الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاصر العدو بلاد المسلمين إنما ذلك في حق أهل البلد المحاصر أنفسهم (1) ومن كان فيه من المسلمين.
[إياك واتهام أهل العلم وإن تكلموا بغير ما في نفسك]
2 -
إياك واتهام أهل العلم وإن تكلموا بغير ما في نفسك فليس ذلك من عمل الأخيار وإن زاد حماسك فالمسألة دين، ولو تكلم العلماء بما يريد الناس لخرمت الشريعة وضاعت، ولأجل ذلك نحن مأمورون بالرد إلى الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح ومن اتبع آثارهم.
قبل عشرات السنين وقعت فتن في بلاد المسلمين فتكلم العلماء بما يدينون لله جل وعلا وخالفهم في ذلك بعضهم وتجرأ بعد ذلك جهال على أهل العلم فكتب الأئمة: سعد بن عتيق ت: 1349 هـ، وعمر بن سليم ت: 1362 هـ، ومحمد بن عبد اللطيف ت: 1367 هـ، وعبد الله العنقري ت: 1373 هـ، ومحمد بن إبراهيم ت: 1389 هـ رحمهم الله جميعا: "وقد وقع كثير من الجهلة في اتهام أهل العلم والدين بالمداهنة والتقصير وترك القيام بما وجب عليهم من أمر الله سبحانه وكتمان ما يعلمون من الحق والسكوت عن بيانه، ولم يدر هؤلاء أن اغتياب أهل العلم والتفكه بأعراض المؤمنين سم قاتل وداء دفين وإثم واضح مبين قال تعالى:
(1) المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (5 / 199) .
أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكمو
…
من اللوم أو سُدُّوا المكان الذي سدُّوا (1)
اهـ.
ومما قالوا: "ومما أدخل الشيطان على بعض المتدينين اتهام علماء المسلمين بالمداهنة وسوء الظن وعدم الأخذ عنهم هذا سبب لحرمان العلم النافع، والعلماء هم ورثة الأنبياء في كل زمان ومكان، فلا يتلقى العلم إلا عنهم، فمن زهد في الأخذ عنهم ولم يقبل ما نقلوه فقد زهد في ميراث سيد المرسلين واعتاض عنه بأقوال الجهلة الخابطين الذين لا دراية لهم بالشريعة.
والعلماء هم الأمناء على دين الله فواجب على كل مكلف أخذ الدين عن أهله كما قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم (2) .
وهنا أتذكر حال بعض الصحابة - رضوان الله عنهم - لما جاءت الشريعة
(1) الدرر السنية (9 / 113) .
(2)
الدرر السنية (9 / 133) .
على خلاف مقتضى غيرتهم وحماسهم في صلح الحديبية حيث صالح النبي صلى الله عليه وسلم قتلة ياسر وسمية ومعذبي الصحابة رضي الله عنه ومن ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ووضع سلا الجزور على ظهره وأراد قتله.
صالحهم على أن يرجع إلى المدينة بدون عمرة مع أنه لبس الإحرام مع صحابته الكرام.
صالحهم على إرجاع أبي جندل إليهم وهو يصيح في المسلمين: "يا معشر المسلمين أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني ".
يقول عمر رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم: " «ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى.
قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ .
قالت: بلى.
قالت: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ .
فقال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.
وأتى عمر أبا بكر الصديق فسأله فأجاب بجواب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق» (1) .
(1) البخاري كتاب الشروط. باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط. ومسند أحمد (4 / 325) .
فما تكلموا على حملة الشريعة ولا أساءوا الظن بهم بل سلموا وأذعنوا وانقادوا.
وكذلك ينبغي علينا أن نكون فلا نسيء الظن بحملة الشريعة ولا ننقص من قدرهم وإن جاء كلامهم على خلاف مرادات النفوس وتطلعاتها في نصر هذا الدين ورد كيد الكائدين وعداء المعتدين بغير نظر شرعي فالعبرة ليست في نصر الدين بمراداتنا وغيرتنا وإنما العبرة أن ننصر الدين على مقتضى الكتاب والسنة بفهم نقلة الشريعة وحملة العلم الراسخين الذين عدلهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " وعدلناهم نحن أيضا في مسائل الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والبيوع والمعاملات والديات وغير ذلك.
فائدة: كتب رجل إلى ابن عمر يسأله عن العلم، فكتب إليه ابن عمر: إنك كتبت تسألني عن العلم فالعلم أكبر من أن أكتب به إليك ولكن إن استطعت أن تلقى الله كاف اللسان عن أعراض المسلمين، خفيف الظهر من دمائهم، خميص البطن من أموالهم، لازما لجماعتهم فافعل (1) .
(1) تاريخ ابن عساكر كنز العمال (10 / 259) .