المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أن بعض الخطباء عنده من الجاذبية وحسن العرض والإلقاء ولطف - منهج في إعداد خطبة الجمعة

[صالح بن حميد]

الفصل: أن بعض الخطباء عنده من الجاذبية وحسن العرض والإلقاء ولطف

أن بعض الخطباء عنده من الجاذبية وحسن العرض والإلقاء ولطف التودد والأخذ بالألباب ومجامع العقول ما يجعلهم يطلبون المكوث حول خطيبهم ويقبلون منه الإطالة، إن هذه ظروف وأوضاع لا تنكر ولكن الحال الأغلب والواقع الأعم أن النفوس لها حد تحسن فيه الاستماع وتدرك فيه المعاني، بعده تتشبع وتقف ويصبح الكلام عندها مملولا، والكلام ثقيلا، وينسي بعضه بعضا، فالوصية العامة للخطباء أن يجتنبوا الإطالة ويجنحوا إلى الاعتدال وتغليب جانب الاختصار على الإطناب في أعم الأحوال، وقد قال عليه الصلاة السلام:«إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه» .

ويحسن من الخطيب أن يعود سامعيه على زمن معتدل ثابت يلتزمه فإنهم إذا خبروه بانضباطه ودقة التزامه أحبوه ولازموا حضوره.

ومن الخير للخطيب وجمهوره أن ينفضوا وهم متعلقون بخطيبهم من غير ملل أو سآمة.

[صفات الخطيب وآدابه]

[لكل خطيب متميز خصوصيته]

[الصفات الفطرية]

صفات الخطيب وآدابه لكل خطيب متميز خصوصيته:

ص: 29

مهما كانت الأفكار بديعة، والابتكارات متميزة، والاختيارات قوية، والأسلوب رصينا، والإلقاء عاليا، فلن تتحقق المثالية والأنموذجية للخطبة بهذه العناصر وحدها؛ لأن هناك عاملا مهما لا يجوز إغفاله، إنه خصوصية الخطيب وانفراديته، وبعبارة أخرى انصهارية هذه العناصر وانسجامها، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الخطيب وشخصيته وتكامل موهبته وخصائصه العلمية والفنية.

إن الخطبة كاللباس المفصل على القامة لا يظهر جماله ولا يتكامل بناؤه إلا بقدر انسجامه على بدن اللابس.

إن جودة اللباس وحسن لونه ونوع خياطته ودقة تفصيله لا تكفي في إعطاء الملبس الحسن إلا بعد اتساق ذلك مع قامة اللابس وبدنه، ولهذا فإن الخطبة الجيدة مستوفية العناصر لو ألقاها غير صاحبها لما ظهرت بذات القوة والتأثير والجمال والتأثر.

إذا كان الأمر كذلك فينبغي للخطيب المتطلع للنبوغ والإبداع أن يعرف مواهبه الخاصة ويحسن صقلها وتنميتها، ويستقل بالابتكار والاختيار والأسلوب والإلقاء، لأن المداومة على التقليد والمحاكاة وإطالة الاقتباس لا تنتج خطيبا متميزا ذا خطب مثالية والله المستعان على الإحسان والإخلاص.

ص: 30

وهذا عرض لما ينبغي أن يكون عليه الخطيب من صفات وما يتحلى به من آداب.

صفات الخطيب تنقسم الصفات المبتغاة في الخطيب إلى نوعين: صفات فطرية وصفات مكتسبة.

الصفات الفطرية ويقصد بها الصفات الذاتية لدى الخطيب من الاستعداد الفطري والسليقة الطبيعية، من طلاقة اللسان، وفصاحة المنطق، وثبات الجنان وصوت جهوري، وأداء متوثب، ولسان مبين سليم من عيوب الكلام كالفأفأة والتأتأة. مخارج الحروف عنده صحيحة.

والخطيب كغيره من المربين والموجهين يحتاج إلى عقل راجح يقوده إلى البحث المركز، والملاحظة الدقيقة، وحسن المقارنة، والمعرفة بطبائع الأشياء، وسلامة الاستنتاج، مع يقظة حية وبديهة نيرة يضم إلى ذلك الجرأة والشجاعة والثقة بالنفس ورباطة الجأش وهذه الصفات تتوثق مع قوة التكوين العلمي وجودة التحضير وطول الخبرة.

ص: 31