابُ لِلْبَائِعِ لَزِمَهَا كِسْوَةُ مِثْلِهَا الْبَذَّةِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَزِمَهُ اهـ (وَ) إنْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَدَمَ دُخُولِ ثِيَابِ مَهْنَتِهِ فَ (هَلْ يُوَفَّى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا (بِشَرْطِ عَدَمِهَا) أَيْ ثِيَابِ مَهْنَتِهِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، وَنَصُّهُ فَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ فِي الَّذِي بَاعَ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ وَيَبِيعَهَا عُرْيَانَةً أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ جَائِزًا، وَشَرْطُهُ عَامِلًا لَازِمًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ جَائِزٌ لَا يَئُولُ إلَى غَرَرٍ، وَلَا خَطَرٍ فِي ثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ، وَلَا يَجُرُّ إلَى رِبًا وَلَا حَرَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ وَيَلْزَمَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» ، وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَبِيعَ جَارِيَةً عُرْيَانَةً فَلَهُ ذَلِكَ وَبِهِ مَضَتْ الْفَتْوَى بِالْأَنْدَلُسِ اهـ (أَوْ لَا) يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ ابْنُ بَشِيرٍ سَمِعَ أَشْهَبُ لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْجَارِيَةِ عُرْيَانَةً يَبْطُلُ شَرْطُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُوَارِيهَا ابْنُ مُغِيثٍ وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَحِلَّ لَيْسَ لِلتَّرَدُّدِ،
كَمُشْتَرَطٍ زَكَاةَ مَا لَمْ يَطِبْ، وَأَنْ لَا عُهْدَةَ
ــ
[منح الجليل]
لِأَنَّ الْخِلَافَ لَلْمُتَقَدِّمِينَ فَلَوْ عَبَّرَ بِخِلَافٍ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى اصْطِلَاحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّوْفِيَةِ بِالشَّرْطِ سِتَّ مَسَائِلَ فَقَالَ: (كَ) شَرْطِ مُشْتَرٍ ثَمَرًا قَبْلَ طِيبِهِ (مُشْتَرِطٍ زَكَاةَ مَا) أَيْ ثَمَرٍ (لَمْ يَطِبْ) حِينَ شِرَائِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يُوَفَّى بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، إذْ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ مَا يُزَكَّى بِهِ وَتَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِحُدُوثِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الطِّيبُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، هَكَذَا نَقَلَهُ فِي ضَيْح عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَاعْتَرَضَهُ " ح " فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ فَسَادُ الْبَيْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ وَالنَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَسَنَدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ " ح:" وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ إلَّا الْمُصَنِّفُ فِي ضَيْح وَالثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَمُخْتَصَرِهَا لِابْنِ هَارُونَ مَا نَصُّهُ الثَّانِيَةُ مَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قُلْت: وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ قَالَ " ح: " وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الْمُشْتَرِطُ لِلزَّكَاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَاشْتِرَاطُ الْبَائِعِ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ طَابَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ أَجْوَزُ لِلْبَيْعِ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يَطِبْ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْبَائِعُ فَاشْتِرَاطُهَا عَلَيْهِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ (وَ) كَشَرْطِ بَائِعٍ (أَنْ لَا عُهْدَةَ) ثَلَاثٌ أَوْ سَنَةٌ فِي بَيْعِ رَقِيقٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ أَوْ مَحْكُومٌ بِهَا مِنْ السُّلْطَانِ فَيُلْغَى شَرْطُهُ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ التَّوْفِيَةُ بِالشَّرْطِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ " ح " فِي الْتِزَامَاتِهِ أَنَّ الَّذِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَوْلٌ قَوِيٌّ أَيْضًا وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَنْفَعُ اشْتِرَاطُ عَدَمِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ وَمِنْ الْعَيْبِ، وَلَا يَنْفَعُ اشْتِرَاطُ عَدَمِهَا إلَّا فِي الرَّقِيقِ بِشَرْطِ عَدَمِ عِلْمِ عَيْبِهِ وَطُولِ
أَوْ لَا مُوَاضَعَةَ أَوْ لَا جَائِحَةَ، أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ،
ــ
[منح الجليل]
إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ مَا لَا عُهْدَةَ فِيهِ وَهِيَ الْإِحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا، وَالشَّرْطُ فِيهَا مُؤَكَّدٌ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ وَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي إسْقَاطِ الْمُوَاضَعَةِ بَعْدَهُ يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ مَنْ تَطَوَّعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِأَنْ لَا قِيَامَ لَهُ بِعَيْبٍ يَظْهَرُ فِي الْمَبِيعِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ أَوْ مَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ أَوْ مَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجُوزُ فِيهِ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي الصُّلْحِ مِنْهَا أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالصُّلْحُ بِعِوَضٍ وَوَجَّهَهُ الْحَطّ بِأَنَّهُ إذَا أَسْقَطَهُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مُعَاوَضَةٌ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرَ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا إذَا أَسْقَطَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا مَحْظُورَ فِيهِ (وَ) كَشَرْطِ (أَنْ لَا مُوَاضَعَةَ) فِي بَيْعِ أَمَةٍ رَائِعَةٍ أَوْ وَخْشٍ أَقَرَّ بَائِعُهَا بِعَدَمِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ وَطْئِهِ قَبْلَ بَيْعِهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا (أَوْ) شَرَطَ أَنْ (لَا جَائِحَةَ) تُوضَعُ عَنْ مُشْتَرِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَقَبْلَ طَيِّهَا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا عَادَتُهُ أَنْ يُجَاحَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّةِ فَسَادَ الْبَيْعِ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ (أَوْ) شَرَطَ الْبَائِعُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى مُشْتَرِيهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) مُشْتَرِيهِ (بِالثَّمَنِ) الْمُؤَجَّلِ (لِكَذَا) أَيْ عِنْدَ اسْتِهْلَالِ شَعْبَانَ مَثَلًا (فَلَا بَيْعَ) مُسْتَمِرٌّ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ وَإِنْ مَضَى وَلَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَلَا يَرْتَفِعُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَبِيعُ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْقِدَا عَلَى هَذَا، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَغَرِمَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ. اهـ. أَيْ إلَى الْأَجَلِ عِيَاضٌ عَلَى هَذَا حَمَلَهَا أَكْثَرُهُمْ.
وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ
أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ وَصُحِّحَ؟ تَرَدُّدٌ.
وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوَهُ بَدَا صَلَاحُهُ، إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ، وَقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ
ــ
[منح الجليل]
أَوْ) شَرَطَ (مَا) أَيْ شَرْطًا (لَا غَرَضَ فِيهِ) لِلْمُشْتَرِي (وَلَا مَالِيَّةَ) أَيْ لَا تَزِيدُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بِوُجُودِهِ وَلَا تَنْقُصُ بِعَدَمِهِ كَكَوْنِ الرَّقِيقِ نَصْرَانِيًّا أَوْ أُمِّيًّا فَيُوجَدُ مُسْلِمًا أَوْ كَاتِبًا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ ابْنُ رُشْدٍ الشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، قِسْمٌ يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَهُوَ مَا آلَ الْبَيْعُ بِهِ إلَى إخْلَالٍ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ، وَقِسْمٌ يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ مَا دَامَ الْمُشْتَرِطُ مُتَمَسِّكًا بِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَهُوَ مَا لَا يَئُولُ إلَى فَسَادٍ وَلَا يَجُرُّ إلَى حَرَامٍ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ مَا كَانَ حَرَامًا خَفِيفًا لَمْ تَقَعْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ عَدَمُ التَّوْفِيَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ ثِيَابِ الْمَهْنَةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا، وَقَرَّرَ " ق " أَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي جَوَابِ هَلْ يُوَفَّى أَوْ لَا (تَرَدُّدٌ) فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ.
(وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ سَوَاءٌ كَانَ لِنَخْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الشَّجَرِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الثَّمَرِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفُولٍ وَخَسٍّ وَكُرَّاثٍ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (صَلَاحُهُ) جُزَافًا (إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ) الثَّمَرُ بِأَكْمَامِهِ وَلَا بِوَرِقِهِ كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا عَلَى قَطْعِهِ أَوْ تَبْقِيَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ فِي أَكْمَامِهِ كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ، فَإِنْ اسْتَتَرَ فِيهَا كَبِزْرٍ مُجَرَّدٍ عَنْ أَصْلِهِ، وَحِنْطَةٍ مُجَرَّدَةٍ عَنْ سُنْبُلِهَا، وَجَوْزٍ وَلَوْزِ مُجَرَّدٍ عَنْ قِشْرِهِ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَدَ الْحِنْطَةُ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ فِي الْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْمَاءُ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ شِرَاءُ الْجَوْزِ وَنَحْوَهُ مُجَرَّدًا عَنْ قِشْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ قَطْعِهِ جُزَافًا، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ مَعَ قِشْرِهِ وَلَوْ بَاقِيًا فِي شَجَرِهِ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا لَهُ صُوَانٌ يَكْفِي رُؤْيَةُ صُوَانِهِ.
(وَ) صَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ بَيْعُهُ (مَعَ أَصْلِهِ)
أَوْ أُلْحِقَ بِهِ، أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ لَهُ وَلَمْ يُتَمَالَأْ عَلَيْهِ، لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ
ــ
[منح الجليل]
أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ، وَأَصْلُ الثَّمَرِ الشَّجَرُ وَالزَّرْعِ الْأَرْضُ، فَيَصِحُّ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَعَ شَجَرِهِ وَبَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَهُ مَعَ أَرْضِهِ (أَوْ) بَيْعُ أَصْلِهِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ لَا وَ (أُلْحِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْحَاءِ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ الزَّرْعِ كَذَلِكَ (أَوْ) بَيْعُ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُلْحَقٍ بِبَيْعِ أَصْلِهِ قَبْلَهُ (عَلَى) شَرْطِ (قَطْعِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ طَوْرِهِ إلَى طَوْرٍ آخَرَ فَيَجُوزُ (إنْ نَفَعَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ كَالزَّهْرِ وَالْحِصْرِمِ، فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ فَسَادٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ وَذَكَرَهُ هُنَا لِخَشْيَةِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ (وَ) إنْ (اُضْطُرَّ) بِضَمِّ هَمْزِ الْوَصْلِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ اُحْتِيجَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْحَاجَةُ حَدَّ الضَّرُورَةِ (لَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَ) إنْ (لَمْ يُتَمَالَأْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَاللَّامِ آخِرُهُ هَمْزٌ، أَيْ لَمْ يَكْثُرْ وُقُوعُهُ وَالدُّخُولُ (عَلَيْهِ) مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِمَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ عَلَى قَطْعِهِ فَقَالَ:(لَا) يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَحْدَهُ غَيْرَ مُلْحَقٍ بِأَصْلِهِ (عَلَى) شَرْطِ (التَّبْقِيَةِ) لَهُ عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى يَتِمَّ طِيبُهُ (أَوْ) عَلَى وَجْهِ (الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَطْعِهِ أَوْ تَبْقِيَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ، فَإِنْ جَذَّهَا الْمُشْتَرِي رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا، وَتَمْرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ، وَهَذَا فِي شِرَائِهَا عَلَى تَبْقِيَتِهَا.
وَأَمَّا فِي الْإِطْلَاقِ فَإِنْ جَذَّهَا مَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا فِي تت وَغَيْرِهِ الْبُنَانِيُّ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ الْمَنْعَ هُنَا بِكَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى النَّقْدِ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعٌ وَتَارَةً سَلَفٌ، فَإِنْ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ جَازَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى جَذِّهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا جَازَ
وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ: كَافٍ فِي جِنْسِهِ، إنْ لَمْ تُبَكَّرْ،
ــ
[منح الجليل]
لَهُ إبْقَاؤُهَا، بِخِلَافِ شِرَائِهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ ثُمَّ شِرَاءِ أَصْلِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ بَيْعِهَا لِفَسَادِ شِرَائِهَا فَلَا يَصْلُحُهُ شِرَاءُ أَصْلِهَا فَإِنْ وَرِثَ أَصْلَهَا مِنْ بَائِعِهَا فَلَا يُفْسَخُ شِرَاؤُهَا، إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ وَرِثَهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا وَجَبَ فَسْخُ شِرَائِهَا وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى الْبَقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَلَمْ يَفْطِنْ لَهُ حَتَّى أَزْهَتْ أَوْ نَمَتْ بِغَيْرِ الزَّهْوِ مَضَى الْبَيْعُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ بِشِرَاءِ أَصْلِهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا، وَفَاتَتْ بِنَمَائِهَا عِنْدَهُ وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إبَارِهَا ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا قَبْلَهُ أَيْضًا فُسِخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا قَبْلَهُ عَلَى إبْقَاءِ الثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ الْإِبَارِ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ.
(وَبُدُوُّهُ) أَيْ الصَّلَاحِ (فِي بَعْضِ) ثَمَرِ (حَائِطٍ) وَلَوْ فِي ثَمَرِ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ (كَافٍ فِي) صِحَّةِ بَيْعِ (جِنْسِهِ) كَنَخْلٍ أَوْ تِينٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ رُمَّانٍ فِي الْحَائِطِ الَّذِي بَدَا فِيهِ صَلَاحُ الْبَعْضِ، وَفِي مُجَاوِرِهِ مِمَّا يَتَلَاحَقُ طِيبُهُ عَادَةً فِي زَمَانٍ قَرِيبٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَلَوْ بَعُدَ إذَا كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ كَافٍ فِي الْمُتَجَاوِرَاتِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ طِيبُهُ مُتَلَاحِقًا وَقِيلَ: وَفِي حَوَائِطِ الْبَلَدِ وَشَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ، وَعَزَا الْقَوْلَ بِجَوَازِ بَيْعِ حَوَائِطِ الْبَلَدِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي حَائِطٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَجَاوِرَةً لِابْنِ الْقَصَّارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَفْهُومٌ فِي جِنْسه أَنَّ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبَعْضِ لَا يَكْفِي فِي غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَلَحٍ بِبُدُوِّ صَلَاحِ خَوْخٍ مَثَلًا، وَأَجَازَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَا لَمْ يَطِبْ تَابِعًا لِمَا طَابَ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ الْبَعْضِ فِي جِنْسِهِ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي بَقَاءِ مَا لَمْ يَطِبْ لِلْبَائِعِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ الْحَائِطَ لِسَقْيِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اُنْظُرْ " ق "(إنْ لَمْ تُبَكَّرْ) أَيْ تَسْبِقُ الشَّجَرَةُ الَّتِي بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرِهَا غَيْرَهَا بِزَمَنٍ طَوِيلٍ لَا يَتَلَاحَقُ فِيهِ طِيبُ ثَمَرِ غَيْرِهَا فَإِنْ بَكَّرَتْ فَلَا يَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ ثَمَرِهَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ ثَمَرِ غَيْرِهَا مِنْ جِنْسِهِ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِ ثَمَرِ بَاكُورَةِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ
لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ
ــ
[منح الجليل]
اتَّفَقُوا فِي الْحَائِطِ تَزْهُو فِيهِ نَخَلَاتٌ أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُ جَمِيعِهِ وَإِنْ أَزْهَى مَا حَوْلَهُ فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّمَانُ أُمِنَتْ فِيهِ الْعَاهَاتُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَاهُ حَرَامًا، وَأَحَبُّ إلَيَّ حَتَّى يُزْهَى، وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ قُلْت: ظَاهِرُ مَا عَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِمُطَرِّفٍ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ، قَالَ: إذَا بَدَا صَلَاحُ نَخْلَةٍ بِحَائِطٍ جَازَ بَيْعُ مَا حَوَالَيْهِ مِنْ الْحَوَائِطِ مِمَّا هُوَ كَحَالِهِ فِي التَّبْكِيرِ وَالتَّأْخِيرِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ قَالَا: لَا يُبَاعُ بِطِيبِهَا غَيْرُ حَائِطِهَا قُلْت: فَفِي جَوَازِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَرْكِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ ثَالِثُهَا الْمَنْعُ وَعَزْوُهَا وَاضِحٌ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَائِطِ فِيهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَرِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ كُلَّ الْحَائِطِ إنْ كَانَ طِيبُهُ مُتَتَابِعًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالثَّمَرِ الْمُبَكِّرِ وَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافُهُ مِنْ الثَّمَرِ مُخْتَلِفَةً فَلَا يُبَاعُ مِنْهَا إلَّا مَا طَابَ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الدَّالِيَةِ وَقَدْ طَابَتْ حَبَّاتٌ مِنْهَا فِي الْعُنْقُودِ وَسَائِرُهَا لَمْ يَطِبْ وَالتِّينَةُ كَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ بِالصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ نَخْلٌ كُلُّهُ أَوْ رُمَّانٌ كُلُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُ ذَلِكَ إذَا تَتَابَعَ طِيبُ جَمِيعِهِ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ إذَا كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَصْنَافًا مِثْلَ عِنَبٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ فَلَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَطِبْ مِنْ صِنْفٍ بِطِيبِ مَا طَابَ مِنْ صِنْفٍ آخَرَ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَرُبَ وَتَتَابَعَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَطِبْ تَبَعًا لِمَا طَابَ عَلَى اخْتِلَافٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ثُمَّ حَصَلَ فِي وَقْفِ بَيْعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ عَلَى بُدُوِّ صَلَاحِ جَمِيعِهِ أَوْ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَهُوَ مُتَتَابِعٌ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ ثَالِثُهَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَقْرُبْ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّانِي وَرَابِعُهَا يَجُوزُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ مَا حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَخَامِسُهَا نَقْلُ ابْنِ حَارِثٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُبَاعَ بِمَا حَوْلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا اسْتَعْجَلَ زَهْوُهُ بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي الثَّمَرَةِ وَشِبْهِهِ فَلَا يُبَاعُ بِهِ الْحَائِطُ اتِّفَاقًا (لَا) يُبَاعُ (بَطْنٌ ثَانٍ) بَعْدَ وُجُودِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (بَ) بُدُوِّ صَلَاحِ بَطْنٍ (أَوَّلٍ)
وَهُوَ الزُّهُوُّ، وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ؛ وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ
وَفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ، وَالْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا
ــ
[منح الجليل]
وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ بَطْنًا بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ بَطْنٍ ثَانٍ بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ كُلُّ بَطْنٍ يُبَاعُ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَطِيبَ الْبَطْنُ الثَّانِي، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ جَوَازَ بَيْعِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الثَّانِي قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ غَيْرُ مَوْجُودٍ حِينَ الْأَوَّلِ وَلَا مَرْئِيٌّ، بِخِلَافِ الصِّنْفَيْنِ فَإِنَّهُمَا مَرْئِيَّانِ حِينَ بَيْعِ أَوَّلِهِمَا طِيبًا.
(وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ (الزُّهُوُّ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِضَمِّهِمَا وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ احْمِرَارُهُ أَوْ اصْفِرَارُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ (وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ) فِي ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ (وَالتَّهَيُّؤُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ الِاسْتِعْدَادُ وَالْقَابِلِيَّةُ (لِلنُّضْجِ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ جِيمٌ، أَيْ الطِّيبُ، وَالِاسْتِوَاءُ بِأَنْ يَبْلُغَ حَدًّا إذَا قُطِعَ فِيهِ وَوُضِعَ فِي التِّبْنِ أَوْ النُّخَالَةِ يَطِيبُ كَالْمَوْزِ، فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُوضَعَ فِي ذَلِكَ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيُشْتَرَى الْمَوْزُ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُنْزَعَ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُدْفَنَ فِي تِبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ طِيبِهِ إذَا صَلَحَ لِلْقَطْعِ فَصَلَاحُهُ لَهُ هُوَ طِيبُهُ الَّذِي يُبِيحُ بَيْعَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْمَوْزِ فِي شَجَرِهِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطُونِهِ خَمْسُ بُطُونٍ أَوْ عَشْرٌ أَوْ مَا تُطْعِمُ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ سَنَةً وَنِصْفًا وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَالْقَضْبُ مِثْلُهُ.
(وَ) بُدُوُّهُ (فِي ذِي النَّوْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الْوَرَقِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنَّوْفَرِ وَالنِّسْرِينِ (بِانْفِتَاحِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ أَكْمَامِهِ فَيَظْهَرُ وَرَقُهُ الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ إسْقَاطُ ذِي مِنْ قَوْلِهِ وَفِي ذِي النَّوْرِ (وَ) بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) أَيْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي
وَهَلْ هُوَ فِي الْبِطِّيخِ الِاصْفِرَارُ؟ أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ؟ قَوْلَانِ.
وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ: كَيَاسَمِينٍ، وَمَقْثَأَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
الْحَالِ الْبَاجِيَّ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ كَاللِّفْتِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ اسْتِقْلَالُ وَرَقِهِ وَتَمَامُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَعَدَمُ فَسَادِهِ بِقَلْعِهِ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبِطِّيخِ) الْعَبْدَلِيِّ وَالْخِرْبِزِ وَالْقَاوُونِ وَالضَّمِيرِيِّ (الِاصْفِرَارُ) بِالْفِعْلِ (أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ) بِقُرْبِهِ مِنْ الِاصْفِرَارِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَلَاحَ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ، وَلَعَلَّهُ تَلَوُّنُ لُبِّهِ بِحُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فِي تت ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقْتُ جَوَازِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ إذَا نَحَا نَحْوَ الِاسْوِدَادِ، وَكَذَا الْعِنَبُ الْأَسْوَدُ وَأَمَّا الْأَبْيَضُ فَبِأَنْ يَنْحُوَ نَاحِيَةَ الطِّيبِ وَحَدُّ الْإِزْهَاءِ فِي كُلِّ الثِّمَارِ إذَا نَحَتْ نَاحِيَةَ الِاحْمِرَارِ وَانْبَعَثَتْ لِلطِّيبِ ابْنُ الْحَاجِبِ صَلَاحُهَا زَهْوُهَا وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظُهُورُ الْحَلَاوَةِ لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ قُلْت لِلْمُتَيْطِيِّ: صَلَاحُ الْعِنَبِ دَوَرَانُ الْحَلَاوَةِ فِيهِ مَعَ اسْوِدَادِ أَسْوَدِهِ، وَحَاصِلُهُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَفِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ لَا يُبَاعُ الْحَبُّ حَتَّى يَيْبَسَ وَيَنْقَطِعَ عَنْهُ شُرْبُ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَنْفَعَهُ الشُّرْبُ.
(وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونُ) مَا يَخْلُفُ وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ (كَيَاسَمِينٍ) أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا بِلَا شَرْطِهَا (وَمَقْثَأَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْهَمْزِ كَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَعَجُّورٍ وَقَرْعٍ وَكَجُمَّيْزٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُوَطَّإِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْجَزَرِ أَنَّ بَيْعَهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ جَائِزٌ، وَلِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ، وَلَيْسَ فِيهِ وَقْتٌ مُؤَقَّتٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ الْبَاجِيَّ الْخِرْبِزُ نَوْعٌ مِنْ الْبِطِّيخِ، وَكَذَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَبْسُ أَوَّلِهَا عَلَى آخِرِهَا، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ، ضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَتَّصِلُ كَالتِّينِ وَالنَّخْلِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ، فَهَذَا لَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بُطُونِهِ بِظُهُورِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَبَدَا صَلَاحُهُ، وَحُكْمُ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهَا مُخْتَصٌّ بِهِ وَضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَتَتَّصِلُ كَالصَّقِيلِ وَالْقَضْبِ وَالْقُرْطِ وَضَرْبٌ لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ، فَهَذَانِ الْعَقْدُ فِيهِمَا لِمَا ظَهَرَ مِنْهُمَا فَقَطْ
لَا يَجُوزُ: بِكَشَهْرٍ، وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ إنْ اسْتَمَرَّ: كَالْمَوْزِ
، وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ: أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ
ــ
[منح الجليل]
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْبُقُولُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضْبِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمَقَاثِئِ وَالْمَبَاطِخِ إذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَا بَعْدَهُ، وَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى تَمَامِ إطْعَامِهِ، وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ إذَا آنَ قِطَافُ أَوَّلِهِ وَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى آخِرِ إبَّانِهِ (وَلَا يَجُوزُ) شِرَاءُ بُطُونٍ كَيَاسَمِينٍ وَمَقْثَأَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (بِكَشَهْرٍ) لِاخْتِلَافِ حَمْلِهَا بِالْقِلَّةِ فِيهِ وَالْكَثْرَةِ فَفِيهِ غَرَرٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا تُطْعِمُ الْمَقْثَأَةُ شَهْرًا (وَوَجَبَ ضَرْبُ) أَيْ تَقْدِيرُ (الْأَجَلِ) فِي بَيْعِ ثَمَرِ مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَنْتَهِي (إنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ دَامَ إخْلَافُهُ مَا دَامَتْ شَجَرَتُهُ (كَالْمَوْزِ) فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَكَضَرْبِ الْأَجَلِ تَعْيِينُ بُطُونٍ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُبَاعُ ثَمَرُ الْمَوْزِ سَنَتَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا أُحِبُّ بَيْعَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ بُطُونُهُ مُتَّصِلَةً فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالتَّمَامِ لِبَقَاءِ أَصْلِهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ الْآخَرِ وَاتَّصَلَتْ صَحَّ شِرَاؤُهُ بِعَدَدِ الْبُطُونِ، وَإِنْ اتَّصَلَتْ، وَلَا تَتَمَيَّزُ قُدِّرَ بِالزَّمَنِ كَالْجُمَّيْزِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ اتَّصَلَ نَبَاتُهُ فَهُوَ كَالْمَقَاثِئِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَالسِّدْرُ مِثْلُهُ يُرِيدُ وَأَمَّا بَيْعُهُ إلَى أَنْ يَفْنَى الْأَصْلُ كَالْمَقَاثِئِ فَلَا يَجُوزُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَوْزُ شَجَرٌ تَكُونُ فِيهِ عَنَاقِيدُ وَفِي الْعُنْقُودِ ثِمَارٌ قَدْرُ فَقُّوسِ الْخِيَارِ صُفُوفًا لَوْنُهَا أَخْضَرُ، فَإِنْ طَابَتْ دَخَلَتْهُ صُفْرَةٌ وَيَنْفَلِقُ، لَهُ طَعْمٌ طَيِّبٌ يَقْرُبُ مِنْ طَعْمِ سَمْنٍ وَعَسَلٍ مَلْتُوتٍ يُوجَدُ بِمِصْرَ كَثِيرًا أَوْ بِسِبْتَةَ.
(وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ) مَعَ قَشِّهِ قَائِمًا بِأَرْضِهِ جُزَافًا مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي رَأْسِهِ كَقَمْحٍ (أَفْرَكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا فَاءٌ سَاكِنَةٌ أَيْ صَارَ فَرِيكًا وَبِيعَ (قَبْلَ يُبْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي (بِقَبْضِهِ) أَيْ حَصْدِهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِيهِ وَمَفْهُومُ بِقَبْضِهِ فَسْخُهُ قَبْلَهُ وَمَفْهُومُ مَعَ تِبْنِهِ أَنَّهُ إنْ بِيعَ جُزَافًا وَحْدَهُ يُفْسَخُ وَلَوْ قُبِضَ وَمَفْهُومُ قَائِمًا أَنَّ بَيْعَهُ مَحْصُودًا جَائِزٌ وَمَفْهُومُ جُزَافًا أَنَّ بَيْعَهُ بِكَيْلٍ جَائِزٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقَبْضِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى
وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ، وَإِنْ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ فَقَطْ، اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ: كَلَوْزٍ لَا كَمَوْزٍ
ــ
[منح الجليل]
الْإِطْلَاقِ أَوْ عَلَى شَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَعَلَيْهِ جَمْعٌ وَقِيلَ: لَا يَفُوتُ فِي الثَّانِي إلَّا بِيُبْسِهِ وَفِيهَا أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْفَوَاتِ هُنَا فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّهُ الْقَبْضُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ بِالْعَقْدِ، وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَمْضِي بِالْيُبْسِ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ فِيهِ فُوِّتَ، وَقِيلَ: لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَ بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ سَلَمِهَا الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ وَمَنْ أَسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا أَرْطَبَ أَوْ فِي زَرْعٍ بَعْدَمَا أَفْرَكَ وَاشْتَرَطَ جَذَّهُ حِنْطَةً أَوْ ثَمَرًا فَأَخَذَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَيْعُ فَلَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ. اهـ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَيْبَسَ أَوْ جَرَى بِهَذَا الْعُرْفُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى يَبِسَ اهـ وَفَرَضَهَا فِي ضَيْح فِي شِرَائِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعٌ بِالْإِفْرَاكِ وَفِي الشَّامِلِ وَالصَّلَاحُ فِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا وَالْقَطَانِيِّ يُبْسُهَا، فَإِنْ بِيعَتْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ إفْرَاكِهَا عَلَى السَّكْتِ كُرِهَ وَمَضَى بِالْقَبْضِ عَلَى الْمُتَأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَرُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُبِيحَ (لِ) شَخْصٍ (مُعْرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَاهِبٍ ثَمَرَةً (وَ) شَخْصٍ (قَائِمٍ مَقَامَهُ) أَيْ الْمُعْرِي بِإِرْثِ الْأُصُولِ وَبَاقِي الثَّمَرَةِ أَوْ بِاشْتِرَائِهِمَا، بَلْ (وَإِنْ) قَامَ مَقَامَهُ (بِاشْتِرَاءِ) بَقِيَّةِ (الثَّمَرَةِ) الَّتِي أَعْرَى بَعْضَهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَصْلِهَا فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا لِغَيْرِ مُعْرِيهَا وَمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ (اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ) مُعْرَاةٍ مِنْ الْمُعْرَى لَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَوْ مِنْ قَائِمٍ مَقَامَهُ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ، وَنَعَتَ ثَمَرَةً بِجُمْلَةِ (تَيْبَسُ) بِشَخْصِهَا إنْ تُرِكَتْ عَلَى أَصْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ حِينَ شِرَائِهَا رَطْبَةً فَلَا يَكْفِي يُبْسُ نَوْعِهَا (كَلَوْزٍ) وَجَوْزٍ وَبَلَحٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَزَيْتُونٍ بِغَيْرِ مِصْرَ (لَا) إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ (كَمَوْزٍ) وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ، وَكَعِنَبٍ وَبَلَحٍ وَتِينِ مِصْرَ.
إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ الْعَرِيَّةُ مَا مُنِحَ مِنْ ثَمَرٍ يَيْبَسُ، وَرَوَى الْمَازِرِيُّ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ عِيَاضٌ مَنْحُ تَمْرِ النَّخْلِ عَامًّا الْبَاجِيَّ هِيَ النَّخْلَةُ الْمَوْهُوبُ ثَمَرُهَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " رضي الله عنه " قَالَ: الْعَرَايَا نَخْلٌ تُوهَبُ قُلْت: إطْلَاقُ الرِّوَايَاتِ بِإِضَافَةِ الْبَيْعِ لَهَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا الْإِعْطَاءَ أَوْ النَّخْلَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ الثَّمَرِ» ، وَثَبَتَ لَفْظُ رَخَّصَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ الْبَاجِيَّ الرُّخْصَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ الْمَحْظُورَةِ بِالْإِبَاحَةِ، وَسَمَّوْهَا رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِالتَّمْرِ» الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ الرِّبَاءَيْنِ وَالْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ نَسِيئَةً، قُلْت اُقْتُصِرَ عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا مِنْ صِنْفِهَا إلَى الْجِدَادِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ بِالْخَرْصِ وَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَنْعُ إلَّا بِالْخَرْصِ، وَالثَّالِثُ مَنْعُ شِرَائِهَا بِشَيْءٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ وَعَنْ الرِّبَا وَعَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ: جَوَّزَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " بَيْعَهَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْخَرْصِ إلَّا بِالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الرُّخْصَةَ كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلْحَاجَةِ، فَلَمَّا تَوَسَّعَتْ النَّاسُ سَقَطَتْ الْعِلَّةُ فَسَقَطَ الْحُكْمُ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْخَرْصِ مِنْهَا الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَصْرِ رُخْصَةِ شِرَائِهَا عَلَى التَّمْرِ وَالْعِنَبِ أَوْ عَلَى كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ ثَالِثُهَا هَذَا وَتُكْرَهُ فِيمَا لَا يُدَّخَرُ وَتَمْضِي بِالْقَبْضِ الْخَامِسُ: عَدَّى الْمُصَنِّفُ رُخِّصَ لِلْمُرَخِّصِ فِيهِ بِنَفْسِهِ تَوَسُّعًا وَالْأَصْلُ تَعَدِّيهِ إلَيْهَا بِفِي.
وَأَشَارَ لِشُرُوطِ الرُّخْصَةِ فَقَالَ: (إنْ) كَانَ الْمُعْرِي (لَفَظَ) حِينَ هِبَةِ الثَّمَرَةِ (بِ) لَفْظِ
وَبَدَا صَلَاحُهَا، وَكَانَ بِخَرْصِهَا وَنَوْعِهَا يُوَفِّي عِنْدَ الْجَذَاذِ، وَفِي الذِّمَّةِ، وَخَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ.
ــ
[منح الجليل]
الْعَرِيَّةِ) إنْ قَالَ: أَعْرَيْتُك هَذِهِ الثَّمَرَةَ مَثَلًا، فَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُك مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا (وَ) إنْ كَانَ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (صَلَاحُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ حَالَ شِرَائِهَا بِخَرْصِهَا لَا حَالَ إعْرَائِهَا (وَ) إنْ كَانَ شِرَاؤُهَا (بِخِرْصِهَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَدَّرَهَا بِالْكَيْلِ حَزْرًا وَتَخْمِينًا لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا بِأَنْقَصَ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَى بِعَيْنٍ وَلَا بِعَرَضٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَلَا أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ جَذَّهَا فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ خَرْصِهَا رَدَّ الزَّائِدَ وَأَقَلَّ وَثَبَتَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا مَا وَجَدَهُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ضَمِنَ الْخَرْصَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ (وَ) إنْ كَانَ شِرَاؤُهَا بِ (نَوْعِهَا) أَيْ صِنْفِ الثَّمَرَةِ " د " ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى، وَخَافَ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ الْخَرْصُ (يُوَفَّى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً، أَيْ يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (عِنْدَ الْجِذَاذِ) بِإِعْجَامِ الذَّالَيْنِ وَإِهْمَالِهِمَا أَيْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ الْمُعْتَادِ لِلنَّاسِ لَا عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِهِ فَيَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ شُرِطَ تَأْجِيلُهُ بِجِذَاذِهَا أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ ثُمَّ عُجِّلَ فَلَا يَفْسُدُ (وَ) إنْ كَانَ الْخَرْصُ (فِي الذِّمَّةِ) لِلْمُشْتَرِي لَا فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ.
(وَ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مِنْ الْعَرِيَّةِ (خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ) مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ الْعَرِيَّةُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّ، فَفِيهَا لِمَنْ أَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ شِرَاؤُهَا أَوْ بَعْضُهَا بِالْخَرْصِ، فَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ فَلَهُ شِرَاءُ خَمْسَةٍ أَوْسُقٍ مِنْهَا وَقَالَ تت: وَكَانَ الْمَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ طفي كَذَا فِي عِبَارَةِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ مُخَالِفٌ قَوْلَهَا فَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَهُ شِرَاءُ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، لِأَنَّا نَقُولُ: مُرَادُهُمْ يَكُونُ الْمَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فِي الشُّرُوطِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا شِرَاءُ الْبَعْضِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِذَا ذَكَرَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى جُمْلَةَ مَا أَعْرَى، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَتَقْرِيرُ تت حَسَنٌ، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ هَذَا قَالَ: وَكَانَ الْمُشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ وَسَيَأْتِي هَذَا وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ، إلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ؛ فَمِنْ كُلٍّ: خَمْسَةٌ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، أَوْ لِلْمَعْرُوفِ
ــ
[منح الجليل]
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُعْرِي أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ (أَخْذُ) أَيْ شِرَاءِ قَدْرٍ (زَائِدٍ) مِمَّا أَعْرَاهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ أَقَلُّ (مَعَهُ) أَيْ الْقَدْرُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ (بِعَيْنٍ) أَوْ عَرَضٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْرِدِهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ:(إلَّا لِمَنْ أَعْرَى) أَيْ وَهَبَ بِلَفْظِ الْعَرِيَّةِ (عَرَايَا) أَيْ ثِمَارًا لِوَاحِدٍ (فِي حَوَائِطَ) أَوْ حَائِطٍ (وَكُلٌّ) مِنْ الْعَرَايَا (خَمْسُ أَوْسُقٍ) فَلَهُ شِرَاءُ كُلِّ عَرِيَّةٍ بِخَرْصِهَا مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمِنْ كُلِّ خَمْسَةٍ وَهِيَ أَوْلَى لِلتَّصْرِيحِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ وَلِإِيهَامِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ كُلُّ عَرِيَّةٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَمَحِلُّ جَوَازِ شِرَاءِ خَمْسَةٍ مِنْ كُلٍّ (إنْ كَانَ) الْإِعْرَاءُ لِلْعَرَايَا (بِأَلْفَاظٍ) أَيْ عُقُودٍ بِأَوْقَاتٍ (لَا) إنْ كَانَ (بِلَفْظٍ) أَيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ، لِنَقْلِهِ تَرْجِيحَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَإِقْرَارَهُ، فَصَحَّتْ نِسْبَةُ التَّرْجِيحِ لَهُ، وَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ " غ " بِأَنَّهُ لِابْنِ الْكَاتِبِ لَا لِابْنِ يُونُسَ، وَقَوْلِي لِوَاحِدٍ هُوَ مَحِلُّ اشْتِرَاطِ الْأَلْفَاظِ كَمَا يُقَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُوَضِّحِ وَالرَّجْرَاجِيُّ قَيَّدَ الْأَلْفَاظَ إذَا كَانَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَاحِدًا، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْأَلْفَاظِ أَيْ الْعُقُودِ الْحَطّ قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ يُوهِمُ أَنَّهُ شَرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْرِي وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً، وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا إذَا أَعْرَى رَجُلًا وَاحِدًا، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَمَحِلُّ جَوَازِ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا إذَا كَانَ (لِدَفْعِ الضَّرَرِ) عَنْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْحَاصِلِ لَهُ بِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ حَائِطَهُ وَتَطَلُّعِهِ عَلَى مَا لَا يَجِبُ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ الشِّرَاءُ (لِلْمَعْرُوفِ) أَيْ الرِّفْقُ بِالْمُعْرَى بِالْفَتْحِ بِكِفَايَتِهِ حِرَاسَتَهَا وَمُؤْنَتَهَا فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِلتَّجْرِ بِخَرْصِهَا، وَيَجُوزُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَفَرَّعَ عَلَى جَوَازِهِ لِلْمَعْرُوفِ، أَوْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَقَالَ
فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا: كَكُلِّ الْحَائِطِ؛ وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ.
وَجَازَ لَك: شِرَاءُ أَصْلٍ فِي حَائِطِك بِخَرْصِهِ، إنْ قَصَدْتَ الْمَعْرُوفَ فَقَطْ
ــ
[منح الجليل]
فَيَشْتَرِي) الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ (بَعْضَهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ كَنِصْفِهَا بِخَرْصِهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِدَفْعِ تَضَرُّرِهِ بِهِ أَوْ لِكِفَايَةِ مُؤْنَتِهِ.
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ: (كَ) شِرَائِهِ ثَمَرَ (كُلِّ الْحَائِطِ) إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مَعَ بَاقِي الشُّرُوطِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ (وَ) كَشِرَاءِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا بَعْدَ (بَيْعِهِ) أَيْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ (الْأَصْلَ) أَيْ الشَّجَرَ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّمَرَةُ الْمُعْرَاةُ لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ لِلْمَعْرُوفِ، عَبْدُ الْحَقِّ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِوَجْهَيْنِ لِلرِّفْقِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَنْ بَاعَ الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرَةِ، فَيُعَلَّلُ بِكُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ، وَبِمَنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الْأَصْلِ فَيُعَلَّلُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَنَصُّهُ إذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ بِالْمُعْرَى. اهـ. وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ " غ " و " ق " قَائِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَجَازَ لَك) يَا رَبَّ الْحَائِطِ (شِرَاءُ) ثَمَرِ (أَصْلٍ) لِغَيْرِك (فِي حَائِطِك بِخِرْصِهِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَدْرِهِ ثَمَرًا بِالْحَزْرِ (إنْ قَصَدْت) يَا رَبَّ الْحَائِطِ بِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْأَصْلِ (الْمَعْرُوفَ) بِمَالِكِ الْأَصْلِ (فَقَطْ) أَيْ لَا إنْ قَصَدْت دَفْعَ الضَّرَرِ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّبَاءَيْنِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ أَيْضًا بَقِيَّةُ شُرُوطِ جَوَازِ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ هُنَا فِيهَا، إذَا مَلَكَ رَجُلٌ نَخْلَةً فِي حَائِطِك فَلَكَ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا بِخَرْصِهَا إنْ أَرَدْت رِفْقَهُ بِكِفَايَتِك إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لِدَفْعِ ضَرَرِ دُخُولِهِ فَلَا يُعْجِبُنِي، وَأَرَاهُ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ لَيْسَتْ عَرِيَّةً وَلَا يُقَالُ انْخَرَمَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الَّذِي هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مُعْرِيهَا. اهـ. فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَمِنْ قَوْلِهَا كَالْعَرِيَّةِ أَنَّ شُرُوطَ الْعَرِيَّةِ مُعْتَبَرَةٌ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ نَخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ جَازَ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي لَفْظَةُ كَرَاهَةٍ وَأَرَادَ بِهَا الْمَنْعَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ.
وَبَطَلَتْ: إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ. وَهَلْ هُوَ حَوْزُ الْأُصُولِ، أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
(وَبَطَلَتْ) الْعَرِيَّةُ (إنْ مَاتَ) مُعْرِيهَا بِالْكَسْرِ أَوْ أَحَاطَ بِمَالِهِ دَيْنٌ أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ جُنُونًا أَوْ مَرَضًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ (قَبْلَ الْحَوْزِ) مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ لِلْعَرِيَّةِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ، وَكُلُّ عَطِيَّةٍ شَرْطُهَا حَوْزُهَا قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِمُعْطِيهَا (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْحَوْزُ الْمُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَرِيَّةِ قَبْلَ الْمَانِعِ (حَوْزُ الْأُصُولِ) أَيْ الْأَشْجَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُثْمِرَةً أَوْ لَا، تَخْلِيَةُ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ بَيْنَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَبَيْنَهَا (أَوْ) هُوَ حَوْزُهَا وَ (أَنْ يَطْلُعَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ أَوْ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَعَلَى كُلٍّ فَمَعْنَاهُ يَظْهَرُ (ثَمَرُهَا) أَيْ الْأُصُولُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا وَإِنْ مَاتَ الْمُعْرِي قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي النَّخْلِ شَيْءٌ وَقَبْلَ أَنْ يَحُوزَ الْمُعْرِي عَرِيَّتَهُ أَوْ مَاتَ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ لَمْ يُطْلَبْ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَلِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ وَيَكُونُ مِيرَاثًا لَهُمْ وَفِي هِبَاتِهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ وَهَبَهُ مَا تَلِدُ أَمَتُهُ أَوْ ثَمَرَ نَخْلَةٍ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ إذَا حَوَّزَهُ الْأَصْلَ وَالْأَمَةَ أَوْ حَازَ ذَلِكَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي حَوْزِ الْعَرِيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ فِيهَا حَوْزُ الْأُصُولِ وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ الثَّمَرَةُ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ مَالِكٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ مَجْمُوعُ شَيْئَيْنِ: حَوْزُ الْأُصُولِ وَأَنْ يَطْلُعَ الثَّمَرُ، فَلَوْ حَازَ الْأُصُولَ وَلَمْ تَطْلُعُ الثَّمَرَةُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْرِي بَطَلَتْ الْعَرِيَّةُ، وَلَوْ طَلَعَتْ الثَّمَرَةُ وَلَمْ يَحُزْ الْأُصُولَ وَمَاتَ الْمُعْرِي بَطَلَتْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَطَّانِ وَفَضْلٍ وَجَمَاعَةٍ فَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ هُمَا اللَّذَانِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِمَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِأَشْهَبَ أَنَّ الْحَوْزَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا حَوْزُ الْأُصُولِ، أَوْ أَنْ تَطْلُعَ ثَمَرَتُهَا، وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: بَطَلَتْ بِمَوْتِ مُعْرِيهَا قَبْلَ حَوْزِهَا، وَهَلْ هُوَ قَبْضُ الرِّقَابِ أَوْ مَعَ طُلُوعِ ثَمَرَتِهَا كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ تَأْوِيلَانِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إبَارُهَا أَوْ قَبْضُ رَقَبَتِهَا وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ طِيبُهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَعْنِي أَنَّهُمَا لَا يَتِمُّ حَوْزُهُمَا إلَّا بِقَبْضِ الْأُصُولِ وَطُلُوعِ
وَزَكَاتُهَا وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي، وَكُمِّلَتْ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ،
ــ
[منح الجليل]
الثَّمَرَةِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَطَّانِ وَتَأْوِيلُ ابْنِ رِزْقٍ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ بِخِلَافِ الْعَرِيَّةِ وَأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِمَا حَوْزُ الْأُصُولِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحِيَازَةِ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى إنْ مَاتَ الْمُعْرِي فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ قَبْضُ الْأَصْلِ وَقَدْ طَلَعَ فِيهِ الثَّمَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَالْعَرِيَّةِ أَمْ لَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ مَا فِيهَا مِنْ صِحَّتِهَا لِلْمُعْرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ الْأُصُولِ فِي حَيَاةِ الْمُعْرِي وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ فِيهَا الثَّمَرَةُ عَلَى ظَاهِرِ مَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ التَّأْوِيلَاتِ عَلَى مَا فِيهَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إذَا أُبِّرَتْ النَّخْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي صَحَّتْ لِلْمُعْرِي لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى عَرِيَّتِهِ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَ الْأُصُولَ وَحَازَهَا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ. اهـ. فَيَتَعَيَّنُ تَفْسِيرُ يَطْلُعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَظْهَرُ سَوَاءٌ ضُبِطَ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ أَوْ بِفَتْحِهَا مَعَ ضَمِّ اللَّامِ ثُلَاثِيًّا أَوْ رُبَاعِيًّا مِنْ بَابِ أَكْرَمَ أَوْ نَصَرَ فِي الْقَامُوسِ طَلَعَ الشَّمْسُ وَالْكَوْكَبُ طُلُوعًا ظَهَرَ كَأَطْلَعَ.
(وَزَكَاتُهَا) أَيْ الْعَرِيَّةِ إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ (وَسَقْيُهَا) حَتَّى تَنْتَهِيَ (عَلَى الْمُعْرِي) بِالْكَسْرِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْهَا وَلَوْ أَعْرَاهَا قَبْلَ طِيبِهَا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (وَكُمِّلَتْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً مِنْ ثَمَرِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ (بِخِلَافِ الْوَاهِبِ) لِثَمَرَةٍ قَبْلَ طِيبِهَا فَلَا زَكَاةَ وَلَا سَقْيَ عَلَيْهِ، فَهُمَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ وَهَبَهَا بَعْدَ طِيبِهَا فَزَكَاتُهَا عَلَى وَاهِبِهَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ هِبَتِهَا، وَكَذَا سَقْيُهَا إذْ لَا كَبِيرَ مَنْفَعَةٍ فِيهِ حِينَئِذٍ فِيهَا زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ وَسَقْيُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إلَّا مَعَ بَقِيَّةِ حَائِطِهِ أَعْرَاهُ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ نَخْلًا مُعَيَّنَةً أَوْ جَمِيعَ حَائِطِهِ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَيُعْطِيهِ جَمِيعَ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْ وَهَبَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ فَسَقْيُهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ
وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ: كَالْمَوْزِ وَالْمَقَاثِئِ؛ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ،
ــ
[منح الجليل]
لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ فَذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ مِمَّا يَلْحَقُ بِهَذَا مَنْ وَهَبَ رَضِيعًا فَرَضَاعُهُ عَلَى الْوَاهِبِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ.
(وَتُوضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا أَصَابَتْهُ (جَائِحَةُ) أَيْ مُهْلِكَةُ (الثِّمَارِ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ النَّابِتِ لَا الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يُجْنَى مِنْ أَصْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَائِحَةُ مَا أُتْلِفَ مِنْ مَعْجُوزٍ عَنْ دَفْعِهِ عَادَةً قَدْرًا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ نَبَاتٍ بَعْدَ بَيْعِهِ اهـ الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الْجَائِحَةِ فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ تَعْرِيفُ الْجَائِحَةِ هُنَا، قُلْت: سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ، بَلْ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ وَمَثَّلَ لِلثِّمَارِ فَقَالَ:(كَالْمَوْزِ وَالْمَقَاثِئِ) بِالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ مَقْثَأَةٍ وَحَمَلَ " غ " الثِّمَارَ عَلَى مَا يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالْعِنَبِ وَالتِّينِ فَجَعَلَ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ قَالَ: وَنَبَّهَ بِالْمَوْزِ عَلَى مَا لَا يُدَّخَرُ وَبِالْمَقَاثِئِ عَلَى مَالَهُ بُطُونٌ إنْ بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ إلَى انْتِهَاءِ طِيبِهَا، بَلْ (وَإِنْ بِيعَتْ) الثِّمَارُ (عَلَى) شَرْطِ (الْجَذِّ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ وَإِهْمَالِهَا أَيْ الْقَطْعِ وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّةِ جَذِّهَا الْمُعْتَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا لِمَانِعٍ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَجُذَّهَا شَيْئًا فَشَيْئًا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأُجِيحَتْ فِيهَا، فَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ سَحْنُونًا عَنْ وَجْهِ وَضْعِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ، فَلَوْ دَعَاهُ الْبَائِعُ إلَى أَخْذِهِ فِي يَوْمِهِ فَلَا يُجَابُ إلَيْهِ وَيُمْهَلُ الْمُشْتَرِي أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّةٍ إلَخْ هَذَا التَّقْيِيدُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَقَوْلُ التُّونُسِيِّ إنْ كَانَ هَذَا لِأَنَّ لَهُ سَقْيًا لِحِفْظِ بَقَائِهِ بِحَالِهِ لَا لِحُدُوثِ زِيَادَةٍ فِيهِ فَلَهُ وَجْهٌ كَسَقْيِ الْفَصِيلِ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ لَا لِزِيَادَةٍ فِيهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْجَذِّ إذَا أَبْقَاهُ فَأُجِيحَ بَعْدَ أَيَّامِ الْجَذَاذَةِ فِيهِ الْجَائِحَةُ.
وَإِنْ مِنْ عَرِيَّتِهِ لَا مَهْرَ
ــ
[منح الجليل]
وَلِذَا حَمَلَ " ح " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى عُمُومِهِ، أَيْ وَلَوْ أُجِيحَتْ بَعْدَ مُدَّةِ الْجَذِّ الْمُعْتَادَةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ جَذِّهَا كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ الرَّاجِحُ، وَعَارَضَ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا انْتَهَى طِيبُهَا وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّأْخِيرِ لِبَقَاءِ رُطُوبَتِهَا كَالْعِنَبِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا الْبَاجِيَّ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْبَقَاءُ لِحِفْظِ النَّضَارَةِ قَالَ: وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنْ تُوضَعَ الْجَائِحَةُ فِي ذَلِكَ " ح " فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ، بَلْ النَّطْرُونِيُّ أَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ كَانَتْ الثِّمَارُ الْمُشْتَرَاةُ مِنْ غَيْرِ عَرِيَّتِهِ.
بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مِنْ عَرِيَّتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي الَّتِي اشْتَرَاهَا بِخَرْصِهَا ثُمَّ أُجِيحَتْ فَتُوضَعُ عَنْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَلَهَا حُكْمُ الْمَبِيعِ، وَلَا تُخْرِجُهَا الرُّخْصَةُ عَنْ ذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ مَعْرُوفٌ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَعْرَاهُ نَخَلَاتٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا أَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ فَجَائِحَتُهَا مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إنْ أَعْرَاهُ أَوْ سَقَاهُ مِنْ حَائِطٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَأُجِيحَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مِقْدَارُ تِلْكَ الْأَوْسُقِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُعْرَى بِالْجَائِحَةِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ ضَيْح وَالشَّارِحَ بُنَانِيٌّ (لَا) تُوضَعُ جَائِحَةُ ثَمَرَةٍ مَأْخُوذَةٍ فِي (مَهْرٍ) ثُمَّ أُجِيحَتْ فَلَا قِيَامَ لِلزَّوْجَةِ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَلَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تُوضَعُ جَائِحَتُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْتَمِدَ تَرْجِيحَ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخِ وَأَنْ يُشِيرَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ وَالْأَحْسَنِ قَالَهُ الْحَطّ الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ بِذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الَّذِي يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ بِثَمَرَةٍ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا فَأُجِيحَتْ كُلُّهَا أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ إلَخْ ابْنُ رُشْدٍ.
قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ ثَمَنٌ لِلْبُضْعِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ
إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ، وَلَوْ مِنْ: كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ.
ــ
[منح الجليل]
رضي الله عنه ": أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ النِّكَاحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْجَائِحَةِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الثَّمَرَةَ إذَا أُجِيحَتْ كُلُّهَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَتِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا كَانَتْ عِوَضُ الْبُضْعِ وَهُوَ مَجْهُولٌ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ عِوَضَ الْمَهْرِ الْبُضْعُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ فَاتَ بِالْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَأَنْتَ تَرَاهُ شَهَّرَ كَوْنَ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُشَهِّرْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِالْجَائِحَةِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فَهِمَهُ " ح " فَتَأَمَّلْهُ، وَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَفِي لَغْوِهَا فِي النِّكَاحِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَثُبُوتِهَا لِأَنَّهَا عِوَضٌ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَصَوَّبَهُ الصِّقِلِّيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَشَرْطُ وَضْعِ جَائِحَةِ الثِّمَارِ (إنْ بَلَغَتْ) الثَّمَرَةُ الْمُجَاحَةُ (ثُلُثَ) الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ (الْمَكِيلَةِ) فِي الْكَيْلِ وَثُلُثَ الْمَوْزُونَةِ فِي الْوَزْنِ وَثُلُثَ الْمَعْدُودَةِ فِي الْعَدِّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ صِنْفًا وَاحِدًا، (وَلَوْ) كَانَتْ الثَّمَرَةُ الْمُجَاحَةُ مِنْ أَحَدِ صِنْفَيْنِ مَبِيعَيْنِ مَعًا (كَصَيْحَانِيِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ فَنُونٌ مَكْسُورَةٌ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ صِنْفٌ مِنْ التَّمْرِ (وَبَرْنِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ فَتَحْتِيَّةٌ صِنْفٌ آخَرُ مِنْهُ وَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ثُلُثُ مَجْمُوعِهِمَا، فَتُوضَعُ جَائِحَتُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِثُلُثِ كَيْلِ الْمُجَاحِ وَحْدَهُ فِيهَا.
وَمَا بِيعَ مِمَّا يُطْعِمُ بُطُونًا كَالْمَقَاثِئِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَمِنْ الثِّمَارِ مِمَّا لَا يُخْرَصُ وَلَا يُدَّخَرُ وَهُوَ مِمَّا يُطْعِمُ فِي كَرَّةٍ إلَّا أَنَّ طِيبَهُ يَتَفَاوَتُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى مَا يَتَفَاوَتُ، كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ والْأُتْرُجِّ وَالتِّينِ فَإِنْ أُجِيحَ شَيْءٌ مِنْهَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ مِنْهُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فِي النَّبَاتِ فَأَكْثَرَ فِي أَوَّلِ مُجْنَاهُ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ فِي زَمَانِهِ مِنْ قِيمَةِ بَاقِيهِ كَانَ فِي الْقِيمَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا تُوضَعُ فِيهِ جَائِحَةٌ نَافَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ نَقَصَتْ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَا بِيعَ مِنْ الثَّمَرَةِ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَيُتْرَكُ حَتَّى يُجَذَّ جَمِيعُهُ مِمَّا يُخْرَصُ كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ أَوْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
كَالزَّيْتُونِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ فَأَصَابَتْ الْجَائِحَةُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَأَكْثَرَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ لَا فِي الْقِيمَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُبْتَاعِ قَدْرُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ أُجِيحَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فِي الْمِقْدَارِ فَلَا يُوضَعُ عَنْهُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا تَقْوِيمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ الثَّمَرِ بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ وَقِسْمٌ وَغَيْرُهَا وَأُجِيحَ أَحَدُهَا فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فِي الْكَيْلِ مِنْ الْأَصْنَافِ وُضِعَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ مِنْ جَمِيعِهَا نَافَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ نَقَصَ، وَإِنْ اشْتَرَى أَوَّلَ جِزَّةٍ مِنْ الْفَصِيلِ فَأُجِيحَ ثُلُثُهَا فَثُلُثُ الثَّمَنِ مَوْضُوعٌ بِغَيْرِ قِيمَةٍ.
وَلَوْ اشْتَرَى خِلْفَتَهُ كَانَ كَالْمَقَاثِئِ إنْ أُجِيحَ قَدْرُ ثُلُثِهِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ مِنْ خِلْفَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْوِيمِ الْبُنَانِيُّ فَصَرِيحُ كَلَامِهَا أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ جَمِيعِهِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ وَأَشْهَبُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ، وَإِلَى خِلَافِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ، هَكَذَا النَّقْلُ فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ الْبَاجِيَّ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ جِنْسًا وَاحِدًا وَأَنْوَاعُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَأُصِيبَ نَوْعٌ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ أَوْ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ، فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي جَائِحَتِهِ بِثُلُثِ ثَمَرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالْخَوْخِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ فَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ وَأَشْهَبُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ. اهـ. فَخِلَافُ أَشْهَبَ فِيمَا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ، وَفِي ذِي الْأَصْنَافِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَصْرُ الْمُصَنِّفُ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جِنْسًا وَاحِدًا مُخْتَلِفَ الْأَنْوَاعِ فَأُصِيبَ نَوْعٌ مِنْهُ فَالِاعْتِبَارُ بِثُلُثِ الْجَمِيعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ثُلُثُ الثَّمَرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَشْهَبَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ اهـ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ
وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا
ــ
[منح الجليل]
(فَائِدَةٌ) ابْنُ رُشْدٍ الثُّلُثُ عِنْدِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " يَسِيرٌ إلَّا فِي الْجَائِحَةِ وَمُعَاقَلَةِ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَزِيدَ قَطْعُ ثُلُثِ ذَنَبِ الضَّحِيَّةِ وَاسْتِحْقَاقُ ثُلُثِ دَارٍ (وَ) عَطَفَ عَلَى بَلَغَتْ فَقَالَ: إنْ (بُقِّيَتْ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَيْ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَصْلِهَا (لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا) الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مُحْتَاجَةً إلَى بَقَائِهَا فِي أُصُولِهَا لِيَكْمُلَ طِيبُهَا، وَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْجَائِحَةِ فِيهَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ الثَّانِي، مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى بَقَائِهِ فِي أَصْلِهِ لِتَمَامِ طِيبِهِ وَلَا لِنَضَارَتِهِ كَالثَّمَرِ الْيَابِسِ وَالزَّرْعِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَنَاهَى طِيبُهَا، وَلَكِنْ تَحْتَاجُ إلَى التَّأْخِيرِ لِبَقَاءِ رُطُوبَتِهَا كَالْعِنَبِ الْمُشْتَرَى بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ قَوْلَيْنِ الْبَاجِيَّ مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْبَقَاءُ لِحِفْظِ النَّضَارَةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى بِكَمَالِ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الْمَجْرَى كُلُّ مَا كَانَ هَذَا حُكْمَهُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَضْبِ وَالْبُقُولِ وَالْقُرْطِ فَلَا تُوضَعُ جَائِحَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنْ تُوضَعَ الْجَائِحَةُ مِنْ جَمِيعِهِ، وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ إذَا تَنَاهَى الْعِنَبُ وَآنَ قِطَافُهُ لَا يَتْرُكُهُ تَارِكُهُ إلَّا لِسُوقٍ يَرْجُوهَا أَوْ لِشُغْلٍ يَعْرِضُ لَهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ خَلِيلٌ وَفِي حَمْلِ كَلَامَيْ سَحْنُونٍ عَلَى الْخِلَافِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى الْحَطّ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي إبْقَائِهِ لِحِفْظِ نَضَارَتِهِ وَالثَّانِي فِي بَقَائِهِ لِشُغْلِ مُشْتَرِيهِ أَوْ لِسُوقٍ يَرْجُوهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَقَوْلُهُ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ مَشَى فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ: وَأَشَارَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ إلَى إجْزَاءِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا بِيعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَنْ يَجُذَّهُ مُشْتَرِيهِ
وَأُفْرِدَتْ، أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا، لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ، وَنُظِرَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْبُطُونِ إلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ، لَا يَوْمَ الْبَيْعِ؛
ــ
[منح الجليل]
وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِيهِ: وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً عَلَى الْجَذِّ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَالثِّمَارِ لَا كَالْبَقْلِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ: وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ مُخَالِفٌ لِلثَّانِي، وَأَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْأَوَّلُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ بَلْ هُوَ أَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَطَفَ عَلَى بَلَغَتْ فَقَالَ:(وَ) إنْ (أُفْرِدَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الثِّمَارُ بِالشِّرَاءِ دُونَ أَصْلِهَا (أَوْ) اُشْتُرِيَتْ وَحْدَهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ (أُلْحِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ اشْتَرَى (أَصْلُهَا) .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا وَحْدَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْقَطْعِ ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَلَهُ إبْقَاؤُهَا وَلَا جَائِحَةَ (لَا) تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي (عَكْسِهِ) أَيْ الْفَرْعِ السَّابِقِ وَهُوَ شِرَاءُ أَصْلِهَا وَحْدَهُ ثُمَّ شِرَاؤُهَا (أَوْ) شِرَائِهَا (مَعَهُ) أَيْ أَصْلِهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدِ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ، وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي عَكْسِهِ (وَنُظِرَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نُسِبَ قِيمَةُ (مَا أُصِيبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بِالْجَائِحَةِ (مِنْ الْبُطُونِ) لِنَحْوِ الْمَقْثَأَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ بَيَانٌ لِمَا (إلَى) مَجْمُوعِ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ (مَا بَقِيَ) سَلِيمًا مِنْ الْجَائِحَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَابِ وَالسَّالِمِ (فِي زَمَنِهِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ اعْتِبَارُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَوْمَ إصَابَةِ الْجَائِحَةِ وَ (لَا) تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (يَوْمَ الْبَيْعِ) خِلَافًا لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ هَذَا ضَعِيفٌ يُفِيدُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِهَا: فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِمَّا لَمْ يَجْحُ قَدْرَ ثُلُثِ النَّبَاتِ وُضِعَ قَدْرُهُ وَقِيلَ: مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي زَمَنِهِ مَا نَصُّهُ هَلْ قَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ ظَرْفٌ لِلتَّقْوِيمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ قَالَ: فَيَكُونُ الْحُكْمُ أَنْ يُعْتَبَرَ كُلُّ بَطْنٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يُرَاعَى فِي التَّقْوِيمِ يَوْمُ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمُ الْجَائِحَةِ وَأَمَّا الِاسْتِينَاءُ
وَلَا يُسْتَعْجَلُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ: تَأْوِيلَانِ. وَهَلْ هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ: كَسَمَاوِيٍّ
ــ
[منح الجليل]
عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَحَقُّقِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُقَوَّمُ، وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبُطُونِ يُنْظَرُ كَمْ يُسَاوِي كُلُّ بَطْنٍ زَمَنَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ (وَلَا يُسْتَعْجَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ الْخِلَافِ، بَلْ يُؤَخَّرُ تَقْوِيمُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْبُطُونُ لِيَتَحَقَّقَ مِقْدَارُ كُلِّ بَطْنٍ، ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلِّ بَطْنٍ يَوْمَ الْجَائِحَةِ وَتُجْمَعُ الْقِيَمُ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمُجَاحِ لِمَجْمُوعِهَا، وَبِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ.
(وَ) إنْ اكْتَرَى دَارًا بِهَا نَخْلٌ أَوْ غَيْرُهُ مُثْمِرٌ ثَمَرَةً مُزْهِيَةً وَشَرَطَهَا الْمُكْتَرِي وَأُجِيحَتْ الثَّمَرَةُ فَ (فِي) وَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي الثَّمَرَةِ (الْمُزْهِيَةِ) مِنْ النَّخْلِ أَوْ ظَهَرَتْ حَلَاوَتُهَا مِنْ غَيْرِهِ (التَّابِعَةِ) قِيمَتُهَا (لِ) كِرَاءِ (الدَّارِ) مَثَلًا أَوْ الْفُنْدُقِ أَوْ الْأَرْضِ الَّتِي بِهَا النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَاكْتُرِيَتْ بِشَرْطِ الثَّمَرَةِ لَلْمُكْتَرِي بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثُلُثَ مَجْمُوعِهَا مَعَ الْكِرَاءِ نَظَرًا لِكَوْنِهَا ثَمَرَةً مُبْتَاعَةً، وَعَدَمِهِ نَظَرًا لِتَبَعِيَّتِهَا، وَالْوَضْعُ إنَّمَا هُوَ فِي ثَمَرَةٍ مَقْصُودَةٍ بِالْبَيْعِ (تَأْوِيلَانِ) وَمَفْهُومُ الْمُزْهِيَةِ أَنَّ غَيْرَهَا التَّابِعَ الْمُشْتَرَطَ لِلْمُكْتَرِي لَا تُوضَعُ جَائِحَتُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ تَبَعِيَّتُهُ لِلْكِرَاءِ بِكَوْنِهِ ثُلُثًا وَاشْتِرَاطُ جَمِيعِهِ وَطِيبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَقَصْدُ دَفْعِ الضَّرَرِ بِتَصَرُّفِ الْمُكْرِي إلَيْهِ وَمَفْهُومُ التَّابِعَةِ أَنَّ الْمُزْهِيَةَ الْمُشْتَرَطَةَ فِي الْكِرَاءِ غَيْرُ تَابِعَةٍ تُوضَعُ جَائِحَتُهَا اتِّفَاقًا، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ تُقَوَّمَ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا وَالسُّكْنَى وَحْدَهَا بِدُونِ ثَمَرَةٍ، وَتُجْمَعَ الْقِيمَتَانِ وَتُنْسَبَ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ لِمَجْمُوعِهِمَا، وَيُحَطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي مِثْلُ نِسْبَتِهَا مِنْ الْكِرَاءِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (وَهَلْ هِيَ) أَيْ الْجَائِحَةُ (مَا) أَيْ شَيْءٌ مُتْلِفٌ لِلثَّمَرَةِ (لَا يُسْتَطَاعُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (دَفْعُهُ) عَنْهَا (كَسَمَاوِيٍّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلسَّمَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ رَافِعِهَا بِلَا عَمَدٍ لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ كَبَرْدٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَرِيحٍ وَجَرَادٍ
وَجَيْشٍ أَوْ وَسَارِقٍ خِلَافٌ وَتَعَيُّبُهَا كَذَلِكَ وَتُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ
ــ
[منح الجليل]
وَثَلْجٍ وَمَطَرٍ (وَجَيْشٍ) وَسُلْطَانٍ جَائِرٍ، وَلَيْسَ مِنْهَا السَّارِقُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.
(أَوْ) هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ (وَسَارِقٍ) لَمْ يُعْرَفْ وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ (خِلَافٌ) فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَأَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ لِابْنِ نَافِعٍ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَائِلًا: لَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ لِمَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ وَقَيَّدَ الشَّيْخُ وَالْقَابِسِيُّ كَوْنَ السَّارِقِ جَائِحَةً بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ عُرِفَ فَيَتَّبِعُهُ الْمُبْتَاعُ بِعِوَضِ مَا سَرَقَ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ الظَّاهِرُ فِي عُدْمِهِ غَيْرُ مَرْجُوٍّ يُسْرُهُ عَنْ قُرْبٍ أَنَّهُ جَائِحَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْحَطّ عَدَّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجَوَائِحِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ النَّارُ وَالرِّيحُ السَّمُومُ وَالثَّلْجُ وَالْغَرَقُ بِالسَّيْلِ وَالْبَرْدُ وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ وَالْمَطَرُ الْمُضِرُّ وَالدُّودُ وَالْقَحْطُ وَالْعَفَنُ وَالْجَرَادُ وَالْجَيْشُ الْكَثِيرُ وَاللِّصُّ وَالْجَلِيدُ وَالْغُبَارُ الْمُفْسِدُ وَالْفَنَاءُ، أَيْ يُبْسُ الثَّمَرَةِ مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهَا وَالْقُشَامُ، وَهُوَ مِثْلُ الْفَنَاءِ، وَالْجَرْشُ أَيْ ضُمُورُ الثَّمَرَةِ وَالشَّوْبَانُ، أَيْ تَسَاقُطُهَا وَالشَّمْرَخَةُ، أَيْ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الشَّمَارِيخِ فَلَا يَرْطُبُ الثَّمَرُ وَلَا يَطِيبُ (وَتَعَيُّبُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ بِمَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ (كَذَلِكَ) أَيْ نَقَصَ قَدْرُهَا بِهِ فِي وَضْعِهِ إنْ بَلَعَ النَّقْصُ الثُّلُثَ، لَكِنَّ الثُّلُثَ فِي الْمُشَبَّهِ فِي الْقِيمَةِ لِعَدَمِ نَقْصِ الذَّاتِ الْحَطّ.
نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْجَوَائِحِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ هُنَا إلَى نَقْصِ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ ثُلُثِهَا وُضِعَ وَإِلَّا فَلَا فِي ضَيْح فَإِنْ لَمْ تَهْلِكْ الثَّمَرَةُ وَتَعَيَّبَتْ بِغُبَارٍ أَصَابَهَا أَوْ رِيحٍ أَسْقَطَهَا قَبْلَ تَنَاهِي طِيبِهَا فَنَقَصَ ثَمَنُهَا، فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ جَائِحَةٌ فَيُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَ، هَلْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَيُوضَعُ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ جَائِحَةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِلَا شَيْءٍ وَالرَّدِّ كَذَلِكَ (وَتُوضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْجَائِحَةُ (مِنْ الْعَطَشِ) إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ،
وَإِنْ قُلْت كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ وَالْقُرْطِ وَالْقَضْبِ وَوَرَقِ التُّوتِ، وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ: كَالْجَزَرِ
ــ
[منح الجليل]
بَلْ (وَإِنْ قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً عَنْهُ لِأَنَّ سَقْيَهَا عَلَى بَائِعِهَا فَأَشْبَهَتْ مَا فِيهِ حَتَّى تَوَفِّيَةُ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَلَّتْ جِدًّا وَلِابْنِ رُشْدٍ لَا يُوضَعُ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا خَطْبَ لَهُ، وَشَبَّهَ فِي وَضْعِهَا وَإِنْ قَلَّتْ فَقَالَ:(كَ) جَائِحَةِ (الْبُقُولِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ كَخَسٍّ وَكُزْبَرَةٍ وَهِنْدِبَا وَسِلْقٍ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا لَمْ يَكُنْ تَافِهًا لَا بَالَ لَهُ (وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَالْقَرْطِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ أَيْ الْعُشْبِ الَّذِي تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ عِيَاضٌ وَأَرَاهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَأَمَّا بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فَحُلِيٌّ يُجْعَلُ فِي ثُقْبِ الْأُذُنِ لِلزِّينَةِ، وَبِفَتْحِهَا وَإِعْجَامِ الظَّاءِ فَهُوَ ثَمَرٌ يُدْبَغُ بِهِ الْجِلْدُ، أَفَادَهُ الْحَطّ.
وَضَبَطَهُ فِي الْقَامُوسِ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَكَرَ لَهُ مَعَانِيَ مِنْهَا النَّبْتُ وَمِنْهَا الْحُلِيُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَقَالَ: إنَّهُ فَارِسِيٌّ (وَالْقَضْبِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ عِيَاضٌ أَيْ الْفِصْفِصَةِ الَّتِي تُطْعَمُ لِلدَّوَابِّ وَهُوَ الْقَتُّ إذَا كَانَ يَابِسًا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إذَا جَفَّتْ فَهِيَ الْقَضْبُ (وَوَرَقِ التُّوتِ) الَّذِي يُعْلَفُ بِهِ دُودُ الْحَرِيرِ وَلَوْ مَاتَ الدُّودُ فَهُوَ جَائِحَةٌ فِي الْوَرَقِ فَلِمُشْتَرِيهِ فَسْخُهُ عَنْ نَفْسٍ كَمَنْ اكْتَرَى حَمَّامًا أَوْ فُنْدُقًا فَخَلَا الْبَلَدُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْكُنُهُ (وَمُغَيَّبِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالزَّايِ فَرَاءٌ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْضًا، وَيُقَالُ لَهُ فِي الْمُغْرِبِ الإسفنارية وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ بَيْنَ كَوْنِ جَائِحَتِهَا مِنْ الْعَطَشِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ: وَمُطْلَقًا فِي كَالْبُقُولِ إلَخْ لَأَفَادَ هَذَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثِّمَارِ وَالْبُقُولِ أَنْ جَذَّ الْبُقُولِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا يُضْبَطُ قَدْرُهَا وَأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَتُهَا مِنْ غَيْرِ الْعَطَشِ وَأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الثِّمَارِ أُجِيحَتْ إلَّا إذَا ذَهَبَ ثُلُثُهَا وَفِي قَوْلِهِ وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِشَرْطِ قَلْعِ بَعْضِهِ وَرُؤْيَتِهِ كَانَ حَوْضًا أَوْ أَكْثَرَ وَقِيلَ: لَا يُبَاعُ إلَّا الْمَقْلُوعُ وَقِيلَ: تَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ وَيَدْخُلُ فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ جَدَرَةُ قَصَبِ السُّكْرِ تُبَاعُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ كِرَاءِ أَرْضِهَا، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ
وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا وَإِنْ قَلَّ، وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَا. وُضِعَتْ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ، وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ، فَلَا جَائِحَةَ، كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ،
ــ
[منح الجليل]
بَقَائِهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، فَإِنْ تَطَوَّعَ لَهُ الْمُكْرِي بِذَلِكَ جَازَ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا لِلْمُكْرِي لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ قَالَهُ ابْنُ لُبٍّ الْبُنَانِيُّ جَعَلَ مُغَيَّبَ الْأَصْلِ كَالْبُقُولِ نَحْوَ قَوْلِهَا، وَأَمَّا جَائِحَةُ الْبُقُولِ السِّلْقِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَغَيْرِهَا فَيُوضَعُ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ الْجَزَرَ وَالْفُجْلَ مِنْ الْبُقُولِ نَحْوُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ الْمُتَيْطِيُّ أَمَّا الْمَقَاثِئُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ وَالْفُجْلُ وَالْجَزَرُ وَالْمَوْزُ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالْخِيَرِيُّ وَالْعَصْفِيُّ وَالْفُولُ الْأَخْضَرُ وَالْجُلْبَانُ فَحُكْمُهَا كُلُّهَا حُكْمُ الثِّمَارِ يُرَاعَى فِيهِ الثُّلُثُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَقَاثِئَ كَالْبُقُولِ يُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَشْهُرُ وَبِهِ الْقَضَاءُ. اهـ. فَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا) أَيْ الثِّمَارِ السَّالِمِ مِنْ الْجَائِحَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) الْبَاقِي اتِّفَاقًا فَالْمُبَالَغَةُ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْجَائِحَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِتَكَرُّرِهَا فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَبِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى غَيْرِ مَمْلُوكٍ (وَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (أَجْنَاسًا) مِنْ الثِّمَارِ كَنَخْلٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ فِي صَفْقَةٍ (فَأُجِيحَ بَعْضُهَا) جِنْسًا مِنْهَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ (وُضِعَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْجَائِحَةُ عَنْ الْمُشْتَرِي (إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ (ثُلُثَ) مَجْمُوعِ قِيَمِ (الْجَمِيعِ) أَيْ الَّذِي أُجِيحَ وَاَلَّذِي سَلِمَ (وَ) إنْ (أُجِيحَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (مِنْهُ) أَيْ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ (ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ) أَيْ الْمُجَاحِ (وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ) الْمَبِيعَةُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْجَدِّ فِي طِيبِهَا ثُمَّ أُجِيحَتْ (فَلَا جَائِحَةَ) مَوْضُوعَةٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَهُ عَلَى أَخْذِهَا شَيْئًا شَيْئًا فَأُجِيحَتْ فَتُوضَعُ جَائِحَتُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَيَابِسِ الْحَبِّ
وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ، إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ، وَمُسْتَثْنًى مِنْ الثَّمَرَةِ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ: يَضَعُ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِقَدْرِهِ
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ فَقَالَ: (كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ) فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ طِيبِهِ بِظُهُورِ حَلَاوَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَتَكَامَلْ الْبُنَانِيُّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُوضَعُ جَائِحَةُ الْقَصَبِ الْحُلْوِ وَهُوَ أَحْسَنُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ الْقِيَاسُ ابْنُ حَبِيبٍ تُوضَعُ جَائِحَةُ الْقَصَبِ غَيْرِ الْحُلْوِ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ (وَيَابِسِ الْحَبِّ) الْمَبِيعِ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى قَطْعِهِ وَبَقِيَ إلَى يُبْسِهِ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا تُوضَعُ.
(وَ) إنْ سَاقَى رَبُّ حَائِطٍ عَامِلًا بِبَعْضِ ثَمَرِهِ فَأُجِيحَ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى خِدْمَةِ الشَّجَرِ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ إذَا أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ (بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ) أَيْ مَا أُجِيحَ وَمَا لَمْ يَجْحُ بِالْجُزْءِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ (أَوْ تَرْكِهِ) أَيْ فَسْخِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَنْ نَفْسِهِ (إذَا أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ) وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ الْمُجَاحُ مُشَاعًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ سَقْيُ مَا عَدَاهُ، فَإِنْ بَلَغَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَيْنِ خُيِّرَ الْعَامِلُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا (وَ) شَخْصُ بَائِعِ ثَمَرَةٍ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (مُسْتَثْنًى) بِكَسْرِ النُّونِ (كَيْلٌ مَعْلُومٌ) كَعَشَرَةِ أَوْسُقٍ (مِنْ الثَّمَرَةِ) الْمَبِيعَةِ عَلَى أُصُولِهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مَثَلًا (تُجَاحُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ الثَّمَرَةُ (بِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (يُوضَعُ) عَنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الثُّلُثُ (يَضَعُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْبَائِعُ مِنْ الْكَيْلِ الْمُسْتَثْنَى (عَنْ مُشْتَرِيهِ) أَيْ الثَّمَرِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمُجَاحِ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يَضَعُ عَنْهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى شَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَيَضَعُ عَنْهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةً ثَلَاثِينَ أَرْدَبًّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَاسْتَثْنَى عَشَرَةَ أَرَادِبَ وَأُجِيحَ ثُلُثُ الثَّلَاثِينَ، وَضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ الدَّرَاهِمِ وَثُلُثَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ