المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[تنبيه] تنبيه: إذا ثبت أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام فاعلم - مهمات حول الجهاد

[صالح الفوزان]

الفصل: ‌ ‌[تنبيه] تنبيه: إذا ثبت أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام فاعلم

[تنبيه]

تنبيه: إذا ثبت أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام فاعلم أن للإمام أن يصالح ويعقد الهدنة مع من يراه لصالح المسلمين.

قال ابن كثير: "فأما إذا كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت الآية الكريمة {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 61] وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية (1) .

وقال ابن حجر: الأمر بالصلح مقيد بما إذا كان الأحظ للإسلام المصالحة، أما إذا كان الإسلام ظاهرا على الكفر ولم تظهر المصلحة في المصالحة فلا (2) .

والذي يرى ذلك أو لا يراه إنما هو الإمام وليس لأحد غيره، قال ابن قدامة: "ولا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة إلا من الإمام أو نائبه، ولأنه يتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة على ما قدمناه، ولأن تجويزه من غير الإمام يتضمن تعطيل الجهاد بالكلية أو إلى تلك الناحية، وفيه افتيات على

(1) ينظر تفسيره (2 / 323، 322) .

(2)

فتح الباري (6 / 276، 275) .

ص: 55

الإمام (1) وقال: "وإن عقد الإمام الهدنة ثم مات أو عزل لم ينتقض عهده، وعلى من بعده الوفاء به لأن الإمام عقده باجتهاده (2) وقال: "وإذا عقد [أي الإمام] الهدنة لزمه الوفاء بها لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وقال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} [التوبة: 4] ولأنه لو لم يف بها لم يسكن إلى عقده وقد يحتاج إلى عقدها (3) .

وقال أبو يعلى الفراء في الأحكام السلطانية فيما يلزم الرعية تجاه الأمير أشياء ومنها "أن يفوضوا الأمر إلى رأيه ويكلوه إلى تدبيره حتى لا تختلف آراؤهم وقد قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فإن ظهر لهم صواب خفي عليه بينوه له وأشاروا به عليه وقد ندب الله تعالى إلى المشاورة (4) .

ويقول ابن القيم: "يجوز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو إذا رأى

(1) المغني (13 / 157) .

(2)

المرجع السابق.

(3)

المرجع السابق.

(4)

الأحكام السلطانية ص47.

ص: 56

المصلحة للمسلمين فيه ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداء الطب منهم (1) .

وتقدم من كلام بعض أئمة الدعوة ما يؤيد ذلك حيث قال الأئمة: سعد بن عتيق ت: 1349هـ، وعمر بن سليم ت: 1362هـ، ومحمد بن عبد اللطيف ت: 1367هـ، وعبد الله العنقري ت: 1373 هـ، ومحمد بن إبراهيم ت: 1389هـ، رحمهم الله جميعا: إذا تقرر ذلك فليعلم أن الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل قد ثبت بيعته وإمامته ووجب طاعته على رعيته فيما أوجب الله من الحقوق فمن ذلك أمر الجهاد ومحاربة الكفار ومصالحتهم وعقد الذمة معهم فإن هذه الأمور من حقوق الولاية وليس لآحاد الرعية الافتيات أو الاعتراض عليه في ذلك مبني هذه الأمور على النظر في مصالح المسلمين العامة والخاصة وهذا الاجتهاد والنظر موكول إلى ولي الأمر (2) .

وقد ذكرت أسماء هؤلاء الأئمة وتاريخ وفاتهم ليدرك القارئ أن في ذلك الزمان حصلت فتن وتكلم جهال على أهل العلم والولاة بسبب معاهدات بين ولي الأمر الملك عبد العزيز رحمه الله وبين الإنجليز.

(1) زاد المعاد (3 / 304) .

(2)

الدرر السنية (9 / 123) .

ص: 57

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى: "تجوز الهدنة مع الأعداء مطلقة ومؤقتة إذا رأى ولي الأمر المصلحة في ذلك لقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعا (1) .

ومما يناسب ذكره هنا أن الشيطان يدخل على المنتسبين للخير والعلم بعدة مداخل مبدؤها وأساسها إساءة الظن بولاة الأمر، وهذا مخالف لطريقة السلف الصالح أتباع الأثر، قال سعد بن عتيق، وعمر بن سليم، ومحمد بن عبد اللطيف، وعبد الله العنقري، ومحمد بن إبراهيم: ومما أدخل الشيطان أيضا إساءة الظن بولي الأمر وعدم الطاعة له، فإن هذا من أعظم المعاصي وهو من دين الجاهلية الذين لا يرون السمع والطاعة دينا كل منهم يستبد برأيه (2) .

"فتحرم معصيته والاعتراض عليه في ولايته وفي معاملته وفي معاقدته ومعاهدته لأنه نائب المسلمين والناظر في مصالحهم ونظره لهم خير من نظرهم لأنفسهم لأن بولايته يستقيم نظام الدين وتتفق كلمة المسلمين (3) .

(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (18 / 438) .

(2)

انظر الدرر السنية (9 / 135) .

(3)

الدرر السنية (9 / 135) .

ص: 58